رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

إذا جاءك المنافقون

سعادة المؤمن أن يعيش مع تفسير القرآن العظيم ليفهم كلام ربّ العالمين حين يتلوه أو يُتلى عليه، واليوم نستعرض ما تيسر من سورة "المنافقون" ، وهي سورة  مدنية ذلك أن النفاق ظهر في المدينة بعد قيام الدولة الإسلامية فظهرت فئة تظهر خلاف ماتبطن وانكشفت حقيقتهم في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم لما رفضوا الخروج مع النبي للقتال وبدأت السورة تفضح طريقتهم في المداراة والنفاق . قال تعالى ( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) (1) ( إذا جاءك المنافقون) أي حضروا مجلسك ( قالوا نشهد إنك لرسول الله) مؤكدين كلامهم بأن واللام للإيذان بأن شهادتهم هذه صادرة عن صميم قلوبهم وخلوص اعتقادهم ووفور رغبتهم ونشاطهم وقوله تعالى ( والله يعلم إنك لرسوله) اعتراض مقرر لمنطوق كلامهم وسط بينه وبين قوله تعالى ( والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) تحقيقا وتعيينا لما نيط به التكذيب من أنهم قالوه عن اعتقاد كما أشير إليه  وإماطة من أول الأمر لما عسى يتوهم من توجه التكذيب إلى منطوق كلامهم أي والله يشهد إنهم لكاذبون فيما ضمنوا مقالتهم من أنها صادرة عن اعتقاد وطمأنينة قلب والإظهار في موقع الاضمار لذمهم والإشعار بعلة الحكم. قال تعالى ( اتخذوا أَيْمانهم جُنةً فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ماكانوا يعملون)(2) ( اتخذوا أيْمانهم) الفاجرة التي جملتها ما حكى عنهم ( جُنة) أي وقاية عما يتوجه إليهم من مؤاخذة بالقتل والسبي أو غير ذلك واتخاذها جنة عبارة عن إعدادهم وتهيئتهم لها إلى وقت الحاجة ليحلفوا بها ويتخلصوا عن المؤاخذ ة لا عن استعمالها بالفعل فإن ذلك متأخر عن المؤاخذة المسبوقة بوقوع الجناية واتخاذ الجنة لا بد أن يكون قبل المؤاخذة وعن سببها أيضا كما يفصح عنه الفاء في قوله تعالى (فصدوا عن سبيل الله) أي فصدوا من أراد الدخول في الإسلام بأنه  (عليه الصلاة والسلام )  ليس برسول ومن أراد الإنفاق في سبيل الله بالنهي عنه كما سيحكى عنهم ولا ريب في أن هذا الصد منهم متقدم على حلفهم بالفعل وقرئ إيمانهم أي ما ظهروه على ألسنتهم فاتخاذه جنة عبارة عن استعماله بالفعل فإنه وقاية دون دمائهم وأموالهم فمعنى قوله تعالى فصدوا حينئذ فاستمروا على ماكانوا عليه من الصد والإعراض عن سبيله تعالى (إنهم ساء ماكانوا يعملون) من النفاق والصد وفي ساء معنى التعجب وتعظيم أمرهم عند السامعين. قوله تعالى ( ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون) (3) ( ذلك) إشارة إلى ماتقدم من القول الناعي عليهم أنهم أسوأ الناس أعمالا أو إلى ماوصف  من حالهم في النفاق والكذب والاستتار بالإيمان الصوري ومافيه من معنى البعد مع قرب العهد بالمشار إليه لما مر مرارا من الإشعار ببعد منزلته في الشر (بأنهم) اي بسبب أنهم (امنوا) أي نطقوا بكلمة الشهادة كسائر من يدخل في الإسلام (ثم كفروا) أي ظهر كفرهم بما شوهد منهم من شواهد الكفر ودلائله أو نطقوا بالإيمان عند المؤمنين ثم نطقوا بالكفر عند شياطينهم (فطبع على قلوبهم) حتى تمرنوا على الكفر واطمأنوا به  (فهم لا يفقهون) حقيقة الإيمان ولا يعرفون حقيقته أصلا.

3396

| 29 يوليو 2013

والله معكم

نواصل وقفاتنا مع سورة "محمد" صلى الله عليه وسلم ونصل إلى قوله تعالى (ولا تهنوا وتدعو إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم ) {35}) (فلا تهنوا) أي لا تضعفوا (وتدعو إلى السلم) أي ولا تدعو الكفار إلى الصلح خوراً فإن ذلك إعطاء الدنية ويجوز أن يكون منصوباً بإضمار أن على جواب النهي وقرئ ولا تدعوا مِنَ ادَّعى القوم بمعنى تداعوْا نحو ارتموا الصيد وتراموه ومنه تراءوا الهلال فإن صيغة التفاعل قد يراد بها صدور الفعل عن المتعدد من غير اعتبار وقوعه عليه ومنه قوله تعالى (عم يتساءلون ) على أحد الوجهين والفاء لترتيب النهي على ما سبق من الأمر بالطاعة وقوله تعالى (وأنتم الأعلَوْن) جملة حالية مقررة لمعنى النهي مؤكدة لوجوب الانتهاء وكذا قوله تعالى (والله معكم) فإن كونهم الأعلين وكونه عز وجل ناصرهم من أقوى موجبات الاجتناب عما يوهم الذل والضراعة وكذا توفيته تعالى لأجور الأعمال حسبما يعرب عنه قوله تعالى (ولن يتركم أعمالكم) أي ولن يضيعها من وترت الرجل إذا قتلت له قتيلاً من ولد أو أخ أو حميم فأفردته عنه من الوتر الذي هو الفرد وعبر عن ترك الإثابة في مقابلة الأعمال بالتوتر الذي هو إضاعة شيء معتد به من الأنفس والأموال مع أن الأعمال غير موجبة للثواب على قاعدة أهل السنة إبرازاً لغاية اللطف بتصوير الثواب بصورة الحق المستحق وتنزيل ترك الإثابة منزلة إضاعة أعظم الحقوق وإتلافها وقد مر في قوله تعالى ( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم ) . قوله (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم ولا يسئلكم أموالكم ) {36}) (إنما هذه الحياة الدنيا لعب ولهو) لاثبات لها ولا اعتداد بها (وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم) أي ثواب إيمانكم وتقواكم من الباقيات الصالحات التي يتنافس فيها المتنافسون (ولا يسألكم أموالكم) بحيث يخل أداؤها بمعاشكم وإنما اقتصر على نزر يسير منها هو ربع العشر تؤدونها إلى فقرائكم. قوله ( إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم {37}) (إن يسألكموها) أي أموالكم (فيحفكم) أي يجهدكم بطلب الكل فإن الإحفاء والإلحاف المبالغة وبلوغ الغاية (تبخلوا) فلا تعطوا (ويخرج أضغانكم) أي أحقادكم وضمير يخرج لله تعالى ويعضده القراءة بنون العظمة أو للبخل لأنه سبب الأضغان ‘ قرئ يخرج من الخروج بالياء والتاء مسنداً إلى الأضغان. قوله (ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) {38}) (ها أنتم هؤلاء) أي أنتم أيها المخاطبون هؤلاء الموصوفون , * وقوله تعالى ( تدعون لتنفقوا في سبيل الله ) أى ها أنتم الذين تدعون ففيه توبيخ عظيم وتحقير من شأنهم , والإنفاق في سبيل الله يعم نفقة الغزو والزكاة وغيرهما , ( فمنكم من يبخل ) أى ناس يبخلون بالإنفاق في سبيل الله (ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه ) فإن كلا من نفْع الإنفاق وضرر البخل عائد إليه والبخل يتضمن معنى الإمساك والتعدي , ( والله الغني ) دون من عداه ( وأنتم الفقراء ) فما يأمركم به فهو لاحتياجكم إلى ما فيه من المنافع , فإن امتثلتم فلكم , وإن توليتم فعليكم , وقوله تعالى ( وإن تتولَّوْا) عطف على إن تؤمنوا أي وإن تعرضوا عن الإيمان والتقوى ( يستبدل قوما غيركم ) أي يُخلف مكانكم قوما آخرين ( ثم لا يكونوا أمثالكم ) في التولِّي عن الإيمان والتقوى بل يكونوا راغبين فيهما قيل هم الأنصار وقيل غيرهم . * روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال في فضل سورة محمد ( من قرأ سورة محمد كان حقا على الله عز وجل أن يسقِيَه من أنهار الجنة) .

754

| 28 يوليو 2013

(ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين)

نواصل وقفاتنا مع سورة محمد صلى الله عليه وسلم. ونصل إلى قوله تعالى (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم) {28} (ذلك) (بأنهم) أي بسبب أنهم (اتبعوا ما أسخط الله) من الكفر والمعاصي (وكرهوا رضوانه) أي ما يرضاه من الإيمان والطاعة حيث كفروا بعد الإيمان وخرجوا عن الطاعة بما صنعوا من المعاملة مع اليهود (فأحبط) لأجل ذلك (أعمالهم) التي عملوها حال إيمانهم من الطاعات أو بعد ذلك من أعمال البر التي لو عملوها حال الإيمان لانتفعوا بها. ● قوله (أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم) {29} (أم حسب الذين في قلوبهم مرض) هم المنافقون الذين فصلت أحوالهم الشنيعة وصفوا بوصفهم السابق لكونه مدارا لما نعي عليهم بقوله تعالى (أن لن يخرج الله أضغانهم) والأضغان جمع ضغن وهو الحقد أي بل أحسب الذين في قلوبهم حقد وعداوة للمؤمنين أنه لن يخرج الله أحقادهم ولن يبرزها لرسوله (صلى الله عليه وسلم) وللمؤمنين قتبقى أمورهم مستورة والمعنى أن ذلك مما لا يكاد يدخل تحت الاحتمال. ● قوله (ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم) {30} (ولو نشاء) إرامتهم (لأريناكهم) لعرفناكهم بدلائل تعرفهم بأعيانهم معرفة متاخمة للرؤية والالتفات إلى نون العظمة لإبراز العناية بالإرادة (فلعرفتهم بسيماهم) بعلامتهم التي نسمهم بها. وعن أنس - رضي الله عنه – " ما خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شيء من المنافقين كان يعرفهم بسيماهم ولقد كنا في بعض الغزوات وفيها تسعة من المنافقين يشكوهم الناس فناموا ذات ليلة وأصبحوا على كل واحد منهم مكتوب هذا منافق " وأما ما في قوله تعالى (ولتعرفنهم في لحن القول) ولحن القول نحوه وأسلوبه أو إمالته إلى جهة تعريض وتورية ومنه قيل للمخطئ لاحن لعدله بالكلام عن سمت الصواب (والله يعلم أعمالكم) فيجازيكم بحسب قصدكم وهذا وعد للمؤمنين وإيذان بأن حالهم بخلاف حال المنافقين. ● قوله ((ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين) ونبلوا أخباركم {31}) (ولنبلونكم) بالأمر بالجهاد ونحوه من التكاليف الشاقة (حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين) على مشاق الجهاد علماً وفعلياً يتعلق به الجزاء (ونبلوا أخباركم) مايخبر به عن أعمالكم فيظهر حسنها وقبحها أي ونحن نبلوا. ● قوله(إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعدما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئاً وسيحبط أعمالهم) {32}) (إن الذين كفروا وصدوا) الناس (عن سبيل الله وشاقوا الرسول) وعادوه (من بعدما تبين لهم الهدى) بما شاهدوا نعته عليه الصلاة والسلام في التوراة وبما ظهر على يديه من المعجزات ونزل عليه من الآيات وهم قريظة والنضير أو المطعمون يوم بدر (لن يضروا الله) بكفرهم وصدهم (شيئاً) من الأشياء أو شيئاً من الضرر أو لن يضروا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بمشاقته شيئاً وقد حذف المضاف لتعظيمه وتفظيع مشاقته (وسيحبط أعمالهم) أي مكايدهم التي نصبوها في إبطال دينه تعالى ومشاقة رسوله عليه الصلاة والسلام فلا يصلون بها إلى ما كانوا يبغون من الغوائل ولا تثمر لهم إلا القتل والجلاء عن أوطانهم. ● قوله (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) {33}) (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) بما أبطل به هؤلاء أعمالهم من الكفر والنفاق والعجب والرياء والمن والأذى ونحوها وليس فيه دليل على إحباط الطاعات بالكبائر. ● قوله (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم {34}) (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم) حكم يعمم كل من مات على الكفر وإن صح نزوله في أصحاب القليب.

1491

| 27 يوليو 2013

الشيطان سوّل لهم وأملى لهم

مازلنا مع سورة محمد صلى الله عليه وسلم ونتوقف عند قوله تعالى (إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم) {25}) (إن الذين ارتدوا على أدبارهم) أي رجعوا إلى ما كانوا عليه من الكفر وهم المنافقون الذين وصفوا فيما سلف بمرضى القلوب وغيره من قبائح الأفعال والأحوال فإنهم قد كفروا به عليه الصلاة والسلام (من بعد ما تبين لهم الهدى) بالدلائل الظاهرة والمعجزات القاهرة وقيل هم اليهود وقيل أهل الكتابين جميعاً كفروا به عليه الصلاة والسلام بعد ما وجدوا نعته في كتابهم وعرفوا أنه المنعوت بذلك وقوله تعالى (الشيطان سول لهم) أي سهل لهم ركوب العظائم من السول وهو الاسترخاء وقيل من السول المخفف من السؤل لاستمرار القلب بمعنى سول له أمراً حينئذ أوقعه في أمنيته فإن السؤل الأمنية، وقرئ سول أي كيد الشيطان (وأملى لهم) ومد لهم في الأماني والآمال وقيل أمهلهم الله تعالى ولم يعاجلهم بالعقوبة وقرئ وأملى لهم على صيغة المتكلم فالمعنى أن الشيطان يغويهم وأنا أنظرهم أي أمهلوا أو مد في عمرهم. قوله (ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم) {26}) (ذلك) إشارة إلى ما ذكر من ارتدادهم قوله تعالى (بأنهم) أي بسبب أنهم (قالوا) يعني المنافقين المذكورين لا لليهود الكافرين به عليه الصلاة والسلام بعدما وجدوا نعته في التوراة كما قيل فإن كفرهم به ليس بسبب هذا القول ولو فرض صدوره عنهم سواء كان المقول لهم المنافقين أو المشركين على رأي القائل بل من حين بعثته عليه الصلاة والسلام (للذين كرهوا ما نزل الله) أي لليهود الكارهين لنزول القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علمهم بأنه من عند الله تعالى حسداً وطمعاً في نزوله عليهم لا للمشركين كما قيل فإن قوله تعالى (سنطيعكم في بعض الأمر) عبارة عما حكى عنهم بقوله تعالى " ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحداً وإن قوتلتم لننصرنكم " وهم بنو قريظة والنضير الذين كانوا يوالونهم ويوادونهم وأرادوا بالبعض الذي أشاروا إلى عدم إطاعتهم فيه إظهار كفرهم وإعلان أمرهم بالفعل قبل قتالهم وإخراجهم من ديارهم فإنهم كانوا يأبون ذلك قبل مساس الحاجة الضرورية الداعية إليه لما كان لهم في إظهار الإيمان من المنافع الدنيوية وإنما كانوا يقولون لهم ما يقولون سراً كما يعرب عنه قوله تعالى (والله يعلم إسرارهم) أي إخفاءهم لما يقولونه لليهود، قرأ أسرارهم أي جميع أسرارهم التي من جملتها قولهم هذا وهو متضمن للإفشاء في الدنيا والتعذيب في الآخرة. قوله (فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم) {27}) والفاء في قوله تعالى (فكيف إذا توفتهم الملائكة) كأنه قيل يفعلون في حياتهم ما يفعلون من الحيل فكيف يفعلون إذا توفتهم الملائكة أي فكيف حالهم أو حيلتهم إذا توفتهم إلخ (يضربون وجوههم وأدبارهم) وهو تصوير لتوفيهم على أهوال الوجوه وأفظعها وعن ابن عباس رضي الله عنهما "لا يتوفى أحد على معصية إلا يضرب الملائكة وجهه ودبره".

2595

| 26 يوليو 2013

أفلا يتدبرون القرآن

مازلنا مع سورة محمد صلى الله عليه وسلم ونقف عند قول الله تعالى (طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم {21}) (طاعة وقول معروف) كلام مستأنف أي أمرهم طاعة الخ أو طاعة وقول معروف خير لهم أو حكاية لقولهم ويؤيده قراءة أبي يقولون طاعة وقول معروف أي أمرنا ذلك (فإذا عزم الأمر) أسند العزم وهو الجد إلى الأمر وهو لأصحابه مجازاً كما في قوله تعالى "إن ذلك من عزم الأمور" أي خالفوا وتخلفوا وقيل ناقضوا وقيل كرهوا وقيل هو وقوله تعالى (فلو صدقوا الله) أي فلو صدقوه تعالى فيما قالوا من الكلام المنبئ عن الحرص على الجهاد بالجري على موجبه (لكان) أي الصدق (خيراً لهم) وفيه دلالة على اشتراك الكل فيما حكي عنهم من قوله تعالى "لولا نزلت سورة" قيل فلو صدقوه في الإيمان ووطأت قلوبهم في ذلك ألسنتهم وأياً ما كان فالمراد بهم الذين في قلوبهم مرض وهم المخاطبون بقوله تعالى (فهل عسيتم). قوله (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم {22}) (فهل عسيتم) الخ بطريق الالتفات لتأكيد التوبيخ وتشديد التقريع أي هل يتوقع منكم (إن توليتم) أمور الناس وتأمرتم عليهم (أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) تناحراً على الملك وتهالكاً على الدنيا فإن من شاهد أحوالكم الدالة على الضعف في الدين والحرص على الدنيا حين أمرتم بالجهاد الذي هو عبارة عن إحراز كل خير وصلاح ودفع كل شر وفساد وأنتم مأمورون شأنكم الطاعة والقول المعروف يتوقع منكم إذا أطلقت أعنتكم وصرتم آمرين ما ذكر من الإفساد وقطع الأرحام وقيل إن أعرضتم عن الإسلام أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض بالتغاور والتناهب وقطع الأرحام بمقاتلة بعض الأقارب بعضاً ووأد البنات وفيه أن الواقع في حين الشرط في مثل هذا المقام لابد أن تكون محذوريته باعتبار ما يستتبعه من المفاسد لا باعتبار ذاته ولا ريب في أن الإعراض عن الإسلام رأس كل شر وفساد فحقه أن يجعل عمدة في التوبيخ لا وسيلة للتوبيخ بما دونه من المفاسد وقرئ وليتم أي جعلتم ولاة وقرئ توليتم أي تولاكم ولاة جور خرجتم معهم وساعدتموهم في الإفساد وقطيعة الرحم وقرئ وتقطعوا من التقطيع فانتصاب أرحامكم حينئذ على نزع الجار أي في أرحامكم وقرئ وتقطعوا من القطع وإلحاق الضمير بعسى لغة أهل الحجاز وأما بنو تميم فيقولون عسى أن تفعل وعسى أن تفعلوا. قوله (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم {23}) (أولئك) إشارة إلى المخاطبين بطريق الالتفات إيذاناً بأن ذكر هناتهم أوجب إسقاطهم عن رتبة الخطاب وحكاية أحوالهم الفظيعة لغيرهم (الذين لعنهم الله) أي أبعدهم من رحمته (فأصمهم) عن استماع الحق لتصامهم عنه بسوء اختيارهم (وأعمى أبصارهم) لتعاميهم عما يشاهدونه من الآيات المنصوبة في الأنفس والآفاق. قوله (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوبٍ أقفالها {24}) (أفلا يتدبرون القرآن) أي ألا يلاحظونه ولا يتفحصونه وما فيه من المواعظ والزواجر حتى لا يقعوا فيما وقعوا فيه من الموبقات (أم على قلوب أقفالها) فلا يكاد يصل إليها ذكر أصلاً وأم منقطعة وما فيها من معنى بل للانتقال من التوبيخ بعدم التدبر إلى التوبيخ بكون قلوبهم مقفلة لا تقبل التدبر والتفكر والهمزة للتقرير وتنكير القلوب إما لتهويل حالها وتفظيع شأنها بإبهام أمرها في القساوة والجهالة كأنه قيل على قلوب منكرة لا يعرف حالها ولا يقدر قدرها في القساوة وإما لأن المراد بها قلوب بعض منهم وهم المنافقون وإضافة الأقفال إليها للدلالة على أنها أقفال مخصوصة بها مناسبة لها غير مجانسة لسائر الأقفال المعهودة وقرئ أقفالها وأقفالها على المصدر.  

944

| 25 يوليو 2013

فاعلم أنه لاإله إلا الله

نواصل وقفاتنا مع سورة محمد (صلى الله عليه وسلم) ونصل إلى قوله تعالى (فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم {18}) (فهل ينظرون إلا الساعة) أي القيامة وقوله تعالى (أن تأتيهم بغتة) أي تباغتهم بغتة وهي المفاجأة بدل اشتمال من الساعة والمعنى أنهم لا يتذكرون بذكر أهوال الأمم الخالية ولا بالإخبار بإتيان الساعة وما فيها من عظائم الأهوال ما ينتظرون للتذكر إلا إتيان نفس الساعة بغتة وقرئ بغتة بفتح الغين وقوله تعالى (فقد جاء أشراطها) تعليل لمفاجأتها لا لإتيانها مطلقاً على معنى أنه لم يبق من الأمور الموجبة للتذكر أمر مترقب ينتظرونه سوى إتيان نفس الساعة إذ قد جاء أشراطها فلم يرفعوا لها رأساً ولم يعدوها من مبادئ إتيانها فيكون إتيانها بطريق المفاجأة لا محالة والأشراط جمع شرط بالتحريك وهي العلامة والمراد بها مبعثه صلى الله عليه وسلم وانشقاق القمر نحوهما وقوله تعالى (فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم) حكم بخطئهم وفساد رأيهم في تأخير التذكر إلى إتيانها ببيان استحالة نفع التذكر حينئذ كقوله تعالى "يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى" أي وكيف لهم ذكراهم وإذا جاءتهم اعتراض وسط بينهما رمزاً إلى غاية سرعة مجيئها وإطلاق المجيء عن قيد البغتة لما أن مدار استحالة نفع التذكر كونه عند مجيئه مطلقاً مقيداً بقيد البغتة وقرئ إن تأتهم على أنه شرط مستأنف جزاؤه فأنى لهم الخ إن تأتهم الساعة بغتة أنه قد ظهر أمارتها فكيف لهم تذكرهم واتعاظهم إذا جاءتهم. ● قوله (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم {19}) (فاعلم أنه لا إله إلا الله) أي إذا علمت أن مدار السعادة هو التوحيد والطاعة ومناط الشقاوة هو الإشراك والعصيان فاثبت على ما أنت عليه من العلم بالوحدانية والعمل بموجبه (واستغفر لذنبك) وهو الذي ربما يصدر عنه عليه الصلاة والسلام من ترك الأولى عبر عنه بالذنب نظراً إلى منصبه الجليل كيف لا وحسنات الأبرار سيئات المقربين وإرشاد له عليه الصلاة والسلام إلى التواضع وهضم النفس واستقصار العمل (وللمؤمنين والمؤمنات) أي لذنوبهم بالدعاء لهم وترغيبهم فيما يستدعى غفرانهم وفي إعادة صلة الاستغفار تنبيه على اختلاف متعلقيه جنساً إشعار بعراقتهم في الذنب وفرط افتقارهم إلى الاستغفار (والله يعلم متقلبكم) في الدنيا فإنها مراحل لابد من قطعها لا محالة (ومثواكم) في العقبى فإنها موطن إقامتكم فلا يأمركم إلا بما هو خير لكم فيهما فبادروا إلى الامتثال بما أمركم به فإنه المهم لكم في المقامين وقيل يعلم جميع أحوالكم فلا يخفى عليه شيء منها. ● قوله (ويقول الذين آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت فأولى لهم {20}) (ويقول الذين آمنوا) حرصاً منهم على الجهاد (لولا نزلت سورة) أي هلا نزلت سورة نؤمر فيها بالجهاد (فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال) بطريق الأمر به أي سورة مبينة لا تشابه ولا احتمال فيها لوجه آخر سوى وجوب القتال. عن قتادة كل سورة فيها ذكر القتال هي محكمة لم تنسخ وقرئ فإذا نزلت سورة قرئ وذكر على إسناد الفعل إلى ضميره تعالى ونصب القتال (رأيت الذين في قلوبهم مرض) أي ضعف في الدين وقيل نفاق وهو الأظهر الأوفق لسياق النظم الكريم (ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت) أي تشخص أبصارهم جبناً وهلعاً كدأب من أصابته غشية الموت (فأولى لهم) أي فويل لهم وهو أفعل من الوالي وهو القرب وقيل من آل ومعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه أو يؤول إليه أمرهم وقيل هو مشتق من الويل.

895

| 24 يوليو 2013

والذين اهتدوا زادهم هدى

نواصل الحديث مع سورة محمد صلى الله عليه وسلم ونقف عند قوله تعالى (مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير ءاسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم {15}) (مثل الجنة التي وعد المتقون) استئناف مسوق لشرح محاسن الجنة الموعودة آنفا للمؤمنين وبيان كيفية أنهارها التي أشير إليها إلى جريانها من تحتها وعبر عنهم بالمتقين إيذانا بأن الإيمان والعمل الصالح من باب التقوى الذي هو عبارة عن فعل الواجبات بأسرها وترك السيئات عن آخرها ومثلها وصفها العجيب الشأن وهو مثل الجنة ما تسمعون وقوله تعالى (فيها أنهار) الخ مفسر له وقدره سببوية فيما يتلى عليكم مثل الجنة والأول فيها أنهار الخ (من ماء غير آسن) غير متغير الطعم والرائحة وقرئ غير آسن (وأنهار من لبن لم يتغير طعمه) بأن صار قارصا ولا خازرا كألبان الدنيا (وأنهار من خمر لذة للشاربين) لذيذة ليس فيها كراهة طعم وريح ولا غائلة سكر ولا خمار وإنما هي تلذذ محض ولذة أما تأنيث لذ بمعنى لذيذ أو مصدر نعت به مبالغة وقرئ لذة بالرفع على أنها صفة أنهار وبالنصب على العلة أي لأجل لذة للشاربين (وأنهار من عسل مصفى) لا يخالطه الشمع وفضلات النحل وغيرها في هذا تمثيل لما يجري مجرى الأشربة في الجنة بأنواع ما يستطاب منها ويستلذ في الدنيا بالتخلية عما ينغصها وينقصها والتحلية بما يوجب غزارتها ودوامها (ولهم فيها) مع ما ذكر من فنون الأنهار (من كل الثمرات) أي صنف من كل الثمرات (ومغفرة) أي ولهم مغفرة عظيمة لا يقادر قدرها وقوله تعالى (من ربهم) متعلق بمحذوف هو صفة لمغفرة أي كائنة من ربهم وقوله تعالى (كمن هو خالد في النار) أمن هو خالد في هذه الجنة حسبما جرى به الوعد كمن هو خالد في النار كما نطق به قوله تعالى والنار مثوى لهم وقيل هو خبر لمثل الجنة على أن في الكلام حذفاً تقديره أمثل الجنة كمثل جزاء من خالد في النار أو أمثل أهل الجنة كمثل من هو خالد في النار فعرى عن حرف الإنكار وحذف ما حذف تصويراً لمكابرة من يسوى بين المتمسك بالبينة وبين التابع للهوى بمكابرة من سوى بين الجنة الموصوفة بما فصل من الصفات الجليلة وبين النار (وسقوا ماء حميماً) مكان تلك الأشربة (فقطع أمعائهم) من فرط الحرارة قيل إذادنا منهم شوى وجوههم وانمارت فروة رؤوسهم فإذا شربوه قطع أمعاءهم. ●قوله (ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفاً أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم {16}) (ومنهم من يستمع إليك) هم المنافقون وإفراد الضمير باعتبار لفظ من كما أن جمعه فيما سيأتي باعتبار معناها كانوا يحضرون مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسمعون كلامه ولا يعونه ولا يراعونه حق رعايته تهاوناً منهم (حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين آتوا العلم) من الصحابة رضي الله عنهم (ماذا قال آنفاً) أي ما الذي قال الساعة على طريقة الاستهزاء وإن كان بصورة الاستعلام وآنفاً من قولهم أنف الشيء لما تقدم منه مستعار من الجارحة ومنه استأنف الشيء وائتنف (أولئك) الوصوفون بما ذكر (الذين طبع الله على قلوبهم) لعدم توجههم نحو الخير أصلاً (واتبعوا أهواءهم) الباطلة فلذلك فعلوا ما فعلوا مما لا خير فيه. ● قوله (والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم {17}) (الذين اهتدوا) إلى طريق الحق (زادهم) أي الله تعالى (هدى) بالتوفيق والإلهام (وآتاهم تقواهم) أعانهم على تقواهم أو أعطاهم جزاءها أو بين لهم ما يتقون.

1671

| 23 يوليو 2013

والذين كفروا يتمتعون

نتوقف اليوم مع سورة محمد عند قوله تعالى (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها {10})( أفلم يسيروا في الأرض) أي اقعدوا في أماكنهم فلم يسيروا فيها (فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) من الأمم المكذبة فإن آثار ديارهم تنبئ عن أخبارهم وقوله تعالى (دمر الله عليهم) استئناف مبني على سؤال نشأ من الكلام كأنه قيل كيف كان عاقبتهم فقيل استأصل الله تعالى عليهم ما اختص بهم من أنفسهم وأهليهم وأموالهم يقال دمره أهلكه ودمر عليه أهلك عليه ما يختص به (وللكافرين) أي ولهؤلاء الكافرين السائرين بسيرتهم ( أمثالها) أمثال عواقبهم أو عقوباتهم لكن لا على أن لهؤلاء أمثال ما لأولئك وأضعافه بل مثله وإنما جمع باعتبار ممائلته لعواقب متعددة حسب تعدد الأمم المعذبة وقيل يجوز أن يكون عذابهم أشد من عذاب الأولين وقد قتلوا وأسروا بأيدي من كانوا يستخفونهم ويستضعفونهم والقتل بيد المثل أشد ألما من الهلاك بسبب عام وقيل المراد بالكافرين المتقدمون كأنه قيل دمر الله عليهم في الدنيا ولهم في الآخرة أمثالها. ● قوله (ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم {11}) ( ذلك) إشارة إلى ثبوت أمثال عقوبة الأمم السالفة لهؤلاء (بأن الله مولى الذين آمنوا) أي ناصرهم على أعدائهم وقرئ ولي الذين (وأن الكافرين لا ولي لهم) فيدفع عنهم ما حل بهم من العقوبة والعذاب ولا يخالف هذا قوله تعالى ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق فإن المولى هناك بمعنى المالك. ● قوله (إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم {12}) بيان لحكم ولايته تعالى لهم وثمرتها الأخروية ( والذين كفروا يتمتعون) أي ينتفعون في الدنيا بمتاعها ( ويأكلون كما تأكل الأنعام) غافلين عن عواقبهم ( والنار مثوى لهم) أي منزل ثواء. ● قوله (وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم {13}) (وكأين) كلمة مركبة من الكاف وأي وقوله تعالى (من قرية) تمييز لها وقوله تعالى (هي أشد قوة من قريتك) صفة لقرية كما أن قوله تعالى (التي أخرجتك) صفة لقريتك وأجرى أحكامه عليهما كما يفصح عنه الخبر الذي هو قوله تعالى (أهلكناهم) أي وكم من أهل قرية هم أشد قوة من أهل قريتك الذين كانوا سببا لخروجك من بينهم ووصف القرية الأولى بشدة القوة للإيذان بأولوية الثانية منها بالإهلاك لضعف قوتها كما أن وصف الثانية بإخراجه عليه الصلاة والسلام للإيذان بأولويتها به لقوة جنايتها وعلى طريقته قول النابغة - كليب لعمري كان أكثر ناصرا،، وأيسر جرما منك ضرج بالدم - وقوله تعالى ( فلا ناصر لهم) بيان لعدم خلاصهم من العذاب بواسطة الأعوان والأنصار إثر بيان عدم خلاصهم منه بأنفسهم والفاء لترتيب ذكر ما بالذات وهو حكاية حال ماضية. * (إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار). ●قوله (أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم {14}) (أفمن كان على بينة من ربه) تقرير لتباين حالي فريق المؤمنين والكافرين وكون الأولين أعلى عليين والآخرين في أسفل سافلين وبيان لعلة ما لكل منهما من الحال ومن عبارة عن المؤمنين المتمسكين بأدلة الدين وجعلها عبارة عن النبي عليه الصلاة والسلام أو عنه وعن المؤمنين لا يساعده النظم الكريم على أن الموازنة بينه عليه الصلاة والسلام وبينهم مما يأباه منصبه الجليل والتقدير أليس الأمر كما ذكر فمن كان مستقرا على حجة ظاهرة وبرهان نير من مالك أمره ومربيه وهو القرآن الكريم وسائر المعجزات والحجج بسبب ذلك التزيين (أهواءهم) الزائغة وانهمكوا في فنون الضلالات من غير أن يكون لهم شبهة توهم صحة ما هم عليه فضلا عن حجة تدل عليه وجمع الضميرين الأخيرين باعتبار معنى من كما أن إفراد الأولين باعتبار لفظها.

3396

| 22 يوليو 2013

ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم

نواصل وقفاتنا مع سورة محمد صلى الله عليه وسلم أو سورة القتال. يقول تعالى: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ذلك لو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض. والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم {4}) والفاء في قوله تعالى (فإذا لقيتم الذين كفروا) لترتيب ما في حيزها من الأمر على ما قبلها فإن ضلال أعمال الكفرة وخيبتهم وصلاح أحوال المؤمنين وفلاحهم مما يوجب أن يترتب على كل من الجانبين ما يليق من الأحكام. أي فإذا كان الأمر كما ذكر فإذا لقيتموهم في المحاربة (فضرب الرقاب) أصله فاضربوا الرقاب وفيه اختصار وتأكيد بليغ والتعبير به عن القتل تصوير له بأشنع صورة وتهويل لأمره وإرشاد للغزاة إلى أيسر ما يكون منه (حتى إذ أثخنتموهم) أي أكثرتم قتلهم وأغلظتموه من الشيء الثخين وهو الغليظ أو أثقلتموهم بالقتل والجراح حتى أذهبتم عنهم النهوض (فشدوا الوثاق) فأسروهم واحفظوهم والوثاق اسم لما يوثق به وكذا الوثاق بالكسر (فإما منا بعد وإما فداء) أي فإما تمنون منا بعد ذلك أو تفدون فداء والمعنى التخيير بين القتل والاسترقاق والمن والفداء وهذا ثابت عند الشافعي رحمه الله تعالى، قالوا نزل ذلك يوم بدر ثم نسخ والحكم إما القتل أو الاسترقاق وعن مجاهد ليس اليوم من ولا فداء إنما هو الإسلام أو ضرب العنق. (حتى تضع الحرب أوزارها) أوزار الحرب آلاتها وأثقالها التي لا تقوم إلا بها من السلاح والكراع وأسند وضعها إليها وهو لأهلها إسنادا مجازيا وحتى غاية عند الشافعي لأحد الأمور الأربعة أو للمجموع والمعنى أنهم لا يزالون على ذلك أبداً إلى أن لا يكون مع المشركين حرب بألا تبقى لهم شوكة وقيل بأن ينزل عيسى عليه السلام وأما عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى فإن حمل الحرب على حرب بدر فهي غاية للمن والفداء والمعنى يمن عليهم ويفادون حتى تضع حرب بدر أوزارها وإن حملت على الجنس فهي غاية للضرب والشد والمعنى أنهم يقتلون ويؤسرون حتى يضع جنس الحرب أوزارها بألا يبقى للمشركين شوكة وقيل: أوزارها آثامها أي حتى يترك المشركون شركهم ومعاصيهم بأن أسلموا (ذلك) أي الأمر ذلك أو افعلوا ذلك (ولو يشاء الله لانتصر منهم) لانتقم منهم ببعض أسباب الهلكة والاستئصال (ولكن) لم يشأ ذلك (ليبلو بعضكم ببعض) فأمركم بالقتال وبلاكم بالكافرين لتجاهدوهم فتستجيبوا الثواب العظيم بموجب الوعد والكافرين بكم ليعالجهم على أيديكم ببعض عذابهم كي يرتدع بعضهم عن الكفر (والذين قتلوا في سبيل الله) أي استشهدوا وقرئ قاتلوا أي جاهدوا وقتلوا وقتلوا (فلن يضل أعمالهم) أي فلن يضيعها ويضل أعمالهم من ضل وعن قتادة أنها نزلت في يوم أحد. قوله (سيهديهم ويصلح بالهم {5} ويدخلهم الجنة عرفها لهم {6} يأيها الذين امنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم {7} والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم {8} ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم {9}). * (سيهديهم) في الدنيا إلى أرشد الأمور وفي الآخرة إلى الثواب أو سيثبت هداهم (ويصلح بالهم) (ويدخلهم الجنة عرفها لهم) في الدنيا بذكر أوصافها بحيث اشتاقوا إليها أو بينها لهم بحيث يعلم كل أحد منزله ويهتدي إليه كأنه كان ساكنه منذ خلق وعن مقاتل أن الملك الموكل بعمله في الدنيا يمشي بين يديه فيعرفه كل شيء أعطاه الله تعالى أو طيبها لهم من العرف وهو طيب الرائحة أو حددها لهم وأفرزها من عرف الدار فجنة كل منهم محددة مفرزة. (يأيها الذين آمنوا إن تنصروا الله) أي دينه ورسوله (ينصركم) على أعدائكم ويفتح لكم (ويثبت أقدامكم) في مواطن الحرب ومواقفها أو على محجة الإسلام (والذين كفروا فتعسا لهم) التعس الهلاك والعثار والسقوط والشر والبعد والانحطاط ورجل تاعس وتعس وانتصابه بفعله الواجب حذفه سماعا أي فقال تعسا لهم أو فقضى عسا لهم وقوله تعالى: (وأضل أعمالهم) أي لم يقبل أعمالهم المخالفة للهدى (ذلك) أي ما ذكر من التعس وإضلال الأعمال (بأنهم) بسبب أنهم (كرهوا ما أنزل الله) من القرآن لما فيه من التوحيد وسائر الأحكام المخالفة لما ألفوه واشتهته أنفسهم الأمارة بالسوء (فأحبط) لأجل ذلك (أعمالهم) التي لو كانوا عملوها مع الإيمان لأثيبوا عليها.

4018

| 21 يوليو 2013

سورة محمد

نطالع معكم من اليوم خواطر مع سورة محمد –صلى الله عليه وسلم- هي سورة مكية وآياتها ثمان وثلاثون وتسمى سورة القتال. بسم الله الرحمن الرحيم ● قوله (الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله {1}) أي أعرضوا عن الإسلام وسلوك طريقه من صد صدوداً. أو منعوا الناس عن ذلك من صده صداً كالمطعمين يوم بدر. وقيل هم اثنا عشر رجلاً من أهل الشرك كانوا يصدون الناس عن الإسلام ويأمرونهم بالكفر. وقيل أهل الكتاب الذين كفروا وصدوا من أراد منهم ومن غيرهم أن يدخل في الإسلام. وقيل هو عام في كل من كفر وصد (أضل أعمالهم) أي أبطلها وأحبطها وجعلها ضائعة لا أثر لها أصلاً. ولكن لا بمعنى أنه أبطلها وأحبطها وبعد إن لم تكن كذلك بمعنى أنه حكم ببطلانها وضياعها فإن ما كانوا يعملون من أعمال البر كصلة الأرحام وقرى الأضياف وفك الأسرى وغيرها من المكارم. ليس لها أثر من أصلها لعدم مقارنتها للإيمان. أو أبطل ما عملوا من الكيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم والصد عن سبيله بنصر رسوله وإظهار دينه على الدين كله. وهو الأوفق لما سيأتي قوله تعالى فتعساً لهم وأضل أعمالهم. ● قوله (والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفَّر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم {2}) وقوله (والذين آمنوا وعملوا الصالحات) قيل هم ناس من قريش وقيل هم من الأنصار وقيل هم مؤمنو أهل الكتاب وقيل عام للكل (وآمنوا بما نزل على محمد) خص بالذكر الإيمان بذلك مع اندراجه فيما قبله تنويها بشأنه وتنبيهاً على سمو مكانه من بين سائر ما يجب الإيمان به وأنه الأصل في الكل ولذلك أكد بقوله تعالى (وهو الحق من ربهم) بطريق حصر الحقية فيه وقيل حقيته بكونه (كفر عنهم سيئاتهم) أي سترها بالإيمان والعمل الصالح (وأصلح بالهم) أي حال في الدين والدنيا بالتأييد والتوفيق. ● قوله (ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم {3}) (ذلك) إشارة إلى ما مر من إضلال الأعمال وتكفير السيئات وإصلاح البال وقوله تعالى (بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم) أي ذلك كائن بسبب أن الأولين اتبعوا الشيطان ففعلوا ما فعلوا من الكفر والصد وبسبب أن الآخرين اتبعوا الحق الذي لا محيد عنه كائناً من ربهم ففعلوا ما فعلوا من الإيمان به وبكتابه من الأعمال الصالحة. فبيان سببية اتباعه لما ذكر من التكفير والإصلاح بعد الإشعار بسببية الإيمان والعمل الصالح. ويجوز أن يحمل الباطل ما يقابل الحق وهو الزائل الذاهب الذي لا أصل له أصلاً فالتصريح بسببية اتباعه لإضلال أعمالهم وإبطالها لبيان أن إبطالها لبطلان مبناها وزواله وأما حمله على ما لا ينتفع به فليس كما ينبغي لما أن الكفر والصد أفحش منه فلا وجه للتصريح بسببيته لما ذكر من الإضلال أعمالهم بطريق القصر بعد الإشعار بسببيتهما له فتدبر ويجوز أن يراد بالباطل نفس الكفر والصد وبالحق نفس الإيمان والأعمال الصالحة فيكون التنصيص على سببيتهما لما ذكر من الإضلال ومن التكفير والإصلاح تصريحاً بالسببية المشعر بها في الموقعين (كذلك) أي مثل ذلك الضرب البديع (يضرب الله) أي يبين (للناس أمثالهم) أي أحوال الفريقين وأوصافهما الجارية في الغرابة مجرى الأمثال وهي اتباع الأولين الباطل وخيبتهم وخسرانهم واتباع الآخرين الحق وفوزهم وفلاحهم.

2579

| 20 يوليو 2013

محمد رسول الله والذين معه

وقفتنا الاخيرة اليوم مع خواتيم سورة الفتح . وفيها يتحدث الله سبحانه وتعالى عن نبيه وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين . صحابة رسول الله الذين لو أنفقنا كل اموالنا مابلغنا مد احدهم ولا نصيفه كما اخبره عنهم الصادق المصدوق ، حتى يخرس الألسنة التي تنال من صحابته صلى الله عليه وسلم .  ● يقول تعالى  (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً {28}) (هو الذي أرسل رسوله بالهدى) أي ملتبساً به أو بسببه ولأجله (ودين الحق) وبدين الإسلام (ليظهره على الدين كله) ليعليه على جنس الدين بجميع أفراده التي هي الأديان المختلفة بنسخ ما كان حقاً من بعض الأحكام المتبدلة بتبدل الأعصار وإظهار بطلان ما كان باطلاً أو بتسليط المسلمين على أهل سائر الأديان إذ ما من أهل دين إلا وقد قهرهم المسلمون وفيه فضل تأكيد لما وعد من الفتح وتوطين لنفوس المؤمنين على أنه سبحانه سيفتح لهم من البلاد ويتيح لهم من الغلبة على الأقاليم ما يستقلون إليه فتح مكة (وكفى بالله شهيداً) على أن وعده كائن لا محالة أو على نبوته عليه الصلاة والسلام بإظهار المعجزات. ● قوله (محمد رسول الله والذين آمنوا معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطئه فئازره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً {29}) (محمد رسول الله) نعت  وصفة له ( صلى الله عليه وسلم ) أي ذلك الرسول المرسل بالهدى ودين الحق محمد رسول اللهوالجملة مبينة للمشهود به وقوله تعالى (والذين معه) أى أصحابه - رضى الله عنهم - (أشداء على الكفار رحماء بينهم) وأشداء جمع شديد ورحماء جمع رحيم والمعنى أنهم يظهرون لمن خالف دينهم الشدة والصلابه ولمن  رافقهم في الدين الرحمة والرأفة كقوله تعالى  - أذله على المؤمنين أعزة على الكافرين  - وقرئ أشداء ورحماء بالنصب على المدح , قوله تعالى (تراهم ركعاً سجداً) أي تشاهدهم حال كونهم راكعين ساجدين لمواظبتهم على الصلوات وقوله تعالى (يبتغون فضلاً من الله ورضواناً) أي ثواباً ورضاً  ركعاًسجدا وصفا ربانيا دائما لهم نشأ من بيان مواظبتهم على الركوع والسجود كأنه قيل ماذا يريدون بذلك فقيل يبتغون فضلاً من الله ورضوانا كما وصفهم في آيات أخرى – رضى الله عنهم  ورضوا عنه -  (سيماهم) أي سمتهم (في وجوههم) أي في جباههم وقوله تعالى (من  أثر السجود)  أي من التأثير الذي يؤثره كثرة السجود وما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله عليه الصلاة والسلام لا تعلبوا صوركم أي لا تسموها إنما هو فيما إذا اعتمد بجبهته على الأرض ليحدث فيها تلك السمة وذلك محض رياء ونفاق والكلام فيما حدث في جبهة السجاد الذي لا يسجد إلا خالصاً لوجه الله عز وجل كان الإمام زين العابدين وعلى بن عبدالله بن العباس رضي الله عنهما يقال لهما ذو الثفنات لما أحدثت كثرة سجودهما في مواقعه منهما أشباه ثفنات البعير قال قائلهم [ديار علي والحسين وجعفر وحمزة والسجاد ذي الثفنات] وقيل صفرة الوجة من خشية الله تعالى وقيل ندى الطهور وتراب الأرض وقيل استنارة وجوههم من طول ماصلوا بالليل قال عليه الصلاة والسلام من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار وقرئ من آثار السجود ومن إثر السجود إشارة إلى ما ذكر. انتهى تفسير سورة الفتح ولله الفضل والمنة        

6453

| 19 يوليو 2013

فعلم ما لم تعلموا

نواصل وقفاتنا مع كتاب الله تعالى في سورة الفتح، ونتوقف اليوم عند قوله تعالى:● (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليماً {26}) (إذ جعل الذين كفروا) أي الكافرين والإلقاء في قوله تعالى (في قلوبهم الحمية) أي الأنفة والتكبر متعلق به أي جعلوها ثابتة راسخة في قلوبهم (حمية الجاهلية) أي حمية الملة الجاهلية أو الحمية الناشئة من الجاهلية وقوله تعالى (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) والمراد تذكير حسن صنيع الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بتوفيق الله تعالى وسوء صنيع الكفرة والسكينة الثبات والوقار (وألزمهم كلمة التقوى) أي كلمة الشهادة أو بسم الله الرحمن الرحيم أو محمد رسول الله وقيل كلمة التقوى هي الوفاء بالعهد والثبات عليه وإضافتها إلى التقوى لأنها سبب التقوى وأساسها أو كلمة أهلها (وكانوا أحق بها) متصفين بمزيد استحقاق لها على صيغة التفضيل وقيل أحق بها من الكفار (وأهلها) أي المستأهل لها (وكان الله بكل شيء عليماً) فيعلم حق كل شيء فيسوقه إلى مستحقه. ● قوله (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً {27}) (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق) رأى الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل خروجه إلى الحديبية كأنه وأصحابه قد دخلوا مكة آمنين وقد حلقوا رؤوسهم وقصروا فقص الرؤيا على أصحابه ففرحوا واستبشروا وحسبوا أنهم داخلوها في عامهم فلما تأخر ذلك قال عبدالله بن أبي عبدالله بن نفيل ورفاعة بن الحرث والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا المسجد الحرام فنزلت أي صدقة - صلى الله عليه وسلم - في رؤياه كما في قولهم صدقني سن بكرة وتحقيقه أراه الرؤيا الصادقة وقوله تعالى (بالحق) أي صدقاً متلبساً بالحق أي بالغرض الصحيح والحكمة البالغة التي هي التمييز بين الراسخ في الإيمان والمتزلزل فيه أو حال من الرؤيا أي ملتبسة بالحق ليست من قبيل أضغاث الأحلام وقد يجوز أن يكون قسماً بالحق الذي هو من أسماء الله تعالى أو بنقيض الباطل وقوله تعالى (لتدخلن المسجد الحرام) جوابه وهو على الأولين جواب أي والله لتدخلن الخ وقوله تعالى (إن شاء الله) تعليق للعدة بالمشيئة لتعليم العباد أو للإشعار بأن بعضهم لا يدخلونه لموت أو غيبة أو غير ذلك أو هي حكاية لما قاله ملك الرؤيا لرسول الله صلى الله عليه سلم أو لما قاله عليه الصلاة والسلام لأصحابه (آمنين) حال لتدخلن والشرط معترض وكذا قوله تعالى (محلقين رؤوسكم ومقصرين) أي محلقاً بعضكم ومقصراً آخرون آمنين فتكون متداخلة (لا تخافون) حال مؤكدة لتدخلن أو آمنين أو محلقين أو مقصرين أي لا تخافون بعد ذلك (فعلم ما لم تعلموا) عطف على صدق والمراد بعلمه تعالى العلم الفعلي المتعلق بأمر حادث بعد المعطوف عليه أي فعلم عقيب ما أراه الرؤيا الصادقة ما لم تعلموا من الحكمة الداعية إلى تقديم ما يشهد بالصدق علماً فعلياً (فجعل) لأجله (من دون ذلك) أي من دون تحقيق مصداق ما رآه من دخول المسجد الحرام (فتحاً قريباً) وهو فتح خيبر.

1654

| 18 يوليو 2013

alsharq
مؤتمر صحفي.. بلا صحافة ومسرح بلا جمهور!

المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...

7884

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
من فاز؟ ومن انتصر؟

انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...

6579

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
مكافأة السنوات الزائدة.. مطلب للإنصاف

منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر...

3444

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
تعديلات قانون الموارد البشرية.. الأسرة المحور الرئيسي

في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...

2796

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
معرفة عرجاء

المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....

2472

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يصنع التاريخ

في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...

1842

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
قادة العالم يثمّنون جهود «أمير السلام»

قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....

1536

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
مواجهة العزيمة واستعادة الكبرياء

الوقت الآن ليس للكلام ولا للأعذار، بل للفعل...

1197

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
ملف إنساني على مكتب وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة

في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...

1167

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
العطر الإلكتروني في المساجد.. بين حسن النية وخطر الصحة

لا يخفى على أحد الجهود الكبيرة التي تبذلها...

1062

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
قطر تودّع أبناءها الشجعان

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وبمشاعر يعتصرها الحزن...

747

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
هل نحن مستعدون للتقدّم في العمر؟

مع أننا نتقدّم في العمر كل يوم قليلاً،...

735

| 13 أكتوبر 2025

أخبار محلية