رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أثر الترويح عن النفس في احتواء الأزمات

التراكمات المصاحبة لحالات الحزن تفرز أنواعا أخرى من الآلام النفسية يؤثر المشهد السياسي بتقلباته المتسارعة على الناس فيما يتسبب هذا الأمر في نشوء حالات القلق عطفاً على ما يفرزه الاحتقان من ظروف صعبة والكل يدعو الخالق تبارك وتعالى بأن يزيل الغمة وأن يعود الهدوء وتسدل السكينة ثوبها القشيب ليمسك الاستقرار بزمام الأمور ويزيل الآلام لاسيَّما النفسية، ويعتبر الضحك أحد العوامل الدالة على انشراح الصدر المؤسس للاستقرار المعنوي والاسترخاء، وقد تتشكل درجة الاستقرار غير أنها لا تعكس الحالة النفسية بشكل عام، بمعنى أن الإنسان قد يهرب من واقعه النفسي المرير إلى الضحك بغية اختلاس دقائق أو ساعات، للخروج من دائرة الحزن التي تلم به نتيجة لظروف يتعرض لها سواء كانت مالية أو اجتماعية أو غير ذلك، وفي هذه الحركة الإيجابية التي يلجأ لها الإنسان في هذه الظروف تحقيقا للتوازن فهو يعاني من نقص في الفرح، في حين أن هذا النقص سيؤثر ولا ريب على الصحة بشكل عام. إن التراكمات السلبية السيئة المصاحبة لحالات الحزن لا تبرح أن تفرز أنواعا أخرى من الآلام النفسية المبرحة المهيئة لنشوء أنواع أخرى من الأمراض تبعا لإضعاف مستوى المناعة في الجسم في هذه الحالة وضعف التصدي لتلك الأمراض، بل إن اتجاه الشخص المتأزم لهذا الأسلوب في بحثه الترويح عن النفس وهو في خضم معضلة التشابكات النفسية المؤلمة والتي حاكت خيوطها البغيضة قد تكون سببا في إيجاد الحلول المناسبة، لأن الذهن في حالات الغضب والحزن ينكمش ويرسم الأسى خيوطا لا مبرر لها ويكون خاضعا لتفسيرات تحوم حول المشكلة بتضخيم تبعاتها وتهويل آثارها ما يسهم في تعطيل تفكير الإنسان وبالتالي إقفال المخارج من جهة أخرى، مع العلم بأن هناك أكثر من مخرج لتجاوز هذه الأزمة أو تلك، بيد أن الغشاوة التي انبثقت من هذه الحالة، حالت دون رؤية تلك المخارج، فكان الانتقال من الحزن إلى الضحك ومن التأزم إلى الاسترخاء معبرا للرؤية التحليلية المتزنة، وقراءة الواقع وفق نظرة تفاؤلية تثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن كل مشكلة ولها حل، فقط أطلق العنان لمخيلتك وحرر ذهنك من سطوة اليأس التي تحيل القدرة إلى وهم وتقذف بالحلول بعيدا، فيما تكون في متناول اليد ويسهل استدعاؤها، سواء من خلال الضحك أو الابتسامة أو من خلال الانتقال من دائرة المشكلة بممارسة الرياضة والقراءة، وغير ذلك من الوسائل التي تتيح بسط الحلول في الذهن وبالتالي يجسدها التفكير السليم على أرض الواقع، وتتعدد مصادر الضحك وتستقي هذه المصادر وقودها من المفارقات غير المنطقية ليتسع هامش التطويع، طبقا لهذه المساحة التي تستثمرها خصوبة الخيال لتتبلور إلى (نكتة) يتداولها الأفراد، وغالبا ما تنشأ على صفة تعليق على المواقف أو الشخصيات، وهذا النوع من التنفيس رغم أنه يحمل الطابع الهزلي، إلا أنه في بعض الأحيان يتشكل ويسهم في تكوين رؤية محددة إزاء موقف معين، كغلاء أسعار بعض السلع، وارتفاع أجور بعض الخدمات، وقولبتها بمشهد كوميدي يعبر عن هذه الحالة، وتبقى الحاجة للابتسامة ملحة في ظل حالات الاحتقان التي تصيب البشر نتيجة لانعكاس الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، عدا عن تأثير الضحك على الحالات النفسية، واختزال حدة التوتر والانفعال المصاحبتين لهذه الحالات، مما يسهم في رفع الروح المعنوية وتعزيز الثقة عبر التفاعل المرن مع المعطيات، والتسليم بأن الحياة لا تخلو من مشاق ومصاعب، لذا فإن البحث عن الإحساس بمتعتها من خلال الأنشطة المتعددة والمصادر المختلفة، ومن ضمنها البحث عن الابتسامة، سيريح النفس من أعباء الحياة المستمرة، وفي السياق ذاته فبقدر ما يكون للضحك من آثار إيجابية بقدر ما يحمل آثارا سلبية، لاسيَّما إذا كان على صيغة التهكم والسخرية، حينها يكون بلا طعم ولا رائحة، أي منزوع الأدب والدسم معاً، كذلك فإن كثرة الضحك والإفراط فيه سينعكس بشكل سلبي، لأن الشيء إذا تجاوز حده انقلب ضده، فمقدار الطاقة التي ستضخها في حالة الفرح ستضخ مثلها في حالات الحزن، بمعنى أن مضاعفة العطاء تبعا لاختلال التوازن في هذه الناحية سينسحب على الحالات الأخرى، وهكذا دواليك، فلا إفراط ولا تفريط، والضحك أمر جميل بل إن الكل يبحث عنه، وأجمل من هذا وذلك حين يكون للضحك معنى وقيمة، وأعني بذلك أن يكون هادفاً ومثيراً للتحليل والتأمل، وحينما تتسع الآفاق ويحيط الإدراك بالمنظور المتعقل المتزن فإن هذا ولا ريب مؤشر بأن الابتسامة تظل رموشا بعد النظر وقلب الرؤية الثاقبة.

1425

| 03 يونيو 2011

سلبية الإفراط في الإثارة عبر وسائل الإعلام

أدرك تماماً بأن العناوين الصحفية للحوارات والتحقيقات التي تنشر تتم وفقاً لمعايير محددة ومنظمة أيضاً لكي يتوافق المضمون مع العنوان، و هذه المسألة حساسة ودقيقة في ذات الوقت، إذ إن تحقيق التوازن في هذه الناحية أمر بالغ الأهمية، وقد تجنح الوسيلة بهذا الصدد إلى المبالغة أحياناً لجذب القارئ ولفت انتباهه بمعزل عن التوافق في هذه الناحية بين العنوان والمضمون وهنا يبرز عامل الثقة وأعني بذلك ثقة القارئ بالمطبوعة عطفاً على ما أشرت إليه وهذه في تقديري من أبرز الملامح التي ترسخ ميول المتلقي تجاه الوسيلة، وقد يتم استنباط العنوان من السياق سواء كان تحقيقاً صحفياً أو مقالة أو مقابلة مع مسؤول وهذا ما يوقع البعض في حرج بالغ إزاءه لاسيَّما إذا عكس العنوان معنى الموضوع، ولا مشاحة في التسابق من حيث التميز وإدراج عنوان يليق بالمادة ومحتواها لا أن يعصف بالمقالة ويجردها من بهائها، بل قد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى حد التحوير غير المقصود كأن يكون الأمر تحذيراً، ليخرج العنوان وبفعل الجراحة التجميلية غير الموفقة إلى تحريض، وبالمقابل قد تكون الجراحة ناجحة وتنتقي المطبوعة عنواناً أفضل من العنوان الذي ورد إليها، محققة بذلك التناسب في هذه الناحية، ولما كان الهدف من اختيار العناوين اللافتة من قبيل الإثارة من تضخيم وتفخيم فإن الأثر يكون بالغاً، بل قد يصل إلى مرحلة الإحراج والتجريح في كثير من المواقف، خصوصاً في المجلات، وتحديداً على الغلاف، فما تلبث أن تجد عنواناً مثيراً، وتفاجأ بأنه لا يعدو كونه جملة غير مكتملة في سياق مبتور تم استعمال جزء منها لغرض دعائي بحت، وهذا يندرج في نطاق التضليل والتسطيح، وأما الزواج والطلاق خصوصا المشاهير فحدث ولا حرج و لربما تم الاستنتاج والاستنباط لمجرد الإيحاء، والأدهى من ذلك عندما تستند الوسيلة إلى الشائعات في نشر الخبر بعيداً عن التقصي والتحقق، وهذه المسألة لا تورثها فقدانها لقرائها فقط بل إنها بذلك تسقط ميثاق الشرف الصحفي وأمانة الكلمة، وإذا كان الإطار أصغر من الصورة فإنك تستطيع التصرف في قص الصورة لتناسب مع الإطار وتبقى المعضلة إذا كانت الصورة أصغر من الإطار لأن الفراغ سيكون من الوضوح ما يتيح للقارئ اكتشاف هذا الأمر، وكلما كان العنوان أقرب إلى الواقعية كان أكثر صدقاً في هذا الجانب والعكس كذلك فإن تجاوز الواقعية إلى الخيال أو بمعنى أصح المبالغة ابتعد عن الموضوعية، ومن نافل القول أن هذا الأمر يتطلب مهارة فائقة فضلاً عن الحرفية المهنية، لأن التعامل يتم مع الكلمة ولا ريب أن اكتساب الوسيلة الخبرة في هذا الجانب من خلال الممارسة عبر التعامل اليومي مع زخم المواد التي ترد إليها يتيح لها استقراء المادة بشكل جيد، ولا أطالب في هذا السياق بتنحية الإثارة جانباً وهي جزء لا ينبغي التقليل من أهميته بهذا الصدد بل إنها تعتبر من مقومات نجاح المطبوعة، فمن غير المعقول أن يجري المحرر لقاء صحفياً يزخر بوابل من الأسئلة الثقيلة والخفيفة مع شخص ما وفي الغالب يكون المقابل مسؤولاً أو مشهوراً ولا يقع في خطأ غير مقصود أو زلة لسان، لينتقي المعد هذه السقطة أو تلك، ليبرزها ويطرحها على الملأ في ظل غياب التنقيح وهو من صميم عمل المحرر أو المعد، وهذا في تصوري ليس عامل إثارة وجذب بقدر ما تشكل انتهازية مفرطة وتصيد للعثرات ليس له ما يبرره وفي إطار التسلق على هفوات الآخرين وزلاتهم، ويستطيع القارئ استشفاف الموضوع واكتشاف انتفاء القصد من السياق بانتفاء الإصرار، وبمناسبة ذكر التسلق تحضرني طرفة أو بالأحرى موقف طريف رواه لي أحد الأصدقاء وقال لي محذراً إذا أردت إنقاذ إنسان من الغرق فلا تأتي من أمامه، فقد رأيت أحد الأشخاص وكنا في المسبح وذهب إلى المكان العميق وهو لا يجيد السباحة فأقبلت عليه لأساعده من الأمام وكدت أغرق أنا الآخر، لأني أصبحت كالسلَّم ويريدني ثابتاً تحت الماء ليتسنى له التنفس لدرجة أني أحسست بإصبع رجله الكبير داخل أذني، الغرق سهل والإغراق كذلك , بيد أن الصعوبة تكمن في الإنقاذ وما يتطلبه من مهارة، وإذا كان عامل السرعة مهماً في هذه الناحية فإن الكيفية التي يتم بها الإنقاذ لا تقل أهمية لكيلا يغرق الاثنان، وقبل هذا وذاك لم لا يكون للوقاية دور في ذلك والوقاية خير من العلاج فحري بمن لا يجيد السباحة بأن يتوخى الحذر بابتعاده عن الأماكن العميقة والخطرة في ذات الوقت، وهنا أرغب في أن أسوق اقتراحاً بهذا الصدد ربما يكون من شأنه حفظ حقوق جميع الأطراف الأدبية، وتحديداً فيما يتعلق باختيار العنوان إذا كان يمثل رأي أشخاص، وهو أن يتم إشعار المعني بالأمر أو بمعنى أدق المقٌابل بالعنوان برسالة عبر الجوال أو البريد الإلكتروني قبل النشر وهذا من حقه لأن الموضوع يخصه وبذلك تكون الوسيلة أثرت البعد الأخلاقي والرقي الفكري، على الأسلوب التجاري المحض والذي كما أشرت آنفاً قد يفقدها قراء بدلاً من كسبهم وهو قطعاً لا يتناسب وتوجه المطبوعة، إضافة إلى أن هذا الأمر من شأنه تعميق الثقة وتفعيل التواصل، وهذا لا يدع مجالاً للشك في نبل الأهداف بعيداً عن أهداف التسلل التي تثير الجمهور لفترة ضئيلة بينما تبقى النتيجة مرهونة في احتساب النقاط من عدمها، وفي شأن متصل فإن هذا الأمر ينسحب على جميع وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية.

1077

| 20 مايو 2011

البلد المضياف يستشرف المستقبل برؤى ثاقبة

البلد المضياف تجد أهله على قدر كبير من الطيبة والألفة بل والمعرفة قياساً على الإحاطة بالجوانب الإيجابية التي تتحقق من ذلك، وتفتخر الشعوب بأوطانها وترتبط بتراثها، وتبرز بهذا الخصوص كل ما هو جميل يعكس أصالة البلد، سواء كان سلوكاً يجسد الأخلاق الفاضلة المؤسسة للأجيال على نحو مؤثر، أو من خلال انتمائها لأوطانها مصدر عزها وفخرها، ويعكف الخبراء في البلدان المختلفة إلى تنويع مصادر الدخل القومي، وعدم الاتكاء على مصدر واحد لما يشكله هذا الأمر من خطورة بالغة لاسيَّما إذا تقلص الطلب على المنتج الواحد، وبالتالي انحسار العائد وما يشكله هذا الأمر من إرهاق للاقتصاد، غير أن ارتفاع الحس في هذه الناحية والارتقاء على نحو يلامس الهموم المستقبلية يقع على عاتق المواطن أيضاً في التفاعل مع خطط الدولة الهادفة للتأسيس السليم للأجيال القادمة من خلال تهيئة بنية تحتية عملاقة تستوفي المعايير الإيجابية لتنعكس على ارتقاء مستوى الخدمات في جميع المجالات مع تسارع الطفرة الصناعية الهائلة التي يشهدها العالم أجمع، إذ إن البنية التحتية القوية بحاجة إلى السواعد للمحافظة عليها وتنميتها وتطويرها بإدراك العقول بأهمية تنويع مصادر الدخل. وتعتبر السياحة أحد المفاصل المهمة والمؤثرة في اقتصادات الدول، وتعول على هذا الجانب كثيرا لاسيَّما وأنها إضافة إلى حماية الآثار والاهتمام بالموروث التاريخي والذي تعتز بإبرازه الشعوب وتفخر بمعالمه كونه يشكل امتدادا للنسق الحضاري للأمم على اختلاف الأسباب التي أنشئت من أجلها تلك المعالم، إلا أنها تبقى للتاريخ وللشعوب. وهو حق جمعي لا يمكن المزايدة عليه أو التقليل من قيمته لما للاعتبارات التاريخية من مكانة يستفاد منها للخبرة والتأمل من خلال توارد السرد المتواتر بمراحل الأمم، من هنا فإن المحافظة على الآثار واجب وطني يحتمه التزام الإنسان بالتصاقه بأرضه وفي إطار المسؤولية الأدبية تجاه هذا الإرث الذي تحيطه الأمم بالعناية والاهتمام لأبعاد ثقافية واجتماعية واقتصادية، وإذا كان الحديث عن الشأن السياحي بشؤونه وشجونه، فإن المتأمل لهذا المفصل المهم سيلحظ حتما مسألة الاهتمام من واقع الرصد والمتابعة لما لهذه الصناعة من أثر بالغ في التطور والنمو وتعزيز قوة الاقتصاد لتشكل السياحة بمفهومها الشامل رافدا رئيسا للدخل القومي. إن إدراك المعنى الخلاق لتبني علاقات إيجابية تستشرف بعد النظر والرؤية الثاقبة لتسطر إضاءاتها الباسمة على كل من يستشعر هذا الدور من الأهمية بمكان. السياحة جسر التواصل ورسالة السلام المعززة للإخاء بين الشعوب والإلمام بثقافات الشعوب للإفادة والاستفادة والارتقاء بالمستوى المعرفي، والجانب السياحي ما فتئ يبرز الصورة الجميلة ويعكس الحب والجمال والبساطة لأهل هذا البلد، وإذا كانت الجهات الحكومية المختلفة الساعد الأيمن لهذا القطاع، فإن تفعيل التكامل يكمن في دور المواطنين لتعزيز هذه الجهود والعائد الأول والأخير للمواطنين أنفسهم. ومن المعلوم أن تكامل الجهود يفضي إلى استخلاص النتائج وفق انسيابية التحقيق وفي ضوء المشاركة الفاعلة والحس الوطني الرفيع يدا بيد نحو مستقبل مشرق مضيء، واستشراف للآفاق بزرع الخير والمحافظة عليه ومن أطر المحافظة ولا ريب الإسهام في قوة هذه الصناعة. إن الدور المأمول يحتم علينا النظر بعين الاعتبار للآثار الإيجابية التي تعود من السياحة للوطن والمواطن، ومن ذلك التيسير والتقليل من تكلفة الأسعار، فقليل دائم خير من كثير منقطع، فالسائح في ربوع الوطن حينما يجد أسعارا عالية، فإنك لن تكسبه إلا مرة واحدة، وبالتالي فإنه سيشرق أو يغرب في المرة القادمة، وهكذا فإنك الخاسر على المدى البعيد لأن القاعدة التسويقية الناجحة تتكئ على المحافظة على الزبون. ومن وسائل الجذب أيضا التحلي بالروح العالية والأخلاق الجميلة ونقل الواقع المشرق للبلد بكل مآثره الجميلة، أي أن التعريف بتاريخ البلد وإبراز آثاره يشكل ولا ريب عنصرا مؤثرا في مجال الجذب والتشويق، سابق الذهن في صنع التصور الجميل الذي سيترك أثرا لدى المتلقي، ولنكن رسائل مفعمة بالحب والسلام لكل راغب في زيارة الوطن والتعرف على تاريخه الثري. إن دور المواطنين في التفاعل والتعاون مع الجهود التي تبذل من الأهمية بمكان، غير أن تعزيز هذا المفهوم من ناحية علمية وعملية لا يقتصر فقط على الأدوات، بقدر ما يشكل المواطن بخلقه الرفيع وتعامله الكريم تعزيزاً يدفع عجلة السياحة إلى الأمام، فهو حجر الزاوية بهذا الخصوص، فلنسهم في دعم التوجهات النبيلة الخلاقة بحسنا الواعي، وإدراكنا لما تشكله هذه الصناعة من خير للبلد وأهله. يتسع القلب الطيب للجميع ليعكس مستوى الخلق الرفيع وتفيض الأحاسيس الجميلة ينابيع تتدفق نبلاً فيرتفع المنسوب ويعزف الاحترام أعذب الألحان، فبقدر ما تعطي ستأخذ وبقدر ما تمنع ستفقد حقاً إن المكاسب بالحفظ جديرة، تتعامل مع الآخر زائراً كان أم مقيما عجوزاً أو ولدا أو من غير أهل البلد فتصنع الابتسامة فكراً ويشكل نبل الأخلاق عنواناً بارزاً لخصال ومآثر نعم للبلد ثقافة، وكلما كان السلوك متسماً بالعفوية تلقائياً دون تكلف كلما زاد بالمرء ارتفاعا، حسن التعامل مع الزائر والمقيم يجسد سلوك الاحترام المتجذر في عاداتنا في أدبياتنا، تفتخر الأوطان بأخلاق الرجال بالشهامة بالكرامة بالمروءة بتجسيد الفضيلة تجد الواحد منهم سطراً في كتاب، زاخراً بالحب بالود يملأ قلبه الإيمان وطاعة الرحمن.

733

| 15 مايو 2011

اسطوانة إنجاز المعاملات المشروخة

عندما يرغب الإنسان في إنجاز معاملة لتسيير شؤونه يتبادر إلى ذهنه بشكل سريع وتلقائي شريط المعارف والأقارب والأصدقاء وربما يعود ذلك إلى جلب الاطمئنان النفسي لإنجازها سواء ارتبط ذلك بالتوقيت وأعني السرعة في الإنجاز أو في تسهيل مرورها، وباتت كلمة (تعرف أحد) متداولة بشكلٍ يفوق الوصف فما أن يفكر الإنسان في قضاء حاجة معينة، أو تخليص معاملة بسيطة ربما لا يستغرق إنجازها دقائق معدودة إلا ويبادر بسؤال يتردد مراراً وتكراراً (تعرف أحد) حتى لو كان فتح حساب لدى أحد البنوك، أي أن المستفيد من فتح الحساب هو البنك وليس العكس، هذا الاتكاء المخجل على هذه الاسطوانة المشروخة التي شبعت شرخاً إلى درجة أصبحت تعقُد من يستعين بها، بمعنى أن المعاملة ستمر بيسر وسهولة لو أنه تقدم بأوراقه في ظل النظام وإتباع التعليمات والإجراءات أما لماذا؟ فدونك الجواب وهو حينما تكون المعاملة مرفقة بتوصية أو ما شابه ذلك وغالباً ما تكون هذه التوصية شفهية، لأن النظام لا يفرق بين قريب أو بعيد بهذا الخصوص، أي أن مسألة الإبطاء وتأخير إنجازها، يعني أن الموظف بذل جهداً كبيراً لكي يتجمل أمام صاحبه لتكبير هذا الإنجاز الفريد، وهو لا يعدو عن كونه كبسة زر حروف جر خيبته على مفاتيح الحاسب الآلي (وانتهى الموضوع) في حين أن الإدراك المحدود وتقلص مساحة الوعي وعدم الإلمام بالحقوق والواجبات بات يشكل عائقاً صلداً أمام عوائد التطوير والتحديث للأنظمة على نحو يجعل الموظف يهمل أداء الواجب المنوط به فيما يكون البعض من شاكلة هؤلاء الموظفين البؤساء متخصصا في تلقي المكالمات من الأقارب والأصدقاء ليشعرهم بأهميته وأهمية موقعه بمعنى أنه مارس تعلم هذا الانتكاس المهني عن قرب أو بُعد لا يهم، ناهيك عن أننا نشجعهم على ذلك حينما نطلب منهم بأن يتفضلون على الناس على حساب أداء واجبهم، ومهما احترف هؤلاء المتاجرة بأوقات الناس ومشاعرهم عبر هذا التسلق التعيس، فإن هذا الصنف يعاني من أزمة ثقة بالنفس مما تسبب في إسقاط الإحساس بالمحتوى الفكري والأخلاقي وبالتالي فقدان القيمة المعنوية للمسؤولية وهكذا شيئاً فشيئاً فيخيل إليه بأن لا قيمة له إلا إذا اتصل عليه فلان وعلان، وهكذا يكون التعويض الارتدادي، أو بمعنى أدق ملء هذا الفراغ بممارسة هذه الأساليب ومن جهة أخرى ضعف التأسيس لمدى أهمية القيم واتساقها مع الأطر المحفزة لبناء الشخصية من تكريس للاعتبار بقيم العطاء والإنتاج وتفعيل جانب خدمة الناس وخير الناس انفعهم للناس، حينئذٍ سيكون صدق مع نفسه في الوقت الذي سيمنحه هذا الشعور اعتزازاً بإرادته المستقلة وسلك الطرق الصائبة، وخلاف ذلك فإن جزء من هذه المعضلة يكمن في إسهامنا نحن في تكريس هذا المفهوم البائس (تعرف أحد) من خلال تداوله بكثرة والتعاطي معه أيضاً بما يوحي بأن الأنظمة معقدة وليست سهلة ويسيرة وآلاف المعاملات تُنجز يومياً، فإذا كانت التقنية تستجيب للجانب المرن بهذا الخصوص من خلال الاتصالات الهاتفية على سبيل المثال (لقد تعثر مرور مكالمتك فضلاً حاول مرة أخرى) فلماذا لا تحاول مرة أخرى إذا ربطت معاملتك فرامل وآثرت الانبطاح والتسدح في أدراج المتقاعسين، وفي مقابل ذلك فإن عدم إنجاز معاملتك طالما أن مستنداتها مكتملة يوحي بخللٍ في التطبيق لا النظام فلا تقف مكتوف اليدين ولا تبحث عن فلان وعلان فللقسم مدير ومدير القسم أيضاً له مدير والمدير له مرجع وهكذا، والمسؤولون لم يكونوا إلا عوناً للمواطنين في قضاء مصالحهم، من هذا المنطلق فإن تفعيل الثقة بالنظام واستيعاب الإجراءات سيكبح جماح أصحاب النزوات وسيقطع الطريق على المفسدين، في حين أن التراخي واستمرار طلب الفزعات من هؤلاء البهلوانيين سينشئ أرضاً خصبة لاستشراء الفساد والوقوع في المحظور من رشاوٍ وهدايا وما إلى ذلك من مسببات الهلاك القيمي، والأمر الأخر فإن إزالة هذه الترسبات البيروقراطية يكمن في الاهتمام بعامل الوقت واعني وقت الإنجاز بمعنى أن الجهاز الرقابي يستطيع من خلالهما الربط بين تاريخ تقديم المعاملة وإنجازها وبالتالي فإن التراخي سيولي الأدبار طالما أن هناك معايير محددة لتحقيق الأهداف،وهكذا يتحقق الكثير من الجوانب الإيجابية وسيسهم كذلك في تفعيل الحرص على الأوقات فضلاً عن محاصرة المنافع المستترة الدافعة لارتكاب التجاوزات، واذكر في إحدى المرات أن صديقاً جاءني وسألني السؤال الذي أصبح أشهر من نار على علم فقال تعرف أحد في الوزارة الفلانية فقلت له نعم اعرف الوزير فانبسطت أساريره وابتسم ابتسامة ربما تكون أقوى ابتسامة في حياته فبادرته بسرعة صواريخ توما هوك قائلا المشكلة أن الوزير ما يعرفني.

443

| 10 مايو 2011

الستر القيمة الفريدة المحفزة لتقويم السلوك

عندما تخترق المخالفة حائط الصد المعزز بالقيم، وتمعن في استدراج الرغبة طبقاً لتسهيل عبورها وتمريرها وفق قياس هش لا تلبث أن تتضح مساوئه لاسيَّما على مرتكب المخالفة وما يعانيه في الداخل، خصوصاً الحرب الضروس مع ذاته الرافضة لهذا الإذعان المخزي للخطيئة وتوافق هذا الرفض مع منطلقاته التي تأسست وفق بيئة تنحو إلى تهذيب النفس والتحذير من مغبة الانسياق خلف الأحاسيس التي تتقن التضليل على خلفية التبرير المتكئ على الخداع والمواربة من حيث تطويع المدارك بهدف انتشال المنافع من دائرة الشبهة عبر تصوير مغالط ينوء بالمفارقات فضلاً عن التناقض الذي يستشعره ولا يقره فيصدق هذا الشعور من حيث المبدأ شكلاً وتكذبه نفسه الأمارة بالسوء، بيد أن مطرقة الواقع لا تهدأ ولا تستكين لتنكشف الأغطية التي لم تعد قادرة على ستره، تبعاً للقياس المضطرب الذي بني على ضوء فرضيات متهالكة وتصور خاطئ، وهنا تنتقل المعاناة من الداخل لتنسحب إلى الخارج حيث المواجهة وتسليط الضوء ليقف المجتمع ناقماً ناقداً على سلوكه وتصرفه، ذلك أنه نسف الخشية من رب العالمين، وتهاون في غفلة صنعتها إرادته التي لم تكن من القوة بما يدرأ السوء عنه، غير أن احتواء التجاوزات ومعالجة القصور في هذه الجانب لاسيَّما إذا لم يلحق ضرر المخالفة أناس آخرين بصيغة موضوعية منصفة فإن الستر يعد بلسماً شافياً لتخطي العوائق النفسية ومساندته لتخطي هذه المرحلة المؤلمة لما في الستر من نواح إيجابية مؤثرة في إصلاح النفوس واستقامتها، والستر لا يتقاطع مع تنفيذ العقاب على المخطئ، وتتجلى الحكمة البالغة بتفعيل الستر كعنصر قيم يتيح المجال للمذنب أن يتوب من فعلته ويطهر نفسه بتعويض من أصابهم وطلب الصفح منهم، ليفتح حدود العودة إلى الرشد فإذا كان رب العباد غفارا لمن تاب وأناب فكيف بنا نحن الضعفاء المعرضين لصنوف الأخطاء فلم يكن الاستغفار إلا تطهيراً للنفس من وساوسها وتنقية للفكر من جنوحه، لذلك كان النصح والإرشاد والتذكير بخاتمة العمل السيئ شح ذا قوة في الإرادة التي تسيطر على شجون القرارات الحسية والمعنوية، إذ ينبغي أن تتم معالجة الأسباب المؤدية للمخالفات وفق التنوع في الطرح المفضي إلى تتبع مصدر المخالفة واستنتاج اللقاح من ذات المصدر لتقوية الجهاز المناعي وتنشيطه وضخه في شرايين الرقابة الذاتية لإحقاق الحق وتطبيقه، والذي يؤدي غيابه بطبيعة الحال إلى تهيئة المناخ لتنمو هذه الخلافات وتستشري وتنخر في القيم، وهكذا تنتشر الآفات الأخلاقية لترهق المجتمع بكل أطيافه. ويشكل الستر على الآخرين قيمة معنوية وأخلاقية تستوحي النبل بفضائله الجمة وتستثير التوبة بمفهوم التسامح الخلاّق، ويبرز دور الستر في الإسلام كعنوان بارز صادق في إتاحة الفرصة لمن أخطأ بإصلاح خطئه والتوبة والندم على ما فات. وحينما تجنح النفس بإيحاءاتها المتكررة وتسيطر النزوات على المشاعر لتلج في أتون المخالفات عبر التزيين الموهم للأحاسيس بمقارعة المتعة في لحظة غفلة، فإن التراجع والعودة إلى طريق الصواب هو الهدف والعائد من الستر، ومما لا ريب فيه أن الستر يسمو بالأخلاق ويعزز من فرصة مراجعة النفس بأسلوب يحلق بالاقتدار نحو آفاق الصفح والعفو، فإذا كنا نطلب الصفح والعفو والستر من رب العباد فحري أن ينالها الآخرون من قبلنا لننال بها رضاه، وكشعور لبق لائق فذ ذلك أن العقاب أياً كان نوعه إنما هو وسيلة للتصحيح وتقويم السلوك، فإذا كانت الغاية منه ستتحقق من خلال احتواء الأخطاء ومعالجتها برؤية موضوعية متزنة وفقاً لمحاسبة النفس وشحذاً ليقظة الضمير الذي حاصرته الغفلة، فإن الستر بمفهومه الفريد في هذه الحالة سيضفي على التأثير مزيداً من التألق والنفوذ، وقيل (الضمير خير من ألف شاهد) في حين أن اختزال الامتعاض والسيطرة على المشاعر وتحقيق أعلى درجة من العلم والحلم والحكمة سينير الطريق للجاهل ويذكر الغافل، أن محاربة الفساد بكل أشكاله تتطلب المزيد من حرص المربين لإيقاف امتداده وبتر أوصاله ومسيرة الإصلاح تتطلب جهداً دؤوباً للارتقاء بالمستوى الأخلاقي على نحو يترجم الجهود المخلصة في إطار تفعيل القيم النبيلة الداعمة لكل توجه يصبو إلى خدمة الأمة من خلال التزامها بمبادئها الثابتة ويجب ألا ينخفض مستوى هذا الإحساس، لمجرد تنامي حالات الشذوذ لأن هذا الانخفاض والتراخي سيؤدي إلى تجذره في أوصال المجتمع، فضلاً عن امتداد آثاره ليصيب المفاصل الاقتصادية في مقتل، وبالتالي فإن الحصيلة ستنوء بالخسائر على جميع المستويات، والحق أحق أن يتبع.

1627

| 01 مايو 2011

ازدواجية المعايير والمعادلة الخاطئة

غريب أمر هذا الغرب ففي الوقت الذي يغرب عن وجهه الإنصاف والعدل في العلاقة في بعض المواقف يَعجَب من عدم وجود التوافق على الرؤى التي يفرضها والتي يتسق بعضها مع نوع من المنطق فيما يرزح المنطق برمته تحت وطأة تجاهله وإعراضه في مواقف أخرى والتي من الوضوح ما يبرز فيها الطرف المعتدي والمعُتدى عليه إذ يحيد عن قناعاته ببساطة وبشكل يجسد الاستخفاف بالعقول بتمييع هذه القناعة لسبب يبدو واضحاً وضوح الشمس في رائعة النهار. فحينما اشتد ساعده في تمرير بعض القناعات التي تعزز من مواقفه بدواعي الإخاء والإنسانية نجده يغض الطرف عن القناعات المتوارية خلف الغطاء الشفاف الذي عرته صور أطفال في عمر الزهور أخذت على حين غرة لا لذنب سوى وجودها في مكانها الصحيح لتواجه الزائر الخطأ واقتحامه الجائر للمكان فما طفق الغرب مبدلاً إزار الديموقراطية التي يتشدق بها ليل نهار لتدق آخر مسمار في صدقيتها بإزار فضفاض يتسع لاحتمالات تنبري لها عوامل تعرية الضمير الذي لم يجد ما يستره بيد أن المسرحية كانت على الهواء مباشرة، فكانت النتيجة هي الخروج عن النص بافتعال تشوبه الريبة . أي أن الرهان على السيناريو المعد سلفاً لم يعد يوافق رغبة الجماهير، بقدر ما احتواها النص التلقائي الخالي من التزييف والتضليل، وبالتالي فإن العقل أمسى رهناً للشكوك والتخرّصات، ومكبلاً بالهواجس وسوء الظن الذي ما برح ينخر في صدق النية وسلامة التوجه، فهل يجيز العقل والمنطق التعسف على هذا النحو، ألا يدعو الأمر للغرابة؟ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن هذا التباين في المعطيات، وفقاً للمعايير المزدوجة بهذا الخصوص سيسهم في إفراز الآثار السلبية طبقاً لهذه المعادلة المفتقرة للاتزان، فالمراهنات عادة ما تكون في حلبات السباق ومضمار الخيول لا أن تصل إلى العقول، فإرادات الشعوب لا تخضع للمراهنات والمزايدات، بقدر ما يوفر لها الاحترام قيمة طبيعية تستحقها. واحترام هذه الإرادة يجب أن يصاحبه حسن النية. وحسن النية يفرض المنطق المتعقل المتزن إزاء فرض الرؤى بصيغة عادلة وفاعلة. فيما تكتنف هذه الصيغة وفق استقراء الواقع عمليات جراحية تجميلية ترنو إلى خنق المضمون مع بقاء الشكل كإيحاء رمزي ليس إلاّ، أي أن هذه الصيغة تكون من الوضوح بمكان حينما ترتبط بمصالحه بيد أن غياب التدخلات الجراحية في بعض المواقف باتت تدعمه تفسيرات وتنبؤات لا تتكئ على منطق، فضلاً عن انتقاء حسن الظن الملهم لكل توجه نبيل خلاق. غير أن أسوأ ما في هذا الأمر انتقاء التبرير المنطقي والعقلاني. إن الوقت قد حان للإدارة الدولية لبسط النفوذ المنطقي والموضوعي لكبح جماح التسلط والاستبداد وبموجب الالتزام الأدبي والأخلاقي، تجاه منح الشعوب حقوقها المعنوية والاعتبارية التي تحفظ لها سلامها وكرامتها من خلال المعايير المنصفة، وبمعزل عن فرضية منطق القوة، فمن خلال منطق القوة لا يمكن أن يتحقق السلام، حيث إن مفهوم القوة بهذا الصدد سيؤثر على الحيادية والتجرد بل إن الأجدر هو الاتكاء على قوة المنطق بدون تحيز مخلٍ ومواربة مملة، إن صيانة الأخلاق وحمايتها وفق المعايير المتسقة مع المفهوم الذي يحقق أعلى مستوى من درجة الحماية وتطبيقها مرهون بتحقيق الإنصاف والعدل في العلاقة فيما يسهم غيابهما في انتفاء تحقيق المصالحة مع الذات وهذا مدعاة لنشوء صراع مرير بين ما يقره من ناحية ويلتف عليه من ناحية أخرى مهما بلغت المبررات من حرفية في تحوير المسار، هذا الصراع المرير هو المقياس لدرجة التحلي بالأخلاق وتحقيق المصالحة مع الذات والرضا عن الأداء أو التخلي عنه، ومن هنا فإن مواجهة مد هذا التناقض يتطلب ثقة وإصراراً على إحقاق الحق وتحري الدقة في تطبيقه، والعالم من حولنا ينوء بكمّ وافر من هذه المشاهد، فغمط هنا وظلم هناك، ويبقى الصراع نحو تحقيق المصالحة مع الذات متوقدا ولا يهدأ، فهو وإن بدا في الظاهر غير مؤثر فإنه بمن يستشعره لا يفتأ أن يتحول مستفزا عنيدا، لا يكل من إبراز الحجة كلما حاول التجاهل والنسيان وطي هذه الصفحة، ولا يمل من المكاشفة كلما حاولت التبريرات أن تغطي هذا الجزء لأنها وبكل بساطة تفتقر إلى المنطق وبالتالي فإنها تستعصي على التغطية، إن أقسى ما يعانيه صاحب الفكر السليم والعقل الراجح هو سطوة الانحياز التي ما برحت ترهق الجميع، بل إن مرارة الشعور بهذا الأمر تكون أقسى ولا ريب على من يملك النفوذ قياسا على ما أسلفت، وهذا الأمر يتطلب مهارة عالية ومرونة في تحقيق الانسجام، ولا يتم هذا الأمر بطبيعة الحال إلا في بسط العدالة بكل ما تعنيه من حفظ للحقوق.

930

| 11 أبريل 2011

خليجنا واحد والحفاظ على أمنه واستقراره واجب

عندما يصيب الألم أحد الأصابع في اليد الواحدة فإن هذا حتما سيؤثر على بقية الأصابع والشعور بالألم ناهيك عن الشعور ذاته في اليد الواحدة وهذا حال دول مجلس التعاون المتراصة والمترابطة فكريا ومعنويا في حين أن المجتمع الخليجي يتميز بالهدوء في التعاطي مع معطيات الظروف التي تحيط به في مختلف المراحل، وبالتالي فإن هذه الصفة الجميلة لا تلبث أن تستوعب الأفعال وردودها والقرارات وحدودها، وحينما تلقي هذه الصفة بظلالها على المجتمعات أو بالأحرى تحقيق الحد الأعلى منها، فإن ما ينتج عن ذلك ولا ريب هو التماسك والترابط بين الأشقاء، وقد حفلت المنطقة بمنعطفات حملت في طياتها بعض الأزمات، ولم تكن حتماً مصنوعة من الداخل، بمعنى أن المجتمع الذي يتسم أفراده بهدوء الطبع لا يمكن أن يعطي نقيضه، بل إنها في الغالب تحدث وفق مؤثرات خارجية كمنطلق ورؤية. إذ يتصور البعض أن الهدوء حال من الضعف ويفسره وفق هذا المعيار، وهو على العكس من ذلك، فيسوغ له هذا الأمر النيل من وحدة الصف سواء بطريق مباشر أو غير مباشر ويراهن على هذه المسألة بانتظار رد فعل متهور، غير أن خيبة الأمل لا تبرح أن تتلقف هذه المشاريع، لأن بنية المواطن الخليجي وتركيبته النفسية المنسجمة مع التوجهات تقطع الطرق على من يساوم على وحدته، فأهل الخليج مسالمون يسالمون من سالمهم ولا يقبلوا بحال من الأحوال الاعتداء أياً كان نوعه.هذا التوافق النسبي المؤطر لحال القوة المعنوية تلك لم يكن وليد اليوم، بل إرث تعلمناه من الآباء كما تعلموه من آبائهم، لتشكل الخبرة المتراكمة سداً منيعاً يصعب اختراقه ويعزز من مستوى إدراك مايشكله الأمن والمحافظة على المكتسبات في إطار التطوير وتعزيز سبل العلم والمعرفة ، والدليل على ذلك هو حال الاستقرار التي تنعم بها بلدان الخليج أدامها الله، وحتماً كان للطفرة الحضارية تأثير على النسيج المجتمعي إلا أن هدوء أبناء الخليج وبناته يتسع ليصهر هذه الإفرازات ويبلورها لمصلحته بطبيعة الحال، والتي تكمن في التماسك كما أسلفت ويعي أفراد المجتمع هذه النقطة البالغة الأهمية ويعض عليها بالنواجذ لأنها امتداد للنسق التاريخي لأهل المنطقة، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يزايد عليها أو يفرط فيها، لإدراكه بأنها تمثل العنصر الأبرز لضمان الاستقرار الذي ينشده كل مجتمع، من هنا كانت الثقة ولا تزال بحمد الله والمنة مؤشراً مطمئناً للتعامل مع الآخرين، بل إنها تشكل اللبنة الرئيسة لتوفير الأجواء المستقرة والآمنة، وتهيئة البيئة الجاذبة للاستثمارات المختلفة، ما يعود للفرد والمجتمع بالخير، ووفق الأطر المنظمة للعلاقة التي يحدوها الاحترام المتبادل والاستفادة من الخبرات المختلفة في جميع المجالات.وفي المقابل يخطئ كثيراً من يعتقد بأن المجتمع الخليجي يسهل اختراقه أو إضعاف وحدته، سواء بالتلميح أو التصريح، ويذهب بعيداً في خياله الذي ينسج له صورة مغايرة لواقع المنطقة، وتتضح الحقائق حينما تصطدم تمريراته وتأثيرها بعقول مدركة تستعصي على الاستمالة، أو المزايدة على المبادئ إذ الأبعاد الثقافية المتجانسة والبنية المتفاعلة مع وحدة الصف والأهداف النبيلة وحماية المكتسبات، هذه البنية الناضجة فكرياً لم ولن تكون بإذن الله ملعباً يستقبل الكرات الملتهبة، فهذه الكرات لا تلبث أن ترتد وحائط الصد ليس هشاً، بل لن تزيده هذه إلا صلابة، وتثبت الوقائع هذا الأمر على مر العصور.إن أبناء الأسرة الخليجية يشكلون الحلقة الأقوى من حيث الترابط، فطبيعة العلاقة بينهم ليست هامشية، وعدم إدراك قوة العلاقة ربما يكون أحد الأسباب التي تغري البعض للمراهنة على أمنه واستقراره، بل هي علاقات متجذرة في العمق، فقد تجد الأسرة الواحدة جزءاً منهم في هذا البلد وجزءاً آخر في البلد الآخر، من هنا فإن عدم فهم طبيعة النسيج الاجتماعي للمنطقة وأبنائها يثير الفضول بغية إحداث الخلخلة وخلق الهزات تحت شعارات، وإن اختلفت مسمياتها إلا أن مضمونها في مرمى إدراك أبناء المنطقة الذين لا تستهويهم المغامرات الخاسرة، وليسوا في حاجة إلى أوصياء على أفكارهم، فقد ولى زمن العزف على ألحان التأثيرات غير المنطقية والمتوازنة في ذات الوقت والتي لم تورث إلا مزيداً من المآسي، وقيل في المثل «العاقل خصيم نفسه»، وخصم الإنسان المستنير عقله الكبير وإرادته القوية، فرجاحة العقل وقوة الإرادة لا يمكن بحال من الأحوال أن ترهن المكتسبات في مزايدات خاسرة يحفها الغموض من كل جانب.إن أبناء الخليج تجاوزوا بإخلاصهم كل المعوقات التي ترنو إلى إنهاك برامجهم التنموية، فاتجهوا تحدوهم الطموحات إلى البناء والإعمار، وخير دليل على ذلك هو النهضة الاقتصادية التي تشهدها المنطقة والتي تتم بسواعدهم، يعينهم في ذلك من يرغب في الخير والحب والسلام، وهو أهل للترحيب في بلد السلام والوئام، إن القادم بإذن الله أجمل، وستذكر الأجيال كم كنا امتداداً للآباء والأجداد في توفير بيئة آمنة مستقرة، كما سيكونون بإذن الله كذلك، وهذه الرسالة العميقة الخالدة هي العنوان البارز لأبناء الخليج البررة، والذين يقدرون المصلحة ويدركون متطلباتها في كل زمان ووفق أي ظروف

604

| 08 أبريل 2011

لسانك حصانك

مما لاشك فيه أن تجاوزات اللسان وفقدان التحكم بالألفاظ والعبارات بل حتى طريقة الإلقاء تجر على صاحبها مشاكل جمة لاسيما وأن اللسان هو مركز التبليغ لذا فإن معيار القيم مرتبط بما سيقوله الشخص إن خيراً فخير وإن شراً فشر، وعندما يوزع الإنسان الصفات جزافاً وكيفما اتفق، فإنه يقع أحياناً في المحظور من غير أن يشعر، بمعنى أنه يعمم في وصفه ولا يستثني، وبذلك يدخل من بوابة الظلم، غير مدرك لخطورة هذا الأمر على اعتبار أنه كلام يطير في الهواء، وكل الكلام يطير في الهواء عدا ما يوثق منه كتابة أو تسجيلاً، لذا تجده حين يتعلق الأمر بالتوثيق يمعن التدقيق (ويربط فرامل) ويثمن الكلام الذي يخرج من فيه في حين أن الكلام في الهواء الطلق أو غير الطلق يخرج بصيغة الجمع، أي أنه يكون أكثر كرماً في وصف فئة معينة، بل قد يصل الأمر إلى شعب كامل، ومستوى الحذر بحصائد الألسن يكاد يكون أقل من الحد الأدنى، إن لم يكن عند البعض صفراً على الشمال أو اليمين لا يهم طالما أنه مجرد كلام، ومنبع هذا التسطيح لفحوى المخرجات المنطلقة من اللسان، هو الغياب القسري للتأثير واستشعار مدى خطورة ما تجترحه الألسن بالرغم من الأحاديث النبوية الشريفة بهذا الخصوص وضرورة أخذ الحيطة والحذر من إطلاق الكلام على عواهنه، وقد قيل (لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك) وحين تمعن النظر فإن جل المشاكل التي تحدث يكون مصدرها اللسان، وقد تنشأ النزاعات والحروب من جراء الكلام، وإذا كانت القنوات الرسمية الممثلة للدول تنأى بنفسها عن الخوض في المعارك الكلامية، أو على الأقل تقنن تصريحاتها بترشيد ينحو إلى الاعتدال في الغالب، إلا أنه على المستوى الشعبي يكون أكثر حدة، حيث إن السيطرة تنتقل إلى الرقابة الذاتية بهذا الصدد، وهنا يكون دور مثيري الفتن وتجار الشائعات، الذين يميلون بفرقهم ذات اليمين وذات الشمال، طبقاً للأحوال الظرفية المعززة لبروز التضخم الوهمي، حتى يصبح ورماً خبيثاً تقف معه أعتى المضادات الحيوية عاجزة عن إيقاف مّده فضلاً عن اجتثاثه، وحينما تتحكم الشائعات بالمجتمعات، ويبسط هؤلاء التجار البؤساء نفوذهم، عبر استمالة الآخرين فإن المسؤولية لا تقع وحدها على مروجي تلك الشائعات، لأنهم فقدوا المسؤولية، ولفظوا الأحاسيس خارج جوارحهم البغيضة (وفاقد الشيء لا يعطيه) بل إن جزءاً من المسؤولية والجزء الأكبر والأهم يقع على عاتق من يصدقهم ويسمع لهم، سواء كان عبر الفضاء أو عن طريق الإنترنت لاسيما وأن الناس أصبحوا على قدر كبير من الوعي والمعرفة، بل والتمييز بين الصدق وعدمه، ولا يعني ذلك أن تصم أذنيك ولا تسمع شيئاً، بل اسمع واقرأ واخضع هذا القول أو الرأي لعقلك، وبفعل تحليلك واستنتاجك، ستستنبط وتفرق بين الخبيث والطيّب وفقاً لرؤيتك المدركة وفحصك المتزن، ولا يستوي الخبيث والطيّب هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن ما يلامس الرغبة قد لا يكون ملائماً للتطبيق من الناحية الفعلية وحتمية توافر آليات التطبيق من حيث التهيئة وإيجاد البيئة المناسبة، ولا يعني هذا تثبيطاً للعزائم، بقدر ما يلمس الإنسان صدق التوجّه لتنفيذ هذه الرغبة أو تلك، بيد أن تجارنا المعنيين تجار الشائعات بالجملة والتجزئة، تجدهم يقفزون قفزات أشبه بقفزات حيوان (الكنغر) أي أنهم يمارسون التشويش، سواء كان ذلك على الصعيد الاقتصادي عبر توريط أكبر عدد من المستثمرين والمساهمين بآفاق محدودة ورؤى تفتقر إلى الانضباط والتحليل الدقيق، أو على الصعيد السياسي حيث القفزات البهلوانية غير المشوقة أو بالأحرى المشًرقة غرب، وفي هذا الجانب تحديداً يبيت استثمار المشاعر ذا طعم مختلف إذ إن الذائقة تستجيب لكل أصناف التعاطي للصورة المجزأة في المخيلة والتي تلامس الأمنيات التي لم تتحقق بطبيعة الحال، لأن ما يتحقق يتم نسفه وتهميشه طبقاً للهدف من دغدغة المشاعر، في حين أن ذكر ما تحقق يضعف التأثير في تسويق هذه البضائع، والمشاهد أو المستمع أو القارئ بات أكثر وعياً وإدراكاً لمعطيات الأمور، أي أن هذه البضائع المزجاة لم تعد تستهويه، بقدر ما يلامس مشاعره النقد الموضوعي المتزن بعيداً عن تصيد الأخطاء واستغلال الهفوات التي تقع هنا وهناك، فإذا كان العيب موجوداً فإن طرح أوجه القصور ينبغي أن يساق بصيغة انسيابية وعدم استثمار وجود العيب للنيل من هذا أو ذاك، فالنية تسبق الهدف، وتسهم في صقله فلا تلبث أن تنكشف النية الطيبة أو الفاسدة طبقاً للصيغة المعدة لهذا الغرض، أي أن الوسيلة من الأهمية بمكان من حيث تحديد المسار ويندرج في هذا الإطار التضخيم والتهويل أو التقزيم والتصغير، وكلا الأمرين يندرجان تحت مظلة التضليل في حين أن تحقيق التوازن أو بلوغ الحد الأعلى في تحقيقه يقع على المتلقي، فلم تعد هناك أسوار تحجب الرياح، واتقاء شرورها منوط بدور العقل الفطِن المُدر ك للأبعاد والتبعات عبر تحقيق أكبر هامش من الإحاطة بما يُقال ويُكتب ويُبث والعاقل خصيم نفسه.

5182

| 01 أبريل 2011

دماء تعليمية جديدة

لا يخفى على أحد أن العملية التعليمية تتكون من أربعة أطراف متمثلة في المعلم والمتعلم والأسرة ويضاف إليها عادة الإدارة التعليمية ككيان مستقل. التعليم كان ومازال حجر زاوية في أي عملية تنمية تستهدف النهوض بمجتمع من كل النواحي، أو ما يطلق عليه الآن عنوان "التنمية المستدامة". في قطر الحديث عن تطوير التعليم أصبح الشغل الشاغل للمسؤولين والمواطنين خلال العقد الأخير مع تقديم العديد من المبادرات لتطوير التعليم واختلاف الآراء حول نجاح التجارب المختلفة أو فشلها. لعل البعض من المتأثرين بالعملية التعليمية سواء كانوا موظفين في مؤسسات تعليمية أو أولياء أمور أو طلاب لاحظوا بعض التغييرات الجوهرية خلال السنة الماضية والتي لا يبدو أنها تزامنت مع أي إعلانات براقة عن خطط طموحة لتغيير، وهو خلاف العادة. وكوني منخرطا في العملية التعليمية من الجانبين حيث إني موظف في جامعة قطر وفي الوقت ذاته طالب مبتعث لدراسة الماجستير لاحظت مثل غيري وجود تحولات جوهرية في السياسات التعليمية خلال العام الماضي. لست هنا في معرض الحديث عن هذه التغيرات إنما قدمت بالحديث عنها لأبرر سبب كتابتي عن انطباعاتي حول حدث قد يبدو اعتيادياً. في يوم الأحد الموافق السابع والعشرين من مارس الحالي عقد لقاء في العاصمة البريطانية بدعوة من الملحقية الثقافية هناك يجمع بين سعادة السيد سعد المحمود وزير التعليم ومجموعة من المشاركين من طلبة البعثات في المملكة المتحدة. حضرت هذا اللقاء بحماس محدود متأثراً بنتائج لقاءات سابقة جمعتنا في فترات مختلفة مع مسؤولين عن المبتعثين أو التعليم عموماً لم نخرج منها بنتائج تذكر بل أصابني فيها شيء من الإحباط حيال قلة المشاركة في الحوار من طرف الطلاب أنفسهم.في هذا اللقاء فوجئت بالتغير الذي حدث خلال السنوات الأخيرة – آخر لقاء من هذا النوع حضرته كان عام 2004- وكان هذا التغيير من طرفي المعادلة. بدأ سعادة الوزير كلامه بالتأكيد على عفوية اللقاء وطلب ألا يتحول إلى خطابات مفرغة ولم يطل الحديث بل لم يكد يتحدث حتى ترك الكلمة للطلاب. استمع سعادة الوزير باهتمام لكل الملاحظات حتى ما بدا منها شخصياً أو مكرراً وقدم إجابات واضحة واتخذ في حينه قرارات لحل بعض الإشكالات موجهاً كلامه إلى المسؤولين عن البعثات والذين حضروا اللقاء. كان سعادة الوزير صريحاً جداً فلم نسمع منه كلمات مجاملة مفرغة مثل "سندرس الأمر" كان يبدي اعتراضاً واضحاً على بعض الاقتراحات ويقوم بتبرير رفضه لها أمام الطلاب. وفوجئت من اطلاع الوزير على تفاصيل عملية الابتعاث الدقيقة التي يتصور الواحد منا أن هذا المستوى الإداري سيكون بعيداً عنها ولكن كان واضحاً أن سعادته كان يعرف هذه الأمور لأنه يقوم بمراجعة عمل هيئة التعليم العالي بشكل دقيق. في الطرف الآخر من المعادلة كانت مشاركات الطلاب في معظمها منظمة ودقيقة والمطالبات واضحة بل إن الطلاب وبعد يوم واحد من اللقاء كانوا جهزوا ورقة تم إرسالها إلى الملحقية الثقافية لتقوم بدورها بإيصالها إلى الوزير فيها تفاصيل ما تم مناقشته في اللقاء.لم يكد يتسع الوقت لكثرة المشاركات رغم قلة المشاركين وكان الأصغر سناً من الطلاب حاضرين في النقاش وبحيوية. ولأننا تعودنا على اللقاءات الرسمية الثقيلة فوجئت بصراحة الطلاب وقوة حجتهم في مواجهة "وزير" بينما أذكر أن بعض اللقاءات التي جمعتنا مع مسؤولين في مستويات إدارية أقل خلت من هذه الحيوية والصراحة. بل حتى سفيرنا في لندن والذي حضر جزءًا من اللقاء شارك مدافعاً عن بعض قضايا الطلاب. كنت أشعر بارتياح خاص في هذا اللقاء لأنه جاء تتويجاً لسنين العطاء التي قدمها الملحق الثقافي في لندن محمد الكعبي والتي حاول خلالها مرات عديدة ردم الفجوة بين الطلاب والمؤسسة التعليمية ولكنه أخيراً وجد تجاوباً حقيقياً من الطرفين حيث ختم اللقاء بوعود لاستكمال دائرة التواصل بذات الحيوية.    

442

| 31 مارس 2011

طريق السلامة في مرمى الحكمة

عندما تتعدد المخارج، فإن الإنسان يقف حائراً أي مخرج يسلك، وكل يرغب بطبيعة الحال أن يسلك طريق السلامة، وكما أن هناك مخرجاً للسلامة يُوجد كذلك مخرجٌ للندامة وطريق للهداية وحسن الخاتمة، وآخر للهاوية وسوء الخاتمة، ومن أعقد الاختيارات وأصعبها وأشدها أثراً على النفس، هو الاختيار الفكري لانطوائه على محاذير ومخاطر قد لا ترتبط بالشخص ذاته بقدر ما تؤثر في الآخرين إن كان سلباً أو إيجاباً، بموجب الآراء المتكئة على هذه الفكرة أو تلك فيما ينبثق الفكر السليم من القلب السليم، والضوابط لسلامة القلب محددة بأطر من شأنها تسهيل المسالك وتيسيرها وإنارة الطريق، ومن ذلك سلامة المبدأ وصدق الاعتقاد، وجلب المصالح ونبذ المفاسد، وحينما يرسم الإنسان لنفسه التصوُّرات الصائبة وتُبنى قراراته على ضوئها يُخضع ذاته لنوع من التطويع، لتسير وفقاً لما يراه لا كما يهواه، فقد يتقاطع الهوى مع الرؤية، وتتقاطع الرغبة مع المصلحة المنشودة كأن يحقق رغبة تنفعه وتضر الآخرين معنوياً كان ذلك أو مادياً، حينئذٍ فإنها لا تُعتبر مصلحة بل مفسدة، قياساً على الضرر المترتب من إتيانها، وليست العبرة في الفائدة التي يجنيها، بل العبرة في إخضاعها وإدراجها في الإطار العام المنظم لعلاقة العبد بربه، وخلوها من الشبهات والمفاسد، على حين أن اتقاء الشبهات من الحكمة بمكان والنأي عن الوقوع فيها سيجنِّب الإنسان الشكوك المؤذية والهواجس المقلقة. ومن أشد الأمور إيذاءً للنفس هو إلحاق الضرر بالآخرين، لذلك كانت الحقوق الخاصة من الأهمية بمكان، بل إن الإنسان يظل مصيره معلَّقاً بالحق الخاص حتى بعد مماته، لاسيَّما إذا كان صاحب الحق قد قضي، فربما يصفح الورثة ويعفون عن حق مورثهم، إلا أنه يظل صاحب الحق في ذلك، وأمر ذلك ومردّه عند علاّم الغيوب سبحانه العادل في ملكه {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}.. فينبغي الحيطة والحذر من الحقوق المتعلِّقة بالناس، والحرص على تطويع النفس وتهذيب الفكر وألا يجهض الاندفاع والحماس على التأني والتدبُّر، والبواعث على ارتكاب المخالفات تتكئ على العوامل المهيئة لبروزها، وتجسيدها واقعاً كئيباً تعيساً كالغضب، والتشنج، والمكابرة، ويلعب كذلك الحماس المفرط دوراً لا يقل أثراً في دفع النفس نحو طريق المهالك، إذ إنه في بعض الأحيان يكون أشبه بالمخدر ليغيّب العقل عن الوعي ويسهم هذا الغياب في إماتة القلب إثر هذا الانفصال عن المشاعر المتزنة والأحاسيس التي توقف عنها التدفق، لأن المضخة الرئيسة أصابها العطب، لتصاب بالشلل الحسي، أي أن هذه الفترة وقد تكون وجيزة، كفيلة بإقفال مخارج الخير، ويبيت التحلُّل ممن أصابهم أمر محالاً خصوصاً مَنْ قضي منهم، ليقبع تحت مطرقة الضمير المؤلمة إثر مخالفته لخالق هذه الأنفس التي لا ينزعها إلا هو، أو بالحق الذي أمرنا بإحقاقه، وتطبيق هذا الحق يخضع لاعتبارات عدة، وممن اؤتمنوا على تطبيقه، وهذا من رحمة الخالق بعباده، وإلا لكانت أرواح الناس رهناً لقياسات الآراء المختلفة. بكل ما تفتقر إليه من مسوغات، وإحاطة كاملة، فلم يكن القضاء والقضاة إلا محققين للعدل الذي أمرنا ربنا بإقامته، وحكم القاضي ينطوي بطبيعة الحال على التثبُّت، والقرائن، والأدلة، بل إن من يصدر في حقه حكم معين يحق له طلب الاستئناف، أي أن استكمال الأدلة المعززة للحكم من الأهمية بمكان، فكيف إذا كان الأمر متعلقاً بالأنفس المؤمنة التي عصمها المولى، وتوعَّد من تعمَّد قتلها، بالخلود في النار، وغالباً ما تنشأ القرارات الخاطئة معززة بالتسرُّع بهذا الخصوص ومن قوة التأثير، وفقاً لأسلوب الإقناع الذي يتم من زاوية واحدة، لبلوغ هدف محدد بغض النظر عن الإحاطة بتبعاته التي تُهمل، فضلاً عن خروجه عن صيغة الإجماع المؤصل للرؤية الموضوعية المتزنة، ومن المخوّلين الضالعين بهذه المسائل، الذين لا تنقصهم الدراية، وتجنيب الأمة وأفرادها مغبة التنافر والشقاق والتناحُّر المؤدي لتكريس الأحقاد في النفوس، والضغينة في القلوب، ويؤدي التحطم المعنوي، والأذى النفسي الرهيب الذي يلحق أسر من يكون أبناؤهم وقوداً لهذا الجهل المشحون بالحقد والغل إلى تحطيم الأساسات الموغلة في الترابط الأسري، وحينما تفقد الأسرة عائلها، ويغيب حنان الأب إلى الأبد، فإن هذا بلا ريب مدعاة لنشوء الاضطراب لدى الأطفال، وينمِّي مشاعر الكره والعداء، فضلاً عما يلحق الأسر من تفكك وتشرذم سيحمل وزرها من تسبب في حدوثها، فبات حرياً تحكيم العقل والركون إلى الحكمة والتحري والتثبُّت من الأمور بنظرة ثاقبة، وإيثار طريق السلامة بكل ما يحتويه من حذر من إلحاق الأذى بالآخرين والإدراك بأنه سيقف أمام من يحيي العظام وهي رميم فالحسابات الرابحة هي الشاهد حينئذٍ على حسن النية وسلامة الطوية، وقلوب سليمة من كل ذنب وخطيئة.

608

| 28 مارس 2011

التعاطي السليم مع متغيرات الحياة

يطيب للمؤمن دائماً أن يحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه، ومن المعلوم بأن دوام الحال من المحال إذ يتعرض الإنسان لظروف معينة ومواقف محددة، لم تكن بحال من الأحوال موافقة لرغبته، فقد يرغب في شيء معين، ولا يتحقق لأي سبب من الأسباب أو أن يكون عكس ما كان معتقداً ومؤملاً في حصوله، هذه الفرضية تحتم التسليم بأن الاستقرار والاستمرار على حال معينة لا يمكن تأكيده طبقاً لظروف الحياة، وملابساتها، فقد يكون فقيراً ويغنيه الله من فضله، وقد يكون غنياً ويبتليه المولى، بزوال شيء من ماله، أو ماله كله، وقد يصبح معافى ويمسي مريضاً أو العكس، ومع ذلك فإن المؤمن يلهج لسانه بالشكر والثناء لخالقه، في حين أن زوال ماله أو جزء منه قد يكون خيراً له، ودرءاً لشرور أقسى فيما لو استمر ماله معه، وقد يكون في مرضه خير من هلاكه فيما لو استمر بصحته، ومن هنا ينبع اليقين المطلق بهذه الثوابت الراسخة ويتجسد هذا اليقين من خلال التفاعل الصحيح والتعاطي السليم مع معطيات الحياة وشؤونها وشجونها. من هذا المنطلق تسهل الصعاب، وتصغر العظائم وتهون المصائب، ذلك أنه موقن بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، في استشعار بديع بحلاوة الإيمان، ليصيب الخير في السراء والضراء في الرخاء والشدة فإن صبر وشكر فله الأجر، ودائماً تتردد في الأسماع كلمة بليغة عميقة متوارثة وستظل بإذن الله كذلك وهي كلمة (خيره) فيما لو لم يتحقق ما أراد في اتكاء صلب على قوة الإيمان وما أجملها وما أجملنا كذلك ونحن نرددها بين صغارنا، كما كان آباؤنا يرددونها في ترسيخ للقناعة بما تحقق وما لم يتحقق، فلربما لو تحقق تتمنى بأنه لم يتحقق، وعلى ضوء ما ذكر يتضح جلياً بأن الضمان في البقاء على حالة معينة ضرب من الخيال لأن المسببات التي تستدعي الاستمرار والبقاء على وتيرة واحدة قد تزول ومن ضمنها الإنسان الذي هو الآخر قد يزول في أي لحظة، ومن الأمور التي حذرنا منها ديننا الحنيف الشماتة، وهي داء عضال يتوجب محاربته والحذر من مغبته، لأنها قد تكون سبباً في انتكاسة المتشمت، فلا يلبث أن يسقط سقطة موجعة قد تكون أقسى من حالة من تشمت به، والشماتة لا تمت لأخلاق المؤمن بصلة، بل هي ترجمة لسلوك وضيع وتكريس فظيع للجهل وغياب الوعي وغطرسة توحي بانعدام التوازن الفكري والنفسي، ويترتب على هذا الاهتزاز نشوء حالة انفصام وازدواجية في القيم، تشوبها حالة من الارتباك المتواصل لمؤشر التفريق بين الخطأ والصواب، بمعزل عن صفاء القلب ونقاء السريرة، فبدلاً من أن يدعو له بجبر مصيبته وينال أجراً بذلك، يكون معول هدم يقوض ما كان يبنيه ابتغاءً لمرضاة الله حينما يمارس هذا السلوك الوضيع سواء من خلال الكلمة أو من خلال الشعور الذي يخالج النفس فحالما يتلقى الإنسان خبراً ما، فإن الخواطر تداعب الذهن بسرعة متناهية لتتشكل ملامح المشاعر المصاحبة لهذا الخبر، وفق ما يقره العقل، رهناً باطمئنان القلب أو شقائه وتعاسته، وهذا بطبيعة الحال ينسحب على رد الفعل التلقائي لأول وهلة، وهذه اللحظة بالذات مجال خصب لاستثمار مثمر حينما يكون الدعاء لمن ألمت به لائمة حاضراً وبسرعة فائقة، لكيلا تمسي فترة التأمل الوجيزة مرتعاً للهواجس السيئة وتحيل بدورها الرغبة العدوانية الجامحة وغير المتسقة مع المبادئ والأخلاق الفاضلة إلى نوع من التشفي، وغالباً ما ترتبط الشماتة والعياذ بالله بالسخرية والتهكم السافر وتنم عن نشوء خلل نفسي وفراغ روحي يدل على عزوف الفكر وإعراضه عن الابتكار والإبداع والعطاء من خلال ممارسة هذا السلوك المشين ليملأ فؤاده الفارغ من الإيمان بوابل من مقومات الخطيئة في انسلاخ كامل مع أبسط الحقوق والواجبات المترتبة على هذا الشأن، فكان لزاماً على المؤمن بأن يبادر بالدعاء، لينال بذلك، فضلاً عن أن الإنسان لا يضمن الظروف كما أسلفت فقد يقع في مثل ما وقع فيه المبتلي وفي هذه الحالة فإنه يتمنى أن يٌدعى له، لا أن يدعى عليه، فكلما كانت نيته سليمة وقلبه ينضح صفاءً ونبلاً، فإنه سينال من الآخرين مثل ما منحهم إبان محنتهم إمعاناً في تأصيل التكافل وطرق أبواب الفضيلة المشرعة لكل من أعان على الخير في القول والعمل، ويجدر التنويه في هذا السياق، بأن المشاعر والأحاسيس تخضع أيضاً لمراقبة دقيقة من مالك الملك، وإن لم تظهر إلى العيان قال تعالى"وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه" فحري بنا أن نصفي قلوبنا، في فلترة دائمة، تنقي القلب من الشوائب وتلفظها خارجاً عدا عن ذلك فإن الشماتة تورث البغضاء والحقد والكراهية نسأل المولى أن يجنبنا سخطه وأن يسبغ علينا نعمة التراحم والتآلف والتواد، أخوة متحابين، تربط بين القلوب علاقات قوية متينة ينبري لها الإحسان، وتدثرها الرأفة والمودة بمشاعر صادقة تفيض بالحب والنبل والسماحة.

1173

| 20 مارس 2011

مبدأ إتاحة الفرصة يحقق الانسجام بين الأطراف

مما لاشك فيه أن استيعاب وجهات النظر بحيادية وبلورتها لتصب في سياق الصالح العام يشكل ركيزة أساسية في سياق البناء والتوجهات الفكرية المتباينة، ومسألة اختلاف وجهات النظر لا تعد مؤشراً سلبياً بقدر ما تشكل أنماطاً مختلفة في المجتمع الواحد على اختلاف أساليبها، ولما كان الهدف من قبول جميع الآراء وبدون استثناء فإنه يندرج في نطاق المشورة، وتذليل الصعوبات عبر انتقاء أيسر السبل لبلوغ الأهداف، ولا ريب أن الإقناع يسبق الاقتناع، ومن ثم التوافق على قبول هذا الرأي أو ذاك، متى ما تمت دراسة الجوانب الإيجابية ومدى جدواها، ليست الاقتصادية فحسب، بل والفكرية والمعنوية، لتشكل في نهاية الأمر نسقاً ثقافياً يسهل تمريره عبر النسيج الاجتماعي المختلف في الوسائل والمتفق في الأهداف، ولئن كانت هناك ضرورة ملحة في حتمية مواكبة المستجدات واللحاق بالركب الحضاري من خلال التطوير، فإنها كذلك تستلزم التهيئة لكي يتم استيعاب هذه المتطلبات بانسيابية تتيح إمكانية التفاعل مع الخطط لكيلا يشكل الاختلاف بعبعاً مخيفاً ويندرج تلقائياً في منظومة الرفض، وبالتالي انحسار الاستفادة من الآراء الإيجابية، فضلاً عن كونه استئثارا بالرأي الواحد ليكون السائد في مرحلة تقصي الآراء الأخرى ولا تتيح لها التفاعل وانسيابية التداول من خلال الاستماع إلى الآراء الأخرى ومناقشتها،حينئذ فإن الحوار سيفقد أحد أركانه ألا وهي الأريحية إذ أنها تتيح التكيف مع المعطيات الحضارية بمعزل عن التنازل، ومن شأنها كذلك إتاحة المجال لحيز أكبر للفكر وتنميته وتطويره بما يتسق مع المبادئ لتكون المقياس في تحديد ما يناسب والأخذ بأسبابه وترك مالا يناسب وترك أسبابه. وما لم يتم بناء الفكر بناء سليماً متوازناً وتحصينه بسور القناعة، فإنه لن يلبث أن يكون هشاً رخواً يسهل التأثير عليه واحتوائه في خضم التقدم التقني عبر وسائل الاتصال المختلفة، ليكون صيداً سهلاً من السهل جره إلى المجهول، وبناء القناعة ترتكز على عوامل أساسية مؤثرة من ضمنها انتقاء الوسيلة المناسبة، والإقناع يكون من خلال المنطق في حين أن تمرير الاختلاف من خلال رحابة الصدر وفي إطار التسامح من الأهمية بمكان، والتسامح لا يعني بحال من الأحوال التساهل أو التفريط، بقدر ما يشكل واحة بديعة يخضبها الرفق بعنفوان الجمال بمفهومه الشامل، وأعني بذلك جمال الروح (والله جميل يحب الجمال) وجمال الروح يطرز خيوطاً ذهبية تحف الوجدان من كل جانب، وينمي القيم الإنسانية النبيلة، ويستثير مكامن الخير في الإنسان لتعلو بشأنه وترفع من قدره عند خالقه، ولما كان التسامح مقروناً بالرفق في القول والعمل من أثر بالغ في دعم الاستقرار النفسي لمن يتصف به كذلك فإنه يؤطر الاحترام والتقدير في تمازج فريد لاستشعار القيمة الحقيقية للإنسان التي كفلها الإسلام باحترام إرادته في التعبير عن رأيه ما يساهم في تقريب وجهات النظر، وتغليف النظرة الأحادية بنظرة جماعية شاملة منسجمة مع التوجه لما فيه الصالح العام، ومنح قدر أكبر للمشاركة في هذه الناحية، لتكون المحصلة إيجابية، وما يغيب عن الأذهان في بعض الأحيان قد يكون حاضراً في رأي هذا الطرف أو ذاك، واختلاف الآراء لا يعتبر مؤشراً سلبياً كما أسلفت، طالما أنها ستخضع للشفافية والفرز والمناقشة وبالتالي فإن الرأي المناسب المنسجم مع الأهداف سيجد الطريق ممهداً لتنفيذه، وهذا لا يعني الانتقاص من الآراء الأخرى، بل إنها منحت قدراً كبيراً من الاعتبار وانتقاء التحيز في هذا الجانب بدليل إتاحة الفرصة للجميع لكي يدلوا بآرائهم في حس وطني يحدوه الإخلاص والمحبة الصادقة، ويبقى الوطن في قلوب أبنائه شامخاً ويبقى الوطن هو الحضن الدافئ، فمهما تباينت آراؤهم فإنها تنصهر في تلاحم فذ، وكل مخلص غيور يدرك أن اجتهاده وإن جانب الصواب إنما هو عنوان صادق لانتمائه وحبه لوطنه، وحتماً سيجد الاحترام والتقدير لمشاعره النبيلة، ولم يصاحب الرفق عملاً إلا زانه قال رسول الهدى عليه أفضل الصلاة والتسليم (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه)، وعندما ينتفي الرفق ويزول التسامح فإن هذا بلا ريب يفضي إلى تفشي الغلظة وآثارها السلبية، ليست فقط في التنفير بل إنها لا تبرح ممارسة استفزاز المشاعر ما يسهم بشكل فاعل في تهيئة المناخ للعنف وبروزه وما يشكله من دمار في الأنفس والممتلكات ناهيك عن أثره السلبي بالاقتصاد، إذ أن النمو الاقتصادي مرهون بالاستقرار. وعطفاً على إفرازات العنف البغيضة فإن الاستثمارات تتقلص وتهاجر إلى أماكن أخرى، وبالتالي انحسار الفرص الاستثمارية ومردودها الإيجابي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى زيادة الأموال المخصصة من موارد الدولة للحفاظ على الأمن وحماية البلاد والعباد، ما يسهم في زيادة النفقات على الصعيد الأمني، بدلاً من أن تصب في قنوات أخرى كالصناعة والزراعة والتعليم والصحة، ما يساهم أيضاً في تضاؤل فرص العمل، ومن نافل القول أن ثقافة التسامح عندما تنضوي تحت لواء الرفق، فإن اللين سيكون مؤشراً لبلوغ الأهداف.

1090

| 02 مارس 2011

alsharq
TOT... السلعة الرائجة

كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...

5316

| 06 أكتوبر 2025

alsharq
استيراد المعرفة المعلبة... ضبط البوصلة المحلية على عاتق من؟

في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...

4368

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
الإقامة الدائمة: مفتاح قطر لتحقيق نمو مستدام

تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...

3621

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
الذاكرة الرقمية القطرية.. بين الأرشفة والذكاء الاصطناعي

في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها...

1623

| 07 أكتوبر 2025

alsharq
حماس ونتنياهو.. معركة الفِخاخ

في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...

972

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
بكم نكون.. ولا نكون إلا بكم

لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة...

942

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
الوضع ما يطمن

لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...

897

| 03 أكتوبر 2025

alsharq
تعلّم كيف تقول لا دون أن تفقد نفسك

كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...

774

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
هل قوانين العمل الخاصة بالقطريين في القطاعين العام والخاص متوافقة؟

التوطين بحاجة لمراجعة القوانين في القطــــاع الخـــــاص.. هل...

756

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
لا يستحق منك دقيقة واحدة

المحاولات التي تتكرر؛ بحثا عن نتيجة مُرضية تُسعد...

729

| 07 أكتوبر 2025

alsharq
بين دفء الاجتماع ووحشة الوحدة

الإنسان لم يُخلق ليعيش وحيداً. فمنذ فجر التاريخ،...

717

| 06 أكتوبر 2025

708

| 08 أكتوبر 2025

أخبار محلية