رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

من حكمة مشروعية الصيام في الصيف

يتساءل كثير من الناس عن حكمة مشروعية الصيام، مع شدة الحر، ومجيء رمضان في عز الصيف هذا العام.نقول: الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله، والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه، وبعد فقد قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ"[1] وفى الصحيح: "بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ، شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ".[2]. في هذه النصوص من شِقَّيْ الوحي الكتاب والسنة دليل على وجوب صيام شهر رمضان شعبة الإيمان، وركن الإسلام وأحد مبانيه العظام، ويدور الفلك دورته، فيأتي رمضان في الصيف – كما نحن منذ خمس سنوات – ثم تتعاقب فصول العام فيعبد المسلم ربه في كل أحواله وأحيانه، وهكذا ولقد فرضه الله تعالى على عباده لحكم عظيمة، وأسرار باهرة، علمها من علمها، وجهلها من جهلها. وهاك بعضا منها:1) التقرب إلى الله تعالي بما افترضهفى الحديث القدسي الصحيح "وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ"[3]2) إيقاظ القلب لمراقبة اللهإن الصيام من شأنه أن يوقظ قلب المؤمن لمراقبة الله عز وجل، ذلك لأن الصائم ما إن يستدبر جزءاً من نهاره حتى يحس بالجوع والعطش، وتهفو نفسه إلى الطعام والشراب، لكن شعوره بأنه صائم يحول دون تحقيقه لرغبات نفسه، تحقيقاً لأمر الله عز وجل، ومن خلال هذا التدافع يستيقظ القلب، وينمو فيه شعور المراقبة لله تعالى، ويظل على ذكر لربوبيته وعظيم سلطانه، كما يظل متنبهاً إلى أنه عبد خاضع لحكم الله تعالى، ومنقاد لإرادته، والصيام عبادة بدنية قوامُها ترك المفطرات المعروفة، ولما كان ترك هذه المفطرات سراً بين العبد وبين ربه، فإنه مما لا شك فيه أنه متى تم هذا العمل فيما بين الإنسان وبين الله كان ذلك أعظم لأجره، وأجزل لثوابه. وقد ذكر ذلك كثير من العلماء، فقالوا: إن الصيام سر بين العبد وبين الله. وقالوا: إن ملائكة الحفظة لا تكتبه، لأن الإنسان إذا صام لا يطّلع عليه إلا الله. فإذا صمت فمن الذي يراك في كل حركاتك، وفي كل أوقاتك؟! إن من يغفل عن مراقبة الله له يفعل ما توسوس به نفسه، ويزينه له شيطانه فيتناول طعامه وشرابه دون ما خوف من الله عز وجل. ولكن العبد المؤمن يعلم أن معه من يراقبه، وأن عليه رقيب عتيد؛ يعلم أن ربه يراه، قال تعالى: ((الذي يراك حين تقوم * وتقلبك في الساجدين))[4]، فإذا كان العبد يؤمن بأن الله تعالى هو المطّلع عليه وحده، كان ذلك مما يحمله على أن يخلص في عمله، كما يحمله على الإخلاص في كل الحالات، ويبقى معه في كل شهور السنة. أليس الذي يراقبنا في رمضان هو الذي يراقبنا في سائر الأوقات؟ فيجب على المسلم أن يستحضر ربه دائماً، فإنه عليه رقيب يعلم ما تكنه نفسه، يقول تعالى: ((ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد))[5]3) كسر النفس عن الشهوات، وفطامها عن المألوفاتومن حِكم الصيام حبس النفس وكسرها عن الشهوات، وفطامها عن المألوفات، وتضييق مجاري الشيطان من العبد، بتضييق مجاري الطعام والشراب، فيضعف نفوذ الشيطان، وتقل المعاصي. فى الصحيح: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ"[6]، وفى هذا الحديث الصحيح إرشاد - العاجز عن تكاليف إنشاء وإقامة الحياة الزوجية - إلى الصيام لأن شهوة النكاح تابعة لشهوة الأكل تقوى بقوته وتضعف بضعفه، وكثير من الناس الآن يصومون، لكنهم لا يجدون لهذا الصيام أثراً لتخفيف حدة الشهوة، وذلك أنهم لم يذوقوا ألم الجوع والعطش والتعب، بل ظلت نفوسهم متعبة بالشهوات، وأنّى لهم أن يتركوها وقد أضافوا إلى صومهم كل ما تعف النفس عن رؤيته من أفلام خليعة ومسلسلات ماجنة.4) إيثار العبد مرضاة الله على مرضاة نفسهاختبار إيثار العبد وتركه ما يحب ويشتهي، طاعة لربه، وامتثالاً لأمره، فيظهر بذلك صدق إيمانه، وكمال عبوديته لله، وقوة محبته له. ورجائه فيما عنده، لأنه علم أن رضا مولاه في ترك شهواته، فقدّم رضا مولاه على هواه ورضا نفسه، ولهذا كان كثير من المؤمنين لو ضرب أو حبس على أن يفطر يوماً من رمضان بلا عذر لم يفعل. لعلمه بكراهة الله لفطره في هذا الشهر وهذا من علامات الإيمان: أن يكره المؤمن ما يلائمه من شهواته إذا علم أن الله يكرهه؛ فتصير لذته فيما يرضي مولاه، وإن كان مخالفا لهواه، ويكون ألمه فيما يكره مولاه؛ وإن كان موافقا لهواه"[7] قال تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِينا"[8]، وفى الصحيح: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَىَ سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلاَّ الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي" [9].

432

| 11 يونيو 2015

من إشراقات رمضان

أيام ويُهل علينا هلال رمضان نسأله تعالى أن يُهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام.…… وهذه إشراقات من إطلالته لها ما بعدها: 1- فيه اكتساب عادة النظام في الحياة فالإفطار في وقت واحد كما كان الإمساك والصيام في وقت واحد ولو استصحب المرء ذلك في حياته فكان الأكل بنظام واللعب بنظام بلا إفراط ولا تفريط لاستقام الناس على الجادة وتغيَّر الحال والمآل . وفي الصحيح ما يشهد لهذا المعنى مِنْ حديث أَبِي مُوسَىَ رَضِيَ الله عنه قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللّهِ - صَلَّى الله عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: «إِنّ الله عَزّ وَجَلّ لاَ يَنَامُ وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ. يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ. يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النّهَارِ. وَعَمَلُ النّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللّيْلِ. ……"[1] 2- فيه حفظ الجوارح عن المخالفات. حيث تكون البيئة عونا على فعل الخير والإقدام على الطاعة وفي الصحيح لقاتل مائة نفس عامدا - عندما أراد الله به الخير وسأل، "هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللهَ فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ، فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ"[2] ففي هذا الحديث الإشارة إلى أثر البيئة في استقامة العبد والإنسان ابن بيئته. 3- فيه مقاومة الشهوة الخفية، روى الإمام أحمد، عن شداد بن أوس رضي اللّه عنه أنه بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال شيء سمعته من رسول اللّه - صَلَّى الله عَلَيْه وَآَلِه وَسَلَّم - فأبكاني. سمعت رسول اللّه يقول: "أتخوف على أمتي الشرك والشهوة الخفية"، قلت: يا رسول اللّه! أتشرك أمتك من بعدك؟ قال: "نعم أما إنهم لا يعبدون شمساً ولا قمراً ولا حجراً ولا وثناً، ولكن يراؤون بأعمالهم، والشهوة الخفية أن يصبح أحدهم صائماً فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه" أخرجه الإمام أحمد. 4- فيه ضرورة مراعاة حرمة الشهر فتغلق المطاعم والمقاهي والكافتيريات وسائر محال الأطعمة والعصائر أبوابها في المجتمعات الإسلامية مراعاة لحرمة الشهر، ومن حدثته نفسه بانتهاك حرمة الشهر كانت له عقوبة تعزيرية؛ فقد أتي عمر بسكران في رمضان فضربه مائة؛ ثمانين حد الخمر وعشرين لهتك حرمة الشهر. فهكذا يجب أن تركب العقوبات على تغليظ الجنايات وهتك الحرمات. 5-فيه التخفيف على العباد لإعانتهم على أداء العبادة بخفة ونشاط فليسوا وحدهم ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم )[3] تُشير هذه الآية الكريمة إلى أن الله تعالى ما أخلى أُمَّة من الأمم من هذه العبادة فلم يفرضها عليكم وحدكم، وفائدة الإخبار بهذا أن الصوم وهو عبادة فيها مشقة على النفس لحرمانها من ملاذ الدنيا وشهواتها والأمور الشاقة إذا عمَّت كثيراً من الناس خفَّت مشقتها وسهُل تحملها وتشجَّع الكل على عملها والقيام بها . 6-فيه تحقيق للتكافل بين أفراد الأمة وإشاعة روح الأُخوَّة الإيمانية في المجتمع المسلم وذلك من خلال ما يُخرجه أصحاب الأعذار الدائمة التي تُسوِّغ لهم الفطر وتوجب عليهم الفدية كما قال تعالى (وعلى الذين يُطيقونه فدية طعام مسكين) قال القفال: "انظر إلى عجيب ما نبَّه الله عليه من سعة فضله ورحمته في هذا التكليف حيث بيَّن في أوَّل هذه الآية أن لهذه الأمة بهذا التكليف أسوة بالأمم المتقدمة والغرض منه ما ذكرنا من أن الأمور الشاقة إذا عمَّت خفَّت".7-فيه عظيم فضل الله تعالى بتخصيص باب من أبواب الجنة للصائمين يسمى " الريَّان " كما في الصحيح «إنّ في الجنّةِ باباً يُقالُ لهُ الرّيّانُ، يَدخُلُ منهُ الصائمونَ يومَ القِيامةِ لا يَدخُلُ منه أحدٌ غيرُهم، يقال: أينَ الصائمون؟ فَيقومونَ، لا يَدخلُ منهُ أحدٌ غيرُهم، فإذا دَخلوا أُغلِقَ، فلم يَدخُلْ منهُ أحد»[4]. 8-أن يكون الأمر الإلهي سرّ حركة المسلم وباعث سيره في الحياة، لقد فرض الله على المسلمين صيام مُدَّة من الزمن يستشعرون من خلالها أن التمكن من الطعام والشراب والتناول لهما لا يكون بمجرد وجودهما بل لا بُدَّ مع وجودهما من الإباحة الإلهية والرخصة الربانية أو قل لا بدَّ أن يكون البسط والقبض لليد نحو الطعام والشراب مربوطاً بإرادة الله تعالى وأمره، لقد كان خرق السفينة وقتل الغلام وبناء الجدار وهي الأمور التي لم يصبر عليها أو مثلها كليم الله موسى عليه السلام وقد كانت عن أمر الله لحكمة يعلمها الله تعالي، " لذا قال العبد الصالح: (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا) [5] فإذا كان بسط اليد وقبضها عن الطعام بأمر الله كان ذلك عبادة يُؤجر عليها المسلم فإذا ما أطلقت الأكف بعد قيد وبُسطت بعد قبض كان في ذلك تذكار للنعمة وعرفان بها وتقدير لها حق قدرها .( واذكروا نعمة الله عليكم )[6] . 9-الأجر العظيم في الحديث القدسي " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَهُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ "[7]وفى التنزيل (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعدَّ الله لهم مغفرة وأجراً عظيما)[8]. 10-الدعاء بالقبول: لأمر ما توسطت آية الدعاء آيات الصيام (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)[9] لقد كان السلف الصالح رَضِيَ الله عنهم يجتهدون في إتمام العمل الصالح وإنجازه وإتقانه أولا ثم ينشغلون بعد ذلك بالقبول ويخشون الرد، قال علي رَضِيَ الله عنه "كانوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل" ألم تسمعوا قوله عز وجل (إنما يتقبل الله من المتقين) وقال فضالة بن عبيد "لأن أكون أعلم أن الله قد تقبل مني حبة من خردل أحب إلي من الدنيا وما فيها" لقوله تعالى ( إنما يتقبل الله من المتقين ) كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يُبلغهم شهر رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم . هذا وبالله التوفيق وللحديث صلة بحول الله تعالى وقوته والله المستعان.

949

| 04 يونيو 2015

عبادات لا تجتمع إلاَّ مع الصوم وفي شهره

ومن ذلك : 1- اجتماع المسلمين على الصلاة كما ترى عمار بيوت الله تعالى في الصلوات الخمس ولا سيما الفجر والعصر وكذا العشاء وارتيادهم لبيوت الله تعالى وتلك لعمري من قرائن الإيمان روى الترمذي في سننه من حديث أبي سعيد الخدري - رَضِيَ الله عنه - أن رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وَآلِه وَسَلَّم- قال (إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان) قال الله تعالى: "إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر". وفي رواية: (يتعاهد المسجد). قال: حديث حسن غريب وقوله -صَلَّى الله عَلَيْه وَآلِه وَسَلَّم- فاشهدوا له بالإيمان: أي اقطعوا له بالإيمان لأن الشهادة قول صدر عن مواطأة القلب على القطع روى الحافظ أبو بكر البزار من حديث أنس - رَضِيَ الله عنه - قال، قال رسول اللّه -صَلَّى الله عَلَيْه وَآلِه وَسَلَّم- "إنما عمار المساجد هم أهل اللّه"، وقد قال القرطبي المفسر رحمه الله تعالى عند تفسير الآية الكريمة " "إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر" " دليل على أن الشهادة لعمار المساجد بالإيمان صحيحة لأن الله سبحانه وتعالى ربطه بها وأخبر عنه بملازمتها. وقد قال بعض السلف: إذا رأيتم الرجل يعمر المسجد فأحسنوا به الظن.. وهذه العمارة لبيوت الله تعالى في رمضان وشهر الصوم مع تكاسل البعض عن المكتوبات في غير هذا الشهر. .2- اجتماع المسلمين على الصوم والإفطار في وقت واحد في مشارق الأرض ومغاربها بداية ونهاية مع اختلاف يسير في مطالع الأهلة الذي لا يؤثر كثيرا في هذه الوحدة . للحديث عن ابن عمر - رَضِيَ الله عنهما - قال: قال رسول اللّه -صَلَّى الله عَلَيْه وَآلِه وَسَلَّم-: "جعل الله الأهلة مواقيت للناس، فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوماً" رواه الحاكم في المستدرك والصائمون في غير هذا الشهر قليل ما هم وليسوا بمجتمعين. .3- السماح والجود بالصدقات مادية ومعنوية في المسند من حديث ابن عباس - رَضِيَ الله عنهما - أن: -رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وَآلِه وَسَلَّم- كان من أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل يلقاه كل ليلة يدارسه القرآن فكان رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وَآلِه وَسَلَّم- حين يلقاه جبريل عليه السلام أجود من الريح المرسلة. ‏وفي رواية أخرى بيان لوجه آخر من أوجه الجود أيضا في المسند من حديث ابن عباس - رَضِيَ الله عنهما - قال:-كان رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وَآلِه وَسَلَّم- يعرض القرآن في كل رمضان على جبريل فيصبح رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وَآلِه وَسَلَّم- من ليلته التي يعرض فيها ما يعرض وهو أجود من الريح المرسلة لا يسأل عن شيء إلا أعطاه حتى كان الشهر الذي هلك بعده عرض فيه عرضتين.‏ نقول في الصوم تسخو النفس وتجود بينما يقع التخلي أو الإخلال بالزكاة فيما سواه. 4- الإقبال على القرآن ليلاً ونهاراً في المسند من حديث عبد الله بن عمرو - رَضِيَ الله عنهما - أن رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وَآلِه وَسَلَّم- قال -الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال فيشفعان.‏ أقول مع الإقبال على القرآن الكريم تلاوة وتدبرا في شهر الصوم ليله ونهاره بينما يقع التغافل عنه في أكثر الأوقات فيما عداه. 5- الميل إلى العلماء وحب الجلوس إليهم ومحاورتهم وسؤالهم في مسائل الشرع بينما الإعراض عنهم غالب الحال في غير وقت الصوم إلاَّ من رحم الله عـزَّ وجلَّ . ولقد كان رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وَآلِه وَسَلَّم- يتخول أصحابه رضي الله عنهم بالموعظة خلال أيام وليالي شهر الصوم . وذلك واضح في أكثر من حديث. 6- الاعتكاف وعمارة المساجد بذلك تجد أصل هذا في آية الاعتكاف قال تعالى :" أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ"[1]. (26) 7- زكاة الفطر . في سنن الترمذي كتاب الزكاة عن رسُولِ الله -صَلَّى الله عَلَيْه وَآلِه وَسَلَّم-. باب ما جاءَ في صَدَقَةِ الفِطر. من حديث عبدِ الله بنِ عُمَر - رَضِيَ الله عنهما - "أنّ رسولَ الله -صَلَّى الله عَلَيْه وَآلِه وَسَلَّم- فَرضَ زكاةَ الفِطْرِ مِنْ رَمضانَ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ أو صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ على كُلّ حُر أو عَبْدٍ ذَكَر أو أُنْثَى مِنَ المُسْلِمينَ". قال أبو عيسى: حديثُ ابنِ عُمَرَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. 8- كثرة الخطا إلى المساجد لعمارتها في رمضان وفضل ذلك في رفع الدرجات وحط الخطايا في المسند من حديث أبي هريرة - رَضِيَ الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال -ألا أدلكم على ما يرفع الله به الدرجات ويمحو به الخطايا : كثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة وإسباغ الوضوء على المكاره.‏ 9- ترك بعض العصاة لمعاصيهم خلال الشهر بينما لا ينفكون عن المعاصي خلال العام . وهكذا ما أكثر ألوان العبادة وأنماط الطاعة وأبواب الخير والبر التي يفتحها الله لعباده خلال الشهر المبارك . ولذا كان في الحديث " إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومَرَدة الجن وغلقت أبواب النيران فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد كل ليلة يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كلّ ليلة.‏ أخرجه ابن حبان من حديث أبي هريرة - رَضِيَ الله عنه - هذا وبالله التوفيق وللحديث صلة بحول الله تعالى وقوته.

671

| 28 مايو 2015

من أعظم دروس الإسراء والمعراج

1- الاهتمام بالمسجد الأقصىفقد وقعت هذه الرحلة من بقعة مباركة "إن أوَّل بيت وُضع للناس للذي ببكة مباركاً"1[1]" إلى بقعة مباركة "إلى المسجد الأقصي الذي باركنا حوله"2[2]، وفي ذلك إشعار بأهمية هذا المكان، فقد كانت القدرة صالحة للعروج به صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام مباشرة إلى سدرة المنتهى، ولكن قدَّر الله تعالى هذه الوقفة في الأقصى للإشعار بالرابطة بين هذين الحرمين وهاتين البقعتين من أرض الله تعالي، وفي شق الوحي الثاني السنة النبوية هذا الربط في الصحيح "لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى"3[3] هذه الرحلة كانت من أول مسجد وضع في الأرض إلى ثاني مسجد وضع في الأرض في الصحيح عَنْ أَبي ذَرَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَوّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ» قُلْتُ: ثُمّ أَيّ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الأَقْصَىَ» قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ عَاماً ...»4[4]. 2- البشارة بانتشار الإسلام من الثابت تاريخياً أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وقت الإسراء به لم يكن الإسلام قد دخل هذه المنطقة من أرض الله عـزَّ وجلَّ، فكان وصوله صلى الله عليه وآله وسلم إليها وعروجه منها بشارة بوصول الإسلام إليها ثُمَّ رؤية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لنهري دجلة والفرات "وإذا أربعةُ أنهارٍ: نهران باطنان ونهرانِ ظاهران. فقلتُ: ما هذانِ يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهرانِ في الجنة، وأما الظاهرانِ فالنيلُ والفُرات". كان ذلك إيذاناً ببلوغ الإسلام هذه المنطقة والبلاد الواقعة على ضفاف هذين النهرين، وقد كان ذلك، بل إلى ما هو أبعد من ذلك. وتلك واحدة من البشارات المبشرات بانتشار الإسلام وعلامة من علامات النبوة، ومنها كذلك ما في الصحيح". وَاللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرُ، حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ، لاَ يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ »5[5]. 3- السيادة على أرض فلسطين للمسلمينمن الثابت تاريخياً أيضاً أن اليهود لم يكن لهم وجود ولا ذكر في هذه المنطقة وقت الإسراء، فما لهم في دعواهم الملكية لهذه الأرض من سند ولا برهان وما كانوا صادقين، والمسلمون أسبق منهم في فتح هذه البلاد، ومن سَبق إلى شيء فهو أحق به هذه واحدة. وأختها لقد جمع الله تعالى الأنبياء في هذه الليلة وصلَّى بهم رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم ركعتين، بمن فيهم من أنبياء بني إسرائيل كموسى وعيسى وغيرهم عليهم السلام، ودلالة ذلك أن الريادة والسيادة والراية في هذه المنطقة يجب أن تكون للمسلمين، فهم أحق بها وأهلها، ودليل ذلك أن المسلمين عندما تُوُفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واجتمعوا في سقيفة بنى ساعدة للتشاور بينهم في اختيار خليفة لهم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقدموا ذلك على الاشتغال بتجهيزه صلى الله عليه وآله وسلم ودفنه والصلاة عليه، وذلك لأهمية هذا الأمر وتأكده، فما سر وقوع اختيارهم على أبي بكر رضي الله عنه ليخلفهم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟! قالوا رضيه رسول الله لديننا أفلا نرضاه لدنيانا"، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمَّا ثقل المرض عليه في أُخريات حياته ما رضي أن يخلفه أحد في إمامة المسلمين في الصلاة إلاَّ أبا بكر، وعليه فالدرس من إمامة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للأنبياء في هذه الليلة سيادة المسلمين على هذه المنطقة والكلمة العليا فيها ينبغي أن تكون لهم. ولا يتصوَّرن أحد أن اتفاق أوسلو أو مدريد سَيُعيد القدس! كلاَّ [إن ما أُخذ بالعقيدة لا يُستردُّ بغير العقيدة]، لقد تجمع اليهود من شتات الأرض من روسيا وإثيوبيا واليمن وبولندا وتشيكوسلوفاكيا سابقاً وغيرها من بلدان العالم في هذه الأرض عقيدة يقولون إنها أرض الميعاد! وهي كذلك أرض الميعاد عند المسلمين، عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قلت: يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس، قال: أرض المــَحْشَرْ والمــَنْشَرْ إيتوه فصلوا فيه فإن صلاةً فيه كألف صلاة في غيره، قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أحمل إليه؟ قال: فتهدي له زيتاً يُسْرَجُ فيه فمن فعل ذلك فهو كمن أتاه. "في هذا الحديث إشارة مُهمَّة إلى أهمية التبرع والإنفاق في سبيل الله تعالى لهذه المناطق المقدسة وأهلها لتمكينهم من المحافظة على هذه الحرمات وتمكينها من أداء رسالتها. قلت: هذه العقيدة التي يجب أن يحملها المسلمون في صدورهم وأرواحُهُم على أكفهم لاسترداد بيت الله الأقصى وردِّه إلى حرمات المسلمين والجهاد في سبيل الله هو السبيل لذلك، هذا هو السبيل الوحيد وإن طال المدى وإن غداً لناظره لقريب. قف دون رأيك في الحياة مجاهدا إن الحياة عقيدة وجهاد

554

| 21 مايو 2015

نحو مجتمع عفيف (2)

استكمالا للعوامل الوقائية لبناء مجتمع العفاف والطهر نقول:1- الغيرة في ريبة من شعب الإيمان: الغيرة: هي الأنفة والحمية وغار على أهله حماهن ومنع أن يدخل عليهن أحد من غير المحارم: في الصحيح: إنّ مِنَ الغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ الله ومِنْها مَا يُبْغِضُ الله ..فَأمَّا الغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّها الله فالغَيْرَة فِي الرِّيبَة وأمَّا الغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُ الله فالغَيْرَةُ فِي غَيْرِ الرّيبَةِ" وفيه أيضا.."[1]«لاَ أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ"[2] وغيرة الله تعالى بغضه أن يأتي العبد الفواحش. 2. حرمة الفواحش ما ظهر منها وما بطن : في التنزيل " ..وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ ...ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"[3] "قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ .."[4] ومن صفات الذين ما عند الله خير لهم وأبقي أنهم " يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ .."[5] ومن سمات الذين يجزيهم الله بالحسني أنهم "..يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ "[6] وفى الصحيح " لَيْسَ المؤمن بالطعان، ولا باللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء"[7]. 3. حرمة تتبع العورات ومشروعية الذود عنها :في الصحيح " أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ جُحْرٍ فِي بَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِدْرًى[8] يُرَجِّلُ[9] بِهِ رَأْسَهُ، فَقَالَ لَهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ، طَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جَعَلَ اللهُ الْإِذْنَ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ» [10] 4. رعاية حرمات البيوت وصيانتها من المتطفلين: في الصحيح: «مَنِ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ، فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ»[11] وفيه أيضًا " أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ حُجْرٍ فِي بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «فَقَامَ إِلَيْهِ بِمِشْقَصٍ[12]، أَوْ بِمَشَاقِصَ، وَجَعَلَ يَخْتِلُهُ[13] لِيَطْعُنَهُ[14]» [15] 5. حرمة البغاء بإكراه أو اختيار : في الصحيح " كَانَ ابْنُ سَلُولَ يَقُولُ لِجَارِيَةٍ لَهُ: اذْهَبِي فَابْغِينَا شَيْئًا، فَأَنْزَلَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا.}[16] "[17] ومن حسنات الحركة الإسلامية الكبرى الأم في أرض الكنانة أنها كانت وراء إلغاء البغاء فى القرن الماضي. 6. حرمة الرهبانية والتبتل: لأن ذلك مصادم للفطرة الإنسانية والإسلام لا يصادم الفطرة ولكن يسايرها وشرع الطرق اليسيرة لإشباعها لتمكين الإنسان من تحقيق خلافته فى الأرض في التنزيل : "يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"[18] وفيه أيضا "وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا " ومع ذلك ".فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا"[19]وفي الصحيح : «رَدَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاَخْتَصَيْنَا» [20] التبتل هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعا إلى عبادة الله وأصله القطع ومنه مريم البتول وفاطمة البتول لانقطاعهما عن نساء زمانهما دينا وفضلا ورغبة في الآخرة ومنه صدقة بتلة أي منقطعة عن تصرف مالكها قال الطبري التبتل هو ترك لذات الدنيا وشهواتها والانقطاع إلى الله تعالى بالتفرغ لعبادته ورد عليه التبتل معناه نهاه عنه ولو أذن في الانقطاع عن النساء وغيرهن من ملاذ الدنيا لاختصينا لدفع شهوة النساء ليمكننا التبتل] وفي الصحيح : الذين سألوا " عَنْ عِبَادَته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي»[21] 7. حرمة العملية - أو إشباع الغريزة -الجنسية خارج العلاقة الزوجية: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ*فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ"[22] وليست العلاقة الجنسية حرية شخصية، وإنما هي مربوطة بالعقيدة ، فالمحافظة عليها من صفات ورثة الفردوس كما فى سورة المؤمنون ، ومن صفات الشخصية المسلمة الحقة المستجمعة لخصال الخير المتأبية على خصال الشر ـ المستأهلة لعون الله ونصره كما في الآية الخامسة والثلاثين من سورة الأحزاب" إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا"[23] وحرمها أوقاتا شرعيا صياما واعتكافا " ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ"[24]".. فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ .."[25] ونظمها ووضع لها آدابا – كالتسمية- وأهدافا ، وأشعر برقابة الله" نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ"[26] 8. حظر الاشتراك بين الجنسين في المضاجع : فى الصحيح «عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمُ الصَّلَاةَ إِذَا بَلَغُوا سَبْعًا، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا إِذَا بَلَغُوا عَشْرًا، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ»[27] " 9. عدم كشف العورة وما قاربها : في الصحيح : «لَا تَكْشِفْ فَخِذَكَ، وَلَا تَنْظُرْ إلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيْتٍ»[28] 10. - عدم تمكين أحد من رؤية عورتك عدا الزوجين لبعضهما : عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: (قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , عَوْرَاتُنَا مَا نَأتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ , قَالَ: " احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ , أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ[29] " , فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟ , قَالَ: " إِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ) (فَافْعَلْ ") (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟) (قَالَ: " فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَى مِنْهُ"[30]

822

| 14 مايو 2015

من أجل مجتمع عفيف (1)

من أجل هذا المجتمع كانت تشريعات وقائية وأخرى علاجية وسأتناولها في جزئين نقول في الأول ما يأتي:1 — الحذر من فتنة النساء: فى الصحيح:: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ»2 — الترهيب من التبرج: فى الصحيح: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا،... وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا»هذا الحديث من معجزات النبوة فقد وقع هذان الصنفان وهما موجودان وفيه ذم هذين الصنفين. 3 — عدم الاختلاط: فى الصحيح: قَالَتِ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ،.."4 — عدم الخلوة بالأجنبية: حتى ولو في المصاعد الكهربائية فى الصحيح «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ» " وَلَا يَخْلَوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا"فهذا فعل داع إلى فتنة عظيمة، قال أبو عبد الله رحمه الله: العصمة عصمتان: عصمة من الله عز وجل على القلب، وعصمة من الله على طريق الأسباب. فإذا خلا بامرأة غير محرم فقد ذهبت الأسباب، وانقطعت العصمة، فإن أدركته عصمة الله على الانفراد برحمة منه وفضل وإلا فقد هلك.فالله سبحانه وتعالى خالق الأسباب والمسببات جميعا5 — حرمة المعاكسات الهاتفية: "إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"6 — حرمة الدخول على المغيبات: فى الصحيح: ((لا تَلِجُوا عَلَى الْمُغِيبَاتِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ أَحَدِكُمْ مَجْرَى الدَّمِ)). قُلْنَا وَمِنْكَ، قَالَ: ((وَمِنِّي، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمُ))—: وَالْمُغِيبَةُ الْمَرْأَةُ الَّتِي يَكُونُ زَوْجُهَا غَائِبًا. 7 — حرمة دخول غير المحارم على النساء: فى الصحيح: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قَالَ: «الحَمْوُ المَوْتُ»8 — حرمة إفشاء الأسرار الزوجية ولاسيما العلاقة الحميمية: فى الصحيح:: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا»..وفى رواية «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْأَمَانَةِ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا»، فى الصحيح: "عَسَى رَجُلٌ يُحَدِّثُ بِمَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ أَوْ عَسَى امْرَأَةٌ تُحَدِّثُ بِمَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا فَلاَ تَفْعَلُوا فَإِنَّ مَثَلَ ذلك مَثَلُ شَيْطَانٍ لَقِيَ شَيْطَانَةً فِي ظَهْرِ الطَّرِيقِ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ"9 — حرمة نشر وإذاعة محاسن المرأة لغير محرم: في الصحيح «لَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، لِتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا» (تباشر) من المباشرة وهي الملامسة في الثوب الواحد فتحس بنعومة بدنها وغير ذلك وقد يكون المراد مطلق الاطلاع على بدنها مما يجوز للمرأة أن تراه ولا يجوز أن يراه للرجل. (فتنعتها) فتصفها. (كأنه ينظر إليها) لدقة الوصف وكثرة الإيضاح10 — حظر الدخول فى أوقات معينة ".. لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ "11 — الوعيد الشديد على محبة إشاعة الفاحشة فى المجتمع المسلم:بالصورة أو الخبر أو الشعر أو النثر "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" 12 — الترهيب من تقارب الأنفاس وتلامس البشرة: فى الصحيح: "لأَنْ يُطعنَ في رأسِ أحدِكُم بِمخْيطٍ مِنْ حديدٍ؛ خيرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرأةً لا تَحِلُّ لَهُ"فى الصحيح: «كُلُّ بَنِي آدَمَ أَصَابَ مِنَ الزِّنَا لَا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنُ زِنَاهَا النَّظَرُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا اللَّمْسُ، وَالنَّفْسُ تَهْوَى، وَتُحَدِّثُ، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ وَيُكَذِّبُهُ الْفَرْجُ» وَفِي قِصَّةِ مَاعِزٍ: "لَعَلَّك قَبَّلْتَ أَوْ لَمَسْتَ؟ 13 — كُفَّ بصرك تُكْفى النار: فى الصحيح "ثلاثَةٌ لا تَرى أعينُهم النارَ: منها: عينٌ كَفَّتْ عن محارِمِ الله" 14 — الحجاب فريضة شرعية وضرورة بشرية:" يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا" في الصحيح: لَمَّا نَزَلَتْ {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} خَرَجْن نِسَاءُ الأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانُ مِنَ الأَكْسِيَةِ "وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ"15 — مجاهدة النفس والهوى: "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ" فى الصحيح "..وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَصْبِرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْ عَطَاءٍ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ» 16 — المتعفف في ظل الله: فى الصحيح: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: منهم: رَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، " 17 — كفالة نبوية بالجنة بكفالة شخصية لأمور ستة: فى الصحيح: " اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنُ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ وَأَوْفُوا إِذَا وَأَوْفُوا إِذَا وَعُدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ " 18 — عون الله حق لمن يريد العفاف: فى الصحيح: "ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: منهم:..وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ.."

832

| 07 مايو 2015

الدعاء بالزواج من المحبوبة

يسأل أحدهم فيقول أحببت فتاة في مثل سني فهل يجوز لي أن أدعو الله -عز وجل- أن يجعلها من نصيبي بحلاله وشرعه؟أقول: الزواج نعمة من نعم الله -تعالى- يمن بها على من يشاء من عباده: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً "[1] :" وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً .."[2] ومسألة الميل القلبي نظرا للاستلطاف أو الاستهواء الذي يُنصب شراكا من البعض ولاسيما من يكونون في مرحلة المراهقة فيصادف هذا الاستلطاف قلبا خاليا فيتمكن عند ضعف قوة التطعيمات ضد هذه العواصف الهوجاء، صور هذا الاستلطاف التي يسميها البعض حبا ليست هي الأساس الذي تُبْنى عليه البيوت فليس كل البيوت تُبْنى على الحب إنما تبنى البيوت على الذمم والضمائر، كما قال الفاروق -رضي الله عنه- عندما دخل عليه رجل يريد مفارقة زوجه قائلا إنه يكرهها ولا يحبها؛ ولكن هذا الميل الأصل في عمومه الفطرة لما ركز الله -تعالى- في غرائز الناس من النزوع والميل القلبي المتبادل بين الجنسين لتحقيق سنة الله في عمارة الكون ولتحقيق وعد الله -تعالى- باستيفاء عِدَّة واكتمال عَدَد أهل الجنة – جعلنا الله تعالى منهم – واستيفاء عِدَّة واكتمال عَدَد أهل النار – أجارنا الله تعالى منها - كما قال أحد السلف في الحكمة من استمرار التناكح والتناسل بين الخلائق فلكل منهما على الله -تعالى- ملؤها قال -تعالى- لإبليس:" لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ"[3] وقال: "وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"[4] وفي الصحيح: لما "تَحَاجَّتِ النَّارُ وَالْجَنَّةُ-بين يدي الله - فَقَال اللهُ لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي، أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: أَنْتِ عَذَابِي، أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمْ مِلْؤُهَا".[5] والمؤمَّل غيب والأقدار غائبة – وغالبة - ولا يعلم الغيب إلا الله: "وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ"[6]:"عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً "[7] :" وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ"[8] وجعل المولى -عز وجل- صفيه من خلقه وخليله يقرر حقيقة ما لديه من علم بهذه الناحية فقال -تعالى-: "وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ "[9] "إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّهِ"[10] وهذا نوح -عليه السلام- يقرر "وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ"[11] وأنكر -تعالى- على من يقتحمون هذه الدائرة المحظورة قائلا: "أطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدا"[12] "أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُون"[13]"أَعِندَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى"[14] "حصر -تعالى- العلم بهذه الدائرة وقصره عليه فقال: "قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ"[15] حتى الجن سواء مع الإنس في خفاء هذا العلم عليهم قال -تعالى-: "فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ"[16] ولهذا كله لا نؤيد الدعاء على النحو الوارد في السؤال فرب محبوب ستر مكروها قال -تعالى-: "وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ"[17]، وللآية: "وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً"[18] وقوله: "وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ"[19] وعَادَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ "هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟"، قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الآخِرَةِ، فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ -: "سُبْحَانَ اللهِ لاَ تُطِيقُهُ، أَوْ لاَ تَسْتَطِيعُهُ أَفَلاَ قُلْتَ: اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ". قَالَ: فَدَعَا اللهَ لَهُ، فَشَفَاهُ[20]‏ ولهذا حبذا شرعا وعقلا وعرفا بناء على ما سبق أن يكون الدعاء "اللهم خر لي واختر لي" دون تشبث ولا انسياق وراء هذه العواطف التي تغطي على العقل وقد قيل حبك الشيء يعمى ويصم كما قيل الحب أعمى، أي يصيب صاحبه بانجرار شديد وراء الهوى بحيث لا يبصر ما يراه ويراه الآخرون من عيوب فيمن يهوى وقد يكون من يهوى - قد ملئت أو ملئ - مثالب ملء السمع والبصر ولكن الهوى يقود إلى الصمم والعمى عن هذه المثالب كلها ولا يعلم أحدنا الخير أين!! وكان الفاروق- رضي الله عنه- يقول (لا أبالي على أي حال أصبحت على ما أحب أم على ما أكره ؟؟ لأني لا أدري في أيهما الخير) والاستخارة – عند سلامة العقيدة وصحة وصدق الإيمان بالله -تعالى- الذي يُسَيِّر الكون كيفما يشاء سبحانه – للحديث "ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن" أقول الاستخارة خير ما يشرع في مثل هذه الأحوال وهي عنوان وأمارة تفويض الأمر إلى الله -تعالى- الذي يعلم ما يصلح عليه حال عباده دون تهور ولا فقدان اتزان نفس ولا رزانة عقل وهذا هو رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- في الصحيح: قَالَ لعَائِشَةَ: "أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، جَاءنِي بِكِ الْمَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتكَ، فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِكِ، فَإِذَا أَنْتِ هِيَ. فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ، يُمْضِهِ"[21] فكان من السنة لمن رأي خيرا في الرؤيا وكذا من توقع خيرا في رأي ارتآه أن يقول "إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ، يُمْضِهِ" هذا وبالله التوفيق .

3657

| 30 أبريل 2015

ثمرة للبر بالوالدين بأصولها

بر الوالدين — ولو كانا كافرين — يستغرق العمر جميعه، وكله فضائل وبركات ومنافع وفوائد دنيوية وأخروية وهاك اثني عشر ثمرة لذلك1 — أحب العمل إلى الله: فى الصحيح: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم:: «الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا»، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ... "[1]"2 — رِضَا الرَّبِّ فى رضاهما: فى الصحيح:" رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الوالد وَسُخْطُ الرَّبِّ فِي سُخْطِ الوَالِدِ"[2]3 — ثناء الله على البار وحسن السّيرة في النّاس: ثناء الله على يحيي " وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا"[3] وعلى عيسي "وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ..وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا[4] وثناء الرسول صلوات الله وسلامه علي أويسفى الصحيح " يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ..لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ"[5]4 — أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: فى الصحيح " أَنَّ رَجُلًا أَتَى أَبَا الدَّرْدَاءِ فقَالَ: إِنَّ أَبِي لَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى تزوَّجتُ وَإِنَّهُ الْآنَ يَأْمُرُنِي بِطَلَاقِهَا. قَالَ: مَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تَعُقَّ وَالِدَكَ وَلَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تُطَلِّقَ امْرَأَتَكَ..سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَحَافِظْ عَلَى ذَلِكَ إِنْ شِئْتَ أَوْ دَعْ) قَالَ: فَأَحْسِبُ عَطَاءً قال: فَطَلَّقَهَا[6]5 — إقالة العثرات وتفريج الكربات وتخفيف الشدائد: فى الصحيح قَالَ صلى الله عليه وسلم ": " انْطَلَقَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَتَّى أَوَوْا المَبِيتَ إِلَى غَارٍ، فَدَخَلُوهُ فَانْحَدَرَتْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ، فَسَدَّتْ عَلَيْهِمُ الغَارَ، فَقَالُوا: إِنَّهُ لاَ يُنْجِيكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ إِلَّا أَنْ تَدْعُوا اللَّهَ بِصَالِحِ أَعْمَالِكُمْ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ كَانَ لِي أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَكُنْتُ لاَ أَغْبِقُ قَبْلَهُمَا أَهْلًا، وَلاَ مَالًا فَنَأَى بِي فِي طَلَبِ شَيْءٍ يَوْمًا، فَلَمْ أُرِحْ عَلَيْهِمَا حَتَّى نَامَا، فَحَلَبْتُ لَهُمَا غَبُوقَهُمَا، فَوَجَدْتُهُمَا نَائِمَيْنِ وَكَرِهْتُ أَنْ أَغْبِقَ قَبْلَهُمَا أَهْلًا أَوْ مَالًا، فَلَبِثْتُ وَالقَدَحُ عَلَى يَدَيَّ، أَنْتَظِرُ اسْتِيقَاظَهُمَا حَتَّى بَرَقَ الفَجْرُ، فَاسْتَيْقَظَا، فَشَرِبَا غَبُوقَهُمَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، وبنفس الدعاء من الرجلين الصالحين الآخرين "انْفَرَجَتِ الصَّخْرَةُ، فَخَرَجُوا يَمْشُونَ "[7]6 — البركة فى العمر فى الصحيح قَالَ صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلاَّ الْبِرُّ.."[8]7 — قبول التوبة وكفّارة الكبائر: فى التنزيل "إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ "[9] وفى الصحيح " وأتَّبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تمحها"[10] وفيه أيضًا: قال رجلٌ: يا رسولَ الله، إنِّي أصبتُ ذنبًا عظيمًا فهل لي من توبةٍ؟ قالَ: ((هل لك من أمٍ))؟ قال: لا، قال: ((فهل لك من خالةٍ؟)) قال: نعم، قال: ((فبرَّها))[11] قال الإمام أحمد: «برّ الوالدين كفّارة الكبائر»[12]8 — استجابة الدعاء: أصحاب الغار الثلاثة فيه أن البار بوالديه قال " اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ، فَفَرِّجْ عَنَّا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، فَانْفَرَجَتْ "[13] وقد بوَّب له البخاري في صحيحه بَابُ إِجَابَةِ دُعَاءِ مَنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ كِتَابُ الأَدَبِ وحديث أويس القرني في الصحيح "يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ..لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ»[14] فكان عمر رضي الله عنه مع علو قدره وارتفاع مكانته وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم يتفقد البعوث الجهاد حتى وجده فعزم عليه أن يستغفر له.9 — قبول الأعمال الصالحة والتجاوز عن الصغائر: بعدما ذكر تعالى دعاء العبد الصالح لوالديه فى الأحقاف "..رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ "[15] قال بعدها "أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ"[16]10 — شكر الله تعالى: قرن الله تعالى شكره بشكرهما " أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ"[17]، وبر الوالدين شكر لهما واعتراف بجميلهما، فى الحقيقة شكر لله، وفى الصحيح قال — صلى الله عليه وسلم — ((من لم يشكر الناس لم يشكر الله))[18].11 — دعاء الوالدين لولدهما: فى الصحيح: كان أَبو هُرَيْرَةَ إِذَا دَخَلَ أَرْضَهُ بـ (العقيق) صَاحَ بِأَعْلَى صوته: السَّلَامُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ يَا أُمَّتَاهُ! تَقُولُ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. يَقُولُ: رَحِمَكِ اللَّهُ كَمَا رَبَّيْتِنِي صَغِيرًا. فَتَقُولُ: يَا بُنَيَّ! وَأَنْتَ. فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا وَرَضِيَ عَنْكَ، كَمَا بَرَرْتَنِي كَبِيرًا"[19]12 — بر أولادك: بر الوالدين شجرة تجني ثمارها في الدنيا قبل الآخرة لنصوص كثيرة فى التنزيل "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ *وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ"[20] في الصحيح قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه: وَاعْلَمْ أَنَّ الْبِرَّ لَا يَبْلَى، وَأَنَّ الْإِثْمَ لَا يُنْسَى."[21]. ومن ثمار برهما بر أولادك بك. ولا يغيب عن بال أحد تلا كتاب الله الخالد، ما كان من بر إبراهيم — عليه السلام — بأبيه لقد بذل الوسع فى النصح برقة متناهية، ولطف في العبارة، وجمال فى القول وإشفاق ومودة بالغين كما فى مريم " يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ"[22] ورغم تهديد أبيه له "..لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا"[23]فما ثار ولا فقد أعصابه بل ظل رفيقا رقيقا شفيقا "سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا"[24] ولذا كافأه الله تعالى ببر ولده الذبيح ولك أن تتخيل كيف كان التجاوب مع الأمر بالذبح ".. يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ"

1732

| 23 أبريل 2015

الأقربون أولى بالمعروف: نماذج

حيث تتعلق أطماعهم بما عندك من المال، بخلاف الأبعدين، فربما لا يعرفون عنك شيئاً، وذلك يغرس بينك وبينهم بذرة المودة والمحبة، وهذا له أثر كبير للتعاون، وأصل ذلك في التنزيل 1 — في حياتك:{قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خير فللوالدين وللأقربين}[1] 2 — {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}[2]3 — فى الصحيح: فى أوجه النفقة الشرعية «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا» يَقُولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وَعَنْ يَمِينِكَ وَعَنْ شِمَالِكَ "[3] 2 — وعند وفاتك،، و{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ}. 3 — وبعد الدفن عند توزيع التركة بتقسيم الله تعالى:{لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ}[4] ومن هذه النصوص من الوحيين: لا مانع شرعاً من دفع زكاة مالك الواجبة وصدقاتك التطوعية لأقربائك وحتى لإخوانك ولأخواتك بشرط الاستحقاق، وعن فضل وجزاء إيثار الأقارب بالمعروف مع الاستحقاق فى الصحيح لك: " أَجْرَانِ: أَجْرُ الْقَرَابَةِ، وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ "[5] وفى الصحيحين — عندما أعتقت مَيْمُونَةَ بِنْتَ الحَارِثِ — رضي الله عنها جاريتها وَلَمْ تَسْتَأْذِنِه — صلى الله عليه وسلم — قَالَ: «أَمَا إِنَّكِ لَوْ أَعْطَيْتِهَا أَخْوَالَكِ كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِكِ»[6]ومن أوجه المعروف بالأقارب النصيحة فى التنزيل: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}[7] وفى الصحيح " «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»[8] والرحم من خاصة العامة، فحقها فى ذلك مقدم، وذلك من المعروف للدلالة على الخير والتحذير من الشر، والتعاون على البر والتقوى، فأحق الناس بدعوتك هم أهلك وأقرباؤك، تدلهم على طريق الجنة، وتأخذ بأيديهم إلى صراط الله المستقيم، فإن من سعادة المؤمن يوم القيامة أنه إذا دخل الجنة جمع الله له قرابته إذا كانوا مسلمين. وقاعدة ذلك أن صلتهم بالإيمان من شعب الإيمان، فى الصحيح —: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه"[9] ومن ذلك كفُّ ألسنة الناس عن أذيتهم وهجائهم، وعدم استسباب أو التسبب فى سب الناس لهم، فى الصحيحين "اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَسُولَ اللهِ — صلى الله عليه وسلم — فِي هِجَاءِ المُشْرِكِينَ، فَقَالَ: "فَكَيْفَ بِنَسَبِي؟ ". ورواية مسلم «كَيْفَ بِقَرَابَتِي مِنْهُ؟»فَقَالَ حَسَّانُ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ العَجِينِ"[10]. أي: لَأُخَلِّصَنَّ نَسَبَكَ مِنْ نَسَبِهِمْ بِحَيْثُ يَخْتَصُّ الْهَجْوُ بِهِمْ دُونَكَ. وسَبَبُ هَذَا الِاسْتِئْذَانِ فى الصحيح قَالَ — صلى الله عليه وسلم — "اهْجُوا الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ فَأرْسل إِلَى بن رَوَاحَةَ فَقَالَ اهْجُهُمْ فَهَجَاهُمْ فَلَمْ يَرْضَ فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ فَقَالَ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ قَالَ لَا تَعْجَلْ " ونموذجين من حياة الفاروق أحدهما: فى الصحيحين: أَصَابَ الفاروق أَرْضًا بِخَيْبَرَ، فَأَتَى النَّبِيَّ — صلى الله عليه وسلم — يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا،قائلا: إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرُ بِهِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا» قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ، أَنَّهُ لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ وَلاَ يُورَثُ، وَتَصَدَّقَ بِهَا فِي الفُقَرَاءِ، وَفِي القُرْبَى وَفِي الرِّقَابِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالضَّيْفِ لاَ جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ سِيرِينَ، فَقَالَ: غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ مَالًا""[11] وهذا هو أصل مشروعية الوقف، والثاني فى الصحيح: رَأَى الفاروق حُلَّةَ سِيَرَاءَ تُبَاعُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ابْتَعْ هَذِهِ وَالبَسْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَإِذَا جَاءَكَ الوُفُودُ. قَالَ: «إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ» فَأُتِيَ — صلى الله عليه وسلم — مِنْهَا بِحُلَلٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ بِحُلَّةٍ، فَقَالَ: كَيْفَ أَلْبَسُهَا وَقَدْ قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ؟ قَالَ: «إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهَا لِتَلْبَسَهَا، وَلَكِنْ تَبِيعُهَا أَوْ تَكْسُوهَا» فَأَرْسَلَ بِهَا عُمَرُ إِلَى أَخٍ لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ "[12]، ونموذج أبو طلحة فى الصحيحين: كَانَ من أَكْثَر الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالًا مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ،: فَلَمَّا أُنْزِلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}[13] قَامَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}[14] وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ» فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ"[15]، إنك بوضعك للمعروف فى أقاربك وإيثارك إياهم على غيرهم مع الاستحقاق؛ إنما تجمع بين الحسنيين، ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة وبالله التوفيق.

4543

| 16 أبريل 2015

صلة الأرحام تُخفِّف الحساب وتدخل الجنة

صلة الرحم ممّا يعدُّ من فضائل هذا الدين الحنيف وخصائصه التي يمتاز بها. فهي علامة كمال الإيمان وحسن الإسلام "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه " ومن أعظم القربات، وأنفع الأعمال التي يكون بها صلاح المجتمع والأسرة، ويضاعف الله لمن يصل القرابة الحسنات — للحديث «لهما أجران أجر القرابة وأجر الصّدقة "، "لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك" والسّعة في الأرزاق والبركة في الأعمار. واكتساب رضى الرّبّ ومحبّة الخلق. وتقوي أواصر العلاقات الاجتماعيّة بين أفراد الأسرة الواحدة والأسر المرتبطة بالمصاهرة والنّسب حتّى تعمّ المجتمع كلّه. واستصحاب معيّة النّصر، والتّأييد من الله القويّ العزيز للواصل للأرحام وإن كانوا كفّارا، أو فجّارا، أو مبتدعة، وتقوّي الصّلة بقرب العلاقة وهي للأقرب أقوى منها للأبعد فليلقِ أبناء اليوم — وكل يوم — بالَهم إلى ذلك، وليجعلوه دائماً نصب أعينهم، إن كانوا يريدون الخيرَ لأنفسهم، وإلا فلا يُبعد الله إلا من ظلم وفي مختار الصحاح: (الرحم القرابة) سميت القرابة رحما لأنها داعية التراحم بين الأقرباء، والمراد محبتهم وموالاتهم والإحسان إليهم، وهي أثر من آثار الرحمة، فالقاطع لها منقطع من رحمة الله، قال ابن الأثير: ذوو الرحم: هم الأقارب، ويقع على كل من يجمع بينك وبينه نسب — قرابة — ويطلق في الفرائض — علم المواريث — على الأقارب من جهة النساء. ويقال: رَحِم ورَحْم ورِحْم، وهي مؤنثة، ومما ورد في صلة الرحم: في التنزيل: {وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها، وفي قراءة: والأرحامِ بالخفض، والمعنى: تساءلون به وبالأرحام، وهو قولهم: نشدتك بالله وبالرحم...، وقال صلى الله عليه وسلم: (الرَّحم شُجْنَةٌ من الله — وفي رواية: من الرحمن — معلقة بالعرش تقول اللهمَّ صِلْ من وصلني واقطع من قطعني)... قال الجوهري: الشُّجنة بالضم والفتح والكسر: عروق الشجر المشتبكة، وبيني وبينه شُجنةُ رَحم: أي قرابة مشتبكة، كاشتباك العروق، شبهه بذلك مجازاً واتساعاً وأصل الشجنة شعبة من غصن من غصون الشجر ثم استعمل اتساعاً في الرحم المشتبكة، وفيه: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} وهي توصية بغير الوالدين من الأقارب بعد التوصية بهما، أي: آتوهم حقهم: صلتهم بالمودة والزيارة وحسن المعاشرة والمؤالفة على السراء والضراء والمعاضدة إن كانوا مياسير، وتعهدهم بالمال إن كانوا عاجزين عن الكسب ويجب مواصلتها، بالتناصح، والعدل والانصاف، والقيام بالحقوق الواجبة، والنفقة على المعسر منهم، والتغافل عن زلاته، فتكون بالمال وبالعون على الحاجة وبدفع الضرر وبطلاقة الوجه وبالدعاء، وإيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر، وهي واجبة في الجملة وقطيعتها كبيرة والآيات والأحاديث تشهد لهذا، وهي درجات بعضها أرفع من بعض. وكان الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم: منهم مَن كان يؤثر أقرباءه بالولايات والعِمالات وإسناد أمور الدولة إليهم، فإنما كان ذلك — بعد كفاية الأقرباء واستحقاقهم — للبر صِرْفاً، أي امتثالاً لأمر الله في وجوب صلة الرحم، ومنهم من كان يؤثر الأجانب ويُقصي الأقارب ويحرمهم أعمالَ الدولة. فإنما كان ذلك للبر أيضاً، إذ كان ذلك إمعاناً في التورع والتأثم وتَركاً لما يريب إلى ما لا يريب... وفي ذلك يقول الخليفة عثمان رضي الله عنه: كان عمر يمنع أقرباءه ابتغاء وجهِ الله، وأنا أعطي قراباتي لوجه الله، ولن يُرى مثلُ عمر. أي لن يبلغ إنسان مبلغه في الحزم والسياسة الرشيدة وضبطِ النفس أن تسترسل مع ما يُشبه الهوى... يعني أن عمرَ أفضلُ مني، رضي الله عن الجميع. وصلة الرحم تُنْسىء في الأجل، وتثري المال، وتجمع الشمل وتكثر العدد، وتعمر الديار، وتعز الجانب.وقطيعة الرحم تورث القلة والذلة، وتفرق الجمع، وتذر الديار بلقعاً وتذهب المال، وتطمع العدو، وتبدي العورة. تذاكر قوم صلة الرّحم وأعرابي جالس، فقَالَ: منسأة فِي العمر، مرضاة للرب، محبّة فِي الأهل، وأصله في الصحيحين، صلَة الرَّحِم تخفف الْحساب.

2867

| 09 أبريل 2015

نماذج خالدة من التضرع لله

الضراعة: دليل سمة التّوحيد الخالص إخلاص الطّلب من الله ودوام الصّلة بين العبد والرّبّ. وضعف العبد وقوّة الرّبّ وسبيل النّجاة في الدّنيا والآخرة ودفع البأس ورفعه وكشف عنهم عذاب الخزي في الحياة الدّنيا. ويثمر النّجاة من الضّرّ والتّخفيف عند القضاء وترك التّضرّع حينئذ أمارة قسوة القلب. واستحواذ الشيطان. ودونك نماذج من حياة الأنبياء والمرسلين والسلف والصالح: 1-في الصحيح كان الخليل يرفع قواعد البيت وإسماعيل يناوله الحجارة، وهما يتضرعان ويقولان في تضرعهما: رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ .."[1] وقد استجاب الله تضرعهما" لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ "[2] 2-والحبيب - صلوات الله وسلامه عليه - يوم بدر بعدما صف الصفوف وأعلن التعبئة ...اسْتَقْبَلَ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، وَعَلَيْهِ رِدَاؤُهُ وَإِزَارُهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَيْنَ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكَ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَلاَ تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ أَبَدًا، قَالَ: فَمَا زَالَ يَسْتَغِيثُ رَبَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، وَيَدْعُوهُ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَرَدَّاهُ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَذَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، وقد حقق له ما وعده: "إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ...)[3] 3- وأصحاب الجنة الذين تمردوا على الشريعة التي كان عليها أبوهم وبيتوا النية على حرمان الفقراء والمساكين حقهم الذي قسمه الله في أموالهم، ودعتهم قدرتهم إلى ظلم الفقراء بمنع الثلث، فذهب الثلث بالثلثين، وكانت قدرة الله إليهم أسرع " إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ * ..فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ *عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا خَيْرًا مِنْهَا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ"[4] فلما تضرعوا وذلوا أبدلهم الله خيرا مما عاقبهم به للقانون " ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "[5]" إنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ "[6] 4-(قال يحيى الغسّانيّ- رحمه الله تعالى-: «أصاب النّاس قحط على عهد داود- عليه السّلام- فاختاروا ثلاثة من علمائهم فخرجوا حتّى يستسقوا بهم، فقال أحدهم: اللهمّ إنّك أنزلت في توراتك أن نعفو عمّن ظلمنا، اللهمّ إنّا ظلمنا أنفسنا فاعف عنّا، وقال الثّاني: اللهمّ إنّك أنزلت في توراتك أن نعتق أرقّاءنا، اللهمّ إنّا أرقّاؤك فأعتقنا، وقال الثّالث: اللهمّ إنّك أنزلت في توراتك أن لا نردّ المساكين إذا وقفوا بأبوابنا، اللهمّ إنّا مساكينك، وقفنا ببابك فلا تردّ دعاءنا، فسقوا»[7] ) * . 5-كان محمد بن نافع الناسك صديقاً لأبي نواس، قال: لما بلغني موته أشفقت عليه : فرأيته في المنام بعد موته فقلت: يا أبا نواس، فقال: لات حين كنية، فقلت: الحسن بن هانئ قال: نعم، قلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قال بأي شيء؟ قال: بتوبة تبتها قبل موتي بأبيات شعر قلتها في علتي قبل موتي وهي تحت الوسادة. عند أهلي فسرت إلى أمه، فلما رأتني أخذت في البكاء فأخبرتها بما رأيت، وبما قال، فسكتت، فقلت: هل قال أخي شعرا قبل موته؟ قالوا: لا نعلم، إلا أنه دعا بدواة وقرطاس وكتب شيئا لا ندري ما هو قال: فدخلت ورفعت وسادته فإذا أنا برقعة مكتوب فيها بخطه : يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً ... فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ ... فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً ... فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا ... وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ 6-قال ابن الأمير الصنعاني: أسِوَاه إن حلت بنا اللأواء ... يُدْعَى لها إنا إذاً جهلاء ندعوه في غسق الدجى أو لم يكن... عن علمه فيما نقول خفاء لكن تَعَبَّدَ بالدعاء عبادَه ... فأحبهم فيما أتى الدّعاء يبكي الموفق حين يدعو ربه ... شوقاً له ومن السرور بكاء وَسعت عطاياك الخلائق كلها ... فالناس فيما في يديك سواء أوجدتهم فضلاً وجُدْتَ عليهمُ ... وأنلتهم ما شئت مما شاءوا وختاما رَبَّنَا رَبَّنَا إليك التجَأْنا ... ما لنا ربَّنا سواك الْتِجَاءُ بافْتقارٍ منّا وذُلٍّ أَتَيْنَا ... ما لنا عِزَّةٌ ولا استغناء

7071

| 02 أبريل 2015

الضراعة: واجب الوقت: نماذج

لغة: مصدر: ضرع يضرع ضراعة مأخوذ من مادة (ض ر ع) الدَّالّة على لين في الشّيء، ومنه ضرع الشّاة، سمّي بذلك لما فيه من لين ، يقال: جاء فلان يتضرّع ويتعرّض بمعنى إذا جاء يطلب إليك حاجة، وفي التنزيل- تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً"[1] تدعونه مظهرين الضّراعة وهي شدّة الفقر والحاجة إليه - عزّ وجلّ- وحقيقته الخشوع [2] قال ابن منظور: ضرع إليه يضرع ضرعا وضراعة: خضع وذلّ وفي التنزيل "فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا"[3] أي: تذلّلوا وخضعوا، وقوله "لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ"[4] في البصائر: معناه يتذلّلون في دعائهم إيّاه والضّارع المتذللّ للغنيّ وفي حديث الاستسقاء «خرج مُتَبَذِّلًا مُتَوَاضِعًا مُتَخَشِّعًا مُتَضَرِّعًا »[5] والدّعاء تضرّع؛ لأنّ فيه تذلّل الرّاغبين. وفى الاصطلاح: قال المناويّ: الضّراعة: أن تدعو الله- عزّ وجلّ- بخضوع وتذلّل. [6] طلب كشف البلاء من القادر عليه[7]. فلم يخرج الفقهاء عن المعنى اللغوي للضراعة. في القرآن الكريم الأمر والتوجيه بالضراعة: في موضعين بالأعراف "ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"[8] "وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ"[9] والأمر في هذين الموضعين للوجوب ولا صارف له إلى الندب. وبه تقرر حكم الضراعة، والأخذ بالبأساء والضراء رجاء التّضرع: في أربعة مواضع من كتاب الله، اثنان في الأنعام + واحد في الأعراف + واحد في المؤمنون. 1* وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "[10] وَالتَّضَرُّعِ: عِبَارَةٌ عَنِ الِانْقِيَادِ وَتَرَكِ التَّمَرُّدِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى أَعْلَمَ نَبِيَّهُ أَنَّهُ قَدْ أَرْسَلَ قَبْلَهُ إِلَى أَقْوَامٍ بَلَغُوا فِي الْقَسْوَةِ إِلَى أَنْ أُخِذُوا بِالشِّدَّةِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَلَمْ يَخْضَعُوا وَلَمْ يَتَضَرَّعُوا، وسبب ذلك قسوة في القلوب وتزيين الشيطان لأعمالهم. 2*"قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ"[11] 3"وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنا أَهْلَها بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ"[12] 4" وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ * .."[13] قال وهب بن منبه: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَعْطِفُهُ عَلَى النَّاسِ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِهِمْ إِلَّا التَّضَرُّعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَرْحَمَهُمْ، وَلَا يَسْتَخْرِجُ أَحَدٌ مِنَ اللهِ شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ بِحِيلَةٍ، وَلَا مَكْرٍ، وَلَا مُخَادَعَةٍ، وَلَا أَوْبَةٍ، وَلَا سَخَطٍ، وَلَا مُشَاوَرَةٍ، وَلَكِنْ يَأْتِي بِالْخَيْرِ مِنَ اللهِ رَحْمَتُهُ، وَمَنْ لَمْ يَتَّبِعِ الْخَيْرَ مِنْ قِبَلِ رَحْمَتِهِ لَا يَجِدْ بَابًا غَيْرَ ذَلِكَ يَدْخُلُ مِنْهُ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يُنَالُ الْخَيْرُ مِنْهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ، وَلَا يَعْطِفُ اللهَ عَلَى النَّاسِ شَيْءٌ إِلَّا تَعَبُدُّهُمْ لَهُ وَتَضُرُّعُهُمْ إِلَيْهِ حَتَّى يَرْحَمَهُمْ، فَإِذَا رَحِمَهُمُ اسْتَخْرَجَتْ رَحْمَتُهُ حَاجَتَهُمْ مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ يُنَالُ الْخَيْرُ مِنَ اللهِ مِنْ وَجْهٍ غَيْرِ ذَلِكَ"[14] الناظر لأحداث الأمة من حوله يجد توالي النكبات، وتتابع النوازل، وتعاقب الشدائد، ولا سبيل لكشف هذه الكربات وإزالة هذه الغمة إلا باللجوء إلى الله تعالى تضرعا وخفية.3-أصحاب الغار الثلاثة في الصحيح " انْطلق ثَلَاثَة نفرٍ مِمَّن كَانَ قبلكُمْ حَتَّى أواهم الْمبيت إِلَى غارٍ فدخلوه، فانحدرت صخرةٌ من الْجَبَل فَسدتْ عَلَيْهِم الْغَار، فَقَالُوا: إِنَّه لَا ينجيكم من هَذِه الصَّخْرَة إِلَّا أَن تدعوا الله بِصَالح أَعمالكُم. – وحصر كل واحد منهم ذهنه فيما أخلص فيه النية من بر الوالدين وتقديمهما على من سواهما، ومن ترك المعصية مع القدرة عليها استحياء من الله، وسد حاجة المرأة لوجه الله، ومن المحافظة على حقوق العمال واستثمارها وعدم أكل عرق الأجير وكان تضرع كل منهم اللَّهُمَّ فَإِن كنت فعلت ذَلِك ابْتِغَاء وَجهك فافرج عَنَّا مَا نَحن فِيهِ، فانفرجت الصَّخْرَة، فَخَرجُوا يَمْشُونَ[18] ".

2450

| 26 مارس 2015

alsharq
سابقة قضائية قطرية في الذكاء الاصطناعي

بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...

2424

| 30 نوفمبر 2025

alsharq
أهلاً بالجميع في دَوْحةِ الجميع

ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...

1128

| 01 ديسمبر 2025

alsharq
عصا موسى التي معك

في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...

690

| 02 ديسمبر 2025

alsharq
الكلمة.. حين تصبح خطوة إلى الجنة أو دركاً إلى النار

في زمنٍ تتزاحم فيه الأصوات، وتُلقى فيه الكلمات...

645

| 28 نوفمبر 2025

alsharq
المجتمع بين التراحم والتعاقد

يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...

564

| 30 نوفمبر 2025

alsharq
التوافد الجماهيري.. والمحافظة على السلوكيات

كل دولة تمتلك من العادات والقواعد الخاصة بها...

495

| 30 نوفمبر 2025

486

| 27 نوفمبر 2025

alsharq
بكم تعلو.. ومنكم تنتظر قطر

استشعار نعمة الأمن والأمان والاستقرار، والإحساس بحرية الحركة...

453

| 27 نوفمبر 2025

alsharq
أيُّ عقل يتسع لكل هذا القهر!؟

للمرة الأولى أقف حائرة أمام مساحتي البيضاء التي...

447

| 26 نوفمبر 2025

alsharq
المتقاعدون بين التسمية والواقع

يقول المثل الشعبي «يِبِي يكحّلها عماها» وهي عبارة...

438

| 30 نوفمبر 2025

alsharq
إعدامات في الظلام وصرخات خافتة!

أكدت اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949، في المادّة...

432

| 28 نوفمبر 2025

alsharq
الغائب في رؤية الشعر..

شاع منذ ربع قرن تقريبا مقولة زمن الرواية....

420

| 27 نوفمبر 2025

أخبار محلية