رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يعاني قطاع غزة من مخطّطات مركّبة مليئة بالقتل والإرهاب والإعاقة والتهجير وسحق كرامة الإنسان ومحاولات هدم للحاضر والمستقبل، بالأسلحة القاتلة المتنوعة والتجويع! وسبق للسلطات «الإسرائيلية» أن سمحت، ولغاية نهاية العام 2024، بمرور عدد قليل من شاحنات المساعدات والبضائع، وبمعدّل 50 شاحنة يوميا، وهي تمثّل 10 بالمائة فقط من الاحتياجات الحقيقية لغزة، وهي تسمح اليوم، وبضغوط دولية، بدخول بضع شاحنات يوميا، وتستهدف غالبيتها بالصواريخ والطائرات المسيّرة خلال مراحل التوزيع! وسياسة غلق المعابر والتجويع بدأتها تل أبيب منذ 2 مارس/ آذار الماضي بشكل محكم تهدف لتحريك الشارع الغزي ضد المقاومة الفلسطينية وخلق ربكة شعبية، وصراعات داخلية، وهذا ما لم يتحقّق! واللافت للنظر، والمحيّر للفكر كيف أن المجتمع الدولي يتابع قصف «إسرائيل» وقتلها وترهيبها للمدنيين العزل وهم يحاولون الحصول على المساعدات الغذائية الشحيحة التي تدخل القطاع بصلابة لا يمتلكها إلا من سُلبت منهم جميع خيارات النجاة! وقد ذكرت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان منتصف الشهر الحالي أن «إسرائيل» قتلت 865 شخصا قرب مراكز مساعدات غزة خلال الأسابيع الـ 6 الماضية، وأن عمليات القتل والهجمات ضد الفلسطينيين تكثّفت في الأسابيع الأخيرة! وهكذا حَوّلت «إسرائيل» مراكز توزيع المساعدات كمائن لصيد الأبرياء، وهنا نلاحظ أن الفلسطينيين، وبسبب شدة المجاعة التي يعانون منها، يضطرون لدخول هذه المناطق المرعبة للحصول على المساعدات لتقديم العون لعوائلهم، وخصوصا للأطفال والنساء! ومع تأكيد منظمة «الأونروا» على ارتفاع معدلات سوء التغذية في القطاع، ذكرت حكومة غزة أن أكثر من 66 طفلا فقدوا حياتهم بسبب مضاعفات سوء التغذية والمجاعة الناتجة عن سياسة التجويع الممنهج! وتتزامن الضربات «الإسرائيلية» الانتقامية مع تحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة في غزة نتيجة لسوء التغذية التي تُهدّد الأطفال وكبار السنّ والمرضى، ومع ذلك فإن غالبية دول العالم تتجاهل هذه المأساة، وكأن غزة من كوكب آخر! وأعلن مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس، يوم 8/7/2025 أن نحو 112 طفلا يدخلون مستشفيات غزة يوميا للعلاج من سوء التغذية منذ بداية العام الجاري، جرّاء الحصار «الإسرائيلي» الخانق! والحصار لم يستثن أحدا، وقد طال أكثر من مائة ألف مسنّ، وهم يمثّلون 5 بالمائة من سكان غزة! وجرائم استهداف المساعدات تُعدّ جريمة جسيمة وفقا للقانون الدولي الإنساني، وقد أكدت اتفاقيات جنيف لعام 1949، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية: على أن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، يمكن أن يُشكِّل جريمة حرب! وتحاول «إسرائيل» فرض واقع جديد بعيد عن القوانين والأنظمة الدولية، حيث ترى نفسها فوق القانون، وهي تتنصّل عن كافة المواثيق والقوانين الدولية، وتنفّذ ما يحقّق أطماعها التوسعية ولو على حساب حقوق وممتلكات الآخرين، وحياة المدنيين والأبرياء! وهذه الجرائم الصهيونية هي محاولات من حكومة بنيامين نتنياهو للتغطية على الفشل الميداني في معارك غزة، ولهذا وجدنا أن زعماء المعارضة «الإسرائيلية» قد اتهموا نتنياهو بـ»بيع جنوده والتضحية بدمائهم في سبيل البقاء السياسي» بعد مقتل ثلاثة جنود الاثنين الماضي بغزة! وهكذا تستمر العمليات «الإسرائيلية» بنحر الساكن والمتحرّك، والصغير والكبير، والسقيم والسليم، والشاب والمسنّ، والنساء والرجال، والأموات والأحياء في غزة، وكأنها سياسة محو واقتلاع وانتقام وتهشيم للمدنيين العزل وذلك بعد أن عجز الجيش «الإسرائيلي» عن مواجهة المقاومة الفلسطينية فأراد أن يظهر «بطولاته» المزيفة على المدنيين العزل! وأخيرا ننقل كلام «عمير بارتوف» أستاذ دراسات الهولوكوست بجامعة براون، في مقاله المنشور منتصف الشهر الحالي في «نيويورك تايمز»: «لقد أصبح استنتاجي الحتمي أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني»! الحقيقة الصادمة لقادة «إسرائيل» أن عمليّاتهم العسكرية، ورغم قساوتها وهمجيّتها، لم تُحقّق غايتها في كسر ارتباط الفلسطينيين بأرضهم وحقوقهم، وهذا هو النصر الفلسطيني الحقيقي، وإن لم يتحقّق الآن على أرض الواقع!
381
| 18 يوليو 2025
لاحظنا خلال الأشهر الماضية، وقبل عودة «إسرائيل» للمفاوضات التي نقضتها سابقا بأن جيشها كثّف من عملياته العسكرية العشوائية ضد المدنيين العزل في غزة سعيا منها لكسر المقاومة في الميدان، ولكنها عجزت عن ذلك، ولهذا اضطرّت للعودة للتفاوض مع الفلسطينيين.وحقيقة لا يوجد في القانون الدولي ما يمنع أي جيش أو مقاومة من تصعيد العمليات العسكرية خلال المفاوضات، ولكنها، وفقا لبعض المنظرين، تعتبر خرقا لنيّة السلام، ومع ذلك فهي شائعة في غالبية الصراعات والحروب والمواجهات. وتَستخدم غالبية الدول أسلوب تكثيف العمليات العسكرية خلال المفاوضات لتقوية موقعها على طاولة المفاوضات، وفرض شروطها عبر القصف المكثّف، والتركيز على تصفية القيادات الميدانية، وتهشيم البنية التحتية للمقابل لدفعه لقبول الواقع وقبول شروط الطرف الضاغط، وهذا ما سعت تل أبيب لتحقيقه خلال الأشهر الماضية وحتى الآن!. ومع الإصرار «الإسرائيلي» على التصعيد العسكري خلال المفاوضات الحالية وجدنا أن المقاومة الفلسطينية لم تقف مكتوفة الأيدي بل قلبت المعادلة، وجعلت الجيش «الإسرائيلي» وقادة الاحتلال في مواقف هزيلة، وإحراجات ساحقة ميدانيا وسياسيا واجتماعيا. ومن أبرز ثمار الإصرار الفلسطيني العمليات والكمائن النوعية للمقاومة، وبالذات الأخيرة منها، كونها أحرجت الكابينة الحكومية «الإسرائيلية»، والقيادة الميدانية للجيش التي فشلت بعد عشرات الوعود في إنهاء المقاومة، وبالمحصّلة إشعال الغضب الشعبي الصهيوني ضد الحكومة والحرب. وسنذكر هنا أبرز الكمائن التي وقع فيها الجيش «الإسرائيلي» منذ نهاية عام 2023 وحتى الآن: - كمين الشجاعية يوم 12 كانون الأول/ ديسمبر 2023، وأسفر عن مقتل نحو 10 جنود وضبّاط من لواء غولاني. - كمين المغازي يوم 22 كانون الثاني/ يناير 2024، وأسفر عن مقتل 21 جندياً وضابطاً. - كمين الزنة في خان يونس يوم 6 نيسان/ أبريل 2024 وقُتل فيه أربعة جنود، بينهم ضابط. - كمين تل السلطان منتصف حزيران/ يونيو 2024 في رفح، وأوقع 8 قتلى. - كمين مركب في خان يونس يوم 24 حزيران/ يونيو 2024، وقتل فيه أربعة جنود وجرح 17 آخرون! - كمين «كسر السيف» ببيت حانون شمالي غزة، حيث استهدفت المقاومة يوم 19 نيسان/ أبريل 2025 جيبا عسكريا للاحتلال وأوقعوا أفرادها ما بين قتيل وجريح. - كمين «الفرقة 98» في الشجاعية، يوم 3/7/2025، والتي وجدت نفسها أمام ثلاث عمليات فدائية أوقعت قتيلا و8 مصابين من وحدة «إيغوز» النخبوية، بينهم 3 في حالة خطرة. - كمين بيت حانون شمالي غزة يوم 7/7/2025 وتسبب بمقتل 6 جنود، وأسر اثنين، واصابة 19 آخرين. والكمائن الأخيرة في الشجاعية وبيت حانون نُفّذَت خلال مفاوضات الدوحة، وكمين بيت حانون أفقد الجيش الصهيوني السيطرة على العمليات الأرضية، خصوصا بعد تأكيد الإعلام «الإسرائيلي» أن «مقاتلي القسام دخلوا بالكمين بلباس جنودنا ولم يَتعرّفوا عليهم». والكمين الأخير نُفّذ بدقة متناهية بحيث إن المقاومة زرعت الألغام عند كافة المداخل، ونفّذت خطّتها على الدبابة الواقعة بالكمين، ثم هاجمت القوة المساندة، ثم أطاحت بقوتي الانقاذ الأولى والثانية، وأخيرا فجّرت الموقع المزروع بعشرات الألغام المضادّة للدبابات، وتلاها عملية فتح النيران على الموقع. وذكرت بعض الوكالات أن عدد الأحداث الخطيرة ضد الجيش «الإسرائيلي» يصعب حصرها بدقّة، ولكنها أكثر من 200 حادث أمني نوعي منذ نهاية 2023 ولغاية منتصف 2025. وهكذا فإن ضربات المقاومة النوعية أربكت المفاوض «الإسرائيلي» وجعلته يتردّد في اتخاذ القرار الصائب خصوصا بعد أن وضعته تلك الضربات أمام معادلة جديدة لا يمكنه معها فرض شروطه على المفاوض الفلسطيني. التناغم الفلسطيني، الميداني في غزة ، سيُجبر «إسرائيل» على النزول من برجها العاجي والقبول بالكثير من شروط المقاومة الفلسطينية رغما عن إرادتها.
588
| 11 يوليو 2025
حَدَّد نظام «روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية» الانتهاكات الخطيرة للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة، ومنها: «تَعَمّد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية والتعليمية والعلمية والخيرية، والآثار التاريخية، والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى شريطة ألا تكون أهدافاً عسكرية»! ومعلوم أن الجيوش، وفقا للأعراف والقوانين الدولية والإنسانية، ينبغي أن تتجنّب استهداف المستشفيات والمراكز الطبية المتعلقة بالمدنيين، ولكن يبدو أن «إسرائيل» فوق القانون، ولا تتعامل بالمنطق القانوني والإنساني الأصيل! وسبق لنائب المتحدث للأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، أن قال يوم 22/3/2025، بشأن هجوم «إسرائيل» ضد مستشفى «الصداقة التركي ـ الفلسطيني» شمالي غزة إن «أي هجوم يستهدف البنية التحتية الطبية هو انتهاك للقانون الدولي الإنساني»! وخلال معركة الـ (12) يوما بين «إسرائيل» وإيران، برزت اتهامات مباشرة من تل أبيب لطهران بالوقوف وراء استهداف مستشفى «سوروكا» بمدينة بئر السبع الجنوبية صباح يوم 19/6/2025، وقد وصفت «إسرائيل» الهجوم، الذي أسفر عن إصابات وأضرار مادّية، بالمتعمّد! أما إيران فقد أكدت، وفقا لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، أن هدف الهجوم الرئيس هو مجمع «حديقة غاف يام نيغيف التكنولوجية»، الواقع على بُعد ميل واحد من مستشفى «سوروكا»، الذي يستخدمه الجيش «الإسرائيلي»! وبالمقابل أعلن وزير الصحة الإيراني «محمد رضا ظفرقندي»، السبت الماضي، أن «إسرائيل» هاجمت 3 مستشفيات، و6 سيارات إسعاف، وأن اثنين من الكوادر الطبية قتلا في الهجمات! وبموازاة ذلك، وحينما نتابع الاستهداف «الإسرائيلي» للمستشفيات والمراكز الصحية في غزة منذ بداية طوفان الأقصى في تشرين الأول/ أكتوبر العام 2023 وحتى الآن، فإننا سنقف مذهولين أمام بعض الإحصائيات التي تُظْهِر حجم الحقد والكراهية الصهيونية ضد الإنسان في غزة! وذكر (مركز معلومات فلسطين)، «مُعطى»، يوم 17 حزيران/ يونيو 2025 أن 39 مشفى خرجت من الخدمة في غزة، وأن الكوادر الطبية فقدت 1581 شهيدا، بالإضافة إلى 360 معتقلا، وقد سُجّل 186 استهداف لسيارات الإسعاف، و720 انتهاكا للمرافق الصحية! وبلغت نسبة نقص الأدوية إلى 47 %، بينما وصلت درجة نقص المستهلكات الطبية إلى 65 %، وسَجَّل المركز عجزا تجاوز معدّل 85 % في مستلزمات جراحة العظام والعيون، فيما وصلت نسبة العجز في مستهلكات جراحة القلب إلى 100 %! وأمام هذه الإحصائيات المخيفة والمخجلة والموثَّقة لاستهداف «إسرائيل» للقطاع الصحي في غزة وصف وزير الخارجية «الإسرائيلي»، جدعون ساعر، الهجوم الإيراني على مستشفى «سوروكا» بأنه «جريمة حرب»! فهل يحقّ للكيان الصهيوني أن يضرب أيّ هدف يُريده، وبحجج جاهزة ومفبركة، ولا يحقّ للآخرين استهداف الأهداف الحيوية والعسكرية في الأراضي المحتلة؟ وهل الإنسان الذي يعيش في غزة يختلف عن الإنسان الذي يعيش في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟ وهكذا تستمر جرائم الاحتلال في استهداف المستشفيات والمراكز الصحية، ولا جدال بأن القوانين الدولية والشرائع الإنسانية تعتبر استهداف المستشفيات المدنية في الحروب من الأعمال غير الأخلاقية وغير القانونية، وطعنة في صميم المبادئ الإنسانية! ما تشهده غزة من انتهاك للقوانين الإنسانية واعتداءات فاحشة ضد الأبرياء المدنيين يُعدّ وصمة عار في جبين الإنسانية، وضربة موجعة للضمير العالمي الصامت، وخصوصا مع استغلال «إسرائيل» لانشغال الإعلام العالمي بحربها مع إيران لتستمر في قتلها المتواصل والوحشي لمئات المدنيين من المنتظرين للمساعدات الإنسانية وغيرهم في غزة، وهذه جريمة مُركّبة تؤكّد الحقد الدفين، والكراهية الأصيلة للإنسان، والقوانين الدولية الإنسانية! يجب ألا يغيب عن البال أن «إسرائيل» كيان ضارب للقوانين الدولية والإنسانية، ولكنها اليوم تطالب بتطبيق القانون الدولي ضد إيران! وعلى هذا الأساس ينبغي على المجتمع الدولي، ومجلس الأمن الدولي، والمحكمة الجنائية الدولية (ICC)، ومجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والعفو الدولية وغيرها أن تَتحرّك لمحاسبة الشخصيات والكيانات التي تتعمّد استهداف المستشفيات البعيدة عن الاستخدامات العسكرية كونها تُعدّ جريمة حرب! وعليه وأمام هذه التناقضات مَن سيُنْصِف أهالي غزة من المظالم «الإسرائيلية» المتنوعة والمستمرة منذ عشرات السنين وحتى الساعة؟
456
| 04 يوليو 2025
الحرب الدائرة بين «إسرائيل» وإيران منذ سبعة أيام لم تكن مفاجئة، فالعداء بين تل أبيب وطهران ليس وليد اللحظة، وتمتدّ التصريحات والتصريحات المضادّة بينهما لعدّة عقود!. وقد لاحظنا، حاليا، الكم الهائل من التحليلات السياسية والعسكرية في القنوات والصحف والمواقع العبرية، وغالبية التحليلات، وإن أشادت بالقدرات العسكرية والاستخباراتية «الإسرائيلية»، إلا أنها متخوّفة من امتداد أمد الحرب!. لا خلاف أن «إسرائيل» في مأزق واضح، وربّما تصوّرت نفسها بأنها ستكون في رحلة خاطفة لضرب أهداف حيوية إيرانية سواء على مستوى الأشخاص، أو المؤسّسات، ثم تنتهي الحكاية. ولكن الردّ الإيراني كما قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان «مفاجئا»، وهذا يعني أنهم توقعوا أن يكون الردّ محدودا وقاصرا على بعض الأهداف، وليس الضرب في العمق الصهيوني وخصوصا تل أبيب، والدوائر العسكرية الحسّاسة. ومع ذلك اعتبرت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية، أن الردّ الإيراني «أقلّ حدّة مما كان متوقعًا، ومن غير الحكمة توقع استسلام طهران بعد أيام، أو أسابيع من القصف الجوي». والضربات «الإسرائيلية» التي قد تتوسّع على إيران، والتي، ربما، ستطول البنية التحتية للغاز والنفط وبقيّة المصادر الأساسية للحياة فإنها قد تدفع إيران لمزيد من التصعيد . وبالمحصّلة تسعى إيران للضغط على «إسرائيل» للكفّ عن المزيد من الهجمات، بتصعيد جديد وهذا الاحتمال وارد جدا، ولكنه حتى الساعة لم يظهر للميادين السياسية والعسكرية. والسؤال الذي يتردّد حاليا، حتى من الكارهين لإيران، هل تل أبيب تورطت في المواجهة مع طهران؟ وهل أن نتنياهو سيُقدّم المزيد من التنازلات لإيران؟، وهل إيران ستعود أقوى لطاولة المفاوضات النووية مع واشنطن، أم أن الكفّة تميل لصالح «إسرائيل»؟ أرى أن تطوّرات الأحداث هي الفيصل لأن الحرب حتى الساعة تتنامى وتتوسع، ولهذا فإن الأبواب مشرعة لجميع السيناريوهات بما فيها سيناريو توقف الحرب والتفاهم بين الأركان الثلاثة، طهران وتل أبيب وواشنطن!. داخليا كشف الخبير الأمني الصهيوني في صحيفة هآرتس العبرية «يوسي ميلمان» عن أن مسؤولا كبيرا (في الموساد) قال له: «تُقاس الحرب بنهايتها، لا بالضربة الأولى، مهما كانت ناجحة، خاصةً عندما يتعلّق الأمر بإعلان حرب شاملة، كما تفعل إسرائيل بالفعل. آمل أن يكون هناك اتّفاق مع الولايات المتحدة على إنهاء هذه الخطوة»!. وهذا التصريح يأتي في وقت توعّد فيه القائد العام للجيش الإيراني اللواء أمير حاتمي بتوجيه ضربات حاسمة ومؤثّرة ضد «إسرائيل». وتمتلك إيران ورقة الصواريخ الفرط صوتية، الدقيقة، التي يصعب التصدي لها من المنظومات الدفاعية الصهيونية، بعد أن كان قادة الصهاينة يتغنّون بالقبّة الحديدية وقدرتها على صَدّ الهجمات لكن يبدو أن قدراتها محدودة مع الصواريخ المتطوّرة. وقد وصفت صحيفة «يديعوت» العبرية الليلة الثانية من الضربات الإيرانية بأنها «أصعب ليلة منذ بداية الحرب، والقصف قاتل». فيما قالت صحيفة «إسرائيل اليوم» عن الدمار بأنه «لم يُرَ مثله في الجبهة الداخلية الإسرائيلية منذ وقت طويل». الهجمات والهجمات المضادّة بين طهران وتل أبيب أسفرت عن عشرات القتلى ومئات الجرحى مع مخاوف من سقوط المزيد من الضحايا ودمار هائل وفقا للعديد من الصحف العبرية. وأخيرا ننقل كلام «بن كسبيت»، المحلل السياسي لصحيفة «معاريف» العبرية: «حسم هذه الحرب سيتحقّق فقط إذا انضمت الولايات المتحدة إلى الهجمات . نأمل ألا تتجه المنطقة لمزيد من التصعيد وأن يتم اللجوء للحلول الدبلوماسية .
717
| 20 يونيو 2025
الحياة بسنواتها المعدودات، وإن طالت، فهي ميدان للكفاح والنضال والتوثيق للمواقف الإنسانية الحميدة والخبيثة، الفردية والجماعية. والإنسان الأصيل، أو العارف لمعنى الإنسانية لا يمكنه أن يعيش بمعزل عن معاناة الناس الآخرين وهمومهم وإن كانوا من ملل وديانات وأصول مختلفة لأنه يحترم إنسانيته، ويعرف أن مفهوم الإنسانية أكبر وأوسع وأعظم من المادّيات المحسوسة، والأفكار المغلقة! ومنذ بدء الخليقة وغالبية المواقف النبيلة والسقيمة، والخيّرة والشريرة، والأصيلة والسقيمة تُدَوّن في كتب التاريخ والسيّر الذاتية، الفردية والجماعية! وقد دَوّنت كتب التاريخ قَتْل قابيل لهابيل، ولاحقا، ومع تكاثف النمو السكاني صارت الجرائم بالآلاف ثم بالملايين، وكأن البشر يسعون لسحق بعضهم البعض على هذا الكوكب المليء بالخوف والموت والإرهاب، والقليل من الأمان والسلام!. ومن أشنع تلك الحوادث غزوات المغول التي قيل بأنها سحقت أكثر من 70 مليون شخص خلال مائة عام، وتلتها الحرب الكونية الثانية التي قُدّر عدد ضحاياها بأكثر من 85 مليون شخص، وكذلك الحروب الكورية، والعالمية الأولى، وحرب فيتنام، ومجاعات الاتّحاد السوفييتي وإيرلندا والصين وغيرها. وهكذا كانت يد الأشرار تنفّذ وتنشر أحقادها على بني جنسها دون أن تجد من يصدها أو يدينها في أقل التقديرات، وهذا تماما ما تفعله «إسرائيل» اليوم مع المدنيين العزل في غزة منذ أكثر من عام وسبعة أشهر! وفي خضمّ هذه المجازر الصهيونية تبرز بين حين وآخر محاولات لكسر طوق الحصار المضروب على غزة، ومنها السفينة «مادلين» التي أبحرت باتّجاه غزة، وهي السفينة رقم 36 ضمن سلسلة سفن تحالف «أسطول الحرية». ولم تتوان «إسرائيل» عن مهاجمة تلك السفن، ومنها «سفينة مرمرة» في عام 2010، وقد أسفر الحادث، حينها، عن استشهاد 10 ناشطين أتراك، واعتقال بقية الطاقم!؟ وحاولت السفينة «مادلين» التي تَقلّ 12 ناشطا من دولة مختلفة، وجميعهم يحملون جنسيات أجنبية، كسر طوق الحصار على غزة، ولكن الكوماندوس «الإسرائيلي» اقتحم «مادلين»، الاثنين الماضي، واقتادتها إلى ميناء أسدود، ولاحقا حاولت «إسرائيل» ترحيل النشطاء الذين كانوا على متنها، ومع ذلك رفض بعضهم التوقيع على أوامر الترحيل، وهم مُصرّون على دخول غزة!. و»مادلين كُلّاب» هي صيّادة سمك غزية، ومن هنا جاءت تسمية السفينة، وذلك دعماً للمرأة الغزية، العاملة والصابرة. ورحلة «مادلين»، وإن لم يكتب لها النجاح التامّ، لكنّها كانت ضرورية لتوجيه أنظار العالم لمأساة غزة التي يقتلها الحصار والنيران العشوائية «الإسرائيلية». لقد أثبتت السفينة «مادلين» أن العالم الحرّ يقف مع غزة، ويصارع مياه البحر المتوسط، وإرهاب المسيّرات، وتهديدات وزارة الدفاع «الإسرائيلية» لكسر طوق الحصار عن غزة. ولم تتوقف محاولات دعم غزة عند سفينة «مادلين». وفي أول محاولة عربية جادة، تسعى «قافلة الصمود»، التي تضمّ عشرات النشطاء من بعض الدول العربية، منذ يومين، وبالتنسيق مع منظّمات إنسانية مصرية للوصول إلى معبر رفح لكسر الحصار والدخول إلى غزة. وتهدف هذه التحرّكات الشعبية والنقابية والبرلمانية لتخليص سكان غزة من جريمة المجاعة، وإنهاء الإبادة الجماعية وإدخال المساعدات الغذائية والطّبّية العاجلة للمواطنين المحاصرين، وتسهيل خروج بعض الجرحى لتلقي العلاج، ونقل بعض الحقيقة المتعلّقة بحجم الجرائم الصهيونية في القطاع للمجتمع الدولي. ومع هذه الضغوط الدولية والإقليمية هل يمكن «لإسرائيل» أن تقف أمام هذه الأمواج العاتية من الرفض الشعبي والدبلوماسي العالمي لسياساتها الهمجية تجاه غزة؟ لا شكّ بأن غزة قَدّمت الكثير من التضحيات، ولكنّها ربحت المعركة سياسيا وإنسانيا وقانونيا، وستكون الكلمة الفصل في نهاية هذه المواجهات لفلسطين وأهلها الأحرار الذين آمنوا بأن الأوطان لا تَتحرّر إلا بالدماء والتضحيات. وأخيرا ننقل هنا كلمة للمفكر الأمريكي «نورمان فينكلستاين»، يوم 7/6/2025، والذي أكّد أن «مَن كانوا يُبرّرون الإبادة في غزّة يبدأون بالانسحاب الآن، ليس لأنهم شعروا بالندم، بل لأنهم يخشون العواقب، وأن الحقائق لم تتغيّر منذ اليوم الأوّل، بل فقط باتت المجزرة تقترب من نهايتها، ولذلك بدأ البعض بالقفز من السفينة محاولين النجاة بأنفسهم»!.
336
| 13 يونيو 2025
منذ أكثر من عام ونصف ونحن نُتابع كيف أن مئات الصحفيين حَمَلوا على عاتقهم شرف الدفاع عن فلسطين وأهلها ومقاومتها دون تحزب، أو تعصب إلا للقضية، والعدالة، والإنسانية، والحقوق المكفولة بموجب القوانين الدولية! ومن المتوقع أن تجد خلالها مرحلة «الدفاع المبارك» بعض الأعداء الذين يحاولون الطعن بك وسبك وشتمك، والتقليل من شأن قلمك ومواقفك، وهذا أمر طبيعي لأنها مواجهة بين الخير والشر، والإنسانية والوحشية، والسلام والحرب، والنور والظلام، والحياة والموت، ومن المؤكد أنها مليئة بالأشواك، والألغام، والقنابل القاتلة والمدمرة، ومَن يسير في ميادين الحرب يتوقع الموت، والجرح والاعاقة، والطعن بكل الجوانب النبيلة. والمرهق أن تَجد مَن يطعنك وهو يتصور نفسه من الداعمين للإنسانية والخير، والبناء والنور والحياة بحجة أن المقاومة يجب ألا تصارع «إسرائيل» وهي التي تسببت بمقتل عشرات آلاف المواطنين الفلسطينيين. والحقيقة فإن الرد على هؤلاء مرهق ومزعج، وربما، عبثي، ولهذا يمكن الرد عليهم برد ذلك الشيخ الغزي الذي ظهر قبل أيام في عدة قنوات فضائية وهو يصرخ: «نحن غير نادمين على طوفان الأقصى». فهل يحق لنا بعد ذلك أن نتكلم؟ ثم لماذا لا يتحدثون بنفس الروحية والحماس عن الوحشية والطغيان والهمجية والقسوة «الإسرائيلية»، أم أن كرهكم لهذا الطرف أو ذاك من المعادلة الفلسطينية أعْماكم وجعلكم لا تُميزون بين الحق والباطل، والصح والخطأ، والهمجية والمدنية؟ ولماذا لا يتكلمون عن موجة الغضب في الداخل «الإسرائيلي» التي تصرخ ليلا ونهارا، وتؤكد أن الجيش الإسرائيلي فشل في هزيمة المقاومة الفلسطينية؟ والواقع فإن إسرائيل سواء أُوقفت الحرب، أم لم توقف، وسواء نجحت في حربها الهمجية على أهل غزة، أم فشلت، وسواء وسواء فإنها ستدفع الثمن باهظا، وسيكون لهذه الحرب آثار قاتلة على مستقبل الكيان الصهيوني. ولا نريد أن نُجري سردا لمظاهر الرفض والمشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الضاربة للداخل الإسرائيلي ولكننا سنكتفي بتصريح يائير غولان زعيم حزب الديمقراطيين الإسرائيلي المعارض، يوم 5/6/2025، وقوله: «يجب إبعاد نتنياهو فورا عن دائرة صنع القرار». فهل هنالك أزمة أوضح من هذه الأزمة التي تُظْهِر تَخبط قادة الاحتلال في الحرب ضد غزة والنقمة على الحكومة، وآخرها الإنذار الإرهابي الذي أصدره الجيش الإسرائيلي يوم 26/5/2025 بالإخلاء الفوري لسكان مناطق بني سهيلا، والقرارة، وعبسان بخان يونس جنوبي غزة. فهل هذه التحركات الإسرائيلية دليل على القوة، أم الربكة العسكرية؟ جميع المعطيات الداخلية والخارجية تؤكد أن إسرائيل في ورطة كبيرة، وأنها آيلة إلى الهزيمة ولو بعد حين. استهداف إسرائيل للمدنيين هو بداية انهيارها، ومنها الصور الاجرامية التي نُقِلت على الهواء مباشرة حيث كادت النيران أن تلتهم الطفلة «وردة الشيخ خليل» بعد أن التهمت أسرتها في خيمتهم بقطاع غزة. وقد تابع العالم «المتحضر» المشهد المروع لوردة وهي تحاول النجاة بجسدها الغض من النيران التي تُحيط بها من كل جانب، بعد استشهاد عائلتها. فكم «وردة» أحرقتها إسرائيل في غزة؟ منظمة الطفولة العالمية «اليونيسيف» أكدت منتصف نيسان/ أبريل 2025 أن 16 ألف طفل قتلوا في غزة منذ بداية الحرب، أي بمعدل 27 طفلا يوميا، وأن الحرب خلفت 39 ألف طفل يتيم بين ركام القطاع. فأين القوانين الإنسانية، وأخلاقيات الحروب؟ حقيقة لا أدري كيف أُعلق على ركام غزة لأنه ليس حجارة وحديدا بل هو حجارة مزجت برماد أجساد الشهداء، وأشلائهم ودمائهم، فهل هنالك جرائم في الكون أبشع من هذه المناظر المخيفة! وأخيرا ننقل كلمة «ديفيد هيرست»، رئيس تحرير موقع «ميدل ايست آي: «هناك عاملان أساسيان سيُسرعان بإنهاء المذبحة الجارية، على غرار ما حدث في حرب فيتنام: تصميم الفلسطينيين على الصمود في أرضهم، والغضب العالمي المتصاعد ضد إسرائيل. إسرائيل قد تنتصر في المعارك العسكرية، لكنها، مثل الولايات المتحدة في فيتنام، ستخسر الحرب سياسياً وأخلاقياً في النهاية». وهذا ما سيتحقق ولو بعد حين.
510
| 06 يونيو 2025
أصعب المواقف تلك التي يقف فيها القلم وحامله في حالة ذهول وحيرة في كيفيّة التعاطي مع بعض الأحداث الجسام، والمصائب العظام، والكوارث المهلكات! وأعْقَد المواقف تلك المرتبطة بالإنسان، وأشدّها صعوبة تلك المتعلّقة بالمرأة ذلك الكائن الرقيق اللطيف المليء بالعاطفة والنقاء. والكتابة عن تضحيات النساء وصبرهنّ مهمّة شاقّة ومرهقة لأنك تحاول الجمع بين الضعف والقوّة، والرقة والجلادة، والعاطفة والحزم، والابتسامة والدموع، وهذه تناقضات لا تُجْمَع بالهيّن. وأرى من اليسير الكتابة عن سعادة النساء وابتسامتهنّ ورقتهنّ ودورهنّ الناصع في بناء الإنسان والأسرة والمجتمع، ولكن من العسير الكتابة عن ألم النساء ودموعهن وصرخاتهن وغيرها من مظاهر الأسى والألم. وفي عالمنا اليوم أغلب ما يُذكر من أخبار وتقارير عن النساء يرتبط بثيابهنّ وعطورهنّ وآخر صرخات المودة في عوالم الأزياء!. ولكن، ووسط هذا العالم المنشغل بأزياء المرأة وأدوات تجميلها، نجد أنّ المرأة الغزّية تُنْحر بلا رحمة، وبلا تمييز، ومع ذلك تستمرّ وتصبر وتضحّي وتسطّر أروع قصص الثبات والصمود!. وقد أصدرت هيئة الأمم المتّحدة للمرأة يوم 20 أيّار/ مايو 2025 بيانا أعلنت فيه تقديراتها لعدد النساء والفتيات اللواتي قتلنّ في غزّة منذ السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر 2023، واللواتي تجاوز عددهنّ 28 ألفا، بمعدل امرأة/ فتاة واحدة كلّ ساعة نتيجة الهجمات «الإسرائيلية»!. وقالت الهيئة إنّ بين القتلى «آلاف الأمهات اللواتي تركنّ وراءهنّ أطفالا وعائلات ومجتمعات مدمّرة»، وكشفت عن أن أكثر من «مليون امرأة وفتاة يواجهنّ مستويات كارثية من الجوع، ومخاطر النزوح، وارتفاع معدلات وفيات الأمهات»!. التضحيات الضخمة للنساء الفلسطينيات تدفعنا للوقوف بصمت وخجل نتيجة الكم الهائل من الثبات والصبر، ومنها الموقف النادر للدكتورة الغزّية «آلاء النجار». هذه المرأة الإنسانة الطبيبة تستمرّ منذ أكثر من عام ونصف في تقديم الخدمات الطبية والعلاجية لبنات جنسها، ورفضت الهروب من غزّة والعمل بشهادتها وخبرتها في أرقى مستشفيات المنطقة وآثرت خدمة أهلها وقضيتها. والمعيب بحقّ قادة الكيان الصهيوني وجيشه تلك المجازر المستمرّة ضدّ الفلسطينيين المدنيين منذ نهاية عام 2023 والتي تزداد، مع الساعات، وحشية وهمجية، ورغم بشاعة كافة جرائم الاحتلال في عموم فلسطين فإن جريمتهم الضخمة بحق عائلة آلاء النجار في غزّة كانت الأشنع والأبشع!. وقد قتلت قوّات الاحتلال تسعة أطفال للدكتور حمدي النجار وزوجته الطبيبة آلاء النجار (أكبرهم 12 عاما) بمدينة خان يونس جنوبي غزّة، وبقي واحد (آدم - 10 أعوام ) مع والده في العناية المركّزة. وفقدت آلاء تسعة أبناء وبنات وهم: يحيى، وركان، ورسلان، وجبران، وإيف، وريفان، وسيدين، ولقمان، وسيدرا، والكبار منهم حافظون لكتاب الله. ومع ذلك صبرت الأم «آلاء»، ولم تشق الثوب، ولم تلطم الخدود، ولم تشتك من قدرها بل صبرت وحوقلت وكتمت. وهنا يتمايز الإيمان واليقين عن تجّار الوطن والقضية. آلاء النجار تذكرنا بعدّة نساء سطر التاريخ أسماءهنّ لأنهن مثال للصبر والصمود، ومن بينهنّ تُماضر بنت عمرو بن الحارثِ السلمية، الشهيرة بالخَنْسَاء، واشتهرت برثائها لأربعة من أبنائها لأنّهم استشهدوا بمعركة القادسية (15 هـ). وكذلك صفية بنت عبد المطلب، والمرأة الدينارية، ونسيبة بنت كعب، وغيرهنّ من النساء الصابرات النادرات. وحينما نقارن آلاء النجار بأكثر امرأة فقدت من الأبناء في العصور القديمة والحديثة، العربية والإسلامية والأجنبية، نجدها لوحدها شامخة في ميادين الصبر لأنها فقدت تسعة من أبنائها في لحظة واحدة!. والأهم أنها لم تشتك ولم تقل إلا كلمة واحدة بعد الكارثة، إلا وهي: «هم أحياء عند ربهم يرزقون». هذه المرأة المتميّزة، والفريدة، والاستثنائية، والعجيبة، والمتفرّدة، والفذّة سيُنْقَش اسمها في كتب التاريخ الإنساني عبر العصور لأنها بحقّ امرأة لا تتكرّر. يا أختاه، يا آلاء النجار: نحن متعاطفون معك غاية التعاطف، وأصابنا مصابك في جواهر أرواحنا، وصميم قلوبنا، إلا أن عزاءنا هو صبرك الفريد وإيمانك النقي وصلابتك النادرة. أعانك الله على مصابك ومصابنا.
1062
| 30 مايو 2025
أحداث عالمية مُتسارعة وقعت خلال الأيام القليلة الماضية تُؤكّد أن غزّة انتصرت، وأنها جَنَت بعض ثمار صبرها النادر في مواجهة الوحشية «الإسرائيلية»!. الحدث الأبرز تمثّل بما قالته القناة 12 العبرية، الأحد الماضي، حيث صادق مجلس الوزراء «الإسرائيلي» على إدخال المساعدات الإنسانية لغزّة بشكل فوري، وعبر المؤسسات الدولية!. ويأتي هذا القرار «المفاجئ» بعد ساعات من إطلاق «إسرائيل» لعملية (عربات جدعون) والهادفة لتحقيق حَسْم عسكري وسياسي في غزّة، ولإرغام المقاومة الفلسطينية على الاستسلام وتفكيك بنيتها التحتية والقبول بتبادل الأسرى!. ورغم أن قادة «إسرائيل» يقولون إن المساعدات مؤقتة ولأسبوع واحد فقط لكن المعطيات السياسية تؤكّد أن الأمر جاء بعد الهزيمة الدبلوماسية «لإسرائيل» في المنطقة والعالم، وخصوصا في القارة الأوروبية والبيت الأبيض. لقد أثبتت المراحل الماضية أن «إسرائيل» حاولت، مرارا، حَسْم المعركة بقوة السلاح والنيران الكثيفة، والضربات العشوائية، والأسلحة غير التقليدية إلا أن صلابة الفلسطينيين أفشلت مشاريعها الاقتلاعية والتهجيرية والإقصائية والانتقامية. ولقد وصل الحقد «الإسرائيلي» والاستخفاف بالقوانين الدولية والإنسانية لمراحل نادرة، وذكر عضو الكنيست «تسفي سوكوت» على القناة 12 العبرية، الأحد الماضي:»الليلة الماضية قُتل نحو 100 فلسطيني في غزّة، ومع ذلك، لم يَطْرَح أحد في النقاش سؤالاً واحداً عن غزّة! هل تعرف لماذا؟ لأن الأمر لم يَعُد يُثير اهتمام أحد! الجميع اعتاد على حقيقة أننا نستطيع قتل 100 فلسطيني في ليلة واحدة، ولا أحد في العالم يكترث»!. هذا الاستخفاف بالإنسان الفلسطيني والقوانين الدولية يؤكّد الروح الانتقامية والسوداوية داخل المؤسسات المدنية والعسكرية «الإسرائيلية»، ويُثْبِت حيرة قادة الاحتلال وضياعهم في كيفية التعامل مع صبر أهالي غزّة وجلادتهم وتحديهم وتضحياتهم التي لم نسمع بمثلها إلا في العهود النادرة والسامية. ونحاول إثبات الهزيمة الدبلوماسية «الإسرائيلية»، والحقيقة هنالك عشرات الأدلة على تلك الهزيمة، وأبرزها: - تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، نهاية الأسبوع الماضي، بأن بنيامين نتنياهو أمام وضع صعب، ويُواجه مشاكل، والناس في غزّة يموتون جوعا، ولقد بدأت العمل على هذه المسألة. إنها مشكلة عميقة، لكننا سنحلها». - دعوة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، منتصف الشهر الحالي، إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في غزّة، وإدخال المساعدات الإنسانية، واصفاً الوضع بأنه «كارثي». - مطالبة سبع دول أوروبية «إسرائيل»، يوم 16 أيار/ مايو الجاري، برفع الحصار وإنهاء «الإبادة» بغزّة، وحذروا من «موت الغزيين جوعا». وأكد قادة إسبانيا والنرويج وآيسلندا وأيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا وسلوفينيا «لن نصمت أمام الكارثة الإنسانية التي تجري أمام أعيننا في غزّة». - المظاهرات العالمية الرافضة للجرائم «الإسرائيلية» في غزّة، الجمعة الماضية، في عدة مدن أوروبية ومنها لندن، وبرلين، وأوسلو، و(18) مدينة هولندية، والعاصمة الأندونيسية جاكرتا، وتونس وغيرها. - مطالبة الدول العربية في ختام قمة بغداد العربية، السبت الماضي، بإنهاء الحصار الظالم على القطاع. - تظاهر عدد من أعضاء البرلمان الأوروبي ونواب إيطاليين، الأحد الماضي، أمام معبر رفح الحدودي، للمطالبة بوقف «حرب غزّة وإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع». - إعلان قادة بريطانيا وفرنسا وكندا، الاثنين الماضي، بأنهم «سيتخذون إجراءات» إذا لم توقف «إسرائيل» حربها في غزّة، وأنهم قرروا «الاعتراف معا بدولة فلسطين». - توافق غالبية دول الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء الماضي، على مراجعة اتفاقية الشراكة مع «إسرائيل»، ومطالبة وزراء خارجية (22) دولة، «إسرائيل» بدخول المساعدات «بشكل فوري» لغزّة. - وداخليا، تستمر المظاهرات المعارضة لحكومة نتنياهو من أهالي الأسرى الصهاينة. - تأكيد رئيس الوزراء «الإسرائيلي» السابق إيهود باراك، السبت الماضي، أن «إسقاط حكومة نتنياهو بالعصيان المدني ضروري»! هذه الأدلة وغيرها الكثير تؤكد عزلة نتنياهو وحكومته، والمعارضة الدولية لسياساتها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني الصامد. وليلة أمس أُرغمت «إسرائيل» على إدخال المساعدات لغزّة الصابرة. فهل هنالك هزيمة دبلوماسية «لإسرائيل» أكبر من هذه الهزيمة التي لم ترَ مثلها منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى اليوم؟
828
| 23 مايو 2025
التفاوض بين الدول لا يختلف عن التفاوض بين الأفراد، وبهذا كلّما كان الشخص (الفرد) حكيما وعادلا وصافيا كانت المفاوضات معه سلسة وهيّنة، وكلّما كان مشاغبا وظالما وملوّثا كانت المفاوضات معه معقّدة وصعبة! وهكذا الحال مع الدول والكيانات (الشخص المعنوي) كلّما كان زعماؤها يمتازون بالحكمة والحنكة والنقاء والعدالة، كانت المفاوضات معهم سليمة وسريعة وصافية ومريحة وبخلاف ذلك ستكون المفاوضات مربكة وبطيئة ومشوّشة ومرهقة! وهنالك بعض الدول تُناصر القضيّة الفلسطينية بالسبل الحكيمة والقانونية والإنسانية، ومنها دولة قطر التي عُرِفت بمواقفها المساندة لفلسطين وأهلها في أوقات السلم والحرب! وبعد «طوفان الأقصى» سَعَت الدبلوماسية القطرية جاهدة لترطيب وتهيئة أجواء التفاوض بين المقاومة الفلسطينية و»إسرائيل». وبعد مراحل من التواصل والتنسيق تمكّنت من وقف لإطلاق النار إلا أن الجانب «الإسرائيلي» ضرب الهدنة، ومع ذلك لم تيأس الدبلوماسية القطرية وبقيت، حتى اللحظة، تُناور وتُحاور للوصول إلى اتّفاق جديد، وإيقاف شلال الدم والخراب في غزّة! ورغم الجهود الدبلوماسية القطرية النبيلة لكنّها لم تَسْلَم من الحملات «الإسرائيلية» المضادّة لدورها الإنساني والعروبي في مساندة غزّة! وقد استُهْدِفت الدبلوماسية القطرية لعدّة مرّات من الطرف «الإسرائيلي» ولكنّها لم تلتفت لتلك الهجمات ومَضت قُدما في سعيها لوقف نزيف الدم وإزهاق الأرواح البريئة في غزّة. والغريب أن «إسرائيل» تتفاوض مع الفلسطينيين، حتى الساعة، عبر الوسيط القطري والمصري وفي ذات الوقت تهاجم الدبلوماسية القطرية. وقد بلغت الجرأة «الإسرائيلية» لمستويات عجيبة وغريبة ولدرجة أن وزير الشتات «الإسرائيلي» عميحاي شيكلي انتقد، يوم 10 أيّار/ مايو 2025، خلال بودكاست «Melting Pot» بشدّة «أيّ تعاون مع قطر، بما في ذلك الرحلات التي يقوم بها مسؤولون إسرائيليون كبار، مثل رئيس الموساد، إلى الدوحة». وزعم أن مثل هذه «الرحلات تُضْعِف موقف إسرائيل»، وذلك وفقا لصحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية. وأكّد شيكلي، الذي سبق وأن اتّهم قطر يوم 23 نيسان/ أبريل 2025 بتمويل احتجاجات الجامعات الأمريكية، بأن شبكة الجزيرة هي «كيان إعلامي معاد للسامية بشكل كامل»! ولا شكّ بأن وزير الشتات ليس شخصا عاديّا بل هو شخصيّة مسؤولة وجزء من حكومة بنيامين نتنياهو، ولهذا فهو يمثّل الموقف الرسمي «الإسرائيلي» بهذا الخطاب الهادف لقلب الحقائق، والمليء بالكراهية والحقد تجاه دولة قطر الساعية لنشر السلام، وإنهاء حرب غزّة بكافّة الطرق الدبلوماسية! وسبق لوزارة الخارجية القطرية أن ردّت في الثالث من أيّار/ مايو الحالي على تصريحات لبنيامين نتنياهو وأكّدت « إيمانها الراسخ بأنّ السلام الحقيقي لا يتحقّق إلا من خلال تسوية عادلة وشاملة، تستند إلى قرارات الشرعيّة الدوليّة، وتُنهي الاحتلال، وتكفل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلّة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية». وهذه المرّة تجاهلت الخارجية القطرية تصريحات «شيكلي»، ولم أجد على موقعها الرسمي أيّ بيان رسمي بهذا الخصوص. إن محاولات تشويه جهود الدبلوماسية القطرية لن يكتب لها النجاح، والدور القطري الهادف لوقف الحرب، وفتح المعابر، وحماية المدنيّين معلوم للقاضي والداني، وما هذه الحملات الصهيونية إلا دليل قاطع على نجاح تلك المبادرات الدبلوماسية القطرية في رفد وضمان حياة الناس في الأراضي المحتلّة ممّا أثار حفيظة زعماء الاحتلال «الإسرائيلي»! واليوم تستمرّ قطر في العمل الدبلوماسي الشاقّ وبدعم واضح وكبير من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أشاد بدورها في نشر السلام. وقال الرئيس ترامب، الأربعاء الماضي من الدوحة، لسمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني: «عملنا معا على أعلى المستويات لإحلال السلام في هذه المنطقة وعبر العالم»! الثقل الدبلوماسي القطري بَرَز في العديد من الملفّات الحسّاسة في المنطقة، والعالم وهذه علامة مضية تستحقّ التقدير والاحترام! لا يُمكن تصوّر التخلّي القطري عن غزّة، وستبقى أحوال أهلها من أولويّات الدبلوماسية القطرية، والانفاق القطري السخي لأهل غزّة جزء من الوفاء لانتمائهم العربي والإسلامي والإنساني الأصيل.
492
| 16 مايو 2025
«الشاباك» هو «جهاز الأمن العامّ الإسرائيلي»، وبموجب القوانين «الإسرائيلية» يتكفّل «الشاباك» بعدّة مهامّ، ومنها حمايته للكيان الصهيوني ومؤسّساته من «تهديدات الإرهاب، والتجسّس، والتخريب السياسي، وتسريب أسرار الدولة». ومهام «الشاباك» قد تكون خارجية، ومنها التجسّس على الدول والوكالات الاستخباراتية الأجنبية والأفراد وتجنيد العملاء من مختلف دول العالم، ورصد العمليّات الهادفة لضرب العمق «الإسرائيلي»، وكذلك تفعيل أمن تكنولوجيا المعلومات «الأمن السيبراني»! وقد تكون مهامّ «الشاباك» داخلية ضمن الأراضي المحتلة حيث يتكفّل بمهامّ حماية الشخصيات المهمّة والسفارات الأجنبية، والمطارات وغيرها من مفاصل الأمن الضرورية لحماية الكيان الصهيوني! والذي يعنينا هنا أن متابعة كافة الأوضاع والتطورات السياسية والأمنية والمجتمعية داخل قطاع غزّة تقع على عاتق «الشاباك»، ومن هنا وجدنا الحرج الكبير الذي وقع فيه قادة وضبّاط «الشاباك» بعد الهجوم الكبير الذي شنّته المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023! وللتغطية على الفشل الواضح في عمله والخروقات المتنوّعة لبرامجه حاول جهاز «الشاباك» خلال الأسبوع الحالي ترتيب خطّة صهيونية جديدة تتمثّل بمحاولات زرع الفوضى في غزّة. وقد شهدت غزّة، وتحت وطأة الجوع القاتل والحصار القاسي المفروض من الاحتلال الصهيوني والغلاء الفاحش في أسعار الموادّ الغذائية، بعض عمليّات السطو خلال الأيّام الماضية في عدّة مناطق داخل القطاع. وذكرت منصّة أمن المقاومة الفلسطينية (الحارس) على التلغرام (t.me/alhares) بأن رجال الأمن في غزّة اعتقلوا عددا من المتورّطين في جرائم سطو، وقد أظهرت التحقيقات أن بعضهم موجّه من «الشاباك»! وسبق لرجال المقاومة أن ضبطوا مُتَخَابِرِين اعترفوا بأنهم سرقوا شاحنات مساعدات وبضائع بتوجيه من «الشاباك»، وبمرافقة طائرات «كواد كابتر»، كما اعترف متخابر آخر بأن «الشاباك» طلب منه سرقة معدّات وأجهزة تقنية من مقرّ في غزّة قبل أن تقوم طائرة حربية بقصفه. وأكّد «حذيفة»، الضابط في أمن المقاومة، تهديد «الشاباك» لمخاتير عائلات فلسطينية، لأنها ترفض المشاركة في جرائم السطو على المخازن والشاحنات الداخلة لغزّة. وهذه الخطّة الشرّيرة من «الشاباك» جُوبِهت بمقاومة مجتمعية كبيرة، وقد أبدت العديد من الشخصيّات الفاعلة داخل القطاع رفضها القاطع لهذه الجرائم، وأكّدت وقوفها مع محاولات فرض النظام، وتأديب عصابات السطو وافشال مخطّطات العدوّ الهادفة لزرع الفوضى داخل القطاع بعد فشله في هزيمة المقاومة الفلسطينية على أرض الميدان! ويبدو أن الغاية الأدقّ من وراء هذه العمليّات، المغلّفة بغطاء السرقة بدافع سدّ الجوع، هو تتبع أماكن تواجد رجال أمن المقاومة ليتسنى للعدوّ استهدافهم بطائراته المسيّرة وصواريخه العبثية وقالت وزارة الصحّة في غزّة أن ما لا يقلّ عن 65 ألف طفل ظهرت عليهم أعراض سوء التغذية، وأن 57 شخصا على الأقلّ، غالبيتهم من الأطفال، توفّوا بسبب سوء التغذية منذ اغلاق «إسرائيل» للمعابر بداية مارس 2025! والفشل الجديد لخطّة «الشاباك» بخصوص محاولات زرع الفوضى في غزّة تُضاف لسلسلة عمليّاته الفاشلة، ومنها فشله في التحذير من هجمات السابع من أكتوبر 2023، وقد نشر «الشاباك» مساء 4/3/2025 نتائج التحقيق الخاصّ به بطوفان الأقصى.وخلص التحقيق إلى إعلان «فشل الجهاز، في نهاية المطاف، رغم تحقيقاته الداخلية التي أظهرت قوّة حماس». وأكّد «الشاباك» أن الصعوبات التي واجهها على أرض غزة، أدّت إلى «فجوات في تجنيد وتشغيل عملاء كان يمكن أن يشهدوا تحرّكات استثنائية»! وكان «رونين بار» مدير «الشاباك» قد اعترف بتقصير جهازه بخصوص طوفان الأقصى قائلاً: «للأسف لم نتمكّن من توفير تحذير كافٍ كان من شأنه أن يسمح بإحباط هجوم حماس»! إن الصدمة الكبرى «لإسرائيل» من ملحمة الطوفان أثبتت فشل منظومة الدفاع الصهيونية، وَسَقم أجهزة المخابرات والاستخبارات التابعة للكيان الصهيوني، وإلا لو كانت هذه الأجهزة على درجة جيدة من التنظيم والترتيب لتنبهت لهذا الهجوم قبل تنفيذه على الرغم من أن غزّة تحت عيون الكيان منذ عام الانسحاب «الإسرائيلي» منها 2005 حتّى الساعة!
687
| 09 مايو 2025
يُعرّف الخبراء «الكارثة الطبيعية» بأنها ظاهرة طبيعية ذات مخلّفات وعواقب دراماتيكية وخيمة، وقد يكون ضحايا من عموم الكائنات الحيّة فضلا عن الأضرار المادّيّة وغيرها من المخلّفات. وتتنوّع الكوارث الطبيعية إلى أنواع مختلفة، وفي مقدّمتها الزلازل، والثورات البركانية، والفيضانات، والجفاف، والأعاصير، وموجات الحرّ والبرد، وحرائق الغابات، والأمطار الغزيرة، والعواصف الرملية، والانهيارات الثلجية وغيرها من الكوارث التي تُرعب الإنسان، وتلقي بظلالها وآثارها على الطبيعة والكائنات الحيّة! وجميع هذه الكوارث الطبيعية مخيفة ومُرْعبة للإنسان والحيوان، ولكنّ الزلازل تختلف عن غيرها من حيث الرعب والخوف الذي تنشره في المكان الذي تنزل فيه! ويذكر العلماء أن الزلزال هو اهتزاز مفاجئ وسريع للأرض بسبب تحرّك طبقة الصخور تحت سطح الأرض، أو بسبب نشاط بركاني. وتقع الزلازل في لحظات غير محدّدة من النهار، أو الليل، وحتّى الساعة، ورغم التطوّر العلمي الهائل، لم يتمكّن العلماء من تحديد وقت حدوث الزلازل، وهي تقع فجأة من دون سابق إنذار، وفي جميع أوقات السنة. ويمكن أن تتسبب الزلازل بوفيّات وإصابات وأضرار في الممتلكات الخاصّة والعامّة، وضياع المأوى، وسبل العيش، وتخريب وتعطيل البنية الأساسية الحيوية، وقد تخلّف مئات الآلاف، أو عشرات آلاف الضحايا من القتلى والجرحى بحسب قوّة الزلزال وشدّته! وترجع معظم وفيّات الزلازل إلى انهيار المباني والتداعيات الثانوية للزلازل ومنها الانزلاقات الأرضية، والحرائق، وأمواج التسونامي والفيضانات، وانهيار وتَضرّر مخازن الموادّ الكيميائية والسامّة وغيرها! وهكذا، وحينما يكون الإنسان في لحظة هدوء وسكون وبهجة، تقع الكارثة، ويجد الإنسان نفسه في لحظة ما يتحرّك ذات اليمين وذات الشمال، ويَنقلّب إلى أضعف الكائنات في الأرض، إنّها لحظات الزلزال، التي لا تدوم إلا لبضع ثوان! وقد قادتنا الأقدار إلى الاستقرار في مدينة تقع على خطّ الزلازل، ومنذ أن نزلنا بها قبل أقلّ من عقد من الزمان ونحن نسمع بزلزال كبير قد يقع في أيّ لحظة! وقبل أسبوع وقع الزلزال الرهيب الذي هزّ المنازل والقلوب والأرواح، وكانت النساء يصرخنّ في الشوارع من شدّة الزلزال، والحكومة أرسلت رسائل تحذير على كافّة الأجهزة الخلوية، وبقيت تطمئن المواطنين أولا بأوّل وتطالبهم بأخذ الحيطة والحذر وعدم الاقتراب من المباني المتضرّرة! وأخطر الزلازل تلك التي تقع في الليل لأن غالبيّة الناس في المنازل، وربما، في نوم عميق! والمخيف في الزلازل هي الهزّات الارتدادية التي لا يُمكن التكهّن بقوّتها، وربّما، تكون، مدمّرة وقاتلة! ووفقا لعلماء الزلازل فإن شدّة تلك الهزّات الارتدادية تتفاوت مع مرور الوقت فتكون قوية خلال الـ(48) ساعة الأولى بعد الزلزال الأول، لكنّها، دوما، تحدث بدرجات أقلّ منه، ثمّ تستمرّ بانخفاض شدّتها بدرجات متفاوتة. إن الرعب العامّ الذي تحدثه الزلازل يقتلع قلوب النساء والأطفال من الصدور! والدروس التي يتعلّمها الإنسان من الزلازل كثيرة وفي مقدّمتها أنه، وفي لحظات الزلازل، يتساوى الناس في أغلب الأوضاع حيث يتساوى المسؤول والمأمور، والغني والفقير، والمؤمن والكافر، والنقي والخبيث، وجميعهم يَتخلّون عن قصورهم ومنازلهم والبنايات والممتلكات التي يعشقونها! وفي لحظات الزلزال تكون غاية أحلام الأغنياء والفقراء خيمة في قلب الفلاة، ويُحْسَد ساعتها البدويّ الذي يسكن في قلب الصحراء على الأمان الذي يعيش فيه، وربما، لا يعرف قيمته! وبعد ساعات الزلزال تكون العديد من الممارسات اليومية عبارة عن أمنيّات كبيرة ومنها الطعام في المكان المعتاد، واستخدامات المياه المختلفة، والنوم العميق، والملابس المرتّبة وحتّى النظيفة وغير ذلك من الفعّاليّات التي لا ننتبه لأهمّيّتها بسبب سلاسة القيام بها! إن الزلازل تُبيّن للإنسان مدى نعمة الاستقرار على الأرض والسكون في الأماكن والهدوء على كافّة المستويات الحياتية! الزلازل تجربة مخيفة مُرَوِّعة تدفع الإنسان لمزيد من التواضع والحبّ والتعاطف والتعامل الإنساني لأن الناس في نهاية المطاف هم «أولاد تسعة» أشهر كما يقول المثل الشعبي الجميل والحكيم!
585
| 02 مايو 2025
الإنسان الراشد العاقل المتكامل العافية لا يمكنه العيش بسلاسة دون طعام وشراب، ولو لأيّام، أو ربما لساعات معدودة؛ لأن الجسم البشري تماما مثل أيّ آلة يحتاج إلى طاقة، ووقوده الذي يَسْتمدّ الطاقة منه هو الطعام والشراب. والمجاعة بعبارة مركّزة هي فقدان الإنسان للأمن الغذائي في منطقة ما نتيجة للعديد من الظروف الطبيعية والبشرية، ومنها الفيضانات والكوارث الطبيعية والحروب. ومحنة أهلنا في غزّة لم تتوقّف عند القتل والتدمير والتخريب ومحاولات التهجير القسري بل وصل مداها إلى جريمة التجويع المتعمّد الذي تمارسه «إسرائيل» على جميع المدنيين في القطاع. والجوع يجعل الإنسان العاقل الراشد في حالة ضعف نفسي وعقلي، وقد يَجعله مثل ذرّات الرمال التي تتطاير من هَول الصواريخ العشوائية التي تطلق في أرجاء غزّة. والأتْْعَس في المؤامرة أن القتل المباشر بالقنابل والطائرات المسيّرة والصواريخ، وكذلك القتل غير المباشر بالتجويع والترهيب طال الأطفال الذين لا حول لهم ولا قوّة ولا ذنب لهم إلا أنّهم وُلدوا في غزّة في زمن الاحتلال! لقد سحق الجوع الناس في غزّة، ودفعهم من شدّته وقسوته لأكل السلاحف وغيرها من الحيوانات البّريّة والبحرية والبرمائية التي، ربّما، لم يفكّروا في يوم من الأيّام الاقتراب منها، فضلا عن تناولها! إنه الجوع، ذلك الشبح الذي لا يَعْرِف قسوته إلا الذين عانوا من أمواجه العاتية، وبراكينه القاتلة، ومُزِجت لقمة عيشهم، إن توفّرت، بالعرَق والرعب والدم! كيف يمكن التعبير عن حال رجل يلتقط بقايا الطعام من الأرض والحاويات ليسدّ رمقه؟ وهل يمكن لإنسان نبيل أن يلومه وهو الذي يحاول أن يَهرب من سطوة الجوع، وقسوة معركة الأمعاء لعلّه ينجح في تهدئة جسده وتزويده ببعض الطاقة، ولو كانت من «القمامة»؟ ويُجْمِع الأطباء على أن الإنسان النشيط البالغ يمكن أن يمتنع عن الطعام لثمانية أسابيع بشرط ألا يتزامن ذلك مع انقطاع الماء، وهذا الوقت يختلف من شخص لآخر، أما بالنسبة للأطفال فإن بعض الدراسات الطّبّيّة تؤكّد بأنهم يمكنهم مقاومة الجوع لسبعة أيّام فقط! واليوم هنالك في غزّة أزمة غذائية تتعلّق بالأطفال قبل الكبار، حيث ذكر تقرير للمركز الفلسطيني للإعلام يوم 20 نيسان/أبريل الحالي من مدينة خان يونس جنوبي القطاع أن مستشفيات الأطفال، وأجهزة الإنعاش فيها، تُكَافح لإبقاء «هذه الأرواح الصغيرة على قيد الحياة في ظلّ الحرب الإسرائيلية المستمرّة للشهر التاسع عشر، ولم تدخل لغزّة، ومنذ سبعة أسابيع، أيّ شحنات غذائية وطبّيّة مخصّصة لحديثي الولادة»، ويواجه المستشفى أزمة خانقة في توفير الحليب المناسب للأطفال، إضافة إلى نقص حادّ في المستلزمات الأساسية، وبالمقابل تتكدّس إمدادات الغذاء والدواء والوقود عند معابر القطاع! وتشير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» إلى أن الأطفال والرضّع في غزّة «ينامون جائعين»، في وقت توشك فيه الإمدادات الأساسية في القطاع على النفاد التامّ! وتؤكّد منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة في الشرق الأوسط «اليونيسف» أن لديها «آلاف الشاحنات المحمّلة بالمساعدات المنقذة للحياة تنتظر دخول غزّة»! ومن جانبها قالت صحّة غزّة، الثلاثاء الماضي، إن» منع إسرائيل دخول تطعيمات شلل الأطفال يُهدّد حياة 602 ألف طفل»! وهكذا تتنوّع الأسلحة «الإسرائيلية» ضدّ أهالي غزّة، ومنها أسلحة التجويع التي لا تختلف عن الطائرات المسيّرة والصواريخ لأنها جميعها تفتك بالإنسان وتسحقه! إنها مأساة غزّة، ولو تصوّرنا مقابلها العبث بأنواع الأطعمة في غالبيّة دول العالم، وبالذات دول الجوار لفلسطين لبقينا في حالة ذهول تدفعنا لاحترام النّعَم، والتوقّف عن التبذير، وتدفعنا للتفكير، مُجرّد تفكير، بالجائعين في غزّة! كيف يَطيب لنا الطعام والشراب وعموم العيش وأهلنا في غزّة يموتون، ويعانون، ويصارعون الجوع نتيجة الحصار «الإسرائيلي» القاتل والشديد؟!
477
| 25 أبريل 2025
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم...
8529
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...
5463
| 06 أكتوبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...
4749
| 05 أكتوبر 2025
في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها...
2085
| 07 أكتوبر 2025
لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة...
1650
| 08 أكتوبر 2025
قبل كل شيء.. شكراً سمو الأمير المفدى وإن...
1503
| 08 أكتوبر 2025
مع دخول خطة وقف إطلاق النار حيز التنفيذ،...
1086
| 10 أكتوبر 2025
في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...
1056
| 05 أكتوبر 2025
في السنوات الأخيرة، تصاعدت التحذيرات الدولية بشأن المخاطر...
1014
| 09 أكتوبر 2025
لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...
909
| 03 أكتوبر 2025
التوطين بحاجة لمراجعة القوانين في القطــــاع الخـــــاص.. هل...
861
| 05 أكتوبر 2025
سنغافورة بلد آسيوي وضع له تعليماً خاصاً يليق...
858
| 09 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية