رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
فنّ الكتابة من الفنّون الأدبية المشهورة قديما وحديثا، وهو فنّ عُرِف باسم النثر، وله مميّزات تحسينية، وضوابط يُفترض الالتزام بها قَدْر الإمكان. ويسمّى هذا الفنّ بالعديد من الأسماء، ومنها فنّ الكتابة، وفنّ التعبير، وفنّ الإنشاء، وفنّ كتابة النصوص، وفنّ التأليف، وفنّ المقالة، وجميعها يقصد بها قطعة نثرية إنشائية يُعَبر فيها كاتب ما عن وجهة نظره لمعالجة قضيّة محدّدة، أو عدّة قضايا مترابطة في كيان واحد يسمّى المقال، أو المقالة، أو القطعة النثرية. والكتابة تسري على كافة جوانب الحياة الإنسانية، والكاتب يكتب في الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنّية والفكرية والرياضية والعلمية وغيرها. وهذا لا يعني أن الكتابة نتاج إنساني فوضوي لا يَلتزم بالضوابط التي وضعها علماء اللغة والأدباء والمفكّرون على مَرّ العصور. ومن أبسط ضوابط الكتابة اللغة العربية السليمة، أو أي لغة يكتب بها الكاتب، والخالية من المفردات الشاذّة إلا عند الضرورة، أو لبيان شذوذها. ويعتبر فنّ الإملاء من الفنّون الواجب إتقانها من الكاتب، فضلا عن أغلب قواعد النحو والصرف وبقية العلوم المرتبطة بالكتابة. ويمكننا ذكر بعض خصائص الكتابة الرصينة أو المقال الرصين، ومنها الترابط الموضوعي، والفكرة الواضحة، واللغة السليمة، والإيجاز غير المخلّ، والأسلوب الجذّاب، وقدرة الكاتب على إبراز شخصيته بالمقال عبر رأي رصين قائم على التجارب والقدرات العلمية. وفي عصرنا الحالي، ومع انتشار وسائل الإعلام الشعبية، مواقع التواصل الاجتماعي، وسهولة استخدام البرامج والنشر الذاتي في الصفحات الشخصية، وكذلك في صفحات الآخرين، جميع هذه الاختراعات، أو الآفات جعلت الكتابة الأصيلة والنافعة في موقف لا تُحسد عليه، بل، ربما، يمكن القول بأن غالبية أحوالها تستحقّ الأسى والزعل. ورغم أن الكتابة اليوم صارت لكل من هبّ ودبّ، ولكل من لا علاقة له حتى بالموضوع الذي يخوض في أعماقه، لكنّنا نحاول تسليط الضوء على الكتابة الصحفية والإعلامية الموضوعية والرصينة والهادفة. ونحاول في هذه المقالة المركّزة أن نسلّط الضوء أو على الأقلّ التوقف عند نوع واحد من الكتابة وهو الكتابة المعارضة سواء أكانت تلك الكتابة سياسية، أو تقويمية، أو اقتصادية وفي أيّ مجال من المجالات المرتبطة بالحكومات، أيّ حكومة، سواء اتّفقنا معها أم اختلفنا. ولا خلاف بأننا أمام حكومات بشرية يمكن أن يقع منها الصواب والخطأ، وهذا ديدن كافّة الحكومات منذ قيام أبسط حكومة على الأرض وصولا للحكومات الإلكترونية في الغرب، وفي بعض دولنا العربية. ينبغي بداية على الحكومات الحكيمة أن تقبّل الانتقادات البنّاءة المكتوبة بقلب محبّ، ولسان نقي، وروح صافية، وفكر أصيل، ومداد مخلص، لأن هذا النوع من الكتابة لا يقلّ أهمّيّة عن أفكار المستشارين والخبراء القانونيين والمفكّرين، وهي بالنتيجة نصيحة مُحِبّ يرى القضية من زاوية أخرى، وقد يكون مصيبا، وقد يكون مخطئا. والحكومة النبيلة يفترض أن تكون لديها مجموعة إعلامية تدرس وتقرأ الكتابات النقدية، وبعدها ترتبها بملفّات محدّدة بحسب المواضيع، وتُقدّم لرئيس مجلس الوزراء للاطلاع عليها على أقلّ تقدير. وبالمقابل يفترض بالكاتب الحقيقي والوطني والأصيل أن تكون كتاباته قائمة على أساس علمي وموضوعي، ومبنية على معلومات دقيقة وليست خيالية، وهادفة للتصحيح والتقويم وليس التخريب والتشهير. وهذه الكتابة يجب أن تكون خالية من السبّ والشتم والطعن بالأعراض، وبعيدة عن الفوضى الهادفة لتحقيق أكبر قدر ممكن من المشاهدين، أو القراء، ولو على حساب شرف المهنة وموضوعية القلم والرأي. لنجعل من الكتابة الرصينة والموضوعية والدقيقة بوابة واسعة لتقويم الإنسان، أي إنسان، دون أن تكون كتاباتنا مزوّرة للواقع، وساعية لتلميع صور القتلة والمجرمين والسراق. أيها الكتاب: اهتمّوا بأقلامكم فإنها الأساس المتين لبناء الوطن والناس.
519
| 18 أبريل 2025
كثيرة هي الحوادث الطبيعية والحياتية التي لا تَستأذن في وقوعها، وهي، وإن تعدّدت أسبابها، قد توقع الضرر على الإنسان والحيوان والكون! وتتنوّع الحوادث الطبيعية والبشرية ما بين الزلازل والأعاصير والبراكين والحروب وحوادث الطائرات والسيّارات والقطارات، وغيرها من سلسلة الحوادث التي لا حصر لها على كوكب الأرض! ونجد في جميع تلك الحوادث الكثير من صور التكاتف الإنساني لتقديم العون والمساعدة لتقليل الآثار، وترميم الضرر، وتقديم الدعم المادّي والمعنوي. وهذا الدعم قد يكون على مستوى الداخل ضمن المؤسّسات الرسمية، أو على مستوى الخارج ضمن المعونات الدولية البشرية واللوجستية، وهذه جميعها صور نبيلة تزرع الأمل، وتسقي شجرة المحبّة والتعايش على الأرض! وسط هذه الظروف تبرز كارثة الحروب البشرية التي تقتل الإنسان، وتُبدّد الأحلام، وتسحق الطفولة، وتسرق الأمل، وتُخلّف الخراب والدمار وصرخات اليتامى ودموع الأمّهات والزوجات، تماما مثلما هو الحال في غزّة! ما يجري في غزّة منذ شهر تقريبا، ومنذ أن قرّرت «إسرائيل» ضرب المفاوضات والعودة للغة الحديد والنار يُعَدّ مأساة بشرية، حيث تسقط كلّ يوم مئات الصواريخ على أجساد عارية وخيّام ممزّقة، وكأنّها حرب لمحو الإنسان والأرض! عادت «إسرائيل» لتحرق الناس والمنازل والخيّام والمساجد والتكايا والمدارس والمستشفيات وسيّارات الإسعاف وكلّ ساكن ومتحرّك في غزّة! هذا التوحش «الإسرائيلي» دفع أصحاب الضمائر النقية في العالم للوقوف مع غزّة في دعوات المقاطعة الاقتصادية والمظاهرات والدعوة للإضراب العالمي يوم السابع من نيسان/ أبريل الحاليّ، وهذه دلائل كبيرة على صحّة النضال الفلسطيني وبطلان المشروع «الإسرائيلي»! والضَّمِيرُ، وفقا لقواميس اللغة، هو استعدادٌ نفسي لإِدراك الخبيث والطيّب من الأعمال والأقوال والأفكار، والتفرقة بينها، واستحسان الحسن واستقباح القبيح منها. ويقال وَخْز الضَّمير، وعذاب الضَّمير، وتأنيب الضَّمير ويُقصد بها ما يَحسّه الفردُ من عذاب، أو ندم، أو اتّهام لذاته بارتكاب غلطة، أو خطأ نتيجة سلوك قام به، ولهذا يقال عنه يَتصرّف دون وازع من ضميره، وبأنّه فاقد للضَّمير، أو معدوم الضَّمير! ومقابل الضَّمير الفردي والمحلي هنالك الضَّمير العالمي ويتمثّل بالمشاعر الصافية في النفوس الرافضة للظلم التي تهتدي إلى مبادئ الأخلاق بعفويّة وتلقائيّة، وتقف إلى جانب المظلومين والمستضعفين! وهذا ما لمسناه في عشرات المدن التي أيّدت غزّة ووقفت ضدّ الطغيان «الإسرائيلي»، وهكذا، ومن قارّة إلى قارّة، تنتقل صرخات الضمير العالميّ المتلاحم والمتكاتف مع غزّة والرافض للقسوة الصهيونية في سياستها الإرهابية لمحو القطاع! التلاحم الإنساني في مواجهة القتل والدمار الصهيوني سيرسم أروع لوحة عالمية تُعبّر عن التضامن والتكاتف الإنساني في مواجهة الهمجية «الإسرائيلية» التي لا تعترف بإنسانية الإنسان، ولا بوجود قوانين دولية ضابطة للدول الأصيلة، أو «الكيانات اللقيطة»! وتحاول «إسرائيل» تطبيق خطّة التهجير التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولكن بأسلوب فاحش، تكون فيه غزّة عبارة عن أرض فارغة ومليئة بأكداس البشر وآلاف أطنان الحديد والحجارة! وهذا ما أكّده بنيامين نتنياهو بعد لقائه ترامب يوم 7 نيسان/ أبريل الحالي بأنهما تحدّثا عن خطّة ترامب «الجريئة» لإخراج الفلسطينيين من غزّة «بما في ذلك أن تَقبل الدول الفلسطينيين بإرادتهم الحرّة»! وتسعى «إسرائيل» المتخلفة إلى أن تُثْبت للعالم، ولو بمحو غزّة وأهلها، أن المقاومة أخطأت في استهداف مناطق غلاف القطاع، وكأنها صاحبة الحقّ والأرض، وهذا قمّة الاستخفاف بعقول الناس، وقمّة الاستهتار والتلاعب بالقوانين الدولية والإنسانية. يبدو أن إنسانيتنا، أو ما تبقى من إنسانيتنا، بحاجة لمزيد من الوعي بأهمّيّة الحفاظ على كيان الإنسان وزرع الرحمة في القلوب وطرد الكراهية والأحقاد! الوقائع تؤكّد بأن غزّة لا تَنْكسر ولا تَموت رغم كلّ الصواريخ والطائرات المسيّرة، وستبقى غزّة النبع الذي يُغذّي الكرامة لفلسطين والأمة والضمائر الإنسانية العالمية.
498
| 11 أبريل 2025
العيد ذلك الزائر الذي يَصرّ على نشر الأفراح والارتياح والانشراح والسعادة والسرور والغبطة والمرح والمسرّة والهناء والابتهاج والاستبشار أينما حلّ ولو في أصعب الظروف وأقسى الأزمان! والعيد هو يوم الجائزة والاحتفال والوليمة والاحتفال والفرح والتسامح والصفح واللين والرفق والعفوّ! وبعد القفزات العلمية الهائلة في عالمنا اليوم لا يُمكننا أن نقارن بسهولة بين أعياد الماضي وأعياد الحاضر، وحينما نقول «أعياد الماضي» لا نعني قبل مئات السنين، بل قبل 40 سنة تقريبا، حيث كانت الأعياد بسيطة جدا! بالأمس، الماضي، كان العيد يتمثّل ببضعة مراجيح للأطفال، ودواليب الهواء الصغيرة المتقلّبة، وبضع عربات تجرّها الخيول لجولة بسيطة في الشوارع الترابية، ورغم هذه البساطة كانت السعادة تملأ الزمان والمكان ولا يمكن التعبير عنها إلا مِمّن عايشوها لأنها من الأمور الذوقية التي لا يمكن التعبير عنها بسهولة، ومهما كانت قدرات الكاتب البلاغية والانشائية! كان الناس يَستعدّون للعيد منذ أيّام وأيّام، وكانت العوائل تشتري الجديد للأطفال والنساء من الملابس وبقية الكماليات، وكان الأطفال يحاولون لبس ثيابهم الجديدة في ليلة العيد وينامون بها على الرغم من رفض الأمّهات لهذه التصرّفات لكنّهم، ولفرط فرحتهم، يُصرّون على النوم بملابسهم لأنهم لا يُريدون أن يَهْرُب العيد منهم، بحسب ظنّهم، وهم نائمون! كان أطفال الأمس يمتازون بالقناعة في كل شيء، وهم رغم فقرهم في قمّة السعادة والسرور، بينما غالبيّة أطفال اليوم لا يفرحون بملابس العيد لكثرة الملابس التي يمتلكونها، وكذلك لا يفرحون بالذهاب لمدن الألعاب، الملاهي، لأن غالبيّتهم مولعون بالألعاب الإلكترونية في الهواتف المحمولة وبقيّة أجهزة التسلية! بالأمس كانت الأمّهات يَتسابقنّ لعمل حلويّات العيد، التي تختلف مسمّياتها من بلد لآخر، فهي المعمول، والكليجة، والكعك وغيرها من المسمّيات، بينما غالبية العوائل اليوم تشتري حلويّات العيد جاهزة من المخابز بعيدا عن الحفاظ على العادات والتقاليد الموروثة! بالأمس القريب كان العيد يوم التزاور والتراحم، والتبريكات، وكلّ مَنْ لديه مظلمة، أو خلاف ومشاحنة مع أحد يَجد في العيد مناسبة راقية لبداية جديدة من التعايش الإنساني، وهذه العادات تراجعت اليوم بقوّة، واكتفى غالبية الناس بالرسائل النّصّية عبر «الهواتف المحمولة»! وبعيدا عن مسألة الاختلافات والفروقات بين أعياد الأمس واليوم، لا أدري كيف يمكن أن نحتفل بالعيد وأهلنا في غزّة يعانون من هول الحروب والصواريخ والطائرات المسيّرة والدمار والحصار؟ والصاعق والمفاجئ والعجيب أن الفلسطينيين اللاجئين والمحاصرين في غزّة يصرّون على استقبال العيد رغم كلّ الهموم والأتراح! وذكر تقرير لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية «وفا»، يوم 28 آذار/ مارس 2025، من مخيّم الشاطئ للاجئين شمال غرب غزّة، «تعدّ مجموعة من النساء والفتيات كعك العيد «المعمول»، قبل أن» يخبزنّه على فرن الحطب، لاستقبال عيد الفطر، رغم استمرار حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي»! وأغرب كلمة وردت في التقرير قالها المواطن «فتحي أبو شاب»: «ماذا سأفعل هذا العيد وأنا لا أملك أيّ نقود لأعيّد أخواتي وأبنائي؟ كانوا ينتظرون العيد كلّ سنة لأمنحهم بعض الفرح، أما اليوم، فأنا بلا عمل، وبلا مال، وبلا قدرة على إسعادهم»! وهذه الصور المؤلمة تنحر فرحتنا بالعيد لأن أخوتنا في غزّة لا يعرفون أيّ طعم للحياة، فضلا عن العيد! وهكذا تستمرّ، مع هذه المعاني الجميلة والناعمة للعيد، معاناة غزّة، وربّما هذا هو العيد الرابع منذ السابع من أكتوبر وحتّى اللحظة الذي يمرّ على غزّة وهي لم تلبس بعد ثوب العيد والسلام والأمن! ولكن، ورغم مشاهد الهدم والتدمير لكافة أركان الحياة، ورغم ضياع عشرات آلاف الأنفس من الشهداء، ومثلهم من الجرحى إلا أن الصمود الفلسطيني النادر يصنع الأمل ويتحدّى الصعاب! هذا الحلم الفلسطيني والإصرار على التمسك بالحياة والأرض والاحتفال بالعيد هو السّرّ الأكبر الذي لا يمكن تفهّمه من قبل أعداء فلسطين! وهكذا تتواصل أعيادنا بين الذكريات والمخاوف! كلّ عام والجميع بخير.
507
| 04 أبريل 2025
جاء في بعض قواميس اللغة أن الإنسانيَّة جُمْلَة الصفات التي تُميِّز الإنسان، وهي مجموع خصائص الجنس البشريّ التي تُميّزه عن غيره من "الأنواع القريبة، وهي ضدّ البهيميّة والحيوانيّة". وبالمقابل هنالك مصطلح "اللا إنسانيَّة" ويُراد به إهدار قيمة الإنسان وحقوقه، والإيمان بالعنصريّة، والقسوة في معاملة الآخرين. والإنسان، أي إنسان، قيمة عليا في الأرض، ولا بُدّ أن يُحترم كيانه وفكره دون النظر إلى سلالته وعرقه ولونه ولغته، وغيرها من عناصر التناحر البشري الشكلية والعرقية والعشائرية والقبلية والعنصرية والمالية والسلطوية والمجتمعية. والإنسان سواء أكان من الحكام أم المحكومين، ومن السود أو البيض، ومن الفقراء أو الأغنياء، وسواء أكان من الرجال أم النساء، والصغار أو الكبار يجب أن يُحترم، وألا تُمسّ إنسانيته بما يَخدشها، وألا يُتَعرض له إلا في الأحوال التي تتعارض فيها "إنسانيته" مع إنسانية الآخرين، إنسانية المجتمع، وهنا تكون الكلمة الفصل للقانون والقضاء. والمبادئ الإنسانية النبيلة قائمة في الأنظمة الصّحّية الكريمة، التي تَحترم إنسانية الإنسان وتحافظ عليها بما تَمْلُك من قدرات قانونية وأمنية ومالية وفكرية وتربوية وعلمية، وحتى الرياضية والفّنّية. وخلافا لتلك الأنظمة الراقية هنالك الأنظمة الهابطة التي تُحارب الإنسان وتسحقه وتتلذّذ بقتله، وتخريب مدنه وممتلكاته ومجمل حياته، وهذه الحالات "اللا إنسانية" قائمة في الأنظمة السقيمة، ومنها الكيان الصهيوني وطريقة تعامله الهمجي مع الفلسطينيين! والتصرفات الصهيونية "اللا إنسانية" تتمثّل حاليا بأبشع صورها في الجرائم المستمرّة لسحق الشعب الفلسطيني في غزة، وخصوصا بعد أن عادت "إسرائيل"، قبل أسبوعين، لقتل المدنيين العزّل بعد أن ضَرَبت بهدنة وقف القتال عرض الحائط، واستندت إلى قوتها وهمجيتها في تعاطيها مع أهالي غزة!. وهنالك اليوم مئات الصور الإنسانية الراقية حول العالم، التي تنادي بضرورة التعامل الإنساني مع أهالي غزة، والوقوف في وجه الهمجية "الإسرائيلية". ومن هذه الصيحات الحرّة "الكلمة الإنسانية" التي هزّت أركان البرلمان الإيطالي، يوم 21 آذار/مارس 2025، والتي أطلقتها المحامية وعضو مجلس النّوّاب "ستيفّانّيا أسكاري" وممّا قالته: عندما استيقظت هذا الصباح رأيت صورة طفل فلسطيني قُتِل الليلة في القصف "الإسرائيلي" على غزة، وكانت تنام بجانبي طفلتي، ومباشرة احتضنتها، وقد انتابني إحساس عميق بالألم لما يعيشه الآباء في غزة، وأبشع كابوس ممكن أن يعيشه الأهل هو موت ابنهم، إن كل ما يحدث أمر مروّع فقد قتل في ليلة واحدة 400 شخص، بينهم 130 طفلا!. هل أُصِبْنا بالجنون، وهل هؤلاء الأطفال إرهابيون أم أبرياء؟ وختمت كلمتها بالقول: "لقد فقدنا كل شيء، وضاعت الحقوق، وضاعت العدالة، وفقدنا التمييز والإدراك، وفقدنا الضمير الحيّ والأهم من ذلك فقدنا الإنسانية، لِنَعُد إلى إنسانيتنا"!. وفي اليوم التالي انهارت الدكتورة الأمريكية "تانيا الحاج حسن"، من منظّمة أطباء بلا حدود، وبكت بمرارة خلال جلسة الأمم المتّحدة عندما تحدّثت عن غزة، وخاطبت العالم: "نحن لسنا مجهولين، نحن أُناس خلقنا الله. لا يستطيع أهل غزة أن يتحدّثوا عن أنفسهم ويدافعوا عن غزة هنا لأن" النظام الذي نعيش فيه حاليًا لا يعترف بحقّهم في الحياة"! وغيرها العديد من المواقف الرافضة للوحشية "الإسرائيلية"، كون أحوال غزة الحالية تُمثّل انتهاكًا صارخًا لأبسط المبادئ الإنسانية. ما أحوجنا اليوم إلى إحياء القيم الإنسانية الأساسية التي تاهت وسط ضجيج الديمقراطية والإرهاب، وما يجري في غزة حالة متوحّشة بعيدة عن القوانين والأعراف والتقاليد والأخلاق الإنسانية النبيلة!. الجرائم "الإسرائيلية" تخطّت جميع الخطوط الحمراء، وضربت كافّة القوانين والأخلاق، المدنية والعسكرية، وهذه حالة خطيرة لا يمكن أن تخلو من تداعيات مستقبلية ليس فقط في فلسطين والمنطقة، بل، وربّما، في غالبية الدول الغربية! حافظوا على الإنسان، وانصروا القضايا العادلة حتى تستمرّ حياتنا على الكوكب بعيدا عن الإرهاب والخراب والضياع!. @dr_jasemj67
864
| 28 مارس 2025
يَحلم آلاف الشباب العرب وغيرهم أن يدخلوا إلى تخصصات الطّبّ البشريّ وذلك كون هذه المهنة من المهن التي تدرّ الأموال الطائلة وتمنح أصحابها «مكانة اجتماعية رفيعة»! ويُفترض بالعاملين بالمجالات الطبية من الأطباء والممرّضين والصيادلة وحتى سائقي الإسعاف أن يَمتازوا بقدر جيّد من الرحمة والرأفة والرفق بالناس، لأن مهنتهم تتعلّق بالإنسان الضعيف، والمريض المحتاج لأبسط اللمسات الإنسانية الراقية المخففّة للآلام والأوجاع! ولكن، مع الأسف، صارت مهنة الطّبّ لدى نسبة ليست قليلة من الأطباء بوّابة لسحق أموال المرضى، الذين، ربما، يضطرّون لبيع أغلى ممتلكاتهم للتخلّص من الآلام والأسقام! ومع هذه الأجواء السقيمة تَبرز لنا العديد من الصور السليمة في العالم، التي تُظْهِر ثُلّة من الأطباء الذين نَذروا أنفسهم لخدمة الناس، وبالذات الفقراء منهم، دون أيّ مقابل مادّيّ! وهذا الأمر متوقّع وممكن ولكن حينما يتعلّق الأمر بالحياة والموت والعمل في ظروف إنسانية قاسية فهنا تكون مرحلة التمايز الحقيقي! والطبيب الإنسان يعمل في أوقات السلم والحرب، ولكن الأطباء الأوفياء هم الذين يعملون في مناطق القتال وبإرادتهم ورغبتهم، وهم قلّة قليلة! وعند المقارنة بين ظروف السلم والحرب لَكَ أن تتخيّل غالبية العيادات الطّبية العامّة والخاصّة وهي تنعم بالرفاهية والأجهزة الحديثة والديكور والأثاث المميّز، وبقية صور التنعّم والترفيه، وبالمقابل لَكَ أن تتخيّل مستشفيات غزّة وأوضاعها المأساوية تحت نيران الدبابات «الإسرائيلية» والصواريخ الدقيقة وبعيدة المدى والطائرات المسيّرة، وفي ظلّ هذه الأجواء المليئة بالخوف والرعب والموت نجد ثلّة من العاملين في المستشفيات قرّروا الصمود والثبات ومعالجة الجرحى في أوضاع صعبة لدرجة أنهم اضطرّوا في مراحل طويلة إلى إجراء العمليات الجراحيّة دون تخدير موضعي أو عامّ! وقد أكّدت وزارة الصّحّة الفلسطينية مقتل أكثر من 1000 طبيب وعامل في القطاع الصحي، وكذلك اعتقال أكثر من (350) فردا من كوادرها منذ 7 أكتوبر 2023، استشهد ثلاثة منهم داخل السجون «الإسرائيلية»! ولا خلاف بأن كلّ فرد فلسطيني في غزّة يستحقّ أن يُذْكر وباسمه وبالفخر والاعتزاز، ولكن، ولصعوبة هذا الأمر، سنركّز على الجانب الصحي، وسنلخصه بحكاية الطبيب «حسام أبو صفية»! والرجل طبيب فلسطيني مختصّ بطبّ الأطفال، وكان يُدير مستشفى «كمال العدوان» شمالي غزّة! وقد قرّر، ومعه رفاق المهنة، الثبات والصمود في مواقعهم، وهذا الموقف يعلمه قادة الاحتلال الذين حذّروه لأكثر من مرّة! وقد عانى عموم أهالي غزّة، ومنهم العاملون في القطاع الصحي من الحصار «الإسرائيلي» الذي فُرِض بداية تشرين الأول/ أكتوبر 2024 ومنعوا عنهم الطعام والماء، وكثّفوا عليهم هجماتهم العشوائية الجنونية! وبعد الحصار بثلاثة أسابيع اقتحم الاحتلال مستشفى العدوان، واعتقلوا «أبو صفية» ومئات المصابين والطواقم الطبية، ثم أفْرِج عنهم بسبب الضّجة الإعلامية التي تَلَت فعلهم الهمجي! ورغم إصابته بجروح خطيرة بعد استهدافه بطائرة مسيّرة، ورغم استشهاد ابنه في غارة جوّية، ورغم جميع الصعوبات والتحدّيات رفض «أبو صفية» مغادرة المستشفى، وبَقِي صامدا كصمود بقيّة الفلسطينيين! وفي نهاية المطاف اعتقلت «إسرائيل» الطبيب «أبو صفية» قبل نهاية العام 2024 بثلاثة أيام بعد أن سار إليهم بنفسه وسط الركام، وأخذوه بدبّابة لوحده، وحتى اليوم هو رهين الحبس والاعتقال! وهذه التصرفات الصهيونية خلاف القاعدة (28) من القانون الدولي الإنساني العرفي، والمؤكدة على وجوب «احترام وحماية الوحدات الطّبية المخصّصة لأغراض طبّية»! وظهر «أبو صفية»، يوم 19 شباط/ فبراير 2025، من داخل المعتقل في مقطع مصوّر نشرته القناة «13» العبرية، وهو مكبّل اليدين والقدمين ويبدو عليه الإرهاق والتعب! وهكذا تستمرّ قناعة الأحرار بأن سبيل التحرير مُعَبّد بدماء الشهداء، وثبات رجال المقاومة، والأطباء وعموم المواطنين الفلسطينيين! استهداف «إسرائيل» المستمرّ للكوادر الطّبية سيُضاف لسجلاتهم المليئة بالانتهاكات الإرهابية، وبالمقابل سيَكتب التاريخ مواقف أهل غزّة بمداد البهجة والفخر والاعتزاز!
606
| 21 مارس 2025
ليس من الهيّن الحديث عن الأمل في مراحل اليأس، والنور في زمن الظلمة، والسلام تحت نيران الحروب والفتن، والبناء في عصر الخراب. وهكذا فإن المشاهد المخيفة التي خلفتها آلة الحرب الوحشيّة للنظام السوري تذكرنا بدمار الحربين العالميتين الأولى والثانية وغيرهما، وخصوصا في هيروشيما اليابانية، وجورنيكا الإسبانية، وروتردام الهولندية، وبرلين ودرسدن في ألمانيا، ولندن وكوفنتري في بريطانيا، وستالينجراد الروسية، وهوي الفيتنامية، والفلوجة العراقية وغزة الفلسطينية وغيرها!. والثورة الشعبية السورية أظهرت نظام بشار الأسد على حقيقته، وكانت مناسبة لبيان مدى حقده على الشعب وسعيه الحثيث لسحقه وإنفاقه لغالبية الثروات الوطنية لشراء الأسلحة القاتلة للمواطنين والمدمرّة للوطن عبر هجمات عشوائية وهمجيّة استمرّت منذ عام 2011 ولغاية نهاية عام 2024!. وسبق لمعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (UNITAR) أن أصدر يوم 17 آذار/ مارس 2019 دراسة مَسْحيّة للدمار الحاصل في نحو 16 مدينة وبلدة سورية. وذكرت الدراسة أن حلب أكبر المدن المتضرّرة، وقد وصل عدد المباني المدمرّة فيها إلى نحو 36 ألف مبنى، تلتها الغوطة الشرقية بـ 35 ألف مبنى مُحطم!. وجاءت مدينة حمص في المرتبة الثالثة وفيها (13778) بناء، ثمّ الرقة (12781) بناء مدمّراً، وحماة (6405) أبنية، ودير الزور (6405) أبنية، ومخيّم اليرموك (5489) بناءً!. ومن المؤكد أن هذه التقديرات تقريبية، نتيجة صعوبة الحصول على إحصائيات دقيقة، حينها، بسبب سطوة النظام والعمليّات العسكريّة القاتلة التي لا تفرق بين المدنيّين والمسلّحين. ولا أحد يَعْرف كم حجم الدمار العامّ اليوم، وقد تظهر، قريبا، إحصائيات «دقيقة» لأعداد البنايات والمنازل والمزارع والبساتين السورية المدمرّة، ولهذا لا يمكن تحديد تكلفة الإعمار حتى الساعة كون الموضوع بحاجة لخبراء ودراسات وإحصاء وغيرها من ضروريات إعادة البناء. وهنالك تقديرات أممية في عام 2018، تؤكد أن اعمار سوريا بحاجة إلى 300 مليار دولار، فيما صرّح المبعوث الروسي ألكسندر لافرنتييف نهاية عام 2021، بأن تقديرات الإعمار تصل إلى 800 مليار دولار!. وقدّر نائب الممثّل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا، محمد مضوي، يوم 24 كانون الثاني/ يناير 2025، تكلفة إعادة الإعمار بين 100 و300 مليار دولار تقريباً، وغيرها من التقديرات المتقاربة والمتباعدة. ويفترض بخطط إعادة الإعمار ألا تقتصر على البنايات والمنازل، وينبغي شمولها لشبكات الكهرباء والماء والطرق والجسور والمرافق الصحية والخدمية والتعليمية، وهذه جميعها أصابها الدمار والخراب بنسب متفاوتة. إعمار سوريا، يتطلّب مئات مليارات الدولارات، ولكن، وبعيدا عن لغة أرقام الأموال، فإن الثروة السورية الأكبر تتمثّل بالإنسان، وقد تابعنا العديد من التقارير التلفزيونية والإخبارية والصحفية، قبل أيّام، وهي تظهر عودة مئات السوريين المستقرّين في أوروبا وأمريكا وبقيّة دول العالم البعيدة والقريبة، وهذه دلائل قاطعة على التعلّق بالوطن والحرص على إعادة البناء والإعمار والصبر والتحمّل من أجل وطنهم الجديد. وقد لاحظنا بعض المدارس في حمص عادت إليها الحياة وهي مدمّرة، وطلابها بمدارس نصفها مُهَدّم، وهذه أدلة قاطعة على حبّ السوريين للعلم والعطاء. ولكن، وللأسف الشديد، رأينا أن بعض القوى «الموالية» للنظام السوري حاولت، قبل أسبوع، خلط الأوراق لتشتيت المشهد السياسي والاجتماعي!. وشهدت محافظتا اللاذقية وطرطوس مواجهات قاسية بين بقايا «فلول النظام السابق» وقوّات الأمن السورية خلّفت عشرات القتلى والجرحى، كادت أن تقود لفتنة يستفاد منها «الغرباء»!. ولاحقا شكّلت الرئاسة السورية «لجنة وطنية مستقلّة» للتحقيق في «أحداث الساحل» ومحاسبة كافة المقصرين، هذه الأحداث الخبيثة لا ترشد للخير والأمن والتلاحم الاجتماعي بل تقود للشّرّ والفوضى والتناحر المجتمعي. عَمّروا سوريا بالأمن والعلم والمحبّة وستجدون، حينها، أن المال هو آخر التّحدّيات قياسا بالأمل المدهش للسوريين وحُبّهم الخرافي لوطنهم.
990
| 14 مارس 2025
دَعت القوانين السماوية والأرضية لحماية الإنسان، أيّ إنسان، في الظروف الطبيعية البعيدة عن الحروب، وكذلك حماية "الخصوم" من العسكريين والمساندين لهم في مرحلة الوقوع في الأسر أثناء الحروب! ويكفل القانون الإنساني الدولي حماية الأشخاص الذين يقعون في الأسر أثناء النزاعات المسلّحة، وقد نظّمت اتّفاقيّة جنيف الثالثة لعام 1949 معاملة أسرى الحرب! وهذه المعاملة تشمل عدم استعمال الأسر والاحتجاز حجّة للانتقام وسوء المعاملة، أو التعذيب للحصول على معلومات من الأسرى، وأيضا ضرورة حصولهم على الرعاية الطّبّيّة والطعام والسكن وغيرها من الضروريات! وبعد حرب غزّة، وانطلاق المرحلة الأولى من اتّفاق وقف إطلاق النار وبداية عمليات تبادل الأسرى لاحظ العالم الفرق الهائل بين أوضاع الأسرى الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية والأسرى الفلسطينيين لدى "إسرائيل" من حيث القدرات البدنية والعقلية والنفسية! ومع ذلك حاولت حكومة بنيامين نتنياهو قلب الحقائق والادعاء بأن أوضاع الأسرى الصهاينة سَيّئة جدا! وخلافا للافتراءات الصهيونية أعلن طبيب بمستشفى شيبا "الإسرائيلي" الذي نُقِلَت اليه الأسيرات الثلاث بعد الإفراج عنهنّ من غزة، يوم 20 كانون الثاني/يناير 2025: "أنا سعيد بإبلاغكم بأنّهنّ في حالة مستقرّة!" وبالمقابل فإن شهادات عشرات الأسرى الفلسطينيين المُفْرَج عنهم أكّدت بأن الاحتلال تعمّد حرمانهم من الرعاية الصحّيّة والطعام والنوم، تماما مثلما تعامل مع المدنيين العزّل في غزة، ونشر بينهم الموت والاعاقة والدمار والخراب فضلا عن حرمانهم من الغذاء الماء والدواء والخيام! وهنالك عشرات الأسرى المُفْرَج عنهم، وفقا للهلال الأحمر الفلسطيني، نقلوا إلى المستشفيات "المتهالكة" داخل غزّة بسبب "وضعهم الصّحّيّ الصعب"! وتفاوتت أوضاع الأسرى الفلسطينيين السيّئة بين الهزال الكبير، وفقدان الذاكرة، والصعوبة في المشي والتحرّك، والأمراض الجلدية، وخصوصا الجرب، وغيرها من الأمراض الجسدية والنفسية! وأظهرت تقارير المستشفيات الفلسطينية أن بعض الأسرى من مرضى السّكّرّيّ، عانوا من الإهمال التامّ ممّا تسبّب ببتر قدم أحدهم، ويد الآخر! ولم يتوقّف الأمر عند الإهمال الصّحّيّ والغذائي بل أكّد العديد من الأسرى الفلسطينيين بأنهم كانوا يتعرّضون إلى التعذيب والتنكيل في سجون حكومة نتنياهو! ويمكن اختصار الحقد الصهيوني بالإبقاء على الأسير، المُفْرَج عنه، "كاظم زواهرة" في الأسر رغم أنّه في حالة غيبوبة، وفقا للهلال الأحمر الفلسطيني! وتعمّدت "إسرائيل" معاملة الأسرى بوحشية وهمجية عند تسليمهم للصليب الأحمر الدولي، الذي أعرب عن غضبه بسبب "اقتياد الأسرى الفلسطينيين بعد رفع أيديهم المكبّلة بالأصفاد خلف رؤوسهم وهو وضع مؤلم"! لقد أثبتت المرحلة الأولى من عمليّات تبادل الأسرى بأن إنسانية المقاومة الفلسطينية مُتقدّمة بدرجات كبيرة على همجيّة قوّات الاحتلال في التعامل الإنساني رغم أن الظروف في غزّة كانت مليئة بالموت والقتل الجماعي والإرهاب العشوائي الذي استخدمه قوّات الاحتلال والمتمثّل بتدميرها لأكثر من ٨٠% من القطاع، ومع ذلك كانت الظروف الإنسانية "الجيدة" للأسرى الصهاينة لا تُقارن بالحالات المؤلمة التي ظهر فيها غالبيّة الأسرى الفلسطينيين! منطقيّا لا يمكن توقّع أن الظروف الإنسانية التي يَتواجد فيها الأسرى الصهاينة في غزة صحّيّة وآمنة، ورغم ذلك أظهرت الصور المنقولة لأرجاء العالم، الأسرى الصهاينة، المُفْرَج عنه، وهم يرتدون ملابس جديدة ونظيفة ويتمتّعون بصحّة تامّة! فكيف حافظت المقاومة على حياتهم، فضلا عن صحّتهم، وطعامهم وبقيّة احتياجاتهم الضرورية؟ قوّات المقاومة، أيّ مقاومة، التي تُقاتل لاسترجاع الحقوق الأصيلة، الإنسانية والتاريخية، دائما تُحْسِن معاملة الأسرى، والقوّات المحتلّة والمليشيات دائما تُسْيء معاملة الأسرى! النضال الفلسطيني الأصيل، ورغم التحدّيات، مُتمسّك بالقيم والمبادئ الإنسانية النبيلة، وهذا دليل على الترابط التاريخي الجامع بين المقاومة والحقوق الأصيلة التي تقود في نهاية المطاف إلى تحقيق النصر والخلاص التامّ من الاحتلال ومشاريعه التوسعية التخريبية! @dr_jasemj67
1164
| 07 مارس 2025
مُلِئَت كتب التاريخ والسياسة ببعض المصطلحات البغيضة، التي كنّا نعتقد أنه قد انتهى عهدها ومنها الرجعية والامبريالية الكولونيالية، الاستعمارية، وغيرها من المصطلحات المرتبطة بالاستعمار وتدمير الدول وسحق الحقوق الإنسانية والتاريخية من طرف القوى المتسلّطة! وتوهّمنا بأن غالبية الميادين السياسية، والعقول التي تُدير العالم، وقواميس العلاقات الدولية، والصالونات الثقافية قد غادرت تلك المصطلحات التوسعية، كونها قائمة على سياسات «همجية سقيمة» أرهقت الشعوب الفقيرة والمغلوب على أمرها، ولكن يبدو أن الواقع الفلسطيني الحالي أعاد تلك المصطلحات المقيتة للواجهة السياسية، وخصوصا الإمبريالية! وتُعرّف الإمبريالية (Imperialism) بأنها دعوة لبسط السلطة والهيمنة عن طريق الاستحواذ المباشر على الأراضي، أو بفرض السيطرة السياسية والاقتصادية على دول أخرى. والإمبريالية سياسة توسعية استخدمتها الدول القوية الكبرى للسيطرة على مُقدّرات الدول الضعيفة الهشّة، ونَفّذتها بالتدخّل العسكري الكلّيّ المباشر أو التحكّم الجزئي غير المباشر عبر دعم الانقلابات العسكرية في الدول المُستهدفة! والامبريالية الاستعمارية برزت في القرنين التاسع عشر والعشرين، وتمثّلت بالاستعمار والاحتلال التامّ لدول آسيوية وأفريقية والهند وغيرها. وهذه الإمبريالية «الشائعة» تَحوّلت، لاحقا، إلى الإمبريالية الاقتصادية المتمثّلة بالشركات المتعدّدة الجنسيّات، وقروض البنك الدولي، والتحكّم بالأسواق العالمية وبغالبية مصادر الموارد الطبيعية وأسواقها، والتلاعب بالعقول بواسطة الإمبريالية الثقافية والفكرية والتكنولوجية وغيرها! وحقبة الامبريالية والكولونيالية كانت واضحة لغاية خمسينيّات القرن الماضي ثُمّ تراجعت بوضوح. ولاحقا، وتحديدا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، والتفرّد الأمريكي بقيادة العالم، ظهرت سياسات توسعية قائمة على القوّتين العسكرية والاقتصادية، وكانت بأدوات خفيّة، أو بترتيب لأسباب حقيقية ووهميّة لتبريرها! وعادت «الإمبريالية» اليوم بصورة علنية وغريبة من خلال السياسة الأمريكية الخارجية القائمة على القوّة، والمتمثّلة بقرارات الرئيس دونالد ترامب وفريقه «الحيوي» المستوعب تماما للأفكار «الترامبية»! وهذه المعاني السياسية المرهقة تتّضح عبر السياسات المتوائمة والمتوافقة ما بين واشنطن و»إسرائيل»، وبرزت بشكل أبرز وأقوى بعد دخول الرئيس ترامب للبيت الأبيض بداية العام الحالي، والتعاطي «المتحيز» مع ملفّ المفاوضات وتطبيق وقف إطلاق النار بين المقاومة و»إسرائيل»! وبهذا الباب حذّرت افتتاحية صحيفة «أوبزرفر» البريطانية، يوم 23 شباط/ فبراير 2025، من أن حقبة جديدة من «إمبريالية القوّة العظمى التي يُغذّيها الاستبداد والقوميّة المفرطة تَتَكشّف بسبب سلوك الرئيس ترامب الذي عَزّز الإجماع القائم بين السياسيين والدبلوماسيين والمحلّلين الغربيين على أن حقبة جديدة من إمبريالية القوّة العظمى تَتَكشّف»! وكشفت الصحيفة بأن السياسة العالمية الأمريكية الجديدة «غير المستنيرة» تمثّلت بالطلب المضطرب، الذي لم يلتفت إليه أحد، بإطلاق سراح جميع المحتجزين «الإسرائيليين»، وكذلك الاقتراح «غير القانوني بالاستيلاء على غزّة، وطرد الفلسطينيين لم يزد الأمور إلا سوءا، فضلا عن تعريضه لوقف إطلاق النار، الهشّ أصلا، للخطر»! وهكذا يبرز بأن عالمنا «المتحضّر» يمشي بخطوات ظاهرة ومتسارعة للعودة لمرحلة الإمبريالية والتغوّل والتسلّط وفرض إرادة القوّة على بعض الدول والشعوب! إن العلاقات الدولية السليمة يفترض أن تقوم على السيادة المتساوية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتجريم استخدام القوّة في العلاقات الخارجية، وضرورة إنماء العلاقات الدولية على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لجميع الشعوب حقّ تقرير المصير وبدون هذه المبادئ لا يمكن أن تكون تلك العلاقات متينة وصلبة! التعاطي الأمريكي «المشوّه» مع ملفّ غزة، والانحياز العلني «لإسرائيل» أثبت ضرب البيت الأبيض لغالبية المبادئ الإنسانية التي «ضَمنها الدستور الأمريكي»! أمريكا، بلا شكّ، قوّة عظمى، ولكنّنا نأمل أن تكون قوّتها لنصرة الشعوب المظلومة ودعمها بعيدا عن سياسات الميل لطرف دون آخر في الموازين الدولية! نأمل ذلك، ولكنّ الواقع مختلف تماما ولا يتغيّر بالأمنيات فقط!
597
| 28 فبراير 2025
الموت هو النهاية الطبيعية لجميع البشر، وغالبية الناس يدفنون موتاهم في باطن الأرض بقبور معلومة وشاخصة أو مُنْدَرسة، ويزورون موتاهم بين حين وآخر! والغربة، وبالذات الاجبارية منها، صورة من صور الموت والعقاب، وهنالك في بعض عقوبات الشريعة الإسلامية السمحاء عقوبة «التغريب»، وهذا يعني أن الغربة ليست، دائما، رحلة ترفيهية ترويحية فقد تكون عقوبة قاسية على الروح والفكر والجسد، والماضي والحاضر والمستقبل، والحياة والموت! والموت هو الفصل الأخير من كتاب الحياة، والنهاية التي لا مَفرّ منها لكل إنسان، حتى ولو كان من الملحدين، والناكرين لوجود البعث والحساب ويوم القيامة! ومن أول مراحل العالم الآخر، هو القبر. والقبور تُحصر في أماكن محدّدة تسمّى المقابر، وهذه المقابر تختلف أحجامها بناءً على عدة عوامل منها، قُدسيّة المدن، كما هو الحال في مكة والمدينة وغيرهما، أو حجم المدينة، وبالتالي لا توجد مقابر متشابهة حتى من حيث البناء والتنظيم! ويختلف ترتيب القبور بين دولة وأخرى، فهنالك بعض الدول العربية والإسلامية تكون فيها القبور منظّمة بشكل مُميّز، وضمن «السيطرة الإدارية» منذ المراحل الأولى للوفاة، وحتى مرحلة القبر، ولغاية مرحلة الزيارة لاحقا! وتتميّز مقابر الدول الرصينة بأنها مُحاطة بالحراسات ومنظّمة، وبالطرق المعبّدة، الرئيسية والفرعية، وبقية الخدمات التي تُسهّل زيارة المقبرة! ومما يُميّز هذه المقابر أنها مقسّمة ومرقمة في حواسيب وسجلّات، ويمكن بزيارة سريعة لإدارة المقبرة الحصول على مكان القبر ورقمه، وهي خدمات مجانية! وبالمقابل هنالك في دول أخرى مقابر كبيرة وضخمة، ولكنها عشوائية، رغم أن فيها مئات آلاف القبور، وذلك بسبب الفوضى الإدارية، ومَن يريد أن يعرف قبر قريبه عليه أن يستعين بالمكاتب التي تولت الدفن، وهذه خدمات مدفوعة الأجر، وليست مجانية! واللافت للنظر أن أذواق الناس في التعامل مع القبور، بعيدا عن شرعية هذه الأفعال، تختلف من مكان لآخر، فهنالك مقابر محاطة بالورود والزهور، وهنالك مقابر مهملة ومحفورة وخربة، تماما مثل واقع مساكن الناس، الأغنياء والفقراء، مع الفارق الساحق بين الحياة والموت! وقبل أيام تابعت فيلما وثائقيا عن إحدى المقاطعات الروسية وقد أذهلني قبور المسلمين الغرباء في مقابر مغطاة بالثلوج لما لا يقل عن نصف متر! واقعيا هنالك شعوب اعتادت على زيارة الأموات في الأعياد والمناسبات الدينية والعائلية والشخصية، كنوع من التواصل بين الأحياء والأموات، وذلك، في الغالب، للقرب «المعقول» بين مدنهم ومقابرهم! ولكنّ الحال بالنسبة لغالبية الغرباء مختلف تماما حيث إن الغربة فرّقت الناس ليس في أجسادهم فحسب بل حتى في قبورهم، وجعلت قبور بعض عوائل الغرباء، ربّما، في أكثر من ثلاث دول! وحينما نتابع أخبار المغتربين العرب اليوم نجد أنّهم منتشرون في أغلب الدول الأجنبية، ولديهم مقابرهم الخاصّة، التي يَقْبرون موتاهم فيها، ولكنّ الأمر المذهل، هو العودة للوطن وترك الأموات في مقابر بعيدة ونائية، وكأنها غربة مركّبة للأحياء والأموات! ويبدو أن النعم الإلهية لا تتوقّف عند الموت، بل تستمرّ حتى بعد مرحلة القبر، حيث ينال الميت، عند زيارة قبره، دعوات أهله وأحبابه وخصوصا في المقابر القريبة نسبيا من السكن الدائم! إن الدفن في مقابر الغرباء جزء من ضريبة الغربة، التي تُفرض على الغرباء كجزء من ضرائب أخرى منها الضياع في دروب غريبة، والتأقلم والتعايش مع عادات وشعوب تختلف، غالبا، في أبسط السلوكيات والعادات والتقاليد! وأخيرا نحن لا ندري أنُقْبَر في بلداننا، أم سنُقْبَر في بلاد الغربة والضياع؟ رحم الله «الغرباء» في غربتهم المركّبة، وفقدانهم لأبسط حقوق الأموات ألا وهي زيارة الأهل والأقارب!
924
| 21 فبراير 2025
«بدء تفريغ قطاع غزة» بهذا العنوان الرئيسي والصادم وبالخطّ العريض، مانشيت، كانت واجهة الصفحة الأولى لجريدة الدستور الأردنية في عددها المرقّم (1027) والصادر بتاريخ 11 آذار/مارس من العام 1970! ومنذ ذلك الحين طُرحت فكرة إخلاء القطاع من سكّانه في عدّة مؤتمرات رسمية ودراسات ومقترحات أمريكية وصهيونية! والفكرة التي طُرحت حينها تتمثّل بأن «إسرائيل» وبعد احتلالها لغزة في العام 1967 وجدت نفسها بمواجهة (300) ألف فلسطيني داخل القطاع، وهذه الكتل البشرية الضخمة كانت من العوائق الكبيرة أمام تنفيذ الاحتلال لمشاريعه التوسعية! والمشروع الذي طرحه «يغيئال ألون» وزير العمل «الإسرائيلي» في تمّوز/يوليو 1967 على رئيس حكومته «ليفي أشكول»، تضمن ضَمّ قطاع غزة بأكمله إلى «إسرائيل»، وتوطين (300) ألف غزّيّ في الضفة الغربية، والعريش شمالي سيناء! وكان مصير مشروعه الفشل. وبعد (55) سنة من مشروع «يغيئال ألون» جاء اليوم مشروع الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، والساعي لتهجير ما يقرب من مليوني فلسطيني إلى الأردن ومصر! والفكرة التي طرحها الرئيس ترامب تُشير بأن أمريكا ستتولى السيطرة على غزة بعد تهجير أهلها إلى الأردن ومصر! ورغم الرفض الفلسطيني والعربي والدولي للمخطط الأمريكي «الإسرائيلي» إلا أن الرئيس ترامب عاد ثانية في العاشر من الشهر الجاري ليقول بأنه: «مُلْتزم بشراء غزة وامتلاكها»! والمدهش أن الرئيس الأمريكي جدد خلال لقائه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في البيت الأبيض، الثلاثاء الماضي، تأكيده على خطّته الغريبة! فهل يُعقل هذا الكلام؟ وهل نحن أمام «سايكس بيكو» جديدة؟ إن واشنطن، باعتبارها الدولة الأقوى في العالم، إنْ أرادت أن تكون مُنْصفة عليها ألا تقف مع «إسرائيل» وتحتفي بنتنياهو القاتل لأكثر من (50) ألف فلسطيني مع سبق الإصرار والترصد! وعليها أن توقف آلة الحرب «الإسرائيلية» وأن تُنصف المقاومة الفلسطينية المشروعة، وسبق للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن أن قال، منتصف العام 2004: «لا أتحمل أن يكون بلدي محتلا»! فلماذا يَحرمون الشعب الفلسطيني من حقّ المقاومة المكفول بموجب القوانين السماوية والأرضية! ومن الواجبات الأخلاقية على واشنطن أن تدعم الجهود الإنسانية لإغاثة أهالي غزة، وتسمح بتدفّق المساعدات بجدّيّة وبالذات القضايا الجوهرية ومنها البيوت الجاهزة والأدوية وبقيّة ضروريات الحياة، وحثّ دول العالم للمساعدة بإعمار غزة! ويفترض العمل على تحسين وضع غزة والضفة الغربية الإنساني، وإعادة إعمار البنية التحتية، وتوفير الرعاية الصحية والتعليم، وتشجيع الحوار الفلسطيني الداخلي! وكذلك السعي لتطبيق حلّ الدولتين وفقا للرؤية الفلسطينية، بما فيها المقاومة، التي تطالب «بإقامة دولة فلسطينية واحدة، عاصمتها القدس، على حدود العام 1967 دون الاعتراف بإسرائيل»! الحلول الأمريكية «والإسرائيلية» الخيالية الهادفة لحماية «إسرائيل» وسحق الفلسطينيين، هي مشاريع تطهير عرقي، ومحاولات سقيمة لقتل إرادة الفلسطينيين! إن المشاريع «الاستئصالية»، ومنها التهجير، لا يمكنها أن تقتل روح المقاومة، وعليه فمَن يُريد حَسْم قضية غزة ينبغي أن ينظر بعين مُنْصِفة وعادلة وصافية لما يدور في غالبية الأراضي المحتلة من جرائم «إسرائيلية» يندى لها جبين الإنسانية! هذه الحلول الانتقامية لا تقود لسلام مُسْتدام، وهي «بارود» لمزيد من المقاومة الفلسطينية، وستفشل في قبر الحقوق المشروعة في المقاومة والأرض! غزة لم تُهَجّر بالأمس، ولن تُهَجّر في الحاضر والمستقبل، والكلام عن شراء أرضها جزء من الخيال البعيد عن الواقع، ومَن لا يعرف التمسّك الفلسطيني بالأرض يحقّ له أن يتوهّم هذه الأوهام! ستبقى فلسطين عربية، وستبقى غزة عصيّة على التهجير ولو أعطى «الغرباء» ملء الأرض ذهبا لا يمكن القبول بمساوماتهم الرخيصة! وستبقى الكلمة الأولى والأخيرة للفلسطينيين وليس لأحد سواهم!
777
| 14 فبراير 2025
خلال الخمسة عشر شهرا المريرة من حرب غزة كانت غالبية وسائل الإعلام، العربية والعالمية، مُنشغلة بمجريات الحرب «الإسرائيلية» ضد المدنيين العزل، وتحاول جاهدة نقل بعض الحقيقة، ولكن غالبية تلك الوسائل الإعلامية تغاضت «مرغمة» عمّا يجري في الضفة الغربية لانشغالها بنقل بعض المجازر الصهيونية في قطاع غزة! وتُشكّل الضفة أكثر من 20 بالمائة من مساحة فلسطين، وتضمّ الجزء الشرقي من مدينة القدس، ومدن الخليل، ونابلس، وجنين، وطولكرم، ورام الله، وبيت لحم وأريحا، وطوباس وتقع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس! والهجمات «الإسرائيلية» بالطائرات المسيّرة والصواريخ والاقتحامات مستمرّة ضد الضفة وبقسوة كبيرة، وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، في الثالث من الشهر الجاري، عن سقوط (905) شهداء في الضفة بينهم (182) طفلا منذ السابع من أكتوبر 2023! ويبدو أن الجهد العسكري «الإسرائيلي»، بعد غزة، توجّه للضفة، وقد وَثّقت «هيئة مقاومة الاستيطان» (2161) اعتداء صهيونيا خلال يناير الماضي في الضفة! والتركيز «الإسرائيلي» على «جنين، وطولكرم، وطوباس» ومخيّماتها دليل على خطّة استيطانية جديدة، وبالذات مع تهجير غالبية السكان! وقد ركّز الاحتلال في مجازره بوضوح على جنين، ومجازره هناك لا تقلّ بشاعة عن تلك التي وقعت في غزة إلا من حيث عدد الشهداء وحجم التدمير! ونفّذت «إسرائيل» في جنين في الأول من هذا الشهر، أكبر عملية تفجير لمربّعات سكنية منذ العام 2002 وطالت (20) منزلا، ولهذا لم يَبْق في جنين سوى (70) عائلة دون أي تواصل مع الخارج، فيما أُجبر نحو 48 بالمائة من سكان مخيّم طولكرم على النزوح، منذ «طوفان الأقصى»! ولم يكن موقف أهالي الضفة أقل بطولة وبسالة من الغزّيين، وشهدت الضفة خلال الشهر الأول من العام الحالي تصعيدا نادرا من المقاومة الشعبية، وكانت حصيلتها، وفقا لمركز معلومات فلسطين «معطي»، مقتل ستة جنود «إسرائيليين» وجرح (40) آخرين! ووثّق المركز (522) عملاً مقاوماً وشعبياً، وكذلك (50) اشتباكاً مسلّحاً و(20) عملية إطلاق نار، و(94) عملية زرع عبوات ناسفة، وإعطاب سبع آليات عسكرية. وبخصوص المظاهرات وأعمال المقاومة الشعبية، قال المركز إنها بلغت (346) عملاً، فيما تَصدّت المقاومة لنحو (45) اعتداءً من المستوطنين! وتواصل المسيّرات الصهيونية قصفها للمدنيين في جنين، وبمعدّل شهيدين يوميا خلال الأسبوعين الماضيين، بالإضافة إلى عشرات الجرحى، ودمّرت أكثر من (150) منزلا بشكل كلّي! ويبدو أن التعطّش الصهيوني للدماء لا يمكن إشباعه بسهولة، فبعد مذابحها في غزة عادت «إسرائيل» لنقل تجاربها الإرهابية إلى مدن فلسطينية أخرى، وكأنّ قتلها لأكثر من (50) ألف مدني غَزّيّ لم يَرْو إرهابها وعطشها من دماء الفلسطينيين! ومع ازدياد هذه الهجمات حذّرت الرئاسة الفلسطينية من انفجار لا يمكن السيطرة عليه، وخصوصا مع إصرار «إسرائيل» على توغّلها البرّيّ في الضفة، وتفجيرها لأحياء كاملة في المخيّمات وتهجيرها للمدنيين العزل، وكأنها تنفّذ خطّة استيطانية جديدة ومدروسة! وطالب الرئيس عباس، يوم الثاني من شباط/فبراير الحالي، بعقد جلسة طارئة وعاجلة لمجلس الأمن الدولي، لوقف «العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني»! وأعتقد أن الأيام القليلة المقبلة، وبالذات مع زيارة نتنياهو الحالية لواشنطن، والدعم المذهل الذي أظهره الرئيس ترامب «لإسرائيل»، ستكون الفيصل في معرفة المخطّطات «الإسرائيلية» الجديدة بالمنطقة، والتي تحاول من خلالها «تغيير» شَكْل الشرق الأوسط! إن «إسرائيل» تحاول، وبخطط متنوّعة ومتجدّدة، كسر إرادة الشعب الفلسطيني وقهره، وقلب حياتهم إلى جحيم مستمرّ، ورُعْب مُمِيت لتحقيق أهدافها التوسعية! المخطّطات الصهيونية مصيرها الفشل لأن إيمان الفلسطينيين أكبر من مؤامراتهم الخبيثة، والنصر سيتحقّق لفلسطين وأهلها ولو بعد حين!
606
| 07 فبراير 2025
توقفت، قبل أيام، حرب غزة باتّفاق وقف إطلاق النار، ولكن الذي لم يتوقّف هي الدروس والعبر المستخلصة من مدرسة المقاومة الفلسطينية بعد عام وثلاثة أشهر من القتال الناري والنادر والمتميّز! وبهذا الخصوص عرضت فضائية الجزيرة الفضائية يوم 24 كانون الثاني/يناير 2025 حلقة مميّزة من برنامج «ما خفيّ أعظم»، تناولت بعض بطولات المقاومة، وتفاصيل مضمرة حول عملية «طوفان الأقصى»! وكشف البرنامج خطّة «الطوفان» بتفاصيل مثيرة وجديدة، ولكن الذي شدّني هو الواقع العجيب والخطير الذي عاش فيه القائد الشهيد يحيى السنوار، قائد حركة «حماس»، ولهذا آثرت أن أُركّز على تلك اللقطات النادرة التي ظهر فيها الشهيد الشجاع! برز «السنوار» القائد بأرض المعركة وهو يلتحف معطفا عسكريا أو بطّانيّة ويتنقّل بصلابة بين المنازل المهدّمة والمواقع القتالية، والغريب هي تلك الابتسامة التي لم تفارق مُحيّاه رغم سماع دويّ الصواريخ والطائرات التي تحيط بالمكان! ومسيرة «السنوار» مليئة بالمهامّ الجسام التي هزّت كيان «إسرائيل»، كيف لا وهو الذي أذهلها بتأسيس الجهاز الأمني لحماس قبل اعتقاله في العام 1988! وقد وثّقت اللقطات التي تعرض لأوّل مرّة «السنوار» القائد في الخطوط الأمامية وفوق الأرض، وليس في الانفاق كما حاولت «إسرائيل» تصويره خلال الحرب! تحرّكات «السنوار» الميدانية الخطيرة وثّقتها «كتاب القسام» خلال مجريات الحرب الدموية، وهذا يؤكّد قوّة وجرأة الجهد الإعلامي للمقاومة الباسلة، وإن الإعلام هو الجيش الثاني في المعارك! وأظهرت اللقطات «السنوار»، وهو يقود إحدى المعارك في رفح جنوبي غزة، وأظهرته وهو يتجوّل في أكثر من منطقة بين الكمائن والمقاومين لرفع معنويّاتهم القتالية! ثمّ برز «السنوار» مع قائد كتيبة تلّ السلطان محمود حمدان، رفيقه في القتال والاستشهاد، وهما يفترشان الأرض، وأمامهما خريطة ميدانية للمعركة، وهما بلا حمايات، وبين الأنقاض، وفي بيت مهجور! ولاحقا ظهر «السنوار» وأمامه ناقلة صهيونية بعد استهدافها واعطابها، وكان كأنّه جبل شامخ لا تهزّه الريح ولا الأعداء! «السنوار» الذي كان يتجوّل بعصاه وسلاحه الشخصيّ بين المقاتلين دوّخ الاستخبارات «الإسرائيلية» في تتبع أماكن تنقّلاته وقد كان يوم استشهاده قدرا، وبلا تخطيط صهيوني، واكتشفت «إسرائيل» لاحقا أن «المقاوم» في البيت المستهدف هو «السنوار»، وهي حتّى اليوم تحتفظ بجثمانه! «السنوار» الشهيد الذي حُكِم عليه بأكثر من أربعة مؤبّدات، وأمضى منها (22) عاما في السجون الصهيونية، وخرج بصفقة «جلعاد شاليط» في العام 2011، ارتبط اسمه بالصور المليئة بالصمود والتحدّي، وهو الذي يمتلك تاريخا طويلا مليئا بالصبر والنضال! وبعد الافراج عنه خرج «السنوار» أكثر صلابة وإصرارا على المقاومة، ورفض التّنحّي على الرغم من التهديدات «الإسرائيلية» باغتياله، وأكّد مرارا بأن «حياته ليست أغلى من حياة أيّ فلسطيني آخر»! وقد ساهم «السنوار» بعزيمة منقطعة النظير في معركة «سيف القدس» في العام 2011، واختير قائدا لحماس في غزة في العام 2017 ولاحقا انتخب قائدا عامّا للحركة في آب/ أغسطس من العام 2024 بعد اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في إيران، وبقي يؤدّي أدواره السياسية والعسكرية لغاية استشهاده ليلة 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 في تلّ السلطان! واليوم صار المنزل الذي استشهد فيه «السنوار» مزارا ومركزا لجذب مُحِبّيه، وأكّد صاحب المنزل «أشرف أبو طه» بأن الكرسي الذي استشهد «السنوار» وهو يجلس عليه، بعد اصابته، أصبح رمزاً وطنياً، والناس يطالبون بتسمية الحيّ بتلّ السنوار بدلا عن تلّ السلطان! رحم الله «السنوار»، الشهيد السعيد، الذي نُحِتَت صورته في أذهان الأحرار، ودروس بطولاته ستُدَرّس، وتُذْكر بفخر واعتزاز لمحبّي الحرّية في أرجاء الأرض!
960
| 31 يناير 2025
مساحة إعلانية
حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم...
8745
| 09 أكتوبر 2025
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...
6918
| 06 أكتوبر 2025
في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها...
2340
| 07 أكتوبر 2025
لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة...
1683
| 08 أكتوبر 2025
قبل كل شيء.. شكراً سمو الأمير المفدى وإن...
1650
| 08 أكتوبر 2025
المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...
1605
| 13 أكتوبر 2025
مع دخول خطة وقف إطلاق النار حيز التنفيذ،...
1581
| 10 أكتوبر 2025
في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...
1155
| 12 أكتوبر 2025
في السنوات الأخيرة، تصاعدت التحذيرات الدولية بشأن المخاطر...
1086
| 09 أكتوبر 2025
حين نسمع كلمة «سمعة الشركة»، يتبادر إلى الأذهان...
945
| 10 أكتوبر 2025
سنغافورة بلد آسيوي وضع له تعليماً خاصاً يليق...
939
| 09 أكتوبر 2025
يخوض منتخبنا انطلاقاً من الساعة السادسة مساء اليوم...
891
| 08 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية