رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
يَحلم آلاف الشباب العرب وغيرهم أن يدخلوا إلى تخصصات الطّبّ البشريّ وذلك كون هذه المهنة من المهن التي تدرّ الأموال الطائلة وتمنح أصحابها «مكانة اجتماعية رفيعة»! ويُفترض بالعاملين بالمجالات الطبية من الأطباء والممرّضين والصيادلة وحتى سائقي الإسعاف أن يَمتازوا بقدر جيّد من الرحمة والرأفة والرفق بالناس، لأن مهنتهم تتعلّق بالإنسان الضعيف، والمريض المحتاج لأبسط اللمسات الإنسانية الراقية المخففّة للآلام والأوجاع! ولكن، مع الأسف، صارت مهنة الطّبّ لدى نسبة ليست قليلة من الأطباء بوّابة لسحق أموال المرضى، الذين، ربما، يضطرّون لبيع أغلى ممتلكاتهم للتخلّص من الآلام والأسقام! ومع هذه الأجواء السقيمة تَبرز لنا العديد من الصور السليمة في العالم، التي تُظْهِر ثُلّة من الأطباء الذين نَذروا أنفسهم لخدمة الناس، وبالذات الفقراء منهم، دون أيّ مقابل مادّيّ! وهذا الأمر متوقّع وممكن ولكن حينما يتعلّق الأمر بالحياة والموت والعمل في ظروف إنسانية قاسية فهنا تكون مرحلة التمايز الحقيقي! والطبيب الإنسان يعمل في أوقات السلم والحرب، ولكن الأطباء الأوفياء هم الذين يعملون في مناطق القتال وبإرادتهم ورغبتهم، وهم قلّة قليلة! وعند المقارنة بين ظروف السلم والحرب لَكَ أن تتخيّل غالبية العيادات الطّبية العامّة والخاصّة وهي تنعم بالرفاهية والأجهزة الحديثة والديكور والأثاث المميّز، وبقية صور التنعّم والترفيه، وبالمقابل لَكَ أن تتخيّل مستشفيات غزّة وأوضاعها المأساوية تحت نيران الدبابات «الإسرائيلية» والصواريخ الدقيقة وبعيدة المدى والطائرات المسيّرة، وفي ظلّ هذه الأجواء المليئة بالخوف والرعب والموت نجد ثلّة من العاملين في المستشفيات قرّروا الصمود والثبات ومعالجة الجرحى في أوضاع صعبة لدرجة أنهم اضطرّوا في مراحل طويلة إلى إجراء العمليات الجراحيّة دون تخدير موضعي أو عامّ! وقد أكّدت وزارة الصّحّة الفلسطينية مقتل أكثر من 1000 طبيب وعامل في القطاع الصحي، وكذلك اعتقال أكثر من (350) فردا من كوادرها منذ 7 أكتوبر 2023، استشهد ثلاثة منهم داخل السجون «الإسرائيلية»! ولا خلاف بأن كلّ فرد فلسطيني في غزّة يستحقّ أن يُذْكر وباسمه وبالفخر والاعتزاز، ولكن، ولصعوبة هذا الأمر، سنركّز على الجانب الصحي، وسنلخصه بحكاية الطبيب «حسام أبو صفية»! والرجل طبيب فلسطيني مختصّ بطبّ الأطفال، وكان يُدير مستشفى «كمال العدوان» شمالي غزّة! وقد قرّر، ومعه رفاق المهنة، الثبات والصمود في مواقعهم، وهذا الموقف يعلمه قادة الاحتلال الذين حذّروه لأكثر من مرّة! وقد عانى عموم أهالي غزّة، ومنهم العاملون في القطاع الصحي من الحصار «الإسرائيلي» الذي فُرِض بداية تشرين الأول/ أكتوبر 2024 ومنعوا عنهم الطعام والماء، وكثّفوا عليهم هجماتهم العشوائية الجنونية! وبعد الحصار بثلاثة أسابيع اقتحم الاحتلال مستشفى العدوان، واعتقلوا «أبو صفية» ومئات المصابين والطواقم الطبية، ثم أفْرِج عنهم بسبب الضّجة الإعلامية التي تَلَت فعلهم الهمجي! ورغم إصابته بجروح خطيرة بعد استهدافه بطائرة مسيّرة، ورغم استشهاد ابنه في غارة جوّية، ورغم جميع الصعوبات والتحدّيات رفض «أبو صفية» مغادرة المستشفى، وبَقِي صامدا كصمود بقيّة الفلسطينيين! وفي نهاية المطاف اعتقلت «إسرائيل» الطبيب «أبو صفية» قبل نهاية العام 2024 بثلاثة أيام بعد أن سار إليهم بنفسه وسط الركام، وأخذوه بدبّابة لوحده، وحتى اليوم هو رهين الحبس والاعتقال! وهذه التصرفات الصهيونية خلاف القاعدة (28) من القانون الدولي الإنساني العرفي، والمؤكدة على وجوب «احترام وحماية الوحدات الطّبية المخصّصة لأغراض طبّية»! وظهر «أبو صفية»، يوم 19 شباط/ فبراير 2025، من داخل المعتقل في مقطع مصوّر نشرته القناة «13» العبرية، وهو مكبّل اليدين والقدمين ويبدو عليه الإرهاق والتعب! وهكذا تستمرّ قناعة الأحرار بأن سبيل التحرير مُعَبّد بدماء الشهداء، وثبات رجال المقاومة، والأطباء وعموم المواطنين الفلسطينيين! استهداف «إسرائيل» المستمرّ للكوادر الطّبية سيُضاف لسجلاتهم المليئة بالانتهاكات الإرهابية، وبالمقابل سيَكتب التاريخ مواقف أهل غزّة بمداد البهجة والفخر والاعتزاز!
675
| 21 مارس 2025
ليس من الهيّن الحديث عن الأمل في مراحل اليأس، والنور في زمن الظلمة، والسلام تحت نيران الحروب والفتن، والبناء في عصر الخراب. وهكذا فإن المشاهد المخيفة التي خلفتها آلة الحرب الوحشيّة للنظام السوري تذكرنا بدمار الحربين العالميتين الأولى والثانية وغيرهما، وخصوصا في هيروشيما اليابانية، وجورنيكا الإسبانية، وروتردام الهولندية، وبرلين ودرسدن في ألمانيا، ولندن وكوفنتري في بريطانيا، وستالينجراد الروسية، وهوي الفيتنامية، والفلوجة العراقية وغزة الفلسطينية وغيرها!. والثورة الشعبية السورية أظهرت نظام بشار الأسد على حقيقته، وكانت مناسبة لبيان مدى حقده على الشعب وسعيه الحثيث لسحقه وإنفاقه لغالبية الثروات الوطنية لشراء الأسلحة القاتلة للمواطنين والمدمرّة للوطن عبر هجمات عشوائية وهمجيّة استمرّت منذ عام 2011 ولغاية نهاية عام 2024!. وسبق لمعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (UNITAR) أن أصدر يوم 17 آذار/ مارس 2019 دراسة مَسْحيّة للدمار الحاصل في نحو 16 مدينة وبلدة سورية. وذكرت الدراسة أن حلب أكبر المدن المتضرّرة، وقد وصل عدد المباني المدمرّة فيها إلى نحو 36 ألف مبنى، تلتها الغوطة الشرقية بـ 35 ألف مبنى مُحطم!. وجاءت مدينة حمص في المرتبة الثالثة وفيها (13778) بناء، ثمّ الرقة (12781) بناء مدمّراً، وحماة (6405) أبنية، ودير الزور (6405) أبنية، ومخيّم اليرموك (5489) بناءً!. ومن المؤكد أن هذه التقديرات تقريبية، نتيجة صعوبة الحصول على إحصائيات دقيقة، حينها، بسبب سطوة النظام والعمليّات العسكريّة القاتلة التي لا تفرق بين المدنيّين والمسلّحين. ولا أحد يَعْرف كم حجم الدمار العامّ اليوم، وقد تظهر، قريبا، إحصائيات «دقيقة» لأعداد البنايات والمنازل والمزارع والبساتين السورية المدمرّة، ولهذا لا يمكن تحديد تكلفة الإعمار حتى الساعة كون الموضوع بحاجة لخبراء ودراسات وإحصاء وغيرها من ضروريات إعادة البناء. وهنالك تقديرات أممية في عام 2018، تؤكد أن اعمار سوريا بحاجة إلى 300 مليار دولار، فيما صرّح المبعوث الروسي ألكسندر لافرنتييف نهاية عام 2021، بأن تقديرات الإعمار تصل إلى 800 مليار دولار!. وقدّر نائب الممثّل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا، محمد مضوي، يوم 24 كانون الثاني/ يناير 2025، تكلفة إعادة الإعمار بين 100 و300 مليار دولار تقريباً، وغيرها من التقديرات المتقاربة والمتباعدة. ويفترض بخطط إعادة الإعمار ألا تقتصر على البنايات والمنازل، وينبغي شمولها لشبكات الكهرباء والماء والطرق والجسور والمرافق الصحية والخدمية والتعليمية، وهذه جميعها أصابها الدمار والخراب بنسب متفاوتة. إعمار سوريا، يتطلّب مئات مليارات الدولارات، ولكن، وبعيدا عن لغة أرقام الأموال، فإن الثروة السورية الأكبر تتمثّل بالإنسان، وقد تابعنا العديد من التقارير التلفزيونية والإخبارية والصحفية، قبل أيّام، وهي تظهر عودة مئات السوريين المستقرّين في أوروبا وأمريكا وبقيّة دول العالم البعيدة والقريبة، وهذه دلائل قاطعة على التعلّق بالوطن والحرص على إعادة البناء والإعمار والصبر والتحمّل من أجل وطنهم الجديد. وقد لاحظنا بعض المدارس في حمص عادت إليها الحياة وهي مدمّرة، وطلابها بمدارس نصفها مُهَدّم، وهذه أدلة قاطعة على حبّ السوريين للعلم والعطاء. ولكن، وللأسف الشديد، رأينا أن بعض القوى «الموالية» للنظام السوري حاولت، قبل أسبوع، خلط الأوراق لتشتيت المشهد السياسي والاجتماعي!. وشهدت محافظتا اللاذقية وطرطوس مواجهات قاسية بين بقايا «فلول النظام السابق» وقوّات الأمن السورية خلّفت عشرات القتلى والجرحى، كادت أن تقود لفتنة يستفاد منها «الغرباء»!. ولاحقا شكّلت الرئاسة السورية «لجنة وطنية مستقلّة» للتحقيق في «أحداث الساحل» ومحاسبة كافة المقصرين، هذه الأحداث الخبيثة لا ترشد للخير والأمن والتلاحم الاجتماعي بل تقود للشّرّ والفوضى والتناحر المجتمعي. عَمّروا سوريا بالأمن والعلم والمحبّة وستجدون، حينها، أن المال هو آخر التّحدّيات قياسا بالأمل المدهش للسوريين وحُبّهم الخرافي لوطنهم.
1062
| 14 مارس 2025
دَعت القوانين السماوية والأرضية لحماية الإنسان، أيّ إنسان، في الظروف الطبيعية البعيدة عن الحروب، وكذلك حماية "الخصوم" من العسكريين والمساندين لهم في مرحلة الوقوع في الأسر أثناء الحروب! ويكفل القانون الإنساني الدولي حماية الأشخاص الذين يقعون في الأسر أثناء النزاعات المسلّحة، وقد نظّمت اتّفاقيّة جنيف الثالثة لعام 1949 معاملة أسرى الحرب! وهذه المعاملة تشمل عدم استعمال الأسر والاحتجاز حجّة للانتقام وسوء المعاملة، أو التعذيب للحصول على معلومات من الأسرى، وأيضا ضرورة حصولهم على الرعاية الطّبّيّة والطعام والسكن وغيرها من الضروريات! وبعد حرب غزّة، وانطلاق المرحلة الأولى من اتّفاق وقف إطلاق النار وبداية عمليات تبادل الأسرى لاحظ العالم الفرق الهائل بين أوضاع الأسرى الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية والأسرى الفلسطينيين لدى "إسرائيل" من حيث القدرات البدنية والعقلية والنفسية! ومع ذلك حاولت حكومة بنيامين نتنياهو قلب الحقائق والادعاء بأن أوضاع الأسرى الصهاينة سَيّئة جدا! وخلافا للافتراءات الصهيونية أعلن طبيب بمستشفى شيبا "الإسرائيلي" الذي نُقِلَت اليه الأسيرات الثلاث بعد الإفراج عنهنّ من غزة، يوم 20 كانون الثاني/يناير 2025: "أنا سعيد بإبلاغكم بأنّهنّ في حالة مستقرّة!" وبالمقابل فإن شهادات عشرات الأسرى الفلسطينيين المُفْرَج عنهم أكّدت بأن الاحتلال تعمّد حرمانهم من الرعاية الصحّيّة والطعام والنوم، تماما مثلما تعامل مع المدنيين العزّل في غزة، ونشر بينهم الموت والاعاقة والدمار والخراب فضلا عن حرمانهم من الغذاء الماء والدواء والخيام! وهنالك عشرات الأسرى المُفْرَج عنهم، وفقا للهلال الأحمر الفلسطيني، نقلوا إلى المستشفيات "المتهالكة" داخل غزّة بسبب "وضعهم الصّحّيّ الصعب"! وتفاوتت أوضاع الأسرى الفلسطينيين السيّئة بين الهزال الكبير، وفقدان الذاكرة، والصعوبة في المشي والتحرّك، والأمراض الجلدية، وخصوصا الجرب، وغيرها من الأمراض الجسدية والنفسية! وأظهرت تقارير المستشفيات الفلسطينية أن بعض الأسرى من مرضى السّكّرّيّ، عانوا من الإهمال التامّ ممّا تسبّب ببتر قدم أحدهم، ويد الآخر! ولم يتوقّف الأمر عند الإهمال الصّحّيّ والغذائي بل أكّد العديد من الأسرى الفلسطينيين بأنهم كانوا يتعرّضون إلى التعذيب والتنكيل في سجون حكومة نتنياهو! ويمكن اختصار الحقد الصهيوني بالإبقاء على الأسير، المُفْرَج عنه، "كاظم زواهرة" في الأسر رغم أنّه في حالة غيبوبة، وفقا للهلال الأحمر الفلسطيني! وتعمّدت "إسرائيل" معاملة الأسرى بوحشية وهمجية عند تسليمهم للصليب الأحمر الدولي، الذي أعرب عن غضبه بسبب "اقتياد الأسرى الفلسطينيين بعد رفع أيديهم المكبّلة بالأصفاد خلف رؤوسهم وهو وضع مؤلم"! لقد أثبتت المرحلة الأولى من عمليّات تبادل الأسرى بأن إنسانية المقاومة الفلسطينية مُتقدّمة بدرجات كبيرة على همجيّة قوّات الاحتلال في التعامل الإنساني رغم أن الظروف في غزّة كانت مليئة بالموت والقتل الجماعي والإرهاب العشوائي الذي استخدمه قوّات الاحتلال والمتمثّل بتدميرها لأكثر من ٨٠% من القطاع، ومع ذلك كانت الظروف الإنسانية "الجيدة" للأسرى الصهاينة لا تُقارن بالحالات المؤلمة التي ظهر فيها غالبيّة الأسرى الفلسطينيين! منطقيّا لا يمكن توقّع أن الظروف الإنسانية التي يَتواجد فيها الأسرى الصهاينة في غزة صحّيّة وآمنة، ورغم ذلك أظهرت الصور المنقولة لأرجاء العالم، الأسرى الصهاينة، المُفْرَج عنه، وهم يرتدون ملابس جديدة ونظيفة ويتمتّعون بصحّة تامّة! فكيف حافظت المقاومة على حياتهم، فضلا عن صحّتهم، وطعامهم وبقيّة احتياجاتهم الضرورية؟ قوّات المقاومة، أيّ مقاومة، التي تُقاتل لاسترجاع الحقوق الأصيلة، الإنسانية والتاريخية، دائما تُحْسِن معاملة الأسرى، والقوّات المحتلّة والمليشيات دائما تُسْيء معاملة الأسرى! النضال الفلسطيني الأصيل، ورغم التحدّيات، مُتمسّك بالقيم والمبادئ الإنسانية النبيلة، وهذا دليل على الترابط التاريخي الجامع بين المقاومة والحقوق الأصيلة التي تقود في نهاية المطاف إلى تحقيق النصر والخلاص التامّ من الاحتلال ومشاريعه التوسعية التخريبية! @dr_jasemj67
1227
| 07 مارس 2025
مُلِئَت كتب التاريخ والسياسة ببعض المصطلحات البغيضة، التي كنّا نعتقد أنه قد انتهى عهدها ومنها الرجعية والامبريالية الكولونيالية، الاستعمارية، وغيرها من المصطلحات المرتبطة بالاستعمار وتدمير الدول وسحق الحقوق الإنسانية والتاريخية من طرف القوى المتسلّطة! وتوهّمنا بأن غالبية الميادين السياسية، والعقول التي تُدير العالم، وقواميس العلاقات الدولية، والصالونات الثقافية قد غادرت تلك المصطلحات التوسعية، كونها قائمة على سياسات «همجية سقيمة» أرهقت الشعوب الفقيرة والمغلوب على أمرها، ولكن يبدو أن الواقع الفلسطيني الحالي أعاد تلك المصطلحات المقيتة للواجهة السياسية، وخصوصا الإمبريالية! وتُعرّف الإمبريالية (Imperialism) بأنها دعوة لبسط السلطة والهيمنة عن طريق الاستحواذ المباشر على الأراضي، أو بفرض السيطرة السياسية والاقتصادية على دول أخرى. والإمبريالية سياسة توسعية استخدمتها الدول القوية الكبرى للسيطرة على مُقدّرات الدول الضعيفة الهشّة، ونَفّذتها بالتدخّل العسكري الكلّيّ المباشر أو التحكّم الجزئي غير المباشر عبر دعم الانقلابات العسكرية في الدول المُستهدفة! والامبريالية الاستعمارية برزت في القرنين التاسع عشر والعشرين، وتمثّلت بالاستعمار والاحتلال التامّ لدول آسيوية وأفريقية والهند وغيرها. وهذه الإمبريالية «الشائعة» تَحوّلت، لاحقا، إلى الإمبريالية الاقتصادية المتمثّلة بالشركات المتعدّدة الجنسيّات، وقروض البنك الدولي، والتحكّم بالأسواق العالمية وبغالبية مصادر الموارد الطبيعية وأسواقها، والتلاعب بالعقول بواسطة الإمبريالية الثقافية والفكرية والتكنولوجية وغيرها! وحقبة الامبريالية والكولونيالية كانت واضحة لغاية خمسينيّات القرن الماضي ثُمّ تراجعت بوضوح. ولاحقا، وتحديدا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، والتفرّد الأمريكي بقيادة العالم، ظهرت سياسات توسعية قائمة على القوّتين العسكرية والاقتصادية، وكانت بأدوات خفيّة، أو بترتيب لأسباب حقيقية ووهميّة لتبريرها! وعادت «الإمبريالية» اليوم بصورة علنية وغريبة من خلال السياسة الأمريكية الخارجية القائمة على القوّة، والمتمثّلة بقرارات الرئيس دونالد ترامب وفريقه «الحيوي» المستوعب تماما للأفكار «الترامبية»! وهذه المعاني السياسية المرهقة تتّضح عبر السياسات المتوائمة والمتوافقة ما بين واشنطن و»إسرائيل»، وبرزت بشكل أبرز وأقوى بعد دخول الرئيس ترامب للبيت الأبيض بداية العام الحالي، والتعاطي «المتحيز» مع ملفّ المفاوضات وتطبيق وقف إطلاق النار بين المقاومة و»إسرائيل»! وبهذا الباب حذّرت افتتاحية صحيفة «أوبزرفر» البريطانية، يوم 23 شباط/ فبراير 2025، من أن حقبة جديدة من «إمبريالية القوّة العظمى التي يُغذّيها الاستبداد والقوميّة المفرطة تَتَكشّف بسبب سلوك الرئيس ترامب الذي عَزّز الإجماع القائم بين السياسيين والدبلوماسيين والمحلّلين الغربيين على أن حقبة جديدة من إمبريالية القوّة العظمى تَتَكشّف»! وكشفت الصحيفة بأن السياسة العالمية الأمريكية الجديدة «غير المستنيرة» تمثّلت بالطلب المضطرب، الذي لم يلتفت إليه أحد، بإطلاق سراح جميع المحتجزين «الإسرائيليين»، وكذلك الاقتراح «غير القانوني بالاستيلاء على غزّة، وطرد الفلسطينيين لم يزد الأمور إلا سوءا، فضلا عن تعريضه لوقف إطلاق النار، الهشّ أصلا، للخطر»! وهكذا يبرز بأن عالمنا «المتحضّر» يمشي بخطوات ظاهرة ومتسارعة للعودة لمرحلة الإمبريالية والتغوّل والتسلّط وفرض إرادة القوّة على بعض الدول والشعوب! إن العلاقات الدولية السليمة يفترض أن تقوم على السيادة المتساوية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتجريم استخدام القوّة في العلاقات الخارجية، وضرورة إنماء العلاقات الدولية على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لجميع الشعوب حقّ تقرير المصير وبدون هذه المبادئ لا يمكن أن تكون تلك العلاقات متينة وصلبة! التعاطي الأمريكي «المشوّه» مع ملفّ غزة، والانحياز العلني «لإسرائيل» أثبت ضرب البيت الأبيض لغالبية المبادئ الإنسانية التي «ضَمنها الدستور الأمريكي»! أمريكا، بلا شكّ، قوّة عظمى، ولكنّنا نأمل أن تكون قوّتها لنصرة الشعوب المظلومة ودعمها بعيدا عن سياسات الميل لطرف دون آخر في الموازين الدولية! نأمل ذلك، ولكنّ الواقع مختلف تماما ولا يتغيّر بالأمنيات فقط!
711
| 28 فبراير 2025
الموت هو النهاية الطبيعية لجميع البشر، وغالبية الناس يدفنون موتاهم في باطن الأرض بقبور معلومة وشاخصة أو مُنْدَرسة، ويزورون موتاهم بين حين وآخر! والغربة، وبالذات الاجبارية منها، صورة من صور الموت والعقاب، وهنالك في بعض عقوبات الشريعة الإسلامية السمحاء عقوبة «التغريب»، وهذا يعني أن الغربة ليست، دائما، رحلة ترفيهية ترويحية فقد تكون عقوبة قاسية على الروح والفكر والجسد، والماضي والحاضر والمستقبل، والحياة والموت! والموت هو الفصل الأخير من كتاب الحياة، والنهاية التي لا مَفرّ منها لكل إنسان، حتى ولو كان من الملحدين، والناكرين لوجود البعث والحساب ويوم القيامة! ومن أول مراحل العالم الآخر، هو القبر. والقبور تُحصر في أماكن محدّدة تسمّى المقابر، وهذه المقابر تختلف أحجامها بناءً على عدة عوامل منها، قُدسيّة المدن، كما هو الحال في مكة والمدينة وغيرهما، أو حجم المدينة، وبالتالي لا توجد مقابر متشابهة حتى من حيث البناء والتنظيم! ويختلف ترتيب القبور بين دولة وأخرى، فهنالك بعض الدول العربية والإسلامية تكون فيها القبور منظّمة بشكل مُميّز، وضمن «السيطرة الإدارية» منذ المراحل الأولى للوفاة، وحتى مرحلة القبر، ولغاية مرحلة الزيارة لاحقا! وتتميّز مقابر الدول الرصينة بأنها مُحاطة بالحراسات ومنظّمة، وبالطرق المعبّدة، الرئيسية والفرعية، وبقية الخدمات التي تُسهّل زيارة المقبرة! ومما يُميّز هذه المقابر أنها مقسّمة ومرقمة في حواسيب وسجلّات، ويمكن بزيارة سريعة لإدارة المقبرة الحصول على مكان القبر ورقمه، وهي خدمات مجانية! وبالمقابل هنالك في دول أخرى مقابر كبيرة وضخمة، ولكنها عشوائية، رغم أن فيها مئات آلاف القبور، وذلك بسبب الفوضى الإدارية، ومَن يريد أن يعرف قبر قريبه عليه أن يستعين بالمكاتب التي تولت الدفن، وهذه خدمات مدفوعة الأجر، وليست مجانية! واللافت للنظر أن أذواق الناس في التعامل مع القبور، بعيدا عن شرعية هذه الأفعال، تختلف من مكان لآخر، فهنالك مقابر محاطة بالورود والزهور، وهنالك مقابر مهملة ومحفورة وخربة، تماما مثل واقع مساكن الناس، الأغنياء والفقراء، مع الفارق الساحق بين الحياة والموت! وقبل أيام تابعت فيلما وثائقيا عن إحدى المقاطعات الروسية وقد أذهلني قبور المسلمين الغرباء في مقابر مغطاة بالثلوج لما لا يقل عن نصف متر! واقعيا هنالك شعوب اعتادت على زيارة الأموات في الأعياد والمناسبات الدينية والعائلية والشخصية، كنوع من التواصل بين الأحياء والأموات، وذلك، في الغالب، للقرب «المعقول» بين مدنهم ومقابرهم! ولكنّ الحال بالنسبة لغالبية الغرباء مختلف تماما حيث إن الغربة فرّقت الناس ليس في أجسادهم فحسب بل حتى في قبورهم، وجعلت قبور بعض عوائل الغرباء، ربّما، في أكثر من ثلاث دول! وحينما نتابع أخبار المغتربين العرب اليوم نجد أنّهم منتشرون في أغلب الدول الأجنبية، ولديهم مقابرهم الخاصّة، التي يَقْبرون موتاهم فيها، ولكنّ الأمر المذهل، هو العودة للوطن وترك الأموات في مقابر بعيدة ونائية، وكأنها غربة مركّبة للأحياء والأموات! ويبدو أن النعم الإلهية لا تتوقّف عند الموت، بل تستمرّ حتى بعد مرحلة القبر، حيث ينال الميت، عند زيارة قبره، دعوات أهله وأحبابه وخصوصا في المقابر القريبة نسبيا من السكن الدائم! إن الدفن في مقابر الغرباء جزء من ضريبة الغربة، التي تُفرض على الغرباء كجزء من ضرائب أخرى منها الضياع في دروب غريبة، والتأقلم والتعايش مع عادات وشعوب تختلف، غالبا، في أبسط السلوكيات والعادات والتقاليد! وأخيرا نحن لا ندري أنُقْبَر في بلداننا، أم سنُقْبَر في بلاد الغربة والضياع؟ رحم الله «الغرباء» في غربتهم المركّبة، وفقدانهم لأبسط حقوق الأموات ألا وهي زيارة الأهل والأقارب!
990
| 21 فبراير 2025
«بدء تفريغ قطاع غزة» بهذا العنوان الرئيسي والصادم وبالخطّ العريض، مانشيت، كانت واجهة الصفحة الأولى لجريدة الدستور الأردنية في عددها المرقّم (1027) والصادر بتاريخ 11 آذار/مارس من العام 1970! ومنذ ذلك الحين طُرحت فكرة إخلاء القطاع من سكّانه في عدّة مؤتمرات رسمية ودراسات ومقترحات أمريكية وصهيونية! والفكرة التي طُرحت حينها تتمثّل بأن «إسرائيل» وبعد احتلالها لغزة في العام 1967 وجدت نفسها بمواجهة (300) ألف فلسطيني داخل القطاع، وهذه الكتل البشرية الضخمة كانت من العوائق الكبيرة أمام تنفيذ الاحتلال لمشاريعه التوسعية! والمشروع الذي طرحه «يغيئال ألون» وزير العمل «الإسرائيلي» في تمّوز/يوليو 1967 على رئيس حكومته «ليفي أشكول»، تضمن ضَمّ قطاع غزة بأكمله إلى «إسرائيل»، وتوطين (300) ألف غزّيّ في الضفة الغربية، والعريش شمالي سيناء! وكان مصير مشروعه الفشل. وبعد (55) سنة من مشروع «يغيئال ألون» جاء اليوم مشروع الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، والساعي لتهجير ما يقرب من مليوني فلسطيني إلى الأردن ومصر! والفكرة التي طرحها الرئيس ترامب تُشير بأن أمريكا ستتولى السيطرة على غزة بعد تهجير أهلها إلى الأردن ومصر! ورغم الرفض الفلسطيني والعربي والدولي للمخطط الأمريكي «الإسرائيلي» إلا أن الرئيس ترامب عاد ثانية في العاشر من الشهر الجاري ليقول بأنه: «مُلْتزم بشراء غزة وامتلاكها»! والمدهش أن الرئيس الأمريكي جدد خلال لقائه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في البيت الأبيض، الثلاثاء الماضي، تأكيده على خطّته الغريبة! فهل يُعقل هذا الكلام؟ وهل نحن أمام «سايكس بيكو» جديدة؟ إن واشنطن، باعتبارها الدولة الأقوى في العالم، إنْ أرادت أن تكون مُنْصفة عليها ألا تقف مع «إسرائيل» وتحتفي بنتنياهو القاتل لأكثر من (50) ألف فلسطيني مع سبق الإصرار والترصد! وعليها أن توقف آلة الحرب «الإسرائيلية» وأن تُنصف المقاومة الفلسطينية المشروعة، وسبق للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن أن قال، منتصف العام 2004: «لا أتحمل أن يكون بلدي محتلا»! فلماذا يَحرمون الشعب الفلسطيني من حقّ المقاومة المكفول بموجب القوانين السماوية والأرضية! ومن الواجبات الأخلاقية على واشنطن أن تدعم الجهود الإنسانية لإغاثة أهالي غزة، وتسمح بتدفّق المساعدات بجدّيّة وبالذات القضايا الجوهرية ومنها البيوت الجاهزة والأدوية وبقيّة ضروريات الحياة، وحثّ دول العالم للمساعدة بإعمار غزة! ويفترض العمل على تحسين وضع غزة والضفة الغربية الإنساني، وإعادة إعمار البنية التحتية، وتوفير الرعاية الصحية والتعليم، وتشجيع الحوار الفلسطيني الداخلي! وكذلك السعي لتطبيق حلّ الدولتين وفقا للرؤية الفلسطينية، بما فيها المقاومة، التي تطالب «بإقامة دولة فلسطينية واحدة، عاصمتها القدس، على حدود العام 1967 دون الاعتراف بإسرائيل»! الحلول الأمريكية «والإسرائيلية» الخيالية الهادفة لحماية «إسرائيل» وسحق الفلسطينيين، هي مشاريع تطهير عرقي، ومحاولات سقيمة لقتل إرادة الفلسطينيين! إن المشاريع «الاستئصالية»، ومنها التهجير، لا يمكنها أن تقتل روح المقاومة، وعليه فمَن يُريد حَسْم قضية غزة ينبغي أن ينظر بعين مُنْصِفة وعادلة وصافية لما يدور في غالبية الأراضي المحتلة من جرائم «إسرائيلية» يندى لها جبين الإنسانية! هذه الحلول الانتقامية لا تقود لسلام مُسْتدام، وهي «بارود» لمزيد من المقاومة الفلسطينية، وستفشل في قبر الحقوق المشروعة في المقاومة والأرض! غزة لم تُهَجّر بالأمس، ولن تُهَجّر في الحاضر والمستقبل، والكلام عن شراء أرضها جزء من الخيال البعيد عن الواقع، ومَن لا يعرف التمسّك الفلسطيني بالأرض يحقّ له أن يتوهّم هذه الأوهام! ستبقى فلسطين عربية، وستبقى غزة عصيّة على التهجير ولو أعطى «الغرباء» ملء الأرض ذهبا لا يمكن القبول بمساوماتهم الرخيصة! وستبقى الكلمة الأولى والأخيرة للفلسطينيين وليس لأحد سواهم!
855
| 14 فبراير 2025
خلال الخمسة عشر شهرا المريرة من حرب غزة كانت غالبية وسائل الإعلام، العربية والعالمية، مُنشغلة بمجريات الحرب «الإسرائيلية» ضد المدنيين العزل، وتحاول جاهدة نقل بعض الحقيقة، ولكن غالبية تلك الوسائل الإعلامية تغاضت «مرغمة» عمّا يجري في الضفة الغربية لانشغالها بنقل بعض المجازر الصهيونية في قطاع غزة! وتُشكّل الضفة أكثر من 20 بالمائة من مساحة فلسطين، وتضمّ الجزء الشرقي من مدينة القدس، ومدن الخليل، ونابلس، وجنين، وطولكرم، ورام الله، وبيت لحم وأريحا، وطوباس وتقع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس! والهجمات «الإسرائيلية» بالطائرات المسيّرة والصواريخ والاقتحامات مستمرّة ضد الضفة وبقسوة كبيرة، وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، في الثالث من الشهر الجاري، عن سقوط (905) شهداء في الضفة بينهم (182) طفلا منذ السابع من أكتوبر 2023! ويبدو أن الجهد العسكري «الإسرائيلي»، بعد غزة، توجّه للضفة، وقد وَثّقت «هيئة مقاومة الاستيطان» (2161) اعتداء صهيونيا خلال يناير الماضي في الضفة! والتركيز «الإسرائيلي» على «جنين، وطولكرم، وطوباس» ومخيّماتها دليل على خطّة استيطانية جديدة، وبالذات مع تهجير غالبية السكان! وقد ركّز الاحتلال في مجازره بوضوح على جنين، ومجازره هناك لا تقلّ بشاعة عن تلك التي وقعت في غزة إلا من حيث عدد الشهداء وحجم التدمير! ونفّذت «إسرائيل» في جنين في الأول من هذا الشهر، أكبر عملية تفجير لمربّعات سكنية منذ العام 2002 وطالت (20) منزلا، ولهذا لم يَبْق في جنين سوى (70) عائلة دون أي تواصل مع الخارج، فيما أُجبر نحو 48 بالمائة من سكان مخيّم طولكرم على النزوح، منذ «طوفان الأقصى»! ولم يكن موقف أهالي الضفة أقل بطولة وبسالة من الغزّيين، وشهدت الضفة خلال الشهر الأول من العام الحالي تصعيدا نادرا من المقاومة الشعبية، وكانت حصيلتها، وفقا لمركز معلومات فلسطين «معطي»، مقتل ستة جنود «إسرائيليين» وجرح (40) آخرين! ووثّق المركز (522) عملاً مقاوماً وشعبياً، وكذلك (50) اشتباكاً مسلّحاً و(20) عملية إطلاق نار، و(94) عملية زرع عبوات ناسفة، وإعطاب سبع آليات عسكرية. وبخصوص المظاهرات وأعمال المقاومة الشعبية، قال المركز إنها بلغت (346) عملاً، فيما تَصدّت المقاومة لنحو (45) اعتداءً من المستوطنين! وتواصل المسيّرات الصهيونية قصفها للمدنيين في جنين، وبمعدّل شهيدين يوميا خلال الأسبوعين الماضيين، بالإضافة إلى عشرات الجرحى، ودمّرت أكثر من (150) منزلا بشكل كلّي! ويبدو أن التعطّش الصهيوني للدماء لا يمكن إشباعه بسهولة، فبعد مذابحها في غزة عادت «إسرائيل» لنقل تجاربها الإرهابية إلى مدن فلسطينية أخرى، وكأنّ قتلها لأكثر من (50) ألف مدني غَزّيّ لم يَرْو إرهابها وعطشها من دماء الفلسطينيين! ومع ازدياد هذه الهجمات حذّرت الرئاسة الفلسطينية من انفجار لا يمكن السيطرة عليه، وخصوصا مع إصرار «إسرائيل» على توغّلها البرّيّ في الضفة، وتفجيرها لأحياء كاملة في المخيّمات وتهجيرها للمدنيين العزل، وكأنها تنفّذ خطّة استيطانية جديدة ومدروسة! وطالب الرئيس عباس، يوم الثاني من شباط/فبراير الحالي، بعقد جلسة طارئة وعاجلة لمجلس الأمن الدولي، لوقف «العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني»! وأعتقد أن الأيام القليلة المقبلة، وبالذات مع زيارة نتنياهو الحالية لواشنطن، والدعم المذهل الذي أظهره الرئيس ترامب «لإسرائيل»، ستكون الفيصل في معرفة المخطّطات «الإسرائيلية» الجديدة بالمنطقة، والتي تحاول من خلالها «تغيير» شَكْل الشرق الأوسط! إن «إسرائيل» تحاول، وبخطط متنوّعة ومتجدّدة، كسر إرادة الشعب الفلسطيني وقهره، وقلب حياتهم إلى جحيم مستمرّ، ورُعْب مُمِيت لتحقيق أهدافها التوسعية! المخطّطات الصهيونية مصيرها الفشل لأن إيمان الفلسطينيين أكبر من مؤامراتهم الخبيثة، والنصر سيتحقّق لفلسطين وأهلها ولو بعد حين!
714
| 07 فبراير 2025
توقفت، قبل أيام، حرب غزة باتّفاق وقف إطلاق النار، ولكن الذي لم يتوقّف هي الدروس والعبر المستخلصة من مدرسة المقاومة الفلسطينية بعد عام وثلاثة أشهر من القتال الناري والنادر والمتميّز! وبهذا الخصوص عرضت فضائية الجزيرة الفضائية يوم 24 كانون الثاني/يناير 2025 حلقة مميّزة من برنامج «ما خفيّ أعظم»، تناولت بعض بطولات المقاومة، وتفاصيل مضمرة حول عملية «طوفان الأقصى»! وكشف البرنامج خطّة «الطوفان» بتفاصيل مثيرة وجديدة، ولكن الذي شدّني هو الواقع العجيب والخطير الذي عاش فيه القائد الشهيد يحيى السنوار، قائد حركة «حماس»، ولهذا آثرت أن أُركّز على تلك اللقطات النادرة التي ظهر فيها الشهيد الشجاع! برز «السنوار» القائد بأرض المعركة وهو يلتحف معطفا عسكريا أو بطّانيّة ويتنقّل بصلابة بين المنازل المهدّمة والمواقع القتالية، والغريب هي تلك الابتسامة التي لم تفارق مُحيّاه رغم سماع دويّ الصواريخ والطائرات التي تحيط بالمكان! ومسيرة «السنوار» مليئة بالمهامّ الجسام التي هزّت كيان «إسرائيل»، كيف لا وهو الذي أذهلها بتأسيس الجهاز الأمني لحماس قبل اعتقاله في العام 1988! وقد وثّقت اللقطات التي تعرض لأوّل مرّة «السنوار» القائد في الخطوط الأمامية وفوق الأرض، وليس في الانفاق كما حاولت «إسرائيل» تصويره خلال الحرب! تحرّكات «السنوار» الميدانية الخطيرة وثّقتها «كتاب القسام» خلال مجريات الحرب الدموية، وهذا يؤكّد قوّة وجرأة الجهد الإعلامي للمقاومة الباسلة، وإن الإعلام هو الجيش الثاني في المعارك! وأظهرت اللقطات «السنوار»، وهو يقود إحدى المعارك في رفح جنوبي غزة، وأظهرته وهو يتجوّل في أكثر من منطقة بين الكمائن والمقاومين لرفع معنويّاتهم القتالية! ثمّ برز «السنوار» مع قائد كتيبة تلّ السلطان محمود حمدان، رفيقه في القتال والاستشهاد، وهما يفترشان الأرض، وأمامهما خريطة ميدانية للمعركة، وهما بلا حمايات، وبين الأنقاض، وفي بيت مهجور! ولاحقا ظهر «السنوار» وأمامه ناقلة صهيونية بعد استهدافها واعطابها، وكان كأنّه جبل شامخ لا تهزّه الريح ولا الأعداء! «السنوار» الذي كان يتجوّل بعصاه وسلاحه الشخصيّ بين المقاتلين دوّخ الاستخبارات «الإسرائيلية» في تتبع أماكن تنقّلاته وقد كان يوم استشهاده قدرا، وبلا تخطيط صهيوني، واكتشفت «إسرائيل» لاحقا أن «المقاوم» في البيت المستهدف هو «السنوار»، وهي حتّى اليوم تحتفظ بجثمانه! «السنوار» الشهيد الذي حُكِم عليه بأكثر من أربعة مؤبّدات، وأمضى منها (22) عاما في السجون الصهيونية، وخرج بصفقة «جلعاد شاليط» في العام 2011، ارتبط اسمه بالصور المليئة بالصمود والتحدّي، وهو الذي يمتلك تاريخا طويلا مليئا بالصبر والنضال! وبعد الافراج عنه خرج «السنوار» أكثر صلابة وإصرارا على المقاومة، ورفض التّنحّي على الرغم من التهديدات «الإسرائيلية» باغتياله، وأكّد مرارا بأن «حياته ليست أغلى من حياة أيّ فلسطيني آخر»! وقد ساهم «السنوار» بعزيمة منقطعة النظير في معركة «سيف القدس» في العام 2011، واختير قائدا لحماس في غزة في العام 2017 ولاحقا انتخب قائدا عامّا للحركة في آب/ أغسطس من العام 2024 بعد اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في إيران، وبقي يؤدّي أدواره السياسية والعسكرية لغاية استشهاده ليلة 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2024 في تلّ السلطان! واليوم صار المنزل الذي استشهد فيه «السنوار» مزارا ومركزا لجذب مُحِبّيه، وأكّد صاحب المنزل «أشرف أبو طه» بأن الكرسي الذي استشهد «السنوار» وهو يجلس عليه، بعد اصابته، أصبح رمزاً وطنياً، والناس يطالبون بتسمية الحيّ بتلّ السنوار بدلا عن تلّ السلطان! رحم الله «السنوار»، الشهيد السعيد، الذي نُحِتَت صورته في أذهان الأحرار، ودروس بطولاته ستُدَرّس، وتُذْكر بفخر واعتزاز لمحبّي الحرّية في أرجاء الأرض!
1056
| 31 يناير 2025
هنالك بعض الأحداث العالمية التي تبدأ بصَدْمة كبيرة وتنتهي بصَدْمة أكبر، وهذا واقع حال ملحمة «طوفان الأقصى» التي بدأت بهَزّة مُذْهلة «لإسرائيل» وانتهت بهَزّة أشدّ وأقوى! ومنذ السابع من أكتوبر 2023، ظهرت مئات آلاف المقالات والمنشورات واللقاءات التلفزيونية والراديوية والنقاشات البرلمانية والزيارات الدولية والمظاهرات الشعبية وجميعها نَدّدت بوحشية «إسرائيل» وحذّرت من تداعيات «طوفان الأقصى» على فلسطين والمنطقة! وهذه الأيام عاد العالم ليُتابع اتّفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية و»إسرائيل»، والذي دخل حيّز التنفيذ صباح يوم 19 كانون الثاني/يناير 2025! وهذا الاتّفاق كانت له جملة من الارتجاجات في الداخل الصهيوني، وكأنّ الكابينة الحكومية والقيادات العسكرية الصهيونية تجرّعوا «سُمّ الهزيمة» بالموافقة على وقف الحرب! وفي حديثه ليلة الاتّفاق لـ»القناة 12» العبرية، روى رئيس الموساد السابق «تامير باردو» هذه الحكاية: «في اليوم الأخير من (حرب فيتنام)، كان هناك ضابطان برتبة عقيد، أحدّهما أمريكي والآخر فيتنامي، فقال الأمريكي للفيتنامي: (في كل الحرب نحن لم نخسر في معركة واحدة)، فردّ الفيتنامي: (قد يكون هذا صحيحا، ولكن في صباح الغد، أنتم ستغادرون ونحن سنبقى)»! وهذا الكلام فيه دلالة واضحة على أن الجيش «الإسرائيلي» بعد الاتّفاق سيُغادر غزة، والمقاومة باقية هناك! والكلام الأشدّ نقلته إذاعة الجيش «الإسرائيلي» عن رئيس «الموساد» الحالي «دافيد برنياع»، الذي أقرّ بأن الصفقة مُرْيعة، ولكن» يجب تنفيذها نظراً للظروف التي وصلت إليها إسرائيل»! وذكرت الإذاعة أن بعض وزراء حكومة نتنياهو «بكوا أثناء جلسة التصديق على الصفقة»! فهل هنالك هزيمة أكبر من هذه؟ وتأكيدا للهزيمة أفادت القناة (12) العبرية بأن كتائب حماس ما زالت تحتفظ بقوّتها، وما يجري الآن «يؤكّد وجودها في كلّ مكان وسيطرتها على غزة رغم الحرب الطويلة»! وبعد أن أعلنت «إسرائيل» بدء وقف إطلاق النار عقب (471) يوما من الحرب، أعلن وزير الأمن القومي «إيتمار بن غفير» استقالته من حكومة نتنياهو، ومعه وزراء حزبه، وغيرهم من كبار قادة الجيش احتجاجا على الاتّفاق! وفي دلالة واضحة على مرارة الهزيمة منعت «إسرائيل» أيّ محاولة للاحتفال بالأسرى الفلسطينيين المفْرَج عنهم داخل الأراضي المحتلّة! هذا النصر الفلسطيني الكبير ساهم فيه كبار رجال المقاومة وعلى رأسهم الشهيد إسماعيل هنية، والقائد الشهيد يحيى السنوار، وعشرات آلاف الشهداء، والجرحى وجميع المرابطين الذين صمدوا وهُجِّروا وحقّقوا النصر بصبرهم وتضحياتهم وتلاحمهم! وهذا النصر يُسَجّل للدول التي رَعَت المفاوضات بين المقاومة و»إسرائيل»، وفي مقدّمتها «دولة قطر» التي عملت لشهور متواصلة لترتيب الاتّفاق! وهذا النصر ساهم فيه رجال الصحافة والإعلام بكافّة صنوفه المرئية والمسموعة والمقروءة ومواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك شهداء الصحافة الذين نَزَفت دماءهم الطاهرة وهم ينقلون المجازر الصهيونية للعالم! وهذا النصر يُحْسب لجميع الأحرار الذين وقفوا مع غزة بمواقفهم ومظاهراتهم التي جابت المدن العربية والأوروبية! لا خلاف بأن «إسرائيل» قتلت عشرات آلاف المواطنين الفلسطينيين، ولكنّ الأصحّ أنّها لم تقتل روح المقاومة لدى هذا الشعب الذي خرج بعد الاتّفاق من كافة أرجاء غزة وكأنهم يَتحدّون «إسرائيل» بصمودهم الأسطوري! والمدهشّ أن الكوادر الطّبّيّة والشرطة ظهروا، بعد الاتّفاق، وهم يُحَيّون «السلام الوطني الفلسطيني» في غزة رغم الصور المأساوية المحيطة بالمكان! وهكذا فإن صور اليوم الأوّل للاتّفاق من غزة تؤكّد أن المقاومة تمتلك شعبية كبيرة بين الأهالي، والحديث عن نهايتها مُجرّد أوهام محصورة بعقول الحاقدين والكارهين لفلسطين ومقاومتها! إن حرب غزة لم تُنْه المقاومة الفلسطينية بل أنْهَت نتنياهو، وخلال الأشهر القليلة القادمة سيجد نتنياهو وحكومته أنفسهم خارج الملاعب السياسية والإنسانية بعد هذه الهزائم القاسية!
786
| 24 يناير 2025
لا شكّ أن حرب غزة، والمستمرّة منذ (15) شهرا، لم تكن نزهة ترفيهية ومجّانية بل كانت رحلة صراع بين الحياة والموت، والبطولة والخنوع، والتحدّي والاستسلام، والنصر والهزيمة، والاستقلال والاحتلال، وهذه المعاني النبيلة ليست من نصيب المنهزمين نفسيا وميدانيا! والمدرسة الفلسطينية المقاومة أثبتت جُرأتها وبسالتها في مواجهة الصهاينة، والاستعداد للشهادة، وهذه الحقائق لا تُنكر إلا من الحاقدين والكارهين لفلسطين وأهلها! إن مقارنة بسيطة بين قدرات «إسرائيل» العسكرية الضخمة وإمكانيات المقاومة الفلسطينية البسيطة تُثبت بأن حَسْم المعركة لصالح «إسرائيل» يُفْتَرض أن يكون خلال شهرين على أعلى التقديرات، وهذا ما لم يحدث بسبب الصمود النادر لغزة وأهلها! وفقدت «إسرائيل» خلال معارك غزة أكثر من (850) عسكريا، عدا خسائرها لمئات المستوطنين والعسكريين في اليوم الأول للطوفان، وقد بلغت تكلفة الحرب «نحو (67.57 مليار دولار) حتى نهاية عام 2024»، وفقا لصحف «إسرائيلية»! وعليه فإن استمرار المقاومة في بطولاتها النادرة جعل قادة الصهاينة في حيرة من أمرهم، ويوم 11 يناير 2025 قال بنيامين نتنياهو إنه يشعر» بالحزن لفقدان أربعة جنود في غزة»! وهذا يعني أن المقاومة لم تستسلم، ولم ترفع الراية البيضاء، رغم مرور عام وثلاثة أشهر على المواجهات! ثم إذا كانت غزة ومقاومتها قد انهزمت فلماذا تَتَوسّل «إسرائيل» لحسم المفاوضات، وتحاول تسجيل نصر وهمي على الفلسطينيين عبر اتّفاق وقف النار الذي تضمّنت فقراته العديد من صور الظفر للمقاومة! وخلال هذه المفاوضات، ورغم التضحيات الكبيرة، أصرّت المقاومة الفلسطينية على غالبية شروطها التفاوضية، وذكر موقع «أكسيوس» الأمريكي بأن «نتنياهو وافق على تنازلات جديدة بشأن الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم»! وأكّدت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين أن اتّفاق وقف إطلاق النار بغزة «سيتضمن الإفراج عن أكثر من ثلاثة آلاف أسير فلسطيني»، فيما أكّدت «حماس» أن» الاتّفاق سيشمل الإفراج عن (250) أسيراً من المحكومين بالمؤبدات، و(400) من ذوي الأحكام العالية». وفي تصريح «سقيم» قال نتنياهو، الثلاثاء الماضي، «نحن ننتظر رَدّ حماس وبعد ذلك يمكننا بدء تنفيذ الاتّفاق على الفور»، وذلك بعد أن تَوعّد بعد «طوفان الأقصى» بالقضاء على حماس! المفاوضات بين المقاومة و»إسرائيل» دليل قطعي على أنها تجري مع رجال الميدان وليس مع رجال الفنادق كما يقول أعداء المقاومة، وكذلك ليس مع الحالمين بالسيطرة على حُكْم غزة بعد سحقها بالآلة الصهيونية! هذا الصمود الفلسطيني لا يكون عبر المواقف الناعمة والهزيمة القلبية والفكرية بل بالحكمة الميدانية والذكاء التفاوضي، وهكذا فإن «إسرائيل» تُواجه رجال المقاومة في الميادين العسكرية والدبلوماسية! وكانت إسرائيل قد أطلقت عشرات الخطط العسكرية خلال الحرب، وجميعها انهارت، وبقيت غزة صامدة أبيّة! نهاية الحرب الحالية في غزة تزامنت مع موجة صراعات حادّة في الداخل الصهيوني، وكانت هنالك دعوات لاستقالة رئيس الأركان «هيرسي هاليفي» من منصبه، عقب تسريب رسالة استقالة نائبه، وتنامي علاقاته المتأزمة مع غالبية «جنرالات الجيش»، وفقا للإعلام الصهيوني! وهكذا يبدو أن هزيمة «إسرائيل» ثَبتت بالتناحر السياسي، وكذلك بالربكة الشعبية داخل المقاطعات الصهيونية المحتلة، والتي أوصلت حكومة نتنياهو إلى مرحلة الانهيار وقبول الكثير من شروط التفاوض لحفظ ماء وجهها بعد أن كانت تتفاوض مع المقاومة من برج شاهق! أظن أن غزة ستبقى، مستقبلا، بيد رجال المقاومة السياسية، وليس بيد غيرهم، وبدليل أن الأطراف المشرفة على المفاوضات عاملت المقاومة و»إسرائيل» بطريقة متساوية! التاريخ والأكاديميات العسكرية الأجنبية والعربية ستسجّل نصر غزة الميداني كواحدة من الملاحم التي لا تنطبق عليها مقاييس المعارك الميدانية! النصر حليف الصبر والإيمان بالقضية وهذا هو السلاح الفلسطيني الأقوى والأشهر!
1176
| 17 يناير 2025
هنالك جملة من القضايا والآراء والمآلات التي لا خلاف عليها بين غالبية العقلاء والحكماء بغض النظر عن دينهم وأصولهم وأفكارهم وأماكنهم ومستوى معيشتهم، وغالبيتها ثوابت، أو مسلَّمات، ثَبتَت بالتجارب الإنسانية، والكتب السماوية، والأفكار البشرية. ومما لا خلاف عليه أن الناس يولدون بأقدار لا يد لهم فيها، فهذا يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، وذاك يولد في أتعس الظروف، وهكذا تختلف أحوال مليارات البشر. ومما لا خلاف عليه أن الناس يتشابهون في احتياجاتهم الضرورية، وإن اختلفت تلك الاحتياجات بحسب أوضاعهم المالية. وأن السياسة الحكيمة تبني الإنسان والدولة، والسياسة الطائشة تسحق الإنسان والدولة. وأن الشمعة الصغيرة يمكن أن تضيء الطريق، وهي في ذات الوقت يمكن أن تحرق الأخضر واليابس. وأن النجاح حليف المثابر العامل، والفشل لصيق الكسول النائم. وأن العدل أساس الملك، وإن اختفى العدل من الأرض لم يَعُد للحياة أي قيمة. وأن الغرور يقتل صاحبه، والتواضع سُلّم النجاح والفلاح. وأن الخبرة تأتي بالعمل والمحاولات المتكررة. وأن رغيف الخبز جزء من حياة الإنسان، وقيمة الخبز في عين الفقراء تختلف عن قيمته في أعين الأغنياء والمترفين. وأن الماء سر الحياة فينبغي الحفاظ عليه من الهدر والتخريب. وأن الصحة نعمة غائبة لا يعرف قيمتها وقدرها إلا من فقدها. وأن الصداقة الصافية نادرة، وهي جزء من مسيرة الإنسان في الحياة. وأن المحبة النقية البعيدة عن المصالح أكبر مكسب للإنسان، لأنها قائمة على الحب الزلال البعيد عن المكاسب. وأن العاقل هو الذي يدبر أمواله بالحكمة فلا يشتري إلا الضروريات ويتجنب الكماليات. وأن الكلمة الطيبة الصافية النقية تعمل العجائب، وتزرع الخير، والحب والجمال بالقلوب والنفوس والأجساد، على خلاف الكلمة الخبيثة والعكرة والماجنة فإنها تنبت الشر والكراهية والقبح بالقلوب والنفوس والأجساد. وأن الكلمة الرقيقة أفضل صدقة تُقدّم للفقير المحتاج. وأن السياحة في الأرض، ولو في الحدائق العامة، راحة للنفس والقلب والجسد. وأن الطعام الصحي الطبيعي البعيد عن الشراهة والطمع يبني النفوس والأجساد معا. وأن النساء قيمة عالية في المجتمع، «ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم». وأن الأطفال، إن حَسُنت تربيتهم، نعمة، ومن واجب الحكومات الصافية، مع الأسرة، تربية الأطفال التربية الصالحة السليمة. وأن السعادة البيتية والمجتمعية قائمة على الود والاحترام والتعاون والتغاضي عن الهفوات البسيطة. وأن الإنسان الحكيم هو الذي يُرتب كلامه في المجالس قبل أن يُسْمح له بالكلام. والعاقل من عَرَف قدر نفسه، ولم يغمط مكانة العلماء والفضلاء وعلية القوم. وأن الخير، كل الخير، والسعادة الكبرى تتمثل في عدم حمل هَمّ ما لم يقع. وأن من عاش بعدة وجوه مات بلا وجه، وليس محسوبا على أحد، إلا مَن أراد الإصلاح والتقريب بين الفرقاء الأنقياء. وأن الغضب باب لكل شر، وعلى العاقل أن يضبط أعصابه قدر الإمكان. وأن التكبر على من تكبر عليك صفة الرجال، والتواضع للناس صفة الأنقياء الأصلاء. وأن الكذب لا يليق بالرجال إلا في الحروب ومع الأعداء. وأن الخير، كل الخير، في قلة الكلام وكثرة الصمت. والسلام على الناس هو بوابة الولوج إلى القلوب والنفوس. وأن النوم نعمة لا تقدر بثمن، وأن نصف حياة غالبية الناس تسحق بالنوم. ولا يعرف قيمة «نعمة النوم» إلا المرضى الذين يتألمون ويتقلبون على فراش العافية. والناس أموات حين نومهم، وأن غالبيتهم راكضون وراء ملذات الدنيا الفانية. وأن حياة الإنسان، مهما طالت، فمصيرها النهاية بالموت المحقق، وأن الموت واحد، وإن تعددت أسبابه.
894
| 10 يناير 2025
مضى العام 2024 بتفاصيله الكبيرة والصغيرة، وأحداثه السعيدة والتعيسة، والوردية والدموية، والناعمة والقاسية، وانقضت أيامه بأحداث دولية وإقليمية مرعبة وغالبيتها مستمرة حتى التوقيت! والوقت، الذي هو مقدار من الزمن، تختلف ساعاته وأيامه وسنواته ومراحله خلال التعايش مع الجمال والحبّ والسعادة، عن الوقت في لحظات وساعات ومراحل البشاعة والكراهية والتعاسة، رغم التشابه العِلْميّ بينهما، وهذا الاختلاف ليس مسألة نفسية فحسب، ولكنه، بالنسبة للخائفين والمرعوبين، مسألة واقعية ذاقوا بأسها وشدتها وثقلها!ولقد كان العام 2024 ثقيلا جدا على الفلسطينيين في غزة وما حولها من المدن والدول العربية! عام مليء بالقتل والدم والخوف والرعب والتهجير، حيث ضربت «إسرائيل» بقدراتها العسكرية المتنوّعة والمتطورة المدنيين العزّل في القطاع، وشملت ضرباتها الأطفال والنساء والحوامل والمرضى وكل من يتحرّك على الأرض! وأعلنت وزارة صحّة غزة، نهاية العام 2024، ارتفاع حصيلة الشهداء إلى (45,541)، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، والإصابات إلى (108,338) منذ السابع من / أكتوبر 2023، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض. فيما أعلنت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، أن (12.943) طالبا استُشهدوا و(21.681) أصيبوا خلال العام 2024! واغتال الصهاينة في العام 2024 العديد من قادة المقاومة في غزة وخارجها، وربما، أبرزهم الشهداء: صالح العاروري، وإسماعيل هنية، ويحيى السنوار وغيرهم!وخلال العام 2024 قوّضت «إسرائيل» نظام الرعاية الصّحّيّة شمالي القطاع وفقا لصحّة غزة، وأخرجت عشرات المستشفيات والمراكز الصّحّيّة عن الخدمة، وآخرها مستشفيي كمال عدوان والإندونيسي.وكذلك قتلت (وأعدمت)، لغاية يوم 31/12/2024، أكثر من ألف طبيب وممرّض في القطاع، واعتقلت (350) عنصرا من الكوادر الطبية منذ بداية الطوفان! وحطمت «إسرائيل» غالبية وسائل الحياة الضرورية في القطاع، وبالذات في فصل الشتاء القاسي، وقد توفّي لحد الآن خمسة أطفال نتيجة البرد، وآخرهم في اليوم الأخير من العام 2024! وتحاول «إسرائيل» تنفيذ جرائمها بعيدا عن العالم عبر قتل رجال الإعلام، وقد ارتفع عدد الصحفيين الشهداء، خلال العام 2024، إلى 201 صحفيّ وصحفيّة! وأفاد تقرير للجهاز المركزيّ الفلسطيني للإحصاء بأن عدد سكّان غزة انخفض 6% مع نهاية العام 2024 بسبب «استمرار حرب الإبادة الإسرائيلية»! ولكثرة الجرائم الصهيونية اضطرّت بعض المنظّمات والدول الغربية لإدانة القسوة «الإسرائيلية، وطالب مقرّرون أمميون، يوم 30/12/2024، بوجوب أن تكون هناك عواقب لانتهاكات «إسرائيل» لأسس القانون الدولي في غزة، واستمرار هجماتها العسكرية وعمليّات التهجير القسري للفلسطينيين! وبالمقابل لا ننسى أن العام 2024، ورغم التضحيات الفلسطينية المرتفعة، فهو عام المقاومة المتميزة، التي عجز الجيش «الإسرائيلي» عن هزيمتها رغم القسوة المفرطة التي استخدمها في الحرب! وهنالك في الداخل «الإسرائيلي» مَن يرى أن العام 2024 كان عام «الإخفاقات المؤلمة التي عانت منها إسرائيل»، وفقا لصحيفة «يسرائيل هيوم»! إن الحرج الكبير الذي وقعت به حكومة بنيامين نتنياهو، والمتمثّل في فشلها بتحرير الأسرى الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية رغم مرور أكثر من (455) يوما منذ بداية «طوفان الأقصى» سبب جملة من المشاكل السياسية والاجتماعية داخل الكيان وخارجه! وأعلنت «إسرائيل»، بداية العام 2025، عن مقتل (891) عسكريا وإصابة 5 آلاف و569 منذ السابع من /أكتوبر 2023، وهذه الأعداد هي الأكبر عند مقارنتها بالخسائر «الإسرائيلية» في كافة حروبها مع الدول العربية! ستسجّل كتب التاريخ أن الشعب الفلسطيني، ورغم الحصار والخناق المالي والعسكري والإعلامي، نجح، وخصوصا في العام 2024، في الصمود أمام «إسرائيل» المدعومة عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا من غالبية الدول الغربية! وهذا هو النصر الكبير لفلسطين وأهلها وللأحرار في العالم!
2373
| 03 يناير 2025
مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
4302
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...
2085
| 07 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1788
| 04 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
1455
| 06 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...
1401
| 10 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1173
| 04 ديسمبر 2025
عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...
939
| 09 ديسمبر 2025
في عالمٍ يزداد انقسامًا، وفي إقليم عربي مثقل...
681
| 10 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
669
| 05 ديسمبر 2025
تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...
645
| 04 ديسمبر 2025
حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...
627
| 08 ديسمبر 2025
شهدت قطر مع بداية شهر ديسمبر الحالي 2025...
567
| 07 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية