رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جاسم الشمري

مساحة إعلانية

مقالات

996

جاسم الشمري

من تحت الأنقاض.. ينهض الأمل السوري

14 مارس 2025 , 01:34ص

ليس من الهيّن الحديث عن الأمل في مراحل اليأس، والنور في زمن الظلمة، والسلام تحت نيران الحروب والفتن، والبناء في عصر الخراب. وهكذا فإن المشاهد المخيفة التي خلفتها آلة الحرب الوحشيّة للنظام السوري تذكرنا بدمار الحربين العالميتين الأولى والثانية وغيرهما، وخصوصا في هيروشيما اليابانية، وجورنيكا الإسبانية، وروتردام الهولندية، وبرلين ودرسدن في ألمانيا، ولندن وكوفنتري في بريطانيا، وستالينجراد الروسية، وهوي الفيتنامية، والفلوجة العراقية وغزة الفلسطينية وغيرها!.

والثورة الشعبية السورية أظهرت نظام بشار الأسد على حقيقته، وكانت مناسبة لبيان مدى حقده على الشعب وسعيه الحثيث لسحقه وإنفاقه لغالبية الثروات الوطنية لشراء الأسلحة القاتلة للمواطنين والمدمرّة للوطن عبر هجمات عشوائية وهمجيّة استمرّت منذ عام 2011 ولغاية نهاية عام 2024!. وسبق لمعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (UNITAR) أن أصدر يوم 17 آذار/ مارس 2019 دراسة مَسْحيّة للدمار الحاصل في نحو 16 مدينة وبلدة سورية. وذكرت الدراسة أن حلب أكبر المدن المتضرّرة، وقد وصل عدد المباني المدمرّة فيها إلى نحو 36 ألف مبنى، تلتها الغوطة الشرقية بـ 35 ألف مبنى مُحطم!.

وجاءت مدينة حمص في المرتبة الثالثة وفيها (13778) بناء، ثمّ الرقة (12781) بناء مدمّراً، وحماة (6405) أبنية، ودير الزور (6405) أبنية، ومخيّم اليرموك (5489) بناءً!.

ومن المؤكد أن هذه التقديرات تقريبية، نتيجة صعوبة الحصول على إحصائيات دقيقة، حينها، بسبب سطوة النظام والعمليّات العسكريّة القاتلة التي لا تفرق بين المدنيّين والمسلّحين. ولا أحد يَعْرف كم حجم الدمار العامّ اليوم، وقد تظهر، قريبا، إحصائيات «دقيقة» لأعداد البنايات والمنازل والمزارع والبساتين السورية المدمرّة، ولهذا لا يمكن تحديد تكلفة الإعمار حتى الساعة كون الموضوع بحاجة لخبراء ودراسات وإحصاء وغيرها من ضروريات إعادة البناء.

وهنالك تقديرات أممية في عام 2018، تؤكد أن اعمار سوريا بحاجة إلى 300 مليار دولار، فيما صرّح المبعوث الروسي ألكسندر لافرنتييف نهاية عام 2021، بأن تقديرات الإعمار تصل إلى 800 مليار دولار!. وقدّر نائب الممثّل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سوريا، محمد مضوي، يوم 24 كانون الثاني/ يناير 2025، تكلفة إعادة الإعمار بين 100 و300 مليار دولار تقريباً، وغيرها من التقديرات المتقاربة والمتباعدة. ويفترض بخطط إعادة الإعمار ألا تقتصر على البنايات والمنازل، وينبغي شمولها لشبكات الكهرباء والماء والطرق والجسور والمرافق الصحية والخدمية والتعليمية، وهذه جميعها أصابها الدمار والخراب بنسب متفاوتة.

إعمار سوريا، يتطلّب مئات مليارات الدولارات، ولكن، وبعيدا عن لغة أرقام الأموال، فإن الثروة السورية الأكبر تتمثّل بالإنسان، وقد تابعنا العديد من التقارير التلفزيونية والإخبارية والصحفية، قبل أيّام، وهي تظهر عودة مئات السوريين المستقرّين في أوروبا وأمريكا وبقيّة دول العالم البعيدة والقريبة، وهذه دلائل قاطعة على التعلّق بالوطن والحرص على إعادة البناء والإعمار والصبر والتحمّل من أجل وطنهم الجديد. وقد لاحظنا بعض المدارس في حمص عادت إليها الحياة وهي مدمّرة، وطلابها بمدارس نصفها مُهَدّم، وهذه أدلة قاطعة على حبّ السوريين للعلم والعطاء. ولكن، وللأسف الشديد، رأينا أن بعض القوى «الموالية» للنظام السوري حاولت، قبل أسبوع، خلط الأوراق لتشتيت المشهد السياسي والاجتماعي!.

وشهدت محافظتا اللاذقية وطرطوس مواجهات قاسية بين بقايا «فلول النظام السابق» وقوّات الأمن السورية خلّفت عشرات القتلى والجرحى، كادت أن تقود لفتنة يستفاد منها «الغرباء»!. ولاحقا شكّلت الرئاسة السورية «لجنة وطنية مستقلّة» للتحقيق في «أحداث الساحل» ومحاسبة كافة المقصرين،

هذه الأحداث الخبيثة لا ترشد للخير والأمن والتلاحم الاجتماعي بل تقود للشّرّ والفوضى والتناحر المجتمعي.

عَمّروا سوريا بالأمن والعلم والمحبّة وستجدون، حينها، أن المال هو آخر التّحدّيات قياسا بالأمل المدهش للسوريين وحُبّهم الخرافي لوطنهم.

مساحة إعلانية