رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

اترك أرسطو خارج المجلس!

لهذا المقال، أود أن أحلل معكم منطق أرسطو ومدى فاعليته بيننا اليوم على الرغم من جموده، إذ يعتمد هذا المنطق على مبدأ التعميم من الكليات، وقياس الأثر من المقدمات الكبرى التي تعطي الانطباع الأشمل عن تصورك من الشيء أو نقيضه، أو مع ما تدافع عنه أو تختلف معه. المسألة ترتبط بشكل خاص بميولك تجاه موضوع ما، ومدى اهتمامك به إما بالقبول أو الرفض، إذ أنت باختصار تحدد موقفك بحسب صناعة جدليتك أو تذمرك الخاص بغض النظر عن مدى دقة التحليل، ولو ظلت فيه ثغرات كثيرة. وعلى الرغم من ضعف هذا القياس المنطقي القديم، إلا أنني اخترته لكم اليوم لأننا (بدون تعميم) ما زلنا نقيد التفكير من الافتراضات العامة والذي يتبعه النقص في بناء الحجج، والصد عن النقيض أو الرأي المغاير الذي يشكك في الانطباع الذي يبنى عليه المنطق. وقس هذا الحال على كثير من القضايا الحالية، في أبسط الأمور وفي أساليب الحياة التي قد تضع لها ألف عذر ولربما تضع لها حججاً قد لا تكن صحيحة، ولكنك تعمل على قياسها بصفات ثابتة غير قابلة للتغيير، لأنها باختصار تؤيد مصلحتك ووجهة نظرك على أية حال. ولنتفقد هذا القياس في الحياة اليومية ومستويات التذمر التي تطرح على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي على سبيل المثال، ولنلاحظ كم من المشاركات التي تعبر عن قضية ما إما بشحن المشاعر نحو الكراهية، التعرض للشخوص، التدخل والفضول، أو حتى التعبير عن نقص الشيء بشكل عام. بالإضافة إلى مسألة نقص المواهب المحلية في عدة مجالات واستبدالها بمواهب أخرى من الخارج والتي تعتبر مسألة راهنة. كل هذه الأمثلة تعتبر مقدمة كبرى افتراضية كبيرة ومن خلالها عبرت عن مدى سلبية الحال الذي على أساسه قست افتراضية الافتقار من المواهب المحلية وعدم وجود المتأهل المناسب أو غيابه عن الساحة على حساب استمرارية واستغلال من يحتكر المجال. ويجب التأكيد على ان القياس المنطقي في هذه الحال سلاح ذو حدين، فلا يوجد فيه منطق صحيح ومنطق خاطئ، ولا ظالم أو مظلوم، ولا فقير أو غني، أو حتى موهبة وعدمها. لأن هذا القياس بالتحديد يظل جدلية عائمة، أي بمعنى آخر قد يعتمد على بديهيات حسية لا توصل للمصداقية، ويغفل في الأساس عن الثغرات والجزئيات الموجودة فيه والتي تتطلب البحث والاستقراء. وأعتقد أن هذه الجزئية هي الحلقة الكبيرة المفقودة عند بناء التذمرات وقياسها حسياً- على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي على الأقل! باعتباره مجلساً لكل القضايا والمواضيع المنطقية والغير منطقية. وكأن أرسطو حاضراً فيه! لذلك، قد يكون الأساس الذي تبنى عليه الجدلية خطأ، وهذه حقيقة لا بد من إدراكها وعدم استنكارها بغض النظر عن مدى منطقية قياسك تجاه الحدث نفسه. لأن الخطأ في هذه الحال قد يكون مبنيا على جانب ويغفل عن الصورة الشاملة، وبناء على هذا المنطق فهو لا يؤدي إلى تفسير دقيق، ولكنه يظل منطقاً بالنسبة لك على الرغم من عدم شموليته. ونعود في القياس المنطقي في هذه الحال على التعميم المحلي في مسألة نقص المواهب، فالادعاء بعدم وجود مواهب أمر مليء بالخطأ، لأنه اعتمد في هذه الحال على الصورة الكبرى في قياس التقشف وتفادي البحث والاستطلاع الفعلي للتعرف على إمكانيات المواهب في الساحة المحلية بشكل أكثر اطلاعاً وأكثر استقراءً للمشهد. خلاصة مبسطة: مسألة التذمر حول غياب الشيء أو نقصه لا يعني في الحقيقة غيابه الفعلي، إنما يتطلب النظر في الشيء بدقة أكبر والدخول في الجزئيات فيه بشكل أعمق. وقس هذه المسألة على المشاعر المشحونة وغيرها من التذمرات العائمة.فاترك عنك أرسطو خارج المجلس!

1875

| 10 يناير 2023

قبل منتصف الليل!

حتى لا نظل دائماً في ثلاثية المواضيع التي تظل عالقة أحياناً كثيرة في دائرتي التحليلية كالهوية والثقافة والتحولات الاجتماعية، فالوقت مناسب أن نعبر عن انطلاقات متجددة مع نهاية سنة كانت مليئة بالإنجازات والصدمات وكل التقلبات التي اعتدنا عليها نحن كسائر البشر. وكيف لي أن أعبر لكم عن عمود اليوم من دون أن اختم سلسلة أعمدتي الصحفية لهذه السنة بالشعور بالفخر والانجاز الجماعي الذي حطم مقاييس النمطية وغير من الصورة التقليدية للمنطقة العربية عموماً والخليجية خاصة. مونديال قطر 2022، ذكرى لن تنسى بسرعة بتفاصيلها المؤثرة!. ولست هنا من خلال هذا العمود أن أعبر بدلاً عنك (عنكِ) عن صفحاتك الجديدة وانطلاقاتك الكبيرة من ضمن قائمة ترغب في تحقيقها خلال السنة القادمة، ولكن لا يسعني في العد التنازلي إلا أن أذكرك بشعورك تجاه الإنجاز الذي حققته في السنوات السابقة، وشعور الانكسار من مشاريع أخرى لم تنجح بالشكل المتوقع. وكيف تصف كلا الشعورين وامكانياتك في عملية تكرار المشاعر وما تصاحبها من إنجازات كبيرة كانت أم صغيرة في السنوات القادمة. وهذا المهم. لن تتغير مشاعر الانسان ولا تقلباته بين هذه السنة والسنة القادمة، وهذا واقع يعيش معه الانسان طوال حياته، بين الفرح والحزن وبين الإنجاز والخذلان وبين كل أبيض وأسود ولربما رمادي يواجه الانسان في كثير من المواقف التي تمر عليه. وهذه الدائرة لن تتغير باختلاف حجم المشاعر التي تأتي معها. ولكن، كل ما نستطيع فعله هو تكرار ما كان لنا سبباً في الاستمرار، من نفس الدائرة التي تحمل كل التقلبات. لديك الخيار بحسب مشاعرك التي جعلت من سنواتك السابقة بصمة وأخرى تهاونت عن تخليد الذكرى وجعلت من الموقف مجرد عبور ليوم آخر. أنا أدرك حجم السعي وحجم الكفاح والممارسة لمساع بسيطة، كما أدرك حجم المحاولات التي تحمل معها المشاعر المترددة ما بين الانسحاب ومحاولة الاستمرار ولو لفترة إضافية. وأتفهم من يشعر بالمعاناة ممن يحاول إبراز الامكانيات والطموحات خارج حدود المنزل وبسقف عال يعطي الفرص انطلاقات مستدامة. أفهم تماماً كل هذه المشاعر وهذه الروح التي تارة تتألم وتارة تفرح من تلك الخطوات الصغيرة لتحقيق آمالها. أدرك حجم المحاولات التي يغلبها اليأس في الأخير عندما يكون الخذلان الحليف الوحيد. ولكن تأكد بأن الأبواب متنوعة، فلا يغلق باب إلا ويفتح لك باب آخر بالتأكيد. والمفتاح بيدك لكل تلك الأبواب، فأنت تدرك متى يحين الوقت لقفل باب وفتح باب آخر، وهذا ليس لغزاً إنما يتطلب منك عدم التوقف والاستمرارية في السعي، أليس ذلك جزءا من الدائرة أيضاً؟. لا نطمح للسنوات الجديدة إلا أن نكون صبورين على دوائرنا، أقوياء أكثر من السابق، وانكسارنا ليس إلا شرخاً لا يتحطم. لا تتمن وتحمل معك تلك الأمنيات في قائمة، إن لم تصاحبها بمشاعرها الحقيقية التي تريدها حقاً مع تلك الأمنيات. ولا تكتب قائمتك الطويلة لأهداف السنة، إلا إذا أيقنت بأنك مبادر لها ولو بخطوات صغيرة من الآن. بعض الأحيان قد لا تنجو هذه القائمة في مستويات التحقيق، ولكنها تظل أمامك ولا تجبرك من الأساس على تحقيقها بالكامل، لأنها تظل أمنيات كبدايتها عندما خُطت في القائمة. وتذكر بأنك تظل بين كل المشاعر الصاعدة والنازلة والساكنة، لن تتغير. ولكن يتفاوت الحمل في وصفها إن كانت قاسية أكثر من السابق، إم إنها سعيدة بحسب وصفك للسعادة. فالبدايات ليست إلا مجرد محاولات جديدة لدوائرنا البشرية. من الضروري إدراك هذه الأمور قبل منتصف الليل!.

1044

| 27 ديسمبر 2022

القطري الجديد

الصورة النهائية تحدثت عن نفسها بالتفاصيل، وبرضا من الشاهد المحلي ورسائله التي وصلت للعالمي بالكامل، شعورك بأن الثقافة أصبحت مروراً على بقية الثقافات يكفي أن تطمئن بأنك استطعت أن تترك بصمة في ذكرى كل من كان على أرض قطر خلال فترة المونديال. تهم أمور كثيرة في المونديال من رمزيات وأنساق ثقافية وانتماءات جماعية تارة قطرية – محلية، وتارة محلية – خليجية، وأخرى خليجية – عربية. ولكن ما يهم أكثر، أن سلوك المحلي أصبح جزءا من السائح (المشجع) العالمي الذي أصبح قادراً على أن يكون جزءاً من العادات والتقاليد، غير مكتفٍ بصورة مؤقتة تجسد له عادات وتقاليد الآخرين لوهلة قصيرة ومن خلال عدسة كاميرا توثق له حضوره الشعبي المؤقت، إنما أصبح حضوره انعكاساً فورياً وبصورة تناقلها في لحظتها مع الآخر في الخارج. وكل تلك الانطباعات أصبحت تفاعلية ما بين المحلي والسائح. المحلي من حيث مدى استعداده وعطائه للسائح، متمنياً أن يقدم له المزيد بحسب ما استطاع، ومن السائح من حيث رسم الحدود مع المحلي والتعايش مع السلوكيات بدلاً من معاداتها أو التعالي عليها. ولا سيما أن ختام المونديال أضاف الكثير من المعاني، وأترك لكم تفسيرها بحسب ما تهوى أنفسكم وتطيب بالإيجابية من تحليل الانطباعات. ولكن، أظل في هذه الحال ومع ختام المونديال أجد أن الخطاب الثقافي لا يزال مركزاً على انطباع الآخر من المحلي، ورأي الآخر من المحلي، بالإضافة إلى نظرة الآخر من المحلي. لاحظنا التركيز الكبير ما قبل المونديال وخلاله على الاهتمام لنظرة الآخر من حيث التصور، التفاعل، الانطباع والتأثر، وهذا الأمر ضروري من حيث ترك الأثر وكسر الصور النمطية بعد رحيلهم، ولكنه لا يكفي، لأنه لا يعبر عن تصور المحلي عن المحلي حتى، خاصة ونحن نتحدث عن حجم حدث مثل المونديال أقيم وسط مجتمع خشي كثيراً على حدوده الأخلاقية والدينية والاجتماعية ما قبل انطلاقة أولى صفارات اللعب، كما تفاوتت الآراء ووجهات النظر. وهذا في اعتقادي يعتبر الجزء الأهم خلال رحلة المونديال بالكامل. المحلي واكب النقلات النوعية الكبيرة، وصارع منذ البداية أول مشاريع حفر البنية التحتية والمنشآت الجديدة والاختناق المروري وغيرها من العقبات التي كانت عوامل للوصول إلى إنجاز اليوم بكافة تفاصيله التي غيرت من مجرى المعاناة نحو الشعور بالفخر والانسيابية من حيث تغيير في نمط الحياة ولربما التفكير حتى. كما أن المحلي كان له رأي في عدة مواضيع وانطباع حول السائح كونه دخيلا خارجيا على مجتمع محافظ، حيث ظهر عليه الخوف من حيث التأثر من الآخر الغريب، عدم الشعور بالأمان وانطباعات في لحظتها كانت تشكل قلقاً، وفي واقعها بينت بأنها مبالغات لا أكثر. لا ننكر أن المجتمع تعرض في هذه الحال لعدة مخاوف لم يستطع مواجهتها إلا عبر القلق من القادم وما يترتب عليه من تأهب بداية من منزله. وسرعان ما استطاع المحلي وبشكل انسيابي أن يكون جزءاً من الاستقبال واستضافة الغريب الآخر وتفاعله معه في كل المحافل. شعور مغاير عما كان يشكل توتراً في السابق. ولا يلام المحلي على كل تلك المشاعر والمخاوف والتذمرات، لأن المحلي باختصار استقدم سماته الخاصة من حيث الاحتواء والانتماء والحرص على التجانس في المبادئ والقيم والتي تعتبر ركيزة وسمة مهمة للمجتمع المحلي، وليس سهلاً حضور ما يختلف معه المحلي أو يستنكره من دون أن يكون له رأي من المد الخارجي عليه. خلاصة: هذه مجرد مقدمة، متمنية أن تفتح المجال لدراسة أثر كأس العالم بنسخته القطرية على المجتمع المحلي في حقبة العشر سنوات وصولاً إلى شهر واحد من كل سنوات التخطيط نحو التفاعل الثقافي وتطبيق مشاريع المونديال بالكامل، والأهم التركيز على أثر المحلي من العالمية بمنظور جديد.

2352

| 20 ديسمبر 2022

استشراقية الأمومة العربية!

على قدر ملاحظة كم المشاعر حول التفاعل الثقافي تجاه تغير نظرة الغربي للعربي ولو كانت في حدود كأس العالم ومعطياته الثقافية التقليدية والسياحية الجاذبة للآخر. إلا أنني أظل في موقف المراقبة لا زلت، لأنه لم يحن الوقت بعد لتحليل الحدث، ولم تظهر تبعات الصحفيين المشحونين من تجميع لآراء الشارع وإثارتهم للجدل. وأظل أؤمن في قطر بأن بصمتها سباقة لكأس عالم، ولكن يظل هذا الحدث إتماماً للمهمة بعلامة الصح العريضة لمشروع ثقافي كبير تمكن من كسر النظرات الريبية وتغيير الموازين لحراك تصحيحي جديد. وبالتأكيد تستمر في هذه الحال مسألة الاستشراق حضور المشهد الحماسي والعاطفي والاهتمام بذاك الغربي للتأكد من تغيير توجهاته وانطباعاته عن العربي، وهنا من وجهة نظري ألاحظ ظهور المشاعر المختلطة والحماس والعاطفة نحو الانتصار على الظاهرة فقط، والأولى أن نستحضر منطقية كسر تركيبة الظاهرة نفسها. فالمشاعر حالة مؤقتة ومتقلبه، إنما يظل المنطق قائماً ولو تغيرت الحالة العاطفية. يتناسى الكثير بأن ظاهرة الاستشراق تظل قديمة ولا يمكن أن تستمر على نفس السياق، كما هو الحال مع الإسلاموفوبيا على سبيل المثال، الأيديولوجيا وغيرها من الظواهر. ولكن يظل الاستشراق عند البعض كامنا في الوراء من حيث التصور والعودة لأصل المفهوم والعناصر التي شوهت من أجل استضعاف طرف على حساب سيطرة آخر عليه. إنما علينا أن نبدأ بتغيير مسار الخطاب الجديد للاستشراق، وإعادة قياسه من عدة جوانب. ومن الضروري ألا ننكر وجود الشوائب على أبرز العناصر. إنما لا بد وأن يكون لنا اليوم صورة تصحيحية للنظرة الاستشراقية وتفسير أبرز الظواهر التي ساهمت في عملية الإصلاح هذه. ولنكن أكثر شفافية ولا ننكر بأن عناصر المستشرقين لا تزال بارزة وجاذبة في المشهد الثقافي العربي عموماً، فالغربي جاء إلى الأرض العربية ورأى ما يريد أن يراه من حيث التعايش مع عنصر السكن كالخيمة، والتطبع بالتقاليد العربية كالملابس التقليدية، والجلوس في أجواء الليالي العربية وسط المعالم الحضارية وناطحات السحاب. اليوم أصبح الغربي أكثر قرباً للواقع العربي بظواهره الأساسية من لبس ومأكل وعادات. ولكن يكمن الفرق المهم والمفاعل الرئيسي لمسألة التصحيح في المشروع الكبير نفسه، مشروع كسر النمطية العربية وتوقيته المناسب لمركزية التعددية في أرض عربية. لذلك، التعايش مع العناصر ليس تشويهاً كما كانت في النظرة الغربية، إنما أعتبرها في هذه الحال تصحيحا للنظرة الاستشراقية والتي تضمن المعايشة بصورتها الأكثر منطقية والأقرب للمجتمع. صحيح أن لا تزال هناك عناصر استشراقية ظلت عند الغربي وتضخيمه لها عبر استضعاف الآخر العربي في وسائل الاعلام. إلا أنه من المنظور المحلي والخليجي، قد تكون أبرز الهجمات الغربية المتصدرة على دولة قطر لكأس العالم متصلة من وجهة نظري ببرميل البترول بنفوذه الاقتصادي كعنصر لا يزال مثيراً عند الغرب. أجد أن أصعب ما لا يستطيع الوصول له الغربي يكمن في ضيق فهمه لخصوصية المجتمع الخليجي وفهم مقومات السيادة والدين التي تقلق الغربي أكثر من قلقه على التيارات الثقافية المتضاربة في بلده، وهذا الجانب بالتحديد ما يجعل الهجمات الغربية غير منصفه لأنه من الصعب الدخول في المجتمع المحافظ حتى ولو لبس الغربي الثوب والغترة وتعايش مع العناصر التقليدية الرئيسية. لا نستطيع في هذه الحال، فك عقد الاعلام الغربي المتضخم، لأنها ستظل حلقة مفرغة من الدلائل ومشوارا طويلا لهم في فهم خصوصية المجتمعات. إنما نستطيع في هذه الحال أن نعيد فهم الحاجة لبناء صور جديدة لأبعاد القضايا الاجتماعية كحقوق العمال، قضايا المرأة وملفات الجندر والتي من خلالها نستطيع بناء عناصرها الأكثر منطقية، بدلاً من استقبال صورها الاستشراقية المشوهة من الآخر. خلاصة: اتركوا عنكم العاطفية، لأنها سمة استشراقية قديمة انهزامية. ولننتقل من الآن لمرحلة المنطقية في إبراز سمات التعايش مع العناصر المهمة، فلتكن الأم العربية أول تلك العناصر!.

1344

| 13 ديسمبر 2022

العقال قطري والغترة غربية: التراث بين الوعي واللاوعي

من لا يحب التراث والعودة لتفاصيل الماضي كي يحتضن كل ما يشعر بافتقاده اليوم، بالتأكيد نحن دائماً لتلك التفاصيل. هذه ليست مقالة تعبر عن ذكرى المعاناة في السابق، إنما وددت أن أنقل قدرتنا على الربط لتراث الماضي. لأننا لا زلنا نواجه إشكالية تمركز التراث وتكديس الحنين له في حدود فترات معينة، أغلبها بحضور رسمي. كيف نحيي التراث؟ هذا السؤال مهم، لأن بإمكانه أن يكون المفتاح للوصول إلى الأجيال الجديدة التي لا تستشعر هذا التراث، ولا تستطيع العودة والنظر في حقبة صعب تصورها في زمنهم المتقدم جداً، إلا في حال استطعت أن تضيف ما هو متقدم لديهم على ما هو في زمنه الماضي. بالإضافة إلى أن أهمية السؤال أيضاً تكمن في نفس المفتاح الذي من الممكن أن يقلل من الحضور والتفاعل التراثي الحافل إلا في معزله الرسمي. لذلك نحث على الامتداد بدلاً من الاحتفال، لأنك تريد الانعكاس أن يكون جزءاً من ممارسة وبناء الذاكرة الجماعية، وليس جزءاً من صورة تعكس شكلية مؤقتة. دائماً تجد في مسألة التراث التأكيد على الذات، والشعور باستحضار أبرز عناصر التراث التي تحاكي ملاحم المجتمع. وعلى أساس هذه الصور الملحمية تستيقظ شمس المستقبل والنهضة العمرانية، وهذا المعتاد وما نلاحظه في نصوص السيناريو من حيث التركيز على القفزة التي تدفع المجتمع نحو الأمام، من الماضية نحو المستقبل. لذلك، تظل في هذه الحال صورة المستقبل تقرأ بواسطة الماضي الذي يجسد الماضي بوجدانياته وأحلامه والتي تحولت إلى صورة المستقبل – الماضي كما عبر عنها المفكر محمد عابد الجابري، أي انها صورة لا تتحرك إلا في حدودها الضيقة، لأن الفهم التراثي للتراث دائرة لا تخرج منها المفاهيم التقليدية لأنها حضورها في الماضي يكمن في احتفالات المستقبل. وهنا يكمن سؤال جوهري آخر، كيف نضمن الامتداد التراثي وعلى أجيال جديدة خاصة وإن ظلت الدائرة لا تتحرك بفاعلية إلا في محيطها المستقبلي - الرسمي؟! فلسنا ممن يفضل ترك التراث في المتاحف وأن يكون لافتة سردية سريعة بلا شعور حسي عميق متبادل مع المتلقي، ولا يكفي أن يظل التراث محصوراً بالرسمية خاصة ونحن نشهد فاعليته وحركته النشطة تزامناً مع المحفل العالمي لكرة القدم. إنما يجب أن يكون التراث امتداداً حاضراً وانخراطاً فاعلاً في كافة المحافل وتنشيطه خارج الحدود الرسمية يعتبر استمرارية لها وبروح إبداعية تقدم للمشهد التراثي الكثير. وأستحضر هنا أثر الزي التقليدي على مشجعي كأس العالم، هذا بحد ذاته يعتبر مثالاً واقعي حي وملموس استطاع أن يكون امتداداً فاعلاً للتراث ومشاركة قصصه من عين كل فرد في المجتمع يحكي فيها ارتباطه بالتقاليد، ويساهم في مشاركة تقاليده مع الزائرين بطريقته وسرده بعيداً عن أي طابع رسمي فيه. خلاصة الحديث: التراث ليس الصورة الجامدة وبحضوره المؤقت. إنما إعادة المنهجية لفهم التراث يعتبر أمراً مهماً قادراً على تغيير مسار النتائج غير الواعية نحو التراث واستبداله باندماج الذات بشكله الاجتماعي الحي والمعزز للتراث، لك من ناحية الأصالة والثوابت، وللآخر من حيث المشاركة والتبادل الثقافي بأساليب اليوم.

1581

| 29 نوفمبر 2022

الصورة النمطية عن الغرب... عند العرب!

شعرت بالحاجة الماسة للتعبير عن أثر الفكرة الاستشراقية وتعميمها على عدة انطباعات تركت بصمات سيئة وأخرى مؤذية للواجهة العربية عموماً، الخليجية خاصة. وأكثر ما أثار هذا الشعور كان سببه استحضار صورة المرأة العربية وخضوعها للنظرة الاستشراقية بشكل يدعم التصور الغربي وينافي عدة مقومات عربية، إسلامية، وبالأخص خليجية. ميريام فارس لم تكن سوى أسوأ صورة لبت تصور وفكر الغرب الاستشراقي وتجردت من أي احترام لمقومات الصحراء، المرأة وكفاحها وكيانها في البادية على وجه الخصوص. خاصة ونحن في أهم فرصة وأهم توقيت الذي يعد مكسباً للعالم العربي والاسلامي عموماً. تخيل حصرك كفكرة عند الآخر الغربي في أمور محدودة ومتداولة، كعناصر مثل الخيمة، الجمل، النخيل، برميل نفط، والظهور غير المحتشم للمرأة الشرقية. وظلت هذه العناصر تدور في محيط الغربي سواء على الصعيد السياسي أو الثقافي، حتى أصبحت صورة نمطية عامة سيئة ومتجردة من المدنية، الحضارة، أو حتى الاعتراف العالمي إلا بالنفوذ النفطي في منطقة الخليج وأثره على مجتمعاته من رفاهية أو بذخ العيش كما عبر عنها العديد من العلماء الغربيين ومحدودية تفسيرهم للهوية على أساس بنائها الحديث المرفه. ولا حاجة للمزيد من النظر في المشهد الغربي بشكله التحليلي، أعتقد عاش أغلب العرب شعور هذه النمطية وتعرضهم لعدة مضايقات بداية من رحلات السفر السياحية وصولاً إلى التصورات الإرهابية والاشارة إلى العرب والإسلام كالمتهم الأول. لا يقتصر الموضوع على هيمنة الفكرة، إنما على بنائها واعتمادها من حيث التصور وقياس الفرضيات التي أكدت للعلماء الغربيين حضور النفوذ المالي في منطقة الخليج مع غياب الحضور الحضاري والثقافي واكتفاء قياس النمطية بناء على العناصر السابقة، والتي عممت كفكرة على العالم بطريقة آذت الآخر الذي يحاول أن يصلح الفكرة في حدود ضيقة صعب عليها الانتشار بسهولة للعالم الغربي لتصليح الصورة التي أنتجها الغرب للغرب. ولن أتطرق تفصيلاً حول حركة الاستشراق، ولكن كما ذكرت لكم في البداية بأن ظل لدي شعور الغيرة على الحضور الخليجي خاصة والعربي من الصور النمطية التي قد يضعف العربي أمامها في اللحظات الحاسمة ويتطبع بها في الأخير لكسب الحضور والمشاهد على حساب تشويه الصورة كفعل ميريام فارس في أحد أغاني كأس العالم الرئيسية. وحتى لا أفوت لحظة السعادة والتهنئة لبلدي الحبيبة، أود أن أطفئ شعور الحاجة والالحاح عن التعبير عن النمطية الاستشراقية واستبدلها بالتصفيق لبلدي لتغلبها على تلك الفكرة التي ظلت مشوهة عبر التاريخ، فلحظة كأس العالم هي اللحظة المناسبة في الزمن المناسب من حيث حمل الرسالة المراد توصيلها لمن صعب الوصول له. فالقرآن الكريم والتراث وسمات بلاد العرب والتاريخ عموماً يعتبر الكنز الغالي وثوابت المنطقة، بل أصبحت العناصر الجديدة التي من المفترض أن تضاف لذاكرة الغربي من لحظة افتتاح كأس العالم في دولة قطر. نجدد التاريخ بتصليح الصورة عن العناصر السابقة ولا نلغيها بالتأكيد، إنما تظل تلك العناصر أساسية، ولكن ساء استخدامها من المنظور الغربي لفترة طويلة. لذلك وجه خطاب مباشر مع انطلاقة كأس العالم من قطر، البلد الخليجي والعربي المسلم لتبني الغرب فرضيات جديدة، إذ وجهنا العناصر الأساسية نحو التسامح والتعاطف والتقوى. الفرق الوحيد بأن الفكرة هذه المرة من نتاجنا نحن للغرب. فهل حان دورنا كي نبني صورنا النمطية عنهم؟!

2730

| 22 نوفمبر 2022

ازدواجية كأس العالم وأنماط التفكير

دائماً ما تكون المجموعة بنمطها محورا مهما ومتجددا للدراسة، لأنها قادرة على تشكيل التفكير نحو التوجهات الجماعية الثابتة والمحافظة، والذي يعني تقمص دور المجموعة بشكل شمولي. ومن هنا أيضاً بدأت المقارنات بين المجتمع الأبدي والمجتمع الدنيوي والاختلافات التي ظهرت بين المجتمعين في بيئة مختلفة ونمط عيش متغير وسريع. حيث وصف العلماء المجتمع الأبدي في هذه الحال بأنه محدود في ممارساته وتتشابه الأشياء فيه لأمد طويل نسبياً. بالمقابل يتميز المجتمع الدنيوي بالوعي أكثر عن ذاته والتغييرات التي تطرأ عليه في أوقاته المتغيرة والضيقة التي تحكم عليه مواكبة نمط تفكير متجدد. تخيل إسقاط نفس أوجه المقارنة على واقعك اليوم. وقس هذا الجانب على واقع حالك في ظرفك الحالي وبحسب ما هو حولك من حراك، ثم ابدأ إثارة كافة الأسئلة التي تجعلك تتساءل أولاً عن دواعي الحاجة للتغيير، هل من الأساس أحتاج إلى عجلة تغيير مستمرة، ولماذا لا أكتفي بوجودي في وسط نفس الجماعة من دون أن يلامس هذه الجماعة أي تأثير خارج إطارها؟!، وقد لا تقبل التأثير من الأساس. كل تلك الأسئلة وأكثر تجعلك تتساءل حول نمط تفكيرك والذي لربما يكون ازدواجيا، حيث يتداخل مع السياق الدنيوي المتغير والسريع. ولربما بشكله الأبدي الفلسفي، خاصة عندما تظل الإجابة عائمة ما وراء الطبيعية والغيبيات من دون إجابات واضحة. نعود في هذه الحال لمسألة الإسقاط الواقعي، في لحظتك الآن وفي محيطك الحالي، أين أنت ما بين المجتمعين، إلى أي مجتمع تشعر أنك تميل، خاصة ونحن نواكب عدة تغييرات وانفتاح بأنماط مختلفة، والذي لا يواكب بالضرورة وجهة نظر الجماعة بسكونها الذي يستنكر التغيير بشكل عام. أين تقف في هذه الحال بذائقتك الفردية، وما مدى نمط تفكيرك على وجه الخصوص في وسط نفس الجماعة؟ هذا سؤال تجريدي، ومشوق لك للتعمق فيه. الإدراك على أن الحقيقة قابلة للتغيير لأنها ظاهرة نسبية أمر لا بد أن يكون لك نظرية قادرة على تثبيت موقفك ما بين المجتمعين، بين الأبدي المحافظ والدنيوي المبني على التوقيت والنسبية والمادية. لأن في أسوأ الحالات وفي مراحل انفعالات لربما تشعر بأنك تميل في العيش وسط مجموعة تستنكر بعواطفها ما هو عكس بنائها القيمي - الجماعي، ولربما ترضي ذائقتك على الصعيد الفردي في نفس الوقت. بالتالي، قد تدخل في مرحلة ازدواجية، ولكنها في نفس الوقت قوية، لأنها بنائية بين نمط التفكير المتنقلة بين المجتمعين. وليس بالضرورة أن تخلق من هذه الازدواجية نوعا من الإشكالية، إنما عليك النظر أيضاً من جهة مغايرة بأنك كفرد لا تشارك اليوم الآخرين من هم خارج مجموعتك بكامل الشخصية. وهذا وراءه سببه البسيط المتعلق بالعولمة بالتأكيد والمتفق عليه من قبل المجتمعين. والسبب الآخر الأبسط منه أنك اليوم لا تستطيع ألا تشارك مجموعات متنوعة على مر الزمن. انظر حولك في أبسط الأشياء لديك، مع من تجلس اليوم، وما الوسائل التي تتفاعل معها، ولمن توجه خطابك اليوم، كيف تنظر للعالم اليوم، هل تتفق مع مبدأ الحرب على سبيل المثال، أم تنظر للسلام والتفاوض حتى مع عدو اليوم، لماذا التبادل الثقافي اليوم على الانغلاق والاحتواء، وما دواعي التحضير لكأس عالم في بلدك، وما حاجة البصمة المحلية للعالمية؟! تظل هناك بساطة أخرى في أنماط التفكير المعاصرة لم أتطرق إليها، بل أتركها لكم للوعي في مدى انتقال المجتمع بين مجموعات مختلفة ذات السمات الدنيوية المتغيرة. كأس العالم خَصص لإطاره مكانه دنيوية، بحسب ممارسته للنمط المادي والمؤقت. بالتالي، لا شك بأن ظاهرة كأس العالم نسبية، أي تعتمد على معايير التجارة والتنافس الشديد والمعاصرة. لا يمكن أن يتحقق كأس العالم إلا إذا واكب مبدأ الازدواجية ما بين الأبدي والدنيوي. صحيح أن المجتمع باعتباره مجموعة كبيرة تتسم بنمط عيش واحد وسلوكيات متبعة، يحاول في هذه الحال أن يكابر على المبدأ الدنيوي في بناء محيط مؤقت ومادي مواكب للحالة الرياضية على سبيل المثال، ولكنه أيضاً قد يكون غير قادر على استيعاب المجتمع الدنيوي ومتطلباته. لذلك تكمن هنا إشكالية الوعي بين أنماط التفكير، قد يصعب عليه في هذه الحال فهم السياق المؤقت وازدواجيته مع بقاء المبدأ الثابت والمعتمد. تظل هناك قيم متضاربة، وفي كل الحالات لا يوجد أولوية لعنصر على آخر، فلا التغيير أفضل من المبادئ بشكله الكلي، ولا الثوابت أفضل من التغيير بشكله المتزمت. إنما يفضل أن يتم الاستمرار في التمييز بوعي في الحال الراهن والتمعن أكثر في أنماط التفكير بين ما هو رئيسي وثانوي.

1758

| 15 نوفمبر 2022

زعلان على ديرولو

طبيعي أن يكون صعبا على الإنسان أن يعيش في عزلة عن المجتمع الذي يعيش فيه، كما هو طبيعي أيضاً أن يرفض إنسان اليوم أن يعيش في غابة لا ثوابت فيها أو سلوكيات. لاحظوا وجهة المقاربات بين الصعوبتين، في مجتمع عزلة وآخر في مجتمع فوضوي لا نظام فيه! وكلا المحيطين يعتبران في صراع حول فقدان الأساس وعدم وجود ما يتم التمسك به من مبادئ وقيم ترسم أخلاقيات الإنسان وتهذب سلوكياته. بمعنى آخر، يجب أن نؤكد في البداية على أن كل ما يسير أمر الإنسان في عالم لا هو معزول ولا هو فوضوي هي القيم والمبادئ، لأنهما انعكاسات تمكن الإنسان على رسم حدوده مع الآخر ومقاومته ضد الآخر، ومع التطور وضد الانفتاح من دون إطار قيمي حوله! ولربما هذا الجزء بالتحديد الذي نقف عنده طويلاً كي نحدد مدى المحافظة على القيم والمبادئ في ظل الانفتاح والشعور بالاغتراب في المحيط الذي نعيش فيه. هي المسألة سهلة أن تطبق بالقانون، ولكن عندما يأتي الموضوع على الثوابت، فالقيم لا بد وأن تكون سباقة للأنظمة، بل إن القيم والمبادئ لا بد وأن يكونا رواسخ ما قبل نقلات التطور. وكبداية، لا بد أولاً الفصل بين المفهومين، فغالباً ما نقوم بالتعبير الشفهي عن المفهومين وكأنهما توأم لا ينفصلان، ولكن في حقيقة الأمر كل مفهوم يحمل شرحه الخاص الذي قد يجعلك تستيقن بأن هناك مواعيد انفصال للتوأم! فالقيم تعرف على أنها مجموعة من الأخلاق التي تضبط سلوكيات المجتمع البشري، وهذا بشكل مختصر. أما بالنسبة للمبادئ، فهي القواعد والفكرة والسلوكيات التي توجهك. ولكن الأهم من هذا كله، مدى مصداقية الأخلاقيات والسلوكيات واقتناع الشخص بها، حتى يضمن تطبيقها ليس فقط بصورة جيدة، إنما باستمرارية تشمل أجيالا سابقة وقادمة. هنا تكمن مسألة الثبات! في هذه الحال، نحن نتساءل عن مدى التضارب بين المفهومين، في حال تضررت القيم، ماذا يحدث للمبادئ؟ وفي حال أصبحت المبادئ أكثر مرونة، كيف تضمن ثبات القيم من قبل أفراد المجتمع؟ إذ إن المسألة لا ترتبط بالحداثة أو مواكبة التطور أو حتى الانفتاح، لأن من الواضح أن الإنسانية لا بد وأن تواجه وتواكب مثل هذه النقلات البشرية الكبيرة، ولكن لا بد أن يظل السؤال قائما من حيث كيفية الحفاظ على القيم، وما هي تلك القيم التي ما زلنا نحافظ عليها، هل نحافظ عليها فعلاً، أم أن ممارساتنا في هذه الحال تختلف عن قيمنا الثابتة، والتي قد ينتج عنها الخلل في تطابق التوأم من حيث المنطق والمبدأ. ولتتجرد قليلاً عن مفهوم الهوية الوطنية هنا، قليلاً فقط، لأنك إن خشيت على هوية لربما تغفل عن أساس تلك الهوية. ففي لحظة التذمر والنقد قد تحمل مشاعر الغيرة وحتى مطالبة الآخرين والغرباء منهم باحترام قانونك، في حين أن القانون ليس ما تحتاج إليه بالضرورة عند لحظات غضبك خاصة بعد وقوع الحدث وفوات الأوان، فأنت في حاجة إلى توعية الآخر بمعاييرك الراسخة وثوابتك التي تمارسها كونك فردا من المجتمع. باختصار أنت تحتاج مساءلة من عزل نفسه في محيطك وعاش في غابته وسط مجموعة لا تتحمل الإخلال في القيم والعادات والتقاليد وتخشى على موروثاتها! المغني الأمريكي جيسون ديرولو لم يأتِ إليك من الغابة، فهو قادم أيضاً من دولة بها قانون وبها معايير للقيم والمبادئ وتختلف بسقفها العالي المنفتح مقارنة بمعاييرك الأخلاقية والدينية الرصينة. لذلك تظل القضية مسألة الحفاظ على الثوابت والتصدي لمن يرغب ويحاول رفع السقف فيها! لماذا تستاء من الغريب الذي يتم دعوته بحسب معاييره هو وليست بحسب معاييرك أنت! وكيف فرض معاييره عليك من الأساس؟ فلا تحزن من حضور ديرولو بمعاييره وشروطه! بل بادر بمساءلة من خضع لمعيار الآخر وطمس المبدأ الذي من المفترض أن يكون مبدأك أيضاً! لا تحزن على ما يقع بعد الحدث، لأنك إن عبرت عن حزنك على ضياع القيم، فأنت مشيت مع الموكب الحزين عوضاً عن اكتشاف الخلل. بل حاول أن تعمل على موازنة الاتجاهات لترى الفرق وتبحث عن الخلل حتى تسده ليس بشكل سريع فقط، إنما بالمنطق الأساسي والثابت الذي من المفترض أن تعتمد عليه بحسب مبادئك وقيمك الراسخة ما قبل الحدث.

2994

| 27 سبتمبر 2022

من مجتمع القهوة إلى نادل القهوة!

من مجتمع القهوة إلى نادل القهوة! بثينة محمد الجناحي أعتبر نفسي معجبة من الطراز الكلاسيكي خاصة عندما أتعمق في القراءات عن مجتمعات القهوة، ممكن سبب الاعجاب له علاقة بالفضاء الخاص بهذه المجتمعات، ذوق رفيع المستوى، لمسات مترفعة عما تجده خارج إطار هذا الفضاء، بل وتفرد للموسيقى، تفرد للنقاش، وتفرد للفنون، وتفرد لحضورك حتى، وكأنك تشعر بأنه استمتاع لك عن غيرك من المجتمع من هم خارج الفضاء التفردي الذي أنت فيه. باختصار تشعر بتميز الحضور وتفرد المشهد ورفعة المكانة. وهذه الميزة من التفرد تغيرت في نمطها بالتأكيد على مر السنوات، كما إنها تأثرت بالمصلحة السياسية أحياناً. ولكن بغض النظر عما كانت تحمله بعض من مجتمعات القهوة الغربية من خفايا سياسية، يظل هذا الفضاء مبهرا بالنسبة لي من ناحية المستوى الذي كانت تحمله فيها الثقافة وكأنني أشعر بأن كل الثقافة تكمن في مكان واحد. تخيل المزيج بين الموسيقى، التواصل، النقاش، الكتابة الصحفية، وقدرة القلم على تغيير وجهات النظر من نفس ذلك الفضاء، بالإضافة إلى الشخصيات الرفيعة، كل تلك الشخوص والأشياء والرمزيات في مكان واحد. من هنا، أدركت أن للثقافة مكانها في الفضاءات التي ترمز لنواحي التعبير والتفردية الذاتية لا لحصرها الوظيفي والعملي لرسم الأشياء بحدود المؤسسة. ولا ننكر أن الثقافة قد تكون مفرطة أحياناً لدرجة تعميمها على كل شيء، وأحيانا تكون ضيقة جدا لدرجة اختيارها لبعض من الشيء. فأين أنت من المنظور رفيع المستوى والمتفرد، والمنظور محدود النظر والعملي زيادة عن اللزوم؟!. أجد أنه على قدر اتساع المفهوم وتبنيه لعدة قيم وسلوكيات وممارسات، إلا إنه لا يزال يتطلب تخطيطا شموليا قادرا على أن يدخل في محور مجتمعات القهوة وتزامنها الحديث والابداعي لزمن اليوم ومجتمع اليوم، كما إنه قادر أن يبني أسسه على النمط العملي أيضاً وصولاً لكافة طبقات المجتمع وصولاً إلى نادل القهوة! وهذه القدرة على بناء التخطيط الشمولي للثقافة تتطلب التعلق بشكل كبير وواسع في المفهوم لدرجة الفضول في الانخراط فيما لا تفقه فيه وقد تنظر إليه بنظرة جافة إدارية محصورة بين الكم والنتائج، كما إنه يتطلب الوعي في الفروقات التي ينظر من خلالها الثقافة، لأنك قد تكون عملياً لدرجة تعميمك للمفهوم على كل الفئات بدون وضع الفروقات العمرية والتصنيفية في عين الاعتبار. وإن ظلت الثقافة محصورة على النظرة العملية، فلا بد أن تبنى من خلالها الحكمة العملية بحسب ما وصفه أرسطو، حيث فسرها على أنها تمكن البشر من إيجاد طرائق مناسبة للفعل في سياقات محددة. دعنا لا نحد من هذا التعريف على أنه احتكار للثقافة على قدر تبني المفهوم للسياقات المحددة التي تعكس وجودك من ضمن مجتمع، كما تعكس سياقات المجتمع من ضمن هويتها الخاصة. لذلك هي مجال كامل من الممارسات والتي تعني بشكل رئيسي المحافظة على الجماعات الاجتماعية. وأضع على كلمة المحافظة عدة خطوط حمراء كدليل على أهميتها ودلالاتها في التأكيد على أهمية الجماعة الاجتماعية والتي لها دور رئيسي (عملي) وناعم (اجتماعي) في ترسيخ وتثبت وتجديد وتأصيل الممارسات، التمثيلات والتشكيل المطلوب للمفهوم. كما يجب أن نستيقن بأن كل شيء يعتبر ثقافة، ولا حصر للمفهوم على مؤسسة عن أخرى، لأن جميع المؤسسات تعتبر ثقافية بطريقة ما وبأسلوبها المحدد. إنما هي سلوكيات، قيم، معايير، قدرات وإمكانيات ممكن أن تكون تمثلات في أبسط الممارسات إلى أكثرها تعقدا من الناحية العملية. فالقهوة على سبيل المثال ليست ثقافة ولكن طريقة شربها وطرق إعدادها تعتبر ثقافة، العمل كوظيفة ليس ثقافة ولكن تمثلاتك في العمل من ملبس تقليدي وهوية خاصة تحملها معك يعتبر ثقافة، وقس هذه الأمثلة على مستويات ابداعية أخرى وفنية وأدبية ومسرحية وتقليدية بوصفها واقعاً مادياً وتجربة معيشة في نفس الوقت، فهي ازدواجية من الصعب التضييق عليها حتى لا تخلق شعوراً مصطنعاً أكثر ميولاً للجمود للمفهوم خاصة عندما ينعكس عليك أنت أولاً وعلى المجتمع الذي أنت فيه. لذلك الثقافة تظل انعكاسات لكل شيء، هي تعريف سائب أحيانا كثيرة ولكن يظل الخطأ موجودا ومستمرا في تثبيط المفهوم على ان يظل حكراً في تعريفه الوظيفي.

1905

| 20 سبتمبر 2022

قالب خوف من نعومة غربية!

عندما يطرأ عليك مفهوم الثقافة الغربية، أعتقد بأن سيأتي في بالك وبشكل مباشر مسألة الحياء وانحلال القيم وتطرف العقيدة، وايضاً تطرف التصرفات والمبادئ. طبيعي جداً هذا الشعور، لأنك وباختصار تشعر بالخوف على ما تتحلى به الآن، وما غرسته في أبنائك من مبادئ والتحلي بالدين والتشبت بالعادات والتقاليد وغيرها من المعايير التي تشكلك عن غيرك. ونفس تلك المعايير رسخت على مستوى مجتمع ومن المجتمع انعكست على أسس دولة تصقل من خلالها هويتها المحلية والوطنية. إذ إنك وفي هذا الموقف تكون بين أمواج التأثير والتأثر، ولربما لوم العولمة بكونها ضارة ونافعة في نفس الوقت، تشعر بتضارب الموقف بين ماهو ضار وماهو نافع من التيارات الخارجية. ولكنك تظل في الصورة الأصغر لمقومات العولمة التي تتطلب منك النظر بشكل أبعد، حيث تظل العولمة ثقافة غربية ظافرة. بدأت من خارج حدودك وتشكلاتك الخاصة محاولة ان تسيطر على الآخر من خلال محاكاة عولمة الثقافات الأخرى. لذلك، أيها القارئ أنت في فخ جداً معقد، وإشكاليتك تكمن في مقدرتك على الفصل بين ما يعتبر عولمة ثقافية مسيطرة، أم عولمة باختيارات محلية متنقاة. يبدو الأمر سهلاً على الورق الفصل بين النافع والضار، ولكن تظل الصعوبة في تفكيك المعايير التي تجلب التغريب الثقافي على قالب يتصدره الخوف، خاصة وعندما يطرأ عليك مصطلح الثقافة الغربية. وبنفس القالب، أحاول في هذه الحال قياس أثر الخوف على الصعيد الاجتماعي بحسب مدى تقبل المجتمع من الأجواء الترفيهية والحماسية خلال فترة كأس العالم. إذ يبدو أن التأثير متفاوت ما بين الخشية وما بين فترة عبور تتطلب المضي بشكل طبيعي والتثبت بالقيم والمعايير في ظل استقبال زوار الكرة من جميع أنحاء العالم بمعاييرهم المتفاوتة. ولا يبدو أن الخشية ستكون الشعور المسيطر، خاصة وإذ ما بان الثبات ومواضع الانتماء المحلي ضد الآخر الغربي. ولكن يظل الاستثناء عند الوقوع في الفخ، خاصة وعند سيطرة الثقافة الغربية بحسب المعايير التي تخشى منها من خلال محاكاة النموذج المحلي من حيث السلوك والتفكير والتبعية، هنا يعني بأن الخوف يصبح واقعاً، ويصعب إعادة بنائه على ما سبق، إنما يظل معاصراً وقد يسيطر عليه الاستعمار الجديد بقموماته اللطيفة والناعمة، إذ يسهل وصوله إلى العقول بالاغراءات من دون أي نوع من الفرض. لذلك، تظل السلوكيات والقيم غير الملموسة أهم المعايير التي تشعر بالخوف عليها بالتأكيد لمرحلة مؤقته برؤيتها المعاصرة، وتظل الصورة الأكبر اهتمام مستدام ومهم من حيث انتقاء ثقافة العولمة نحو تنمية الدولة المعاصر وخاصة في مجالات العلم والاقتصاد وبناء الانسان، إذ يظل الحرص على تحويل مكونات العولمة الغربية إلى عناصر ايجابية من حيث التسلح بالقيم والهوية المحلية. ويجب التخلي أحياناً عن التفكير بأن هويتنا المحلية والثقافية مهددة من الثقافة الغربية بسبب اتساع دائرة التثاقف والتفاعل مع الثقافات الأخرى. حيث يظل الدفع نحو تعزيز محتوى الوسائل الاعلامية والاجتماعية لصناعة المحتوى الأشمل لصورة النمط المحلي بقيمه التي لا تنتزع ولا تتلاشى بسرعة بسبب مشاعر الخوف تلك. لذلك، علينا أن نرى الصورة الأكبر، ونتجاوز الخوف باستحضار الهوية ودفعها نحو الوعي لوقايتها نوعياً بسلوكياتها غير الملموسة. إذ تظل صناعة المحتوى بنمطه المحلي أهم عمومية لإبراز الصورة الوطنية المطلوبة في كل القوالب.

995

| 06 سبتمبر 2022

موت ثقافي آخر!

حدثتني زميلتي عن تعزية من نوع آخر، تعزية لخسارة شخص لمشروعه الثقافي. استسلم صاحب المشروع وقرر أن يبتعد عن كل السنوات التي تمسك فيها بالمشروع منتظرأ أن يرى النور يوماً ما. استوقفت زميلتي لوهلة، وكأنني أهنئ من ظل صامداً حتى اليوم على الرغم من كثرة الصبر والمحاولات لتخطي صعوبات قد تطول لحقب وفترات زمنية مختلفة وظروف متفاوتة خارج الإرادة، ولربما تتفاجأ بظرف آخر يتطلب منك صبراً إضافيا على الصبر السابق. لذلك، شعرت بأن الثقافة تعتبر استثنائية بالتأكيد وتتحلى بالصبر لمواجهة ومصارعة السوق التجاري. فعلى الرغم من براعة المجال الثقافي، إلا إنه لا يزال محكوماً ومتسماً بكونه غير ضروري ومهمشاً مقابل ما هو أكثر استهلاكاً وأفضل قبولاً للتمويل. وحال هذا الزميل ليس إلا مثالاً لعدة حالات خاضت نفس التجارب، وعاشت لحظات الانكسار والتفكير في الانسحاب معظم الأوقات، إلى أن يحملهم الصبر إلى فترة زمنية أخرى، وفي انتظار تلك الفترة التي من المفترض أن تكون انتعاشاً واستشراقاً لحاجة ثقافية أوسع تمنح الوساطة الخدمية المتنوعة والانتاج الابداعي الجديد وفضاءات متنوعة بين الشعر والكتب والمسرح والسينما والكلمة والكتب، وتستمر في عطائها بثراء مبدعيها. فهل يكمن الخلل في فترة التحمل، أم في الطاقة التي هدرت على مدى التحمل؟ كيف لا يغامر صاحب الذائقة ليساهم في خلق فضاءات ثقافية جديدة ومتجددة قادرة أن تكون الحلقة الجمالية التي تجد من خلالها القيمة الاجتماعية والانثربوبولجية والنفسية وحتى الفلسفية. كيف لا تستهوي هذا الفضاء بما فيه من محطات ابداعية تعبيرية تسمح لك أن ترى من خلالها الحاضر والماضي والمستقبل بمناظير متعددة وأفق شاسعة تتطور وتتجدد بحسب زمانها ومكانها. من وجهة نظر المجتمع الفرنسي تظل الثقافة على أنها الاستثناء الثقافي، فهي لا تخضع من وجهة نظرهم إلى شروط السوق التجاري. وحتى لو نتفق مع مبدأ المجتمع الفرنسي، ولكن يبدو أن العزاء على الثقافة ما زال مسيطراً عليه القيود التجارية وبضغط كبير على قرارات الانسحاب في النهاية. ونظرا لمثل هذه القيود التي تفرض على المشاريع الثقافية والابداعية بشكل عام، تتحول الثقافة من كونها قيمة غير جمالية ولا تقتصر على المكنون والتنفيس وأسس التعبير، إنما تضطر لأن تقتصر على قيمتها التجارية كي تتمكن من الاستمرار في ظل ما تواجهه اقتصادياً من صعوبات وصراع من أجل البقاء لفترات أطول!. لا يحزنني في هذه الحال مسألة الانسحاب، ولكن أحزن على الظروف التي تجعل من قرار الانسجاب حتميا. وقد تكون تلك الظروف مجرد مسائل إدارية وبيروقراطية لا تتطلب إلا التواصل الفعال والجاد، بل وفهم الحاجة للمشروع المتجدد كحلقة وصل، بالإضافة إلى وضع المشاريع الخاصة من ضمن الخطط الاستراتيجية لتمكين وتشغيل المشاريع الثقافية المتنوعة. وهنا يكمن الصراع، عندما تجد نفسك تسعى وتطالب وتتواصل، بينما لا تجد الرد الواضح أو الدعم اللازم للاستمرار أو حتى للتقدم بوضوح في سير العمل والتعاون. كما تظن أنك مؤهل ثقافيا في تقديم الخدمات من خلال القطاع الخاص، بينما يجد الآخر فيك منافسا، في حين إنك لا تزال مشروعا ينتظر أن يرى النور بين كل الظروف التي تمر فيها مراعياً حتى لمواسم قد تتعارض معك في المشاريع الثقافية المقترحة، حيث تكون الثقافة حينها مهمشة وغير ضرورية مقارنة بالمشاريع الكبرى والتي يطغى عليها طابع الترويج القوي والتمويل المتعدد. فتظل أنت تصارع وحدك وتقابل لحظات الانتظار بالاستسلام وتواصل التذكير بالدعم إلى حين الرد إما بالرفض أو القبول، أو لا هذا ولا ذاك. وتستمر مسألة المحاولات، ويظل الافتقار إلى التمويل في القطاع الثقافي الخاص كجانب يؤثر ليس فقط على الاستمرار وانتظار العوائد الربحية للتقدم والتطور، إنما أيضاً على تغيير نمط الثقافة وسلبها من قيمها الجمالية إلى تسويقية تجارية كي تتمكن من مواكبة السوق على الرغم من شح الطلبات وقلة الدعم. وحتى للمثقف نفسه، قد يشعر في الأخير بأنه حكر على الأساليب التقليدية والتواصل النمطي الذي لن يخلق بعداً تنافسياً على مستوى مشروع ثقافي تمويلي. تظل تصارع وحدك بينما يحسب لك العداد قرب موعد الرحيل! عزائي لكل من ذرف دمعة من بعد خسارة مشروع ثقافي لا يزال صغيراً في القطاع الخاص ولم يتحمل كبرياء الأقوياء عليه!.

1037

| 23 أغسطس 2022

فضاء المثاقفة: بين التأثير والتأثر

يظل موضوع ماهية الإنسان وطبيعته الخاصة محورا متجددا دائماً وقابلاً للتساؤل، ويكمن الحديث عنه غالباً بشكل عام، وذلك من باب المعرفة العامة والقواعد المبني عليها شعور الانتماء مثلاً أو العودة لامتدادات الهوية، تاريخها، أثرها أو حتى تطلعاتها المستقبلية. ويظل جزء من التحدي الشيق أن يكون العمق للماهية أكثر اقتراباً لمسألة الوعي الاجتماعي للفرد، مثل أكثر التفاصيل التي تظهر على سطح الوعي كتمثلات سلوكية متبوعة أو قيم ضمنية خاصة بطبيعة مجتمع ما. وفي هذه الحال، سيكون الحديث مقلوباً عن طبيعة الأنظمة العمودية، حيث ستكون بدايتها من الفرد وانتماءاته الجماعية وصولاً إلى النظام، النظر في مدى تأثرها وتأثيرها في نفس المعادلة. وبحسب مسار التحديث على النمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، تظل الأسئلة قائمة حول طبيعة النمو والتطور التي من المتوقع أن تطرأ على الوعي المحلي، وهل هناك حدود للتقدم نحو الدولة المدنية الحديثة، ما هي التطلعات التي يجب أن تكون سياقاً في التغير الاجتماعي؟. فعلى الرغم من التطور الاجتماعي الملحوظ في طبيعة المجتمع المحلي من حيث النمو المعيشي على سبيل المثال والتغير في السلوكيات العمومية كنمط الاستهلاك، أو في المنظور الجماعي لمفهوم الهوية وسؤال من نحن، أو حتى في العرف الاجتماعي التقليدي والنمطي. إلا أن كل ما سبق لا يزال يعتبر كسلوكيات متبوعة أو اتفاقيات جماعية ضمنية تتداول بين الأفراد والتي هي أيضا انعكاسات تواجه بتحد بشكل مباشر وغير مباشر التطورات العالمية وعولمتها كتمثلات متجددة على الهوية الثقافية. إذ إن العولمة بحد ذاتها تعتبر عاملا مؤثرا على ما سبق، حيث تظل مستويات الثبات والتقدم القيمي التحدي الأكبر لدى المجتمعات. كما تستمر التساؤلات مفتوحة وقابلة لإعادة النظر فيها لسنوات وحقب قادمة، وهو ما يتعلق بالتغييرات الاجتماعية وتأثرها مما يطرأ عليها تباعا لأهداف مؤسسات ورؤية شمولية لخطط استراتيجية، فتظل علاقة مركبة ومعقدة، لأنها تعتبر علاقة تأثير وتأثر من كلا الطرفين، أي بين المؤسسة الإدارية واتجاهات الوعي الثقافي للأفراد. وهذه العلاقة تعتمد على حسب طبيعة الأنظمة وأساليب تشكيل الهوية الثقافية أو تحصينها مستقبلاً من ناحية النظر في زيادة الإنتاج المعرفي على سبيل المثال والتركيز على الصحافة والإعلام، وأيضاً منح فرصة التعددية في الأفكار والسلوكيات كسمات لابد وأن تكون جزءاً من التجديد لخلق الوعي المجتمعي الحديث مواكبة مع حداثة الدولة وتطلعاتها نحو المستقبل. لذلك، يظل العرف الاجتماعي جزءاً مهماً في خلق وعي الفرد الثقافي المطلوب ولبناء جماعات متجانسة ومتكاملة تأثر على رؤية استراتيجية وتتأثر منها الرؤية بناء على التطلعات الاجتماعية. لاحظنا القاعدة في البداية، ويجب أن نستيقن بأنها معقدة في التركيبة في حال عكسها لأنها ستكون إسقاطاً مباشر، حيث يتعين على المعادلة التوازن في المعايير ما بين التغييرات الحديثة والحفاظ على جوهر الموروثات الوطنية، التي تضمن تشكيل مجتمع متجدد وموائم للحركة التنموية عبر منح فضاء متجدد للمثاقفة متبادل في حدود السيادة الوطنية والتي تضمن المحافظة على القيم الاجتماعية وتحصينها ضد التيارات الخارجية خلال فترة التحديث.

1115

| 16 أغسطس 2022

alsharq
صبر المؤمن على أذى الخلق

في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به...

1818

| 21 نوفمبر 2025

alsharq
محكمة الاستثمار والتجارة

عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن...

1557

| 25 نوفمبر 2025

alsharq
العائلة الخليجية تختار قطر

أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية...

1503

| 25 نوفمبر 2025

alsharq
ثقة في القرار وعدالة في الميدان

شهدت الجولات العشر الأولى من الدوري أداءً تحكيميًا...

1269

| 25 نوفمبر 2025

alsharq
عندما تتحكم العاطفة في الميزان

في مدينة نوتنغهام الإنجليزية، يقبع نصب تذكاري لرجل...

1101

| 23 نوفمبر 2025

alsharq
حوكمة القيم المجتمعية

في زمن تتسارع فيه المفاهيم وتتباين فيه مصادر...

837

| 25 نوفمبر 2025

alsharq
الخيال هدية الصّحراء للعربيّ

حينما تنطلق من هذا الجسد لتحلّق في عالم...

807

| 21 نوفمبر 2025

alsharq
الصداقة العالمية.. في سماء قطر

الصداقة من خلال الرياضة.. الشعار العالمي للمجلس الدولي...

747

| 24 نوفمبر 2025

alsharq
«ثورة الياسمين حرّرت العصفور من القفص»

عَبِقٌ هُو الياسمين. لطالما داعب شذاه العذب روحها،...

546

| 21 نوفمبر 2025

alsharq
هندسة السكينة

حين ينضج الوعي؛ يخفت الجدل، لا لأنه يفقد...

510

| 23 نوفمبر 2025

alsharq
قلنا.. ويقولون

* يقولون هناك مدير لا يحب تعيين المواطن...

507

| 24 نوفمبر 2025

alsharq
الذهب المحظوظ والنفط المظلوم!

منذ فجر الحضارات الفرعونية والرومانية وبلاد ما وراء...

474

| 24 نوفمبر 2025

أخبار محلية