رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
شعرت بالحاجة الماسة للتعبير عن أثر الفكرة الاستشراقية وتعميمها على عدة انطباعات تركت بصمات سيئة وأخرى مؤذية للواجهة العربية عموماً، الخليجية خاصة. وأكثر ما أثار هذا الشعور كان سببه استحضار صورة المرأة العربية وخضوعها للنظرة الاستشراقية بشكل يدعم التصور الغربي وينافي عدة مقومات عربية، إسلامية، وبالأخص خليجية. ميريام فارس لم تكن سوى أسوأ صورة لبت تصور وفكر الغرب الاستشراقي وتجردت من أي احترام لمقومات الصحراء، المرأة وكفاحها وكيانها في البادية على وجه الخصوص. خاصة ونحن في أهم فرصة وأهم توقيت الذي يعد مكسباً للعالم العربي والاسلامي عموماً. تخيل حصرك كفكرة عند الآخر الغربي في أمور محدودة ومتداولة، كعناصر مثل الخيمة، الجمل، النخيل، برميل نفط، والظهور غير المحتشم للمرأة الشرقية. وظلت هذه العناصر تدور في محيط الغربي سواء على الصعيد السياسي أو الثقافي، حتى أصبحت صورة نمطية عامة سيئة ومتجردة من المدنية، الحضارة، أو حتى الاعتراف العالمي إلا بالنفوذ النفطي في منطقة الخليج وأثره على مجتمعاته من رفاهية أو بذخ العيش كما عبر عنها العديد من العلماء الغربيين ومحدودية تفسيرهم للهوية على أساس بنائها الحديث المرفه. ولا حاجة للمزيد من النظر في المشهد الغربي بشكله التحليلي، أعتقد عاش أغلب العرب شعور هذه النمطية وتعرضهم لعدة مضايقات بداية من رحلات السفر السياحية وصولاً إلى التصورات الإرهابية والاشارة إلى العرب والإسلام كالمتهم الأول. لا يقتصر الموضوع على هيمنة الفكرة، إنما على بنائها واعتمادها من حيث التصور وقياس الفرضيات التي أكدت للعلماء الغربيين حضور النفوذ المالي في منطقة الخليج مع غياب الحضور الحضاري والثقافي واكتفاء قياس النمطية بناء على العناصر السابقة، والتي عممت كفكرة على العالم بطريقة آذت الآخر الذي يحاول أن يصلح الفكرة في حدود ضيقة صعب عليها الانتشار بسهولة للعالم الغربي لتصليح الصورة التي أنتجها الغرب للغرب. ولن أتطرق تفصيلاً حول حركة الاستشراق، ولكن كما ذكرت لكم في البداية بأن ظل لدي شعور الغيرة على الحضور الخليجي خاصة والعربي من الصور النمطية التي قد يضعف العربي أمامها في اللحظات الحاسمة ويتطبع بها في الأخير لكسب الحضور والمشاهد على حساب تشويه الصورة كفعل ميريام فارس في أحد أغاني كأس العالم الرئيسية. وحتى لا أفوت لحظة السعادة والتهنئة لبلدي الحبيبة، أود أن أطفئ شعور الحاجة والالحاح عن التعبير عن النمطية الاستشراقية واستبدلها بالتصفيق لبلدي لتغلبها على تلك الفكرة التي ظلت مشوهة عبر التاريخ، فلحظة كأس العالم هي اللحظة المناسبة في الزمن المناسب من حيث حمل الرسالة المراد توصيلها لمن صعب الوصول له. فالقرآن الكريم والتراث وسمات بلاد العرب والتاريخ عموماً يعتبر الكنز الغالي وثوابت المنطقة، بل أصبحت العناصر الجديدة التي من المفترض أن تضاف لذاكرة الغربي من لحظة افتتاح كأس العالم في دولة قطر. نجدد التاريخ بتصليح الصورة عن العناصر السابقة ولا نلغيها بالتأكيد، إنما تظل تلك العناصر أساسية، ولكن ساء استخدامها من المنظور الغربي لفترة طويلة. لذلك وجه خطاب مباشر مع انطلاقة كأس العالم من قطر، البلد الخليجي والعربي المسلم لتبني الغرب فرضيات جديدة، إذ وجهنا العناصر الأساسية نحو التسامح والتعاطف والتقوى. الفرق الوحيد بأن الفكرة هذه المرة من نتاجنا نحن للغرب. فهل حان دورنا كي نبني صورنا النمطية عنهم؟!
2643
| 22 نوفمبر 2022
دائماً ما تكون المجموعة بنمطها محورا مهما ومتجددا للدراسة، لأنها قادرة على تشكيل التفكير نحو التوجهات الجماعية الثابتة والمحافظة، والذي يعني تقمص دور المجموعة بشكل شمولي. ومن هنا أيضاً بدأت المقارنات بين المجتمع الأبدي والمجتمع الدنيوي والاختلافات التي ظهرت بين المجتمعين في بيئة مختلفة ونمط عيش متغير وسريع. حيث وصف العلماء المجتمع الأبدي في هذه الحال بأنه محدود في ممارساته وتتشابه الأشياء فيه لأمد طويل نسبياً. بالمقابل يتميز المجتمع الدنيوي بالوعي أكثر عن ذاته والتغييرات التي تطرأ عليه في أوقاته المتغيرة والضيقة التي تحكم عليه مواكبة نمط تفكير متجدد. تخيل إسقاط نفس أوجه المقارنة على واقعك اليوم. وقس هذا الجانب على واقع حالك في ظرفك الحالي وبحسب ما هو حولك من حراك، ثم ابدأ إثارة كافة الأسئلة التي تجعلك تتساءل أولاً عن دواعي الحاجة للتغيير، هل من الأساس أحتاج إلى عجلة تغيير مستمرة، ولماذا لا أكتفي بوجودي في وسط نفس الجماعة من دون أن يلامس هذه الجماعة أي تأثير خارج إطارها؟!، وقد لا تقبل التأثير من الأساس. كل تلك الأسئلة وأكثر تجعلك تتساءل حول نمط تفكيرك والذي لربما يكون ازدواجيا، حيث يتداخل مع السياق الدنيوي المتغير والسريع. ولربما بشكله الأبدي الفلسفي، خاصة عندما تظل الإجابة عائمة ما وراء الطبيعية والغيبيات من دون إجابات واضحة. نعود في هذه الحال لمسألة الإسقاط الواقعي، في لحظتك الآن وفي محيطك الحالي، أين أنت ما بين المجتمعين، إلى أي مجتمع تشعر أنك تميل، خاصة ونحن نواكب عدة تغييرات وانفتاح بأنماط مختلفة، والذي لا يواكب بالضرورة وجهة نظر الجماعة بسكونها الذي يستنكر التغيير بشكل عام. أين تقف في هذه الحال بذائقتك الفردية، وما مدى نمط تفكيرك على وجه الخصوص في وسط نفس الجماعة؟ هذا سؤال تجريدي، ومشوق لك للتعمق فيه. الإدراك على أن الحقيقة قابلة للتغيير لأنها ظاهرة نسبية أمر لا بد أن يكون لك نظرية قادرة على تثبيت موقفك ما بين المجتمعين، بين الأبدي المحافظ والدنيوي المبني على التوقيت والنسبية والمادية. لأن في أسوأ الحالات وفي مراحل انفعالات لربما تشعر بأنك تميل في العيش وسط مجموعة تستنكر بعواطفها ما هو عكس بنائها القيمي - الجماعي، ولربما ترضي ذائقتك على الصعيد الفردي في نفس الوقت. بالتالي، قد تدخل في مرحلة ازدواجية، ولكنها في نفس الوقت قوية، لأنها بنائية بين نمط التفكير المتنقلة بين المجتمعين. وليس بالضرورة أن تخلق من هذه الازدواجية نوعا من الإشكالية، إنما عليك النظر أيضاً من جهة مغايرة بأنك كفرد لا تشارك اليوم الآخرين من هم خارج مجموعتك بكامل الشخصية. وهذا وراءه سببه البسيط المتعلق بالعولمة بالتأكيد والمتفق عليه من قبل المجتمعين. والسبب الآخر الأبسط منه أنك اليوم لا تستطيع ألا تشارك مجموعات متنوعة على مر الزمن. انظر حولك في أبسط الأشياء لديك، مع من تجلس اليوم، وما الوسائل التي تتفاعل معها، ولمن توجه خطابك اليوم، كيف تنظر للعالم اليوم، هل تتفق مع مبدأ الحرب على سبيل المثال، أم تنظر للسلام والتفاوض حتى مع عدو اليوم، لماذا التبادل الثقافي اليوم على الانغلاق والاحتواء، وما دواعي التحضير لكأس عالم في بلدك، وما حاجة البصمة المحلية للعالمية؟! تظل هناك بساطة أخرى في أنماط التفكير المعاصرة لم أتطرق إليها، بل أتركها لكم للوعي في مدى انتقال المجتمع بين مجموعات مختلفة ذات السمات الدنيوية المتغيرة. كأس العالم خَصص لإطاره مكانه دنيوية، بحسب ممارسته للنمط المادي والمؤقت. بالتالي، لا شك بأن ظاهرة كأس العالم نسبية، أي تعتمد على معايير التجارة والتنافس الشديد والمعاصرة. لا يمكن أن يتحقق كأس العالم إلا إذا واكب مبدأ الازدواجية ما بين الأبدي والدنيوي. صحيح أن المجتمع باعتباره مجموعة كبيرة تتسم بنمط عيش واحد وسلوكيات متبعة، يحاول في هذه الحال أن يكابر على المبدأ الدنيوي في بناء محيط مؤقت ومادي مواكب للحالة الرياضية على سبيل المثال، ولكنه أيضاً قد يكون غير قادر على استيعاب المجتمع الدنيوي ومتطلباته. لذلك تكمن هنا إشكالية الوعي بين أنماط التفكير، قد يصعب عليه في هذه الحال فهم السياق المؤقت وازدواجيته مع بقاء المبدأ الثابت والمعتمد. تظل هناك قيم متضاربة، وفي كل الحالات لا يوجد أولوية لعنصر على آخر، فلا التغيير أفضل من المبادئ بشكله الكلي، ولا الثوابت أفضل من التغيير بشكله المتزمت. إنما يفضل أن يتم الاستمرار في التمييز بوعي في الحال الراهن والتمعن أكثر في أنماط التفكير بين ما هو رئيسي وثانوي.
1743
| 15 نوفمبر 2022
طبيعي أن يكون صعبا على الإنسان أن يعيش في عزلة عن المجتمع الذي يعيش فيه، كما هو طبيعي أيضاً أن يرفض إنسان اليوم أن يعيش في غابة لا ثوابت فيها أو سلوكيات. لاحظوا وجهة المقاربات بين الصعوبتين، في مجتمع عزلة وآخر في مجتمع فوضوي لا نظام فيه! وكلا المحيطين يعتبران في صراع حول فقدان الأساس وعدم وجود ما يتم التمسك به من مبادئ وقيم ترسم أخلاقيات الإنسان وتهذب سلوكياته. بمعنى آخر، يجب أن نؤكد في البداية على أن كل ما يسير أمر الإنسان في عالم لا هو معزول ولا هو فوضوي هي القيم والمبادئ، لأنهما انعكاسات تمكن الإنسان على رسم حدوده مع الآخر ومقاومته ضد الآخر، ومع التطور وضد الانفتاح من دون إطار قيمي حوله! ولربما هذا الجزء بالتحديد الذي نقف عنده طويلاً كي نحدد مدى المحافظة على القيم والمبادئ في ظل الانفتاح والشعور بالاغتراب في المحيط الذي نعيش فيه. هي المسألة سهلة أن تطبق بالقانون، ولكن عندما يأتي الموضوع على الثوابت، فالقيم لا بد وأن تكون سباقة للأنظمة، بل إن القيم والمبادئ لا بد وأن يكونا رواسخ ما قبل نقلات التطور. وكبداية، لا بد أولاً الفصل بين المفهومين، فغالباً ما نقوم بالتعبير الشفهي عن المفهومين وكأنهما توأم لا ينفصلان، ولكن في حقيقة الأمر كل مفهوم يحمل شرحه الخاص الذي قد يجعلك تستيقن بأن هناك مواعيد انفصال للتوأم! فالقيم تعرف على أنها مجموعة من الأخلاق التي تضبط سلوكيات المجتمع البشري، وهذا بشكل مختصر. أما بالنسبة للمبادئ، فهي القواعد والفكرة والسلوكيات التي توجهك. ولكن الأهم من هذا كله، مدى مصداقية الأخلاقيات والسلوكيات واقتناع الشخص بها، حتى يضمن تطبيقها ليس فقط بصورة جيدة، إنما باستمرارية تشمل أجيالا سابقة وقادمة. هنا تكمن مسألة الثبات! في هذه الحال، نحن نتساءل عن مدى التضارب بين المفهومين، في حال تضررت القيم، ماذا يحدث للمبادئ؟ وفي حال أصبحت المبادئ أكثر مرونة، كيف تضمن ثبات القيم من قبل أفراد المجتمع؟ إذ إن المسألة لا ترتبط بالحداثة أو مواكبة التطور أو حتى الانفتاح، لأن من الواضح أن الإنسانية لا بد وأن تواجه وتواكب مثل هذه النقلات البشرية الكبيرة، ولكن لا بد أن يظل السؤال قائما من حيث كيفية الحفاظ على القيم، وما هي تلك القيم التي ما زلنا نحافظ عليها، هل نحافظ عليها فعلاً، أم أن ممارساتنا في هذه الحال تختلف عن قيمنا الثابتة، والتي قد ينتج عنها الخلل في تطابق التوأم من حيث المنطق والمبدأ. ولتتجرد قليلاً عن مفهوم الهوية الوطنية هنا، قليلاً فقط، لأنك إن خشيت على هوية لربما تغفل عن أساس تلك الهوية. ففي لحظة التذمر والنقد قد تحمل مشاعر الغيرة وحتى مطالبة الآخرين والغرباء منهم باحترام قانونك، في حين أن القانون ليس ما تحتاج إليه بالضرورة عند لحظات غضبك خاصة بعد وقوع الحدث وفوات الأوان، فأنت في حاجة إلى توعية الآخر بمعاييرك الراسخة وثوابتك التي تمارسها كونك فردا من المجتمع. باختصار أنت تحتاج مساءلة من عزل نفسه في محيطك وعاش في غابته وسط مجموعة لا تتحمل الإخلال في القيم والعادات والتقاليد وتخشى على موروثاتها! المغني الأمريكي جيسون ديرولو لم يأتِ إليك من الغابة، فهو قادم أيضاً من دولة بها قانون وبها معايير للقيم والمبادئ وتختلف بسقفها العالي المنفتح مقارنة بمعاييرك الأخلاقية والدينية الرصينة. لذلك تظل القضية مسألة الحفاظ على الثوابت والتصدي لمن يرغب ويحاول رفع السقف فيها! لماذا تستاء من الغريب الذي يتم دعوته بحسب معاييره هو وليست بحسب معاييرك أنت! وكيف فرض معاييره عليك من الأساس؟ فلا تحزن من حضور ديرولو بمعاييره وشروطه! بل بادر بمساءلة من خضع لمعيار الآخر وطمس المبدأ الذي من المفترض أن يكون مبدأك أيضاً! لا تحزن على ما يقع بعد الحدث، لأنك إن عبرت عن حزنك على ضياع القيم، فأنت مشيت مع الموكب الحزين عوضاً عن اكتشاف الخلل. بل حاول أن تعمل على موازنة الاتجاهات لترى الفرق وتبحث عن الخلل حتى تسده ليس بشكل سريع فقط، إنما بالمنطق الأساسي والثابت الذي من المفترض أن تعتمد عليه بحسب مبادئك وقيمك الراسخة ما قبل الحدث.
2991
| 27 سبتمبر 2022
من مجتمع القهوة إلى نادل القهوة! بثينة محمد الجناحي أعتبر نفسي معجبة من الطراز الكلاسيكي خاصة عندما أتعمق في القراءات عن مجتمعات القهوة، ممكن سبب الاعجاب له علاقة بالفضاء الخاص بهذه المجتمعات، ذوق رفيع المستوى، لمسات مترفعة عما تجده خارج إطار هذا الفضاء، بل وتفرد للموسيقى، تفرد للنقاش، وتفرد للفنون، وتفرد لحضورك حتى، وكأنك تشعر بأنه استمتاع لك عن غيرك من المجتمع من هم خارج الفضاء التفردي الذي أنت فيه. باختصار تشعر بتميز الحضور وتفرد المشهد ورفعة المكانة. وهذه الميزة من التفرد تغيرت في نمطها بالتأكيد على مر السنوات، كما إنها تأثرت بالمصلحة السياسية أحياناً. ولكن بغض النظر عما كانت تحمله بعض من مجتمعات القهوة الغربية من خفايا سياسية، يظل هذا الفضاء مبهرا بالنسبة لي من ناحية المستوى الذي كانت تحمله فيها الثقافة وكأنني أشعر بأن كل الثقافة تكمن في مكان واحد. تخيل المزيج بين الموسيقى، التواصل، النقاش، الكتابة الصحفية، وقدرة القلم على تغيير وجهات النظر من نفس ذلك الفضاء، بالإضافة إلى الشخصيات الرفيعة، كل تلك الشخوص والأشياء والرمزيات في مكان واحد. من هنا، أدركت أن للثقافة مكانها في الفضاءات التي ترمز لنواحي التعبير والتفردية الذاتية لا لحصرها الوظيفي والعملي لرسم الأشياء بحدود المؤسسة. ولا ننكر أن الثقافة قد تكون مفرطة أحياناً لدرجة تعميمها على كل شيء، وأحيانا تكون ضيقة جدا لدرجة اختيارها لبعض من الشيء. فأين أنت من المنظور رفيع المستوى والمتفرد، والمنظور محدود النظر والعملي زيادة عن اللزوم؟!. أجد أنه على قدر اتساع المفهوم وتبنيه لعدة قيم وسلوكيات وممارسات، إلا إنه لا يزال يتطلب تخطيطا شموليا قادرا على أن يدخل في محور مجتمعات القهوة وتزامنها الحديث والابداعي لزمن اليوم ومجتمع اليوم، كما إنه قادر أن يبني أسسه على النمط العملي أيضاً وصولاً لكافة طبقات المجتمع وصولاً إلى نادل القهوة! وهذه القدرة على بناء التخطيط الشمولي للثقافة تتطلب التعلق بشكل كبير وواسع في المفهوم لدرجة الفضول في الانخراط فيما لا تفقه فيه وقد تنظر إليه بنظرة جافة إدارية محصورة بين الكم والنتائج، كما إنه يتطلب الوعي في الفروقات التي ينظر من خلالها الثقافة، لأنك قد تكون عملياً لدرجة تعميمك للمفهوم على كل الفئات بدون وضع الفروقات العمرية والتصنيفية في عين الاعتبار. وإن ظلت الثقافة محصورة على النظرة العملية، فلا بد أن تبنى من خلالها الحكمة العملية بحسب ما وصفه أرسطو، حيث فسرها على أنها تمكن البشر من إيجاد طرائق مناسبة للفعل في سياقات محددة. دعنا لا نحد من هذا التعريف على أنه احتكار للثقافة على قدر تبني المفهوم للسياقات المحددة التي تعكس وجودك من ضمن مجتمع، كما تعكس سياقات المجتمع من ضمن هويتها الخاصة. لذلك هي مجال كامل من الممارسات والتي تعني بشكل رئيسي المحافظة على الجماعات الاجتماعية. وأضع على كلمة المحافظة عدة خطوط حمراء كدليل على أهميتها ودلالاتها في التأكيد على أهمية الجماعة الاجتماعية والتي لها دور رئيسي (عملي) وناعم (اجتماعي) في ترسيخ وتثبت وتجديد وتأصيل الممارسات، التمثيلات والتشكيل المطلوب للمفهوم. كما يجب أن نستيقن بأن كل شيء يعتبر ثقافة، ولا حصر للمفهوم على مؤسسة عن أخرى، لأن جميع المؤسسات تعتبر ثقافية بطريقة ما وبأسلوبها المحدد. إنما هي سلوكيات، قيم، معايير، قدرات وإمكانيات ممكن أن تكون تمثلات في أبسط الممارسات إلى أكثرها تعقدا من الناحية العملية. فالقهوة على سبيل المثال ليست ثقافة ولكن طريقة شربها وطرق إعدادها تعتبر ثقافة، العمل كوظيفة ليس ثقافة ولكن تمثلاتك في العمل من ملبس تقليدي وهوية خاصة تحملها معك يعتبر ثقافة، وقس هذه الأمثلة على مستويات ابداعية أخرى وفنية وأدبية ومسرحية وتقليدية بوصفها واقعاً مادياً وتجربة معيشة في نفس الوقت، فهي ازدواجية من الصعب التضييق عليها حتى لا تخلق شعوراً مصطنعاً أكثر ميولاً للجمود للمفهوم خاصة عندما ينعكس عليك أنت أولاً وعلى المجتمع الذي أنت فيه. لذلك الثقافة تظل انعكاسات لكل شيء، هي تعريف سائب أحيانا كثيرة ولكن يظل الخطأ موجودا ومستمرا في تثبيط المفهوم على ان يظل حكراً في تعريفه الوظيفي.
1890
| 20 سبتمبر 2022
عندما يطرأ عليك مفهوم الثقافة الغربية، أعتقد بأن سيأتي في بالك وبشكل مباشر مسألة الحياء وانحلال القيم وتطرف العقيدة، وايضاً تطرف التصرفات والمبادئ. طبيعي جداً هذا الشعور، لأنك وباختصار تشعر بالخوف على ما تتحلى به الآن، وما غرسته في أبنائك من مبادئ والتحلي بالدين والتشبت بالعادات والتقاليد وغيرها من المعايير التي تشكلك عن غيرك. ونفس تلك المعايير رسخت على مستوى مجتمع ومن المجتمع انعكست على أسس دولة تصقل من خلالها هويتها المحلية والوطنية. إذ إنك وفي هذا الموقف تكون بين أمواج التأثير والتأثر، ولربما لوم العولمة بكونها ضارة ونافعة في نفس الوقت، تشعر بتضارب الموقف بين ماهو ضار وماهو نافع من التيارات الخارجية. ولكنك تظل في الصورة الأصغر لمقومات العولمة التي تتطلب منك النظر بشكل أبعد، حيث تظل العولمة ثقافة غربية ظافرة. بدأت من خارج حدودك وتشكلاتك الخاصة محاولة ان تسيطر على الآخر من خلال محاكاة عولمة الثقافات الأخرى. لذلك، أيها القارئ أنت في فخ جداً معقد، وإشكاليتك تكمن في مقدرتك على الفصل بين ما يعتبر عولمة ثقافية مسيطرة، أم عولمة باختيارات محلية متنقاة. يبدو الأمر سهلاً على الورق الفصل بين النافع والضار، ولكن تظل الصعوبة في تفكيك المعايير التي تجلب التغريب الثقافي على قالب يتصدره الخوف، خاصة وعندما يطرأ عليك مصطلح الثقافة الغربية. وبنفس القالب، أحاول في هذه الحال قياس أثر الخوف على الصعيد الاجتماعي بحسب مدى تقبل المجتمع من الأجواء الترفيهية والحماسية خلال فترة كأس العالم. إذ يبدو أن التأثير متفاوت ما بين الخشية وما بين فترة عبور تتطلب المضي بشكل طبيعي والتثبت بالقيم والمعايير في ظل استقبال زوار الكرة من جميع أنحاء العالم بمعاييرهم المتفاوتة. ولا يبدو أن الخشية ستكون الشعور المسيطر، خاصة وإذ ما بان الثبات ومواضع الانتماء المحلي ضد الآخر الغربي. ولكن يظل الاستثناء عند الوقوع في الفخ، خاصة وعند سيطرة الثقافة الغربية بحسب المعايير التي تخشى منها من خلال محاكاة النموذج المحلي من حيث السلوك والتفكير والتبعية، هنا يعني بأن الخوف يصبح واقعاً، ويصعب إعادة بنائه على ما سبق، إنما يظل معاصراً وقد يسيطر عليه الاستعمار الجديد بقموماته اللطيفة والناعمة، إذ يسهل وصوله إلى العقول بالاغراءات من دون أي نوع من الفرض. لذلك، تظل السلوكيات والقيم غير الملموسة أهم المعايير التي تشعر بالخوف عليها بالتأكيد لمرحلة مؤقته برؤيتها المعاصرة، وتظل الصورة الأكبر اهتمام مستدام ومهم من حيث انتقاء ثقافة العولمة نحو تنمية الدولة المعاصر وخاصة في مجالات العلم والاقتصاد وبناء الانسان، إذ يظل الحرص على تحويل مكونات العولمة الغربية إلى عناصر ايجابية من حيث التسلح بالقيم والهوية المحلية. ويجب التخلي أحياناً عن التفكير بأن هويتنا المحلية والثقافية مهددة من الثقافة الغربية بسبب اتساع دائرة التثاقف والتفاعل مع الثقافات الأخرى. حيث يظل الدفع نحو تعزيز محتوى الوسائل الاعلامية والاجتماعية لصناعة المحتوى الأشمل لصورة النمط المحلي بقيمه التي لا تنتزع ولا تتلاشى بسرعة بسبب مشاعر الخوف تلك. لذلك، علينا أن نرى الصورة الأكبر، ونتجاوز الخوف باستحضار الهوية ودفعها نحو الوعي لوقايتها نوعياً بسلوكياتها غير الملموسة. إذ تظل صناعة المحتوى بنمطه المحلي أهم عمومية لإبراز الصورة الوطنية المطلوبة في كل القوالب.
986
| 06 سبتمبر 2022
حدثتني زميلتي عن تعزية من نوع آخر، تعزية لخسارة شخص لمشروعه الثقافي. استسلم صاحب المشروع وقرر أن يبتعد عن كل السنوات التي تمسك فيها بالمشروع منتظرأ أن يرى النور يوماً ما. استوقفت زميلتي لوهلة، وكأنني أهنئ من ظل صامداً حتى اليوم على الرغم من كثرة الصبر والمحاولات لتخطي صعوبات قد تطول لحقب وفترات زمنية مختلفة وظروف متفاوتة خارج الإرادة، ولربما تتفاجأ بظرف آخر يتطلب منك صبراً إضافيا على الصبر السابق. لذلك، شعرت بأن الثقافة تعتبر استثنائية بالتأكيد وتتحلى بالصبر لمواجهة ومصارعة السوق التجاري. فعلى الرغم من براعة المجال الثقافي، إلا إنه لا يزال محكوماً ومتسماً بكونه غير ضروري ومهمشاً مقابل ما هو أكثر استهلاكاً وأفضل قبولاً للتمويل. وحال هذا الزميل ليس إلا مثالاً لعدة حالات خاضت نفس التجارب، وعاشت لحظات الانكسار والتفكير في الانسحاب معظم الأوقات، إلى أن يحملهم الصبر إلى فترة زمنية أخرى، وفي انتظار تلك الفترة التي من المفترض أن تكون انتعاشاً واستشراقاً لحاجة ثقافية أوسع تمنح الوساطة الخدمية المتنوعة والانتاج الابداعي الجديد وفضاءات متنوعة بين الشعر والكتب والمسرح والسينما والكلمة والكتب، وتستمر في عطائها بثراء مبدعيها. فهل يكمن الخلل في فترة التحمل، أم في الطاقة التي هدرت على مدى التحمل؟ كيف لا يغامر صاحب الذائقة ليساهم في خلق فضاءات ثقافية جديدة ومتجددة قادرة أن تكون الحلقة الجمالية التي تجد من خلالها القيمة الاجتماعية والانثربوبولجية والنفسية وحتى الفلسفية. كيف لا تستهوي هذا الفضاء بما فيه من محطات ابداعية تعبيرية تسمح لك أن ترى من خلالها الحاضر والماضي والمستقبل بمناظير متعددة وأفق شاسعة تتطور وتتجدد بحسب زمانها ومكانها. من وجهة نظر المجتمع الفرنسي تظل الثقافة على أنها الاستثناء الثقافي، فهي لا تخضع من وجهة نظرهم إلى شروط السوق التجاري. وحتى لو نتفق مع مبدأ المجتمع الفرنسي، ولكن يبدو أن العزاء على الثقافة ما زال مسيطراً عليه القيود التجارية وبضغط كبير على قرارات الانسحاب في النهاية. ونظرا لمثل هذه القيود التي تفرض على المشاريع الثقافية والابداعية بشكل عام، تتحول الثقافة من كونها قيمة غير جمالية ولا تقتصر على المكنون والتنفيس وأسس التعبير، إنما تضطر لأن تقتصر على قيمتها التجارية كي تتمكن من الاستمرار في ظل ما تواجهه اقتصادياً من صعوبات وصراع من أجل البقاء لفترات أطول!. لا يحزنني في هذه الحال مسألة الانسحاب، ولكن أحزن على الظروف التي تجعل من قرار الانسجاب حتميا. وقد تكون تلك الظروف مجرد مسائل إدارية وبيروقراطية لا تتطلب إلا التواصل الفعال والجاد، بل وفهم الحاجة للمشروع المتجدد كحلقة وصل، بالإضافة إلى وضع المشاريع الخاصة من ضمن الخطط الاستراتيجية لتمكين وتشغيل المشاريع الثقافية المتنوعة. وهنا يكمن الصراع، عندما تجد نفسك تسعى وتطالب وتتواصل، بينما لا تجد الرد الواضح أو الدعم اللازم للاستمرار أو حتى للتقدم بوضوح في سير العمل والتعاون. كما تظن أنك مؤهل ثقافيا في تقديم الخدمات من خلال القطاع الخاص، بينما يجد الآخر فيك منافسا، في حين إنك لا تزال مشروعا ينتظر أن يرى النور بين كل الظروف التي تمر فيها مراعياً حتى لمواسم قد تتعارض معك في المشاريع الثقافية المقترحة، حيث تكون الثقافة حينها مهمشة وغير ضرورية مقارنة بالمشاريع الكبرى والتي يطغى عليها طابع الترويج القوي والتمويل المتعدد. فتظل أنت تصارع وحدك وتقابل لحظات الانتظار بالاستسلام وتواصل التذكير بالدعم إلى حين الرد إما بالرفض أو القبول، أو لا هذا ولا ذاك. وتستمر مسألة المحاولات، ويظل الافتقار إلى التمويل في القطاع الثقافي الخاص كجانب يؤثر ليس فقط على الاستمرار وانتظار العوائد الربحية للتقدم والتطور، إنما أيضاً على تغيير نمط الثقافة وسلبها من قيمها الجمالية إلى تسويقية تجارية كي تتمكن من مواكبة السوق على الرغم من شح الطلبات وقلة الدعم. وحتى للمثقف نفسه، قد يشعر في الأخير بأنه حكر على الأساليب التقليدية والتواصل النمطي الذي لن يخلق بعداً تنافسياً على مستوى مشروع ثقافي تمويلي. تظل تصارع وحدك بينما يحسب لك العداد قرب موعد الرحيل! عزائي لكل من ذرف دمعة من بعد خسارة مشروع ثقافي لا يزال صغيراً في القطاع الخاص ولم يتحمل كبرياء الأقوياء عليه!.
1013
| 23 أغسطس 2022
يظل موضوع ماهية الإنسان وطبيعته الخاصة محورا متجددا دائماً وقابلاً للتساؤل، ويكمن الحديث عنه غالباً بشكل عام، وذلك من باب المعرفة العامة والقواعد المبني عليها شعور الانتماء مثلاً أو العودة لامتدادات الهوية، تاريخها، أثرها أو حتى تطلعاتها المستقبلية. ويظل جزء من التحدي الشيق أن يكون العمق للماهية أكثر اقتراباً لمسألة الوعي الاجتماعي للفرد، مثل أكثر التفاصيل التي تظهر على سطح الوعي كتمثلات سلوكية متبوعة أو قيم ضمنية خاصة بطبيعة مجتمع ما. وفي هذه الحال، سيكون الحديث مقلوباً عن طبيعة الأنظمة العمودية، حيث ستكون بدايتها من الفرد وانتماءاته الجماعية وصولاً إلى النظام، النظر في مدى تأثرها وتأثيرها في نفس المعادلة. وبحسب مسار التحديث على النمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، تظل الأسئلة قائمة حول طبيعة النمو والتطور التي من المتوقع أن تطرأ على الوعي المحلي، وهل هناك حدود للتقدم نحو الدولة المدنية الحديثة، ما هي التطلعات التي يجب أن تكون سياقاً في التغير الاجتماعي؟. فعلى الرغم من التطور الاجتماعي الملحوظ في طبيعة المجتمع المحلي من حيث النمو المعيشي على سبيل المثال والتغير في السلوكيات العمومية كنمط الاستهلاك، أو في المنظور الجماعي لمفهوم الهوية وسؤال من نحن، أو حتى في العرف الاجتماعي التقليدي والنمطي. إلا أن كل ما سبق لا يزال يعتبر كسلوكيات متبوعة أو اتفاقيات جماعية ضمنية تتداول بين الأفراد والتي هي أيضا انعكاسات تواجه بتحد بشكل مباشر وغير مباشر التطورات العالمية وعولمتها كتمثلات متجددة على الهوية الثقافية. إذ إن العولمة بحد ذاتها تعتبر عاملا مؤثرا على ما سبق، حيث تظل مستويات الثبات والتقدم القيمي التحدي الأكبر لدى المجتمعات. كما تستمر التساؤلات مفتوحة وقابلة لإعادة النظر فيها لسنوات وحقب قادمة، وهو ما يتعلق بالتغييرات الاجتماعية وتأثرها مما يطرأ عليها تباعا لأهداف مؤسسات ورؤية شمولية لخطط استراتيجية، فتظل علاقة مركبة ومعقدة، لأنها تعتبر علاقة تأثير وتأثر من كلا الطرفين، أي بين المؤسسة الإدارية واتجاهات الوعي الثقافي للأفراد. وهذه العلاقة تعتمد على حسب طبيعة الأنظمة وأساليب تشكيل الهوية الثقافية أو تحصينها مستقبلاً من ناحية النظر في زيادة الإنتاج المعرفي على سبيل المثال والتركيز على الصحافة والإعلام، وأيضاً منح فرصة التعددية في الأفكار والسلوكيات كسمات لابد وأن تكون جزءاً من التجديد لخلق الوعي المجتمعي الحديث مواكبة مع حداثة الدولة وتطلعاتها نحو المستقبل. لذلك، يظل العرف الاجتماعي جزءاً مهماً في خلق وعي الفرد الثقافي المطلوب ولبناء جماعات متجانسة ومتكاملة تأثر على رؤية استراتيجية وتتأثر منها الرؤية بناء على التطلعات الاجتماعية. لاحظنا القاعدة في البداية، ويجب أن نستيقن بأنها معقدة في التركيبة في حال عكسها لأنها ستكون إسقاطاً مباشر، حيث يتعين على المعادلة التوازن في المعايير ما بين التغييرات الحديثة والحفاظ على جوهر الموروثات الوطنية، التي تضمن تشكيل مجتمع متجدد وموائم للحركة التنموية عبر منح فضاء متجدد للمثاقفة متبادل في حدود السيادة الوطنية والتي تضمن المحافظة على القيم الاجتماعية وتحصينها ضد التيارات الخارجية خلال فترة التحديث.
1103
| 16 أغسطس 2022
عدنا لكم بعد انقطاع تحتاجه النفس لاسترجاع طاقتها والوفاء بالوعد من حيث التجديد في المحتوى أيضاً. ولا أخفي عليكم أنه لا يزال محتواي غير قادر على الاستغناء عن الثقافة، لطالما وجدت أنها متجددة، كذلك تتجدد معها قضاياها ومواضيعها المؤثرة. ومن بعد هذه المقدمة الموجزة، دعوني أبدأ معكم أول مواضيع العمود الصحفي لمصطلح الفجوة، حيث تعرف الفجوة في معجم المعاني الجامع بأنها المتسع بين الشيئين. ولو نظرنا أكثر في التعريف لوجدنا أن المتسع نفسه هو الفراغ والجفاف، وصفحة بيضاء من دون وجود أي سبيل أو جسر بإمكان أن يصل الأشياء لبعضها. ومن هنا يكمن الخلل، بوجود الفجوة التي لا تحتوي على ما يمكن أن يساهم في تعبئتها أو بنائها لوصول الطرفين ببعضهما البعض. وهذا بالتحديد ما قد تستشعره في الوسط الثقافي، لربما تدرك بأن الثقافة موجودة بطريقة ما كمصطلح أو ككيان، أو حتى كوجود من دون أثر حسي فيك، وكأنها في كينونتها التي لا تشعر بأنك جزء منها من ناحية الممارسة، أو التعبير، أو حتى في الأداء والابداع وحتى في تفاعلك الخاص مع قضاياك واهتماماتك. إذ يظل هذا الفراغ موجودا، من دون وعي كاف بالحاجة إلى ما يمكن أن يساهم في مد الجسر وبناء الشراكات التي تعمل على بناء الأفكار وتقليل التبعية وصقل الإمكانيات، فلا تزال مظلة الثقافة تتسع كافة الأطراف، حتى ولو لم يكتمل الجسر بعد!. أجد أن نبض المجتمع ما زال في حاجة كي يتصل بشكل أكبر مع الجهات والأطراف المعنية في الشأن الثقافي، فلا تزال الصورة الاجتماعية في حاجة أن تنقل باختلاف أحجامها. ومسألة الاتصال في حد ذاتها لا بد وأن تتجدد أيضاً. من المهم لفت النظر على أهمية الصناديق الثقافية والتي تمنح التحرك في عدة جهات بمحتوى متنوع وبقيود بيروقراطية أقل لا يفكر نيابة عن المجتمع بل يفكر معه ويمنحه مساحة إدارة شؤونه وموارده. إذ هناك مبادرات ومشاريع ثقافية متفرقة تعمل بجهد وكفاح على الرغم من قلة الموارد وضعف الاقبال الجماهيري أحيانا، إلا إنه لا تزال قائمة على الرغم من الضغط على مواردها الخاصة في سبيل تحقيق إنجازات قد تحسب لها أكثر من أن تكون تأثيرا على الحراك الاجتماعي بالشكل المطلوب. بالتالي، ما يحدث في هذه الحال أن الضغط المستمر في موارد المبادرات والمشاريع الثقافية الناشئة قد يؤدي إلى ضرر وإحباط كبير للمبادرين والمهتمين في محور التجديد الثقافي، وذلك بسبب عدم وجود الدعم التكاملي المطلوب، لاحظوا أنني لم أذكر الدعم الكافي في هذه الحال، إنما الدعم التكاملي، حيث إن التكامل في هذه الحال يعتبر من أكثر العوامل أهمية في بناء الجسور في تلك الفجوة والتي تعمل على بناء الشراكات المستدامة مع المجتمع. في الثقافة المحلية، تهم الصورة الاجتماعية المنقولة، إمكانياته، مواضيعه وتطلعاته، بل يهم أن تظل المشاريع الثقافية الاجتماعية مستمرة، فهي نبض حيوي لحراك اجتماعي مؤثر، على العكس من اعتمادها بشكل موسمي وانعدامها بشكل مؤبد!. علينا استخراج النبض الحقيقي من خلال التعبير عن رؤية المجتمع الخاصة، إذ ذلك يتطلب من جهة القواعد الاجتماعية المحركة والإبداعية الحيوية واليقظة، كما يظل الجهاز الإداري من جهة أخرى فعال ومحكوم بأهدافه الاستراتيجية، لذلك، ينبغي أن تتقلص الفجوة في حجمها من حيث القدرة على بناء الأفكار المشتركة بين الطرفين كي تصل الفعاليات والمنصات المجتمعية والثقافية لجماهيرها المستهدفة بشكل أكبر وأكثر فاعلية من حيث تفاعلها المستمر والخاص مع قضاياها وتطلعاتها المحلية.
650
| 09 أغسطس 2022
ببالغ الحزن تزامن توقيت هذا المقال الذي أعتبره الأخير قبل بدء اجازتي الصيفية مع وفاة عمي الدكتور يعقوب يوسف الجناحي رحمه الله بواسع رحمته. ولن تتغير النوايا في الحقيقة في مسألة اختيار موضوع المقال الأخير لهذا الأسبوع، فلعمي رحمه الله الخبرة والمناضلة التاريخية والوطنية التي تحكي عن وطن. وبالنسبة لي كنت أبادله أحياناً شغف الحديث حول حبي وعشقي لوطني من خلال ما أطرح من مواضيع اجتماعية متنوعة، حتى ولو كانت تلك المواضيع موجزة حول التطلعات والأبعاد التي أجد فيها نفسي في هذا الوطن. فاهتمامي الثقافي شكل لي بعداً خاصاً حول الآمال والتطلعات والتحولات التي تطرأ على الحراك الثقافي والقدرة على تبني التجديد في هذا المفهوم. عمي الغالي، سأكمل كتابة هذا المقال بحسب بعدي الخاص، وسأظل أتذكر بأنك تقف خلفي وتبادلني ملاحظاتك في أعمدتي الصحفية وكأنك ما زلت معي. رحمك الله بواسع رحمته. لربما ستكون هذه المقالة مقدمة مبدئية لتطلعات مستقبلية حول التغييرات التي ستطرأ على المجتمع تزامناً مع كأس عالم مترقب. ودعنا نبتعد عن الدهشة والخوف في هذه الحال حول المواجهات الثقافية المتعددة وأثر العولمة الثقافية على هذا المحفل المهم. ولا بد وأن نلفت النظر أيضاً في هذه الحال عن الأدوات التي من شأنها أن تلعب الدور في التعزيز وسد النواقص تفادياً لموجة تغييرات جذرية. إذ إن الهوية الثقافية في هذه الحال لابد وأن تواجه موجة معممة قد تؤثر في قيم ومبادئ الشعوب، ولكن بالتأكيد يمنع وصولها للجذر، فهذه أخطر المراحل. وليس بغريب أن يخشى المرء على هويته الخاصة، ولكن مسألة الهوية الثقافية تظل مكبوتة في أغلب الأوقات ولكنها تستيقظ وتشتد في فترات التحولات أو الانتقالات التي تمر بها المجتمعات. بالتالي، وجب علينا التهيئة لاستحضار أبرز ما لدينا من أدوات تساهم في حماية الهوية في وسط تيار العولمة الثقافية. ودعنا نكون أكثر صراحة، العولمة الثقافية ليست غريبة من الأساس، فهي أساساً تخترق المنازل، وقد تتسرب في وسط المدارس ولربما تجدها في الشخصيات الفردية التي أصبحت ترفع الأعلام وتعتز بالحملات وتنبه عن حقوق. فالمسألة أصبحت أكثر تعقيداً وتداخلاً مما كان عليه المفهوم في السابق. حيث انحصر المفهوم حينها على إلغاء الحدود للمنتج الاقتصادي وتوفير حرية الانتقال. أما اليوم انعكس المفهوم على الثقافة والسياسة أيضا، ولا عادت تعتمد على الكتابة والأدبيات المكتوبة، بل انتقلت لمرحلة الاعتماد على الوسيلة السمعية والبصرية والعلامات والرموز والايحاءات. فكل تلك الوسائل جعلت من العولمة الثقافية وسيلة سريعة الوصول وسهلة النشر. وعلى الرغم من تلك القدرات الهائلة التي سيطرت عليها العولمة الثقافية، لا ننكر قوتها وقدراتها في عملية الاختراق الفكري. ومن هنا يبدأ التحدي للتدخل المحلي على إمكانيات استحضار الهوية الثقافية وعمل المقاربات التي تدعم عناصرها والقوى الناعمة المحركة والفاعلة، والتي من خلالها تستطيع أن تخلق الصورة المماثلة للنسق الثقافي المماثل من حيث الأدوات في العولمة الثقافية واسقاطها لخلق الصورة القوية لواجهة وطن بدلاً من أن تهيمن عليه العولمة بالكامل. لذلك، تجد المقاومات المستمرة ضد العولمة الثقافية من خلال مفهوم الاستثناء الثقافي أو التعددية الثقافية التي تهدف إلى تصدي مبدأ عام سائد بعدم طمس مبدأ محلي أصيل وخاص. ومثل هذه المقاومات، تجدها اليوم من ضمن مبادرات دولة قطر في كأس العالم من خلال اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية، ومقاومة القيم والأخلاقيات المغايرة للمنطقة بشكل عام. فلو استطعنا مقاومة أبسط التيارات وأسهلها دخولاً إلى أسلوب حياة المجتمع، بالتالي نستطيع أن نحافظ على صورة هوية وطنية واضحة وخاصة يحترمها الغريب بضبط حدوده قبل أن يصل لحدودنا. فالثقافة في رأيي قد تكون أحد النواقص، خاصة إن ظل تداول مفهومها بشكل جامد ومحصور، بالتالي سيكون من الصعب التوسع في دائرته إما للمقاومة أو حتى للتبني والتجديد. لذلك لا بد أن تواكب الهوية الثقافية كل الوسائل والأدوات الحديثة لتبني إطارها الخاص للتقدم. وأخيراً: أينما يتجه الوطن وفي مقدمته اللغة والتاريخ والقيم، والدين، فلا بد أن هيمنتنها الثقافية تظل في الأمام. دمتِ بحفظ الله يا بلادي.
1557
| 28 يونيو 2022
"ما هو أكثر حزناً، أن تعيش فقيراً، أم أن تعيش تحت رحمة الآخرين؟" هكذا كانت خاتمة لسؤال تفكري سُئل من قبل كاتبة صحفية غربية رغبت أن تلفت النظر بتحيز على مسار المواطنة في منطقة الخليج في حين ازدهار المنطقة بالقوى العاملة الخارجية. ولا أستغرب من هذا السؤال من تلك الصحفية أو من آخرين يثيرون الجدل حول مسألة المواطنة في الخليج العربي، إذ أدرك أن الخلفية التي تبنى من ورائها هذه الجدلية ما هي إلا مسألة ترتبط بالبترول وما بعد طفرة البترول وكل التحولات التي طرأت على المنطقة. إذ كل ما يتبع البترول يعتبر بالنسبة لهم صراعا للخليجي بشكل عام لإثبات وجوده وسط الفوج الكبير من العمالة الخارجية، بل وصراع المغترب حتى عندما يكون في منطقة الخليج. اختصارا لوجهة نظر الصحفية، فتلاحظ الميول بشكل عام لمثل هؤلاء الكتاب بقصد إثارة الجدل من دون توصيات تأتي من الداخل، فيصعب الإلمام بالشأن المحلي من الأساس. لذلك تظل أداة الجدل أضعف إيمانهم. ولا أختلف في نقطة الصراع الوجودي للخليجي في وسط العمالة الزرقاء وأخرى البيضاء المغتربة، وكثرت المقالات العلمية حول هذا الخلل من بعد فترة الخمسينيات. وأتفهم صراعنا نحن من حيث مسألة الاثبات، فلا يزال الخلل السكاني قائما من حيث تعداد محلي يواجه التقلص مقابل نسبة العمالة الخارجية المتزايدة. بالتأكيد ستكون مسألة الخلل في التركيبة السكانية ومسألة المواطنة والهوية في هذه الحال قضية يتم تداولها بكل أبعادها والحديث عنها من اجل المحافظة عليها وبشكل ضروري. ولا تستغرب أن تكون أوجه المحافظة قاسية بردود فعل مندفعة لدرجة استنكار للمغترب أو المقيم لمجرد تطاوله على الأحوال الجوية!. يظل مفهوم المواطنة في منطقة الخليج أكثر ميولاً نحو نظرية الاحتواء، والذي عززه أيضاً نظام توزيع الثروة في المجتمع وتعزيز مكانة القيم الاجتماعية حوله والخاصة فيه. مما يعني أنه سيكون من الصعب اتساع نظرية الاحتواء مع عدم سهولة الدخول فيه. وفي الصورة الأكبر، يظل هذا المفهوم ينعكس على المعنى الأعمق للمواطنة بشكل عام وتحديد مدى الانتماء والولاء للوطن وما فيه من تفاصيل، قد لا تتوافق مع الرأي العام المحلي لمعايير الانتماء، ولكنها بالتأكيد ليست شأناً للرأي الخارجي أن يتطاول عليه. حيث يظل الشعور أكثر اتفاقا مع الهوية الجمعية التي تخلق أبعاداً مشتركة للوطن مع تفاوت صعوبة تقبل نقد الغريب عنه. وهذا يعتبر صراعا محليا مستمرا بحد ذاته وعلاقته بمسائل كثيرة، منها مثلاً التوطين الوظيفي وغيرها، خاصة وحينما يحاول المواطن أن يحافظ على مكانته وسط فوج العمالة الخارجية فبالتأكيد سيكون له وجهة نظر ضد الآخر المنتقد. فشعور الإقصاء يعتبر من أول جمل الدفاع والرد على التطاول. مشاعر المواطن الخليجي بشكل عام تعتبر مندفعة لعدة تفاصيل، ولا ألوم أحياناً المواطن الخليجي على هذا الاندفاع، فأساليبه المتفرقة في عملية الدفاع تدل على الإحساس بالتهديد في الداخل من فوج خارجي ومن وسط عمالة مهيمنة على السوق الخليجي. وعلى الصعيد المحلي: أنصح أن يتم تخفيف الحدة على الانتقادات التي لا تؤثر على الوطن ولا المواطن بحسب سطحية المحتوى. كما أنصح بكوب من عصير الليمون البارد عندما تشعر بالاستفزاز من تعليقات تتعلق بدرجات الحرارة.
665
| 21 يونيو 2022
في الآونة الأخيرة سُئلت من قبل شخصية أجنبية زائرة ولأول مرة لدولة قطر عن ثقافة المجتمع ومستويات الارتباط، ولكن رغبته وسؤاله كانا بفضول ينعكس عليك قبل أن ينعكس على المفهوم نفسه وإسقاطه على المجتمع بأكمله، ولم أستطع تجاوز السؤال في الحقيقة بالإنشاء المعتاد عن ما تعريفك للوطن، على قدر تمعني في السؤال عن من أنا في هذا الوطن، وكيف أستطيع أن أُجسد له الوطن بعيني. قررت حينها ألا أجاوب على سؤاله بشكل سريع، إذ شعرت وأني في فرصة ملائمة أن أجاوب بما توحي لي نفسي، وذاكرتي، وزماني، ورؤيتي عن مدى انتمائي التفصيلي العميق، بذكريات قد تجسد لي صوراً لما يرمز لي الوطن، وما أرى من خلاله من محطات ونقلات أستشعرها لأني كنت شاهداً عليها ومنتمياً لأبسط الأشياء التي جعلت من مستوى الولاء متيناً. وددت أن يحصل على إجابته والتي لن أقول عنها مثالية ولكن واقعية أكثر لي أولاً وانعكاسها على الوطن مني أنا كجزء مهم فيه، ومن ثم توجيهه للمصادر وحثه على التعمق معي ليجد إجابة مغايرة بحسب ما أتى معه من فرضيات لربما كانت خاطئة ومبالغ فيها!. وتخيلوا معي العمق الذي وجدته للإجابة على هذا السؤال من تفاصيل تأثيرها الثقافي على المجتمع واضح من حيث مستويات الارتباط، ولكم حرية التفكير بتلك التفاصيل التي تبني ذاكرتك وذاكرة للجماعة. تداولت هذا الموقف ولقائي مع هذا الأجنبي مع بعض من الزملاء والزميلات، واستوقفتني عدة أسئلة تفكرية معهم حول الهوية ومدى ارتباطها بالشخص، وارتباط الهوية فيه حتى ولو انضم لذاكرة الجماعة التي قد لا يشعر بالضرورة بأنه جزء منها في عدة أمور!. استوقفني الحديث أيضاً عن القوانين الرومانية التي تربط الجنسية وحق الانتماء بالأرض، ومفهوم آخر تربطه بالدم، وهذه حصيلة تعريفات متعددة لمستويات الانتماء في منح الجنسية ومدى انعكاسها حتى على الهوية السائدة، وهي معقدة بالتأكيد من حيث مستويات قياس تلك التعريفات دولياً، ولكن لي في هذه المصطلحات لفتات بسيطة عبر هذا المقال. بالتأكيد من الصعب حصر الإجابات التفكرية على سياق واحد يحدد الهوية ومستويات الانتماء، خاصة لمن يشعر بأن انتماءه ليس بالدم ولكن قد يكون بالأرض وكل الذكريات التي تأتي معه، إذ إن الجنسية ليست مسألة موضوعية اليوم، وخاصة مع زمن التمدن والمواطنة الحديثة، حيث إنها تركيبة معقدة ومختلطة في نفس الوقت، من حيث الانعكاس الشخصي، التعددية الثقافية، وبالتأكيد التجسيد السائد للمبدأ الذي ينعكس على المجتمع بأكمله تحت مظلة الهوية الوطنية. إذ إن النظر لمعايير الانتماء بالتأكيد ستكون له مفاهيم متدرجة، تبدأ في تعريفك لنفسك واعترافك الشخصي لانتماءاتك وتفاصيل كل تلك الذكريات التي جسدت وجودك وارتباطك إما بالدم أو بالأرض أو حتى لكلا المعيارين معاً، ومن ثم يرتقي المفهوم إلى مستويات أعلى، حيث يعكس هويتك الجماعية ومستوى ارتباطك فيها وقدرتك على الاندماج والانتماء تحت مظلة واحدة لا تشعر من خلالها بأنك مختلف، على قدر وجودك بين الجماعة مكمل وجزء فاعل مهم. خلاصة: لا يستطيع الأجنبي أن يفهم هذه الصورة الداخلية لمفهوم الهوية في جلسة قصيرة وفي وقت وجيز، على قدر فضوله للتأكد من تلك الأفكار النمطية التي أتت معه عنك كمواطن يعيش على الذهب الأسود!. ومن هنا تختلف الإجابات، بل وتستحق أن تستوقفك قليلاً حتى تتمكن من الإجابة على نفسك أولاً قبل أن تجيب على الغريب الذي لربما جاء برغبة أن يبصم على أفكاره النمطية على أنها صحيحة!.
1085
| 14 يونيو 2022
اكتشفت مؤخراً أن هناك كلمة ألمانية دالة على الفن الجديد وتعني طراز الشباب. وهذه الدلالة أجدها محفزة وصريحة، حيث تعترف بارتباط الأسلوب الحديث بقدرات الشباب. وهذا دليل على ان حركة الشباب في المجال الفني والثقافي تعني الإضافات المتجددة من حيث الذوق، الرؤية، الطراز وحتى الحضور. ولا يجب علي في هذا الحال التعميم على ذوق الشباب وتوجهاته الفنية، ولكن أظل أتمسك في الشباب وقدرته على مواكبة التحولات وفقاً للحياة الحديثة. فما يعتبر فناً وثقافة، فهو بالتأكيد أسلوب حياة، وما سيصبح أسلوب حياة، فهو بالتأكيد انعكاسات على المشهد الراهن وطرق وصفه بعدة أساليب حديثة. ضعها قاعدة إلى أن تنتهي من قراءة المقال!. لن نقوم بعمل المقارنات بين التصنيفات الثقافية والفنية المتعددة، ولكن يجب أن نرى فاعلية أبرز التصنيفات الثقافية والفنون وأكثرها مواكبة للمدينة الحديثة مقارنة بالفنون التي ظلت في زمانها البعيد ظنا بأنها تواكب حداثة اليوم. وعلى الرغم من رأي العلماء والفلاسفة في معنى الثقافة وتعميم أغلب المفاهيم التي تتفق على توجيه الرأي العام، إلا أنه لا تزال هناك من القدرات البشرية التي تستمر في نفس الهدف ولكن من دون وجود فاعلية للرأي العام، وقد ينظر لهم كعموم قابل للانكماش وبشكل سريع. وأتعجب من هذه الفئة التي تتمسك بالأسلوب نفسه من دون مواكبة حداثة الوعي الاجتماعي والأساليب التي أصبحت ملمة للعموم. ولا أنتقص هنا من القدرات في التأثير، ولكن يظل التفاوت واضحاً بين ما يصل اليوم لشريحة أكبر، وبين ما ظل على هو عليه يقاوم ويواصل مسيرته من دون التأثير المرجو. ويبدو أن مسألة الدلالة الشبابية لواقع الفن وحتى الثقافة المتجددة هي الهزة التي قد تثير الوسط الفضي وتقاوم تقدمه. ولا عجب أن يكون الشباب المحرك الذي يجب أن يسلط الضوء عليه بشكل أكبر لتلك المجالات التي ظلت حبيسة زمانها من دون تقدم. فثبتت إمكانيات الشباب في التعبير العميق، ونحن لا نخصص الحديث هنا عن الجماليات، إنما أيضاً العمومية في التأثير من خلال القدرة على تفويض الفن لرسالة غير ناطقة، بدلالات حسية معبرة. فالفن التشكيلي في قطر على سبيل المثال يعتبر في فترة الصمود قفزة بوعي اجتماعي حول أهمية التلاحم وتأكيد الولاء. فالحاجة في هذه الحال لمستويات عميقة من التأثير هو القدرة على التقدم في الأسلوب الثقافي والفني المواكب، وعدم المحاولة في استرجاع الطراز القديم على انه متقدم. خاصة ونحن نلاحظ أن الطراز القديم يعود لنا أحياناً بشكل سريع من دون أن يكون كملحمة تجسد ما بين واقع اليوم والأمس. إذ إن السرعة في استحضار الأساليب القديمة يعني ضعف الإخراج، انكماش الحضور، وسطحية المحتوى. خلاصة القول، ان الظروف الراهنة تحكم أبعاد تشكيل المشهد والتعبير عنه بحسب معطياته الحديثة، وهذه خاصية تتطلب الاستيقاظ والوعي بالمعطيات الصغيرة والتحولات الكبيرة حولنا. الساحة الثقافية تظل في حاجة للشباب للتقدم في الفن والتنفيس ثقافياً، لأن مشهد اليوم يصفه الشباب بناء على التحولات الحديثة التي طرأت عليه وقدرته على التأقلم فيها، عكس من يقاوم الحداثة بمزيد من محاولات العودة للوراء بشكله الكلاسيكي المعتاد. فما هو أسلوب حياة اليوم يعكس فنا معاصرا لمدينة حديثة، وما يعكس الفن المعاصر فهو تجسيد لأسلوب حياة لليوم. وهذه القاعدة لا بد أن يكون لها منفذ يعي التفاصيل وله إسهاماته الخاصة في مستويات التأثير!.
739
| 07 يونيو 2022
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...
3306
| 26 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...
2766
| 25 سبتمبر 2025
في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست...
2385
| 22 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1140
| 28 سبتمبر 2025
يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...
1044
| 24 سبتمبر 2025
في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير...
912
| 23 سبتمبر 2025
صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....
879
| 24 سبتمبر 2025
تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...
822
| 25 سبتمبر 2025
بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى،...
759
| 22 سبتمبر 2025
تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة،...
726
| 26 سبتمبر 2025
• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...
702
| 25 سبتمبر 2025
تتصدى دولة قطر للعديد من التحديات المتعلقة بعمليات...
636
| 24 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية