رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

آية القصراني

مساحة إعلانية

مقالات

414

آية القصراني

«ثورة الياسمين حرّرت العصفور من القفص»

21 نوفمبر 2025 , 02:26ص

عَبِقٌ هُو الياسمين. لطالما داعب شذاه العذب روحها، تلك التّي كانت تهوى اقتطافه من غصنه اليافع في حديقة جدّتها، في أرض تونس الطّاهرة. كان يستهويها طِيبه، وقد فرطت صبابتها على ذلك الصّفار البهيج المنبثق من أعماقه، بل والمُتمرّد على مِثاليّة البياض، بقطرات النّدى التّي كانت مآقيه تذرفها عقب غسقٍ مُدلهّم شديد الحلكة على روحه الرّقيقة.

«ثورة الياسمين حرّرت العصفور من القفص»، في مشهد هو أقرب للخيال منه للحقيقة، انتفض الشّارع التّونسي بأحراره بعد عقدين مريرين من الإسكات والتّعميم وتكميم الأفواه المستميت بل واقتلاع الرّؤوس المعارضة لنظام الحكم القمعيّ. انتفض بعد عقدين من الذلّ والإهانة، وكانت فيه أرض الله الطّاهرة خير شهيد لما شربت من دماء أُثعبت ومن دموع حارقة أسكبت وأرواحا سارت فوقها ناعية قِطعا منها، لتصبح جثثا بلا أرواح ما عادت تعرف للحياة معنى، بعد أن شهدت رحيل شطرها الآخر سلبا وقهرا وما قدرت على تحريك ساكن.   

الياسمين يثور! 

مفارقة ممّزّقة، تتوقّف عندها العقول الواعية لترى وتشهد في صمت مريع ما أصابها من ذلّ وانبساط بعد رفعة وكرامة فُرضت غصبا. 

الياسمين الذّي تغنّى به العاشقون - ومن هم المحبون صدقا ؟ - هم أولئك الذّين تجذّرت في أرواحهم معاني الرّفعة والأنفة أبدا.  

حبّ يسمو فوق معاني الحب الكلاسيكية ويحلّق بها في سماء الله، هاته الزّهرة التّي يَهتف به المتشبّعة أرواحهم عزّة وكرامة وحريّة طاهرين، وتخرُق به الصّدور الحُرّة هتافا. 

نعم، ذلك الوَهنُ الضّعيف، يَصرُخ ويصدَع بكل ما أوتي من حول وقوّة، فلم يتواهن لرمق، وهوالذّي يسحُق بكل هوان طاحن. 

أأقول أنّنا أصبحنا أهون من الياسمين؟

أو أنّ الياسمين أضحى أقوى ؟    

أقول إن أسميتموها ثورة الياسمين، فإنّ فحواها ومحرّكها الدّموي هو الكرامة النّاضحة، وأنها قطعًا ثورة الحريّة والكرامة.

لقد سلبوا الأرواح وسلبوا حريّة الفكر والمعتقد وكبّلوها، أشعلوا في أنفس الأبرياء النقّمة والغمّ بحديدهم ونارهم، وأشعلوا في الوطن ثورة كاملة كريمة الغاية والمبدأ، والتّي كانت شرارة ربيع زاهرعربيّ.

تحنّ الأنفس الشّريفة لهذا الوهج الثّوري الذّي خبت واندثر مع مهبّ الرّياح، إلاّ أنّه وجب تجديد الإيمان الذّي يزيد وينقص مع مطبّات الحياة وما تفرضه طبيعتها من رضوخ وسكون. ولا بدّ له أن يعود، وسيعود أقوى وأعنف.

وهج ثوريّ حتما من نوع فريد سيضع في أنامل الأحرار المفتاح ويقودهم لمسار طويل قطعا من النّضال والتّضحية. 

مشهد معتم حاليا، كئيب قطْعًا تسوده سحابة مثقلة بالهموم الأرزاء، إلاّ أنّ الغيث سيحلّ بالمنطقة، فترتوي، ويحيا الياسمين وينبثق من جديد بصفاره المتمرد على البياض بعد حلكة قاتمة.  

أَقول يَا سَيِّدَ العِطْرِ، يَا مَنْ فَوْحُكَ جَلَلُ،

 تَرَكْتَ نَفْسِيَ بَيْنَ الرُّوحِ مُرْتَبِكَةً، وَسِرْتُ كَالمَجْنُونِ أَسْأَلُ لَو تُسَنُّ !، 

ولا أجد أبلغ وأرقى مما خطّه الشّاعر عمر أبو ريشة حول رفض الاستكانة والخنوع أبدا مهما آلت الأمور لما لا تبتغيه الأنفس الحُرّة وتأمل في تحقيقه وإرساخه : 

(ليس عارا إنْ في النّضال عثرنا، إنّما العار في اجتناب النّضالِ)

اقرأ المزيد

alsharq جوهر الكلام: صرخات ثقيلة تحت سماء ملبّدة!

تتنوع مُسمّيات (المطر) في لغة العرب تبعا لشدته وغزارته، ومنها الرشّ: وهو أول المطر، والطّلّ: المطر الضعيف، والرذاذ:... اقرأ المزيد

336

| 21 نوفمبر 2025

alsharq «ثورة الياسمين حرّرت العصفور من القفص»

عَبِقٌ هُو الياسمين. لطالما داعب شذاه العذب روحها، تلك التّي كانت تهوى اقتطافه من غصنه اليافع في حديقة... اقرأ المزيد

414

| 21 نوفمبر 2025

alsharq ظلّي يسبقني

في الآونة الأخيرة، بدأت ألاحظ أن ظلّي صار يسبقني. لا أعلم متى بدأ ذلك، ولا متى توقفت أنا... اقرأ المزيد

165

| 21 نوفمبر 2025

مساحة إعلانية