رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الذكاء الاصطناعي يصنع الجهل!

حرفان باللغة الإنجليزية (AI) قلبا العالم رأساً على عقب. منذ ظهور تطبيق الذكاء الاصطناعي الأمريكي الأشهر إلى ظهور الذكاء الاصطناعي الصيني الأشهر هو الآخر، ليعكس أوج حروب القطبين في مجال التقنية المتقدمة حول العالم. لينقسم البشر الى اقسام، منهم من خاف وترقب، ومنهم من تحمس وامن وتبنى واستعد وعَلم وتعلم. فكل ما كان في الماضي القريب خيالا علميا لا يمكن تصوره، أصبح حقيقة حاضرة لمستقبل بعيد واقع لهذا الخيال. وجدت الكثير من أجيال هذا العصر يتكلون على هذه البرامج بشكل مثير للخوف والريبة. حيث اختلفت أساليب الاستخدام او التحصيل العلمي عبر الأجيال المتأخرة. ولكن هل يصنع الجهل يا ترى؟ أصبحت تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثل مصباح علاء الدين السحري، والذي تمسحه ليخرج لك المارد بأمنياته الثلاثة فيحققها لك وفق مرادك، ولكن مع الذكاء الاصطناعي فلا حدود لما يستطيع فعله! فيستطيع أن يكتب لك البحوث العلمية، ويحل لك الواجبات المنزلية، ويحل لك أصعب العمليات الحسابية والفيزيائية العلمية ومعضلات الأعمال وكافة مجالات الحياة المتنوعة والتي يصعب على الإنسان حلها وتنفيذها بشكل دقيق وقياسي، ويستخلص لك بل يعطيك زبدة الخلاصات العلمية لأي مجال تريده، وكل ذلك بكبسة زر! اليس كل ذلك يدعو لبلادة العقل، وركونه واتكاله على هذه الأداة، وجعله مدعاة للكسل والتقاعس وانعدام التفكير الإبداعي والنقدي والإرادة الذاتية وفساد العقل وضعفه مع مرور الوقت؟ كنا في يوم ما نجتمع غلماناً وإناثاً عند معلم القرآن ليعلمنا حفظ كتابه تعالى، ونتعلم من لفظ لغته وبيانه، وايضاً مبادئ الحساب. وكان من أمتنا ما نبغ في فنونٍ عدة من تلك المدارس البسيطة والمبتذلة في نظر الرائي اليوم. حيث أغلب علماء الأمة في شتى مجال العلوم الذين ورَّثُوا لتلك الأمم الصناعية أصول العلوم التي انتجت لك هذا الذكاء الاصطناعي اليوم ولكم بالعالم الخوارزمي أكبر برهان مخترع النظام الرقمي للذكاء الاصطناعي. ومع تقدم دور الذكاء الاصطناعي أصبح مهدداً لدور المعلم والمدرسة والجامعة فأصبح خياراً للاستغناء عنهم! ولكن دعنا نفكر قليلاً في ماهية العلم والجهل. فالجهل نقيض العلم وهو عجز عن تصور الأمر في العقل، وهما نوعان فمنه عجز عن الوصول للمعرفة وهو بسيط، ومنه عمدٌ في الإعراض عن العلم وتصوره على غير حقيقته وهو على علم وسمي مركب. والعلم تصور الأمر في العقل على حقيقته وهو يقين. إن الدافعية الداخلية لطلب العلم ووقود رفع المعنوية للإنسان لا يمكن بحال من الأحوال للذكاء الاصطناعي أن يلامس عواطفها وأحاسيسها الإنسانية ليصنع الفارق في التعليم كما يفعله الإنسان ليرسخه في عقله، فليس خلق الخالق كخلق المخلوق وإن قارب. فللإنسان روح ليست للآلة. وليس الدماغ هو العقل. فالدماغ ماديٌ عضوي والعقل معنوي حسّي. أن تصور تطور مستويات الذكاء الاصطناعي وانه قد يؤدي للقضاء على البشرية لهو غلو. فصانع الآلة قادر على تدميرها ولكم في فائزي لاعبي الشطرنج على الآلة أكبر دليل. فالاستخفاف بقدرة العقل البشري على التطور، غير مبرر وغير حكيم، فقد يكون كوب الماء نصفه ممتلئ وترى الآخر فارغاً ولكنه فيه هواء، ولك الخيار في تحديد ما هو الإيجابي في نظرك من السلبي. إني أرى الأمر كحال كل الاختراعات عبر الزمان، تم محاربتها حتى اعتيادها بشكل طبيعي. ولكني أدعو المعلمين والمؤسسات التعليمية في الدولة لمواكبة هذا التطور بتعلم قواعده والاستفادة منه وضبطه، فمن الممكن تهيئة علماء قادرين على استخدامات الذكاء الاصطناعي، بشكل منهجي موافق للمبادئ والقيم الدينية والثقافية الثابتة للأمة ومواكب لتحديات العصر، فالإنسان عدو ما يجهل.

1260

| 27 أبريل 2025

من يعطي قيمة العلامة التجارية بين المستهلك والاقتصاد؟

قد يكون عنوان المقالة معقداً لغير المتخصصين إلى حد ما، ولكن من المهم معرفة الجميع من هو المحرك الرئيسي لقيمة العلامة التجارية من الناحية المادية ألا وهو المستهلك. ودائماً ما يكون هو المستهدف الرئيسي في اقتصاديات السوق في جميع المستويات. ولذلك سيكون من اللازم تبسيط الموضوع لتحصيل الفائدة لأكبر قدر ممكن من الجمهور القارئ. هناك سيارة صينية رباعية الدفع لم يكُن يتخيل أي مستهلك في دولة قطر أن يكون لها هذا القدر من الرواج وحجم المبيعات! ولكن فجأة ودون سابق إنذار تم كسح السوق في فترة قياسية، لدرجة أصبح لا تجد بيتا أو أسرة قطرية لا تملك سيارة واحدة منها على الأقل، بل إن ذلك أصبح مشابها للسيارة اليابانية رباعية الدفع الأكثر شيوعاً في المجتمع القطري! بالإضافة إلى شيوعها بين الفئات النسائية في المجتمع أيضاً. وكل ذلك في مدة قياسية للرواج. وكل ذلك له عوامل اقتصادية مختلفة مبنية على طبيعة السوق العالمي والمحلي، ويدل على قوة دعم الحكومة الصينية لمنتجها في السوق العالمي عبر عامل الندرة وذلك من خلال تقليل عدد المتاح في السوق المحلي للشراء المباشر مما يحافظ على ثبات السعر. ولكن المحرك الرئيسي لها هو قابلية وذوق المستهلك للشراء أو بمعنى آخر ثقافة المستهلك. وهي التصرفات الاجتماعية والنفسية المحركة لحركة السوق أو حركة الاقتصاد. وهي مبنية بين عاملين رئيسين ألا وهما عاملا العرض والطلب وهما كفتا ميزان الاقتصاد. وينقسمان إلى أربعة اتجاهات مؤثرة في دورة أفقية ورأسية مؤثرة في نهاية المطاف على المستهلك، والتي يقسمها علم الاقتصاد بالاقتصاد الكلي وهو العالمي أو الدولي أو الجزئي وهو المعني بالاقتصاد المحلي. ولكن من يعطي القيمة للعلامة التجارية هل هو المنتج أو المستهلك يا ترى؟ في قصة للشاعر الدارمي والذي يعتبر أشهر إعلان تجاري تسويقي في التاريخ العربي، حيث كان تاجراً من العراق أتى المدينة المنورة وقد باع كل ما لديه من الخمار إلا اللون الأسود، وقد كانت الناس تشتري تلك الألوان لأنها أكثر بهجة للنفوس. فاستعان بأدهى الشعراء في ذلك الوقت وهو الدارمي. حيث قال: قُل للمليحةِ في الخِمَارِ الأسودِ ماذا فعلت بناسكٍ متعبدِ قد كان شمرَ للصلاةِ ثيابهُ حتى وقفت له بباب المسَجدِ وبهذين البيتين استطاع بيع الخمر السود لتلك النساء في ذلك الوقت، كأول مسوق تجاري في التاريخ العربي. الأمر الإيجابي في حركة المستهلك نحو شراء السيارات الصينية هو بدء عروض لا مثيل لها في السيارات الغربية! الأمر الذي يؤكد دور ثقافة المستهلك في القوة المؤثرة في السوق، وذلك من خلال الخيارات المتاحة والمختلفة. إن للمستهلك قوة حين يكون واعياً بدوره في القوة الشرائية، ولذلك فعند اتخاذه القرار عند ذهابه للشراء لما ينفع نفسه بطريقة تفكيرية تنفع بها وطنه وأمته، فتلك هي الطريقة المطلوبة لثقافة المستهلك التي نرجوها داخل دولتنا الحبيبة. فيجب علينا وضع المسؤولية على عاتقنا لدعم الاقتصاد الوطني من خلال فهم ما ينفع الاقتصاد عبر دعم المنتج الوطني من خلال المستهلك. بل وأدعو كل المستثمرين إلى وضع الاستثمار في الاقتصاد المحلي كأولوية على حساب الاقتصاديات العالمية الأكثر جذباً للاستثمار الخارجي. وبالتالي فيجب على المستهلك العلم بالقوة المادية التي لديه وألا يستهين بتلك القوة بتاتاً. مما يخفف على نفسه وطأة غلاء الأسعار بسبب الحروب الاقتصادية العالمية التي تجري حالياً حول العالم بين الدول الكبرى المحركة للاقتصاد الدولي. والتركيز على شراء المنتجات الوطنية لمحاربة شبح الكساد العالمي على الاقتصاد المحلي.

489

| 20 أبريل 2025

عندما لا يقدرون جهودك

فقط دعهم وشأنهم؟! عبارات عنونت وبدأت مقالتي بها لمن سقطت عزيمته بسبب انعدام التقدير وعدم الدعم. ولكن هل تستوي الحياة بذلك يا ترى؟ مهما بذلت من جهد في هذه الحياة فهي لك وعليك. شهدت في أحد مقاطع الرسوم المتحركة في مواقع التواصل الاجتماعي ذلك العملاق الذي يدفع صخرة بحجمه مرتين، وهو يدفعها حمايةً لبلدة من ورائه. وعندما لاحظ اهل البلدة انهدام أحد المباني الصغيرة جراء تراجع العملاق بسبب ثقل ودفع الصخرة له، انهال أهل البلدة بالسهام والمنجنيق عليه! فاندفع العملاق وتراجع عن دفع الصخرة العملاقة لتندفع على القرية وتسويها بالأرض كأنها لم تكن، وذلك جزاء عدم تقديرهم. فكم عملاق يوجد حولنا في الحياة؟ في كل مكان هناك عملاق في مجالاتٍ شتى. شكراً لكم جميعاً من القلب، سوف تجد الكثير منهم أمضوا سنوات عمرهم في هذه الحياة لخدمة من يعزون عليهم في المجتمع واماكن العمل ومهما اختلف مستوى المسؤولية علا أو دنى. فكلٌ عملاق في مكانه وكل من يسد ثغره. لا تدعوا النفس الأمارة بالسوء أو الشيطان أن تنزع العزيمة منكم أعزائي الكرام. ولا تدعوا من يرمي عليكم بالطوب المنهدم أو بكل سوء إلا لتسقط أشجاركم المثمرة، بل كونوا كالعود المعطر عند إحراقه بالدخان الطيب، أو كالنخلة المثمرة بالرطب اللذيذ في عز حرارة وجحيم فصل الصيف. إن جهدك مقدر ثم مقدر ثم مقدر، وإن لم تجد من يقدره، شريطة أن يكون قيمة العمل في الوقت والمكان المناسب فيجب أن تعلم ذلك عزيزي القارئ. فكم من عمل آتى قبل أوانه وكم من عمل فات حصاده. ومع ذلك فإن تقديره قد تم تحصيله. فكم من كلمة إيجابية رفعت عزيمة شخص فقاد وبنى وأنشأ أسرة أو مجتمعا أو مؤسسة أو بلدا، أو على العكس من ذلك؛ فمن الكلمات السلبية ما تهد وتهدم المجتمعات والمؤسسات والبلدان. ومن الناس من يعمل في صمت، ولا يستطيع التعبير ولكن نتائج عمله ظاهره. ومنهم من بعد وفاته علم نتاج جهده في الحياة. إن انعكاسات عدم تقديرك من الآخرين ليس بالقدر الذي تقسو على نفسك جراء نقد الذات. ولها انعكاسات سيئة على الشخص من الناحية البدنية، والمشاعر النفسية، والعلاقات الاجتماعية. ويمكنك علاج ذلك من الناحية البدنية بالنوم العميق في الوقت المناسب والكافي من الليل، الأمر الذي يؤدي إلى صحة جسدية أُفضل مقاومة للأسقام. أما من الناحية العاطفية فإن التفاؤل ومحاولة الشعور بالسعادة والمرح والمتعة والإيجابية يمكنك من التعافي من جميع مشاعر المسببة للتوتر وذلك فقط من خلال محاولة الإنسان على التركيز على مسببات ذلك وإن كانت الأمور المحيطة شديدة الصعوبة، ولكن قرارك يحولها إلى تحديات يمكن مجابهتها. وإنه مساعد لك من الناحية الاجتماعية على تعاطف الآخرين معك حيث محبة الناس بشكل جذاب للشخص الإيجابي مما يؤدي إلى عدم الوحدة والانعزالية، بالإضافة الى خصلة الكرم وتجاوز الزلات التي تقدر عند جميع البشر. وآخرا أخي الحبيب اعمل الخير بغض النظر عن نظرة الآخرين لك، فإن التقدير آتيك لا ما حالة، قال رسول الله: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء..) أخرجه البخاري.

552

| 13 أبريل 2025

المقارنة خطأ

دائماً ما تجد الإنسان في رغبات لا تنتهي طول عمره! وليست كل رغباته بناءً على حاجاته. وإذا تفكرت فلن تستطيع التمتع بكل ما حكمت وملكت بين يديك. فسوف تحتاج لكل أحاسيسك ووعيك وإدراكك، وذلك لا يستقيم لك! فلن تستطيع ملك الدنيا بحذافيرها، وإن حصل مجازاً فلن تستمتع بها كلها في نفس اللحظة. إن من أهم أسباب كآبة الإنسان في الحياة، هي المقارنة بين البشر وذات الإنسان، وقد يكون أكثرها تعاسة عليه! يجب علينا التركيز على تزكية النفس حصراً والمبنية على مقارنة الذات بالذات، وبالتالي فإن النفع يأتي تلقائياً للآخرين. وإن قارنت نفسك بعد ذلك، فقارنها مع الأفضل حال التنافس. تنوعت وسائل التشتت في عصرنا الحالي، بل هي في ازدياد مطرد ومستمر. وهي متمثلة في هيكلية بناء تطبيقات التقنية الحديثة من خلال الأجهزة اللوحية المتنوعة بين أيدينا اليوم. والتي تجعل الإنسان مدمناً إدماناً لا ينفك عنه، وملتبساً بتشتت دائم يفقده التركيز المطلوب لتذكية النفس. إن الرغبات الإنسانية مختلفة ومتنوعة، ولكنها متدرجة بالمستوى على حسب حاجة الإنسان، كما بينها أبراهام ما سلو في هرمه الشهير للحاجات؛ والتي ابتدأها تصاعدياً؛ الاحتياجات الفسيولوجية كالتنفس والماء والغذاء والنوم، والحاجة للأمن، والاحتياجات الاجتماعية لإنشاء الأسرة والصداقات، والاحتياجات لتقدير الذات كالهيبة والمكانة والشعور بالإنجاز، وأخيراً تحقيق الذات عبر تحقيق الإنجاز من خلال الإبداع. ولكن الإشكال يكمن في سوء فقه الأولويات. تجد الشاب حديث التخرج يجمع المال لينفقه كله على سيارة أحلامه، وإن كان هذا المال جمعه له أهله حتى يبني به مستقبله من بناء سكن وإنشاء أسرة. وكل ذلك لسوء التخطيط وإدارة الذات. يجب على الإنسان التوقف عن المقارنة مع جميع أنواع البشر. بل إنه يجب عليه النظر إلى من هم دون مستواه ابتداءً، فإن فعل ذلك فإنه يضمن الراحة النفسية وراحة البال وبالتالي زيادة الدافعية للعمل. فهو في رأس هرم الرغبات بالنسبة لمن دونه. ولكن مع سهولة وسائل الإعلام والإعلان والدعاية في زماننا، فإن ذلك بمنتهى الصعوبة. بل إن الإنسان اليوم فقيراً كان أو غنياً، في رغبة لحظية دائمة عبر جهاز جوالك أو حاسوبك لكل ما تراه عبر وسائل التواصل المختلفة، بل إن تطور هذه التطبيقات مبني على تصفحك ليقرب لك كل ما علم منك الذكاء الأصطناعي إنه من ضمن اهتماماتك! بالإضافة إلى رؤية الأشخاص الأغنى منك. لترى كل ما ترغب به ولم يخطر على بالك أو رغبتك. مما يؤدي إلى حزن دائم ومستمر ينغص عليك عيشتك أيها الإنسان. لا تقارن واقنع واتبع سنة نبيك حيث قال (قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه) صحيح مسلم. ولا تتنافس مع أي أحد إلا ذاتك، فالتنافس مذموم إلا في الأعمال الخيرية فقط. قال تعالى {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} المطففين ٢٦. ولكنه لا يعني عدم الترقي والتقاعس عن العمل بل على العكس من ذلك. فعند التركيز على ذات فإن جدوى الأمر يكون مثالياً لبناء الذات بناء على القدرات الحقيقية للإنسان دون المبالغة في ذلك، مما يؤدي إلى الامتياز مقارنةً مع ذاته وهو الإتقان المطلوب. إن علاج الأمر ليس بالأمر الهين، ولكنه ممكن وميسر عند التوقف عن المقارنة مع الآخرين. يجب عليك أيها الإنسان الطيب اتخاذ القرار الحاسم بالوعي بذاتك من خلال الحاضر. والنظر بعبرة ليوم واحد فقط لماضيك للعبرة والتوبة من سيئاتك والزيادة من حسناتك. ويكون ذلك بالتخطيط المستقبلي لذاتك عبر يومك وشهرك وسنواتك. يقول المثل «إن جريت جري الوحوش غير رزقك لن تحوش». • أخصائي في الإدارة العامة وإدارة الأعمال [email protected]

366

| 06 أبريل 2025

بركة النية قبل القرار

هناك أمر واحد حتمي في نفوس جميع الناس ألا وهو حديث النفس قبل فعل الشيء، أو بمعنى آخر هي النية القلبية للعمل. وإن الأخلاق مطلوبة في كل مكان سواءً بين الأهالي في المجتمع أو أماكن العمل. فلا يمكن اجتزاؤها من العمل. وبها تكون بركة العمل، وهي القيمة المعنوية في أداء العمل؛ أي التوفيق مع الزيادة في النتائج الإيجابية. قد يعتقد الكثير من الناس أن الهدف الرئيسي للذهاب للعمل هو كسب المال فقط! وإن كان هذا مشروعا ومن المسلمات، ولكن عندما يسأل؛ ماذا سوف تعمل بهذا المال؟ تختلف الفكرة السائدة في أذهان الناس وتأتي وجهات النظر المختلفة. الأمر الذي يعيدنا إلى المربع الأول؛ ألا وعلاقة النية بالبركة والتوفيق عند اتخاذ القرار والبدء بالعمل. أعزائي الكرام أتقدم بخالص التهنئة والتحيات بحلول عيد الفطر المبارك، أعاده عليكم باليُمِن والبركات وتقبل صيامكم.. اللهم آمين. ليس كل غايات البشر الرئيسة هي كسب المال. وإنما هي وسيلة مؤدية للغاية. وقد تكون هذه النية حسنة وقد تكون سيئة أو خبيثة! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى..) رواه الشيخان. إنما التوفيق في أمور الحياة تبنى على النيات مهما طال الأمر أو قصر. إذا ما علمنا أن لولا القوانين واللوائح المنظمة في المجتمع والدولة؛ لكان كثير من تلك المجتمعات تعيش واقع الغابة كما يُظَنّ؛ أي الفوضى، ولا أرى ذلك! حيث إن الحياة الفطرية تجري وفق قانون رباني محكم، ولكن التجاوزات بين البشر؛ تحدث فقط بشكل مبني على النوايا يفسد هذا النظام وفق تلك النيات والغايات. تذكرت نظام تقييم الأداء في احدى شركات الطاقة التي عملت فيها سابقاً، حيث كان في استمارة التقييم خانة معنونة بالقيمة! (أي قيمة الأداء) فتساءلت كيف يمكن قياس ذلك؟ الأمر يكمن في أن عند عمل المهام المنوطة بالموظف، فكيف يؤديها من الناحية المعنوية وكيف حصل نتائجها. فمثال ذلك هو من يستعين بزملائه بالعمل ويجحف حقهم المادي أو المعنوي أي كان. وتتعقد الأمور أكثر إذا كان مسؤولك المباشر بالعمل هو من فعل ذلك! وهذا الأمر شائع بشكل كبير في كل مكان اليوم للأسف. فقد يؤدي الموظف عمله ولكنه يتلاعب بنتائج أدائه أو مديره، وبذلك انتفت القيمة المطلوبة لأداء العمل؛ وهي الجدارة. إن الأمر يصبح معقداً عند الحديث عن النوايا في القرارات من الناحية الأخلاقية والسياسات، ومنها المستويات الدولية. حيث تختلف المصالح والغايات التي تمس حياة الشعوب. ومثال ذلك؛ المفاوضات السياسية بين الدول، فإن الأمر يصبح أكثر حساسية وصعوبة، والأمر يكون توافقيا بين جهتين متضادتين، والقرارات تصبح مصيرية. الغريب في دنيا الناس اليوم، أن بعضهم يستخدم حديث «الحرب خدعة» رواه البخاري في غير موضعه! على أنها حالة عامة للتعامل في جميع مجالات الحياة! ولا يمكن ذلك حتى مع فهم مدعي هذا الأمر، حيث لن تستوي حياته على الصعيد الشخصي! ولزم عليه وضع فاصل للتعامل بين القريب والبعيد، مما يؤدي إلى التناقض مع هذا التعميم، وكيف يصلح ذلك وفيه ضرر الآخر والأغرب إن فهمه السقيم لم يجعله ينتبه للفظة الحرب الواضحة بالتخصيص؟! إنما بركة القرارات تأتي بخالص النية عبر الوفاء بالعقود بشكل معنوي ومادي، والذي يحصل منه البركة؛ حيث فضل الزيادة على الناس والجمادات وكل شيء حي. قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود } المائدة (١).

423

| 31 مارس 2025

منصبك لا يجعلك قائداً

هناك شخصية في كل مجلس أو اجتماع غالباً لا تتحدث أكثر من أن تنصت. ويكون هذا الشخص واضحا للعيان بهذه السمة. فإن تحدث افحم الحضور بخير الكلام الذي قلَّ ودل. وتجد لهذا الحديث من البيان لسحرا، يسلب به القلوب والعقول من دون إذن من حضر! دامَ الجدال من القرن الفائت وحتى القرن الحالي حول انفصال اجراءات المسؤولية الإدارية من القيادية؛ أو بمعنى آخر، هل القائد أو السمة القيادية منفصلة عن منصب المدير على سبيل المثال؟ نبارك لكم دخول العشر الأواخر من الشهر الكريم اللهم بلغنا وتقبل منا وأعنا على قيام ليلة القدر، اللهم آمين. إن نظرنا للأهالي في المجتمعات الشرقية درج منصب الأب أو كبير الأخوة على أنه القائد، أو منصب المدير أو ما علا بغض النظر عن التسمية الوظيفية في أماكن العمل المختلفة، ولكن؛ هل لديه القدرة على اتخاذ القرارات المصيرية؟ ليس دائماً. فهناك من يفوض تلك القرارات المصيرية أو يعطلها خوفاً من تحمل المسؤولية والخطأ! فهل يعد من يتسم بهذه الخصلة قائداً؟ تجد من يتسم بالقيادية يكون ثابتاً عند اتخاذ القرار، بالرغم من توتر الآخرين. يتصف بعلو الذكاء العاطفي والاجتماعي، وذا رؤية ثاقبة وبعيدة النظر، حيث يفصل الأب بين الأخوة قبل حدوث الشجار، أو مثل قيام المدير بعمل الموظف تحاشياً لحدوث الخطأ الجسيم. الأمر الذي يدعوه ليوازن مدى كبريائه أمام الآخرين. ويتواضع ليضحي بالقليل من الكبرياء دون أن يهز صورة المهابة والاحترام لدى الآخرين. يعترف بالثناء عند تحمله للمسؤولية فقط، وعادةً ما يثني بمشاركة الجميع بالإنجاز. يفوض المسؤوليات الوظيفية للآخرين دون حرج أو تخوف من الخطأ، بل تجده يشرف على متابعة الأمر من بعيد دون وضع الآخرين تحت الضغط، ولكنه قريب جداً عند الحاجة له. بالإضافة إلى سبقه بالقيادة بالمثل والقدوة في التنفيذ، يرحب بالتغيير ولا يخاف من مواجهته، يضع توقعات واضحة لتابعيه لتحقيق الغايات. ويتمسك بأعلى معايير للقياس، ويستثمر في قدرات الناس، ودائماً ما تجده دائماً يقود بإنصاف وعدل. ولكن هل كل العالم ينظر إلى القيادة بنفس النظرة بغض النظر عن الثقافات؟ الإجابة على هذا السؤال قطعاً لا! حيث هناك نظريات مختلفة تنظر الى القيادة بشكل مختلف أحدها قسم القيادية في اثنين وستين دولة كثقافة في العالم إلى عشرة أقسام. فأحد تلك الأقسام المسمى بأنجلو والذي شمل دولا مثل أمريكا وكندا وانجلترا وأستراليا تتسم ثقافة القيادية في هذا القسم بتأصيل سمة الأداء العالي والمنافسة الشرسة في العمل، كما يقل الاهتمام بالعمل الجماعي، تتلخص بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة وإن كان على حساب النواحي الاجتماعية. الأمر الذي قد يعد بناءً على هذه النظرية بالأنانية في قسم الشرق الأوسط والتي دولة قطر ضمنه. لذا يجب الأخذ بالاعتبار الأعراف الاجتماعية في المجتمعات وثقافة بيئة العمل بالحسبان. الأمر الذي يتسم به القائد بالفطرة. فعادةً ما تتبلور السمات القيادية منذ الصغر في الإنسان، وعادة يصبح في منصب قيادي في المستقبل. ولكن القيادية ليست حكراً على أصحاب المواهب! فيمكن اكتسابها من خلال التعلم والممارسة. فلست من مشجعي المثل العامي القائل «بوطبيع ما يوز عن طبعه» ولكني أُلهم بالمثل العربي القائل «إنما الطبع بالتطبع».

381

| 23 مارس 2025

البدء في الأمور فقط يحقق الإنجاز

عادةً ما تتوقف الإنجازات بالإشكالات أو المعوقات المعطلة لنا، ولكني أحب أن اسمها تحديات يمكن مواجهتها والتغلب عليها في الحياة، هناك مثل ياباني يقول: "إذا كان للمشكلة حل فلا داعي للقلق بشأنها، أما إذا لم يكن لها حل فلا فائدة من القلق بشأنها"، أي بتعبير آخر احذفها إن استطعت، حيث لا إشكال لك في الحياة بلا حل، والعجز عن حله هو إشكال داخلي وذاتي سببه الخوف النفسي. وقد تكون المسألة هي مسألة منظور مختلف لإيجاد الحل، ولكن يجب على الإنسان معرفة ما هي رغبته وماذا يُرِيد، ولا يكون ذلك إلا من خلال البدء في العمل، فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة. فمن المهم الإدراك أن إدارة السلوك الشخصي بشكل إيجابي من السمات التي تواجه الخوف، فهناك فرق بين الشجاعة والتهور، وذلك من خلال مواجهة الخوف، فإن تجاوزه أصبح تهوراً، وإن تقاعس عن مواجهته أصبح جبناً يجب على الإنسان معالجته. فلا تؤجل عمل اليوم إلى الغد. كما أتذكر في بدايات الدراسة الجامعية لبعض الأساتذة الغربيين، درج بينهم قول إن شاء الله مكررة بلكنتهم الغربية بطريقة تهكمية على الدلالة بأن الأمر إذا ذكرت المشيئة من الطلبة فإنه لن يحصل! وهو بتعبير آخر على عدم التصديق، وذلك للأسف لسوء استخدام الطلبة للمشيئة حتى شاع بين الأساتذة على أنها دلالة للتسويف وعدم الإنجاز. أيضاً من الأمور المشاهدة والعجيبة في أذهان الناس؛ مفهوم هذه الآية، قال تعالى: {ولا تقولن لشيء إني فاعلٌ ذلك غداً} ٢٣ الكهف فيأتون بتكملة جزء من الآية التالية {إلا أن يشاء الله}٢٤ الكهف وبالرغم من أن الآية السابقة مكتملة، ولكنه بتعبير آخر شائع بين الناس بمفهوم التسويف وإن لم يعلمه صاحب الرد، أي تأجيل العمل. غالباً ما يكون حلول التحديات التي نواجهها في الحياة داخل ذات الإنسان وليست خارجه، وإذا كانت خارجه فإن حلها غالباً أكثر سهولة من التحديات الذاتية. وإن إدراك الإنسان لعوامل الدافعية الذاتية لنفسه والمعوقات لها، تكون فيه الحلول لمعظم التحديات. فيجب على الإنسان عقد النية الصادقة على البدء بالعمل بغض النظر عن الدافعية. ويكون ذلك من التفكير الجاد في ماهية غايات الإنسان. وعند إدراكه لما يُرِيد، فيبدأ فوراً بالعمل وإن لما تكن هناك خطة واضحة. فغالباً ستتضح الصورة عاجلاً أو آجلاً. ولكنه بذلك يواجه التحديات الداخلية المعوقة والمسببة للتسويف. بل إن بعد البدء بالخطوة الأولى للعمل ستتضح له رؤية الخطة للغاية التي يطلب، وسيتغلب على التحديات ويحقق الإنجاز من خلال البدء والاستمرارية في العمل فقط. ولكن يجب وضع خطة ذاتية للبدء بالعمل وتحقيق الإنجاز، فلن تستطيع معرفة متى تقبل أو ترفض الأمور، فإن لم تضع خطة لنفسك ستكون ضمن خطة غيرك!. إننا أيها الأخوة أسهل ما نكون بالتعامل مع احترام الذات، حيث نقدم ألف عذر لعدم إنجاز الغايات التي نطلب، وهذا الحديث يا كرام لا يكون إلا بشكل ذاتي خفي، وإن تم إعلانه أمام الملأ فهو من ضعف، وهذه طبيعة الإنسان، قال تعالى {يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا} النساء ٢٨. أخصائي في الإدارة العامة وإدارة الأعمال بريد إلكتروني: [email protected]

501

| 16 مارس 2025

لا تنسوا الخردة

هناك شيء واحد لا تختلف عليه آراء البشر باختلاف توجهاتهم ومعتقداتهم، ألا وهو السعي وراء الكسب المادي باختلاف الغايات والأسباب. قبل البدء في عرض المقال أتقدم بخالص التبريكات بحلول شهر رمضان المبارك أعزائي الكرام تقبل الله طاعاتكم. إن غريزة الإنسان نحو الكسب لهو أمر فطري منذ القدم، وذلك بمختلف الفئات العمرية، وسبل استخدام صرفه مختلفة عبر العصور. ولكن دائماً هناك ما يسمى بالسفاسف؟! وهي الأمور التافهة والمحتقرة من قبل الإنسان كما بينت معاجم اللغة أو بالمعنى العامي الخردة! ولكنه أيضاً معنى ثابت في مجال الأعمال للمواد المتبقية من التصنيع أو المنتجات الاستهلاكية. إننا في شهر فضيل ترفع فيه الأعمال مهما كانت محتقرة، ومن ضمنها هذه البقايا المالية والتي تكون باقية في محافظنا فلا تحرموا الأجر. جرت العادة في القرن السابق بأن يأخذ الإنسان عددا من الفئات النقدية المختلفة القيمة عند ذهابه وترحاله من منزله وإلى أي مكان. فللبيئة المجتمعية دور مهم في بناء عادات الإنفاق ومتأثر بعوامل منها الأمان والطمأنينة. إن تطور وسائل التقنية الحديثة من برامج وأجهزة حديثة غيرت هذه العادة اليوم! حيث أصبح من النادر جداً لفئات أجيال القرن الحالي، أخذ أي نقود في محافظهم وذلك لتوفر البطاقات والتطبيقات المصرفية الذكية حول العامل، والتي بطبيعة الأحوال أغنت عن استخدام النقد في التعاملات الحياتية للإنسان! مما يدعو دائما للتساؤل عن مدى نفع هذه الوسائل للإنسان بهذا الشكل اليوم؟ وبالتالي فإن الضحية جراء هذه العادة الجديدة هو الإنسان الفقير. حيث جبلت النفوس الإنسانية على البخل والإمساك. قال تعالى: {قل لو أنتم تملكون خزائِن رحمةِ ربي إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا} الإسراء ١٠٠، حيث كان من السهل عند توفر النقد في محفظة الإنسان الإنفاق على الفقير عند لقائه، خصوصاً عند التعاطف معه في هذه الحالة، ولكن حالت وسائل التقنية اليوم دون سهولة العطاء، بل إنها أصبحت وسيلة للتعذر وعدم الإنفاق! كما أن في الغرب عادة تقوم على ألا يأخذ الإنسان نقودا أكثر من الفئات الفردية، والكثير لا يأخذ إلا أقل فئات نقدية فردية قيمة! بل إن بعضهم كان يخبئ تلك الفئات النقدية في جوارب حذائه أعزكم الله! وذلك خشية السرقة! ولا عزاء إذا ما علمنا أن تأثر تلك الأجيال بالغزو الثقافي الغربي كبير، والذي نتج عنه تقليد الغرب الأعمى في تلك العادات السيئة المفسدة للمجتمع والأسرة. إننا يا كرام من ثقافة عربية أصيلة، تكرم الضيف وتغيث الملهوف. فكيف بنا وهذه العادة، إنني لا أدعو لعدم الحرص على الوعي الحكيم للإنفاق، ولكني أدعو لتذكر تلك الفئات المحتاجة والمستحقة للنفقة ولو بالقليل. فلا مانع ان نأخذ القليل من الفئات النقدية ونسعد فيها لهفة إنسان في هذا الشهر الكريم. الحمد لله حمداً كثيراً إننا في بلدٍ طيب جواد وكريم كدولة قطر الحبيبة وبقيادته الكريمة والرشيدة التي وفرت البيئة الآمنة والشاملة لسبل الإنفاق الرشيد بمختلف السعات المالية للإنفاق صغر حجمه أم كبر، وبمختلف الوسائل التقليدية والحديثة لتلك الفئات المحتاجة داخلية وخارجياً، والتي يشهد عليه القاصي والداني حول العالم. أخصائي في الإدارة العامة وإدارة الأعمال بريد الكتروني: [email protected]

351

| 09 مارس 2025

الاختيار إرادة وإدارة

من نعومة أظافرنا نتعامل مع اختيار والدينا لمصائرنا كمعتقدات وأفكار من خلال التربية، ثم يتم عادةً اختيار هذا المصير من خلال اختيار نوع المدرسة والتعليم، ولكن هذه الإرادة هو قرار لتحديد أغلى أصول العالم على المرء لتنميته ألا وهو مصير الإنسان. ولكن هل هو اختيار؟ فالاختيار من بدايات نعم الله على الإنسان منذ وجوده في هذه الخليقة ولذلك هو محاسب، حيث يختار والدا الإنسان مصيره، أو قد يغير المجتمع والبيئة أو أصحابه هذا المصير! ولكن تبدأ التحديات عندما يكون في سن الوعي والتكليف بالمسؤولية وقد يكون قبل ذلك. ولكن يبقى القرار في النهاية عند صاحب المصير. فهل وجدت الإرادة؟ لن تجد من يقول " أنت بحاجة الى أكثر من مصير في الحياة "؟! بل الصحيح هو وجوب إيجاد اتجاهات هذا المصير في هذه الحياة. ولكن معرفة أهمية هذا الاتجاهات ليست بقدر إيجادك لهذا المصير. فالمصير مثل وجهة رحلة السفر، معروفة الوجهة بغض النظر عن الوسيلة والاتجاه. " فكل الطرق تؤدي الى روما "، فعندما تركز على الوجهة فالاتجاه غير مهم، فلا تقلق واستمتع برحلة الحياة مهما كانت الظروف. إن الإشكال يكمن في عوائق الطريق ووسائل ومسافة ومدة الوصول إليه، وهنا بيت القصيد؛ حيث درج منذ التاريخ وبين المجتمعات أنه يجب عليك أخذ أكثر الرحلات في الحياة شيوعاً واجتهاداً، وإن طالت وغلت للاستفادة منها؟! وأنه يجب اتباع قدرك المحتوم في ذلك، ولكن هذا ليس دائماً صحيحاً! قال رسول الله (اعملوا، فكل مُيَسَّر) أي أن للإنسان الإرادة والاختيار في تيسير الحياة. فهل تُرد أن تبقى في نفس الاتجاه وهو ليس لك صواب؟! بل يجب على الإنسان إيجاد الحكمة في الآمور عبر تجنبها، وليس الاعتماد على الذكاء لمواجهة الصعاب وحلّها. إن قضاء حياتك كلها في التجول في جميع الاتجاهات لأنها طرق يسلكها كثير من الناس، لا يعني أن هذا سيقودك إلى المكان المناسب لك كما أن الركون لمكانك الذي أنت فيه قد يكون تقاعسا في حق نفسك؟ ومن الأمثلة على ذلك أن تقرر أن تقضي حياتك في العمل بأقصى ما تستطيع وأن تبذل قصارى جهدك في وظيفة واحدة. وهذا أمر حسن ونبيل. ولكن إذا ركزت أكثر على الاتجاه وكنت مرتبطًا بصناعة أو قطاع معين، فقد تنقل من الوظيفة لسبب ما إلى وظيفة أخرى أو تبقى في وظيفة واحدة حتى تنتهي خدمتك منها لأنك لا تملك فكرة واضحة عن المكان الذي تريد أن تكون فيه. نعم فالموضوع ليس حتميا، ولكن فكرة إدارته والتخطيط له ممكنة، فإن لم تضع خطة ذاتية لنفسك فسوف تكون ضمن خطة إدارة غيرك، وعند العمل على إدارة ذلك فقط تستطيع الإجابة على القبول والرفض في جميع الأمور. فالإرادة لاتخاذ القرار بداية مصير، واتجاه اجرائه هو اختيار، واستمرارية وجودهما نعمة وقد يصبحان نقمة عند الانعدام! فلا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس.

279

| 02 مارس 2025

عندما يكون يومك سيئاً!

إن الأيام السيئة مثل الغيوم؛ الدهماء تذهب فيأتي الضياء وقد تكون محملة بالأمطار فتمطر وتسقي الأرض بالغيث فتزهر وإذا انقشعت تلك السحب أتى جمال السراج الوهاج وهي الحكمة من وراء تلك الأيام السيئة كما تبدو. خصوصاً عند تلك اللحظات والتي تحس فيها بالضيق، وعندما ترى كل شيء تراكم عليك فجأة وأن الأمور أصبحت بمنتهى السوء. وكل الأفكار والخبرات السلبية الماضية ظهرت على السطح، فإن هذا الإحساس بالشعور السيئ لا يعني أن هذا اليوم من حياتك هو الأسوأ وأن حياتك كلها سيئة! وهو أهم شيء تتذكره ولا تنساه في مثل هذا اليوم. اسمح لمشاعرك بالإحساس بالسلبية، ولا تكبحها أو تكبتها، ومع ذلك لا تحلل كل شاردة وواردة من تلك الأحاسيس، أو تربطها بالطفل الصغير البكاء الذي بداخلك! في كثير من الأحيان هي أيام سيئة وكل ذلك لا بأس فيه! فليس من طبيعة الحياة الشعور بالسعادة دائماً، بل إن طبيعتها ندرتها كحال كل شيء ثمين، ولأن بدون هذه الأيام فلا يوجد أيام سعيدة. كملح وسكر الطعام. لا تضغط نفسك أو تكثر التفكير بالأمور. في هذه الأيام اجعل مكاناً لحبك لنفسك أكثر وأنصت إلى بدنك أكثر. اعمل على التركيز على ما يأتيك بالمتعة؛ واحضن أعز أحبابك واسقِ من ينابيع حنانه ما يروي ظمأ تعاستك المؤقتة، واقرأ ما تحب واستمتع بهواياتك أو إحدى ألعابك أو شاهد ما يمتعك ودع الجد وأكثر من المزاح في مثل هذا اليوم أو استلقِ على أريكتك المفضلة وإن أتتك غفوة فلا تقاومها، أو استحم بماء فاتر أو دافئ أو مارِس رياضتك المفضلة. خذ راحة من أعمالك المعتادة واسترح واستسلم للراحة ببساطة. وإن كان هناك أعمال من الضروري أو تحتاج إلى إنجازها والعمل عليها، فلا بأس أن تأخذها رويداً رويداً وبمنتهى الراحة. ولكن دائماً تذكر؛ «فهذه المشاعر ليست دائمة وإن كانت أحلك الأحزان سواداً».

789

| 23 فبراير 2025

الصراع بين الذكاء والغباء يسحق الفئات المهمشة في المجتمع

نشأنا منذ طفولتنا عبر ترسيخ فكرة أن الإنسان الذكي؛ هو صاحب الحظ السعيد الذي تفتح له كل أبواب الخير، وأن له أن يبطش بالإنسان الغبي صاحب الحظ السيئ وقلة الحيلة! وهو وجه من أوجه التنمر والتهميش، وهو معيار غير أخلاقي للحكم بالرغم من حياديته في الفكر البرجماتي، حيث الغاية تبرر الوسيلة. الأمر الذي دعا لفكرة الانتهازية والاستغلالية لتعتبر ضمن خانة الذكاء والحنكة ضمن أدبيات بعض أفراد المجتمع لتهميش هذه الفئة الضعيفة؟! إن عبارة القانون لا يحمي المغفلين أو الخير يخص والشر يعم ضمن أدبيات بعض البيئات في المجتمعات! هي عبارات ظالمة وإنما هو حاصل من خلال تراكم سنين العصور المادية الحديثة، والتي تطور فيها الفكر آو تدهور؟ ولعدم ترسيخ ازدواجية القيم للخير وللشر وفق المعايير الأخلاقية بشكل عادل في أفئدتنا عبر العصور وضعف الوازع الديني والذي تسبب بضعف الغاية التراحمية المطلوبة وهو جوهر غايات الدين. حيث يتفاوت الرصيد المعرفي لتحصيل الإنسان بحسب نشأته وميوله واجتهاده وبيئته التي نشأ فيها. بل إن معيار الذكاء والغباء بين البشر هو معيار نسبي غير دقيق. كما أثبتت بعض الدراسات أنه يستغرق تعلم أساسيات أي مهارة خلال واحد وعشرين ساعة يومياً حتى تكون ملماً بمعالمها، وعشرة آلاف ساعة حتى تكون أستاذا فيها. فقد تكون ذكيا في مجال ما وتكون أقل إدراكا في علم آخر فمهما كنت عليماً في علم ما سيكون هناك من هو أعلم منك. قال تعالى: {وفوق كل ذي علمٍ عليم} آية (٧٦) سورة يوسف. حيث إن الإنسان الذكي يمكنه أن يستغل غباء الإنسان الآخر في مجال ما فدائماً هناك من يتم تهميشه ويستحق الدعم والمساعدة والإنقاذ من الغرق وإن لم يمد يده للمساعدة. ويجب على المجتمع والدولة مد يد الرحمة والعون لتعم الرحمة الجميع. كحال المرأة التي تنظف مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي افتقدها الرسول بعد أن ماتت وصلى عليها الصحابة ليلاً. وكأن استصغروا شأنها فقال رسول الله آذنتموني أي أعلمتموني. ففي كل تجمع بشري من هم بحاجة للدعم والمعونة. فهذه الفئة تتواجد في كل مجتمع فهي في الأهالي من والدين وأبناء، وأماكن العمل بين الموظفين والمسؤولين وفي فصول الدراسة بين الطلبة والمعلمين وفي كل تجمع بشري بشكل عام. أما هذه الفئة فهي الفئة المهمشة والتي تتطلب البحث والمتابعة وتوفير كامل الدعم والتشجيع وإلقاء الضوء لينالوا حقهم من التنمية وإن انتفت الإرادة من قبل هذه الفئة. فما زالوا بشراً ويستحقون الدعم الإنساني الكامل وهم من ضمن فئات المجتمع والدولة. إن رؤية دولة قطر ٢٠٣٠ للتنمية البشرية هي رؤية شاملة وراسخة تشمل جميع فئات المجتمع بما فيهم هذه الفئة المقصودة، والتي تتطلب دعماً خاصاً لبحث حالتهم ليكونوا ضمن برامج النظام التعليمي والعملي للدولة. بحيث يتم شملهم بخطط تنفيذية داعمة وقوية وفعالة تمنع استمرار عملية التهميش لهذه الفئة بقصد أو بغير قصد، ويضمهم في طريق النجاح والإنتاجية ضمن كوادر بناء ونهضة الوطن.

1290

| 19 فبراير 2025

alsharq
العدالة التحفيزية لقانون الموارد البشرية

حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم...

8709

| 09 أكتوبر 2025

alsharq
TOT... السلعة الرائجة

كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...

6912

| 06 أكتوبر 2025

alsharq
الإقامة الدائمة: مفتاح قطر لتحقيق نمو مستدام

تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...

4842

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
الذاكرة الرقمية القطرية.. بين الأرشفة والذكاء الاصطناعي

في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها...

2280

| 07 أكتوبر 2025

alsharq
بكم نكون.. ولا نكون إلا بكم

لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة...

1671

| 08 أكتوبر 2025

1632

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
دور قطر التاريخى فى إنهاء حرب غزة

مع دخول خطة وقف إطلاق النار حيز التنفيذ،...

1527

| 10 أكتوبر 2025

alsharq
العدالة المناخية بين الثورة الصناعية والثورة الرقمية

في السنوات الأخيرة، تصاعدت التحذيرات الدولية بشأن المخاطر...

1086

| 09 أكتوبر 2025

alsharq
حماس ونتنياهو.. معركة الفِخاخ

في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...

1068

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
هل قوانين العمل الخاصة بالقطريين في القطاعين العام والخاص متوافقة؟

التوطين بحاجة لمراجعة القوانين في القطــــاع الخـــــاص.. هل...

954

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
هل تعرف حقاً من يصنع سمعة شركتك؟ الجواب قد يفاجئك

حين نسمع كلمة «سمعة الشركة»، يتبادر إلى الأذهان...

939

| 10 أكتوبر 2025

alsharq
فلنكافئ طلاب الشهادة الثانوية

سنغافورة بلد آسيوي وضع له تعليماً خاصاً يليق...

915

| 09 أكتوبر 2025

أخبار محلية