رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

لغة الإنسانية

نحن البشر الذين نعيش على هذه الكرة الأرضية العظيمة نختلف في ألواننا وأشكالنا ودياناتنا ولغاتنا، لكننا نشترك جميعاً في لغة واحدة هي لغة الحس والإنسانية، وهي طبيعتنا التي فطرنا الله عليها، والقاعدة التي تسير بها أمورنا وترتكز عليها حياتنا وإن كان لكل قاعدة شواذ. ولاشك أن الرحمة والعطف على الضعيف هو جزء من أساس تلك الإنسانية، فمارأيت أسوأ من أساليب تعامل البعض مع من يقومون بخدمتهم من الخدم، وطالما كرهت كثيراً من المشاهد التي أراها أمامي في بعض البيوت، وفي الأماكن العامة أيضا، للسيدة التي ترافقها خادمتها بالملابس المخصصة للعمل في المنزل وتتبعها بكل إنكسار وخجل، وغيرها ممن ترفع صوتها على الخادمة وتحقر منها أمام الناس، وغيرها ممن تحملها مالا طاقة لها به من حمولات، ولكن ماجعلني أعود لأذكر البعض في إعادة النظر في أسلوب تعاملهم مع هؤلاء الخدم، هي القصة التي روتها لي صديقتي المقربة والتي رأتها أمامها وهي مذهولة، مثلما ذهلت أنا أيضاً بأن هناك من البشر من يتجرأ لأن يصل إلى هذا الحد من إمتهان كرامة الخادمة. ففي مكة المكرمة وأطهر بقعة في الأرض، كانت هناك خادمة ترافق عائلة عربية مكونة من زوج يطلق لحيته تديناً وزوجة وطفلين، كانوا يقيمون بغرفة في أحد الفنادق الفاخرة القريبة جداً من المسجد الحرام، بينما كانت خادمتهم المسكينة تسكن في الممر أمام باب غرفتهم، وتنام على ماجادوا لها به من لحاف خفيف ووسادة! وليس في ذلك مبالغة أبداً، وقد كانت صديقتي وغيرها ممن في الغرف القريبة هم من يجودون عليها ببعض الطعام في ذهابهم ومجيئهم في ممر الفندق بين الغرف وهي ممددة طوال الليل والنهار قابعة أمام باب الغرفة، ومع إستنكار من يسكنون الغرف القريبة، وإستياء أحد النزلاء بشدة من هذا المنظر المشين، ذهب لإبلاغ إدارة الفندق عما يشاهده الجميع، وماهي إلا ساعات حتى ترك الرجل وعائلته الفندق إلى مكان آخر يستطيع أن يمارس فيه سلطته الظالمة. وما أود تأكيده أننا نفهم جيدا أن هذا الرجل ليس مثالا أبدا لأولئك الذين تبدو عليهم علامات التدين واضحة من الرجال والنساء على حد سواء، والتي تفرض على الغير تقديرهم وإحترامهم، لكننا دائماً نلتمس الصدق خاصةً في البعض ممن تبدو عليه علامات التدين، والتي يجب أن تنم أيضا عن سلوكه أمام الله والناس، وإنسانيته وتخلقه بأخلاق الدين الكريمة، ولكن للأسف هناك من الناس من ينسى بأن الدين المعاملة وأن أبسط من يمكن أن نتقي الله في معاملتهم هم الخدم الذين أصبحوا جزءاً من ضروريات حياتنا وبيوتنا وهم الأضعف الأحق والأقرب لأن نخاف الله فيهم. ليس هناك الكثير ليقال، ففي النهاية إنسانية الإنسان هي من تقول كلمتها. [email protected]

503

| 19 أبريل 2011

إنسان.. وحيوان

قرأت بإحدى المجلات منذ فترة عن سيدة تشتكي تأثرها بالكآبة التي تلازم والدتها، لأنهم أصبحوا يمنعونها من الذهاب إلى المزرعة الصغيرة التي تربي فيها بعض الحيوانات الأليفة، بسبب اعتلال صحتها ومن أجل راحتها، ولأنها كانت تعتني بهذة الحيوانات، وتقضي معها أوقاتها السعيدة، ولا تطيق الابتعاد عنها، ولذلك فإنها تصر على ألا تستمع لنصيحة أبنائها، وتظل حزينة وترفض الكلام، إلى أن يضطروا لأن يأخذوها لحيواناتها، فتتغير مشاعرها بسرعة وتدب فيها القوة ويغمرها الانتعاش، فيجدون أنفسهم حائرين بين فرحتها بلقاء الأحبة ونصائح الطبيب!!. ولاشك أن علاقة الإنسان بالحيوان علاقة لها جذور وتاريخ، بدأت منذ الأزل وتعددت أشكالها إلى يومنا هذا، فكان الحيوان هو من رافق الإنسان في حروبه الأولى، وفي تنقلاته، وفي صداقته، فهو من كان أكثر قربا، وهو من قدم خدماته على اختلافها. ولهذه العلاقة المترسخة منذ القدم إرث تاريخي من كتب وقصص وأقوال قرأناها منذ الصغر ودرسناها أيضا، كانت تعبر عن التجارب الإنسانية مع الحيوان على مر الزمن. صادفت وصديقتي في أحد الأيام سيدة أجنبية ذات مركز مرموق قالت لنا انها تخصص يوم إجازتها من كل أسبوع للذهاب إلى الحديقة المجاورة لمنزلها وتقضي ساعتين تقريبا في الإستمتاع بتغذية البط الذي يسبح في بحيرة الحديقة بفتات الخبز الطازج، وتحرص على أداء مهمتها الأسبوعية مهما كان الطقس باردا أو ممطرا، فهو يوم سعادتها كما تقول وهي هوايتها التي لا تطيق البعد عنها، ثم دعتنا لمشاركتها هذه السعادة. وبعد أن تركنا هذه السيدة ومضينا، قالت صديقتي ساخرة: وأي متعة وسعادة في تغذية البط؟! وقد تكون نظرة البعض لهذة الهواية كنظرة صديقتي، لكن الشيء المؤكد أننا يجب أن نقدر اختلاف الناس في ميولهم، وأن نحترم ذلك النوع من الهوايات، وعلاقة الود بين الإنسان والحيوان. فمن الحكايات الإنسانية المعبرة عن العلاقة الوثيقة بين الإنسان والحيوان التي سمعتها في حياتي، الحكاية التي روتها لي أمي عن إحدى جارات منزلهم القديم، للسيدة التي عاشت ومعها ببغاء كانت تقوم بتربيته، وفشلت هذه السيدة في الزواج بمن تحب، فتزوجت رجلا آخر ونقلت معها ببغاءها إلى منزلها الجديد، ولم تشأ الأقدار لهذه السيدة أن تنجب أطفالا، فتركها زوجها بعد سنوات قليلة ليتزوج بأخرى، فكانت الببغاء هي صديقتها الوحيدة التي تؤنسها في وحدتها، وهي من تتحدث معها، وتضحك وتأكل معها، وحتى عندما كانت تزورها بعض جاراتها، كانت الببغاء هي من تستقبلهن وتشاركهن الجلوس في المكان والضحك أيضا، وقد كان بيت هذه السيدة وحياتها متواضعة جدا، والمحزن أن الحياة انتهت بها إلى فقر شديد، مما جعلها تضطر لبيع كل شيء في منزلها، فأصبح خاويا من أي شيء، لكنها رفضت أن تبيع أغلى ما كانت تملك حينها وهي ببغاؤها الحبيبة، والتي كانت أثمن ما في البيت، فهي من شاركتها آلامها ومراراتها وأحزان لياليها، وهي من بقي في حياتها بعد أن تخلى عنها وخذلها الآخرون من حولها. وما هذه السيدة إلا صورة لمجموعة صور تتكرر في الحياة لعلاقة الإنسان بالحيوان. إنها هواية يجب أن نقدرها عند من يهواها، كما أن فيها الكثير من تحمل المسؤولية، والكثير من إطلاق المشاعرالإنسانية. أحب مقولة أحد كبار العلماء النفسيين الذي قال: "ليست الحيوانات الأليفة في حياتنا لكي تكون حياتنا حلوة، نحن لدينا حيوانات أليفة لأننا نحتاج إليها". [email protected]

596

| 12 أبريل 2011

ألبوم صور

بحر من التقنيات والتكنولوجيا الحديثة، أجهزة متطورة، وهواتف محمولة تلتقط الصور الثابتة والمتحركة وتمحوها في ثوان، وهذا التطور وهذه التكنولوجيا هي الريح التي تهب اليوم، ونحن لا نستطيع أبداً أن نسبح عكس اتجاه الريح. غلبت على حياتنا المشاعر الباردة والجمود رغماً عنا، فمسيرة الحياة تحركنا نحو اتجاهها حيث تشاء، وتجرفنا معها، ومضينا ونسينا معها أشياءنا الصغيرة العزيزة. كنا نجتمع في جلسة عائلية حميمية فطلت علينا أمي من غرفتها وألقت علينا ألبوم الصور القديم وقالت: كنت احتفظ به ولم يعد له مكان عندي فقد ضاقت الغرفة بالأشياء. فالتقطناه وتقاذفناه كل يريد البدء بفتح صفحاته قبل الآخر، وبعد الضجيج والصخب ساد الصمت وتشاركنا فتح الصفحات، وفي لحظة أخذتنا الصور بعيداً بعيداً.. صور كثيرة تجمع كل مراحل أعمارنا منذ الطفولة، وتوالت الكلمات، أتذكرون هذه الصورة عندما كنت في السابعة من عمري؟ وهذه الصورة التقطها لنا ابن الجيران، وأين هذا المكان وبيت من؟ ومن هذه التي تقف في آخر الصف، لا أصدق كم كنت نحيفة، ومازلت أذكر هذا الفستان الأخضر، وهذه ابنة جيراننا القدامى تزوجت صغيرة وانقطعت أخبارها، وهذه صورة جدتي الحبيبة رحمها الله وأمامها دلة القهوة التي لا تفارقها أبدا، كم احتوتنا وكم كانت حنونة، وهذا بيت جارتنا الطيبة كيف كانت لتتحمل شقاوتنا؟ وهذه صورة أخي الغالي الذي رحل شاباً يقف أمام بابنا في الشارع القديم، كم كان جميلا ووسيما، وهذا ابن عمي الراحل لعبنا معاً وكنا أصدقاء، وهذه صورة أبي الراحل الحبيب في صباح يوم العيد، وانهمرت الدموع، دموع الجميع، الكل يبكي فقد مست هذه الصور قلوبنا وقلبت لنا صفحة حية من الماضي وامتلأت المناديل بالدموع وتناثرت هنا وهناك، فخرجت أمي من غرفتها ففهمت ما نحن فيه ورددت: هذه هي الدنيا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وهدأ الجميع واستمررنا في تقليب صفحات الألبوم، ومن هذا في هذه الصورة؟ إنه صاحب الدكان، يا ترى أين هو الآن؟ ما زلت أذكر لون قميصه وجوربه الممزق الذي لا يغيره أبداً، وهذه الصورة لجارتنا تلك السيدة الغامضة، كان أبناؤها مثيرين للضحك، أتذكرين هذا الفستان وهذا الحذاء؟ لا أصدق كيف كنا نلبس هذا، ياله من مضحك.. وتوالت الصور وتوالت الضحكات ووصلنا إلى ضحك هيستيري وعلت الأصوات وعم الضجيج وخرجت أمي من غرفتها مهرولة ونظرت إلينا وهي تردد باستغراب: ما هذا الجنون؟! وتزيدنا كلماتها إثارة وضحكاً، وانتهينا من تقليب الصفحات. إنه لشيء غريب، ماذا فعل بنا استعراض تلك الصور، وكيف تحكم في أمزجتنا، وهل هذا ألبوم للصور أم ألبوم الحياة؟ وما هذا التشابه الغريب؟ هما متشابهان تماماً ويشتركان في كل الانفعالات من فرح وبكاء، دموع وابتسامات ومشاعر لاتنتهي، وحياة كاملة نقلبها في صفحات. ولا تكاد تخلو كل البيوت من ألبوم صور في مكان ما، في الخزانة أو في مكان يعلوه الغبار. دعوة لتذكر ألبوم الصور القديم، ولنحافظ عليه.. لنحافظ على صفحات الحياة فإنها من أثمن الأشياء. (وعندما رحلت أمي، ورحل أبي، ورحل من رحل من الأعزاء، كان هناك ألف سبب للاحتفاظ بألبوم الصور..). [email protected]

698

| 05 أبريل 2011

ترجمة الحب

هناك مقولة أجنبية تقول: (إن الكتاب يعطيك المعلومة، لكن الحياة تعطيك الفهم). وفي هذه المقولة الكثير من الحقيقة إن لم تكن الحقيقة نفسها، لأننا كثيرا ما نقرأ عن أمور نتعلمها وترسخ في أذهاننا، إلا أن دورة الحياة وتجاربها هي من تجعلنا نفهمها حق الفهم، مثلما قرأت يوما في أحد الكتب بأن الحب ليس كلمات تقال، وإنما هو ترجمة وأفعال. فنحن نكبر ونكبر، ومهما كبرنا نظل نهفو إلى مشاعر الحب السحرية، وكلماته التي تمدنا بالطاقة والحياة، نشتاق لكلمات الحب التي ننتعش بها، ونحزن كثيرا عندما نفتقد هذه الكلمات ممن نحب، وكثيرا ما يتهم البعض الطرف الآخر بالجفاف وشح كلمة الحب، فقد قالت لي إحداهن بألم:( لقد أصبحت أتسول من زوجي كلمة حب). ومما لا شك فيه أن هناك الكثير من الناس الذين لا يجيدون صياغة كلمات الحب، مما يجعل الطرف الآخر يتذمر على حياته وسعادته. أما الخطأ الذي نقع فيه أحيانا، أننا نعتقد أن كل عمق الحب يكمن في كلمات تقال، أو هدية تقدم، بينما نجهلها أهي من القلب حقيقة؟ وهل تعبر عن مشاعر صادقة؟ أم أنها كلمات تقال فقط، وإن من لا يسمعنا كلمة حب هو في الواقع لا يحبنا. ورغم اننا لا نستطيع أحيانا أن نقدم تنازلنا عن تلك الكلمة، إلا أن الحياة والواقع الذي نعيشه علمنا أن التعبير عن الحب ما هو إلا أفعال وسلوكيات يشعرها الطرف الآخر، ويؤمن بأنها وثيقة حب حقيقي رائع بلا كلام، فكلمات الحب ومرادفاته والتعبير عنه شفويا هي طريقة سهلة قد يجيدها البعض باحتراف، ولكن هل نستطيع أن نعتبر الرجل الذي يمطر شريكته بأعذب كلمات الحب وأزهاها حين تمتد يديه عليها بالضرب والإهانة، أو تعدد علاقاته بأشكال من النساء بأنه يكن لها الحب الحقيقي؟! وفي المقابل هل نستطيع أن نعتبر من تختار لشريكها كلمات الحب بعناية وتتفنن في صياغة عباراته، بينما يكون اهتمامها به وبحياتها وبيتها صفرا، فلا تضع له اعتبارا ولا تنفذ له أمرا، انها تحبه حبا من القلب؟! فهذا يعني بلا شك بأن هناك خللا في الحب إن وجد، فما زلت ممن يعتقد أن العلاقات بأنواعها قد تستمر طويلا بالاحترام وحده، لكنها تعجز أن تستمر وتصمد بوجود خلل الحب. ودائما ما أتذكر صديقة قديمة كان زوجها يغدق عليها الهدايا الثمينة، لكنها لم تكن سعيدة أبدا، لأن هداياه كلها لم تكن أبدا ترجمة صادقة للحب قياسا بمواقف الاحتياج والاحتواء والاحترام الأخرى لذلك لم تستقر حياتها معه ولم تستمر فقد كان الخلل في حبه لها كبيرا. فحواسنا في النهاية مع مجموعة المواقف لا تخطئ أبدا. فما أسهل من كلمات حب تقال، ولكن لا يمكنني أن أجمع بين حب وخيانة، أو بين حب وإهانة، لأن بينهما تنافرا تاما ولكل منهما صفته وعالمه. ولهذا وعندما تمر السنوات نفهم حق الفهم بأن الحب له ترجمة خاصة تتغلغل في شعور الطرف الآخر، فتجعله أحيانا لم يعد يريد كلمات حب جارف، بقدر ما يريد ترجمته لاحتواء وأفعال يكون تأثيرها أعمق وأبلغ في النفس من مجرد حروف متشابكة تحمل الكثير من كلمات الحب مع كثير من المشاعر الباهتة. أعتقد أننا علينا أن نغير تلك النظرة المحدودة لكلمات الحب ومرادفاته، وأن نطلبه ترجمة تلمس أعماقنا وتؤثر فيها وليس أقوالا تذهب بها أقل ريح بعيدا، فلم يعد الكلام هو كل شيء. لتسأل نفسك وتستفت قلبك بعد اليوم، هل تفضل كلام الحب، أم ترجمة الحب؟. [email protected]

4476

| 29 مارس 2011

أول "عيد".. وأمي بعيد

وعاد العيد، وعادت صور هدايا العيد بأشكالها تملأ الشوارع والجرائد والمجلات، وتحاصرنا في كل مكان لتذكرنا بقرب العيد وهدية العيد، إنه عيد آخر غير تلك الأعياد التي تمر علينا، إنه عيد الأم الذي رفضوا تسميته بيوم (عيد) وتم تغييره إلى "يوم الأم"، ورفضه آخرون أيضا ليغيروا تسميته إلى "يوم الأسرة"، لكنه وإن تعددت التسميات واختلفت، إلا إنه كذلك في نظري، ويصر على أن يفرض نفسه في داخلي بانه عيد وانه "عيد الأم"، وتماماً مثل كثير من الأشياء في حياتنا عندما ترحل عنا نكتشف بأسف كم كانت تلك اللحظات غالية، وكم كانت تستحق منا كل الاهتمام، وتستحق أن نصفها بالعيد. إنه أول عيد للأم يمر بعد رحيل أمي، لاكتشف أن كل يوم في حياتنا يمر وهي لاتزال على قيد الحياة تتنفس معنا نفس الهواء هو يوم عيد لا يعود، وأسعد بأنني كنت ممن يقدم لها كل عام هدية يوم الأم، ويكرر لها كلمات الحب في عيد الأم، وأرى الفرحة غامرة في وجهها وهي تحتضنني وتدعو لي من قلبها بأصدق الدعوات. لقد تغير العيد كثيراً، ربما مازالت هناك فرحة العيد في عيون أخرى، عيون لاتزال ترى بوضوح ألوان قوس قزح الزاهية في وجه الأم، لكنه اختلف في عيني ليشعرني بعمق ألم رحيل أمي، وأتعجب من إحدى من صادفتهن في حياتي حين قالت لي انها رغم حنان والدتها عليها، إلا أنها لاتذكر أن قبلت والدتها أو احتضنتها منذ أعوام، فليس لديها الوقت ولا ترى في ذلك أهمية فهي أمامها هنا وهناك، تماماً مثل من يشعر بدوام كل من حوله، وكثيراً ما كنت أذكرها بأن تخرج من جمودها وتطلق العنان لعاطفتها كي تتذوق لحظات السعادة، فقد كانت ممن لايقدر لحظة الفراق وما يتبعها من حزن أعتقد أنه يرافق الإنسان مدى حياته، ويظهر له الطيف يخترق كل لحظات السعادة بعدها. وكما يقولون " وبأي حال عدت يا عيد" فلا أملك إلا أن أترحم على أمي وعلى كل الأمهات اللاتي رحلن عن الحياة ليبقى عيدهن حزيناً بلا أم، وأرسل في يوم العيد رسالة لك يا أمي وإن لن تصل أبداً، بأن الحياة فارغة بدونك، وبأنك الحب العظيم الذي لن يتكرر، وإن النسيان يعجز أن يمحوك من الذاكرة. وقد تكون الحقيقة التي تغيب عنا ويغفلها الكثير منا، إن فرحة وجود الأم في الحياة لا تختلف عن فرحة العيد، وبوجود الأم نحن في الواقع نحتفل كل يوم.. بعيد الأم. [email protected]

17509

| 22 مارس 2011

السور

ليس هناك أثمن من أن يعيش الإنسان حرا، ويشهد التاريخ كله بأن كل تلك الصراعات والحروب التي خاضها الإنسان، والدمار، والمقابر الكثيرة التي امتلأت على مر القرون، كانت ثمنا غاليا دفعه الإنسان من أجل الحرية. ولا يزال في العالم إلى يومنا هذا من شعوب وأفراد من يكافح ويصارع من أجل أن ينال حريته. فالإنسان يولد حرا، ثم يصبح البحث عن استقلاليته هو الشعور الفطري الذي يولد معه، فنرى الطفل وهو في أصغر مراحل عمره يرفض أي نوع من القيود ويسعى لحريته. ويمكننا أن نختصر كل معاني الحرية في أنها الكلمة التي تساوي الحياة. وهي ما يشعر معها المرء بإنسانيته وقوته. ومن أصغر المتاحف التي زرتها يوما، ورأيتها تجسد صراع الإنسان من أجل الحرية هو متحف (شك بوينت شارلي) في العاصمة الألمانية برلين. هذه العاصمة التي كانت يوما مسرحا شهد أشكالا من المعاناة الإنسانية، وقسوة الآلة العسكرية وقوتها. فهذا المتحف يقع في نفس المعبر الوحيد للمشاة والسيارات بين برلين الشرقية وبرلين الغربية، وقد كان أفضل مكان لأمن الحدود في العالم آنذاك، والذي شهد بناء سور برلين الشهير في عام 1961، وهو الجدار الطويل الذي يفصل بين برلين الشرقية وحليفتها السوفييت وبرلين الغربية وحلفائها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية. وقد شيّد هذا السور للسيطرة على انتقال المواطنين المتزايد من الشطر الشرقي إلى الشطر الغربي، وكان من المستحيل مراقبة الحدود حيث إنها تمر وسط أحياء المدينة، فكان بناء السور هو الحل الوحيد لمنع الهجرة خصوصاً من الفئة المتعلمة والذي أصبح يهدد كيان الدولة. وقد فصل هذا السور اللعين بين الجيران وأهالي الحي الواحد، ماراً بين البيوت المتلاصقة، فكانوا يلوحون لبعضهم البعض في مسافة لا تتعدى الأمتار المعدودة والتي تفصل بين القيود والعذاب وسوء الحظ، وبين الحياة والحرية. فقد كان هذا السور المقيت هو ممر الموت المحتم، ورمزاً لغياب الحرية عند الألمان الشرقيين. ومما أثار إعجابي لهذا المتحف الصغير جداً، أنه يعرض كل ما يشهد على صدق الأحداث وسخونتها من وثائق وأوراق رسمية، وصور عديدة لتاريخ المنطقة في تلك الفترة. كما يعرض أشكال الهروب وأساليبه التي تثير الدهشة، والتي لجأ إليها الناس للخلاص. وصور متعددة تفنن فيها العقل البشري للتفكير في ابتكار الطرق لكيفية اجتياز هذا السور والفرار، ليختار أن يكون مصيره النهائي إما الموت وإما الحرية. وما يدعو للأسف أن ذلك السور، وكل تلك القيود وكل أولئك الضحايا والألم، إنما كان بقرارات من إنسان ضد أخيه الإنسان!! ما أسهلها على من صدرت منه وما أصعبها على من طبقت عليه. وبعد كل تلك السنوات من المعاناة وعندما هدم سور برلين في العام 1989 وكل هذه السعادة، وانتهاء القيود والحرية،كانت أيضا بقرارات من إنسان نحو أخيه الإنسان!! وبعد انتهاء زيارتي لهذا المتحف، فمع ما أضفته لنفسي من متعة ومعرفة لهذا المكان وتاريخه، وأيضاً مع أولى خطواتي خارجة، شعرت حقيقة بأنني أستطيع أن أتنفس الحرية بعمق، أشم رائحتها وأتذوقها، وأعيشها بفخر وسعادة، ورأيتها تتجسد أمامي في أبهى حلة وصورة، وشعرت أن في داخلي صوتا يريد أن يصرخ بأعلاه في الفضاء (ما أثمن الحرية). وحقاً ما أثمن من الحرية. وما أثمن ان ينتمي الإنسان لشعب ووطن حر. يقول أحد الأمثال الانجليزية (لو أنك فقدت كل شيء ما عدا الحرية.. فأنت لا تزال غنياً) [email protected]

485

| 08 مارس 2011

كلمة اعتذار

كل البشر خطاؤون، والفرق بينهم تفاوت هذه الاخطاء فى حجمها، فمنها الكبيرة التى يتصدى لها الدين والعرف، ويضع لها القانون عقوباته، فهى ما لا يجدى فيها الاعتذار، ومن قد يدفع فيها الانسان سنوات عمره وسمعته، وقد تكون حياته.وما قد تجعل الانسان يقضى العمر فى طلب المغفرة والتوبة. ولست بصدد هذا النوع، وانما الهفوات والاخطاء الصغيرة التى قد نقترفها خلال اختلاطنا مع البشر حولنا واحتكاكنا بهم، فى حياة عملية، او علاقات عائلية، او صداقات، او حتى بين الازواج. فالخطا هنا وارد جدا، ومن منا قد لا يخطئ بكلمة، اوشعور او فهم خاطئ للامور. اخطاء قد نؤذى بها مشاعرالغير بقصد او بلا قصد، فينتابنا الضيق والندم، فمن ابسط ما يتوجب علينا حينها ان نقدم لهم الاعتذار الذى يستحقون،او حتى ان نشعرهم بطريقة ما باسفنا لما بدر منا. والغريب ان البعض يبخل بهذا الاعتذار، ويعتبره جريمة فى حق كرامته، رغم اعترافه بخطئه احيانا. هم يريدون ان تعود كل العلاقات لسابق عهدها من الصفاء والود، دونما اسف، وبتعنت شديد، ويعتبرون ان تقديم الاعتذار معناه الضعف واهانة الكرامة، حتى وان استمر هذا الخلاف والخصام الدهر كله. وقد يعز على من اخطا ان يترك عناده وكبرياءه، كما يعز على الطرف الآخر المبادرة بالصلح، فيذهب العمر فى خصام لا معنى له ولا مبرر، وقد يكون لاسباب تافهة، يتحول بعدها الاصدقاء الى اعداء. قالت احدى السيدات انها وفى بدايات زواجها، اخطأ زوجها فى حقها بكلمات، فتركت المنزل ساخطة، وانتظرت اعتذاره، ولم يعتذر لانه الرجل! ولم يتم الطلاق، ورفضت هى المبادرة بالعودة، واستمر هذا الوضع لمدة سبع سنوات كاملة، الى ان تم الصلح بطريقة اقرب للصدفة، وقد ابدى بعده اسفه لها، كما ابدت هى ندمها لما حدث، فتقول: وعادت بيننا الحياة رائعة، لكننا نحن من خسر كل تلك السنوات فى تعنت وعناد كان لينتهى كله بكلمة اعتذار. وفى رأيى ان تقديم الاعتذار ليس ضعفا، بل هو دليل على شجاعة الانسان وثقته بنفسه، وقوة شخصيته. فمن السيئ ان نتجاهل ما سببناه من جرح او ألم لغيرنا، وان من يقدم اعتذار، بكلمة او لمسة حانية تدل على الاسف يستحق منا الاحترام، فلا يعنى ذلك الا سمو نفسه ورقى مشاعره والنقاء. ولكن ما يدعو للاسف ان البعض عندما نعتذر له يخطئ فى تقديرنا، ويعتبر ذلك ضعفا،وقد يتمادى فى عدم قبوله. ومع ذلك لنكن اقوياء، ولتكن لدينا الشجاعة ان نعتذر عن اخطائنا، فنكسب احترامنا لانفسنا، ونرفع عن ضمائرنا ذلك الشعور الثقيل الذى يؤرقها. وقد اعجبنى احد الكتاب الصحفيين عندما اعتذر لاحدهم يوما، ثم قال:ان اعترافى بخطأى واعتذارى عنه، لا يزيدنى الا احتراما لنفسي، واحترام القراء الذين وثقوا بي. كذلك لا بأس احيانا ان نبادر نحن ببعض العتاب الذى نطمح منه للصلح ما دام هذا يسعدنا، بشرط ان نعلم بان من سنبادر له ممن سيقدرلنا ذلك. وفى النهاية علينا دائما ان نحاول ان نتعرف الى صفات من حولنا ممن نتعامل معهم، حتى نتفادى اسباب الخلاف، ونتجنب الزلات التى قد تعكر صفو حياتنا وسعادتنا.

2975

| 01 مارس 2011

مصباح.. توماس أديسون

نحن البشر نختلف كثيراً في طبائعنا وفي أمزجتنا كما نختلف في لغاتنا وعاداتنا، ولكن تبقى هناك روابط كثيرة تربطنا نحن بني البشر ببعضنا، مثل قدرتنا على العطاء، أو العمل، أو التعامل مع بعضنا البعض بطريقة إنسانية ثابتة لايختلف عليها الناس على اختلافهم، ولا الأديان على تعددهم. فنحن جميعاً أيضاً نستطيع أن نفكر، وأن نبدع وأن ننجز، وإن اختلفنا في تلك الإنجازات أو الإبداعات. ولاشك أن أسلوب حياة أي إنسان وتوجهاته هي في الحقيقة خلاصة أفكاره التي يتبناها في حياته ودرجة إيمانه بها، فكما يتبنى الأخيار الأفكار الخيرة ويتخذونها منهجاً، يتبنى البعض أفكار الشر التي نراها تتضح في أسلوب حياتهم. فمنذ أيام تذكر الكثير في هذا العالم المخترع والعالم الشهير توماس أديسون، مخترع المصباح الكهربائي، بالإضافة إلى اختراعات أخرى كثيرة بمناسبة ذكرى مولده التي كانت في الحادي عشر من فبراير عام 1847، وقد قرأت نبذة عنه رغم أني أعرف فقط بأنه مخترع المصباح الكهربائي، وأحد المخترعين المشاهير الذين قدموا خدماتهم للبشرية، إلا أن ماقرأته عنه جعلني أجزم بأننا نحتاج أحياناً لأن نقرأ في حياة هؤلاء كي نكتسب شيئاً يعود على حياتنا بالتغيير والفائدة، لأننا بالتأكيد في حالة تعلم مادمنا أحياء، ومهما مر بنا من العمر. فقد كان توماس أديسون من الذين يؤمنون بأهمية العمل لأن النجاح لايأتي صدفة، والأهم من ذلك فقد كان يؤمن إيماناً كبيراً بعظمة قدرة الإنسان في فعل الأشياء التي قد تذهله هو شخصياً، ومن أهم ماكان يميز شخصيته أنه كان ينظر إلى كل شيء على أنه ذو فائدة، وكان اعتقاده دائماً بوجود البدائل والطرق الأفضل لكل ماقد يعتبره البعض معضلات في الحياة. ومن الأشياء الرائعة التي قرأتها عنه بأنه كان لايقول عن محاولاته أنها محاولات فاشلة أبداً، ولكنه يقول دائماً بأنها تجارب لم تنجح، فعندما ذهب إلى مكتب براءة الاختراع ليخبرهم عن عمله على اختراع مصباح يعمل بالكهرباء نصحه المكتب بعدم الاستمرار وإنها فكرة حمقاء وإن الناس تكتفي بضوء الشمس، لكنه أرسل إليهم خطاباً يقول فيه: " ستقفون يوماً جميعاً لتسديد فواتير الكهرباء". فنحن بالتأكيد نحتاج أيضاً لتبني الأفكار البناءة في حياتنا كي تغير أسلوب حياتنا في التعامل مع التفاؤل والثقة بالنفس والصبر، الذي لاشك أن البعض منا لديه خلل في التعامل معها، والوقوف ببعض معوقات الحياة أمام حوائط عريضة عالية لانفكر في البدائل ولانقر بأنها محاولات غير ناجحة، فلا بديل والمحاولة فاشلة، ومنها الاستسلام للألم والكآبة التي تعوق مسيرة حياتنا. إننا نحتاج أن نؤمن بفكرة القوة والصبر والثقة في قدرتنا على إيجاد البدائل والحلول لكل مشاكلنا كي ننتصر على المعوقات والآلام، وأن ندرك حجم مابنا من قوة وتحمل، إنها الحقيقة التي قد تغيب عنا. وكانت النهاية لحياة توماس أديسون ووفاته عام 1931، وفي يوم وفاته أطفئت كل مصابيح وأنوار أمريكا، كي يعرف الناس ويشعرون بقيمة هذا الرجل الذي رحل عنهم، والذي قدم نتاج أفكاره لخدمة البشرية. أما نحن فقد نعتقد أننا لانستطيع أن نخترع ماقد يخدم البشرية بعدنا، ولكن ما يجب أن نعتقده أننا لابد أننا نستطيع أن نخترع لأنفسنا أفكاراً نيرة بها الكثير من التغييرالذي يضفي الإستقرار والسعادة لحياتنا. [email protected]

5908

| 22 فبراير 2011

ثورة

في الأيام الماضية كانت كلمة (ثورة) هي الكلمة التي استأثرت بكثير من أقوال الناس، فقد رددتها الفضائيات، أو رددها العالم بأسره، كما رأينا حضورها بوضوح في كل الصحف اليومية في فترة وجيزة. ولأول مرة كنت أسمع فيها بكلمة ثورة، وأعرف فيها معنى ثورة كانت من خلال دراسة مادة التاريخ التي ارتبطت لدينا فيها الثورة بالسياسة، وإن تعددت أسبابها إلا أنها تندرج كلها تحت البند السياسي. فتعريف الثورة هو الإرادة في التغيير أو الخروج من الوضع الراهن إلى وضع آخر سريع، وتحطيم استمرار هذا الوضع الراهن بهدف التغيير الجذري. وقد يكون الجميع اليوم يتناول الثورة ويتحدث عنها بتعريفها السياسي، ولكنني أتناول ثورة من نوع آخر، وهي تلك الثورة التي قد تحدث في حياتنا الشخصية، فقد تكون هناك أشياء كثيرة في حياتنا هي بلاشك قد تنتهي لثورة، أو بالأحرى ثورة الإنسان لأسباب حياتية شخصية كثيرة، كأن يعيش أسلوب حياة لا يرغب فيه، أو أن يضطر لقبول ما يرفضه، مما يحتم عليه التمرد على وضعه القائم والثورة في النهاية. وقد قرأت كثيراً عن هذا النوع من الثورات التي تحدث في المنازل وفي عقر الديار، أو في مجال العلاقات الإنسانية بصفة عامة، كان منها ثورات هي تماماً من ذلك النوع من الثورات التي أقصدها. فقد كانت إحداها للشاب الذي نشأ في ظل والدين كانا من أشهر الأطباء وأكثرهم علماً، فكانا يهيئان ابنهما منذ صغره كي يكون طبيباً ناجحا مثلهما، ويصران على تفوقه على الجميع، ورغم أن هذا الابن قد حاول أن يشرح لوالديه ميوله الواضحة وحب التعامل مع الأدوات والهندسة إلا أنهما أرغماه على الالتحاق بكلية الطب، وبعد ثلاث سنوات من دراسته للطب كان التمرد وكانت الثورة، وقرر أنه لن يعود لأي من مقاعد الدراسة! فلا طب.. ولا هندسة..! وأنشأ لنفسه ورشة للعمل بها وممارسة هوايته، وهكذا كان التغيير السريع في حياته، رغم حسرة والديه وموتهما كمداً من أجل مستقبله. أما الأخرى، فكانت للمرأة التي عاشت مع زوجها ثلاثة وأربعين عاماً في زواج أثمر مجموعة من الأبناء والأحفاد، وفي صبر على استبداد وبخل وسوء معاملة، ثم كانت الثورة ورفض هذا الوضع والتمرد عليه، حين فاجأت زوجها بطلب الطلاق والإصرار عليه لأنها وصلت لذروة عدم الاحتمال. أما هذه الثورة فقد قرأتها في إحدى المجلات، للزوج الذي كانت زوجته لا تتوانى في أن تحط من قدره في كل وقت، وتنعته بضعف الشخصية، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات أمام أبنائه لسنوات طويلة، فجاءت ثورته عليها بزواجه من أخرى لتشاركها في منزلها، وليثبت لنفسه ولها قدرته في تحديها والوقوف في وجهها. ولاشك أن كل تلك الثورات كانت لها من السلبيات التي تبعتها بقدر الإيجابيات التي كان يتوقعها ويطمح لها الثائرون، بل قد تكون سلبياتها أحيانا أكبر كثيرا من إيجابياتها. فلاشك أن علينا أن نكون في حياتنا مع الآخرين مهما كانت صلتنا بهم، أن نتعامل معهم بشكل إنساني يجنبنا أية ثورة قد تحدث ضدنا، وأن نستشعر مؤشرات حدوث هذه الثورة غير المرتقبة وغير المتوقعة، والتي من الممكن أن نكون سببها. وفي المقابل أيضاً علينا نحن شخصياً أن نضع الحلول لكل مشاكلنا الحياتية بقدر الإمكان بطريقة تجعلنا نخفف من ذلك الضغط الذي تحتمله أنفسنا، حتى لا نصل باحتمالنا لدرجة الثورة والتمرد، والتي ستكون لها مساوئها أيضا مثلما قد نتوقع محاسنها. ودائما ولنا جميعا.. نأمل أن تسير حياتنا في هدوء وسعادة، نحن لا شك مَن نصنعها إن استطعنا أن نجنب أنفسنا وغيرنا بتعاملنا تلك الثورات التي قد تزلزل حياتنا وتفقدنا استقرارنا، وبكل جدية.. لنحفظ حياتنا من أية (ثورة). [email protected]

1278

| 15 فبراير 2011

نماذج تنمية تصلح للبنان

ما حصل ويحصل اليوم في مصر وتونس والجزائر والأردن يؤكد على أن نماذج التنمية التي اعتمدت لسنوات في الدول العربية تعتبر غير مجدية أي لم تعط النتائج المنتظرة. فالفقر ما زال منتشرا في كل أنحاء العالم العربي والحكومات بمعظمها لا ترضي الشعوب، وبالتالي هنالك ضرورة للتغيير. فإذا لم يأت سلميا وهذا هو الحل الأفضل، فلابد وأن يأتي عبر النضال الشعبي كما يحصل اليوم.إن التعلق بالمراكز السياسية أيا كانت وفي أي بلد على حساب الديموقراطية ورفاهية الشعوب هو تصرف خاطئ ويدل على عدم احترام الحاكم لشعبه. إذا أضفنا إلى التعلق بالسلطة انتشار الفساد في معظم الطبقات الحاكمة، لابد وأن نعي حجم المشكلة التي تقع فيها المجتمعات المتطلعة إلى المستقبل بثقة وأمل.لا تزال مؤشرات التنمية الإنسانية ضعيفة في معظم الدول العربية ولا يكفي أن نحقق دخلا فرديا مرتفعا حتى تكون شعوبنا سعيدة ومكتفية ومقتنعة بالواقع. إنسان اليوم، عبر الإعلام وخاصة عبر الإنترنت وكافة وسائل الاتصال الاجتماعي، أصبح واعيا لواقعه وحقوقه ويعرف تماما ما هي العوامل التي تزعجه والنواقص التي عليه معالجتها والحصول عليها. حتما لا يمكن للبنانيين أن يكونوا راضيين عن أوضاع التنمية الداخلية ومن الضروري أخذ العبر من تجارب الغير. بسبب تراكم الإهمال وتأخير الحلول، نأمل مع الحكومة الجديدة أن يعاد النظر في العديد من السياسات السابقة التي حجمت القطاعين الزراعي والصناعي. من الضروري اعتماد النماذج الناجحة غير القليلة وأهمها في البرازيل والصين والهند. هذه دول كبيرة حتما، لكن الحجم ليس المعيار الأساسي وإنما حسن السياسات المتبعة عبر حكومات جدية انتقت ما يناسب أوضاعها. هنالك دول تعاني من الزيادات السكانية وأخرى تعاني من ضعف النمو البشري. في سنة 2008، طردت الصين حوالي 500 عضو من الحزب الشيوعي الحاكم لمخالفتهم سياسة الطفل الواحد المفروضة قانونا على الجميع.الحالتان سيئتان إذ ينتج عن النمو السكاني الكبير فقر وبطالة وتقلبات سياسية وأمنية، وينتج عن الثانية ضعف في النمو المستقبلي إذ من يصنع التطور والإنتاج هو أولا وأخيرا الإنسان. في سنة 1800 بلغ عدد سكان العالم حوالي مليار نسمة وفي سنة 1931 تعدى المليارين وفي سنة 2008 وصل إلى حدود 7 مليارات، ومن المتوقع أن يصل إلى 9,5 مليار نسمة في سنة 2050. كانت الزيادات كبيرة جدا في القرن الماضي بسبب تحسن الخدمات الصحية وارتفاع مستوى التغذية كما التعليم خاصة الابتدائي.عندما يزداد عدد السكان، يزيد استهلاك الموارد المادية وبالتالي تسوء الثروة البيئية.المشكلة لا تكمن فقط في كثرة الاستهلاك وإنما في سوءه، إذ هنالك فوضى كبيرة وعالمية تجاه نظافة الأرض والسماء والمياه. هنالك إهمال واضح للبيئة في لبنان وما الحرائق المفتعلة والكسارات والشواطئ والهواء إلا لتؤكد جميعها على ذلك. نجح الرئيس لولا دا سيلفا في خلق نموذج تنموي ممتاز نتج عنه ارتفاع في النمو وانخفاض في الفقر. سمح نجاح لولا بانتخاب خليفته بسهولة كبيرة وتفوق. هنالك 20 مليون مستهلك خرجوا من دائرة الفقر خلال عهديه مما جعله السياسي الأكثر شعبية في أمريكا اللاتينية وربما على الأرض. إذا قارنا ما حدث في البرازيل بما يحدث في الدول العربية، يمكننا تقييم الجهود الكبيرة التي علينا بذلها للوصول إلى المستوى الاقتصادي والإنساني والاجتماعي للبرازيليين. تبقى هنالك 3 مشكلات كبيرة على الرئيسة الجديدة معالجتها وهي الفساد حيث تحتل البرازيل المرتبة 80 في مؤشر الفساد العالمي مقارنة بالمركز 102 للبنان و 115 لمصر و 147 لسوريا. ما زال دور القطاع العام في الاقتصاد كبيرا، إذ تحتل البرازيل في مؤشر سهولة الأعمال الذي يصدره البنك الدولي المرتبة 129 أي وراء لبنان (108) وأمام الهند (مرتبة 133) وهي جميعها مراتب غير مقبولة مقارنة مثلا بالمرتبة 89 للصين و 15 لليابان. ثالثا، في مؤشر التنافسية العالمية تحتل البرازيل المرتبة 58 مقارنة بـ 92 للبنان و 27 للصين و 51 للهند. تحتاج البرازيل إلى قوانين تنشط المنافسة وتسمح للقطاع الخاص بالعمل بجدية وإنتاجية مرتفعة. من الإصلاحات المطلوبة أيضا تحديث النظام الضرائبي وقانون العمل.

635

| 13 فبراير 2011

القاهرة.. وأنا

إنها القاهرة الكبرى، العاصمة المصرية التي لاتهدأ، والمدينة التي أرى فيها الكثير من نكهة سحر المدن، فلطالما كنت ممن يؤمن بعلاقة الود بين الإنسان ومدينة بعينها. وهكذا كانت القاهرة بالنسبة لي، فبيني وبين القاهرة علاقة حب قديم توثق مع السنين، بدأ عندما كنت صغيرة، فقد كانت القاهرة من أوليات المدن التي زرتها، وتكررت زياراتي لها طوال سنوات كان آخرها منذ شهور، فقد عرفت مبكراً شوارعها ومبانيها وجسورها الممتدة التي يحتضنها النيل الخالد في منظر آسر أخاذ، وقد ترسخت في عقلي صور رائعة لمساجدها التاريخية العريقة، ولمتاحفها وقلاعها، ولأهراماتها وشوارعها القديمة قبل أن أفهم قيمة وأهمية تاريخها الأعرق والأروع. وقد جبت شوارع وسط البلد، بمبانيها ومحالها ومقاهيها التي ينبعث منها صوت كوكب الشرق وهي تصدح بصوتها وكأنها جزء من تاريخ هذه الشوارع، أما الآيس كريم وعصير المانجو الطازج والشاي والقهوة، فقد كانت كلها طلبات لطعم لاينسى من مقهى (الأميريكين) ومقهى (جروبي) اللذين كانا جزءا من حكاية وسط البلد. إنها القاهرة التي وجدت في أهلها الطيبة والكرم رغم فقرهم الشديد أحياناً، إنه الشعب الطيب المتدين القوي بترديد كلمة لا إله إلا الله. لقد أعاد لي ميدان التحرير وأنا أتابع ما يحدث به حالياً من مظاهرات ووقفات سلمية للملايين من جميع فئات الشعب المصري شبابا وشيوخا ونساء وأطفالا، ما قرأته عن تاريخ هذا الميدان الذي يثبت سنوات بعد سنوات قدرة هذا الشعب البطل القادر في أظلم الظروف على أن يقول كلمة حق، وأن يثور ويطلب وأن يغير رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها والضعف الذي ارتسم عليه رغماً عنه. لقد كان ومازال الشعب المصري بطلاً.. لسنا من نقول هذا ولكن يشهد له الوقت ويسجل له التاريخ ذلك. فما أن تجوب الكاميرا لتعرض على الشاشة مدينة القاهرة بجسورها ومبانيها، والملايين الواقفة من أهلها، ونيلها الذي يكاد ينطق بحكايات هذه المدينة العريقة، حتى يصحو ظلال ذلك الحب القديم القابع في داخلي ليعرض من الذاكرة صوراً قديمة وحديثة لهذه المدينة التي طالما أحببتها، وتعود إلى خاطري (مصر التي في خاطري). ولا أملك إلا أن أدعو لها بأن يحفظها الله من كل سوء، وأن يسودها السلام، وأن يختار لها الله تعالى الخير الذي تستحق، حفظ الله مصر وشعبها. [email protected]

670

| 08 فبراير 2011

مناديل الأمنيات

يعيش فى هذا العالم أعداد لا يمكن تعدادها من البشر، اختلفت لغاتهم وحياتهم، تطور بعضهم ووصل الى قمة العلم والتكنولوجيا، وما زال بعض آخر يعيش طرقا غريبة فى الحياة تقترب من البدائية، يسكنون على أرض كوكب واحد، أغنياء وفقراء، يشتركون كلهم فى مقدرتهم على بعث الأمنيات والآمال التى قد تكون أحيانا هى سبب وجودهم وحياتهم بأكملها. وعلى مدى سنوات تعرفت فيها على الكثير من الناس من ثقافات متعددة، ورأيت فيها الكثير من البلاد وما كان يثير استغرابى أن الجميع له أمنية، أحيانا تكون كبيرة كالمستحيل، وفى أحيان أخرى أراها صغيرة سهلة المنال، ولكن يظل هناك من يتمناها بقوة، مثلما عجبت يوما لمن قرأت عنها بأن أقصى أمنياتها فى الحياة كانت رؤية شلالات لا تبعد عن بيتها سوى بضعة كيلو مترات، وما يدعو للأسف حقا أنها توفيت قبل أن تحقق هذة الأمنية!! ومنذ فترة شدنى أحد البرامج التلفزيونية الذى يلقى الضوء على بعض معالم جمهورية داغستان فى روسيا، ومن ضمن ما شاهدته أنه يوجد فى أعالى جبال داغستان كهوف كثيرة يعتبرونها كهوفا مقدسة، فيقيمون فيها بعض الصلوات والطقوس الدينية الخاصة، أما أكثر هذه الكهوف المنتشرة لديهم هو كهف كبير، تتفرع أمامه شجرة كبيرة تسمى شجرة الأمنيات، ويأتى لزيارة هذا الكهف خاصة الكثير من الناس لأداء بعض الصلوات جالبين معهم مناديلهم الخاصة، فيكتب كل زائر أمنيته فى منديله، ثم يقوم بربطه فى أحد فروع هذه الشجرة اعتقادا منهم بأن لها من البركة والخير ما يحقق لهم الأمنيات. وقد كانت أفرع الشجرة مثقلة بالمناديل المربوطة المعلقة بأمنيات وآمال صغيرة وكبيرة. ونحن البشر حقيقة لا نملك أحيانا الا الأمنيات التى قد تتحقق، وقد تعصف بها الريح لتذهب بها بعيدا مثلما يحدث بالتأكيد لكثير من مناديل الأمنيات المعلقة بتلك الشجرة. ومما هو جدير بالتفكر هو لجوء كثير من الشعوب مع اختلاف ثقافاتهم على ايجاد مكان للتمني، كبحيرة أو جسر أو نافورة للأمنيات، وكأنهم يريدون أن يجعلوا الأمل حيا دائما فى القلوب، وان التمنى أيضا هو نوع من السعادة، فالانسان حينما يضع أمنيته يمضى سعيدا كأنه يكاد أن يحصل عليها وتتراءى أمامه وكأنها سهلة المنال. وقد يكون الشيء الوحيد الذى يستطيع أن يتجدد مع اشراقة كل صباح فى الحياة هو انبعاث الأمانى والآمال الجديدة، التى وان خاب الكثير منها، الا أنها تملك خلايا التجديد لتجعلنا نعود ونأمل من جديد دونما كلل او سأم، ونستطيع معها أن نشعر بقوة الأمل لأنها من تعدنا كل يوم بغد أفضل، ومن تعيننا على مواجهة مصاعب الحياة. أما ما يجب ألا ننساه ونغفله، اننا لو فتشنا فى التاريخ الشخصى لانجازات حياتنا الكبيرة، نجد أنها قد تكون بدأت بحلم وأمنية صغيرة صباح يوم ما. فكل ما علينا هو ألا نكف عن الأمل والتمني، وأن نعقد معه صداقة متينة، أفضل ما فيها أنها صداقة لا تنهيها الصدمات والخيبات، بل هى من تدب فيها القوة فتتوثق دائما لتجعل الحياة أجمل، والسعادة أقرب. [email protected]

963

| 01 فبراير 2011

alsharq
TOT... السلعة الرائجة

كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...

5328

| 06 أكتوبر 2025

alsharq
استيراد المعرفة المعلبة... ضبط البوصلة المحلية على عاتق من؟

في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...

4368

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
الإقامة الدائمة: مفتاح قطر لتحقيق نمو مستدام

تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...

3963

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
الذاكرة الرقمية القطرية.. بين الأرشفة والذكاء الاصطناعي

في زمن تتسابق فيه الأمم على رقمنة ذاكرتها...

1716

| 07 أكتوبر 2025

alsharq
بكم نكون.. ولا نكون إلا بكم

لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة...

1284

| 08 أكتوبر 2025

1131

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
حماس ونتنياهو.. معركة الفِخاخ

في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...

1017

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
الوضع ما يطمن

لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...

900

| 03 أكتوبر 2025

alsharq
تعلّم كيف تقول لا دون أن تفقد نفسك

كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...

777

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
هل قوانين العمل الخاصة بالقطريين في القطاعين العام والخاص متوافقة؟

التوطين بحاجة لمراجعة القوانين في القطــــاع الخـــــاص.. هل...

774

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
لا يستحق منك دقيقة واحدة

المحاولات التي تتكرر؛ بحثا عن نتيجة مُرضية تُسعد...

729

| 07 أكتوبر 2025

alsharq
بين دفء الاجتماع ووحشة الوحدة

الإنسان لم يُخلق ليعيش وحيداً. فمنذ فجر التاريخ،...

720

| 06 أكتوبر 2025

أخبار محلية