رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

لولوة الكواري

لولوة الكواري

مساحة إعلانية

مقالات

503

لولوة الكواري

لغة الإنسانية

19 أبريل 2011 , 12:00ص

نحن البشر الذين نعيش على هذه الكرة الأرضية العظيمة نختلف في ألواننا وأشكالنا ودياناتنا ولغاتنا، لكننا نشترك جميعاً في لغة واحدة هي لغة الحس والإنسانية، وهي طبيعتنا التي فطرنا الله عليها، والقاعدة التي تسير بها أمورنا وترتكز عليها حياتنا وإن كان لكل قاعدة شواذ.

ولاشك أن الرحمة والعطف على الضعيف هو جزء من أساس تلك الإنسانية، فمارأيت أسوأ من أساليب تعامل البعض مع من يقومون بخدمتهم من الخدم، وطالما كرهت كثيراً من المشاهد التي أراها أمامي في بعض البيوت، وفي الأماكن العامة أيضا، للسيدة التي ترافقها خادمتها بالملابس المخصصة للعمل في المنزل وتتبعها بكل إنكسار وخجل، وغيرها ممن ترفع صوتها على الخادمة وتحقر منها أمام الناس، وغيرها ممن تحملها مالا طاقة لها به من حمولات، ولكن ماجعلني أعود لأذكر البعض في إعادة النظر في أسلوب تعاملهم مع هؤلاء الخدم، هي القصة التي روتها لي صديقتي المقربة والتي رأتها أمامها وهي مذهولة، مثلما ذهلت أنا أيضاً بأن هناك من البشر من يتجرأ لأن يصل إلى هذا الحد من إمتهان كرامة الخادمة.

ففي مكة المكرمة وأطهر بقعة في الأرض، كانت هناك خادمة ترافق عائلة عربية مكونة من زوج يطلق لحيته تديناً وزوجة وطفلين، كانوا يقيمون بغرفة في أحد الفنادق الفاخرة القريبة جداً من المسجد الحرام، بينما كانت خادمتهم المسكينة تسكن في الممر أمام باب غرفتهم، وتنام على ماجادوا لها به من لحاف خفيف ووسادة! وليس في ذلك مبالغة أبداً، وقد كانت صديقتي وغيرها ممن في الغرف القريبة هم من يجودون عليها ببعض الطعام في ذهابهم ومجيئهم في ممر الفندق بين الغرف وهي ممددة طوال الليل والنهار قابعة أمام باب الغرفة، ومع إستنكار من يسكنون الغرف القريبة، وإستياء أحد النزلاء بشدة من هذا المنظر المشين، ذهب لإبلاغ إدارة الفندق عما يشاهده الجميع، وماهي إلا ساعات حتى ترك الرجل وعائلته الفندق إلى مكان آخر يستطيع أن يمارس فيه سلطته الظالمة.

وما أود تأكيده أننا نفهم جيدا أن هذا الرجل ليس مثالا أبدا لأولئك الذين تبدو عليهم علامات التدين واضحة من الرجال والنساء على حد سواء، والتي تفرض على الغير تقديرهم وإحترامهم، لكننا دائماً نلتمس الصدق خاصةً في البعض ممن تبدو عليه علامات التدين، والتي يجب أن تنم أيضا عن سلوكه أمام الله والناس، وإنسانيته وتخلقه بأخلاق الدين الكريمة، ولكن للأسف هناك من الناس من ينسى بأن الدين المعاملة وأن أبسط من يمكن أن نتقي الله في معاملتهم هم الخدم الذين أصبحوا جزءاً من ضروريات حياتنا وبيوتنا وهم الأضعف الأحق والأقرب لأن نخاف الله فيهم.

ليس هناك الكثير ليقال، ففي النهاية إنسانية الإنسان هي من تقول كلمتها.

[email protected]

مساحة إعلانية