رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كان الإزدحام شديدا بشارع أكسفورد الشهير بلندن مما جعله يعج بالحياة، عندما قررت أن أستمتع بالمشي فيه، خاصة مع وجود الأنوار والزينات التي امتدت على طول الشارع استعدادا لأعياد العام الجديد.كان أكثر ما لفت نظري هو إزدحام الوجوه فيه من كل شكل ولون، كل وجه لو تمعنا فيه لوجدناه يعبر عما بداخله، هناك الوجه الباسم والضاحك، المتعب والمتهور والهادئ وأصناف لا تعد من أشكال للتعابير، وكأنهم لوحة فنية اسمها وجوه، بريشة فنان تائه في الزحام.الوجوه كم تأخذك إلى عوالم، وكم لها من أثر فينا، الوجوه كالقلوب تماما قد تحتضنك بود، وقد ترفضك بقوة، وكالأفواه التي قد تحتويك بكلمات الحب، وقد تمطرك بوابل من اللوم والتوبيخ لا تعرف له سببا.أحب أن أرى تعابير وجوه الناس، ربما لأنني ممن يشعر بأن هناك وجوها تشع بالمحبة والطيبة يروق لي أن أراها، فهناك وجوه لا تغيرها تقلبات الحياة حلوها ومرها، تراها دائما تبدو في حاة إيجابية تأخذك بطيبتها وأصالتها، وهناك من الوجوه من يحركها ترمومتر الحياة بشدة، وتراها تتقلب في مزاجيتها قد تضحك في وجهك يوما، وقد تعبس بلا سبب في يوم آخر. وهناك وجوه تغيرها المادة بشدة، كوجوه كثيرة مرت في حياتي، تغيرت كثيرا بمجرد أن ارتفع مؤشر بعض الشركات في سوق الأسهم. ما أثار هذا الموضوع في بالي اننا قبل سنوات فقط، كنا عندما نتصادف مع بعض الأصدقاء أو الأهل أو الجيران من خلال السفر، في أحد المحال الشهيرة بالعاصمة لندن أو بعض أسواقها المعروفة لدينا نحن العرب، يأخذنا الوقت ونحن نتبادل الأحاديث السريعة والضحكات وكلمات المحبة والشوق لأن نجتمع، وكل منا يحدث الآخر عن الأفضل الذي وجده في جولة تسوقه، وعن قائمة مشترياته التي لا تعتبر سرا، مع بعض النصائح من القلب.وقد اختلفت بعض الوجوه الآن بسبب حفنة من المال، جعلت عيونهم ثقيلة جدا من أن تنظر لقريب أو جار أو صديق، وجعلت ألسنتهم أثقل من أن تنطق بكلمة السلام، وجعلت شفاههم تشح بابتسامة لا تريد من ورائها صدقة.رأيت بعض الوجوه التي تعرف من أمامها جيدا، ولكن ليس لديها من الوقت كي تبتسم أو تلقي السلام ففضلت أن تحول من أمامها في لحظة إلى نكرة. ما يشعرني بالأسف أنني رأيت البعض ممن أصابهم هذا الداء،وقد لا يمكن أن نغير شيئا بمجرد كلمات نشعر فيها بالأسف على هوان الود، لأننا لا نستطيع مهما حاولنا أن نحكم نفوس وأطباع البشر، لكنه هو التحسر على بعض العلاقات الجميلة التي تحولها المادة إلى جماد، آملة أن تظل وجوه من أحبهم باسمة دائما، تستقبل إشارات الحب والطيبة من القلب، وترسمها وجها حبيبا قريبا لكل القلوب..
2430
| 28 نوفمبر 2013
اقتربت من النافذة فوجدت الثلج قد غطى الشوارع والسيارات، وكسا اللون القطني الأبيض كل المساحات، في يوم شديد البرودة من أيامي في العاصمة لندن. فقررت أنا وقريبتي أن نذهب إلى محل (fortnum and mason ) الانجليزي العريق، الذي يشتهر بالغرف الراقية المخصصة كمقاهٍ لتقديم شاي الظهيرة بطريقة انجليزية كلاسيكية لا تخلو من فنٍ في اسلوب التقديم، ولأنني أعشق الشاي واستمتع بلحظاته دخلنا أنا وقريبتي وانتظرنا في طابور لكي نحصل على طاولة في المكان الذي كان مزدحماً في يوم من أيام الأحد. أوصلتنا النادلة إلى الطاولة، وما أن اخترنا نوع الشاي الذي نفضله وأخذتنا الأحاديث في أمور الحياة حتى انتبهتُ إلى سيدة تتحدث مع النادلة وتتحرك بسرعه، وترجو من النادلة أن تجلب لها الشاي بسرعة، لأنها لا تستطيع الانتظار، فقد قدمت إلى المحل كي لا تفوت على نفسها متعة شرب الشاي في هذا المكان العريق، قالت كل ذلك وهي لم تجلس بعد، أمعنت النظر إلينا ثم قامت بخلع معطفها الثقيل وجلست بقربي في طاولة ملاصقة لطاولتنا، وبسرعة لافتة للنظر أخرجت ورقة بيضاء ومجموعة من الأقلام الملونة كتلك التي يستخدمها الأطفال، وأخذت ترسم في قلوبٍ وورد وتقوم بتلوينها، وللحق فقد شعرت بالخوف من هذه السيدة التي كانت تقوم بمهمتها في التلوين بهمة وتنظر إلينا، أما قريبتي فقالت إنها ربما كان فيها شيءٌ من الجنون، ولم نعد نعرف أنا وقريبتي كيف نعود لنسترسل أحاديثنا فقد شغلتنا هذه المرأة بتحركاتها مما جعلني أبتعد بالكرسي قليلاً عنها، وفي الوقت نفسه كنت أرى بوضوح ما تفعله من رسوم كرسومٍ للأطفال، ثم أخذت تكتب رسالة طويلة بعد أن انتهت من تلوينها، وفجأه التفتت إلينا وسألتنا من أين أتينا، وأشارت إلى رأسي وقالت لي: "أنتم المسلمين تضعون هذا، هلاّ قلت لي ما اسمه؟".. وللحق أيضاً رددت عليها وأنا خائفة منها بأنه حجاب، ثم تحدثت عن نفسها وقالت إنها أتت من الدنمارك خاصة كي تفاجأ جدتها في يوم ميلادها لأنها بلغت السادسة والسبعين، وأنها في عجلة من أمرها لأنها تريد أن توصل لها الرسالة لكي تعبر لها عن حبها وامتنانها وأنها جاءت خصيصاً من أجلها. فشعرت بشيء من الراحة الكبيرة نحوها، وأحسست بالخجل من نفسي بأن ظننت في لحظة بأنها غير سوية، بينما هي تقوم بشيء قليل يبعث فرحاً كبيراً. تذكرت كم منا نسي أن يبعث الفرح في قلب من ينتظره. تذكرت كم من أناس رحلوا عنا، نسينا أن نقول لهم كلمةً نعبر فيها عن مشاعرنا وبأننا نحبهم كثيراً ونشكرهم على مافعلوه من أجلنا.. وما أعطوه لنا من حب وحنان. تذكرت كم منا قد نسي زيارة قريب أو مريض لم يعد يحتاج في هذه الدنيا إلا للحظات فرح حقيقية، نسينا أن نهديها له في وصل أو زيارة، وأن نرسم له لوحة حب ملونة نترجمها كلمات واهتماماً ورعاية قد لا تأخذ إلا الفتات من وقتنا. تعلمنا الحياة كثيراً ولكننا..هل نتعلم؟
1234
| 07 مايو 2013
تقابلت صدفة بإحدى الصديقات القدامى في شارع اوكسفورد بلندن، تبادلنا التحية وبعض الأحاديث السريعة، وقالت انها تقضي كامل وقتها في لندن في جولات التسوق رغم أن أبناءها يلحون عليها بأخذهم إلى متاحف لندن الشهيرة، ولكنها لا تحبذ الذهاب لان البعض من أقاربها لا ينصحها بذلك، فليس هناك من متعة تذكر في رأيهم!! وأتذكر أنني قرأت في إحدى المرات نصيحة لأحد كبار الكتاب العرب، حين قال ان الإنسان يجب أن لايتبنى رؤية أي إنسان آخر، وألا نعتمد على أقاويل البعض، لأنه عندما ذهب إلى باريس في إحدى السنوات نصحه أحدهم بألا يفكر بزيارة أي من المتاحف فلن يجني منها إلا التعب الشديد وتورم القدمين، لكنه أصر أن يزور تلك المتاحف وخاصة ذلك المتحف الصغير، والذي هو في الواقع كان منزلاً للكاتب الفرنسي الشهير فيكتور هوجو، وقام بوصفه بطريقة ورؤية أخرى تماماً، وأنه كان سيلوم نفسه كثيراً لو فاته أن يزور هذا المتحف. وهذا ماحدث عندما كنت في زيارة إلى العاصمة الروسية موسكو، وكان من أهم أسباب تشجيعي على تلك الزيارة بعض القنوات الروسية التي تبث باللغة العربية، وتسلط الضوء على مدنها ومتاحفها، كما لفتت نظري إلى عظمة التاريخ الروسي، خاصة وأنني قد قرأت سابقا بعض القصص من الأدب الروسي، وقد تلقيت كثيرا من النصائح أيضاً من البعض الذين لايعرفون شيئاً عن روسيا، ولم يسبق لهم زيارتها، حيث قاموا بتحذيري من نسبة الأمان في العاصمة!! ورأيهم بأنه ليس هناك الكثير لنراه سوى ذلك المبنى الضخم ذي البصلات في الساحة الحمراء، وتلك المباني المسورة الشهيرة بالكرملين. لكن دائماً للتجربة وقع آخر وطعم آخر ولون آخر، وكانت هناك الرؤية الجديدة للشعور بالأمن، وبساطة التعامل مع الإنسان الروسي في تلك المدينة الواسعة الغامضة، التي تنطق الكثير من مبانيها وشواعها الواسعة بالفن متعدد الثقافات، الذي يضيف للزائر ثقافة جديدة لم تسبق له. ويمكن أن أقول ان من أهم الأشياء التي كنت سأندم كثيراً لو لم أرها في هذه العاصمة هو متحف التاج الإمبراطوري الذي امتد منذ مايقارب عام 1400م، وتذكرت ماقاله ذلك الكاتب عما يصاحب المتاحف من تورم القدمين، الذي شعرت به عند زيارة هذا المتحف الذي قطعت حدائقه الواسعة المؤدية إليه، هذا غير السلالم التي تعادل خمس أو ست طوابق أو ربما أكثر، حيث الشعور الكبير بالتعب، لكن كل ذلك كانت لحظات تنسى عند لحظة الانبهار، يمكن أحياناً للقلم أن يعجز أن يصف الجمال والإبداع والذوق والعجب، وإن الإنسان قبل كل تلك السنوات كان قادراً أن يصنع مثل ذلك الإبداع الذي يعتبر ثروة إنسانية من صنع اليد لاتصنعها إلا الآلة اليوم. كم هو جميل أن تتاح لنا فرصة أن نرى بعض أوجه الجمال الكثيرة في هذه الحياة التي تسحرنا وتبهرنا وتجعلنا نشعر أننا أضفنا لأرواحنا ثراء من نوع آخر يستحق أن نتعب من أجله. جميل أن نرى الأمس الذي لم نره ولم نكن نتخيله، دعوة لأن لا نتردد أن نثري أنفسنا بعراقة التاريخ وثقافة الشعوب.
746
| 30 أبريل 2013
من أكثر ما يثير الاستغراب في هذه الحياة هو تأثير الكلمة على البشر، وكيف أن كلمة واحدة يمكن أن تصدر من إنسان ما قد تغير مسار حياة، وقد تحول الإنسان إلى عالم أو فنان، أو حتى هي من قد تضعه في طريق الهاوية والإجرام. وبلا شك تستطيع الكلمة أن ترفع الإنسان إلى أعلى المراتب، وتستطيع أيضاً أن تهوي به إلى القاع. أتذكر أنني قرأت يوماً عن أحد الشباب، الذي انتهى به الأمر للوقوف خلف قضبان السجن أكثر من مرة، بعد مجموعة من المخالفات التي يعاقب عليها القانون، وبسجل حافل من القضايا في سنوات عمره التي لم تتجاوز العقد الثالث، وحين قام القائمون على السجن بإجراء البحث الاجتماعي لحالته، قال بعد سرد مجموعة من المواقف التي أثرت في حياته، إنه يحمل مسؤولية كل ماهو فيه من ضياع إلى والده، الذي كان لا يتوانى على أن يردد عليه منذ الصغر كلمة واحدة فقط وهي "الفاشل". فكان يرددها يومياً خلال كل سنوات طفولته وشبابه، إلى أن انتهى به الأمر إلى هذا المستقبل المأساوي. وقد تكون هذه الكلمة سوء تقدير من الأب، وهي دون شك بلا قصد من أب اعتقد بأنه سوف يحفز ابنه على النجاح عندما يردد له كلمة الفشل، لكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً، فأخذت هذه الكلمة تأثيرها السلبي الذي وصل به لهذا الأمر. فالكلمة تؤثر في النفس لا إرادياً، وأحياناً عندما يشعر الإنسان بضيق بعد مقابلة شخص ما ولا يعرف له أسباباً، فغالباً حين يسبر أغوار نفسه يجد أنه قد يكون من تأثير كلمة استقرت في داخله من تلك المقابلة، وأثرت فيه بشكل غير مباشر، وعلمياً تؤثر الكلمة على دماغ المتلقي ولا تزول بمرور الأيام. هناك من الناس من يجهل ماذا يمكن أن تفعل بنا الكلمة، ولا تأثيرها الذي قد يفعل ما لا يتوقعونه، لأنها حين تكون حادة تصبح كالسكين لديها القدرة أن تنغرز في الأعماق، وتجرح بقوة، وتتسبب في نزيف من المعاناة والكآبة، كما أنها قد تترك لنا بصمة داكنة في الذاكرة يصعب أن تزول بمرور الزمن، ولاشك أن الكلمة الطيبة لديها القدرة العظيمة في سعادة إنسان، وانتشاله من أصعب حالات اليأس. علينا إعادة النظر في كلماتنا، وأن نحاول أن ننتقي منها ما يعود علينا وعلى غيرنا بالحب والألفة والراحة النفسية. لننتبه إلى كلمة نطلقها غير آبهين تكسر أحدهم، وتضعضع كل قوة وهمة فيه. لننتبه إلى كلمة نطلقها كرصاصة طائشة، تستقر في قلب أحدهم فتقتل معها كل المشاعر الطيبة، وتنهي معها أعظم العلاقات.. وخير خاتمة لنا جميعاً، التي تعتبر منهج سلام وسعادة قوله تعالى: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن). "صدق الله العظيم"
42781
| 23 أبريل 2013
كانت صدمتي كبيرة حين بدأت صباحي قبل أمس بقراءة للخطوط العريضة في الصفحة الأولى بجريدة الراية، حين قرأت التصريح الذي جاء في أعلى الصفحة للسيدة نجاة العبدالله مديرة إدارة الضمان الاجتماعي، حيث صرحت بأن "راتب الضمان الاجتماعي يكفي". والحقيقة أنني قرأت الجملة أكثر من مرة ولم أستطع أن أستوعبها، التي تحمل الكثير من الجرأة، والتي جعلتني أتساءل إن كانت السيدة الفاضلة تعيش معنا في أرض الواقع وتشعر بما حولنا من تغيرات، أم أنها بصدد مجاملة ما قد تأخِرها قليلاً على كرسي الإدارة. نحن هنا في قطر أيتها السيدة الفاضلة وليس في أي بلد آخر، نحن في بلد الشفافية والوضوح، وبلد الخير، وبلد عدم تغييب الحقائق، نحن الشعب الذي عندما نطالب نُسمَع، وعندما نقول يؤخذ قولنا بعين الاعتبار، في البلد الذي لانخاف فيه من شيء ولا نخاف أن نقول كلمة حق، وأبسط كلمة حق تقال الآن إن (راتب الضمان الاجتماعي لا يكفي لحياة كريمة). وليس ماجاءت به السيدة الفاضلة جديداً حين قالت إن المنتفعين به يتلقون خدمات السكن والتعليم والصحة والكهرباء مجانية من الدولة، فهي وأنا وجميع مواطني الدولة من المنتفعين بذلك، وليس في ذلك من ميزة يختصون بها، ولا يخفى عليها بالتأكيد أن متسلمي أعلى الرواتب والجالسين في أعلى المناصب ينتفعون بالشيء نفسه، الفرق فقط هو أن هؤلاء من ترين في نظرك أن الراتب 2250 ريالاً يكفيهم، أسألكِ بالله هل أنت مقتنعة بما صرحتِ؟ ألم يصلك بعد أن راتب السائق قد وصل إلى 1200 ريال، وأن راتب الخادمة قد وصل إلى 1000 ريال؟، من المؤسف جداً أن أرى هذا التصريح في هذا الوقت بالذات، الذي انتفع فيه بخير بلادنا الجميع من الداخل والخارج، بينما استكثرتِ ذلك على أصل قطر وعلى من شهد الطفرة ورأى الخير العميم في هذه البلاد. أقسم بأن من يتسلم أعلى الرواتب ونحن جميعاً نرغب في المزيد، فلابأس للجميع من زيادة الخير، لكن هؤلاء المنتفعين براتب الضمان الاجتماعي أفضل منا جميعاً، فقد وصلوا لمرحلة الزهد ولا يطلبون إلا أن يعيشوا عيشة كريمة تغنيهم عن الآخرين، وهذا حقهم، فهم أمهات قطر وآباؤها وأبناؤها الأولون والمستحقون وهم أولى الناس بالزيادة. للأسف سيدتي الفاضلة، أنا مازلت أتساءل كيف استطعتِ أن تدلي بهذا التصريح الجائر، الذي لم ينصفهم أبداً، والدليل أنك غير مقتنعة به حقيقة حين صرحت بنفسك وقلت:.. فضلاً عن التمويل والمساعدات التي تأتي من جهات أخرى، بل وكشفت حقيقة استحقاقهم للمال من صندوق الزكاة، وهذا أكبر دليل على عدم كفاية الراتب الذي صرحت بأنه "يكفي". ولماذا وهم القطريون أهل الخير الأحق بالخير، وأنا متأكدة بل أجزم بأنه خلال 24 ساعة فقط من تصريحك هذا لو حدث أي إعلان عن زيادة رواتب هؤلاء المستحقين، لتغير رأيك كثيراً ولاستخرجت آلاف الأسباب التي تدعم أحقيتهم واستحقاقهم، فلماذا لم تبادري وتقولي كلمة الحق وأنتِ تعيشين معنا وتعلمين جيداً أننا نحن أصحاب الرواتب المجزية أصبحنا ننفق أغلبها في أساسيات الحياة. كنت أتمنى لو كنت على الأقل قد طالبت بزيادة، ماكان ذلك سوف يبخس من حقك شيئاً، وماكان من أحد سوف يمنعك من الكلام، ولكانت كتبت في تاريخك أنك كنت يوماً من المطالبين "وجزى الله خيراً كل من سعى يوماً لهذه الزيادة"، إن مايسعدني دائماً أنني على ثقة بأن من يتولى حكمنا وأمورنا لطالما كان حنوناً علينا ولم تخترق أذنه مثل هذه الكلمات بل يمضي قدماً، يسعدني دائماً أننا نعيش في عهد سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني القائد الوالد متولي أمورنا الأحن علينا، الذي طالما قرأ مثل هذه التصريحات في أشياء كثيرة سابقاً لكننا في النهاية نفوز بكرمه رغم كل ما يقولون، وتذكري سيدتي أنه ان دامت الكراسي فلن يدوم أصحابها، لكن كلمة الخير هي التي سوف نجرجرها معنا إلى أن نموت.
1279
| 17 أبريل 2013
في فترة سابقة من الفترات التي اضطررت فيها أن أقيم خارج وطني لعدة أشهر، كانت القنوات الفضائية التي بدأ ظهورها حديثا في تلك الفترة، هي الوسيلة الوحيدة لتمضية الوقت الطويل، الذي لايمكنني أن أقضيه في الخروج بالطبع، خاصة مع أجواء الشتاء الباردة في تلك السنة. وأذكر أنني تابعت الكثير من البرامج الثقافية والدينية والمسلسلات وبرامج الحوارات، وحتى بعض القنوات الأجنبية واكتشفت مع الوقت أنني أصبحت أجيد اللغة من استمرار متابعتي لها، فهي غير مترجمة وأنا أصر على أن أفهم الأحداث وأنتبه للكلمات، وشعرت بأنني تعلمت تعلماً إجباريا، أكثر مما تعلمته في سنوات الدراسة الجامعية، وأحياناً تكون موضوعات بعض البرامج مادة رائعة للنقاش والحوار وإبداء الرأي مع بعض الصديقات العربيات. ومن ذكرتني بتلك الفترة واستفزت قلمي لهذا الموضوع هي قريبتي التي كانت تتحدث بإعجاب عن أحد البرامج الثقافية الذي رأته بالصدفة والذي افتقدت نوعيته من البرامج منذ زمن، حين تعطل جهاز الطبق اللاقط في بيتها في الوقت الذي كانت تنتظر فيه متابعة أحداث مسلسل تركي، فقد كانت تتابع المسلسلات التركية جميعها تقريباً وتتفاعل مع أحداثها، وقد كانت قريبتي هذه من أكثر الحاضرات ثقافة حين نتداول بيننا موضوعا للنقاش في امور الحياة، وبعدما كانت تدلي لنا بالأخبار الساخنة، توقفت عن ذلك تماما، وبعد هذا الإدمان ما أن أنتبه إليها عندما تحكي قصة ما وأستمع لها بجدية، إلا وأكتشف أنها تتحدث عن جزئية من مسلسل تركي تتابعه. لكن تلك الليلة التي تعرض فيها الطبق اللاقط للقنوات للعطل وهي تنتظر بشغف أحداث أحد المسلسلات التركية الذي تتابعه، جعلتها تضطر بعصبية أن تلجأ إلى البحث في جهاز التحكم علها تجد أي قناة أخرى تخفف عن نفسها وحشة افتقادها لأحداث ذلك المسلسل التركي، فوجدت بأحد القنوات برنامجاً ثقافياً رائعاً يحكي عن ثقافة احدى القبائل التي تسكن أعالي جبال داغستان وكيف يعيش أهل تلك المنطقة وثقافتهم، وأخذها هذا البرنامج معه في روعته، وفجأة أحست وهي تقلب بعض القنوات الإخبارية بأنها غائبة عن كل مايحدث في العالم من أخبار، وان معلوماتها تحتاج إلى تحديث كي تعرف المستجدات التي تغيرت كثيراً على الساحة العالمية، وقالت بأسى: (أشعر بأنني أحتاج لمن ينقذني من الغرق في بحر المسلسلات التركية، فقد أصبحت مدمنة عليها وفي حالة تغييب للثقافة وبرامجها التي طالما أثرت فكري). وكان الأهم في مشكلة قريبتي هذه أنها تعي وتفهم حجم المشكلة التي تعيشها، ومن يضع يده على المشكلة يكون دائماً قد اقترب من الحل. وقد يرى البعض أن المسلسلات التركية الطويلة ماهي إلا حالة صحية اتجهت إليها بعض القنوات العربية، ولكن لو فكر البعض بأنها قد أصبحت أكثر مما يجب، وأطول مما يجب، وأن الإنسان لو بدأ بجمع الساعات التي قضاها في مشاهدة مسلسل تركي واحد لوجد أنه أضاع مئات الساعات في حكايات لاتنتهي وسلسلة من الأحداث والأفكار، فما إن تغلق حلقة حتى تبدأ حلقة أخرى. لست ضدها ولست مع إدمانها بالطبع، فمازلت ممن يؤمن بالاعتدال في كل شيء. أحب قريبتي وأتمنى أن تشفى من ذلك الإدمان وأن يشفى منه الكثيرون ممن أصيبوا به، وأن يعودوا ليضعوا إصبعهم على جهاز التحكم لاختيار قنوات أخرى فيها الكثير من المتعة والثقافة وتستحق المشاهدة، وليكونوا دائماً حاضرين معنا قريبين من الأحداث حولهم، حاضرين ورافضين أبداً غياب الثقافة.
3819
| 09 أبريل 2013
لا أعرف حقيقةً كيف أبدأ؟ فقد أصبحت أخجل من أن أكتب عما يحيط بنا كأيادي الأخطبوط؛ من فنٍ في وسائل الاتصالات خوفاً من أن أُنعت بالتخلف ورفضِ كل مواكبةٍ للتطور والاستفادة منه. لقد أصبحت أجهزة التواصل والتحدث كثيرة وكأن العالم كله قد أصبح في قبضة اليد، كل ذلك حدث سريعاً وجرفنا معه دون أن نفكر أحياناً إن كنا في حاجةً أو لا إلى ما نبحث عنه طوال اليوم في هواتفنا، وما يشغلنا عن العالم كله.. عندما كنت صغيرة في بداية المرحلة الابتدائية، وفي الصف الثالث بالتحديد اقتربت مني صديقتي وهي خائفة لتخبرني بسرٍ خطير، وهمست في إذني: ((أتصدقين أنه في المستقبل سيصنعون هواتف يستطيع الناس خلالها أن يروا بعضهم وهم يتحدثون في نفس الوقت))، ففتحت عيني على سعتها ببراءة واستغراب شديد، ورددت عليها همساً أيضا: ((عندئذ سيكون قد جاء يوم القيامة، وسوف نموت ويموت الناسُ جميعاً)). ومر الزمن سريعاً وأتت كل أنواع الهواتف، وطرق التواصل التي لا تخطر على بال، وقامت قيامة، ولكن من نوع آخر. وأنا شخصياً أقف احتراماً وإعجاباً لمن استطاع باختراعاته أن يختصر العالم بهذه الطريقة، ويجعله أصغر مما نتصور.. أرى الناس مشغولين جداً، لا تكاد تخلو أي يد من جهاز هاتف متطور، الذي غزا حياتنا ليقرب من يقرب، ويبعد بقوة من يبعد، اقتربنا كثيراً من بعضنا البعض، وقد يكون اقترابنا هذا أكثر من اللازم، فهذه الأجهزة التي صهرت المسافة بين من هم بعيدون عنا، استطاعت في نفس الوقت أن تبني مسافات بين من هم يعيشون تحت سقف واحد، ومن تجمعهم طاولة واحدة.. هواتفنا وسرعة تواصلنا أصبحت تقربنا بطريقة مخيفة، ولم يعد هناك وقت للتفكير أو الهدنة، فالردود سريعة وسيل الكلمات لا ينتهي. حدث أمامي شجار بين رجل وزوجته في أحد المطاعم حين ظل هادئاً لفترةٍ، بينما زوجته تبحث بنهم عن شيءٍ ما من خلال جهاز الأيفون، ثم رفع صوته بعصبية ليفلت أنظار من كانوا بالمطعم، حين قال لها: ((إلى متى سيستمر هذا الوضع؟)) فتمتمت بكلماتٍ وبدا على وجهها الاستياء، وبعد جدالٍ أخف وطأة، خرجا وقد بدت واضحةً عليهما ملامح الغضب. وبعد يومين التقيت إحدى الزميلات مصادفة، وتبادلنا بعض الأحاديث السريعة، فوجدتها تشتكي بضيق وأسى عن إدمان زوجها على استخدام هاتفه الأيفون، وإنه ليس معها أبداً، ولقد كانت تتحدث بجدية وانفعال وبدت لي تغالب دموعها. علاوة على ذلك كل قراراتنا أصبحت سريعة، وقد أصبح سيل الكلمات بين المتنازعين دون انقطاع، لسهولة وصول كل منهما للآخر، وفي اعتقادي أنه بقدر ما نحن نعيش الآن نعمة التواصل السريع، فإننا أصبحنا نعاني من أسلوب تعاملنا معها، فكانت الأجيال السابقة أكثر عقلانية في ردود أفعالهم بسبب طبيعة التواصل في ذلك الحين، فكان المتسرع في ردود أفعاله يقف في وقفة إجبارية لتعثر وسائل الاتصالات السريعة، تعينه على الهدوء وإعادة النظر قبل إصدار أي قرار أو حكم. تذكرت إحدى الزوجات التي كتبت عن نفسها، وعن مشاجرة بينها وبين زوجها اشتعلت في المنزل، وتواصلت بإرسال الرسائل الفورية بعدما خرج زوجها من المنزل غاضباً، وما هي إلا ساعات من تلك الحرب المكتوبة حتى انتهت بإصرارها على الطلاق، وبإرسال رسالة منه يخبرها فيها بأنها "طالق". نحن الآن في حاجة لأن نهدأ ولأن نفكر قليلاً، ولنكن أكثر حكمة من الآله، قبل أن نجعل أداة تفكر لنا وتسيرنا، لننتبه إلى تغريدة نكتبها بانفعال سريع نصنع منها مشكلة أكبر، أو إلى صورة نرسلها دون تفكير منا في العواقب، تشعل النار فتحرقنا معها، أو رسالة سريعة من قرار أسرع تقلب علينا كل الموازيين ونموت بعدها ندماً.. دعوة للهدوء، ووضع أجهزتنا جانباً، فهناك لحظات في الحياة تستحق أن نعيش تفاصيلها، وهناك أشياء لا تستحق أن نسمح لها بأن تعكر صفو سعادتنا.. وقبل أي شيء علينا أن نحترم عقولنا، ونسمح لها بأن تبدع أفكارنا..
644
| 02 أبريل 2013
في كل يومٍ تأتينا دراسات وتتعدد، فما أن نفتح صفحات مجلة أو جريدة حتى نجد من يتخذ الحب وأهميته موضوعا لدراسته، فهناك التي تأتي بنتيجة دراسة تؤكد، وغيرها من يأتي بنتائج تنفي، فمنها ما تخرج لنا أن الحب ما هو إلا وهم يعيشه الإنسان، ويضيع الكثير من الفرص والوقت في البحث عنه، وإنه من قد يُغيّب الإنسان عن واقعه، وتأتي نتائج أخرى تؤكد أن الحب من الأمور الهامشية في الحياه وغيرها يؤكد بضرورته. لكن الحقيقة أن كل تلك الأبحاث وتحليلها للحب لا يعنيني بقدر أن أقول بأن الحب ضرورة في حياتنا نحتاجه احتياج الهواء والماء، إنه القوة التي تدفعنا للحياه والفرح وللإنجاز، ومهما قام البعض بتحجيم دوره إلا أنني لا أعترف إلا بوجوده الطاغي وباحتياجنا الماس له. فهناك من يأتي بنتائج أبحاث تخيب آمال أولئك الباحثين عن الحب ولكنها لا تستطيع أن تجعلهم يغيرون مسارهم وإرادتهم في البحث حتى عن الفتات منه، وحتى الفشل أحيانا في البحث عن الحب لايداويه إلا الحب ولا يبرأ إلا بالحب. هناك فئة من الناس رقيقة المشاعر، لكنهم يفتقرون إلى الحب لأسباب حياتية كثيرة، وهنا أتذكر ابن جيراننا في بيتنا القديم الذي ارتبط في ذاكرتي بحزنه والتصاقه الدائم بالحائط وبعد أن كبرت، أخبرتني أمي عن قصته حين انفصلت والدته عن والده، وارتبطت برجل آخر فظ غليظ، فكان يقسو عليه بينما كانت والدته تقف مكتوفة الأيدي، فكان يأكل ويبكي ويتأمل تحت ذلك الحائط الذي ربما كان يراه أحن كثيرا ممن يعيش معهم، وكبر وعاد ليبحث عن والده ولا شك أنه عاد يبحث عن شيء من حب، ولاشك أيضا إن افتقاده للحب كان سبب تعاسته وتعثره في حياته. إن الحقيقة البشرية تؤكد أننا نولد بالحب ونحب أن نحيا به، ونخاف أن نفطم منه، والباحثون عن الحب كثيرون في هذا العالم، ومن لايشعرون بهم إما أن يكونوا غارقين في الحب، أو قد فقدوا القدرة على الحب حين جففوا مشاعرهم كي لا يؤخذ عليهم بأنهم باحثون عنه. أعجبتني جملة جميلة في أحد الأفلام الأجنبية القديمة، حين قالت الأخت الكبرى الناضجة لشقيقتها الصغيرة التي كانت تتخبط في علاقة حب من طرف واحد، فقد كان من تحبه لا يهتم بها، بينما كان أحد شباب القرية يحبها كثيرا ويحاول أن يرتبط بها، حين قالت لها: (( عليكِ أن تتحكمي في عاطفتك، وأنت تفكري بعقلك كي يسعد قلبك، عليك أن تختاري من يقدم لكِ الحب بسخاء، كي لاتعودي تبحثي عن الحب عند من لا يقدمه)). ولا شك إن الباحثين عن الحب مرهفون وليسوا مذنبين فقلوبهم الشفافة لا تستطيع أن تحيا دونه،ولأن قلوبهم تبث الحب وتقدمه بسخاء فبأقل القليل منه يستشعرون عظمته. وطالما اعتقدت أن الحب ضرورة لإحياء كل شيء، فإن أحببنا من حولنا، وعملنا، وحياتنا استطعنا أن نقطع مسافات في السعادة. فالحب ضرورة لأنه طاقة، ورفض لتصحر القلوب، تترجمه قلوبنا إبداعا في حياتنا ونقاء في قلوبنا، وجمالا على وجوهنا يزيدنا إشراقا وقبولا. اغمر حياتك بالحب، ابحث عنه بكل قوة، إنه سر جمال الحياة...
4294
| 26 مارس 2013
في محل الورد الصغير الذي يقع أسفل البناية التي أسكنها في مدينة الضباب لندن، كانت الاستعدادات بكمية كبيرة من الورد الذي لم يتفتح بعد، وكتبت على جوانب المحل جملة تقول (هل استعددت لتقدم الورد في يوم الأم). قرأت الجملة ومشيت أكمل طريقي بإحساس الحزن الطاغي، بعد أن أصبح ورد يوم الأم في عيني فيضا من حزن، وبعد أن عاد لي يوم الأم حزينا بلا أم. وانسابت دموعي في لحظة حين تذكرت أن الورد في لندن خاصة يجعلني أكثر حزنا حين كانت آخر محطات العمر ومكان آخر لحظات لأنفاس أمي في الحياة. هنا في لندن عاد الربيع يا أمي، لكن رحيلك أعاد لي الشعور القاسي باليتم، وعجبا كيف لون حزني عليك كل ألوان الربيع بألوان قاتمة. مشيت في الطريق ولا أصدق أن قدميك قد مشتا في نفس هذا الطريق يوما، ليتني يا أمي أستطيع أن أقبل كل الأماكن التي وطأتها قدماك. هنا أحسست بأنني بعيدة وعادني شعور الغربة القاسي، لمجرد أن ابتعدت عن خزانتك التي اعتدت منذ رحلت أن أزورها من حين لآخر، اشتقت لأن أفتحها كعادتي وأقبل عباءتك، ألتف بها وأشم رائحة العطر العتيق، وأبكي كثيرا كل ما حبسته من عبرات داخلي. أتذكر عندما بكيتك عند رحيلك وكيف كانت كلمات العزاء تؤكد لي أن مرور الأيام كفيل بأن يداوي كل الجروح ويصاحبنا مع النسيان، لكن ثلاثة أعوام مرت على رحيلك عرفت فيها أن مرور الوقت والأيام، إنما ينفض فيني كل ذكرى، ويجعل تقديري لك أكبر، وحزني عليك أعظم. كبرت يا أمي وما زلت أتذكر كيف غمرتني بالحنان، أتذكر قصص الطفولة التي كنت تروينها لي كل ليلة، ما أعظم صبرك وأنا أطلب منك التكرار، فتكررينها بحب ولا تملين وكأنك تقصينها لي لأول مرة. كبرت يا أمي وما زلت أحتاج بقوة لأن أمسك بطرف عباءتك، وأمشي وراءك طوال اليوم كما كنت يوما، كي أشعر بالأمان. كبرت يا أمي وما زالت داخلي تلك الطفلة الصغيرة جدا التي تلهو قليلا باللعب ثم تلتفت لتطمئن على وجودك بقربها في مكان ما في البيت، ومع اني كبرت لكنني ما زلت كما كنت، فما أن تلهيني الحياة قليلا، حتى أعود لأتذكرك وأحترق شوقا لوجودك. لا أستطيع يا أمي أن أنسى أيامك الأخيرة في الحياة حين كنت أتمدد بجانبك على السرير الأبيض حين أمازحك وأطلب منك أن تغمريني بجرعات من حنانك، فتضحكين وتضمني يداك، ثم تفضحني دموعي الغزيرة حين احتضنك بقوة، فتسأليني الكف عن البكاء وتؤكدين لي بأنك ستكونين بخير، لكنني كنت أعلم ما لا تعلمين عن حقيقة مرضك، وأعلم أن أيامك في العمر معدودة، وأنني سأفقد دفء حنانك إلى الأبد. وبعد كل ما مر من وقت وأعوام تأكدت أن ليس هناك ألم في الدنيا يوازي آلام الفقد. حتى السماء يا أمي بدأت تمطر من غيمة سوداء، وكأنها تشاركني حزني على رحيلك، ولا أملك الآن سوى أن أفعل ما كنت تفعلين حين يهطل المطر، حين ترفعين يديك الغاليتين كي تغمرينا بالدعوات لنا من قلبك بحب خالص نقي هو أعظم حب في البشرية، أرفع يديي أنا الآن لأهديك أعظم الدعوات بالرحمة والمغفرة وجنات النعيم. ومن وحي حب أمي أهدي لكل الأمهات وردة حب وامتنان في يوم الأم، وأسأل الله لهن دوام الصحة والعمر المديد. وأسأل الله تعالى أن يرحم أمي وكل من غاب من أمهات المسلمين رحمة واسعة، وأن يسكنهن فسيح جناته.
6688
| 19 مارس 2013
نحن بنو البشر وقبل أن ننتمي لأي ملة أو وطن، نشترك فيما هو أعظم من كل شيء، وهي الإنسانية،التي إن وصلت لذروتها عند كل من يعيش على هذه الأرض فسوف نبقى نعيش في سلام وحب ورحمة، فما أروع أن تحرك إنسانية الإنسان كل حياته فيضمن سعادته وسعادة من حوله. هناك أشياء أفكر فيها دائما وتحدث معي خلال سفري إلى أماكن متعددة في هذا العالم خاصة حين أسافر للغرب خاصة، ولم أبح بها لاعتقادي دائما بأنها قد تكون مدعاة للضحك أوالسخرية،إلا أن حكاية (ماريا) قد اجبرتني للبوح بها على الملأ. ففي كل مرة أسافر فيها وعندما أرى أشخاصا وقد وصلوا إلى مرحلة الكهولة من رجال أو نساء وعندما أراهم يتنقلون في وسائل المواصلات المختلفة، أو يمشون بثقل وتعب في الشوارع، أجد نفسي لا شعوريا وأنا أطرح على نفسي الأسئلة، فعندما أرى مثلا سيدة طاعنة في السن لا تكاد تمشي وقد ارتدت ملابسها التي تتألف من مجموعة من القطع كالبنطال والقميص والمعطف والجورب والحذاء أتساءل: كيف استطاعت أن تلبس كل تلك الملابس وحدها؟ ومن قام بكيها وترتيبها؟ ثم أجدني أحدق في الحذاء، وأتساءل بأهم سؤال يحيرني دائما وهو: من يا ترى الذي ربط لها خيوط الحذاء؟ فأشعر بالضيق والكآبة رغما عني في كل مرة، ربما لأني أعرف أن الكثير من هؤلاء المسنين في الغرب يعيشون وحدهم في منازلهم، ولا أستطيع إلا أن تراودني هذه الأفكار حيال كل من أراهم وقد صلوا لذلك الضعف في ذروة خريف العمر. وما حدث مؤخرا أن أحد أقاربي من الطلاب روى لي قصة تجربته حين ذهب للسكن عند احدى العائلات الإنجليزية خارج العاصمة لندن للإقامة واكتساب اللغة، فكان يسكن عند سيدة تدعى (ماريا)، وهي تنحدر من سلالة إحدى العائلات الإنجليزية العريقة والغنية، أما زوجها فهو يشتغل كعامل في احدى المؤسسات، وقد خرج عنها أبناؤها حين كبروا، واختار كل منهم حياته الخاصة. وكانت ماريا تستمتع بعملها التطوعي الذي اختارته مع بعض السيدات كي يكون مسؤوليتها وعملها الأساسي حتى تنتهي حياتها، وهو أن تصحو كل يوم في الصباح الباكر وتذهب إلى مجموعة من المسنين الذين يسكنون الحي وليس لهم من يساعدهم، فتساعدهم في إفطارهم وتنظيف منازلهم، وترتيب ملابسهم في الخزانات، وبالطبع ربط خيوط أحذيتهم إن لزم الأمر خروجهم لقضاء احيتاجاتهم وحدهم. غمرتني السعادة وفرحت كثيرا حين عرفت قصة ماريا، أحببت إنسانيتها، أحببت ماريا كثيرا دون أن أعرفها أو أراها، فقد جعلتني أشعر بنوع من الأمان والسعادة حين أتذكر أن العالم ولابد مليء بأشباه (ماريا) ممن تفوق إنسانيتهم كل شيء، وممن يقدمون الحب والعطف دون مقابل فقط لأنهم يمتكلون قلوبا تملؤها الإنسانية وحب الخير. شكرا ماريا لأنك أجبت عن ذلك السؤال الذي طالما حيرني، فأخيرا عرفت من الذي ربط خيوط الحذاء..
1248
| 12 مارس 2013
الفراغ ممل، أعاني من فراغ قاتل... نردد أحيانا أشكالا من هذه الجمل ارتبطت بحياتنا، وهي ما تعني كل مرادفات الملل، ويراودنا شعور قاس بالضيق والضجر، ونعتبر الفراغ وقتا سيئا ليته لا يعود، فنحمله مسؤولية كل ما بنا من مشاعر سلبية. ولا شك أن الفراغ له أسبابه التي تتعدد بتعدد الظروف الحياتية لكل إنسان، لكنه في النهاية سبيل للتذمر لدى الجميع. فهل المشكلة الحقيقية تكمن في الفراغ نفسه، أم في التعامل معه؟ وما أعتقده أن كل ذلك ربما لأننا لا نفهم حقيقة معنى كلمة فراغ، أو أننا نجهل كيفية التعامل مع هذه اللحظات من الخواء في حياتنا بطريقة صحيحة، وقد نكون نحن من نخلق الفراغ والملل لأنفسنا أحيانا بسبب سوء فهمنا وتقديرنا، فحسن التعامل مع هذه المساحة الخالية في حياتنا قد يكون فيه سر سعادتنا. والذي قد نغفله حقا هو الأهمية الإيجابية لتلك اللحظات، فمع مرور الأيام والوقت أشعر بأننا نحتاج كثيرا لمساحة الفراغ التي كنا نتذمر منها ونكرهها، وإن تلك المساحة القصيرة هي أحيانا وقت ثمين وضرورة لا بد منها، والمطلوب منا أن نغير نظرتنا إلى الفراغ، لأننا إذا نظرنا له على أنه مشكلة فسيكون حقا مشكلة مستعصية، وسيزج بنا في متاهات ومشاكل حياتية لا تنتهي، لكننا إذا تعاملنا معه كزائر لطيف، تتغير هذه المشاعر السلبية نحوه، فتجعلنا بمرور الوقت ننظر إليه على انه نعمة وليس نقمة، ورفاهية لا تتحقق للبعض، يبتعد فيها الإنسان عن العمل وضغوطات الحياة، وقد نجد أحيانا أنفسنا وحقيقتنا ومتعتنا في هذه المساحة من الفراغ. وأذكر أنني قرأت كتابا لمصطفى محمود كان يقول في أحد موضوعاته: (إن نفوسنا المسكينة محاصرة بالواجبات والالتزامات، التزامات العائلة، والتزامات المدرسة، والتزامات الوظيفة، والتزامات الطبقة الاجتماعية التي ننتمي لها، والتزامات الصداقة والمجاملة، وفي وسط هذه المطاردات التي يطاردنا فيها الآخرون، نبحث لنا عن لحظة تكون ملكنا، نبث فيها مكنونات قلبنا وذات نفوسنا وأشواقنا. وأشعر أن اللحظة التي نحتاجها والتي يعنيها الكاتب، هي تلك المساحة الزمنية التي نطلق عليها الفراغ، والتي تصبح بمرور الوقت هي الواحة التي نحتاج أن نهدأ في ظلها قليلا، فكلنا بشر نحتاج أن نجلس مع أنفسنا، ونمنحها لحظات استرخاء خاصة تساوي لدينا الكثير، نملأها بما يسعدنا ويشدنا، سواء في استعادة ذكرى جميلة أو انطلاق للبحر، أو في مقهى وقهوة وجريدة، أو كتاب طالما أجلنا قراءته أو اشتقنا أن نعود إليه، أو في أحد البرامج التي يجد فيها الإنسان مادة تشده وتفتح صفحات نفسه، فيملأ بعده الفراغ الذي في داخله بما يستهويه، وتنفرج في نفسه بعدها طيات من الضيق. لقد أصبحت مساحة الفراغ في حياتنا تستحق منا أن نعتني بها عناية خاصة، وندع الفرصة لأنفسنا لأن نستمتع بها وننتظرها بشوق، ألا تستحق منا أنفسنا أن نمتعها قليلا بأوقات نجد فيها ذاتنا، وهويتنا، وذوقنا وإرادتنا، بعد أن خيم على حياتنا الكثير من جفاف المشاعر، وتشوشت رؤوسنا بالهموم والمشاغل، وأثقلت كاهلنا مسؤوليات الحياة. فلنجدد حياتنا بملء لحظات فراغ قصيرة، أو قد تكون طويلة فرضتها علينا ظروف الحياة، تجعلنا نقبل بعدها على الحياة أكثر.
2028
| 22 يناير 2013
أرى أن الكثير من الناس الآن يتجهون نحو التفكير بأسلوب إيجابي في التعامل مع أهدافهم الحياتية، خاصة مع كثرة الكتب والمحاضرات والدورات التي تتناول كيفية تعامل الإنسان مع أهدافه، والطرق والسبل للوصول إليها، والتي بلا شك كان لها أكبر الأثر في دفع الكثير من الناس حول التفكير بجدية للوصول لمبتغاهم. ولكن ما يغفله الكثيرون أن السبل التي يسلكونها للوصول إلى أهدافهم فيها الكثير مما لا ينتبهون إليه ولا يعيرونه اهتماما بينما هو جزء لا يتجزأ من حياتهم وأيامهم، بسبب نظرتهم الدائمة للأمام فقط. أعجبني أحد الكتاب العرب حين كتب عن نفسه بأنه يعترف بأنه كان مأخوذا بفكرة الجري وراء نيل أهدافه الحياتية وتحقيقها، وإنه بعد تحقيق الكثير منها يشعر أنه تغير كثيرا بعد أن تقدم به العمر، حين اكتشف أن الجري وراء الطموحات يتجدد ولا ينتهي، مما أدى به إلى خسارة الكثير من الأمور الحياتية الأخرى، ويقول بأنه كان يكرر في محاضراته ودوراته "إن السعادة رحلة نستمتع بتفاصيلها ونحن نسيرها، وليست وجهة نقصدها"، لكنه اكتشف أيضا بأنه فاقد لتطبيق هذه القاعدة في صعيد حياته الشخصية، وإن الزمان كان يسرق منه خفية سنوات هي الأجمل في عمر أولاده وهم يكبرون وتتشكل أحلامهم، ووجد نفسه يتشارك في بيت مع أفراد عدة هم أقرب الناس إليه ولا يعرف الكثير عنهم، ويقول أنه رغم كل نجاحاته،إلا أن كفة إخفاقاته هي التي ترجح، ويفخر بأنه الآن يسعى لحل مشاكله وإصلاح الكثير في حياته قبل فوات الأوان، وانه أدرك أنه كان مقصرا على الصعيد الأسري وها هو الآن يسعى لإصلاح ما يمكن إصلاحه.وخلال قراءتي لهذا الموضوع مرت أمامي صور كثيرة رأيتها في الواقع لأولئك الناس الذين يجرون وراء طموحاتهم، ولا ينظرون إلا للهدف،تذكرت السيدة التي ارتقت لأعلى المراتب العلمية تاركة وراءها منزلا قمة في الإهمال، وبينما هي تلقي المحاضرات والدورات التربوية هنا وهناك، بينما أبناؤها يسكنون الشارع وكمن تربيهم الطبيعة وتسقيهم.وغيرها ممن جرت وراء تحقيق أهدافها وطموحاتها، وبينما خططت وتذكرت كل السبل لتحقيق نجاحاتها، نسيت في خضم ذلك من يشاركها الحياة، ومن يعيش معها في بيت واحد، حتى انهال عليها خبر ارتباط شريكها بأخرى كالصفعة التي جعلتها تفيق من كل ما فيه وترى الحقيقة التي لم تعرها اهتماما ولم تلتفت لها حين كانت لا تنظر إلا للأمام.. ما فائدة أن نحقق ذاتنا على حساب أقرب وأحب الناس إلينا وهم الأجدر باهتمامنا، وما فائدة علمنا إن لم ننتفع به في تسيير حياتنا في مركب سعادة، وما فائدة أن نصل لأهدافنا الشخصية مخلفين وراءنا إخفاقات وآلاما لمن هم أقرب الناس إلينا ومن هم في حقيقة الأمر أهداف عظيمة تستحق أن نحافظ عليها. لنتذكر أننا مهما وصلنا من أهداف، ومهما بلغنا من نجاحات، ففي النهاية سوف نحتاج إليهم وسوف نعود إليهم.. أولئك الناس القريبون جدا حين نفرغ من كل شيء ولا نحتاج حينها إلا لوجودنا بقربهم، وشعورنا بحبهم وولائهم.
634
| 15 يناير 2013
مساحة إعلانية
خنجر في الخاصرة قد لا يبقيك مستقيما لكنه...
1392
| 15 سبتمبر 2025
مثّل الانتهاك الإسرائيلي للسيادة القطرية باستهداف قيادات حماس...
786
| 14 سبتمبر 2025
شهدت الدوحة مؤخراً حدثاً خطيراً تمثل في قيام...
732
| 14 سبتمبر 2025
ها هي القمة العربية الإسلامية تعقد في مدينة...
666
| 15 سبتمبر 2025
من يراقب المشهد السياسي اليوم يظن أنه أمام...
603
| 18 سبتمبر 2025
منذ تولي سعادة الدكتور علي بن سعيد بن...
585
| 18 سبتمبر 2025
في أغلب الأحيان تكون المصائب والنوائب لها نتائج...
570
| 15 سبتمبر 2025
لم يعرف الشرق الأوسط الاستقرار منذ مائة عام،...
567
| 15 سبتمبر 2025
حين ننظر إلى الدعم الغربي لذلك الكيان المحتل،...
555
| 14 سبتمبر 2025
الأحداث التي فُرضت علينا وإن رفضناها بعد الاعتداء...
525
| 16 سبتمبر 2025
في خضم هذا العالم المتصارع، حيث لا مكان...
495
| 14 سبتمبر 2025
منظومة دراسية منذ القرن الثامن عشر وما زالت...
480
| 18 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية