رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كثيرة هي الكلمات التي قد تمر على مسامعنا، أو تنطق بها ألسنتنا، تحمل الكثير من المعاني، التي قد لا نتفكر فيها أو نعي معناها، ولكن مع دورة الحياة تتضخم هذه الكلمات، وتظهر إلى سطح نفوسنا لتجبرنا أن نتفكر فيها. توقفت قليلا أتمعن في هذه الكلمة.. الصداقة.. ما هي؟ وما معناها؟ لطالما تذكرت موضوع الإنشاء الذي كتبته عنها وأنا على مقاعد الدراسة، وفي أولى عتبات الحياة، ومازلت أذكر عناصره التي كتبتها المدرسة على السبورة، الصداقة، معناها، وواجبك نحو الصديق. فكتبت آنذاك موضوعا يرى الصداقة بروح بكر، ورؤية بريئة صافية لم تعكرها مواقف الحياة. وما أن أخذتنا عجلات الحياة في حياة جامعية وعملية، وتعامل مع أنواع من البشر مختلفين حقا، حتى عدت أتفكر في معنى الصداقة من جديد، وأجدها أصعب من أن أفهمها، أو أجد لها تعريفا، وأتساءل عن مفهوم الناس لها، وأصبحت أبحث عنها وكأنني أبحث عن أحد النفائس النادرة. ومع مرور كل يوم أكتشف أنه من أصعب الأشياء في الحياة، أن تجد الصديق الحق، فحقيقة لقد أصبح الصديق الوفي اليوم من مدخرات الحياة. وقد يستطيع كل إنسان على مدى مراحل حياته أن يجمع حوله كثيرا من الصداقات التي لا تلبث أن تغربلها أحداث هذه الحياة، فلا يجد في النهاية إلا أصدقاء معدودين، وقد يكونون معدومين أيضا. فلا يجد نفسه إلا وقد أسقط كثيرا من الأسماء من حياته إلى غير رجعة، وبغير أسف. وقد لفت نظري يوما أحد البرامج التلفزيونية بإحدى القنوات العربية، فقد كان يبث حوارا لإحدى الشخصيات العامة، التي حدثت لها محنة كبيرة في حياتها، بعد أن تعرضت لحادث كاد أن يقضي عليها، وقضت عدة سنوات بعده في العلاج الذي استنفد كل أموالها، وعادت لتبدأ من الصفر. وفي سؤال طرح عليها عن أهم ما علمتها هذه المحنة قالت: (بعد كل ما حدث لي من ضعف وانهيار، وما شعرت به من حاجتي لمن يشاركني معنويا وليس ماديا، والذي افتقدته كثيرا من أناس اعتقدت يوما أنهم أصدقائي، ولم أجد منهم إلا الخذلان، أمسكت بهاتفي وظللت أمحو بعض الأشخاص من قائمة الأسماء، ففوجئت في النهاية بأنني أسقطت غالبيتهم ولم يتبق منهم إلا أسماء معدودة، وقد علمتني هذه المحنة من هم أصدقائي الحقيقيون). ويؤكد الأطباء النفسيون إن وجود الأصدقاء الحقيقيين في حياة أي إنسان، يجنبه كثيرا التعرض للأزمات النفسية أو الوقوع فريستها، وإن مَن يتمتع بوجود صديق وفي له يستطيع أن يثق به، هو مَن يتمتع بصحة نفسية أفضل. والآن ليتفكر كل منكم في معنى الصداقة وقيمتها بالنسبة إليه؟ وكم جمع من النفائس النادرة.؟ آملة أن يكون قد جمع منها حصيلة للعمر، الذي يحلو كثيرا بوجود مَن نشعر بالارتياح لشعورنا بأننا سنجدهم حولنا دائما، يستمعون لنا ويشاركوننا، وينتشلوننا كلما أوشكت أن تسقطنا إحدى عثرات الحياة. وآملة أيضا ألا يسقط كثير منهم إلى غير رجعة، وبغير أسف. [email protected]
1928
| 25 يناير 2011
قمة الألم والمأساة حين يصل الإنسان للدرجة التي يفقد فيها الحيلة من يده، فتظل خاوية إلا من أن يصفق كفا بكف ندما على ما فات. ما أصعب أن يجد الإنسان نفسه وقد انتهت به كل دروب الحياة التي عاشها ليصل إلى مرحلة إجبارية حيث لا يمكنه الإختيار سواها عندما تنقطع عنه كل خطوط العودة. و ما أصعب أن يتفانى الإنسان في زرع كل أراضيه، وحين يأتي أوان جني الثمار يجد الصقيع وقد أتى على كل حصاد العمر. لقد تألمت كثيرا وشعرت بغصة ثقيلة حين بكت إحدى السيدات التي تجاوز سنها الخامسة والخمسين بحرقة وألم وهي تشتكي زوجها الذي قضت معه سنوات عمر طويل كان هو فيه كل شيء في حياتها التي بدأتها معه طفلة لا تتجاوز السادسة عشرة، فعاشت معاناته وانكساراته وكل نجاحاته، واستندت به جدارا ظنته قويا، فقدمت له التنازلات وأفنت العمر في الحفاظ عليه، فغاصت فيه لأنها تريد أن تمنح نفسها الحياة الهانئة ولأنها لا تملك سوى أن تحبه وأن تكون معه، حين تركها وذهب ليبدأ حياة جديدة مع غيرها، لاغيا كل سنواته معها وراء ظهره، وحين جردها من كل ما وصل له معها، وذهب ليستمتع به لوحده مع أخرى، تاركها تستجدي منه بعض الفتات. فما أسوأ أن يمضي العمر ونكتشف أننا فقدنا أشياء لم يعد يسمح العمر باسترجاعها، حين تتسرب من أيدينا فنجد أنفسنا صفر اليدين مستسلمين لواقع مرير بلا حيلة، حين تكبر الشروخ في الجدار فلا يتبقى لنا في الحياة إلا أن نظل مستندين الى نفس الجدار العتيق المشروخ، إلا من محاولة ترميم تلك الشروخ بما تبقى لنا من حيلة ضعيفة نترقب خائفين من إنهيار من نحتمي به علينا. ومهما إختلفت وتعددت الظروف التي قد تصل بالإنسان لهذه المرحلة المؤلمة، إلا أن عليه أن يجنب نفسه بكل قوة من الوصول إلى هذه الدائرة المغلقة، فلا يستند أبدا إلى جدار من صنع غيره فيظل يجهل طريقة بنائه وأساسه ومتانته، بل عليه أن يصنع جداره بنفسه، فمن السهل أن يصهر الإنسان نفسه في غيره، لكنه من الصعب بعد ذلك أن يعود ينسلخ عنه. ومع سرد هذه السيدة لحكايتها المحزنة، وجدتني أقارن بينها وبين سيدة أخرى تشابهت ظروف حياتها بها، فقد إشتركتا معا في نفس القصة ونفس الآلام والمعاناة، لكنها اختلفت في النهاية فحينما وصلت تلك الأخرى لمرحلة الإحتماء بنفس الجدارالمشروخ كان لديها جدارها الخاص الذي بنته بنفسها وعادت رغم الآلام لتقف وتواجه الحياة بكل قوة وثقة، وتشق لنفسها طريقا جديدا من صنعها. لكن ما نقوله دائما إن الظروف وإن أوصلت أي إنسان لتلك النهاية والدرجة من اليأس، فلا بد وأن يقف متحديا باحثا بين الشروخ عن بصيص من أمل يعيش معه ويقويه لإيماننا بأنه "لا يأس مع الحياة ". ولا شك أننا اليوم في زمن ثورة العلم والثقافة المتاحة للجميع، يجب على كل إنسان فيه أن يبني لنفسه ومستقبله قاعدة ثابتة قوية يستطيع أن يقف عليها حين يحتاجها، فلا يقبل إلا بكل ما يحقق كيانه، فليس هناك من يأمن دورة الحياة، وإن كان يمتلك ثروة يعتقد بأنها لن تنضب فلا أمان ولا ضمان وكل شيء جائز. ويمكن القول إن سلاح العلم هو أفضل جدار يمكن أن يبنيه الإنسان لنفسه وينتفع به إن عاجلا أم آجلا، ويحقق به لحياته كل ما يأمله لغد أفضل. [email protected]
835
| 18 يناير 2011
من الأشياء التي أصبح الناس يعتادون عليها تقديم الهدايا في بعض المناسبات، وأحيانا بلا مناسبة، كما استحدث البعض مناسبات جديدة لتقديم الهدايا بأشكالها. فأصبحوا يتفننون في أسلوب تقديمها وفي شكلها الخارجي الذي يولونه في بعض الأحيان اهتماما وقيمة أكثر من الهدية نفسها. ولكل إنسان فلسفته الخاصة في موضوع الهدايا، فمنهم من يفضلها غالية، بل هي مقياس مكانته لدى من يقدمها له، ومنهم من لا تعني له أكثر من مجاملة أو واجب، وتدل على تقدير صاحبها مهما كان ثمنها، ومنهم من يفضلها معبرة لها دلالات خاصة هو من يفهمها. وعند أي مناسبة وبينما تنهال علينا الهدايا، منها ماهي مغلفة بالواجب، أوما هي مغلفة بالمجاملة، والتي في كل الأحوال تنال التقدير منا لمن قدمها ولأي سبب، تكون هناك هدية أخرى قد أخذت مكانها الخاص في القلب، وليس لأي هدية أخرى مهما كان ثمنها أن تأخذ مكانها فيه. والهدية الأخرى التي تحتل هذه المكانة لدينا قد تكون سعادتنا الحقيقية، مهما سبب لنا رؤيتها والاحتفاظ بها أحيانا من آلام، لأننا بين حين وآخر نجد أنفسنا وقد أخذنا الشوق لأن نلقي عليها النظرة التي تجعلنا حائرين لإدراجها تحت أي مبرر، أهي نظرة شوق وحنين لأصحابها، أم نظرة تقذف في روحنا الروح فتعيد لنا سعادة، أم أنها نظرة لأننا نحتاج أن نبكي قليلا، أم أنها النظرة التي تستعيد بها الذاكرة لحظات لا تنسى من الماضي، أم أنها نظرة نطمئن بها عليها، وبأنها مازالت في مكانها الآمن لم تمتد لها يد، وقد تكون النظرة التي نلقيها لكل تلك الأسباب جميعها. ومهما تعددت الأسباب إلا أنها الوحيدة التي لا تضاهيها كل هدايا العالم، وقد تكون تلك الهدية ما هي إلا ورقة مهترئة عليها بضع كلمات، أو وردة ذابلة احتضنتها أوراق كتاب، أو زجاجة عطر نحتفظ برائحة آخر قطرة منها حتى آخر العمر. ورغم كل ما أقتنيه من هدايا على اختلاف المناسبات، إلا أن الهدية الأخرى التي استأثرت بأعمق مكان في القلب هي عطر أبي الذي أهداه لي قبل رحيله بأسابيع قليلة، ورغم أنه أهداني نفس هذا العطر وهدايا أخرى كثيرة، إلا أن العطر الأخير هو من سحب البساط من كل تلك الهدايا، وأصبح مبعث حب وحزن وشوق وذكرى عطرة. وهناك الكثيرون أيضا ممن وراءهم هدية أخرى، منهم من كانت تحتفظ بخاتم جدتها الذي أهدته لها قبل وفاتها، وآخر احتفظ بأول ساعة قديمة متواضعة أهداها له والده عند تفوقه في المرحلة الابتدائية وحفظها مع كل ما امتلك بعدها من ساعات ثمينة عندما أصبح ذا مكانة عالية مرموقه. ودائما ما أتذكر السيدة التي قالت لي انها تحتفظ بمنديل ورقي كتب عليه زوجها الراحل لها كلمات رائعة أتبعها بتوقيعه الشخصي، وأنها تحفظه في خزانتها الحديدية التي تحتفظ فيها بأثمن ما تملكه من مجوهرات، وإن زيارة هذا المنديل الورقي بين فترة وأخرى وقراءة ما فيه هو أثمن ما تبقى لها في الحياة. فهل حقيقة أن الحياة والأحداث هي ما يعطي الهدايا القيمة الحقيقية، ويدرجها في خانات إبتداء من الخانات المفتوحة إلى المغلقة بأقوى الأقفال؟ فما تثبته لنا الأيام يقول ذلك، وإن الهدية الأخرى هي ما يرتبط لدينا بظروف خاصة، وإن مرور الزمن والأحداث هو ما يصنع الهدية الأخرى في حياتنا، فيجعلها بمرور الأيام تعني لنا الكثير. دعوة لزيارة هديتك الغالية، وإلقاء أي نوع من النظرات عليها، أو قد تكون كل أنواع النظرات. ومهما كانت تبعث على الشجن أو الألم، فقط.. كن سعيدا لأن لديك هدية أخرى تختلف عن كل الهدايا. [email protected]
2828
| 11 يناير 2011
أحيانا أتساءل عندما أقرأ أو أرى قصصا يمثل أبطالها التضحية، فيجسدون صورا نبيلة في العطاء، هل هؤلاء البشر الذين نراهم يسخرون أنفسهم لغيرهم، ويعطون الكثير في حياتهم من أجل غيرهم، قد اختاروا هذا الشيء بإرادتهم؟ أم أن هؤلاء الناس قد قدر لهم أن يكونوا - هكذا - مسيرين في طريق العطاء؟ والشيء المؤكد أن هذه التساؤلات لا بد أن أجد لها إجابة عندما أصادف في حياتي شخصية مثل شخصية (مؤمنة). إنها الفتاة التي وضعها القدر في طريقي، كي أعرفها، وأتعلم منها، وكي أجد لديها الإجابة عن تساؤلاتي. فلا شك أن هناك من البشر الذين قد نصادفهم في الحياة، لهم القدرة على التأثير في مشاعرنا، وهكذا كانت (مؤمنة)، الفتاة الآسيوية الشابة التي عرفتها في إحدى الدول الآسيوية، فقد كانت تقيم هي ووالدها المريض الذي يتلقى العلاج في هذه الدولة معنا بنفس الفندق، ومع انها لم تتجاوز الثامنة والعشرين من العمر، إلا ان وجهها المتعب وعينيها اللتين سكنت الهالات السوداء حولهما، كانت توحي بضعف سنها الحقيقية، وكانت دليلا كافيا على المعاناة، والمسؤولية الكبيرة التي تتحملها. ووجدت في (مؤمنة) شخصية جذابة قادرة على نشر الابتسامة، ومشاعر العطاء الإيجابية لكل من حولها، واستطاعت بسرعة أن تخلق بيني وبينها جسرا من الألفة والصداقة. وحكت لي عن نفسها وبأنها تخرجت من الجامعة في بلادها بتفوق، مما جعلها تحصل على وظيفة مرموقة بنفس الجامعة التي تخرجت منها، ثم تمت ترقيتها بسرعة كمديرة لأحد الأقسام الكبرى بالجامعة، لكنها اصطدمت بمرض والدها، الذي أصبح في حاجة معه لتلقي العلاج المتخصص في هذه المدينة بين فترة وأخرى. ولأن والدها أصبح في حاجة ماسة لرعايتها، كانت تقوم بتقديم طلباتها للإجازات المتكررة، وقد مرت عليها ست سنوات كاملة وهي تقف وراء والدها المريض. وقد تأثرت بكلمات (مؤمنة) عندما قالت: (في السنوات الست الماضية كنت أتخطى الكثير مما كان قد يقدم لي المستقبل الأفضل في رأي الكثيرين، فقد رفضت أكثر من شخص تقدم للزواج مني، كان أحدهم جزءا من أحلامي، لأنني عرفت بأنني لن أكون سعيدة أبدا ووالدي في حاجة لرعايتي، ولمرافقته في رحلات علاجه، وعندما اتصل بي رئيسي في العمل يناشدني العودة، كي لا أخسر فرصة للحصول على ترقية أخرى براتب أكبر، كان خيار الرفض هو الخيار الحاسم الذي لم أعطه فرصة التفكير. أشعر بأن مهمتي الحقيقية وسعادتي الآن هي ملازمة والدي، وعندما أشعر بحاجتي للبكاء أذهب إلى المقهى القريب لأبكي وحدي، ولم أبك أبدا لأنني آسفة على ما فاتني، ولكن لمشاعر الألم وتأثري بوالدي الذي أحبه كثيرا، أما ما فاتني فأنا على يقين بأن القدر لا بد أن يقدم لي ما هو أفضل منه). فلا شك أن من يقدمون العطاء بكل معانيه لغيرهم يمتلكون شخصية هي من تقرر هذا العطاء، وإن الحب الذي يغمر داخل بعض البشر هو المحرك الذي يتحكم في عطائهم. فالقلب الذي يستطيع أن يضخ الحب الحقيقي، هو من يستطيع أن يقدم تنازلاته عن كثير من فرص الحياة التي قد لا تعود مرة أخرى بكل رحابة صدر، ولا يعدها شيئا، والتي قد يقتنصها البعض دون تفكير. والذي قد يجهله البعض من الناس أن العطاء له لذة خاصة لدى من يقدمة، وإن القدرة على العطاء من المشاعر السامية التي ترتبط بصفات أخرى أسمى، وإن أولئك الذين يعطون من حياتهم أو يدمنون العطاء يتجردون من مشاعر الندم. ومن الأعماق أشكر (مؤمنة)، ليس لعطائها فحسب، ولكن لأن عطاءها أيضا استطاع أن يتغلغل في داخلي إعجابا، ترجمه قلمي على الورق، وإنساب كلمات في العطاء أهديها لقراء..( من الحياة). [email protected]
675
| 28 ديسمبر 2010
ما أكثر الأحداث والأشياء التي تمر بنا في هذه الحياة دون أن يكون لنا يد فيها، لكنها تحدث رغما عنا، أو قد نكون قد اخترناها بأيدينا وبكامل إرادتنا، ثم نجد أنفسنا بعدها وقد سقطنا في بئر من ندم. نأسف على أشياء كثيرة حدثت لنا، أو كنا نأمل أن تحدث، أدركناها أو فاتنا أن نحصل عليها. أمور كثيرة هي التي تكون في نهاية المطاف تشكل حياتنا كيفما كانت. كنت سابقا ممن يلازمهم التذمر الدائم على بعض الأمور التي فرحت لأنني اخترتها ثم لم أوفق فيها،أو أصابني الضيق وآلمني أنني أردتها ولم تحدث. فكانت دائما ما تلازمني بأسف كلمة (لماذا؟) أو كلمة (ليت). هاتان الكلمتان اللتان كانتا تزيدان ما بي من ألم وندم كلما بدأت ألقي باللوم على نفسي وأحاسبها. وقد أختلف اليوم ذلك كثيرا، فقد علمتني الحياة كلمة جديدة أضفتها إلى قاموس حياتي الخاص، حولت كل ذلك التذمر إلى قبول، وأعادت لي الشعور العظيم بالرضى والراحة النفسية. أما هذه الكلمة الجديدة التي تعلمتها فهي "لعله خير". وقد أثبتت كل تجاربي الشخصية أن أكثر الأشياء التي كرهتها في حياتي كان لي فيها الخير الكثير الذي اتضح فيما بعد، فأصبحت أستخدمها حتى مع من حولي من المتذمرين الساخطين، وأذكرهم دوما بأن كل ما حدث لهم.. "لعله خير". فالإنسان الذي يعيش هذه الحياة، لا يسلم من همومها وبلاءاتها وانكساراتها التي قد يكره الحياة بعدها ويفقد الأمل وينسى أن يتذكر قول الله تعالى "وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا". وقد صادفت يوما من بكت بكاء شديدا عندما اضطرت للزواج من الرجل الذي كانت تكرهه وفرضته عليها أسرتها، لأتفاجأ بعد سنوات بسعادة غامرة تطل من عينيها وبحياة رائعة تعيشها، وتعترف قائلة: إن من رفضته واختاره لي القدر، ما كنت لأصدق أنه كان سيجلب كل هذه السعادة والخير على حياتي. وإن الزوج الذي كرهته.. "لعله خير". وصادفت أيضا من حطمها طلاق زوجها لها دون مبرر بعد سنوات من الصبر على سوء أخلاقه آملة أن يتغير إلى الأفضل،ل أجدها بعد فترة وقد دبت فيها حياة جديدة وعادت لها صورتها المشرقة، لتبدي إصابتها بالدهشة وكيف أنها كانت تتحمل هذا الإنسان، وكيف أنها اعتقدت خاطئة أن الطلاق هو نهايتها، لتكتشف فيما بعد أنه بدايتها الحقيقية وعودة للحياة وشعور بمتعتها بروح جديدة أقوى وأصلب، وإن الطلاق الذي كرهته.."لعله خير". وكم من العلماء من ألف كتبه القيمة وهو في السجن، وكم من الناس من كانت محنته هي سبب إبداعه. وكذلك لكل من يقرأ هذه الكلمات،أرجو أن تضيف هذه الكلمة السحرية إلى حياتك وتجعلها سببا لسعادتك، فلعل الحادثة التي أصابتك، والزوجة التي لم تخترها، وحياتك بلا أبناء، والصدمات من الأحباب والأصدقاء، والمال الذي خسرته، والمرض الذي اصابك، واكتشاف خيانة أحدهم، والقطار الذي فاتك، والسيارة التي تحطمت، والألم الذي تعانيه، والطلاق الذي حدث، والزواج الذي لم يقدر لك، وكثير كثير مما تكرهه، كله ذلك كله.. "لعله خير". [email protected]
2613
| 21 ديسمبر 2010
ننتظر وننتظر، ونعيش ونحن نلاحق عقارب الساعة، وندور في اتجاهها الواحد، فيمضي العمر ويجرفنا معه، ونكتشف أننا نحيا على انتظارات لا تنتهي إلا بنهايتنا. فيأخذنا انتظارنا وعقارب الساعة التي قد تحنو علينا إلى سعادة نصبو إليها، وقد تغوص بنا عقاربها التي تدور بلا رحمة إلى أعماق الحزن البغيض، وتدور بنا وندور معها، فتبهت لحظات السعادة في الذاكرة، ويظل للحزن في داخلنا ظلام وحرقة، وهكذا قد ننتهي وينتهي انتظارنا، ولا ينتهي الانتظار ولا دوران عقارب الساعة. عندما أستعرضت صور البشر في هذه الحياة، وجدت أننا نحن البشر والانتظار نسير جنبا إلى جنب في مسار واحد، وإننا لا نستطيع مهما فعلنا وحاولنا أن نكف عن الانتظار، مهما كان ما بحياتنا من لحظات قد نسقط بآلامها في قاع اليأس، وقد نكره هذا الانتظار ونصرخ حرقة منه تارة، ونعود نعشقه ونهواه ونستعذب لحظاته تارة أخرى، وأن نكف عنه فهذه هي نهاية الحياة. منذ سنوات قرأت لقاء صحفيا مع سيدة كانت تروي قصة حياتها، وقد كانت تعمل في بلد عربي، واعتقد أن هذه السيدة قد اختصرت كل حياتها في كلمة واحدة وهي الانتظار، فقالت إنها جاءت تعمل في ذلك البلد خصيصا لأن زوجها الذي أحبته كثيرا، كان قد أتى منذ سنوات ليعمل فيه، وبعد شهور فقط انقطعت كل أخباره عنها، وتعثر الوصول إليه، ومع إنها تشك في وجوده على قيد الحياة، إلا إنها جاءت إلى نفس المدينة وبعد ما يقارب العشرين عاما، هي مازالت تعيش انتظارا ممزوجا بالأمل، حين تفتش كل يوم عنه بين وجوه الناس علها تجد له عن أثر، وعندما لا تجده تعود لتأمل أن تراه في الغد، وتنسج الآمال فتنتظر وتنتظر، وأخذتها الحياة، ومضت بها الأيام وهي تعيش سلسلة من الانتظارات التي لا تعرف لها نهاية. والحقيقة أننا مهما كرهنا الانتظار أحيانا، إلا أن الانتظار نفسه قد يكون سببا في سعادتنا، وقدرتنا على العيش والاستمرار، حينما يرتبط ويمتزج هو والأمل ويكونان معا قوة تدفعنا لنرى في الغد ضوءا وحياة. فلماذا لا نجبر الانتظار على أن يسير بسلام في حياتنا، فيجعلنا نحيا به عندما ننتظر أن نجني ثمار أشياء كثيرة هي مجموعة من طموحات وآمال تساوي حياة بأكملها، فإما أن يقودنا الانتظار لنحصل عليها ونسعد بها، وإما أن يكون هذا الانتظار هو من يقربنا من السعادة، ويغمرنا بالأمل مهما كان ما نصبو إليه بعيدا. ولمن ينتظر لقاء.. ولمن ينتظر شفاء.. ولمن ينتظر نجاحا.. ولمن ينتظر عودة.. ولمن ينتظر صباحا تتحقق فيه آمال كثيرة.. أقول.. لأننا لا نملك إلا الانتظار، لننتظر ولا نكف عن الانتظار، إنه أمل وحياة.. lkuwari@ hotmail.com
10372
| 14 ديسمبر 2010
يقال: إن الإنسان لا يعرف قيمة الشيء إلا عندما يفقده، وهذه حقيقة واقعة يتفق عليها جميع الناس.. تحدث في حياتهم بشكل مستمر، وينطبق هذا على الأشياء الصغيرة ابتداء من المنزل إلى الأشياء الكبيرة في الحياة، فنحن لا نعرف قيمة الكهرباء إلا إذا انقطعت، ولا قيمة السيارة إلا إذا تعطلت، ولا الإجازة إلا إذا انتهت، ولا نعرف قيمة الأعزاء إلا إذا فقدناهم. فكم من أشياء حولنا لا نعرف قيمتها إلا إذا بدأنا نبحث عنها، وقد نرميها بإرادتنا وعندما نعود نحتاجها نشعر بقيمتها ونندم على فقدها.. ومن أعظم الأمور التي شعرت بقيمتها عندما فقدتها هو العمل، وبما أنني كنت أؤمن بأن عمل المرأة يجب أن يكون لسنوات محددة فقط، تؤدي فيها واجبها نحو الوطن، تعطيه من جهدها وعلمها وتسهم بجزء من بنائه الحضاري، ثم تختار أن تعود للمنزل، وألا تفني زهرة شبابها في العمل، لتستمتع بحياتها وهي شابة كي لا تقضي عليها المشاكل الصحية الناتجة من الاستمرار في العمل واستهلاك كل سنوات العمر فيه. فقد سعيت سعيدة للحصول على البند المركزي، وشعرت بالفرحة تغمرني عندما أنهيت سنوات العمل وجلست في المنزل!! واختلطت السعادة بالندم رويداً رويدا، فتغيرت نظرتي وعرفت حينها قيمة العمل، الذي تبين لي أنه حياة وكيان بأكمله.. علم وثقافة، تجارب حقيقية يعيشها الإنسان ويستفيد منها، وخبرات يكتسبها نتيجة اختلاطه بمن حوله، قد تغير شخصيته تماما وتصقلها، كما أنه أحد النوافذ الواسعة على الحياة. ثم تحولت كل تلك الفرحة إلى بكاء يومي، وافتقاد شديد للعمل وصحبته، وأصبحت أستنفد كل راتبي في الخروج وشراء مالا أحتاجه، فقط لقتل الوقت والاستمتاع!! ومازلت أشعر بالملل والفراغ وعدم الرضا عن نفسي، لأنني مازلت قادرة على العطاء وفعل ما يحقق المنفعة ويرضي رغبة في داخلي، فاقترحت علي إحداهن فتح صالون للسيدات أو مقهى نسائي، ولكن هذا لا يتناسب وميولي واهتماماتي، ولست بارعة في التجارة، فلا أتخيل نفسي أنني أراجع كشفاً للحسابات التي لا أفقه منها شيئا، وقد يبرع فيها غيري ممن تتناسب وطموحاته وميوله. وعادت علاقتي برف الكتب الصغير الذي هجرته منذ زمن، عدت أقلب أوراقي ودفاتري القديمة وبعض كتاباتي وخواطري السابقة، ألملم شتاتها، أعيد صياغتها، وأكتبها برؤية جديدة. وشعرت بالحياة تدب فيَّ من جديد، ووجدت في الكتابة ضالتي التي كنت أبحث عنها، وعدت أشعر بالحنين ومتعة العودة للورقة والقلم، أكتب بنهم، تتزاحم الأفكار في رأسي ليل نهار، وأصبحت الساعات تمر كأنها ثوان، ووجدت نفسي.. نعم وجدت نفسي، وما أروع أن يجد الإنسان نفسه وكيانه في شيء يحبه ويهواه. ومما لاشك فيه أن الكثيرين رجالا ونساء بلا استثناء يعيشون معاناة وكآبة ما بعد العمل، ويفكرون في كيفية ملء الفراغ الذي خلفه غياب الوظيفة وما يصاحبها من متعة المشاركة مع الآخرين. لكن اكتشاف الإنسان لميوله وتنمية هواياته وصنع اهتمامات جديدة تخرجه عن الرتابة هو ما يحقق له جزءاً كبيراً من التوازن النفسي، فالإنسان يستطيع أن يبدع ويعطي طيلة حياته، فهذا لا يحتاج لوقت أو سن معين، ولكل إنسان جوانب إبداعية قد يكون لم يكتشفها بعد، فقط يقوي إرادة العطاء في نفسه، يستثمر وقته ويستغل خبراته السابقة، التي ستجعله حتما يختار الأصوب. إلى كل المتذمرين من العمل، مشاقه ومصاعبه: استمتعوا بكل دقيقة من وقتكم، فهذه أجمل سنوات العمر التي ستكتسبون منها أثرى الخبرات في الحياة. وإلى كل من يعيشون ملل ما بعد العمل: ستجدون حتماً ما يعيد لكم الحياة، فلا تغفلوا ما بكم من عطاء، وتجنبوا ما يخلفه الفراغ من مشاكل حياتية، اكتشفوا ما بأنفسكم من إبداع، ولا تدفنوا هواياتكم وطموحاتكم الجديدة التي أصبحت حرة دون ضغوط أو مسؤولية، فهي ما ستملأ حياتكم بالأمل والسعادة. [email protected]
865
| 07 ديسمبر 2010
مساحة إعلانية
كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...
5151
| 06 أكتوبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
5085
| 29 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4617
| 29 سبتمبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...
1884
| 05 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...
1728
| 02 أكتوبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1059
| 29 سبتمبر 2025
في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...
963
| 05 أكتوبر 2025
منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...
891
| 30 سبتمبر 2025
لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...
885
| 03 أكتوبر 2025
في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...
852
| 30 سبتمبر 2025
كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...
756
| 02 أكتوبر 2025
الإنسان لم يُخلق ليعيش وحيداً. فمنذ فجر التاريخ،...
642
| 06 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية