رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جهاز قطر للاستثمار.. عقدان من التميز

سيبلغ جهاز قطر للاستثمار عامه العشرين خلال هذا العام. وقد تميزت سنواته الأولى باستثمارات بارزة وناجحة في أصول مثل متاجر هارودز في لندن وبنك باركليز في أعقاب اندلاع الأزمة المالية العالمية. وقد نضج هذا الجهاز وأصبح من المستثمرين المتطورين، حيث يدير حاليًا أصولاً تبلغ قيمتها نحو 500 مليار دولار. وعندما أجرى السيد محمد السويدي، الرئيس التنفيذي الجديد للجهاز، مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز في منتصف شهر ديسمبر الماضي، كانت هذه المقابلة هي القصة الرئيسية للصحيفة في ذلك اليوم. وجاءت هذه المقابلة في الوقت الذي يجري فيه الجهاز مراجعته الاستراتيجية، التي تتم كل خمس سنوات. وقد وصف السيد السويدي كيف يخطط الجهاز لاتخاذ موقف أكثر جرأة في بعض استثماراته. ويبحث الرئيس التنفيذي الجديد عن عوائد قوية معدلة المخاطر، حيث قال إن الجهاز لا يخطط لأن يصبح مساهمًا يحظى بحصة الأغلبية في الشركات، ولكنه يبحث عن «صفقات ذات عوائد أكبر وأكثر تكرارًا». وأكد السويدي على ثقته في آفاق الأصول الأمريكية، على الرغم من بعض المخاوف المتصاعدة في الأوساط المالية بشأن ارتفاع أسعار الأسهم في البورصة الأمريكية وزيادة الديون الحكومية، حيث يتميز الاقتصاد الأمريكي بأنه اقتصاد كبير ومتنوع وديناميكي للغاية. وهناك مخاوف بشأن التعريفات الجمركية التي اقترحها الرئيس القادم دونالد ترامب، وخطر اندلاع الحروب التجارية، ولكن بشكل عام يُنظر إليه بشكل إيجابي. ويرى جهاز قطر للاستثمار إمكانات للنمو في قطاع الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الأخرى، وقطاعات الرعاية الصحية، والعقارات والبنية التحتية. كما أشار إلى ثقته في آفاق الاستثمار في المملكة المتحدة وآسيا. ولن يكون هناك نقص في رأس المال المتاح لجهاز قطر للاستثمار. ويستمد الجهاز أصوله المالية في الأساس من صناعة النفط والغاز. وتعمل قطر على زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال بشكل كبير، ليرتفع من 77 مليون برميل سنويًا إلى 126 مليون برميل بحلول عام 2027. وأشارت تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن هذا التوسع سيزيد الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر بنسبة 5.7٪ بالقيمة الحقيقية، مع إضافة 3.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عائدات التصدير سنويًا. وسيكون جهاز قطر للاستثمار المتلقي الرئيسي لإيرادات الغاز الطبيعي المسال. ومن المقرر أن تتضاعف التدفقات النقدية الواردة إلى الجهاز في السنوات الخمس المقبلة. وقد تضاعف عدد موظفي الجهاز منذ عام 2018 حيث وصل إلى أكثر من 700 موظف، وباتت هناك موارد متزايدة لمكاتب الجهاز الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية وسنغافورة. ومن المتوقع أن يكون هناك طلب قوي على الغاز الطبيعي المسال في العقود المقبلة؛ حيث إنه وقود أقل تلويثًا من أنواع الوقود الأحفوري الأخرى ويُستخدم باعتباره غازًا انتقاليًا. ولكن في نهاية المطاف، وعلى غرار صناديق الثروة السيادية الأخرى في الدول المنتجة للنفط مثل النرويج، يتمثل الهداف الاستراتيجي لجهاز قطر للاستثمار في دعم الجهود الرامية لتنويع مصادر الاقتصاد القطري. وسوف يستغرق التحول من استخدام الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة النظيفة عقودًا من الزمن، وليس بضع سنوات فقط، ولكن من المرجح أن يكون هناك تحول كبير بحلول نهاية القرن الحالي. وسيتعين على قطر أن تكون قادرة على الازدهار في هذا الواقع الجديد. وفي غضون بضعة عقود فقط، نضجت صناديق الثروة السيادية وأصبحت طرفًا رئيسياً في قطاع الاستثمار العالمي. وفي شهر سبتمبر، وقبل فوزه في انتخابات الرئاسة الأمريكية، اقترح دونالد ترامب إنشاء صندوق ثروة سيادي للولايات المتحدة. وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى ما إذا كان هذا الاقتراح سيمضي قدمًا أم لا. الجدير بالذكر أن هيئة الاستثمار الكويتية تأسست خلال عام 1953، ومنذ ذلك الحين أصبحت خامس أكبر صندوق سيادي في العالم، حيث تبلغ أصوله الخاضعة لإدارة الصندوق أقل من تريليون دولار بقليل. كما تأسس صندوق الثروة السيادية النرويجي، وهو أحد أكبر وأبرز صناديق الثروة السيادية في العالم، خلال عام 1990. وبالمقارنة مع تاريخ صناديق التقاعد الكبرى، التي يعود تاريخ إنشائها إلى القرن التاسع عشر، وصناعة التأمين، التي بدأ شكلها الحديث يتبلور في حوالي القرن السابع عشر، تُعدُ صناديق الثروة السيادية مؤسسات شابة. وقد أصبحت هذه الصناديق من الأطراف الرئيسية في عالم الاستثمار خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا.

1578

| 12 يناير 2025

الآفاق الاقتصادية في العام الجديد

تبدو التوقعات الاقتصادية العالمية جيدة بشكل ملحوظ، بالرغم من التغييرات الجيوسياسية، حيث يهدد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية ضخمة قد تصل نسبتها إلى 60% ليس فقط على الصين، بل أيضًا على جارتيه كندا والمكسيك. ويُعدُ ترامب كذلك من المشككين في أهمية قضية التغير المناخي، وقد تعهد بالاستثمار في صناعة الوقود الأحفوري في الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن يكون هذا العام مليئًا بالاضطرابات، على الأقل من الناحية السياسية، حيث تتواصل التوترات بين الولايات المتحدة والصين، وهما أكبر اقتصادين في العالم. كما يستمر النزاع في أوكرانيا مع حدوث خسائر مروعة في الأرواح، فضلاً عن حدوث صراعات في أجزاء من شمال أفريقيا كما أدت الصراعات إلى تغيير النظام في سوريا. ومن المرجح أن تظل أسعار الطاقة على وضعها الحالي. وسواء كانت التعريفات الجمركية ستثير حروبًا تجارية، أو ستحد من انسيبابية حركة التجارة العالمية، فإن هذا يتوقف على القرارات التي يتخذها البيت الأبيض ونتيجة المفاوضات، وقد تكون مدة الرسوم الجمركية أكثر تأثيرًا من ارتفاعها. وقد استمرت قيمة البيتكوين في الارتفاع، نظرًا لدعم ترامب للعملات المشفرة وقرار صناديق الأستثمار بضم الأصول المشفرة. كما تبدو أسعار الأسهم الأمريكية مرتفعة أيضًا، لذا فإن أسعار الأصول ستحتاج إلى مراقبة دقيقة في عام 2025. وقد يكون من الصعب التنبؤ بمواقف الرئيس الأمريكي القادم. فهو صريح، ولكنه قادر على عقد الصفقات في نهاية المطاف. ويرى العديد من المراقبين لترامب أن تصريحاته المتلونة ليست دائمًا دليلاً موثوقًا به لتحديد بوصلة التوجهات السياسية، ويوصون دائمًا بما يلي: "لا تتبعوا ما يقوله ترامب، ولكن انظروا إلى ما يفعله". ومن المرجح أن يكون الضغط الذي يمارسه ترامب على أوروبا من خلال التهديد بوقف المساعدات عن أوكرانيا حيلة لإجبار الدول الأوروبية الأعضاء في حلف شمال الأطلنطي على المساهمة بشكل أكبر في الإنفاق الدفاعي. لذا فهو يمارس الضغوط على أوروبا، ويتسامح مع ممارسة الرئيس بوتين للضغوط، لكن هذا لا يعني أنه يريد أن يسود بوتين، بل إنه يريد أن تسود أوروبا - ولكن مع دفع الثمن. ويتبع ترامب مخططًا مماثلاً في التعامل مع الشرق الأوسط عبر تقديم الدعم المستمر للحلفاء في المنطقة، بشروط مواتية للولايات المتحدة، بما في ذلك توفير الفرص التجارية للشركات الأمريكية. وسوف يتولى ترامب منصبه في ظل ظروف مواتية له. والسؤال الرئيسي الذي سيطرح نفسه في عام 2025 هو ما الذي سيحدث في أوكرانيا. فقد تعهد ترامب بفرض اتفاق سلام، دون تحديد كيفية تحقيقه. وربما يعني الاتفاق إعلان حدود جديدة قريبة من خطوط المواجهة الحالية. وهذا أقل كثيرا من تطلعات الجانبين، لذا فإن تطبيق اتفاق السلام قد يشكل تحديًا أكبر من التفاوض عليه. وقد تراجع نفوذ بوتين في الخارج خلال العام الماضي، ولكن هذا قد يدفعه إلى مضاعفة جهوده وموارده للهجوم على أوكرانيا. وعلى صعيد الاقتصاد العالمي، إذا ظل التضخم تحت السيطرة وظلت أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية أو أمكن خفضها قليلاً حتى عام 2025، فمن المرجح أن يستمر النمو. ومن الصعب، كما هو الحال دائمًا، توقع معدل التضخم في العام المقبل. وسوف يستمر التغيير التكنولوجي في إحداث تأثير، حيث تتمتع أدوات الذكاء الاصطناعي والروبوتات بالقدرة على القيام بالعديد من المهام اليدوية التي كان البشر يقومون بها في السابق، ليس فقط في التصنيع ولكن في دور الرعاية، مثل تقديم خدمات التنظيف وطي الملابس. وقد يقلل هذا من اعتماد الدول الأكثر ثراءً على العمال المهاجرين ذوي الأجور المنخفضة. ويمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا القيام بأدوار في مجالات المحاسبة والقانون. وفي الصين، تباطأ الاقتصاد، لكنها لا تزال تمثل قوة اقتصادية وتصنيعية. وفي شهر ديسمبر الماضي، خففت الحكومة الصينية الشروط النقدية، وأعرب الرئيس شي جين بينغ عن التزامه بدعم النمو. ومن المرجح أن يرغب النظام في تجنب الدخول في حرب تجارية شاملة مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، لا يزال الاقتصاد الأمريكي يهيمن على أغلب العالم الاقتصادي، وهناك رجل واحد يهيمن الآن على السياسة الأمريكية. وفي عام 2025، يبدو أن المخاطر الجيوسياسية ستكون أكبر من المخاطر الناجمة عن السياسة الاقتصادية، ولو أن القضيتين تصبحان مرتبطتين ارتباطًا وثيقًا إذا أصبحت سياسة التعريفات الجمركية صدامية.

285

| 05 يناير 2025

إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية

في عام 2024، شهدنا ظروفًا اقتصاديةً جيدةً بشكل عام في معظم دول العالم على الرغم من الصراعات الإقليمية الشرسة والسياسات المتقلبة. وقد أفادت التوقعات الصادرة عن صندوق النقد الدولي في شهر أكتوبر الماضي أن النمو الاقتصادي سيكون "مستقرًا ولكنه مخيب للآمال"، حيث سيكون ضعيفًا إلى حد ما في الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا الوسطى وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وأعلى في الولايات المتحدة، وكذلك في الاقتصادات الآسيوية الناشئة، بمساعدة الطلب المتزايد على أشباه الموصلات والإلكترونيات، حيث يساهم النمو في قطاع الذكاء الاصطناعي في تعزيز الطلب على هذه المنتجات بشكل كبير. وعلى صعيد سياسة أسعار الفائدة، لم تحدث تحولات كبيرة في التوجهات السياسية تغيرات كبيرة. فقبل أكثر من عام بقليل، أي في أواخر عام 2023، كان بعض خبراء الاقتصاد يتوقعون حدوث عدة تخفيضات لأسعار الفائدة خلال عام 2024. ولكن الركود لم يشكل تهديدًا، وأثبتت التوقعات الأكثر جدية لصندوق النقد الدولي والبنوك المركزية أنها أقرب إلى الصواب، حيث توقعوا حدوث ثلاثة تخفيضات فقط لأسعار الفائدة خلال عام 2024. وفي النهاية، حدث تخفيضان فقط، وإن كان أحدهما بنسبة نصف في المائة، وليس ربع في المائة كما هو معتاد، لذا فإن هذا التوقع، الذي أشعر بالارتياح لأن أقول إنني كنت قد وافقت عليه قبل عام، كان في محله. واستمر ارتفاع معدلات التوظيف في الولايات المتحدة خلال عاميّ 2023 و2024. ففي الفترة من أكتوبر 2023 إلى أكتوبر 2024، أُتيحت 194 ألف وظيفة إضافية كل شهر في المتوسط، وفقًا للبيانات الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل. وارتفع معدل البطالة في منتصف العام الحالي إلى 4.3% قبل أن يتراجع إلى 4.1%. وكان نمو الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة في نطاق يتراوح من 2-3% سنويًا على مدار السنوات القليلة الماضية، باستثناء عام 2020، وهو العام الذي شهد انتشار جائحة كوفيد-19. وقد شهدت أوروبا نمواً أبطأ بكثير. وواجهت ألمانيا، القوة الاقتصادية السابقة، ما يشبه الأزمة. ويتعرض قطاع تصنيع السيارات الذي كانت مهيمنًا في السابق للتهديد بسبب المنافسة من جانب الشركات الصينية، التي تستطيع تصنيع السيارات الكهربائية بتكلفة أقل كثيرًا. وقد واجهت كل من ألمانيا وفرنسا حالة من عدم اليقين السياسي. فقد انهارت الحكومة الائتلافية في برلين في أوائل شهر نوفمبر الماضي بعد أن أقال المستشار أولاف شولتز وزير المالية كريستيان ليندنر بسبب نزاع رفض فيه ليندنر، رئيس الحزب الديمقراطي الحر، رفع قيود الديون من أجل تعزيز الإنفاق والنمو. ومن المقرر أن يتم التصويت على منح الثقة للائتلاف المكون من ثلاثة أحزاب في شهر يناير المقبل. وفي ديسمبر، حاول رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه فرض ميزانية تقشفية نسبيًا من خلال البرلمان المعلق، لكن الأحزاب الشعبوية من اليسار واليمين عرقلت ذلك، مما أدى إلى حدوث شلل سياسي. واضطر بارنييه إلى التنحي بعد ثلاثة أشهر فقط من توليه لمهام منصبه. وكان الحدث السياسي الأكثر أهمية هذا العام، بطبيعة الحال، هو انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة. فقد سيطر حزبه الجمهوري على مجلسي الشيوخ والنواب، وبالتالي أصبح لديه تفويض لتنفيذ أجندته المتطرفة المتمثلة في زيادة التعريفات التجارية، وإعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم الأصلية، وربما ممارسة سياسة حافة الهاوية في المفاوضات الجيوسياسية مع أوروبا، والرئيس بوتين في روسيا، والشرق الأوسط، والأهم من ذلك، الصين. ومن المقرر أن يباشر ترامب مهام منصبه خلال الشهر المقبل. وفي منطقة الشرق الأوسط، شهدنا تصعيدًا مروعًا للصراع بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، أعقبه إعلان وقف إطلاق النار في أواخر شهر نوفمبر الماضي. ومن المأمول أن تستمر التهدئة في المنطقة، مع تحسن الآفاق في نهاية المطاف للأطراف الموجودة في مناطق الصراع. وفي سوريا، شهدت البلاد نقطة تحول دراماتيكية مع فرار الرئيس من البلاد بعد سيطرة قوى المعارضة على مناطق رئيسية وتشكيل حكومة جديدة. وفي أوكرانيا، استمرت الحرب الاستنزافية. فقد خسرت أوكرانيا المكاسب التي حققتها في عام 2023 جزئيًا بفعل الهجمات الروسية التي شُنت في عام 2024، ولكن مع وقوع خسائر كبيرة في الأرواح. وكانت أوكرانيا قد استولت في شهر أغسطس الماضي على جزء من الأراضي الروسية بالقرب من كورسك وتمسكت ببعض المكاسب الإقليمية، بينما تم صدها في مناطق أخرى. ووعد ترامب بإنهاء الجمود الدموي والتوصل إلى تسوية لهذه الأزمة، وهو التحدي الضخم الذي فرضه على نفسه. وقد تأكد انضمام قوات من كوريا الشمالية الشيوعية إلى القوات الروسية في هذا الصراع، وهو ما أثار قلق العالم إزاء إمكانية التصعيد الإقليمي أو حتى العالمي. وفي الوقت نفسه، تأثرت كوريا الجنوبية، التي كانت في العادة مركزًا للرخاء والاستقرار السياسي، بالقرار الذي اتخذه الرئيس يون سوك يول في أوائل ديسمبر بفرض الأحكام العرفية في إطار حملة صارمة ضد العناصر الشيوعية المتعاطفة مع كوريا الشمالية. وقد أثار هذا القرار احتجاجًا فوريًا من جانب البرلمانيين والجمهور على حد سواء، ونتيجةً لذلك تراجعت كوريا الجنوبية عن خططها، رغم أن الموقف لا يزال غير مؤكد. ومن المقرر أن يواجه الرئيس يون إجراءات عزل. ومع اقتراب العام من نهايته، يبدو أن قوى الاعتدال والاضطرابات لا تزال تحافظ على توازنها الدقيق يبدو أن عام 2025 سيشهد المزيد من إعادة رسم القوى العظمى للساحة الجيوسياسية.

381

| 15 ديسمبر 2024

تقرير معهد التمويل الدولي

أشار التقرير الأخير الصادر عن معهد التمويل الدولي حول اقتصادات الخليج إلى أن التغيير الذي حدث مؤخرًا في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية سيكون له تأثير كبير، ولكن على الرغم من أن ترامب يُنظر إليه باعتباره سياسيا مثيرا للانقسام والمواجهة، قد تكون تأثيرات انتخابه على المنطقة حميدة. ويتوقع المعهد أن يظل سعر النفط ثابتًا عند مستوى حوالي 70 دولارا للبرميل، على افتراض عدم تصعيد الصراع بين إسرائيل وإيران. وقد نُشر التقرير في أوائل شهر نوفمبر الماضي، أي قبل ثلاثة أسابيع من الإعلان عن وقف إطلاق النار المتفق عليه بين الحكومة الإسرائيلية وحزب الله في 26 نوفمبر الماضي. وقد يكون ترامب صداميًا، لكنه ليس من دعاة الحرب. وعلى الصعيد الدولي، يركز ترامب على التجارة أكثر من تركيزه على الجيش. ويرغب في تقليص الالتزامات الخارجية للقوات الأمريكية، وهو ملتزم بسياسات رفع التعريفات الجمركية المفروضة على الواردات. وبالنسبة لقطر، يشير التقرير إلى أن الغاز الطبيعي المسال لا يزال يمثل المصدر الرئيسي للصادرات، ومن المتوقع أن يظل كذلك. ورغم أنه من المرجح أن تشهد سياسة ترامب المتمثلة في تشجيع الولايات المتحدة على التنقيب عن النفط والغاز منافسة أكبر وأسعارًا أقل مما يكون عليه الحال في ظل رئاسة ديمقراطية، فإن هذا قد يصب في صالح قطر. ويكمن السبب هو أن تكاليف استخراج الغاز من حقل الشمال تُعدُ من بين أدنى التكاليف في العالم، وبالتالي يمكن للإنتاج القطري أن يظل مربحًا في حال انخفاض الأسعار. وتشير تقارير المعهد إلى الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها قطر، وإلى «الطلب العالمي المتزايد» على الغاز. ومن المتوقع أن تزيد الطاقة الإنتاجية لقطر من 88 مليون طن سنويا إلى 126 مليون طن بحلول عام 2027. ويشير المعهد إلى أن عقود الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل التي تبرمها قطر مرتبطة بالسعر العالمي للنفط، وأن سعر التعادل لصادرات الغاز القطرية من المتوقع أن ينخفض ​​من مستوى منخفض بالفعل يبلغ 45 دولارًا للبرميل إلى 33 دولارًا للبرميل. وتتمتع شركة قطر للطاقة بالتكامل الرأسي، فهي تمتلك حصة رئيسية في شركة ناقلات، التي تمتلك أسطولها الخاص من ناقلات الغاز الطبيعي المسال، أكبر أسطول للغاز الطبيعي المسال في العالم، وهو ما يعني أن الشركة لديها القدرة على الاستجابة للتغيرات بصفتها أحد أكبر موردي الغاز الطبيعي المسال في العالم، دون الحاجة إلى التحقق مما إذا كانت السفن متاحة للطلب مع شركات الشحن الأخرى. وفيما يتعلق بالاقتصاد غير الهيدروكربوني، أفاد معهد التمويل الدولي أن النمو بطيء، مشيرًا إلى ضعف الاستهلاك والاستثمار الخاص، ومتوقعًا تحقيق معدل نمو أقل من 1% بحلول عام 2025. ويتعين على الحكومة الاستمرار في تشجيع استثمارات القطاع الخاص، وضمان عدم ميلها بشكل مفرط نحو العقارات، حيث يوجد بالفعل فائض في المعروض من العقارات. وقد كان من الصواب تشجيع قطاع السياحة والفنادق وضمان أن تكون مراكز الترفيه والبنية الأساسية للنقل مجهزة للسياحة الخارجية. وبالنظر إلى السياق الاقتصادي العام، هناك مبرر لزيادة رواتب القطاع العام. فقد طُبقت زيادة ضئيلة للغاية في الأجور خلال السنوات الأخيرة (بعد زيادة عام 2011). والآن بعد انتهاء انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية ومعرفة هوية الفائز بها، أصبح التضخم منخفضًا. وقد حدث وقف لإطلاق النار في لبنان، ويبدو مستقبل صادرات الغاز الطبيعي المسال مضمونًا تقريبًا، وتبدو الأوضاع المالية العامة مستقرة ورصينة، وباتت مبررات رفع الرواتب قوية ومنطقية. فقد ارتفعت تكلفة المعيشة خلال السنوات التي شهدت رفعًا محدودًا للأجور. ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع الرواتب إلى زيادة الاستهلاك المحلي، وتوفير حوافز أكبر للاستثمار التجاري للقطاع الخاص وتنويع الاقتصاد، بما يتماشى مع رؤية قطر الوطنية 2030. وبالنسبة لقطر، يعني الحجم الهائل لصناعة الغاز الطبيعي المسال أن هذه الصناعة ستستمر في تقزيم القطاعات الأخرى، بغض النظر عن مدى تطورها. والقياس البسيط لنسبة مساهمة القطاعات غير الهيدروكربونية في الاقتصاد مقارنةً بمساهمة الغاز الطبيعي المسال لن يوفر مؤشرًا مفيدًا. وحتى لو كانت مساهمة تلك القطاعات صغيرة نسبيًا مقارنة بمساهمة صناعة الغاز الطبيعي المسال العملاقة، فإنها لا تزال تمثل تنويعًا قيمًا.

294

| 08 ديسمبر 2024

اقتصاد ترامب سيكون متقلباً على الأرجح

من المؤكد أن عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة في العام الجديد ستُبشر بعصر اقتصادي جديد، ليس فقط في الولايات المتحدة الأمريكية بل وللعالم أجمع. وتهدف حركة ترامب الشعبوية إلى الحد من العولمة، ولا سيَّما حرية تنقل الأشخاص والتجارة. وكان الرئيس الأمريكي المنتخب قد تعهد بفرض رسوم جمركية مرتفعة، تصل إلى 60 % على السلع الصينية، والترحيل الجماعي للمهاجرين غير المسجلين. وهناك حالة من عدم اليقين بشأن مدى عزمه على تنفيذ هذه الخطط، ومدى تأثيرها إذا ما نفذها. ويرى العديد من خبراء الاقتصاد أن ترامب يسيء فهم طبيعة الاقتصاد العالمي المترابط، وبالتالي يسيء تقدير تأثير الرسوم الجمركية، حيث يميل للنظر إلى التجارة البينية باعتبارها لعبة محصلتها صفر، ويقلل من أهمية التعقيدات والنتائج غير المتوقعة، أو لا يعترف بها. ويتحدد الميزان التجاري عن طريق العرض والطلب الكليَّين، ومن غير المرجح أن تؤدي الرسوم الجمركية المرتفعة على الواردات الصينية إلى تقليص العجز التجاري. وستكون العواقب الأكثر احتمالاً لهذه الخطوة هي استمرار العجز وارتفاع التضخم والبطالة. وهناك سمة أخرى تتمثل في أن العديد من المنتجات تتكون من مئات الأجزاء، وأن العديد من مكونات السلع الأمريكية تأتي من الصين، وبالتالي فإن الرسوم الجمركية قد تدفع أسعار السلع الأمريكية إلى الارتفاع. كما أن تطبيق نظام الرسوم الجمركية هو أمر بيروقراطي بطبيعته، وخاصة إذا تم فرض تدابير «قواعد المنشأ» لمنع الواردات الصينية من الوصول إلى الأسواق بشكل غير مباشر. وعلى النقيض من ذلك، يرى بعض خبراء الاقتصاد أن أنصار حركة التجارة العالمية يبالغون في تقدير التأثير السلبي للرسوم الجمركية، حيث ستجد الشركات طرقًا لإعادة توجيه التجارة. وغالبًا ما تكون الرسوم الجمركية عبئًا بطيئًا وطويل الأمد على النمو. وهناك اعتبار آخر وهو أن السمات الأخرى لسياسات ترامب ستخفف من الآثار السلبية للرسوم الجمركية، مثل خفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية. وقد يساهم تعزز قوة الدولار في الحيلولة دون حدوث التضخم. ولكن من المرجح أن تؤدي خطة ترامب المعلنة المرتكزة على ترحيل ما يصل إلى 12 مليون مهاجر غير شرعي إلى التضخم، لأنها ستؤدي على الأرجح إلى نقص العمالة، وهو ما سيؤدي حتمًا إلى ارتفاع الأجور وزيادة تكاليف أداء الأعمال. ومن الممكن أن يخفف ترامب من حدة خططه سواء فيما يتعلق بالرسوم الجمركية أو ترحيل المهاجرين غير الشرعيين. وتتميز السياسة المالية التي ينتهجها ترامب بأنها توسعية، حيث يخطط لخفض الضرائب دون حدوث تخفيضات كبيرة في الإنفاق. وهناك خطط لتحسين كفاءة الحكومة، ولكن برئاسة إيلون ماسك، وهو لا يتمتع بخبرة كافية للقيام بمثل هذه المهام ولا يملك خبرة في إدارة القطاع العام. وسوف يواجه بنك الاحتياطي الفيدرالي مهمة صعبة في تحقيق التوازن فيما يتعلق بسياسة أسعار الفائدة. ففي خطاب ألقاه في الرابع عشر من نوفمبر، قدم جيروم باول إشارة واضحة إلى أن تخفيضات أسعار الفائدة معلقة بعد التخفيض الذي جرى في وقت سابق من شهر نوفمبر. وقال: «لا يرسل الاقتصاد أي إشارات إلى أننا بحاجة إلى التعجل في اتخاذ قرار بخفض أسعار الفائدة». ويرى بنك الاحتياطي الفيدرالي أن الاقتصاد في حالة توازن، مع انخفاض معدلات البطالة والتضخم. وهناك قرار آخر بشأن أسعار الفائدة من المتوقع صدوره هذا العام، بعد اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية يومي 17 و18 ديسمبر، ومن المرجح أن يكون القرار هو الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستواها الحالي. وقد احتج الرئيس ترامب على أن باول كان قد أظهر تحيزًا تجاه الديمقراطيين، لكن لا يوجد دليل يذكر يدعم ذلك الرأي. ولم تنخفض أسعار الفائدة قبل الانتخابات إلا مرة واحدة، حيث كان الديمقراطيون يدافعون عن الرئاسة في الانتخابات رغم حدوث خفض لأسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس خلال شهر سبتمبر. وجاء التخفيض الثاني بمقدار 25 نقطة أساس بعد يومين من الانتخابات. ويصر باول دائمًا على أن القرارات المتعلقة بأسعار الفائدة تستند إلى البيانات الاقتصادية. ومن المؤكد أن سياسات ترامب ستؤثر على البيانات. وستكون بعض التدابير تضخمية، وبعضها الآخر انكماشية. ومن المرجح أن يكون اتجاه سياسته وتأثيراتها متقلبين.

630

| 02 ديسمبر 2024

هل سيكون الذكاء الاصطناعي هو النفط القادم الجديد؟

أثار إيلون ماسك، الملياردير الرائد في قطاع التكنولوجيا، قلق المنافسين، وفضول العملاء والمراقبين عبر بنائه لحاسوب خارق يُعرف باسم كولوسوس، بسرعة فائقة في غضون 120 يومًا فقط، في مدينة ممفيس بولاية تينيسي داخل مركز بيانات جديد. ويتمثل الغرض من هذا الحاسوب العملاق في تشغيل تكنولوجيا "xAI" للذكاء الاصطناعي على نطاق غير مسبوق، باستخدام يبلغ حوالي 100 ألف وحدة معالجة رسومية مقدمة من شركة إنفيديا. ويشعر المنافسون بالتوتر. ولا يوجد ما يضمن أن هذا التوسع الهائل في قوة هذا الحاسوب سيمنح الذكاء الاصطناعي ميزة تتفوق على الأدوات الأخرىالمنافسين، ولكن لا يوجد يقين من أنه لن يحدث ذلك. ويعتقد الخبراء في قطاع التكنولوجيا أن الأدوات المتاحة في شركة OpenAI المنافسة متفوقة حاليًا، ولكن القوة الحاسوبية الهائلة للحاسوب الخارق كولوسوس قد تساعد تكنولوجيا "xAI" للذكاء الاصطناعي في سد الفجوة أو التفوق عليها. ولكن ماذا يعني ذلك للعالم الاقتصادي، بما في ذلك اقتصاد منطقة الخليج؟ لقد بات تأثير الذكاء الاصطناعي ملموسًا بالفعل، وسوف يستمر ومن المرجح أن يشتد. وقد يقول المرء إن هناك ضجة كبيرة حول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وحوادث مثل "الهلوسة" في نماذج اللغات الكبيرة والأعطال الفنية. ولكن كان بمقدور الأشخاص توجيه انتقادات مماثلة لقطاع الطيران في أوائل القرن العشرين؛ فقد كانت هناك حوادث ونماذج فاشلة، ولكن مع ذلك استمرت هذه النماذج في تحويل معالم السفر لمسافات طويلة حول العالم. وقد وصل الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة مماثلة بعد مرور مائة عام. وكما يحتاج الناس إلى طيار ماهر لقيادة الطائرة، تنطبق مثل هذه المبادئ على الذكاء الاصطناعي. وتشير مجلة هارفارد بيزنس ريفيو في طبعتها لشهري سبتمبر وأكتوبر إلى تطوير "مهارات الاندماج"، وهي التطبيقات الأكثر ذكاءً لنماذج الذكاء الاصطناعي التي تجمع بين الذكاء البشري والاصطناعي بشكل أكثر فعالية. فعلى سبيل المثال، يُعدُ تقسيم مشكلة معقدة إلى أجزاء متسلسلة، وتجهيز نموذج اللغة الكبير لمعالجة كل تحدٍ بشكل متسلسل، بدءًا من التحدي الأكثر بساطة، إجراءً أكثر فعالية من مطالبة هذا النموذج بحل مشكلة معقدة دفعة واحدة. وقد توصل الباحثون في مختبر جوجل ديب مايند إلى أن هذا النهج القائم على معالجة المشاكل "الأقل إلى الأكبر" يحسن من دقة مخرجات الذكاء الاصطناعي من 16٪ إلى 99٪. وقد توصلت أبحاث أجرتها مجموعة بوسطن الاستشارية إلى أن أقلية فقط من الشركات تستفيد من قيمة كبيرة من الذكاء الاصطناعي، وأن الشركات الأكثر نجاحًا تضمن أن يكون الأشخاص والمهارات والعمليات مثاليين. وهذا هو مبدأ 70-20-10 عبر تخصيص 70٪ من قيمة الاستثمار لجهود الاستثمار في الأشخاص والعمليات؛ و20٪ في التكنولوجيا والبيانات، و10٪ فقط في الخوارزميات. وقد استخدمت الشركات الأكثر فعالية الذكاء الاصطناعي لتحقيق النمو والإيرادات، وليس فقط في تعزيز كفاءة العمليات. وفي ظل هذه التكنولوجيا سريعة التطور، كيف ينبغي لدول الخليج أن تستثمر وترسخ من وضعها؟ من المرجح أن تظل الصين والولايات المتحدة المقدمين الرئيسيين لخدمات الذكاء الاصطناعي، نظرًا لحجم الاستثمار التكنولوجي المطلوب، كما يتضح من أمثلة إيلون ماسك ومنافسيه. وكانت استجابة صناديق الثروة السيادية الخليجية وغيرها من الجهات الفاعلة الرئيسية واعدة. فبدلاً من محاولة التنافس مع الولايات المتحدة والصين بشكل مباشر، تعمل هذه الصناديق على تطوير أدوار دعم استراتيجية الاستثمار في الصناعة القائمةهذا المجال، مع السعي للتعرف على فرص متخصصة للنمو.. وتشكل نماذج الذكاء الاصطناعي باللغة العربية صناعة واعدة. وتشير تقارير الشركات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي بالمنطقة إلى أن تكلفة تدريب نموذج باللغة الإنجليزية ثم ترجمته إلى اللغة العربية تزيد بنحو الثلث عن تكلفة تدريب نموذج باستخدام المدخلات العربية. ومن الممكن أن يؤدي القيام بذلك إلى القضاء على بعض التحيزات الغربية للنماذج المطورة باللغة الإنجليزية. وبالنسبة لاقتصادات الخليج، توفر الطاقة الرخيصة ميزة تنافسية أخرى في تطوير مراكز الذكاء الاصطناعي. فقد حسبت شركة أرامكو السعودية أن تكلفة الطاقة المنتجة محليًا أرخص بنحو 13% من تكلفة الكيلو وات الناتجة في الساعة بالولايات المتحدة الأمريكية. ونظرًا لقوة الحوسبة الكبيرة المطلوبة لنماذج اللغات الكبيرة، يكتسي هذا الأمر أهمية كبرى. وقد قطعت ثورة الذكاء الاصطناعي أشواطًا طويلة، وستدر عوائد كبيرة على مقدمي الخدمات والمستخدمين على حد سواء. وقد اتخذت الجهات الفاعلة الرئيسية في منطقة الخليج، حتى الآن، بعض القرارات الاستراتيجية الذكية في هذا الصدد.

399

| 24 نوفمبر 2024

اشتر الآن وتألم لاحقًا

أصبحت تطبيقات «اشتر الآن وادفع لاحقًا»، التي تسهل إجراء عمليات شراء كبيرة، بدون فوائد إذا قام المشتري بسداد الأقساط في الوقت المحدد، تُعرف باسم «اشتر الآن، وتألم لاحقًا»، نظرًا لسهولة استخدامها وعدم وجود قيود على الشخص الذي يستفيد من الخدمات المتعددة لهذه التطبيقات وهو ما يؤدي إلى وقوعه ضحية للديون. فهل هذا القلق مبالغ فيه، وهل تساعد خدمات «الشراء الآني والدفع اللاحق» في تعزيز الشمول المالي؟ النتائج مختلطة بشكل مدهش. وليست الفكرة الكامنة وراء هذه التطبيقات الحديثة بجديدة. فمنذ عقود عديدة، كان من الممكن الحصول على قرض بدون فوائد لشراء كميات كبيرة من السلع، في تجارة التجزئة للأثاث على سبيل المثال. وما تقدمه التكنولوجيا الرقمية هو السهولة والسرعة في إتمام المعاملات. وتشعر الجهات التنظيمية بالقلق من أن الطبيعة الخالية من الاحتكاك لهذه المعاملات، والحرية في الاقتراض من مقدمي خدمات متعددين، من شأنها أن تعرض المواطنين غير المقتدرين ماليًا لمخاطر التعرض لديون خطيرة. وفي خدمة «الشراء الآني والدفع اللاحق»، عادةً ما يدفع المشتري 25% من قيمة الشراء على الفور، مع استحقاق ثلاث دفعات متبقية تبلغ نسبة كل منها 25% على فترات شهرية بدون فوائد إذا قام المشتري بالسداد في الموعد المحدد، ولكن مع فرض رسوم إذا لم يقم بذلك. ويكسب مقدم الخدمة المال من عمولات التجار بالإضافة إلى رسوم التأخر في السداد. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة هي السوق الأكثر نضجًا لخدمات «الشراء الآني والدفع اللاحق». فقد نمت سوق هذه الخدمات بمقدار عشرة أضعاف بين عامي 2019 و2021، وتسارعت وتيرة نموها بسبب جائحة كوفيد-19، لتصل إلى 24.2 مليار دولار من 2 مليار دولار فقط. ولا يوجد مقدم لهذه الخدمة في قطر، لكن شركة تابي «Tabby» تُعدُ من الشركات التي تقدم هذه الخدمة وتركز على منطقة الخليج، حيث وصلت إلى مستوى «الشركات الواعدة» بقيمة سوقية تزيد على مليار دولار. ومن بين الشركات الأخرى شركة تامارا «Tamara» وشركة بوست باي «Postpay». فهل ينبغي للجهات التنظيمية أن تشعر بالقلق إزاء تأثير خدمات «الشراء الآني والدفع اللاحق»؟ تكشف البيانات المتعلقة بالاستخدام والتخلف عن السداد عن صورة معقدة. ففي عام 2022، أشار تقرير صادر عن مكتب الحماية المالية للمستهلك إلى أن الغالبية العظمى من المقترضين لا يتخلفون عن السداد، ولكنه أشار أيضًا إلى أن معدل التخلف عن السداد كان في ازدياد من نسبة 7.8٪ من المقترضين الذين دفعوا رسوم تأخير مرة واحدة على الأقل، إلى نسبة 10.5٪ في الفترة من 2020 إلى 2021. وفي حين كانت شركات التكنولوجيا المالية تهيمن هذا القطاع، فإن شركات أكثر رسوخا، بما في ذلك آبل «Apple» وأمريكان إكسبريس «American Express»، بدأت تتجه إلى هذه السوق. ومع ذلك، توصلت دراسة إلى أن مستخدمي خدمات «الشراء الآني والدفع اللاحق» كانوا أكثر ميلاً إلى استخدام منتجات ائتمانية أخرى مثل بطاقات الائتمان والقروض الشخصية، وظهرت عليهم أعراض الضائقة المالية. وتوصلت دراسة اخرى إلى أن معدل التخلف عن سداد الائتمان الإجمالي في الولايات المتحدة لمستخدمي هذه الخدمات بلغ 18%، وهو أكثر من ضعف معدل مستخدمي خدمات «الشراء الآني والدفع اللاحق» الذي بلغت نسبته 7%. ويمكن أن يكون لمستويات الديون التي لا يمكن تحملها تأثيرات تمتد مدى الحياة، بما في ذلك تأثيرات على التصنيف الائتماني. ولذلك، على الرغم من أن الغالبية العظمى من مستخدمي خدمات «الشراء الآني والدفع اللاحق» لا ينتهي بهم الحال إلى تكبد ديون معقدة، فإن الأقلية الصغيرة التي قد تتعرض لذلك قد تتراكم لديها مستويات كبيرة من الديون الموزعة عبر منصات متعددة، بما في ذلك مقدمي الائتمان التقليديين. ويستخدم الشباب خدمات «الشراء الآني والدفع اللاحق» بكثافة، وتكون أكثر المشتريات شيوعًا هي الأثاث والإلكترونيات والملابس. ويمكن أن تكون هذه الخدمات إيجابية للشمول المالي حيث لا يحتاج المرء إلى امتلاك حساب مصرفي أو الحصول على بطاقة ائتمان. وينجذب تجار التجزئة إلى هذه الخدمة لهذا السبب، ولأن سهولة الاستخدام يمكن أن تعزز المبيعات. ويتعين على الجهات التنظيمية التأكد من أن تجار التجزئة لا ينقلون تكلفة عمولاتهم إلى للعملاء، حيث يمكن أن يؤثر ذلك على معدل التضخم، وأن الجهات التنظيمية بحاجة إلى النظر للصورة الإجمالية، وليس فقط إلى مقدمي الخدمات المنفردين.

477

| 17 نوفمبر 2024

مستقبل العملات المشفرة

في غضون ثلاثة أيام خلال شهر أكتوبر الماضي، استثمرت شركة بلاك روك، وهي أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، مليار دولار في عملة البيتكوين، من خلال صندوقها الاستثماري المتداول في البورصة. وقد تحولت العملة المشفرة البارزة من كونها عملة تُستخدم على هامش النشاط الاقتصادي إلى عملة رئيسية في غضون بضع سنوات فقط. ووصف روبي ميتشنيك، رئيس قسم العملات المشفرة في شركة بلاك روك، عملة البيتكوين بأنها أصل «يحد من المخاطر». وقد أصبحت صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين الآن فئة راسخة من فئات الأصول، تحظى باحترام مثلها في ذلك مثل الأسهم أو السندات الحكومية. وجمع صندوق iShares Bitcoin Trust التابع لشركة بلاك روك حوالي 1.9 مليار دولار، بينما اجتذب صندوق Fidelity Wise Origin Bitcoin Fund للبيتكوين حوالي 1.6 مليار دولار. كما جمعت صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين الفورية حوالي 22 مليار دولار. ولعل أكبر دفعة لبروز العملات المشفرة جاءت هذا الشهر مع انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية وسيطرة الحزب الجمهوري على مجلس الشيوخ. وكان ترامب قد دافع عن البيتكوين، واقترح إنشاء بنك احتياطي فيدرالي للبيتكوين، وشجع على تعزيز استخدامه في الولايات المتحدة. وربما يكون الأهم من ذلك كله هو أنه كان قد وعد بإقالة جاري جينسلر، رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصة. وقد رفع جينسلر دعاوى قضائية ضد مشاريع التشفير لانتهاكها المزعوم لقوانين الأوراق المالية، في إطار سياسة يزعم المتحمسون للعملات المشفرة أنها تعوق الابتكار. ويرى جينسلر وغيره من المتشككين في العملات المشفرة أنهم يحمون المستثمرين الأفراد، ولا يعرقلون التقدم وأن انهيار شركتي FTX و Terra Luna للعملات المشفرة في عام 2022 دق أجراس الإنذار بهذا الخصوص. وقد تحدث المزيد من الفضائح بعد إلغاء القيود التنظيمية وفتور الحماس للعملات المشفرة، ولكن في الوقت الحالي يمضي التوجه في اتجاه واحد. وخلال قمة صندوق النقد الدولي التي عُقدت في العاصمة الأمريكية واشنطن، في نفس الوقت تقريبًا الذي استثمرت فيه شركة بلاك روك مليار دولار، كانت بعض الجلسات التي حظيت بأكبر عدد من الحضور هي تلك التي تناولت مواضيع العملات المشفرة والعملات الرقمية. وكان الكثير من النقاش يدور حول التنظيم، كما قد يتوقع المرء بين جمهور ضم العديد من محافظي البنوك المركزية والإداريين. ومع ذلك، لا يعني التنظيم بالضرورة فرض قيود على النشاط، بل ضمان وجود تدابير حماية وشفافية أكبر. ولا يزال من المبكر تقييم تأثير التغيير في قيادة هيئة الأوراق المالية والبورصة (SEC). وجاء المزيد من التأكيد على أن الأصول المشفرة جزء رئيسي في الاستثمار المؤسسي مع خبر أن صندوق جامعة إيموري، الذي يتخذ من مدينة أطلانطا بولاية جورجيا مقرًا له، أكد ملكيته لأسهم بقيمة 15 مليون دولار في صندوق Grayscale Bitcoin Mini Trust. وعلى نحو مماثل، استثمرت بعض صناديق التقاعد في صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين. فقد خصص صندوق معاشات بلدية جيرسي سيتي في ولاية نيوجيرسي 2 % من أصولها في صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين. وتُعدُ عملية الترميز Tokenization تطورًا آخر من المرجح أن ينمو باعتباره اتجاهًا سائدًا. وتمثل هذه العملية إثبات ملكية أحد الأصول الحقيقية، مثل العقارات، في شكل رمز أو رموز على تكنولوجيا سلاسل الكتل Blockchain. ويُمكن أن تسهل هذه العملية الملكية المتعددة للأصل، وتداول الأصول الرمزية. وفي يوليو، أعلنت منصة «مانترا» لسلاسل الكتل التي تركز على الشرق الأوسط أنها ستقوم بترميز أصول عقارية بقيمة 500 مليون دولار لمجموعة (MAG) التي تتخذ من دبي مقرًا لها. وسيكسب المستثمرون عائدًا من خلال العملات المستقرة Stablecoins ورمز (OM) الخاص بمنصة مانترا. وقد تجاوز سعر البيتكوين 76 ألف دولار، بعد أن كان يبلغ حوالي 42 ألف دولار في بداية عام 2024. وارتفع سعر الذهب بالتزامن مع ارتفاع قيمة البيتكوين، ليتجاوز 2,700 دولار للأوقية. وغالبًا ما يُنظر إلى الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا في أوقات الاضطرابات السياسية والاقتصادية. وهناك عامل أساسي إضافي وراء ارتفاع أسعار الأصول يتمثل في تراجع الثقة في الدولار الأمريكي. ورغم أن الدولار هو العملة الاحتياطية العالمية الأساسية، إلا أن قيمته تتأثر بالدين العام الأمريكي المرتفع للغاية، الذي لا تظهر أي علامات تذكر على إمكانية انخفاضه، خاصة بعد انتخاب دونالد ترامب.

561

| 10 نوفمبر 2024

تأثير السياسة على الاقتصاد العالمي

مع توجه الناخبين الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم المقبل، سيكون لقراراتهم عواقب وخيمة على الصعيدين المحلي والعالمي. وقد تبدو هذه مبالغة، ولكنني لا أعتقد ذلك بعد عودتي للتو من العاصمة الأمريكية واشنطن في أعقاب مشاركتي في قمة صندوق النقد الدولي لأن الانتخابات التي ستُعقد هذا الأسبوع تحظى بأهمية بالغة. وتثير إمكانية فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب احتمالات اندلاع حروب تجارية قد تؤدي إلى تدهور العلاقات بين القوى الكبرى بشكل إضافي، إلى جانب تأثيرها السلبي على التجارة. وكان ترامب قد دعا إلى فرض تعريفات جمركية هائلة على الواردات الصينية تتراوح نسبتها ما بين 20% إلى 60%. ويشكو المحافظون في الولايات المتحدة من أن بنود اتفاقيات التبادل التجاري غير متبادلة وغير عادلة، وهو ما أدى إلى حدوث عجز تجاري أمريكي، وخاصة مع الصين. وقد حذر صندوق النقد الدولي من أن الرسوم الجمركية التجارية المرتفعة التي اقترحها ترامب من شأنها أن تؤدي إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 0.8% في عام 2025، و1.3% في عام 2026. وصرَّح بيير أوليفييه جورينشاس، كبير خبراء الاقتصاد في صندوق النقد الدولي، لصحيفة الفاينانشال تايمز بأن هذه التوقعات لم تكن أسوأ سيناريو محتمل، «لأننا نفترض أن هذا النمو سيتوقف بعد جولة واحدة». وهناك دعم قوي لفرض الرسوم الجمركية لدى جناح اليمين في السياسة الأميركية. ويدعو بيان مشروع 2025 الذي صاغه المحافظون الأمريكيون، رغم عدم تأييد ترامب له على وجه التحديد، إلى إنهاء الدعم الذي تقدمه حكومة الولايات المتحدة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وهما مؤسستان جرى تأسيسهما بموجب اتفاقية بريتون وودز في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية وشجعتا التجارة العالمية الحرة، فضلاً عن منح القروض وغير ذلك من أشكال الدعم المقدمة للدول منخفضة الدخل. ومن خارج الولايات المتحدة، قد تكون جاذبية شخصية مثل ترامب، الذي يعارض التجارة الحرة في دولة رأسمالية عظمى، أمرًا محيرًا. وبعد عودتي للتو من الولايات المتحدة، تعرفت على لمحة عن جاذبية ترامب المتزايدة هناك، الذي يُنظَر إليه باعتباره شخصًا سيقاتل من أجل ناخبيه على المسرح العالمي، وسيضع أمريكا في المقام الأول، بحسب تعبيرهم. ويتوقع أنصاره أن يزدهر الاقتصاد الأمريكي بفضل نهجه التدخلي. وتلقى حملاته الدعائية المتواصلة لتقليص مساهمات الولايات المتحدة في ميزانية حلف شمال الأطلسي نسبيًا مقارنة بالأعضاء الآخرين، ومعالجة العجز التجاري مع الصين، استحسانًا لدى العديد من الناخبين. وهناك سمة أخرى تتمثل في أن الأجندة الليبرالية التي يدعمها الحزب الديمقراطي لا تحظى بشعبية لدى العديد من المواطنين الأمريكيين، وليس فقط بين الإنجيليين البيض، حيث تلقى حملات «الاستيقاظ» المتعلقة بحقوق المثليين والمتحولين جنسيًا وسياسات الإجهاض معارضة من عدد كبير من الأشخاص في المجتمعات الإسلامية والكاثوليكية، وكثير منهم من المهاجرين من الجيل الثاني أو الثالث. ويمكن للمرء أيضًا أن يرصد مواقف معادية للهجرة بين أسر المهاجرين من الجيل الثاني، الذين يخشون أن يأخذ المهاجرين غير المسجلين وظائفهم ويتمكنوا من التصويت. وهناك مستوى كبير من الريبة بشأن تغير المناخ في الولايات المتحدة، والدعم المقدَّم لصناعة النفط والغاز. ومن بين الشكاوى التي قدمها كتاب مشروع 2025 أن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يستثمران أكثر مما ينبغي في التدابير الرامية إلى مكافحة تغير المناخ، مع تضاؤل الإقبال على البعد البيئي والاجتماعي والحوكمة في مجتمع الاستثمار. وستكون ولاية ترامب الثانية في حال انتخابه مؤثرة بالنسبة لاقتصادات الشرق الأوسط، ومن المرجح أن تؤدي سياساته إلى انخفاض أسعار النفط والغاز الطبيعي المسال حيث يخطط لزيادة إنتاج الولايات المتحدة بشكل كبير مع التخلي عن الالتزامات المتعلقة بخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي. وعلى الصعيد الجيوسياسي، يُعرف ترامب بتأييده لإسرائيل، ولكن ذلك لا يجب أن يثير بالضرورة قلق القادة في العالم العربي، لأنه قد يؤدي إلى زيادة نفوذه على القيادة الإسرائيلية عندما يتعلق الأمر بالتفاوض للتوصل إلى اتفاق سلام. وفي حال خسارة ترامب للانتخابات، لن تكون هذه نهاية سياساته الشعبوية، حيث تبدو السياسات المتعلقة بالتخلي عن مبادئ التجارة الحرة وفرض سياسات الحماية التجارية، إلى جانب دعم السياسات الصارمة لمكافحة الهجرة، وكأنها تحول استراتيجي دائم في مواقف المحافظين، ليس فقط في الولايات المتحدة بل أيضًا في الدول الأوروبية.

366

| 03 نوفمبر 2024

قمة صندوق النقد الدولي

غالبًا ما يكون من المؤشرات الجيدة للتوقعات الاقتصادية عدم ظهور أخبار تتعلق بالاقتصاد في صدر الصفحات الأولى من الصحف. ورغم هيمنة الصراعات والتوترات الجيوسياسية على الأجندة، فقد انتعش النشاط الاقتصادي في بعض من أكبر أسواق العالم التي تجنبت حالات الركود. وقد مثَّلت بيانات نمو الوظائف في الولايات المتحدة خلال شهر سبتمبر الماضي مفاجأة. فقد قفزت أعداد الوظائف غير الزراعية بمقدار 254 ألف وظيفة، وهو ما يقرب من ضعف العدد الذي توقعه أغلب الخبراء الاقتصاديين. وكان الوقت مبكرًا للغاية بعد خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في منتصف شهر سبتمبر بحيث لا يمكن أن يكون هذا هو السبب المحتمل أو الوحيد وراء هذا الارتفاع. كما تغيرت البيانات في اتجاه الصعود بشكل طفيف خلال شهري يوليو وأغسطس، حيث أظهرت توفير 72 ألف وظيفة أكثر مما أشارت إليه الأرقام السابقة. وانخفض معدل البطالة الرسمي إلى 4.1% من 4.2%. وارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل يبلغ عشر سنوات، وهو ما يشير إلى إمكانية بقاء أسعار الفائدة عند المستوى الحالي من 4.75% إلى 5.0%، بدلاً من خفضها، وهو ما كان متوقعًا قبل الإعلان عن بيانات نمو الوظائف. وربما يكون رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول قد أعلن عن أرقام متفائلة، عبر الإشارة إلى سلسلة من التخفيضات، حيث قد لا تدعم البيانات هذه التحركات. وفي الصين، تحركت الحكومة بشكل حاسم لضخ مجموعة من المحفزات الاقتصادية، بعد فترة من النمو البطيء والانكماش. ففي الرابع والعشرين من شهر سبتمبر، أي بعد أسبوع من خفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة، خفض بنك الشعب الصيني سعر الفائدة الرسمي. كما خفف متطلبات الاحتياطي النقدي للبنوك وخفض تكلفة الرهن العقاري. وخلال الشهر الحالي، يلتقي المشاركون لحضور اجتماع القمة السنوي لصندوق النقد الدولي في واشنطن. ومن المرجح أن يكون هناك المزيد من الاهتمام بالتركيز على السياسات أكثر من البيانات الاقتصادية. ومن المحتمل أن يكون خفض أسعار الفائدة التالي خلال شهر نوفمبر، لكن احتمالات الخفض تراجعت بعد بيانات نمو الوظائف في الولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك، يشهد هذا الشهر إجراء انتخابات الرئاسة الأمريكية، وهناك انقسامات حادة بين المرشحين، كامالا هاريس ودونالد ترامب، على الرغم من أن العديد من الاختلافات الأكثر أهمية تتعلق بالقضايا الاجتماعية والثقافية. وهناك اختلاف أقل بشأن السياسات الاقتصادية رغم أن بعض هذه الاختلافات جوهرية، حيث لا يدافع أي منهما عن سياسات التجارة الحرة. وكان السيد ترامب قد تحدث عن التعريفات الجمركية العامة المفروضة على الواردات ، بينما تفضل السيدة هاريس تقديم إعانات للصناعات الاستراتيجية وخفض مستوى التعريفات الجمركية. وسوف يتجلى التأثير الاقتصادي للانتخابات الأمريكية أيضًا من حيث تحول الولاءات والسياسات الجغرافية. فقد أكد السيد ترامب علنًا أنه سيتمكن من الإشراف على وضع اتفاق لإنهاء حرب أوكرانيا. ومن المفترض أن يعني ذلك الاتفاق على حدود جديدة على ما يشكل تقريبًا الخط الأمامي الحالي للصراع. ومن المحتمل أن يثير هذا الأمر استياء الجانبين، وسوف تبرز قضية مهمة تتعلق بمراقبة أي اتفاق السلام وإدارته. ولكن إذا صمدت الهدنة، فسوف تكون هناك فرصة لتعافي الاقتصاد الأوكراني والروسي. وقد باتت فرص تحقيق السلام في الشرق الأوسط أقل. ومن المرجح أن تساعد الحرب الشاملة بين إسرائيل وإيران في زيادة شعبية حملة ترامب. وقد يشير فوز ترامب إلى تحقيق الأحزاب اليمينية الشعبوية المناهضة للهجرة في أوروبا للمزيد من الانتصارات. وتشكل السياسة الاقتصادية تحديًا لأوروبا، حيث يتقدم السكان في السن ويبدو النمو ضعيفًا. وهناك اعتبار آخر في الانتخابات الأمريكية، بالنظر إلى مدى الانقسام الحاد في الولاءات السياسية، يتعلق بمدى تقارب نتائج الانتخابات، وما إذا كانت نتائج الانتخابات ستكون غير محسومة، مع احتمال وجود خلفية من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية بعد النتائج. وفيما يتعلق بالاقتصادات الناشئة، من المرجح أن تشهد قمة صندوق النقد الدولي إجراء مناقشات حول عمليات الإنقاذ وتخفيف أعباء الديون. فقد كان عدد عمليات الإنقاذ اللازمة بعد ارتفاع أسعار الفائدة في عامي 2022 و2023 أقل مما كان متوقعًا ــ ولم تتأثر سوى باكستان وبنجلاديش وغانا. ومن المتوقع أن يخف الضغط الآن بعد انخفاض أسعار الفائدة، على الرغم من تراجع احتمالات تنفيذ المزيد من التخفيضات.

315

| 28 أكتوبر 2024

إسقاط قروض الشركات

من بين النتائج المشجعة التي توصل إليها تقرير صدر حديثًا عن المرصد العالمي لريادة الأعمال، بالتعاون مع بنك قطر للتنمية، حول الشركات الناشئة وغيرها من الشركات الصغيرة في قطر ارتفاع مستوى ريادة الأعمال بين السكان، الذي استمر في التصاعد بعد بطولة كأس العالم لكرة القدم. كما ارتفعت نسبة الأشخاص الذين يديرون شركات تجارية قائمة، من 3.9 ٪ إلى 4.4 ٪ خلال الفترة من عام 2022 إلى عام 2023. وإجمالاً، يُنظر إلى إنشاء المشروع التجاري الخاص بشكل إيجابي باعتباره خيارًا مهنيًا طموحًا. وفي هذا المقياس، تحتل قطر المرتبة الثانية مقارنة بمجموعة من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتتأسس العديد من الشركات باستخدام قروض يحصل عليها رواد الأعمال من الأصدقاء وأفراد العائلة والبنوك. وكما هي الحال مع جميع الشركات الناشئة، لا تنجح نسبة كبيرة منها. ومن الوارد أن يكون التقرير قد قلل من مستوى الإخفاق، ليس بسبب أي خطأ من المشاركين في إعداده، ولكن لأن بعض الأنشطة تكون غير مسجلة وبسبب محدودية البيانات. وفي قطر، أسس نسبة عالية من رواد الأعمال شركاتهم الخاصة مع استمرارهم في العمل بدوام كامل في وظيفة آمنة ومجزية نسبيًا في القطاع العام. وتكون قروضهم التجارية بضمان شخصي، وليس بضمان الشركة نفسها فقط. وفي حال تعثر الشركة، يضطر الشخص إلى سداد الدين من راتبه لسنوات عديدة. ولكن في قطر، لا يوجد قانون شامل للتعامل مع قضايا الإفلاس كما قد تجد في الولايات المتحدة أو أوروبا الغربية، ومن شأن هذا الإصلاح أن يقدم بعض المساعدة، إلى جانب التدابير المعقولة لمنع الاقتراض المرتفع من مؤسسي الشركات الناشئة عديمي الخبرة الذين يتمتعون بفرصة ضئيلة لتحقيق النجاح. وسيكون للإعلان الصادر مؤخرًا عن المكرمة الأميرية بإسقاط القروض المقدمة لشركات القطاع الخاص بموجب برنامج الضمانات الوطني للاستجابة لتداعيات كوفيد- 19 تأثير ملموس، حيث يمثل هذا البرنامج خطوة مفهومة يتم خلالها منح الشركات المتضررة بعض الموارد وتضع حدًا للتدابير الاستثنائية التي تسببت الجائحة في تبنيها. ومع ذلك، قد تنظر الشركات التي سددت القروض مسبقًا أو التي حصلت على قروض تجارية إلى هذه الخطوة على أنها غير عادلة. ولهذا أعلن بنك قطر للتنمية كذلك عن مبادرة لتقديم قروض قصيرة الأجل بدون فوائد للشركات التي قامت بتسوية قروضها بموجب خطة التنمية الوطنية. ولتشجيع تنمية القطاع الخاص، بدلاً من استثمار مبالغ القروض المتحصلة من رواتب الموظفين من وظائفهم اليومية، أو القروض الميسرة التي قد تُشطب في نهاية المطاف، قد يكون من الأفضل لبنك قطر للتنمية أو صندوق مرتبط به أن يستثمر بشكل أكثر اكتمالاً في المساعي الريادية، بأن يستثمر الصندوق في أسهم الشركات التي تتمتع بالقدرة على التوسع، وتقديم الدعم في مجال الحوكمة والتدريب لمؤسسي الأعمال، وتعيين الصندوق لعضو مجلس إدارة يتمتع بالخبرة. ومن المرجح أن تحظى الشركة بفرصة أفضل للنجاح، أو يمكن جعل القروض الجديدة مشروطة بخضوع المالكين للتدريب في مجال الحوكمة والتمويل. وستعود القروض المعفية من الفوائد بالنفع على بعض الشركات، ولكن من غير الصحي أن نسهل عن غير قصد اعتماد الشركات على التمويل الرخيص، بدلاً من السعي إلى التوسع من خلال النمو المبني على أسس المنافسة والكفاءة ونموذج الأعمال المربح. وهناك خيار آخر للشركات التي تعاني ماليًا، ولكنها تتمتع بالقدرة على التوسع، وهو الإعفاء الجزئي من الديون، بدلاً من شطب القرض بالكامل. ويشكل تشجيع روح المبادرة والتنويع الاقتصادي جزءًا لا يتجزأ من الإستراتيجية الاقتصادية لدولة قطر، ويخلص هذا التقرير إلى نتائج مشجعة. وهناك مجال كبير لتنفيذ المزيد من الإصلاحات. ولن يكون الاقتصاد متنوعًا بشكل كبير إذا كان يتألف في المقام الأول من عدد صغير من شركات النفط والغاز الضخمة التي تحقق أرباحًا من التصدير إلى جانب آلاف الشركات الصغيرة العاملة في قطاع الخدمات. ولابد من رعاية الشركات التي تتمتع بالقدرة على التوسع والنمو على المستوى الدولي، مثل الشركات العاملة في مجالات التكنولوجيا وخدمات المعلومات والتصنيع. ويجب أيضًا تقديم حوافز للوافدين لتشجيعهم على تأسيس شركاتهم والبقاء في قطر. ولكن بشكل عام، يشير التقرير إلى ملاحظات إيجابية بشأن الطموحات الاقتصادية لدولة قطر، وتؤكد مبادرات الحكومة على التزامها بالاستمرار في تنمية القطاع الخاص.

645

| 20 أكتوبر 2024

التوازن الأمثل في التعامل مع الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة

لا تُعد العديد من القضايا التي تغطيها الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة مثيرة للجدل بطبيعتها. والواقع أن الأفكار التي تزعم أن الشركات لا ينبغي لها أن تلوث المحيط، ولا تعرض العمال أو أفراد الجمهور للأذى، ولابد أن تضم في مجلس إدارتها أشخاصًا صادقين وغير قابلين للفساد، تندرج ضمن الأفكار السائدة والمسلم بها. ولكن في السنوات الأخيرة، أصبح مفهوم "البيئة والمجتمع والحوكمة" مسيسًا ومستقطبًا، لا سيَّما في الولايات المتحدة الأمريكية. ومن بين الأسباب التي ساهمت في حدوث ذلك تغير المناخ، حيث تتعرض الشركات لضغوط شديدة لإجبارها على تبني سياسات وممارسات تقلل من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي. ويرى بعض المنتمين إلى جناح اليمين السياسي أن هذا النهج، إلى جانب السياسات الرامية إلى تحسين تمثيل الأقليات، هو "رأسمالية مستيقظة"، وأن الهدف السليم لأي عمل تجاري يجب أن يكون ضمان تحقيق عوائد تجارية قوية لأصحابه، وليس أن يكون وسيلة للنشاط السياسي. وقد أقرت بعض الولايات الأمريكية ذات القيادة المحافظة مثل تكساس تشريعات توجه الكيانات التي تديرها الدولة مثل صناديق التقاعد إلى التخلص من الاستثمارات في الشركات التي تمنح الأولوية للعوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة. والواقع هو أن الأشخاص الطبيعيين قادرون على تحديد الممارسات التي تلبي الحاجة إلى الاستدامة وممارسات الأعمال الحميدة. فعلى سبيل المثال، من الممكن أن يشجع التركيز على المسؤولية البيئية الإبداع في الاستخدام الفعال للطاقة والموارد، وهو ما يعزز الإنتاجية ويزيد بالتالي من الأرباح. وتُبشر التطورات في مجال الطاقة المتجددة وعلوم المواد والذكاء الاصطناعي بتحقيق المزيد من الفوائد، وربما تكون ذات تأثير تحويلي. وكثيرا ما تكون المسؤولية الاجتماعية مفيدة لاستقرار السوق والنمو الاقتصادي. وفي بعض الأحيان تبرز الحاجة للتوصل إلى حل وسط، أو قد تكون القرارات صعبة. فعلى سبيل المثال، قد تتعارض الأهداف البيئية مع الأهداف الاجتماعية، حيث تكون التدفئة بالوقود الأحفوري للمنازل أرخص، مع وجود اعتبارات تتعلق بتكلفة المعيشة. وتنسجم السياسة القطرية مع هذا التوجه العملي. ففي شهر يونيو الماضي، أطلق مصرف قطر المركزي استراتيجيته ومبادئه الخاصة بالاستدامة والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية للقطاع المالي. وتستند هذه الاستراتيجية والمبادئ إلى ثلاثة ركائز أساسية هي إدارة المخاطر المناخية والبيئية والاجتماعية داخل القطاع المالي، وتشجيع الاستثمارات الرأسمالية في التمويل المستدام، ودمج ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والاستدامة في العمليات الداخلية للبنك. وفي خطابه الرئيسي الذي ألقاه خلال شهر سبتمبر الماضي، أكد سعادة الشيخ بندر بن محمد بن سعود آل ثاني، محافظ البنك المركزي، على أهمية تحقيق التوازن بين النمو والاستدامة. وحث سعادته على استخدام أحدث وسائل التكنولوجيا للتخفيف من الانبعاثات الكربونية، ودعا إلى زيادة الاستثمار في المشاريع المستدامة. وقال سعادته "وكما كان للبنوك دور حاسم في تمويل الاقتصاد، فإنها قادرة على المساهمة في تعزيز الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على المدى الطويل، عبر توجيه الموارد اللازمة للمبادرات التي تحقق الجدوى الاقتصادية وتؤثر إيجابيا على التنمية." وأشار سعادته إلى الإمكانات الواعدة السندات الخضراء والتكنولوجيا المالية في تحقيق أهداف الاستدامة. وكان سعادته يلقي الكلمة الرئيسية في المؤتمر المصرفي العربي لعام 2024، الذي نظمه اتحاد المصارف العربية تحت عنوان "متطلبات التنمية المستدامة ودور المصارف". ويشير تناول القادة في أهم منطقة منتجة للنفط في العالم لخطورة تغير المناخ إلى أن الاعتبارات البيئية والاجتماعية والحوكمة، أو على الأقل، العديد من المؤشرات التي تندرج ضمن هذه الفئات العريضة، باتت سائدة الآن. وفي شهر سبتمبر الماضي أيضًا، قامت شركة MSCI العالمية التي تقدم خدمات الأبحاث والبيانات، برفع التصنيف البيئي والاجتماعي والحوكمة للبنك التجاري القطري من BBB إلى AA. وعلى نحو متزايد في عالم المال، من شأن التصنيف البيئي والاجتماعي والحوكمة المرتفع أن يخفض تكلفة الاقتراض، ويجذب المستثمرين. ويتبنى بعض النشطاء الأكثر حماسة، سواء كانوا مؤيدين أو معارضين للنظر إلى العوامل الاجتماعية والبيئية بعين الاعتبار في الاستثمارات أو القرارات التجارية الاستراتيجية، مواقف متطرفة. ولكن خير الأمور الوسط. كما يقول المثل: لا تكن ملكياً أكثر من الملك.

333

| 07 أكتوبر 2024

alsharq
سابقة قضائية قطرية في الذكاء الاصطناعي

بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...

2595

| 30 نوفمبر 2025

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

2070

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
عصا موسى التي معك

في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...

1548

| 02 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1545

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
أهلاً بالجميع في دَوْحةِ الجميع

ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...

1185

| 01 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1149

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

1143

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...

783

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

780

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
المجتمع بين التراحم والتعاقد

يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...

618

| 30 نوفمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

609

| 05 ديسمبر 2025

543

| 01 ديسمبر 2025

أخبار محلية