رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
من بين المفارقات المتعلقة بحالة الإنسان أن الإنفاق على العلاجات الطبية يتزايد مع عيشنا لحياة أطول وأكثر صحة. فقد أفاد المسح السنوي للاتجاهات الطبية العالمية الذي أجرته شركة الاستشارات ويليس تاورز واتسون بحدوث زيادة قياسية بلغت 10.7 % في تكاليف الرعاية الطبية خلال عام 2023، بارتفاع من 7.4 % في عام 2022. وكانت هناك بعض الاختلافات الإقليمية، حيث انخفضت الزيادات في تكاليف الرعاية الطبية بقارة أوروبا من 10.9 % إلى 9.3 %. وسجلت منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا مستوى أعلى، حيث ارتفعت من 11.3 % إلى 12.1 %. وهناك العديد من العوامل التي تدفع إلى زيادة تكاليف الرعاية الصحية. فقد أثر الارتفاع العالمي للتضخم خلال الفترة من عام 2022 إلى عام 2023 على قطاع الصحة، ولكن التضخم في هذا القطاع يبدو أكثر تعقيدًا من غيره. وبفضل التغطية الشاملة التي توفرها الدولة وتقديم خدمات التأمين الصحي الخاص بأسعار معقولة، أصبح هناك استخدام أعلى للخدمات؛ حيث يسعى الناس إلى الحصول على المساعدة الطبية لعلاج أمراض أقل خطورة، في حين كانوا في الماضي يكتفون بالراحة وتناول الأسبرين في التعامل معها. وهذا واضح في قطر، حيث تؤكد التقارير المستقلة أن الاستخدام المرتفع للخدمات الصحية يمثل اتجاهًا سائدًا في العديد من البلدان. وإذا كان المريض يتحمل تكاليف الرعاية الخاصة، فإن هذا يعني أنه لن يكون لديه حافز لطلب الحصول على فحوصات أو علاجات إضافية ليست ضرورية على الإطلاق. ولكن عندما تكون التكاليف مغطاة بالتأمين أو تتحمل تكاليفها الحكومة، فإن هذا الحافز لن يكون كافياً للمريض أو الطبيب، وربما يرغب الطاقم الطبي في توخي الحذر عبر إجراء عدد أكبر من الحد الأدنى من الفحوصات. ويحدث تأثير مماثل في دولة مثل الولايات المتحدة التي تتمتع بنظام قانوني ناضج وسجل حافل من التعويضات، حيث يرغب الأطباء في تجنب مقاضاتهم بسبب الإهمال، وقد يؤدي هذا إلى وجود ميل طبيعي إلى زيادة عدد الفحوصات والعلاجات إلى أقصى حد. وبالإضافة إلى حدوث التضخم بسبب ارتفاع تكلفة مستوى الخدمة، فقد ارتفع الإنفاق الكلي على الرعاية الصحية بلا هوادة. ومن المفارقات أن برامج الصحة الوقائية لا تعمل دائمًا على خفض الإنفاق على العلاج على مدار حياة الناس. فعلى سبيل المثال، يساهم انخفاض التدخين واستهلاك الكحول في الحد من الطلب على بعض الخدمات، ولكن الناس قد يعيشون لفترة أطول مع معاناتهم من أمراض مزمنة مثل مرض السكري. وعلى نحوٍ مماثل، يبشر الذكاء الاصطناعي بتوفير تشخيص أسرع وأكثر دقة لبعض الحالات في مرحلة مبكرة، وهو ما يتم في الوقت المناسب ويقلل من عدد الساعات السريرية اللازمة في مرحلة التشخيص، ولكن الذكاء الاصطناعي يتطلب استثمارات كبيرة وتدريبًا وقدرة تخزين على أجهزة الحاسوب. وتساهم كل هذه العوامل في دفع الإنفاق على الرعاية الصحية وتكاليف الوحدات إلى الارتفاع. وهناك بعض القوى المخففة للتضخم، مثل زيادة استخدام الأدوية المشاعة Generic Drugs، ولكن هذه القوى ليست كافية حتى الآن للحد من التضخم بشكل كبير. وقد أصبحت الرعاية الصحية صناعة عالمية بشكل متزايد، ومع توافر خدمات السفر الجوي بأسعار معقولة، نمت ظاهرة السياحة العلاجية على مر السنين. وقد يختار الأشخاص الذين يعيشون في دولة ترتفع تكاليف العلاج والرعاية الصحية فيها، مثل الولايات المتحدة أو ألمانيا، إجراء عملية جراحية في دول مثل كرواتيا أو البرازيل أو تايلاند حيث تكون التكلفة أقل بكثير. وحتى مع تمتع هؤلاء الأشخاص بقضاء عطلة كذلك في إطار هذه الرحلة، فقد تظل التكلفة الإجمالية أقل. وبالنسبة للعديد من المرضى، تعادل جودة العلاج الطبي الجودة التي قد تكون موجودة في أوطانهم، ومع ذلك قد لا تكون هذه الجودة مضمونة مع وجود مشاكل تتعلق بمراقبة الجودة والمعايير. ويتمثل المحرك الديموغرافي الرئيسي على المستوى الدولي في ارتفاع متوسط العمر المتوقع. ولا تقتصر هذه الظاهرة على البلدان الأكثر ثراءً. فقد انخفض معدل الفقر المدقع بشكل كبير خلال السنوات الثلاثين الماضية، وخاصة في آسيا. ولكن رغم عيش الناس لفترات أطول، إلا أنهم قد يعانون من أمراض مزمنة، وقد يسعون للحصول على المساعدة الطبية حتى في الحالات البسيطة إذا كان الوصول إليها سهلاً وبأسعار معقولة.
1596
| 29 سبتمبر 2024
تشكل البنوك وسيطًا ضروريًا لأي اقتصاد، باعتبارها جهات استيداع آمنة للنقد تقدم خدمات الائتمان للأسر والشركات للمساعدة في تنمية الاقتصاد. ومع خفض البنوك المركزية لأسعار الفائدة على مستوى العالم، واحتمال أن تكون هذه الأسعار أقل كثيرًا خلال العامين المقبلين مقارنة بالعامين السابقين، ستكون هناك آثار ملحوظة، وسيتعين على البنوك أن تدير أعمالها بعناية. ومع خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة بنسبة 0.50% خلال الأسبوع الماضي الذي اتبعته البنوك المركزية الخليجية حيث ترتبط معظم العملات بالدولار، فإننا مقبلون على فترة انخفاض لأسعار الفائدة. وتتكون أصول البنوك الخليجية والتزاماتها من مزيج من الدولار الأمريكي والعملات المحلية، ولكن الغلبة تكون للعملة المحلية. وسوف تنخفض تكلفة تمويل الالتزامات، التي تمثل بالنسبة للبنك الأموال التي يودعها العملاء، والتمويل من سوق رأس المال، والاقتراض من البنوك الأخرى ي، مع انخفاض أسعار الفائدة. وسوف ينخفض كذلك الدخل المكتسب من الأصول مثل قروض الأفراد والشركات. وسيميل الفارق بينهما إلى الانضغاط مع خفض أسعار الفائدة التي يفرضها البنك المركزي، وهو ما قد يؤدي إلى تقليل الربحية. ومن بين الاعتبارات المهمة أن هناك عادةً فارقا زمنيا قد يكون إيجابيًا أو سلبيًا لربحية البنك اعتمادًا على مزيج الأصول والخصوم. وتتحدد معظم القروض على أساس ربع سنوي لأنه لا يمكن إعادة تحديد القروض كل يوم من الناحية التشغيلية. ولكن في غضون ذلك، سيتم تخفيض تكلفة تمويل البنك لأنه يقترض في الأسواق الدولية. وتستند القروض والتمويلات الصادرة بالدولار الأمريكي إلى معدل التمويل المضمون لليلة واحدة (SOFR). ومن ناحية أخرى، ترتبط القروض بالعملة المحلية عادةً بسعر الإقراض المرجعي للسوق المعنية. وعادةً ما يكون تمويل السندات بسعر ثابت، لذلك فلن يُعاد تسعيره، في حين سيُعاد تسعير الودائع بالعملة المحلية. ويتعين على البنوك إدارة نظام أسعار الفائدة بحرص للحفاظ على الربحية، حيث تحتاج إلى إدارة صافي دخل الفائدة ومزيج دخل الرسوم في حساب الأرباح والخسائر، وإدارة الفجوات الزمنية. وستكون الأعمال والمنتجات القائمة على الرسوم العامل الرئيسي الذي يميز بين الفائزين والخاسرين. ويشمل ذلك إدارة الثروات والخدمات الإضافية والسمسرة. كما تحتاج البنوك إلى التعامل مع المنافسة المتزايدة من شركات الاتصالات والتكنولوجيا المالية، ويشمل ذلك رواج أنظمة الدفع الرقمية على الهواتف الجوالة دون الحاجة إلى فتح حساب مصرفي. وهذا شائع جدًا في العديد من البلدان الأفريقية، ويتزايد انتشاره بشكل متنامٍ في الشرق الأوسط أيضًا. ويمكن لشركات الاتصالات أن تقدم محافظ رقمية ومنصات دفع وخدمات تحويل الأموال للعملاء غير المتعاملين مع البنوك أو الذين يتعاملون معها بشكلٍ محدود. وعلى نحو مماثل، تستطيع شركات التكنولوجيا المالية أن توفر البساطة وسهولة الوصول للعملاء، والخدمات للأفراد غير المتعاملين مع البنوك. وفي الوقت الحاضر، قد تقدم هذه الشركات أيضًا خدمات أخرى، مثل الإقراض التجاري، والتأمين، ومنتجات تمويل رأس المال العامل. وفي مراحل مختلفة من الدورة الاقتصادية، تتمتع البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي بإدارة جيدة. فقد توصل تقرير صادر عن شركة ماكينزي في أواخر عام 2023 إلى أن عائد حقوق المساهمين لدى هذه البنوك أقوى من المتوسط العالمي، حسبما تم قياسه على مدى العقد السابق. كما أن تكاليف التشغيل كانت أقل، حيث تتمتع المؤسسات في دول مجلس التعاون الخليجي بتوافر رأس مال أفضل. كما أنها تسجل نتائج أفضل فيما يتعلق بالمرونة التشغيلية، فضلاً عن عوائد المساهمين في السنوات الأخيرة. وسوف تتقلص أرباح البنوك التقليدية، ولكن من الممكن تعويض ذلك من خلال خفض التكاليف التشغيلية، وإيجاد أسواق جديدة. وقد أنشأت بعض البنوك الراسخة في المنطقة شركات رقمية فرعية. ومن المرجح أن يكون لانخفاض أسعار الفائدة تأثير إيجابي على جودة الأصول في مختلف أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي. وسوف يوفر انخفاض أسعار الفائدة راحةً للمطورين العقاريين المتعثرين، كما سيقلل من الضغوط على جودة المحفظة الاستثمارية للبنوك وربما يقلل من متطلبات المخصصات. ويتوقع العديد من خبراء الاقتصاد والمراقبين أن تكون هناك تخفيضات تصل إلى 1.5%، وهو ما قد يؤدي إلى انخفاض أسعار الفائدة لدى البنوك المركزية إلى نحو 3.25% أو أقل بحلول نهاية عام 2025.
957
| 22 سبتمبر 2024
في الثالث والعشرين من أغسطس، ألقى جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، خطابًا حظي بمتابعة شديدة في جاكسون هول بولاية وايومنغ الأمريكية، أكد فيه أن الخطوة التالية ستكون خفض أسعار الفائدة بنحو 0.25 %، ومن المؤكد تقريبًا أن يحدث ذلك خلال هذا الأسبوع. وتأتي هذه الخطوة المتوقعة في أعقاب ظهور مؤشرات واضحة على تباطؤ سوق العمل في الولايات المتحدة، وارتفاع معدلات الثقة في اقتراب التضخم من النسبة المستهدفة البالغة 2 %. وهناك قلق خاص بشأن تباطؤ معدل نمو الوظائف. وقال باول: «لقد زادت المخاطر السلبية التي تهدد جهود التوظيف». ويتوقع بعض المستثمرين خفضًا أكبر لأسعار الفائدة بمقدار 0.50 %. ومن غير المرجح أن يحدث هذا لسببين: والسبب الأول هو أن هذه الخطوة قد تشكل صدمة في وقت من المرجح أن يرغب فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي في تجنب المفاجآت، والثاني أن صناع القرار لا يرغبون في أن يُنظَر إلى هذه الخطوة باعتبارها توجهًا حزبيًا سياسيًا. وفي بداية العام، أعرب المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب عن وجهة نظر مفادها أن باول كان يوالي الديمقراطيين من خلال ميله نحو خفض أسعار الفائدة، رغم أن بنك الاحتياطي الفيدرالي انتظر عدة أشهر قبل القيام بذلك، وهو ما يؤكد حياده. ولهذا السبب، من المرجح ألا يكون هناك المزيد من التخفيضات إلى ما بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية في نوفمبر. وفي جاكسون هول، أكد باول على نهج رزين وتكنوقراطي حيث قال: «إن اتجاه السير واضح، وسوف يعتمد توقيت ووتيرة خفض أسعار الفائدة على البيانات الواردة، والتوقعات المتغيرة، وموازنة المخاطر». وستلقى هذه الفترة التي تتسم بالهدوء ترحيبًا. فقد أدى رفع بنك اليابان لسعر الفائدة بمقدار 0.25% في الحادي والثلاثين من يوليو، إلى جانب ضعف الإشارات الاقتصادية الأمريكية، إلى تقليص هائل للمراكز في تجارة الفائدة على الين، وإلى اضطرابات في أسواق الأسهم العالمية. ولكن قيمة الين كانت في تراجع مستمر مع انخفاض أسعار الفائدة إلى الصِفر فعليًا، وعودة التضخم إلى الاقتصاد الياباني بعد سنوات من الانكماش. ومن ثم، فإن الارتفاع المتواضع في أسعار الفائدة لم يكن يشكل مفاجأة. ومنذ 31 يوليو، وعد البنك بعدم زيادة أسعار الفائدة مرة أخرى في ظل عدم استقرار الأسواق. وتحدث محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، أمام مجلسي البرلمان الياباني في نفس اليوم الذي ألقى فيه جيروم باول خطابه. وأكد أن البنك مستعد لرفع أسعار الفائدة بشكل إضافي إذا لزم الأمر، لكنه «يقظ للغاية» فيما يتعلق بظروف السوق. ولكن من السذاجة دومًا الاعتقاد بأن رفع أسعار الفائدة من شأنه أن يكبح النمو وأن خفض أسعار الفائدة يضمن تحفيز الاقتصاد. وقد تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة للغاية إلى سوء تخصيص رأس المال والاستثمار في أصول غير منتجة، وهو ما يتسبب في إبطاء النمو. ويتميز المستوى السائد في أغلب الاقتصادات المتقدمة، الذي يبلغ نحو 5% أو أكثر قليلاً، بأنه معتدل، وفقًا للمعايير التاريخية، وليس مرتفعًا، ويكافئ المدخرين. وقد ساهم استعادة أسعار الفائدة الإيجابية بشكل كبير خلال عامي 2022 و2023 في إعادة التوازن للاقتصادات. وعلى عكس بعض التوقعات، لم تؤد الزيادات إلى حدوث ركود. فقد انخفض معدل البطالة إلى أدنى مستوى له عند 3.4% في الولايات المتحدة خلال شهر أبريل 2023. وفي 18 أغسطس من هذا العام، خفض بنك جولدمان ساكس تقديراته المئوية لخطر الركود في الأشهر الاثني عشر التالية من 25 % إلى 20 %. بالنسبة للاقتصادات الخليجية التي تربط أغلب عملاتها بالدولار، سيؤدي خفض أسعار الفائدة الفيدرالية إلى خفض أسعار الفائدة المحلية بالتبعية، مع وجود فارق بسيط عن سعر الفائدة الفيدرالي يبلغ نحو في المتوسط 0.50 %. وفي حالة قطر، ونظرًا لقوتها المالية وارتفاع تصنيفها الائتماني وتحسن آفاقها الاقتصادية، هناك مبرر لخفض هذا الفارق بشكل أكبر. وسيرحب العديد من المستثمرين بخفض أسعار الفائدة، خاصة في قطاع العقارات، حيث تشير البيانات إلى ارتفاع الديون وتراجع التدفقات النقدية بسبب انخفاض نسب الإشغال وتراجع عوائد الإيجار. وفي السياق الحالي، من المرجح أن يكون لهذه الخطوة تأثير تحفيزي للاقتصاد، نظرًا لارتفاع مستوى الاقتراض في بعض القطاعات وعدم وجود مشكلة تضخم محلية.
540
| 16 سبتمبر 2024
في الثالث والعشرين من أغسطس، ألقى جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، خطابًا حظي بمتابعة شديدة في جاكسون هول بولاية وايومنغ الأمريكية، أكد فيه أن الخطوة التالية ستكون خفض أسعار الفائدة بنحو 0.25 %، ومن المؤكد تقريبًا أن يحدث ذلك خلال هذا الأسبوع. وتأتي هذه الخطوة المتوقعة في أعقاب ظهور مؤشرات واضحة على تباطؤ سوق العمل في الولايات المتحدة، وارتفاع معدلات الثقة في اقتراب التضخم من النسبة المستهدفة البالغة 2 %. وهناك قلق خاص بشأن تباطؤ معدل نمو الوظائف. وقال باول: «لقد زادت المخاطر السلبية التي تهدد جهود التوظيف». ويتوقع بعض المستثمرين خفضًا أكبر لأسعار الفائدة بمقدار 0.50 %. ومن غير المرجح أن يحدث هذا لسببين: والسبب الأول هو أن هذه الخطوة قد تشكل صدمة في وقت من المرجح أن يرغب فيه بنك الاحتياطي الفيدرالي في تجنب المفاجآت، والثاني أن صناع القرار لا يرغبون في أن يُنظَر إلى هذه الخطوة باعتبارها توجهًا حزبيًا سياسيًا. وفي بداية العام، أعرب المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب عن وجهة نظر مفادها أن باول كان يوالي الديمقراطيين من خلال ميله نحو خفض أسعار الفائدة، رغم أن بنك الاحتياطي الفيدرالي انتظر عدة أشهر قبل القيام بذلك، وهو ما يؤكد حياده. ولهذا السبب، من المرجح ألا يكون هناك المزيد من التخفيضات إلى ما بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية في نوفمبر. وفي جاكسون هول، أكد باول على نهج رزين وتكنوقراطي حيث قال: «إن اتجاه السير واضح، وسوف يعتمد توقيت ووتيرة خفض أسعار الفائدة على البيانات الواردة، والتوقعات المتغيرة، وموازنة المخاطر». وستلقى هذه الفترة التي تتسم بالهدوء ترحيبًا. فقد أدى رفع بنك اليابان لسعر الفائدة بمقدار 0.25% في الحادي والثلاثين من يوليو، إلى جانب ضعف الإشارات الاقتصادية الأمريكية، إلى تقليص هائل للمراكز في تجارة الفائدة على الين، وإلى اضطرابات في أسواق الأسهم العالمية. ولكن قيمة الين كانت في تراجع مستمر مع انخفاض أسعار الفائدة إلى الصِفر فعليًا، وعودة التضخم إلى الاقتصاد الياباني بعد سنوات من الانكماش. ومن ثم، فإن الارتفاع المتواضع في أسعار الفائدة لم يكن يشكل مفاجأة. ومنذ 31 يوليو، وعد البنك بعدم زيادة أسعار الفائدة مرة أخرى في ظل عدم استقرار الأسواق. وتحدث محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، أمام مجلسي البرلمان الياباني في نفس اليوم الذي ألقى فيه جيروم باول خطابه. وأكد أن البنك مستعد لرفع أسعار الفائدة بشكل إضافي إذا لزم الأمر، لكنه «يقظ للغاية» فيما يتعلق بظروف السوق. ولكن من السذاجة دومًا الاعتقاد بأن رفع أسعار الفائدة من شأنه أن يكبح النمو وأن خفض أسعار الفائدة يضمن تحفيز الاقتصاد. وقد تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة للغاية إلى سوء تخصيص رأس المال والاستثمار في أصول غير منتجة، وهو ما يتسبب في إبطاء النمو. ويتميز المستوى السائد في أغلب الاقتصادات المتقدمة، الذي يبلغ نحو 5% أو أكثر قليلاً، بأنه معتدل، وفقًا للمعايير التاريخية، وليس مرتفعًا، ويكافئ المدخرين. وقد ساهم استعادة أسعار الفائدة الإيجابية بشكل كبير خلال عامي 2022 و2023 في إعادة التوازن للاقتصادات. وعلى عكس بعض التوقعات، لم تؤد الزيادات إلى حدوث ركود. فقد انخفض معدل البطالة إلى أدنى مستوى له عند 3.4% في الولايات المتحدة خلال شهر أبريل 2023. وفي 18 أغسطس من هذا العام، خفض بنك جولدمان ساكس تقديراته المئوية لخطر الركود في الأشهر الاثني عشر التالية من 25 % إلى 20 %. بالنسبة للاقتصادات الخليجية التي تربط أغلب عملاتها بالدولار، سيؤدي خفض أسعار الفائدة الفيدرالية إلى خفض أسعار الفائدة المحلية بالتبعية، مع وجود فارق بسيط عن سعر الفائدة الفيدرالي يبلغ نحو في المتوسط 0.50 %. وفي حالة قطر، ونظرًا لقوتها المالية وارتفاع تصنيفها الائتماني وتحسن آفاقها الاقتصادية، هناك مبرر لخفض هذا الفارق بشكل أكبر. وسيرحب العديد من المستثمرين بخفض أسعار الفائدة، خاصة في قطاع العقارات، حيث تشير البيانات إلى ارتفاع الديون وتراجع التدفقات النقدية بسبب انخفاض نسب الإشغال وتراجع عوائد الإيجار. وفي السياق الحالي، من المرجح أن يكون لهذه الخطوة تأثير تحفيزي للاقتصاد، نظرًا لارتفاع مستوى الاقتراض في بعض القطاعات وعدم وجود مشكلة تضخم محلية.
456
| 15 سبتمبر 2024
بلغت أرقام النمو العالمي نحو 3% في المتوسط، مع تأرجح معدل التضخم في نطاق يتراوح بين 2-4%، وهي أرقام معقولة، وتمثل مصدرًا للشعور بالراحة لدى الكثيرين في أعقاب الصدمات التي حدثت خلال الفترة من 2022-2023، عندما تجاوز معدل التضخم حاجز الـ 10%، وتعطلت سلاسل التوريد بسبب النزاعات الدولية، وبدأ العالم الاقتصادي يتأرجح على شفا الركود. ولكن رغم أن هذه التطورات تمثل هبوطًا هادئًا، إلا أن هناك شعورا بالقلق إزاء الآفاق المستقبلية للنمو والتضخم، حيث تشكل التدابير الحمائية جزءًا كبيرًا من جدول الأعمال، وخاصة إذا فاز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية. وفي شهر يوليو الماضي، قدَّم التقرير ربع السنوي لآفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي نظرة عامة موجزة عن الديناميكيات الاقتصادية لعام 2024 والآفاق المستقبلية. ويُظهر التقرير كيف يخفي رقم التضخم الرئيسي تحديات، مع استمرار ارتفاع الضغوط الناجمة عن الأجور والتضخم في قطاع الخدمات. ويرصد التقرير انخفاض التضخم، لكنه لا يتوقع حدوث المزيد من الانخفاضات، على الاتجاهات الحالية. وقد تنخفض أسعار الفائدة في هذا الشهر. وتساهم عودة النزاعات التجارية والرسوم الجمركية المفروضة على الواردات في زيادة تعقيد الخيارات المتاحة لصناع السياسات. ويُعد محاولة توقع النتائج الاقتصادية للقرارات السياسية أمرًا محفوفًا بالمخاطر، وذلك بسبب العواقب غير المتوقعة والتفاعلات المعقدة. ويفكر المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب في فرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات السلع الصينية، وخفض قيمة الدولار. وتشير التقارير إلى أن الصين تقوم بتخزين السلع ذات الأهمية الاستراتيجية، مثل الحبوب والنفط والغاز الطبيعي، كإجراء احترازي محتمل تحسبًا للحروب التجارية أو الحروب الفعلية. وقد ارتفعت واردات السلع الأساسية بنسبة 16% من حيث الحجم في عام 2023. وتتباين هذه السياسات مع الاتجاه العالمي السائد من عام 2000 تقريبًا إلى منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وفي السياق الجديد، يتمثل التطور المهم في أن نفوذ البنوك المركزية يبدو آخذًا في التضاؤل. وكانت العقيدة التقليدية المتبعة على مدى السنوات الثلاثين الماضية تتمثل في استخدام أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم، لكن هذه العقيدة كانت تفترض اتباع مبادئ التجارة الحرة إلى حد ما وتنامي العولمة. وقد يكون التضخم أقل تأثرًا بالسياسة النقدية؛ فعلى سبيل المثال، كان ارتفاع التضخم خلال الفترة من 2022-2023 ناتجًا عن حدوث صدمات في إمدادات السلع المادية، وليس المعروض النقدي. وقد بدأت الشركات متعددة الجنسيات في تعزيز المرونة في سلاسل التوريد، لكن هذه المحاولات تساهم في ارتفاع التكلفة. ورغم أن منظور صندوق النقد الدولي مفيد إلى حد كبير، هناك تحد في أنه لا توجد حكومة واحدة أو هيئة أخرى مسؤولة عن اقتصاد العالم، حيث تمنح الحكومات الوطنية الأولوية لشعوبها وآفاق النمو. وعلى هذا، يميز صندوق النقد الدولي بين الاقتصادات التي تكون فيها معدلات التضخم منخفضة، ويمكن فيها تخفيف أسعار الفائدة، وبين تلك الاقتصادات التي يتعين عليها أن تظل أكثر يقظة في التعامل مع الضغوط التضخمية. وهناك مجال آخر من الاختلاف الملحوظ بين الدول يتمثل في مستويات الإنتاجية. ويشير صندوق النقد الدولي إلى أن «العوامل ليست كلها دورية»، ويوصي باتخاذ إجراءات سياسية حاسمة لتعزيز ديناميكية الأعمال، وتحسين تخصيص الموارد وسياسات سوق العمل، مثل دمج النساء والمهاجرين بشكل أكثر اكتمالاً في قوة العمل، وهي أولوية خاصة للاقتصادات المتقدمة التي تعاني من ضغوط ديموغرافية. ولحسن الحظ، هناك العديد من التطورات الجارية بخلاف سياسات التعريفات الجمركية وغيرها من القيود التجارية، حيث تستثمر الحكومات والمستثمرون والشركات الكبرى في الطاقة النظيفة، وتُبشر ثورة الذكاء الاصطناعي بحدوث تحسينات في الكفاءة والإنتاجية بالإضافة إلى طرح خدمات جديدة. ويبدو النمو المتوقع لعام 2024 في أكبر اقتصادين غير غربيين، وهما الهند والصين، صحيًا إلى حد معقول، بنسبة 7% و5% على التوالي. ومن المتوقع أن تستفيد الهند من حزمة تحفيز مالي كبيرة متفق عليها بين الرئيس مودي وحكومته الائتلافية الجديدة بقيمة 2 تريليون روبية (24 مليار دولار)، تركز على التعليم والتوظيف. ويعني تعزيز الاتصال الرقمي في جميع أنحاء العالم أنه سيصبح بإمكان المزيد من الأشخاص في الاقتصادات الناشئة الانخراط في قطاع الخدمات العالمي. وقد أصبح الاقتصاد العالمي متوازنًا بشكل دقيق بين النمو والانكماش، وبين الترابط الدولي والصراع.
261
| 08 سبتمبر 2024
شهدت أسواق الأسهم العالمية خلال شهر أغسطس انهيارات هائلة أعقبها انتعاش سريع نوعًا ما. والدورة الاقتصادية الحالية في العديد من الأنظمة بالأسواق المالية تعني أن التعديلات، التي قد تكون ضرورية وعقلانية من حيث المبدأ، قد تتجاوز الحد المعقول. وكان إلغاء الصفقات المرتبطة بالاقتراض بالين الياباني للاستثمار في أماكن أخرى Carry Trade، والذي ساهم في تسجيل انخفاض هائل بنسبة 12% في مؤشر توبكس الياباني، قد حدث نتيجةً لرفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس فقط من قِبَل بنك اليابان في الحادي والثلاثين من يوليو، بارتفاع من نسبة الصفر فعليًا. وقد حدث هذا في وقت تزايدت فيه التكهنات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سيخفض أسعار الفائدة هذا الشهر. وكان من شأن تقليص الفارق بين أسعار الفائدة اليابانية والأمريكية أن يدفع العديد من صفقات التحوط إلى الخسارة. فضلاً عن ذلك، أدت الانخفاضات إلى إطلاق إشارات بيع في صناديق التتبع. بالنسبة لمديري الاستثمار، الذين يعملون لصالح صناديق التقاعد على سبيل المثال، يبدو استثمار الجزء الأكبر من الاستثمار في صناديق سلبية أو صناديق تتبعية خيارًا آمنًا؛ حيث لن يؤدي ذلك إلى طردك من العمل. وهذه الصناديق مبرمجة لإصدار أوامر بيع عند نقاط بيانات معينة، وتتدفق هذه الأوامر عبر النظام. وثمة حاجة إلى جعل مثل هذه الصناديق أكثر تطورًا، مع وجود إجراءات احترازية لمنع البيع المتراكم عندما تتحول بضعة مؤشرات فقط إلى السلبية. وتتسم الصناديق السلبية بأنها رخيصة في إدارتها، وأن كمية الأموال التي تتدفق إليها مستمرة في النمو. وكانت بيانات سوق العمل الأمريكية التي أزعجت المستثمرين هي الأخبار التي تفيد بإضافة 114 ألف وظيفة، مقارنة بحوالي 175 ألف وظيفة متوقعة. وربما كانت هذه البيانات مخيبة للآمال، لكنها لا تنذر بكارثة كساد كبرى مماثلة لتلك التي حدثت في ثلاثينيات القرن العشرين. وسجل معدل البطالة نسبة 4.3%، بارتفاع من أدنى مستوى مسجل له بلغ 3.4% في أبريل 2023. ورغم كل ما يعج به العالم المالي من بيانات، فلا يبدو أن هناك رقمًا دقيقًا يشير إلى حجم تجارة الفائدة على الين التي بلغتها بحلول نهاية شهر يوليو. وتتراوح التقديرات بين 500 مليار دولار و4 تريليونات دولار، ومن الصعب تحديد حجمها. وهناك أكثر من نوع واحد من أنواع الاستثمار التي قد تندرج تحت بند تجارة الفائدة على الين. فهناك الاقتراض بالين من جانب صناديق التحوط وغيرها من المستثمرين قصيري الأجل للاستثمار في أصول دولية، وكثير منها في الولايات المتحدة وبعضها الآخر مثل البيزو المكسيكي. فضلاً عن ذلك، هناك الاستثمار من جانب المؤسسات والأسر اليابانية على المستوى الدولي. وهناك فئة ثالثة تتمثل في شراء الأسهم اليابانية من جانب المستثمرين الدوليين كتحوط للعملة. وهناك عامل آخر يتمثل في أن أسعار الأسهم كانت تبدو مبالغًا فيها، لدرجة أن العديد من المستثمرين كانوا يبحثون عن إشارة للبيع. فقد كانت أسهم التكنولوجيا الأمريكية ترتفع طوال العام وسط آمال في أن تتجه تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي نحو تحقيق طفرة. وقد أدى هذا إلى ارتفاع نسبة السعر إلى الأرباح التي لا يمكن تبريرها إلا في ظل السيناريوهات الأكثر تفاؤلاً لثورة الذكاء الاصطناعي. وكانت بعض إعلانات الأرباح من شركات التكنولوجيا خلال الصيف مخيبة للآمال، ولكنها لم تكن مثيرة للقلق كما هو الحال مع إحصاءات سوق العمل. وعلى الرغم من التقلبات الجامحة التي شهدتها أسعار الأصول خلال شهر أغسطس، لاحظ كثيرون أن الأساسيات الاقتصادية لم تتغير. ولكن المشكلة تكمن في أن أسعار بعض الأسهم لا تزال تبدو مبالغًا فيها. يضاف إلى ذلك الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجراؤها في نوفمبر مع عدم وضوح الفائز وسياساته الاقتصادية. ويبدو أن عجز القطاع العام الأمريكي سيستمر في الارتفاع بغض النظر عمن سيتولى سدة الحكم في البيت الأبيض. ولا تزال هناك مؤشرات على حدوث نمو اقتصادي على المستوى العالمي، كما انخفض التضخم عن أعلى مستوياته في عام 2022. ومن الممكن، بل ومن المرجح، أن يجد الاقتصاد الأمريكي هبوطه الهادئ. ولكن هناك سابقة لانهيار أسواق الأسهم في خريف نصف الكرة الشمالي: فقد حدثت الانهيارات الثلاثة الكبرى في أعوام 1929 و1987 و2008 خلال شهري سبتمبر أو أكتوبر. ولذلك، قد يكون الربع الأخير من عام 2024 متوترًا.
366
| 01 سبتمبر 2024
هناك نوعان من البطاريات التي تُستخدم في صناعة السيارات الكهربائية، لكنهما يشتركان في استعمال عنصر مشترك هو الليثيوم. ويُفضل المصنعون الصينيون بطاريات ليثيوم فوسفات الحديد، التي تُعرف اختصارًا باسم بطاريات LFP، في حين يفضل الغرب البطاريات المصنوعة من الليثيوم والنيكل والمنغنيز والكوبالت (NMC). ويُستخدم الليثيوم أيضًا في البطاريات العملاقة التي تُستعمل لتخزين الكهرباء بواسطة طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وتكون جاهزة للاستخدام عند الطلب. ومع استمرار مسيرة تحول الطاقة، أصبح تعدين الليثيوم وتكريره في القرن الحادي والعشرين شبيهًا لما كان عليه استكشاف النفط وتطويره في القرن العشرين. ويتميز الليثيوم بأنه أخف المعادن، حيث يبلغ العدد الذري له 3 فقط، وهو عنصر شديد التفاعل، حيث يحترق الليثيوم النقي عند تعرضه للماء. ومن ثم فإنه يوجد بشكل طبيعي في شكل مركب، بما في ذلك في العديد من البحيرات المالحة الموجودة في أمريكا الجنوبية، وكذلك في الخام المعروف باسم الإسبودومين. وهناك رواسب عالمية كبيرة من الليثيوم، ولكن عملية استخراجه وتنقيته مكلفة وتستهلك الكثير من الطاقة. ويُمثل صعود وسائل النقل التي تعمل بالطاقة الكهربائية، وغيرها من تقنيات الوقود غير الأحفوري، تحديًا لشركات النفط والغاز. ومع ذلك، فإن هذا الأمر يتيح أيضًا فرصةً قيِّمة لهذه الشركات لأن العديد من المهارات الأساسية المطلوبة في إنتاج الليثيوم تُشكل بالفعل جزءًا من كفاءتها الأساسية. وتتمتع شركات النفط العملاقة بخبرة في الجيولوجيا ورسم خرائط الخزانات والحفر الدقيق والتكرير. وهناك أوجه تشابه بين التدابير التنظيمية وتدابير الحماية البيئية في التنقيب عن النفط وتعدين الليثيوم. وكانت شركة النفط العملاقة إكسون موبيل قد حفرت أول بئر لليثيوم في أركنساس بالولايات المتحدة الأمريكية. كما وقعت اتفاقية مع شركة إس كي أون (SK On)، وهي شركة تصنيع كورية جنوبية، لتوريد الليثيوم الذي يُستخدم في صناعة بطاريات الليثيوم أيون الخاصة بها. وهناك مجال كبير للحد من التأثير البيئي وتحسين الكفاءة الاقتصادية في استخراج الليثيوم، حيث تتضمن الطريقة التقليدية استخدام برك تبخر كبيرة في الأماكن التي توجد فيها مركبات الليثيوم بشكل طبيعي في المحاليل الملحية، كما هو الحال في بوليفيا والأرجنتين وتشيلي. وهذه عملية بطيئة تؤدي إلى أن يصبح حوالي 30٪ فقط من الليثيوم الموجود في المحلول الملحي قابلاً للاستخدام. وتستثمر شركة إكسون موبيل وشركات النفط الأخرى في طرق لتحسين هذه العملية، حيث طورت هذه الشركات غشاء بوليمر لديه القدرة على استخراج 90% من الليثيوم من الماء المالح وفقًا للتوقعات، في عملية تستخدم مساحةً أقل، عبر تصفية المعادن الأخرى مثل البوتاسيوم. وفي الشرق الأوسط، تستثمر شركات النفط والغاز أيضًا بكثافة في عملية تحول الطاقة. ونظرًا للنطاق العالمي لصناديق الثروة السيادية، ينبغي اعتبار صناعة الليثيوم قطاعًا يستحق الاستثمار. وفي بداية عام 2024، أعلنت شركة أرامكو السعودية، وهي أكبر شركة للنفط في العالم، عن تخصيص 4 مليارات دولار إضافية من صناديق رأس المال الاستثماري لشركة أرامكو فينتشرز، أي أكثر من ضعف المبلغ الذي كان مخصصًا لهذه الشركة، ليصل إلى 7 مليارات دولار. وسوف يُستثمر هذا المبلغ في مصادر الطاقة الجديدة والمواد الكيميائية والمواد التحويلية والتكنولوجيا الرقمية. وفي أكتوبر 2022، أعلنت قطر عن استثمار مبلغ إضافي بقيمة 2.3 مليار ريال قطري في محطات الطاقة الشمسية في مسيعيد ورأس لفان، وهو ما يضاعف إجمالي الاستثمار في قطاع الطاقة الشمسية تقريبًا وصولاً إلى 4 مليارات ريال قطري. وستنتج محطة الخرسعة للطاقة الشمسية حوالي 10% من احتياجات قطر من الطاقة. وقد واصلت شركة قطر للطاقة عمليات الاستثمار في النفط والغاز، حيث اشترت العام الماضي منطقتين للتنقيب البحري في كندا من شركة إكسون موبيل. وخلال الفترة الحالية التي تشهد عملية تحول الطاقة، يحقق منتجو النفط والغاز في الشرق الأوسط أرباحًا ضخمة. وتقع احتياطيات النفط بالقرب من السطح فضلاً عن كونها احتياطات ضخمة، كما أن استخراجها غير مكلف نسبيًا. فعلى سبيل المثال، تُعَد شركة أرامكو السعودية ثاني أكبر شركة في العالم من حيث الإيرادات، بعد شركة التجزئة العملاقة وول مارت، وتبلغ قيمة الإيرادات لكل موظف 8.5 مليون دولار. ومن المجدي استثمار هذه الأرباح غير المتوقعة في تنويع مصادر الطاقة والقاعدة الاقتصادية بالمنطقة، وهو أمر منطقي لأسباب اقتصادية واجتماعية وبيئية.
336
| 25 أغسطس 2024
تحول ارتفاع التضخم إلى مشكلة في الآونة الأخيرة. ففي عام 2022، توصل استطلاع دوري للرأي جرى في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن التضخم بات أهم قضية اقتصادية تواجه البلاد لأول مرة منذ أوائل الثمانينيات. وفي ذلك الوقت، قدَّم بول فولكر، رئيس المصرف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الفترة من 1980 إلى 1987، فكرة رفع أسعار الفائدة بنسبة مرتفعة للغاية للحد من المشكلة، وهو ما أدى إلى توجيه انتقادات سياسية قوية لهذه الفكرة واندلاع احتجاجات عارمة ضدها. وبلغ التضخم ذروته عند مستوى 14.8 % في عام 1980. وبموجب سياسته، ارتفعت أسعار الفائدة الفيدرالية إلى مستوى استثنائي بلغ 21 %، لكن التضخم انخفض بالفعل ليصل إلى 3 % بحلول عام 1983، وبعد ذلك انخفضت أسعار الفائدة. ورأى فولكر أن التضخم ليس أمرًا غير مرغوب فيه فحسب، بل إنه خطير أيضًا. فإذا كانت مستويات الزيادة في الأجور أقل من معدل التضخم، فإن مستويات المعيشة تتآكل باستمرار، وإذا ارتفعت لأعلى من ذلك، فقد تضطر الشركات إلى نقل التكاليف إلى العملاء، وهو ما يؤدي بالتبعية إلى ارتفاع التضخم بشكل أكبر في دوامة تصاعدية. ويمكن للمدافعين عن فولكر أن يجادلوا بأن سياسته، التي أصبحت تعرف باسم «صدمة فولكر»، كانت متطرفة ولكنها فعالة. وقد سادت فترة طويلة من النمو الاقتصادي مع انخفاض التضخم في أعقاب فترتين من الركود الحاد والقصير. ولكن تأثير الانكماش الاقتصادي كان شديدًا وارتفعت معه معدلات البطالة. وفي العقود الأخيرة، أصبح من المعتاد أن تحدد البنوك المركزية هدفًا رسميًا لمعدل التضخم، عند مستوى 2 % في العادة، وأن تستخدم أسعار الفائدة باعتبارها أداةً في السياسة النقدية. وإذا كان بول فولكر من صقور التضخم، فإن خليفته ألان جرينسبان كان أكثر حمائمية في فترة ولايته الطويلة من عام 1987 إلى عام 2006. وقد ساهمت أسعار الفائدة المنخفضة التي سادت في أواخر التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في ظهور فقاعة الإنترنت خلال عام 2000، بالإضافة إلى الأزمة المصرفية في عام 2008، على الرغم من وجود عوامل أخرى. ويسعى رئيس المجلس الاحتياطي الفيدرالي الحالي جاي باول إلى تنفيذ عملية رفع أسعار الفائدة دون التسبب في الركود. ويشكل الوصف التقليدي للسبب الرئيسي للتضخم، أي الحاجة لدفع مبالغ طائلة مقابلاً لشراء عدد محدود جدًا من السلع، ملاحظةً مهمة. حيث إن الانكماش يمثل مشاكل أيضًا. وفي اليابان، أعقب انفجار فقاعة أسعار الأصول في أواخر الثمانينيات أزمة مصرفية وزيادة في مديونية الشركات. واختارت الشركات سداد الديون، وهو ما كان يعني انخفاض قيمة الاقتراض والاستثمار، مما أدى إلى انخفاض أسعار الأصول وأسعار التجزئة والأجور في دورة انكماشية استمرت لمدة قاربت الثلاثين عامًا خلال الفترة من 1990-2020. وفي قطر، لم يشكل التضخم مشكلة كبيرة. فقد بلغ معدل التضخم ذروته في عام 2008 حيث وصل إلى نسبة 15%، قبل أن يهبط إلى المنطقة السلبية خلال عام 2009 في أعقاب الأزمة المالية. وكانت هناك زيادة أكثر تواضعًا في عام 2022، وهو العام الذي شهد استضافة البلاد لمنافسات بطولة كأس العالم لكرة القدم، ولكنها انخفضت منذ ذلك الحين. وكان مؤشر أسعار المستهلك (CPI) في نطاق 4-5٪ خلال معظم عام 2022، ولكنه ظل عند مستوى أقل من 4٪ خلال عام 2023. وعند قياس التضخم، تجمع كل دولة سلةً من السلع والخدمات التي تُقاس التغيرات في أسعارها. وبشكل دوري، تحتاج هذه السلة إلى تحديث لإزالة العناصر الاستهلاكية التي أصبحت قديمة مثلاً. وليس من المفيد إجراء الكثير من التغييرات بشكل متكرر لأن المقارنات لن تكون متشابهة. وفي قطر، تم تعديل صيغة مؤشر أسعار المستهلك خلال الفترة 2013-2018، ولكن مع إجراء تعديلات طفيفة فقط على الفئات الرئيسية. وقد ارتفع الوزن النسبي لتكلفة الأغذية والمشروبات من 12.58 % إلى 13.45 %، أما بالنسبة للسكن فقد انخفض قليلاً من 21.89 % إلى 21.17 %، بينما تغير الوزن النسبي لتكلفة خدمات الترفيه والثقافة من 12.68% إلى 11.1%. وتؤكد التجارب الأخيرة أن تحديد معدل التضخم المستهدف عند مستوى 2 % هو معدل منطقي، لأنه ينسجم مع النمو الاقتصادي وارتفاع مستويات المعيشة. ولكن في اقتصاد العولمة هناك العديد من العوامل التي تجعل تحقيق هذا المعدل الأمثل يمثل تحديًا دائمًا.
804
| 28 يوليو 2024
أدى تزايد الدعم للأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة في بعض الدول الأوروبية إلى إثارة القلق من أن الاعتدال النسبي في سياسات القارة الذي ساد لفترة طويلة، منذ الحرب العالمية الثانية وظهور الأنظمة الديكتاتورية في منتصف القرن العشرين، ربما يكون قد اقترب من نهايته. وهناك سببان وراء المبالغة في تقدير هذه المخاوف، على الأقل في الوقت الحالي، ذلك أن هذه الحركات تبدو أقل عدوانيةً مما كانت عليه في عصر الديكتاتوريات، ولا تسير في اتجاه واحد. يبدو خطاب العديد من القادة اليمينيين الشعبويين في أوروبا قويًا، فإن مقارنته مع خطابات موسوليني وفرانكو وهتلر في الثلاثينيات لا يُعدُ أمرًا دقيقًا؛ حيث قام هؤلاء القادة بإنشاء ديكتاتوريات قاسية وقمعية بشكل استثنائي. وقد عمل زعماء جناح اليمين الأوروبي المعاصر، حتى الآن على الأقل، في إطار الدستور وسيادة القانون. ورغم أنهم لا يشجعون على التسامح مع الأقليات أو المنشقين. وتحكم جورجيا ميلوني، رئيسة حزب أخوة إيطاليا، الذي يُعدُ حركة فاشية في إطار المنظمات السابقة له، بصفتها زعيمة تقليدية من يمين الوسط منذ أن أصبحت رئيسة للوزراء في عام 2023. وقام جوردان بارديلا، رئيس حزب مماثل في فرنسا، وهو حزب التجمع الوطني، بتقليص بعض السياسات عندما بدا أنه في طريقه إلى أن يصبح رئيسًا للوزراء في الانتخابات التي جرت خلال الفترة من 30 يونيو إلى 7 يوليو. وحسبما اتضح في 7 يوليو، حال تكتيك أحزاب الوسط واليسار المتمثل في إسقاط مرشحيها بشكل انتقائي، وتصويت مؤيديهم لهم بشكل تكتيكي، دون فوز حزب الجبهة الوطنية في الانتخابات. وكانت النتيجة ظهور برلمان معلق يضم ممثلي أحزاب اليسار واليمين والوسط بأعداد متساوية تقريبًا من المقاعد. وكان هناك نمط مماثل في الانتخابات البريطانية التي جرت في الرابع من يوليو الماضي، حيث دعم التصويت التكتيكي حزب العمال والديمقراطيين الليبراليين، وهو ما حد من تمثيل حزب المحافظين وحزب الإصلاح اليميني ليفوز حزب العمال بأغلبية ساحقة. ومع ذلك، لا تزال تجربة التمييز ضد الأقليات من ذوي التوجهات اليمينية في أوروبا قاسية؛ حيث لا تشجع السياسات العلمانية في فرنسا على ارتداء الزي الإسلامي، على سبيل المثال، ويناهض ممثلو حزب الجبهة الوطنية المسلمين بشكل علني. وقد هاجر عدد كبير من المسلمين الفرنسيين المتعلمين إلى المملكة المتحدة أو الشرق الأوسط. والصورة الجيوسياسية هي أن البلدان الديمقراطية المزدهرة نسبيًا كانت تجتذب المهاجرين، سواء الأشخاص الفارين من الحرب أو الاضطهاد، أو المهاجرين لأسباب اقتصادية. ولكن رغم حب اليمين المتطرف لاستغلال المخاوف المتعلقة بالهجرة، لا تُعدُ هذه القضية الشغل الشاغل لأغلب الناخبين. وقد أعربت بعض الأحزاب اليمينية عن معارضتها لدعم مقاومة أوكرانيا للقوات الروسية، ولكن هذا لا يشكل رأيًا شائعًا في أوروبا الغربية، حيث يبدو التعاطف مع أوكرانيا قويًا. ورغم تحقيق اليمين لمكاسب في فرنسا وألمانيا، إلا أنه تراجع في أماكن أخرى. وفي المملكة المتحدة، وصل اليمين إلى ذروة نجاحه مع التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016، وانتخاب المحافظين في عام 2019، بعد التخلص من الوزراء المعتدلين المؤيدين للاتحاد الأوروبي، مع الوعد بـ «إنجاز خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي». وفي عام 2024، فاز حزب العمال ببرنامج وسطي وحصلت أحزاب يسار الوسط الثلاثة على 53 % من الأصوات. وفي برلمان الاتحاد الأوروبي، منحت أحزاب يمين الوسط ويسار الوسط واليسار أصواتًا كافيةً للمرشحة المعتدلة أورسولا فون دير لاين ساهمت في فوزها برئاسة المفوضية الأوروبية. وبطبيعة الحال، قد يعود المرشح الشعبوي اليميني المهيمن في السياسة الغربية دونالد ترامب، إلى رئاسة الولايات المتحدة بعد الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في نهاية العام الحالي. وإذا فاز ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، من المرجح أن يسعى إلى الانتقام من أعدائه السياسيين في الداخل، وأن يتبنى سياسات الحماية في السياسة التجارية، ويسعى إلى التوصل لاتفاق سلام وسط بين أوكرانيا وروسيا مع خفض مساهمات الولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي. وفيما هو أبعد من ذلك، من الصعب توقع شكل رئاسته. وإذا افترضنا أن دستور الولايات المتحدة ومؤسساته ظل على حاله، فإن فترة ولايته ستكون مجرد أربع سنوات أخرى مضطربة، وفي نهايتها قد يتأرجح البندول السياسي مرة أخرى نحو الديمقراطيين.
309
| 21 يوليو 2024
يُمثِّل صعود شركات الطيران التي تتخذ من الشرق الأوسط مقرًا لها تطورًا مهمًا في الاقتصاد العالمي. ولا يقتصر التوسع على أفضل شركات الطيران المعروفة مثل الخطوط الجوية القطرية وشركتي الاتحاد للطيران وطيران الإمارات. فقد نقلت الخطوط الجوية التركية وشركة بيجاسوس للطيران ومقرهما إسطنبول 115 مليون مسافر في عام 2023، بزيادة نسبتها 10٪ عن الأرقام المسجلة في عام 2019 وذلك بفضل تحديث المطارات التركية وتوسيعها. وكان الطلب على النقل الجوي قد انخفض بشكل حاد خلال فترة الجائحة، وخاصة في عام 2020، عندما انخفض عدد الركاب إلى 1.8 مليار من 4.5 مليار في العام السابق. وانخفضت الإيرادات لكل راكب في كل كيلومتر، وهو مقياس صناعي شائع الاستخدام، بنسبة 66%. وقد عادت حركة النقل الجوي هذا العام فقط إلى مستويات قريبة من المستويات المسجلة قبل انتشار الجائحة. ومع ذلك، من المتوقع أن ينمو الطلب على النقل الجوي. ورغم أن الجائحة ألحقت أضرارًا شديدة بإيرادات جميع شركات الطيران، إلا أن بعض الشركات نجت بشكل أفضل من غيرها، وتمكنت من التعاقد مع موظفين من المنافسين المفلسين وشراء الشركات التي انخفضت قيمتها خلال فترة الانكماش الاقتصادي. وترجع أسباب ارتفاع الطلب على النقل الجوي في الغالب إلى صعود الطبقة المتوسطة في الشرق وأفريقيا، حيث بات لدى الناس رغبة طبيعية في السفر، ويساهم ارتفاع الدخل وإمكانية السفر الجوي بأسعار معقولة في زيادة احتمالية القيام بذلك لنسبة متزايدة من سكان العالم. وتتمتع وسائل التواصل الاجتماعي بتأثير مهم عبر تعزيز الوسائل التي يمكن للناس من خلالها الحصول على لمحة عن الوجهات السياحية الجذابة. وإجمالاً، تضيف منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير إلى سعة المطارات، التي من المتوقع أن تكون قادرة على التعامل مع 1.1 مليار مسافر بحلول عام 2040، أي أكثر من ضعف المستوى المسجل في عام 2019، الذي كان يبلغ 405 مليون مسافر. وعلى سبيل المثال، تستثمر دبي 35 مليار دولار في توسعة مطار ضخم، ويخضع مطار حمد الدولي لعملية توسعة كبيرة؛ ويقوم مطار الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية بإضافة صالة جديدة، ويجري التخطيط لإنشاء مطار رئيسي في مدينة نيوم. وتتميز بعض هذه التوسعات بأنه واسعة النطاق لدرجة قد تجد المناطق الأخرى صعوبة في مضاهاتها. والميزة الجغرافية التي تمتلكها الدول الصحراوية، بالمقارنة مع دول أوروبا الغربية ذات الكثافة السكانية العالية، هي توافر المساحة اللازمة لبناء مطارات ضخمة. وهناك ميزة استراتيجية أخرى تتمثل في وقوع هذه الدول بين قارات أفريقيا وأوروبا وآسيا، حيث تحتاح نسبة كبيرة من سكان العالم إلى ساعات طيران قليلة فقط للانتقال إلى هذه الدول. وقد نجحت دول الخليج في تسويق نفسها باعتبارها وجهات سياحية للإقامة القصيرة للمسافرين الذين يقطعون رحلتهم بين آسيا والغرب. وبالإضافة إلى شركات الطيران من تركيا والخليج، أطلقت شركة طيران الهند برنامجًا استثماريًا كبيرًا منذ خصخصتها وانتقال ملكيتها إلى شركة تاتا في عام 2022. وفي العام الماضي، خصصت الشركة استثمارًا ضخمًا بقيمة 34 مليار دولار في شراء حوالي 450 طائرة جديدة، مقسمةً بالتساوي تقريبًا بين شركتي بوينج وإيرباص. ويشهد معدل السفر الجوي للسكان الهنود نموًا سريعًا على الصعيدين المحلي والدولي. وعادةً ما تتمتع شركات الطيران في الشرق الأوسط بقاعدة تكلفة أقل مقارنةً بشركات الطيران الأوروبية، حيث تكون تكلفة العمالة أقل، كما أن الاتحاد الأوروبي لديه قوانين بيئية أكثر صرامة تلزم شركات الطيران على سبيل المثال بالبدء في استخدام الوقود ذي الانبعاثات المنخفضة، وهو ما يرفع من تكلفة تشغيل هذه الشركات. وخلال مؤتمر صناعي عقد في شهر مارس الماضي، أقر قادة شركتي «لوفتهانزا» و»كي إل إم – إير فرانس» بأنهما لا تستطيعان التنافس مع شركات الطيران الآسيوية على بعض خطوط المسافات الطويلة. فعلى سبيل المثال، اعتادت شركة لوفتهانزا أن تسيّر رحلات جوية مباشرة إلى 14 وجهة في جنوب شرق آسيا، لكن هذا العدد انخفض إلى اثنتين فقط، وهما بانكوك وسنغافورة. وبينما يواصل قطاع الطيران تعافيه من الآثار السلبية لجائحة كوفيد-19، الذي مثَّل أكبر اضطراب في أوقات السلم، تسجل شركات الطيران العاملة في منطقة الشرق الأوسط وبعض البلدان الآسيوية مكاسب واضحة.
777
| 14 يوليو 2024
العملة هي وسيلة للتبادل التجاري في الأساس. وكانت التجارة في العصور الأولى تتم عبر المقايضة. ومع ظهور الحضارات القديمة، حدث تطور للعملات المعدنية، التي كانت وسيلة تبادل معترف بها على نطاق واسع، وبالتالي امتلكت قيمة وأصبحت تُستخدم على نطاق واسع. وكان سقوط الإمبراطورية الرومانية باعتبارها كيانًا سياسيًا مهيمنًا في القرن الخامس قد ارتبط بالانخفاض التدريجي لقيمة عملاتها المعدنية في القرون السابقة والانهيار النهائي لقيمتها. وفي عام 1971، عندما أقدمت إدارة نيكسون على فك ارتباط الدولار بمعيار قيمة الذهب، أصبحت عملات العالم غير مرتبطة بالأصول الملموسة، ويصدر البنك المركزي الوطني هذه العملات. ومع انتشار الحوسبة منذ ستينيات القرن العشرين فصاعدًا، لم تتضمن المزيد من المعاملات استخدام العملات الورقية أو المعدنية. وفي السنوات الأخيرة، طُرحت عملات رقمية مستقلة مصممة لتمكين المعاملات بشكلٍ مباشر من جهاز إلى جهاز، دون وسيط مثل البنك. وتبدو الاختلافات بين العملات الرقمية والعملات التقليدية أقل مما قد يتصوره المرء، حيث تتم أكثر من 90 % من المعاملات المالية إلكترونيًا اليوم. وسيكون من المستغرب أن تذهب إلى أحد فروع البنك الذي تتعامل معه وتطلب رؤية كومة النقود، أو ما يعادلها من الذهب، التي تمثل قيمة الدولارات التي تحتفظ بها في حساب التوفير الخاص بك. ويثق المرء في أن بإمكانه استخدام الرصيد الذي يراه في حسابه عبر الإنترنت لشراء السلع والخدمات، وأن نظام البنك سيرتب ذلك. وتشبه المحفظة الرقمية، التي تعرض رصيد حسابك من العملة الرقمية على الهاتف الذكي. العملات الرقمية، وهناك ثلاثة أنواع من العملات الرقمية وهي: العملات المشفرة مثل البيتكوين، وهي عملات غير منظمة حازت شهرة واسعة بسبب درجة المضاربة والاحتيال المرتبط باستخدامها في بعض الحالات، ولكن يبدو أن استخدامها يتزايد. والفئة الثانية هي العملة المستقرة، وهي شكل من أشكال العملة الرقمية المرتبطة بعملة أو سلعة أو أداة مالية. والفئة الثالثة هي العملة الرقمية التي يطرحها البنك المركزي ويتحكم فيها، وعادةً ما ترتبط بالعملة الوطنية على قدم المساواة. وقد طرحت ثلاث دول، وهي جزر البهاما ونيجيريا وجامايكا، عملة رقمية بشكل كامل، ولكن هناك 134 دولة في المجمل، تمثل 98 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ما زالت تستكشف هذا الخيار. وتُستخدم المعاملات المالية الرقمية القائمة على الرسائل النصية القصيرة، مثل نظام M-PESA الشائع في الكثير من البلدان الواقعة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، بالفعل على نطاق واسع من قبل أشخاص لديهم هاتف جوال مع عدم امتلاكهم لحساب مصرفي. والفارق الرئيسي بين العملات الرقمية والمعاملات الرقمية التي تنطوي على استخدام العملات التقليدية هو أن البنوك لا تقوم بدور في هذه المعاملات. لذلك، يمكن للمرء الشراء من موفر السلع أو الخدمات مباشرة في حال قبوله للعملة الرقمية. وتتم المعاملات في الوقت الفعلي، بما في ذلك المعاملات الدولية؛ حيث يعمل النظام على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، ولا تخضع لرقابة من قبل بنك أو مؤسسة حكومية. وهذا بالطبع له جوانب إيجابية وسلبية. وقد أصبحت عمليات الدفع العابرة للحدود أسرع، على الرغم من أن النظام المصرفي يتجه نحو المعاملات الآنية. ولا توجد رسوم على المعاملات، وهي أقل بيروقراطية من إنشاء حساب مصرفي، ويستفيد الأشخاص ذوو الدخل المنخفض الذين لا يمتلكون حسابات مصرفية من هذه المعاملات. وعندما يحول العمال المهاجرون الأموال إلى أوطانهم، فإنهم يتحملون رسوم معاملات تبلغ حوالي 6.25 %، حسب البيانات الصادرة عن البنك الدولي، بينما لا يكلف تحويل الأموال باستخدام العملة الرقمية شيئًا. ولكن السرية والافتقار إلى التنظيم يعني بالطبع إمكانية استخدام العملات الرقمية غير الرسمية في أغراض غير قانونية، بما في ذلك استخدامها من قبل عصابات المخدرات والمنظمات الإرهابية. وفي قطر، يُحظر استخدام العملات المشفرة أو العملات المستقرة لهذا السبب. وهناك مشكلة أخرى تتعلق بالعملات الرقمية تتمثل في عدم وجود نظام تأمين في حالة حدوث خرق أمني وسرقة من المحفظة. وفي حالة البنوك التقليدية، عادةً ما يتم ضمان مدخراتك إذا ما تعرض البنك لهجوم إلكتروني. ومن الوارد أن تصبح العملات الرقمية جزءًا لا يتجزأ من المنظومة المالية، وربما لا مفر من إمكانية حدوث ذلك.
1200
| 07 يوليو 2024
العملات المشفرة هي شكل من أشكال العملات الرقمية التي يُنظر إليها أحيانًا على أنها عملات غير قانونية في عالم التمويل؛ أي أنها أدوات غير خاضعة للرقابة يمكن استخدامها في المضاربة وأنها العملة المفضلة للعصابات الإجرامية والإرهابيين. وفي ضوء ذلك، ما هو الأساس المنطقي الذي يدفع كل بنك مركزي في العالم تقريبًا إلى طرح عملته الرقمية الخاصة، وقيام صندوق النقد الدولي بنشر الإرشادات المتعلقة باستخدام هذه العملات؟ والحقيقة هي أن الثورة الرقمية تمضي على قدم وساق، وأنه لا توجد تكنولوجيا جيدة أو سيئة بطبيعتها، حيث يعتمد الأمر على استخدامات هذه التكنولوجيا، وفعالية اللوائح التنظيمية المتعلقة بها. وفي حين أن هناك ثلاث حكومات فقط طرحت العملة الرقمية بشكل كامل، لا تزال 134 دولة تبحث أو تدرس الفكرة، مع نظر معظمها الى مستوى البيع بالتجزئة، بالإضافة إلى المعاملات عالية القيمة. وفي منتصف يونيو، أعلن الشيخ أحمد بن خالد آل ثاني، مساعد المحافظ للأدوات المالية ونظم الدفع في مصرف قطر المركزي، عن أن المشروع التجريبي للعملة الرقمية سوف يشتمل على مشاركة المصرف المركزي والبنوك في تجارب تشتمل على مدفوعات عالية القيمة. وسيتم استكشاف أربعة استخدامات للعملة الرقمية، وهي: تسوية المدفوعات بين البنوك باستخدام العملة الرقمية، بهدف تحديد ما إذا كانت العملية تزيد من الكفاءة وتقلل من المخاطر. شراء الأوراق المالية بالعملة الرقمية، بيع وتداول الأوراق المالية بين البنوك باستخدام العملة الرقمية. استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بمستويات السيولة، بهدف مساعدة مصرف قطر المركزي على تعميق فهمه للمخاطر المرتبطة باستخدام العملة الرقمية. وسيتم إنشاء الحسابات الرقمية عبر تحويل الريال إليها بالتساوي. وقد أصبحت معظم المعاملات المالية رقمية بالفعل، ولا ترتبط العملات التقليدية بأصول مادية مثل الذهب. والفارق الحقيقي الوحيد بينها وبين العملات الرقمية، التي تعد شكلاً من أشكال التشفير بكميات مرئية على المحفظة الرقمية، هو أن المعاملات تتم مباشرة من جهاز إلى جهاز، خارج النظام المصرفي. ويعني ذلك أنها تمتلك القدرة على تحسين سرعة وكفاءة النشاط المالي التجاري وعمليات البيع بالتجزئة، والمساعدة في الشمول المالي للأشخاص الذين ليس لديهم حساب مصرفي. ولكنها تفرض أيضًا تحديات على مستوى التنظيم، نظرًا لأن المعاملات لا تمر عبر النظام المصرفي. وقد نشر صندوق النقد الدولي دليلاً افتراضيًا للعملات الرقمية للبنوك المركزية، باعتباره دليلاً مرجعيًا لواضعي السياسات والمتخصصين في البنوك المركزية ووزارات المالية. ويتمثل الهدف من نشر هذا الدليل في جمع وتبادل المعرفة والأفكار المتعلقة بأفضل الممارسات في مجال العملات الرقمية. وفيما يتعلق بما إذا كانت اتفاقية العملات الرقمية للبنوك المركزية ستؤدي إلى اتباع سياسة نقدية أكثر صرامة أو أكثر مرونة، تبدو النتائج متباينة، ويمكن أن تعتمد الكثير من الأمور على السياق المحلي. ومن المرجح أن تفرض العديد من الدول التي تفكر في اتباع اتفاقية العملات الرقمية للبنوك المركزية نوعًا من القيود على المعاملات والممتلكات. ويشير صندوق النقد الدولي إلى أن فعالية السياسة النقدية للدولة من المرجح أن تنخفض مع ارتفاع استخدام العملات المشفرة والعملات الرقمية للبنوك المركزية الصادرة عن دولة أجنبية. وهذه هي مشكلة «استبدال العملة» التي تعاني منها بعض الاقتصادات الناشئة بالفعل. وهناك إمكانية أن تواجه العملات الرقمية للبنك المركزي هذه المشكلة، ومشكلة الدولرة المماثلة، عبر تقديم مخزن آمن بديل للقيمة. ومن الممكن أن تعمل العملة الرقمية الرسمية على تمكين السياسة النقدية المستهدفة من خلال التحويلات المباشرة في حالات الطوارئ، مثل الكوارث الطبيعية. ومن الممكن أن تكون العملة الرقمية ملاذًا آمنًا في حالة حدوث اضطرابات مالية، حتى لو لم تكن مدرة للفوائد، على سبيل المثال، عندما يكون هناك تهافت على سحب الودائع من أحد البنوك، أو خلال فترة تتسم بانخفاض أسعار الفائدة وارتفاع التضخم. وينصح صندوق النقد الدولي أيضًا بأن تكون البنية التحتية التكنولوجية والحوكمة وقوة المؤسسات وجودة الموارد البشرية كافية لدعم العملات الرقمية للبنوك المركزية. ويُعد الأمن السيبراني وحماية البيانات من الشواغل المهمة. وهناك العديد من الإيجابيات التي يمكن أن تترتب على تطوير البنوك المركزية للعملات الرقمية، وربما تكون هذه الخطوة ضرورية، ولكن يجب الاهتمام بعناية بالتصميم والسياسة والحوكمة والقانون.
366
| 30 يونيو 2024
مساحة إعلانية
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...
2598
| 30 نوفمبر 2025
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
2235
| 05 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1551
| 04 ديسمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1548
| 02 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1149
| 04 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1143
| 03 ديسمبر 2025
لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...
903
| 06 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
789
| 03 ديسمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
621
| 05 ديسمبر 2025
يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...
618
| 30 نوفمبر 2025
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر،...
543
| 01 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية