رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ماذا تبقى لدى مجرم الحرب معمر القذافي من أوراق قوة في حربه الشعواء على الشعب الليبي؟ كم تبقى عنده من ذخيرة راجمات ودبابات ومدافع. كم تبقى عنده من مرتزقة أجانب ومن جنود وضباط ليبيين لا يزالون موالين له، ينفذون أوامره بالتدمير والقتل والاغتصاب؟ الشاهد أن كتائب القذافي آخذة في التهالك والانهيار. لذلك يراهن الطاغية على إعلامه في بلبلة أذهان بسطاء الناس من خلال دعايته السوداء على أساس تصوير الكذب حقيقة والحقيقة كذبا. ورغم انحطاط إعلامه وبذاءة لغته، يتوهم القذافي أن إعلامه عبقري يخشاه الناتو بحيث نجده في أحد مداخلاته الهاتفية يزعق بشكل هستيري: "افتحوا يا أولاد الكلب على الإذاعة الليبية يا جبناء يا صليبيين، افتحوا على الإذاعة الليبية". وبما أن إعلام القذافي إعلام طاغية مضطرب الشخصية، يعكس رغباته وأوهامه نشاهده لا يتورع عن المتاجرة حتى بجثث قتلى حوادث السيارات على أنهم ضحايا قصف الناتو في محاولة لاستدرار عواطف بسطاء الناس وكسب تأييدهم. مما يجعله يتصور أنه انتصر في المعركة الإعلامية متكئًا على تظهير التدخل الدولي على أنه حرب صليبية ضد ليبيا وشعبها. وبالتالي تصوير معمر السفاح في صورة البطل الوطني الصنديد، وهو المسؤول عن قتل أكثر من خمسة عشر ألفا وتغص معتقلاته الفاشيستية بأكثر من ثلاثين ألفا، واغتصب أوباش كتائبه الإجرامية مئات الليبيات.. وهو لن يخدع حتى البلهاء بتمثيل دور الضحية متباكيا على موتى مزرعة مجرم الحرب الخويلدي الحميدي. التي هي إقطاعية وليست مزرعة. بها منصات لإطلاق الصواريخ ومركز للقيادة والسيطرة يستخدمه المجرم الخويلدي في توجيه وتنسيق هجمات قواته على المناطق الثائرة، خصوصا الزاوية، التي لم تسلم حتى مساجدها من همجية عصاباته... فهل يعقل أن وعي الشعب الليبي يمكن أن يُدمغ بأكاذيب القذافي وإعلامه؟ بمعنى تحويل الصراع من صراع بين القذافي ونظامه الطغياني مع ثوار 17 فبراير إلى صراع بين الشعب الليبي وغزاة أجانب؟ إن الغالبية الساحقة من الليبيين يدركون بوعي سياسي وطني أن التدخل الدولي الذي يقوده حلف الأطلسي عمل مشروع وعادل لإنقاذهم من مذابح القذافي الممنهجة. وهي مشروعية عربية ودولية قائمة على قرار مجلس الأمن 1973 بشأن حماية المدنيين وبناء على طلب تقدمت به الجامعة العربية. ثم إن الرأي العام العربي والإسلامي كان واعيا بأن التدخل العسكري الدولي لفرض منطقة حظر جوي وحماية المدنيين يأتي من باب الضرورات التي تبيح المحظورات لا سيَّما وقد شاهد العالم كله، عبر الشاشات الفضائية، كيف أن طاغية طرابلس حارب حربا تدميرية دموية برا وجوا وبحرا أيضا لسحق الشعب الثائر. لذلك لم نشاهد في الشارع العربي والشارع الإسلامي أي خروج لتظاهرات جماهيرية احتجاجية ضد العمليات العسكرية الدولية في الأجواء الليبية. وانتهى الأمر بالقذافي إلى مطلوب لعدالة محكمة الجنايات الدولية بتهم ارتكابه جرائم بحق الإنسانية ومرشحة لأن يُضاف إليها تهم بجرائم حرب وتطهير عرقي. [email protected]
498
| 30 يونيو 2011
بعد قرابة أربعة شهور على اندلاع ثورة 17 فبراير لا يزال القذافي سادرا في أوهامه التي تسولها لها نفسه لنفسه التي تتغذى من نرجسيته، نرجسيته التي تغرقه في أوهام صورته المعظمة في الأعماق السحيقة للخارق ما فوق طبيعة البشر ومنطق التاريخ. هبت انتفاضة 17 فبراير حركة شبابية سلمية في وجه القذافي الطغياني البغيض ثم تحولت إلى حركة مقاومة مسلحة بعدما أعلن (الطاغية) حربه الغاشمة بكامل عدته العسكرية على المتظاهرين السلميين. فجاءت هجمات التحالف الدولي الجوية، بعد مرور شهر من جرائم كتائب القذافي الوحشية، لإنقاذ المدنيين، بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1973، مشفوعا بطلب من جامعة الدول العربية. والذي كانت وراءه قطر بالدرجة الأولى وتحديدا أميرها، الذي كان أول المطالبين وبشكل علني من القذافي أن يكف أذاه عن الشعب الليبي. والآن، بعد ثلاثة شهور على تدخل قوات المجتمع الدولي التي تحولت قيادتها العسكرية إلى (الناتو)، بطائراته النفاثة ومروحياته وهي تدك كتائب القذافي ومواقعه ذات الاستخدام العسكري، يبقى الحل الحاسم وقفا على فعل ثوار 17 فبراير على الأرض. الأرض الواقعة في الجبهات التي تحت أقدام الثوار في أجدابيا وفي مصراتة وفي جبل نفوسة وفي الزنتان... الثوار يتقدمون ويكسبون الأرض. كتائب القذافي تتراجع فيما تزداد وتيرة حركة الانشقاق والاستسلام والهروب داخلها. إن نهاية القذافي باتت أمرا لا شك مقضيا بمنطق التاريخ وفي المنظور العاجل. لم يعد لديه ما يراهن عليه للبقاء في السلطة أو حتى مجرد البقاء في ليبيا دون سلطة. لم ينفعه السحر الإفريقي الأسود لطرد " شياطين " الناتو من السماء. حتى أنه استعان بشخصية غريبة الأطوار هو الروسي كيرسان ايليومجينوف رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج ورئيس مقاطعة كاميكيا الروسية والذي صرح قبل سنوات أنه التقى مخلوقات فضائية أخذته معها إلى كوكبها. فماذا أراد القذافي من هذا الغرائبي على شاكلته؟! تأمين منفى له في جمهورية كاميكيا؟! أو لعله سعى عنده لتجنيد مخلوقات فضائية مرتزقة في كتائبه؟ لكن في كل الحالات: كش ملك يا ملك الملوك. لقد انتهت اللعبة. طرابلس ـ العاصمة التي تضم حوالي ثلث سكان ليبيا مقبلة على الحرية من داخلها بقوة ثوارها. عندها يفر ما يسمونه قائد الصمود والتحدي ومعه ذريته الشريرة مخلفا خلفه فلول أعوانه وأتابعه، جنرالاته وضباطه المهزومين وجنودهم المتروكين وقد تخلوا عن أسلحتهم وملابسهم طالبين النجاة. وخدم تكنوقراطه الأذلاء وقد اختبأوا في جبنهم. وكتابه ومثقفيه وإعلامييه وقد تجللوا بعارهم... وسيكون ذلك اليوم العظيم، في طرابلس الحرة المحررة، بمذاق الاستقلال. الاستقلال الثاني. الأول كان استقلالا وطنيا من المستعمر الإيطالي الفاشيستي تحقق العام 1951. وها هم أحفاد عمر المختار يعيدون إنتاج " أسطورة الزمان " لنيل استقلالهم السياسي من الفاشيستي معمر القذافي. وتأسيس البديل بإرادتهم: دولة ديمقراطية مدنية، على صورة تطلعات شبيبة ثورة 17 فبراير الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل إشراقة ليبيا الحرة كما أحبوا لها أن تكون. [email protected]
756
| 23 يونيو 2011
عندما ثار شبيبة ليبيا في السابع عشر من فبراير على القذافي ونظامه، تمثلوا روح جدهم عمر المختار "أسطورة الزمان" كما وصفه عدوه الفاشيستي الجنرال غراتسياني. فكانوا بحق أحفاده. يسري في دمهم شعار موقفه المبدئي الصارم القاطع: "نحن قوم إما أن ننتصر أو نستشهد". وقد تمثلوا قوله هذا لأن كتائب القذافي الدموية لم تكن سوى إعادة إنتاج لدموية المحتل الإيطالي. لقد همش القذافي مؤسسة الجيش الليبي بحيث جعله نزيل ثكناته المتنائية في أرجاء ليبيا الواسعة كي يضمن ألا يأتيه من جهتها أي خطر انقلابي على نظامه. فجعل الأسلحة الحربية في مكان والذخيرة في مكان ثان والصاعق في مكان ثالث. وركز كل اهتمامه على بناء كتائب عسكرية أمنية يسيطر عليه أقرب الموالين إليه قبل أن تتحول إلى جحافل تخضع لسيطرة أبنائه وبأسمائهم. علاوة على جحافل قبلية يسيطر عليها ضباط قبليون قتلة ربطوا مصيرهم بمصير القذافي حتى الموت. علاوة على تطعيم كتائبه القاتلة هذه بآلاف المرتزقة الأفارقة. ومن ذلك إقدامه على تجنيس أكثر من ثلاثة آلاف مرتزق استقدمهم من طوارق مالي والنيجر. ولا شك أن جيشه المرتزق هذا كان عاملا مركزيا فاعلاً في تفسير استمرار القذافي الدموي في القتل والتدمير بعد أكثر من ثلاثة شهور على اندلاع ثورة 17 فبراير. لكن ذلك لا يغفل أن عماد كتائب القذافي جنودا وضباطاً هم ليبيون. دون أن نتوقف عند السببية والكيفية وراء انخراطهم في تنفيذ أوامر القذافي الإجرامية. هل يعني ذلك أننا في مستنقع حرب أهلية.؟ لا. لكن القذافي نجح ولا شك في جعل الليبيين يقتلون الليبيين. وأعتقد، بثقة العارف بالشأن الليبي، أن الليبيين لن يسألوا بعضهم عمَنْ قُتل مَنْ في معارك الجبهات المفتوحة. لكن ثوار 17 فبراير لن يسكتوا عن الملاحقة القضائية لكل من ارتكب جرائم خارج نطاق دائرة الحرب المعتادة. إذ أن ثورة 17 فبراير صنيعة شبيبة لم يستأذنوا آباءهم ما بالك قبائلهم. وكان شعارهم: "ليبيا قبيلة واحدة". وهدفهم واحد: أن تكون ليبيا ذات صباح بلا قذافي ونظامه. ليبيا حرة ديموقراطية في صيغة دولة مدنية. الإسلام دينها والحريات العامة ديدنها. واستحق المجلس الوطني الانتقالي، الذي أجاد حتى هذه اللحظة التعبير السياسي عن روح الثورة ومضمونها، أن يكون العنوان الشرعي الوحيد للشعب الليبي. ولكن كيف للقذافي أن يفهم أنه انتهى وهو مأخوذ بوهم أنه قد ينجح في البقاء في السلطة ومعه خيمته وبجواره ناقته وحوله حارساته وبجانبه سيافه عبدالله السنوسي. أو في أسوأ الأحوال يقبل بالرحيل عن ليبيا إلى منفى مُرتب يضمن له ولعائلته وأبرز المقربين إليه بعدم الملاحقة القضائية من طرف محكمة الجنايات الدولية. ولأن لا أحد في العالم بوسعه أن يعطيه ضمانا بعدم الملاحقة القضائية، نجده مستمراً في حربه الدموية إلى أن يأتيه نبأ تحرير الثوار لطرابلس. عندها سوف يلجأ إلى الخطة باء الجاهزة. أي الهروب من العاصمة عبر أنفاق "باب العزيزية"، التي تصل إلى 30 كيلومتراً، إلى مخبأ في إفريقيا أو عند شافيز أو عند طاغية روسيا البيضاء. هذا إذا نجح في مخطط هروبه ولم يلق حتفه تحت ركام إحدى غارات الناتو. أو قد يتمكن ثوار 17 فبراير من القبض عليه أثناء محاولة هروبه بما يذكر بقبض ثوار إيطاليا على موسيليني أثناء محاولة هروبه فانتهى إلى جثة متدلية من قدميه... والحال أن القذافي أجبن من أن ينتحر، رغم أن كل شيء ينهار حوله. وهو نفسه منهار. هارب من مكان إلى مكان طلبا للاختباء حتى في المستشفيات. وقد انقطعت أوامره الشخصية عن كبار قادة كتائبه. بحيث إنه لم يعد يُدير الحرب منذ أسبوعين على الأقل. وأصبح الأمر بيد أولاده: سيف الإسلام وخميس (الذي أشك أنه مات) والساعدي والمعتصم وهانيبال.. وإليهم عبدالله السنوسي وعبد الله منصور ومنصور ضوء.. وهؤلاء الدمويون لا يملكون إلا تنفيذ أوامر الحاكم بأمر أوهامه، الذي يرفض أن يقرّ أنه انتهى بغض النظر عن شكل نهايته.... [email protected]
1044
| 09 يونيو 2011
طالت تصفيات اللجان الثورية الدموية معارضي القذافي في المنافي الغربية، حيث جرى اغتيال العشرات منهم في مدن أوروبية وأمريكية. وكان من آخر جرائمه المروعة، قبل تفجر ثورة 17 فبراير، مذبحة سجن "بوسليم" صيف عام 1996 التي راح ضحيتها أكثر من ألف ومائتين سجين، بناء على تعليمات مباشرة من القذافي، الذي اضطر إلى الاعتراف تلميحاً بوقوع المذبحة بعد سنوات من حدوثها، محاولاً بطريقة مفضوحة تزييف حقيقة ما حدث وتحميل الضحايا التسبب فيها والتقليل من عدد القتلى بصورة متدنية. كما يتهم معارضون ومنظمات حقوقية ليبية بالخارج نظام القذافي بتدبير إسقاط الطائرة المدنية بوينغ 727 التابعة للخطوط الليبية بالقرب من مطار طرابلس وهي على ارتفاع 4000 قدم. بقذيفة طائرة حربية مما أسفر عن مصرع 157 شخصاً على متنها وذلك يوم 22/12/1992، وقد امتنع النظام عن إجراء أي تحقيق مستقل في القضية. وأوعز السبب إلى حصار الأمم المتحدة واتهم أمريكا وبريطانيا بالحادث. وحسب تحليلات المعارضة الليبية في الخارج واستنادا إلى معلومات مُسربة من الداخل، فإن الطائرة المنكوبة كانت قد لُغمت بالمتفجرات في مدينة بنغازي وخُطط لتفجيرها فوق بحر طرابلس، وقد أُعطيت الرحلة رقم LN1103 ليتشابه مع رقم PM103 الخاص برحلة طائرة البانام الأمريكية التي تفجرت فوق بلدة لوكربي عام 1989. كما اختلف التطابق في التاريخ بين الطائرتين يوما واحدا. إذ سقطت طائرة البانام الأمريكية يوم 21/12/1988، بينما كان سقوط الطائرة الليبية يوم 22/12/1992، وتوجد معلومات اشتباه كثيرة أخرى تتحدث عن تفجيرها بالقرب من المطار بواسطة صاروخ جو ـ جو بعد فشل تفجيرها فوق البحر بسبب تعطل جهاز التفجير عن بعد، ويرى هؤلاء المحللون أن القذافي، الذي كثيرا ما يجانبه المنطق العقلاني، لا يتورع عن الإقدام على ارتكاب أي عمل إرهابي لإيهام الرأي العام الدولي بأن الولايات المتحدة وراؤه انتقاما من إسقاط الطائرة الأمريكية فوق لوكربي. وعلى أمل أن يُقفل ملف الطائرتين على أساس أنها طائرة بطائرة. وكما مارس حكم الإرهاب ضد شعبه في الداخل، كذلك رعى الإرهاب في الخارج على نطاق واسع ضد مواطنين أوروبيين وأمريكيين وغيرهم، من خلال دعمه بالمال والسلاح لحركات العنف والإرهاب في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وحركات الإرهاب الأوروبية مثل الجيش الجمهوري الأيرلندي والألوية الحمراء ومنظمة إيتا وغيرها. وكانت سفاراته في العالم وكرا لعناصر لجانه الثورية المكلفة بملاحقة المعارضين في الخارج والاتصال بالجماعات الإرهابية. ونشير هنا إلى جريمة قتل الشرطية البريطانية يفون فليتشر، برصاص أُطلق من داخل السفارة الليبية خلال مظاهرة للمعارضة الليبية خارج مقر السفارة في لندن. وكان وراء سلسلة من العمليات الإرهابية في مدن إيطاليا وإسبانيا وفرنسا واليونان والنمسا، لاسيَّما ما بين السنوات 1984 – 1987. ومن أبشعها عملية تفجير ملهى لابيل في برلين العام 1986. وتفجير طائرة الركاب الأمريكية Am Pan فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية عام 1988. وتفجير طائرة الركاب الفرنسية UTA في سماء النيجر العام 1989. ولم يتوقف القذافي عن ممارسة الإرهاب الخارجي إلا عندما تفكك الاتحاد السوفيتي وكتلته الشيوعية، حيث وجد نفسه ونظامه عاريا من الحماية الدولية، ويواجه عقوبات دولية لنظامه بسبب قضية لوكربي، مما أجبره على تسليم ضابط المخابرات عبدالباسط المقرحي المتهم بضلوع تفجير لوكربي، لمحاكمته في محكمة اسكتلندية على الأراضي الهولندية. وعندما شاهد القذافي صدام حسين مقبوضا عليه، ويفتش طبيب عسكري أمريكي في شعره ويفحص فمه، اتصل ببرلسكوني عرابه الأوروبي وأبلغه عن استعداده الفوري لفعل كل ما يطلبه منه بوش الابن، حيث فكك معدات مشروعه النووي وشحنها إلى واشنطن، ليتحول، في نظر الإدارة الأمريكية، إلى مثال محمود للطاغية المطيع مقارنة بمثال صدام حسين الطاغية الشرير، وبفضل النفط غفرت له أمريكا وأوروبا جرائمه الإرهابية في العالم وسكتت عن قمعه وبطشه لشعبه في الداخل. وتنافس القادة الأوروبيين على إعادة تأهيله وقبوله عضوا في المجتمع الدولي. فتوافد على خيمته كبار زعماء أوروبا، مثل شرودر وبلير وبيرلسكوني. ثم حظي أخيراً بعد أربعين عاما من الحكم الديكتاتوري الإرهابي بتأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة ليخطب من على منبر الجمعية العمومية على طريقته الاستعراضية. ويعود بعدها، مرورا بصديقه شافيز، إلى البلاد التي يحكمها كثكنة عسكرية، ويريد أن يورث حكمه إلى ابنه سيف الإسلام، المتبنى من الغرب كأفضل بديل متوقع، دون أي اعتبار لحق الليبيين في تقرير مصيرهم السياسي في نظام ديمقراطي حقيقي. ولم يكن الغرب ليتصور حسب تقارير استخباراته الباردة أن يثور الليبيون ضد حكم القدافي، ثم من حيث لا تحتسب كل مخابرات الغرب عندما حدثت الثورة في تونس. سئلت: ما الدولة التالية؟! أجابت: يفترض موضوعياً أن تنتقل الثورة إلى ليبيا فكل المعطيات والظروف ناضجة تماما لخروج الليبيين إلى الشوارع صائحين: الشعب يريد إسقاط النظام. فإذا بحالة الثورة العربية تقفز فوق ليبيا لتحدث في مصر. وكأن شبيبة ليبيا، وهم حفدة المختار سيد الثورة الشعبية، شعروا بإهانة قفز الثورة فوقهم. فقاموا إلى تنزيل ثورتهم من الواقع الافتراضي في الفيس بوك إلى الواقع الحقيقي على الأرض. فتحولت فكرتهم إلى ثورة شعبية. [email protected]
1164
| 29 مايو 2011
إيمان العبيدي بنت من بنات ليبيا وجدت نفسها في طريق كتائب القذافي الذي يحكم ليبيا بمنطق أنه أخذ السلطة ببندقيته على حد تعبيره الصريح، أي أن انقلابه العسكري بلغة التحليل العارية عبارة عن غزو قبلي (قذافي) يبيح له النهب والسبي والاغتصاب..... لتصبح ليبيا إقطاعيته الخاصة وشعبها أجير لديه، فيما موظفو دولته خدمقراط لسلطته. وأموالها أمواله. وبالتالي فإن نساءها (أي نساء ليبيا)، بعد استبعاد أكاذيبه الممجوجة عن حرية المرأة واستعراضيته لحراساته الأمازونات وثورياته العانسات لسن، في نظره ونظر أولاده وقحوصه وقذاذفته وإليهم الذكور المتجبرون باسم الولاء له، سوى سبايا غزوة الملازم أول الذي رقى نفسه بنفسه عقيدا ثم توج نفسه ملك الملوك... فما أشرفك يا إيمان العبيدي... بغض النظر عن كيف وجدت نفسك في قبضتهم، أفهم تماماً لماذا فعلوا بك ما فعلوا، ليس لأنك امرأة وحسب وذلك كافيا لكونهم تربية قائدهم وإنما لأنك عبيدية يا إيمان العبيدي، لم تكوني عندهم هدفاً جنسياً فقط وإنما أرادوا أن ينتهكوا شرفك انتقاما من انتمائك إلى قبيلتك. كان يمكن أن تصمتي لكنك اخترت أن تعلني على رؤوس أشهاد الإعلام الغربي في فندق "ريكوس" الفخم في قلب طرابلس. هاجمك عناصر الأمن الذين تعج بهم صالة الفندق، بحيث لم تجد من يدافع عنك من بني جلدتك.. وحدهم كانوا هناك ثلة من شرفاء المراسلين الأجانب الذين تخلوا عن حيادهم المهني وحاولوا ببطولة خاصة أن يفعلوا شيئا كي ينقذوك من براثنهم، لكن جلاوزة المخابرات تمكنوا من خطفك من المشهد في سيارة أمنية بيضاء وأنت تجيبين السائلين إلى أين يوخذونك فيما كانوا يدفعونك داخل سيارة الأمن: "إلى السجن".. وبعدها يظهر الناطق البليد إياه باسم النظام، مدعياً أنك كنت سكرانة ومريضة نفسية... وذلك يعني في حقيقة الأمر أنك شريفة وطاهرة رغم ما فعلوه بجسدك يا إيمان العبيدي، في تماثل رمزي مع ما فعلوه بليبيا. ولأنك كذلك عقد أحد الثوار الشباب من بني قبلتك القران عليك عن بعد من طبرق حيث تبعد الجغرافيا فيما بينكما بمسافة 1500 كيلومتر، ووضع الثوار (أحفاد المختار) من بين أهدافهم هدف تحريرك من أسرك والقبض على مغتصبيك ومحاكمتهم بتهمة الاعتداء على شرف ليبيا. [email protected]
417
| 29 أبريل 2011
روح سيدي عمر المختار هي التي تقود ثورة الليبيين في شرق ليبيا وهدفها وغايتها بالتأكيد تحرير كل ليبيا. سيدي عمر لم يحارب الغزاة الطليان من أجل شرق ليبيا فقط وإنما صاولها من أجل تحرير كل ليبيا. وبالمثل أحفاده اليوم الذين ثاروا على القذافي ونظامه الفاشي، في الشرق والغرب والجنوب، هدفهم تحرير كل ليبيا. وحيث لابد من طرابلس في آخر المطاف. وحتى لو تأخرت حالة الثورة في طرابلس فإن متوالية المدن المحرَّرة في الشرق ماضية في مسارها، وإن طال كراً وفراً، لغاية لحم كل ليبيا بالحالة الثورية التحررية: وقرية بقرية وبلدة ببلدة ومدينة بمدينة في سبحة ثورة 17 فبراير: ثورة شبيبة كل ليبيا: في شرقها وغربها وجنوبها..... إلى أن تكون نهاية القذافي: هارباً أو قتيلاً أو واقعاً في قبضة الثوار. فتلك نهايته وعليه أن يختار بين سيناريوهاتها الثلاث الحتمية. وفي كل الأحوال فإن السيناريوهات الثلاث الآنفة تنتهي إلى مضمون النهاية نفسها في معناها الجوهري. أي نهاية سعيدة للشعب الليبي، عنوانها: ليبيا حرة من حكم القذافي ونظامه بقضه وقضيضه. وهي، على وجه ثان، نهاية خلاصية تليق بتحرر الروح والحلم والواقع الملموس من طغيان مسخ برتبة عقيد.. أين منه المسخ الكافكاوي في صورته الترعيبية أو الصورة الهزلية للطاغية البطريرك في خريفه بقلم غابرييل ماركيز. إنه " قائد زنقة زنقة". وبمجرد حدوث نهايته سوف يختفي من المشهد، تماماً، جميع المجلوبين، ترغيباً أو ترهيباً، لأداء دور الجماهير الغفيرة، مُحمَّلين صور قائد العصابة ومتلحّفين بالخرق الخضراء، صائحين بشعار عبادة الطاغية:" الله والقائد وليبيا بس".. ولأن القذافي قائد عصابة دموية، وليس ديكتاتوراً تقليديا يشبه بن علي أو مبارك أو حتى عبد الله صالح، انتهت الثورة الليبية إلى حركة كفاح مسلح بعدما أعلن القذافي حربه الشاملة، برّاً وجوّاً وبحراً، على الشعب الذي يُفترض أنه شعبه.. أي أنه بخلاف الثورة التونسية التي تولدت من الفعل البوعزيزي المشهدي والثورة المصرية التي قامت على إعلان بيانها من قلب ميدان التحرير في قلب القاهرة التي هي قلب مصر فإن ثورة الليبيين أحيت روح شيخها المختار "أسطورة الزمان" في مصاولة المستعمر الفاشيستي لمقارعة المستبد الفاشيستي المحلي، الذي أرعبه أن يثور شبيبة ليبيا في وجهه فوصفهم بالجرذان في إسقاط نفساني يعكس شعوره بالخوف الشديد من ثورة الشعب عليه كخوف جرذ حصاره قط في زنقة مغلقة.
476
| 14 أبريل 2011
كان ظهور السي إن إن (العام 1982) ثورة إعلامية جذرية في تاريخ الإعلام الحديث منذ ظهرت أول صحيفة إخبارية. فمع "السي إن إن" أصبح الخبر متداولاً على مدار الأربع والعشرين ساعة. تتخلل نشراتها الإخبارية المتنوعة (سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وفنيا ورياضيا وطقسياً) برامج متابعات ولقاءات ومحاورات.. وكان برنامج Crossfire الحواري الجدلي أكثر برامجها مشاهدة. لكن أوقف بثه العام 2005. وقيل في تبرير إيقافه أن الإعلام الحديث في المجتمعات الديموقراطية الراسخة تجاوز برامج الصراخ. في واقعنا العربي من حيث لا نتوقع ظهرت علينا "الجزيرة" قناة عربية إخبارية على مدار الساعة. فشدت إليها أنظار كل من التقطها. كانت نشرة أخبارها وبرامجها الحوارية انقلابا إعلامياً مدوياً وخروجاً جريئاً على أنماط تلفزات العرب الخشبية. شاع خبرها في مضارب المشاهدين العرب. عنوانه: ظهور قناة في فضاء إحداثيات الصحون اللاقطة، تخبر أخباراً وتعرض برامج لا يُصدق أنها ناطقة بالعربية. وسرعان ما صارت عنوان وحدة العرب في الفضاء الإعلامي المفتوح. كان ظهورها على المشاهد العربي مفاجأة صادمة خارج توقعات السياق الدوغمائي للإعلام العربي. والشاهد ما كان للإعلام العربي أن يخرج بهذه السرعة عن نمطيته البليدة المعتادة منذ شاعر القبيلة لو لم تحتضن قطر "الجزيرة" كظاهرة استثنائية في بلاد العرب المستقرة على قديمها. إطلاق "الجزيرة" من الدوحة. كانت مغامرة لأن "الجزيرة" لم تكن قناة فضائية عربية مضافة للفضاء الإعلامي السائد البائد وإنما زلزلة غير متوقعة بالمعنى الإيجابي. إذ صار الإعلام العربي برمته، عاما وشبه خاص، قبل "الجزيرة" شيئاً وبعدها شيئاً آخر. وكان "الاتجاه المعاكس" مركز جذب المشاهدين إلى الجزيرة، دون أن يخل ذلك بأهمية بقية برامجها. لكن الحق أن "الجزيرة" كانت لتخسر كثيراً من جرأتها لو لم تتضمن برامجها برنامج الاتجاه المعاكس. ولم يكن سر نجاح "الاتجاه المعاكس" أنه، فقط، أول برنامج تليفزيوني عربي مثير للجدل ومغيظ للحكام العرب إلى حد سحب السفراء من دولة قطر كما حدث على إثر إحدى حلقاته التي شاركت فيها العام 2000 حيث سحب القذافي سفيره من الدوحة كما سحب مني جنسيتي الليبية، وإنما لأنه، في العمق، أسس لثقافة لم تكن لتخطر على المشاهد العربي منذ التلفزيون العربي الأول (العراق: العام 1956 ـ عام مولدي!!) الذي تكاثرت فروعه: أرضية ثم فضائية، من الثقافة نفسها: ثقافة الرأي الأوحد للحاكم الأوحد، حتى ظهور "الجزيرة" في أواخر العام 1996 فكانت كأنها تخاطب المشاهد من مستقبل بعيد. وكان الاتجاه المعاكس علامتها المائزة. حتى أن شهرة "الجزيرة" المفاجئة ارتبطت به. إذ كان واجهة تعبيرها عن نهجها الإعلامي (الرأي والرأي الآخر) المعاكس لإعلام الرأي الواحد الذي هو رأي المتسلط الأوحد. شدني "الاتجاه المعاكس" إليه منذ أول حلقة شاهدتها. وما شدّني في الجوهر ليس المواضيع المثارة، على أهميتها، ولا الشخصيات المشاركة فقط وإنما إدارة جدل القضية المطروحة من طرف مقدمه، فيصل القاسم الذي أصبح عبر توالى حلقات برنامجه شخصية مألوفة ومحبوبة عند مشاهدي برنامجه المدمنين دون أن يصابوا بالتثاؤب. قد تخفت بعض حلقاته هنا وهناك بسبب الخيبة في بعض ضيوفه غالبا. لكنه على الأجمال ظل محافظا على حيويته الجدلية وإثارته لغضب الأنظمة الاستبدادية. فبسببه تعرضت القيادة القطرية للكثير من "وجع الرأس" السياسي من قبل الكثير من الطغاة العرب الذين لا يحتملون كلمة الحق. وبسببه وغيره من برامج "الجزيرة" وتقاريرها الجريئة تعرضت قطر ـ الدولة، وحتى أهلها الطيبون، لحملات تشويه إعلامي سفيهة. لكن "الجزيرة" بقت جزيرة الإعلام العربي الساعي لتوطيد حريته. وليستمر الاتجاه المعاكس في اتجاهه المعاكس. ومن هنا حاول الكثيرون من كتبة سلطان الطغاة العرب، أصحاب الأقلام المأجورة إدانة مُدير جدل "الاتجاه المعاكس" بوصفه "مرتزقا من صدام" أو "مخبراً سورياً" وحتى أنه "عميل للموساد". فضلا على وصف برنامجه بأنه "شو" لصراع ديكة وكباريه لسربيتيز الغوغائية السياسية. لكنهم لم ينجحوا في مهمتهم المنتدبين لها. إذ أستمر المشاهدون العرب في تلقي برنامجهم الجدلي المفضل طوال السنوات الأربعة عشرة الماضية. وفي رأي فإن حملات كتّاب وإعلامي أنظمة الاستبداد والفساد العربية المتواصلة لاغتيال شخصية فيصل القاسم شهادة له بما هو مثقف عضوي، بالمعني الإعلامي الحديث، دخل إلى بيوت العرب بروحه الحيوية وأسئلته المنهجية في إدارة الحوار بين متناقضين متنافرين كالسالب والموجب. يجتهد بصرامة ألا يكون له موقفاً شخصيا هنا أو هناك. إذ يحاول جدياً أن يكون هنا وهناك في الوقت نفسه. ودون أن أناقش درجة دقته في إحداث مثل هكذا توازن فإن غالبية مشاهديه يرونه دوماً في صف مناهضة الاستبداد والخنوع للسيد الأجنبي بدعوى "الاعتدال". وهو ما تعكسه استطلاعات البرنامج حول قضاياه المثارة. إن الجزيرة وصلت إلى المشاهد العربي محمولة على الاتجاه المعاكس. أي أن الجزيرة كانت في العمق اتجاها معاكساً للاتجاه الإعلام العربي الخشبي. وبهذا المعنى يصح القول إن استمرارية حيوية برامج الجزيرة لا بد أن ترتبط باستمرارية برامج تتبنى أسئلة الشارع العربي المقموعة كبرنامج "الاتجاه المعاكس". أما القول أنه برنامج صراخ ما عاد الإعلام الحديث يحتمله بدليل تخلي السي إن إن عن برنامجها الجدلي المعروف بـ Crossfire فإنه قول يخص المجتمع الأمريكي المشبع بحرية الرأي والرأي الآخر. لكننا في العالم العربي محتاجون للاتجاه المعاكس لعقود طويلة قادمة.. أو بتعبير صاحب البرنامج:"فليقولوا ما يشاءون عن برنامج الاتجاه المعاكس من أنه برنامج إثارة وصراع ديكة وغوغائية، لكنه دخل التاريخ على أنه أسّس لثقافة الحوار في العالم العربي بعد أن كنا في الماضي لا نستطيع أن نفتح أفواهنا إلا عند طبيب الأسنان. لكن بفضل الاتجاه المعاكس وغيره أصبحنا نفتح فمنا ونصرخ بأعلى أصواتنا. لقد كنا نصفي خلافاتنا في الماضي بالرصاص والبارود فأصبحنا نصفيها الآن بالصراخ وهذا تقدم رائع على طريق الديمقراطية. فبدلاً من سفك الدماء أصبحنا نسفك الكلمات في سياق الصراع في ما بيننا.".. [email protected]
1102
| 30 مارس 2011
نهاية العام 1994 خرجتُ على القذافي ونظامه انحيازا لضمير المثقف الأخلاقي. انضممت إلى المعارضة الليبية المتنافية في الخارج بين أوروبا وأمريكا. كانت معظم أطياف المعارضة في الخارج، تنظيمات وشخصيات مستقلة، لا ترى مستقبلا حقيقياً لليبيا في الحرية والديمقراطية إلا بعد الخلاص من القذافي ونظامه. إلى أن أظهر القذافي ابنه سيف الإسلام لأداء دور الابن الصالح المصلح. وقُدِّم كأنه منّة من "القائد" لقيادة الشباب إلى "ليبيا الغد". نزل سيف ابن أبيه إلى ملعب التوريث بميزانية مفتوحة وشعارات انفتاحية فضفاضة ووعود خلابة. كنتُ ضمن الموقف الجذري للمعارضة الليبية، في الخارج، الرافض بشدة الانجرار وراء خديعة إصلاح نظام القذافي من داخله. وأن تسويق الابن "المصلح" ليس سوى أضلولة لبيع الأوهام في سوق التوريث. لكن أوراق صفراء في الأغصان الهشة لجذع المعارضة السنديانية الصلبة تساقطت في حجر ابن أبيه. وكان في طليعة المتساقطين جماعة "الإخوان ـ فرع ليبيا" مع شخصيات من بقايا المعارضين اليساريين المتحولين إلى ليبراليين جدد وإليهم تجار ورجال أعمال ممن عارضوا القذافي فقط لأنه صادر أموالهم. وفي سبيل شق صف المعارضة في الخارج، واستدراج من يمكن استدراجه للعودة إلى حظيرة النظام تائباً نادما، ابتكر نظام القذافي، تحت رعاية ابن أبيه، هيئة رسمية خاصة بالاتصال بالمعارضين سماها "شؤون الهجرة والمغتربين باللجنة الشعبية الليبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي" عيّن على رأسها معارضا عائدا تائبا نادما وهو علي الريشي. وبمغريات المال و"الصفح عند المقدرة" عاد عديد "المعارضين" إلى "جماهيرية القذافي" مندمجين في جوقة المروجين لمشروع ابن أبيه "الإصلاحي"، واصفين بقية المعارضين الجذريين، المتمسكين بضرورة إسقاط النظام، بأنهم شعارتيون أصحاب خطاب خشبي ولا يفهمون في التكتيك السياسي.. ولم يكن من المجدي مجادلتهم بأن معارضة القذافي ليست موقفا سياسيا وإنما هي حركة مقاومة لا تعرف اليأس أو المساومة في مواجهة طاغية كالقذافي يحكم ليبيا بمنطق القوة الباطشة حيث السياسة، عنده، من ساس الدواب. وفيما كان كل الليبيين تقريباً، بمن فيهم المقربون جداً إلى "القائد" الذي "لا يحكم!"، على إدراك جلي جلاء الشمس أن الابن يؤدي دورا مرسوما بمعرفة الأب، أنخرط أرهاط معارضي الخارج من أولئك العائدين التائبين نادمين إلى خظيرة "العقيد" في تزيين مشروع ابن أبيه "الإصلاحي" مطبلين ومزمرين لابن "القائد" "المعجزة"، متفاخرين بأن مناصرتهم لمشروع ابن الطاغية أنتج إطلاق سراح مساجين سياسيين بوساطة من الشيخ الصلابي أبرز شيوخ "الإخوان المسلمين ـ فرع ليبيا" ومعه نعمان بن عثمان القيادي السابق في "الجماعة الليبية المقاتلة" ـ مقيم في لندن ـ في أفغانستان قبل أن يكفر ببن لادن والقاعدة ليصير كبير المحللين في مؤسسة Quilliam البريطانية لمكافحة الإرهاب. وهكذا صعد ابن أبيه إلى مسرح التوريث في صخب دعائي: مالاً ووعودا. ولم يكن ينقصه إلا الدعاء له في الجوامع بعد الدعاء لوالده الحاكم بأمر هواه. كما انخرط في مشروع الابن "الإصلاحي" نخب (مثقفون ونشطاء حقوقيون) من الداخل مستغلين، ما أتاحته سياسة تلميع الابن الوريث من هامش، كيفما كانت ضآلة مساحته، لتفعيل حراكهم الثقافي ـ المجتمعي، وذلك من حقهم، كونهم يناضلون داخل فم الوحش وبالتالي كل ما يتيح لهم حركة وصوتا يُعتبر مكسباً، عكس معارضي الخارج الذين ينبغي أن يتمسكوا بموقفهم الجذري الذي يعكس موقف شعبهم في رفض مساومة النظام أو محاورته ما بالك مصالحته. إذ أن لا حرية للشعب الليبي إلا بعد التحرر التام من تسلط القذافي ونظامه. 2 عندما أعلن شباب ليبيا عبر صفحات الفيس بوك عن نيتهم نزول الحالة الثورية في ليبيا يوم 17 فبراير سخر أعوان النظام ومبايعو سيف الإسلام من مخلفات المعارضين العائدين تائبين نادمين. لكنهم سرعان ما لحسوا سخريتهم عندما أصبحت ثورة 17 فبراير حقيقة ساطعة على الأرض بفعل شبيبة ليبيا الذين انتزعوا بصدورهم العارية على درب من دماء الشهداء والجرحى الأسلحة من أيدي قتلتهم ليحرروا بها مدن المنطقة الشرقية وقراها من سلطة القذافي في أيام معدودة. وإليها الزنتان والزاوية ومصراتة. عندها كما تقفز الجرذان من السفينة الغارقة قفز الانتهازيون من مولاة النظام إلى نصرة الثوار. وهي حالة معروفة في تاريخ الثورات. وقد حدثت في الثورة التونسية والثورة المصرية... وها نراها في الثورة الليبية وعلى نحو أكثر وقاحة. بحيث إن عديدا كبيرا من الذين يظهرون على شاشات الفضائيات العربية بتعريفات مختلفة: نشطاء سياسيون معارضون ونشطاء حقوقيون معارضون وإعلاميون معارضون وشيوخ دين معارضون ألخ صفات المعارضين، كانوا، في معظمهم، إما من أحبة مشروع سيف الإسلام الإصلاحي وإما من الصامتين المختفين في المنافي الغربية.... هذا هو خوفي الحقيقي على ليبيا. الخوف من أن ثورة 17 فبراير، التي هي ثورة شبيبة ليبيا، يسرقها الانتهازيون من المعارضين التائبين على يد ابن أبيه والمنشقين عن النظام في اللحظات الأخيرة. ولا أقصد هنا المجلس الوطني الانتقالي برئاسة القاضي الشريف مصطفى عبدالجليل وإليه بقية الأعضاء. ولا أقصد الموقف المفصلي المشرف الذي اتخذه عبدالرحمن شلقم في مجلس الأمن وكان بمثابة ضربة صميمية طاعنة في قلب شرعية نظام القذافي الدولية.. لكني أقصد بوضوح معارضي الخارج، من إسلاميين، ويساريين تحولوا إلى ليبراليين، وبقايا سياسيين ورجال أعمال ملكيين، ونشطاء حقوق إنسان، ممن كانوا حتى اللحظات الأخيرة يراهنون على ابن أبيه "المصلح العبقري" والقيّم "الرقيق" على "حقوق الإنسان" في ليبيا.. ثم ها نشاهدهم في الجزيرة وغيرها يتنطعون في المزايدة على العداء للقذافي ونظامه. بل ويبرّزون أنفسهم لقيادة ليبيا المستقبل. واليوم، في أواخر شهر مارس العام 2011، يمضي ثوار 17 فبراير إلى هدفهم المنشود، منتفعين بالتدخل العسكري الجوي بقوة القرار الدولي، نحو لحظة الخلاص من القذافي ونظامه تماما كشرط شارط لبناء دولة ليبيا الحديثة في استقلالها الثاني.. عندها على المجلس الوطني مشكورا أن يسلم مقاليد سلطة الأمر الواقع إلى القادة الفعليين لثوار 17 فبراير، وعلى جميع الانتهازيين أن يختفوا من المشهد. فلن تبنى ليبيا الجديدة ـ الحديثة إلا بقيادة شبابها الذين هاجموا مقرات قوات الأمن: في طبرق ودرنة والقبة والقيبب والأبرق وشحات والبيضاء والمرج وبنغازي وأجدابيا ومصراتة والزنتان والزاوية وجبل الأمازيغ..... أي أن شرعية حكم ليبيا المستقبل سوف تكون خاضعة لشرعية ثوار 17 فبراير الذين هم الآن في ساح القتال تاركين الواجهة السياسية للمجلس الوطني الانتقالي والذي عليه أن يسلم (مشكوراً) مهام إدارة البلاد، بعد القضاء على القذافي ونظامه، إلى أصحابها الثورة الحقيقيين: شبيبة الصدور العارية. [email protected]
613
| 24 مارس 2011
فرح في الشارع العربي وخوف في واشنطن وفزع في تل أبيب على وقائع متتالية، ثورات الشعوب العربية ضد أنظمة الاستبداد والتبعية. كانت تونس أولاً ثم مصر تالياً فليبيا واليمن.... وهكذا السبحة تكر. كانت ثورة مصر الجائزة الكبرى للشعوب العربية لأنها أسقطت نظام كامب ديفيد (الساداتي ـ المباركي) الذي كان قائماً على ثنائية الاستبداد في الداخل والتبعية للخارج (أمريكا + إسرائيل). بسقوط مبارك ونظامه سقط "محور الاعتدال" شبيه "حلف بغداد" الذي أسقطته ثورة 23 يوليو. ثورة 25 يناير ليست نسخة عن ثورة 23 يوليو. الأخيرة بدأت حركة انقلابية سرعان ما تبنى الشعب مشروعها الثوري. بينما ثورة 25 يناير قامت بالشعب ثم تبناها الجيش. لكن بين ثورتي 23 يوليو و25 يناير وشائج مشتركة متأصلة في مسار المشروع الوطني التحرري النهضوي الذي خطته ثورة 23 يوليو وانقطع بانقلاب السادات المضاد الذي قيد مصر باتفاقية كامب ديفيد التي بموجبها خرجت مصر من الصراع العربي الإسرائيلي وبطل دورها الريادي ـ القيادي في عالمها العربي. ثورة 25 يناير أعادت الروح إلى مشروع التحرر النهضوي بوعي الحاضر وبأدوات عصر شباب الفيس بوك والتويتر والجزيرة وبرؤية مستقبلية لدوله القائمة على الديمقراطية والعدالة الاجتماعية منظومة بخيط الكرامة الوطنية الجامع على قدم المساواة لكل المصريين في سبحة المواطنة. وليس من دون دلالة أن أغاني عبدالحليم الوطنية كانت الأغاني المفضلة لشباب ميدان التحرير. لكن جمهورية ثورة 25 يناير لن ترفع شعارات الجمهورية الناصرية. ولن تتبنى الأيديولوجية القومية الناصرية. فلكل زمان دولة ورجال. إلا أن مصر في جمهورية ثورة 25 يناير سوف لن تكون إلا مصر الحرة العربية المناهضة للهيمنة الأمريكية والعربدة الإسرائيلية. ليس بالضرورة أن تلغي معاهدة كامب ديفيد أو أن تناصب واشنطن العداء. يكفي أن مصر ثورة 25 يوليو لن تكون طرفاً في "محور الاعتدال" ولن تقفل على فلسطيني غزة بالضفة والمفتاح وتبيع الغاز والنفط لعدو الأمة، ولن تتخاذل عن أداء واجبها القومي في نصرة القضايا العربية. والأمر نفسه ينطبق على تونس الثورة وليبيا الثورة (بعد الخلاص المحتوم من القذافي ونظامه) وغيرها من ثورات العرب القادمة، التي تبهج الشارع العرب وتغيظ إسرائيل وأمريكا. الأمريكان أدركوا وهم يواجهون الثورة المصرية، بعد الثورة التونسية، أن مبارك سوف يلحق بابن علي وأنهم معرضون لفقدان مصر "جوهرة تاج الهيمنة الأمريكية" على الأمة العربية منذ هبط السادات مطار بن غوريون. منوا النفس ببقاء مُبارَكهم، لكنهم، إذ تأكد لهم سقوطه المحتوم، تخلوا عنه وضغطوا عليه كي يرحل. ثم انكبوا على استبصار مصير إستراتيجيتهم بعد وصول حكم مصر إلى شعبها. ليس معروفاً إلى ماذا توصلوا؟! غالبا لم يتوصلوا ولن يتوصلوا إلى شيء يضمن لهم نظاماً قادماً تابعاً لسياستهم الإستراتيجية في المنطقة. وليس بمقدورهم أن يجترحوا معجزة تتيح لهم جعل النظام المصري القادم ديمقراطيا في الداخل وتابعاً لهم في الخارج. إذ أن النظام الديمقراطي الحقيقي قرين الوطنية كونه يستمد شرعيته من إرادة الشعب. أما في تل أبيب فقد نزلت ثورة تونس ثم ثورة مصر (وها هي ثورة ليبيا) على بني إسرائيل منزلة الزلزال التاريخي المُزعزِع لمعنى وجودهم في وجود العرب. ليس لأن ثورات العرب، وثورة مصر على الخصوص، قد تأتي بنظام سياسي يطابق نظام إيران، أو حتى يتشبه به في صورة حكم الإخوان المسلمين، كما تروج الدعاية الصهيونية، وإنما لأنها (ثورات العرب) تؤسس لأنظمة وطنية ديمقراطية تنتهج شرعيتها ومشروعيتها من إرادة شعوبها ومصالحها ورغباتها المناهضة بالضرورة لدولة اليهود الصهيونازية. إن إسرائيل وحدها بين دول العالم عملت حتى اللحظة الأخيرة على إنقاذ مبارك من السقوط. بحيث توجهت إلى العالم محذرة، علناً، من خطورة سقوط مبارك ونظامه على "السلام" دون أن تقول إنها (إسرائيل) وحدها، وإليها مقاطعتها الأمريكية ما وراء المحيطات، الخاسران من سقوط مبارك ونظامه. إذ أن بقية دول العالم، بما في ذلك أوروبا، لا يمانعون في التعامل مع مصر حرة ديمقراطية ذات سيادة. لقد كان خوف الإسرائيليين من اختفاء مبارك كما كتب محلل صهيوني: " مثل رجل يوشك أن يفقد المرأة التي نكل بها سنين، وآنذاك فقط يعرف في تأخر آثم قيمتها.". ويقصد بذلك بغض النظر عن وقاحة تشبيهه أن إسرائيل نكلت بكرامة مصر باسم السلام. ويذكر على سبيل المثال عجرفة ليبرمان الذي اقترح قصف سد أسوان بالسلاح النووي. وها هي إسرائيل تفقد مصر "كامب ديفيد" بعد سقوط حسنى مبارك ونظامه. إلى درجة أنها تنطوي على نفسها في خوف من الآتي. الخوف ليس فقط من إلغاء الحكم الناجم عن فعل الثورة الشعبية لاتفاقيات كامب ديفيد. لكنه في الأساس خوف من أن تصبح مصر ديمقراطية لأن عند ذاك تغدو سياستها الخارجية مرآة عاكسة لإرادة شعبها مصدر الشرعية. وحيث الشعب المصري ضارب جذوره التاريخية في ثنائية العروبة والإسلام ـ الهوية الوجودية المتنافرة تنافر السالب والموجب مع وجود إسرائيل الاغتصابي. ثم هو خوف من تجدد نهوض مصر، وبالتالي العرب، في مشروع عربي قومي ديمقراطي حداثي يتشكل في منظومة جامعة دول عربية ديمقراطية تقطع نهائيا مع فضيحة جامعة الدول العربية صنيعة أنظمة الاستبداد والتبعية، وتفرض على الولايات المتحدة الأمريكية أن تميل بمواقف سياستها الخارجية لصالح القضايا العربية نزولاً عند ثقل مصالحها الإستراتيجية الحيوية عند العرب مما يفرض عليها التخلي عن انحيازها التبعي لإسرائيل التي فقدت قيمتها الإستراتيجية لأمريكا والغرب منذ انتهاء الحرب الباردة. وذلك جوهر الفزع الإسرائيلي من مستقبل الثورات العربية.... ويبقى في النهاية رعب بني صهيون الأكبر من أن حقبة صراعهم التقليدي مع أشكال النظام العربي الرسمي المعتاد منذ العام 1948 انتهت. ليدخلوا في حقبة صراع مستقبلي مع الشعوب العربية وقد امتلكت حقها في تقرير مصيرها الديمقراطي. [email protected]
489
| 18 مارس 2011
قبل سبعة عشرة عاماً لجأتُ إلى أرض الغرب الواسعة وأعلنت خروجي على نظام القذافي. كان عمري عند قيام انقلاب القذافي في سبتمبر 1969 ثلاث عشرة سنة. انخرطت كمراهق (دون وعي سياسي يُذكر) في التظاهرات الشعبية المؤيدة للانقلاب التي عمت أنحاء ليبيا: مدناً وبلدات وقرى.. وجدتني شغوفا بالقومية العربية وأفكار التحرر العالمي والعدالة الاجتماعية. استهوتني الأدبيات الماركسية لكني لم أكن لأتحزب لها تنظيمياً. فمن تحزب خان في دولة "الأخ العقيد" وحيث الخائن جزاؤه الإعدام. ولسنوات (من 1969 إلى 1984) اعتقدت أن الانقلاب ثورة حقيقية والقذافي قائدها الفذ. كتبتُ مقالات مؤيدة (منذ 1980) لـ"الثورة وقائدها" حتى عندما انتابتني الشكوك في صدقية ما اعتقده وأكتبه. في العام 1984 هاجم مجاهدو "الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا" معسكر "باب العزيزية" بهدف القضاء على القذافي. فشلت المحاولة وقُتل العديد من المهاجمين وقبض على العديد الآخرين الذين تعمد القذافي عرض اعترافاتهم على شاشة تلفزيونه الثورجي من أقبية تعذيبهم.. ثم تعمد شنقهم في شهر رمضان في الساحات العامة وعرض عمليات الشنق على شاشة التليفزيون متقصداً أن يكون توقيت العرض بعد أذان المغرب مباشرة بحسبانه وقت ذروة المشاهدة بغرض ترويع الليبيين. عند تلك اللحظة المأساوية أستقر وعيّ على قناعة راسخة بأن "الأخ القائد" ليس سوى قائد عصابة من القتلة. لكني كنت خائفاً كغيري من غالبية الليبيين كي أفصح عن موقفي المعارض علناً. أمضيت السنوات من 1984 إلى 1994 لازماً تكتيك منافقة النظام عند اللزوم لضمان السلامة الشخصية والمهنية كشاعر وكاتب وصحفي. في نهاية العام 1994 حسمتُ قراري. قلتُ لنفسي في مواجهة مفصلية: أما أن أظل في جماهيرية القذافي الصاخبة في هذيانه العظامي شاهد زور سواء كتبُ أو صمتتُ، أو أن أتسق ضميرياً وفكرياً مع ما أؤمن به وما أريد أن اعبر عنه. وحيث أني أجبن من أنبس ببنت شفة معارضة للقذافي ونظامه وأنا في جماهيرته، خرجت منها وعليها نهاية العام 1994 لاجئاً إلى ألأرض الغرب الواسعة. العام 2000 ظهرت في برنامج الاتجاه المعاكس بـ"الجزيرة" وصحت في وجه القذافي عبر فضاء شاشة "الجزيرة":" حلّ عن سمائنا" مطمئناً لأمني الشخصي بوجودي في قطر بشعبها الطيب كحليب النوق وشهامة أميرها الجريء. في اليوم التالي سحب طاغية "الجماهيرية" الكافكاوية سفيره من قطر احتجاجا على ظهور معارض لنظامه وسحب مني جنسيتي الليبية.. والآن، في الأسبوع الثلاث من تأريخ ثورة أحفاد عمر المختار، تواصل ثورة 17 فبراير الشبابية، المدعومة بشعبها، دينامكية تفاعلاتها المتصاعدة فعلا بفعل في مسار استحقاقها المنشود: الخلاص من القذافي ونظامه بقضه وقضيضه شرطا شارطاً للحصول على ليبيا كما يريد لها شعبها أن تكون: بلاد حرة وموحدة كاملة السيادة وديموقراطية بمعناها ومبناها. قبل 17 فبراير بأسابيع تدفقت على إيميلي، كغيري من إيميلات المعارضين في الخارج، مئات الرسائل الإلكترونية الداعية إلى الثورة. شككت في أن شبيبة ليبيا سوف يتمكنون فعليا من تنزيل ثورتهم من واقع الانترنت الافتراضي لتصير ثورة حقيقية في الواقع الواقعي. المفاجئ أن الليبيين لم ينتظروا الموعود المضروب يوم 17 إذ خرجت في مدينة بنغازي مجموعة معارضين صغيرة يوم 15 فبراير ليلاً احتجاجاً على اعتقال المحامي والناشط الحقوقي فتحي تربل. وفي عصر 16 فبراير ناضل شبيبة البيضاء وفجروا الحالة الثورية في عاصمة إقليم الجبل الأخضر معقل "سيدي" عمر المختار. فكانت ثورة شباب 17 فبراير ثورة أحفاد عمر المختار بجدارة. كان القذافي وأبناؤه وكبار أعوانه على معرفة مسبقة بما يعد له شبيبة ليبيا الفيس بوكيون. لكنهم سخروا منهم وما ينوون على طريقة سخرية الفرعون مبارك وولي عهده جمال من ثورة شبيبة 25 يناير التي تحولت من افتراض إنترنتي إلى حقيقة تاريخية يعيشها الشعب المصري متحرراً بإرادة ثورته الشبيبية. الأمر نفسه يحدث في ليبيا. ولكن على نحو مختلف في شكل التحولات. القذافي أعلن على الشعب الليبي الحرب بالأسلحة الثقيلة فتحولت الثورة الليبية إلى حركة كفاح مسلح ضد القذافي ومرتزقته الأجانب الذين هم في منزلة الغزاة. مبدئيا ثورة الشعب الليبي ثورة شبابية. قام الأولاد الرائعون على إنزالها من الواقع الافتراضي إلى الواقع الواقعي بخروجهم إلى الشوارع بأجسادهم الشبيبة العارية مرددين:" الشعب يريد إسقاط النظام" شعار ثورة العرب الكبرى التي تفجرت في تونس وقفزت على ليبيا إلى مصر فأستدركها شبيبة ليبيا كي يربطوا حلقة الثورية العربية بين تونس ومصر في منظومة مترابطة في آلية سقوط أنظمة الاستبداد والتبعية على نسق تداعي أحجار الدومينو. صحيح أن ثورات العرب الناشبة لا تواصل تنظيمي وتخطيطي بينها في تونس ومصر وليبيا واليمن (والبقية تأتي) لكنها، في جوهر الفعل التاريخي، متساوقة في الأسباب والغايات بغض النظر عن التباينات الشكلية. وليس من الأسباب الجوهرية القول بالفقر والبطالة والفساد، وغير ذلك من ظواهر الأمور الرائجة. على أهميتها. إنها، في جوهر الفعل التاريخي، حركة ثورة العرب الكبرى الأصيلة (نافية إكذوبة الثورة العربية الكبرى بقيادة لورانس العرب وعملاء آل البيت). إنها ثورة العرب الكبرى كونها تستهدف أصل داء الاستبداد العربي المختزل في منظومة منطق المستبد العربي التليد:" إنّي لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا مدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها...".. وعليه فإن منطق ثورة العرب الكبرى المتوالية من تونس إلى مصر عودة إلى ليبيا بينهما هي في الجوهر التاريخي ثورة على المنطق المعاوي ثقافة وسياسة فإجتماع لأجل دخول العرب في حقيقة العصر الحديث بما هو عصر الدولة الحديثة بلا سيف دولة ولا سوط شرطة ولا لسان وزير إعلام أكذب من غوبلز. [email protected]
702
| 11 مارس 2011
حدثت الثورة في تونس. ثم قفزت فوق ليبيا لتحدث في مصر. السؤال: لماذا حدثت في تونس أولاً وليس في ليبيا ثم لماذا قفزت الحالة الثورية التونسية فوق ليبيا وأصابت مصر.؟! واستغرابية سؤال كهذا مرده أن الشعب الليبي هم أولى، موضوعياً، أن يكونوا أول من يكنس طاغيتهم من وجودهم، نتيجة لمعطيات تعفن نظام القذافي الذي هو نظام اللانظام لأنه قائم على مزجية المستبد الفوضوي، وتهلل دولته التي هي دولة اللا دولة لأنها قائمة على دولاليب وأدوات وظيفية تنفذ توجيهات وتعليمات الحاكم بأمرهلوسته، التي يسقطها اتهاماً على الثائرين عليه. شبيبة ليبيا شعروا كم هو مهين لأحفاد عمر المختار أن تنشب ثورة شباب تونس من غربهم وثورة شباب مصر من شرقهم. فقاموا بإنزال ثورتهم من الواقع الافتراضي في الفيس بوك إلى الواقع الحقيقي على الأرض وقبل الموعد المحدد لها (17 فبراير) بيومين. وهم يدركون أنهم سوف يواجهون قمعاً دمويا رهيباً. لكنهم ربما لم يكونوا يتصورون أن يصل عنف القذافي الدموي إلى حد قصف المتظاهرين بطائرات يقودها مرتزقة من أوكرانيا وصربيا مقابل عشرة آلاف في اليوم، ومرتزقة أفارقة للقتل العشوائي مقابل ألفي دولار في اليوم الواحد. وذلك لأن القذافي لا يثق حتى في قواته الأمنية الواقعة تحت سيطرة أبنائه وعناصر عشيرته ما بالك أن يثق في الجيش الذي همّشه منذ سنوات طويلة ونشر معسكراته مشتتة في أماكن نائية وبلا ذخيرة. والحال أن ثورة الشعب الليبي، التي تلتقي، جوهرياً، مع ثورتي تونس، في الهدف المشترك: إسقاط النظام وتفارقهما في منحى المواجهة التي فرضها القذافي على الليبيين الثائرين عليه ونظامه. إذ عكس طبيعة المواجهة بين الثائرين وكل من الطاغية التونسي والطاغية المصري، واجهت ثورة الشعب الليبي حملات قتل وحشي من قبل الكتائب الأمنية المطعمة بالمرتزقة. ومع ذلك حرّر ثوار 17 فبراير مدن شرق ليبيا في ثلاثة أيام. الآن معركة الشعب الليبي ضد القذافي وفلول نظامه الأجرامي تدور في الغرب، حيث طرابلس العاصمة التي يمثل تحريرها بالثورة الشعبية نهاية النظام لا محالة. القذافي ساقط سياسيا وأخلاقياً، ومنهار عصبيا. يهذي بجنون عظمته. حاول أن يختلق الشقاق القبلي والجهويّ بين الليبيين. فكان ردّهم في الشرق والغرب:"ليبيا قبيلة واحدة" و"لا شرقية ولا غربية ليبيا ثورة وطنية" و"طرابلس العاصمة الأبدية". الليبيون ماضون في ثورتهم التحررية رافضين أي تدخل أجنبي. فهم أحفاد عمر المختار. يعتنقون مبدؤه الجهادي الحاسم:" نحن شعب لا يستسلم. نموت أو ننتصر". قالها في مقارعة الغزاة الفاشيست. وها هم أحفاده اليوم يقولونها وهم يقارعون القذافي الفاشيستي ومرتزقته الأجانب. والهدف جلي: الخلاص من الطاغية المجنون والقضاء على نظامه بقضه وقضيضه كشرط شارط لبناء "دولة ليبيا الموحدة الحرة المدنية كاملة السيادة." حسب بيان ثورة 17 فبراير الصادر يوم 22 فبراير 2011 في بنغازي. فأهلاً بثورة العرب الثالثة..... والبقية تأتي. [email protected]
474
| 04 مارس 2011
من كان يصدق سقوط طاغيتين عربيين في أقل من شهرين. هرب بن علي يوم 14 يناير الماضي وتنحى مبارك يوم 11 فبراير الجاري. طاغيان عتيدان سقطا بثورتين شعبيتين جاءتا فوق كل توقعات التحليلات السياسية والاستخباراتية وأحزاب المعارضة وقادتها وهو ما يحيل إلى شعر أحمد فؤاد نجم: " إن حس الشعب يسبق أي فكر وأي صوت.". من قصيدته "كل ما تهل البشاير" التي كتبها في مديح انتفاضة 18 و19 يناير 1977 المجهضة. ثورة 25 يناير 2011 أُنزلت (Download) بفعل شبيبة الفيس بوك والتويتر والسكايب من الواقع الافتراضي إلى الواقع الواقعي في موعد معين وأمكنة تظاهر محددة، لتصبح فعل الجميع بالجميع لصالح الجميع. ثورة تونس أشعلتها حادثة بوعزيزي. وهي وإن طردت بن علي وعائلته خارج البلاد إلا أن بقايا نظامه لا تزال معششة في رئاسة الدولة والحكومة والبرلمان والدستور. بينما ثورة مصر أسقطت النظام برئيسه ونائبه ومجلسي شعبه وشوراه وتعطيل العمل بدستوره بعدما تسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد نحو بداية جديدة في صفحة بيضاء تمثل قطيعة جذرية مع الدولة الاستبدادية. وما يطمئن (مبدئياً على الأقل) أن جيش مصر أثبت أن عقيدته راسخة في قيم حركة 23 يوليو الوطنية إذ انحاز، وإن بعد مناورات التفافية، لإرادة شعبه معلناً بشكل واضح أنه ليس "بديلاً عن الشرعية". وهو ما يُفترض أنه سوف يقوم، كسلطة عليا مؤقتا، بدور الحارس ـ الضامن لإجراءات عملية انتقال السلطة منه إلى حكم مدني بواسطة آليات ديمقراطية مطابقة للمعايير العالمية في إطار خارطة طريق ذات معالم واضحة وجدول زمني محدد... وهنا يطرح السؤال: هل يمكن الجزم أن مهمة التحريريين (من ميدان التحرير) لتحرير مصر من مبارك ونظامه انتهت؟! وأن الجيش سوف يفي بتعهداته المتوالية في بياناته؟! في ظني أن الثورة المصرية، التي بدأت شبابية وصارت شعبية، لا تزال في سطرها الأول من صفحتها البيضاء. سقط الرئيس فسقط النظام كما أراد الشعب. نقطة من أول السطر. ثم بعد؟! عملياً، أو قل تكتيكياً، لم يعد للاعتصام الجماهيري اليومي في "ميدان التحرير"، وغيره من ميادين مصر، من ضرورة ثورية (على الأقل مؤقتاً). كل مصر باتت ميدان تحرير بعدما غدت الثورة حياة عامة. وبالتالي فإن مهام الثورة المتبقية، في مرحلة الانتقال إلى نظام سياسي جديد يعكس إرادة الشعب ويلبي مطالبه، تحتاج إلى أساليب ووسائل سياسية ومجتمعية مدنية تنظيمية لحماية الثورة وتنظيم تظاهرات مدروسة عند اللزوم للضغط على المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتحقيق مطالب التحول الديمقراطي في مرحلة ما بعد سقوط الطاغية، الذي لم يقض على نظامه بالتمام بعد. فلا تزال بقايا قضيضه هنا وهناك: في حكومة تصريف الأعمال وأباطرة الفساد وجهاز أمن الدولة وبقايا الحزب الوطني، في ظل سريان قانون الطوارئ والقوانين المقيدة للحريات السياسية مع استمرار اعتقال السجناء السياسيين... وربما هناك داخل المجلس الأعلى للقوات المسلحة لا يزال بقايا حراس قديم يطمحون إلى صياغة نظام جديد لا يقطع تماما مع القديم أو يتصورن أن الشرعية آلت إليهم كما كان الحال مع ضباط حركة 23 يوليو 52، قافزين على حقيقة أن ثورة 23 يوليو قامت على انقلاب عسكري احتضنه الشعب بالترحيب والامتنان، بينما خرجت ثورة 25 يناير من رحم ميدان التحرير. وبالتالي فإن الشرعية هذه المرة بيد الشعب وعلى الجيش أن يؤدي مهامه الوطنية بما تمليه عليه الشرعية الثورية بقيادة شبانها التحريريين، الذين لا تزال أمامهم تحديات جسيمة يواجهونها حتى يصلوا بمصر إلى مستقرها الراسخ في جمهورية ثانية: حرة ديمقراطية ملتزمة بالعدالة الاجتماعية لا تعلق بها شائبة من طبائع الاستبداد والفساد أو التبعية للهيمنة الأجنبية. ويبقى أنه يحق لشعب مصر العظيم الفرح العميم والافتخار المنتصر.. فها هي مصر تعود قائدة رائدة لحركة تحرر أمتها من الاستبداد الداخلي والهيمنة الخارجية. ولبقية العرب، شبيبتهم تحديداً، أن يردوا على الهدية العظيمة التي تلقوها من شعب مصر، من الشبان التحريريين تحديداً، بمثلها. أي أن يتحرروا ويحرروا شعوبهم من أنظمة الاستبداد والفساد والتبعية..... [email protected]
485
| 18 فبراير 2011
مساحة إعلانية
بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...
2583
| 30 نوفمبر 2025
في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...
1542
| 02 ديسمبر 2025
فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...
1506
| 04 ديسمبر 2025
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...
1287
| 05 ديسمبر 2025
ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...
1185
| 01 ديسمبر 2025
مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...
1143
| 03 ديسمبر 2025
تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...
1125
| 04 ديسمبر 2025
لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...
753
| 03 ديسمبر 2025
يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...
615
| 30 نوفمبر 2025
في مايو 2025، قام البابا ليو الرابع عشر،...
543
| 01 ديسمبر 2025
كل دولة تمتلك من العادات والقواعد الخاصة بها...
510
| 30 نوفمبر 2025
أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...
498
| 05 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية