رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
ينقسم المتابعون للحراك السياسي القطري المميز على الساحة العربية في الفترة الراهنة والتي يصفها البعض بمرحلة التحول أو كما ينعتونها في المحافل والمنابر بـ " الربيع العربي " فيذهب البعض إلى السلبية في الفهم والتعاطي مع هذا الحضور بشكلية تؤنب الدور القطري بل وتُحمله أيضاً تبعات كبرى تؤجج الرأي في الشارع العربي تجاه قطر. كل ذلك دون أن يتيح هؤلاء لأنفسهم مساحة من الفهم المتعمق لمجريات الأحداث. بل وأحمل هنا الإعلام القطري كذراع مهمة وشريكة في مكونات المرحلة ونشاطاتها مسؤولية القصور في الوصول بالرؤية القطرية للعالم أجمع وبشكل موازي للذراع السياسية النشطة في قطر والتي تعمل بكفاءة للتوافق مع أهداف الشعوب العربية بعيداً عن تهم استنهاض القوى الكامنة ومناصرتها للوصول إلى واجهات القيادة وربما تحقيقاً لأجندات عالمية كما يشاع جزافاً. فعند العقلاء ممن يتعمقون في فهم مكامن الأمور واستنباط دوافعها يعد مثل ذلك التصور تجاه قطر اعتباطا مطلقا لافتقاره إلى الحكمة والبرهان وتبقى مسؤولية الإعلام المحلي كبيرة في هذا الجانب لشرح ماهية الدور القطري وأهدافه والوصول بهذه الفكرة إلى أبعد مدى خلاف الجهد المميز لقناة الجزيرة ذات البعد العام والشامل في أسلوب الطرح والتعاطي مع الأحداث دون التبني المباشر لوجهة الرأي القطرية. وعلى جانب آخر يقف نخبة من ذوي الرأي والفكر يتحمسون للمهمة القطرية ويعتبرونها انتصاراً على انهزامية الدور العربي الراهن وتخاذله في المواقف المصيرية. ففي زمن انحسار المبادأة ومسؤولية الضمير تجاه الأمة تحضر قطر بمبادراتها في المواقف كما في سوريا الآن وقبلها ليبيا والسودان ولبنان وغزة حيث زيارة سمو الشيخ حمد للقطاع مؤخراً وحتى جمهورية جزر القمر والتي تبنت فيها قطر سلسلة من المشاريع التنموية كاستشعار بالدور القومي. وفي هذا الصدد قرأت مقالة للزميل الأستاذ سالم اليامي في جريدة اليوم السعودية نشر في عدد يوم الخميس الماضي 15 نوفمبر تحت عنوان " حقيقة الأجندة القطرية " ضمنه الزميل تحليلاً واقعياً لمفهوم الأجندة واللغط حولها للميول بها قسراً نحو السلبية رغم كونها لا تعدو سوى برنامج عمل يتبناه الفرد لذاته والمؤسسات والدول لأعمالها. كما يشير الزميل اليامي إلى حديث لسمو أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وتأكيده على أن الدوحة لا تريد التدخل في شؤون الغير معتبراً أن ما تقوم به قطر من أدوار خلال سلوكها في المنظومة الدولية يعتبر حقا مشروعا ما لم تؤذ بفعلها أحدا. مشيراً زميلنا اليامي إلى أن مثل هذا الدور ليس بالجديد على المنطقة الخليجية، فقد قامت الكويت في مطلع الستينيات من القرن الماضي بدور مشابه يمثل سياسة " لا عزلة مع الثروة " فاستثمرت جزءا من مواردها في مصالحة شعوب ودول عربية وفي تنمية مواقع عربية بذراع مالية نشطة. وادُخرت تلك المواقف لاحقاً للكويت بموقف عالمي مشرف مع شعبها إبان الغزو العراقي لأراضيها. وحيث يرى الزميل اليامي أن قناة الجزيرة القطرية ضمن منظومة العمل القطري النشط وقد تكون كذلك فيما يخص الأحداث سوى إني أرى ضرورة لتوسع الإعلام المحلي القطري بل والخليجي لشرح المهمة القطرية. فأعتقد أننا في الخليج عموماً دولا وشعوبا شركاء في نجاحات قطر ومواقفها بحكم جملة الروابط والمشاعر. عموماً المواقف القطرية أو ما تسمى بالأجندة القطرية يمكن فهمها واستيعاب مضمونها باستقراء النتائج المثمرة
837
| 18 نوفمبر 2012
كان الكولونيل القذافي القحصي آخر طاغية كاليغولي متوفر في الألفية الثالثة في نسخة رديئة عن روح الطاغية الروماني كاليغولا "الأصيل". كان كاليغولا يعتبر نفسه هو روما وروما هو. وما أدراك ما روما وقتها عاصمة إمبراطورية العالم الوحيدة. بينما كان العقيد البدوبتروثورجي يعتقد في نفسه، المسكونة بنفاج فقاعي، أنه هو العالم والعالم هو، بينما يحكم بلداً صغيراً تعداده خمسة ملايين. ولكن مع بحيرة نفط فائضه. يناسخ "ملك الملوك" الأمبراطور كاليغولا من حيث شخصية الطاغية السايكوباتي مع الاختلاف في طبيعة التصرفات بينهما وطبيعة الظروف التاريخية. كل حسب عصره. نجد كاليغولا يأمر بحرمان أشراف روما وأثريائها من حقهم في توريث أملاكهم ويخصصها لخزانة روما التي هي خزانته. كذلك أمر القذافي بتأميم التجارة الحرة واحتكر النشاط الاقتصادي لصالح الدولة. التي هي دولته. كان كاليغولا يأمر، عندما يعن له، بقتل بعض الأثرياء وفق تاشيرته على اسمائهم في القائمة المقدمة له كي ينقل إرثهم سريعا إلى خزنته استباقا لعمل القضاء والقدر (في تصوره). ويفسر فعله الإجرامي الفاضح هذا قائلا: ".. أما أنا فاسرق بصراحة ". لم يكن القذافي في حاجة لإتابع طريقة كاليغولا في سلب ثروات الأثرياء فقد توسل بآيديولوجية التأميم الاشتراكية مصادرة ثروات الأفراد والبلاد ووضعها تحت تصرفه وبالطريقة التي يشاؤها. كان كاليغولا يقول:" غريب أني أن لم أقتل أشعر بأني وحيدا" ويربط ذلك بقوله:" لا أرتاح إلا بين الموتي".. لم يكن "الأخ العقيد" على نحو سايكوباتية كاليغولا كقاتل متسلسل الجرائم يفسر فهم الموت بإماتة الآخرين. القتل عند العقيد فعل سلطوي أمني لإزالة اعدائه المفترضين حتى من منظور الإشتباه. لكنهما يشتركان معا في فكرة الطاغية المنفصل عن الواقع بحسبانه كائنا فوق تاريخي مع مراعاة الفروق في تفاصيل الممارسة الطغيانية. كاليغولا وصل به وهم القدرة الطغانية إلى الاعتقاد الجازم أن بمقدوره أن يجعل الشيء يكون ما رغب في ذلك. ومن ذلك رغب بإحداث مجاعة في روما فأمر بإغلاق مخازن الغلال كافة. وذلك كي يقوم بعد ذلك بإنقاذ روما من المجاعة ليسجل نفسه في التاريخ بحسبانه منقذ روما من المجاعة المهلكة. بل أنه قال:|" سأحل انا محل الطاعون". القذافي لم يكن طاغية كلاسيكي ككاليغولا أو الحاكم بأمر الله من حيث معطيات حكم امبرطوريات كبرى. لكنه من نفس الطينة السايكوباتية مع مراعاة الفروق التاريخية. امبراطورية القذافي بترودولارية. المليارات كانت أداة قوته الضاربة لتحقيق رغباته الشخصانية في يكون الشيء فيكون. من ذلك رغبته في أن يخلق معجزة ثانية من خلال إنشاء ما سماه النهر الصناعي العظيم. ولم يكن بغير دلالة قوله في إفتتاح المرحلة الأولى أنه قال بفعل الإرادة الثورية للمياه الجوفية كن نهرا فكانت. تطورت الحالة السايكوباتية الطغيانية بكاليغولا إلى حد أنه أقتحم قاعة مجلس الشيوخ ممتطيا صهوة جواده "تانتوس". وعندما تجرأ أحد أعضاء المجلس. قال كاليجولا متهكما في استخفاف:" انا لا ادري لما ابدي العضو المحترم ملاحظة علي دخول جوادي المحترم رغم أنه أكثر أهمية من العضو المحترم فيكفي أنه يحملني "!.. فهتف الشيوخ له ولجواده الذي أصدر قراراً بتعينه عضوا في مجلس الشيوخ. وأقام على شرفه حفلة خاصة حضرها عليه القوم الذين فوجئوا بأن طعام المأدبة لم يكن سوى التبن والشعير. للعصر الحديث طبائعه الخاصة في تعبير الطغاة السايكوباتيين عن ممارساتهم. الطاغية القذافي لم يأله ناقته. لكنه كان، دون أن يفصح في صراحة كاليغولا، متوهما بقوة أنه "نبيا" يحمل كتابا "مقدسا" أسماه "الكتاب الأخضر" فيه كما يقول الحل الشامل لكافة مشاكل البشرية. وقد جرى "تقديس" شخصه بحسبانه "رسول الصحراء” و"القائد الأممي" و"المفكر الأوحد"... و"ملك الملوك". أما بخصوص مقاربة النهايتين فإنهما متطابقتان من حيث بشاعة الفعل. بمعنى نهاية بشعة تليق بطاغية بشع. كانت نهاية كاليغولا في حفلة جواده المبجل عندما ثار أحد الحضور صارخا في وجوه الحضور: الي متي يا اشراف روما نظل خاضعين لجبروت كاليجولا. وقذف حذاءه في وجه حصان كاليجولا، صائحاً: " يا أشراف روما افعلوا مثلي استردوا شرفكم المهان". فهاجمه الجميع حتى أعوانه وحراسه فقتلوه شر قتلة وقتلوا حصانه "المقدس". نهاية القذافي ايضا كانت بشعة. فالقذافي الذي وصف الذين تمردوا عليه بالجرذان قبض عليه أولئك "الجرذان" وهو يحاول الهرب كجرذ من بالوعة لتصريف المياه تحت طريق اسفلتية عند مخارج سرت مدينته الأثيرة. والحال أن الطاغيتين اللذين منحا من طبيعة مركبات الشخصية السايكوباتية في ممارستهما الطغيانية انتهيا مقتولين بطريقة بشعة كعدوين للدولة والمجتمع. [email protected]
760
| 09 ديسمبر 2011
في أواخر العام 1994 خرجت من ليبيا خروجاً نهائيا على النظام. وقد سلكت الطريق البري عبر تونس بسبب الحظر الجوي على ليبيا وقتها. وبعد سبع عشرة سنة عدت إلى موطني غداة تحرير طرابلس ومن طريق البر وعبر تونس بسبب إغلاق مطار طرابلس نتيجة الأحداث. ولأني أردت العودة مسقط رأسي في الشرق من طريق العاصمة المحررة. وبعد أسابيع من زيارة صاخبة بالفرح والمسرات واللقاءات والانشغالات المزدحمة عدت إلى مقري في منفاي الجرماني. وهذه المرة طيرانا على الخطوط التركية صادف أنها أول رحلة تقلع من مطار طرابلس الدولي بعد سقوط نظام الطاغية البغيض الذي انتهى قتيلا مدفونا في مكان مجهول بالصحراء الليبية الواسعة. وصادف وأنا واقف في طابور الانتظار للحصول على تذكرة الصعود وجود مراسلة القناة الألمانية زي دي إف تجري تحقيقا تلفزيونيا عن عودة العمل إلى المطار. سألتني بالعربية (كونها عربية الأصل): إلى أين مسافر؟ قلت: إلى فرانكفورت عن طريق استنابول. وكأنها تفاجأت وهي تسأل: ما طبيعة زيارتك لألمانيا. فازدادت دهشتها عندما أجبتها بالألمانية بأني أعيش هناك منذ 17 سنة وعدت فقط إلى ليبيا بعد سقوط نظام الطاغية. ويبدو أنها وجدت في ذلك فرصة مناسبة لموضوع تحقيقها عن إقلاع أول طائرة من مطار طرابلس الدولي حيث ضمن ركابها لاجئ سياسي ليبي عائد إلى منفاه الجرماني بعد زيارة الوطن المحرر. سألتني ما مشاعري وكيف أرى دلالة هذا التحول من حيث بداية حركة الطيران من مطار العاصمة. أجبتها بما معناه أنها دلالة على أن تواصل ليبيا بالعالم الخارجي بدأ الآن من بعودة العمل إلى المطار الدولي المدني بدلا من مطار معيتيقة العسكري. والدلالة الأعمق أنها عودة آمنة وسريعة بشكل استثنائي. لأن الثورة الليبية ثورة جذرية سقط فيه النظام ودولته بالكامل وصار الفراغ هو سيد الموقف وكان من المتوقع في حالة ثورية كهذه أن تمر البلاد بفترة فوضى واضطراب أمني قد يصل إلى احتراب أهلي. لكن شيئا من هذا لم يحدث. وأذكر هنا ما كتبه دانيال سيروير الصحفي المعروف في وكالة رويترز للأنباء إذ عبّر عن ذهوله من سرعة استتاب الأمان وعودة الحياة الطبيعية إلى ليبيا بعد أكثر من ثمانية أشهر من حرب دموية متواصلة بين الثوار وكتائب القذافي. قائلاً إن ليبيا شهدت أسرع تعاف ما بعد الحرب شاهدته في حياتي. إنه أسرع من البوسنة وكوسوفو والعراق أو أفغانستان. متسائلا: لماذا هذا الانتعاش السريع في بلد شهد أربعة عقود من الديكتاتورية؟ لماذا تبدو ليبيا على الطريق الصحيح في حين يبدو أن مصر قد انحرفت عن مسارها؟ وقد أعاد ذلك إلى ثلاث مزايا مهمة مهدت لعودة الحياة بسرعة إلى ليبيا وهي: القيادة الجيدة للمجلس الانتقالي وحكومته والأهداف الواضحة على الصعيدين الوطني والمحلي والتخطيط الدقيق والموارد الكافية. لكنه غفل عن ميزة رابعة جوهرية وهي طبيعة تجانس المجتمع الليبي اجتماعيا ودينيا مما يشكل حصانة قوية ضد الاحتراب الأهلي. وها أنا بعد مرور أسابيع قليلة على تحرير طرابلس أخرج من مطارها الدولي المدني في أمن لا مثيل له.... لكن ما إن أقلعت الطائرة التركية واستقرت آمنة في الأجواء حتى بادرني السؤال الذي تشكل عبر قرابة خمسة أسابيع قضيتها متجولا في مدن ليبيا من رأس جدير إلى درنة... سؤال: هل تركت ليبيا آمنة حقا والسلاح يزيد بكثير عن عدد السكان؟! نواصل في مقال قادم.. [email protected]
536
| 02 ديسمبر 2011
ثورة 17 فبراير من صنع شباب ليبيا. هم الذين دبروا لها وبشكل معلن في الفيس بوك. وهم من كانوا عند الموعد الذي حددوه في السابع عشر من فبراير. وهم الذين تساقطوا شهداء بصدور عارية في مواجهة رصاص الكتائب الأمنية والمرتزقة. لينزعوا الأسلحة من قتلتهم كي لا تُجهض انتفاضتهم كما أُجهضت المحاولة الأولى في 17 فبراير 2006. لذلك عندما نشبت الشرارة في بنغازي يوم 15 فبراير. قبل الموعد المحدد بيومين. انتفضت اليوم التالي مدن الشرق. في فزعة وطنية فورية لمعقل الانتفاضة بنغازي حتى لا يتكرر التخلي عنها كما حدث في انتفاضة 17 فبراير 2006. حينها ترك بقية شباب المدن الليبية شباب انتفاضة بنغازي يواجهون آلية القمع القذافية لأيام عديدة. بل حتى أهل بنغازي نفسها تخلوا عن شبابهم. ومن الواضح أن الطاغية ركّز هجومه القمعي. في الانتفاضة الثانية. على مدينة بنغازي بحسبان نجاحه السابق في قمع الانتفاضة الأولى. لكنه سرعان ما فوجئ أن ما يواجه أكبر من بنغازي إذ اندلعت الانتفاضة في كل مدن وبلدات الشرق (برقة) بوتيرة سريعة متلاحقة. لتتحول في ظرف أربعة أيام فقط إلى ثورة تحرير مسلحة لكل مدن شرق ليبيا. ولم يُتح للطاغية أي وقت كي يروج لدعاية أن ثورة 17 فبراير حركة انفصالية هدفها الانفصال بالشرق عن ليبيا، إذ نشبت في غرب ليبيا متوالية الثورة الوطنية في الزنتان والزاوية ومصراته والرجبان وطرابلس.... وبعد ذلك يمكن القول إن القصة أصبحت معروفة. حيث خاض الشعب الليبي. في أنحاء البلاد كافة. حرب تحرره الوطني من الطاغية ـ المستعمر المحلي معمر بومنيار بكتائبه ومرتزقته. إلى أن تحررت طرابلس وفرّ الجرذ برتبة عقيد واستعادت ما كان يسمى بالساحة الخضراء اسمها الوطني الأصيل بما هي ميدان الشهداء نسبة إلى ذكرى شنق مجاهدي ليبيا في فضائها زمن الغزاة الطليان قبل نحو مائة عام مضى. وها بعد أكثر من أربعة عقود من طغيان نيرون. يمتلك شباب وشابات طرابلس ميدان أجدادهم الشهداء. فيطلقون من منصته نشيد الاستقلال ثملين بالحرية: يا بلادي أنت ميراث الجدود...لا رعى الله يداً تمتد لك فاسلمي، إنا -على الدهر- جنود...لا نبالي إن سلمت من هلك وخذي منا وثيقات العهود...إننا يا ليبيا لن نخذلك لن نعود...للقيود قد تحررنا وحررنا الوطن ليبيا ليبيا ليبيا صحيح أن القذافي وأبناءه وبقايا الموالين له من جنرالات وضباط وجنود لا يزالون يشكلون مشكلة. لكنها تبقى مشكلة أمنية. فهم مطاردون في نهاية الأمر. لا مستقبل لهم سوى القبض عليهم أو الاختفاء في خواف مستديم. وهم في النهاية لن يشكلوا أي خطر مصيري على دولة ليبيا الجديدة. وإذا كان من ثمة خطر ما على مشروع ثورة 17 فبراير فهو قد يتأتى منها فيها. بمعنى خطر أدلجة السلاح بحيث يرتكن الثوار المسلحين بكتائبهم وسراياهم وجماعاتهم إلى النزعات القبلية أو الجهوية أو السياسية الضيقة. وهو ما لاحظت بروزه للأسف الشديد على صفحات الفيس بوك ومواقع الحوار الافتراضي في شبكة المعلومات... لكني في الوقت نفسه. أراهن على الحركة النهضوية المدنية لشبيبة 17 فبراير كي تنطق برؤيتها الحاسمة لمستقبل ليبيا ما بعد سكوت لغة السلاح. رؤية ماذا يريد شباب ليبيا لليبيا ولأنفسهم. لقد خرجت على نظام القذافي نهاية العام 1994. وأنا في الثامنة والثلاثين. "شاب يعني". وناضلت مع غيري من السابقين واللاحقين بما أستطيع ضد القذافي ونظامه الفاشي. وأظن أن ما يريده شباب ثورة 17 فبراير يتماثل مع ما أراده الجيل الذي سبقهم. جيل "هرمنا". الذي كوبس القذافي أحلامهم. يريدون ما يريده كل شباب العرب. لاسيَّما شبيبة الثورة التونسية على يسارهم وشبيبة الثورة المصرية على يمينهم وهم. يريدون دولة ديمقراطية مدنية ليس لقيادات مؤسساتها التشريعية والتنفيذية علاقة بنظام القذافي المنهار. هويتها المواطنة حقوقا وواجبات. وعدالة ومساواة على قاعدة حقوق الإنسان. وثقافة إسلام وسطي. وعدالة اجتماعية. وازدهار اقتصادي في بلد يفيض نفطا وثروات. يوفر لشبابه التعليم الراقي والعمل والسكن... عندها يشعر شباب ليبيا أن دم الشهداء لم يذهب هباء. [email protected]
1212
| 15 أكتوبر 2011
التيار الإسلامي الليبرالي في ليبيا يتخذ من حزب "العدالة والتنمية"نموزجا حين دخل الإسلام إلى ليبيا منذ قرون خلت استقر عند أهلها على المذهب المالكي عند عربها. والمذهب الأباضي عند أمازيغها (بربرها ـ السكان الأصليين). ولقرون مارس الليبيون - عربا وأمازيغاً - إسلامهم دون أن يكونوا معنيين (فقهيا) بأصول المذهب الذي يتبعون. فهم كانوا ولا يزالون في غالبيتهم الساحقة يمارسون الإسلام البسيط بدون تعقيد بأركانه الخمسة وثقافة المعاملات الإسلامية المتأصلة بالممارسة في الحياة العامة. وقد مرت على الليبيين قرون ظلامية كما مرّت على غيرهم من أمم المسلمين حتى أنهم أشركوا في عبادة الواحد الأحد الشجر والحجر والقبور ثم ظهر لهم المصلح العظيم السنوسي الكبير (محمد بن علي السنوسي) فأحيا بفضل زواياه التنويرية صحيح الإسلام: عبادات وعقائد وجهاداً. بروح تصوفية فاعلة في الحياة كسلوك أخلاقي مستقيم. ومفارقة لمفهوم التصوف الدرويشي. وفي فضاء الإصلاح السنوسي الجهادي هذا تعلم وعلّم عمر المختار في الزاويا السنوسية وحارب معهم الصليبيون الجدد (الفرنسوية) في تشاد ودارفور السودان ولما غزا الطليان ليبيا قاد قائد السنوسيين العظيم أحمد الشريف ومعه أسطورة الزمان عمر المختار حركة المقاومة الوطنية ثم تحت قيادة سِيدي عمر خاض الليبيون ولعشرين سنة متواصلة حربهم الجهادية بعزيمة وطنية ضد الغزاة الطليان وبروح إسلامية أصيلة وسمحة وشواهد ذلك بالممارسة فائضة في تجربة سيدي عمر ومجاهديه لمن يرجع إلى سيرته الموثقة..... وحدث وأن استقلت ليبيا في زمن تصفية الاستعمار وتشكلت دولة الاستقلال الليبي في نظام ملكي قائم على دستور ديموقراطي يتمثل روح الإسلام الحضاري وساعد في ذلك سماحة المذهب المالكي المنفتح على الاجتهاد العقلاني ومنهجية المصالح المرسلة فاستقرت دولة الاستقلال الملكية على صياغة إسلامية ـ ليبرالية لكن محيطها العربي كان صاخبا بالانقلابات العسكرية. ومن المعروف أن المشروع القومي باشر سقوطه مع هزيمة 5 يونيو 1967. ومات بموت عبد الناصر وانهار مشروع اليسار العروبي (الفلسطيني ـ اللبناني) مع إخراج حركة المقاومة الفلسطينية من لبنان العام 1982 لينهض على أنقاضها الإسلام الجهادي بصيغة شيعية بتأثير من الثورة الإيرانية. ثم ينتفض الإسلام الجهادي الفلسطيني الأعزل في انتفاضة 1987. وسوف يكون غزو صدام حسين للكويت علامة فارقة على تحلل " الأنظمة التقدمية" سيما وقد انهار الاتحاد السوفيتي "الصديق"... وقد انبثقت الظاهرة "اللادنية" بالتساوق مع حالة التعفن الاستبدادي في جلّ الأنظمة العربية. إذ في غياب التغيير بالشارع لصالح مشروع ديموقراطي مدني وَجَد المشروع "البن لادني" الفرصة كي يختزل بؤس الغضب وغضب البؤس في العنف الفالت.. وحدث ما حدث في نيويورك..... حيث قام الفعل البن لاديني الدموي على نزعة القتل الجماعي للمدنيين. الذي ليس فقط لا تبريرا شرعيا أو موضوعيا له. إنما لا هدف منطقيا له. واتضح، في نهاية التحليل، للرأي العام الإسلامي أن الأصولية العنفية (حتى لا أقول الإرهابية) ليست سوى جلب للمفسدة ومن مفارقات رؤية نهاية الأصولية البن لادنية ونهوض الحركة العربية التحررية الديموقراطية أن خبر اغتيال بن لادن في بداية شهر مايو الماضي مرّ كأنه حادث اغتيال عادي في يوم عادي. وهو بن لادن الذي كان قبل تفجر بركان الثورة العربية الديموقراطية الكبرى الشغل الشاغل للفضائيات الإخبارية العربية والعالمية. فمرّ خبر اغتياله في خضم أخبار الثورة العربية الديموقراطية الكبرى دون تغطية مضخمة كالمعتاد فقد احتلت متوالية الثورات العربية الشاشات... ... والآن، بعد أشهر دسمة بالأحداث الثورية انتهى فيها بن علي هاربا في جدة ومبارك مجلوبا كمومياء في قفص الاتهام وصالح غير صالح للاستعمال والأسد في حالة سعار والقذافي ينهار، يبرز السؤال: ما مصير الإسلام السياسي في مستقبل الثورة العربية الديموقراطية.؟.. وأتحدث هنا عن ليبيا ثورة 17 فبراير طوال 42 سنة من حكم العقيد هُبل الاستئصالي لم يكن من الممكن الإلمام بحوصلة استبيان مقارب على نحو موضوعي لحجم قوى الإسلام السياسي. وقد اندلعت ثورة 17 فبراير عفويا بإرادة شبابها الذين أقبلوا على مواجهة كتائب القتل الهمجية بصدور عارية لينتزعوا الأسلحة من القتلة كي يدافعون بها عن أنفسهم وشعبهم. بدون أن تكون لديهم أي إيديولوجية سياسية،عدا إسقاط النظام واستعادة ليبيا حرة ديموقراطية. وبعدما تحررت مدن شرق ليبيا بسرعة فائقة. واشتعل أوار الثورة في الزنتان والزاوية ومصراتة وجبل نفوسة وبقية المناطق على الساحل الليبي. نافية عنها صفة الجهوية الانفصالية التي روج له الإعلام المسخ للعقيد المسخ وتأكد لمعظم الشعب الليبي أن ثورة 17 فبراير منتصرة لا محالة وبعدما سيطرت على ثلاث أرباع ليبيا.. كان من الطبيعي أن تبرز في بنغازي، عاصمة الثورة المؤقتة وحيث مجلسها الوطني الانتقالي المؤقت التيارات السياسية التي قُمعت في العقود السابقة ومن بينها الإسلاميون , والإسلاميون تيارات متنوعة: الإخوان ـ فرع ليبيا. التجمع الإسلامي. الجماعة الليبية المقاتلة. تنوعات السلفيين. دع عنك التيار الديموقراطي على خلفية إسلامية كما هو عند الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا كتنظيم سياسي. وكذا ينتشر التيار الإسلامي الليبرالي في أوساط بعض النخب المثقفة وفي الأوساط الجامعية وأوساط التكنوقراط. وله أنصاره على نطاق واسع في الطبقة الوسطى المدنية. وهذا التيار الأخير،على ما أظن، يميل إلى المفهوم السياسي الذي وصل إليه حزب "العدالة والتنمية". أو ذلك ما أرجوه. إذا كان للأمنيات الشخصية محل. أي أن ينتظم الإسلام السياسي في ليبيا الديموقراطية بعد الخلاص النهائي من القذافي ونظامه بقضه وقضيضه في مفهوم الحزب الديموقراطي الحديث. على خلفية ثقافية ـ أخلاقية تمتح من روح الإسلام الحضاري برنامجه برنامج دنيوي مبني على مفهوم المصالح المرسلة ولا علاقة له من قريب أو بعيد بالشعارات الشمولية من نوع الحل الوحيد والحل النهائي....!! [email protected]
926
| 18 سبتمبر 2011
لنواصل الحوار يا إخواني إسلاميي ليبيا. ولنتفق أولا: أن كل إسلامي مسلم ولكن ليس كل مسلم إسلاميا. وأزيدكم ما قاله القرآن{قالت الأعراب} والحال أخاطبكم بما أنتم تخصون أنفسكم به بصفتكم إسلاميين. بينما معناها. في المصطلح السياسي الصريح يعني توسل السلطة بالوصاية على الإسلام في تفسير جماعة ما لحكم الناس على طريقتها بحسبان تفسيرها السياسوي المتفقه هو التفسير الصحيح لكتاب الله وسنة رسوله.ثم يخرج من الجماعة نفسها شيخ جديد بتفسير جديد يكفر تفسير الشيخ المؤسس ويعتبر تفسيره هو تفسير الفرقة الناجية. وما يلبث أن يخرج على شيخ الفرقة الناجية شيخ فرقة جديدة تكفر فرقة الشيخ السابق.. وهكذا... ظهر في تاريخ الإسلام أكثر من سبع فرق متخاصمة ومتقاتلة في ما بينها. وكل واحدة تؤمن أنها وحدها الفرقة الناجية.وهنا فتشوا يا إسلاميي ليبيا عن جوهر الخلاف السياسي وليس الديني. إذ لا حق لكم. بأي معنى شرعي ديني - فقهي الادعاء أنكم أصحاب الحقيقة المطلقة. ليس في السياسة حقيقة مطلقة. إذ لا توجد في السياسة حقيقة. السياسة فن تحكم وسيطرة تخالطها دائما ألاعيب الوسائل المشروعة وغير المشروعة. وممارساتها لصيقة غالبا بطبائع التحايل والمكائد والدسائس. بينما الدين سمو أخلاقي ومطلقات ماورائية. النبي محمد مؤسس بنية الدولة الإسلامية. البذرة الأصولية اليوتيبية في المدينة المنورة، أقام إدارتها رغم أنه مبعوث ربه على أسس مدنية عمادها عقد اجتماعي يشمل مسلميها ويهودها ونصارتها. وإذا كان عهد الخليفة أبو بكر قد انصرف معظمه في خوض "حروب الردة" فإن عهد الخليفة عمر تركز على بناء الدولة الإسلامية الأولى على أسس إمبراطورية. وقفزا على عهد عثمان والصراع السياسي في حقبة ما يُعرف بـ"الفتنة الكبرى" قامت الدولة الأموية ثم الدولة العباسية تقليداً لمفهوم النظام الإمبراطوري الدارج في ذلك العصر. والخلاصة أن لعبة أسلمة السياسة لم تظهر في العالم العربي بشكل آيديولوجي - تنظيمي (حزبي) إلا في بدايات القرن العشرين بواسطة الشيخ حسن البنا الذي رغم اغتياله مبكراً وما لاقاه تنظيمه السياسي - الإسلاموي من ضربات إجهاضية متواصلة من الأنظمة الملكية والتقدمية. ظل متماسكا في بنيته المحفلية الحديدية. ومن تحت عباءته توالدت على وجه أول جماعات الجهاد والتكفير والهجرة وإليهم أخيراً سلفيو طاعة ولي الأمر كيفما كان طغيانه على وجه ثان. انبثق مؤخرا تيار إسلام سياسي مستجد يتسع أفقيا ويتعمق عموديا بتأثير تجربة حزب العدالة والتنمية التركي لنتحصل في بداية العشرية الثانية من القرن العشرين على نزاع إسلام سياسي بين معتدلين ومتشددين فيما المجتمعات العربية ضائعة في وعيها السياسي العام بين تفسيرات الفرق المتنازعة على أن كل واحدة هي الفرقة الناجية بالمجتمع. إلى أن اندلعت الثورة العربية الديموقراطية في تونس ثم مصر فليبيا واليمن فسوريا. فإذ بالمشروع "الإسلام العنفي" يختفي من الواجهة ليحضر مشروع الإسلام السياسي التكتيكي في صورة الإخوان المسلمين أو من يحازيهم من توسط إسلام سياسي أكثر ليبرالية سياسية - اجتماعية من آيديولوجية المحفل الإخواني. بمعنى أن الإسلام السياسي الإخواني وظلاله بات يتحرك بعد ثورة 25 يناير بمقتضى حركة المجتمع المصري وتوجهاته الغالبة في اجتراح الدولة المصرية الحديثة المؤسسة على إرادة الأسفل إلى الأعلى. ولكون مصر مرآة العرب في نهوضهم أو انحطاطهم. فإن مستقبل مشروع الإسلام السياسي العربي (الإخوانجي) يتوقف على نسبة التصويت على مشروعهم في الانتخابات المصرية القادمة إذا افترضنا أنها ستكون شفافة ونزيهة بمعايير الديموقراطية الدولية. في تونس الأمر نفسه تقريبا بين تيار النهضة الإسلامي بقيادة الغنوشي الذي يكاد أن يتوافق في طرحه الحزبي مع رؤية حزب العدل والتنمية التركي. فيا ترى ماذا ستكون حال الإسلام السياسي في ليبيا.؟! شخصيا عندي ثقة قوية ألا مجال سياسيا للإسلام المتطرف أو السلفي في حكم ليبيا المستقبل.وأدرك في الوقت نفسه أن الرأي العام الليبي يميل عاطفيا لخطاب الإسلام السياسي بتأثير وجدانه الديني. لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن الإسلام السياسي الحزبي على صورة الإخوان المسلمين ـ فرع ليبيا. سوف يستحوذون على حكم ليبيا لصالح أجندتهم المرتبطة عضويا بتوجيهات المركز - المرشد في القاهرة. إذ عندها سوف يكون الليبيون قد سلموا صياغة مصيرهم السياسي مرة ثانية لمركز هيمنة الإسلام السياسي في القاهرة كما سبق وسلموا صياغة مصيرهم السياسي لمركز هيمنة القومية العربية الناصرية. إذ في النهاية لن يختلف الأمر بين أيديولوجية معمر بومنيار العلمانية الديكتاتورية عن أيديولوجية شمولية ثانية متسترة بالإسلام السياسي.... وقد نواصل في مقال تال[email protected]
434
| 14 سبتمبر 2011
إسقاط حكم القذافي مسؤولية ليبيّة بالدرجة الأولى قبل حوالي سنة كتبت مقالا بعنوان "غداة موت القذافي" في موقع "المشهد الليبي" ردّا على مقال بعنوان:" ثاني يوم بعد موت معمر القذافي" بقلم يوسف سالم الأبيض.. ناقشت فيه أطروحة صاحب المقال الدائرة حول أسئلة افتراضية: ماذا سيحدث يا ترى غداة موت القذافي في يوم من الأيام؟! ويفرّع منه حزمة أسئلة احتمالية. منها بشكل جوهري: من سيخلف القذافي؟ هل ستستمر السلطة في أبنائه من بعده؟ هل سيستمر النظام القذافي في الحكم؟ هل سيختلط الحابل بالنابل، ويحدث ما لا يحمد عقباه. كانت تلك الأطروحة وأسئلتها الافتراضية مبنية على اليأس الناجم عن العجز. وهو ما ينتج بالتالي حالة التسليم لقدرية انتظار موت القذافي في يوم من الأيام والتي تتغذى على الشائعات الرغبية حول قرب وفاة القذافي عطفا على خبر إصابته بالجلطة الدماغية بدليل أنه أخذ يربي "سكسوكة" للتغطية على (انشقام) فمه نتيجة الجلطة. باختصار أصبحنا كنظارة مسرحية عبثية بعنوان: "في انتظار عزرائيل" على وزن "في انتظار غودو". وقد كتبت مقالا متهكما أدعو فيه الانضمام إلى "حزب عزرائيل"، شخصيا كنتُ في تلك الأثناء أستبعد إمكانية التخلص من القذافي ونظامه من طريق ثورة شعبية. واستبعدت كذلك إمكانية حدوث انقلاب عسكري لأن لا وجود لمؤسسة عسكرية حقيقية في ليبيا. لكني لم أستبعد إمكانية اغتياله. وفي كل الأحوال كان موت القذافي يعني لي موت الشخص النظام أي نظام الشخص؛ حيث وريثه سيف الإسلام لن يكون بوسعه إدارة السلطة المطلقة التي كان يديرها أبوه المؤله مما يجعل التخلص من حكم الابن مهمة ممكنة شعبيا ونخبوياً، وهنا رأيتُ - في تلك الأثناء - أن موت القذافي في فراشه يستدعي فورا تحرك القوى الوطنية المعارضة في الداخل والخارج. مدنيين وعسكريين. نحو استغلال غياهب الطاغية الفرعوني من صنف (أنا ربكم الأعلى) لقطع الطريق على وريثه الباهت قبل أن يعزز نفوذه السلطوي الخاص. وعدت في ذلك إلى رؤية "وثيقة 24 ديسمبر" التي حملت توقيعات قوى المعارضة الليبية البارزة في الخارج. وأكدت: "إن مهمّة إسقاط حكم القذافي وتخليص ليبيا منه هو مهمة ومسؤولية ليبيّة بالدرجة الأولى والأخيرة. وإن ميدانها الطبيعي داخل أرض الوطن".. وهذه المهمة تستدعي، كيفما كان موت القذافي، أن تستغل القوى الوطنية، عسكرية ومدنية، غياب الطاغية، وتفرض إرادتها من خلال إجماع وطني على قيام سلطة أمر واقع تكون بطبيعتها مؤقتة وانتقالية.. تعلن، فورا، عن مدة زمنية معينة لدورها ومهمتها،وأن تلتزم بها،على ألاّ تتجاوز هذه المدة ثمانية عشر شهراً.. ثانيا: أن تعلن عن نيتها وعزمها على العودة بالبلاد، مع انتهاء الفترة الانتقالية المحددة، إلى كنف الشرعية الدستوريّة، وإلى الحياة السياسية التعددية، في ظل دستور يضعه ممثلو الشعب المنتخَبون، ويجرى التصديق عليه من قبل الشعب في استفتاء عام. بعد هذا المقال بأشهر قليلة ظهرت على الفيس بوك حركة تواصل شبابي بتأثير من الثورة التونسية والمصرية تضرب موعدا مع الثورة حدده في يوم 17 فبراير 2011 تيمناً بانتفاضة شبيبة بنغازي في 17 فبراير 2006 المجهضة بعنف دموي. فكتبت حينها مقالا بعنوان أتساءل فيه: هل يفعلها شباب ليبيا هذه المرة؟! وفعلا فعلها أحفاد جدهم المختار. وفعلوها بعبقرية أسطورية. وها نحن. بعد أكثر من ستة أشهر على اندلاع ثورة 17 فبراير. نحظى بطرابلس حرة. وباب العزيزية أطلال درس. وقد هرب العقيد المسخ وذريته وخاصة أعوانه مطاردين ملاحقين. لينطرح السؤال الواقعي على الواقع الواقعي: ما مصير ليبيا غداة نهاية القذافي ونظامه..؟!.. نصحني أصدقاء وأقرباء. وأنصار. ألا أعود الآن. لماذا؟!. لأن الوضع ما زال خطيراً من جهتين. من جهة فلول النظام، ومن جهة متطرفي الثوار، وهذا التحذير لم يطالني وحدي وإنما طال غيري ممن يتحدثون من الخارج، بالصراحة الصارخة نفسها، ضد نظام القذافي وكذا ضد الانتهازيين من بقايا اللجنة العامة وإصلاحي ابن أبيه الذين صاروا قادة المشهد السياسي لثورة 17 فبراير وكذلك هيمنة قيادات الإسلام الأيديولوجي على كتائب وسرايا الثوار. لم أمتنع عن العودة لليبيا خوفا مما أو ممن يحذروني منه. فلم أخش القذافي وقتلته المتجولين في أوروبا. فهل أخاف من هذا أو ذاك وسط شعبي بعد الخلاص من القذافي ونظامه؟. لكنني فضلت البقاء حيث إننا في ألمانيا أو متواجد في قطر عبر الجزيرة لأنه لا مطمع لي في سلطة أو منصب. معركتي الآن معركة إعلامية لأجل ألا يُستغفل الليبيون مرة ثانية كما سبق وأستغفلهم القذافي بحيث تمكن من السيطرة عليهم لعقود. وهو ما يستدعي أن يعملوا بوعي سياسي ومعايير وطنية صارمة تمنع منعا باتاً أي شخص عمل بشكل أو آخر مع نظام القذافي من تقلد أي منصب رسمي في حكم ليبيا الجديدة. وتمنع كذلك كل من كانت له صلة بشكل أو آخر باللجان الثورية أو اللجان الشعبية أو بالنشاط أو الدعاية لمشروع سيف الإسلام "الإصلاحي". أي أن رجال حكم ليبيا الجديدة لا بد أن يكونوا أنقياء تماما من كل شبهة بالعهد البائد. وإذا لم يحدث ذلك فإن ثورة 17 فبراير سوف تفقد مشروعها التحرري الجذري ويتلاعب بها الانتهازيون والمتسلقون.
643
| 02 سبتمبر 2011
دعوت على صفحتي في "الفيس بوك" إلى ضرورة كشف ملابسات اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس رئيس أركان جيش التحرير الوطني. وأن نجعل معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة فوق كل اعتبار... ولاحظت أن ردودا كثيرة تطالبني بألا أثير الأسئلة حول القضية. بذريعة أننا في حالة حرب. وعلينا أن ندع الفتنة نائمة. وأنه ينبغي ألا نُشعر الغرب بأن لدينا تطرفا. ولنترك الأمر إلى ما بعد التحرير. وبالمقابل كانت هناك آراء كثيرة أيضاً تصر بقوة أن لا خطوط حمراء بعد ثورة 17 فبراير. ولا لإسكات الرأي المخالف. ودائما الحقيقة هذا وقتها. الحقيقة قوة للثورة بينما التدليس والتغطية على الحقائق يشوش عليها ويضعفها. وكنتُ قد ناقشت في مقالي الفائت. تحت عنوان "من قتل اللواء.؟!" ـ صحيفة الشرق 4 أغسطس الحالي ـ الأسئلة المثارة حول ملابسات اغتياله في الفضاء الإعلامي لجهة أن قتلة اللواء ينتمون إلى " كتبة عبيدة بن الجراح" كما صرح الدكتور على الترهوني مسوؤل النفط بالمجلس الوطني الانتقالي. وهى نفس الكتيبة التى كانت مكلفة باستدعاء اللواء يونس بطلب من أحد أعضاء المجلس الانتقالي. للتحقيق معه أمام لجنة قضائية بشأن قضايا عسكرية. وسلطت الضوء بلغة التحليل الظني على خلفية التنافس القيادي الناشب بين زعامة اللواء عبد الفتاح لجيش التحرير الوطني (مكوَّن من الجنود النظامين) وقادة كتائب وسرايا الثوار (غير النظامية) بزعامة "فوزي بوكتف". وسكتت عن الرواية الشائعة. في بنغازي تحديدا. القائلة أن اللواء تمت تصفيته بعد اكتشاف خيانته لثورة 17 فبراير. وفي هذا المقال سأناقش الرواية الشائعة. تقول الرواية. حسب المعلومات التي تحصلت عليها من أطراف تزعم أنها واثقة من خيانة اللواء. وأن أعضاء في المجلس الوطني الانتقالي رأوا عدم إطلاع مصطفى عبد الجليل عليها لأنه قد يقف في صف اللواء. فكلفوا مجموعة من كتيبة عبيدة الجراح بجلب اللواء من الجبهة للتحقيق معه في بنغازي. لم تلتزم الكتيبة المذكورة بأوامر الجلب. فأخذت على عاتقها التحقيق مع المغدور وتنفيذ "عدالتــها" فيه. إذ يقال أنهم بعد التحقيق معه وتعذيبه اعترف بخيانته للثورة وتنسيقه مع العدو:" القذافي ونظامه". ويقول المدافعون عن القتلة أنهم سجلوا اعترافه على شريط فيديو وعرضوه بعد تصفيته على مصطفى عبد الجليل الذي بدوره عرضه على على شيوخ قبيلة العبيدات. قبيلة اللواء. وخيرّهم بين إعلانه خائناً. أو إعلانه شهيداً ولملمة الموضوع. أشك أن يكون مصطفى عبد الجليل وشيوخ العبيدات قد اتفقوا على لملمة الموضوع. فالمعروف أن قبيلة العبيدات أصدرت بيانا صارخا بأنها سوف تطبق العدالة بنفسها اذا أخفق المجلس الوطني الانتقالي في التحقيق بصورة كاملة. مع أني ضد تدخل القبيلة في مثل هكذا قضية وطنية حساسة. لكني أسوق بيان تدخلها في القضية للتدليل على خطورة الموضوع. بمعنى أن على المجلس الوطني الانتقالي أن يكون على مستوى المسؤولية الوطنية المناطة به. بحيث يلتزم عمليا بتشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة ويعلن في مؤتمر صحفي عن اسم رئيسها وعن أجندة مهامها والوقت المحدد لإنجاز تقريرها النهائي ونشر نتائجه للرأي العام. هكذا تكون ثورة 17 فبراير ثورة الوضوح والحقيقة. أي قول الحق ولو على نفسها. وهكذا فقط نبعد تدخل القبيلة في شأن وطني بحجم اختطاف رئيس اركان جيش التحرير الوطني وقتله بدم بارد ثم حرق جثته. أخيرا.. لنفترض أن المجموعة المسلحة التي ألقت القبض على اللواء لديها أدلة قاطعة بخيانته. لماذا لم يجر تسليمه للقضاء لمحاكته محاكمة عادلة تلائم عدالة ثورة 17 فبراير وأخلاقية ثوارها. لكن. على ضد من ذلك. على ضد من أي حق شرعي. ديني أو وضعي. أقدمت مجموعة متطرفة. حاسبة نفسها على الثوار. على إعدامه خارج نطاق القضاء. ولم تكتف بذلك. بل أخذت جثته ورمت بها في مكان مهجور خارج بنغازي بعد حرقها.. بعض الردود التي هاجمتني على صفحتي في الفيس بوك لم تتوان عن اتهامي بأني من الطابور الخامس. وأنا الذي قضيت قرابة عشرين عاما معارضا بشراسة للقذافي. وعرضة لعديد محاولات الاغتيال على يد عملائه. ومنهم من اتكأ على مقولة "مش وقته" درءاً للفتنة إذ الفتنة أشد من القتل. وخذ من مثل هكذا كلاما محفوظا. بينما الفتنة التي يدعون خشيتهم على إيقاظها لا تستيقظ نشطة في كامل لياقتها إلا في خضم "لملمة الموضوع" ودس وسخ البيت تحت السجادة حتى يذهب الضيوف.. [email protected]
876
| 11 أغسطس 2011
حدث ويا لمفارقات أحداث التاريخ أنه في 17 فبراير 2011. بعد مائة عام على احتلال إيطاليا لليبيا. ثار أحفاد عمر المختار على طاغيتهم معمر القذافي (المستعمر المحلي) بالكفاح المسلح كما سبق وثار جدهم المختار على (المستعمر الخارجي) بالجهاد المسلح. لا فرق يذكر. في الجوهر. بين المستعمر الفاشيستي (موسوليني) والمستبد الفاشيستي (القذافي). إنها وحشية القتل والتدمير نفسها. وإذا كان من الطبيعي أن يقاسي الليبييون ما قاسوه على يد المحتل الأجنبي. فبأي منطق يمكن تفسير حرب "الأخ القائد" على الشعب الليبي. سوى أنه متماهٍ في روح الغازي الدموي وقد أطلق العنان لكتائبه ومرتزقته تعيث تدميراً وقتلاً واغتصابا. وكأنه موسوليني زمانه. فقط لأن شبيبة ليبيا تظاهروا في الشوارع مطالبين بالحرية. مرددين: سلمية سلمية سلمية. فأجابهم "الأخ القائد" بالقتلة المرتزقة المزودين بمضادات الطيران عيار 14.5. ثم بالدبابات والراجمات والطائرات النفاثة. فكتب على الليبيين القتال وهو كره لهم. ومن هنا جاءت تسمية "ثورة أحفاد عمر المختار". لأن شبيبة ثورة 17 فبراير طابقوا. وبحق. بين "موسوليني روما" و"موسوليني سرت". من حيث أنهما صنوان على صورة الشر نفسه. لشهر كامل. قبل التدخل الدولي. تبجح "العقيد هبل" أمام جنرالاته القتلة أنه سوف يستأصل نزعة تمرد الليبيين من أصلها وفصلها. ويعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل 17 فبراير. وكانت بنغازي. بالنسبة له. هي أصل الداء والبلاء. فجيّش إليها كتائبه المدججة بأفتك الأسلحة المؤللة بأرتال تمتد بطول ستين كيلومترا. وقد وصلت طلائعها إلى مداخل بنغازي. بنغازي التي كان قد دعاها في خطاب قبل يوم أو يومين بـ"حبيبتي بنغازي". فإذ بكلمته تلك كود حربي لمهاجمتها وتدمير كل شيء فيها واغتصاب نسائها. لو لم تتدخل طائرات القوات الدولية. في اللحظات الأخيرة. فقضت على ارتال العقيد هبل. فنجت بنغازي ـ حبيبة الليبيين. ومن المؤكد أن أحفاد عمر المختار كانوا وسوف يواصلون ثورتهم إلى أن يقضوا على القذافي ويجتثوا نظامه من أساساته سواء تدخل الناتو أو لم يتدخل. فقد حارب جدهم الأسطوري صاحب مقولة " الجهاد وكفى" المستعمر الإيطالي ببنادق القرن التاسع عشر وما يغنمه من عدوه من أسلحة. وها هم أحفاده في الشرق: من طبرق إلى أجدابيا، وفي الغرب: الزنتان ومصراته وجبل نفوسه، يحاربون " موسوليني سرت" بالأسلحة التي اغتنموها من كتائبه. صحيح أن الفاشيستي موسوليني تمكن من السيطرة التامة تقريبا على ليبيا بعد شنق سِيدي عمر وإبادة ثلث السكان الليبيين قتلا وتجويعا جماعيين. ونزوح ثلثهم الثاني إلى الدول المجاورة: مصر، تونس، تشاد... فيما تبقي الثلث الثالث. في الداخل. يطبق عليه الجوع والأمية والأمراض السارية. لكن روح المقاومة لم تمت فيه. فتكون جيش التحرير العام 1940 من آلاف المهاجرين الليبيين بمصر. وتحالف مع الجيش البريطاني لتحرير ليبيا من الإيطاليين. ثم ناضلت النخبة السياسية الوطنية من أجل نيل الاستقلال الذي تحقق بإشراف الأمم المتحدة العام 1951 في صيغة نظام ملكي دستوري. كان الملك محمد إدريس السنوسي شيخا ورعاً وزاهدا في الملك حتى إنه حاول جديا وفعلياً عديد المرات التنازل عن عرشه وتحويل نظام الحكم الملكي إلى نظام جمهوري. لكنه كان يواجه بالرفض الشديد من الحاشية والحكومة والطبقة السياسية والشعب أيضا. واليوم. بعد قرابة ستين عاما على استقلال ليبيا. وقرابة 42 عاما على حكم القذافي الطغياني. يخوض أحفاد المختار حرب تحرير ثانية. وبالتحالف مع القوات الدولية في السماء. معركة معركة. رغم الكتائب المرتزقة (أكانوا أجانب أو ليبيين) ورغم القبائل الخائنة. ولسوف تنال ليبيا استقلالها الثاني من العقيد الغاصب. ليؤسس الليبيون الأحرار جمهوريتهم الديموقراطية. على ألا ننسى أبداً مقولة الملك إدريس التاريخية:" إن المحافظة على الاستقلال أصعب من نيله"
752
| 28 يوليو 2011
نهاية القذافي ونظامه أصبحت مسألة وقت كان شعار ثوار تونس الأبرز في بداية انتفاضتهم: "شغل حرية كرامة إنسانية". ثم تطور الشعار إلى "الشعب يريد إسقاط الرئيس".. ليتصاعد إلى :" الشعب يريد إسقاط النظام". وإذ هرب "بن علي" على وقع صراخ ذلك المحامي التونسي الشاب صارخا في شوارع تونس الخالية تلك الليلة: "بن علي هرب، بن علي هرب، بن علي هرب، بن علي هرب"...... يومها تحقق للتوانسة سقوط الطاغية لكن لم يتحقق لهم تماما سقوط نظامه. كذلك الحال في الثورة المصرية. سقط الرئيس ولم يسقط النظام تماماً. أي سقوط الديكتاتور وبقاء الديكتاتورية. أما في نموذج الثورة الليبية فإن الطاغية القذافي شن منذ البداية حربا شعواء على الشعب الليبي بكل الأسلحة التدميرية المتوفرة لديه: براً وجواً وبحراً. فما كان من الليبيين الثائرين عليه سوى الانتفاض في دم الشهيد كي لا يذهب هباء. انتفاض هو احتماء روحي بفكرة أن موت الشهيد سبيل إلى حياة حرة لغيره وله جنة الآخرة. بهذا المعنى فإن أنموذج الثورة الليبية مفارق في وقائعه للثورة التونسية والثورة المصرية. بما أن الثورة الليبية حركة كفاح مسلح تخوض حرب تحرير ضد كتائب القذافي ومرتزقته. ففي ليبيا لا يوجد جيش بالمعنى المتعارف عليه. إنما كتائب القذافي.وهي مليشيات مُجيَّشة من جهلاء ورعاع ومجرمين. مخلوطين مع مرتزقة أجانب يُعدون بالآلاف. يقودها، في الأساس، ضباط من القذاذفة. وعقيدتها العسكرية قائمة على حفظ أمن القذافي وحماية نظامه. بجيش القتلة هؤلاء زحف الأخ العقيد هولاكو لتدمير المدن الثائرة في مصراتة وأجدابيا وبنغازي بالطائرات والدبابات والراجمات والمدافع من العيار الثقيل الخاص بتسليح فرقة. فيما كان العالم يشاهد طوال شهر دم الليبيين يُسفك منتثرا على الشاشات ومئات الحرائر يُغتصبن قبل أن يصدر القرار 1973. ولم يكن لينقذ بنغازي من همجية القذافي المخبول لو لم تتدخل القوات الدولية لتدمر أرتال قوات قذاف الدم والموت، الممتدة بطول 60 كيلومترا وقد وصلت طلائعها إلى مدخل بنغازي. فكانت تلك الضربة الجوية القاصمة بداية فعلية لنهاية أوهام "العقيد هبل" في السيطرة على ليبيا بالدبابات والراجمات والمرتزقة. ومن ثم حكم الليبيين بالرعب.إنه الوهم الذي تلبس ذلك الملازم الأول بأنه فوق البشر.. ومن هنا نفهم صراخه الهستيري مخاطباً ثوار 17 فبراير: من أنتم..؟!.. وكأنه يلقي بسؤاله المرعوب هذا على كائنات خرجوا إليه من تاريخ لم يطالعه أو هبطوا على جماهيريته الحمقاء من كوكب غامض، بينما هم من طينة الشعب نفسه الذي اعتاد، طوال 42 سنة، على التصرف به كصلصال رخو بين أصابعه حسب مواصفات أفكار كتابه الأخضر السخيف وشروحه الأسخف. ولست هنا في معرض الجواب عن السؤال المركزي: كيف خضع الليبيون لحكمه اثنتين وأربعين سنة.... ليثوروا عليه اليوم.؟! الجواب عن هكذا سؤال تجده في سلسلة مقالات نشرتها في "الشرق" تحت عنوان:" من هو معمر القذافي..؟!".. دون ادعاء أنه جواب واف. فرغم غرابة شخصية القذافي التهريجية إلا أن مثله مثل بن علي ومبارك وصالح وبشار وغيرهم من الطغاة العرب. قد تتباين أساليب حكمهم في التفصيل لكنها متطابقة في المنهج الطغياني... بالنسبة للقذافي فقد جاء في صورة ملازم أول لابساً هيئة الوطني المذهل بطيبته. تسلل إلينا من رخاوة عواطفنا القومية الميلودرامية.. ومن طيبتنا الوطنية السائلة.. ومن جهلنا السياسي وتعويلنا على المنتظر ببيانه الإنقاذي، نيابة عن عجزنا. لذلك خرج معظم الليبيين على بكرة أبيهم مؤيدين للانقلابيين دون أن يتساءلوا من هم... ومنذ سنوات القذافي الأولى ثار في وجهه العسكريون في معسكره الانقلابي والنشطاء السياسيون والطلاب والمثقفون.. وقد قام بقمعهم في السجن والتصفية الدموية بينما كانت الجماهير المغفلة تهتف باسم:" القائد العظيم"... ومع الوقت تفاقمت لوثة العظمة لديه إلى حالة توهم بأنه المجد المطلق. لذلك ما إن ثار أحفاد المختار في وجهه. كما ثار جدهم في وجه الغزاة الطليان. حتى ظهر مستهترا: من أنتم..؟ - "نحن دم الشهداء الذي لن يذهب هباءً.. وكي لا يذهب هباءً لا بد أن تذهب أنت هباءً منثوراً في غبار التاريخ." بهذا المعنى فإن نهاية القذافي ونظامه أصبحت مسألة وقت ليس إلا. حتى لو طالت شهوراً ربما. وعندها أي غداة القضاء على القذافي ونظامه وسكوت سلاح الثوار عن الرصاص. سوف يبرز الهتاف من جديد:" دم الشهداء ما يمشيش هباء". وهذه المرة في اتجاه البحث عن ترجمة لمغزاه في بناء ليبيا الحرة على ركيزتي: الديموقراطية والعدالة الاجتماعية. .. وذلك هو التحدي المركزي أمام ثورة 17 فبراير بعد سقوط جماهيرية هبل... [email protected]
2045
| 22 يوليو 2011
الشعب الليبي يقود حركة التحرر الوطني لنيل الاستقلال الثاني ما الذي استدعى المجتمع الدولي للتدخل العسكري (الجوي) في ليبيا والذي آلت قيادته إلى حلف الناتو؟! بحسب قرار مجلس الأمن 1973 المشفوع بطلب جامعة الدول العربية جاء التدخل الدولي لحماية المدنيين الليبيين من مذابح كتائب القذافي. أما بحسب القوميين العرب المتقاطعين مع بروباغندا إعلام القذافي فإن الجواب الجاهز: لأن ليبيا دولة نفطية. وأن الغرب ما كان ليتدخل فيها لو لم يكن بها نفط. وأن حاجته للتدخل باسم حماية المدنيين هو في الحقيقة استعمار ليبيا والسيطرة على نفطها. ورغم ما قد يظهر من وجاهة على ظاهر قول كهذا إلا أنه في التحليل الدقيق يبين حقيقة الأمر. لأن الشعب الليبي على وعي وطني أصيل وفهم جلي لمقاصد الضرورات التي تبيح المحظورات. فبفضل التدخل الدولي الجوي، الفرنسي خصوصا، وفي الوقت المناسب، وبضغط قطري، تم إنقاذ مدينة بنغازي التي هاجمها العقيد هولاكو بكتائبه الجرارة. فمن كان لينقذ أهلها من جنون القذافي الدموي غير التدخل الدولي؟! هل كان سينقذهم مقالات عبدالباري عطوان العنترية أو تفذلكات عزمي بشارة في تحليل تقنع القوى الاستعمارية بقناع "الامبريالية الإنسانية". لكن هل يعني ذلك أن تدخل الغرب العسكري (الجوي) في ليبيا مرده دافع إنساني بحت.؟! بالقطع لا. والليبيون يعرفون ذلك. ولاسيَّما ثوارهم. وهم ليسوا في حاجة لمزايدات عبدالباري عطوان أو تفلسف عزمي بشارة، على سبيل المثال، كي يعوا مقاصد القوى الغربية. فهم أحفاد عمر المختار بالمعنى التاريخي الدقيق للكلمة. أي أنهم لن يسمحوا بأي حال من الأحوال أن ينزل حلف الناتو من السماء على أرضهم ليشكل مستقبلهم السياسي على ما تهوى مصالحه. وحدهم فقط القطريون والإماراتيون، خصوصاً القطريين، سوف يرحب بهم الليبيون بحب غامر وامتنان لجميل لا يرد أبد الدهر. وليطمئن الخاشون من نزول الناتو من السماء للهيمنة على مستقبل ليبيا بعد الخلاص من القذافي. فأحفاد المختار لن يرضوا بليبياهم إلا وهي حرة كاملة السيادة بإرادتهم. ولدولة ثورة أحفاد المختار أن تأخذ في الاعتبار أولية مصالح الدول التي سارعت إلى نجدتها. وفي طليعتها قطر الأحب إلى القلوب الليبيين بعد ليبيا. ثم تأتي الإمارات. فتونس (شعباً). فمصر (شعباً). وتلك نجدة الأخ لأخيه. أما الدول الغربية، أمريكا فرنسا بريطانيا تحديداً، فقد تدخلت لأسباب متعددة: مسؤوليتها الدولية... ضغط رأيها العام.. ومصالحها بطبيعة الحال... الليبيون أذكياء بما يكفي ليدركوا أن ساركوزي وكاميرون وأوباما ليسوا باعة آيس كريم مجاني. لكن ما قد لا يعرفه العرب عن ليبيا أن استقلالها العام 1951 كان أول اختبار دولي في ملف تصفية الاستعمار. فلسنوات، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، تم تداول قضية استقلال ليبيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة وفي مجلس الأمن. وكانت القوى الوطنية ثابتة على موقفها في رفض الوصاية والانتداب وكل أشكال الاستعمار المقنّع. والمطالبة بالاستقلال التام، على أساس وحدة ليبيا بأقاليمها الثلاثة (برقة وطرابلس وفزان). ومن جهة أخرى كانت القوى الأجنبية، أمريكا وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتي، في ذروة شراهتها لغنائم الحرب العالمية الثانية. كانت القوى الغربية العظمى (الأمريكية والبريطانية وإلى حد ما الفرنسية) في جهة والاتحاد السوفيتي في جهة أخرى، يتصارعان على مكسب النفوذ في دولة تخلى عنها المستعمر الإيطالي مهزوما. ولأن السوفييت أدركوا ألا مكسب لهم فيها انضموا بقوة إلى حق شعبها في تقرير مصيره رافضين أي صيغة للوصاية عليها.. وقبل البريطانيون والأمريكيون بوجود عسكري في قواعد عسكرية على الأرض الليبية لفترة محددة. وبالنتيجة نالت ليبيا استقلالها وسط ألاعيب لعبة الأمم... وها يثور أحفاد عمر المختار، بعد واحد وأربعين سنة وبضعة أشهر، على طغيان القذافي (موسوليني المحلي) وكتائبه الإجرامية، بما يعيد إنتاج تجربة استقلال ليبيا الأول من موسوليني الإيطالي. ورغم أن ليبيا كانت خارجة في ذلك الوقت من زمن مستعمر متخلف كريه ترك وراءه أقل من خمسة في المائة على مقاعد الدراسة وخمسة عشرة في المائة عميان وخراب رهيب وإفلاس تام، تمسكت نخبته الوطنية بحق شعبها في تقرير مصيره. وهو ما تحقق لها رغم وجود القواعد الأجنبية. الآن، وبعد 60 عاما على استقلال ليبيا، الذي سبقته ملحمة جهادية مسلحة ضد الاحتلال الإيطالي وأعقبتها، بعد الحرب العالمية الثانية، معركة سياسية خاضتها القوى الوطنية في رفض الوصاية الدولية ونيل حق تقرير المصير، يعيد الليبيون إنتاج تجربتهم التاريخية تلك في تشابه يقارب التطابق. فهم من جهة يخوضون ملحمة تحرر مسلح ضد كتائب القذافي الفاشيستي الذي لا يختلف في الجوهر في شيء عن المستعمر الإيطالي الفاشيستي بل إن موسوليني "الليبي" تفوق في جرائمه على موسوليني الطلياني. ومن جهة أخرى قد يواجه الثوار الليبيون، بعد الخلاص المؤكد من نظام القذافي عاجلا وليس آجلاً، كما واجه رجالات حركة الاستقلال الوصاية الدولية، محاولات القوى الكبرى، التي تقود التدخل الدولي من السماء، كي تنزل بالتدخل السياسي على الأرض للمشاركة في تشكيل مستقبل ليبيا السياسي بما يخدم أطماع هذه القوى في الهيمنة الإستراتيجية. لكن الواقع ووقائعه اليوم مفارق، في المعطيات والظروف والوعي والممارسة لأحوال الأمس. اليوم يقود حركة التحرر الوطني لنيل الاستقلال الثاني شعب محمول على وعي سياسي وطني مدرك برؤية تاريخية ومستقبلية لمعنى تمام الاستقلال والسيادة. بحيث سيظل دور الناتو محصورا في تدخلها الدولي المقيد بقرار مجلس الأمن 1973. ولن يقبل الثوار بأقل من الخلاص من القذافي ونظامه بقضه وقضيضه مع الشكر لقوى التدخل الدولي والأخذ في الاعتبار لحجم دورها عند النظر في صيغة علاقات ليبيا الدولية دون أن يأتي الأمر على حساب مصالحها العليا. [email protected]
567
| 15 يوليو 2011
في 19-06-2011 صرح السيد عبد الرحمن شلقم مندوب نظام القذافي في الأمم المتحدة المنشق، أن العاصمة الإيطالية روما ستشهد انعقاد مؤتمر حوار وطني ليبي، في الخامس والعشرين والسادس والعشرين والسابع والعشرين من الشهر نفسه (يونيو). على أن يُشارك فيه شرائح المجتمع الليبي من مثقفين وكتاب ونقابيين ورجال أعمال ونساء. ومن جميع أنحاء ليبيا. وقد جاء تصريح شلقم متناغما مع إعلان وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني عن استضافة روما "اجتماعا موسعا" يضم جميع زعماء القبائل وممثلي المجتمع المدني في ليبيا. وكان عنوان المؤتمر: وضع أسس ليبيا المستقبل بعد سقوط معمر القذافي... ولكن ما إن تحسس منظمو المؤتمر بوادر رفض واستنكار لانعقاده من قبل قوى وطنية بارزة، تنظيمات وشخصيات، في داخل ليبيا وخارجها، حتى أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيطالية عن تأجيل انعقاد المؤتمر إلى موعد لاحق لم يتحدد. جاءت دواعي الرفض والاستنكار للمؤتمر لأن مكانه في روما وليس بنغازي المحرَّرة ولأنه ممول من شركات نفط إيطالية ولأن القائمين على تنظيمه وتسييره من رموز نظام القذافي (حتى وإن انشقوا عنه بعد ثورة 17 فبراير).. ثم والأسوأ لأن أجندته مشبوهة من حيث الزجّ بالعامل القبلي الاجتماعي لرسم مستقبل ليبيا السياسي في قفز واضح على ثوابت ثورة 17 فبراير التي أبدعها شبيبة ليبيا بأرواحهم ودمائهم في الوقت الذي كان فيه شيوخ وأعيان القبائل، حتى قبل يومين من اندلاع الثورة، يتوافدون على خيمة الطاغية يقدمون له البيعة نفاقا وتذللاً. شباب ثورة 17 فبراير لم يستأذنوا آباءهم ولم يرجعوا إلى شيوخ قبائلهم قبل أن يقوموا بثورتهم. وأستدرك هنا أني كنت قبل الإعلان عن مؤتمر روما قد دعوتُ في برنامج "في السياسة"، الذي كنتُ أعده وأشارك فيه كمحلل سياسي في قناة "ليبيا الأحرار"، إلى ضرورة انعقاد مؤتمر وطني جامع يضم ممثلين عن القوى الوطنية في الخارج (المعارضة سابقاً) وممثلين عن القوى الوطنية في الداخل (ممثلو شباب ثورة 17 فبراير والفاعلون السياسيون والمجتمعيون والمثقفون...) لأجل الخروج بمثياق وطني جامع على رؤية سواء لمستقبل ليبيا بلا القذافي ولا بقايا نظامه. وعملياً طرحت الفكرة على السيد محمود شمام من حيث كونه أحد رموز المعارضة الليبية في الخارج من جهة وكونه عضوا فاعلاً في المجلس الوطني الانتقالي من جهة أخرى. اقترحت عليه إمكانية انعقاد المؤتمر في الدوحة برعاية قطر تكريما لها شعبا أو قيادة. لكنه اقترح أن يكون المؤتمر في بنغازي وألا يكون للمجلس الوطني الانتقالي أي علاقة به واقترح أيضاً أن يقام على هامش أيام انعقاد المؤتمر مهرجان فني مفتوح، متعهداً بنقل كل من يريد أن يذهب إلى بنغازي من خلال الدوحة... اتصلت برموز بارزة في المعارضة الليبية في الخارج. بعضهم كان موجودا في قطر وغيرهم موجودون في مهاجر أوروبا وأمريكا. بعضهم رحب بالفكرة وكثيرهم تقاعس عن المشاركة في التحضير العملي لها. فأقلعت عن الفكرة... بعدها بأسابيع طالعنا خبر التحضير لانعقاد مؤتمر حوار ليبي في روما. ثم نُشرت قائمة بالمدعويين لحضور المؤتمر المزمع. معظم الأسماء المنشورة لم يؤخذ رأيه في الحضور من عدمه. وكان واضحا من أسماء قائمة المدعوين المقترحين أنها تجمع بين الشبرق العقيم والبطوم المثمر. أي تخلط أسماء معارضين وطنيين جذريين بقوا في منافيهم عبر العقود متمسكين بأن لا مستقبل لليبيا إلا بعد الخلاص من القذافي ونظامه، مع أسماء منشقين انتهازيين وإليهم محسوبين على المعارضة الليبية في الخارج من الذين صالحوا النظام وانخرطوا في مشروع توريث سيف الإسلام الذي طوبوه "ملاك" ليبيا الغد. والحال أنه بعد إعلان منظمي مؤتمر روما عن تأجيله تلافيا للهجمات الانتقادية التي نشبت في وجههم، ما لبثوا أن عادوا إلى الإعلان عن انعقاده في موعد جديد حُدد في 25 و26 و27 من شهر يوليو الجاري. وقد تلقيت دعوة لحضور المؤتمر بتوقيع السيد عبد الرحمن شلقم عن طريق الإيميل يوم 2 يوليو الحالي. ولم أرد على الدعوة فموقفي الرفضي واضح لمثل هكذا مؤتمرات. بعدها بثلاثة أيام تلقيت إيميلا تحت عنوان "عاجل" جاء نصه:" تقــــرر تأجيــــــل ملتقــــى الحـــــوار الليبــــــي".... ماذا حصل..؟! حصل ما هو متوقع لمؤتمر مشبوه كهذا محكوم عليه بالفشل لأن لا علاقة له من قريب أو بعيد بما يفعله شبيبة ليبيا على الأرض، المندفعين بسيرة الشهداء من أجدابيا في التحامها بمصراتة للالتحام بالزاوية وقد وصل إليها أسود جبل نفوسة مرفقين بذئاب الزنتان في الوقت الذي يفتح فيه ثوار طرابلس الأبواب من الداخل.. مؤتمر كهذا مجرد مناورة منشقين وإصلاحي سيف سابقا في محاولة بائسة لاندساس في قيادة مستقبل لييا... ومع ذلك وجب أخذ الحيطة والحذر. [email protected]
653
| 08 يوليو 2011
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...
4593
| 26 سبتمبر 2025
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4326
| 29 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...
4185
| 25 سبتمبر 2025
تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة،...
1569
| 26 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
1296
| 29 سبتمبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1293
| 28 سبتمبر 2025
أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...
1185
| 28 سبتمبر 2025
يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...
1050
| 24 سبتمبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1050
| 29 سبتمبر 2025
صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....
933
| 24 سبتمبر 2025
تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...
831
| 25 سبتمبر 2025
• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...
813
| 25 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية