رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

من المستفيد الأول من تفجيرات باريس..؟

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يحق لنا أن نسأل من المستفيد من التفجيرات التي هزت أكثر من مكان في العاصمة الفرنسية باريس وراح ضحيتها أناس أبرياء. أجمع المحللون على أن روسيا والأسد كانا أول المستفيدين من هذه التفجيرات وقد لخصت صحيفة الجارديان البريطانية مكاسب روسيا فقالت "لقد حصل بوتين على اعتراف الغرب بمشروعية العمل العسكري الذي يقوم به في سوريا.. "كما أرغم واشنطن على "تقبل بقاء بشار الأسد في السلطة لحين الانتهاء من المفاوضات التي ستشرف عليها الأمم المتحدة مع الاعتراف بمصالح روسيا في البحر المتوسط عند الاتفاق على تسوية".. وإلى جانب هذا "حقق بوتين قبولا تكتيكيا للوضع الروسي في أوكرانيا" أما بالنسبة للأسد فينبغي أولا ملاحظة أنه على الرغم من إعلان داعش مسؤوليتها عن التفجيرات إلا أن ما قام به النظام السوري وحلفاؤه الروس والإيرانيون من مذابح أدت إلى قتل نحو نصف مليون سوري وتشريد أكثر من 6 ملايين ــ هو أفظع مما جرى في باريس أو سيجري في غيرها وعندما ننظر إلى هذه التفجيرات يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن داعش ليست إلا صناعة سورية عراقية إيرانية أولا وأنها من نتاج سياسات المالكي ـ بشار الطائفية الموجهة من طهران، ولا يستبعد أن تكون مخترقة من قبل صانعيها فكل الضربات الأخيرة التي تمت تصب في صالح النظام السوري بما فيها تفجير الطائرة الروسية في سيناء وتفجيرات الضاحية الجنوبية في بيروت وقد نجحت التفجيرات بالفعل في تغيير الموقف الفرنسي وأصبح ضرب الإرهاب أولوية فرنسية، إذ تعمل فرنسا على التنسيق مع روسيا والولايات المتحدة ودول أخرى وربما سوريا في المستقبل كما لم يعد إسقاط بشار الأسد أولوية في الأجندة الفرنسية، وهو ما يريده نظام بشار الأسد والمتحالفون.. وباختصار فإن الذي قام بالتفجيرات أيا كان قام بها نيابة عن بشار الأسد ولخدمته وليعطيه صك البراءة من دماء مئات الآلاف من الأبرياء ليكون جزءا من الحل لا جزءا من المشكلة، كما أن النتيجة النهائية لهذا الإرهاب البربري جاءت في صالح الأسد الذي يراد لأي مؤتمر دولي قادم إعادة تأهيل نظامه الدموي الاستبدادي ليكون جزءا من التحالف المزمع إقامته ضد داعش فهل يعالج الشر بالشر والإرهاب بالإرهاب؟

664

| 23 نوفمبر 2015

الثمن الذي دفعه أوباما لنتنياهو

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); منذ أيام حلّ رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضيفا على الرئيس الأمريكي أوباما ليقبض منه الثمن الذي وعده به بعد أن صار الاتفاق النووي واقعا لا مفر منه وبدا من اللقاء أن الأمور تجري على ما يرام، إن لم يكن في كل الملفات، فعلى الأقل في جلها، وبدا أن ما كان بين الرجلين من توترات ترتبت على خطاب نتنياهو في الكونجرس لم تكن إلا سحابة صيف وكما قالت صحيفة هاآرتس فمنذ اللحظة التي رفع فيها نتنياهو يديه عن معارضة الاتفاق النووي الإيراني التزم الرئيس الأمريكي بزيادة المساعدات لإسرائيل، فنتنياهو يأتي في هذا الوقت الحرج الذي تستعر فيه نار الاستعدادات والتحضيرات للانتخابات الرئاسية الأمريكية ليقبض الثمن. فما هو هذا الثمن الذي جعله سعيدا راضيا واصفا لقاءه بالناجح المثمر وبأنه من أفضل لقاءاته؟ وفقا للصحف الصهيونية فقد وافق الرئيس الأمريكي أوباما بالفعل على زيادة المساعدات السنوية لدولة الاحتلال الإسرائيلي ليصل مجموعها إلى 50 مليار دولار، اعتبارا من سنة 2017 ولمدة 10 سنوات كما وافق على إرسال المزيد من مقاتلات «إف 35» وقنابل حديثة خارقة للتحصينات، إضافة إلى لائحة أخرى من المطالب الإسرائيلية تجري دراستها لتلبيتها ومنها، أما الثمن السياسي فتمثل في إدانة الضحية وكيل المديح للقاتل والمحتل الغاصب، فقد أدان أوباما «العنف الفلسطيني»، وشدد على «أولوية» أمن إسرائيل، وضمان «تفوقها النوعي» ولم يطلب من نتنياهو وحكومته وقف الاستيطان والاعتداءات على الفلسطينيين ومسجدهم الأقصى. نتنياهو قال بأن اجتماعه بأوباما تركز على «كيفية تحقيق الهدوء والاستقرار». وكون هذا الهدوء والاستقرار «مصلحة إسرائيلية بشكل لا يقل عن كونه مصلحة أمريكية»، «وكيفية مواجهة الإرهاب»، وقد فاجأ رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي الجميع باستمراره في الكذب الذي لا يكلفه شيئا، وقال بأنه ما زال ملتزما برؤية الدولتين ومعنيا باتخاذ تدابير عملية لتخفيف التوتر مع الفلسطينيين وأن هناك احتمالا لخطوة أحادية في الضفة الغربية من جانب (إسرائيل) لم يكتف نتنياهو بالثمن الذي تحصل عليه من أوباما، بل حاول ويحاول وسيحاول عبر لقاءاته بالبارزين والمتنفذين الليبراليين والجمهوريين أثناء وجوده وبعد عودته وبوسائل أخرى ابتزاز الحزبين لعله يجد من يدفع له أكثر، خاصة أن الجميع يحاول الحصول على أصوات اليهود في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة وبأي ثمن.

716

| 16 نوفمبر 2015

التحديات التي تواجه تركيا بعد الانتخابات

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أثبتت نتائج الانتخابات البرلمانية التركية أن الشعب التركي مدرك لطبيعة التحديات التي تواجهه ومدرك لحجم المؤامرات التي تحاك ضده في الظلام، كما أثبتت الانتخابات انحيازه إلى الحق في مواجهة الباطل وأنه لن يتخلى عن دوره في مساندة الشعوب المظلومة. الشعب التركي كشف عن معدنه الأصيل حين جدد ثقته بحزب العدالة والتنمية وجاءت نتائج الانتخابات لتؤكد انحياز الشعب إلى الاستقرار والأمان والحزم في مواجهة التحديات كما جاءت نصرا مؤزرا مبينا لحزب العدالة والتنمية الذي أنجز لشعبه ازدهارا اقتصاديا ووضع تركيا كواحدة من أهم الاقتصاديات العالمية لتحتل الرقم 17 بينها، ولتصبح عضوا هاما في مجموعة العشرين.. نجاح حزب العدالة والتنمية هو نجاح للشعوب المظلومة في سوريا وفلسطين ومصر التي ساندها الحزب وأرادت أحزاب المعارضة التخلي عنها.. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هي أهم التحديات التي تواجه حزب العدالة والتنمية بعد فوزه ؟يواجه حزب العدالة والتنمية مجموعة من التحديات وأهم هذه التحديات مواجهة داعش التي كشرت عن أنيابها في الشهور الأخيرة من خلال التفجيرات الإرهابية التي نفذتها في أنقرة وسروج والتي خلفت مئات القتلى والجرحى وربما شكلت حاليا تهديدا لقمة العشرين التي ستعقد في أنطاليا بتركيا في الأيام القليلة القادمة إذ ألقت السلطات التركية القبض على 21 مشتبها بينهم روسيان وامرأتان، وتم مصادرة أوراق بحوزتهما تؤكد تواصلهما مع تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق كما أوقفت 41 مغربيا بمجرد وصولهم إلى مطار إسطنبول وأعادت منهم 20 وتحقق مع الباقي، وتراقب الحكومة التركية عن كثب نتائج تحقيقات سقوط الطائرة الروسية وتخشى أن يتكرر السيناريو على طائراتها.. وفي هذا السياق أعلن وزير الخارجية التركي فريدون سينيرلي أن لدى بلاده خطة عسكرية للتحرّك ضد «داعش» قريباً وربما طرحت هذه الخطة على قمة العشرين كما أن دخول روسيا إلى جانب الأطراف الأخرى في الأزمة السورية زاد من الأعباء الملقاة على صانع القرار التركي.ويعد التنظيم الموازي واحدا من التحديات فقد اقتحمت الشرطة التركية في أنقرة مقر اتحاد المقاولين الأتراك (توسكون) المدعوم من فتح الله جولن واتهمته بتمويل ودعم الإرهاب، ولا شك أن التنظيم الموازي المتغلغل في أجهزة الدولة، وفي الإعلام سيبقى تحديا قائما رغم تقليم أظافره، ومن التحديات استكمال الملفات التي عمل على إنجازها الحزب بزعامة أردوغان ليستكملها اليوم حزبه بزعامة أحمد داود أوغلو وهي إقامة السلام والوئام الاجتماعي والسياسي مع الأكراد الذين يشكلون نحو 20% من السكان والذين تعرضوا للبطش والتهميش والتتريك خلال حكم مصطفى كمال أتاتورك رغم وقوفهم مع حكومة أنقرة التي تزعمها أتاتورك ضد الغزو اليوناني البريطاني لتركيا بعد الحرب العالمية الأولى ــ وتفكيك حزب العمال الكردستاني، وإدخاله في العملية السياسية السلمية ونزع العنف من توجهاته، وهي مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة وقد بدأها أردوغان منذ بضع سنوات، وعلى خلفه أن يتمها، وكذلك المضي قدما في مصالحة تركيا مع هويتها الإسلامية، وهي بالفعل قطعت أشواطا لا بأس بها من خلال الحزب على طريق استعادة هذه الهوية، فقد أصبح الحجاب ممكنا والتعليم الديني موجودا لا ممنوعا واستعاد المسجد دوره، ولكن تبقى خطوات لاستعادتها بالكامل..ومن التحديات كذلك تصالح تركيا مع عالمها العربي الذي يتشاطر معها الدين وجزءا كبيرا من ثقافتها وقضاياها المصيرية والاستمرار في عملية المواءمة بين الحداثة والإسلام التي شكلت تجربة حزب العدالة والتنمية أنموذجا لها... وأخيرا تحقيق معدلات نمو قوية وإنجاز رؤية الحزب ليصبح الاقتصاد التركي العاشر عالميا مع الاحتفال بعيد الجمهورية المئوي 2023 ولتحتفل بهذا العيد وقد استعادت هويتها الإسلامية بالكامل وأنجزت اقتصادا مزدهرا وضاعفت نصيب الفرد من الدخل القومي وأنجزت أول طائرة ركاب مدنية تركية، فهل سينجح الأتراك تحت قيادة حزب العدالة والتنمية في إنجاز كل هذه الملفات؟!!!عبدالعزيز الكحلوت

661

| 09 نوفمبر 2015

الانتخابات البرلمانية المصرية عودة إلى الوراء !

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); انتهت جولة الإعادة للمرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية الأربعاء الماضي، لتكتمل المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية بجولتيها بعزوف المصريين عن المشاركة.. وكما قالت صحيفة الإندبندنت البريطانية حضرت الشرطة والعسكر بكثافة وجلس الناخبون في بيوتهم.. أو كما قال القاضي عبدالله فتحي معلقا "لم يكن هناك حوادث ولا خروقات ولا تجاوزات ولا ناخبون".. ونفس الأمر انطبق على جولة الإعادة كما سجلت عدسات مختلف المراسلين من المقار الانتخابية في المحافظات الأربع عشرة.ورغم أن كثيرا من الفلاسفة لا يؤمنون بمقولة التاريخ يعيد نفسه ويقولون إن الظاهرة التاريخية تنمو في اتجاه صاعد من الماضي إلى الحاضر وتتضخم ولا تتكرر وتكبر ولا تصغر إلا أنني أخالفهم الرأي وأصطف مع المؤرخين وأقول نعم التاريخ يعيد نفسه فقد أطلقت الانتخابات البرلمانية المصرية في مرحلتها الأولى بجولتيها رصاصة الرحمة على ثورة 25 يناير، وأهالت التراب على أحلام آلاف الشهداء الذين قضوا وهم يحلمون بغد أفضل لهم ولأجيال المعذبين من الفقراء والمحرومين في بلدهم مصر أم البلاد وعاصمة العرب. نعم ما أشبه الليلة بالبارحة، فقد تمكنت الدولة العميقة بكل مكوناتها ومفرداتها من الانقلاب على ثورة 25 يناير بأفضل مما فعل بينوشيه في تشيلي وأعادت بحرفية عالية واستاذية استنساخ نظام مبارك ولكن بدون مبارك وولديه وتمكنت من استنساخ برلمان2010 حين أعادت رسم خريطة مصر الانتخابية بشكل يخدم القوى التي تريد لها أن تهيمن على البرلمان واستدعت مؤيديها الذين تجمعوا في قائمة "في حب مصر" لتكون نواة لحزب السيسي الجديد وهي قائمة تقدمت نتائج القوائم في المرحلة الأولى وتستهدف الحصول على ثلثي مقاعد البرلمان البالغة 596 مقعدا مع انتهاء المرحلة الثانية في أواخر نوفمبر القادم لتكون للسيسي العون والسند ولتتمكن كما قال رئيسها اللواء سامح سيف اليزل من تعديل الدستور وتوسيع صلاحيات الرئيس وزيادة مدته من أربع إلى ست سنوات، ومنحه حق اختيار رئيس الوزراء وإقالة الوزراء وشطب مواد الدستور التي تسمح بمحاسبة الرئيس بما يعني العودة إلى النظام الرئاسي عوضا عن النظام البرلماني الرئاسي الذي أقره دستور 2014 بتأييد 98% من المصريين، والذي أشاد به السيسي نفسه. وبحسب دراسة أجراها مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية فإن نسبة 40٪ من المرشحين الخمسة آلاف الذين تقدموا في المرحلة الأولى هم أعضاء سابقون في الحزب الوطني الديمقراطي المنحل أي ممن يسمون بالفلول ولذلك فإن البرلمان القادم سيمثل مصالح رجال الأعمال وشبكة الحزب الوطني المنحل وهذا أمر لا يهتم له الرئيس السيسي طالما أنهم سيعززون من سلطاته ويقلصون من سلطات البرلمان ليصبح النظام رئاسيا بامتياز.. وقد أعرب الرئيس السيسي في سبتمبر الماضي عن رغبته في تجريد البرلمان من سلطاته الممنوحة له دستوريا ومنها سحب الثقة من الرئيس والدعوة لانتخابات مبكرة حيث قال "الدستور منح البرلمان سلطات واسعة ونية حسنة.. ولا يمكن إدارة الدولة بناء على النوايا الحسنة".. الانتخابات البرلمانية الجديدة يراد لها إنتاج برلمان "بصيمة " على حد تعبير إحدى الصحف ولذلك فلا يهم النظام ما إذا كانت نسبة المشاركة كبيرة أو محدودة موجودة أو حتى معدومة، وإنما الأهم ألا يكون البرلمان ثوريا أو معارضا وأن يكون متطابقا مع الرئيس ومشرعا له ما يريد من قوانين لا يقول لا بل يقول نعم، فالبرلمان الجديد عليه أن يصادق على كل القرارات التي أصدرها الرئيس السيسي في غياب السلطة التشريعية. وأن يبارك ويوافق على القوانين التي صدرت في عهد السيسي وعهد سلفه عدلي منصور وعددها 350 قانونا، وهي قوانين مقيدة للحريات كقوانين مكافحة الإرهاب وقوانين تسمح بتقديم المدنيين لمحاكم عسكرية وأخرى تسمح للرئيس بطرد طلاب ومدرسين في جامعة الأزهر فالبرلمان القادم لن يناقش ولن يعارض بل سيؤيد الرئيس وبأغلبية مطلقة.في البرلمان الجديد لا وجود حقيقيا للشباب لا انتخابا ولا ترشحا فالشباب الذين كانوا طليعة ثورة 25 يناير لاقوا من العذاب ألوانا وأشكالا وبعضهم زج به في غياهب السجون وبعضهم تماهى مع النظام نفاقا أو إيثارا للسلامة والجانب الأعظم التزم الصمت وآثر القطيعة والإنزواء مجترا آلامه فلا النظام سقط ولا الثورة نجحت ولا الأحزاب الموجودة شجعته بأدائها على الانخراط فيها فكلها أحزاب كرتونية مرتعشة عادت إلى تقوقعها ولعب دورها القديم كديكور للنظام بعد أن كانت تنمرت على النظام الديمقراطي الحقيقي بتحريض من الدولة العميقة، ولعبت دورا قبيحا في إسقاط أول تجربة ديمقراطية حقيقية وأول رئيس مدني منتخب وهي الآن في ماسوشية عجيبة تبارك الديكتاتورية وتنحاز إلى الاستبداد وتسبح بحمده وتقدس له آناء الليل وأطراف النهار لعله يرضى عنها أو يجنب زعماءها الاعتقال أو البطش أو التعذيب أو الإقصاء.ومن بين أكثر من 5000 مرشح لم يتقدم للترشح سوى مئة شاب لم ينجح منهم في المرحلة الأولى إلا القليل بينما فاز العواجيز الذين تجاوزت أعمارهم الستين عاما وقفزوا إلى قطار النظام حتى لا تفوتهم الغنائم حتى ولو كانت على حساب الشباب والفقراء والمحرومين الذين يكونون نحو ثلثي الشعب المصري وفي بلد يعيش على اقتصاد المحاسيب والعائلات ويعاني من تفاوت في توزيع الدخول لا يمكن أن تقوم ديمقراطية حقيقية فالديمقراطية الاجتماعية ضرورية لممارسة الديمقراطية السياسية فالناس في نهاية المطاف يعبرون عن مواقعهم في الحياة وفي ظل الفقر والأمية والفساد والنظام الشمولي والدولة الأبوية لا يمكن أن تقوم للديمقراطية قائمة إلا بالتعليم والنهوض والعدالة الاجتماعية والتنمية الشاملة.وعلى الرغم من اعتراض المعترضين على نتائج المرحلة الأولى وانسحاب المنسحبين من المرحلة الثانية القادمة إلا أن الواقع المر يقول إن ما خططت له الدولة العميقة سينجح أو نجح بالفعل في إنجاز برلمان جديد أطلق الرصاصة الأخيرة على ثورة 25 يناير 2011 وأعاد الحياة لنظام جديد هو أنكى وأشد من نظام مبارك.

907

| 02 نوفمبر 2015

فكرة الدولة اليهودية وراء تغول الصهاينة

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يؤمن رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وزعماء بيت إسرائيل والأحزاب اليمينية الأخرى بـ"إسرائيل" من النيل إلى الفرات دولة يهودية ويرفضون حل الدولتين ولذلك استمرت سياسة الاستيطان حتى صار عدد المستوطنين في القدس والضفة الغربية نحو 650 ألف مستوطن، كما استمر تهويد القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة ورغم سخط الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي الظاهر المزعوم إلا أنهم لم يتخذوا خطوات عملية لوقف الاستيطان ومنع الإجراءات المتسارعة نحو تطبيق فكرة الدولة اليهودية ولا يزال الجانب الإسرائيلي المغتصب لأرض فلسطين يطالب الجانب الفلسطيني بأن يعترف بإسرائيل "دولة يهودية"، وأنها "وطن الشعب اليهودي". وتبدو خطورة الفكرة من كونها تحرم اللاجئين الفلسطينيين الذين شردتهم المنافي ونأت بهم الدروب داخل فلسطين وخارجها من حقهم الأساسي في العودة. كما يهدد حل الدولة اليهودية وجود فلسطينيي 48 ووجود الفلسطينيين أنفسهم، حيث لا تعترف الأحزاب الإسرائيلية يمينها ويسارها بحقهم في الوجود و يدعو مشروع دولة القومية الى أن يكون الحق في الحصول على الأرض والمسكن هو لليهود أولا، دون ذكر لحق أهل البلاد وأصحابها الفلسطينيين. وبإختصار فإن الأحزاب اليمينية والمتطرفة ترى أن وطن الفلسطينيين ليس إلا أعالي الفرات، أي خارج نطاق فلسطين التاريخية ولقد ظل شعار تكتل الليكود لفترة طويلة "ولا شبر للفلسطينيين" وفكرة الدولة اليهودية تعني في نهاية المطاف طرد نحو مليون ونصف المليون عربي إلى خارج حدود فلسطين التاريخية في إطار تبادل أراض وإعادة توزيع للسكان وتفاهمات مع دول عربية وبحسب السياق التاريخي للسياسات الغربية، فلن تعارض الولايات المتحدة ولا الاتحاد الأوروبي التطبيق العملي لفكرة الدولة اليهودية إذا ما سن الكنيست تشريعا بهذا الصدد وهي فكرة مؤكدة للعنصرية وللدولة الثيوقراطية الدينية في القرن الواحد والعشرين، مما يعني فشلا لليبرالية الغربية التي من مبادئها فصل الدين عن الدولة وإعمال العقل ونبذ الأسطورة وفي الوقت نفسه فإن فكرة الدولة اليهودية تمثل انحرافا عن جوهر المسيحية التي تعتبر مملكة الله كيانا روحيا لا كيانا جغرافيا له حدود وقد أوردت جريس هالسل في كتابها "النبوءة والسياسية" حوارا بين البابا بيوس العاشر وتيودور هرتزل في عام 1903 أثناء زيارة الأخير للبابا لكسب موافقته على المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين، لكن البابا رفض بشدة وقال: "لا نقبل ذلك ولا نطيقه"، فقال هرتزل: لكن يا قداسة البابا، لقد عانى اليهود وتألموا بفظاعة ولا أدري إذا كنتم قداستكم ملمين بما حاق باليهود وبحالتهم السيئة، المضطهدون يريدون أرضا. فأجابه البابا: ولماذا الإصرار على القدس؟ لقد دمر هيكلكم إلى الأبد، أم أنكم تريدون إعادة بنائه، وتقومون بالمذابح وتقديم الضحايا كما اعتدتم أن تفعلوا في الماضي.وللأسف الشديد فإن أوباما رئيس أكبر دولة في العالم قبل بفكرة الدولة اليهودية وقال في خطاب سابق له أمام الأيباك: "أي اتفاقية مع الفلسطينيين يجب أن تحترم هوية إسرائيل كدولة يهودية ودولة ذات حدود آمنة سالمة ومحصنة والقدس ستبقى عاصمة لإسرائيل ولن تقسم".ولعل فكرة الدولة اليهودية المسيطرة على أذهان الأحزاب الإسرائيلية وقادتها وهذه الحكومة العنصرية المتعصبة وهذا الائتلاف البغيض المقيت هو ما أغلق أبواب جميع المفاوضات والحلول والتسويات وشجع المستوطنين على قتل الفلسطينيين وحرقهم واقتحام منازلهم وتوزيع المناشير التي تطالبهم بالرحيل عن بلدهم وبلد أجدادهم واقتحام المسجد الأقصى ومحاولة الاستيلاء عليه وبناء الهيكل المزعوم فوق أنقاضه واعتبارهم فلسطين دولة يهودية لا مكان للعرب فيها. والعرب مطالبون بالوقوف مع إخوانهم الفلسطينيين للحيلولة دون تطبيق هذه الفكرة، كما أن المجتمع الدولي هو الآخر يتحمل الجانب الأكبر من المسؤولية حين بارك أو سكت عن هذه الفكرة التي تجعل من الدين قومية وقطعة جغرافية لها حدود.

693

| 26 أكتوبر 2015

الهجرة حدث غيّر مجرى التاريخ

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لم يكن حدث الهجرة من الأحداث العادية التي تطوى في سطور الكتب أو تنسى في خضم الأحداث، فيأتي على ذكرها الزمان ويطويها النسيان, ولكنه حدث غير مجرى التاريخ ومثل تحولا هائلا ونوعيا في كل مجالات الدعوة الإسلامية, وكان تتويجا لتضحيات وصبر النبي (ص) وأصحابه الطيبين الذين أعطوا الإسلام عرقهم ودموعهم, فأوذوا وعذبوا وصبروا وصابروا حتى جاء أمر الله وأذن لهم بالهجرة.بالهجرة قامت الدولة بعد أن أقيم المسجد وعقدت المعاهدات وتوالت التشريعات وتوالت الانتصارات وتكونت الأمة, فتماسك النسيج الاجتماعي وتوحدت القبائل العربية وبددت شمس الإسلام الظلام الدامس الذي غطى العالم فتهاوت الإمبراطوريات ومن الجزيرة العربية خرجت القيم والمبادئ والمنظومات المعرفية التي تنحاز إلى جانب الإنسان ضد كل أشكال القهر والاستغلال والاسترقاق البدني والروحي والنفسي والعقلي, وبالهجرة حمل العقل العربي المتفتح والشجاع هذا كله ليكون بشرى وخلاصا لكل المظلومين والمستضعفين في الأرض. وبالهجرة انطلقت مواكب الفاتحين بأعظم رسالة وبأكمل دين يحث سيرها ويدفع تقدمها نحو بلوغ غاياتها قوة لا تعرف الضعف وعزم لا يعرف الفتور وإيمان بالنصر يسكن في القلوب وحركة لا تعرف النكوص. بالهجرة أصبحت يثرب المدينة المنورة, وقاعدة الإسلام الأولى وعاصمة الدولة, وسرى في أجوائها من ذلك الزمان وإلى أن تقوم الساعة عبق النبوة, وعبق أنفاس الرسول الكريم (ص) ليكون لأهلها ولزوارها سكينة واطمئنانا وأمنا, وسلاما قائما ورحمة, فسرى حبها في كل قلب وتطلع كل مسلم إلى الإقامة فيها والموت على ترابها. وكيف لا وقد دعا لها النبي (ص) فقال:"اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد, اللهم وصححها. وبارك لنا في مدها وصاعها وانقل حماها واجعلها بالجحفة".. وعن أنس رضي الله قال: قال رسول الله (ص) "اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة".. الهجرة يوم من أيام الله تعالى التي ينبغي أن نتوقف عندها فنتدارسها ونعلم دروسها لأبنائنا فالأمم التي تنسى تاريخها تذوب في غيرها وتعاني من العقد وربنا تبارك وتعالى يأمرنا بذلك "وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ".. (ابراهيم5).. قال الإمام الألوسي في تفسيره: "{وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله} أي: بنعمائه وبلائه كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، واختاره الطبري لأنه الأنسب بالمقام والأوفق ومثلما فرح الصحابة بالهجرة نفرح. في ذكرى الهجرة دروس وعبر ينبغي أن تظل ماثلة في ذاكرة الأجيال, فالنبي (ص) أخذ بكل الأسباب, وخطط ونظم ونفذ وتابع بدقة بالغة وبحذر شديد ولم يقف بطش مكة به وبأصحابه حائلا بينه وبين رد الودائع إلى أصحابها فعهد بها إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذلك الفارس الشجاع النبيل الذي نام في فراشه غير مكترث بالموت.لقد شرع رسول الله (ص) بالهجرة بسرية كاملة وبكتمان شديد, فتوجه إلى دار أبي بكر الصديق بالهاجرة ( أو عند الظهيرة) حيث يأوي الناس إلى بيوتهم في القيلولة واجتمع به منفردا قائلا له (أخرج عني من عندك, فقال: يارسول الله, إنما هما ابنتاي, وما ذاك ؟ فداك أبي وأمي, !فقال: "إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة"، فقال أبو بكر: الصحبة يا رسول الله, قال: الصحبة.. وعندها ظل أبو بكر يبكي من الفرح كما تروي ابنته أسماء كما لم يبك من قبل. كان حب أبي بكر لرسول الله (ص) حبا لا يحد ولا يبارى ولا يبز, أحبه أكثر من نفسه ومن أهله ومن الناس أجمعين وقد بينت الهجرة مدى ما كان يكنه للنبي (ص) من حب, فعندما انتهيا إلى الغار ليلا, خشي على النبي (ص) فدخله قبل النبي (ص) لينظر أفيه سبع أو حية ليفتدي النبي (ص) بنفسه. وفي الغار أوشك أبو جهل ومن معه من مشركي قريش أن يمسكوا بهما فحزن أبو بكر وبكى وقال همسا للنبي (ص): والله ما على نفسي أبكي ولكن مخافة أن أرى فيك ما أكره, فقال له رسول الله (ص): لا تحزن. إن الله معنا. أيد الله رسوله (ص) في هجرته بجنود لم يبصرهم الناس كما قال تعالى في سورة التوبة: ((إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم)).. لم يدع أبو بكر لأهله مالا وتروي أسماء أن جدها أبا قحافة دخل عليهم وقد ذهب بصره فقال "والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه. قالت: قلت: كلا يا أبت! إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا. قالت: فأخذت أحجارا, فوضعتها في كوة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها, ثم وضعت عليها ثوبا, ثم أخذت بيده, فقلت: يا أبت, ضع يدك على هذا المال. قالت: فوضع يده عليه, فقال: لابأس, إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن, وفي هذا بلاغ لكم.أعد النبي (ص) وصاحبه كل شيء إعدادا محكما فكان عبدالله بن أبي بكر يكون في قريش نهاره معهم يسمع ما يأتمرون به, وما يقولون في شأن رسول الله (ص) وأبي بكر, ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر, وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر رضي الله عنه يرعى في رعيان أهل مكة, فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبي بكر, فاحتلبا وذبحا, فإذا عبدالله بن أبي بكر غدا من عندهما إلى مكة, اتبع عامر ابن فهيرة أثره بالغنم حتى يعفي عليه, حتى إذا مضت الثلاث, وسكن عنهما الناس, أتاهما صاحبهما الذي استأجراه ببعيريهما وبعير له, وأتتهما أسماء بنت أبي بكر بسفرتهما, ونسيت أن تجعل لها عصاما, فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة فلم تجد فشقت نطاقها باثنين, فعلقت السفرة بواحد, وانتطقت بالآخر. ولذلك سميت بذات النطاقين. ولما همّا بالمسير قدم أبوبكر الصديق للنبي (ص) أفضل الراحلتين, ثم قال اركب, فداك أبي وأمي! فقال النبي (ص) "إني لا أركب بعيرا ليس لي", قال: هي لك يا رسول الله بأبي أنت وأمي, قال: لا, ولكن ما الثمن الذي ابتعتها به؟ "قال: كذا وكذا, قال: "قد أخذتها به, قال: هي لك يا رسول الله فركبا وانطلقا. وفي الطريق كان أبو بكر الصديق من شدة حبه للنبي (ص) يمشي أمامه مرة وعن يمينه مرة وعن يساره مرة يخشى عليه، وإذا نام النبي (ص) ظل مستيقظا يحرسه وإذا حلب شاة صب على اللبن من الماء حتى يبرد أسفله ثم ينتظر النبي (ص) حتى يفيق فيقدمه له. إذن في الهجرة صحبة تخلت عن الأهل والمال والولد قدمت حب الله ورسوله على الدنيا ومتاعها وما أحوجنا أن نقتدي بهذا النموذج الإنساني الفريد.كان صلى الله عليه وسلم حاضرا في عصره مستوعبا لأدواته مدركا أن نصر الله لا يأتي إلا لمن يبذل ويعطي ويعمل ويأخذ بالأسباب فمن يعمل خيرا يجز به ومن يعمل سوءا يجز به وأنه ليس بالأماني العذاب وحدها تدرك الغايات, وتنهض الأمم, وتقام الأمجاد وإنما بالجهد والعرق والأخذ بالأسباب وبالتخطيط والتنظيم القائم على قراءة مفردات الواقع وإدراك علاقاته وقوانينه كما فعل النبي (ص) في هجرته .

1765

| 19 أكتوبر 2015

الرباعية التونسية تستحق جائزة نوبل للسلام

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كان منح جائزة نوبل للسلام للجنة الرباعية للحوار الوطني التونسي مفاجأة من العيار الثقيل فلم يكن أحد يتوقع للجنة نوبل أن تمنح الجائزة لهذه اللجنة التي تضم أربع منظمات مدنية هي الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، فقد تم ترشيح 273 اسما للحصول على الجائزة، ولم يكن متوقعًا بالمرة أن تعطى لشخص اعتباري عوضا عن شخص طبيعي ولكن تقدير العالم لجهود الرباعية التونسية جعلها تنحو هذا المنحى فتفوز اللجنة الرباعية بالجائزة ويجيء هذا الاختيار بالتأكيد تقديرا من العالم للدور الذي لعبته اللجنة الرباعية في إنقاذ سفينة الوطن التونسي من الغرق في مستنقع الاقتتال والاحتراب المؤدي إلى ضياع الثورة التي حلمت بها الأجيال في تونس وللحدث دلالات مهمة في كتاب الثورات ليس في هذا الوقت، فحسب بل في أوقات سابقة فبعض الثورات أكلت نفسها وتحولت إلى عنف ودماء وانقلبت على نفسها وانتكست كما في الثورة الفرنسية وبعضها تحول إلى حكم ديكتاتوري شمولي نكل بالجماهير عوضا عن أن ينتصر لها وينصفها كما في الثورة البلشفية، أما اليوم فإن نجاح الثورة التونسية وانهيار ثورات الربيع العربي الأخرى يشكل انتصارا للطبقة الوسطى والنخبة التونسية، فالجائزة منحت في واقع الحال لتجمع من عدة منظمات مدنية قوامها عمال ومهنيون ومحامون ومثقفون بذلوا جهدا كبيرا ومضنيا، وإن كان بطيئا لصياغة حوار وطني جاد ومقنع في وقت أوشكت فيه الثورة على الانتكاس بالاندفاع نحو العسكرة أو التشرذم والتشظي فهؤلاء المهنيون والمحامون والمثقفون هم الأبطال الحقيقيون الذين انتشلوا تونس قبل أن تسقط في الهاوية وثبتوها على مسار الديمقراطية التي تعني ضمن ما تعنيه عدم الانفراد بالحكم والتوافق والتعددية وقبول الآخر والأمن الاجتماعي فاستحقوا بلا جدال جائزة نوبل للسلام، لأنهم أنقذوا ثورة من الضياع. أما في مصر فقد تآمرت الأحزاب الليبرالية واليسارية على أول عملية ديمقراطية حقيقية تشهدها مصر من زمن طويل وتآمرت على أول رئيس مصري مدني منتخب في أول انتخابات نزيهة وحقيقية في التاريخ المصري المعاصر شهد لها القاصي والداني إذ تمكن 35 حزبا سياسيا ليبراليا ويساريا من تشكيل جبهة إنقاذ وطني عملت بالتنسيق مع العسكر لإسقاط الثورة والرئيس المنتخب في مفارقة مدهشة فلم يحدث في التاريخ أن تآمرت الأحزاب المدنية على حكم مدني ديمقراطي، وعلى أول رئيس مدني منتخب لصالح العسكر الذين ظلوا يحكمون البلاد لنحو ستين عاما دون أن يحققوا للشعب ما يحلم به من عيش وحرية وكرامة وشكل تحالفهم مع الدولة العميقة ورجال الأعمال ومجموعات المصالح وفلول الحزب الوطني انتكاسة لثورة 25 يناير الأمر الذي أدى إلى قيام انقلاب 3 يوليو وإجهاض أول تجربة ديمقراطية والإطاحة بأول رئيس منتخب وإهانته وتلفيق التهم له ومعاملته بطريقة بربرية يندى لها الجبين، كما أعاد الانقلاب مصر إلى حكم الجنرالات فقد كشف معهد واشنطن للدراسات في دراسة له أن "25 جنرالا يحكمون مصر منذ 3 يوليو وهم الدائرة المقربة من السيسي"، وهم والسيسي مسؤولون عن دماء الأبرياء التي أريقت وعن آلاف الأبرياء الذين زج بهم في السجون وبعد تولي السيسي زعيم الانقلاب للرئاسة عاد الحكم الفردي الشمولي وانحلت جبهة الإنقاذ نهائيا وعادت الأحزاب كواجهات كرتونية وديكورات للعسكر واعتقل من رفع عقيرته وفرضت القيود على التعبير ووسائل الإعلام ولم يعد للمواطن الحق في التظاهر فلم يرتفع صوت ولم يعارض أحد وابتدع السيسي مكارثية جديدة وفتح أبواب السجون في انتكاسة لم تشهدها مصر حتى في عهد المخلوع حسني مبارك. العالم أدرك قيمة إنجاز تونس في ترسيخ الديمقراطية والتعددية وكان ذلك واضحا في بيان لجنة نوبل الذي أوضح أن منحه الجائزة للرباعية كان بسبب: "مساهمتها المهمة والحاسمة في بناء دولة ديمقراطية تعددية في تونس في أعقاب ثورة الياسمين العام 2011".. وأوضح البيان "أن اللجنة الرباعية للحوار الوطني في تونس تشكلت في صيف عام 2013 عندما كانت العملية الديمقراطية في خطر الانهيار نتيجة للاغتيالات السياسية والاضطرابات الاجتماعية على نطاق واسع حيث أنشأت عملية سياسية سلمية بديلة في وقت كانت البلاد على شفا الانهيار".. إذن العالم قدر ما أنجزته تونس عندما شاهد ما يحدث في مصر وليبيا واليمن وسوريا فمنح جائزة نوبل للجنة الحوار الرباعية التونسية وهو حين منحها الجائزة كان يمنحها بحق للشعب التونسي كله وفي قلبه الطبقة الوسطى التي خرج من رحمها أولئك المحامون والمهنيون والمثقفون.

720

| 12 أكتوبر 2015

قراءة في حادثة تدافع الحجاج بمنى

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في حادث مؤسف أحزننا جميعا لقي 717 حاجا مصرعهم بينما أصيب 805 آخرون بسبب التدافع والازدحام لدى شروعهم في رمي الجمرات إذ وقع تداخل مفاجئ في كثافة الحجاج المتجهين إلى الجمرات عبر شارع رقم (204) عند تقاطعه مع الشارع رقم (223) بمنى وعلى أثر ذلك أمر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وولي ولي عهده "بمراجعة خطط المملكة لموسم الحج وبإجراء تحقيق لمعرفة أسباب الحادث واستجلاء الحقيقة". الرواية الأولية الرسمية السعودية قالت إن الحادث نجم عن تدافع الحجاج مبدئيا فقد قال وزير الصحة السعودي المهندس خالد الفالح لـCNN إن حادث التدافع في منى "سببه الازدحام وتحرك بعض الحجاج دون اتباع خطط التفويج من قبل الجهات الأمنية والتعليمات، التي تصدرها لهم وزارة الحج ولكن هذا قضاء الله وقدره". ولكن قبل أن تجف دماء الشهداء وينجلي الموقف قامت جهات عديدة بلوم المملكة وتحميلها المسؤولية فبعضهم أنحى باللائمة على أجهزة الدولة ورجال الشرطة وبعضها أعطى للموت بعدا اجتماعيا فقال إن الموتى جميعهم فقراء مطحونون دون أن يتحرى الصواب وبعضهم قال إن أغلب الشهداء من الدول الفقيرة وذلك كله استنتجوه من ملامحهم وملابسهم وكأنهم يقرأون الغيب أما إيران فقد سارعت إلى تحميل السعودية مسؤولية الحادث الأليم فقال مساعد وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان في اتصال مع التلفزيون الرسمي الإيراني، بأن الخارجية الإيرانية سوف تقدم احتجاجها الرسمي لمسؤول السفارة السعودية في طهران كما حمل رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بروجردي مسؤولية حادثة منى للمملكة العربية السعودية، وقال المتحدث في تصريح لوكالة فارس الإيرانية "إن عدم كفاءة الحكومة السعودية قد ثبت من قبل"، واستطرد وقال "لقد برهنت الحكومة السعودية عدم كفاءتها في إدارة مراسم الحج وذلك نظرا إلى وقوع حادثتين مؤسفتين في فاصلة زمنية قصيرة بموسم الحج هذا العام، والتي أدت إلى مقتل المئات" ودعت إيران وأصوات كارهة للمملكة إلى استحداث هيئة إسلامية دولية لإدارة موسم الحج.الموقف الإيراني المتسرع من الحادثة كشف عن عمق العداء الإيراني ضد المملكة العربية السعودية وأماط اللثام عن رغبتها في استغلال الحادثة للمطالبة بالتدخل لإدارة شؤون الحج من قبل منظمة التعاون الإسلامي بدلا من السعودية، حتى يتسنى لإيران التدخل في الشؤون الداخلية السعودية بشكل مباشر، كما تتدخل الآن في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية الأخرى كما كشف ربط المسؤولين الإيرانيين بين ما يجري في اليمن وبين حادثة الرافعة عن تسييس الحادثة المؤلمة واستغلال دماء الحجيج الطاهرة لأغراض سياسية فلا يعقل أن تصدر أحكام الإدانة قبل ظهور نتائج التحقيقات ولا يعقل أن تعلو الانتقادات على مجهودات المملكة الكثيرة التي تبذل باستمرار والتي كلفت المملكة خلال نصف قرن نحو ربع تريليون ريال تقريبا فمن شاهد الحرم ومواقع الحج الأخرى ومرافقها وبنيتها التحتية في ستينات القرن القادم يدرك مدى ما بذلته المملكة من جهود في إزالة كل ما من شأنه أن يلحق العنت والإرهاق بالحاج لدى أدائه للمناسك ولا يستبعد أبداً أن يكون التدافع سببا لوقوع الكارثة فلقد مررت أنا شخصيا في عام 2002 ميلادية بتجربة الموت هذه فقد كنت ذاهبا لرمي الجمرات وكان الطريق إليها واحدا ذهابا وإيابا وكانت مجموعة من الرجال الأشداء عائدة من الرمي فألقت بي على ظهري وبينما كنت أكاد ألامس الأرض مضغوطا بهم لأداس بالأقدام جاءت مجموعة أخرى متماسكة لرمي الجمرات فتلقفتني من الخلف وأوقفتني فخرجت لألتقط أنفاسي وأحمد الله على نجاتي وربما كانت هذه النجاة سببا لأروي اليوم هذه القصة لا لأبرئ أحدا وإنما لأقول الحقيقة، فالتدافع أمر لا يمكن التحكم به وسيظل سببا لموت مئات من الحجيج لأن الإنسان بطبعه عجول وخلق من عجل ولا يتأنى دائما ولا نريد هنا أن نأخذ بنظرية المؤامرة ونقول بما تقوله التسريبات وتتناوله التقارير والتي تشير إلى قيام إيران بافتعال هذا التدافع والتسبب في موت حجاجها وموت الآخرين من غيرهم لأن الاتهامات بغير أدلة وقرائن واضحة تعد رجما بالغيب وهو ما يتناقض مع منطق العدالة كما لا نأخذ للسبب ذاته برواية قناة المنار والقنوات الموالية لإيران التي زعمت أن طريقا تم إقفاله في المشاعر المقدسة بسبب مرور موكب أحد المسؤولين الكبار مما تسبب في الحادثة إذ من البديهي أن يكون للمسؤولين الكبار طرقهم ومساراتهم فلا يزاحم فرد آلافا من الحجيج أو يقف حائلا دون أدائهم للمناسك وهي مرهونة بالمكان والزمان ولا تحتمل التأجيل. المملكة بذلت الجهود المضنية وأنفقت الأموال الطائلة ولم يشكرها أحد ويسرت الحج لكل المسلمين على اختلاف مذاهبهم ولم تتعامل معهم بطائفية ولا بمذهبية ولم يمنعها خلافها السياسي مع بلد ما من عدم رعاية وكفالة حجاجه لأنها اعتبرتهم جميعا ضيوفا للرحمن وعاملتهم على هذا الأساس وقدمت من الخدمات والتسهيلات والإمدادات ما تضيق به هذه الصفحات وكما قال نبينا صلوات ربي وسلامه عليه "لا يشكر الله من لا يشكر الناس" كما لم تستغل الموسم من أجل الترويج لسياساتها ونهجها.الملك سلمان يحاول ترتيب البيت الإسلامي والعربي صفا وهدفا ولكن هناك من لا يروق له ذلك وما نشهده اليوم من مواقف معادية لا يصب إلا في اتجاه تقويض جهود المملكة في إعادة ترتيب البيت العربي الإسلامي التي تبذلها لتمكين العرب والمسلمين من التصدي لمشاريع الهيمنة التي تخطط لها إيران ووكلاؤها وقوى أخرى في المنطقة وإيران بلا شك تحاول من خلال انتقادها للمملكة ومن خلال حملتها الإعلامية الكبيرة الهروب من الخسائر التي لحقت بحلفائها في اليمن وتود صرف الأنظار عن هذه الهزائم المتوالية .

3092

| 28 سبتمبر 2015

الأبعاد الكونية والمعرفية للطواف

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يعد الطواف واحدا من أهم أركان الحج وبدونه يبطل, كما يعد واحدا من أركان العمرة الثلاثة وبدونه تبطل العمرة أيضا فما هو الطواف، وما هي أبعاده الكونية ؟ للطواف شروط وسنن وآداب معروفة منها الطهارة والنية وستر العورة, وأن يكون داخل المسجد الحرام, فتكون الكعبة المشرفة على يسار الطائف, ويبدأ الطائف طوافه بالحجر الأسود ويختم به, ويكون الطواف سبعة أشواط. فالطواف إذن ركن هام في كل من الحج والعمرة, وإذا كان الحج قد فرض مرة في العمر فإن العمرة تؤدى في العمر مرات ومرات لمن قدر عليها فهي سنة واجبة لقوله تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله )- (البقرة من الآية 196)، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للسائل: حج عن أبيك واعتمر )، ( أصحاب السنن وصححه الترمذي ).والطواف في حد ذاته عبادة يثاب عليها المرء وهو كالصلاة إلا أن الصلاة لا كلام فيها.. قال صلى الله عليه وسلم الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير, وثواب الحج والعمرة كبير قال صلى الله عليه وسلم (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).والطواف كما قلنا سبعة أشواط حول البيت الحرام, والشوط الواحد يبدأ من الحجر الأسود وينتهي عنده كذلك, فما أبعاده الكونية والمعرفية ؟ وما علاقته بالكون ؟ وإلى أي حد يمكن أن يشكل اتحادا من الإنسان بالكون في خضوعهما وتسبيحهما وعبوديتهما للخالق البارئ عز وجل ...؟يقول العلماء: إن الطواف الذي يتم حول الكعبة المشرفة يتم في عكس اتجاه عقرب الساعة, وهو نفس اتجاه الدوران الذي تتم به حركة الكون من أدق دقائقه إلى أكبر وحداته, فالإلكترون يدور حول نفسه ثم يدور في مدار حول نواة الذرة في نفس اتجاه الطواف أي عكس حركة عقارب الساعة, والذرات في داخل السوائل المختلفة تتحرك حركة موجبة, حتى في داخل كل خلية فإنها تتحرك حركة دائرية موجبة, والبروتوبلازم أيضا يتحرك حركة دائرية في نفس الاتجاه، وإذا أخذنا حركة الأجسام الكبيرة والأجرام السماوية فإننا نجد أنها تدور أيضا نفس دورة الطواف أي في عكس اتجاه عقارب الساعة.(من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم – د . زغلول النجار – مكتبة الأسرة 2002). وهكذا فإن كل دقيق صغير في الكون وكل كبير هائل فيه يدور في نفس الاتجاه, وتبدو عظمة الله جل في علاه في الترتيب العلائقي لدوران هذه الأجسام, فكل دقيق صغير في الكون يدور حول ما هو أكبر منه فالإلكترون يدور حول النواة, والنواة أكبر من الإلكترون, والأرض تدور حول الشمس, والشمس أكبر من الأرض, والمجموعة الشمسية تدور حول مركز المجرة, والمجرة أكبر ببلايين المرات من المجموعة الشمسية, والمجرة تدور حول التجمع المجري وهو أكبر ببلايين المرات من المجرة, وكل مفردات الكون في هذا النسق وضمن هذه المنظومة العلائقية تدور وتطوف حول واحد وهو رمز لوحدانية الله وعبودية خلقه أينما كانوا ومهما كانوا له, فكل ما في السموات والأرض زوجي المادة وأقطاب المادة الموجب والسالب, المادة الظاهرة والمادة الخفية, الذكر والأنثى, ولا يبقى في الكون إلا معنى واحد للتوحيد وهو وحدانية الله. ( نفس المصدر السابق ). فالطواف حول الكعبة المشرفة سنة فطرية إذن ولا يخلو من هذا المعنى الذي أراده الخالق البارئ وهو خضوع الخلق جميعا: البشر والشجر والحجر وغيرهم لهذا الناموس الكوني وانضوائهم جميعا في هذه العبادة التي تقوم بها مفردات الكون صغيرها وكبيرها في خشوع وتسبيح وابتهال صامت ودائم, والله فرضه على الإنسان المسلم مرة في العمر لمن قدر ليتسق مع مفردات الكون في خضوعها وطوافها, ويعزز من هذا المعنى أن مكة المكرمة في قلب دائرة تمر بأطراف جميع القارات السبع التي تكون اليابسة والأرض هي مركز السموات السبع بنص الآية الكريمة من سورة الرحمن ( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لاتنفذون إلا بسلطان ). وهذا المعنى أشار إليه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال : البيت المعمور منا مكة ووصفه صلى الله عليه وسلم للبيت المعمور بأنه بيت في السماء السابعة حيال الكعبة لو خر لخر فوقها. فالطواف إذن فضلا عن كونه ركنا من أركان الحج والعمرة وعبادة وتقرب من الإنسان لخالقه, فهو اتحاد بين الإنسان ومفردات كونه في الخضوع للخالق, وهو اتساق مع حركة الكون وهو يسبح لله آناء الليل وأطراف النهار وفي كل وقت وحين, ولعله تذكير للإنسان المسلم الطائف بأن ما يقدمه قليل وأن جزاءه كبير فالكون كله في حالة صلاة وتسبيح طوعا وكرها بمسلميه وغيرهم لأن الطواف كما يقول الدكتور أحمد شوقي إبراهيم رئيس لجنة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم – في أي صورة من صوره هو صلاة وتسبيح لله تعالى (جريدة الإهرام 17-1-2005 ) وإلى هذا المعنى أشار ربنا تبارك وتعالى حين قال: في سورة الإسراء ( تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا)، وقوله كذلك في سورة الرعد ( ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال).فالكون كله عزيزي القارئ الكريم من الحصاة الصغيرة إلى الجرم الكبير هو في حالة طواف وسجود وتسبيح لله لأنه مكون من ذرات تطوف حول ما هو أكبر منها. ولا ننسى أن الطواف التزام من المسلم المؤمن بمنهج ربه وهو عهد يقطعه المسلم على نفسه بألا يحيد عنه مهما لاقى من محن وخطوب فالإسلام هو السبيل والمنهج والمسار إلى نعيم الله وجنته, فالطواف يؤكد كل هذه المعاني الجميلة فسبحان الله العظيم وله الحمد في الأولى والآخرة.

10258

| 25 سبتمبر 2015

خطبة حجة الوداع وحرمة الدماء والأموال

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الحياة نعمة كبيرة يمنحها الله عز وجل لمن يشاء. ولأهمية النفس البشرية فقد حرم الله سبحانه وتعالى الاعتداء عليها بأي شكل من الأشكال وبأي قدر كان وجعل إحياءها إحياء للناس جميعا. وقتلها قتلا للناس جميعا فالإسلام دين سلام ووئام يدعو إلى المحبة والتسامح ونبذ الخصام ويمقت التطرف والجفاء والمغالاة الإنسان فيه غاية وقيمة أخيرة فنبذ العنف واستخدام الوسائل السلميه في السلوك وفي التعبير وفي الرد ثقافة إسلامية وقيمة حضارية من قيم حضارتنا أمر بها ربنا تبارك وتعالى وهو ما يدخل في عموم النهى عن العدوان ﴿وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِين) (البقرة 190) فالشريعة الإسلامية لا تبيح استخدام القوة إلا في حالة الضرورة أو في حاله الدفاع الشرعي وبشروط ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾ (الحج 39) وروى أبو داوود في سننه عن سعيد بن زيد عن النبي – صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله أو دمه أو دون دينه فهو شهيد " فهنا القتال مشروع وضروري لأنه جهاد دفع " وقد أجمع الفقهاء على حق الدفاع الشرعي، لدفع الخطر عن الأعراض أو الأموال أو الأنفس قال صلى الله عليه وسلم (من شهر على المسلمين سيفاً فقد أبطل دمه لأنه باغ) فلايجوز قتل المسلم ولا حتى ترويعه لا بسيف ولا بعصا ولا بحديدة ولو مزحا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا" ومع قدسية النفس البشرية إلا أن عالمنا لايرعوي ولا ينزجر ولا يتوقف عن القتل. فمذابح كثيرة تجري كل يوم ليس في العالم الخارجي وإنما في العالم الإسلامي نفسه فتتناقل وكالات الأنباء أخبارالإتجار بالبشر وغرق المئات في البحار والاقتتال والتناحر والانقسام في بؤر كثيرة منه. وقد أدت هذه الحروب إلى هلاك الحرث والنسل وإلى هلاك الآلاف وتشريد الملايين وإلى تفرق الأمة وحدوث المجاعات. وتناسى هؤلاء المسلمون وصايا رسول الله (ص) في حجة الوداع وأصول الشريعة ومقاصدها الرئيسة. التي جعلت حفظ الدين. وحفظ النفس. وحفظ العقل. وحفظ النسل. وحفظ المال أهم مقاصدها. ومع كل ذلك رجع البعض ليضربوا رقاب بعضهم البعض دون حق. واستمرأ البعض الآخر أكل أموال غيرهم بالباطل.في حجة الوداع جاء التحذير قويا وشديدا. وجاءت الوصايا والتعاليم الجامعة من الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم. فقد كانت حجة عظيمة جمعت أصول الدين. وأصول المال والمعاملات. وحقوق الإنسان. وحقوق المرأة. وكان فيها التأصيل والتطبيق. والتربية والتشريع. والتسامح والتوجيه. ولهذا فلقد قال علماء الأمة بأن هذه الخطبة قد جمعت " الديانة وأصول التشريع والملة ".وقد أكدت حجة الوداع ضمن ما أكدته على حرمة الدماء والأموال والأنفس فقال صلى الله عليه وسلم " إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا " وفي يوم النحر خطب النبي (ص) الناس خطبة عظيمة. بليغة جامعة رواها البخاري ومسلم وغيرهما من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وغيره وقال في خطبته (ص)" أي يوم هذا؟ قالوا: يوم الحرام. قال: أي شهر هذا؟ قالوا: شهر الحرام. قال: أي بلد هذا؟ قالوا: بلد الحرام. فقال عليه الصلاة والسلام: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ثم قال: اللهم هل بلغت. اللهم فاشهد " وجاء في صحيح البخاري من حديث جرير بن عبد الله البجلي قال. قال لي رسول الله (ص) يوم النحر: استنصت الناس (أي اطلب منهم أن ينصـتوا) ثم قال عليه الصلاة والسلام " لاترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ".وهكذا ولأن الأمر جد خطير وهام ويتعلق بحياة الناس وأموالهم يجمع الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم جموع الحجيج ليحذرهم من الاقتتال والتشاحن والبغضاء. وضرب بعضهم رقاب بعض دون شفقة أو هوادة. وهو الأمر الذي يخرج المسلم من دائرة الايمان إلى دائرة الكفر. فالحبيب المصطفى سمى ضرب المسلم لرقبة أخيه المسلم كفرا وليس هو بالكفر الناقل من ملة الإسلام لكنه ليس من خصال أهل الإيمان ولا من أعمال المؤمنين بل هو من صفات الكافرين وأعمالهم. وجاء في مسند الإمام أحمد عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: سمعت النبي (ص) يخطب الناس في حجة الوداع فقال ": ألا أخبركم بالمؤمن. المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم. والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله. والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب ".فمن الإسلام ومن الايمان إنجاز الأمن والأمان للآخرين وللمجتمع والأمة. ومن الإسلام ومن الإيمان عدم التعدي على أموال الناس ونهبها بالغش والتدليس والكذب والتحايل. فهذه وصايا رسول الله ورسالته إلى الأمة الإسلامية بامتدادها التاريخي وإلى أن تقوم الساعة. وقد روى الإمام أحمد في مسنده في نفس الموضوع عن سلمة من قيس الأشجعي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) يخطب الناس في حجة الوداع فقال: "ألا إنما هي أمر – يعني أمورا خطيرة - لاتشركوا بالله شيئا. ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق. ولا تزنوا ولا تسرقوا ".وهكذا حذر ونبه سيدنا رسول الله (ص) من مغبة انتهاك حقوق الإنسان: حق الإنسان في حفظ حياته وحقه في أمواله. وحقه على المجتمع في صون عرضه.. فالقتل اعتداء على النفس والسرقة اعتداء على الأموال والزنا اعتداء على الأعراض.. فرسالة الإسلام رسالة العدل والإحسان.... رسالة القيم العليا. والمباديء العظيمة... رسالة الحياة والاستمرار.

17924

| 23 سبتمبر 2015

معنى الحج ودلالاته

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في كل عام يستجيب المسلمون في كل أصقاع الأرض لدعوة أبيهم إبراهيم عليه السلام، حين رفع وابنه إسماعيل عليهما السلام قواعد البيت وأذّن في الناس فظلت دعوته تتردد على مدار العصور عابرة أقطار الأرض وأصقاعها البعيدة ليأتي الناس من كل فج عميق ملبين مهللين يدفعهم الشوق والحنين، والرجاء والدموع، وألسنتهم تصدح (لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك والملك. لبيك اللهم لبيك. قال تعالى:"وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق. ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير. ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق.(الحج الآية: 27)والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه هو: ما معنى الحج وما دلالاته؟هذه السطور هي محاولة للإجابة على هذا السؤال المهم.الحج ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهو عبادة عظيمة يتقرب بها المسلمون إلى ربهم حين يقصدون بيته الحرام في مكة المكرمة محرمين متحررين من المخيط ومن بهارج الدنيا وزخارفها وهمومها ومشاغلها متطلعين إليه بالتضرع والدعاء، والأمل والرجاء سائلينه أن يقبل توبتهم ويغفر ذنوبهم ويدخلهم في عباده الصالحين، ويشملهم بفيض نوره وحبه، وهو أمل جميع المسلمين في شتى أنحاء الأرض على امتداد الأجيال ومدار السنين. وهكذا يقصد المسلمون البيت العتيق ليؤدون مناسك الحج وأركانه بحب يفيض من قلوبهم ومشاعرهم، وإخلاص كامل لربهم مستحضرين عبق التاريخ وذكريات الأمس، ملتمسين ومشاهدين عن كثب أهم مشاهده على الأرض المقدسة المباركة.يبدأ الحجيج رحلتهم وقد تحرروا من المخيط ومن بهارج الدنيا وزينتها وومشاغلها وهمومها، منطلقين من سجن الغرائز والأهواء والشهوات، ومن عالم الغفلة والأطماع، والمصالح المتضاربة والصراع. إلى عالم الحرية الحقيقية، فلا سلطة ولا جاه، ولا مال ولا ذهب، ولا صاحبة ولا ولد، يمكن أن تمس قلوبهم أو تشغل بال الواحد منهم عن حب الله – عز وجل – وحب رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه.تتذكر جموع الحجيج في هذا الموقف العظيم وهم محرمون ومتجردون من أزياء الدنيا وهمومها يوم الحشر الأعظم الذي يلي بعث الأموات من القبور. فهاهم في موقف رهيب وقد جاءوا من كل حدب وصوب ليقوموا لرب العالمين متجردين من الدنيا متخلين عن مناصبهم ومواقعهم في الحياة فلا وزير ولا غفير ولا غني ولا فقير ولا أبيض ولا أسود.. ولا رفث ولا صخب، ولا جدال ولا فسوق ولا تشاحن ولا تباغض ولا تدافع ولا اهتمام بالبدن بل.. القلوب معلقة بخالقها والأبصار شاخصة إليه والأكف مرتفعة بالتضرع والدعاء، والأرواح تسمو وترتقي إلى السماء، وكل أتوه خاشعين مؤملين أن يقبل توبتهم ويعفو عن سيئاتهم قبل أن يحين الأجل أو تفوت الفرصة. الإسلام دين يعزز الجماعة ويقويها ويدعم روحها وكل فرائضه وأركانه الخمسة تعمل في هذا السياق لتوحيد المسلمين ولم شملهم وإنجاز التكافل والتواد والتراحم بينهم وتأكيد قيم الحب والأمن والسلام لهم ولمن حولهم فكما أن الصلاة صلة بين العبد وربه فهي كذلك صلة بين الإنسان المسلم وأخيه وهي في جوهرها دعوة لوحدة الصف والهدف والعقيدة. والحج في كل مناسكه مجسد لهذا المعنى فحين تجتمع جماهير الحجيج متحررة من القيود في مؤتمر سنوي عام. تلتقي فيه على كلمة التوحيد لتعلن حبها الكبيرلخالقها وتمسكها بالإسلام عقيدة وشريعة ورفضها البات والقاطع لكل صور وأشكال العبودية لغير الله. واستعدادها لمقاومة الظلم والظلام وكل قوى الاستكبار والاستغلال في الأرض. وهي حين تفعل ذلك تعلن بلا تردد ولا خفاء أن الأمة الإسلامية أمة واحدة ربها واحد ودينها واحد وجسدها واحد مطبقة قول خالقها عز وجل (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) (الأنبياء:21)وحين يطوف الحاج بالبيت العتيق فإنه يؤكد تمسكه بالإسلام دينا ومنهجا، سلوكا ومسارا. كما يؤكد اتساقه مع حركة كل المخلوقات من الذرة الصغيرة إلى الجرم الكبير في دورانها حول الواحد الأحد. والطواف في نهاية الأمر ليس إلا صورة من صور التسبيح. وضربا من ضروب الصلاة وشكلا من أشكال الخضوع لله الواحد الأحد. الفرد الصمد. وكما قال الحبيب صلى الله عليه وسلم فإن الطواف كالصلاة إلا أن الصلاة لا كلام فيها قال صلى الله عليه وسلم: الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير) والبيت العتيق كما قال ابن الزبير سمي بالعتيق لأن الله سبحانه وتعالى أعتقه من الجبابرة(تفسير الطبري المجلد التاسع الجزء 17 ص 107) وعلى هذا النحو ولموقعه ومكانته فهو رمز لحرية الإنسان وتحرره من كافة أشكال وصور العبودية وحين يطوف الحجيج به فإنهم يعلنون تمسكهم بالحرية وبكلمة التوحيد.الحج تحرير للإنسان من كل صور الاستلاب والاغتراب، ومن كل صور وأشكال الأنانية والفردية. وكل صور وأشكال السوبرمانية والعدمية. والعبثية والداروينية الاجتماعية وكل صور وأشكال الفلسفات المادية التي جعلت من بعض الناس سادة ومن بعضهم الآخر عبيدا يعانون مرارة الإقصاء والتهميش. والإذلال والإفقار. فكل الناس سواسية كأسنان المشط وكلهم لآدم وآدم من تراب ومشهد الحج الأكبر يؤكد هذه المعاني حين ترتفع اصوات الحجيج بالتلبية والذكر لتتردد في الفضاء مسافرة في أقطار السموات والأرض حاملة استجابتهم لدعوة أبيهم إبراهيم عليه السلام مؤكدين حرية الإنسان في كل مكان وزمان من كل صور وأشكال الاستغلال والعبودية. فعبودية الإنسان تنفي بتاتا أن يكون خضوع المخلوق لغير خالقه. فالله مصدر كل خير ونعمة والإنسان هو القيمة النهائية في الوجود قال تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) (الحجرات الآية 13).في مشهد الحج الأكبر يتذكر جموع الحجيج تاريخ أمتهم المجيد وتتجه العقول والأفئدة إليه فيتأمل الجميع رحلة أبيهم إبراهيم عليه السلام وأمهم هاجر إلى الصحراء القاحلة العارية من الخضرة والنبات والخالية من الماء والزاد. وكيف قاوما كل محاولات الشيطان اللعين وصدعا لأمر ربهما متحررين من كل ميل وهوى منفذين أمر الله جل وعلا – فانتصر حب الله فيهما على ما سواه وذهبت محاولات الشيطان جميعها أدراج الرياح وهاهي الجموع ترمي بالحصيات عدوها وعدو إبراهيم وآدم عليهما السلام في أرض منى مؤكدة أن جهاد النفس هو الجهاد الأكبر وأن حفظ الدين وحماية الحرمات والمقدسات مقدم على أي حب آخر مهما كان إغواء الشيطان ومهما كانت المغريات.لقد كان إنفاذ إبراهيم عليه السلام لرؤيته بشأن ابنه إسماعيل عليه السلام تأكيدا لعبوديته الكاملة والخالصة لخالقه وفيه من الدروس والعبر على جبل عرفات الطاهر المبارك وعلى صعيده المعطر حيث وقف الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه والصالحون والمهتدون بنور الله. تكون معرفة الله سنام كل معرفة وأساس كل قيمة ويكون حب الله فوق كل حب ولا غرو في ذلك فمعرفة الله هي المعرفة الأكمل والأجمل والأجدر وفوق أديم ترابه وعلى رباه وقممه تكون المناجاة الخالصة والمباشرة بين الإنسان وخالقه. وتكون الصلة المستمرة فيتوجه الحاج بقلبه وعقله ووجدانه نحو خالقه وترتفع الدعوات المبللة بالرجاء والدموع إلى عنان السماء راجية القبول والمغفرة. ويحفر الحاج في قلبه وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدماء والنساء والأموال فلا يظلم امرأة ولايسفك دما ولا يسرق مالا.وفي المشعر الحرام تتنامى في وجدانه كل مشاعر الحب والخير إزاء ربه ويضيء في قلبه نور الله فلا يلتفت إلى همسات الشيطان ولا تقهره الغرائز والاهواء.وهكذا يعود الحاج كما ولدته أمه.. ميلاد جديد بلا ذنوب ولا خطايا وإنسان جديد محب للخير قلبه أخضر ويده بيضاء مستحضرا دائما درس الحج ومعناه ودلالاته.. إنسان جديد لا يحقد ولا يكره. ولا يبطش ولا يفحش. ولايقتل ولايعتدي. بل يمد يده بالخير والعطاء والمودة والسخاء لإخوته ولسائر الناس مؤمنا بأن الحب والسلام والتسامح مفاتيح البقاء والاستمرار فوق الأرض

1671

| 18 سبتمبر 2015

هل سيستقيل حقاً الرئيس عباس؟

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ليست هذه هي المرة الأولى التي يستقيل فيها الرئيس محمود عباس من واحد من مناصبه أو يهدد باعتزال الحياة السياسية برمتها بل سبقتها مرات عديدة وكان في كل مرة يتراجع متعللاً بأسباب كثيرة ومنها رفض المجلس الوطني الذي يضم المئات من الفلسطينيين في الداخل، وفي الشتات لاستقالته وتمسكهم بقيادته وبرمزية هذه القيادة التي أنجزت اتفاقية أوسلو وغيرها وهي في رأيهم أبدع ما في الإمكان لكن هذه المرة يبدو أن الرجل وقد قارب على الحادية والثمانين قد يكون صادقا في اعتزاله الحياة السياسية خاصة وأنه قدم ــ بمنظوره الشخصي وبمنظور المعجبين بسياساته للقضية الفلسطينية كل ما كان بإمكانه.. ويرى المحللون أن ثمة احتمالاً هذه المرة بتنفيذ عباس لاستقالته ويرجعون ذلك إلى أسباب طبية وسياسية بنفس القدر, فأبو مازن يعد العدة للخروج من التركة الثقيلة التي حملها على عاتقه طيلة هذه السنين وأنه يبحث عن مخرج مشرف يظهره بمظهر الذي أدى كل ما عليه فعباس تحصل على عهد من الاتحاد الأوربي باستئناف المفاوضات بعد اعتماد الاتفاق النووي، أما الولايات المتحدة فإن رئيسها مهموم بتصديق الكونجرس على اتفاقه النووي مع إيران ولا يريد من يشغله عن الإنجاز الذي سيظل مقرونا باسمه ولذلك فإن الرئيس عباس ينتظر التصديق على الاتفاق النووي فإذا ما تم التصديق عليه طالب أوباما باستئناف المفاوضات وفق جدول زمني معتمد بقرار من مجلس الأمن فإذا لم يفعل أوباما ما يريده عباس منه فإن اللحظة تكون قد حانت وعندها يستقيل منحيا باللائمة على إسرائيل والإدارة الأمريكية تاركا خلفه التركة الثقيلة التي حملها على عاتقه منذ رحيل ياسر عرفات. ولكنّ مقربين من عباس قالوا إنه غير ملتزم بتاريخ معين وقالوا أيضا إن القرار "لا ينبع من أزمة داخلية ومن ضغط يمارسه عليه خصومه السياسيون، بل هو رسالة للأسرة الدولية وبموجبها فإنه في غياب مسيرة سياسية حقيقية وإنهاء الاحتلال، فإن دور الرئيس في السلطة الفلسطينية لم يعد ذا صلة". وقال عضو اللجنة المركزية لفتح محمد المدني وهو أحد المقربين من عباس "إن عباس سينفذ اعتزاله حسب جدول زمني وحسب المصلحة الوطنية الفلسطينية. وعلى حد قوله، فإن الرسالة غير موجهة إلى الداخل بل إلى الخارج. وقال المدني لصحيفة ها آرتس في عددها الصادر يوم 2/9/ 2015 إن “أبو مازن يفهم بأن المسيرة السياسية عالقة وأنه لا يوجد أي أفق سياسي في المستقبل المنظور للعيان، بسبب الرفض الإسرائيلي. ولا يبدو أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منزعجون من هذا، وعليه فإنه جاء ليقول بشكل واضح لا أريد البقاء في المنصب الذي أصبح بمثابة حامي حمى الأمن لإسرائيل، ومن يريد أن يأخذ المسؤولية فليتفضل "لكن لم يستبعد مسؤولون في فتح اعتزال عباس لأن للعمر أحكامه ومتطلباته وأنه لا بد من أن تضخ دماء جديدة في شرايين القيادة والمؤسسات التي شاخ بعضها وتحتاج إلى إسعاف سريع وإنعاش وقالوا "ليس جديدا أن في الساحة الفلسطينية من يتحدثون منذ بضعة أشهر عمن سيأتي بعد عباس، وهذا ليس سرا في إسرائيل وفي العالم يجب أن يفهموا بأن في منظمة التحرير الفلسطينية، وفي فتح يوجد جهاز وتوجد مؤسسات وفي نهاية المطاف هذه هي التي تختار القيادة. هذا ما حصل عندما توفي الرئيس ياسر عرفات، الذي كان زعيما كاريزماتيا بلا منافس. وعليه فإن أبو مازن لا يريد أن يتخذ صورة من خلف أرضا محروقة وهو يحاول أن يقود المسيرة وأن يرتب البيت ولا سيما في فتح". أما معارضوه فمنهم من يقول إنه استقال "بعد خراب مالطة" وأن استقالته جاءت بعدما قدم لإسرائيل ومشروعها الكبير من النيل إلى الفرات كل ما يستطيع وربما شعر بأنه ليس لديه ما يتنازل عنه ويحمدون الله تعالى أنه أقدم على هذه الخطوة لكي يتوقف نزيف التنازلات ويتعافى الوطن المثخن بجراح الاستيطان والتهويد والقتل اليومي وهؤلاء ليسوا آسفين عليه وربما كسروا كل قلل الفخار وراءه إذا غادر مقر السلطة في رام الله فكل ما يعانيه شعب فلسطين إنما جاء بسبب سياساته البراجماتية الواقعية ولعدم إيمانه بالكفاح المسلح وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغيرها وأنه ـ أي عباس ـ لطالما تعهد للاحتلال بعدم السماح باندلاع انتفاضة ثالثة بالضفة الغربية ولطالما صرح وأقر بأن الاحتلال لن يرحل إلا بالمفاوضات والتنسيق الأمني, أما وقد انسدت الآفاق أمامه وانغلقت الأبواب فليس أمامه إلا أن يستقيل تاركا الجمل بما حمل . وثمة فريق آخر من معارضي الرئيس محمود عباس يرون أن تصريحات عباس وبيانه بالاستقالة واعتزال الحياة السياسية وعدم المنافسة على أي منصب من مناصب منظمة التحرير ليست إلا مناورة من المناورات التي يجيدها ويقولون بأنه رتب الأمر لكي يتخلص من معارضيه ومنافسيه وأنه رتب لرجوعه فأحسن الترتيب والأمر ليس إلا مناورة سياسية.. فالمجلس الوطني الذي يضم 750 عضوا وهو الهيئة التمثيلية التشريعية العليا للشعب الفلسطيني بأسره داخل فلسطين وخارجها، وتضم الفلسطينيين سكان المناطق المحتلة عام 1967، والفلسطينيين سكان المناطق المحتلة عام 1948، اللاجئين الفلسطينيين في مختلف مناطق لجوئهم، وفلسطينيي المنفى، وهو السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو الذي يضع سياسة المنظمة ومخططاتها. لا يمكنه أن يتخذ القرارات إلا عندما يحضر التصويت عدد معين من الأعضاء (النصاب). والحالة الوحيدة التي يمكن فيها اتخاذ القرارات حتى لو لم يحضر العدد الأدنى اللازم هو عندما يستقيل الرئيس ويتوجب انتخاب خلف له. ومن المعلوم أن "أبو مازن" درج على عقد المجلس في رام الله وهذا يحول دون حضور أعضاء المجلس من خارج فلسطين وحتى من داخلها بسبب حواجز إسرائيل ومنعها لدخولهم رام الله فمعظم الأعضاء إذن لن يصلوا لذلك فإذا ما دعي المجلس للانعقاد للنظر في استقالة عباس إن أصر عليها فسوف يتمسك به أعضاء المجلس الوطني ممن تسنى لهم الحضور وهؤلاء هم مؤيدو عباس لا غير ــ ويرفضون استقالته وسيقول أبومازن ساعتها إنه خضع لقرار المجلس وما باليد حيلة وعندها سيواصل رئاسة منظمة التحرير الفلسطينية وسيبعد خصومه السياسيين وفي مقدمتهم ياسر عبد ربه وسيعين مكانهم من يرتضيهم ويحقق المراد فليس اعتزامه الاستقالة أو اعتزال الحياة السياسية إلا زوبعة في فنجان سرعان ما تزول.

605

| 04 سبتمبر 2015

alsharq
وزارة التربية.. خارج السرب

هناك لحظات في تاريخ الدول لا تمرّ مرور...

13743

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
صبر المؤمن على أذى الخلق

في قلب الإيمان، ينشأ صبر عميق يواجه به...

1815

| 21 نوفمبر 2025

alsharq
محكمة الاستثمار والتجارة

عندما أقدم المشرع القطري على خطوة مفصلية بشأن...

1281

| 25 نوفمبر 2025

alsharq
ثقة في القرار وعدالة في الميدان

شهدت الجولات العشر الأولى من الدوري أداءً تحكيميًا...

1263

| 25 نوفمبر 2025

alsharq
العائلة الخليجية تختار قطر

أصبحت قطر اليوم واحدة من أفضل الوجهات الخليجية...

1221

| 25 نوفمبر 2025

alsharq
المغرب يحطم الصعاب

في لحظة تاريخية، ارتقى شباب المغرب تحت 17...

1176

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
عندما تتحكم العاطفة في الميزان

في مدينة نوتنغهام الإنجليزية، يقبع نصب تذكاري لرجل...

1083

| 23 نوفمبر 2025

alsharq
حديث مع طالب

كنت في زيارة لإحدى المدارس الثانوية للبنين في...

1023

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
العزلة ترميم للروح

في عالم يتسارع كل يوم، يصبح الوقوف للحظة...

921

| 20 نوفمبر 2025

alsharq
حوكمة القيم المجتمعية

في زمن تتسارع فيه المفاهيم وتتباين فيه مصادر...

831

| 25 نوفمبر 2025

alsharq
الخيال هدية الصّحراء للعربيّ

حينما تنطلق من هذا الجسد لتحلّق في عالم...

750

| 21 نوفمبر 2025

alsharq
الصداقة العالمية.. في سماء قطر

الصداقة من خلال الرياضة.. الشعار العالمي للمجلس الدولي...

708

| 24 نوفمبر 2025

أخبار محلية