رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

تركيع تركيا

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كنت منصتا إلى هاتفي المحمول، مساء الثلاثاء الفارط، أستمع إلى إمام الحرم المكي وهو يقرأ التراويح، وأنا أتريّض في المجمع السكني القريب من مطار "إسطنبول" منتظرا وقت التراويح بهذه المدينة الجميلة، وإذ بصافرات سيارات الإسعاف والشرطة، تدوّي من حولي، ما جعلني أفزع وألوذ إلى الشقة التي أقطنها لأبحث عن السبب في مواقع الإنترنت التي لم تخيب ظني، وأبانت في لحظتها عن الهجمات الانتحارية التي ضربت مطار "أتاتورك". المدينة مضت في حركتها بيومها التالي، وكأن شيئا لم يحدث، بيد أن إجراءات الأمن زادت بشكل لافت في محطات "المترو"، الذي نستقله في تنقلاتنا بالمدينة، وكذلك كان التفتيش الدقيق في الأسواق المركزية الكبرى، وبالتأكيد أن نسب السياح في المناطق الشهيرة قلّت بوضوح، ذلك أن شارعا كشارع "الاستقلال" في منطقة "تقسيم" المعروفة، والذي يؤمه بحسب الإحصاءات -في ذروته- قرابة 3 ملايين زائر يوميا، نقص العدد بشكل كبير وقتما زرته خلال الأيام الفارطات.كنت أتساءل عن الهدف من هذه الهجمات التي ضربت تركيا مؤخرا، ففي العام الأخير فقط، شهدت 17 هجمة إرهابية، أسفرت عن مقتل 294 شخصا ونحو ألف جريح. ووقعت الهجمات في كل من "ديار بكر" و"أنقرة" و"بورصا" و"مادرين" و"إسطنبول" و"شانلي أورفا"، وقد تبنى هذه الهجمات كل من تنظيم "داعش"، ومنظمة "حزب العمال الكردستاني" المعارضة، وجماعة "صقور حرية كردستان (TAK)".لوقت كتابة السطور هذه، لم تعلن أي جماعة مسؤوليتها، وإن كانت السلطات التركية ألمحت بأن الهجوم يحمل نَفَس وطريقة "داعش"، وعهدنا بهذا التنظيم المتطرف والمخترق من أجهزة الاستخبارات الروسية والإيرانية، أنها تسارع بإعلان مسؤوليتها -بزهو وغرور وبجاحة- بما فعلت في تفجيرات "باريس" ثم "بروكسل" وغيرهما.يقينا أن من يقف خلف هذه الضربات الإرهابية لتركيا، يحاول تركيعها، وضرب اقتصادها، وأفلحت تفجيرات الثلاثاء الماضي في مطار "إسطنبول" في انجفال كثير من السياح السعوديين والخليجيين عنها، حيث ألغى الكثير من العائلات في بلادنا حجوزاتهم وتحوّلوا إلى أماكن أكثر أمانا. السياحة في تركيا مصدر دخل رئيسي للبلاد، وتصوّروا أن هذا القطاع ضخّ لتركيا ما قيمته 35 مليار دولار من الناتج القومي التركي لعام 2014 وحده، وها هو الآن يتهاوى سريعا بسبب الإرهاب، ويقوّض خطط تركيا، التي تعد الوجهة السياحية السادسة في العالم حاليا، باستقبال 50 مليون سائح سنويا في عام 2023.قبل هجمات مطار "إسطنبول"، قالت وكالة "رويترز" في تقرير لها إن عدد السياح الذين استقبلتهم تركيا هبط أكثر من الثلث في مايو مسجلا أكبر انخفاض في 22 عاما، ووفقا للبيانات الرسمية فإن السياحة هبطت بنسبة 34.7% على أساس سنوي في مايو، حيث وصل 2.49 مليون زائر خلال الشهر. وهذا هو أكبر انخفاض منذ بدء تسجيل البيانات في عام 1994، وظني أن السياحة والاستثمارات العقارية التي جلبت كثيرا من السعوديين والخليجيين لتركيا، ستُضرب في العمق لسنوات قادمة ما لم تتحرك الحكومة التركية سريعا، وتعلن إجراءات جذب جديدة، وبرامج فيها الكثير من التسهيلات والتنازلات، سواء للسياح الذين تحولوا عنها، أم لرجال الأعمال الذين يضعون أيديهم على قلوبهم من ضياع استثماراتهم في تركيا.تحدث بعض المعلقين عن ارتباط تفجيرات "إسطنبول" بعودة العلاقات بين تركيا وروسيا، وثانيا مع إسرائيل، وثالثة متزامنة بإشارات منها لمصر السيسي، ففي ذلك الثلاثاء الأسود 28 يونيو، أعلن في صباحه رسميا عن إعلان إعادة التطبيع مع إسرائيل، بعد فترة قطيعة وصلت حتى 6 سنوات كاملة، عقب الهجوم على سفينة مافي مرمرة، ومقتل 10 من الأتراك، وانتهى مساء ذلك اليوم الأسود بسلسلة تفجيرات مطار أتاتورك الدولي، ليعلق عضو مجلس الشيوخ الروسي، كونستانتين كوساتشيف، إن التفجيرات الانتحارية هي موجهة ضد محاولات تركيا إصلاح العلاقات مع روسيا وإسرائيل.برأيي أن الدولة التي تخترق هذا التنظيم الساذج، هي من وجهتهم لضرب اقتصاد تركيا، فالانتحاريون الثلاثة أتوا من أسابيع طويلة، وقبل الإعلان عن عودة العلاقات، والمقصود من هذه الهجمات إضعاف تركيا اقتصاديا وتركيعها، بسبب مواقفها في القضية السورية، ونحن بانتظار التقارير الرسمية النهائية للحادث من السلطات التركية.للأسف، آلمتني بعض التغريدات والمقالات التي قامت بالشماتة في هذه الحادثة الإرهابية نكاية في تركيا أردوغان، وهم ذات القوم الذين تباكوا على ضحايا "شارلي أبيدو"، في نفاق صفيق لا يمكن لأي رجل يحمل ذرة من مروءة أو إنسانية إلا أن يستهجن هذا الموقف من المرتزقة هؤلاء. كنا أول من استنكرنا الفعل الإجرامي في "باريس" و"بروكسل" وبقية عواصم الغرب التي ضربتها "داعش"، لأننا اكتوينا بها في بلادنا، ونعرف خطورتهم والاستخبارات اللعينة التي تقف خلفهم، ولولا أن قيض الله لنا أمير الحرب على الإرهاب سمو الأمير محمد بن نايف مع رجاله الأشاوس من أبطال الأمن في بلادنا، لكانت الخسائر مضاعفة، ولكنا اليوم كجزائر التسعينيات.تركيا حليف مهم لنا في سوريا، وتصطف معنا ضد الهيمنة الصفوية الإيرانية، وهي تكمل الترس السنّي الذي نتصدره، ومحاولات تركيعها اليوم ليست لصالحنا.

2111

| 04 يوليو 2016

حشاشو "آلموت" ودواعش اليوم

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أقل ما يمكن وصف الجريمة التي اقترفها التوأم خالد وصالح العريني بقتل والدتهما، والتي هزت المجتمع السعودي من أقصاه لأقصاه؛ أنها فجيعة ونكبة ونقطة انعطاف حادة في مسيرة التطرف، غردتُ مباشرة كاتبا: "ما الذي يتعاطاه هؤلاء الدواعش، ليتحولوا إلى وحوش وحيوانات بلا رحمة؟!". تصورت للحظة، مشاعر تلك الأم الصالحة المغدورة، التي كلُمت بهذين الابنين الشقيين، وقتما استدرجاها وانهالا عليها طعنا بالساطور والسكاكين، وهي المرأة التي تنتمي لعائلة علم وفضل، فأبوها هو الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العريني الرئيس الأسبق لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة، فليت شعري ما الذي كانت تردده وهي بعمر الـ67 عاما، وترى فلذتي كبدها اللذين حملت بهما، يوجهان لها الطعنة تلو الأخرى، أتراها تذكرت أويقات مرضهما وهي ترعاهما ولم تنم حنانا بهما؟، أم تذكرت صباحات العيد وهي تلبسهما أزهي الثياب، وتطعمهما الحلوى بيديها؟، أم ليت شعري أكانت تنظر في أعينهما الباردة وتتذكر أمومتها الفياضة، وهي ترضعهما بكل سعادة، ترمق بحب أعين طفليها البريئة؟ ما الذي كان يجول في خاطرها المفجوع، والدم يثعب من كل جسمها، إثر طعنات ابنيها الوادعين اللذين تحولا لوحشين بلا قلب ولا ضمير ولا إنسانية؟! يقينا أنها الأم، التي أجزم أنها كانت تلهج بالدعاء مع كل طعنة تخترم جسدها الطاهر، وتدعو وقتها بالصلاح والهداية والمغفرة، ولا شيء غير تلك الأدعية، وهي تسلم الروح الطاهرة لبارئها، هكذا هي الأم على كل العصور.ألمح لي أحد الأصدقاء القضاة جوابا لسؤالي عن الحالة التي كان عليها الشقيان التوأم، بأن تاريخنا عرف أناسا مغيبي الوعي، وذكر لي طائفة "الحشاشين"، وعدت للمصادر التاريخية، أقرأ عن هذه الفرقة الإسماعيلية الباطنية التي أسسها الحسن بن الصباح، واتخذ من قلعة "آلموت" في فارس عاصمة له، ومركزًا لنشر دعوته، وهي الفرقة التي تميزت باحتراف القتل والاغتيال لأهداف سياسية وأيديولوجية متطرفة.قلعة "آلموت" منيعة جدا وصعبة الوصول، فهي ترتفع عن سطح البحر بـ6 آلاف قدم، ولا يمكن أن يصل أحد إلى هذه القلعة إلا عبر ممر ضيق متعرج شديد الانحدار، وأقام الحسن بن الصباح فيها المزارع والحدائق التي تخلب الألباب، في شكل درجات بعضها فوق بعض، وفي إحدى هذه الحدائق، قام بزراعة النباتات الجميلة والأزهار المتنوعة وأشجار الفواكه الشهية، وأجرى أنهارا صناعية صغيرة من اللبن والعسل والخمر والماء الزلال، تمثل الجنة لمريديه القتلة.يقول المؤرخون بأن الحسن بن الصباح وكبار معاونيه كانوا يحرصون على أخذ الصبية الصغار الغرّ، ليعلموهم مبادئ الإسماعيلية وتعاليمها، ثم بعد ذلك يعلمونهم فنون المكر والخداع والشعوذة، وكذلك فنون الاغتيال بالخنجر والسكين، وفنون القتل بالسم، وهم في أثناء مراحل التعليم هذه؛ يجعلونهم يتناولون نبات "القنب الهندي" المعروف بالحشيش ليدمنوه، ليصلوا لاحقا لمرحلة تعاطٍ كامل وإدمان، لا يستطيعون العيش وممارسة حياتهم الطبيعية إلا بتعاطي المخدر الذي أدمنوه، وإذا قطع عنهم يصبحون كالحيوانات الهائجة، وعلى استعداد لعمل أي شيء. معلمو فرقة الحشاشين كانوا يتحكمون بهؤلاء المدمنين عن طريق التحكم بكميات الحشيش المقدمة لهم، ومتى اشتدت حاجة هؤلاء إلى الحشيش، ودخلوا في مرحلة ما قبل جنون الحاجة للمخدر، قال لهم معلموهم: "ادعوا الحسن بن الصباح يعطيكم ما تريدون"، وبالفعل يقوم هؤلاء بدعوته والدعاء إليه، والتوسل والتضرع، فيعطيهم ما يريدون ويصبح بالنسبة لهم كالإله، يعبد من دون الله جل وعلا، وعلى استعداد للتضحية بحياتهم لأجله.ذكر المؤرخون ما كان يفعله هؤلاء الانتحاريون، وأسهبوا في وصف إجرامهم، وما ابتليت بهم الأمة، أيام الدولة السلجوقية، بل هددوا صلاح الدين الأيوبي ووصلوا له، وكادوا يقتلونه، وكان الحسن الصباح يبعثهم لقتل العلماء والسلاطين، ويسميهم بالفدائيين أو الفداوية، وذكر بعض أساليبهم في القتل الروائي أمين معلوف في رائعته الروائية الخالدة "سمرقند"، وأطلق المسلمون عليهم مسمى: "الحشاشين" نسبة لتعاطيهم الحشيش، وكانت هذه الكلمة في تلك الأيام، تثير الذعر والهلع في قلب أشجع الشجعان، لأن هؤلاء كانوا آلات قتل متحركة مسلوبة الإرادة عمياء الطاعة.الحافظ ابن كثير ذكرهم في تاريخه، وقال عن أهم أحداث عام 494?: "فيها عظم الخطب بأصبهان ونواحيها بالباطنيّة، فقتل السلطان منهم خلقًا كثيرًا، وأبيحت ديارهم وأموالهم للعامَّة، كلّ من يقدرون عليه فلهم قتله وماله وكانوا قد استحوذوا على قلاع كثيرة، وأوّل قلعة ملكوها في سنة 483?، وكان الذي ملكها الحسن الصبّاح، أحد دعاتهم، وكان قد دخل مصر وتعلَّم من الزنادقة الذين كانوا بها، ثم صار إلى تلك النواحي ببلاد أصبهان، فكان لا يدعو إلا غبيَّا لا يعرف يمينه من شماله، ثم يطعمه العسل بالجوز والشونيز (الحبة السوداء)، حتى يحترق مزاجه ويفسد دماغه، ثم يذكر له شيئًا من أخبار أهل البيت ويكذب له من أقاويل الرافضة الضَلال، أنهم ظُلِمُوا ومُنعِوا حقَّهم، ثم يقول له: فإذا كانت الخوارج تقاتل مع بني أميّة لعليٍّ، فأنت أحقُّ أن تقاتل في نصرة إمامك عليٍّ بن أبي طالب، ولا يزال يسقيه من هذا وأمثاله حتى يستجيب له، ويصير أطوع له من أبيه وأمِّه، ويظهر له أشياء كثيرة من المخرقة والنَّيرنجات والحيل التي لا تروج إلا على الجهال، حتى التفَّ عليه بشر كثير وجمُّ غفير، وقد بعث إليه السلطان ملكشاه يتهدده ويتوعّده وينهاه عن بعثه الِفداويّة إلى العلماء" أ.هـما أشبه أولئك الحشاشين الانتحاريين -الذين يمتهنون القتل غيلة وغدرا- بالدواعش الصغار هؤلاء، فلو رصدنا أعمار من قام بالغدر بأقاربهم وقتل رجال الأمن من الدواعش، لألفيناهم في مرحلة اليفاعة والشباب، وهؤلاء يخدّرهم قيادات داعش الشرعية عبر "الإنترنت"، ويعدونهم بالجنة والحور العين، ويطالبونهم بقتل الأقرب لهم عياذا بـالله، فيصلون لمرحلة التخدير الكامل، ولو من دون تعاطٍ مباشر، فهم في مرحلة تغييب كامل للعقل والمشاعر الإنسانية.من المؤلم تقاذف النخب السعودية اليوم الاتهامات وهم على سفينة الوطن، وبدلا من الشعور بالخطر الداهم، يقوم البعض بسوق الاتهامات على العلماء والدعاة الذين لم يكلّوا ولم يتركوا مناسبة للتحذير من خطر التطرف، ليرد عليهم هؤلاء بأن استفزازهم عبر البرامج الهزلية السوقية، وقيام الإعلام بشيطنة الدعاة والرموز الشرعية أحد أهم الأسباب لظهور هؤلاء الدواعش الصغار الذين ترعرعوا في عصر الحرب على الإرهاب، وغلبة الإعلام على منبر المسجد وطاولة الدرس.رحم الله الشهيدة هيلة العريني، وكفانا رمي الاتهامات لبعضنا، فحشاشو العصر يتوالدون ويتناسلون، فيما النخب تتخاصم في فجور، والوطن يدفع الثمن.

1947

| 27 يونيو 2016

بين "خبز" مجلس الشورى و"نعال" مجلس الأمة!!

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في الأسبوع الماضي، سرق أحد أعضاء مجلس الشورى السعودي الأضواء في مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب مطالبته برفع سعر الخبز إلى ريالين، وانفجرت الاحتجاجات في وجهه، وصبّ كثير من المغردين حنقه عليه، وتجاوز بعضهم إلى ركوب موجة العنصرية للأسف الشديد، أمام الأسى الذي أمرّهم وأغضبهم. هؤلاء المحتجون -في الجملة- على حقّ، فعضو مجلس الشورى في النهاية هو ممثل الشعب لدى الدولة، وهو الملزم بأخذ قضايا المواطن السعودي وتبنيها أمام الدولة، وقضية المطالبة برفع سعر الخبز في هذا الوقت، مطالبة جانبها الصواب تماما. وأتعجب كيف تغيب الأوضاع التي عليها مجتمعاتنا الخليجية مع انخفاض سعر البترول على هذا العضو، وكيف لم يرَ شدّ الحزام الذي تقوم به الدول بسبب تأثيرات ذلك على ميزانياتها، ما جعلها تتخذ حزمة إجراءات اقتصادية ستؤثر من قريب أو بعيد على دخل المواطن، وعضو الشورى أتى على أهم وأغلى سلعة لدى كل الشعوب عبر التاريخ، ليطالب برفع سعرها، ويوجع المواطن في لقمته، ويفجعه في آن واحد.بالتأكيد أن مسألة تعيين أعضاء مجلس الشورى أعادها الناشطون والحقوقيون عقب هذه الحادثة، وكرّروا الحجة المنطقية: "طالما أن هؤلاء الأعضاء معيّنون، فلن يروا إلا مصلحة من عيّنهم، ومغازلته والتزلف له أملا بتجديد عضويته. عكس لو كان منتخبا، فإنه سيراعي المواطن الذي أوصله لهذا الكرسي، ويتبنى بجدية تامة مطالبه، ويدافع عنها، أملا هذه المرة في رضاه، وكسب صوته أخرى، فوجوده في هذا المنصب إنما هو بفعل صوت هذا المواطن".ليتكم تدخلون على محرك البحث "جوجل"، وتبحثون عن بعض مطالبات ممثلي الشعب من أحبتنا أعضاء مجلس الشورى السعودي، وستلجمكم النتائج وستدهشون، واقرأوا كنموذج هذه العناوين السريعة:- عضو "شورى": غير راض عن الزيادة الحالية للبنزين.. ويجب رفعها للأسعار العالمية- عضو شورى يطالب بحجب مكافآت طلاب الجامعات- عضو شورى يهاجم الكاتب عبدالحميد العمري.. ويطالب «المجلس» بحجب مقالاته- عضو بمجلس شورى يطالب بعمل السعوديات في البقالات- عضو شورى يُطالب بالسماح للمرأة بقيادة "الدراجة"- عضو شورى يؤكد على عدم إلزامية الدولة بتمليك السكن للمواطنمن الإنصاف أن نشير إلى أن ثمة مطالبات عديدة لأعضاء آخرين كانت تصب في صالح المواطن، وهو المطلوب من عضو الشورى لو فقه واجبات الكرسي الذي يجلس عليه في تلك القبة الشهيرة.وقبل أن تأخذنا الحماسة لقضية الانتخاب، وتعليق الآمال بأنها الحلّ الأمثل لإيصال صوت المواطن، فإننا في المقابل تابعنا بكثير من خيبة الأمل عضوين منتخبين من أعضاء مجلس الأمة الكويتي في الأسبوع الأول من رمضان هذا العام، وهما ينهالان بـ"النعال" على أحد النواب المعترضين، في مقطع يجعل مثلي يحوقل طويلا على حال هذا المجلس الذي كان فخر الكويت لعقود طويلة.وبالمناسبة، لمجلس الأمة الكويتي المنتخب تاريخ مجيد أيضا في هذه "الهوشات" الجماعية، والاشتباكات بالأحذية والعُقل، من سنوات طويلة كانت للأسف عقبة كأداء أمام انطلاق مسيرة التنمية فيها، وتأخر الكويت الحالي إنما هو بسبب مجلس الأمة المنتخب أعضاؤه، وإن كان للمجلس بالتأكيد دور فاعل في إيقاف صفقات أسلحة وغيرها من الصفقات التي شابها الفساد الكبير، بل وقدم شخصيات كبيرة لها نفوذها من الأسرة الحاكمة للمحكمة، وكشف بشجاعة وجسارة تورط هذه الشخصيات في قضايا الفساد، ولا ننسى دور مجلس الأمة التاريخي عقب موت أميرها الراحل جابر الأحمد، وحسم هوية أمير الكويت لصالح أميرها الحالي صباح الأحمد على حساب ولي عهدها سعد العبدالله الصباح وقتذاك، وجنب الكويت الحبيبة أزمة حكم حادة، كادت تعصف بالعائلة الحاكمة.لو خرجنا من العباءة الخليجية، وذهبنا للبرلمان المصري، نتذكر حادثة قريبة لعضو البرلمان أحمد الطنطاوي الذي دخل للقاعة وهو يلبس "تي شيرت"، وبعدها حادثة ضرب توفيق عكاشة "بالجزمة"، ولا تملك إلا أن تضحك من حوادث البرلمان المصري التي لا تنتهي، لأتحول معكم إلى برلمان الأردن الذي شهد اشتباكا بالأحذية وتبادل النواب اللكمات والضرب، وانتهى في الجلسة التالية أن أطلق عضو برلمان النار من رشاش -هرّبه لداخل المجلس- على زميله الذي تعارك معه في الجلسة الأولى.أتمنى على كل الأحبة الحقوقيين المنادين بالانتخاب، الدخول على محرك البحث، وكتابة الجملة: "برلمانات العالم: اشتباكات.. ومطاوى.. وقنابل مسيلة للدموع"، ستهولكم مقاطع الفيديو والأخبار عن برلمانات كل العالم، والمعارك الضارية التي تحصل داخلها، في تأكيد لمثلي أن هؤلاء لا يمثلون واجهة حضارية لبلد يريد التنمية والصعود في ترتيبها العالمي بسلم الحضارة الإنسانية.أتصور أنه آن الأوان، ونحن نعيش مرحلة "رؤية السعودية 2030"، والتي أصرّ فيها على الأمير الشاب ولي ولي العهد محمد بن سلمان، الذي قاد المبادرة بشجاعة لافتة، أن تواكب هذه الرؤية شهود مرحلة انتخاب نصف أعضاء مجلس الشورى السعودي، وتعيين النصف الآخر من ذوي الكفاءات التي تحتاجها الرؤية الواعدة، وبذلك حققنا الهدف باستبعاد الأعضاء المتزلفين "إياهم"، وإيصال من يمثل صوت الشعب وينوب عنه، والذي يختاره بنفسه ويوصله لقبة الشورى، وفي ذات الوقت، تقوم الدولة بإيصال التكنوقراط الحقيقيين الذين يثرون المجلس في المجالات التي تحتاجها الرؤية.كلنا خلف الأمير الشاب في هذه الرؤية الواعدة، بيد أن توسيع مجال الحريات في الإعلام وحقوق الإنسان ومشاركة الشعب في الرؤية ستقفز باحتمالية النجاح لمؤشرات أعلى.

1597

| 20 يونيو 2016

محمد علي كلاي..أيّ بطل وحكيم أنت؟!

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); "كرهت كل لحظة من التدريب، ولكني كنت أقول (لا تستسلم)، اتعب الآن، ثم عش بطلا باقي حياتك". محمد علي. تملكتني الدهشة وأنا ألج عالم الملاكم الأعظم الذي توفي في بحر الأسبوع الفارط، أن الرجل بالإضافة لكونه أسطورة في عالم الملاكمة؛ يزخر قاموسه بالكثير من الحكم والفلسفة العميقة بالحياة والدين، وتعجبت أننا كمسلمين- لم نستثمره في الدفاع عن الإسلام بالغرب، وهو القامة السامقة التي تحترمه النخب الغربية، وربما نظرة فاحصة لأولئك الذين حضروا جنازته من نجوم السياسة والرياضة والفن؛ لتشي بالمكانة الكبيرة التي كان عليها محمد علي.كنا ونحن أطفال، عندما نلعب مع أسناننا ولداتنا لعبة الملاكمة، نتسابق للتسمية باسمه، من فرط كارزميته إذاك، رغم أننا لم نتابعه ولم نعرفه، ولكن شهرته طغت في كل العالم، وخلال هذا الأسبوع طالعت الكثير من التقارير والمقالات ومقاطع اليوتيوب عن حياة الرجل، ودخلت عالمه بشكل كبير، ولربما ما جعلني أتسمّر وأقف مذهولا أمام قوته وعظمته ما فعله مع خصمه الملاكم إيرني تيريل، في الوقت الذي هاجمته الصحافة الأمريكية بسبب موقفه من الحرب في فيتنام، وكان المجتمع الأمريكي في غالبه ضده، ومورست عليه ضغوطات إعلامية ونفسية صعبة قبل تلك المباراة الحادة.كان تيريل وقتذاك بطل العالم، وهو ملاكم فارع الطول لم يهزم على مدار خمس سنوات، ووقتما حددت المباراة بينه وبين بطلنا محمد على في هيوستن عام 1967، قام بإهانة بطلنا مناديا إياه باسمه القديم "كاسياس كلاي"، مكررا ذلك في كل المناسبات، وقائلا: "أريد تعذيبه بالضربة القاضية"، وشاهدت في مقطع الفيديو الخاص بهذه القصة لقطات لذلك الملاكم الضخم الممتلئ قوة، وهو يوجه الإهانة تلو الإهانة، ومستهزئا ببطلنا، بل وغنى أغنية ساخرة، مكررا ذات الاسم القديم عليه، مما جعل محمد علي مصممًا على الانتقام، ليس لنفسه فقط، بل لأن السخرية طالت الدين الإسلامي، ووجه لتيري جملته الشهيرة في أحد اللقاءات التلفزيونية: "لم لا تناديني باسمي يارجل؟، لم أقل لك إن اسمي هو كلاي، وإنما اسمي هو محمد علي. سأعاقبك وأجعلك تنطق اسمي الحقيقي داخل الحلبة".أدعوكم أن تتابعوا تلك القصة المؤرخة بلقطات فريدة تعكس شخصية محمد علي، الذي وبعكس كل مبارياته التي يبدأ بها مدافعا، حتى ينهك خصمه وهو يوجه له الضربات، ثم ينقض عليه في الجولات الأخيرة بعد أن تخور قواه. في هذه المباراة بدأ بهجوم ضارٍ على تيريل، وفي كل لكمة يوجه له السؤال: ما هو اسمي..ما هو اسمي؟، وبالفعل وفي الجولة السابعة من المباراة بدأت الدماء تسيل من وجه تيريل. وفاز محمد علي بتلك المباراة، ووصف النقاد المباراة بأنها "واحدة من أبشع معارك الملاكمة"، وظني أن محمد علي لم يكن يواجه تيريل، بل كل المجتمع الأمريكي الذي وقف ضده وحاربه، وبفوزه في تلك المباراة أجبر تيريل وكل الغرب على مناداته باسمه الجديد. وأجاب بطلنا حيال تلك القوة والقسوة على خصمه: "أنا لم أكرهه. لم أحبه ولكني لم أكرهه. ولكنه لم يكن يمزح بشأن اسمي. كان يتعمد الإهانة وأنا لا أقبل الهزل فيما يخص ديني واسمي".معظم الذين أسلموا من ديانات أخرى، تعجب من فعل الدين والإيمان بهم، فالرجل ثبته الله تعالى على الإسلام، وكان يقول في حدث خيري يحمل اسمه عام 2011، حيث بلغ السبعين من عمره: "أعتقد أن الشلل الرعاش الذي أعاني منه، ربما يكون تذكيرا من الله لي بما هو أهم"، كانت هذه الجملة تمثل فلسفة كلاي في مواجهة الحياة. تذكرت هنا مايك تايسون الملاكم الفذ الذي أسلم وتسمى بـ مالك عبدالعزيز، وقتما بكى في الروضة الشريفة بالمدينة المنورة، وقال: "هي بالفعل كانت أجمل اللحظات، يومها بكيت لأكثر من ساعة ونصف أثناء وقوفي أمام قبر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنا أرفع يدي مبتهلًا بالدعاء للعلي القدير في الروضة الشريفة، وما زلت أذكر كيف بقيت أصلي ساعة كاملة وكيف تلوت يومها القرآن الكريم وكيف تضرعت إلى الله عز وجل..لم أستطع مقاومة دموعي عندما جئت لواحدة من حدائق الجنة".وقبلهما لاعب السلة العالمي كريم عبدالجبار وهو يقول: "الإسلام نقلني من العبودية إلى الحرية".وأتساءل: ألا يمكن لنا، والإسلام اليوم يتعرض لتشويه كبير اليوم من قبل الجماعات المتطرفة، أن نستثمر هؤلاء النجوم العالميين الذين أسلموا، في تحسين صورة الإسلام في الغرب؟ هناك قائمة كبيرة من المشاهير في عالم الرياضة، سواء كانوا مسلمين أصلا أو أسلموا، من المهم استثمار شعبيتهم لإبراز صورة ديننا المشرقة، وكم تعجبت من تلكم الجمل العظيمة التي كان يقولها الملاكم الأعظم محمد علي تجاه الإسلام وما فعله الإيمان به.هؤلاء يحظون بكثير من التقدير والحب في مجتمعاتهم، ولا أدل على ذلك مما فعله الحبر اليهودي الأمريكي (Rabbi Michael Letner) الذي فجر أعظم مفاجأة في حفل تأبين محمد علي، وأعلن تضامن اليهود الأمريكيين مع المسلمين ضد ما يواجهونه من دعوات عنصرية، ومع الفلسطينيين ضد الاضطهاد الإسرائيلي، وليت هناك جهة رسمية كرابطة العالم الإسلامي، تنبري لاستثمار هؤلاء النجوم المسلمين."لدينا حياة واحدة، وعما قريب ستصبح من الماضي، وما نعمله لله هو الذي سيبقى". محمد علي.

1209

| 13 يونيو 2016

إيران تكتب تأريخنا الإسلامي عبر السينما

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); اعتدنا في الساحة الفكرية السعودية بالنصف الأخير من شعبان في كل عام؛ أن نشهد سجالات ساخنة جدا حيال الدراما التي ستعرضها القنوات الخليجية برمضان، ولكن هذا العام لم نشهد أيا من تلك المعارك التي تجأر فيها الأصوات بالويل والثبور، ويعلو الصخب بين الفرقاء، وفي النهاية تحصل تلكم القنوات على ما أرادته من دعاية مجانية، لو أنفقت الملايين لما تحصّلت على دعاية جعلت برامجها حديث الناس من خلال الجدل الذي يقدمه لها معارضوها.هنا فرصة للحديث بهدوء حيال مسألة الدراما والأفلام السينمائية التي يقف منها غالب أحبتي الدعاة والعلماء موقفا معارضا، والمسألة عندي أن تلكم المسلسلات التاريخية والدينية والقيمية التي أدعو لإنتاجها؛ لم تعد أيضا خيارا، يمكن غض الطرف عنها والانصراف، فيما خصومنا امتطوا هذه الوسيلة العصرية المؤثرة في الأجيال، وباتوا ينتجون الأفلام تباعا، ويصوغونها برؤيتهم المخالفة لرؤيتنا بالكامل، ويتأثر بها كل من يشاهدها.إيران اليوم باتت متقدمة في مجال السينما، التي تشارك بها عالميا. موقع "bbc" الشهير يعنون في تقرير له: "السينما الإيرانية تسرق الأضواء في المهرجانات العالمية"، ويورد أن المهرجان الذي يقام للاحتفال بذكرى الثورة الإسلامية عام 1979، يحظى بشعبية كبيرة في قائمة المناسبات الثقافية في طهران ويعرض أفلاما لمخرجين إيرانيين ودوليين.إيران أنتجت فيلما سينمائيا عن نبينا محمد صلي الله عليه وسلم، ودعمته الحكومة الإيرانية، وكانت تكاليفه حوالي 40 مليون دولار، ومن قبل هذا الفيلم أنتجت أفلاما عن أنبياء الله يوسف وأيوب وسليمان عليهم صلوات الله، فضلا عن سيدنا عليّ بن أبي طالب وابنه الحسن رضوان الله عليهما، وبالطبع هنالك أفلام درامية عامة، تنتج كل عام، وتشارك بها إيران في المهرجانات العالمية، وتحقق حضورا جيدا، مما جعل الناقد المغربي حسن بن شليخة يكتب في "تايم مجازين" الأمريكية: "في الوقت الذي نجد فيه الدول العربية ولاسيَّما الخليجية منها والتي تطل على سواحل إيران تستنسخ المركبات الرياضية العملاقة وناطحات السحاب الشاهقة وتتباهى بها. نجد إيران تستثمر في الثقافة والفكر والفن الذي يرفع من شأن شعبها. فالإسمنت لا روح له سيما إذا بنته أياد أجنبية بينما الثقافة تحمل تعريفا للمجتمع". ويضيف الناقد المغربي في مقالته التي رصدت حراك السينما الإيرانية، وكيف أن الحكومة الإيرانية تقوم بدعم المخرجين الذين يترجمون فكرها ومبادئها: "في الوقت الذي نجد فيه المخرج المبدع العربي يقف لوحده في عراك مستميت لإنتاج فيلم واحد. وربما الانسحاب بعد ذلك من الساحة الفنية إلى الأبد. نجد إيران تتخذ إستراتيجية تلقي بكل ثقلها المادي والمعنوي وراء مخرجيها، وتجعل من السينما نافذة يطل عبرها الشعب الإيراني على العالم، بقصد التواصل مع الثقافات والحضارات الأخرى"..أعرف أن لدينا في الخليج والسعودية تحديدا "فوبيا" تجعل من مفردة "سينما" غولا، نقف له بالمرصاد، دون تمعن في مطالبات أمثالي، ممن يريدون من ذوي التوجه المحافظ أن يستثمروا في مجالات الدراما والسينما، ويمرروا رسالتهم ومبادئهم عبر أقوى الوسائط تأثيرا في عالم اليوم، وتعتريك مشاعر الأسى والأسف عندما نساط بأقلام بعض إخوتنا مشككين في دوافعنا، ونحن نطالب بامتطاء التيار المحافظ في الخليج؛ فيما عدونا التاريخي الفارسي يتقدمنا أشواطا وبمسافات ضوئية، ويمرر كل معتقداته عبر هذه الوسائل التي يأتيها المتلقي بملء إرادته، ويتشربها كاملا بطريقة غير مباشرة.دعوني أدلل على هذه النقطة التي انتبه لها الشاعر والكاتب المغربي محمد الشركي، وكتب مقالة بعنوان: "الفيلم الإيراني يوسف الصديق خليط من الإسرائيليات والمعتقد الرافضي"، حيث انتبه لما سقته للتو، من تمرير المعتقدات عبر الحبكة الدرامية، وكتب: "ولقد صادفت النياحة المنسوبة لنبي الله يعقوب الهوى الشيعي لمخرج الفيلم الإيراني، فنسب النياحة لنبي الله يعقوب بهتانا، وكانت لقطات النياحة فرصة لتمرير طقوس النياحة الرافضية إلى المتفرجين أو تذكيرهم بها، وهي نياحة على مقاس ما جاء في العهد القديم من بكاء وعويل وشق للثياب مما نعانيه في المناحات الشيعية عند ما يسمى بالمزارات".لن أنسى قبل 3 أعوام وأنا في بلاد آسيا الوسطى، كيف أن الساحة الشرعية في أوزبكستان انشغلت بمسلسل "عمر الفاروق" الذي أنتجته مجموعة "mbc"، وكيف تأثر المشاهدون وبكوا كثيرا، وكانت الدبلجة باللغة الروسية، مما يدعوني هنا أن أوجه نداء لأثرياء الخليج، من أولئك الذين يحملون الهمّ الرسالي، بالاستثمار في السينما وإنتاج أفلام تمثل رؤيتنا المحافظة، وتمرر جلّ معتقداتنا، وتصوغ تأريخ رموزنا من أنبياء وصحابة وعلماء عبر رؤيتنا نحن، لا أولئك الكارهين لهم، فالدراما اليوم تكتب التاريخ، والأجيال تتلقاها عبر التلفاز أو شاشات السينما العريضة لا الكتب، ومن المعيب أن يطالع العالم سيرة الصحابة رضوان الله عليهم أو الأنبياء صلوات الله عليهم برؤية أخصامنا من منحرفي العقيدة، ولا نملك سوى إصدار الفتاوى بالتحريم والشجب والاعتراض، فيما القوم أودوا بالإبل.الدراما السينمائية وسيلة عصرية مؤثرة، امتطاها الصفوي ليكتب تأريخنا الإسلامي برؤيته، ويمرر عبرها معتقده، وهي اليوم ساحة من ساحات الحرب والمواجهة معه.

815

| 06 يونيو 2016

"الفلوجة".. بين الكابوي الأمريكي وجور بعض قومنا

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بكثير من الألم كنت أتابع ما يحدث من مجازر لأهلنا في "الفلوجة"، وآلمتني تلكم المقالات والتغريدات لبعض قومنا وهم يهللون ويجأرون بدعمهم لميليشيا قاسم سليماني الصفوية التي تقود الهجوم على أهل السنة في "الفلوجة"، متكئين إلى أن الهجوم إنما هو على "داعش". انصرفت – وأنا بهذا الألم لما يحدث لأخوتنا هناك- إلى موعد لي مع مراسل أمريكي بارز، يعمل لإحدى كبريات الصحف الأمريكية، يعدّ تحقيقا عن الدين والتيار الديني بالسعودية، ووقتما وصلته في ردهة الفندق الذي يقيم فيه، بادرني بالشكوى من عدم تجاوب بعض الرموز الدينية بالسعودية معه، ولأنني في قلب هذا الميدان من ربع قرن، أجبته بكل الصراحة حيال هذا العزوف من لدن الدعاة والمشايخ عن المشاركة معه وغيره، وقلت له بأن أقوى الأسباب لديهم، شكّ هؤلاء في كثير من المراسلين الغربيين الذين انفلتوا للمنطقة، أنهم عملاء استخبارات ومراكز تجسس، أتوا ليتلقطوا الأخبار والمواقف تحت غطاء مراسلين.الأمر الثاني بأن معظم هؤلاء المراسلين، يجيّرون مشاركات هؤلاء الرموز الدينية معهم ضمن إطار توجّه الصحف التي ينتمون لها، فتأتي المشاركة مبتورة لا تعبّر بشكل صحيح عن رؤيتهم الحقيقية، وبالتالي فقد اسُتخدموا غطاء باهتا، لوجود شاحب للرأي الآخر الذي يزعمون.بادرت هذا المراسل الإعلامي، وقلت له أنت كأمريكي في قلب الحدث، كيف تقرأ موقف الولايات المتحدة لما يحصل في "الفلوجة" اليوم؟ أجابني ابتداء أن رأيه يمثل نفسه فقط، ولا يمثل حكومته، وأن هذا الهجوم على "داعش" هو ما ترغب فيه الولايات المتحدة، سواء كان عن طريق الحكومة العراقية أم الميلشيات الشيعية. جبهته وقتها محتدا -ببراءة مصطنعة- مستفسرا: "ولكن أين هي شعارات حقوق الإنسان التي ترفعها بلادك، وأين تلك المبادئ التي تقوم عليها الولايات المتحدة من نشر الديمقراطية والدفاع عن الحقوق والوقوف ضد الديكتاتورية؟"، أجابني المراسل الأمريكي بكل سرعة وصراحة: "تلك مثاليات يا أخ عبد العزيز، ولا تعني سوى الشعب الأمريكي فقط، نحن هنا لمصالحنا ومصالحنا فقط".أكمل المراسل الأمريكي حديثه الصريح، الذي استأذنته بالطبع أن أنشره، ورجاني عدم نشر اسمه منعا للحرج، وقال:"أنتم تحمّلون حكومة الولايات المتحدة ما يحدث في المنطقة، فعندما كنا هنا، وضحينا بجنودنا من أجل استتبات الأمن، قمتم علينا احتجاجا، وعندما رحلنا وتركنا المنطقة، جأرتم بالشكوى بأننا تركنا المنطقة"، بالطبع لم تفت على تلك المغالطة الفاقعة، وقاطعته:"الولايات المتحدة هي من أحدث هذه الفوضى في العراق والمنطقة، إذ سلمت إيران والشيعة مفاتيح العراق، ولم تقم بالتوازن المطلوب بين الطوائف هناك، ولو فعلت ذلك التوازن، لما كنا في هذه الفوضى التي تضرب المنطقة بأسرها".كان الحوار مع الرجل شفيفا، إذ تمتع بالصراحة الكبيرة ليقول لي:"أنتم تكبّرون موضوع التعاون مع إيران، وتصوّرون بأن الولايات المتحدة غدرت بكم في السعودية والخليج عندما أبرمت الاتفاق النووي، رغم أنها في النهاية لصالحكم"، وبذات البراءة المصطنعة قلت له:"كيف تكون لصالحنا وأنتم أعطيتم لإيران شرعية بحصولها على السلاح النووي بعد 15 عاما، وفككتم عن العدو التاريخي لنا العقوبات الاقتصادية، في الوقت الذي نحن في ساحة حرب معها على طول أربع جبهات، ونحن الذين تربطنا بكم علاقات وثيقة وإستراتيجية على مدى خمسين عاما، لنفاجأ بهذا الاتفاق الذي أتى من وراء ظهرنا، وتقوم الآن لتصوره لنا بأنه لصالحنا، وبأن المسألة بسيطة جدا، وألا منطق في غضبنا من موقفكم؟"، رد الرجل:"دعني أقول بصراحة، من أنتم لتهتم بكم الولايات المتحدة، رجل الشارع الأمريكي لا يرى فيكم إلا النفط والإرهاب فقط".هذه رؤية الأمريكي الحقيقية لنا، والقوم هناك متطبّعون بهذا الطابع الميكافيلي الذي لا يرى إلا مصلحته، وفقط مصلحته، بالطبع لم يفتني أن أسأل الرجل عن توقعاته حيال مستقبل السعودية، سيما وأنه ملمّ جدا بالحراك الذي يجري فيها، ويتحدث بطلاقة كبيرة اللغة العربية، فأجابني: الرؤية التي تحدث بها ولي ولي العهد محمد بن سلمان واعدة جدا، وتنم على تحرك فعلي لدى القيادة السعودية، ولكن يظل الرهان لمتابع مثلي حيال التنفيذ، لو تحقق 70 أو 80% من الرؤية لاعتبرت ذلك مؤشرا عاليا للنجاح، ولننتظر معك.ودعت الرجل، وعدت لأتابع ما يحصل في الفلوجة التي يهلل لما يحدث فيها بعض قومنا، وأقرأ تصريح قائد الفيلق الذي يهاجم الفلوجة اليوم والتابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، مهاجما السعودية ومتوعدنا بـ"الهزيمة" في اليمن، وأصفق كفا بكف وأنا أردد:"على الأقل، إن لم تنصروا الضعفاء من النساء والأطفال السنّة في العراق، يسعكم السكوت والصمت، لا أن تناصروا هذا الصفوي الحاقد الذي يهاجم بلادنا جهرة، ويتوعدنا بالهزيمة".بالتأكيد أن وجود "داعش" في "الفلوجة" اليوم، سبب ارتباكا أمام كثيرين لنصرتها، ولكننا ننظر للغالبية العظمي من النساء والأطفال والكهول الذين لا حول لهم ولا قوة فيما يحدث من مجازر من قبل الميليشيات الشيعية المتطرفة، ولابد للسعودية ودول الخليج من موقف حازم وصريح حيال هذا الاعتداء على أهلنا في "الفلوجة"، كي لا تظفر "داعش" بالدعاية التي ترددها، أنهم حماة السنّة الوحيدون في العالم بما يروجون.الجماعات المتطرفة التي تتصارع في "الفلوجة" اليوم، إنما صنعها الأمريكي ومكّن لها، وهو يتفرج علينا اليوم من كرسيه الهزاز وقد أرخى قبعة الكابوي القبيحة وأشعل غليونه النتن.

1097

| 30 مايو 2016

لمواجهة الصفوية..أطلقوا العمل الدعوي

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قلت لسائق السيارة التي استأجرناها في جزيرة "لُـمبوك" بإندونيسيا، ونحن في هزيع الليل الأوسط: ما بال أصوات المساجد تهدر في هذه الساعة بالأدعية والقرآن، ونحن صلينا العشاء من زمن؟ أجابني بأنها ليلة النصف من شعبان، والقوم هنا يحيونها بالذكر والقرآن في المساجد. وبادرني بالسؤال إن كنت أريد حضور هذا الذكر الإيماني، ازدردت ريقي وأجبته إجابة عامة، ولم أرد أن أفصح له؛ أن تخصيص هذه الليلة بالذكر بدعة عندنا، فمجرد مواظبة جماعته على الصلاة أفضل عندي من أن يتنصّروا أو يتصفونوا. كانت لمقالتي "إندونيسيا..حوثيون جدد" الأسبوع الماضي؛ تفاعلات كبيرة والحمد لله، خمنت أن السبب الرئيس فيها؛ الشعور العام بتداعي الغرب والعالم على أهل السنّة، وكفّ أيديهم في مسائل الدعوة والإغاثة والعمل الإسلامي بعمومه، ومحاسبتهم على كل ريال ينفق في مساعدة إخوانهم، وانحياز الأمريكي -والغرب معه- للعدو التاريخي الفارسي، الذي امتطى المذهب الشيعي لينفّس عن شعوبيته الحاقدة، وقد مكنه الغربي في بلاد العراق والشام، وأطلق يده بلا حسيب ولا رقيب في كل ما يريد فعله لترويج صفويته العفنة بالعالم كله.ما زلت أؤكد أن مواجهة هذه الصفوية التي تجتاح العالم الإسلامي، بتكتيك وخطط ممنهجة، ترعاها السفارات الإيرانية، وتقدم الملايين تلو الملايين لزرع الصفوية في آسيا وإفريقيا؛ هي ضرورة سياسية، عينية الفرض وليست خيارا، وأن مواجهتها اليوم، ولمّا تتفتق تلكم الخلايا الصفوية -التي زرعت خلال السنوات العشر الماضيات- من شرنقاتها الفاسدة؛ أسهل بكثير جدا من مواجتهها وقتذاك، ومن العقل وبُعد النظر، أن نُسلكها ضمن معركة عاصفة الحزم التي فككنا ونفكّ بها اليوم الطوق الإيراني عن الخليج والسعودية.تذكرت وأنا في هذه الجزيرة التي اطمأنت نفسي فيها، وشعرت بكثير ارتياح وأنا أطالع المآذن تهتز بالأذان في أوقات خمس، وأرى الفتيات الإندونيسيات -في غالبهن- يرتدين الحجاب، وأنّى تلفت أجد الطابع الإسلامي يغشى الجزيرة؛ استراتيجية للعمل الإسلامي أمر بها مليكنا الحبيب عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله، وشارك كاتب السطور في بعض جلساتها وورش عملها، حيث صدر أمر سامٍ في العام 1428هـ يتضمن تشكيل فريق عمل من المتخصصين والأكاديميين في المجالات الشرعية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والقانونية والإدارية والمالية والأمنية لوضع استراتيجية للعمل الإسلامي للسعودية في الخارج، وتمت صياغة الخطة التنفيذية من خلال لقاءات واجتماعات عصف ذهني وورش عمل وحلقات نقاش عقدت في كل من مكة المكرمة والرياض والطائف على مدى ستة أشهر من العام 1430 هـ، وتوزعت على تسعة مسارات، هي: مسار الدعوة، ومسار التأهيل والتدريب، ومسار الإغاثة، ومسار تأهيل القيادات، ومسار التخطيط والتطوير، ومسار الأمن الفكري للشباب السعودي، ومسار الإعلام، ومسار السياسة، ومسار الشراكات.إن لم تخني الذاكرة فإن الاستراتيجية كانت بإشراف د. عبد العزيز العمار وكيل وزيرة الشؤون الإسلامية، وأدارها الصديق أ.د. عصام فيلالي، وشارك فيها العشرات من المتخصصين أبرزهم معالي الشيخ سعد الشثري، ومعالي وزير الشؤون الاجتماعية السابق يوسف العثيمين، ود.جميل مرداد السفير في وزارة الخارجية، ود. عبد الله اليحيى وكيل وزارة العدل، ود. عبدالرحمن المخضوب وكيل وزارة الداخلية المساعد، وممثلون عن الاستخبارات السعودية، وثلة كريمة من المتخصصين؛ بلوروا خطة متكاملة للعمل الإسلامي في الخارج.كم أتمنى على المحمدين، محمد بن نايف ومحمد بن سلمان، وهما عضدا مليكنا الحازم سلمان بن عبدالعزيز، ومن يقودا المسيرة المضيئة للمملكة اليوم؛ أن يطّلعا على هذه الاستراتيجية، ويُعيدا صياغتها بما استجد اليوم، وليُطلقا العمل الإسلامي للمملكة التي تشرئب أعناق المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن تتألق أخرى، وتزيح هذا الصفوي الانتهازي، الذي تسلل خلسة وملأ مكاننا في دول العالم الإسلامي، مستغلا ما كبلنا به الغربي، وضيّق علينا مساحات الدعوة والعمل.أهل هذه الجزيرة المحافظة على إسلامها "لُـمبوك"، عندما يستمعون لحديثي وصديقي بـاللهجة السعودية، يقبلون مستبشرين باسمين، والنساء يلقين السلام باللغة العربية، ومجموعة منهن عملن لدينا، ورغم كل ما قيل عن العمالة المنزلية الإندونيسية، إلا أنها أفضل عمالة صمدت وتلاءمت مع البيئة السعودية ومزاج نسائنا الصعب. أذكر هذا لكي نعرف مكانتنا -كشعب ودولة- في قلوب المسلمين السنة، ويقينا أن ما نلقاه هنا في إندونيسيا الحبيبة؛ يتكرر في كل دول العالم الإسلامي، لأننا ننتمي للأرض التي تحتضن الحرمين الشريفين، وللدولة التي هي أسّ ورأس العالم الإسلامي، وهذه -لعمرو الله- من القوى الناعمة التي نتوافر عليها كدولة، ويجب علينا استثمارها في هذه المعركة مع الإيرانيين.جزيرة "لُـمبوك" الساحرة التي أكتب هذه السطور منها، هي إحدى جزر الأرخبيل الإندونيسي الذي يقدر جزره بحوالي 17560 جزيرة، وهي تتباهى بأنها جزيرة الألف مسجد، لترد على جارتها جزيرة "بالي" الشهيرة، التي كانت تتباهى بأنها جزيرة الألف معبد بوذي، وأتمنى على كل الدعاة الذين يأتونها مراعاة خصوصية هذه الديار، وعدم الانشغال بالجزئيات المختلف عليها، فالإعلام العالمي لم يقصر تجاهنا، وشيطن "السلفية" للأسف الشديد، وأكملتها "داعش" المتطرفة، التي تنتسب زورا وبهتانا للسلفية، وباتت صورتنا للأسف مرادفة للتشدد والإرهاب.أطلقوا العمل الإسلامي الدعوي، لإيقاف هذا الصفوي المتسرطن في دول العالم الإسلامي، أطلقوه اليوم قبل أن نندم، ولات ساعة مندم.

3304

| 23 مايو 2016

محمد بن سلمان ..الوعد: 2030 م

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قلت للصديق العتيد عقب متابعتي لحديث الأمير الشاب محمد بن سلمان لقناة "العربية" الاثنين الماضي: "اليوم أنا أكثر تفاؤلا من أي وقت مضى بمستقبلنا". ردّ مباشرة: "وما يدريك أنها ككل القرارات السابقة التي كنا نهلل لها، ودونك المدن الاقتصادية كمثال واحد من عشرات الأمثلة التي هللت لها الصحافة وتفاءل المجتمع، وعقد الوطن عليها الآمال بتحقيق طفرة، بيد أنها الآن وبعد عشر سنوات وإنفاق مئات المليارات عليها، لم تحقق الحد الأدنى من النجاح، ولم نر المستثمرين من الخارج يتزاحمون في مطاراتنا بما أوهمنا الدباغ وقتها؟!". كان حوار ولي ولي العهد السعودي حديث المجالس الشعبية والنخبوية على حد سواء في السعودية، وكالعادة تباينت الآراء حيال الموضوعات التي طرقها سموه، بيد أن التفاؤل والأمل بالنجاح كانا السمة الغالبة، والحقيقة أن سموه بحضوره الفضائي كان شفيفا ذا كاريزمية ومقنعا في حديثه، وحقق شعبية كبيرة من هذا اللقاء، عبر إجابات لا تنقصها الصراحة، هي من كانت وراء الثقة والتفاؤل التي أقنعت الكثيرين بجدية الرؤية التي يتحدث عنها، وعزمه الأكيد على تحقيقها.قلت للصديق إن ثمة مرتكزات في حديث سموه جعلتني متفائلا بشكل كبير، فأهم مرتكز كان انحيازه للمواطن، وكررها لمرات عديدة، فعندما تحدث عن رسوم المياه والكهرباء، وقال له الزميل الخلوق تركي الدخيل بأن هناك من سيمتنع عن أداء الرسوم كالوزراء والأمراء، أجابه مباشرة: "سأبدأ بنفسي أنا". وأعاد الدخيل الكرّة عليه بقوله: "ربما سيتهربون". فردّ سموه بقوة وثقة وتصميم: "عليهم إذن أن يواجهوا الشارع".عندما يتساوى الجميع تحت مظلة النظام، التي لا تفرق بين أمير أو وزير أو مواطن من ذوي الدخل المحدود، ويقضى سموه على كل محاولات التحايل أو الازورار على النظام، بل وتجد يدا من حديد توقف هذا التحايل وتعاقب عليه، فثق أن فرص الرؤية ستتضاعف بإذن الله تعالى.غدا ستفرض رسوم الأراضي، وهي الاختبار الحقيقي فعلا لهؤلاء الهوامير الذين سببوا لنا مشكلة السكن والغلاء والبطالة في بلادنا، وعندما تطبق هذه الرسوم بحسب رؤية الأمير، بألا استثناء لأحد، والكل ينسلك تحت النظام، كبيرا كان أم صغيرا، أميرا كان أم وزيرا أم خفيرا، وأن العقوبة تنتظر من يحاول التحايل أو التلاعب أو حتى التقاعس عن تسديد الرسوم، وقتها سيشعر المواطن في هذا البلد أن هناك جدية حقيقية في حل المشكلة، وسيكون هذا المواطن العضد الأول لسمو ولي ولي العهد، وسيستمد سموه –بعد الله تعالى- قوته وعزمه من صوت كل الوطن المصطف خلفه الآن، وقد عقد عليه العزم والأمل بسعودية مشرقة.المؤشر الثاني لتفاؤلي بالنجاح، كانت تلك الشفافية العالية التي تحدث بها في الحوار. لم نعهد أبدًا هذه الشفافية ومحاسبة النفس عندما يقول –وهو وزير الدفاع- بكل تجرد: "من غير المعقول أن نكون ثالث أو رابع أكبر دولة في العالم في مجال الإنفاق العسكري، وتقييم جيشنا في العشرينيات". بل أكثر من ذلك، ينتقد البذخ والرفاهية في الجيش السعودي عندما يصرح: "بلا شك في خلل. لمّا أدخل مثلًا، قاعدة في السعودية، ألاقي الأرض مبلطة بالرخام، وألاقي الجدران مزخرفة، وألاقي التشطيب خمس نجوم. وأدخل قاعدة في أمريكا، أشوف المواسير للسقف، وأشوف الأرض، لا فيها لا سجاد ولا رخام، إسمنت محطوط وعملي" وينتهي سموه لقناعة بوجود "هدر في الإنفاق".الحقيقة أننا لأول مرة نستمع لمكاشفة قوية وتقييم صريح بهذا الشكل من مسؤول رفيع، وفي اتجاه الجيش، الذي يعتبر من التابوهات التي لا يمكن الاقتراب منها، أوالحديث عنه وعن صفقاته وعتاده، ومثل هذه المكاشفات والشفافية والنقد البناء، هي برأيي مرتكز مهم ومؤشر مضيء لنجاح الرؤية التي يتبناها سموه.إن كان مهاتير محمد وراء النهضة الماليزية، واليوم أردوغان في تركيا يحقق المعجزة التركية، وبجوارنا محمد بن راشد في دبي، فأنا اليوم أكثر أملا –بإذن الله وقوته- أن يحقق محمد بن سلمان المعجزة السعودية لعصر ما بعد النفط، التي تنبثق من قيم هذه الأرض التي نعيش عليها، وهي لعمرو الله تتوافر على أسباب نجاح عدة، وقد بدأ سموه الولوج من بوابة الاقتصاد، ككل تلك النهضات في بلاد العالم، ويقينا أن الانفتاح في الشأن السياسي والاجتماعي سيعقبان ذلك.من أهم وأبرز عوامل نجاح الرؤية برأيي، أن تنبثق من واقع خصوصينا المحافظة، ومكانتنا في قلب العالم الإسلامي، ومن يطالب بالتغيير القسري ومصادمة المجتمع في قيمه التي نشأ عليها، على أساس ألا نهضة إلا بالدهس على بعض تلك القيم؛ لهو مخطئ بالتأكيد، فمثل هذه المصادمة تشغل المجتمع في احترابات مضنية، تشتت الجهود وتفلّ العزائم وتضيع الهدف، ولو نظرنا في معظم المطالبات لوجدناها هامشية لا تقدم ولا تؤخر في صميم ما يتجه له سموه، والبعض منها يأتي بالتدرج كسنة كونية، لا داعي للمصادمة الحادة واللجج حيالها، في وقت نحن بمسيس الحاجة أن نصطف خلف هذا الأمير الشاب الذي يحمل طموح أمة وآمال وطن.أشار سموه في أحاديث صحفية لمسألة المتابعة والمحاسبة على الإنجاز، فبدونهما ستتباطأ المسيرة، والحمد لله أنها حاضرة بشكل رئيس في هذه الرؤية، ومن المهم أيضا أن يكون لدينا إعلاما حرا صادقا، فمثل هذه الرؤية تحتاج إلى السلطة الرابعة التي تقوم بمراقبة الأداء والكتابة عنها، وإن لم توجد مساحة لحرية إعلامية مسؤولة تواكب هذه الروح المتوثبة لدى سموه؛ فسيعتور الرؤية كثير من الخلل.كم كانت معبرة وقوية وداعمة تلك التغريدة من الأخ الأكبر محمد بن نايف ولي العهد السعودي، أبانت للوطن التناغم الفريد في العمل بين المحمدين، يترجمان رؤية سلمان بن عبدالعزيز لهذا الوطن، وأسكت سموه بتغريدته بعض اللاغطين من خارج بلادنا، الذين ولغوا بالزور والبهتان حيال الرؤية، فكانت تلك التغريدة المخرسة لأولئكم النفر، حيث قال: "أهنئ الوطن بإطلاق رؤية السعودية 2030 وأدعم عضيدي وأخي ويدي اليمنى محمد بن سلمان على هذه الرؤية الطموحة، حفظ الله ملكنا، وحفظ وطننا".النهضة السعودية لعصر ما بعد النفط، المنطلقة من خصوصيتنا المحافظة في بلد الإسلام، الوعد معها –بمشيئة الله- ومع بانيها محمد بن سلمان في 2030م.

749

| 02 مايو 2016

الولايات المتحدة والجيل الرابع من الحروب

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كان لافتا جدا، ذلك الفتور في الاستقبال السعودي للرئيس الأمريكي باراك أوباما عند زيارته الرياض بحر الأسبوع الفارط، والحقيقة أن الشرخ الذي أحدثه هذا الرئيس في العلاقات السعودية الأمريكية، هو من الضرر بمكان، جعل خبيرا إستراتيجيا كتركي الفيصل يتنبأ بأن العلاقات بين البلدين لن تعود كما كانت.تميز عصر أوباما بالانجفال الأمريكي في ساحات حرب عديدة، ولجأ بشكل واضح لما أسماه المتخصصون العسكريون بالجيل الرابع من الحروب، وقبل أن أدخل في مقالتي في تعريف مفهوم حرب هذا الجيل وملامحه، لابد من تعريف أجيال الحروب السابقة التي كانت تستخدم في المجال العسكري والتقني.يُعرّف المحللون الإستراتيجيون والعسكريون أجيال الحروب -كما في موسوعة "ويكيبيديا"- كالتالي: حرب الجيل الأول، يُقصد بها الحرب التقليدية بين دولتين لجيشين نظاميين، والخبير العسكري والكاتب الأمريكي ويليام ليند يعرّفها أنها الحروب التقليدية بين جيوش نظامية على أرض معارك محددة بين جيشين يمثلون دولا في حرب ومواجهة مباشرة.أما حرب الجيل الثاني، فهي الحرب الشبيهة بالجيل الأول من الحروب التقليدية، ولكن تمّ استخدام النيران والدبابات والطائرات بين العصابات والأطراف المتنازعة. في حين أن حرب الجيل الثالث يُقصد بها الحرب الوقائية أو الاستباقية، كالحرب على العراق مثلًا، ويصفها الخبير الأمريكي ويليام ليند بأنها طُوِّرَت من قبل الألمان في الحرب العالمية الثانية، وسميت بحرب المناورات، وتميزت بالمرونة والسرعة في الحركة، واستخدم فيها عنصر المفاجأة، وأيضًا الحرب وراء خطوط العدو.نأتي لمفهوم الجيل الرابع من الحروب، وتسمى أيضا الحرب غير المتماثلة والحرب غير المتكافئة، وقد اتفق الخبراء العسكريون بأن حرب الجيل الرابع هي حرب أمريكية صرفة طُوّرت من قبل الجيش الأمريكي، وأول من أطلقها في محاضرة علنية هو البروفيسور الأمريكي "ماكس مايوراينك" في معهد الأمن القومي الإسرائيلي، حيث عرّفها بنقاط مختصرة كالآتي: الجيل الرابع من الحروب هو الحرب بالإكراه، إفشال الدولة، زعزعة استقرار الدولة، ثم فرض واقع جديد يراعي المصالح الأمريكية.هناك من عرّف هذا الجيل من الحروب بـ: حرب نفسية متطورة للغاية من خلال الإعلام والتلاعب النفسي.والهدف من حروب الجيل الرابع هو إشاعة الفوضى في بلاد العدو المستهدف، وبدون تدخل عسكري من جيش البلد المهاجم إلا في نطاق ضيق جدا ومحدود، بل قد يسلط الشعب في مفهوم حروب الجيل الرابع على حكومته، أو يسلط الجيش على شعبه، أو تتخلى الشرطة عن مهمتها الأمنية والنظامية لتكون أداة للخوف وسبيلًا للفوضى!! وهناك من يعتبر الجيل الرابع من الحروب: "من أشكال حروب الغوريلا، تشنها فواعل من غير الدولة، وتحركها دوافع أيديولوجية أو الدين أو الانتقام أو شهوة السلطة".ولكن ما هي أدوات حرب الجيل الرابع هذا؟الحقيقة أن وسائل الإعلام بفرعيها الجديد والتقليدي هي أبرز أسلحة حروب الجيل الرابع، وعليها الاعتماد الكبير في تنفيذ كثير من مخططات الحرب وإنزال الهزيمة بالخصم، وإشاعة الفوضى والبلبلة في البلد المستهدف.هناك منظمات المجتمع المدني والمعارضة، حيث تستخدمها الولايات المتحدة لتحقيق غايتها، وتنفيذ مخططاتها بزعم دعم الحريات والديمقراطيات، وتقوم بتمويل بعض المنظمات وتسعى لحمايتها، للاستفادة منهم واستخدامهم في الوقت المناسب، ونتذكر فضيحة سعد الدين إبراهيم في مصر، وإعلانه الصريح بتلقي الدعم المباشر من الأمريكيين.يورد المتخصصون وسائل عديدة تلجأ لها الولايات المتحدة في حرب الجيل الرابع، منها العمليات الاستخبارية، والنفوذ الأمريكي الواسع سواء كان هذا النفوذ في العالم الافتراضي كالإنترنت على سبيل المثال أو غيره، حيث أنها تسيطر على وسائل الإعلام الجديدة من الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعي، وجميع وسائل التكنولوجيا. ومن الوسائل أيضا في هذا الحرب: تغذية الصراعات الداخلية وتأجيجها، حيث تستغل الاختلاف المتنوع لأطياف المجتمع الإسلامي العرقي أو الطائفي للاستفادة منه في تطبيق مفهوم الجيل الرابع، والعراق أصبح مثالا واضحا على الاستغلال الأمريكي للطائفية والنعرات القومية.من أهم أسلحة حرب الجيل الرابع هو حرب الأفكار وتغيير عقائد المجتمع وأفكاره، وربما كان وزير الحرب الأمريكي الأسبق دونالد رامسفيلد هو أول من أطلق شرارة (حرب الأفكار) ضمن ما أسمته أمريكا (الحرب على الإرهاب)، ونتذكر تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس وقتما قالت في صيف 2002م: "لا بد من اتباع أساليب الحرب الباردة نفسها ضد الشيوعية لمواجهة أفكار (الكراهية والموت) في الشرق الأوسط"، وقالت في مقالة لها: "إننا ضالعون في حرب أفكار أكثر مما نحن منخرطون في حرب «جيوش»". المقالة لا تتسع للحديث عن حرب الجيل الرابع التي اتبعتها الولايات المتحدة بنجاح، ونحن نمرّ اليوم في مجتمعاتنا العربية اليوم والخليجية بالتحديد بكثير من التحدي الذي يستلزم التبصر والتأني، وإعادة النظر في المواقف، والتكاتف مع القادة وولاة الأمر، واستيعاب الظرف الحساس، وتقديم الرؤية المتكاملة على الرؤية الجزئية، والصبر على جزئيات في مقابل الحفاظ على الأساسيات، كي نمرّر على أولئك القوم ما يريدونه من تمزيق للحمة الوطنية، وإحداث الشرخ المجتمعي لتعمّ الفوضى، وتختلف القلوب، وتتضاد الأفكار، ويستطيع العدو الأشقر من خلاله الانسلال، وتحقيق هدفه بالسيطرة علينا.على العلماء والرموز الشرعية والفكرية في بلادنا النظر للأبعد، وتفويت أي فرصة على المتربص الغربي، وقد أدركنا بعض أساليبه في تمزيق المجتمعات.

3862

| 25 أبريل 2016

تنظيم "هيئة الأمر بالمعروف"

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تروج في أدبيات طلبة العلم الشرعيين، خصوصا السلفيين منهم، مقولة: "لزوم غرز العلماء"، ويقصدون بذلك ملازمتهم والصدور عن رأيهم واتباعهم في كل خطواتهم؛ لتجنب الخطل والخطأ وزلات الأقدام والأقوال، وطبعا تساق المقولة وتشهر إبان سجالات مسائل العقيدة وفي أوقات المحن والهرج والفتن.رصدت ردة الفعل القوية من لدن المشتغلين في الساحة الفكرية الشرعية، حيال التنظيم الجديد لجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية، والذي أحدث جلبة –لا تزال تتصاعد- في أوساط العلماء والدعاة وطلبة العلم، الذين رأى كثير منهم في القرار تحجيما لعمل رجل الهيئة وتفريغا لمضمون رسالة الجهاز برمته، في مقابل مجموعة من أخصام الهيئة وعملها، الذين هللوا للقرار، وغردوا ابتهاجا بالتنظيم الجديد.دوما تكتنف الظنون وقراءة النوايا كل من يكتب في مثل هذه المسائل الحساسة، فإن وافق هوى الأغلبية الثائرة، كان هو الرمز والبطل الشجاع الذي استطاع قول الحق، حتى لو أدى ذلك إلى نتائج عكسية، وأحدثت فرقة وخللا مجتمعيا حادا، وتأسطر أصحاب تلك الأصوات الزاعقة أمام تلامذتهم، وهم الذين لم يراعوا فقه الإنكار، من حيث المكاسب والمفاسد ومصالح الأمة، ودوننا أمثلة طويلة حدثت في الساحة الشرعية المحلية المعاصرة، تكررت فيها مثل هاته الأخطاء، فيما تتوه أصوات الذين نظروا للأبعد، واستفادوا من أخطاء المراحل التي سبقت ورموزها وقتذاك، أمام غلبة المعارضين وسلطة المريدين وأصحاب الرأي الجانح.حمدت الله كثيرا، أن ردة الفعل في موضوع الهيئة لم يتصاعد ويصل لخطوط بعيدة، وهذا من فضل الله علينا في المجتمع السعودي، وقد توجه طلبة العلم المحتجون إلى سماحة الوالد الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة، ولمعالي الشيخ صالح اللحيدان ومعالي الشيخ صالح الفوزان، وثلة العلماء في المؤسسة الرسمية الدينية، وهؤلاء كعادتهم استمعوا لهؤلاء المعترضين، ووعدوهم بحمل الأمانة، ومناصحة ولاة الأمر، كعادة علماء هذا الوطن مع حكامهم بالمناصحة السرية، بعيدا عن التأليب والتهييج، والاستماع لوجهة نظر الحاكم الذي يُجلّهم ويعرف قدرهم، ويُطلعهم على بعض الخفايا والأمور التي اضطرته لمثل تلكم القرارات، وبرأيي أن الحل الأمثل والوحيد لمثل هذه القضية وغيرها من الآتيات، هو باتباع هذه المقولة الذهبية: "لزوم غرز العلماء".لماذا أرى أن هذا هو الحل المثالي الأوحد؟التاريخ القريب أثبت صوابية ونجاعة هذا المسلك، فكاتب السطور عاش صميم قضية "الاستعانة بالقوات الأجنبية" بداية التسعينيات من القرن الفارط، ورأينا إذاك الهرج والانقسام الذي أحدثه بعض الدعاة المعترضين، ورأينا موقف كبار علمائنا إبان تلك الفتنة وثباتهم، رغم كل السهام التي تلقوها من بعض طلبة العلم الأغرار وحدثاء الأسنان؛ أنهم علماء سلطان، أو فقهاء "حيض ونفاس" لا يعرفون شيئا عن علم الواقع، والمبكي أن الشيخ العَلم عبدالعزيز بن باز -يرحمه الله- كان من يتصدر أولئك العلماء الأجلاء. مضت الأيام بعدها، وأكدت أن موقف ابن باز ورفقته الربانيين كان هو الأصوب والأحكم على المدى البعيد، فيما ارتدت مواقف أولئكم الدعاة بالضرر على مسيرة الدعوة، وأحدثت شرخا في الصف الشرعي الذي تشظى بحدة، لا نزال نعيش آثاره لليوم.دونكم أمثلة كثيرة، تؤكد أن ترك أمثال هذه الأمور بيد العلماء الكبار، هو الحل الأصوب، ونتذكر موقفهم من فتنة "بن لادن" والقاعدة والتفجيرات، سارع وقتها علماؤنا للتحذير منها، وتأخر بعض الدعاة الكبار عن ذلك، وأثبتت الأيام انحراف أولئك الشباب. موقف علمائنا القوي من "داعش" اليوم مثال آخر. موقفهم من الربيع العربي، وأن دول الخليج لا تحتاج مثل هذا النهج والخروج على الحكام، وجنبوا بلادنا والحمد لله فتنة عظيمة بفعل بُعد النظر الذي تمتعوا به في هذا المسألة، إضافة إلى توافرهم على معلومات لصلتهم وزيارتهم الدائمة لولاة الأمر- الذي ربما لا يطلع عليه عوام الناس أو طلبة العلم المحتقنين هؤلاء، فيصدروا برأي صائب وتصرف أمثل حيال تلكم القضايا المشكل.والله إنه من الحيف الكبير، والظلم العظيم رمي هؤلاء العلماء الربانيين ممن نثق بعلمهم؛ أنهم غير مؤدين للأمانة، وأنهم خانوا رسالة العالم الشرعي، وأنهم انخذلوا وتركوا الأمور دون أي نصيحة، واستمعت بأذني من أحد أبناء الملك الكبير فهد بن عبدالعزيز -يرحمه الله- كيف كان ينصت بالساعات وفي أوقات متأخرة لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز يرحمه الله، يناصحه ويراجعه في مسائل مجتمعية، وعلماؤنا الأخيار اليوم هم ورثة ذلك العالم الرباني الراحل الذي سطر اسمه بأحرف من نور في تاريخ بلادنا.السعودية اليوم تتعرض لهجمات إعلامية كبيرة، والغربي يضغط بقوة بسبب الفئة الغالية "داعش"، ولربما سمعتم عن تسريبات إعلامية تقول بإجراءات تحاول الولايات المتحدة فيها فتح ملف 11 سبتمبر في المحاكم الأمريكية، وإدانة السعودية فيها، وسمعتم رأي الكاوبوي الأسمر المتعجرف أوباما حيال الوهابية، وأنها هي سبب نشوء "داعش"، ومحاولته تحميل منهج الدولة السبب في هذا التطرف، وثمة إشكالات تجعل من السياسي اليوم يتخذ بعض الإجراءات التي ربما لا ترضي كثير من الشرعيين، ولكن لحفظ بيضة الدين والدولة في العموم.من المهم التكاتف اليوم مع العلماء وولاة الأمر، لتفويت الفرصة على أي متربص يريد خلخلة الأمن المجتمعي، والنسيج الاجتماعي المتماسك الذي نحن عليه، ولست بالداعي هنا لترك الإنكار –حاشاي- ولكن بالطريقة التي تبرأ بها الذمة، وتحول دون حدوث مفسدة أكبر، ولا يتم ذلك إلا عبر التواصل مع العلماء الكبار، وهذا نهج السلف الصالح الذين يوصون دوما على ملازمة العلماء، وجعله منهجا ثابتا لهم. لا يحيدون عنه قيد أنملة، وقد رددوا: "حيثما كنت، فكن قرب فقيه"، وما ساقه بن عبدالبر في "جامع بيان العلم وفضله" بسنده إلى أبي الدرداء -ـرضي الله عنه- قال: "من فقه الرجل ممشاه ومدخله ومخرجه مع أهل العلم".لزوم "غرز العلماء" والصدور عن رأيهم، والرجوع إليهم في الملمات. صمام مجتمع وحصن مسلم وإبراء ذمة ودواء مرض.

3614

| 18 أبريل 2016

كاميرون وبوش .. نموذجان يا علمانيي العرب

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); "يجب أن تتحد بريطانيا، وأن تدافع بفخر عن قيمها المسيحية في وجه التطرف الإسلامي".قائل الجملة الآنفة ليس بابا الفاتيكان، أو أسقف كانتربري، أو حتى رئيس أي كنيسة أنجليكانية صغيرة في قرية بعيدة في اسكتلندا أو ويلز، بل من قالها هو ديفيد كاميرون رئيس وزراء أكبر بلد علماني، بل ومهد الديمرقراطية الحقيقية اليوم، ونشرتها صحيفة "التليجراف" البريطانية الأسبوع الماضي، وتحجج البعض –في تبرير واهٍ- بأن دوافع الرجل لهذه التصريحات، بسبب تمرير حكومته لقانون المثليين، ولكن تاريخ الرجل وتصريحاته تنفي ذلك، بل تؤكد تدينه وإيمانه الكامل بالمسيحية، فرئيس وزراء بريطانيا قال في أبريل عام 2014 م، وفي حفل استقبال بمناسبة عيد القيامة: "فخور أن أكون مسيحيًا، وأن يكون أولادي في مدرسة كنسية". ووصف نفسه في مقال بصحيفة "تشيرش تايمز" بأنه "عضو بكنيسة إنجلترا وكلاسيكي"، وأنّ "على بريطانيا أن تكون أكثر ثقة في وضعها كدولة مسيحية".صحيح أن قرابة 50 مثقفًا وأكاديميًا وعالمًا بريطانيا قاموا بالرد عليه عام 2014 م، قالوا فيها: "لسنا دولة مسيحية"، واتهموه بإذكاء النعرات الطائفية. وتكرر الأمر في بحر الأسبوع الماضي أيضا، حيث وجهت أكثر من 50 شخصية عامة بريطانية، رسالة إلى كاميرون عبر جريدة "ديلي تليجراف"، أكدوا فيها أن بريطانيا ليست دولة مسيحية، وذلك ردًا على استخدام كاميرون هذا الوصف في مقال له الأسبوع الماضي؛ إلا أننا اليوم إزاء تصريحات لرئيس وزراء منتخب وصل لمنصبه عبر أصوات البريطانيين الذين رشحوه ليمثلهم، وبالتالي فهو يعبّر عن رؤيتهم أيضا.كاميرون استغل هجمات بلجيكا وكتب مقالة في "التليجراف" قال فيها: "عندما يقف الإرهابيون خلف هجمات كتلك التي حدثت في بروكسل، فإنهم يريدون تدمير طريقتنا في الحياة"، مضيفا: "إن على بريطانيا أن تتحد وأن تكون فخورة بكونها دولة مسيحية وتحمل قيم هذه الديانة".تصريح ديفيد كامرون قد يبدو غريبًا للبعض منا هنا في السعودية أو الخليج، والغرابة تكمن أن تلكم التصريحات ليست في حديث زعيمٍ سياسيٍّ لدولة علمانية عن ضرورة أن تدافع هذه الدولة عن قيمها المسيحية. الشيء الغريب فقط أن يكون هذا الكلام بهذا الوضوح، وألا يكون مغلفًا بالقشرة الدبلوماسية التي اعتدناها في أسلافه ومجايليه.الذي تفاجأ بهذا التصريح، قد تدهمه مفاجأة أخرى عندما يعلم بأن ملكة بريطانيا تحمل لقب الرئيس الأعلى للكنيسة الأنجليكانية، وهذا الأمر له دلالته الرمزية الكبيرة.حضور العامل الديني في وعي كثيرٍ من الساسة الغربيين ليس سرًا، لكنَّه ليس سلوكًا معلنًا يمارسُ بطريقة مكشوفة للمتابع الساذج، ودعونا نبتعد عن ديفيد كاميرون، ونذهب للرئيس السابق للولايات المتحدة جورج دبليو بوش، الذي كانت له حكايات خالدة في الإعلام، فهو الذي كان يقول قبل وصوله لرأس السلطة، بأن الله دعاه كي يرشح نفسه للرئاسة! ونتذكر حكاية الحروب الصليبية التي أعلن عنها إبان حملته للرد على ضربات 11 سبتمبر الشهيرة. وحربه على أفغانستان ومقولته الشهيرة بأن الله أمره بشنها، بل حتى عند زيارته لفلسطين المحتلة بداية 2008 م، حرص على زيارة عدد من المواقع الدينية المسيحية واليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، انطلقت من خلفيته العقائدية التي تعتبر أن الولايات المتحدة مكلفة من قبل الربّ بتمهيد الطريق لنزول السيد المسيح ليقود العالم كله انطلاقا من مدينة القدس المحتلة. علق وقتها المفكر المصري القبطي رفيق حبيب بقوله: "إن زيارة بوش لهذه الأماكن نابعة من تقديس ديني لها، فبوش ينتمي لطائفة تتبع الكنيسة الإنجلكانية البروتستانتية تقول إن المسيح سيعود ليحكم العالم انطلاقا من مدينة القدس ويعيد المملكة المسيحية، ووفقًا لهذه الرؤية فإن بوش يعتبر أن أمريكا مكلفة من قبل الرب لتقود العالم من أجل تمهيد الطريق لنزول المسيح".ما الذي أريد إيصاله هنا من نموذجي كاميرون اليوم وبوش الابن بالأمس؟! الحقيقة هي رسالة إلى علمانيي العرب وبعض المتلبراليين الخليجيين، أن الدين حاضر بشكل كبير لدى ساسة الغرب، ومحاولة التهكم منكم والضرب على المفكرين الإسلاميين والعلماء والدعاة مرفوضة، لأن من تدّعون اعتناقكم لأيديولوجيتهم؛ تدينهم الشديد يظهر في المحن والأوقات العصيبة، ومحاولة إبعاد الدين عن الحياة لن تفلح كثيرًا، وأن محاولة تقديم المتطرفين أمثال "القاعدة" و"داعش" كنماذج دينية للإسلام خطأ كبير سيرتد عليكم وعلينا وعلى أوطاننا.بل بعيدًا عن النموذجين المتدينَين اللَذين سقتهما في المقالة، فالسياسي الغربي العلماني اللاديني، من الممكن أن يدافع عن القيم المسيحية باعتبارها ثقافةً وهويةً قومية لا يرغبُ في حضور ثقافة أخرى تنافسها. وبخاصة حين تكون هذه الثقافة هي دين الإسلام بما يحمل من إرثٍ تاريخيٍّ كبيرٍ لا يستطيع وعي السياسي الغربي التغافل عنه.لا توجد أمة بلا قيم أو مبادئ، والمسلمون مهما قيل عن ثقافتهم وهويتهم، ومهما قلّ تمسّك أفرادهم بدينهم، أو تفريطهم فيه، فسوف يبقى الدين في موقع المركز لدى مجموعهم، ومهما حاول المتلبرالون أو غيرهم حجب هذه الحقيقة، فلن يفلحوا، بل هي من أكبر عوامل عزلتهم وعزلة الشريحة المتعلمنة عن مجتمعاتها، وهي العزلة التي يحاولُ أصحابها مخادعة أنفسهم بقرب نهايتها، بل وتتآكل حججهم من قبل سدنتهم في الغرب، عبر هذه التصريحات التي تظهر بين الفينة والفينة من ساستهم.الدين حاضر في وعي وصميم شعوب العالم، والإسلام بألقه وروحانيته ونقائه حاضر في وجدان أمتنا، مهما حاول العلمانيون طمس ذلك بإعلامهم وفضائياتهم.

1135

| 04 أبريل 2016

alsharq
في وداع لطيفة

هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...

4617

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
الكلمات قد تخدع.. لكن الجسد يفضح

في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...

3858

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
TOT... السلعة الرائجة

كثير من المراكز التدريبية اليوم وجدت سلعة سهلة...

2037

| 06 أكتوبر 2025

alsharq
الإقامة الدائمة: مفتاح قطر لتحقيق نمو مستدام

تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...

1704

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
استيراد المعرفة المعلبة... ضبط البوصلة المحلية على عاتق من؟

في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...

1233

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
حين يُستَبدل ميزان الحق بمقام الأشخاص

‏من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...

1059

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
حماس ونتنياهو.. معركة الفِخاخ

في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...

927

| 05 أكتوبر 2025

alsharq
إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق

منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...

885

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
النسيان نعمة أم نقمة؟

في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...

852

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
الوضع ما يطمن

لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...

801

| 03 أكتوبر 2025

alsharq
تعلّم كيف تقول لا دون أن تفقد نفسك

كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...

756

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
كورنيش الدوحة بين ريجيم “راشد” وعيون “مايكل جون” الزرقاء

في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...

642

| 30 سبتمبر 2025

أخبار محلية