رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثقافتهم تدمرنا

هل أصبح الجهل اليوم يصنع لنا الشهرة والمال؟ ولماذا هناك مؤسسات حكومية وغير حكومية تسعى لتصدير الجهل؟ وهل أكلنا الطعم وأصبحنا نلهث خلف سراب يصنع لنا السراب؟ ومن جعل شبابنا يسير خلف الجهل ويقيم لهم المنتديات ويصدر لنا ثقافة الجهلاء على أنهم مشاهير؟ ومن جعل الحماقات رواية تروى عبر الشاشات لأن هناك مليون ضاحك شاهد منتجاً صنعه جاهل؟ هل ما يحدث اليوم هو إحدى علامات أن يرفع العِلم ويستبدل بالجهل؟ وهل هناك من يدرك أن كل هذا يحدث اليوم وأنه ضرر على شبابنا وأجيالنا ومجتمعنا وديننا وثقافتنا وهويتنا؟ والسؤال الأهم من كل ذلك ماذا أعددنا لكل هذا؟ علينا اليوم ألا نتجاهل هذا الجهل لأنه والله هو الخطر الأكبر الذي سنرى نتائجه السلبية في سنوات مقبلة متى ما تجاهلناه ورأيناه حضارة وحرية فلا يمكن لجيل يكبر وهو يسير خلف هذه التفاهات أن يصنع مجداً لأمته ولا يمكن لمجتمع يرى أن هؤلاء هم رواده وصناع ثقافته أن يتطور سنندم في يوم من الأيام أننا تجاهلنا صناع العلم وسرنا خلف صناع الجهل فعندما أقرأ إعلاناً لمنتدى يحاضر فيه شخصا على أنه صانع محتوى سنابي ففي أي مجال العلم والمعرفة أستطيع أن أصنف هذا الشخص وفي أي تاريخ من تاريخنا أريد أن أضعه وأي محتوى صنعه هذا أو ذاك فعندما تصرف الملايين على مثل هذه المنتديات لتقدم لنا مثل تلك الشخصيات وننسى شباب العلم والمعرفة فماذا سيحدث لأجيالنا وأي جيل سنعلم وأي قدوة نصدر وعندما تستضيف وسائل الاعلام وتفتح شاشاتها وتنتج برامجها لتستضيف مهرجاً يتبعه مليون ضاحك أو فتاة تصدر ثقافة تنافي الأخلاق والأعراف والدين تدخلنا معها لسريرها وغرفة نومها فإلى أين نقود فتياتنا وعلى أي ثقافة نربيهن.إن المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني مطالبه اليوم أن تقف وقفة صارمة وقوية في وجه هذا التيار علينا اليوم كمجتمع أن نحارب بكل الأدوات هذه الثقافة التي تدمرنا من حيث لا نعلم وتدمر أخلاقنا التي هي أساس العلم والحكمة وهي الدين والهوية وعلى مؤسساتنا الإعلامية أن تحارب وتكشف خطورة هذا الأمر بدلاً من أن تصدره وعلينا أن نقيم المنتديات التي تكشف للمجتمع خطورة ما يحدث فأجيالنا أمانة في أعناقنا علينا أن نحميهم فليس هناك أخطر من داء يصيب العقل والفكر وينخر في جسد الأخلاق والثقافة.لن أمل لو كتبت ألف مقال في هذا الجانب لأنه من أكبر الأخطار التي يواجهها مجتمعنا ونحن نحمل أمانة القلم بأن نوعي المجتمع من مثل هذه الأخطار التي تهددنا يزداد تمددها بين شبابنا حتى أن بعضهم ترك العلم والعمل وبدأ يفرغ وقته لصناعه الجهل عبر منصات الجهل فحان اليوم وقت تحرك العقلاء.

1051

| 26 أكتوبر 2016

يا خسارة.. السخرية حضارة

بل أصبح عنصرا مهما في أدق تفاصيل حياتنا لا نستغني عنه، لذلك تغيرت حياتنا وعاداتنا وأخلاقنا وطبائعنا، بل وأثر في فطرتنا وعقولنا وخدر أحاسيسنا. نحن في حاجة اليوم لمن يفلتر كل ذلك، لأننا أصبحنا أمام مكينة إعلامية قوية لا تبقي ولا تذر ولا تستأذن أحدا في أن تدخل في بيوتنا وتتجول حتى تستقر في جوفها، لم يصبح لها حدود أو أعراف، حتى القوانين قد تعجز عن السيطرة عليها ومحاربة السيئ منها لأنها أصبحت سيلًا لا يتوقف ينهمر عليك من كل مكان جديد في جديد.اليوم علينا أن نغير المفاهيم وأن نكون أكثر فطنة، فعندما أتلقى سيل الرسائل عبر وسائل الإعلام المختلفة، فإنني لابد أن أقرأ وأشاهد ما خلف تلك الرسائل، لا أشاهد الرسالة ولا أقرأ الرسالة بل إن سوء الظن عندي اليوم فطنة، فالعقل لابد أن يقرأ ما خلف تلك الرسائل، ففيها رسائل نحملها فنحارب بها مجتمعنا وديننا وأخلاقنا من حيث لا نشعر نمرر ونكرر ونرسل ما يقتل ثقافتنا ويغير فطرتنا ويحبط شبابنا ويثير شهواتنا ويغيب عقولنا ويهلك حياتنا.. كذب وغش وشائعات معلومات وأخبار لا صحة لها، مآثر وأحاديث مكذوبة ومصنوعة لتهاجم عقولنا وتنخر في قلب أمتنا ومعيشتنا، أهوالٌ ينتجها ذلك الإعلام تجعلك حائرًا، فيثير الفتنة ويزرع الشك، يحارب بعضنا بعضا من حيث لا نعلم.إن إعلام اليوم تغير عن كل إعلام سابق لا تستطيع توصيفه، فهو يتغير كل يوم بلون وشكل جديد، كيف لا وهو من جعل التافهين المهرجين الفارغين مشاهير؟! كيف لا وهو من جعل بيوتكم وأعراضكم وخصوصياتكم مادة يتناقلها الناس؟! كيف لا وهو من باعد بين الخلق فأصبح العيد رسالة، وزيارة المريض رسالة، وصلة الرحم رسالة، وبر الوالدين رسالة، حتى فعل الخير أصبح رسالة؟!علينا أن ننتبه لهذا الغثاء الذي يغزونا، علينا أن نفطن لكل ما يرسل لنا وتُغذى به عقولنا، كل يوم بآلاف الرسائل التي باطنها شر ينخر عالمنا ويغير ثقافتنا ويخلخل ديننا ويهدم أوطاننا ويشكك بعضنا في بعض، فيزرع الفرقة بيننا تعصبًا وجاهلية، ويقسمنا فئات وطائفية.إننا نعيش زمنا يحركنا فيه الإعلام من حيث لا نعلم، يغيبنا عن واقعنا وحقيقتنا، ويغير مفاهيم حياتنا فأصبحت أوقاتنا بلا قيمة، نسير ولا نعلم إلى أين نسير.. قطيع خلف "هشتاج"، وحرب تموج من أجل تغريدة وفضيحة تحملها سنابه، وتتعجب فتسمع صوتًا: لم العجب، فتلك الحرية تلك حضارة للبشرية؟! فأقول يا خسارة.. أصبحت السخرية حضارة.

1346

| 18 أكتوبر 2016

اطلب الضد بالضد

ليس هناك راحة على هذه الحياة وليس هناك أي منا سيعيش راحة دائمة وهذا هو الأصل الذي لابد أن نؤمن به وعلى كل واحد منا ألا يبحث عن السعادة الدائمة التي لا يمكن الحصول عليها ومنغصات الحياة هي المحرك نحو الحياة ولو لم تكن هناك منغصات لما عرفنا معنى السعادة ولو لم يكن هناك تعب لما عرفنا الراحة ولو لم يكن هناك معاناة لما عرفنا طعم النجاح.هذه حقيقة الحياة التي لابد أن يعرفها كل واحد منا وأن الأصل في كل شيء هو التغير والزوال وأن الكمال لا ينشد فلا كمال إلا لله سبحانه وتعالى فعندما كنا صغارًا كنا نتمنى أن نكون كبارًا وعندما أصبحنا شبابا قلنا ياليتنا نعود صغارًا ومن شاب رأسه يقول هل يعود الشباب يومًا ومن لم يتزوج يطلب الزواج ومن تزوج يحن لحياة العزوبية وهكذا في الكثير من الأمور والرغبات متناقضات بعضها يناقض الآخر تختلف من زمان لآخر ومن حال لحال.بعضنا يشقى بنعيمه وآخر يسعى لنعيم أنت شقي به فقانون هذه الحياة وعنوانها أن لا راحة فيها فالعاقل الحكيم يعرف جيدًا أن النعيم لا يمكن أن يدرك بالنعيم وأن أي شخص يُسكن قلبه وجسده للراحة فإنه لن يرتاح أبدًا فليس هناك سعادة وفرحة من غير هم تعيشه فذاك المتنبي يقول (إذا النفوس كن كبارًا... تعبت في مرادها الأجسام).لذلك عندما تطلب أمرًا فسيأتيك الضد منه فأعلم ماذا تطلب وما هو هدفك وأعرف ضده لتصل لمرادك وأقدر لكل أمر قدرة فالعمل تعب ولكنه سبيل للحياة الكريمة والفراغ راحة ولكنه سبيل للشقاء فالضد بالضد يعرف وسلوكياتنا في الحياة هي مفاتيح لأسرارها وخزائنها فالكذب على سبيل المثال لن يكون إلا مفتاحًا للهلاك والصدق لن يكون إلا مفتاحًا للنجاة وكل منا يملك مفاتيح الحياة ولكن ليس كل منا يستخدمها بالشكل الصحيح والسارق يطلب الثراء ولكنه استخدم مفتاح السرقة فهيهات أن ينجو وليس في الدنيا أمر نريده يحقق بـ"كن فيكون" ولكن هناك سبل توصلك لما تريد أن تحققه وتلك السبل تحتاج لعمل وجهد وعطاء وصبر لتحقق ثمرة ما تريد.ما أقوله ليس كلامًا فلسفيًا بل هو موجود في القرآن والسنة نقرأها كل يوم ولكننا لا نطبقها في حياتنا فقانون الحياة لن تجده خارج كتاب الله بل نقرأ مؤلفات كبرى لقانون الجذب وصناعة الحياة وغيرها وهي مختصرة في آيات وبعضها في كلمات في كتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم ولكننا لا نقرأ جيدًا وإذا علمنا أن أول ما نزل من الوحي هو سورة اقرأ التي قال فيها الله (علم الإنسان مالم يعلم).

1746

| 10 أكتوبر 2016

قوتنا التي يخشونها

في كل زمان سيجد هذا الدين العظيم إسلام السلام والأخلاق والقيم من يحاربه بشكل أو بآخر علنًا أو سرًا لأنه من أكبر نعم الله على خلقه ونحن نعلم أن كل ذي نعمة محسود فلا تستغربوا أن يحسدنا العالم أجمع على هذه النعمة العظيمة التي نعيشها في بلداننا.وعلينا اليوم أن نفهم أننا عندما نقول الإسلام وندين بهذا الدين فنحن نعمل وفق منهج إلهي رباني بل نعمل ونعيش ونتعايش ونخالط بقانون الإسلام الرباني الذي يحكم كل تصرفاتنا وأفعالنا وانفعالاتنا قانون كفل الحقوق كلها الشخصية والمجتمعية والسياسية والاقتصادية فلا يعجب اليوم كل من يحمل في قلبه هذا الدين أن يكون محسودًا فأنت وأنا وذاك وتلك رسالة الله في أرض نسير على الفطرة وليس ديننا دين أفعال فقط بل هو دين أخلاق وسلوك باطنه أهم من ظاهره فلا عمل إلا بالنية فيحارب المظاهر ويهتم بالبواطن لا غش ولا تدليس.ديننا العظيم هو الذي ألبسنا لباس الأمن في الأوطان فنحن أهل عقيدة تحفظ حق الجار وتحفظ المال والنفس والعرض فننام بقلوب آمنه لأننا نعرف بأننا شعوب تحمل في قلوبها قانون هذا الدين فلا تخشى غدرًا في ظلمه ليل والشاذ بيننا منبوذ لا تقبله فطرتنا ولا يحترمه مجتمعنا.عندما نعلم أولادنا وبناتنا هذه الثقافة الحقة لهذا الدين فنحن نحفظ المجتمع حاضرة ومستقبله ونصون أوطاننا ونعمق في داخله الانضباط الذي يغنينا عن كل القوانين والأعراف ففي داخل كل واحد منا بذرة الفطرة تسكن في قلبه ولكنها تحتاج لمن يسقيها بماء عذب لتكبر وتشتد جذورها لتثمر لنا جيلًا يعرف أن دينه خلقٌ وسلوكٌ تصدقه الأفعال في كل تفاصيل حياته فتلك هي القوة التي يخافها حسادنا وأعداؤنا.كنت وما زالت أرجو أن تحظى مدارسنا بحصص منهجية أو لا منهجية المهم أن نبدأ بها تهتم بمادة الأخلاق في القول والعمل والسلوك نربي أولادنا وبناتنا كيف يلبسون ثوب الأخلاق الذي هو الفضيلة الوحيدة التي لا تعادلها فضيلة فالرسول الأمين محمد صلى الله عليه وسلم لم يبعث ليتمم الأخلاق فقط بل قال (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) فإذا كانت هذه رسالته وبعثته أليس من المهم أن تكون هي ذاتها رسالتنا ومنهجنا وتعليمنا بإتمام مكارم الأخلاق في نفوس وحياة أجيالنا فعلينا اليوم أن لا نهمل هذا الجانب لأن هذا هو ما يحتاجه المجتمع وهو ما يطلبه الوطن وهو أمننا وسعادتنا واستقرارنا بل إن أهم عنصر لمحبتنا لأوطاننا وولاة أمرنا هنا وهناك هو لأنهم رجال يحكمون بيننا بفضائل الأخلاق فتواضعهم خلق وخدمتهم لرعيتهم خلق والسهر على راحتهم خلق وتقدير مصالحهم خلق ومحبة الوطن خلق.إن الأخلاق هي دين وقانون التعايش الأهم لابد أن نحرص على غرسه وتطبيقه فذاك هو الدين.

864

| 04 أكتوبر 2016

غابت فغابت كرتنا

في سنوات مضت كنا نتابع وبشدة البطولات الخليجية والعربية بشكل كبير، وكنا نهتم بها وننافس عليها ونعد لها الإعداد الأمثل، وكانت أنديتنا ومنتخباتنا تجتمع في بطولات مجمعة هنا وهناك للتنافس الشريف، وكنا في ذلك الزمن نملك القوة الفنية في آسيا وننافس على بطولاتها وألقابها ونقدم مستويات قوية ورائعة ونشكل ثقلاً فنياً، بل وكان لدينا نجوم نطرب كثيراً لما يقدمونه داخل المستطيل الأخضر، ولكننا للأسف مرت علينا سنوات حاربنا فيها بطولاتنا ووصفناها بأنها لا تسمن ولا تغني من جوع، وطالب البعض بإلغائها لأنها تربك العمل الكروي وتتعارض مع البطولات القارية والعالمية، فلم يكن لدينا نظرة تسمح بأن نختار الخيارات الوسطية التي تبقي على بطولاتنا، وفي ذات الوقت نستفيد منها لصناعة كرة القدم وصقل منتخباتنا وأنديتنا، ومرت علينا السنوات ووجدنا أن هناك تراجعا كبيرا في مستويات المنتخبات والأندية الخليجية والعربية، ووجدنا أن منتخباتنا وأنديتنا لا تنافس بقوة على البطولات القارية والدولية، بل أصبحنا نشاهد جمهوراً عازفاً عن الدعم والمساندة بسبب كثرة الإخفاقات، فلم تعد هناك بطولات إقليمية تعوض الجمهور بالاستمتاع بطعم الفوز والتتويج حتى لو كان البعض ينظر للبطولات الخليجية والعربية على أنها دورات ودية لا تسمن ولا تغني من جوع، ومع هذا كانت تشكل فرقاً لدى الجمهور الرياضي وكانت تحظى بمتابعة وتفاعل كبير جداً، وذاك التفاعل الجماهيري هو من جعل لتلك البطولات في ذاك الزمان الجميل قيمة. اليوم علينا أن نفكر للعودة لتلك البطولات ودعمها وتفعيلها وتنشيطها، فنحن على المستوى الفني بحاجة لها وعلى المستوى الجماهير أيضاً بحاجة لها، بل هي ملتقى الشعوب اليوم الذي لابد من استثماره لزيادة الترابط والتلاحم بين الشعوب العربية والخليجية ونجعل من كرة القدم سبباً في ربط مجتمعاتنا، فتلك المدرجات نستطيع من خلالها ربط المجتمعات العربية والخليجية في ظل أعداء يسعون بكل جهد لتفريقنا.ولعلي اليوم أنظر بنظرة التفاؤل لشخصيتين خليجيتين عربيتين قادرتين على صناعة زمن جديد لكرة القدم العربية والخليجية، فالشيخ حمد بن خليفة رئيس الاتحاد الخليجي لكرة القدم والأمير تركي بن خالد رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم، كلاهما يملكان الفكر والقدرة على إعادة تلك البطولات بشكل جديد وقيمة فنية أكبر وروح متجددة تعيد لنا قوة الكرة العربية والخليجية وإيجاد الزمان والمكان المناسبين لتكون جامعة لنا، وأن تفرض على واقع نحن بأمس الحاجة فيه لها، فرسالة الرياضة أكبر من كونها منافسة داخل المستطيل الأخضر، وأنديتنا ولاعبونا بحاجة لمزيد من الاحتكاك لرفع مستوياتهم الفنية التي لا نختلف اليوم أننا بدأنا نفقد صناعة النجوم في ظل منافسات محلية اكتفينا بها فكان سبباً في تراجع مستوياتنا الفنية على الصعيد القاري والدولي، فالاتحاد العربي بدأ خطواته وننتظر الخليجي بمفاجآته.

611

| 03 أكتوبر 2016

جاهلية العلم والعمل

الجاهلية لم يكن فيها بلاء أكثر من التفاخر بالأنساب والأحساب حتى جاء الإسلام فمقتها وحذر منها، لأنها لا تولد خيرًا، سواء على مستوى الفرد أم المجتمع، وهي صيغة من صيغ التواكل بما عمله الأولون ويجعل الإنسان يفاخر بما لم يعمل، وهذا بلا شك لا ينطبق على الحسب والنسب فقط حتى الأعمال، فإن الفرد منا لا بد أن يفخر بما قدمه للحياة، وبما قدمه لمجتمعه وأهله وبلده، وهنا يأتي التفاخر ومن هنا يصنع كل واحد منا تاريخه. عندما يأتي القرآن ليشرح لنا معنى التاريخ بأنه قصص للعظة والعبرة التي تصقل الحكمة في قلب هذا وذاك، فعلينا ألا ننظر له إلا بهذا المنظور فتاريخ أبي وأبيك وجدي وجدك وتاريخ قومي وقومك لابد أن يكون محفزًا لنا لأن نتطور ونعمل ونصنع ما عجزوا عنه، هنا تكمن الهمة العالية في صناعة المجد، وهذا يأخذنا للحديث عن فهم العصامية في العمل والحياة بأن تعمل بقدراتك وأدواتك وبعقلك تنتج وتبتكر تصنع ذاتك فتجعل من حياتك قصة تكتبها لمن بعدك لأولادك وبناتك ولأسرتك، فلا يهمني اليوم أن يفخر بي الأبناء ولا المجتمع، بل المهم أن يتعلموا مني.. من قصتي من حياتي من كفاحي هنا وهناك، فالمجد لا تصنعه العظمة، لأن العظمة قد تورث ولكن المجد عصامية عمل وكفاح نفس وطيب أخلاق تخالط بها الناس.من لم يبدأ من الصفر فلن يعرف للحياة طعمًا ولذة ولن يعرف حقيقتها لأنها مراحل ودرجات وتنوع لا يمكن أن تجمع حكمتها ما لم تعيشها بتفاصيلها فلم يولد محمد صلى الله عليه وسلم يتيمًا بالصدفة ولم يرعى الغنم عبثًا ولم يضطهد في بداية دعوته ضعفًا فهو أبن حسب ونسب ولكن الله يعلمنا من قصته معنى الحياة ولم يوضع يوسف في الجب ويودع في السجن ويؤخذ عبدا بالصدفة فهو أبن نبي وحفيد أنبياء ولكن الله يسرد لنا قصة ملهمة لمعنى الحياة.علينا أن نتعلم من الأرض بأنها لا تنبت وتخضر إلا بالعمل وعلينا أن نتعلم من النحل أن الشهد لا ينتجه إلا عمل منظم بهدف واضح وكل مخلوق من حولنا يعلمنا أن الحياة عمل وطموح ولكل طريقته في إنجاز عمله وأنه لا مجال للتواكل والاتكال فكل واحد منا معني بشق طريقه في هذه الحياة.هذه هي الفلسفة التي لابد أن نربي عليها أبنائنا وبناتنا في البيت والمدرسة فثقافة وقوانين الحياة يجب زراعتها فكرًا في قلوب أبنائنا قبل علم العلوم فنجعل في عقولهم علمًا وفي قلوبهم همة وطموح يقودهم لأمجادهم فعلينا أن نتوقف عن تعليم التاريخ لنقول لأجيالنا أننا كنا بل نعلمهم التاريخ لنقول لهم كونوا أنتم فبالعمل زرعوا ونحن بالعمل نحصد ونزرع والحكيم من علم ماذا سيحصد وماذا سيزرع.

1557

| 28 سبتمبر 2016

يا ميتاً علمني

الفواجع ليست سيئة في مضمونها ولكنها بلا شك سيئة في شكلها فهي تخبرنا بما لا نود سماعه وتنقل لنا أحداثا تحزننا وتغضبنا ولنا في التاريخ مواعظ كثيرة ليس المجال هنا لذكرها وسردها. ولكل منا فواجع في حياته تبدأ بخبر وتنتهي بقصة لها أحداث ما قبل وما بعد فتسكن ذاكرتنا بمرارتها ولكن عقولنا تستوعب حكمتها وفوائدها وعندما أعود لقصتي لا أتذكر إلا فاجعة واحدة كانت بمثابة التغير الكبير ونقطة تحول في حياتي في منهجي وأخلاقي وديني وفي شكل ومضمون حياتي وتفكيري.ابن عمي وسمي أبي وأخي وصديقي الذي خطوت خطوات الأولى خارج المنزل برفقته أول من سافرت معه كان طيب القلب والمعشر تضحك في حضرته ولا تحزن تعلمت منه الكثير في بداياتي في الحياة، عرفته مؤنسا لا تمل جلسته وكان محبوبًا من الجميع سعيدًا على اسمه تركت أبها وذهبت للرياض قبل وفاته بأيام وكنت أتصل به أخبره بكل التفاصيل ونضحك قليلًا ونقفل السماعة مازلت حتى اليوم أحفظ رقم هاتفه وقبل وفاته بيوم لا أنسى تلك الرؤيا عندما رأيت ناقة تدخل الشقة التي كنت أسكنها في الرياض فتترك كل من فيها وتتعمدني بهجومها صحوت من نومي مفجوعا فطلبت من صديقي أن أذهب للاتصال بأهلي فدخلت كبينة الاتصال فكان أول ما سمعت بكاء عمتي تنقل لي خبر وفاته، صدمه وفاجعة جعلتني أتسمر على ذلك الكرسي لدقائق عشر لا أعرف من أنا ولا أصدق ما سمعت ثم خرجت والعين تدمع فراق أخ وصديق أشعل نورًا في قلبي وغير الكثير في حياتي كنت حينها لا أبلغ السادسة عشرة من عمري ولم أنهِ دراسة الثانوية كنت مقصرًا في صلاتي وديني نصلي فرضا ونترك فروضًا حياتنا لعب ولهو ليس لنا حدود أتذكر أنني في أيام عزائه جلست على جدار مسجد جدي القديم أقلب شريط الحياة وعيني شاخصة نحو قبره بعد أن حضرت تفاصيل دفنه كانت من أكثر لحظات الحياة سكونًا وألمًا منذ تلك العصرية بدأت رحلتي الجديدة مع الخوف والرجاء وتغيرت كل تفاصيل الحياة بدأت أسأل بدأت أقرأ بدأت أعيش حياة أخرى بعناوين غير العناوين السابقة وبنفس غير تلك النفس وبروح أكثر إشراقًا فكان موت الصديق والأخ بالنسبة لي درس حياة قرأت ما بين أسطره كل التفاصيل فرأيت حينها ما هو أعمق وأعمق وأعمق من فكرة الموت فلا أملك جزاء لمن علمني حتى في موته إلا أنني لم أرفع يدي للسماء طوال 20 عامًا إلا وأدعو له فالفواجع خيراتها تسكن في عمقها الزمني والفكري لا يستخرجها إلا عقل يعقل ونفس تتفكر وتتعظ.أسأل الله أن يكفيني وإياكم فواجع الزمان وتقلباته ولكنها الحياة تعلمنا الصبر والتعلم حتى من تلك الأحداث التي تقض مضاجعنا.

1008

| 13 سبتمبر 2016

يوم ولادتي

الحزن والفرح والفقدان والتغيرات ما كنتُ وما أود أن أكون الأرض والسماء والبيت والقرية والمدينة والحارة المدرسة والأصحاب والزلات والأخطاء والنجاح الدمعة والبسمة كلها ما هي إلا ذكريات في عقولنا وذاكرتنا نسترجعها ونتذكرها ويهيم بها الفكر بين فينة وأخرى. الذكريات لها طعم ولذه لها خلوة ولها نسيم يسعد القلب أحيانًا ويحزنه أحيان بل أرى تلك الذكريات شعور اللا شعور لا تعرفه النفس إلا في لحظات الصمت أو الحديث الساهر في زاوية غرفة ظلماء تعيش فيها عناوين الماضي هي تلك الأماكن والأحداث هي أرقام في أعمارنا سنة بعد أخرى. كلنا ذاك الإنسان من الذكريات كلنا تاريخ من الذكريات كلنا لحظات من الذكريات عندما أستجمع الذكريات فإني لا أريد إلا يومًا واحدًا حضرته ولم أحضره وكلنا حضرناه أجسادًا لا نذكره كنت أرجو من ذاكرتي أن ترجعني يوما ما ليوم ولادتي لأحضر لحظاته وأشاهد فرحة وجه أم عانت تسعة أشهر تسمع صراخ طفل خرج من أحشائها يغرد ألم الحياة المقبلة ونظرة أب نحو شبل ولد يصيح أنا الزمان القادم. لحظات لا نذكرها عشناها ولا نعرفها هي أجمل وأجمل اللحظات والذكريات. عندما أعود للذكريات أعرف أنني من تلك الأرض ومن ذاك المطر وأعرف أنني ولدت فوق قمة ذاك الجبل أرض خضراء ومطر يروي وجبل أشم لا يهتز أعرف أن الحياة غيمات تنجلي وريح تهيم وأن الأرض مهما كانت قاحلة فإنها ذات يوم تخضر وأن الورد مهما كان جميلًا يذبل ويموت وأن الإنسان مثل السيل يسيل ويسقي يجري ولا يتوقف يذهب ولا يعود يشق طريقه ولا يشق له. الذكرى هي تلك اللحظة التي تجعلك في زمان غير الزمان وتنقلك لمكان آخر هي مراحل البدايات هي الشوق والحنين هي عتاب النفس للنفس هي الفرحة الغائبة والبسمة الضائعة تناقضات حياة وتقلبات زمان تأتي في لحظه وتنتهي في لحظات. للأسف إننا لا نعرف قيمة اللحظة من حياتنا إلا عندما نسترجع الذكريات، حينها نعرف قيمة الوقت والزمان والمكان وقيمة الأشخاص من أحببنا ومن صادقنا هي قصص لا ينطق بها اللسان ولكنها سحر الذاكرة صورة بلا لوحة ولا ريشة ولا ألوان. تعلمني الذكريات معنى الركض في الحياة وتعلمني أن المشوار ما زال طويلا وأن الحياة لحظات وأنها حبال الوصل مهما نفارق لذا كن في حياتك وحياة غيرك ذكرى جميله فالحياة تنتهي ولكن الذكريات تبقى في داخلنا تحيا لا تموت وتبقى لحظات تعيش في تلك الأماكن تسجلها الذاكرة وهي كالماء لا يمكن كسرها وأعلم أن كل شيء بما فيها أنت ستصبح ذات يوم ذكرى فتخيل الصورة التي تريد أن تصبح عليها وأختم بشطر بيت للأمير خالد الفيصل حينما قال ( الله يا ذكرى يا ما فهمتيني خطأ).

3426

| 29 أغسطس 2016

سلاح القيم

لا صلاح لهذه الحياة ولا صلاح للفرد والمجتمع ولا سعادة حقة وراحة فيها ما لم نعد لمتنها وأصلها الخير الذي لا تقوم إلا عليه ولا تستمر إلا به، فالإنسان خلق ليحيا في إطار مجتمع يكون عنصرًا فعالًا فيه ولكل منا دور في هذه الحياة والخالق بحكمته وضع قوانين التعايش وضوابط تضبط كل فعل وكلمة وعملية البناء تبدأ من اليوم الأول الذي يولد فيه الإنسان ويستمر في بناء نفسه وشخصيته وخلقه في كل خطوة يخطوها وحياتنا هي جزء من حياة غيرنا وغيرنا حياته جزءً من حياتنا ولن يستطيع أي منا أن يحيا وحيدًا ولن يستمر من يحيا مع نفسه بلغة الأنا فذلك قانون حياة. ولعل الاختلاف فيما بيننا هو أصل من أصول التعايش بل وهو سببًا ليستعين كل منا بالآخر فتصبح حياتنا تبادليه تجمعها منافع مشتركة تقوم جميعها على أسس موحدة نختلف في تطبيقها واستثمارها وتحقيقها فالأخلاق والأمانة والصدق والعدل درجات تختلف من شخص لآخر ولكنها أسس لا يمكن الاختلاف عليها ولعل فهم القيم ومحاولة العمل من خلالها والحياة بها هي أساس مهم لبناء مجتمع سليم وعقول ملهمة ونفوس طيبة. إن لغتنا وعقيدتنا وفقهنا الذي هو أساس مهم في تكوين ثقافتنا ومن خلالها نحيا ونتعايش لم تغفل أي جانب من جوانب الحياة ولكننا تجاهلنا تعلمها وتعليمها بل والعمل بها في أحيان كثيرة فأفقدتنا أسسًا مهمة نعاني اليوم من غيابها داخل المجتمع الواحد. سيأتي جيل يعاتبنا لأننا لم نعلمه الفضائل التي هي أساس العلم والتعليم ويحملنا سبب انحرافه فنحن نفتقد لتعليم القيم التي على أساسها تقوم الحياة فالتاجر الناجح يحتاج للقيم في تجارته والطبيب مهنته تقوم على القيم والمعلم بلا قيم يفسد جيلا بأكمله والموظف لديه قيم لابد أن يعمل من خلالها والمجتمع بأكمله عبارة عن منظومة قيم تدير عالمه وعلاقاته وأحداثه ففي كل شأن من شؤون الحياة هناك قيم تحكم ظاهر العمل وباطنه ولكن الكثير منا اليوم يفتقد لتلك القيم والأخطر أن هناك من يجهلها وليست في قاموس حياته واهتماماته فيظلم هنا ويغدر هناك ويمكر لهذا وينافق ذاك وحينها تضيع الأمانة وتغلب المصالح الخاصة على مصالح العامة. إن غياب القيم هو السبب في وجود الفساد بكافة أشكاله لأن الفساد في أصلة ومتنه لا يعترف بالقيم ولا يعيش ولا يتعايش معها وعندما تعجز الأنظمة والقوانين في محاربة الفساد فعلينا أن نعيد سلاح القيم ليحارب الفساد بكافة أشكاله وأنواعه وأدواته فهو السلاح الوحيد الذي ما زال في غمده.

525

| 22 أغسطس 2016

قاتل الله الجهل

إن الجهل أكبر قاتل يهاجمنا في شتى مجالات حياتنا وليس الجهل هنا جهل الكتب والعلوم فقط بل هو جهل النفس بالنفس وجهل الإنسان بالحياة وجهل العاقل بعقله وجهل الفعل لردة الفعل. إننا نجهل الكثير في حياتنا التي نعيشها كل يوم وكل ساعة وكل دقيقه وثانية وجهلنا بها جعل الجهل قاتلًا صامتًا لنا من حيث لا نعلم فمرض النفس جهلًا هو أسوء من مرض الجسد وأكثر كآبة وأكثر تأثيرًا وألمًا قاسيًا دون أوجاع نشعر بها. إن الفكر المتعصب جهل يقتل عقولنا ويغيب عنها التفكير العقلاني الذي نعالج به مشاكلنا فنخرج بردات فعل تقتل حياتنا أكثر من أي مرض مزمن ويجعلنا نتخذ قرارات خاطئة في أزمان خاطئة لأحداث رأيناها بجهل. فالظالم جاهل والسارق جاهل والمذنب جاهل والكاذب جاهل والحاقد جاهل والمنتقم جاهل والحاسد جاهل وكل يريد أن يسود بجهله لأنه وهم يعيشه الجاهل فيصدق جهله. هناك بيوت تهدم بسبب الجهل وأرحام وأرزاق تقطع بسبب الجهل وعداوات تحارب بعضها بعضًا بسبب الجهل. إن من أعمق أنواع الجهل أن نمزق الرسائل قبل أن نقرأها ونعرف ما فيها ونفهم معانيها ونحللها لنستوعبها وحياتنا أحداثها رسائل يوميه تصل إلينا ومن الجهل ألا نتعقل ونتفكر ونحلل قبل أي قرار وردة فعل وكلمه ينطق بها اللسان لذا دعوا الأحداث تأخذ دورتها ولنجعل الأيام تسير دون أن نستعجلها بجهلنا فكل شيء بقدر فلحظات الحياة لا تتكرر ولكنها دروس وعبر لمن يعلم وأحداث لا قيمة لها بنظر الجاهل تمر من أمامه مرور الكرام. للأسف أنني أشعر في أحيان كثيرة أن هناك أناسا يعيشون عصورًا من الجاهلية داخل أنفسهم وفي أخلاقهم وتعاملاتهم في نظرتهم للحياة وفي أطماعهم وأمراضهم التي يلوثون المجتمع بها فأشفق على جاهليتهم التي يرونها علمًا ودهاء يقتل علم الفضائل، إني أشاهد الجهل عندما نهتم بأطوالنا وأجسادنا وأوزاننا وأشكالنا أكثر من أن نهتم بفضائلنا وعاداتنا وديننا وأخلاقنا وتاريخنا، وإني أشاهد الجهل في عقول تحارب أمنها ومجتمعها ومستقبل أبنائها وجهال كُثر يُشيعون الكذب في مجتمعاتهم ويكثرون الحديث فيما لا يعلمون وجهلًا جعل صاحبه عبدا لأطماعه ورغباته وشهواته فنسي نفسه فيستميت لأمر يزول. إذا أردت أن تعرف هل أنت جاهل أم لا فانظر لنفسك هل هي تعيش أم تحيا فهناك فرق كبير واختلاف شاسع ما بين العيش والحياة فالعيش صفة حيوانية يسودها الجهل ويجعلها ظلمات بعضها فوق بعض لا نور فيها والحياة صفة إنسانية تسودها الحكمة وتحفظها الأخلاق وتسمو بها الروح، نور على نور يشع في كل مكان. عندما نشاهد التخلف ولغة الشتم والقذف وإشاعة الشائعات والتعصب والعنصرية وعندما نشاهد الفساد الأخلاقي بدرجاته وأشكاله وغياب الضمير في العمل والمعاملات ندعو ونقول قاتل الله الجهل بكل صوره وأشكاله.

6556

| 15 أغسطس 2016

استنهضوا العقول

أسوأ شعور من الممكن أن يعاني منه الإنسان في حياته أن يكتشف بعد سنوات عمره أنه ظلم نفسه وأنه لم يعطها حقها، وأنه عاش سنين حياته ليرتاح غيره وينجح غيره ويسعد غيره ومن ثم يشاهد ذلك الجحود يتقطر من تلك الوجوه التي تلذذت في سنوات عمرها بعرق عملنا وجهدنا وكفاحنا، سواء كان هؤلاء قريبين أم بعيدين. إن الجحود هو المختطف الخفي لنفوسنا الطيبة، بل هناك من هم مختصون في خطف حياة الناس من صحة وعمر وجهد ويبنون أمجادهم عليها. هؤلاء هم مختطفو النفوس الطيبة، هم الانتهازيون الذي تُعلِّمنا الحياة أنهم مهما خطفوا ومهما جحدوا فهم أصحاب ربح قصير الأجل لا يطول لأنهم خرجوا من حياة العطاء والإحسان والحب والإيثار والتواضع. إن هذه الحياة لا تقوم على "الأنا"، بل قامت على حاجة الناس لبعضهم، كل منهم يقوم على الآخر، بل إن خير الخلق هم أنفعهم للخلق وذلك قوام المجتمع السليم المتماسك، فبذرة الجحود في قلوبنا تولد الكره وتقتل الإحسان وتحارب الكرم، وتلك الفضائل هي أساس المجتمع ولبنة صالحة للفرد علينا أن نغرسها في نفوسنا ونفوس أبنائنا ومن هم حولنا. للأسف إن داء الجحود بدأ يتسلل في عمق مجتمعنا ويفسد الكثير من أخلاقنا وعاداتنا وبدأ يدب في داخل البيت الواحد بأشكال متعددة حتى وصل الجحود للأب والأم وبين الزوج وزوجته، بل ووصل ليكون بين الفرد ووطنه. والجميع اليوم مطالب بمحاربة هذا الداء بكل أشكاله فهو سبب في الكثير من المشكلات الاجتماعية التي نعاني منها بل قد يكون هو السبب المشترك في كل المشكلات. إن القيم السليمة هي الأساس الذي يقوم عليه الفرد والمجتمع، وعندما تتغير القيم فإن العادات تتغير والأخلاق تتغير والثقافة تتبدل، فنصبح لا نعرف أنفسنا ونفتقد مجتمعنا ونعيش الغربة في داخل البيت الواحد، بل البعض قد يصل لأن يعيش الغربة مع نفسه لأنه فقد القيم الصحيحة التي فُطر الناس عليها وهي قانون حياة عندما يختل تختل الحياة بكل مكوناتها وتتغير المفاهيم، بل وتختل معه العقيدة ويضيع بضياعه الدين فنفقد هويتنا وتاريخنا وثقافتنا وحينها سنفقد الحياة بما فيها. نحن اليوم وفي ظل التطور الكبير والمتسارع في كل شيء، علينا أن نعيد التفكير في آليات التربية وغرس القيم وأن نحمي أجيالنا، التي هي نواة مجتمعنا ونور مستقبلنا وعماد قوتنا، من أن تصبح دمى يلعب بها بتقنيات التطور والتي أصبحت هوسًا يغزونا كل يوم بأشكال وطرق ومتعددة. وعلى جامعاتنا أن تستنهض عقولها لتحمي مستقبلنا من هذا الداء الخطير. وعلى إعلامنا أن يتعقل ولا يطبل لكل جديد ظاهره لهو وباطنه غزو لا نعي اليوم خطورته. فوجود التقنيات الحديثة يجعل من السهل الوصول لكل فرد ولجميع الأعمار بأشكال وطرق متعددة.

962

| 09 أغسطس 2016

ماتت أمك

لا أتذكر طفولتي جيدًا بل لا أبالغ لو قلت إن الطفولة في حياتي عبارة عن ذكريات منسية، لأنها كانت تفتقد لأهم عنصر يغذي المشاعر ويحافظ على الذكريات لأن الطفولة من دون (أم) ما هي إلا أيام لا طعم لها، وذكرى لا جمال في ساعاتها وأيامها.لا أنسى أبدًا تلك العصرية وأنا جالس ألعب بالطين على دكة أسمنتية، فيخرج عمي الطفل الذي يكبرني بشهر من ذلك الباب الأخضر فيبلغ ابن أخيه الطفل ببراءة الطفولة وبدون مقدمات ويقول (أمك ماتت)..أتذكر وقع تلك الكلمة على أذني لم أكن أعرف الموت، ولكني كنت أعرف الفراق وأعرف الحنين، كانت صدمة طفل لم تدمع عينه ولكن ضاق صدره، والله إنني لأشعر بنسائم ريح ذلك العصر الذي كان ساكنًا لا أسمع فيه إلا صدى حديث طفل لنفسه يراجع وجه أمه الذي لم يعش معه كثيرًا وعرف أنه لن يشاهده مرة أخرى، لازلت أتذكر انطواء أخي الأكبر على ذلك الجدار يبكي ألم الفراق، لازلت أتذكر عمتي وهي تكوي ثوبي لأذهب للمطار لأستقبل أبي بعد أن دفن شريفة الذكر والذكرى في مدينة أخرى، أتذكر وجهه الحزين عندما عاد وخرج من بوابة القدوم وأمامه رجال كثر يعزونه، فهو الذي ضحى بكل شيء بماله ووظيفته وترك الدنيا وترك أبناءه وأهله ليقف بجانب محبوبته وزوجته وأم أبنائه وماتت ويده تحت خدها مودعًا لها وهي توصيه على أبنائها واحدًا واحدًا، بعد أن أضناها المرض وبعد ما يقارب ثلاثة عقود يوصينا هو في فراش موته بأمنا يذكرنا بها وببرها يذكرنا بكلماتها عن أبنائها ووصاياها بهم، ويذكرنا بدمعها وحبها وألم فراقها لنا أي وفاء وحب هذا.. أي إنسانية تلك التي كان يتعايش بها آباؤنا وأمهاتنا حتى على فراش الموت يتذكر كل منهما الآخر.أفرح كثيرًا عندما أشعر أنني لم أكن في يوم من الأيام عاقًا لوالدتي، وأني لم أقل لها أوف ولم أكن سببًا في غضبها أو حزنها، وأبكي كثيرًا عندما أريد أن أتذكر لحظة من أيامها أو تقاسيم وجهها أو أن أستعيد ضحكتها ولا أستطيع.الأم هي كنز الحياة، هي ذلك الصندوق الذي فيه من كل الخيرات، لا حياة بلا أم، ولا سعادة بلا أم، ولا ذكرى بلا أم، ولا بارك الله في عين لا تبكي فراقها، ولا أطلق الله لسانا لا يدعو لها ولا كثر الله مالًا لا ينفق في برها.من لديه أم ولا ينهي يومه في كل يوم بدعوة منها، ولا يسعى في كل ساعة أن يطلب رضاها ولا يستريح بين وقت وآخر في حضن حنانها، فإنه والله يترك ويتخلى ومحروم من جنة الدنيا والآخرة، فأمهاتكم هدية الله لكم فاغتنموها فساعة الفراق آتية وستندمون ألمًا على كل ثانية لم تعيشوها في حضن أمهاتكم.

1473

| 23 يونيو 2016

alsharq
سابقة قضائية قطرية في الذكاء الاصطناعي

بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...

2571

| 30 نوفمبر 2025

alsharq
عصا موسى التي معك

في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...

1533

| 02 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1284

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
أهلاً بالجميع في دَوْحةِ الجميع

ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...

1179

| 01 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

1143

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1119

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

738

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
الكلمة.. حين تصبح خطوة إلى الجنة أو دركاً إلى النار

في زمنٍ تتزاحم فيه الأصوات، وتُلقى فيه الكلمات...

654

| 28 نوفمبر 2025

alsharq
الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...

648

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
المجتمع بين التراحم والتعاقد

يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...

615

| 30 نوفمبر 2025

540

| 01 ديسمبر 2025

alsharq
التوافد الجماهيري.. والمحافظة على السلوكيات

كل دولة تمتلك من العادات والقواعد الخاصة بها...

510

| 30 نوفمبر 2025

أخبار محلية