رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

خدعوك فقالوا: أمة اقرأ لا تقرأ.. بل تقرأ فعلاً

لعل من أكثر العبارات قسوة في التداول في الخطاب الثقافي العربي المعاصر أن «أمة اقرأ.. لا تقرأ»!، لطالما استخدمت هذه العبارة بكثافة في المقالات، والمنابر الاعلامية، بل وحتى في المناهج التربوية في المدارس والجامعات، للدلالة على ضعف معدلات القراءة في العالم العربي، لكن.. هل فكرنا جدياً في جوهرها؟ لماذا تقبلناها على ظاهرها دون أن نفكر فيها؟ فهي تحمل قدرًا كبيرًا من التحامل على العرب والسطحية في تناول حياتهم ومسيرتهم الثقافية، وتتجاهل بُعدًا مهمًا يتمثل في التغيرات النوعية والكمية في أنماط وكيفية القراءة لدى العرب خلال العقدين الأخيرين، لذلك دعونا نحلل في هذه المقالة الموجزة هل نحن فعلا أمة لا تقرأ؟ نجد أنه جاء وفق مؤشر القراءة العربي الذي أصدرته مؤسسة الفكر العربي عام 2016، أن متوسط ساعات القراءة للفرد العربي بلغت 35 ساعة سنويًا، بينما بلغ عدد الكتب المقروءة نحو 16 كتابًا سنويًا (منها 7 كتب دراسية و9 كتب غير دراسية)، وهذا المؤشر اعتمد على بيانات ميدانية من 22 دولة عربية. وجاء أيضاً في دراسة اتحاد الناشرين العرب التي شملت أكثر من 10 دول عربية، أن البيانات أظهرت أن معدل القراءة السنوي للفرد في لبنان هو 59 ساعة، وفي مصر 63.8 ساعة، وفي الإمارات حوالي 51 ساعة، مما يدل على وجود حراك قرائي واضح رغم التحديات. ومن الدلائل أيضاً أن منصة أبجد، وهي أكبر منصة قراءة عربية إلكترونية، تجاوز عدد مستخدميها 1.5 مليون مستخدم نشط حتى عام 2024، بمتوسط قراءة 3 كتب رقمية شهريًا لكل مستخدم، حسب تقارير المنصة. فهذه الإحصاءات وغيرها تؤكد أن العرب لا يعانون من انعدام القراءة بل المشاهد أن معاناتهم أنهم يقرؤون الحقائق القاسية والتي تجرعوا منها ألم ضياع وشتات الأنظمة العربية في إيجاد سبيل لنهضة عربية معرفية قوية، بل الحقيقة كل الحقيقة أن العرب لا يواجهون مشكلة في القراءة إنما في صناعة الوعي وبناء اتجاه حقيقي في مآلات القراءة، وهو موضوع أكثر تعقيدًا من مجرد إطلاق أحكام شمولية. ففي عدة بحوث منشورة توصل الباحثون إلى أن أغلب القراءة في الوطن العربي تنحصر في مجالات الترفيه أو الأخبار السريعة في شبكات التواصل أو التطبيقات الترفيهية، وأن القراءة الأكاديمية أو التحليلية تُمارس من فئة ضيقة غالبًا تنتمي إلى القطاع التعليمي. وبكل تجرد وصراحة أجد أنه من المهم الإشارة إلى أن تطور التكنولوجيا في العقدين الأخيرين ما بعد ال2000 غيّر جذريًا مفهوم القراءة ذاته. إذ لم تعد القراءة حكرًا على الورق والنظر إليها بالعين، أو على النصوص الخطية فقط، بل أصبحت تشمل التفاعل مع الوسائط الرقمية، من ألواح ذكية، ومنصات تعليمية مرئية، ومقاطع صوتية ومصورة، وتطبيقات تفاعلية تواصلية، وهذا يعني أن كثيرًا من ممارسات «الاطلاع الرقمي» التي يمارسها العرب اليوم، رغم أنها لا تُسجل في إحصاءات القراءة الورقية، إلا أنها تمثل قراءة فعلية بمعناها الأوسع و هذا ملاحظ جداً في زيادة منسوب الوعي بالرغم من البعد عن الكتب. فالقراءة لا تعني النظر بالعين الى مقروء مكتوب بل عملية عقلية يتفاعل فيها الإنسان مع وسيط معرفي بهدف اكتساب معلومات أو بناء فهم، سواء تم ذلك من خلال الكلمات، أو الصور، أو الصوت، أو التفاعل الحي، لذلك إن استخدام الهاتف المحمول لتصفح مقالات علمية، أو مشاهدة محاضرة معرفية، أو الاستماع إلى كتاب صوتي، كلها أشكال قرائية تدخل ضمن «القراءة الممتدة» التي باتت تتحدى الفهم التقليدي الضيق للقراءة الورقية. هذا التحول التقني لا ينبغي أن يُؤخذ على أنه انحدار ونمارس الجلد الذاتي بعنف على ذواتنا و أنفسنا و أحبابنا في العالم العربي، بل هذا مؤشر تحول حضاري في وسائط المعرفة، يجب أن يُقرأ بعين تحليلية لا هجومية. ولا ننسى أبداً أننا العرب من صنع حضارات التاريخ من بعد مجيء الاسلام، فمن القرن الثامن حتى القرن الثالث عشر الميلادي، شكّلت العواصم العربية الكبرى مثل بغداد وقرطبة وفاس والقاهرة مراكز للترجمة والتأليف العلمي، حيث تشير تقديرات المؤرخين إلى أن بيت الحكمة العباسي احتوى على ما يقارب 400 ألف مخطوطة، وفي الأندلس، كانت مكتبة الحكم المستنصر في قرطبة تحتوي- حسب رواية المؤرخين- على ما يفوق نصف مليون كتاب، بينما لم تتجاوز أكبر مكتبة أوروبية في الفترة نفسها 1000 كتاب!. فالمشكلة إذًا ليست في أن العرب لا يقرؤون، بل في أن القراءة لم تعد تواكب الطرق الجديدة في اكتساب الوعي النقدي العميق، فالمشروع الثقافي يجب أن يدعم من الحكومات العربية، فلا نحتاج الا مزيداً من الدعم للسياسات القرائية، وتحسين جودة المحتوى، وربط القراءة بالواقع اليومي والقرار السياسي والفكر المجتمعي.

840

| 14 مايو 2025

من ظن أنه فهم السياسة.. فليُراجع التاريخ فوراً

السياسة لمن يتبصر فيها يجد أنها متاهة لا خرائط فيها، وموائد تتقلب فوقها المواقف والتحالفات المعقدة، فيخيّل للمتابع أن ثمة ترتيبًا ما، أو خطة مرسومة بدقة، لكن الحقيقة كل الحقيقة أن السياسة ليست لعبة واضحة المعالم، وليست رقعة شطرنج يمكن التنبؤ بحركاتها القادمة، إنها بصراحة أقرب إلى حقل ألغام مخفي، تتغير تضاريسه كل لحظة، وتباغت حتى أعقل اللاعبين فيه وأذكاهم. فالسياسة، في عمقها، ليست مجموعة قرارات ناتجة عن منطق متماسك، بل تفاعل مضطرب بين المصالح، والضغوط، والتوقيت، والحسابات الداخلية والخارجية، فمن يظن أن بمقدوره تفسير أي موقف سياسي بمعيار أخلاقي أو بقراءة سطحية، يسيء الفهم ويقع في فخ التبسيط القاتل وهذا ما يحدث من بعض متناولي الأحداث السياسية. ففي هذا العالم لا تكفي النية الطيبة، ولا تنجح دائمًا القرارات الذكية، إذ قد تؤدي حركة محسوبة إلى نتيجة عكسية، وتُشعل خطوة حذرة فتيل انفجار غير محسوب. فالتحالفات مثلا، تلك التي يراها البعض من متناولي السياسة عقود وفاء أبدية، ما هي إلا مراكب تُركب حينًا وتُترك حينًا، فنجد أن أصدقاء الأمس أصبحوا خصوم اليوم، وأعداء الأمس يجلسون فجأة على طاولة التنسيق المشترك، عجباً.. عجباً.. لا مبادئ راسخة ثابتة، بل مصالح متغيرة تُعيد تشكيل المواقف السياسية، فيكون مخطئاً من يظن أن خارطة السياسة وممارساتها اليوم ستبقى نفسها غدًا، فما يبدو أمام عينيك ثابتًا في السياسة، لا يلبث أن يتحوّل، وما يُبنى عليه تحليل محكم، قد ينهار تحت أول ريح صفقة دولية. لذلك يذكر مفكرو علم السياسة والإدارة العامة أن كل قرار سياسي هو ابن لحظته، محاط ببيئة اجتماعية، وضغوط اقتصادية، وإكراهات إقليمية، وتوازنات دقيقة. وحتى القرار السيادي الصادر عن النخبة الذكية قد لا يكون ناتجًا عن حريتها المطلقة، بل يأتي غالبًا كحصيلة مساومات، وتسويات، وتنازلات تجنبًا لما هو أسوأ وهذا الأمر مخفي عن الجماهير، فإن صنع السياسة ليس عملًا عقلانيًا صرفًا، بل معادلة صعبة يخالطها التوتر والخوف، والمراوغة والمناورة، والتوقعات القلقة، وفي حالات كثيرة، يُبنى القرار على أساس: «كيف نُقلّل الخسائر؟» وليس «كيف نُحقق الأهداف؟». نعم، نؤمن كمتناولي علوم الإدارة العامة والسياسة العامة أن هناك نماذج عقلانية للتخطيط، ومحاولات للترشيد في السلوك السياسي والإداري، لكن الواقع والحقيقة أن السياسة ليست ميدانًا لتطبيق المثاليات والثوابت، بل حلبة يقف فيها كل طرف على أطراف أصابعه، يراقب، ويراوغ، ويعدّل خططه في كل ساعة. والمفاجآت جزء من طبيعتها، تمامًا كما أن الفوضى ليست خللًا فيها، بل جزء من أدواتها. من هنا، هذه دعوة لعموم القراء ومتابعي الأحداث السياسية، فليعلموا أن كل قراءة متعجلة، وكل حكم نهائي على قرار سياسي، هو مغامرة فكرية حكمية غير محسوبة، فالتواضع في قراءة السياسة ليس ضعفًا، بل حكمة، ومن لم يتعلّم من التاريخ أن السياسة قادرة على قلب الصديق إلى عدو، والعدو إلى شريك، فليعد قراءته للتاريخ من جديد. فلا تنخدعوا ولا تُراهنوا على صلابة التحالفات، فغد السياسة يولد من رحم مفاجآت اليوم. وإن أردتم أن تفهموا السياسة، فابدأوا أولًا بالاعتراف.. أن لا أحد يفهمها تمامًا.

1032

| 07 مايو 2025

هل ضاعت يقظتنا في روتين الوظيفة؟

إن اليقظة الذهنية، كما عرفتها الأدبيات النفسية والتنظيمية الحديثة، هي أن تكون حاضرًا بتمامك في اللحظة.. حاضراً بجسدك، وعقلك، ومشاعرك، وقيل أنها تعني أن تعيش كل مهمة بتأنٍ، وأن تلاحظ ما يدور حولك دون أن تنجرف خلف التوتر أو التشتت أو العجلة. فعلا.. إنها مهارة تحررنا من تكرار ممارساتنا دون وعي، أو أن نخطئ دون أن ندري، وأن نتعب دون أن نعرف لماذا. لذلك، فإن إدخال هذه المهارة في القطاع الحكومي ليس ترفًا، بل هو ضرورة إدارية وإنسانية وتنظيمية، فالموظف الذي يتعامل مع المواطنين والمراجعين والمستفيدين كل يوم، ويستقبل شكاواهم، وينفّذ تعليمات، ويتخذ قرارات، هو موظف في موقع تأثير مباشر على حياة الناس. فإذا افتقد التوازن، غابت جودة الخدمة المقدمة، وتآكلت الثقة بين الطالب والمطلوب، وتراكم الإحباط الوظيفي وكثرت الأخطاء. فماذا سيخسر الموظف الحكومي إن بدأ يومه بخمس دقائق من التوقف الذهني، ومن الإصغاء لنَفسه، وسعي الى ترتيب أفكاره، قبل أن يغوص في زحمة البريد والمراجعين، دون استعجال أو انفعال، كيف سيكون أثر ذلك على المؤسسة؟ على جودة الخدمة؟ على نفسية الفريق؟ ففي لحظة اليقظة النادرة، يتوقف الموظف مع نفسه ويتساءل.. هل ما أفعله هنا له قيمة فعلية؟ هل أؤدي هذا الدور لأنني أؤمن به، أم لأنني اعتدت عليه؟ ثم ينظر حوله ويتأمل في نظام العمل، ويهمس لنفسه.. هل الإجراءات التي أكررها كل يوم ما زالت تخدم الناس كما ينبغي؟ أم أنني أتحول دون أن أشعر إلى جزء من تعقيد يرهقهم؟، ثم يغوص في أعماقه متسائلًا: هل فقدت شغفي بسبب غياب التحفيز؟ أم لأني لم أعد أرى أثر ما أقوم به؟ هل أنا موظف يغيّر شيئًا... أم أنني مجرد رقم في سلسلة طويلة من الأوامر والتعليمات؟ لذلك ترون أنني لا أدعو لحلول سحرية، بل لخطوة أولى بسيطة: أن تعترف الادارات العليا بحاجة الموظف إلى لحظات استعادة ذهنه وأن ندربه على التركيز، وأن نفتح باب الحديث عن الضغوط والتوازن الذاتي دون خجل أو إنكار، وأن توفر له بيئة مناسبة تتيح له ممارسة اليقظة الذهنية، فالموظف ليس آلة، بل هو كائن بشري، له نفسٌ تتعب، وعقلٌ يرهق، وقلبٌ يتأثر، ويحتاج فعليا الى وقفة جادة من الادارة العليا للاجابة عن هذه التساؤلات.. وقد تكون المفارقة هنا أن الموظف العربي الحكومي – رغم الاستقرار الوظيفي الذي قد يحسده عليه آخرون خصوصا في بيئة العمل الخاص – هو أكثر من يحتاج إلى محفزات داخلية للاستمرار، فكما تعلمون أن الرتابة تسرق الشغف، والتكرار يُطفئ الحماسة، والبيروقراطية تُرهق الروح، وهنا يأتي دور «اليقظة الذهنية» لتعيد إشعال تلك الشعلة الداخلية الصغيرة. وإنني أؤمن أن الاستثمار في هذه المهارات الناعمة (soft skills) هو استثمار في الإنسان ذاته، وهو أبعد أثرًا من شراء برامج إلكترونية أو خط خدمات جديدة أو إصدار تعاميم صارمة، فنحن نحتاج إلى إعادة صياغة العلاقة بين الموظف وعمله، وبين الإنسان ومهنته، وهذا لا يتم إلا حين نضع الإنسان وذاته في قلب المعادلة. لذلك من الجميل أن تهتم الإدارات الحكومية العربية بتوفير كل السبل لصناعة بيئة قادرة على تعزيز ثقافة بناء اليقظة الذهنية للموظف، وأن تقوم بتنظيم ورش في اليقظة الذهنية وأدوات ممارستها، وتسعى بها الى ادخال مفاهيم مثل «الإصغاء»، و»الانتباه»، و»الإدراك اللحظي» و» التساؤلات المنطقية « و» النقد البناء « إلى عقول موظفيها وعامليها وتستخرجها من أدرج أدبيات علم الإدارة الحكومية الى أرض الواقع العلمي. ولنتذكر دائماً.. أن لحظة يقظة واحدة في يوم مزدحم قد تفتح نافذة جديدة على الداخل النفسي، وقد تغيّر الطريقة التي نفكر بها ونعيش بها، فالعالم لا يحتاج إلى موظفين أكثر، بل إلى موظفين أكثر يقظة.

588

| 30 أبريل 2025

لماذا لا يستمع أصحاب القرار للأكاديميين؟

ظهرت في الآونة الاخيرة عدة بحوث ومقالات أكاديمية تناولت الفجوة التي نجدها بين الاكاديميين وبحوثهم وبين أصحاب القرار من الساسة واصحاب النفوذ في الدول العربية، فشعرت بقلق عميق على مستقبل المعرفة التي ينتجها الباحثون العرب، وإنني لم أقرأ مجرد أرقام وتحليلات، بل قرأت بين السطور التي سطرها أولئك الباحثون صرخة مكتومة من قلب أروقة الجامعات ومراكز البحوث، تلك الصرخة التي تسأل وتتساءل.. هل لا يزال لما يكتبه الباحث العربي أثر؟ هل ما زال للبحث وزنه في تشكيل واقع الناس وسياسة الدول ؟ أم أصبح يدور في حلقة مغلقة، فيكتب لنفسه، ويقرأ لنفسه، ويقيَّم على معايير لا تمتّ بصلة لحياة الناس ومشكلاتهم؟ فأدركتُ حينها أننا قد نكون – كباحثين وأكاديميين ومثقفين - من حيث لا نشعر، جزءًا من منظومة تُنتج معرفة معقمة، منزوعة المعنى، منفصلة عن هموم الميدان. فالجامعات، في كثير من الأحيان، صارت تحتفي بعدد ما يُنشر لا بما يُغيّر، وتهتم بمقاييس الاقتباس أكثر من اهتمامها بأثر الأفكار على أرض الواقع، وغاب السؤال الجوهري: لمن نكتب؟ ولماذا نكتب؟ وهل نكتب لأنفسنا أم لمجتمعنا؟ أكثر ما أقلقني هو أن هذا الانفصال والانفصام الذي لا يصيب فقط الباحثين، بل يمتد إلى المجتمع بأكمله، فصناع القرار والساسة يبتعدون عن الأبحاث ونتائجها والقائمين عليها وبل يتجاهلونها، والباحثون يفقدون الإيمان بجدوى ما يقدمونه، وهذا التباعد يهدد، بصمت، القيمة الحقيقية للتعليم العالي والبحوث الاكاديمية، ويجعلنا نتساءل: ما الفائدة من كل هذا الحشد الأكاديمي إن لم يكن له حضور في حياة الناس؟ بل الأدهى أن بعض الأبحاث – رغم أنها تُبذل فيها جهود ذهنية جبارة – تُرفض لأنها لا تلتزم بالقالب النظري الجامد، أو لا تتماشى مع اهتمامات مجالات النخبة، وكأننا ننتج لمرآتنا، لا لعالمٍ يحتاج إلى حلول واقعية، فأصبحت المعادلة باهتة.. كلما زادت الأبحاث، قلّ الأثر. ولأنني أعمل في بيئة أكاديمية، فإنني ألمس هذا التناقض يوميًا، أرى أساتذة كبارًا يجهدون أنفسهم في كتابة أبحاث دقيقة، لكنها لا تجد من يقرؤها خارج أسوار الجامعة، وأرى في الجانب الآخر بعض أصحاب الضمير اليقظ ممن يعمل في ادارات الحكومة في الميدان يبحثون عن حلول فورية لمشاكلهم، لكنهم لا يرون في البحوث الأكاديمية سوى ترف نظري لا علاقة له بالواقع، فعلا.. إنها فجوة لا تُقاس بالأمتار، بل تُقاس بعدد الفرص المهدرة، والثقة المتآكلة، والمعرفة الضائعة. فالدراسات تحدثت عن أسباب كثيرة لهذه القطيعة ومنها.. أنظمة المكافآت التي تكافئ الكم لا النوع، إلى الضغوط المتزايدة للنشر، وحتى أزمة المصداقية التي تتفاقم بسبب الممارسات البحثية المشكوك فيها. ولكنني أعتقد أن هناك سببًا آخر لا يقل خطورة، فقدان الشغف الحقيقي بالأسئلة الكبرى، فحين يتحول الباحث إلى موظف نشر، ويفقد الدهشة الأولى التي دفعته للبحث، فإن النتيجة تكون جافة، بلا حرارة، وبلا حياة. ورغم كل هذا، ما زال الأمل قائمًا، فأنا أؤمن أن بإمكاننا تصحيح المسار لو تحلّينا بالشجاعة الكافية لمراجعة أنفسنا، أن نكتب بلغة يفهمها غير المتخصصين، وأن ننخرط مع المجتمع ولا ننعزل عنه، وأن نعيد الاعتبار لدور الباحث كبانٍ للحضارة، لا كحافظ لأرفف المجلات المحكمة. أتمنى من أعماقي أن يدرك الساسة وأصحاب القرار في عالمنا العربي أن الباحثين والمفكرين ليسوا زينة معرفية تُستدعى في المناسبات، بل هم خزائن عقول تضم بين طياتها حلولًا لمشكلاتنا، ورؤى لمستقبلنا، وإجابات لأسئلتنا المؤجلة. كم أتمنى أن تصبح الاستعانة بالأبحاث والدراسات جزءًا أصيلًا من صناعة القرار، لا ترفًا أكاديميًا مؤجلًا إلى حين. لقد تناول الباحثون في دراساتهم الدقيقة مختلف جوانب الحياة: من الاقتصاد والتعليم، إلى الصحة والإدارة، ومن التنمية البشرية إلى التحولات الاجتماعية والديموغرافية، وقدموا رؤى تحليلية عميقة واقتراحات واقعية مدعومة بالأدلة. لكن المؤلم أن تلك الجهود كثيرًا ما تبقى حبيسة الرفوف أو المجلات العلمية، لا تجد طريقها إلى مكاتب الوزراء ولا إلى طاولات النقاش في غرف القرار. وأتمنى أيضا أن تكون هذه الصحوة الأكاديمية بداية لنهج جديد، يتقدم فيه البحث ليكون في خدمة الإنسان، لا في خدمة الورق، وأن تعود الجامعات لتكون منصات حياة، لا أبراج صامتة، وأن نعيد للعلم شرفه القديم، أن يكون نورًا يهدي، لا نصوصًا مهجورة في زوايا مكتبات مغلقة.

579

| 23 أبريل 2025

نحو عقول.. لا تخاف الضوء

في عالم يزداد تداخلًا وغموضًا، ويكاد لا يستقر على نسقٍ واحد من الفهم أو الإدراك، تصبح الحاجة إلى التفكير وبناء نموذج أمثل للتفكير الابداعي أكثر من ضرورة وجودية، إنها مهمة إنقاذ، لا للواقع فحسب، بل للذات التي تغدو مهددة بالذوبان في طوفان المعلومات والانفعالات والانتماءات المتشابكة دون تمحيص. إننا اليوم أمام مرحلة تتكسر فيها البديهيات، ويعاد فيها تشكيل المعاني، فلا تعود المعرفة كما كانت، ولا تبدو الحقيقة ثابتة كما توهّمنا ذات زمن. في هذا المسار المتقلّب، ينهض سؤال عن طبيعة التفكير، لا بوصفه أداة تحليل فقط، بل كبوصلة نجاة في وجه الرياح العاتية. فالنموذج الجديد للتفكير الذي يقترحه الآن بعض الباحثين لا يَعدُ بالفصل بين الجوانب العقلية والوجدانية، بل يتكئ على فكرة شديدة العمق: أن التفكير ليس عملية ذهنية باردة، بل هو تفاعل حيّ بين العقل والوجدان، بين التجربة والسؤال، بين الماضي كذاكرة والحاضر كمصنع يفتح الاحتمالات والمآلات، وبهذا، لا تعود ممارسة التفكير ترفًا فلسفيًا، بل حاجة ملحّة في واقع الشباب الخليجي الذي يعيش على تقاطع التقاليد والتحديث، وعلى تخوم الانتماء المحلي والضغط العالمي، في قلب توازن هشّ بين الأصالة والتجديد. ولعلّ الإشكال ليس في غياب الرغبة في التفكير، بل في ضياع المنهج في طريقتنا في التفكير. إذ كيف تفكر في زمن يقنعك بالاستهلاك قبل تأمل المنتج، وبالتنميط والتصنيف قبل التساؤل والتحليل ؟ كيف تخلق فكرتك الخاصة حين يطاردك تقليد القوم كظلّ ثقيل؟ إن النموذج المقترح اليوم لا يفرض طريقة واحدة للتفكير، بل يتيح خريطة ذهنية متحررة، تعترف بتعدد الزوايا وشرعية الشك البنّاء الإيجابي، وتدفع نحو ممارسة واعية للتأمل وتحليل الأشياء، دون الخضوع التام لما يُعرض على عقلك من نتاج الآخرين، ودون الارتهان للمعتاد. من هنا، فإن إعادة بناء التفكير ليست مهمة فردية، بل هي مشروع جماعي يبدأ من التعليم، ويمر بالإعلام، ولا يكتفي بدروس تُلقّن، بل يطالب ببيئات تتنفس السؤال وتصنعه، في بيئات تمنح الشاب حق الخطأ، وحق التجريب، وحق الصمت أيضًا، لأن الصمت أحيانًا مقدمة ضرورية لصوت جديد. فإذا كنت تريد أن تطوّر تفكيرك وتخرج من النمط المعتاد، فلا تظن أن «الإبداع في التفكير» يعني فقط معارضة السائد أو التمرد على الواقع، بل يعني أن تبدأ بكتابة نصّك الخاص، نص يحمل وجهة نظرك، ويعكس تجربتك، ويعبّر عن طريقتك في فهم العالم، فلا تقلّد الآخرين لمجرد شهرة آرائهم، ولا تكرّر ما يُقال فقط لأنه مألوف. بل ابدأ بالتعبير عن أفكارك بأسلوبك، وكن صادقًا مع نفسك، ولا تخف من أن تكون مختلفًا، فقط اسأل كثيرًا، وراجع المسلمات، وجرّب أن ترى الأمور من زوايا جديدة، وسجّل خواطرك، وافترض حلولًا غير تقليدية، ثم ناقشها مع من تثق بعقولهم، وتذكّر أن التفكير الإبداعي لا يعني الفوضى، بل هو عملية واعية تُبنى على فهم عميق وتحليل واقعي.

456

| 16 أبريل 2025

لماذا تتجاهل أمريكا قوانين سقوط الأمم؟

من يرى تحولات المشهد الأمريكي الحاصلة الآن ويتأمل في ذلك بنظرة تاريخية، يدرك عمق الأزمة التي تعصف اليوم بأمريكا التي طالما تغنّى بأمجادها أجيال مع الأسف من العرب والمسلمين الذين هاجروا اليها عبر عقود طويلة ومكثوا بها، ويبدو أن تلك الدولة العظيمة والتي كانت تُقدَّم نموذجًا للديمقراطية والحرية، أصبحت بعد وصول ترامب تنزلق إلى هاوية القمع، والانقسام، وتصفية الحسابات، وذلك في ظل قيادة تعبث بالمؤسسات وتتنكر لمبادئ الآباء المؤسسين. فالملاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية تشهد في السنوات الأخيرة تحولات خطيرة تُنذر بانهيار داخلي قيمـي وسياسي، وأصبحت تتخلى تدريجيًا عن المبادئ التي تأسست عليها، مثل الحرية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحرية التعبير، و لعل ما حصل مؤخرا في غزة قد كشف قبح الادارة الامريكية وازدواجية المعايير لديها، فغدت هذه المبادئ التي طالما تغنت بها أمريكا دوما، تُفرغ من محتواها في ظل تصاعد النزاعات والتطرف السياسي، وتكميم الأفواه، وقمع الحريات، مثل ما رأينا في مواقع التواصل الاجتماعي من ملاحقة للطلاب، وترحيل الأجانب، والتضييق على حرية التعبير خاصة تجاه القضية الفلسطينية، يكشف عن واقع جديد لدولة تسير في طريق التخلي عن إرثها الأخلاقي والدستوري. ومن قرأ التاريخ وتحولاته يجد أنه من قواعد التاريخ التي لا تتغير أن كل أمة تخلت عن مبادئها المؤسسة سقطت، مهما بلغت من القوة والاتساع، فالمبدأ الأول في سقوط الدول هو تفكك العقد الأخلاقي والالتزام السلوكي بين الحاكم والمحكوم حين تصبح السلطة أداة انتقام بدل أن تكون وسيلة إصلاح، وأما القاعدة الثانية فهي تآكل المؤسسات، وذلك عندما تنهار المهنية ويُعيَّن غير المؤهلين في المواقع الحساسة والحيوية، فضرب الكفاءة وهدمها داخل المؤسسات هو مسمار قاتل في نعش أي دولة، وأما القاعدة الثالثة هي فقدان العدالة وازدواجية المعايير، فحين يُقمع الطلاب لمجرد التعبير عن رأيهم في مظاهرة سلمية، وتُصنف الاحتجاجات الأخلاقية كجرائم أمنية، فإن النظام يكون قد اختار طريق السقوط الاخلاقي والمؤسسي، فالعدل هو أساس الملك، وإذا غاب، غابت معه شرعية الدولة، مهما ادّعت القوة أو السيادة. ولمن يقرأ في التاريخ السياسي الاسلامي يجد ذلك جلياً وواضحاً، فالدولة الأموية فقدت توازنها عندما غلب التعصب القبلي والترف على مبادئ العدل، والدولة العباسية انهارت عندما ضعفت القيادة واستبدت الرؤوس الفرعية وظهرت الثورات من الهامش غير المتوقع، وأما الدولة العثمانية، فقد بدأ تدهورها حين انشغلت بالحروب الخارجية وأهملت الإصلاح الداخلي، وفسدت إدارتها، وابتعدت عن مبادئ الشورى والعدل. * لذلك نجد أن القاسم المشترك في سقوط هذه الدول جميعًا كان الابتعاد عن المبادئ التأسيسية التي قامت عليها، واليوم نجد الولايات المتحدة تُعيد هذا السيناريو، على مرأى العالم بلا حياء، وبنفس المؤشرات كالقمع، والمحاباة، وغياب العدالة، وتغليب المصالح على المبادئ، والتاريخ لا يرحم أمة تنسى لماذا قامت، ولا تعرف إلى أين تتجه.

465

| 09 أبريل 2025

لا تؤجل فرحتك.. فالمشاعر لا تؤجل

نعيش هذه الأيام فرحة عيد الفطر السعيد، بعد أن ودّعنا شهر الرحمة والمغفرة، والذي نسأل الله أن يعيده على الأمة العربية والإسلامية بالأمن والسلام والوحدة. إلا أننا في دوامة الحياة اليومية، حيث تتزاحم المهام والالتزامات، وتتكاثر هموم الأعمال، ويتحول الإنسان إلى كائن وظيفي يدور في فلك الواجبات غير المتناهية دون أن يلتفت إلى روحه، يصبح الفرح شيئًا مؤجلًا، مؤجَّلًا إلى حين وإلى وقتٍ غير معلوم، نجد البعض يتساهل حتى في اقتناص الفرحة الموسمية والمتمثلة بالعيد وما يحويه من مشاعر روحانية واجتماعية وما ذلك الا كسل اجتماعي وفتور نفسي. *والحقيقة أن الفرح ليس خيارًا هامشيًا، بل حاجة إنسانية فطرية، هو ليس نقيضًا للجدية، ولا عدوًا للإنجاز، بل هو وقود للنفس، وتجديد للمعنى، وإعادة ضبطٍ لنبض القلب، فالإنسان بطبيعته لا يمكنه أن يستمر في العطاء والإنتاج إن لم يتنفس بهجة الحياة بين الحين والآخر، والفرح ليس فقط لحظة زهو، بل توازن داخلي، ودفقة نور تذكر الإنسان بأنه ما زال حيًّا بروحه لا بجسده فقط. حين يأتينا العيد، نجد أن من المنطق والطبيعي أن يتسلل الفرح إلى أرواحنا لا بوصفه احتفالًا موسميًا دينيا عابرا، بل كتذكير ناعم بأننا نستحق السعادة والفرح، مهما أثقلتنا الأعباء، ومهما جرحتنا الأيام، ونستحق أن نضحك، أن نرتدي الجميل، أن نُصافح بحب، أن نعيش لحظة لا يسرقها القلق من الغد، ولا يفسدها حنين إلى ما لا يُستعاد، والعيد يحمل رمزية عميقة، فهو لحظة توقف في الزمن، تُمنح للروح كي تتنفس، للقلوب كي تتلاقى، وللنفس كي تستريح من جدية الحياة. *لكن لماذا نؤجل الفرح أو لا يحاول استشعاره؟ لأننا ببساطة نربطه بشروط، فلا نفرح إلا إذا أنجزنا شيئًا ملموساَ، أو حققنا هدفا ماديا، أو تحسنت الأحوال المعيشية، فالبعض يرهن الفرح لحدوث ما لا يمكن السيطرة عليه، ثم يستغرب لماذا لا نشعر بالسعادة. وهكذا، نبقي مع الأسف الفرح في غرفة الانتظار، ونسجن أنفسنا في دائرة التأجيل والتمني للمشاعر، فنؤجل الفرح، حتى حين يكون بين أيدينا، ونؤجله لأنه يتطلب منا جرأة على كسر القالب، وتخفيف الحمل، والخروج عن النص. والناظر الى حقيقة الفرح يجد أنه لا يُمنح من الخارج، بل يُصنع من الداخل، هو موقف داخلي قبل أن يكون حالة ظرفية. والعيد، في جوهره، ليس مجرد تقويم أو مناسبة، بل هو دعوة روحية لمصالحة النفس، وتجديد العلاقة بالحياة، ففي العيد، لا نفرح لأن كل شيء كامل، بل نفرح رغم أن لا شيء كامل بل النقصان شأن الأمور والأشياء، *ولا ننسى أن الفرح لا يكتمل حين يكون فرديًا، بل حين يمتد للآخرين، خصوصا في وجوه الأطفال، ويكمن في يدٍ تعطي، وفي زيارة يتجدد بها الود، فنجد المعنى الأعمق للعيد. فالعيد يا أحبابي هو موسم للتخفف من الأثقال، لتصفية الخواطر، لتقبيل الذاكرة، وللسماح للفرح بأن يتنفس في صدورنا، فلا تؤجلوا فرحتكم. وعيدكم مبارك.

597

| 02 أبريل 2025

العرب بين التراجع والاستفاقة.. متى نخرج من دور الضحية؟

في زمن تعالت فيه صرخات العرب، وضاعت فيه الحقائق بين دخان الحروب وأشلاء الأحلام، بات السؤال يحترق في ضمائر المخلصين من هذه الأمة العربية متساءلين: إلى متى نظل نحن العرب أسرى دور الضحية؟ إلى متى نعوّل على سردية المؤامرة، ونتقن البكاء على الأطلال، بينما ترتفع رايات الأمم الأخرى على أنقاض أوطاننا؟ عجبا لنا ولزمننا، إنه زمن العرب الذي يترنح بين ماضٍ تليد صنعه الأجداد، وحاضر مشلول نرثي فيه أنفسنا، وننتظر معجزة تسقط من السماء، دون أن نمد أيدينا وننتزع مصيرنا من بين فكّي التبعية والتيه والخنوع والخضوع. فقد صار العربي يتفنن في سرد القصص عن الاحتلال، والاستعمار، والخيانة، دون أن يسألوا أنفسهم: ماذا قدّمنا نحن؟ كيف نوقف هذا السقوط الحر؟ متى تحوّلنا إلى أمة تُحسن البكاء ولا تحسن الفعل؟ متى نكف عن اجترار ماضينا بحسرة، وننهض لصناعة مستقبل يليق بعظمة العرب التي دفناها بأيدينا؟ فالأمة العربية، منذ ما يزيد على قرن، تتقمص دور الضحية ببراعة، باستسلام واضح للعيان، فثقافة الاستضعاف تملكت عقولًا كثيرة من العرب، وتروّج لنظرية المؤامرة كذريعة للكسل، وتهرب من مواجهة الذات. فنلوم القوى الخارجية على مصائبنا، ونتجاهل فساد إداراتنا العربية، وسلبية شعوبنا، وتمزيق وحدتنا بأيدينا، وقيام إعلامنا بتضليلنا، وكلما تقدمت أمة، رمينا نجاحها على أنها لعبة من ألاعيب الاستعمار، بينما نغرق في تخلف صنعناه بأيدينا، ونحن نصفق له على أنه قدر لا فكاك منه. لذلك نجد – حتى نكون عمليين – أن الحل يبدأ بإعادة صياغة العقل العربي، فنحن بحاجة إلى ثورة فكرية حقيقية تخلع عنّا عقلية الضحية، وتزرع مكانها قيم المبادرة والعمل، بعيدًا عن جلد الذات أو تعليق الفشل على شماعة الآخر، وهذا لا يتحقق إلا من خلال إيجاد مناخ سياسي يؤمن بالتعبير عن المشكلة والتنبيه لها والإشارة إليها، ثم تعليم واعٍ، لا تعليم تلقيني يخرّج حفّاظًا يمجدون أوهامًا لا تصنع مستقبلًا، فنحن نرنو لتعليم ينتج مفكرين ومبدعين يحملون رؤية جديدة تنهض بالأمة. وإلى جانب ذلك، لا بد من بناء مؤسسات حقيقية، فالدول القوية تنهض بالمؤسسات الراسخة، لا بالأشخاص العابرين، ونحن بحاجة إلى قضاء مستقل، وإعلام حر، واقتصاد منتج، يخلق فرصًا ويحرر الإرادة الوطنية من التبعية، وبعيدًا عن انتظار الزعيم المخلّص الذي قد لا يأتي. فإحياء المشروع العربي المصيري الوحدوي أصبح ضرورة، ومشروع لا يستند إلى حنين عاطفي للماضي، بل إلى رؤية معاصرة تنطلق من المصالح المشتركة، وتجاوز الخلافات المصطنعة بين العرب والأقطار العربية، والأهم من ذلك كله هو إشاعة ثقافة العمل والإنجاز، بدلًا من ثقافة الشكوى والتذمر، لأن المستقبل لا ينتظر من يبرع في الحزن، بل من يملك خطة واضحة للعمل والإصلاح.

1206

| 26 مارس 2025

هل العادات والتقاليد مقدسة؟ وهل من الممكن تجاوزها؟

إن المتأمل في العادات والتقاليد يجد أنها ليست مجرد مظاهر شكلية أو أفعالًا مكرورة توارثتها الأجيال جيلاً بعد جيل، بل هي خلاصة التجربة والممارسة الإنسانية لمجتمع ما عبر الدهور، فهي تعكس رؤيته للحياة، وتترجم قيمه ومعتقداته وثقافته، كما تعكس نظرته إلى الوجود والعالم من حوله، فإن العادات والتقاليد هي بمثابة الذاكرة الجمعية للشعوب، وسجلها الحيّ الذي يحفظ ملامحها وهويتها، ويصنع من خلالها سلوك الأفراد وينظّم علاقتهم بعضهم ببعض، كما تُرسّخ قواعد الانتماء، وتعزّز الشعور بالهوية والخصوصية الثقافية، فيعرف بها الإنسان نفسه، ويشعر بالانتماء إلى مجتمعه وبيئته، ويدرك موقعه ضمن نسيج اجتماعي واسع ومتداخل. إلا أن السؤال الذي يفرض نفسه بإلحاح في هذا السياق: هل العادات والتقاليد مقدسة؟ وهل ينبغي التمسك بها على إطلاقها، مهما كانت طبيعتها أو أثرها؟ إن الحقيقة التي لا خلاف فيها أن التقديس لا يكون إلا لما ثبت بنصٍ من وحي السماء، أما العادات والتقاليد والأعراف، فهي جهد بشري خالص، ونتاج لسياق تاريخي مجتمعي وثقافي محدد، فالعادات خاضعة للتطور والنقد، والتقاليد قابلة للمراجعة والاختبار مع تغيّر الأزمنة والأحوال والظروف، فما كان منها منسجمًا مع فطرة الإنسان ومصلحته العليا العامة، ومحققًا للعدل، ودافعًا إلى صيانة الكرامة الإنسانية، فهي تقاليد وأعراف تستحق الحفظ والصيانة والاعتزاز. وأما ما تحوّل منها إلى قيدٍ يكبل الإنسان وحريته الفكرية والمعرفية والسلوكية، أو حاجزٍ يحول دون تطور المجتمع وارتقائه، فهو مما تجب مراجعته، بل وربما تجاوزه، بعقل راشد، وبصيرة نافذة. لذلك فالتقاليد ليست صخورًا صماء لا تتحرك، بل أشبه بالنهر الجاري، يتجدد في مساره العام، ويحمل شيئًا من ماضيه القديم، لكنه لا يتوقف عند نقطة واحدة من حياة البشرية، فالمجتمعات التي تجمّدت عند أعراف لم تعد تناسب روح العصر الآني، نجد أنها قد أصابها الوهن والجمود، وتراجعت مكانتها بين الأمم. وكما هو الغلو مذموم فالتجافي مذموم أيضا، فنرى المجتمعات التي نسفت جذورها تمامًا، وتنكرت لموروثها، تاهت عن ذاتها، وفقدت خصوصيتها، وضاعت في زحام الأمم. وقد جاء الإسلام بتشريعاته وأطره الواسعة ليقدم موقفًا متوازنًا تجاه الأعراف والعادات والتقاليد، فلم يرفضها لأنها موروث بشري، بل قبِل منها ما وافق مبادئ العدل والإحسان، ورفض ما يعارض الكرامة أو يكرّس الظلم، بل إن كثيرًا من التقاليد العربية السابقة، مثل إكرام الضيف، وصلة الرحم، والوفاء بالعهد، أقرها الإسلام، وشجّع عليها. وهذا يدل على احترامه لما هو أصيل ومتجذر، ما دام لا يصادم أصول الدين. وفي نهاية الأمر، تبقى النصيحة لكل مجتمع في الوجود، أن يعيد النظر في عاداته وتقاليده بين الحين والآخر، بعين الحكمة والعدل، فيحافظ على ما يربطه بجذوره، ويمنحه هويته وشخصيته، ويتخلّى عما يقيّده ويعيق حركته نحو التقدم، فالعادات حين تتجدد بروح العصر، تبقى حيّة نابضة، تخدم الإنسان، ولا تستعبده.

768

| 22 مارس 2025

كيف نتعامل مع أخطاء العلماء والمثقفين؟

يروى في التاريخ أن الحسن البصري أفتى يومًا فتوى، فخالفه ابن سيرين، فردّ عليه ببيانٍ جليّ، وحجةٍ قوية. فما كان من الحسن إلا أن أطرق رأسه، ثم قال: "كلنا خطّاء، وخير الخطّائين من أناب للحقّ وأذعن للصواب". فلم يرَ في الردّ غضاضة، ولا في النقد مهانة، بل علم أن العالم يؤخذ منه ويُردّ عليه، وأن الفضل لا يُمحى بزلة، ولا العلم يُنسف بهفوة. نجد في كل عصر، أن العلماء والمثقفين لا يزالون بمثابة منارات تضيء الطريق أمام مجتمعاتهم، حاملين شعلة الفكر والتجديد، ولكن ماذا يحدث عندما يخطئ أحدهم؟ هل يُمحى تاريخه بضربة قاضية؟ هل تُنسف جهوده كأنها لم تكن؟ نرى أن التعامل مع أخطاء العلماء والمثقفين هو في جوهره اختبار لمستوى الوعي والنضج الفكري في المجتمع. أحبابي.. إن الخطأ طبيعة بشرية، والعصمة ليست من سمات المفكرين ولا العلماء، بل هي شأن إلهي خالص يهبه لأنبيائه. ومع ذلك، نرى اليوم من يتعامل مع زلات العلماء وكأنها جريمة لا تُغتفر، فيمارس محاكمات علنية قاسية، تُجرد صاحبها من كل منجزاته السابقة، كأن تاريخه الفكري والعلمي كان وهماً لا حقيقة له وصرحا من خيال قد هوى، فإن هذا اللون من التفكير قائم على رؤية نقدية أحادية وحادة، لا تعترف بالتطور والنمو، بل تحاكم الإنسان بلحظة واحدة من حياته. فالنقد الموضوعي البنَّاء شيء، والهدم المتعمد شيء آخر، ونقد العالم والمثقف أمر مشروع، بل ضروري، فهو جزء من ديناميكية الفكر وتطوره وتحسينه، لكن يجب أن يتم ذلك في إطاره الصحيح، بعيداً عن التهجم الشخصي أو النوايا المغرضة والطعن في الذوات، فاحترام الشخص لا يعني أبداً تبني كل آرائه، كما أن مخالفة الرأي لا تعني الطعن في الشخص ذاته. يمكن أن نخالف عالماً أو مفكراً في مسألة ما، ومع ذلك نظل نُقدر إسهاماته ونحفظ له مقامه العلمي. وهنا يكمن الفارق الجوهري بين النقد البناء والتشهير، فالأول يستهدف تصحيح الفكرة، والثاني يستهدف إلغاء الإنسان ذاته، والشعوب التي تتقدم هي التي تُدرك هذا الفارق بوضوح، فتتعامل مع الفكر كحقل للنقاش والجدل، لا كحلبة للصراع والإقصاء. وعلى جانب آخر فالانحياز المطلق، سواء كان للعلماء والمثقفين وادعاء عصمتهم والتطبيل لهم، هو مظهر من مظاهر ضيق الأفق والجهل المريع، فكما أن العداء المطلق للعلماء خطأ، فإن تقديسهم واعتبارهم فوق النقد خطأ لا يقل فداحة، والمطلوب هو موقف متزن، يعترف بفضل المبدعين من العلماء والمثقفين لكنه لا يُنزههم عن الخطأ، فيحترم الأشخاص لكنه لا يُلزم نفسه بتبني آرائهم دون تمحيص. وفي النهاية، يجب أن نعي أن التراث العلمي والفكري هو بناء تراكمي، وكل عالم أو مفكر يضيف لبنة في هذا البناء، فإن أخطأ، نبهناه، وإن أصاب، شكرناه، لكن لا ينبغي أن يكون الخطأ معول هدم يهدم كل شيء، فالعبرة ليست في السقوط، بل في القدرة على النهوض، ولعلنا حين نُدرك ذلك نصبح مجتمعاً أكثر إنصافاً ونضجاً، وأكثر قدرة على احتضان الفكر بكل ألوانه.

471

| 12 مارس 2025

الإنتاجية في رمضان.. إرادة أم أعذار واهية؟

يعتقد بعض الموظفين أن رمضان هو شهر التباطؤ في الأداء والانخفاض في الإنتاجية، متناسين أنه يمكن أن يكون فترة مثالية لتعزيز الكفاءة والفاعلية في بيئة العمل، فعبر التاريخ، كان رمضان شهر الإنجازات والانتصارات، فلماذا أصبح اليوم مرتبطًا بالتأجيل والتسويف؟ من يتأمل ذلك يجد أن التحول من ثقافة الكسل إلى ثقافة الإنتاج في رمضان يتطلب وعيًا إداريًا، وتخطيطًا فعالًا، وانضباطًا شخصيًا، فالمنظمات الناجحة تدرك أن إدارة الوقت والطاقة خلال هذا الشهر يمكن أن تزيد من كفاءة العمل وتساعد في تحقيق الأهداف المؤسسية دون الإخلال بروحانية الشهر الفضيل. فكيف نجعل رمضان شهرًا للكفاءة والإنجاز؟، أعتقد أنه أول المتطلبات لتحقيق الكفاءة في رمضان هو إعادة ترتيب الأولويات واستغلال أوقات الذروة بذكاء، فالساعات الأولى من اليوم، بعد السحور غير الثقيل طبعا، هي الأكثر إنتاجية بسبب صفاء الذهن ونشاط الجسم، لذك، ينبغي التركيز خلالها على المهام التحليلية والإبداعية، بينما يمكن تخصيص فترة ما بعد الظهيرة للمهام الأقل استنزافًا للطاقة مثل الاجتماعات الروتينية والتنسيق الإداري. وأحيانا نجد أن بعض المؤسسات تقلل ساعات العمل في رمضان دون استراتيجية واضحة، مما قد يؤدي إلى تراكم الأعمال بعد الشهر الفضيل، لذلك فالحل يكمن في تصميم نظام مرن يوازن بين تقليل عدد الساعات وزيادة الفاعلية، من خلال تحديد الأهداف بوضوح وتحفيز الموظفين على الإنجاز ضمن الإطار الزمني المتاح. ونأتي هنا إلى أن من أكبر الأخطاء التي يقع فيها الموظفون خلال رمضان هو الاعتماد على التأجيل والبطء في إنجاز المهام، لذلك يجب تشجيع التخطيط المسبق، ووضع قائمة بالمهام اليومية، والالتزام بإنجاز الأولويات بدلًا من تأجيلها. ويجب علينا أن نتذكر البعد الروحاني للشهر الفضيل، فرمضان شهر تهذيب النفس والانضباط الذاتي، وهذه القيم يمكن توظيفها في بيئة العمل، عندما يدرك الموظف أن الالتزام بالعمل بإتقان هو جزء من أداء الأمانة الوظيفية، فإنه سيعمل بجدية أكبر، ويمكن للإدارة تعزيز هذا المفهوم عبر مبادرات تحفيزية، مثل مكافآت الأداء، أو حملات «العمل عبادة» التي تربط بين العطاء الوظيفي والأجر الروحي. ولا ننسى أبدا دور العادات الغذائية والنوم الجيد اللذين يلعبان دورًا حاسمًا في الحفاظ على النشاط خلال رمضان، فالموظفون الذين يتبعون نظامًا صحيًا متوازنًا، ويتجنبون الإفراط في الطعام عند الإفطار، ويتمتعون بساعات نوم منتظمة، يكونون أكثر تركيزًا وأعلى كفاءة في أداء مهامهم. لذلك فقد حان الوقت لتغيير الصورة النمطية عن رمضان كشهر للكسل والخمول إلى شهر للإنجاز والفاعلية، فالعمل في رمضان ليس عبئًا، بل فرصة لإعادة اكتشاف قدراتنا وتحقيق التوازن بين الروحانية والإنتاجية، وإذا كان أجدادنا قد حققوا انتصارات تاريخية عظيمة في هذا الشهر، فمن الأولى أن نحقق نحن انتصاراتنا المهنية والوظيفية.

486

| 05 مارس 2025

السلوك الأخضر.. ترف أم ضرورة؟

الصباح هادئ جدا، والهواء نقي، لكن هناك شيء مختلف هذا اليوم، فالضوء الذي يتسلل عبر النوافذ يبدو أكثر نقاءً، والطرقات أقل ازدحامًا، والمباني من حولي تعكس الشمس دون أن تستهلكها. هنا مبنى حكومي حديث، واجهته الزجاجية تمتص الطاقة الشمسية لتضيء مكاتبه الداخلية، وتزيد موظفيه إشراقا في نفوسهم وأرواحهم أثناء عملهم، وعند المدخل الرئيسي، عبارة منقوشة تقول: "بسلوكنا الأخضر.. نحن نرعى بيئتنا كما نرعى خدماتكم". السلوك الأخضر ليس مجرد إجراء، بل حالة وعي، إنه تلك اللحظة التي يدرك فيها الإنسان أن الأشياء الصغيرة التي يقوم بها يوميًا لها تأثير حقيقي، وأن لكل فعل صدى أبعد مما يتخيل. فكيف يمكن لمؤسسة حكومية أن تكون أكثر خضرة؟ ربما ببيئة عمل تقلل من استخدام الورق، أو بإضاءة ذكية تتكيف مع حركة الناس، أو حتى بمبانٍ تحتضن الأشجار بدلاً من أن تقتلعها. السلوك الأخضر ليس مجرد نزعة حديثة أو اتجاهًا بيئيًا عابرًا، بل هو مفهوم علمي إداري عميق وقائم على دراسات في الإدارة والاستدامة، يربط بين تصرفات الأفراد والمنظمات وتأثيرها على البيئة. فعلا إنه الترجمة العملية لفكرة أن القرارات الصغيرة، سواء في المؤسسات الحكومية أو في الحياة اليومية، يمكن أن تصنع فارقًا حقيقيًا في الحفاظ على الموارد وتقليل الأثر البيئي. في المباني الحكومية الحديثة، لم تعد الاستدامة رفاهية، بل ضرورة متكاملة مع أساليب العمل. فالزجاج العاكس للحرارة يقلل الحاجة إلى التكييف، والإضاءة الذكية تعمل فقط عند الحاجة، بينما تقلص المعاملات الرقمية استهلاك الورق بشكل جذري. وهذه التغييرات ليست مجرد إجراءات تنظيمية، بل ناتج دراسات علمية تؤكد أن الإدارة البيئية الفعالة تساهم في تحسين الأداء المؤسسي وتقليل التكاليف على المدى الطويل. السلوك الأخضر يتجاوز كونه ممارسة مؤسسية ليصبح نمط حياة وظيفي، وعندما يصبح تقليل الهدر عادة وتقليدا، وعندما يتحول الحفاظ على الطاقة إلى وعي داخلي، فإن الاستدامة تتحقق ليس فقط في القوانين، بل حتى في السلوكيات اليومية. والأبحاث العلمية تشير إلى أن الأفراد الذين يعملون في بيئات تتبنى الاستدامة يصبحون أكثر ميلًا لتطبيق هذه العادات في منازلهم أيضًا وحياتهم الشخصية، مما يخلق تأثيرًا متسلسلًا يجعل المجتمع بأكمله أكثر وعيًا بيئيًا. لذلك نجد أن الحديث عن السلوك الأخضر ليس ترفًا فكريًا، بل استجابة علمية لاحتياجات العصر. فالعالم يواجه تحديات بيئية غير مسبوقة، والتغير المناخي ليس مجرد خبر في نشرات الأخبار، بل واقع يتطلب حلولًا عملية تبدأ من أصغر التفاصيل، ونستطيع أن نقول بأن السلوك الأخضر ليس مجرد خيار، بل هو مسؤولية ووعي بأن كل قرار، مهما بدا بسيطًا، يترك أثرًا، وعندما يصبح هذا الإدراك جزءًا من ثقافة المؤسسات والأفراد، فإن العالم حتمًا سيصبح مكانًا أنقى، وأجمل، وأكثر قدرة على الاستمرار.

684

| 26 فبراير 2025

alsharq
مامداني.. كيف أمداه ؟

ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...

16986

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
شكاوى مطروحة لوزارة التربية والتعليم

ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...

7974

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الطوفان يحطم الأحلام

العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل...

7815

| 10 نوفمبر 2025

alsharq
الإقامة للتملك لغير القطريين

في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال...

6876

| 13 نوفمبر 2025

alsharq
عيون تترصّد نجوم الغد

تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...

3555

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الوأد المهني

على مدى أكثر من ستة عقود، تستثمر الدولة...

2988

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
الصالات المختلطة

تشهد الصالات الرياضية إقبالا متزايدا من الجمهور نظرا...

2094

| 10 نوفمبر 2025

alsharq
كلمة من القلب.. تزرع الأمل في زمن الاضطراب

تحليل نفسي لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن...

1614

| 11 نوفمبر 2025

alsharq
عندما يصبح الجدل طريقًا للشهرة

عندما صنّف المفكر خالد محمد خالد كتابه المثير...

1158

| 09 نوفمبر 2025

alsharq
من مشروع عقاري إلى رؤية عربية

يبدو أن البحر المتوسط على موعد جديد مع...

1086

| 12 نوفمبر 2025

alsharq
رسائل استضافة قطر للقمة العالمية للتنمية الاجتماعية

شكّلت استضافة دولة قطر المؤتمر العالمي الثاني للتنمية...

1035

| 09 نوفمبر 2025

alsharq
الذكاء الاصطناعي وحماية المال العام

يشهد العالم اليوم تحولاً جذريًا في أساليب الحوكمة...

894

| 10 نوفمبر 2025

أخبار محلية