رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

ثلاثون فضيلة لصائم يوم عرفة

ما أعظم فضل الله تعالى، وما أوسع كرمه، فى صيام يوم فى سبيله كم هي كثيرة وكبيرة فضائله وخيراته وهباته على عباده، فى هذه العجالة، نستشرف فضله فى صيام هذا اليوم أكثر الأيام لله عتقا لعباده من النار هذه الفضائل منها ما هو فى الدنيا ومنها ما هو فى الآخرة، بعضها فى الصيام وبعضها فى تناول السحور، وطرف منها فى تعجيل الفطر، وطرف منها فى بدن الصائم، وأخرى فى عقله، وكذا فى نفسه وهكذا. ولا غرابة ولا عجب فهو أحد أيام الأشهر الحرم، وأحد أيام أشهر الحج بل الوقوف فيه بعرفة أعظم أركان الحج وفيه قال صلى الله عليه وسلم " مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ "[1] وصيام هذا اليوم سنة لمن ليس بعرفة، وقد صامه بها بعض السلف لعظيم الأجر والثواب كما سنري وهاك الفضائل الرابية على الثلاثين بحول الله وقوته. 1. سنة من سنن النبي ص " وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا"[2] " مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ"[3] 2. تكفير ذنوب سنتين قال صلى الله عليه وسلم" صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ»[4] خاصة الصغائر. 3. رفع الدرجات: فمن تابع صيام يوم عرفة سنويا، استشكل تكفير صغائر السنة الماضية فقد غفرت وتم تكفيرها بصيام يوم عرفة السابق وعليه فيرفع له درجات — كما هو مقرر عند أهل السنة. فى السحور 4. بركة السحور قال صلى الله عليه وسلم «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»[5] 5. صلاة الله.... 6. وصلاة ملائكته.. قال صلى الله عليه وسلم:" إن الله تعالى وملائِكَتَهُ يُصَلُّونَ على المُتَسحِّرينَ"[6] بمعنى رحمة الله وثنائه في الملأ الأعلى على عبده وقيل رحمة مع تعظيم. 7. مخالفة أهل الكتاب قال صلى الله عليه وسلم: «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَكْلَةُ السَّحَرِ»[7] 8. جُـنـة — وقاية — من النار قال صلى الله عليه وسلم " الصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ النَّارِ"[8] 9. فرحــه بصومه فى الآخرة حيث يدخله ربه الجنة.... 10. وفرحه بفطره فى الدينا قال صلى الله عليه وسلم: " لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ "[9] 11. الشفاعة يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم " الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ..فَيُشَفَّعَانِ))[10] 12. أجر عظيم قال صلى الله عليه وسلم " وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ... أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا"[11] 13. باب الريان قال صلى الله عليه وسلم " إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ "[12] 14. خلوف فمه أطيب من المسك قال صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ المِسْكِ»[13] 15. بعده عن النار 70 خريفا قال صلى الله عليه وسلم: " من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله بعد الله وَجهه عَن النَّار سبعين خَرِيفًا "[14] 16. بعده عن النار مسيرة 100 عام قال صلى الله عليه وسلم " «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ مِنْهُ جَهَنَّمَ مَسِيرَةَ مِائَةِ عَامٍ»"[15] 17. بعده عن النار كما بين السماء والارض قال صلى الله عليه وسلم " مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ."[16] 18. استجابة دعائه أثناء صيامه قال صلى الله عليه وسلم "ثلاثُ دَعَواتٍ لَا تُرَدُّ: دَعْوَةُ الوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ ودَعْوَةُ المُسافِرِ"[17] فى تعجيل فطره 19. استجابة دعائه عند فطره قال صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ دَعْوَةً لَا تُرَدُّ». قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ إِذَا أَفْطَرَ: بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ اغْفِرْ لِي" 20. الدوام والاستمرار على سنته صلى الله عليه وسلم فى الصحيح " لا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى سُنَّتِي مَا لَمْ تَنْتَظِرْ بِفِطْرِهَا النُّجُومَ "[18] 21. أمارة استدامة الخيرية قال صلى الله عليه وسلم «لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ»[19] 22. إظهار شعائر الدين قال صلى الله عليه وسلم:"لا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِراً مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ "[20] 23. مخالفة المغضوب عليهم والضالين قال صلى الله عليه وسلم "لا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِراً مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ، إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ"[21] 24. محبة الله قال صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل " إن أحبَّ عبادي إليّ أعْجَلُهُمْ فِطرًا"[22] 25. صحته وعافيته قال صلى الله عليه وسلم " صوموا تصحوا"[23] 26. السقيا يوم العطش فى الحديث "إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَضَى عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مَنْ أَعْطَشَ نَفْسَهُ لَهُ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ سَقَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْعَطَشِ"[24] ويشهد له حديث الريان الذي مر معنا. 27. أخذ النفس بالصبر والثبات على المكاره: حيث يكلف الصائم نفسه البعد عن شهوات النفس (البطن والفرج) بعزم قوي، وصبر جميل، " يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي"[25] 28. المحافظة على النفس من الوقوع في الآثام والمعاصي قال صلى الله عليه وسلم"إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَسْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ "[26] وفى رواية "وَلَا يَجْهَلْ"[27] 29. التشبه بالملائكة في الكف عن الشهوات: والتنزه عنها ولو إلى حين، كما هو الشأن فى الحديث: «المَاهِرُ بِالقُرْآنِ مَعَ الكِرَامِ البَرَرَةِ»[28] 30. إيقاد الفكرة وإنفاذ البصيرة: قديما قيل: إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة. 31. يُذكِّره ببشريته.... 32. كما يُذكِّره بما هو عليه من المسكنة والمذلة حين الشعور بالحاجة إلى كسرة خبز أو شربة ماء، وتلك هي البشرية ولذا نادى القرآن على النصارى ببشرية المسيح "مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ"[29] 33. من ختم له به دخل الجنة قال صلى الله عليه وسلم "من صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاء وَجه الله ختم لَهُ بِهِ دخل الْجنَّة"[30] حسن الخاتمة من أدركته منيته ختام صيام هذا اليوم فقد أراد الله تعالى به الخير وأحسن خاتمته قال صلى الله عليه وسلم"إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ" فَقِيلَ: كَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ المَوْتِ"[31] نسأل الله تعالى بحرمة وجهه الكريم والصلاة والسلام على نبيه المصطفى الكريم حسن الخاتمة والعتق من النيران اللهم آمين.

823

| 02 أكتوبر 2014

ابتدأ نزول القرآن الكريم في العشر الأخير

لقد اختار الله تعالى من الأيام والليالي أياما وليالي جعلها مواسم خير ، وأيام عبادة ، وأوقات قربات، وهي بين أيام السنة، كأوقات الضحى من النهار ، قليلة عزيزة وبين لياليها كالساعات الأولى عند انبلاج الفجر ، ما تلبث أن تذهب سريعا ، والرشيد السعيد من تعرض لها، ونهل من خيرها، ومن هذه المواسم النيرات، والنفحات المباركات، أيام العشر الأول من ذي الحجة الحرام، فقد آثرها الله على ما سواها، فرفع من شأنها واجتباها، وجعل ثواب العمل فيها أعلى من ثوابه فيما دونها، علاوة على ما خصها الله تعالى به من أعمال فريضة الحج التي لا تكون في غيرها. وإن إدراك هذه العشر نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على عباده ، لأنه يدرك موسماً من مواسم الطاعة التي تكون عوناً للمسلم - بتوفيق الله - على تحصيل الثواب واغتنام الأجر، فعشر ذي الحجة "هذه هي الأيامُ العشر التي1-أقسم اللّه بلياليها في قوله: ""وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ"[1] "(وهو قول ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف - رَضِيَ الله عنهم - ). قال ابن كثير في تفسيره: وهو الصحيح وهكذا قد تبين فضل وأهمية هذه الليالي العشر الأول من شهر ذي الحجة بأن الله تعالى قد أقسم بها والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه.2-بل ورد أنها هي العشر التي أتم الله -تعالى- بها الميقات لموسى -عليه السلام- لِتلقي الألواح في قوله -تعالى-: "وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً" قال ابن كثير : " الأكثرون على أن الثلاثين هي ذو القعدة والعشر عشر ذي الحجة... فعلى هذا يكون قد كمل الميقات يوم النحر، وحصل فيه التكليم لموسى -عليه السلام-,3-وفيها أكمل الله الدين لمحمد -صلى الله عليه وسلم- قال -تعالى-: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً " وعليه فقد ابتدأ نزول القرآن الكريم في العشر الأخيرة من رمضان في ليلة القدر واكتمل نزوله في العشر الأول من ذي الحجة بنزول قوله تعالى " اليوم أكملت لكم .." الآية يوم عرفة.4- وهي الأيام المعلومات التي شرع فيها ذكر الله قال تعالى :" " وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ"[2] قال ابن عباس - رَضِيَ الله عنهما -: الأيام المعلومات هي أيام العشر، وهو مذهب الشافعي والمشهور عن أحمد بن حنبل. وهذه العشر مشتملة على يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر الذي هو يوم الحج الأكبر ويوم القر. وفي الحديث "ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد"[3] .ثم تكون المعدودات عقبها " وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى "[4] والأيام المعدودات أيام التشريق الثلاثة " الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة)5- وفى عاشر هذه الأيام قال تعالى "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ""[5]، فالصلاة هنا صلاة العيد والنحر ذبح الهدي والأضاحي، وهو خاتمة الأيام المعلومات المشار إليها آنفا. ولهذا في الصحيح:- (إن أول ما نبدأ به يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح فإنما هو لحم قدّمه لأهله ليس من النُسُك في شيءٍ..)[6] هذه أدلة فضل الأيام العشر من الوحي المعصوم.ومن السنة1-أفضل أيام الدنيا فى الصحيح " أفضل أيام الدنيا العشر – يعني عشر ذي الحجة – "[7]2- في تاسع هذه الأيام قوله - صلى الله عليه وسلم -: " مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟)[8] يوم عرفة الذي أكمل الله فيه الدّين وصيامه يكفّر آثام سنتين3-العمل الصالح فيها ( سائر شعب الإيمان وأركان الإسلام ) يعدل الجهاد بل يفوقه - حينا - في الصحيح: ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر . قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال : ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء"[9]4- عظيم الأجر والثواب على الأعمال الصالحة فيه للحديث: ( ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ، ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى . قيل : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ، فلم يرجع من ذلك بشيء [10]" قال ابن تيمية – رحمه الله - في اختياراته: (استيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلاً ونهاراً أفضل من جهاد لم يذهب فيه نفسه وماله؛ للأخبار الصحيحة المشهورة.."لهذا على المسلم أن يستشعر نعمة إدراك هذه الأيام، ويستحضر عظم أجر العمل فيها، ويغتنم أوقاتها ودقائها الغالية فلا يُرخصها بالغفلة ، وأن يُظهر لهذه العشر مزية على غيرها ، بمزيد الطاعة ، وهذا شأن سلف هذه الأمة ، كما قال أَبُو عُثْمَانَ النهدي - رحمه الله -: (كَانُوا يُعَظِّمُونَ ثَلَاثَ عَشَرَاتٍ؛ الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنَ الْمُحَرَّمِ , وَالْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ, وَالْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ)[11] وهذه العشرات الثلاث تتفاوت فيما بينها وأفضلها عشر ذي الحجة قال ابن حجر[12] – رحمه الله تعالى - في الفتح : وسبب امتياز عشر ذي الحجة ، اجتماع أمهات العبادة فيه ، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ، ولا يتأتي ذلك في غيره. وقد سبقه إلى ذلك الحافظ ابن كثير [13]– رحمه الله تعالى - – لذا كان سعيد بن جبير : إذا دخلت – هذه - العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يُقدَرُ عليه ، وكان يقول: "لا تطفئوا سُرُجكم ليالي العشر"[14]. وختاما : قال المحققون من العلماء: أيام عشر ذي الحجة أفضل من سائر أيام السنة بلا استثناء ففيها يوم عرفة ، وفيها يوم النحر أعظم أيام السنّة بل أعظم الأيام عند الله وهو يوم الحجّ الأكبر الذي يجتمع فيه من الطّاعات والعبادات ما لا يجتمع في غيره وقال فيه رسول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ -: ( أعظم الأيام عند الله تعالى، يوم النحر، ثم يوم القرّ )[15]. ولكنّ ليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة ، لاشتمالها على ليلة القدر ، التي هي خير من ألف شهر[16] .

2272

| 25 سبتمبر 2014

رجم السنة فساد العقائد في نعيم القبر وعذابه

ظهر في الآونة الأخيرة - من يطعن في الثوابت التي أجمعت عليها الأمة - ممن لا صلة ولا أهلية لهم بالعلم الشرعي ولا ينبغي لهم التحدث في أمور العقيدة وما ليس لهم به علم. " مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ"[1] لأن هذا يُحدث بلبلة للمسلمين في أمور دينهم، خاصة العوام ومن لا مصدر لهم للثقافة إلا هذه الأجهزة الحديثة من التلفاز والإذاعة وهي أمور يجهلها غير الدارسين خاصة المتلقين لآراء وكلام أمثال هؤلاء وهذا الطرح العلماني المادي الذي ينكر الغيبيات والمعجزات، وغيرها من السمعيات التي لا مجال للعقل فيها لأنها أمور غيبية وأول صفات المؤمنين الإيمان بالغيب قال تعالى: ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ *الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ"[2]. ويخالف الشيعة جمهور أهل السنة في مسألة عذاب القبر ونعميه؛ فيرى فريق منهم أن العذاب والنعيم يقعان على الروح لا الجسد، وينكر فريق آخر هذين الأمرين بالكلية، حيث ينكر الحوثيون – الشيعة- عذاب القبر ونعيمه، ويعتبرون أن مرحلة البرزخ مرحلة مرور إلى الدار الآخرة فقط، يمكث الإنسان فيها كمكوثه وراحته في بيته. وإضافة إلى ما سقنا من نصوص القرآن الكريم في الأسبوع الماضي عدد الشرق: 9584 الصادر في 12 سبتمبر هذه أدلة من السنة النبوية المطهرةمنها: في رؤية كلٍ لمقعده - منعما أو معذبا – قبل مفارقة روحه لجسده*في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: "إنّ أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة"[3].ومنها في نعيم الصالحين1– في المسند حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فذكر الحديث بطوله، وفيه: "فينادي مناد من السماء: أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلى الجنة. قال: فيأتيه من روحها وطيبها"، فذكر الحديث[4].2-وفي الموطأ قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما نسمة المؤمن طير يعلق في شجر الجنة، حتى يرجعها الله إلى جسده يوم القيامة"[5].3- وفي صحيح مسلم حديث القراء؛ أصحاب بئر معونة، وفيه: "بلغوا قومنا عنا أن قد لقينا ربنا، فرضي عنا ورضينا عنه"[6].وفى العذاب للعصاة1 –فى الصحيحين: مخاطبته صلى الله عليه وسلم لأهل القليب يوم بدر، وسماعهم له، وقوله لهم: "هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً"[7]..2- في الصحيح عن ابْن عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ، أَوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ» ثُمَّ قَالَ: «بَلَى، كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ، فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ، فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا» أَوْ: «إِلَى أَنْ يَيْبَسَا»[8] قال الإمام الحافظ ابن الملقن (ت 804 هـ) - رحمه الله تعالى - في شرح هذا الحديث: "فيه دلالة على إثبات عذاب القبر وهو مذهب أهل السنة وجمهور المعتزلة كما ستعلمه، وهو ما يجب اعتقاد حقيقته، وهو ما نقلته الأمة متواترا. فمن أنكر عذاب القبر أو نعيمه فهو كافر، لأنه كذّب الله تعالى ورسوله في خبرهما[9].3-عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ، عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَنَحْنُ مَعَهُ، إِذْ حَادَتْ بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيهِ، وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ..، فَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَلَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا، لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ» ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ» قَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ، فَقَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» قَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ،..".[10] قال بعض أهل العلم: ولهذا السبب، يذهب الناس بالخيل إذا مغلت[11] إلى قبور اليهود والنصارى، فإذا سمعت الخيل عذاب القبر، أحدث لها ذلك فزعاً وحرارة تذهب بالمغل[12].4-روى النسائي بإسناد صحيح عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: «هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ»[13] وفي رواية " شَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، لَمْ يَنْزِلُوا إلَى الْأَرْضِ قَبْلَ ذَلِكَ"5- في الصحيح عن ابن مسعود " سُورَةُ تَبَارَكَ هِيَ المَانِعَةُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ"[14]وبعد فقد اِسْتَقَرَّ رَأَّى الأمة عَلَى مَا جَاءَ فِي ' الْأَحَادِيث الصَّحِيحَةَ ' عَنْ ' عَذَابِ الْقَبْرِ ' وَنَعِيمَهُ، وَلَا عِبْرَةَ لَمِنْ يُنْكِرُهَا [15]".وختاما هذه مقتطفات من كلام بعض علماء الأمة في منكر نعيم القبر وعذابه.

1947

| 18 سبتمبر 2014

لجم القرآن الكريم من يُنكر نعيم القبر وعذابه

ترددت فى الآونة الأخيرة، أصوات نشاذ تُشكك فى عقيدة الأمة، وتبعث على البلبلة فى أذهان العامة والبسطاء من الناس، ولا يليق بحملة العلم الشرعي، أن يتركوا هذه السوائم تتقايأ سما زعافا، أو رجيعا نتنا، دون أن تجهر بكلمة الحق، وتأتي على هذه الشبه بما يُطهر أفئدة وأسماع العامة فضلا عن المثقفين، من هذا العفن وذلك النتن، " بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ " الأنبياء: (18)وانطلاقا من قول الحق — جل مذكورا وعز مرادا — " وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ " آل عمران:187." فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ () بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " النحل: 43 — (44)"إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ () إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" البقرة: 159 (160)ومن العجب العجاب فى هذا الزمان، أنك تجد الناس يحترمون التخصص فى غير أمور الدين، فلا تجد من يجد ألما بعينيه يذهب إلى طبيب مسالك بولية أو العكس، ومن هذا العجب أيضا: أن تجد بعض الأنظمة والمجتمعات المتحضرة تأخذ على يد من يمتهن مهنة الطب دون تأهل علمي، ودون أن يجلس إلى المعلمين الأكفياء، ودون أن يمارس ذلك حينا من الزمن بإشراف ورعاية وتعهد من المتقدمين علميا والسابقين مهنيا، لخطورة القيام بهذا العمل دون هذه الاعتبارات السابقة على أبدان الناس وأرواحهم، بينما لو اعتدى أحدهم على عقيدة الأمة، ودينها وثوابتها ما وجد نكيرا، بل قد يجد نصيرا وظهيرا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ونحن هنا على عجالة نرد هذه الافتراءات على دين الله غيرة وحمية لدين الله، وشريعته، ودحضا لهذه الشبه حتى تتأخر وأهلها افتضاحا، وينجلي الحق ويظهر أهله والعاملون له وبه يعدلون، وجدير بالذكر أن هذه شنشنة قديمة فقد كان بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ أيام الْمَأْمُونِ يُنْكِرُ عَذَابَ الْقَبْرِ، وشَفَاعَةَ النَبِيِّ ورُؤْيَة الله تعالى فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ — صَلَّى عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ يُقَالُ لَهُ: عُبَيْدٌ الشُّونِيزِيُّ. فَلَامَهُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ، فَقَالَ لَهُمْ: أَلَا تَسْمَعُونَ كَيْفَ دَعَوْتُ لَهُ فِي صَلَاتِي؟ قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنَّ عَبْدَكَ هَذَا كَانَ يُنْكِرُ عَذَابَ الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ فَأَذِقْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَكَانَ يُنْكِرُ شَفَاعَةَ نَبِيِّكَ فَلَا تَجْعَلْهُ مِنْ أَهْلِهَا، وَكَانَ يُنْكِرُ رُؤْيَتَكَ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ فَاحْجُبْ وَجْهَكَ الْكَرِيمَ عَنْهُ. فَقَالُوا لَهُ: أَصَبْتَ. وَهَذَا الَّذِي نَطَقَ بِهِ بَعْضُ السَّلَفِ حَيْثُ قَالُوا: مَنْ كَذَّبَ بِكَرَامَةٍ لَمْ يَنَلْهَا. والآن حان أوان تقرير أن من عقيدة أهل السنة والجماعة: الإيمان بعذاب القبر ونعيمه، وأنّه إما حفرة من حفر النار، أو روضة من رياض الجنة.وقد جاءت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة تدلّ على إثبات نعيم القبر للمؤمنين، وعذابه للعاصين والكافرين، أعاذنا الله من عذابه، وجعل قبورنا وقبور إخواننا المسلمين روضة من رياض الجنة، وثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. إلى هؤلاء الذين يهرفون بما لا يعرفون هذا حديث القرآن الكريم عن نعيم القبر وعذابه.أما أدلة الكتاب: فمنها: فى النعيم — نسأل الله تعالى —1 — قوله تعالى {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}. [النحل، 32]2 — وقوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ}. [إبراهيم، 27]3 — وقوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}. [الفجر، 27 — 29]4 — وقوله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ}. [البقرة، 154]ومن أدلة الكتاب العزيز: فى العذاب — نستجير بالله تعالى:1 — قوله تعالى:" وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ" التوبة:(101)2 — وقوله تعالى: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29)2 — وقوله تعالى عن آل فرعون: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوَّاً وَعَشِيَاً وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَاب}غافر، الآية 46.3 — وقوله تعالى: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ}. [السجدة، 21]4 — وقوله تعالى عن قوم نوح: {مِمَّا خَطَايَاهُمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارَاً} نوح:25هذا وبالله التوفيق، وللحديث صلة بحول الله وقوته، ومنه وحده العصمة من الزلل والخطأ والخلل فى القول والعمل.

4876

| 12 سبتمبر 2014

رمضان شهر الإقبال على الله (2)

7-شهر الفرحوهو شهر الفرح ففي الصحيح "للصائم فرحتان، إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربّه فرح بصومه رواه مسلم 2/807. 8- شهر الشفاعةوهو شهر الشفاعة في الصحيح "الصيام يشفع" للعبد يوم القيامة يقول: أي ربّ منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه" رواه أحمد 2/174 وحسّن الهيثمي إسناده: المجمع 3/181، وهو في صحيح الترغيب. 9- شهر القرآنشهر رمضان هو شهر القرآن، فينبغي أن يكثر العبد المسلم من قراءته "قال تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ.. في الصحيح " «إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي القُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ"صحيح البخاري، كِتَاب الْمَنَاقِبِ. باب عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الْإِسْلَامِ.وهكذا الصحابة، فقد كان عثمان بن عفان يختم القرآن كل يوم مرة، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، فكانوا يقرأون القرآن في الصلاة وفي غيرها، فكان للشافعي في رمضان ستون ختمة، يقرؤها في غير الصلاة، وكان قتادة يختم في كل سبع دائماً، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن. وقال ابن رجب: إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان والأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة، وعليه يدل عمل غيرهم، كما سبق. البكاء عند تلاوة القرآنقال تعالى: "وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ"المائدة: 83}وقال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً *وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً" الإسراء:107-109} "لقد كان السلف I يتأثرون بكلام الله عز وجل ويحركون به القلوب. ففي البخاري عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله: { اقرأ علي }، فقلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟! فقال: { إني أحب أن أسمعه من غيري} قال فقرأت سورة النساء حتى إذا بلغت: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً [النساء:41] قال: {حسبك }، فالتفت فإذا عيناه تذرفان. وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال: لما نزلت: أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ*وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ [النجم:60،59] فبكى أهل الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم، فلما سمع رسول الله حسهم بكى معهم فبكينا ببكائه. قال رسول الله: {لا يلج النار من بكى من خشية الله} وقد قرأ ابن عمر سورة المطففين حتى بلغ: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [المطففين:6] فبكى حتى خر، وامتنع من قراءة ما بعدها. وعن مزاحم بن زفر قال: صلى بنا سفيان الثوري المغرب فقرأ حتى بلغ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] بكى حتى انقطعت قراءته، ثم عاد فقرأ الحمد. وعن إبراهيم بن الأشعث قال: (سمعت فضيلا يقول ذات ليلة وهو يقرأ سورة محمد، وهو يبكي ويردد هذه الآية: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ [محمد:31] وجعل يقول: ونبلو أخباركم، ويردد وتبلوا أخبارنا، إن بلوت أخبارنا فضحتنا وهتكت أستارنا، إنك إن بلوت أخبارنا أهلكتنا وعذبتنا، ويبكي. 10-شهر القيامقال تعالى:] وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً [الفرقان:64،63]، وقد كان قيام الليل دأب النبي وأصحابه، قالت عائشة رضي الله عنها: (لا تدع قيام الليل، فإن رسول الله كان لا يدعه، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً). وكان عمر بن الخطاب يصلي من الليل ما شاء الله حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة، ثم يقول لهم الصلاة الصلاة.. ويتلو: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132] وكان ابن عمر يقرأ هذه الآية: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ [الزمر:9]. قال: ذاك عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال ابن أبي حاتم: وإنما قال ابن عمر ذلك لكثرة صلاة أمير المؤمنين عثمان بالليل وقراءته حتى أنه ربما قرأ القرآن في ركعة. وعن علقمة بن قيس قال: (كنت مع عبد الله بن مسعود ليلة فقام أول الليل ثم قام يصلي، فكان يقرأ قراءة الإمام في مسجد حيه يرتل ولا يراجع، يسمع من حوله ولا يرجع صوته، حتى لم يبق من الغلس إلا كما بين أذان المغرب إلى الانصراف منها ثم أوتر. وفي حديث السائب بن زيد قال: (كان القارئ يقرأ بالمئين - يعني بمئات الآيات - حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام قال: وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر). تنبيه: ينبغي لك أخي المسلم أن تكمل التراويح مع الإمام حتى تكتب في القائمين، فقد قال: {من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة } [رواه أهل السنن].فى الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "من صلى أربعين يوماً فى جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتب له براءتان من النار وبراءة من النفاق3 "11-شهرالحبسمن عظيم نعم الله في الشهر المبارك حبسه لشيطان الجن، وما يصيب العدو من مضرة يُدخل على القلب المسرة، ولهذا امتن الله تعالى على شريحة من عباده بأنه أغرق عدوها وهي تنظر "وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ" البقرة/50 وفي الحديث الصحيح "إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ" رواه البخاري الفتح رقم 3277 وعند مسلم " وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ"

1709

| 03 يوليو 2014

أهلا يا رمضان شهر الإقبال على الله (1)

(قلوب المتقين إلى هذا الشهر تحن، ومن ألم فراقه تئن !) كما يقول ابن رجب وفي الاستعداد له يقول الشيخ محمد الغزالي...:" من الخطأ تصور الاستعداد بأنه تدبير النفقات وتجهيز الولائم للأضياف. إن هذا الشهر شرع للإقبال على الله والاجتهاد في مرضاته وتدبر القرآن وجعل تلاوته معراج ارتقاء وتزكية، إنه سباق في الخيرات يظفر فيه من ينشط ويتحمس1" رمضان فرصة لا تتاح كل عام إلا مرة واحدة فلنغتنم هذه الفرصة، ولنستفد منه كأنه آخر رمضان سيمر علينا، فربما يأتي العام القادم وبعضنا غير موجود، لأنه تحت التراب، كما سيحضر رمضان هذا العام وقد فقدنا بعضا من أحبابنا، كنا نتمنى كما كانوا يتمنون أن نكون جميعا معا في رمضان –نسأل الله أن يجمعنا وإياهم في مستقر رحمته ودار كرامته بجوار سيد الخلق محمد –صلى الله عليه وسلم، هذا وحديثنا عن الاستعداد لقدوم شهر الإقبال على الله من خلال النقاط الآتية:أولا: الاستبشار بقدوم خير الشهور والأعوام في الكتاب العزيز قال الله تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة:185].ورسول الله صلى الله عليه وسلم يُقدِّم شهر رمضان لأمته على أنه شهر البركة1-شهر البركةفيقول صلى الله عليه وسلم (أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء ! وتغلق فيه أبوب الجحيم ! وتغل فيه مردة الشياطين ! لله فيه ليلة خير من ألف شهر ! من حرم خيرها فقد حرم ! ) رواه النسائي والبيهقي:صحيح الترغيب : 985 وعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" أتاكم شهر رمضان شهر بركة فيه خير يغشيكم الله فيُنزل الرحمةَ ويَحُطُّ فيه الخطايا ويستجيب فيه الدعاء ينظر الله إلى تنافسكم ويباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيرا فإن الشَّقِي من حُرم فيه رحمة الله عز وجل2" قال الإمام ابن رجب ( رحمه الله ): "هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان".2-شهر السباقوهو شهر السباق قال الحسن البصري (رحمه الله): "إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا! فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ! ويخسر فيه المبطلون !" وكان ابن مسعود (رضي الله عنه) إذا انقضى رمضان يقول: "من هذا المقبول منا فنهنيه ؟ ومن المحروم منا فنعزيه!" قال صلى الله عليه وسلم : ((افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يؤمن روعاتكم)) رواه الطبراني/ السلسلة الصحيحة : 1890 3-شهر الغفرانوهو شهر الغفران فهناك أعمال كثيرة وعبادات متنوعة في الشهر الكريم أثاب الله تعالى عليها أعظم المثوبة فحطَّ الذنوب عن أصحابها من هذه الأعمال: 1-الصيام {من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه} [أخرجه البخاري ومسلم]2- صلاة القيام قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه البخاري ومسلم3-تفطير الصائمين في حديث سلمان: { من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء }، قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء، ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها، حتى يدخل الجنة }. 4- صلاة التراويح وعدم الانصراف دون الإمام قال صلى الله عليه وسلم: من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة. [رواه أهل السنن].5- قيام ليلة القدر قال الله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:1-3] وقال صلى الله عليه وسلم: { من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه } [أخرجه البخاري ومسلم]. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى ليلة القدر ويأمر أصحابه (بتحريها وكان يوقظ أهله ليالي العشر رجاء أن يدركوا ليلة القدر. وفي المسند عن عبادة مرفوعاً: { من قامها ابتغاءها ثم وقعت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر } وللنسائي نحوه، قال الحافظ: إسناده على شرط الصحيح. 4-شهر العتق من النيرانوهو شهر العتق من النيران قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لله عزّ وجلّ عند كلّ فطر عتقاء" رواه أحمد 5/256 وهو في صحيح الترغيب 1/419.5-شهر الصياموصيامه يعدل صيام عشرة أشهر انظر مسند أحمد 5/280 وصحيح الترغيب 1/421حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً" " من صام يوما في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا " رواه مسلم 2/808وفي فضل الموت على صيام جاء الحديث الصحيح" من صام يوما ابتغاء وجه الله خُتم له به دخل الجنّة " رواه أحمد 5/391 وهو في صحيح الترغيب 1/412

630

| 26 يونيو 2014

التفكير أثناء الصلاة هل يُبطلها؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه ولا حول ولا قوة إلا بالله وبعد فإن التفكير من أبرز الخصائص التي ميز الله تعالى بها الإنسان عن سائر المخلوقات ولا يخلو منه بشر في كافة أحواله وأحيانه ‏. وأصل مشروعية التفكير حتى في الصلاة ما قد أمر الله تعالى به من التدبر والتأمل والتفكر فيما يتلي من آيات الله تعالى أثناء الصلاة قال تعالى "أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ" المؤمنون: 68، أَيْ: ألَمْ يَتَفَهَّمُوا مَا خُوطِبُوا بِهِ فِي الْقُرْآنِ "1[1]" كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ "2[2]" وَقَوْلُهُ تَعَالَى " يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمْ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا. إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا، إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وِطَاءً وَأَقْوَمُ قِيلًا" المزمل: 1 — 6." " أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا" محمد: (24) {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" النحل (44) هذه نصوص قرآنية داعية إلى التفكر والتدبر والتأمل، والْفرق بَين التفكر والتدبر: أَن التدبر تصرف الْقلب بِالنّظرِ فِي العواقب، والتفكر تصرف الْقلب بِالنّظرِ فِي الدَّلَائِل3[3] وها هو رسول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ - كما في صحيح البخاري كِتَاب الْأَذَانِ. باب مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَذَكَرَ حَاجَةً فَتَخَطَّاهُمْ.منْ حديث عُقْبَةَ بن عامر - رَضِيَ الله عنه - قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ فَقَالَ ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ" وقد ذكر ابن حجر من فوائد هذا الحديث أن التفكر في الصلاة في أمر لا يتعلق بالصلاة لا يفسدها ولا ينقص من كمالها، وأن إنشاء العزم في أثناء الصلاة على الأمور الجائزة لا يضر، وعليه فالتفكر أمر غالب لا يمكن الاحتراز منه في الصلاة ولا في غيرها، ولكن يفترق الحال في ذلك، فإن كان في أمر الآخرة والدين كان أخف مما يكون في أمر الدنيا. هذا ما ورد عن صفوة الخلق صلوات الله وسلامه عليه في هذا الأمر وفى الصحيح "عَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ"4[4]وهذه آثار عن الخليفة الملهم المحدث الفاروق عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: إِنِّي لَأُجَهِّزُ جَيْشِي وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ" صحيح البخاري - معلقا - كتاب التهجد. باب يُفْكِرُ الرَّجُلُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ.وكل المكلفين - من رجال ونساء - في حكم ذلك التفكير سواء، وقول عمر هذا وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن أبي عثمان النهدي عنه بهذا سواء، وهو أول أثر من الآثار الدالة على عدم ضرر التفكير وعدم تأثيره على صحة الصلاة ما استوفت الأركان والشروط والسنن والآدابوأثر آخر تورده كتب السنة عن الفاروق - رَضِيَ الله عنه - فقد روى ابن أبي شيبة عن عروة بن الزبير قال: قال عمر " إني لأحسب جزية البحرين وأنا في الصلاة " وكم في ذلك الحساب من أعداد وأنواع فمن أهل الكتاب ممن يقطنون البحرين الموسر منهم والمعسر ومنهم بين ذلك ولكل قدر ونصيب في حساب جزيته لكن على أن يأتي على ما يريد في أقل شيء من الفكرة. فأما أن يُتابع التفكر ويُكثر حتى لا يدري كم صلى مما يُلبِّس عليه الشيطان مما يوجب عليه البناء على اليقين وهو الأقل ويكمل صلاته وسجد للسهو في آخر الصلاة.وأثر ثالث عن ثاني الخلفاء الراشدين - رَضِيَ الله عنهم - " وروى صالح بن أحمد بن حنبل في " كتاب المسائل " عن أبيه. أن عمر صلى المغرب فلم يقرأ، فلما انصرف قالوا: يا أمير المؤمنين إنك لم تقرأ، فقال: إني حدثت نفسي وأنا في الصلاة بعيرٍ جهزتها من المدينة حتى دخلت الشام، ثم أعاد وأعاد القراءة.ومن طريق عياض الأشعري قال " صلى عمر المغرب فلم يقرأ، فقال له أبو موسى: إنك لم تقرأ، فأقبل على عبد الرحمن بن عوف فقال: صدق، فأعاد. فلما فرغ قال: لا صلاة ليست فيها قراءة، إنما شغلني عير جهزتها إلى الشام فجعلت أتفكر فيها". وهذا يدل على أنه إنما أعاد لترك القراءة لا لكونه كان مستغرقا في الفكرة.ويؤيده ما روى الطحاوي عن عبد الرحمن بن حنظلة بن الراهب " إن عمر صلى المغرب فلم يقرأ في الركعة الأولى فلما كانت الثانية قرأ بفاتحة الكتاب مرتين فلما فرغ وسلم سجد سجدتي السهو " قال ابن حجر ورجال هذه الآثار ثقات، وهي محمولة على أحوال مختلفة. فمن أذهبَ التفكيرُ خشوعه فليكف عن ذلك أو ليقلل ما استطاع إلى ذلك سبيلا حتى لا يتخذها الشيطان مدخلا إليه فيلبس عليه حتى لا يدري كم صلي. والصلاة قد يحسب بعضها ويكتب بعضها دون بعض كما دل عليه الخبر "إن العبد ليس له من صلاته إلا ما عقل " قال الحسن البصري: كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع ومن أعرض عما يُذكره به الشيطان ولم يسترسل معه لا ينقص من أجره شيء كما دل عليه قوله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ - "إن اللّه تعالى تجاوز عن أمتي ما حدّثت به أنفسها" هذا وبالله التوفيق.

12474

| 01 مايو 2014

حكم كتابة " صلعم"

بعض الكُتَّاب عند ذكر اسمه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ – يرمزون إلى الصلاة والسلام عليه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ - بحرف (ص) أو بحروف (صلعم) أو الاقتصار على أحد الأمرين فهل ذلك جائز شرعا أو لا؟ أرجو الجواب ولكم الثواب؟الجواب: لقد تعبدنا الله تعالى بأنماط من العبادات وألوان من الطاعات يريد بنا الخير والثواب والأجر ومن ذلك الصلاة والسلام على رسول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ – تلك العبادة التي بدأ الله تعالى فيها بنفسه وثنى بملائكته فقال تعالى :" إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً" الأحزاب: {56} والمقصود من هذه الآية، أن اللّه سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى، بأنه يُثني عليه عند الملائكة المقربين، وأن الملائكة تُصلي عليه، ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين (العلوي) و(السفلي) جميعا ، وقد رصد لذلك سبحانه وتعالى أجرا عظيما وثوابا جزيلا ففي الصحيح :عن أنس قال: قال رسول اللّه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ - " مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً، صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحَطَّ عَنْهُ عَشْرَ خَطِيئَاتٍ ". وفى الصحيح « قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ» ، قَالَ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ» ، قَالَ النِّصْفَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ» ، قَالَ الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ» ، قَالَ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: «إِذًا يُكْفَى هَمُّكَ وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ»"[1] والمعنى : أنك إذا كنت ستدعو الله تعالى خلال عشر دقائق مثلا ، تجعل نصف هذه الدقائق العشر صلاة وسلاما عليه صلوات الله وسلامه عليه وهكذا ، والأجر على ذلك قراءة أو تكلما وتحدثا وكذا كتابة بل في الكتابة يعظم الأجر ويزداد الثواب ويتضاعف لمحل القدوة والأسوة حيث في الكتابة يقتدي بك المعاصر لك وغيره ممن يأتي بعدك فيطالع كتابك كما الشأن في الحديث المسجل والكلام الذي تم تخزينه على أشرط كاسيت أو أشرطة (D.C)إذا مررت باسمه في حديثك أو سمعت اسمه فصليت عليه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ – وصلَّى بصلاتك وسلَّم بسلامك من سمعك كان ذلك في ميزان حسناتك " "مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلاَ يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ " صحيح مسلم كتاب العلم. باب من سن سنة حسنة أو سيئة، ومن دعا إلى هدى أو ضلالة. سواء كان ذلك تعليم علم، أو عبادة، أو أدب، أو غير ذلك. وسواء كان هذا العمل في حياته، أو بعد موته، والله أعلم. فعندما تكتب عبارة أو جملة ويرد ذكر رسول الله - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ – وتصلي عليه - صلى الله عليه سلم - كتابة فكل من قرأ كتابك صلى بصلاتك وسلم بسلامك فكان ذلك في ميزان حسناتك.وكان من البخل على النفس بالخير والأجر وعلى الآخرين المرور على اسمه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ - تحدثا أو كتابة دون الصلاة والسلام عليه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ – كما في الصحيح أن رسول اللّه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ - قال: "البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليّ".[2]من لم يصل عليه إن ذكر اسمه ... فهو البخيل وزده وصف جبانوإذا الفتى صلى عليه مرة ... من سائر الأقطار والبلدانصلى عليه الله عشراً فليزد ... عبد ولا يجنح إلى نقصاني وفى الصحيح عن أبي هريرة - رَضِيَ الله عنه - قال، قال رسول اللّه - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ -: " رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يَصَلِّ عَلَيَّ " [3] وهذا الحديث والذي قبله وكذا الأثر (من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب) كل ذلك مع الآية الكريمة يدل على وجوب الصلاة على النبي - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ - كلما ذكر وعليه فالرمز إلى هذه العبادة بهذه الحروف أو بغيرها مكروه قال السخاوي في شرح " الْهِدَايَة فى علم الرِّوَايَة " نظم الْعَلامَة الأثرى ابْن الجزرى في علم الحديث (وليحافظ الطَّالِب على كِتَابَة الصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] كلما كتبه دُونِ رمز كَمَا يَفْعَله الكسالى، وَلَا يسأم من تكراره ... ، وَمن أغفل الصَّلَاة وَالسَّلَام حرم حظا عَظِيما " راجع : الغاية في شرح الهداية في علم الرواية (ص: 88)وفى القَولُ ( البَدِيعُ في الصَّلاةِ عَلَى الحَبِيبِ الشَّفِيعِ ) قال الإمام السخاوي " إعلم أنه كما تُصلي عليه بلسانك فكذلك تَخُط الصلاة – والسلام - عليه ببنانك – أي بأصابعك - مهما كتبت اسمه الشريف في كتاب فإن لك به أعظم الثواب " راجع : القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع (ص: 247) والظَاهِرُ أَنَّ الثَّوَابَ الْمَذْكُورَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ كِتَابَتِهَا وَأَنَّ التَّلَفُّظَ بِهَا أَمْرٌ آخَرُ مُسْتَحَبٌّ. وفي تدريب الراوي قال الإمام السيوطي – رحمه الله – في شرح تقريب النووي ( يُكْرَهُ (الرَّمْزُ إِلَيْهِمَا – أي الصلاة والسلام ِ- في الْكِتَابَةِ) بِحَرْفٍ أَوْ حَرْفَيْنِ، كَمَنْ يَكْتُبُ صَلْعَمْ (بَلْ يَكْتُبُهُمَا بِكَمَالِهِمَا) وَيُقَالُ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ رَمَزَهُمَا بِصَلْعَمٍ قُطِعَتْ يَدُهُ.. وَاجْتَنِبِ الرَّمْزَ لَهَا وَالْحَذْفَا ... مِنْهَا صَلاَةً أَوْ سَلاَماً تُكْفَىقال الشيخ زكريا كأن يقتصر منها على حرف أو حرفين كما يفعله أبناء العجم والعوام من الطلبة فيكتبون بدلها (ص) أو (صلعم). ويكره الاقتصار على الصلاة أو السلام في الكتابة، وفي كل موضع شرعت فيه الصلاة ، لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} الأحزاب/ 56 .

3429

| 24 أبريل 2014

الرأي القويم في الاحتفال بيوم شم النسيم

هذا اليوم يشترك في الاحتفال فيه كثير من شعوب العالم على اختلاف مللهم ونحلهم وذلك ليس إلا عادة قديمة يرجع تاريخها إلى ما قبل نشأة المسيحية بقرون عديدة، وفي التقويم النصراني الذي يحدد هذا اليوم يقول إنه يوم الإثنين الذي يلي عيد الفصح عند النصارى، هو بعينه التقويم الذي يحدد المواسم الزراعية، حيث يعتمد عليه الفلاحون ـ ومنهم مسلمون ـ في تعيين مواعيد الزرع والحصاد، ومع ذلك فهو ليس عيدا دينيا قوميا رغم أن نسبة كبيرة من أبناء البلاد العربية يشتركون في الاحتفال به على السواء وفيهم المسلم والنصراني وغيرهم. والحقيقة أن أصل ذلك اليوم مجهول، ولا يزال موضع اختلاف الآراء، فمن الناس من يقول إنه عادة فارسية قديمة، والبعض يقول بأن الطاعون تفشى في سنة من السنين في مصر وظل يفتك بأهلها فترة من الزمن، حتى جاء يوم هبت فيه الرياح فجأة فطهر الله تعالى بها البلد من ذلك الداء الوبيل، فاصطلح القدماء على تسمية هذا اليوم بيوم شم النسيم وبقيت الذكرى تمر كل عام، ويقول بعض الإفرنج إن شباب الرومان اعتادوا أن يخرجوا في مثل هذا اليوم من كل عام إلى الحدائق والحقول والمتنزهات والشواطئ، وهم ينشدون بعض الأناشيد تقربا إلى (فلورا) آلهة الفاكهة والزهور، وقد كانت هذه العادة متبعة عند الإنجليز القدماء، وما تزال بعض أمم الغرب تحافظ على هذه العادة كل عام. ثم إن هذا اليوم أيضا يوافق أحد أعياد (كريشنا) المقدسة عند الوثنيين في الهند وغيرها من دول الشرق الأقصى ودول شرق آسيا وهذا كله يحمل على الاعتقاد بأن الأصل في هذا اليوم المدعو (شم النسيم) أنه كان في الأصل يوما عالميا يحتفل فيه الناس باستقبال الربيع وازدهار الشمس، ولعل هذه العادة من بقايا طقوس عبادة الشمس التي كانت منتشرة في العصور القديمة بين قدماء المصريين وغيرهم وعليه فالادعاء بأنه عيد مسيحي ادعاء باطل وعلى المسلم أن يجتنب هذا العادة ويكون على بينة من أمره فيما يأتي من عادات وما يذر ولا يكون إمعة ففي الحديث "لا تَكُونُوا إِمّعةً تَقُولُونَ إِن أَحْسَنَ النّاسُ أَحْسَنّا، وإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وإِنْ اسَاءُوا فَلاَ تَظْلمُوا". أخرجه الترمذي كتاب البر والصلة. بابُ ما جاءَ في الإِحْسَانِ وَالْعَفْو. والإمعة هو الذي يتابع كل ناعق ويقول لكل أحد أنا معك لأنه لا رأي له يرجع إليه. وهو المقلد الذي يجعل دينه تابعاً لدين غيره بلا رؤية ولا تحصيل برهان والحديث بهذا فيه إشعار بالنهي عن التقليد المجرد حتى في الأخلاق فضلاً عن الاعتقادات والعبادات. هذا ولو كان الاحتفال قاصرا على التنزه والفرح بنعمة الله تعالى يحلول فصل الربيع وخفة الحرارة وترويض الأجسام وترويح النفوس مع حمد الله تعالى وشكره على هذه النعم الجليلة التي يمن الله تعالى بها على خلقه في تعاقب فصول العام على هذا النظام البديع؛ لقلنا هذا من فضل ربي ولكن ما يحدث فيه من اختلاط وتبرج وسفور وأمور منكرة وتناول بعض الأطعمة خاصة بهذا اليوم فيه مدعاة للتشبه بغير المسلمين وفي الحديث "مَنْ تَشَبّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ". سنن أبي داود كتاب اللباس. باب في لبس الشهرة. دلالة على النهي الشديد والتهديد والوعيد على التشبه بالكفار، في أقوالهم وأفعالهم ولباسهم وأعيادهم وعباداتهم وغير ذلك من أمورهم التي لم تشرع لنا ولا نقر عليها. ويقتضى الصراط المستقيم الذي هدانا الله تعالى إليه أن ننهج نهج نبينا ونتبع سنته ولم لا وقد ألزمنا الله تعالى بأن نتوجه إليه يوميا بهذا الدعاء الخاشع "اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ {6} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ {7}‏ الفاتحة. وقد كان من هديه ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ في مثل هذا اليوم من كل أسبوع الصيام، فعن عائِشَةَ ـ رَضِيَ الله عنها ـ قالت: "كانَ النبيّ ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ يَتَحَرّى صَوْمَ الاثْنَيْنِ والخَمِيسِ". أخرجه الترمذي في سننه كتاب الصوم عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم. باب ما جَاءَ في صَوْمِ يَوْمِ الاثْنَيْنِ والخَميِس. لما ورد من أنه تعرض فيه الأعمال على رب العالمين ولهذا كان ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ يحب أن يرفع عمله وهو صائم ليكون ذلك شفيعا له من حاله عند عرض أعماله ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ على ربه عز وجل بل إن النبي ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ "سئل عن صيام الاثنين؟ فقال: ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت، أو أنزل علي فيه" صحيح مسلم من حديث أبي قتادة. ومن هنا فإنا ننادي على أبنائنا وبناتنا في كافة أقطار المعمورة ممن يشهدون لله تعالى بالوحدانية ولسيدنا محمد ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ بالنبوة والرسالة أن يستنوا بسنة النبي ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ في مثل هذا اليوم ويحذروا من هذه البدع التي جرت مفاسد وويلات وشرورا كثيرة، وعن مشاركة المسلمين لغيرهم أعيادهم قال أبو حفص الكبير الحنفي: من أهدى في النيروز بيضة إلى مشرك تعظيماً لليوم فقد كفر بالله تعالى وأحبط أعماله قلت هذا محمول على ما إذا أقره على باطله دون نكير ولا كراهة لما هم عليه من مخالفة أمر الله تعالى والإعراض عن شريعته، وقال القاضي أبو المحاسن الحسن بن منصور الحنفي: من اشترى فيه شيئاً لم يكن يشتريه في غيره أو أهدى فيه هدية إلى غيره، فإن أراد بذلك تعظيم اليوم كما يعظمه الكفرة، فقد كفر، وإن أراد بالشراء التنعم، والتنزه، وبالإهداء التحاب جرياً على العادة، لم يكن كفراً، لكنه مكروه كراهة التشبيه بالكفرة حينئذ فيحترز عنه. وأعياد المسلمين إنما تعقب أداء أركان الإسلام وشعب الإيمان ففي سنن أبي داود من حديث أنَسٍ ـ رَضِيَ الله عنه ـ قال: "قَدِمَ رسولُ الله ـ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وسلَّمَ ـ المَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلعَبُونَ فيهِمَا فقال: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟ قالُوا: كُنّا نَلْعَبُ فِيهِمَا في الْجَاهِليّةِ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إنّ الله قَدْ أبْدَلَكُم بِهِمَا خَيْراً مِنْهُمَا: يَوْمَ الأضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ". سنن أبي داود كتاب الطهارة. باب صلاة العيدين. هذا وبالله التوفيق.

1074

| 17 أبريل 2014

اشترُوا أنفسَكُم من اللهِ

قال تعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ"[1] وكان المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ينادي عَشِيرَتَه الأَقْرَبِينَ وأهله الأدنين حتى على فلذة كبده وثمرة فؤاده "اشترُوا أنفسَكُم من اللهِ" ففي صحيح البخاري: ((يا بني عبدِمناف، اشترُوا أنفسَكُم من اللهِ، يا بني عبدالمطلب، اشتروا أنفسكم من الله، يا عمَّة رسولِ الله، يا فاطمة بنت محمد، اشتريا نفسيكما مِنَ اللهِ، لا أملِكُ لكُما من الله شيئاً)). وخرَّج الطبراني[2] والخرائطي من حديث ابن عباس مرفوعاً: ((مَنْ قال إذا أصبح: سبحان الله وبحمده ألفَ مرَّة، فقد اشترى نفسه مِنَ الله تعالى، وكان من آخر يومه عتيقاً مِنَ النَّار )).. هذا وقد اشترى جماعةٌ من السَّلف ـ رضي الله عنهم ـ أنفسَهم من الله ـ عز وجل ـ بأموالهم، وآخرون بأعمال صالحة، فمنهم من تصدَّق بماله كحبيب أبي محمد[3]، ومنهم مَنْ تصدَّق بوزن جسمه فضة ثلاثَ مرَّاتٍ أو أربعاً، كخالد الطحَّان[4].ومنهم من كان يجتهد في الأعمال الصالحة ويقول: إنَّما أنا أسيرٌ أسعى في فكاك رقبتي، منهم عمرو بنُ عُتبة[5]، وكان بعضُهم يسبِّحُ كلَّ يوم اثني عشر ألفَ تسبيحة بقدر دِيَتِه، كأنَّه قد قتل نفسه، فهو يَفْتَكُّها بديتها[6].قال الحسن البصري: المؤمن في الدنيا كالأسير، يسعى في فكاك رقبته (نفسه)، لا يأمنُ شيئاً حتّى يلقى الله ـ عز وجل ـ [7]. سئل معاذ ـ رضي الله عنه ـ متى يأمن المؤمن؟ قال: إذا خلف جهنم وراءه. قال الحسن: ابنَ آدم، إنَّك تغدو أو تروحُ في طلب الأرباح، فليكن همُّك نفسَك، فإنَّك لن تربح مثلها أبداً.قال أبو بكر بن عيّاش: قال لي رجل مرَّة وأنا شابٌّ: خلِّص رقبتَك ما استطعتَ في الدنيا من رقِّ الآخرة، فإنَّ أسيرَ الآخرةِ غيرُ مفكوكٍ أبداً، قال: فوالله ما نسيتُها بعد[8].وكان بعضُ السَّلف يبكي، ويقول: ليس لي نفسان، إنَّما لي نفسٌ واحدةٌ، إذا ذهبت لم أجد أخرى.وقال محمد بن الحنفية: إنَّ الله ـ عز وجل ـ جعل الجنَّة ثمناً لأنفسكم، فلا تبيعُوها بغيرها[9]. وقال: من كرمت نفسه عليه لم يكن للدنيا عنده قدر[10]. وقيل له: من أعظمُ الناس قدراً؟ قالَ: من لم يرَ الدُّنيا كُلَّها لنفسه خطراً[11] وأنشد بعضُهم:أثامِن بالنفس النفيسةِ ربَّها *** ولَيسَ لها في الخلق كُلِّهم ثَمَنْبها تُملك الأخرى فإنْ أنا بِعتُهَا *** بشيءٍ من الدُّنيا، فذَاكَ هُوَ الغَبَنْلَئِنْ ذَهَبَتْ نفسي بدُنيا أُصيبُها *** لقَدْ ذَهَبَتْ نفسي وقد ذَهَبَ الثَّمنْإن من عزت عليه نفسه وكرمت، لا يبخسها حقها، ولا يقبل الغبن فيها، ومن يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام. روي أن الأنصارَ ـ رضي الله تعالى عنهم ـ عندما بايعوه عليه الصلاة والسلام عند العقبة، قال عبدُاللَّه بنُ رواحةَ رضي الله تعالى عنه: اشترِطْ لربك ولنفسك ما شئت. قال عليه الصلاة والسلام: "أشترطُ لربي أن تعبُدوه ولا تشرِكوا به شيئاً، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون به أنفسَكم"، قال: فإذا فعلنا ذلك فما لنا؟ قال: "لكم الجنة"، قالوا: ربِحَ البيعُ، لا نُقيل ولا نستقيل، هذا وبالله التوفيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فهو وحده العاصم من الزلل والخلل والخطأ والخطل في القول والعمل.

1940

| 10 أبريل 2014

فطرية العقيدة الإسلامية

إن العقيدة الإسلامية ليست غريبة عن الفطرة الإنسانية السليمة ولا مناقضة لها، بل هي على وفاق تام وانسجام كامل معها، وليس هذا بالأمر الغريب ؛ إذ ان خالق الإنسان العليم بحاله هو الذي شرع له من الدين ما يناسب فطرته التي خلقه عليها، كما قال تعالى: ((فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)) وقوله: (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)) والواقع شاهد على موافقة الفطرة للعقيدة الإسلامية القائمة على الإخلاص لله وحده، فما أن يصاب الإنسان بضر تعجز أمامه القوى المادية إلا ويلجأ إلى الله تعالى في تذلل وخضوع، ويستوي في ذلك الكافر والمؤمن، " هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ *فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ " يونس: 22 — 23 — وهذا هو فرعون الذي ادعى الربوبية والألوهية لما أدركه الغرق لجأ إلى الله تعالى "وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92)بل إن الطفل الصغير، لو تُرك على حاله — دون أن يؤثر عليه والداه، أو البيئة من حوله — لنشأ معتقدًا بالله تعالى ربًّا وإلهًا لا يعبد سواه ؛ لذلك قال رسول الله :( كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو يمجسانه، أو ينصرانه (والمعنى أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه بعد أن ولد على الفطرة، كما تجدع البهيمة بعد أن خلقت سليمة. وقال : (يقول الله تعالى: إني خلقت عبادي كلهم حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم )، فنهى سبحانه عن تبديل هذه الفطرة، فطرة الإيمان بالخالق سبحانه والإقرار له بالألوهية والربوبية والوحدانية.وقد قال قديماً أحد الأعراب: (إذا كانت البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فأرض ذات فجاج، وسماء ذات أبراج، أفلا تدل على اللطيف الخبير ).ومهما حاول الملحدون إنكار وجود الله المدبر سبحانه وتعالى فإنهم لن يقدروا على طمس معالم التدين في غريزة الإنسان، لأن إنكار وجود الخالق المدبر سبحانه إنكار لذات الفطرة الإنسانية، وتنكر لمتطلباتها، وجعلها في حرمان دائم مما يغذيها ويحييها، فحرمانها يعني إماتتها، ومتى ماتت غريزة التدين عند الإنسان أصبح عديم الإيمان بخالقه سبحانه، وفي ذلك الشقاء الأبدي، لأن السعادة كل السعادة في الدنيا والآخرة في الإيمان بالله تبارك وتعالى، قال سبحانه: (أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون ). لا سعادة ولا حياة للإنسان في هذه الدنيا إلا بالإيمان. إنَّ الدنيا إذا خلتْ من الإيمانِ فلا قيمة لها ولا وزن ولا معنى. الحياة بلا إيمان لعنةٌ وغضبٌ وسحقٌ وتهافتٌ، قلقٌ وهمومٌ وغمومٌ، وتشنجٌ وانتحارٌ وسلبٌ ونهبٌيقولُ إقبالُ:إذا الإيمان ضاع فلا أمانَ * ولا دنيا لمن لم يحي دينَاومَن رَضِيَ الحياة بغير دِين* فقد جعل الفناء لها قرينَاإن هذه العقيدة هي الروح لكل إنسان، يـحيا بها الحياة الطيبة، في الدنيا قبل الآخرة، وبفقدها يموت الموت الروحي، قال تعالى " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " النحل: (97)إذ هي النور الذي إن عمي عنه الإنسان ضل في متاهات الحياة وهوى في غياهب الضلالة. وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا " طه 124 — (125) هذا وبالله التوفيق

11037

| 02 أبريل 2014

معالم الأخوة في الله

أن يحب المسلم المسلم لا يحبه إلا لله وذلك بأن يكون المحبوب ممتثلا أوامر الله تعالى مجتنبا نواهيه بعيدا عن الأغراض الدنيوية وإلا انقلبت المحبة شرا وكان نتاجها خطرا. ومن لم تكن في الله خلته فخليله منه على خطر وهي بهذا المعنى كانت بغية الصالحين من السلف وطلبة السابقين من المؤمنين، واليوم قد درست محاجها وعفت آثارها فمن عمل بها أحياها ومن أحياها كان له مثل أجر من عمل بها، فمن رزقه الله تعالى أخا صالحا تطمئن به نفسه ويصلح معه قلبه فهي نعمة من الله تعالى عليه مضافة إلى محاسن نعمه، ولأن الأخوة في الله ركن ركين، وشعبة باسقة من شعب الإيمان بالله تعالى، ولقد ذكَّر الله تعالى عباده المؤمنين نعمته عليهم في الدين إذ ألف بين قلوبهم بعد أن كانوا متفرقين، فأصبحوا بنعمته إخوانا بالألفة متفقين وعلى البر والتقوى متعاونين ؛ثم ذكر بالنعمة عليهم في تقواه وأمر بالاعتصام بحبله وهداه.ونهى عن التفرق إذ جمعتهم الدار وقرن ذلك بالمنة عليهم إذ أنقذهم من شفا حفرة النار وقد جعل ذلك كله من آياته الدالة عليه وسبله الواصلة بالهداية إليه فقال تعالت كلماته " ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ( 102 ) واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون " فالمؤاخاة في الله من أوثق عرى الإيمان والصحبة لأجله من أحسن أسباب المتقين وقد كثرت في تفضيلها الآيات والأخبار وليس القصد الجمع لكل ما روي وما قيل في ذلك بل التنبيه بما يذكر على مالم يذكر فنذكر من حال الصحابة والتابعين اتخاذهم الأصحاب والإخوان ومبلغ حرصهم على الصديق الصدوق وكيف كانوا يختارونه؟ فنذكر ذلك ننير به الطريق لمن يريد أن يتخذ إخوانا في الله يحبهم ويحبونه ...وقد قال أكثر التابعين باستحباب كثرة الإخوان في الله عز وجل بالتأليف والتحبب إلى المؤمنين لأن ذلك زين في الرخاء وعون في الشدائد وتعاون على البر والتقوى وألفة في الدين ومن كلام بعض التابعين (استكثر من الإخوان فإن لكل مؤمن شفاعة فلعلك تدخل في شفاعة أخيك.؟؟فما لنا من شافعين ولا صديق حميم"وروي في حديث غريب في تفسير قوله تعالى ويستجيب الذين آمنوا..." قال يشفع في إخوانهم فيدخلهم الجنة معهم.وقد روي "إن أقربكم منى مجلسا يوم القيامة.....""المؤمن يألف ويؤلف..." وفي الخبر من أراد الله به خيرا.." وفي الحديث حول العرش منابر من نور ......" وفي الحديث سبعة يظلهم الله في ظله..منهم رجلان تحابا في الله ....؟ويقال إن الأخوين إذا كان أحدهما أعلى مقاما من الآخر رفع الآخر معه إلى مقامه وأنه يلحق به كما تلحق الذرية بالأبوين لأن الأخوة عمل كالولادة وقد قال تعالى " ألحقنا بهم ذريتهم ..."وقال تعالى مخبرا عمن لا صديق له حميم فما لنا من شافعين ولا صديق حميم"وحميم أي هميم أبدلت الهاء حاء لتقاربهما في المخرج وهو مأخوذ من الاهتمام أي مهتم بأمره ففيه دليل على أن الصديق لك هو المهتم بأمرك وإن الاهتمام حقيقة الصداقة وقد كان الرجلان من الصحابة إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر..."والعصر إن الإنسان.. ثم يسلم أحدهما على الآخر..ويقول الشافعي لو تدبر الناس هذه السورة لوسعتهم؟وإذا كانت الإخوة في الله بهذه المنزلة من الدين وجب علينا معرفة من هو ذلك الصديق الذي يجب أن يُتخذ خليلا في الله وأن يُستمسك بصحبته ويُعض عليها قال الفاروق ما أعطي عبد بعد الإيمان خيرا من أخ صالح فإذا رأي أحدكم ودا من أخيه فليستمسك به فقلما يصيب ذلك . وإذا كان أعجز الناس من قصر في طلب الإخوان فأعجز منه من ضيع من ظفر به منهم ولهذا كانت الأخوة في الله طرائق للعالمين لهم في كل طريق رفيق وفي كل شعب إخوان فمن فاته اتخاذ ذلك كان مغبونا في حياته ناقصا في إيمانه ورحم الله من قالما نالت النفس على بغية ألذ من ود صديق أمينمن فاته ود أخ صالح فذلك المقطوع منه الوتين.وإذا تحتم علينا اتخاذ إخوان في الله وجب أن نحسن الاختيار فعليه تدوم الألفة وبمقدار التوفيق فيه تكون المودة ولأن الكمال لله تعالى وحده فقلما تجد صديقا يسلم من عيب ومن أهم الشروط التي يجب مراعاتها فيمن نتخذه أخا في الله التقوىومن ذا الذي ترضي سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه(اصطف من الإخوان ذا الدين والحسب والرأي والأدب فإنه ردء لك عند حاجتك ويد لك عند نائبتك وأنس لك عند وحشتك وزين لك عند عافيتك)وقد يدعي هذه الخصال كلها إنسان ولكن ليس الإيمان بالتمنى وإنما هو بالتحليوكل أخ يقول أنا وفي ولكن ليس يفعل ما يقولسوى خل له حسب ودين فذاك لما يقول هو الفعول.فإذا ظفر الإنسان بصحبة التقي فليعقد عليها الخناصر وليشدد عليها بالخمس، وليدم المحبة والألفة حتى يأتيه اليقين وليحذر نزغ الشيطان ووسوسته بينه وبين من آخي فإن عدو الله ما حسد متعاونين على بر حسده متآخيين في الله تعالى ومتحابين فيه فإنه يجهد نفسه ويحث قبيله على إفساد ما بينهما وقد قال الله عز وجل ( وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم.." ومن علامة المتقي حسن المقال عند التفرق وجميل البشر عند الالتقاءإن الكريم إذا تقضى وده يخفي القبيح ويظهر الإحساناوترى اللئيم إذا تصرم حبله يخفي الجميل ويظهر البهتانا.

2291

| 20 مارس 2014

alsharq
سابقة قضائية قطرية في الذكاء الاصطناعي

بات الذكاء الاصطناعي اليوم واقعاً لا يمكن تجاهله...

2487

| 30 نوفمبر 2025

alsharq
عصا موسى التي معك

في كل يوم، ينظر الإنسان إلى ما ينقصه...

1365

| 02 ديسمبر 2025

alsharq
أهلاً بالجميع في دَوْحةِ الجميع

ساعات قليلة تفصلنا عن لحظة الانطلاق المنتظرة لبطولة...

1131

| 01 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

654

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
الكلمة.. حين تصبح خطوة إلى الجنة أو دركاً إلى النار

في زمنٍ تتزاحم فيه الأصوات، وتُلقى فيه الكلمات...

648

| 28 نوفمبر 2025

alsharq
المجتمع بين التراحم والتعاقد

يحكي العالم الموسوعي عبد الوهاب المسيري في أحد...

591

| 30 نوفمبر 2025

510

| 01 ديسمبر 2025

alsharq
التوافد الجماهيري.. والمحافظة على السلوكيات

كل دولة تمتلك من العادات والقواعد الخاصة بها...

498

| 30 نوفمبر 2025

489

| 27 نوفمبر 2025

alsharq
بكم تعلو.. ومنكم تنتظر قطر

استشعار نعمة الأمن والأمان والاستقرار، والإحساس بحرية الحركة...

462

| 27 نوفمبر 2025

alsharq
إعدامات في الظلام وصرخات خافتة!

أكدت اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949، في المادّة...

438

| 28 نوفمبر 2025

alsharq
المتقاعدون بين التسمية والواقع

يقول المثل الشعبي «يِبِي يكحّلها عماها» وهي عبارة...

438

| 30 نوفمبر 2025

أخبار محلية