رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هناك من اختار الحياة والعمران فيها لأن اختياره يوافق طموحه المتألق وطبيعة الخير فيه وهناك من اختار الهدم والقتل والتجويع وتجارة الموت، لأنه يوافق جنوح الشر في نفسه الخبيثة وطبيعة الوحش فيها. هناك من اختار العدل والكرامة والحرية لأنها دعائم الخير، والمحبة، والاستقرار، والأمان. وهناك من اختار الظلم والغدر والخديعة، واحتلال الأرض واغتصاب الحقوق، لأنها أسباب للسيطرة والابتزاز وإشباع غرور القوة وجنون العظمة والبحث في التاريخ عن دور ولو كان دور القاتل المجرم، المهم أن يذكره التاريخ ولو في صفحات الخزي والعار. هناك من اختار السلام ليحمي إنجازاته، وثروات بلاده، وسلامة أرضه، وشرفه. وهناك من اختار الحرب والتدمير ليداري فشله وخيبته وليهرب بالفوضى من محاكمات مخلة بالأمانة والشرف. هناك من يساند الحق ويطفئ حرائق الكراهية ويساعد في وجود مناخ آمن للبشر أفرادا ودولا. وهناك أيضا من يشعل الحرائق ويثير الكراهية ويستفز البشر والشجر والحجر. هناك من يحترم سيادة الدول ويحرص على حقوق الشعوب وهناك من هو مهووس بسرقة أرض الأغيار والعدوان عليهم ويعمل ليلا ونهارا على إثارة الفتن وابتزاز الآخرين. وينتسب بهتانا وزورا إلى عقيدة دينية سماوية محترمة، بعث بها نبي محترم هو نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام فيأتي هذا ويسيء بأوهامه وخرافاته إلى تلك العقيدة فيرى في كل الأغيار في العالم شعوبا وزعماء عبيدا وخدما له، بل حميرا ودوابا خلقوا ليخدموه ويركبهم، وكلما نفق حمار أو دابة خلق الإله لهم غيره. هناك من يحترم شعبه ويعيش واقعه، ويقود شعبه وأهله إلى الخير والتقدم والنماء والنهضة ويسعى دوما لنفسه ولشعبه وأمته والإنسانية كلها أن تعيش بعيدا عن الصراع وفي أمان ورخاء ورفاهية، وأن يسود بينها السلام والمحبة وأن تتأسس العلاقات على تبادل المصالح والخبرات والاحترام. وهناك المهووس بالعظمة، والمخدوع بالقوة، والمسكون بالسيطرة على الدنيا كلها، والمخادع الغادر الذي يصنع الأكاذيب دوما ولا يفي بعهد ولا يوفي بوعد ولا يصدق في حديث ولا يؤتمن على بشر ويسعى دائما لإشعال الحروب وتهديد الجيران واصطناع الأزمات وادعاء كل الأباطيل فيمارس الإبادة والتجويع والتهجير القسري ويجعل من قتل المدنيين -نساء وأطفالا- وقودا لأطماعه فيورد قومه المهالك ويعرضهم لسخط الدنيا وغضب الوجود والكون كله. هناك دولة تحظى بمكانة واحترام بين الجميع، عرف عنها النزاهة والحرص والحيادية، واختارت في رقي إنساني عظيم أن تضع كل إمكانياتها لحل الكثير من الأزمات الدولية، فبذلت وتبذل من مالها وجهدها لاستضافة وفود وإنجاح مبادرات في ظروف أزمات معقدة غابت فيها الوساطات النظيفة، وكان منها وفود من دولة الاحتلال تفاوضت من قبل حول هدنة بين أحرار من أهل فلسطين في سعي ممدوح ومحمود ومشكور لحقن الدماء ووقف الحروب وإطعام المجوعين في غزة، وإعادة الأسرى لعائلاتهم وإطلاق سراحهم، ورأت الدنيا كلها فرحة الناس في دولة الاحتلال بعودة بعض أسراهم ومع ذلك حاولت القيادة السياسية وبخاصة «العصابة المتطرفة» في دولة الاحتلال الانتقاص من دور قطر، والضغط عليها خلال المفاوضات حتى تفشل، لكن القطريين صبروا وتحملوا على أنفسهم حتى يبقى للمجتمع الدولي شيء من المروءة والمرونة، والحرص على استقرار المنطقة ونزع أسباب الحروب والتوترات حرصا على السلام العالمي وتجنبا لتوريط قوى كثيرة يمكن بدخولها حلبة الصراع أن تشتعل الدنيا كلها وينتقل الحريق لكل مناطق العالم. وهناك أيضا من سيطر عليه عشق الذات وجنون العظمة وتورم الأطماع وهوس الزعامة ومرض السادية والنازية الجديدة، فشده الحنين وجذبته مسة من إجرام العصابات القديمة في تاريخ كيانه المحتل فأراد أن يحيي دور عصابات هاجاناه «الهاجانا والبلماح والإرجون وبيتار وليحي وشتيرن»، ولكن بطريقة جديدة أكثر عنفا وتدميرا، وبمبررات دينية هذه المرة، فقدم نفسه كمبعوث للعناية الإلهية لتأديب ومطاردة المارقين - في خياله الديني المريض- وتعديل خرائط كل دول الشرق الأوسط، ومن ثم فهو فوق كل القوانين والمواثيق الدولية، ومن حقه أن يعلن الحرب على من يشاء فيهاجم من يشاء في أي وقت يشاء وينتهك سيادة قطر على مرأى ومسمع من العالم كله، ويرسل طيرانه الحربي ليغتال الوفد المفاوض. الهجوم على دولة قطر الشقيقة وانتهاك سيادتها، كان رسالة واضحة من هذا القاتل السادي ورئيس برلمانه بأن العواصم العربية لم تعد لها حصانة أمنية أو سياسية ولن تكون سماؤها أو مجالها الجوي بمنأى عن قاذفات المحتل. فهل يعي ذلك المطبعون والمنتظرون دورهم في التطبيع، والمتعاونون ومن يربطون أنفسهم ومصالحهم بهذا الكيان، ومن يتمنى ويشتهي.... لكن الحياء يمنعه؟ لقد اختار الشعب القطري بوعيه العالي وبصيرته المدركة، وفوض قيادته. وقد أثبتت الدوحة برجالها في أكثر من أزمة ومعضلة أنهم أهل للاختيار والثقة بقدرتهم ومصداقيتهم وكفاءتهم وحسهم السياسي العالي في تقدير المواقف، والتصرف أمام الأزمات الكبرى والمعقدة. والحق أن هذه القيادة والريادة مارست دورها المتألق بتواضع الكبار وحرفية المقتدر الناجح واختارت أن تكون: في موكب الحق.... لا في موكب الزور وفي ركاب العلا.... لا مربط العير وسؤال الأزمة والمرحلة هو: أي موكب. وأي موقع.. ستختار العواصم العربية والإسلامية يا ترى...؟
195
| 15 سبتمبر 2025
شخصية العظماء في المحن والشدائد لا تكتفي بمشاركة الآخرين أحزانهم، وإنما تبحث عن الإنسانية لتؤكد حضورها في الوجود، ولو وسط ركام الخرائب وحرائق الكراهية والتعصب. الوزيرة لولوة الخاطر حاضرة دائما في أحداث غزة ووسط المعاناة والناس، وتعرف كيف توصل رسائلهم وكيف تعبر عنهم. وبقلب يملؤه الحب والحسرة، وبعقل يدرك كل أبعاد المؤامراة، وبلسان يمتلك كل أدوات الجسارة والحرية، وبمنطق ينفذ إلى أعماق النفس ويحرك الإرادة. * والمرء لا يملك إلا الدعاء لهذا البلد الذي يحسن اختيار ممثليه ويختار دوما من يملكون القلوب العامرة والعقول الكبيرة. حفظكم الله أهل قطر شعبا وحكومة وقيادة كل التحية والتقدير للوزيرة النابغة التي تصر دوما على تشريف العرب أفرادا دولا وشعوبا. · لقد بدأت دورة الوعي الجديد تسري في العقول والوجدان سريان الضوء والسنا في الليل الطويل المعتكر. ورأت الدنيا كلها وشاهد العالم في صمود نساء غزة وأطفالها انتصار الإرادة، حتى وإن دمرت البيوت وقصفت المدارس، والكنائس، والمساجد، والمستشفيات. · الأبطال الصغار أطفال غزة يعيدون للوجود الأمل بعد يأس طويل، ويستعيدون مهابة الإنسان في دنياه، وكأن الزمن قد قفز بهم وتجاوز بوجودهم عصور الوهن وقلة الحيلة والهوان والاستضعاف، فتسمعهم يرددون ببساطتهم وتلقائيتهم «سنعود لبيوتنا المدمرة، وسنجلس على الحطام، وسنبقى على الأرض لأنها أرضنا، ولن نغادرها مهما فعلوا بنا». · وأمام هذه القوة المدمرة والمزودة بأحدث أساليب الفتك والقتل والأرض المحروقة، ومع طول أمد الحرب كان صمود شعب غزة أمام كل تلك المذابح سببا في إزالة الغشاوة عن عيون شعوب العالم ليرى الصورة على حقيقتها حيث أشلاء الآلاف من الأطفال والنساء والمدنيين العزل تتناثر في الشوارع وبين الركام فأزالت تلك الصور عن وجه المحتل مساحيق الماكياج الإعلامي ومصانع الخداع والكذب. * سيقول التاريخ كلمته فيمن تآمروا على غزة ومولوا حملة العدو ضدهم وستلعنهم ألسنة الناس في كل جيل.
585
| 08 أبريل 2024
أصالة الدول وعراقتها تقاس بقدرتها على تجاوز التحديات وإنجاز المهام بنجاح. • وقطر بحكومتها وشعبها وحاكمها أثبتت قدرتها على تطبيق معايير الحوكمة الدولية في أكثر المجالات دقة وحساسية، كما أثبتت على مدار العقدين الماضيين أنها كلما اشتدت عليها الأحقاد وبالغ خصومها في الغيرة منها ازدادت إصرارا على النجاح إلى حد الإبداع والروعة. • وكلما حاولت العنصرية والكراهية إثارة الغبار حولها وتشويه صورتها، ازدادت وعيا بطبيعة الدوافع، وازدادت مع الوعي تألقا وترفعا عن السفاسف والسقوط. • وكلما اشتدت عليها حملات العنصرية، زادت ثقة المواطن القطري بنفسه وأدرك أنه على حق وازدادت كذلك ثقة الوطن في قدرة مواطنيه على إدارة الحياة والاستغناء عن الآخرين والاكتفاء ذاتيا، بل وتصدير فائض إنتاجها. • هذا الاستثمار في بناء المواطن والوطن ليس وليد اللحظة، ولم يكن رد فعل لتحديات معينة، وإنما جاء وفق استراتيجية للنهضة وبرامج لحماية الذات الوطنية درست بعناية، منذ زمن وبعدها بدأت قطر تُعِدّ أبناءها لمعالي الأمور، وتؤمن بكفاءتهم، وأنهم يتمتعون باقتدار على قبول التحدي، وتم تدريبهم على إدارة الحياة المتحضرة، وتحويل الآمال والأمنيات إلى واقع. • ولذلك كان هذا الشعب في كل تحدٍ يحقق نجاحا وإنجازا حتى استكثرت عليه قوى البغض والعنصرية أن ينجح في استضافة المونديال. • وكعادته فقد كان الأمير الشاب بارعا وذكيا ومنتميا لأمته حين صرح منذ اللحظة الأولى أن العرب جميعا يتقاسمون شرف النجاح في هذا المونديال، وأنه ليس لقطر خاصة، وإنما هو "مونديال العرب جميعا". • غير أن البعض في الغرب ينظر إلى العرب على أنهم مجرد براميل نفط متحركة، عليهم أن يعيشوا حضارة مستوردة من غابات الأسمنت والحديد المسلح، يختارها لهم، وتمليها عليهم بعض العواصم في الغرب؛ غرب الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في نسختها المزيفة!. • وتسعى لإلزامهم أن يستوردوا أيضا مع الأسمنت والحديد المسلح قيم البلد المنتج، ولو كانت فسادا وخرابا. • ولا ندعي ولا يدعي القطريون أن الدوحة كعاصمة لدولتهم هي المدينة الفاضلة، لكنها مدينة حرة وعاصمة لشعب حر أصيل، والجميع يشهد أنها اعتزت بدينها وقيمها ورفضت التفريط أو المساومة، كما أنها تأبّتْ على الدخول ضمن القطيع، ورحبت بالجميع على أرضها، وطلبت من الآخرين بأدب جم وخلق رفيع أن يحترموا خياراتها القيمية والثقافية والدينية، فغضبت تلك العواصم، ولوحت بشعارات المقاطعة، واستخرجت من خزائنها العنصرية حججا مكشوفة وممجوجة للضغط والتهديد بإثارة قضايا حقوق الإنسان. وكأنهم أوصياء على العالم!. • ويبدو أن بعض دول الغرب في القارة العجوز مصابة بمرض "الزهايمر" السياسي، فقد نسيت أو تناست ما فعلته بالشعوب حين استعمرتها، وأنها ما زالت تعيش حتى الآن على سلب ونهب وسرقة ثروات الشعوب من دول المستعمرات الإفريقية، بل ولديها متاحف لجماجم الضحايا الذين قتلتهم خلال استعمارها لتلك الدول، فاستغلت المونديال لتكشف عن عنصريتها وكراهيتها لأي نجاح يتحقق في دول الجنوب وبخاصة الدول العربية فأرادت أن تعطي لقطر دروسا في حقوق الإنسان. • يتعجب الإنسان المنصف حين يرى أن فرصة واحدة ووحيدة تتاح لبلد عربي ليظهر قدراته في التنظيم والترتيب والتدريب، وأن يعظم خبراته التراكمية في إدارة المونديال بإنسانية وإبداع، فيستكثر عليه آخرون من الغرب المتحضر أن يحظى بهذه الفرصة ليحقق نجاحا!. • كما يزداد العجب عندما ترى البعض وقد أعماهم الحسد أيضا فحاولوا إفشال المونديال وما زالوا يحاولون. وكأن قطر ومعها العرب جميعا لا يجوز لهم أن يتفوقوا في شيء مهما كان، ولو كان حدثا رياضيا كالمونديال. • الحاسدون لقطر، والذين تحركهم العنصرية والكراهية يرون الذكاء حكرا على جنسهم وحده، كما يرون النجاح خاصا بهم وحدهم. • ساعات قليلة ويبدأ المونديال رغم كل الأحقاد والضغائن والتحديات الكبرى، وستنجح بإذن الله قطر، وسينجح شعبها وقيادتها وستقدم نموذجا أخلاقيا وإنسانيا في إدارة الأزمات كما عودتنا من قبل. وسيكتشف المبغضون لها والكارهون لنجاحاتها أنهم كانوا خاطئين. • دولة قطر - شعبا وحكومة وأميرا - نسيج خاص في الأصالة والقيم والثبات على المبدأ رغم التحديات الكبيرة والكثيرة. • وكل الشرفاء والأحرار في العالم يستنكرون حملة الكراهية والعنصرية الحمقاء ضد قطر وشعبها. وكل الشرفاء والأحرار في العالم أيضا يقدمون لقطر مزيدا من الدعم والتأييد، ويرونها أهلا لكل إبداع ولكل إنجاز رائع، ويرجون لها مزيدا من النجاح والنصر والإبهار.
2115
| 23 نوفمبر 2022
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); روى عن أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه ورضى الله عنه أن " الصورة الإنسانية هي أكبر حجج الله على خلقه، وهي الكتاب الذي كتبه بيده، وهي الهيكل الذي بناه بحكمته، وهي مجموع صور العالمين، وهي الشاهدة على كل غائب، وهي الحجة على كل جاحد، وهي الطريق المستقيم إلى كل خير، وهي الجسر الممدود بين الجنة والنار" (عيون مسائل النفس: ص 37، حسن حسن زاده )إذًا فالإنسان في الرؤية الإسلامية كون كبير واسع الآفاق، لكنه يضطرب ويتصادم إذا أهملت طريقة تشغيله أو فرط هو أو غيره في القوانين الحاكمة والمنظمة لعملية صيانته ولم تراع فيه الفطرة التى تشكل أحد المحاور الهامة في تكوينه النفسي والروحي، حينئذ يضل ويضيع، وتتحول آفاقه من مدى غير محدود وميدان فسيح لممارسة الحرية والإرادة البشرية في نفع الإنسان وترقية الحياة إلى مجرد ترس في آلة يغيب فيها الشعور والحس، وتهمل فيها إشراقات الروح،ويذهب جمال الفطرة ونقائه ويسيطر الضياع على فكره ورؤاه وتصوراته كلها،ومن ثم يتحول إلى مصدر للعطب وعنصر إفساد إن لم يكن في الكون كله فعلى الأقل في البيئة التى يعيش فيها ويؤثر في مساحتها.• وهذه الحالة عبر عنها فيلسوف الإسلام الكبير الشاعر محمد إقبال حين قال:إنما الكافر حيران له الآفاق تيه ….. وأرى المؤمن كونا تاهت الأكوان فيه• ولكى يبقى الإنسان أمنا في سربه،مطمئنا في فكره وخواطره، مشرق النفس ألاق الجبين يحتاج إلى نوع من العناية المركزة تشمل ظاهره وباطنه وسره وعلانيته ومادته وروحه، ولم يكن لهذا الدور إلا العبادات المفروضة بتنوعها وتوزيعها على الأوقات المختلفة، فهي الوسيلة التى تستنقذ الإنسان من براثن الشيطان وشروره، وتعيده إلى جادة الصواب ونقاء الفطرة في وعيها الطبيعى وإدراكها لقيمة العلاقة التى لا يجب أبدا أن تنفصم بين المخلوق والخالق، والمعبود والعابد مهما أخطأ العبد أو تجاوز،ومن هنا تقوم بعض العبادات بدور المنظف والمطهر للطبيعة البشرية من جراثيم الهبوط والمعصية وفقدان المناعة.• ولما كانت المعاصى متنوعة فقد تنوعت أيضا أنواع الطاعات المطهرة منها والمكفرة لها، وكان صوم رمضان من أعجب العبادات التى فرضت على الإنسان، فممارسته تتم بشكل غيبي لا يعرفه أو يطلع عليه إلا العبد وربه فقط، وجزاؤه غيبي لا تعرفه حتى الملائكة، ومن هنا جاء في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" (رواه الإمام البخاري في صحيحه).• وكان منهج العبادة يساعد بعضه بعضا على طهارة الإنسان وبشكل مستمر، كما شرح لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتنب الكبائر " وفى لفظ " مالم تغش الكبائر " رواه مسلم في الصحيح.• إرادة الإنسان هنا لها دور فاعل في تصحيح المسار الإنساني ويجب أن تحظى تلك الإرادة في الشريعة بما يقوى عضدها ويشد من عودها ويجعلها قادرة على اتخاذ القرار الصحيح.ان شهر رمضان بما احتواه من عبادة الصوم يشكل للعام كله بعثا جديدا للإرادة ويقظةحية للعزم وصحوة للتصميم على التغيير والسير في الاتجاه الصحيح.• إذًا هو شهر يبنى إرادة المرء ويؤكد إنسانيته وتساميه فوق الغرائز عن طريق تدريبه على استخراجواستثمار طاقة الصبر الكامنة في النفس البشرية، وكل هذه العوامل مجتمعة تشكل رافعة تصعد بالإنسانعقلا وقلبا، روحا وجسدا، فكرا ووجدانا ليصل إلى مصاف الملائكة الكرام، وليكون أهلا لجائزةلا يعرف مداها وقيمتها إلا مانحها ومعطيها يتقبلها العبد بيمينه من الله الكريم يوم يلقاه،فينقلب إلى أهلهمطمئنا بعد خوف، ومسرورا بعد حزن، ومنعما بعد شقاء وكبد ومعاناة.فطوبى لمن عرف كيف يوجه نواياه فصام إيمانا واحتسابا، والعاقبة عند ربك للمتقين.
1314
| 17 يوليو 2015
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); روى عن أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه ورضى الله عنه أن " الصورة الإنسانية هي أكبر حجج الله على خلقه، وهي الكتاب الذي كتبه بيده، وهي الهيكل الذي بناه بحكمته، وهي مجموع صور العالمين،وهي الشاهدة على كل غائب، وهي الحجة على كل جاحد، وهي الطريق المستقيم إلى كل خير، وهي الجسر الممدود بين الجنة والنار" (عيون مسائل النفس: ص 37، حسن حسن زاده )إذًا فالإنسان في الرؤية الإسلامية كون كبير واسع الآفاق، لكنه يضطرب ويتصادم إذا أهملت طريقة تشغيله أو فرط هو أو غيره في القوانين الحاكمة والمنظمة لعملية صيانته ولم تراع فيه الفطرة التى تشكل أحد المحاور الهامة في تكوينه النفسي والروحي، حينئذ يضل ويضيع، وتتحول آفاقه من مدى غير محدود وميدان فسيح لممارسة الحرية والإرادة البشرية في نفع الإنسان وترقية الحياة إلى مجرد ترس في آلة يغيب فيها الشعور والحس، وتهمل فيها إشراقات الروح،ويذهب جمال الفطرة ونقائه ويسيطر الضياع على فكره ورؤاه وتصوراته كلها،ومن ثم يتحول إلى مصدر للعطب وعنصر إفساد إن لم يكن في الكون كله فعلى الأقل في البيئة التى يعيش فيها ويؤثر في مساحتها.• وهذه الحالة عبر عنها فيلسوف الإسلام الكبير الشاعر محمد إقبال حين قال:إنما الكافر حيران له الآفاق تيه ….. وأرى المؤمن كونا تاهت الأكوان فيه• ولكى يبقى الإنسان أمنا في سربه،مطمئنا في فكره وخواطره، مشرق النفس ألاق الجبين يحتاج إلى نوع من العناية المركزة تشمل ظاهره وباطنه وسره وعلانيته ومادته وروحه، ولم يكن لهذا الدور إلا العبادات المفروضة بتنوعها وتوزيعها على الأوقات المختلفة، فهي الوسيلة التى تستنقذ الإنسان من براثن الشيطان وشروره، وتعيده إلى جادة الصواب ونقاء الفطرة في وعيها الطبيعى وإدراكها لقيمة العلاقة التى لا يجب أبدا أن تنفصم بين المخلوق والخالق، والمعبود والعابد مهما أخطأ العبد أو تجاوز،ومن هنا تقوم بعض العبادات بدور المنظف والمطهر للطبيعة البشرية من جراثيم الهبوط والمعصية وفقدان المناعة.• ولما كانت المعاصى متنوعة فقد تنوعت أيضا أنواع الطاعات المطهرة منها والمكفرة لها، وكان صوم رمضان من أعجب العبادات التى فرضت على الإنسان، فممارسته تتم بشكل غيبي لا يعرفه أو يطلع عليه إلا العبد وربه فقط، وجزاؤه غيبي لا تعرفه حتى الملائكة، ومن هنا جاء في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به" (رواه الإمام البخاري في صحيحه).• وكان منهج العبادة يساعد بعضه بعضا على طهارة الإنسان وبشكل مستمر، كما شرح لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتنب الكبائر " وفى لفظ " مالم تغش الكبائر " رواه مسلم في الصحيح.• إرادة الإنسان هنا لها دور فاعل في تصحيح المسار الإنساني ويجب أن تحظى تلك الإرادة في الشريعة بما يقوى عضدها ويشد من عودها ويجعلها قادرة على اتخاذ القرار الصحيح.ان شهر رمضان بما احتواه من عبادة الصوم يشكل للعام كله بعثا جديدا للإرادة ويقظةحية للعزم وصحوة للتصميم على التغيير والسير في الاتجاه الصحيح.• إذًا هو شهر يبنى إرادة المرء ويؤكد إنسانيته وتساميه فوق الغرائز عن طريق تدريبه على استخراجواستثمار طاقة الصبر الكامنة في النفس البشرية، وكل هذه العوامل مجتمعة تشكل رافعة تصعد بالإنسانعقلا وقلبا، روحا وجسدا، فكرا ووجدانا ليصل إلى مصاف الملائكة الكرام، وليكون أهلا لجائزةلا يعرف مداها وقيمتها إلا مانحها ومعطيها يتقبلها العبد بيمينه من الله الكريم يوم يلقاه،فينقلب إلى أهلهمطمئنا بعد خوف، ومسرورا بعد حزن، ومنعما بعد شقاء وكبد ومعاناة.فطوبى لمن عرف كيف يوجه نواياه فصام إيمانا واحتسابا، والعاقبة عند ربك للمتقين.
1624
| 16 يوليو 2015
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); • نظرة الاستعلاء والفوقية هذه ليست جديدة، وحتى ما طرحه صموئيل هنتنتجنتون في كتابه صراع الحضارات لم يكن جديدا، وإنما كان نسخة معدلة مما طرحه من قبل الصحفي الأمريكي لوثروب ستودارد، فقد ذكر في كتابه الصادر في سنة 1921، بعنوان «المد الصاعد للون ضد السيادة البيضاء على العالم» «The Rising: Tide of Color against White supremacy» حيث يقرر الصحفي الأمريكي لوثروب ستودارد «lothrop Stoddard « صلاحية الجنس الأبيض للسيادة على العالم، فيقول: «من ظلال ما قبل التاريخ برزت العناصر البيضاء إلى المقدمة، وأثبتت بطرق لا تحصى صلاحيتها للهيمنة على النوع البشري، لقد شكلوا بالتدرج حضارة مشتركة، ثم حين أتيحت لهم فرصتهم الفريدة للهيمنة على المحيطات قبل أربعة قرون انتشروا في كل أنحاء الأرض فملأوا أماكنها الخالية بذريتهم المتفوقة، وضمنوا لأنفسهم التفوق في العدد والسيادة... وأخيرًا توحد الكوكب تحت هيمنة عرق واحد بحضارة مشتركة. هكذا!!• ولم يكن ذلك الصحفي والتيار الذي ينتمي إليه في ساحة الهجوم على الإسلام وحده، وإنما رافقه آخرون أكاديميون من ذوي الشهرة والصيت ذاعت كتاباتهم في طول الأرض وعرضها تحاول النيل من الإسلام ونبيه، وكان في مقدمة هؤلاء المستشرق المعروف هاملتون جيب الذي كان يعمل في الولايات المتحدة الأمريكية مديراً لمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد والذي حاول أن ينفي عن النبي صفة الرسالة والنبوة ولم ير فيه إلا أنه مجرد مصلح اجتماعي عكس ضرورات البيئة العربية في مكة، وأنه صلى الله عليه وسلم صنعته بيئته الخاصة بمركزها الثقافي والديني والتجاري، وبحكم موقعها من العالم وصلتها بأرقى شعوبه. ثم جاء تلميذه النجيب برنارد لويس ليكمل المسيرة غير الميمونة وغير المأمونة، وليدلي بدلوه في تطوير وأداء الدور المطلوب.• فإذا أضيف إلى ذلك رد الفعل على الحملة الشرسة التي تولت كبرها مصانع الكذب الإعلامي ودعايات إمبراطورية هوليوود بعد أحداث 11 سبتمبر والتكثيف الشديد على اعتماد التشويه والكذب، هذا الأمر المبالغ فيه جدا دفع الكثير من الناس إلى محاولة معرفة شيء عن هذا المارد المرعب والذي جاء ليحطم الحضارة ويطفئ أنوار الحياة، فنفدت كل الكتب التي تتحدث عن الإسلام كما نفدت جميع المصاحف من المراكز والمؤسسات الإسلامية، وبالإضافة إلى ما يتمتع به المواطن الأوروبي من الحرية ومع البحث والتحري ظهرت الحقائق، كل ذلك جعل الإسلام هو الخيار الأول لبعضهم بعدما اتضحت الصورة واكتشف الناس حجم المغالطات والتدليس والغش وصدقت حكمة الشاعر التي تقول: وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت …. أتاح لها لسان حسود • لسان الحسود هنا قدم للإسلام دعاية لا تستطيع الدول الإسلامية مجتمعة أن تقوم بها وكان هذا الأمر من تدبير الله وحده.• ثم إن أحداث 11 سبتمبر أحدثت تطورا نوعيا في وعي المسلمين بحركة الصراعات وطبيعتها ومسارها، هذا التطور النوعي أكسب المسلمين خبرة في التعامل مع الأزمات وكيفية مواجهتها والقدرة على امتصاصها، كما حقق لهم حضورا ملحوظا وقبولا يحسب على أنه إنجاز ضخم في بناء جسور حيوية ومحترمة للتفاهم وتأكيد معنى التعددية الثقافية والحضارية وحتى الدينية وتفاعلهم معها، ومن ثم فقد بدأت قطاعات كبيرة من مجتمعات الغرب نتيجة الاحتكاك بالمسلمين في الداخل تتفهم قلق المسلمين وهمومهم وتشعر أن وجودهم إضافة حضارية وثقافية وليس عبئا ومن ثم بدأت تقف بجوار قضاياهم، لكن هذا الأمر مقلق طبعا لبعض الدوائر التي تقتات على الأزمات والكراهية وتسعى لضرب الجميع ببعضهم، وبالمناسبة يقال إن أحداث فرنسا أعلنت عنها وسائل إعلام إسرائيلية بعد وقوعها بثلاث دقائق، أي قبل أن تعلن عنها السلطات الفرنسية، كما أعلنت صحيفة تابعة لهم أسماء الجناة وحددت ديانتهم وجنسياتهم بعد أقل من 15 دقيقة !! فهل جاءت أحداث فرنسا نتيجة وثمرة لهذا التخطيط....؟ حتى الآن لست متأكدا من إجابة هذا السؤال «بلا» أو «بنعم». لكني أحسب أن الوجود الإسلامي في مجتمع الغرب بدأ الدخول في مرحلة جديدة من التحديات خططت لها أعلى الدوائر سيادية وأكثرها حساسية وعما قريب ستراوده عن نفسه بين الرفـض والاحـتواء.فهل يمكن أن تنتصر النفايات والمؤامرات على الخلق العظيم؟ هنا أقول بالقطع: «لا» ومبدأ الإنصاف الذي ربانا عليه ديننا الحنيف ونبينا العظيم محمد، صلى الله عليه وسلم، والذي جعلوه هدفا لنفاياتهم ـ وهيهات - يجعلني أقول بإصرار: «ليسوا سواء» وإذا كنا كلنا محمدا …. فليسوا كلهم شارلي.
1002
| 27 يناير 2015
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في فترة الخمسينيات من القرن الماضي سيطرت أنظمة الانقلابات الثورية الشمولية على أكثر بلاد الشرق الإسلامي وحقق المد الماركسىي امتدادا في نصف الكرة الأرضية، وارتبطت به أنظمة ومجتمعات دارت في فلكه وكانت تدين له بالولاء الأيديولوجي، والمسلمون الذين هاجروا إلى الغرب كان بينهم وبين أنظمة بلادهم صدامات بسبب انتماءاتهم الدينية والأيديولوجية، وقد كان من مصلحة الغرب أن يستقبل هؤلاء المهاجرين ويؤويهم ليحقق بذلك أكثر من هدف في وقت واحد. 1. فوجودهم في بلاده يقدم للغرب دعاية مجانية ويصوره كملاذ آمن للحريات ويكتسب بوجودهم مصداقية في دفاعه عن حقوق الإنسان.2. كان هؤلاء يشكلون طليعة المعارضة السياسية والقوى المضادة للانقلابات التي تتبنى النظم الاشتراكية في بلدانهم الأصلية، لذلك رأى الغرب فرصة الاستفادة منهم كورقة ضغط سياسية في مواجهة الأنظمة التي تعاديه، وكذلك يمكن توظيف وجودهم في صراع الأيديولوجيات.3. وجود هؤلاء في مجتمع الغرب، خصوصا التيار الحركي منهم يجعل نشاطهم تحت سمعه وبصره، ومن ثم يأمن شرهم ويعمل على ترويضهم بعكس ما إذا تولى هؤلاء السلطة في بلادهم وكانوا خارج حدود السيطرة، فربما يشكلون تهديدا لمصالحه في المنطقة.4. كان الغرب يرى أن خصائص هؤلاء وهوياتهم الإسلامية المتفردة والمتميزة ستذوب بعد جيل أو جيلين ومن ثم تنمحي وتتلاشى تلك الخصائص وتتم في هدوء عملية الدمج والذوبان.• هذه هي بعض الأهداف- فيما أراه ـ وراء ترحيب الغرب بالوجود الإسلامي في النصف الثاني من القرن الماضي، لكن الرياح تأتي بما تشتهي السفن، وأحيانا تأتي عكس ما تشتهي السفن، فقد سقط القطب الشيوعي وتحلل الاتحاد السوفيتي، وانحصر المد الماركسي الذي كانت أمريكا والغرب تخافه وتخشاه.• في الجانب الآخر انكمشت دول عدم الانحياز وانفرد قطب واحد بزمام العالم وسقطت شعارات "الإمبريالية و"قوى الرجعية والتخلف" "والاستعمار" وما إلى ذلك من الشعارات، وقدمت أكثر الأنظمة التي كانت ثورية أوراق اعتمادها لتخدم في بلاط النظام العالمي الجديد بعدما أعلنت توبتها وتطهرها من رجس الماركسية والشيوعية، والتحقت بقاطرة الغرب نفسه وأضحت تأخذ عنه وتتلقى منه، وتحولت العلاقة من العداء لتكون سمنا على عسل، ومن ثم فلم يعد الوجود الإسلامي يستعمل كورقة للضغط على تلك الأنظمة.• وبذلك سقطت المبررات الثلاثة: الأول والثاني والثالث من حسابات الغرب في التعامل مع الوجود الإسلامي في مجتمع المهجر.• ثم إن فكرة الذوبان والتلاشي للمهاجرين المسلمين بعد جيل أو جيلين أو ثلاثة أجيال على الأكثر، كانت خاطئة، وكانت المفاجأة المذهلة أن أجيال الأخلاف نشأت أشد تمسكا بدينها وتماسكا في هوياتها، بل تحولت إلى جزء من النسيج الاجتماعي واللحمة الحضارية لمجتمعات الغرب وظهرت الخصوصيات أكثر فأكثر، وأضحت ظاهرة التمايز واضحة جلية، وبدلا من الذوبان والتلاشي كان التأثير المباشر في النسيج الاجتماعي الغربي، ومن ثم تم التداخل والمزج بين الديني والاجتماعي، حيث تزوج أبناء المسلمين من نساء غربيات وهؤلاء وجدن في الدين الإسلامي وتقاليد الشرق والتماسك الأسري ضالتهن فأسلمن وحسن إسلامهن، وارتبطت حركة التغيير الوجداني بحركة في تغيير المفاهيم والتصورات، صاحبها وأعقبها تغيير في السلوك والممارسة، الأمر الذي أضحى من المألوف أن ترى المرأة الأوروبية ترتدي الحجاب وتعتز وتفاخر به كخيار لها وكحق من حقوقها المدنية بجانب كونه واجبا دينيا لا يجوز لأحد أن يمنعها عنه، والأمر كذلك بالنسبة للرجال، حيث أصبح من المألوف أن ترى مسلما من أصل أوروبي هو الذي يجلس ليفاوض أو يحاور نيابة عن المسلمين في بعض المصالح الحكومية، ومن ثم سقط المبرر الرابع وجاءت الرياح على عكس ما تشتهي السفن.• لكن اليمين المتطرف والذي تتنامى دعوته وتحتضنها بعض السياسات وبعض الأنظمة التي تستعمله ذراعا للضغط والسيطرة لم يُفَوِّتوا الفرصة طبعا، فقد اعتمدوا سياسة التخويف من الإسلام، وسعوْا في مجتمعات الغرب كله للتأكيد على أن الوجود الإسلامي يتمدد بسرعة خطيرة ويشكل عبئا على رفاهية الغرب ولا يضيف إليه شيئا جديدا، كما سعوا بكل الوسائل لتأزيم المواقف وصناعة الأزمات بين المسلمين وغيرهم وليسوقوا دليلا دامغا على أن المسلمين في الغرب شر كلهم، وأن وجودهم يشكل خطرا محتملا على المدى البعيد وحتى في القريب العاجل.• كل هذه العوامل دفعت بالغرب إلى إعادة النظر في إستراتيجيته تجاه الوجود الإسلامي في مجتمع المهجر، ومن ثم كانت حالة التراجع في الحريات العامة وحالة الانتكاس في الحقوق المدنية، التي تمثلت وترجمت عنها ترسانة القوانين الجديدة التي تحد من حريات الناس وتحجم نشاطهم وتخول لأجهزة الأمن المختلفة وقف ومصادرة أي نشاط لمواطنيها تحت دعوى محاربة التطرف وتجفيف منابعه.• ورغم قدرة بعض مراكز القرار في الغرب ومعهم اليمين المتطرف وبراعتهم في تغليف عدائهم بغشاء رقيق من الدبلوماسية وغطاء هش من حرية التعبير والإبداع والبحث العلمي، لكن هذا الغطاء لم يكن كافيًا لتغطية حالة العداء التي بدت وكأنها ظاهرة في كثير من الكتابات والتعليقات وحتى القرارات، ولم تكن قوافل الميديا في الساحة وحدها، وإنما كان خلفها من يقدم لها الدعم والمساندة والتأييد، كما كان يمدها بالدعم اللوجستي في مجال المعلومات كتيبة من الأكاديميين تقربهم مراكز القرار وتمولهم جهات استخباراتية وتمكنهم من نشر آرائهم التي تساعد على تبرير العدوان وتأجيج نيران الصراع والكراهية، وحاول اليمين المتطرف التركيز على أن التكوين الثقافي للجنس الأبيض يعتمد على نظرية نجابة الجنس ونقاء العرق وتقسيم البشر، وقد نجح إلى حد بعيد في إشاعة هذه الرؤية حتى نضحت في كتاباتهم رغم حديث القانون عن المساواة والحريات وحقوق الإنسان وبدرجة فاقت حدود الشعارات المرفوعة في الغرب ذاته، وبالطبع إنسان الشرق في تلك الرؤية يختلف عن إنسان الغرب، وإنسان الجنوب يختلف عن إنسان الشمال، حتى تجرأ بعضهم وأحيا في طرحه رؤية عنصرية قديمة، وحاول أن يروج لها من باب هندسة الرأي العام وتهيئته تمهيدًا للقبول بفكرة الاستعمار بناءً على نجابة الجنس ونقاء العرق وتقسيم الناس إلى سادة يجب أن يسيطروا ويسودوا، وإلى عبيد عليهم أن يخلصوا في خدمة السادة، ليلاً ونهارًا، والويل لهم إن تمردوا أو طالبوا بحقوق آدمية.• نظرة الاستعلاء والفوقية هذه ليست جديدة، وحتى ما طرحه صموئيل هنتنتجنتون في كتابه صراع الحضارات لم يكن جديدا، وإنما كان نسخة معدلة مما طرحه من قبل الصحفي الأمريكي لوثروب ستودارد، فقد ذكر في كتابه الصادر في سنة 1921، بعنوان "المد الصاعد للون ضد السيادة البيضاء على العالم""The Rising: Tide of Color against White supremacy" حيث يقرر الصحفي الأمريكي لوثروب ستودارد "lothrop Stoddard " صلاحية الجنس الأبيض للسيادة على العالم، فيقول: "من ظلال ما قبل التاريخ برزت العناصر البيضاء إلى المقدمة، وأثبتت بطرق لا تحصى صلاحيتها للهيمنة على النوع البشري، لقد شكلوا بالتدرج حضارة مشتركة، ثم حين أتيحت لهم فرصتهم الفريدة للهيمنة على المحيطات قبل أربعة قرون انتشروا في كل أنحاء الأرض فملأوا أماكنها الخالية بذريتهم المتفوقة، وضمنوا لأنفسهم التفوق في العدد والسيادة... وأخيرًا توحد الكوكب تحت هيمنة عرق واحد بحضارة مشتركة. هكذا!!• ولم يكن ذلك الصحفي والتيار الذي ينتمي إليه في ساحة الهجوم على الإسلام وحده، وإنما رافقه آخرون أكاديميون من ذوي الشهرة والصيت ذاعت كتاباتهم في طول الأرض وعرضها تحاول النيل من الإسلام ونبيه، وكان في مقدمة هؤلاء المستشرق المعروف هاملتون جيب الذي كان يعمل في الولايات المتحدة الأمريكية مديراً لمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد والذي حاول أن ينفي عن النبي صفة الرسالة والنبوة ولم ير فيه إلا أنه مجرد مصلح اجتماعي عكس ضرورات البيئة العربية في مكة، وأنه صلى الله عليه وسلم صنعته بيئته الخاصة بمركزها الثقافي والديني والتجاري، وبحكم موقعها من العالم وصلتها بأرقى شعوبه. ثم جاء تلميذه النجيب برنارد لويس ليكمل المسيرة غير الميمونة وغير المأمونة، وليدلي بدلوه في تطوير وأداء الدور المطلوب.• فإذا أضيف إلى ذلك رد الفعل على الحملة الشرسة التي تولت كبرها مصانع الكذب الإعلامي ودعايات إمبراطورية هوليوود بعد أحداث 11 سبتمبر والتكثيف الشديد على اعتماد التشويه والكذب، هذا الأمر المبالغ فيه جدا دفع الكثير من الناس إلى محاولة معرفة شيء عن هذا المارد المرعب والذي جاء ليحطم الحضارة ويطفئ أنوار الحياة، فنفدت كل الكتب التي تتحدث عن الإسلام كما نفدت جميع المصاحف من المراكز والمؤسسات الإسلامية، وبالإضافة إلى ما يتمتع به المواطن الأوروبي من الحرية ومع البحث والتحري ظهرت الحقائق، كل ذلك جعل الإسلام هو الخيار الأول لبعضهم بعدما اتضحت الصورة واكتشف الناس حجم المغالطات والتدليس والغش وصدقت حكمة الشاعر التي تقول: وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت …. أتاح لها لسان حسود • لسان الحسود هنا قدم للإسلام دعاية لا تستطيع الدول الإسلامية مجتمعة أن تقوم بها وكان هذا الأمر من تدبير الله وحده.• ثم إن أحداث 11 سبتمبر أحدثت تطورا نوعيا في وعي المسلمين بحركة الصراعات وطبيعتها ومسارها، هذا التطور النوعي أكسب المسلمين خبرة في التعامل مع الأزمات وكيفية مواجهتها والقدرة على امتصاصها، كما حقق لهم حضورا ملحوظا وقبولا يحسب على أنه إنجاز ضخم في بناء جسور حيوية ومحترمة للتفاهم وتأكيد معنى التعددية الثقافية والحضارية وحتى الدينية وتفاعلهم معها، ومن ثم فقد بدأت قطاعات كبيرة من مجتمعات الغرب نتيجة الاحتكاك بالمسلمين في الداخل تتفهم قلق المسلمين وهمومهم وتشعر أن وجودهم إضافة حضارية وثقافية وليس عبئا ومن ثم بدأت تقف بجوار قضاياهم، لكن هذا الأمر مقلق طبعا لبعض الدوائر التي تقتات على الأزمات والكراهية وتسعى لضرب الجميع ببعضهم، وبالمناسبة يقال إن أحداث فرنسا أعلنت عنها وسائل إعلام إسرائيلية بعد وقوعها بثلاث دقائق، أي قبل أن تعلن عنها السلطات الفرنسية، كما أعلنت صحيفة تابعة لهم أسماء الجناة وحددت ديانتهم وجنسياتهم بعد أقل من 15 دقيقة !! فهل جاءت أحداث فرنسا نتيجة وثمرة لهذا التخطيط....؟ حتى الآن لست متأكدا من إجابة هذا السؤال "بلا" أو "بنعم". لكني أحسب أن الوجود الإسلامي في مجتمع الغرب بدأ الدخول في مرحلة جديدة من التحديات خططت لها أعلى الدوائر سيادية وأكثرها حساسية وعما قريب ستراوده عن نفسه بين الرفـض والاحـتواء.فهل يمكن أن تنتصر النفايات والمؤامرات على الخلق العظيم؟ هنا أقول بالقطع: "لا" ومبدأ الإنصاف الذي ربانا عليه ديننا الحنيف ونبينا العظيم محمد، صلى الله عليه وسلم، والذي جعلوه هدفا لنفاياتهم ـ وهيهات - يجعلني أقول بإصرار: "ليسوا سواء" وإذا كنا كلنا محمدا …. فليسوا كلهم شارلي.
3295
| 26 يناير 2015
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بعض النظم في بلادنا عندما تستبد بها الغيرة، تلجأ لطرق قديمة بلهاء في الكيد لجارتها.الدافع وراء هذا الكيد هو الغيرة من كل نجاح يتحقق وكل إنجاز يتم، وكلما اتسعت دوائر النجاح والتأثير لذلك البلد كلما زادت وتضاعفت محاولة النيل منه بقصد الحد من تأثيره.مبررات الغيرة هنا أنهم يرون ذلك البلد الناجح قليلا في عدد سكانه، محدودا في مساحته الجغرافية، لكن تأثيره أكبر، وحضوره الإقليمي والعالمي أوسع، وحساباته في تقدير المواقف أحد وأدق، وأكثر سرعة وذكاء، وأشد وضوحا وشجاعة، فتتحرك عوامل الغيرة لديهم ويتساءلون في أنفسهم: كيف يكون لذلك البلد الصغير موقع القيادة والتأثير والحضور والفاعلية ونحن أحق بالزعامة منه.ألسنا أكثر أموالا وأولادا وأعز نفرا؟أليست مساحة أرضنا تفوق مساحتهم بعشرات المرات؟ فلماذا هم يسبقوننا في مجال التأثير عشرات المرات؟ولماذا يحظون بكل التقدير وثناء الدنيا؟ولماذا يكون الصدح بالحقيقة عندهم وحدهم؟لماذا يكون الخبر موثقا والحقيقة مؤكدة عندما تصدر منهم؟لماذا يتمتع إعلامهم بأعلى درجات المصداقية، بينما ما يصدر عن إعلامنا لا تثق فيه الشعوب ولا يصدقه أحد وأغلب الشعوب تسخر منه؟لماذا كل ما يصدر عنهم يكون موضع ثقة الآخرين ومتضمنا لكل شروط صدق الرواية وسلامة التوثيق؟وهكذا يدور سؤال الغيرة الذي يولد سؤال الأزمة، أنى يكون له القيادة والتأثير والفاعلية علينا ونحن الأكثر عددا والأوسع أرضا، والأسبق تاريخا....؟وربما يجد المتأمل في سؤال الغيرة المسكوت عنه مدخلا لمعرفة ظواهر الأزمة، وتحليل أسبابها ودوافعها.وربما يصل بتحليل الحسابات أن وراء ذلك السؤال الأبله لدى أصحابه أنهم يعتمدون في تقييم الدول بعدد السكان ومساحة الأرض جغرافيا فقط، ومن ثم لا تخضع حساباتهم إلا لتحليل الكم العددي وحده، ولا تضع في اعتباراتها عوامل الكفاءة والاقتدار وتراكم الخبرات وتجارب السنين وقدرة الناس على استيعاب تلك التجارب والإفادة منها.كما لا تتعرض بالتحليل لشرف الهدف وسمو القصد ونبل الغاية التي تلتقي فيها رؤية أصحاب الفكر والثقافة برؤية أصحاب القرار في رسم السياسة لدولة حديثة يلتحم فيها شعب بقيادته، ويتساند فيها الحكمة بالمصلحة، والحرية بالعدل وكرامة الإنسان.وعي الإحاطة بالصورة من كل الأبعاد غائب ومُغَطى، غَيَّبَته الغيرة، وغطته الرغبة في التفرد بالزعامة التى قد تدفع بأصحابها أن يلجأوا إلى محاولات عزلة الطرف الآخر. المنطق الخاطئ يصور لأصحابه أن عزل قوة الطرف الآخر عن الحضور والتأثير والفاعلية يمكن أن يتم بحماقة القرارات، وأن قطع العلاقات يمكن أن يخيف قطر أو يثنيها عن المضي قدما فيما آمنت به ورأته ضرورة الواقع وطموح المنى لشعوب المنطقة.بعد آخر أسهم في سوء الفهم وربما في سوء النية أيضا، وهوالتناقض في اختلاف مفهوم أمن المنطقة التى تفردت به قطر وتميزت عما عداها حيث تراه قطر في تأمين حرية الشعوب وحماية كرامتها وتحقيق العدالة بين أبنائها ومن ثم فأمن شعوب المنطقة كما تراه قطر يكمن في ممارسة الناس لحرياتهم وفتح كل الأبواب والنوافذ للتعرف على رغبات الشعوب من خلال إعلام حر يناقش كل القضايا بغير حظر أو حساسيات، ويقدم كل الآراء والتحاليل بغية الوصول إلى تحقيق أعلى مستويات الوعي والممارسة الديموقراطية وتأمين حرية الشعوب وضمان كرامتها وتحويلها من قطيع يساق بالقهر والدكتاتورية إلى شريك في القرار، وصاحب الحق الأصيل في اختيار حكامه واختيار نموذج الحكم الذي يرتضيه .وعلى العكس من ذلك تماما ترى دول الجوار، فأمن المنطقة في نظرهم هو أمن الأنظمة في تأمين وجودها واستمراره بلا اعتراضات أو منغصات أو مطالب شعبية، ومن ثم فلديها مشكلة مع الديموقراطية، وترى أنها تمثل خطرا يهدد وجودها واستمرارها، وقد تعاونت مع كل النظم الغربية واستجابت لا لرغباتها فقط، وإنما بالغت حتى في تحقيق أحلامها وأمانيها لتثبت أن الدكتاتوريات يمكنها أن تشكل الكنز والخادم والحارث لمصالح الغرب، ولذلك شكلت حلفا لإفشال أي تجربة ديموقراطية في المنطقة، ووقفت بجانب الانقلابات وحاصرت تجربة الشعوب في نضالها لنيل حريتها وكرامتها لأنها تخشى من انتقال التجربة إليها.مفهوم قطر للأمن بهذه الرؤية من غير شك أنه يفتح الباب أمام شعوب المنطقة للمطالبة بحقوقها المسلوبة، من هنا تكون خطورة النموذج القطري على غيره من النظم.من هنا أيضا كان الدافع وراء قرار قطع العلاقات وسحب السفراء وهو القرار الذي لم يأخذ في الاعتبار أن الشعوب بوعيها الفطري أمة واحدة وأنه لا يمكن لقرار أهوج يصدر في ساعة من ساعات الصغار والسعار وما أكثرها في حياة البعض، لا يمكن لمثل هذا القرار أن يقسم الشعوب أو يفصل بين وجدانها أو أن يشعرها إلا بما تشعر به عند هبوب سحابة صيف تأتي في غير موعدها لا تلبث أن تنقشع وتزول، وأن الشعوب تستطيع التمييز وفرز المواقف، وأنها تجلس على كرسي المراقب وتنظر مقدرة ومؤمنة ومثمنة في ناحية، بينما تنظر منكسرة تعلوها الحسرة وتعتصرها خيبة الأمل في قيادات ظنت يوما أنهم على شيء، وأن شيئا ذا بال يمكن أن يعود منهم على أوطاننا، فإذا بهم يضيعون كل شيء، ويتاجرون بكل شيء، ويراهنون بكل قواهم وبكل مقدرات شعوبهم ليكونوا خدما وموالي وعبيدا لمن ليسوا من دين الله ولا من العروبة على شيء .في المقابل تحلت الدبلوماسية القطرية بالحكمة والمنطق والبصيرة والأناة، وأدركت بوعيها أن وحدة الشعوب لا تمزقها حماقات السياسة وطيش الحكم البائس، خاصة في تلك المنطقة التي تتشابك فيها القبائل وتتداخل العائلات بعلاقات الأصل والمصاهرة والنسب، وربما يتشارك ويتوزع أبناء القبيلة الواحدة فيها على أكثر من بلد وتتوزع على أكثر من منطقة.قطر برصيد وعيها تدرك الفارق بين أمن الحاكم وأمن الدولة، فالحاكم ليس هو الدولة؛ الدولة شعب ومؤسسات وعقد اجتماعي يقوم على العدالة والحرية واحترام كرامة الناس، وما الحاكم إلا أمين عليها وخادم لها وحارس لمصالحها ومنفذ لإرادتها، ومن ثم فالحاكم فيها ليس دكتاتورا يحكم بما يرى ويتصرف بغير ضوابط أو روابط أو حدود، وينظر إلى رعيته نظرة استعلاء وفوقية وكأنه من جنس آخر غير أجناسهم، أو كأنهم قطيع من الغنم يعلفهم متى شاء، ويحلبهم متى شاء ويذبح منهم متى شاء، وعصاه دائماً جاهزة لكل شاة شاردة.قطر لا تنظر لشعبها ولا لشعوب المنطقة هذه النظرة الاستعلائية التي تجاوزها الزمان والمكان والناس (ثقافة وفكرا وتحررا وإدراكا)، ومن ثم انحازت بقياداتها السابقة واللاحقة لجماهير الشعوب وبسطت نفوذها وسيطرتها على القلوب والمشاعر بمواقفها، ولم تعتمد السيطرة على منابع الثراء والثروة لتضمن ولاء الناس بالسيطرة على أرزاقهم ومنعهم من أبسط حقوقهم والمنة عليهم بمنحهم مساحة لبيت يسكنون فيه حيث تصبح الأرض وما عليها ومن عليها ملكا لواحد فقط هو الحاكم وحاشيته.قطر نظرت إلى الأمور بوعي المرحلة فتحول الحاكم فيها إلى سيد مطاع لا بين عبيد ورعايا، وإنما بين سادة أتباع هم شركاء له في الثروة والوطنية والوطن، وهم سند له في اتخاذ القرار الأكثر حكمة والأعلى قدرا وكرامة، والأقرب إلى نبض الشعوب المتطلعة إلى الحرية والعدالة.في النموذج القطري كانت المواقف الثابتة التي كشفت بوضح وفي أكثر من أزمة انحياز الدولة في قطر حاكما وشعبا ومؤسسات لصالح قضايا الحرية والعدالة وكرامة الشعوب ووضوح الرؤية تجاه الأهداف الكبرى للأمة وثبات المواقف مع وضوح الرؤية منح مؤسسة القرار في قطر رصيدا ضخما في الثبات على المبدأ ومقاومة الضغوط مهما كانت، كما أنها وسعت دوائر القبول التأييد لزعامة شابة عرفت طريقها بوضوح، وقررت أن تنتصر لما تبقى في الوطن من كرامة، ولما تبقى للمواطن من ولاء وانتماء.
2077
| 04 أبريل 2014
المشهد المتحقق الآن في ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة وكل الميادين في مصر مشهد لم يسبق لمصر أن عاشته في تاريخها كله إلا في ثورة يناير. في لحظات محددة تتمرد الشعوب علي ذاتها، وتلفظ كل حالات الخور والخوف، وتستدعي كل أنواع الصلابة والشجاعة من تاريخها، ويتحرر وجدانها من كل خوف حتى ولو كان الموت ذاته. *ثقافة جديدة نشأت في الميدان وبدأت تحتل مساحتها اللائقة بالشعب المصري في عقول ووجدان أبنائه، وهي ثقافة تخلصت مفرداتها من كل أنواع الخوف من السلطة بما فيها الرصاص الحي، بل هي تستهين به، وتسقط مهابته، وتراه وسيلة الباطل في بطشه وتسلطه وطغيانه، وتسخر من القاتل السفاح -تأمل تلك المفردات-. *(هي تكة وبس، رصاصة ومش حتحس. اقتل واحد اقتل مية، مش حنسيبها للحرامية. تتشل الأيادي، اللى بتقتل ولادي). * تلك أبجدية ومفردات الثقافة الجديدة، وهى ثقافة يتجلي فيها بعد الشجاعة والسخرية من القاتل والذي أظهرته الأحداث، وقد كان في تقدير البعض مستكنا وغائبا في وجدان المصريين، بينما كان معدوما لا وجود له في تقدير آخرين، هذا البعد لن يًمِكِّن طاغية أو مستبدا من النوم ولو لليلة واحدة بلا منغصات أو أرق. *أنا هنا لا أتحدث عن الحشود وروعتها وضخامة عددها وإنما أتحدث عن حجم الجسارة الجديدة والجرأة غير المعهودة، والثقافة التى أخذت امتدادها داخل الوجدان المصري، فأضحي يعشق الإقدام على المخاطر، ويزهو بالمنية، ويرى الموت في سبيل الحق الذى أمن به سبقا وارتقاء لمن نالوه قبل غيرهم. *مدلول الثقافة الجديدة والذى أظهر الجسارة والتحدي والإصرار على تحقيق الأهداف ومواجهة الرصاص بصدور عارية، ورؤوس عالية، هو عكس ما كان سائدا عن الشعب، وما كان يوصف به من قبل كشعب خنوع يقبل الدنية ويمضغ المظالم ويقتات على الاستبداد والقهر في الصباح والمساء، ويسلي نفسه بأغاني عبد الحليم وعبد الوهاب وأم كلثوم وأفلام الشحرورة والسندريلا ومباريات الكأس ودوري كرة القدم. *الدراسات التي تناولت هذا الشعب من ناحية تكوينه الوجداني وأبعاده الحضارية لم تكن كافية، ولم تكن دقيقة في التعرف علي مكوناته، وربما اكتفت بما هو ظاهر في سلوكه دون أن تتعمق الباطن المستكن داخل وجدان هذا الشعب، وأنه في لحظة إرادة واحدة يثورعلي ضعفه فيصبح قويا، ويتمرد على كل أنواع الخوف لديه فينفضها عن نفسه وينطلق في الميادين وكأنه إعصار هادر. *مع فارق التوقيت لا أكاد أنام إلا لحظات قليلة من كثرة ما تشدني وتبهرني مواقف ذلك الشعب، فمع كل يوم أو ليلة يتدفق عطاؤه المبهر، ومع كل يوم أو ليلة يظهر لك بُعْد جديد لم تكن تعرفه عنه من قبل وأنت الذي تربيت في أرضه وبين حقوله، وعلي ضفاف نيله وترعته، وتحت أشجار نخيله وكافوره وصفصافه. *وبصرف النظر عن موقفك السياسي وقناعاتك، ومع مَنْ أنت أو ضد مَنْ، فليست تلك هي موضع العجب ولا هي التى تشد كل انتباهك وتشد كل أعصابك، وتحظى بكل طاقة التركيز لديك، وإنما قدرة هذا الشعب علي امتصاص التحدي وحجم جسارته التى تصل في التقدير إلي حد يتخطى حتى كل حسابات التهور، وذلك هو السر الذي يبحث عنه ويهتم به كل باحث مشغول بأثر الدوافع في التغلب علي أعقد المشكلات وأعتاها، بل وصنع المستحيل أحيانا. *ظهور هذا النوع من الأبعاد المخفية الكامنة في بعض الشعوب والأمم لا يظهر مع رتابة الحياة، ولا في أوقات الرخاء وإنما يظهر في التحديات الكبرى التى تواجه الشعوب، ويستشعر الوطن لحظتها أن هويته مهددة، والهوية هي الملاذ الأمن الذي يلجأ إليه الفرد والمجتمع عند الشدائد الكبرى، فإذا شعر شعب بتهديد لتلك الهوية هب ثائرا لا يلوي على شئ مهما كانت النتائج والآثار. *الشعب المصري استشعر تلك اللحظة أمام تحديات واجهت كرامته وحاولت أن تذل كبرياءه بعد حرب يونيو **١٩٦٧** فتحمل مرارة الأيام، وتحامل على جراحه حتى جاءت لحظة الحركة الحاسمة فقفز إلى أعلى متجاوزا كل حدود التقدير، وتخطى كل دروب الخطر ومنحنياته، وقرر أن يدخل إلى قلب اللهيب ولا يحترق فحطم خط بارليف وعبر الموانع المائية، وقرر الدخول إلى العدو في عمق تحصيناته ودشمه ومواقعه الحصينة. *الحديث عن النابلم والقنابل الفراغية والفسفور المخصب غابت صوره المرعبة من ذاكرة ووجدان أبناء ذلك الشعب، ولم يبق أمامه إلا الإصرار على العبور وتحدى كل أنواع الموت على الضفة الأخرى. *السبب المباشر في هذا التفاعل الذي تم في داخل الشعب المصري هو إحساسه بأن كرامته أهينت وبأن حريته مخططفة، وبأن مستقبله يتعرض للضياع. *في تقديري كباحث متواضع أن اللحظة تتكرر الآن في رابعة العدوية، وفي ميدان النهضة وفي كل ميادين مصر، وأن الشعب يستشعر أن ثورته تسرق، وأن حريته تسلب، وأن هويته في محنة وجود أوموت، ومن ثم تمصرنت القضية، أي أنها أصبحت قضية مصر كلها، قضية وطن يتعرض لمحنة في هويته، ولم تعد قضية إخوان مسلمين، ومن ثم فإن ذاكرة المصريين استعادت وعيها بعد أن نجحت في خطفها لبعض الوقت مصانع الكذب الإعلامي ودوائر هندسة الرأي العام في أجهزة الأمن بمستوياتها المختلفة، واستطاعت أن تصور إجماعا جماهيريا رافضا للإخوان عن طريق خداع الكاميرات واستعمال حيل هوليود، غير أن لحظات الزهايمر في الوعي الجمعي لم تطل، وبدأت الذاكرة السياسية في الشعب الأصيل تستعيد ذاتها وتتعلم أنه لا يجوز أن تلدغ من جحر العسكر مرتين، فراحت مع الوجدان المصري يستدعيان رصيدهما من عمق التاريخ، ومن أعماق النفس البشرية ويستحضران تجارب سابقة تراكمت خلال عشرات السنين، لم يجن الشعب منها غير المرار والعلقم، فقرر الاعتصام السلمي وأن لا يصطدم بجيشه الوطنى وإن أريقت دماء زكية، وأن يعود جيشه إلى مهمته الأساسية مكرما ومعززا ومحمولا فوق الرؤوس، كما قرر أن يرفض العودة إلى الاستبداد، وأن يواجه هذا التحدي ولو بصدور عارية. *أمام لصوص الوطن السابقين والذين أرادوا العودة من جديد لحكم مصر على أن يقود الجيش المعركة نيابة عنهم ظهرت الجسارة الجديدة، ليست فقط في التحدي بالتظاهر السلمي والاعتصامات البيضاء، وإنما بسلاح آخر هو قوة الكلمة وشرف المقال وقدسية الحرف المضيء الذي يشير صارخا إلى اللص ويحذر الغافلين من حيل صبيان نشال الوطن، وأعوان البلطجة الإعلامية والثقافية الذين يروجون الإفك عبر مصانع الكذب في فضائيات العم سام، وإن كان المتحدثون فيها بلسان عربي يفضحهم لحن القول، وتكشفهم لكنة تنبئك عن أسرارهم، وما يتلقونه من جدول الإشاعات الخاصة بكل يوم جديد. *الجسارة الجديدة وجهاد الثقافة والقلم لها، في التوثيق الأصيل رجال ورواد كأمثال اللؤلؤ المكنون، لا يتحولون ولا يتغيرون، ولا تباع ضمائرهم ولا ذممهم بملئ الأرض ذهبا ولا يرهبهم مثلها حرابا وعذابا. * تلك الطليعة الثقافية الجادة والشريفة يقودها جنود من كتائب الحق الوطنية التى لم تتحول الثقافة في مبادئهم إلى سوق وتاجر وسمسار، وهم يمثلون نماذج لمخزون الأمة ورصيدها الفكري الشريف والشامخ الذي لا تدينه رغبة ولا تقصيه رهبة، وهؤلاء هم رموز لإضافات وإضاءات حضارية قادمة يحملها رحم الأمة، وظهر بعضها في الأحداث الأخيرة، وبصوت مسموع كشف أباطيل الزور والبهتان، وستولد البقية عما قريب لتكون سياجا للوطن من اللصوص، وحصنا للوعي من التزييف، وحاميا للحرية من كل أشكال الاغتيالات الانقلابية.
513
| 13 أغسطس 2013
مساحة إعلانية
انطفاء ألسنة لهب الغارات على مساكن قيادات من...
1551
| 12 سبتمبر 2025
خنجر في الخاصرة قد لا يبقيك مستقيما لكنه...
1338
| 15 سبتمبر 2025
في يوم الثلاثاء 2025/9/9 تعرضت دوحة الخير الى...
1305
| 12 سبتمبر 2025
مثّل الانتهاك الإسرائيلي للسيادة القطرية باستهداف قيادات حماس...
768
| 14 سبتمبر 2025
شهدت الدوحة مؤخراً حدثاً خطيراً تمثل في قيام...
732
| 14 سبتمبر 2025
لأول مرة " إسرائيل " تجد نفسها معزولة...
702
| 13 سبتمبر 2025
ها هي القمة العربية الإسلامية تعقد في مدينة...
666
| 15 سبتمبر 2025
جاء الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي لبحث الهجوم...
645
| 12 سبتمبر 2025
منذ تولي سعادة الدكتور علي بن سعيد بن...
561
| 18 سبتمبر 2025
في أغلب الأحيان تكون المصائب والنوائب لها نتائج...
555
| 15 سبتمبر 2025
لم يعرف الشرق الأوسط الاستقرار منذ مائة عام،...
534
| 15 سبتمبر 2025
حين ننظر إلى الدعم الغربي لذلك الكيان المحتل،...
522
| 14 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية