رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أصبح من الواجب علينا سحب أبنائنا وبناتنا من دوامة صفحات التواصل الاجتماعي والترنداد ومن زخم السموم التي تبثها الشركات العملاقة التي تنفق المليارات من أجل ربط ابنائنا وبناتنا بالعالم الافتراضي، انهم يتحكمون في مشاعرهم وطريقة تفكيرهم، انهم ينسوهم البيئة المحيطة بهم، إنهم يخطفون منا أولادنا، ان أعمارهم تمر وهم حبيسو الشاشات، واحدث الألعاب والوقت يمر، وما أدراك ما الألعاب الالكترونية التي أدمنها معظم شبابنا اليوم، والشركات التي تديرها تكسب المليارات من وراء الإعلانات وبيع بيانات وأرقام ابنائنا وبناتنا لشركات الدعاية والاعلان ليصلوا الى هدفهم من وراء ذلك وهو تغيير ثقافة أولادنا التي تهوي الى القاع، إياكم أن تفرحوا وتستريحوا لسكون أولادكم وخلوتهم مع هواتفهم وأجهزتهم وشاشاتهم في الغالب يتم استبدالكم كمربين ومؤثرين في حياتهم بغيركم، فوالله ان الضوضاء والازعاج والجري خلفهم لأحب الينا من صمتهم داخل غرفهم، فلنستفيق قبل فوات الأوان. المخاطر الذهنية والثقافية من استخدام الأجهزة الذكية المدخلات التي يتعرض لها ابناؤنا بالساعات يومياً هدامة وكارثية على المدى البعيد، تركيز ابنك الدراسي وتحصيله العلمي سوف ينخفض الى ادنى درجة ويتدنى تدريجياً حتى يصل الى مرحلة البلاهة والغباء، أولادنا لم يكونوا أولادنا مع الوقت، ذاكرة الأطفال سوف تكون افتراضية ليست لها أي صلة بالبيت والعائلة، وَهَمْ المثالية الزائفة ينقص عليهم واقعهم الذي من المفترض ان يعيشوه، والمثل يقول (وما تكرر تقرر) لابد من وقفة كل اب كل أم كل مرب، يجب التنبيه ان هذه الشركات التي دخلت بيوتنا وغرف ابنائنا تختطفهم من بين ايادينا، انهم يسرقونهم بأحدث التقنيات وآخر الصيحات، سينتج جيلاً جديدا مشوهاً، ابنك لن يكون ابنك وابنتك لن تكون ابنتك لا تتركوهم ليكونوا في بيئتهم. المخاطر الصحية من استخدام الأجهزة الذكية. هناك العديد من البحوث والدراسات التي تحذر من المخاطر الصحية المباشرة وغير المباشرة من كثرة استخدام هذه الأجهزة خاصة لدى الأطفال وصغار السن فئة الشباب، ولكن من أكثرها تداولاً، هو خطر تطوير الميول والسلوكيات السلبية، ويجب على الآباء الانتباه إلى أن بعض التطبيقات لا تناسب أعمار بعض أبنائهم، نظرًا لأن تكنولوجيا الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية يمكن أن تعرضهم خاصة الأطفال منهم لمحتوى غير لائق، ومشاكل في صورة الجسد والإصابة بصدمة، ما قد يخيف الطفل ويُربكه، لا سيما وأن إرسال الرسائل النصية وإرسال الصور غير اللائقة اصبح أمرًا شائعًا بين المراهقين، كما أن دماغ الأطفال تمتص أكثر من 60% من الإشعاع مقارنة بالبالغين، إذ تسمح لهم القشرة الرقيقة والأنسجة والعظام في الدماغ بامتصاص الإشعاع مرتين مقارنة بالكبار، كما أن نظامهم العصبي المتطور يجعلهم أكثر عرضة لهذه المادة المسرطنة، واستخدام الإنترنت غير المناسب يؤدي إلى تعرض الطفل لمواد غير لائقة بالإضافة الى حدوث اضطرابات في النوم والأرق والتعب، واستخدام هذه الأجهزة بكثرة دون اراحة يميل المستخدم الى أن يكون عنيفاً ومنزعجاً لأي موقف عادي وبسيط، إضافة الى الآثار الأخرى مثل تسبب مشاكل في الرقبة وآلام العمود الفقري بسبب الانحناء الدائم لمشاهدة الشاشة، ولعضلات اليدين والذراعين نصيب من هذه التأثيرات السلبية، حيث يمكن للمستخدم أن يصاب بمتلازمة النفق الرسغي، التي تحدث بسبب الضغط الزائد على العصب الوسيط عند قاعدة الرسغ، ويمكن للإفراط في استخدام هذه الأجهزة تقليل نشاط والحركة والتسبب في السمنة. الحل الأمثل لإعادة أولادنا إلى الواقع حاولوا أن تؤجلوا دخول ابنائكم الى صفحات التواصل الاجتماعي قدر استطاعتكم، لا تشتروا لهم أجهزة موبايل وتابلت ذكية الا اذا احتاجوها لدراستهم، جالسوهم صاحبوهم، اخرجوا معهم في الحدائق والمنتزهات وأماكن التسوق التي يحبونها، العبوا معهم في البيوت والحدائق، وشاركوهم العابهم الالكترونية لو اضطر الأمر لتراقبوا نوعية هذه الألعاب قبل ان تغزو أفكارهم، احكوا لهم قصصاً فيها قيم ومفاهيم لتغرسوها في نفوسهم، مارسوا معهم أنشطة رياضية، أنصتوا لهم لتتعرفوا على طريقة تفكيرهم، لن يفوز في هذه المعركة وينتصر بعون الله الا من يقضي وقتا كافيا مع أولاده ويهيئ لهم واقعاً بديلاً.. كسرة أخيرة وفق استطلاع أجرته إحدى شركات التأمين الصحي الألمانية، فإن نصف ما يقرب من 1000 من الآباء والأمهات الذين شملهم الاستطلاع يخشون من إدمان أبنائهم على الهاتف الذكي، كما أن مشاكل قلة التركيز (44 في المائة) وقلة التمارين الرياضية (38 في المائة) يُنظر إليها على أنها عواقب سلبية محتملة على البنات والأبناء الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 18 عاما، بحسب مجلة فوكوس الألمانية، وانا متأكدة اذا تم عمل دراسة في دولنا الخليجية خاصة ستكون النسبة أعلى بكثير من هذه النسب المخيفة، لذا لابد ان ندق ناقوس الخطر وننتبه لأبنائنا قبل أن نفقدهم وتتلاطم بهم أمواج التكنولوجيا الضارة وفي النهاية المحصلة ضياع جيل كامل غير منتج وعالة على المجتمع وعلى الدولة، لذا اقترح ان يقوم المجتمع ومؤسساته بدوره تجاه الحد من استفحال هذه الظاهرة الضارة وأن تقوم باطلاق مبادرات من جمعيات ومنظمات المجتمع المدني والمراكز الشبابية المتخصصة لتوعية أولياء الأمور والشباب من أضرار هذه الآفة على الأسر والمجتمع والدولة. الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية [email protected]
9456
| 16 فبراير 2022
احتفلت أمس دولة قطر بيومها الرياضي الحادي عشر في الهواء الطلق لتبعث رسالة قوية للعالم بأن الرياضة هي مذهب حياة ومنهج حياة ونبض حياة وما تحتضنه قطر من فعاليات رياضية يجعلها محط انظار العالم وتستحق ان يطلق عليها عاصمة الرياضة بلا منازع، خاصة ان احتفالية هذا العام تصادف تنظيم قطر لكأس العام قطر 2022م، واهتمام دولتنا قيادة وشعبا بهذه الثقافة الرياضية العالية المستوى مما جعل العالم يبحث عن تاريخ قطر الرياضي وموقعها والجغرافي الذي احتلته في عالم الرياضة بل أصبحت قبلة لكثير من الرياضيين العالميين والمهتمين بشؤون الرياضة في العالم وأحبها الكثير من القيادات العالمية الرياضية لتكون متنفساً لهم ليعيشوا في أجواء رياضية صحية على أعلى المستويات. اليوم الرياضي بنكهة مونديالية تصادف فعاليات اليوم الرياضي للدولة لهذا العام استثنائية مع استضافة كأس العالم FIFA قطر 2022، باعتبارها واجهة للرياضة العالمية، مع التقيد بالتوجيهات والاحترازات، والإجراءات الصحيّة الصادرة من قِبل وزارة الصحة العامّة في ظل الظروف الصحية التي يمر بها العالم، لذلك كانت الفعاليات جميعها في الهواء الطلق، والحمد لله الدولة تذخر بالحدائق العامة والمنتزهات المفتوحة وتم تحديد ستة أماكن لاقامة هذه الفعاليات ليمارسها الأفراد والأسر بكل أمان وسلامة، كما أصبحت الدولة تمتلك قاعدة كبيرة ومتنوعة من المرافق الرياضية في مختلف المناطق والمدن ما يتيح فرصة للجمهور من مختلف الأعمار لممارسة الرياضة بشكل صحيح وفي بيئة صحية صالحة لهذا العطاء الرياضي. اليوم الرياضي يحقق التوازن الصحي في الحياة أثبتت الدراسات الطبية أهمية الرياضة وقدرتها في المساعدة على الوقاية من الأمراض المزمنة، وتعزيز الثقة في النفس، والتقارب مع الاخرين، لان الرياضة مشاركة، ولها أثرها في كل الجوانب الحياتية والاقتصادية، حيث تقلل من فاتورة الذهاب الى المستشفيات، وإسعاد ممارسيها، وهذا ما أكده العلم، وهذا يؤكد ان مبادرة دولتنا الحبيبة لنشر ثقافة الرياضة كاسلوب حياة نابعة من رؤية القيادة الحكيمة لتحقيق مجتمع سليم معافى يساهم في تعزيز التنمية المستدامة وتطوير الدولة في جميع مناحي الحياة. اليوم الرياضي يعزز أهداف رؤية قطر 2030 اليوم الرياضي يعبر عن حرص قطر على تحقيق رؤيتها الوطنية عام 2030، وأن تكون عاصمة للرياضة في العالم. والكل كان سعيدا وهو يشارك في اليوم الرياضي الذي جعل من الرياضة أسلوب حياة وثقافة لدى جموع القطريين والمقيمين دون تفرقة مما يصب في اتجاه بناء مجتمع منتج وقادر على الإبداع، ومشاركة الدولة شعبا وحكومة وقيادة يتقدمهم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى على المشاركة في اليوم الرياضي يدفع جموع الشعب إلى الالتحام مع القيادة الحكيمة في هذه المناسبة المتفردة التي سبقنا بها جميع دول العالم وأصبحت بعد هذه السنين تساهم في تعزيز احد أهم ركائز رؤية قطر 2030 وهي التنمية البشرية والتنمية الاجتماعية والتي من شأنها رفع دولة قطر إلى مصاف الدول المتقدمة وتعزيز دورها الكبير في المجتمع الدولي. كسرة أخيرة احتفال الدولة بجميع فئاتها المجتمعية بهذا اليوم الرياضي أتاح الفرصة لكل من يعيش على ارض قطر أن يجعل ممارسة الرياضة هي جزء من حياته والدولة سهلت ممارسة الرياضة للجميع ليمارس الكل الرياضة التي تناسب لأعمارهم لا سيما أنها أقامت ملاعب في كل مكان وحدائق وشوارع تضم مسارات للمشي والعديد من المرافق المجانية التي تم إنشاؤها على أحدث النظم العالمية بما يتناسب مع أوضاع كل شخص وعمره، واعتبر أن فكرة اليوم الرياضي مميّزة وتساهم في تشجيع وحث أفراد المجتمع على ممارسة الرياضة خاصة أن الكثيرين منا اصبح اليوم الرياضي هو بداية الانطلاق لتغيير سلوكياتهم واتباع أسلوب صحي سليم أساسه ممارسة الرياضة يوميًا، وأن ما يميّز هذا اليوم الوطني هو مشاركة جميع أفراد المجتمع في إحيائه، مما يحفزنا على ممارسة الرياضة بانتظام. فاطمة يوسف الغزال الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية الإيميل:[email protected]
9065
| 09 فبراير 2022
الدنيا هي اسم، وهي مؤنث (أدنى)، وجمعها دنييات أو دُنى، ويقال الطبقة الدنيا وهي التي يكون لديها أقل دخل أو ضمان مالي، وتزاول أدنى المهن وعلى درجة أدنى من التَّعليم مما يؤثّر في آمالها المستقبلية وتصبح في حالة من الضياع والدوننة، هذا هو المعنى الحقيقي والأصلي لهذه الكلمة التي نعيش في رحابها وهي الحياة الحاضرة، وفقهياً هي الحياة التي قبل البرزخ، والدنيا الحاضرة عكسها الآخرة (لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء) حديث، الدنيا فيها الخير والشر وفيها المرض والعافية وفيها النجاح والرسوب علينا أن نحياها كما هي، وهي دار فناء وليس دار بقاء وما علينا سوى أن نحمد الله على كل حال نحن عليه. ذو القرنين يحكى في الأثر بأن ذا القرنين كان وحيد أمه وأنه كما نعلم جميعًا طاف الأرض من مشرقها إلى مغربها فاتحًا وداعيًا، وأنه لما وصل إلى بابل مرض مرضًا شديدًا وأحس بدنو أجله فلم يخطر بباله حينذاك غير الحزن الذي سيصيب أمه إذا مات فأرسل لها كبشًا عظيمًا ورسالة وكتب إليها في الرسالة: أماه... إنّ هذه الدنيا آجال مكتوبة وأعمار معلومة فإن بلغكِ تمام أجلي فاذبحي هذا الكبش ثم اطبخيه واصنعي منه طعامًا ثم نادي في الناس أن يحضروا جميعًا إلا من فقد عزيزًا ! فلما بلغها نبأ موته عمدت إلى تنفيذ وصيته فصنعت بالكبش كما طلب ونادت في الناس كما أوصى ولكنها تفاجأت أن أحدًا لم يحضر ليتناول طعامها فعلمت أنه ما من أحد إلا وقد فقد عزيزًا، ففهمت مقصد ابنها من وصيته تلك وقالت: رحمك الله من ابن لقد كنت لي واعظًا في موتكَ كما كنتَ في حياتكَ، الحكمة من قصة ذي القرنين ووصيته لأمه تفسر لنا بأن المصائب دومًا تقع، فهذه الدنيا ليست دار لقاء وإنما دار فقْد وليست دار إقامة وإنما محطة عبور والموت ليس ضد الحياة وإنما هو جزء منه. بيت الحمد (إذا ماتَ ولَدُ العبدِ قالَ اللَّهُ لملائِكتِهِ قبضتم ولدَ عبدي فيقولونَ نعم فيقولُ قبضتُم ثمرةَ فؤادِهِ فيقولونَ نعم، فيقولُ ماذا قالَ عبدي فيقولونَ: حمدَكَ واسترجعَ فيقولُ اللَّهُ ابنوا لعبدي بيتًا في الجنَّةِ وسمُّوهُ بيتَ الحمْدِ) حديث صحيح رواه الترمزي، الصبر ضياء يضيء للإنسان الظلمات ويهون عليه الشدائد والكربات، ويهديه إلى طريق الحق، وللصبر فضل كبير وهو من أهم الأخلاق التي ينبغي للمسلم أن يتصف بها، وهو على ثلاثة أنواع، صبر على الطاعة، وصبر على المعاصي، وصبر على الأقدار والأقضية، نحن بشر نحزن لأننا بشر ونلتاع لأننا نحب وننكسر لأننا أناس ونضعف لأننا أكثرنا الاتكاء على أحبتنا، هو شيء طبيعي ولكن علينا أن نتأدب مع الله حين يمضي قدره، إن السخط لا يغير القدر ولكن الرضى يزيد في الأجر، ما دام هناك مدارس وجامعات فسيبقى هناك رسوب ونجاح وما دام هناك متاجر وأسواق وشركات فسيبقى هناك ربح وخسارة، نقيم مستشفيات جديدة لأن الأمراض باقية ونحفر كل يوم قبوراً لأن الموت لا يتوقف، نقيم ورش ميكانيك لأن السيارات ستبقى تتلف، وننشئ مراكز إطفاء لأن الحرائق ستبقى تندلع، هذه هي الدنيا مزيج من كل شيء من الخير والشر، ومن الحياة والموت ومن الحرب والسلم ومن العدل والظلم ومن الصحة والمرض، ومن الزواج والطلاق ومن الاجتماع والافتراق، هكذا كانت قبلنا وهكذا ستبقى بعدنا علينا أن نكون عقلانيين ونحياها كما هي وعلينا ونحن نخوض غمارها أن نحمد الله على العافية ونتأدب معه إذا شاء أن يمضي قدره، ألم يعِدنا الخالق بأن يبني لنا بيتاً في الجنة وأسماه (بيت الحمد). الحياة الطيبة بعض الناس يتصور أن الحياة الطيبة مقترنة بالأضواء البراقة، أو المناصب الخداعة، والبعض يتصورها في جمع الأموال، والانغماس في الشهوات، واحتساء سموم الموبقات. وآخرون يتصورونها في تشييد القصور الفخمة والأبنية الشاهقة، وكل هذا في الحقيقة إنما هي مظاهر خداعة لا تأتي بحياة طيبة ولا بسكون نفس وصفاء روح وسعادة قلب. والحياة في نسختها المعاصرة أكبر شاهد على ما نقوله؛ فإن الدنيا لم تشهد من التطور التكنولوجي والرفاهية، وتعدد المتع ووسائل الرفاهية، وزيادة المال وارتفاع الدخول وأسباب الراحة مثل ما شهدت في هذه الأيام. ولكن مع ذلك فهي تعيش مفهوم الضنك بكل معانيه، فهي بحق حضارة القلق، والحيرة الشديدة والضيق القاتل والكآبة والأمراض النفسية. يعاني فيها الإنسان من آلام الحيرة النفسية، والتمزق الروحي رغم ما وصل إليه من ابتكار وسائل للمتعة المادية وإشباعات الجسد، فازدادت نسبة الجريمة مع تطور التكنولوجيا.. كما ازدادت المصحات النفسية مع تعدد المتع ووسائل الرفاهية، وازدادت حالات الانتحار مع زيادة الدخل، وازداد القلق والتوتر النفسي على المستوى الفردي والجماعي مع الانفتاح على الملذات، الحياة المعاصرة أبدعت في أساليب الرفاهية والمتعة للإنسان لكنها لم تستطع أن تجلب له سعادة القلب واطمئنان النفس، وبلغ العالم ذروة الرقي المادي ومعه بلغ الحضيض الأخلاقي، أسقط كل الحواجز أمام متعه الحسية ولكنه لم يصل معها للسعادة الداخلية، أقصى ما وهبه التقدم الحضاري لنا مجرد متعة ظاهرية ولذة آنية لم تبلغ مكنونات النفس، ولم تتذوق بها النفس الحياة الطيبة. كسرة أخيرة الحياة الدنيا هي في مجملها عمل صالح تفعله وتكون سعيداً بفعله، وإحسان تقدمه للناس، ويذكر أحد الأثرياء في مذكراته أنه ظن أن السعادة في اقتناء الأشياء الثمينة الغالية ولكنه وجد أنها لذة مؤقتة، ثم ظن أن السعادة في اقتناء المشاريع الكبيرة من شركات أو مؤسسات ولكنه أيضا حصل على ذلك، ووجدها فرحة عابرة، فأشار عليه أحد أصحابه أن يبحث عن السعادة الحقيقية في إسعاد الآخرين، وأشار عليه أن يشتري كراسي متحركة للأطفال أصحاب الاحتياجات الخاصة ويباشر هذا العمل بنفسه ويرى فرحة الأطفال، وبالفعل حضر إليهم ورأى وجوههم تتهلل فرحاً، ففرح بذلك جدا.. ثم حين هم بالانصراف إذا بطفل يمسك به ويحدق النظر في وجهه، فقال له: لم تفعل ذلك؟ فقال: أريد أن أعرف وجهك جيدا حتى أتمكن يوم القيامة إذا كنا في الجنة أن أقول لربي: إن هذا الرجل قدم لنا هذه الخدمة.. فتأثر الرجل جدا، وقال: تغيرت حياتي تماما بعد هذا الموقف. فالسعيد من أسعد الناس، والكريم من شمل الناس بكرمه، والطيب من لم ير الناس منه إلا طيب القصد والقول والعمل، ودمتم سعداء متعاونين على البر والتقوى. فاطمة يوسف الغزال الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية الإيميل: [email protected]
12844
| 02 فبراير 2022
بدون سابق انذار وفي زحمة الظروف الصعبة وانتشار ظاهرة هروب الخدم من البيوت وقرب حلول شهر رمضان المبارك الذي تنتعش فيه سوق جلب هذه العمالة، فوجئنا بقيام مكاتب الاستقدام برفع أسعار استقدام العمالة المنزلية لتصل إلى 22 ألف ريال للعامل الواحد، وهذا يعتبر رقما فلكيا إذا قورن ببعض الدول المجاورة التي تستقدم نفس العمالة من نفس الدول، ولا يخفى على الجميع ارتفاع الأسعار الجنوني بشكل عام، ومنها المواد الاستهلاكية واحتياحات الشهر الكريم في ظل انتشار جائحة كورونا، ونقص عدد الدول التي تستورد منها قطر احتياجاتها وبالتالي قلة العرض وزيادة الطلب وكل هذا القى بظلاله على موضوع ارتفاع أسعار العمالة المنزلية الذي حدث مؤخراً، ولكن أن يصل إلى هذا السعر فهناك مبالغة كبيرة تظهر جشع مكاتب الاستقدام، لأنها تعتبر هذا الوقت موسما بالنسبة لها لازدياد الطلبات، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل هناك رقابة على عمل هذه المكاتب ورقابة كذلك على المكاتب الخارجية التي تتعامل معها، وهل تمت دراسة التكلفة الحقيقية لجلب العامل المنزلي من مكان اقامته في بلده ورسوم إجراءات السفر وتنقلها واقامتها في عاصمة بلادها اذا كانت تقيم في بلدة نائية، وهل هناك جهات مختصة بوزارة العمل تقوم بدراسة هذه التكاليف حتى يتم إصدار قرار بالسعر الحقيقي لعمليات الاستقدام، وهل يتم نفس الإجراء في جلب عمال شركات المقاولات والشركات الأخرى؟، أسئلة كثيرة برزت في ظل هذا القرار الذي فاجأ الجميع المقتدر وغير المقتدر. القرار رقم (1) لسنة 2022م هل يفي بالمطلوب بالأمس طالعتنا الصحف المحلية بصدور قرار من وزارة التجارة والصناعة بالتنسيق مع وزارة العمل بتحديد فئات الرسوم على جلب العمالة المنزلية حسب الجنسيات وتكاليف كل دولة، بما يتماشى مع رغبات الأسر في تحديد الجنسيات، واعتقد أن هذا القرار يحتاج إلى رقابة شديدة في التطبيق والتزام مكاتب الاستقدام به، وإذا تم تطبيقه سوف يخفف نوعاً ما من معاناة بعض الأسر التي تأثرت بهذه الزيادة، لكن مكاتب جلب الأيدي العاملة لها سياسات ممكن أن تتحايل فيها على هذا القرار، وذلك بمنطق سوق العرض والطلب، والإحجام عن جلب الأيدي العاملة الرخيصة التي لا تتوافق مع أرباحها وتجارتها في هذا المجال والتركيز على الجنسيات الأعلى سعراً، بالتالي الأسر التي تحتاج إلى العمالة بشكل ضروري ومستعجل قد تضطر بدفع مبالغ أعلى من المبالغ المحددة في القرار خاصة أن شهر رمضان على الأبواب ولا يحتمل الوضع أمام الأسر أي تأخير في سرعة جلب العاملة المنزلية، لذلك أرى أن هذا القرار ينقصه ما يدخل الطمأنينة في قلوب الأسر التي تأثرت بارتفاع الأسعار بعد أن كانوا يدفعون أقل من عشرة آلاف ريال في كل العاملات بصرف النظر عن الجنسية، وستظل هناك أسر وفئات متضررة رغم صدور هذا القرار والعمل به. الفئات المتضررة من هذا الإجراء المفترض من الجهات المعنية وعلى رأسهم وزارة العمل أن تراعي في دراستها لمثل هذه القرارات جميع فئات المجتمع ومدى الاحتياجات الفعلية والضرورية لهذه العمالة المنزلية، ارتفاع تكاليف جلب العمالة المنزلية اثقل كاهل المواطنين بجميع فئاتهم، وأكثر المتضررين من هذه الزيادة هم المتقاعدون خاصة كبار السن الذين تقاعدوا برواتب ضعيفة وهم أكثر حوجة لهذه العمالة لتسهيل احتياجاتهم الحياتية اليومية والضرورية وهم أحوج للنظر إليهم بعين الاعتبارعند قيام الجهات المختصة بإصدار مثل هذا القرار، كما أن هناك فئات أخرى لا تقل حوجة لهذه العمالة مثل الأرامل والمطلقات والعجزة، والمرضى الذين يحتاجون إلى رعاية ومساعدة خاصة في قضاء حاجاتهم اليومية، كل هؤلاء مضطرون لجلب العمالة المنزلية بأي ثمن رغم انها تثقل كاهلهم وتضطرهم للدخول في ديون. اقتراح للحد من ظاهرة هروب العمالة تزايدت ظاهرة هروب العمالة المنزلية بعد أو قبل مدة الضمان ، وهذه أعباء إضافية تثقل كاهل الأسر ، لأن الجهات الأمنية تطلب من المستقدم التكفل بكامل إجراءات سفر العاملة الهاربة رغم انه قد يكون دفع تكاليف استقدام عاملة أخرى ، لذلك نقترح ان تقوم الجهات المختصة بوضع شرط في عقد الاستقدام يلزم العامل بتحمل تكاليف رجوعه إذا هرب أو خالف قوانين الدولة، لكي لا يتحمل الكفيل وزر هروبه ، فالمستقدم قد يكون متضرراً من هروب العامل، لأنه سيقوم بدفع تكاليف استقدام جديدة خاصة اذا كان الهروب بعد اكتمال مدة الضمان. مجرد اقتراح نشكر وزارة التجارة والصناعة ووزارة العمل لإعادتهم النظر في دراسة زيادة أسعار جلب أيدي العمالة المنزلية ، ولكن كنا نتمنى أن يكون اكثر عدلاً وانصافاً بما لا يتضرر منه المواطن أو مكاتب الاستقدام ، ومع تحديد فئات لكل جنسية، وذلك بتحديد ثلاث مدد للضمان ثلاثة أشهر وستة أشهر وتسعة أشهر، وتكون كل مدة بسعر وإعادة السعر القديم بمدة ضمان أقل وهي ثلاثة أشهر، وسعر متوسط لمدة الستة أشهر والسعر المحدد حالياً بمدة التسعة أشهر، ليتناسب ذلك مع تكاليف المكاتب الخارجية مع هذه الأسعار. كسرة أخيرة رب ضارة نافعة، قد يكون ارتفاع أسعار جلب العمالة المنزلية يعيد النظر لكثير من الأسر في عدم الاعتماد عليهم أو التقليل من اعدادهم والاكتفاء بالعدد الأدنى المطلوب الذي يلبي احتياجاتهم، بعض الأسر تتباهى وتتفاخر بعدد العاملات في منازلهم مما يجعلها ظاهرة اجتماعية سالبة تؤثر على الأجيال التي تتربى على يد هؤلاء العمالة وترسيخ بعض العادات السيئة الدخيلة على مجتمعاتنا. الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية [email protected]
10952
| 26 يناير 2022
دخل رجل غريب على مجلس أحد الحكماء الأثرياء.. فجلس يستمع إلى الحكيم وهو يعلم تلامذته وجُلساءه، ولا يبدو على الرجل الغريب ملامح طالب العلم، ولكنه بدا للوهلة الأولى كأنه عزيزُ قومٍ أذلّتهُ الحياة، دخل وسلم، وجلس حيث انتهى به المجلس، وأخذ يستمع للشيخ بأدب وإنصات، وفي يده قارورة فيها ما يشبه الماء لا تفارقه، قطع الشيخ العالم الحكيم حديثه، والتفت إلى الرجل الغريب، وتفرس في وجهه، ثم سأله: ألك حاجةٌ نقضيها لك؟ أم لك سؤال فنجيبك؟، فقال الضيف الغريب: لا هذا ولا ذاك، وإنما أنا تاجر، سمعتُ عن علمك وخلقك ومروءتك، فجئتُ أبيعك هذه القارورةَ التي أقسمت ألّا أبيعَها إلا لمن يقدّر قيمتها، وأنت دون ريبٍ - حقيقٌ بها وجدير.. قال الشيخ: ناولنها، فناوله إياها، فأخذ الشيخ يتأملها ويحرك رأسه إعجاباً بها، ثم التفت إلى الضيف: فقال له: بكم تبيعها؟ قال: بمائة دينار، فرد عليه الشيخ: هذا قليل عليها، سأعطيك مائةً وخمسين! فقال الضيف: بل مائة كاملة لا تزيد ولا تنقص. فقال الشيخ لابنه: ادخل عند أمك وأحضر منها مائةَ دينار.. وفعلاً استلم الضيف المبلغ، ومضى في حال سبيله حامداً شاكراً، ثم انفض المجلس وخرج الحاضرون، وجميعهم متعجبون من هذا الماء الذي اشتراه شيخهم بمائة دينار!. دخل الشيخ إلى مخدعه للنوم، ولكن الفضول دعا ولده إلى فحص القارورة ومعرفة ما فيها، حتى تأكد - بما لا يدع للشك مجالاً- أنه ماءٌ عاديّ، فدخل إلى والده مسرعاً مندهشاً صارخاً: يا حكيم الحكماء، لقد خدعك الغريب، فوالله ما زاد على أن باعك ماءً عادياً بمائة دينار، ولا أدري أأعجبُ من دهائه وخبثه، أم من طيبتك وتسرعك؟، فابتسم الشيخ الحكيم ضاحكاً، وقال لولده: يا بني، لقد نظرتَ ببصرك فرأيته ماءً عاديّاً، أما أنا، فقد نظرتُ ببصيرتي وخبرتي فرأيت الرجل جاء يحمل في القارورة ماءَ وجهه الذي أبَت عليه عزَّةُ نفسه أن يُريقَه أمام الحاضرين بالتذلُّل والسؤال، وكانت له حاجةٌ إلى مبلغ يقضي به حاجته لا يريد أكثر منه، والحمد لله الذي وفقني لإجابته وفَهْم مراده وحِفْظِ ماء وجهه أمام الحاضرين، ولو أقسمت ألف مرّةٍ أنّ ما دفعته له فيه لقليل، لما حنثت في يميني. إن استطعتَ أن تفهم حاجةَ أخيك قبل أن يتكلم بها فافعل، إذا لم تستطع أن تقرأ صمت أخيك فلن تستطيع أن تسمع كلامه، الأجمل هو أن تتفقد على الدوام أهلك وجيرانك وأحبابك فربما يكون أحدهم في ضيق وحاجة وعوز، ولكن الحياء والعفاف وحفظهم لماء وجوههم قد منعهم من مذلة السؤال، وكم منا من يحتاج إلى فرج ضيقته فإن قضاء حوائج الناس والإحسان إليهم من أعظم أعمال البر، فقد فضل أهل العلم الأعمال ذات النفع المتعدي إلى الآخرين على النفع الخاص، كما أوصانا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في حديثه الصحيح حينما قال: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة، فقضاء حوائج الناس أفضل من عبادة الاعتكاف، وفي روايةٍ أخرى عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال: (أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، ولأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، ومَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، ومَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، ولَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ، وإِنَّ سُوءَ الخُلُقِ يُفْسِدُ العَمَلَ، كما يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ). كن من تُقضى عليه الحوائج نحن في دولة قطر والحمد لله أعطانا الله الخير وفتح لنا أبواباً لتفريج كرب العباد سواء عن طريق مؤسساتنا الخيرية التي نثق فيها أو من خلال تعاملاتنا اليومية، وعندنا الفرص العظيمة لجعل هذه المعاملات الدنيوية في عبادة الله، ويجب ألا ننسى دائماً أن هدف وجودنا في هذه الدنيا هو للعبادة، ولا يقتصر قضاء الحوائج على دفع المال فقط، هناك أمور أخرى منها الكلمة الطيبة في وجه أخيك، ووقفتك مع الحق لنصرة ظالم لمظلوم، وإذا كنت مسؤولاً وراعيت حق رعيتك فإنك أيضا تكون قد قضيت حاجة المحتاج لهذه الرعاية، وسوف يجازيك الله عليها ويفرج عنك كربة من كرب يوم القيامة كما أخبرنا نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام. والإمام الشافعي رضي الله عنه سرد لنا هذه القيمة الأخلاقية في أبيات شعر جميلة نخوض في بحورها: الناس بالناس ما دام الحياء بهم والسعد لا شك تارات وهبات وأفضل الناس ما بين الورى رجل تقضى على يده للناس حاجات لا تمنعن يد المعروف عن أحد ما دمت مقتدرا فالسعد تارات واشكر فضائل صنع الله إذ جعلت إليك لا لك عند الناس حاجات قد مات قوم وما ماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس أمواتكسرة أخيرة أحبتي في الله لا تدري، لعلك بدعوة صالحة ممن فرجت كربته وأعتقت رقبته وقضيت دينه، تسعد أحوالك، والدنيا محن، والحياة ابتلاءات، فالقوي فيها قد يضعف، والغني ربما يُفلس، والحي فيها يموت، وصاحب الحق قد يصبح عليه الحق، لكن مواقف الرجل الإيمانية الرجولية، التي يلتمس فيها ما عند الله، ويثني عليها عباد الله، هي التي تبقى للدنيا والآخرة، فالسعيد من اغتنم جاهه وماله وقدرته في خدمة الدين ونفع المسلمين، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (من مشى بحق أخيه ليقضيه فله بكل خطوة صدقة) والمعروف ذخيرة الأبد، والسعي في شؤون الناس زكاة أهل المروءات، ومن المصائب عند ذوي الهمم عدم قصد الناس لهم في حوائجهم، يقول حكيم بن حزام: (ما أصبحت وليس على بابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب). الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية [email protected]
18949
| 19 يناير 2022
علمتني تجارب الحياة بأن الانسان من أضعف الكائنات الحية، وصدق الله العظيم الذي خلق الانسان حينما قال في محكم تنزيله (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا) النساء/28، هذه الآية تعتبر من أعظم الأدلة على أن الشريعة الإسلامية هي الشريعة المناسبة للتكوين النفسي والعقلي والجسدي للإنسان، وأن أحد أهم قواعدها التي تقوم عليها مناسبة "الطبيعة البشرية" المجبولة على الضعف والوهن مهما علت النفوس وتكبَّرت، فهي في حقيقتها ومآلها ضعيفة لا تقوى إلا على ما يناسبها ويشاكلها. علمتني الحياة خلال التجربة السريرية التي عشتها على مدى شهرين كاملين في الغرفة رقم (2214) بمستشفى الجراحة العامة بمؤسسة حمد الطبية – قسم جراحة العظام، حينما أصبت بكسر ليس لأنني وقعت من مكان مرتفع أو طاح على جسدي شيء ثقيل، لا لن يحدث كل هذا بل فقط لأنني تخطيت سلم مدخل منزلي الذي لا يتعدى ثلاث درجات من السلالم، وفجأة لن أجد نفسي الا وأنا اتدحرج في تلك الدرجات القليلة لأنقل على إثرها الى مؤسسة حمد الطبية لتلقي العلاج، وهناك مكثت شهرين، تعلمت فيها الكثير مما يعينني على الحياة وخرجت بانطباعات عديدة عن هذه المؤسسة الطبية التي كنت اسمع واردد مع الذين يرمون عليها اللوم وعدم المهنية في أحيان كثيرة، وسمعت الكثير من الشكاوى التي يبثها برنامج وطني الحبيب صباح الخير، ولكن الانطباع الذي خرجت به يختلف عن كل هذا بل خرجت وانا افتخر بوجود هذه المؤسسة في بلادي والتي تحرص دوماً على أن يعمل بها أمهر الكوادر البشرية لخدمة المرضى والنزلاء، زاد فخري واعتزازي عندما علمت ان من قام باجراء العمليتين لي في وقت واحد هو استشاري قطري الدكتور/ ناصر عبدالله تركي السبيعي وطاقمه الطبي بصحبته دكتورة قطرية تدعى مريم هتمي الهتمي، ونتمنى أن نرى الكوادر الوطنية في مؤسساتنا الطبية ومؤسساتنا الحيوية الأخرى بالدولة بنفس الحرص والكفاءة. يسعدني أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير عندما يخضع المريض إلى إجراء العمليات الجراحية خاصة الصعبة، فهي تعتمد بشكل أساسي على مهارة الطبيب وخبرته الدقيقة في إعادته مرة أخرى إلى الحياة، لذلك عندما ينعم المريض من مرضه وآلامه يشعر بأن الدكتور المعالج كان سبباً في معافاته بفضل الله، وإنني عبر هذه الاطلالة كان لابد لي أن أتقدم بخالص شكري وتقديري لما لاقيته من عناية فائقة واهتمام من الطاقم الطبي الذي اشرف على اجراء عمليتي المزدوجة المركبة وبفضل هذا التعاون والأدوار العظيمة التي قام بها كل افراد الطاقم كل حسب اختصاصه الموكل اليه، ولم يشعروني لحظة بوحشة السرير الأبيض الذي كنت ألازمه بطلتهم اليومية وسؤالهم عني، لن يشفى أي مريض إلا إذا أمر الله بذلك، ولكنه يسبب الأسباب الحقيقية لنا في الحياة، وأنتم أيها الأطباء الأعزاء كنتم السبب الثاني في جعلي أعود للحياة وأمشي على رجلي واستخدم يدي كما كنت في السابق، لجميع منتسبي قسم جراحة العظام لكم مني جميعاً التقدير والامتنان، وأخص بالشكر الاستشاري الدكتور ناصر عبدالله تركي السبيعي استشاري جراحة العظام، والدكتورة مريم هتمي الهتمي، الدكتور لؤي سلمان جراحة العظام، الدكتور عبدالله مرشد، الدكتور محمود عربش، الدكتور مؤيد محمد خير اخصائي عظام، الدكتور ياسر جميل / اخصائي عظام، يستحقون مني كل الشكر لولا رعايتهم الفائقة وارشاداتهم لما تعافيت في هذا الوقت القياسي. كسرة أخيرة الطبيب الذي يجعله الله سببا في خروجك لهذه الدنيا، ومن ثم يكون الشخص الذي يتابع معك تطورك الطبيعي ويراقب معدل النمو الخاص بك حتى تصبح شخصا ناضجا ومن بعدها يكون هو الشخص الوحيد الذي تلجأ اليه عندما تمرض ويظل رفيقك الدائم الذي يسلب منك آلامك، وما سطره الجيش الأبيض بمؤسساتنا الطبية خلال جائحة كورونا من مواقف مشرفة لفتت انتباه جميع أفراد المجتمع صغيرا وكبيرا ومجهوداتهم المقدرة وتضحياتهم من أجل سلامة كل من يعيش على أرضنا الطيبة، التحية لهم جميعاً لهؤلاء الذين لا يعرفون وقتاً محدداً لانتهاء دوامهم يدفعهم الى ذلك مشاعرهم الإنسانية وعاطفتهم الإنسانية الطبيعية لإنقاذ المجتمع من هذا الوباء. [email protected]
14516
| 12 يناير 2022
تفاقمت مشكلة النفايات الإلكترونية المتمثلة في التلفزيونات، الــحــاســبــات، أجــهــزة الـصـوت والـمـسـح الـضـوئـي، كـامـيـرات الفيديو، الهواتف والطابعات وغيرها من الأجهـزة الــتــي تــحــتــوي عـلـى مــواد لـهـا خــواص سـامـة ينتج عنها نفايات خطرة، وأن ملايين الأطنان من هذه النفايات يبقى مجهولا في ظل غياب التشريعات الخاصة بتلك المشكلة، وتفشي الثقافة الاستهلاكية بين المواطنين وحــرص الـــكـــثـــيـــريـــن عــلــى اقـــتـــنـــاء الأجـــــهـــــزة الــحــديــثــة والاسـتـغـنـاء عـن الـقـديـم منها رغم كفاءتها مما يفاقم المشكلة بزيادة النفايات الإلكترونية والتداعيات السلبية المترتبة عليها في السنوات المقبلة، ونادى العديد من الـمـتـخـصـصـين بضرورة إطلاق مبادرة وطنية شـــامـــلـــة تــــشــــارك بـــهـــا كــافــة الـقـطـاعـات الـمـعـنـيـة بـالـدولـة بـــالـــتـــعـــاون مــــع الــمــنــظــمــات المدنية والـشـركـات العملاقة المنتجة للإلكترونيات، خــاصــة أن آثــــار تـلـك المواد في الغالب مخفية ولا تظهر إلا على المدى البعيد، وقد كتبت الصحف المحلية الكثير من التحقيقات حول هذا الموضوع ولكننا لم نسمع خبرا يطمئن المواطنين والمقيمين على أرضنا الطيبة بأن هناك خطوات تم اتخاذها نحو هذا الاتجاه. الأضرار العاجلة والآجلة للنفايات الإلكترونية لاحتواء هذه الأجهزة التالفة مـــــكـــــونـــــات مـن الـمـواد الـضـارة والـسـامـة مثل الرصاص والزئبق والكروم، وهذه مواد سامة، إذا تم دفنها أو حرقها تـصـبـح بــــؤرا للميكروبات والمواد السامة ما يهدد بمشكلات وبائية، كما أنها تـحـتـوي على مـــواد كـيـمـائـيـة سـامـة خـاصـة في بطاريات الأجهزة، وأيضا لــوحــات الــدوائــر الـكـهـربـائـيـة وأنــابــيــب الـــزجـــاج والأســــلاك والـــمـــقـــاومـــات والــمــكــثــفات وغيرها من الأجهزة الداخلية الـدقـيـقـة، ولاحتواء البعض منها على مادة البلاستيك التي تسبب تسمم الـتـربـة فـي حـالـة عــدم إعــادة تصنيعه، ويسبب حـرق هذه الـــمـــواد انــبــعــاث الــكــثــيــر مـن الــــغــــازات الــســامــة والـــضـــارة بالبيئة وأبـرزهـا ثاني أكسيد الـــكـــربـــون وبــالــتــالــي تـفـاقـم مـشـكـلـة الاحــتــبــاس الــحــراري وارتفاع درجة حرارة الأرض. أين يكمن الحل بما أن التخلص من هذه النفايات بالطريقة التقليدية المعروفة بالدفن أو الحرق يسببان أضراراً متفاقمة أكثر من تركها في مكانها، فالحل يكون صعباً ويحتاج إلى تكاتف جميع قطاعات الدولة الخاص منها والعام والمدني وإعادة التدوير بالطريقة المثلى هو الحل النهائي الذي توصلت إليه معظم الدول المتقدمة والاســتــفــادة منها في صناعات أخرى، خاصة إذا علمنا أن متوسط وزن جهاز الـحـاسـب الـمـكـتـبـي الـتـقـلـيـدي يبلغ 32 كــيــلــو جــــرام ويحتوي على 7,1 كــيــلــو جــــــرام مـن مــعــدن الـــرصـــاص والــزرنــيــخ والكوبالت والزئبق وجميعها مواد تعتبر ذات قيمة عالية وفي نفس الوقت تــحــتــوي عــلــى مــــــواد سـمـيـة، لذلك لابد أن تقوم الجهات المعنية بالدولة بسن التشريعات والقـــوانـــيـــن لـلـتـخـلـص مـــن الــنــفــايــات الإلــكــتــرونــيــة بـطـرق علمية وصـحـيـة، عبر شـــركـــات مــتــخــصــصــة، وقــد نــجــحــت الـــيـــابـــان فـــي إعــــادة الـتـدويـر والـتـصـنـيـع لـلأجـهـزة والأدوات الإلـكـتـرونـيـة، وكذلك توعية المواطنين والمقيمين بخطورة الأمر، وتوزيع النشرات الدورية التي تبين خطورة هذه الأجهزة التالفة وما تبثه من سموم في حال مكوثها لمدة زمنية طويلة أو دفنها أو حرقها بطريقة تقليدية، والتوعية أيضا تكون بتحديد الأعمار الافتراضية لهذه الأجهزة ووضع حد زمني لاستعمالاتها، مثال ذلك الأجهزة الصورية مــثــل (أجــــهــــزة الــتــلــفــزيــون) مــن 4-7 سنوات، الأجهزة اللوحية من سنة الى 5 سنوات، والأجــهــزة الــــصــــوتــــيــــة مــــثــــل (مـــشـــغـــل الأقــــراص الـمـحـمـول) 13-15 سـنـة والأجــهــزة المعلوماتية مـثـل الـهـواتـف الـلاسـلـكـيـة من 5 إلى 3 أعوام، والـطـابـعـات من2 الى 4 أعوام، وأجــــهــــزة الــفــاكــس والـــــحـــــاســـــبـــــات الــشــخــصــيــة وشــــاشــــات الـــحـــاســـبـــات من 6 الى 7 أعوام، وهناك الأجهزة المنزلية المستهلكة مثل الثلاجات والغسالات وأفران الغاز ومراوح الشفط وغيرها تجدون أعمارها موضحة في المواقع العلمية على شبكة الانترنت، أنصح الجميع بالاطلاع عليها. كسرة أخيرة دولتنا الحبيبة خطت خطوات متقدمة فيما يخص صناعة تدوير المخلفات وسجلت أرقاماً عالية في كميات المخلفات التي تم تدويرها والاستفادة منها، وقبل أن تكتمل الصورة النهائية لهذه الصناعة في بلادنا أرى أن يتم التفكير بجدية في وضع الخطط العلمية والصحية الآمنة بمشاركة القطاع الخاص لكيفية التخلص من النفايات الإلكترونية التي تمثل خطراً متربصاً لبيئتنا وصحة أبنائنا وأن عمليات التمادي في الطرق التقليدية خاصة الدفن يزيد من حدة المشكلة لاحتواء هذه المخلفات على مواد سامة خطيرة، خاصة أن مــســاحــة الأراضــي الفضاء بـدولـتنا الحبيبة ليست كبيرة مقارنة بمساحة الدولة ككل مما يتطلب الأمر ضرورة إيــجــاد مــبــادرة وطـنـيـة تـتـمـاشـى مع رؤيـــــة قــطــر 2030 تـشـتـرك فيها كـافـة الأجــهــزة المعنية مـن وزارات البلدية والبيئة والصناعة والتجارة ومنظمات المجتمع المدني والـنـادي الـعـلـمـي والــشــركــات الـكـبـرى الــمــنــتــجــة لـــلإلـــكـــتـــرونـــيـــات لإعـــادة تـدويـر تـلـك النفايات والاسـتـفـادة منها والاهـتـمـام بـالـمـشـكـلـة بـطـريـقـة شمولية، مع تمنياتنا للجميع بالصحة والعافية. [email protected]
10856
| 10 نوفمبر 2021
كانت مدينة سامراء في شمال بغداد، مدينة علم، وفيها جامعة دينية كبيرة، على رأس هذه الجامعة العلامة الكبير (أبو الحسن الأصفهاني) وكان أبو الحسن، من ألمع رجالات الفكر في العراق، ولديه عدد كبير من الطلاب من دنيا العرب، وكان من بين تلامذته تلميذ فقير الحال لكنه يحمل ذهناً متوقداً، كان طموح التلميذ أن يصبح أحد أعمدة العلم في العراق، وفي يوم قائظ، خرج التلميذ الفقير من الدرس جائعاً إلى السوق، يحمل في جيبه فلساً ونصف الفلس، لكن الوجبة من الخبز والفجل تكلف فلسين، اشترى بفلس واحد خبزة واحدة، وذهب الى صاحب محل الخضراوات وطلب منه باقة فجل، وقال للبائع: معي نصف فلس فقط، فرد عليه البائع ولكن الباقة بفلسٍ واحد، قال الولد: سوف أفيدك في مسألة علمية أو فقهية مقابل الفجل، فرد عليه بائع الفجل لو كان علمك ينفع لكسبت نصف فلس من أجل إكمال سعر باقة فجل واحدة، اذهب وانقع علمك بالماﺀ واشربه حتى تشبع، كانت كلمات البائع أشد من ضرب الحسام على نفسه، قال الولد لنفسه: نعم، لو كان علمي ينفع لأكملت به سعر باقة الفجل الواحدة نصف فلس، علم عشر سنوات لم يجلب لي نصف فلس! لأتركن الجامعة، وأبحث عن عمل يليق بي وأستطيع أن أشتري ما أشتهي. هل يثمِّن بائع الفجل علمك؟ بعد أيام من الغياب افتقد الأستاذ الكيبر تلميذه النجيب، وفي قاعة الدرس سأل الطلاب أين زميلكم المُجِد؟ فرد عليه الطلاب: إنه تخلى عن الجامعة والتحق بعملٍ، يتغلب فيه على ظروفه القاسية، أخذ الاستاذ عنوان الطالب وذهب إلى بيته كي يطمئن عليه، سأله الأستاذ عن سبب تركه الجامعة، فرد عليه سارداً له القصة كاملة، وعيناه تذرفان الدموع بغزارة، فأجابه أستاذه: إن كنت تحتاج إلى نقود إليك خاتمي هذا، اذهب وبعه وأصلح به حالك، قال الولد: أنا كرهت العلم لأني لم أنتفع منه، قبل الطالب هدية أستاذه، وسار إلى محلات الصاغة وهناك عرض الخاتم للبيع، استغرب الصائغ وقال: أشتري منك الخاتم بألف دينار ولكن من أين لك هذا الخاتم؟ فقال هو هدية لي من عند أستاذي (أبو الحسن)، ذهب الصائغ مع التلميذ وقابلا الأستاذ واطمأن الصائغ الى صدق الطالب، أعطى الصائغ ثمن الخاتم إلى الطالب، ورحل، قال الأستاذ: أين ذهبت عندما أردت بيع الخاتم؟ فرد الطالب: إلى محلات الصاغة بالطبع، فرد عليه الأستاذ: لماذا ذهبت إلى محلات الصاغة وليس الى بائع الفجل؟ فرد عليه الطالب هناك يثمنون الخواتم والمعادن الثمينة، فرد عليه الاستاذ متعجباً: فلماذا قبلت أن يثمنك بائع الخضراوات ويثمن علمك ويقول إن علمك لا ينفع شيئاً، هل يثمن البائع علمك؟ لا يثمن الشيﺀ سوى من يعرف قيمته، وأنا أثمنك إنك من أعظم طلابي يا ابني. لا تدع من لا يعرف قيمتك يثمنك، ثمّن علمك عند من يعرف قدرك ارجع الى درسك وعلمك، هذه القصة التي كان بطلها ذلك الشيخ الحكيم نتعلم منها الكثير، كم مرة نقع ضمن تثمين خاطئ من شخص لا يعرف قيمتنا؟ والتقييم لا يصح إلا من أصحاب العلم والاختصاص الذين يعرفون قيمة الإنسان مهما كان صغيرا، الناس معادن ولا يعرف قيمة المعدن النفيس إلا من يفهم في المعادن، لا تسمحوا ابداً لبائعي الفجل أن يُقيّموا قيمتكم ومعدنكم وقيمة جهودكم، فالتقييم ينبع من جهتين من الداخل والخارج، من داخلنا يجب ان نعرف اننا بشر نخطئ ونصيب ونتعلم من أخطائنا على الدوام، ولكن العبرة في تعلم الدروس، والتقييم الخارجي من أشخاص بارزين ويعرفون قيمة الانسان مهما كان صغيراً. أهمية العلم للإنسان ساهم العلم في اكتشاف خامات وتقنيات جديدة على مدى التاريخ، وتتنوع التقنيات التي أنتجتها وما زالت تُنتجها العلوم المختلفة، والتي أدّت بدورها إلى تطوير اختراعات مختلفة استُخدمت في إنتاج البضائع التي تُسهِّل حياة البشر وترفع من رفاهيتها، وعليه فإن العلم يُعد أساس التكنولوجيا التي دخلت في تفاصيل حياة الإنسان، كالأجهزة الإلكترونية، ونشرات الطقس، ووسائل النقل، والشوارع، وطرق الطهي المختلفة، ووسائل الاتصال، والمضادات الحيوية، والمياه الصالحة للشرب، وغيرها الكثير من المعينات التي ساهمت في تحسين مستوى المعيشة، ولطالما ساهمت العلوم المختلفة وما أنتجته من تكنولوجيا في جعل حياة الفرد أسهل، كالتقنيات المستخدمة في تبريد وتسخين الهواء والأغذية، كالمكيفات الهوائية، والثلاجات، وأجهزة الميكروويف، وغيرها من المنتجات، كما أسهم العلم في اكتشافاتٍ عديدة في مجال الصحة والعلاج، وقد ساعد البشر على عيش حياة بعيدة عن الألم لكثير من الأمراض، وبالإضافة إلى أن الاكتشافات العلمية قد وفرت الأدوية المختلفة للأمراض، فإن لها دورا مهما في توفير الماء والغذاء الصالِحَين لاحتياجات الأفراد الأساسية، ومن أبرز الاسهامات العلمية في مجال الصحة هو إيجاد علاج للأمراض المزمنة، واختراع تقنيات تساهم في علاج المشكلات. كسرة أخيرة ونحن نفخر دائماً بأن بلادنا الحبيبة بفكر ووعي قيادتنا الرشيدة أولت اهتمامها للاستثمار العلمي لتصنع أجيال من أبناء الوطن قادرة على تحمل المسؤولية في تطوير بلاده والمساهمة في نهضته، وكانت مؤسسة قطر للعلوم والثقافة (قطر فاونديشن) هي تلك الصرخة التي دوت في فضاء العلم في بلادنا، وقد حققت المؤسسة العلمية العالمية الرائدة رؤيتها التي أطلقتها منذ خمسة وعشرين عاماً وكيف لا تصل الى هذه القمة ومن ورائها رائدة العلم الحديث في دولتنا الحبيبة سمو الشيخة موزا بنت ناصر التي خلقت الفكرة واشرفت عليها وبذلت الغالي والنفيس حتى حولت الرؤية الى واقع ملموس، والوطن كله مدين لها بهذا الصرح العملاق الذي ضم أرقى الجامعات والكليات العلمية في العالم، وما كانت هذه الكليات العالمية لتفتح فروعا لها في الدولة الا بعد ان وجدت البنية التحتية العلمية القوية من منشآت ومعدات وكوادر التشغيل التي تحقق معاييرها العلمية وتحافظ على سمعتها التي اكتسبتها طوال أعوامها السابقة، فهنيئا لشعبنا المعطاء وأبنائه بهذه الطفرة العلمية التي بدأت تُؤتي أُكُلها على أرض الواقع وتساهم في دفع عجلة نهضة بلادنا. [email protected]
16778
| 03 نوفمبر 2021
بالأمس تم افتتاح اجتماعات دور الانعقاد الأول لأول مجلس شورى منتخب في البلاد، تحت رعاية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، وكعادة سموه تحدث حديث الأب والراعي للرعية ووضع سموه خريطة طريق مضيئة أمام أعضاء مجلس الشورى والشعب القطري، تمثلت في تباشير عديدة قامت بها الدولة في مختلف المجالات منها الإنتاج الصناعي المحلي الذي احتلت الدولة فيه المرتبة الرابعة واجتهادات الدولة في التنوع الصناعي ودعم تنافسية المنتجات الوطنية وتنويع مصادر الدخل، وتنمية القطاع الخاص لتقوم الشركات الوطنية بدورها في نهضة الاقتصاد التجاري العالمي، وطمأن سموه الشعب القطري بنمو القطاع المالي في المصارف المحلية رغم الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد والعالم مؤخراً، وكذلك التطور المذهل في مجال الطاقة وزيادة الإنتاج في الغاز باستخدام أحدث الوسائل، وفي مجال البيئة قامت الدولة باستعمال أحدث الوسائل الحديثة للتخلص من النفايات والاستفادة منها في أغراض أخرى تعود بالنفع على الدولة، وأكد سموه على الجهات المعنية بالاهتمام بالخبرات الوطنية وتدريبها والاستفادة منها لتنفيذ الخطط الاستراتيجية القادمة، واستعرض سموه تقدم الدولة في مشاريع البنية التحتية لجميع القطاعات، وأن هناك خططاً للحفاظ عليها وتنميتها خاصة التنمية البشرية التي تعتبر عماد وأساس النهضة بالبلاد، كما أكد سموه على نبذ العنصرية والقبلية التي تساهم في هدم المجتمع والاعتزاز بالقبيلة والعائلة الممتدة والانتماء للوطن والتماسك والتكافل بين أفراد المجتمع، وشجع سموه القطاع الخاص باستغلال موارده المالية وإمكانياته بما يفيد خدمة الوطن والمواطنين، وتطرق سموه إلى التشريعات المكملة لتفعيل الدستور القطري، ووجه الجهات المعنية بإعدادها لتواكب التطور الذي حدث بالبلاد وعرضها على مجلس الشورى للعمل بها، وأكد سموه على أن استضافة الدولة لكأس العالم ستعود بالنفع الكبير للدولة في جميع المجالات منها تنمية مشاريع البنية التحتية وخطط الدولة التنموية التي تحتاجها البلاد، كما أن هناك فوائد عديدة منها تعزيز التكاتف والتواصل بين الشعوب وإظهار صفات شعبنا المضياف، وعكس قيّمه السمحة المستمدة من عقيدتنا وعاداتنا وتقاليدنا، كما استعرض سموه سياسة الدولة في المحيط الإقليمي والدولي وجهودها الدائمة لنشر السلام والتسامح بين المجتمعات، مما جعلها مركزاً للحوار والسلام والوفاق بين الشعوب الخليجية والقارية والدولية، مما خلق لقطرعلاقات جيدة مع جميع الدول الذي ينعكس إيجابا على شعبنا القطري في اكتساب المزيد من العلم والمعرفة، واستعرض سموه جهود الدولة في مكافحة وباء كورونا الذي اجتاح العالم خلال العامين الماضيين وشكر سموه الجهات المعنية التي تكللت جهودها بالنجاح، كما تمنى سموه لأعضاء مجلس الشورى التوفيق والسداد في مهامه الوطنية. الملفات والقضايا الهامة أمام مجلس الشورى وهناك ملفات هامة وملحة تفرض نفسها أمام مجلس الشورى منها التشريعات الخاصة بالأسرة والمجتمع وتنظيم العلاقات المجتمعية للنهوض به، والوصول إلى درجات عالية من التسامح والنماء، وخلق بيئة معيشية كريمة بين أفراده، وكذلك تحسين أوضاع فئات الأرامل والمطلقات والفئات الضعيفة التي تحتاج إلى رعاية مجتمعية، كما أن هناك قضايا شائكة فيما يخص المتقاعدين والمتقاعدات وإيجاد السبل القانونية اللازمة للاستفادة من خبراتهم العملية والمهنية في المجالات التي تحتاجها الدولة وتحسين أوضاعهم المعيشية لاستمرارية عطائهم بما يفيد الوطن والمساهمة في نهضته، وهناك أيضا التشريعات الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة ودمجها في المجتمع والاستفادة من قدراتهم، وهناك مسؤوليات عديدة تقع على عاتق أعضاء مجلس الشورى في اقتراح التشريعات الحديثة التي تواكب التطور السريع الذي يشهده العالم منها تكوين الجمعيات المهنية التي تجمع المهن الحيوية الهامة في كيان واحد يسهل على جميع القطاعات التعامل معها والاستفادة من الكوادر الوطنية، كما أن هذه الجمعيات تتيح لأعضائها من المهنيين تطوير مستوياتهم واكتسابهم الخبرات اللازمة في مجال عملهم، وبالتالي تعود الفائدة للوطن والمواطن، وهناك العديد من القضايا الهامة التي تنتظر أعضاء الشورى بعد استكمال مكوناتهم وهيكلهم من لجان ومكاتب فنية متخصصة وترتيب بيتهم من الداخل. الأمانة العامة ودورها في المجلس للأمانة العامة لمجلس الشورى دور هام في تهيئة البيئة المناسبة لأعضاء المجلس ولجانه للقيام بمهامهم المنوطه بهم على أعلى مستوى، وذلك بجلب الكوادر البشرية الوطنية المدربة، خاصة أن لدينا المئات من أبناء الوطن الذين نالوا الشهادات العليا في جميع المجالات والاستعانة بهم في مجلس الشورى، مما يكسبهم الخبرات اللازمة في العمل النيابي والرقابي وتزيدهم الثقة في نفوسهم وشعورهم بأنهم يقدمون ما لديهم فداء للوطن والمساهمة في تنمية مجتمعهم، وكذلك يمكن الاستفادة من مئات المتقاعدين والمتقاعدات في المجالات المختلفة، خاصة في مجال الشريعة والقانون بدلا من استقدام خبراء من خارج الدولة والتكلفة المالية الكبيرة التي تقع على كاهل الدولة، بالإضافة الى أن الكوادر الوطنية تكتسب مزيداً من الخبرات عند استيعابهم في الأمانة العامة كموظفين دائمين أو مستشارين متعاونين لهم. كسرة أخيرة الجميع تفاءل خيراً عندما شاهد ولادة إحدى مؤسسات الدولة الحيوية الهامة بافتتاح الدورة الأولى لاجتماعات الشورى، وزان هذا المشهد البُشريات التي ساقها سمو الأمير للشعب القطري ولأعضاء مجلس الشورى والإضاءات التي تنير طريقهم في المستقبل بالإنجازات التي قدمتها الدولة في جميع المجالات، مما زاد المسؤولية على أعضاء مجلس الشورى في العمل بكل الوسائل المتاحة لهم للحفاظ على المكانة المرموقة التي وصلت إليها دولتنا الحبيبة قطر، ومما زاد تفاؤلنا هو روح الحماس لدى الأعضاء وهم يستشعرون المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وكان اختيارهم للدكتورة حمدة السليطي في منصب نائب رئيس المجلس دلالة على وعيهم التام بدور المرأة القطرية ومكانتها في المجتمع، وهذا يدل أيضا على فكرهم الحضاري المتطلع إلى رؤية مستقبلية تساهم في تطوير ونهضة بلادنا الحبيبة، ونتمنى لها التوفيق في مهامها الجديدة، كما ندعو المولى عز وجل أن يوفق جميع أعضاء الشورى لما فيه خير الوطن والمواطنين. [email protected]
7393
| 27 أكتوبر 2021
خرج الحسن والحسين - رضي الله عنهما- وعبدالله بن جعفر حجاجاً، وفي الطريق تذكرا أنهم نسوا زادهم، فجاعوا وعطشوا، فمروا بعجوز في خباء لها فقال لها أحدهم: هل من شراب؟ قالت: نعم، فأناخوا إليها وليس لها إلا شاة، فقالت: احلبوها واشربوا لبنها ففعلوا، ثم قالوا لها: هل من طعام؟ قالت: لا إلا هذه الشاة فليذبحها أحدكم حتى أهيئ لكم منها ما تأكلون، فقام إليها أحدهم فذبحها وسلخها، ثم هيأت لهم طعاما فأكلوا وأقاموا حتى شبعوا، فلما ارتحلوا قالوا لها: نحن نفر من قريش ثم ارتحلوا، وأقبل زوجها فأخبرته بخبر القوم والشاة فغضب، وقال: ويحك تذبحين شاتي لقوم لا تعرفينهم ثم تقولين نفر من قريش!. ثم بعد مدة سافرت الحاجة وزوجها إلى المدينة، وجعلا ينقلان البعر ويبيعانه، ويعيشان بثمنه، فمرت العجوز في بعض سكك المدينة فإذا الحسن بن علي - رضي الله عنه - على باب داره جالس، فعرف العجوز وهي له منكرة، فبعث إليها غلامه، فدعا بها، فقال لها: يا أمة الله أتعرفينني؟ قالت: لا، قال: أنا ضيفك يوم كذا وفعلتِ معنا كذا، قالت: بأبي أنت وأمي، ثم أمر فاشترى لها من شياه الصدقة ألف شاة، وأمر لها معها بألف دينار، وبعث بها مع غلامه إلى الحسين، رضي الله عنه، فقال لها الحسين: بكم وصلك أخي؟ قالت: بألف شاة وألف دينار، فأمر لها الحسين أيضا بمثل ذلك، ثم بعث بها الحسين مع غلامه إلى عبدالله بن جعفر، فقال لها: بكم وصلك الحسن والحسين؟ قالت: بألفي شاة وألفي دينار، وقال لها: لو بدأت بي لأتعبتهما في العطاء، فأمر لها عبدالله بألفي شاة وألفي دينار، فرجعت العجوز إلى زوجها بأربعة آلاف دينار وأربعة آلاف شاة. جزاء المعروف حبانا الله في بلدنا الحبيب بالخير الوفير وجعل فيه البركة نحمده كثيراً على هذا العطاء، استهللت مقالي هذا الأسبوع بالقصة الرائعة التي وردت في قصص الأثر لهؤلاء الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وهي قصة يجب ان نستلهم منها كثيرا من العبر والحكم في الكرم والعطاء، ولا نبخس من أي معروف نملكه ولو كان قليلاً فغيرنا يحتاجه وقد نراه بسيطاً ويراه غيرنا ثميناً، فمن يصنع أي معروف يجده أمامه طال الزمن أو قصر، أحيانا نجد في بيوتنا ثيابا قديمة لا نستعملها او بعض قطع الأثاث التي استغنينا عنها ولسنا في حاجة بها، تصدق بها ولا تدري الأقدار قد تكون صنعت معروفاً تلقى جزاءه في ضيق فرجه الله لك بسبب ما قمت به من معروف، وقال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم (لأن يتصدق المرء في حياته بدرهم خير له من أن يتصدق بمائة عند موته) وقال صلى الله عليه وسلم (إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء). ما يتمناه المرء عند موته خص الله الصدقة على وجه الخصوص وجعلها من أفضل الأعمال والعبادات، والواحد منا عند قرب نهايته من هذه الدنيا حينما لا يستطيع أن يقوم بأي عمل صالح يتطلب منه مجهودا فوق قدرته لضعفه في تلك اللحظات، يرجو من الله أن يؤخره ولو لوقت قصير قبل أن يقبض روحه لا لشىء سوى أن يتصدق أو يعمل معروفاً لأي عبد من العباد، وجاء هذا التخصيص لهذه العبادة دون غيرها في قوله تعالى: (وَأَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) الآية 11 (المنافقون)، باستطاعة أي فرد منا أن يكون من الصالحين كما أمرنا الله تعالى بعمل بسيط يقوم به وهو معروف تقدمه لأي شخص وليس شرطا أن يكون هذا المعروف مادياً فقط فهناك جبر الخواطر اذا جاءك المهموم اسمع، وإذا جاء المعتذر اصفح.. واذا ناداك صاحب الحاجة انفع. لن يضيع جميلٌ أينما زُرع قال الله تعالى: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) الآية 92 آل عمران، العبرة التي اخذناها من قصة الصحابة رضوان الله عليهم أن العجوز لن تنفق ما زاد عن حاجتها بل أنفقت في شيء لا تملك غيره أي شيء ثمين تملكه وتحبه، لذلك الانفاق لا يكون إلا في شيء نحبه وبه ننال البر وهو الجنة والنجاة من العذاب، يعني في الأصل من أخلاق ديننا ان ننفق ونتصدق ولكن أعلى درجات الانفاق هو أن ننفق ونتصدق مما نحبه، قال الشاعر: ازرع جميلاً ولو في غير موضعه فلن يضيع جميل أينما صنع إن الجميل إذا طال الزمان به فليس يحصده إلا الذي زرع كسرة أخيرة في إحدى القرى كان هناك مزارع فقير في أحد الأيام سمع هذا المزارع صوت استغاثة قادما من مستنقع مجاور لحقله، فما كان منه إلا أن ترك عمله راكضاً باتجاه الصوت ليجد صبياً يوشك على الغرق ويتخبط خوفاً من الغرق، وبلا تردد أنقذ المزارع ذلك الصبي وعاد فرحاً بما صنع في ذلك اليوم، في صباح اليوم التالي توقفت عربة فاخرة عند كوخ المزارع الفقير، ونزل منها رجل أنيق قائلاً للمزارع: أريد مكافأتك على الخير الذي أسديته لي فقد أنقذت حياة ابني مقدماً له كيساً من المال، لكن المزارع رفض المال المقدم له مقابل ما فعل، فما كان من ذلك الغني إلا أن طلب من المزارع أن يقبل هدية أخرى وكانت الهدية فرصة تعليمية لابنه، وهذا ما فعله ذلك الغني بالفعل إذ أرسل ابن المزارع إلى أفضل المدارس ليتخرج من مشفى سانت ماري الطبية، ويصبح طبيباً مشهوراً وليكتشف "العالم ألكسندر فيليمنغ" البنسلين، والعجيب في الأمر أن الطفل الذي كاد أن يغرق في المستنقع وهو صغير (ابن الغني) أُصيب بمرض ذات الرئة، والذي أنقذ حياته مرة أخرى كان: البنسلين، والعبرة من هذه القصة أن نفعل المعروف لأي شخص كان ولو لم نعرفه وفي أي وقت. [email protected]
22216
| 13 أكتوبر 2021
احتفل المواطنون ببلدنا الحبيبة يوم السبت الماضي بالحدث الانتخابي الأول وخرجنا جميعنا فائزين في ذلك اليوم البهيج الذي سطر فيه شعبنا، ناخبين ومرشحين، أبهى صورة للمشاركة الشعبية، وتمت إعــلان الـنـتـائـج بـنـزاهـة تـامـة وحـيـاديـة مــع تـوفـيـر كـافـة الــوســائــل المساعدة لــوصــول الـنـاخـبـين إلـــى صـنـاديـق الاقــتــراع بكل سـهـولـة ويـسـر وأدلى الجميع بأصواتهم بـحـريـة تـامـة. وتزينت الصورة البهيجة لذلك اليوم بالإقــــبــــال الــكــثــيــف مــــن الـــنـــاخـــبـــين عــلــى مــمــارســة حـقـهـم الدستوري، واختتم الحفل البهيج بقيام لــجــان الانــتــخــاب فــي جـمـيـع الــدوائــر الانـتـخـابـيـة بـفـرز الأصـــوات عـلـى مــرأى ومـسـمـع هـــذه الــلــجــان الــتــي تـرأسـهـا قــضــاة وطنيون أشـــرفـــوا عــلــى عـمـلـيـات الفرز إشرافاً مباشراً، مما أكمل الصورة الزاهية لنزاهة الانتخابات الحرة، بـــالإضـــافـــة إلـــى وجــــود المـرشـحـين أنــفــســهــم أو وكـــلاء عنهم أثناء عملية الفرز، لذلك خرجت النتائج متوافقة مع إرادة الناخبين الحقيقية بـفـوز مـن حصل على أكـثـر عـدد من الأصـــوات الصحيحة الـتـي أعـطـيـت لـه فـي كل دائرة بعضوية المجلس. لماذا المرشحات لم ينجح أحد؟ لم تستطع المرأة كسر القيد الذكوري والفكري الذي وقف عائقاً أمام وصولها إلى الفوز في أول انتخابات لمجلس الشورى المنتخب في جـمـيـع الــدوائــر الانتخابية رغم وجود 27 مرشحة موزعات في 22 دائرة انتخابية، ولكنهن نجحن بالتأكيد في المشاركة الفعالة والقوية في الإدلاء بأصواتهن وساهمن بشكل كبير في فوز عدد كبير من المرشحين في أول مشاركة، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى الموروث الثقافي من عدم الاقتناع بجدوى وصـول المــرأة إلـى مجلس الـشـورى بالرغم من أنـهـا أثبت خلال السنوات السابقة أنها جديرة بأي منصب سياسي أو تنفيذي، ونجاحها في كل المناصب التي شغلتها في جميع مرافق الدولة، كما أنها شاركت في مجلس الشورى السابق الذي جاء بالتعيين وأثبتن جدارتهن كعضوات في المجلس سواء مشاركتهن في اللجان أو في المناقشات التي جرت تحت قبة المجلس، بالرغم من أنه كان من الضرورة بمكان وجـــود المـــرأة الـقـطـريـة في مجلس الـشـورى الــذي بـات مـن اختصاصاته تشريع القوانين بما فيها التشريعات المتعلقة بالأسرة والطفل ومجالات عمل المرأة وحقوقها والتزاماتها في التشريعات المختلفة، ونأمل أن يجدن حظهن في الثلث الذي سيتم تعيينه، والسبب الآخر في عدم نجاح المرأة يعود إلى قلة وعي بعض الناخبين التقليديين الذين يدلون بأصــواتــهــم لأســبــاب عـائـلـيـة وأسـريـة ولأســـبـــاب شـخـصـيـة غــيــر مـــدركـــين لأهـمـيـة الممارسة الانتخابية التي تعد وسيلة لوصول مــن هــو الأكــفــأ وصــاحــب الـفـكـر والــرؤيــة إلـى المجلس ليساهم مساهمة فعالة فـي التنمية المستدامة في المجتمع. الجميع فاز في أول تجربة التفاعل الذي صاحب يوم الاقتراع في الانتخابات وتكبُد الكثير مشاق الوصول الى صناديق الاقتراع دليل على نجاح التجربة التي شهدها العالم أجمع، وكانت نتائجها مرضية للجميع رغم خلوها من أي مفاجآت تذكر، والأهم هو التساهيل التي قامت بها اللجنة المشرفة على الانتخابات وما قام به المتطوعون من مجهودات في توجيه الناخبين الى الأماكن الصحيحة للبدء في عملية الاقتراع، كما أن التغطية الإعلامية كانت مثالية في جميع القنوات المحلية التي نقلت الحدث أولاً بأول ومراسليها المنتشرين في جميع الدوائر الانتخابية بكل حيادية ومهنية لمسها كل من تابع التغطية الخاصة بذلك اليوم التاريخي، إذن بكل المقاييس جميعنا كان فائزاً. مسؤولية الأعضاء المنتخبين وهي مسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً، ناخبين ومرشحين، وبعد انتهاء مرحلة الترشيحات، فالكرة الآن في ملعب الأعضاء المنتخبين الذين يجب أن يضعوا مصلحة الوطن قبل مصالحهم الشخصية، وأن يجتهدوا في إيصال تطلعات المواطنين الى مواطن صنع القرار ويساهموا مساهمة فعالة في اقتراح التشريعات القانونية التي تساهم في رفع مستوى المعيشة وتحقيق أهداف الدولة الرامية الى توفير العيش الكريم للمواطنين ولكل من يعيش على أرضنا الطيبة، وممارسة العضو لدوره الرقابي على السلطة التنفيذية والذي يتطلب وعياً كبيراً وثقافةً عالية حتى يتسنى له القيام بدوره المنوط به على أكمل وجه وعلى نحو يخدم جهود الحكومة في تحقيق التنمية، وذلك من خلال المشاركة الفعالة في لجان المجلس المختلفة ووضع آليات لتفعيل هذه الرقابة في جميع المجالات الصحية والسياسية والاقتصادية والمالية وغيرها، ومسؤولية الناخبين تقع في عدم استعجال النتائج لإيفاء الأعضاء لوعودهم التي قطعوها أيام الانتخابات، لأن هناك وقتاً ليس بالقليل ينتظر الأعضاء لترتيب البيت الداخلي لمجلسهم من وضع اللائحة الداخلية وتشكيل اللجان الدائمة ووضع نظام أعمالها وآلية مناقشتها ودراستها للموضوعات المطروحة عليها، وهذا يتطلب على الأقل مدة سنتين من عمر الدورة الأولى للمجلس الذي يبلغ أربع سنوات. كسرة أخيرة يُنتظر من مجلس الشورى المنتخب مهمة كبيرة في سياق استكمال المسيرة الظافرة لدولتنا الحبيبة في جميع المحافل المحلية والإقليمية والدولية، في الجانب المحلي هناك مسؤوليات قائمة تنتظره ومن أهمها الإسهام في مواصلة مسيرة التنمية ووضع بصماته من خلال المشاركة الفاعلة للأعضاء في طرح القضايا التي تهم المواطنين، وكذلك إبداء الأفكار المبتكرة التي تساهم في التطوير الاجتماعي والاقتصادي والاستثماري والرياضي والثقافي وغيرها من المجالات الحيوية الأخرى، والأمل معقود على المجلس من قبل المواطنين أن يقوم بأداء اختصاصاته التشريعية، وفي الجانب الدولي على الأعضاء المحافظة على ما وصلت إليه دولتنا الحبيبة من مكانة مرموقة بين دول العالم وحجزها لموقع متقدم يحظى باحترام المجتمع الدولي، وأصبحت دولة قطر لاعبا أساسيا في المشهد الدبلوماسي والسياسي العالمي، وجعلها تتصدر المشهد السياسي بصفتها من أبرز الدول الناجحة في الوساطة الدولية لحل النزاعات والخلافات المسلحة، وذلك من خلال الحضور الفاعل على المستوى البرلماني الدولي والعالمي. [email protected]
5332
| 06 أكتوبر 2021
الصوت الانتخابي هو الأساس الذي تدور حوله، ومن أجله، العملية الانتخابية، بدءاً من إعداد الكشوف التي تتضمن قوائم الناخبين، مروراً بعملية الاقتراع، وفرز الأصوات، إعلان النتائج وتشكيل المجلس النيابي والمجالس البلدية، هذا الصوت يعد أمانة في عنق الناخب، أي أمانة ومسؤولية يتحملها كل مواطن ورد اسمه في جداول الناخبين، ويتمتع بالأهلية الكاملة والإقامة العادية في دائرته الانتخابية أو مقيماً بالخارج، وفق الضوابط والشروط التي تحددها القوانين والنظم المعمول بها، صوتك أمانة شعار له مغزاه ومضامينه الأساسية، التي تشير إلى ركنين أساسيين: أولهما ضرورة أداء الأمانة، وثانيهما كيفية أداء هذه الأمانة. ضرورة أداء الأمانة تحمل الأمانة كمفهوم معنى الالتزام، ليس فقط أخلاقياً أوعقائدياً، وإنما أيضاً هي التزام وطني، وواجب على كل مواطن تتوافر فيه شروط الناخب، وعندما يؤدي جميع المواطنين، أو الغالبية منهم، هذا الواجب، تتحقق المشاركة السياسية في مستوياتها الأعلى، والتي تعد أهم وأبرز مؤشرات المشاركة الشعبية، وحرية الإرادة، ومن ثم أسس الشرعية السياسية التي تنادى بها مختلف المواثيق والدساتير، وهذا حق كفله الدستور للمواطن، ومن حق الوطن على كل مواطن ينتمي إليه أن يؤدي أمانته بكل أمانة وصدق. كيفية أداء الأمانة صوتك أمانة ليس معناه أن تشارك بالصوت الانتخابي لمجرد المشاركة فقط وليس مجرد الذهاب إلى صناديق الاقتراع واستيفاء شروط الانتخاب، بل الأمانة تقتضي أن يتم أداؤها على أفضل وجه، وتفرض على كل مواطن ناخب أن يدقق في اختياراته، ويبحث ويستقصي، ليصل إلى أكثر البدائل المتاحة عقلانية وحكمة، وباختيارنا للأكفأ وأفضل الشخصيات وأفضل البرامج وأفضل الأهداف والخطط التي يعلنها المرشحون وتكشف عنها حملاتهم الانتخابية، وكذلك سجلاتهم النيابية وسيرهم الذاتية والأعمال التي قدموها وخبراتهم وتجاربهم، خططهم وتصريحاتهم، ومواقفهم واتجاهاتهم التي أعلنوا عنها وتبنوها، وأثبتت تجربة التطور السياسي في بلدنا الحبيب قطر ضرورة التدقيق في عملية التمثيل السياسي لاختيار أكثر المرشحين مقدرة وانفتاحاً وإرادة للعمل البناء على المستوى العام لمواكبة هذا التطور الذي تشهده البلاد، والبعد عن العنصرية القبلية والمجاملات الشخصية. لا تجعل صوتك رخيصاً صوتك هو العامل الأساسي لترسيخ مبدأ الوحدة الوطنية، صوتك يساهم بدرجة كبيرة في توسيع دوائر المشاركة السياسية والعمل من أجل الصالح العام، صوتك يساهم في ترسخ العمل السياسي القائم على الحوار والتبادل الحر للآراء بعيداً عن فرض الرأي الواحد، أو إقصاء الآخر أو النيل منه، صوتك يؤدي إلى تكوين مجلس يقوم بدوره بفعالية واقتدار لتقوية الأجهزة التشريعية والرقابية بما يلبي الأسس والمتطلبات التي تستلزمها عمليات تطوير البنية الأساسية لدولة حديثة في مختلف مجالات الاقتصاد والتعليم والاتصال والأمن والرخاء والرفاهية لجميع مواطنيها، صوتك أمانة وكفى. الواجب الديني في الانتخابات قال سبحانه وتعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، عدم التزامنا بأداء صوتنا للمرشح الأفضل فيه مخالفة للدين والأمانة التي يتحمل مسؤوليتها كل من يتوجه إلى صندوق الانتخابات أو من لم يتوجه أصلا بدون عذر، فهناك من يستهين بتقديم صوته ذماً للحالة الانتخابية، وهذا خطأ فعليه أن يقدم صوته لمن يراه الأفضل، فأي مواطن يحجب صوته سيترك المجال لمن لا يستحق الفوز بأن يحظى بكرسي الانتخاب، ولو لم يجد مرشحاً يناسب طموحه أو اقتناعه فلينتخب الأقدر منهم. كسرة أخيرة من الواجب علينا كمواطنين أن نقوم بواجبنا تجاه وطننا وحقه علينا لندلي بأصواتنا متقين الله عز وجل، وأوصيكم بأن تكونوا مستعدين لأداء هذا الواجب على أكمل وجه، وذلك بمعرفة المرشحين وقراءة برامجهم الانتخابية جيداً، والتأكد من سيرتهم الذاتية، وبذل أقصى جُهد لمحاورتهم أو حضور الندوات واللقاءات التي يقيمونها، لأن تقديم الأفضل يتم عبر التمحيص، وهذه أمانة لا يمكن المراوغة فيها أو التهاون، لأنها شهادة حق توضع في رقبة كل من مُنح حق الانتخاب. [email protected]
10140
| 29 سبتمبر 2021
مساحة إعلانية
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...
3849
| 04 نوفمبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...
2202
| 03 نوفمبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...
2121
| 04 نوفمبر 2025
من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...
1308
| 04 نوفمبر 2025
تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...
954
| 04 نوفمبر 2025
مضامين ومواقف تشخص مكامن الخلل.. شكّل خطاب حضرة...
951
| 05 نوفمبر 2025
أصدر مصرف قطر المركزي في التاسع والعشرين من...
942
| 05 نوفمبر 2025
ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...
882
| 02 نوفمبر 2025
تسعى قطر جاهدة لتثبيت وقف اطلاق النار في...
879
| 03 نوفمبر 2025
ليس مطلوباً منا نحن المسلمين المبالغة في مسألة...
816
| 06 نوفمبر 2025
الناس في كل زمان ومكان يتطلعون إلى عزة...
816
| 07 نوفمبر 2025
وجهات ومرافق عديدة، تتسم بحسن التنظيم وفخامة التجهيز،...
756
| 05 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل