رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

السفر في منتصف العام الدراسي... قرار عائلي أم مخاطرة تعليمية

في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.

2013

| 24 ديسمبر 2025

قطر تحتفل بيومها الوطني بمشاركة عربية واسعة

تعيش قطر هذه الأيام أجواءً استثنائية من الفرح والاعتزاز، حيث تتزامن احتفالات اليوم الوطني مع وجود جماهير البطولة العربية والجاليات المقيمة، في مشهد يعكس التلاحم بين الشعب القطري وضيوفه من مختلف الدول، ويصادف تاريخ 18/ 12 ذكرى تأسيس الدولة، حيث تتزين الدوحة ومختلف المدن بالأعلام والشعارات الوطنية، وتعم الاحتفالات في كل مكان، في مشهد يعكس الولاء والانتماء لهذا الوطن الغالي. ويأتي احتفال هذا العام تحت شعار (بكُم تعلو ومنكُم تنتظر)، الذي يجسد رؤية قيادتنا الحكيمة في تمكين الكوادر الوطنية والعمل على تنميتها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، في إطار المضي نحو تجسيد رؤية قطر الوطنية 2030. ما يميز احتفالات هذا العام هو المشاركة الواسعة من جماهير البطولة العربية التي تحتضنها الدوحة حاليًا، إضافة إلى الجاليات المقيمة في قطر، حيث يشارك الجميع الشعب القطري فرحته بيومه الوطني، في لوحة تعكس التلاحم والتنوع الثقافي الذي تتميز به الدولة. ومن أبرز الفعاليات التي تشهدها البلاد درب الساعي: تتألق فعاليات اليوم الوطني في قطر بوجهات مميزة أبرزها درب الساعي الذي يعكس تراث الدولة العريق الوجهة التراثية الأهم التي تعكس تاريخ قطر العريق، وتقدم أنشطة متنوعة تحاكي حياة الأجداد، إلى جانب عروض فنية وثقافية من مختلف الدول العربية والصديقة. البروق: الفعالية التي تقام للعام الثاني على التوالي، وقد حققت نجاحًا باهرًا بفضل ما تقدمه من عروض مبتكرة تجمع بين الأصالة والحداثة، مقدماً عروضاً فنية مبتكرة تجمع بين الأصالة والحداثة، لتصبح إحدى أبرز الوجهات في احتفالات اليوم الوطني. درب الوسيل وميناء الدوحة القديم: مناطق سياحية تحتضن فعاليات مميزة، تجمع بين الترفيه والتسوق، وتتيح للزوار تجربة فريدة. منطقة سيلين: التي تشهد أنشطة رياضية وترفيهية في أجواء طبيعية خلابة، لتكون وجهة مثالية للعائلات والزوار. وتستمر هذه الفعاليات على مدار أيام الاحتفال. اليوم الوطني في قطر لم يعد مجرد مناسبة وطنية، بل أصبح حدثاً عالمياً يجمع الثقافات، حيث يشارك فيه ضيوف البطولة العربية والجاليات المقيمة، في أجواء من الفرح والاحتفاء بالهوية القطرية، بل هو أيضا تجسيد لقيم الوحدة والاعتزاز بالهوية القطرية، وفرصة للتعبير عن الفخر بما حققته الدولة من إنجازات جعلتها محط أنظار العالم. ابرز ما يميز احتفالات البلاد باليوم الوطني هو شعار اليوم الوطني الذي يحمل اقتباسا ملهما لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، "بكم تعلو ومنكم تنتظر"، ليمثل دعوة متجددة لمواصلة مسيرة البناء والعطاء، انطلاقا من قناعة راسخة بأن بناء الوطن يتلازم مع بناء الإنسان، وأن ازدهار البلاد يتحقق بإخلاص أبنائها وتفانيهم في خدمة مجتمعهم، وتأكيدا على وعي أبناء الوطن بما عليهم من واجبات تجاه الوطن، وبقدر ما يسعد أبناء قطر بما نالوه من حقوق مكفولة في مختلف المجالات، فإنهم يدركون أن تلك الحقوق لا تكتمل إلا حين تقابل بأداء الواجبات، فينهضون بها عن وعي ومسؤولية، إيمانا منهم بأن المواطنة الحقة ليست امتيازا يمنح، بل عطاء متواصل يترجم حب الوطن، مثل البر بالأم لا يطلب عليه جزاء. *كسرة أخيرة* شكلت مسيرة قطر الحديثة نموذجا مشرقا في العالم، إذ تمكنت من تحقيق نهضة شاملة في مختلف المجالات، رسخت مكانتها بين الأمم. ويتجسد الوطن دائما في صورة الأم التي لا تبخل على أبنائها بالعطاء، فيما يرد الأبناء الجميل بالوفاء والعمل والتضحية في سبيل رفعة وطنهم. وإن أبناء قطر اليوم، وهم متمسكون بقيمهم الوطنية ومعتزون بانتمائهم، يسيرون بثقة على طريق التقدم، مستلهمين من الماضي دروس القوة والعزيمة، وماضين بعزيمة صادقة نحو مستقبل يليق بهذه الأرض الطيبة. كاتبة صحفية وخبيرة تربوية [email protected]

528

| 17 ديسمبر 2025

مسيرة تعكس قيم المؤسس ونهضة الدولة

مع دخول شهر ديسمبر، تبدأ الدوحة وكل مدن قطر في ارتداء ألوانها المعتادة في هذا الوقت من العام، أجواء الاحتفال باليوم الوطني لا تأتي فجأة، بل تتشكل تدريجياً منذ مطلع الشهر، كأن الوطن يتهيأ ليومٍ يلامس ذاكرة كل قطري، يوم مولد الدولة الحديثة في عهد المؤسس الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني. وتعودنا في بلادنا قطر أن تكون احتفالات اليوم الوطني رحلة تمتد لأسابيع، رحلة تتداخل فيها الفعاليات التراثية والثقافية مع رموز الدولة الحديثة، رحلة يرتبط فيها الماضي بالحاضر كما ارتبطت عام 2022 بنهائي كأس العالم الذي صادف 18 ديسمبر، وسوف يرتبط هذا العام أيضاً بنهائي مونديال العرب ليغدو ذلك اليوم أكثر قرباً إلى قلب المواطن والمقيم. ملامح الاحتفال هذا العام بدأت بعودة فعاليات درب الساعي في نسختها الجديدة، المناسبة التي تفتح أبوابها كل ديسمبر لتروي سيرة التأسيس بروح عصرية، ومنذ لحظة الافتتاح، يصبح المكان بحركته وأناسه وفعالياته مساحة تجمع الأسرة القطرية بكل أطيافها: تراث، حرف، مسابقات، وعروض تستمر حتى الثامن عشر من الشهر، في رحلة قصيرة لكنها مليئة بالمعاني، ليصبح درب الساعي ليس مجرد فعالية موسمية، إنه مساحة تربط الجيل الجديد بقصة الدولة، وتعيد تقديم قيم المؤسس في قالب يفهمه الشباب ويشعر به. تميزت احتفالات هذا العام بأنها تأتي تحت شعار مستلهم من خطاب سمو الأمير خلال افتتاح دورة مجلس الشورى لعام 2025، الشعار يحمل في مضمونه دعوة واضحة للشباب: دعوة للإبداع، ولتحويل الطموح إلى مشاريع، وللثقة بأن الدولة تراهن على جيلها الجديد ليقود مسيرة التطوير، الرسالة ليست رمزية فقط، بل تعكس رؤية رسمية بأن الاستثمار في الإنسان القطري هو رهان مستمر، وأن بناء القدرات الوطنية هو الطريق الأهم نحو نهضة تمتد لأجيال. وطن يعيش في التفاصيل طوال أيام ديسمبر، تتحول العاصمة إلى لوحة كبيرة: زينة، عروض، موسيقى تراثية، احتفالات في الأماكن العامة، ومشاركة واسعة من مؤسسات الدولة والقطاع الخاص، وكأن الجميع يقول بصوت واحد: هذا الوطن يتسع للجميع ويحتفي بالجميع، وتبلغ هذه الأجواء ذروتها في 18 ديسمبر، حيث تتجسد رمزية اليوم الوطني كذكرى تأسيس، وكحكاية تعبر من الماضي نحو المستقبل، وفي هذا العام تتزين الاحتفالات بأجواء عربية وملحمة كروية يتجمع فيها أبناء الوطن العربي ويرسمون لوحة توحيد طالما كانت طموح لجميع العرب الذين حلموا بالوحدة ازمان طويلة، وفي هذا العام أيضا عودة العرض العسكري إلى كورنيش الدوحة بعد توقف 3 سنوات الذي سيشارك عناصر من الجيش والشرطة والحرس الأميري والدفاع المدني والداخلية وأجهزة الأمن الأخرى، بالإضافة إلى مؤسسات الدولة، وهناك مهرجان منطاد الدوحة (11–20 ديسمبر) ومهرجان “دُوحا تاتو” للعروض العسكرية والموسيقية (16–20 ديسمبر)، وفي هذا العام أيضا يقام مهرجان “العرْضَة” التراثي في لوسيل للتعبير عن الفخر الوطني والانتماء عبر استعراضات ثقافية في مدينة لوسيل ضمن فعاليات اليوم الوطني ما يميز اليوم الوطني في قطر أن الاحتفال به لا يبقى مجرد طقس سنوي، بل يتحول إلى منصة تُظهر كيف ترى الدولة نفسها وكيف تريد أن تبني مستقبلها، التراث حاضر، والتاريخ محفوظ، لكن التركيز الأكبر يتجه إلى الإنسان، إلى تعليمه، وإبداعه، ودوره في حمل الرسالة التي بدأت قبل 150 عاماً وما زالت تمتد، هذا العام، كما كل عام، لا تحتفل قطر بذكرى فقط… بل تحتفل برحلة مستمرة، وبجيل جديد يكتب فصلاً آخر في قصة وطن لا يتوقف عن النمو. كسرة أخيرة جاءت إضافة الفعاليات الجديدة مثل المسير العسكري والعروض التراثية الوطنية والتلاحم المجتمعي لتعبر عن تعزيز الهوية الوطنية والتلاحم المجتمعي وإبراز التنوع الثقافي والنهضة الحديثة، ترسيخ قيم السلامة والتنظيم، كما يعزز الثقة في مؤسساته، وتعزيز الروح الوطنية في ظل الأحداث الرياضية، ويجعل الاحتفال مناسبة لتوحيد المشاعر الوطنية في مختلف المجالات.

525

| 10 ديسمبر 2025

الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل أصبحت اليوم عاصمة الرياضة العربية بلا منازع، ووجهة عالمية لكل من يبحث عن التميز في تنظيم البطولات الكبرى. نجاحاتها المتتالية في استضافة الفعاليات الرياضية الإقليمية والدولية جعلتها نموذجاً يحتذى به، حتى باتت الخيار الأول لأي اتحاد رياضي عالمي يبحث عن دولة قادرة على تقديم تجربة تنظيمية استثنائية. منذ سنوات، أثبتت الدوحة قدرتها الفائقة على تنظيم فعاليات عالمية بمستوى يضاهي أرقى المعايير الدولية. من بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 التي أبهرت العالم، إلى البطولات القارية والدولية في مختلف الألعاب، رسخت قطر مكانتها كدولة تمتلك بنية تحتية رياضية متكاملة، وخبرات تنظيمية عالية، ورؤية واضحة تجعلها دائماً في الصدارة. هذه النجاحات لم تأتِ من فراغ، بل هي ثمرة استثمار طويل الأمد في المنشآت الرياضية الحديثة، مثل استاد لوسيل واستاد البيت، إضافة إلى المرافق التدريبية المتطورة، وشبكة النقل الذكية التي تربط كل هذه المكونات بسلاسة، لتقدم تجربة لا مثيل لها للرياضيين والجماهير على حد سواء. شهد العالم ليلة لا تُنسى مع انطلاق بطولة العرب العالمية في العاصمة القطرية الدوحة، حيث أبهرت قطر الجميع بتنظيم فائق الجودة وفقرات افتتاحية حملت رسائل عميقة عن الوحدة والالتحام العربي، تزيين الحفل بأحدث التقنيات البصرية والصوتية التي عكست صورة حضارية مشرقة، فيما كان الجمهور العربي يعيش لحظات من الفخر والسعادة بهذا الحدث الذي جمع القلوب قبل الأوطان. أبرز ما ميّز الافتتاح هو الحضور الرمزي للمسجد الأقصى كفقرة رئيسية، في مشهد مؤثر جمع جميع الدول العربية حول مقدساتهم، مؤكداً أن قضية القدس ستظل حيّة في وجدان الأمة، هذه الرسالة القوية كانت بمثابة تأكيد على التمسك بالحق العربي في تحرير القدس والمسجد الأقصى، في مواجهة كل محاولات الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه لطمس الهوية، لقد نجحت قطر في تحويل حفل الافتتاح إلى منصة للتعبير عن التضامن العربي، لتقول للعالم إن العرب متحدون حول قضيتهم العادلة مهما كانت التحديات. اليوم، إذا احتار أي اتحاد رياضي في العالم في اختيار الدولة التي ستستضيف بطولته، فإن الدوحة تكون الخيار الأول بلا تردد، السبب بسيط وهو ما سجلته قطر من نجاحات، وسمعة عالمية في التنظيم، وقدرة على تحويل كل بطولة إلى حدث استثنائي يترك بصمة في ذاكرة المشاركين والجماهير. لكن الدوحة لم تكتفِ بأن تكون عاصمة الرياضة، بل أصبحت أيضاً قبلة سياحية عالمية، منشآتها السياحية الفاخرة، مثل جزيرة اللؤلؤة وكتارا، ومتاحفها الثقافية المبهرة، مثل متحف قطر الوطني، جعلت منها وجهة مفضلة للسياح من مختلف أنحاء العالم، وحدائقها العامة الجذابة على كورنيش الدوحة وباحة ميناء الدوحة الجذابة. تنظيم البطولات الكبرى في قطر لا يقتصر على الجانب الرياضي فقط، بل يمتد ليشمل تنشيط السياحة بشكل غير مسبوق. فخلال كأس العالم 2022، شهدت الدوحة طفرة سياحية هائلة، ومع استمرار استضافة البطولات مثل كأس آسيا 2024 وسباقات الفورمولا 1، ارتفعت معدلات إشغال الفنادق إلى مستويات قياسية، وازدهرت المطاعم والمراكز التجارية، مما ساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، هذه التفاعلات بين الرياضة والسياحة تعكس رؤية قطر الوطنية التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد، وجعل الرياضة أداة للتنمية المستدامة، وجسر للتواصل الثقافي بين الشعوب، وسجلت الدولة في النصف الأول من العام (يناير – يونيو)، استقبال 2.6 مليون زائر، بزيادة 3٪ عن الفترة نفسها من العام السابق. كسرة أخيرة الدوحة اليوم ليست مجرد مدينة، بل هي علامة فارقة في عالم الرياضة والسياحة. نجاحاتها المتواصلة جعلتها قبلة للعالم، ومثالاً يحتذى به في كيفية توظيف الرياضة لخدمة التنمية الشاملة، ومع استمرار هذه المسيرة، ستظل قطر في قلب المشهد العالمي، تكتب فصولاً جديدة من التميز والإبداع.

942

| 03 ديسمبر 2025

دور الوالدين في تربية الأبناء في ظل العولمة

في ظل التطور التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم، أصبحت العولمة والمواقع الاجتماعية جزءًا لا يتجزأ من حياة الأبناء، هذا الواقع يطرح تحديات كبيرة أمام الوالدين في تربية أبنائهما، حيث يتعين عليهما مواجهة تأثيرات العولمة والعادات الدخيلة التي قد تتعارض مع القيم والمبادئ التي يرغبان في غرسها في أبنائهما. تأثير العولمة على الأبناء تأثير العولمة على الأبناء يمكن أن يكون إيجابيًا أو سلبيًا، حسب كيفية التعامل معها. من النقاط السلبية: قد يتعرض الأبناء لتأثيرات سلبية من خلال المواقع الاجتماعية، مما يؤدي إلى تبني سلوكيات غير مرغوبة، الاستخدام المطول للأجهزة الذكية يمكن أن يؤثر على الصحة النفسية والجسدية للأبناء، قد يؤدي الانغماس في الثقافات الأجنبية إلى فقدان الهوية الثقافية المحلية. دور الوالدين في مواجهة التحديات يجب على الوالدين التواصل بشكل فعّال مع أبنائهما، وفهم اهتماماتهم وتوجيههم بشكل صحيح، ووضع حدود واضحة لاستخدام الأجهزة الذكية ومراقبة المحتوى الذي يشاهده الأبناء، تعليم الأبناء القيم والمبادئ الأخلاقية التي تساعدهم على التمييز بين الحق والباطل، وأن الأسرة تعتبر هـي الـحـاضـنـة الأولى لـبـنـاء الإنــســان، وأن الوالدين يتحملان الـدور الأهم في إعداد جيل واع بـواجـبـاتـه، مـتـمـسـك بـهـويـتـه، ومنفتح على معارف العصر بقيم راسخة وروح متوازنة، وأن الارتقاء بالإنسان وقيمه يبدأ من غرس البيت، حيث تتشكل الشخصية وتغرس المبادئ حسب ما نص دستور البلاد في المادة (22) من أن الأسرة هي أساس المجتمع، وأن الـتـطـور التقني الــحــديــث، رغـــم مـــا أتـــاحـــه مـــن وســائــل رفاهية، أسهم في تغيير أنماط التفاعل الاجـتـمـاعـي داخــل الأسرة، حـيـث يقضي الأبناء أطول الأوقات في استخدام الأجهزة الذكية، الأمر الذي يـسـتـوجـب تـرشـيـد اسـتـخـدام التكنولوجيا وتعزيز الرقابة الإيجابية لــضــمــان تـــــوازن الـتـنـشـئـة والمحافظة عــلــى الــقــيــم الاجتماعية الأصيلة. دور المؤسسات التعليمية ضرورة تضمين المناهج التربوية: دمج مواضيع التربية الإعلامية والتوعية بالتكنولوجيا في المناهج الدراسية، إقامة برامج وأنشطة ترفيهية وتعليمية تساعد الطلاب على استغلال أوقاتهم بشكل إيجابي، وتعزيز التواصل بين المدرسة والوالدين لمتابعة سلوك الأبناء وتقديم الدعم اللازم. دور الدولة العمل على وضع السياسات والتشريعات وذلك بسن قوانين تحمي الأطفال من المحتوى الضار على الإنترنت، وتوفير موارد تعليمية وتربوية تساعد الأسر والمؤسسات التعليمية في تربية الأبناء، والتوعية المجتمعية وذلك بتنظيم حملات توعية حول أهمية التربية الإيجابية وتأثير التكنولوجيا على الأبناء، وكان صاحب السمو أمير البلاد المفدى قال في كلمته في افتتاح أعمال مجلس الشورى هذا العام: (علينا جميعا مسؤولية الارتقاء بالإنسان وقيمه وهويته الحضارية، الأصيلة دون تعصب، والمنفتحة دون استلاب وضياع، وتشجيع الشباب على البحث عن معنى وهدف لحياتهم من خلال العمل وتطوير أنفسهم والإسهام في خير الوطن والمجتمع)، وكرر صاحب السمو التشديد على أهمية التربية الأسرية، وقام مجلس الشورى في إحدى جلساته قبل أسابيع قليلة بمناقشة أهمية دور الوالدين في عملية تربية الأبناء حيث تداول الأعضاء النقاش حول هذه القضية الحيوية استجابة لموجهات صاحب السمو بحضور مسؤولين من وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي ومن وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والمراكز التابعة لها ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، كما حضرها مسؤولون من وزارات الداخلية والثقافة والرياضة والشباب وحضر الجلسة أيضا عدد من الكتاب والنشطاء المهتمين بشؤون الأسرة. كسرة أخيرة دور الوالدين في تربية الأبناء في ظل العولمة يتطلب وعيًا وتفهمًا للتحديات التي يواجهها الأبناء، من خلال التعاون بين الوالدين والمؤسسات التعليمية والدولة، يمكننا بناء جيل واعٍ ومثقف قادر على مواجهة التحديات والمساهمة بشكل إيجابي في بناء مجتمعه، ونصيحة غالية للوالدين: ضرورة التفاعل مع الأبناء وقضاء وقت ممتع مع الأبناء والاستماع إلى تجاربهم، وتعلم المزيد عن التكنولوجيا والمواقع الاجتماعية لفهم ما يتعرض له الأبناء، وتشجيع الأبناء على ممارسة الأنشطة الخارجية والرياضية.

408

| 27 نوفمبر 2025

شعار اليوم الوطني.. رسالة ثقة ودعوة لصناعة المستقبل

مع إعلان شعار اليوم الوطني لدولة قطر لعام 2025 «بكم تعلو ومنكم تنتظر» يتجدد التأكيد بأن الإنسان - بما يحمله من علم وعطاء وإبداع - هو حجر الزاوية في مسيرة التنمية الشاملة. هذا الشعار، المستوحى من رؤية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، يضع الإنسان القطري في موقعه الطبيعي: قلب البناء الوطني ومحرك التطور ومستودع الآمال المستقبلية. لقد آمنت الدولة، منذ عقود، بأن الموارد الحقيقية ليست تلك المستخرجة من باطن الأرض، بل العقول والهمم والإرادة القطرية القادرة على تحويل التحديات إلى فرص، والفرص إلى إنجازات تُحدّث عنها الأمم. ومن هذا الإيمان انطلقت رؤية وطنية واضحة تقوم على الاستثمار في التعليم والصحة والبحث والابتكار ورفع كفاءة الشباب، ليكونوا هم القوة الدافعة نحو مستقبل أكثر ازدهاراً. في السنوات الأخيرة برز جيل قطري واعٍ، محصّن بالعلم، ومتمكن من أدوات العصر الحديثة. هذا الجيل هو نتاج سياسات دولة وضعت التعليم في طليعة أولوياتها، فأسست الجامعات والمراكز البحثية، وفتحت أبواب الابتعاث والتدريب، ووفرت بيئة تعليمية تمزج بين الأصالة والمعرفة الحديثة, وقد تجلى أثر ذلك بوضوح في تخصصات دقيقة كالطب، والهندسة، والطيران، والفضاء، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، والإدارة المتقدمة، حيث أصبح الشباب القطري رقماً حاضراً في ميادين الإنجاز، ووجهاً مشرفاً لبلده في مؤسسات عالمية مرموقة. منذ استضافة كأس العالم FIFA قطر 2022، وصولًا إلى الفعاليات العالمية المتتالية التي تشهدها الدوحة عامًا بعد عام، أثبت الكادر القطري أن قدراته التنظيمية تضاهي أكبر المؤسسات الدولية. لقد كان الإنسان القطري حاضرًا في كل المواقع: في إدارة العمليات، في الأمن والسلامة، في الترجمة والإعلام، في الهندسة والتخطيط، في اللوجستيات والخدمات، وفي الإدارة العليا للفعاليات. ولم تكن تلك الإنجازات مجرد حدث عابر، بل أصبحت نموذجًا يحتذى عالميًا في كيفية بناء منظومة بشرية قادرة على إدارة أكبر الأحداث بكفاءة واقتدار. لقد أثبت القطريون والمقيمون على هذه الأرض الطيبة أنهم شركاء في التنمية ومسؤولون عنها. من الإنجازات الصحية التي ظهرت خلال الجائحة، إلى جهود الشباب في مبادرات مجتمعية تطوعية، إلى الأدوار الرائدة في الإعلام والدبلوماسية والرياضة والاقتصاد، يبرز العنصر البشري باعتباره الثروة الأكثر ثباتًا وتأثيرًا. وفي كل مرة تحتاج فيها الدولة إلى كوادرها في الداخل أو الخارج، يثبت أبناء قطر أنهم على قدر الثقة، يقفون صفًا واحدًا خلف قيادتهم، يذلّلون الصعاب، ويكتبون صفحات مشرقة من التفاني والإخلاص. لا ينفصل الشعار عن رؤية قطر الوطنية 2030، التي جعلت إحدى ركائزها الأساسية تنمية الموارد البشرية. وقد تجسد ذلك في: تطوير المناهج التعليمية- برامج دعم الموهوبين- التوسع في الابتعاث- الاستثمار في البحث العلمي- تمكين المرأة والشباب- تطوير القادة في القطاعين العام والخاص- توفير بيئة عمل محفزة على الإبداع، بهذه الخطوات، أصبحت قطر اليوم نموذجًا لدولة تراهن على طاقاتها البشرية وتؤمن بأن مستقبلها يُبنى بسواعد أبنائها. بكم تعلو قطر… ومنكم تنتظر.. ليس الشعار مجرد كلمات، بل هو رسالة وطنية عميقة. فهو يقول لكل فرد: لقد رفعت قطر من أجلك، واستثمرت في تعليمك، وفتحت لك الأبواب… فكن أنت الارتفاع القادم، والإنجاز القادم، والقصة التي تنتظر أن تُروى، إن قطر اليوم تعلو بإنجازات أبنائها… وتنتظر منهم المزيد. تنتظر فكرة مبتكرة، ومشروعًا واعدًا، وإنجازًا رياضيًا، ونموذجًا قياديًا، وشبابًا يتقدمون بثقة نحو المستقبل. كسرة أخيرة في عام 2025، تتجلى روح اليوم الوطني في صورته الأقوى: وفاءً للوطن، وإيمانًا بالإنسان، واستعدادًا لمستقبل يصنعه أبناؤه. وبين العطاء والانتظار، وبين الطموح والإنجاز، تسير قطر نحو مستقبل تتسع فيه السماء لأحلام جيل كامل… جيل بكم تعلو… ومنكم تنتظر.

693

| 19 نوفمبر 2025

اللغة العربية.. هويةٌ وثقافةٌ وحضارة

تُعدّ اللغة العربية من أعرق اللغات في العالم، وأغناها مفرداتٍ وتعبيراتٍ ومعاني، فهي لغة القرآن الكريم، ومفتاح الفهم الصحيح لآياته وأحكامه، ومصدر الفخر والانتماء لكل عربي ومسلم، وقد أسهمت اللغة العربية عبر العصور في نقل العلوم والمعارف، وكانت لغة الحضارة والعلم في العصور الذهبية، إذ ازدهرت بها الفلسفة والطب والفلك والآداب. ان مسؤولية النهوض باللغة العربية مسؤولية جماعية تتقاسمها الدول العربية حكوماتٍ ومؤسساتٍ وأفراداً، فالعربية ليست مجرد وسيلة تواصل، بل هي هوية الأمة ووعاء فكرها وثقافتها وحضارتها. وعلى الدول العربية أن تعمل بجدية على دعم اللغة العربية في مجالات التعليم، والإعلام، والبحث العلمي، والتقنيات الحديثة، لتكون لغة الابتكار والمعرفة لا لغة الماضي فقط، كما ينبغي تعزيز مكانتها في المحافل الدولية، وتشجيع استخدامِها في المؤتمرات والهيئات العالمية، وإطلاق المبادرات التي تربط الشباب بها في الفضاء الرقمي، قد اعترفت الأمم المتحدة باللغة العربية كلغةٍ رسميةٍ عالمية في عام 1973م، لتصبح بذلك إحدى اللغات الست الرسمية المعتمدة في المنظمة، وهي اليوم تُعد اللغة الثالثة الأكثر استخدامًا في العالم من حيث عدد المتحدثين وانتشارها الواسع. إن استثمار هذا الاعتراف الأممي مسؤولية تاريخية، وعلى الدول العربية أن تواصل دعم السياسات التي تجعل العربية اللغة الأولى المرغوبة عالميًا، لغة العلم والثقافة والإبداع. أولت دولة قطر اهتماماً كبيراً باللغة العربية، إدراكاً منها لأهميتها في حفظ الهوية الوطنية وترسيخ القيم الثقافية والدينية. وفي هذا الإطار، حرصت القيادة القطرية على دعم كل المبادرات التي تعزز من مكانة العربية في المجتمع، سواء في التعليم أو الإعلام أو الخطاب العام، لتبقى العربية لغةً حيةً نابضةً بالحياة، حاضرةً في كل تفاصيل المشهد الثقافي والتربوي. تُعد دولة قطر من الدول القليلة التي أصدرت قانونًا خاصًا لحماية اللغة العربية، وهو القانون الذي ألزم المؤسسات الحكومية والخاصة باستخدام اللغة العربية في جميع تعاملاتها ومراسلاتها الرسمية، ويُجسّد هذا القانون رؤية قطر في صون اللغة الأم من التراجع أمام اللغات الأجنبية، وضمان حضورها القوي في مجالات العمل والتعليم والإدارة والإعلام. انطلاقاً من روح القانون، وجّهت الجهات المعنية في الدولة تعاميم واضحة إلى الوزارات والمؤسسات العامة والخاصة بضرورة التقيد باستخدام اللغة العربية في المخاطبات الرسمية، وفي اللوحات الإعلانية والمراسلات والتقارير، ويأتي ذلك في إطار تعزيز الانتماء الوطني، وتأكيد أن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة تواصل، بل هي رمز للسيادة الثقافية والوطنية. إن الحفاظ على اللغة العربية مسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع، تبدأ من الأسرة والمدرسة، وتمتد إلى وسائل الإعلام والمؤسسات الأكاديمية، ولذلك، تُشجّع دولة قطر على مبادرات تعليمية وإعلامية وثقافية تُعنى بتبسيط اللغة العربية للأجيال الجديدة، وتربطهم بجمالياتها وثرائها. *كسرة أخيرة* تبقى اللغة العربية عنوانًا لهوية دولة قطر، وجسرًا يربط حاضرها بماضيها المجيد، وأداةً لبناء مستقبلٍ أكثر وعيًا بثقافته وأصالته، إن تكريم العربية عبر التشريعات والممارسات ليس مجرد التزام قانوني، بل هو واجب وطني وديني يعكس احترام دولة قطر للغتها، واعتزازها بانتمائها الحضاري والإسلامي.

525

| 12 نوفمبر 2025

قطر منصة السلام والحوار الإنساني وبيت العدالة الاجتماعية

تستضيف دولة قطر، تحت مظلة الأمم المتحدة، في الفترة من 4 إلى 6 نوفمبر الجاري، القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية، بعد مرور ثلاثة عقود على انعقاد القمة الأولى في كوبنهاغن عاصمة الدنمارك عام 1995م وتأتي هذه القمة لتجديد الالتزام الدولي بالتنمية الاجتماعية العادلة والشاملة، ومعالجة الثغرات التي لا تزال تعيق التقدم في تنفيذ أهداف أجندة التنمية المستدامة لعام 2030. تهدف القمة إلى القضاء على الفقر، وتحقيق التوظيف الكامل والعمل اللائق للجميع، وتعزيز الإدماج الاجتماعي، وترسيخ العدالة الاجتماعية والاستدامة، وهي موضوعات تمس جوهر كرامة الإنسان وحقه في العيش الكريم، كما تؤكد القمة على أن التنمية الاجتماعية ليست خيارًا تنمويًا فحسب، بل هي شرط أساسي لتحقيق الاستقرار والسلم العالمي. انعقاد القمة في هذا التوقيت يحمل دلالات عميقة، إذ يواجه العالم اليوم تحديات غير مسبوقة، أبرزها الفوارق الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، والتحولات الديموغرافية والتكنولوجية، إضافة إلى الآثار المتسارعة لتغير المناخ.هذه التحديات تُبرز الحاجة الملحة إلى تعاون دولي فعال يضمن عدم ترك أي إنسان خلف الركب، ويعزز العدالة في توزيع الفرص والثروات. * اختيار الدوحة لاستضافة هذه القمة لم يأتِ مصادفة، بل هو اعتراف دولي بمكانة قطر الريادية في دعم مبادرات السلام والتنمية والتعايش السلمي حول العالم. لقد أثبتت قطر، من خلال دبلوماسيتها الهادئة ووساطاتها الإنسانية، قدرتها على إرساء الأمن والسلام في مناطق النزاع، وسعيها المتواصل لتقريب وجهات النظر بين الدول، مما جعلها مركزًا عالميًا للحوار والبناء المشترك.تنطلق فلسفة دولة قطر في سياساتها الدولية من قناعة راسخة بأن التنمية المستدامة لا تتحقق إلا في بيئة يسودها السلام والاستقرار. ومن هذا المنطلق، تسعى الدوحة إلى تحويل هذه القمة إلى منصة عملٍ لا مجرد مؤتمرٍ للنقاش، تُطلق من خلالها مبادرات إنسانية واجتماعية تدعم الفقراء والمهمشين، وتعزز قيم التضامن الإنساني والمسؤولية المشتركة.بفضل مبادراتها المتواصلة في مجالات التعليم، وتمكين الشباب، ودعم المجتمعات الهشة، والوساطة في النزاعات، أصبحت قطر نموذجًا للدولة الصغيرة ذات التأثير الكبير.إن تنظيم القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في الدوحة يرسّخ هذا الدور ويُبرز إيمان قطر العميق بأن التنمية الحقيقية تبدأ من الإنسان ولأجل الإنسان. *كسرة أخيرة* بينما يلتقي قادة العالم وخبراؤه على أرض الدوحة، تتجدد الرسالة القطرية للعالم بأن التنمية ليست أرقامًا اقتصادية، بل قيم إنسانية سامية، وأن السلام لا يُفرض بالقوة، بل يُبنى بالعدل والتفاهم والمشاركة.وهكذا تواصل قطر دورها الفاعل في صياغة مستقبلٍ أكثر إنصافًا، تُزهر فيه العدالة كما تزدهر التنمية.

669

| 05 نوفمبر 2025

حين يوقظك الموت قبل أن تموت

في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة العيش ومواعيد العمل والتزامات الأسرة، ننسى — أو نتناسى — حقيقةً كبرى لا مهرب منها: أننا راحلون، لكن… ماذا لو أيقظك الموت قبل أن يأخذك؟، ماذا لو عشت لحظة خروجك من الحياة ورأيت جنازتك، وسمعت بكاء أحبّ الناس إليك عليك، ثم عاد إليك النفس من جديد؟، هل كنت ستعيش كما كنت؟ أم ستُعيد ترتيب حياتك من جديد؟ *هل أيقظك الموت قبل أن يأخذك* القصة التي سرت كالنار في الهشيم بين الناس — قصة الرجل الذي عاد من عمله متعبًا فاستلقى ليستريح، فإذا به يرى جنازته تُشيَّع أمام عينيه — لم تكن مجرد خيال أدبي، بل مرآة صادقة لغفلتنا الطويلة. والقصة متداولة في وسائل التواصل بالإمكان متابعتها وتبدأ بهذه العبارة: عندما عدت إلى البيت متعباً حينها قالت لي زوجتي هلَّا بدلت ثيابك وارتحت قليلا ريثما ينضج الطعام، إلخ القصة التي يتخيل فيها مشهده وهو ميت... إنّها لحظة الوعي الصادمة التي يتمنى كل إنسانٍ لو عاشها قبل أن يُسدل عليه التراب. لحظة يرى فيها أنه كان يملك الوقت، لكنه بدّده في اللاشيء؛ وأنّ الخير كان أمامه، لكنه أرجأه حتى فاته الأوان. إنها دعوة لأن نُربّي أبناءنا على وعي الآخرة لا على الغفلة بالدنيا، وأن نزرع في نفوسهم أن العمل الصالح هو الاستثمار الحقيقي الذي لا يخسر أبدًا. إن التربية الحقيقية لا تبدأ في المدارس فقط، بل في الوعي بالزمن، في أن نُدرك أن كل دقيقة تمرّ هي خطوة نحو النهاية، فإما أن نزرع فيها خيرًا يدوم، أو نضيعها في غفلةٍ لا تُعوّض. العبرة التي تبقى، الحياة قصيرة مهما طالت، والموت قريب مهما ظننّاه بعيداً، فليكن تذكيرنا بالموت حياةً لأرواحنا لا موتاً لها.

1218

| 29 أكتوبر 2025

الشفافية والمصارحة أساس العلاقة بين القيادة والشعب

سمو الأمير يخاطب شعبه ويبشرهم بإنجازات الدولة التي تشهدها كل عام، وتعودنا من سموه الكريم بالبشريات في كل عام، وذلك عندما شمل برعايته الكريمة افتتاح دور انعقاد مجلس الشورى، وكانت لكلماته الصادقة الأمينة من القلب الى القلب المليئة بالتفاؤلات، وشمل خطابه كل تفاصيل مناحي الحياة اليومية للشعب القطري، منها الشؤون المحلية التي شملت الإنجازات المحلية سواء الاقتصادية منها أوالاجتماعية أو الأسرية أو التربوية، والإنجازات الدولية التي شملت الدور الحيوي والهام الذي لعبته في إحلال السلام وانهاء الحروب في كل من غزة ودولة تشاد وأفغانستان. استعرض سموه الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الدولة، خاصة في مجالات البنية التحتية والطاقة والاستثمار، وبشر سموه الشعب القطري بأن هناك مشاريع تنموية عديدة مستدامة سوف تشهدها الدولة في مقبل السنوات تشمل مختلف القطاعات. في إطار التنمية البشرية ورأس المال البشري وتعزيز الابتكار أوضح سموه باهتمام الدولة بالاستثمار في التعليم الذي يعتبر الأساس التي تقوم عليه نهضة بلادنا، والوسيلة التي نصنع بها مستقبلنا، وتأهيل الكوادر الوطنية وتستكمل هذه العملية باستقطاب أفضل الخبرات العربية والأجنبية التي تساهم في تأهيل كوادرنا، ونوه سموه الى ضرورة انفتاح المواطنين على الأفكار الجديدة وتنمية قدراتهم الذاتية في التطور التكنولوجي على مستوى العالم، وحذر سموه الكريم وهو ينصح أبناء شعبه من الظواهر السلبية منها التخلي عن نزعة الاتكال على الدولة وعلينا جميعا مسؤولية الارتقاء بالدولة والحفاظ على هويتها وقيمها الحضارية الوطنية دون تعصب، وتشجيع الشباب على البحث والتعلم والعمل فيما يعود على بلادنا بالخير والمجتمع والأجيال القادمة، منوهاً بان الحمد والشكر على النعم التي تنعم بها بلادنا لا تدوم الا بالعمل والاستثمار في الخير لبلادنا والأجيال القادمة، متمثلا بقول المولى عز وجل: (ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون) سورة الأعراف (129). وفي إطار نهج الدولة في الشفافية والمصارحة مع الشعب أكد سموه على أهمية الشفافية بين القيادة والشعب، مشيرًا إلى أن سياسة قطر ترتكز على الواقعية السياسية والتوازن بين المبادئ والمصالح، وفي إطار حرص الدولة على تنظيم وتطوير الأنظمة العدلية في القضايا المفصلية التي تخص المواطنين والتطور التي تشهده المحاكم في سرعة الفصل في المحاكم، وكشفت الإحصائيات بان معدلات الفصل في تحسن مطرد وهذا الأمر اصبح ملموسا بالنسبة للمتقاضين، كما ان الدولة من منطلق مسؤوليتها لتكون شريكا فاعلاً في التصدي لما تواجهه الأمة العربية والإسلامية وتحقيق الأمن والسلم والعمل الانساني، وقامت الدولة بجهود مقدرة في إحلال السلام والأمن في عدة وساطات دولية واسهمت هذه الجهود في تعزيز مكانة دولتنا وربط اسمها بهذه الإنجازات العالمية، وكان لهذا الجهد ثمن مما عرض الدولة لهجومين غادرين مرة من جانب ايران ومرة أخرى من جانب العدو الإسرائيلي، وقد ادان العالم هذين الهجومين وخرجت قطر منهما اكثر قوة وحصانة واصراراً على الاستمرار في دورها الفعال في وساطتنا الفاعلة التي نتج عنها سلام ووقف لحرب إبادة لم يشهدها العالم، وأكد أن دولة قطر تدين الاختراقات الأمنية لاتفاق السلام من قبل إسرائيل وسعيها لضم الضفة الغربية وتهويد الحرم القدسي الشريف، وتأكيد الدولة على مبدأها الثابت بأن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية الموحدة، وتتفق قطر مع الرأي العام العالمي برفع كافة اشكال الاحتلال ومعاداة السامية والاسلاموفوبيا، ونقف مع العالم في إحلال السلام العادل بإقامة الدولتين، والتضامن مع الشعب الفلسطيني في سعيه لاسترداد حقوقه المشروعة. *كسرة أخيرة* في رسالة من أب إلى أبنائه، سمو الأمير دعا شعبه لبناء المستقبل، وبكلمات صادقة تنبع من قلب قائد محب لشعبه، تحث على العمل والنهضة، قطر تُبنى بسواعد أبنائها، دعوة صريحة من سمو الأمير للتمسك بالهوية والعمل من أجل الوطن، وتأتي هذه الروح الأبوية التي يستمدها من ولاء الشعب لسموه وتجسيد حي للعلاقة المتبادلة بين الشعب وقيادته الحكيمة.

498

| 22 أكتوبر 2025

اتفاق السلام.. من تحت الرماد تولد البدايات

في لحظة فارقة من تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ووسط صمتٍ عالمي أنهكته الدماء والدمار، وصرخات الأطفال التي دوّت في كل بيت، جاء الاتفاق الدولي برعاية قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية ليضع حداً لحرب عبثية حصدت أرواح الآلاف من الأبرياء في غزة، وعرّت وجه الاحتلال الإسرائيلي أمام العالم أجمع. هذا الاتفاق لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة جهودٍ دبلوماسيةٍ مكثفة، قادتها الدوحة والقاهرة بشجاعةٍ ومرونةٍ، نجحتا من خلالهما في كسر جدار العناد الإسرائيلي، وإقناع الأطراف الدولية بضرورة وضع حدٍّ لآلة القتل والتدمير التي أرهقت المنطقة والعالم. لكن السؤال الذي شغل المحللين: هل كان الاعتداء الإسرائيلي على دولة قطر الشرارة التي عجّلت بانهيار الموقف الإسرائيلي العنصري؟ فبعد استهدافٍ صاروخي غاشم لبعثة عاملة في الإغاثة الإنسانية داخل الأراضي الفلسطينية، ثارت موجة غير مسبوقة من الغضب الدولي، ووقفت معظم الدول الإقليمية والإسلامية، بل وحتى بعض القوى الغربية، صفا واحداً خلف الدوحة، في مشهد عزز من مكانة قطر كقوة دبلوماسية ووسيط عادل لا يُمكن تجاوزه في ملفات الشرق الأوسط. لقد أدركت إسرائيل أن المواجهة لم تعد مع غزة وحدها، بل مع ضميرٍ عالمي يقظ، وأن استمرار عدوانها سيعني عزلة دولية خانقة، وهنا بدأ التراجع… وبدأت لغة القوة تستبدل بلغة الطاولة والمفاوضات، ووضح ذلك من خلال قمة السلام التي عقدت بشرم الشيخ والتي شارك فيها أكثر من 30 قائدًا وممثلًا دولياً، مما يعكس دعماً عالمياً غير مسبوق للسلام في الشرق الأوسط، كما رحبت الوثيقة التي تم توقيعها بالعلاقات الودية بين إسرائيل وجيرانها، مما قد يفتح الباب أمام تطبيع أوسع. حماس والقرار التاريخي اللافت أن حركة حماس، التي وُصفت طويلاً بأنها ترفض التسويات السياسية، أظهرت هذه المرة نضجاً استثنائياً في قراءتها للمشهد، فوافقت على بنود الاتفاق رغم ما تحمله من بعض الإجحاف في حق أهل غزة، إدراكاً منها أن السلام لا يولد بلا تضحيات، وقد شبّه كثير من المحللين موقف الحركة بموقف النبي ﷺ يوم الحديبية، حين قبل بصلحٍ بدا ظاهره الظلم، لكنه كان يحمل في جوهره فتحاً ونصراً مبيناً، فكما فتح الرسول ﷺ للحق طريقًا بالحكمة، فتحت حماس اليوم باباً للاعتراف الدولي بحق الفلسطينيين في أرضهم ووجودهم. * بقبولها الجلوس وجهًا لوجه مع قادة حماس، فقد اعترفت إسرائيل ضمنياً بواقعٍ جديد وهو أن حماس ليست مجرد فصيل مقاوم، بل كيان سياسي له شرعية شعبية في غزة، وأن أي حلٍّ دائم لا يمكن أن يتم دونها، لقد كانت هذه اللحظة مفصلية، ليس فقط في ملف الحرب، بل في مستقبل المعادلة السياسية الفلسطينية برمّتها. غزة دفعت الثمن الأغلى، سبعون ألف شهيد — أكثرهم من الأطفال والنساء — ليبقى دمهم شاهدًا على الظلم، وعنوانًا لانتصارٍ لم يُكتب بالحبر بل بالدم الطاهر، وفي هذه اللحظات لم يفت المؤمنين أن يتأملوا حديث النبي ﷺ عن عسقلان حين قال: “يُقدَّم منكم سبعون ألفًا، فينتصرون على عدوّهم»، فكأن القدر شاء أن تمتد هذه الحرب لعامين كاملين لتصدق النبوءة، وتثبت أن النصر لا يقاس بالمدافع والصواريخ، بل بثبات الإيمان وعدالة القضية. *كسرة أخيرة* لقد خرجت غزة من الحرب مدمَّرة البنيان، لكنها منتصِرة المعنى. وخرجت إسرائيل مثخنة الجراح سياسياً وأخلاقياً، بعد أن أُجبرت على توقيع اتفاقٍ لم تكن تريده، أما قطر، فقد برزت كصوت الحكمة والاتزان، وأثبتت للعالم أن الدبلوماسية حين تتسلح بالإنسانية، تستطيع أن توقف حتى أعتى الحروب، ومن بين الركام، ارتفع نداءُ السلام من غزة إلى العالم: كفى دماءً… فها هي الحقيقة تنتصر، والعدل يبدأ من هنا.

468

| 15 أكتوبر 2025

بالمعلم تُبنى الأمم.. وبغيابه تتهاوى

في كل عام يقف العالم أجمع في الخامس من أكتوبر ليُكرِّم صنّاع العقول وبُناة الحضارة (المعلمين) في يومهم العالمي، هذا اليوم الذي يُذكّرنا جميعاً بأن وراء كل طبيب ماهر، ومهندس مبدع، وجندي شجاع، وقاض عادل، معلّماً أميناً حمل أمانة الكلمة، وغرس بذور العلم في عقولٍ صغيرة لتزهر حضارات كبيرة. إن مكانة المعلم ليست ترفاً اجتماعياً ولا شعاراً احتفالياً، بل هي واجب ديني وأخلاقي وإنساني، فالمعلم هو من يضع اللبنات الأولى في بناء الإنسان، والإنسان هو الذي تبنى به الأوطان، وما من نهضة قامت، ولا حضارة أشرقت، إلا وكان المعلم هو أول من أضاء شمعتها.في اليوم العالمي للمعلمين لهذا العام، أطلقت اليونسكو ومنظمة العمل الدولية واليونيسف والاتحاد الدولي للمعلمين، نداءً للحكومات والشركاء والمجتمع الدولي إلى «الالتزام جماعياً بضمان الاعتراف بالتعاون كقاعدة أساسية في مهنة التدريس، لأن التعاون الفعال على جميع المستويات هو السبيل الوحيد لإقامة أنظمة تعليمية شاملة للجميع ومنصفة وقادرة على الصمود في جميع أرجاء العالم». المعلم في ميزان الدين لقد عظّم الإسلام من شأن العلماء والمعلمين أيّما تعظيم، فقال الله تعالى: “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ” (سورة المجادلة: 11)، كما قال النبي ﷺ: “إن العلماء ورثة الأنبياء” (رواه الترمذي)، فمن الذي يحمل ميراث الأنبياء بعدهم؟ إنه المعلم الذي يعلّم الناس الخير، ويُهذّب النفوس، ويزرع القيم، وينشر النور في العقول. المعلم أساس كل تنمية جميع الكوادر البشرية من الأطباء والمهندسين والضباط والإعلاميين والاقتصاديين مروا يوماً بين يدي معلم صبور حمل على عاتقه مسؤولية تعليمهم وتربيتهم، ولهذا فإن احترام المعلم ليس احترامًا لشخصه فقط، بل احترام لرسالة الأمة كلها. ومن هنا، يجب أن يكون وضع المعلم المعيشي والاجتماعي هو الأعلى بين موظفي الدولة، لأن مسؤولياته لا تنتهي عند نهاية الدوام، فهو يصنع المستقبل بيده، ويغرس في الأجيال حب الوطن والانتماء له. حين تُكرم الدولُ معلّميها تنهض الشعوب إن الدول التي أدركت قيمة المعلم جعلت منه تاجًا على رؤوس أبنائها، ففي فنلندا، تُعد مهنة التعليم من أكثر المهن احتراماً وهيبة، ولا يُسمح لأحد بدخولها إلا بعد اختبارات صارمة، كما تُمنح للمعلمين رواتب ومزايا تليق بمكانتهم. وفي اليابان، يُقدَّم المعلم في التحية حتى على الوزراء، لأنهم يرونه من صُنّاع النهضة والتقدم حتى بعد نزوله الى المعاش وأثناء حياته التقاعدية. وفي ألمانيا، يُروى أن المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، حين أضرب الأطباء يومًا للمطالبة بمساواتهم في الرواتب مع المعلمين، أجابتهم بعبارتها الشهيرة: “كيف أُساويكم بمن علّموكم وأوصلوكم إلى ما أنتم عليه من علم ورفعة؟”، كلمةٌ واحدة اختصرت فلسفة التقدير، وأظهرت أن احترام المعلم هو سرُّ تقدّم الأمم ورفعة الشعوب. المعلم في قطر صانع المستقبل ورافعة التنمية إن دولة قطر تسير بخطى ثابتة نحو تطوير التعليم وبناء الإنسان، وهو ما أكدته رؤية قطر الوطنية 2030 التي جعلت من التعليم محور التنمية المستدامة، ومن هنا، فإن تمكين المعلمين القطريين، ورفع شأنهم المادي والمعنوي، وتشجيع الشباب على الالتحاق بكليات التربية، يمثل استثماراً في مستقبل البلاد وأمنها الفكري والعلمي. ويجب أن تُعزَّز ثقافة احترام المعلم في نفوس الطلاب منذ الصغر، وأن تُدرج فضيلة تقدير المعلم في المناهج التربوية، ليشبّ الجيل على حب هذه المهنة الجليلة التي هي في حقيقتها رسالة لا وظيفة. واجب المعلم تجاه مهنته ودولته كما أن المجتمع والدولة مطالبان بتكريم المعلم وتقديره، فإن على المعلم أيضًا واجبات عظيمة: أن يكون قدوة في السلوك والانضباط والخلق، أن يؤدي رسالته بإخلاص بعيدًا عن التهاون والرتابة، أن يُواكب التطور العلمي والتكنولوجي ليبقى مؤثرًا ومواكبًا لعصره، أن يُغرس في طلابه حب الوطن والولاء له، وأن يُربّيهم على القيم النبيلة والإيجابية، فالمعلم الذي يحترم نفسه ومهنته يجبر الجميع على احترامه، مهما تغيّرت الظروف أو تبدّلت الأزمان. *كسرة أخيرة إن تكريم المعلم ليس مناسبة تُقام ليومٍ واحد، بل ثقافة تُغرس في المجتمع كل يوم، فبقدر ما نُعلي من شأن المعلم، نرفع من قيمة العلم، ونسمو بالوطن، وإذا أردنا لقطر أن تظل منارة علم وحضارة، فعلينا أن نُكرم معلميها، لأنهم هم الذين يصنعون الأجيال التي تصنع المستقبل. وكما قال الشاعر: قُمْ للمعلِّمِ وَفِّهِ التبجيلا كادَ المعلمُ أن يكونَ رسولا

858

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
السفر في منتصف العام الدراسي... قرار عائلي أم مخاطرة تعليمية

في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة...

2013

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
قمة جماهيرية منتظرة

حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي...

1623

| 28 ديسمبر 2025

alsharq
محكمة الاستثمار تنتصر للعدالة بمواجهة الشروط الجاهزة

أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة...

1149

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
الملاعب تشتعل عربياً

تستضيف المملكة المغربية نهائيات كأس الأمم الإفريقية في...

1083

| 26 ديسمبر 2025

alsharq
بكم تحلو.. وبتوجهاتكم تزدهر.. وبتوجيهاتكم تنتصر

-قطر نظمت فأبدعت.. واستضافت فأبهرت - «كأس العرب»...

969

| 25 ديسمبر 2025

alsharq
حين يتقدم الطب.. من يحمي المريض؟

أدت الثورات الصناعيَّة المُتلاحقة - بعد الحرب العالميَّة...

765

| 29 ديسمبر 2025

alsharq
لماذا قطر؟

لماذا تقاعست دول عربية وإسلامية عن إنجاز مثل...

672

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
معجم الدوحة التاريخي للغة العربية… مشروع لغوي قطري يضيء دروب اللغة والهوية

منذ القدم، شكّلت اللغة العربية روح الحضارة العربية...

534

| 26 ديسمبر 2025

alsharq
أول محامية في العالم بمتلازمة داون: إنجاز يدعونا لتغيير نظرتنا للتعليم

صنعت التاريخ واعتلت قمة المجد كأول محامية معتمدة...

489

| 26 ديسمبر 2025

alsharq
عولمة قطر اللغوية

حين تتكلم اللغة، فإنها لا تفعل ذلك طلبًا...

459

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
لُغَتي

‏لُغَتي وما لُغَتي يُسائلُني الذي لاكَ اللسانَ الأعجميَّ...

447

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
أين المسؤول؟

أين المسؤول؟ سؤال يتصدر المشهد الإداري ويحرج الإدارة...

447

| 29 ديسمبر 2025

أخبار محلية