رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

من فاز؟ ومن انتصر؟

انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت الطائرات عن التحليق، وصمت هدير المدافع، لكن المدينة لم تنم. فمن تحت الركام خرج الناس كأنهم يوقظون الحياة التي خُيّل إلى العالم أنها ماتت. عادوا أفراداً وجماعات، يحملون المكان في قلوبهم قبل أن يحملوا أمتعتهم. رأى العالم مشهدًا لم يتوقعه: رجال يكنسون الغبار عن العتبات، نساء يغسلن الحجارة بماء بحر غزة، وأطفال يركضون بين الخراب يبحثون عن كرة ضائعة أو بين الركام عن كتاب لم يحترق بعد. خلال ساعات معدودة، تحول الخراب إلى حركة، والموت إلى عمل، والدمار إلى إرادة. كان المشهد إعجازًا إنسانيًا بكل المقاييس، كأن غزة بأسرها خرجت من القبر وقالت: «ها أنا عدتُ إلى الحياة». تجاوز عدد الشهداء ستين ألفًا، والجراح تزيد على مائة وأربعين ألفًا، والبيوت المدمرة بالآلاف، لكن من نجا لم ينتظر المعونات، ولم ينتظر أعذار من خذلوه وتخاذلوا عنه، ولم يرفع راية الاستسلام. عاد الناس إلى بقايا منازلهم يرممونها بأيديهم العارية، وكأن الحجارة تُقبّل أيديهم وتقول: أنتم الحجارة بصمودكم لا أنا. عادوا يزرعون في قلب الخراب بذور الأمل والحياة. ذلك الزحف نحو النهوض أدهش العالم، كما أذهله من قبل صمودهم تحت دمار شارك فيه العالم كله ضدهم. ما رآه الآخرون “عودة”، رآه أهل غزة انتصارًا واسترجاعًا للحق السليب. في اللغة العربية، التي تُحسن التفريق بين المعاني، الفوز غير النصر. الفوز هو النجاة، أن تخرج من النار سليم الروح وإن احترق الجسد، أن تُنقذ كرامتك ولو فقدت بيتك. أما الانتصار فهو الغلبة، أن تتفوق على خصمك وتفرض عليه إرادتك. الفوز خلاص للنفس، والانتصار قهر للعدو. وغزة، بميزان اللغة والحق، (فازت لأنها نجت، وانتصرت لأنها ثبتت). لم تملك الطائرات ولا الدبابات، ولا الإمدادات ولا التحالفات، بل لم تملك شيئًا البتة سوى الإيمان بأن الأرض لا تموت ما دام فيها قلب ينبض. فمن ترابها خُلِقوا، وهم الأرض، وهم الركام، وهم الحطام، وها هم عادوا كأمواج تتلاطم يسابقون الزمن لغد أفضل. غزة لم ترفع سلاحًا أقوى من الصبر، ولا راية أعلى من الأمل. قال الله تعالى: “كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ”. فانتصارها كان بالله فقط، لا بعتاد البشر. لقد خسر العدو كثيرًا مما ظنّه نصرًا. خسر صورته أمام العالم، فصار علم فلسطين ودبكة غزة يلفّان الأرض شرقًا وغربًا. صار كلُّ حر في العالم غزاويًّا؛ مهما اختلف لونه ودينه ومذهبه أو لغته. وصار لغزة جوازُ سفرٍ لا تصدره حكومة ولا سلطة، اسمه الانتصار. يحمله كل حر وشريف لايلزم حمله إذنٌ رسمي ولا طلبٌ دبلوماسي. أصبحت غزة موجودة تنبض في شوارع أشهر المدن، وفي أكبر الملاعب والمحافل، وفي اشهر المنصات الإعلامية تأثيرًا. خسر العدو قدرته على تبرير المشهد، وذهل من تبدل الأدوار وانقلاب الموازين التي خسرها عليها عقوداً من السردية وامولاً لا حد لها ؛ فالدفة لم تعد بيده، والسفينة يقودها أحرار العالم. وذلك نصر الله، حين يشاء أن ينصر، فلله جنود السماوات والأرض. أما غزة، ففازت لأنها عادت، والعود ذاته فوز. فازت لأن الصمود فيها أرغم السياسة، ولأن الناس فيها اختاروا البناء على البكاء، والعمل على العويل، والأمل على اليأس. والله إنه لمشهدُ نصر وفتح مبين. من فاز؟ ومن انتصر؟ والله إنهم فازوا حين لم يستسلموا، وانتصروا حين لم يخضعوا رغم خذلان العالم لهم، حُرموا حتى من الماء، فلم يهاجروا، أُريد تهجيرهم، فلم يغادروا، أُحرقت بيوتهم، فلم ينكسروا، حوصرت مقاومتهم، فلم يتراجعوا، أرادوا إسكاتهم، فلم يصمتوا. لم… ولم… ولم… إلى ما لا نهاية من الثبات والعزيمة. فهل ما زلت تسأل من فاز ومن انتصر؟

5217

| 14 أكتوبر 2025

بكم نكون.. ولا نكون إلا بكم

لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة التنمية، بل كان دائماً هو الأصل والجوهر، فهو الخليفة في الأرض. فمنذ أن بدأ بتسخير الموارد الطبيعية وتطويعها، صنع لنفسه مساراً حضارياً وثقافياً وعقلياً ميّزه عن باقي الكائنات. فالعلاج والطب لم ينشأ صدفة، بل وُلدا من رحم عقول بشرية متعطشة للمعرفة والاستكشاف. فاكتشاف البنسلين عام 1928 على يد ألكسندر فليمنغ غيّر مسار الطب الحديث، وأنقذ ملايين الأرواح (ركز معي على ملايين) ليبرهن أن استثمار دولة أو مؤسسة أو هيئة في عقل واحد قد يفتح باباً لنهضة إنسانية شاملة وينقذ أمماً. والدول لا تتحول إلى قوى عظمى بين ليلة وضحاها، بل بالاستثمار طويل الأمد في العنصر البشري. فالولايات المتحدة، على سبيل المثال، لم تصل إلى القمر عام 1969 إلا بفضل تراكم جهود آلاف العلماء والمهندسين الذين دعمتهم الدولة منذ أربعينيات القرن الماضي عبر برامج تعليمية وبحثية (إذا سلمنا بأنهم صعدوا أصلاً) وكذلك اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، إذ وضعت الاستثمار في التعليم والبحث العلمي محوراً رئيسياً لإعادة بناء نهضتها، حتى أصبحت خلال ثلاثة عقود فقط قوة صناعية واقتصادية عالمية يحترمها الجميع واحترام الجميع ليس بالأمر السهل. ورجوعاً لعصرنا الحديث، تقدمت تركيا في مجال الطائرات المسيّرة عندما آمنت بمشروع شاب اسمه سلجوق بيرقدار شاب واحد بسيط عنده فكرة وهمّ ومشروع فاحتضنته الدولة ودعمت تجاربه ليصنع جيلًا من المسيّرات التركية مثل “بيرقدار TB2”، التي أصبحت اليوم رمزاً لصناعاتها الدفاعية وتنافس كبريات الشركات العالمية بل تفوقها وحققت مبيعات بمليارات الدولارات (من شخص وفكرة). هذه التجربة تكشف أن تبني الأفكار المبدعة واحتضانها مهما بدت صغيرة أو محدودة في بداياتها، قد يحوّل دولة كاملة إلى لاعب رئيسي في صناعة معقدة وحساسة يحترمها العالم اجمع ويقدم القرابين ليكون أحد زبائنها. إن الاستثمار في الإنسان لا يعني فقط تمويل التعليم أو فتح مختبرات، بل يعني أيضاً توفير بيئة اجتماعية وتعليمية تحترم الإبداع ولا تحتقر المبادرات الفردية. فتوماس إديسون، الذي غيّر العالم باختراع المصباح الكهربائي عام 1879، بدأ مشروعه في ورشة صغيرة وسط سخرية كثيرين. وكذلك ستيف جوبز، الذي أطلق شركته “آبل” من مرآب عادي في السبعينيات، قبل أن تتحول إلى واحدة من أعظم شركات التكنولوجيا في العالم وأغناها. من هنا، فإن النهضة الحقيقية لا تُقاس بارتفاع البنايات ولا بتشييد المصانع لأننا قد نستورد ذلك، بل بمدى قدرتنا على الاستثمار في عقول شبابنا وبناء مراكز مخصصة لهم والبحث عنهم بدلاً من التقاطهم من دول أخرى وهجرتهم لها. فالدولة، مهما كانت قوية في مواردها، تبقى بحاجة إلى “الجسد المنتج والعقل المفكر المبدع المبتكر”: عالم يبتكر، ومهندس يصنع، وطبيب يعالج، ومتخصص يرسم طريق المستقبل. وبدون هذا الجسد، تصبح الدولة روحاً بلا أداة للحياة. إن مسؤوليتنا اليوم، في قطر والعالم العربي، أن نفتح الباب أمام الطاقات الشبابية، وأن نحول كل فكرة مبتكرة إلى مشروع وطني. فالإنسان هو الثروة التي لا تنضب، وإذا استثمرنا فيها بصدق وإيمان، استطعنا أن نصنع نهضة تنافس الأمم، وتترك بصمة خالدة في تاريخ البشرية كما كنا سابقاً، ورجوعاً سريعا بالذاكرة لأننا في نفس الهموم تلك (هل صلاح الدين الأيوبي) نزل من السماء قائداً فاتحاً أميراً !؟ لااا هو نتاج لذلك الاستثمار في العنصر البشري الذي أسسته المدارس النظامية (مؤسسها الوزير السلجوقي نظام الملك) قبل اكثر من 100 سنة من فتح بيت المقدس. وها نحن نعيش والحمد لله في دولة من ركائزها الأربع في رؤيتها الوطنية التنمية البشرية.

1716

| 08 أكتوبر 2025

إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق

منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من أبشع الجرائم السياسية في التاريخ الحديث عندما منح وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور في عام 1917 وعده المشؤوم متجاهلًا الحقوق التاريخية والسياسية والإنسانية للشعب الفلسطيني. كان هذا الوعد بمثابة (إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق) حيث تنازلت بريطانيا عن أرض لا تملكها ومنحتها لحركة استيطانية دخيلة لتزرع بذور معاناة شعب بأكمله وتبدأ مأساة لا تزال فصولها مستمرة حتى يومنا هذا. واليوم وبعد قرن من الزمن تطل من نافذة الحرية المزعومة بريطانيا بخطوة متأخرة جداً عبر إعلان اعترافها بدولة فلسطين هذه الخطوة وإن جاءت بعد عقود من القتل والنكبات والتهجير والاحتلال فهي تحمل في جوهرها محاولة لتصحيح جزء من الخطأ التاريخي الذي ارتُكب بحق فلسطين وشعبها. إن الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين ليس منّة ولا فضلا ولا حسنة ستمحو سيئة ما فعلت بل استحقاق أصيل تأخر كثيراً وهو واجب إنساني وأخلاقي وحقوقي قبل أن يكون قراراً سياسياً فالشعب الفلسطيني بمسلميه ومسيحييه بعربه وسائر مكوناته أثبت تمسكه بأرضه وهويته وواجه بصدور عارية آلة الاستعمار والاحتلال متمسكاً بحقه الذي لا يسقط بالتقادم. لقد كانت دولة قطر سبّاقة في دعم القضية الفلسطينية سياسيًا وإنسانيًا وإعلاميًا إيمانًا منها بعدالة القضية ورفضًا لممارسات الاحتلال وتؤكد قطر دومًا أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية هو حق لا نقاش فيه وأن أي محاولة للالتفاف على هذا الحق لا تمثل سوى استمرار للظلم التاريخي وإن الموقف القطري لا ينطلق من عاطفة آنية بل من قناعة راسخة بأن استقرار المنطقة لن يتحقق إلا بإقرار العدالة ومنح الفلسطينيين حقوقهم كاملة غير منقوصة وفي مقدمتها حقهم في تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة. اعتراف بريطانيا اليوم بدولة فلسطين يجب ألا يُقرأ كخطوة رمزية فقط بل كإشارة إلى المجتمع الدولي بأن ساعة الحقيقة قد حانت لقد آن الأوان لأن تتحمل الدول الكبرى مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية وأن تكف عن سياسة الكيل بمكيالين التي طالما شجعت الاحتلال على التمادي. الاعتراف المتأخر لا يعوّض مائة عام من الألم من القتل من الشتات لكنه قد يكون بداية مسار جديد يُعيد للفلسطينيين بعضاً من حقوقهم المشروعة ويعيد للعالم شيئاً من توازنه الأخلاقي المفقود. إن وعد بلفور كان عنواناً لمرحلة مظلمة من التاريخ لكنه لم ولن يطمس حقيقة أن فلسطين كانت وما زالت وستبقى أرضاً عربية إسلامية ومسيحية لشعبها الحق الكامل فيها وإذا كان الماضي قد شهد (إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق) فإن المستقبل لابد أن يشهد إعادة الحق لأهله واعتراف العالم بأسره بأن لا سلام بلا عدالة ولا عدالة بلا فلسطين حرة مستقلة.

921

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
العدالة التحفيزية لقانون الموارد البشرية

حين ننظر إلى المتقاعدين في قطر، لا نراهم...

8850

| 09 أكتوبر 2025

alsharq
من فاز؟ ومن انتصر؟

انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...

5217

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
مؤتمر صحفي.. بلا صحافة ومسرح بلا جمهور!

المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...

4989

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
مكافأة السنوات الزائدة.. مطلب للإنصاف

منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر...

2559

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
تعديلات قانون الموارد البشرية.. الأسرة المحور الرئيسي

في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...

2463

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
دور قطر التاريخى فى إنهاء حرب غزة

مع دخول خطة وقف إطلاق النار حيز التنفيذ،...

1773

| 10 أكتوبر 2025

1722

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
بكم نكون.. ولا نكون إلا بكم

لم يكن الإنسان يوماً عنصراً مكمّلاً في معادلة...

1716

| 08 أكتوبر 2025

alsharq
قادة العالم يثمّنون جهود «أمير السلام»

قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....

1377

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
العدالة المناخية بين الثورة الصناعية والثورة الرقمية

في السنوات الأخيرة، تصاعدت التحذيرات الدولية بشأن المخاطر...

1104

| 09 أكتوبر 2025

alsharq
هل تعرف حقاً من يصنع سمعة شركتك؟ الجواب قد يفاجئك

حين نسمع كلمة «سمعة الشركة»، يتبادر إلى الأذهان...

963

| 10 أكتوبر 2025

alsharq
فلنكافئ طلاب الشهادة الثانوية

سنغافورة بلد آسيوي وضع له تعليماً خاصاً يليق...

951

| 09 أكتوبر 2025

أخبار محلية