رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); منذ فترة، تشهد تركيا أعمالًا حيال إجراء تعديلات دستورية. خلال الأسبوع الماضي، ناقش البرلمان هذه التعديلات، وصادق عليها بأغلبية الأصوات. ستعرض التعديلات المشار إليها لاستفتاء شعبي من المقرر إجراؤه في أبريل المقبل. صوت حزبا الشعب الجمهوري والشعوب الديمقراطي اللذان يمثلان التيار اليساري في البرلمان، بـ "لا"، خلال عملية التصويت التي شهدها البرلمان، معارضين بذلك التعديلات الدستورية. فيما صوت حزبا العدالة والتنمية والحركة القومية التركية، في البرلمان، لصالح التعديلات. هل تشهد تركيا مرحلة تغيير لنظام الحكم؟ في الواقع، إن مرحلة التعديلات الدستورية، لا تمثل تغييرًا للنظام السياسي، بقدر ما هي تمثل مسألة تغيير بيروقراطية. أي إن هذه المرحلة تستهدف إعادة تنظيم النظام الإداري، وإعادة تشكيل بيروقراطية الدولة. لم يطرأ أي تغيير على المواد الأربع الأولى من دستور الجمهورية التركية، أي أن تلك التعديلات لن تمس الطبيعة السياسية الأساسية للنظام. وهذا يدل على أن النظام السياسي سوف يبقى على حاله. ومع ذلك، فإن أحزاب المعارضة والصحافة المعارضة، تصر على رؤية تلك التعديلات على أنها "تغييرٌ للنظام السياسي". أهم ميزة مقترح التعديلات الدستورية، هو تغيير مكانة وسلطات رئيس الجمهورية. تلغي التعديلات رئاسة الوزراء وتستبدلها بنواب الرئيس. كما تنقل صلاحيات رئيس الوزراء وواجباته إلى رئيس الجمهورية. ومن أبرز القضايا الأكثر أهمية في هذا الصدد، هو أن التعديلات المشار إليها تمكن من مساءلة رئيس الجمهورية، بعد موافقة البرلمان بالأغلبية، في حال ثبت ارتكابه لأي جريمة، حيث أن الدستور الحالي لا يسمح بمحاكمة رئيس الجمهورية بأي شكل من الأشكال. برأيي الشخصي، إن هذه التعديلات بمثابة ثورة وتطور مهم على صعيد التحول الديمقراطي. التغيير الرئيسي الآخر، يتمثل بشكل تعيين القضاة وعمل النظام القضائي. استنادًا للتعديلات سيتولى البرلمان تعيين القضاة، الذين كانوا يتولون مناصبهم عن طريق الانتخابات، في الوقت الذي كان ذلك مسؤولية منوطة بمجلس القضاة والمدعين العامين ومؤسسة رئاسة الجمهورية، وهو ما كان يتسبب سابقًا بتسييس القضاء والمجتمع القضائي، ويخلق حالة من الاستقطاب. فيما لا تمثل التعديلات الفنية الأخرى أهمية كبرى.هل تركيا مقبلة على نظام دكتاتوري؟ الانتقادات الرئيسية التي توجه للتعديلات الدستورية، هي أنها تجمع الصلاحيات في يد شخص واحد، كما هو حال رئيس الوزراء في الوقت الحالي. هناك أشخاص يعتقدون أن تلك التعديلات ستدفع بتركيا نحو نظام دكتاتوري، ذي بنية سلطوية. علمًا أن التعديلات الجديدة، تخول البرلمان محاكمة رئيس الجمهورية، في حال تمت الموافقة على الطلب المقدم للجمعية العامة واستحوذ على موافقة ثلثي النواب، إضافة إلى أن التعديلات الحالية تمنع نشوء نظام سلطوي سيما أن الرئيس يخوض انتخابات كل أربع سنوات، يقف فيها أمام الشعب مطالبًا إياه بمنحه الثقة. لذلك لا أعتقد أن تلك المخاوف تستند إلى أسس منطقية. إضافة إلى ما سبق، فإن النظام الجديد يتمتع بمرونة أكبر من نظيره البرلماني، سيما أنه بات يشكل ضرورة بالنسبة لتركيا، ذلك البلد الذي شهد فوضى في الحياة السياسية بسبب ازدواجية السلطة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. عمل حزب الشعب الجمهوري من أجل الضغط على القضاء لإجباره على منع انتخاب الرئيس من قبل الشعب، والاستمرار بنهج تعيينه من قبل البرلمان، إلا أنه فشل بذلك وبُدأ العمل وفق نهج انتخاب الرئيس من قبل الشعب. ليس من المنتظر أن يحل الدستور الجديد جميع المشاكل بطبيعة الحال، التعديلات الدستورية الحالية لن تحل جميع المشاكل التي تعاني منها البلاد. على سبيل المثال، هناك مشاكل وقضايا جدلية تثار منذ تأسيس الجمهورية، من قبيل المشكلة الكردية أو العقيدة أو الدين أو الهوية الإثنية، وتعريف المواطنة، هذه المشاكل ستستمر داخل تركيا. لأن المواد التي تخص تلك المشاكل لم يطرأ عليها أي تعديل. ومع ذلك، فإن المشاكل الأساسية في البلاد، مثل الإرهاب والأزمة الاقتصادية والضغوط الدولية، وسوريا، والعراق، لن تحل فورًا. نظام الإدارة الجديد، سيجمع السلطة في مركز واحد لمكافحة تلك الأزمات. الرئيس الذي سيعرف استخدام تلك الصلاحيات بشكل جيد سيتمكن من حل تلك المشاكل لكنه لن ينجح إن لم يستخدم تلك الصلاحيات على الوجه المطلوب. سنرى ذلك مع مرور الوقت.
1021
| 25 يناير 2017
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قبل أن يذهب أحد مسلحي داعش الإرهابي لتنفيذ عملية انتحارية، وقد علق ملعقة في رقبته، قال لمن حوله أنه بات قاب قوسين أو أدنى للجلوس على مائدة النبي (ص) ولتناول العشاء في حضرته. في سوريا أيضًا، وجدت قوات المعارضة ملعقة في عنق أحد المسلحين الذين قتلوا قبل نجاحهم في تنفيذ عملية انتحارية تستهدف مقرًا للمعارضة. يقول بعض منتسبي داعش أنهم تشبعوا بهذه الفكرة من "معلمين" تتلمذوا على أياديهم في أفغانستان وباكستان والأردن. نفذ بعض هؤلاء المسلحين المنتمين لداعش والذين يعلقون ملاعق في أعناقهم، هجمات في عدة مدن عراقية، أعلن رجال دين شيعة الجهاد. اتخذ رجال الدين الشيعة سيدنا الحسين، وأمنا فاطمة وأئمة أهل البيت مرتكزًا ومصدرًا يشحذون من خلاله همم المقاتلين. كما أعلنوا أن كل من يموت دفاعًا عن هذه الأرض، سوف يذهب إلى الجنة إلى جانب مقام أهل البيت. هذه الأرض التي يتسابق سكانها للموت فوق ثراها إما معلقين ملاعق في أعناقهم أو معلقين عصائب مكتوبا عليها "يا حسين"، هي عبارة عن آبار نفط ومحطات طاقة، تعمل من أجلها مصانع أسلحة. ما هو تيار التطرف الحديث؟ العالم الإسلامي بات من الناحية الاجتماعية والسياسية بين مطرقة وسندان هذين التيارين النقيضين. بات يترنح بين فكر الحشد الشعبي الشيعي وداعش السني وما يفرزانه من عنف وجهل. هاتان المنظمتان، تبدوان متناقضتين، إلا أنهما في الواقع من الجذر نفسه. هاتان المنظمتان اختلقتا عقيدة جديدة وحولتاها إلى "دين". في الواقع، نحن نشهد ولادة أيديولوجية جديدة اسمها "التطرف الحديث". رغم أن هذه الأيديولوجيا تبدو كدين للوهلة الأولى، إلا أنها لا تملك مفاهيم فكرية، وأفرادها لا يملكون بنية تحتية دينية. الناطق باسم داعش "جون التكساسي"، تحول من المسيحية إلى الإسلام قبل عام واحد فقط، وأصبح الناطق باسم التنظيم، حتى قبل أن تتاح له الفترة الكافية لتعلم أدعية الصلاة على أقل تقدير. إيديولوجية تستند إلى العاطفة وليس إلى المعلوماتالتطرف الحديث، يظهر نفسه على شكل ردود فعل عاطفية. هو بعيد عن العلوم والمعرفة. العاطفة في هذا الإطار تكون أكثر فاعلية من المعرفة. كما أن فاعليتها تكون أكبر عندما تدغدغ عواطف الناس. ولذلك، فإن - التطرف الحديث – هو عملية تعتمد على العواطف وليس الإدراك العقلي والإقناع. سيما أن الإنسان المؤمن يكون أشجع من العالم في ساحة الحرب. كما أن أحدًا لا يستطيع إقناع أي شخص مؤمن، فما بالك إن كان مؤمنًا وجاهلاً في الوقت نفسه. لا يمكن تفسير ارتداء أشخاص غير ملتزمين دينيًا، بل وحتى يضعون الوشوم على أجسادهم، ملابس سوداء، واعتبارهم أنفسهم أنهم حماة لـ "دولة الإسلام وجنودًا للخليفة"، إلا بالجهل وأزمة الهوية. وهنا لا بد أن نذكر بأن تنظيم القاعدة رفض انضمام مؤسس داعش في العراق، الزرقاوي، إلى التنظيم فترة طويلة، بسبب الوشوم الموجودة في جميع أنحاء جسمه. الأشخاص الذين لا يشعرون بالانتماء لهوية أو وطن، يشعرون بالفخر عندما ينتمون إلى مثل هذا التنظيم. الموارد البشرية للتطرف الحديث إن الجهل وعدم الانتماء لهوية واليأس، هي أكبر المصادر التي تغذي التطرف الحديث. انظروا إلى القاعدة الشابة لتنظيمات إرهابية مثل "بي كا كا" وداعش والحشد الشعبي والقاعدة، ستجدون الشيء نفسه. هذه الجماهير تشكل مجالًا وحقولًا لتلك المنظمات. ولا تظنوا أن انتساب بعض المتعلمين إلى تلك التنظيمات يتناقض مع مفهوم الجهل. لأن أولئك يعانون من أزمات هوية إلى جانب اضطرابات نفسية. فضلًا عن أن تفسير وجود التطرف الحديث في العالم الإسلامي، على أنه "أحد ألاعيب الغرب في المنطقة"، هو من صميم الاستسهال. لو لم يكن هناك أرضية مساعدة لما استطاع أحد خلق منظمات مثل داعش وأخواتها في المنطقة. على الحكومات دعم دراسات علمية لفهم "التطرف الحديث" ينبغي على تركيا والعالم الإسلامي، إجراء أبحاث علمية حول الأسباب التي أدت لانتشار "التطرف الحديث". يجب العثور على أعضاء في تلك المنظمات المتطرفة وإجراء مقابلات معهم، في إطار بحوث ميدانية، لفهم أكبر للتطرف الحديث، وأسباب انتشاره بين الشباب. يجب تحديد الطرق والوسائل التي تمكن من مكافحة التنظيمات المتطرفة اجتماعيًا، إلى جانب مكافحة عملياتها الانتحارية بوصفها أعمالًا جنائية. وهو ما سوف يساهم في تجفيف الموارد البشرية للمنظمات المتطرفة.إلى ذلك، لا بد هنا من الإشارة إلى أن "التطرف الحديث"، ينتشر بشكل سريع جدًا داخل المجتمعات الغربية. هذا الموضوع سوف يكون موضوع بحثٍ في مقالة منفصلة.
636
| 18 يناير 2017
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); نحن عالقون. هكذا يمكن وصف وضعنا بالضبط. نحن عالقون بين مطرقة العنف وسندان الجهل. المعرفة، والحكمة، ورجاحة العقل واللطف والفن والعمق تتراجع يومًا بعد يوم أكثر إلى الخلف. إنها تختفي في ظل ارتفاع رايات الجهل والعنف. لا تظنوا أن هذا يحدث في تركيا وحسب. الإنسانية ترزح تحت وقعة ألم تكويها من كل حدب وصوب. عالمٌ إسلامي عالق بين مطرقة داعش وسندان الحشد الشعبي العالم الإسلامي، الذي أنجب حضارة إنسانية رائعة، بات اليوم عالقًا بين داعش والحشد الشعبي. وفي الوقت الذي يحتضر فيه الشرق الأوسط ضمن دوامة هاتين المنظمتين، بات العالم الإسلامي كله يعاني جراء هاتين العقليتين. وبات يشهد تراجعًا وانحسارًا. الحكماء والعلماء والمثقفون، يتركون الميادين والمنصات، مما أدى إلى انخفاض قيمة الذكاء والحكمة والفكر، مما وضعنا في مواجهة الخطر الأكبر على الإطلاق، وهو الجهل، ليأخذ الجاهلون وأصحاب الخرافات والمرضى النفسيون المشبعون بروح العنف، مكان الحكماء في كل مكان. العنف والجهل أصبح ممثلًا للحضارة الرائعة، والدين السمح، وطريق الحكمة. لكم هو من المحزن، أن نرى انعكاسات الجهل في جميع المؤسسات والمراكز المسؤولة عن جميع الآليات التي توجه المجتمع وتوعيه وتديره. والمجتمع يصغي لهؤلاء ويستمع إليهم. وهؤلاء الجهلة يسحبون المجتمع إلى الضحالة والجهل والعنف. الغرب العالق بين مطرقة الكراهية وسندان الجهل بدأ في الولايات المتحدة الأمريكية تيار جديد يؤدي تحية النازية. يقولون إن "اليمين هو البديل". المسيحيون البيض، هذا الجيل الشاب من أبناء الطبقة الوسطى، هم أنصار ترامب. العنصري، والإقصائي، والكاره للأجانب، والمعادي للإسلام. إنهم حشد لا يعترف بالعالم ويناصرون العنف والجهل. إنهم ينهلون من وسائل التواصل الاجتماعي، بدلًا من تحليل المعلومات وقراءة الأخبار. في الولايات المتحدة تعتبر المواقع التي تنشر "أخبارًا وهمية"، هي المواقع الأكثر متابعة على مستوى البلاد. تلك الأخبار تُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي. الجهل لم يسبق له وأن تفشى بهذا القدر في أمريكا. في إيطاليا أطلق ممثل كوميدي حركة احتجاجية. نال خطابه الذي بثه عبر الإنترنت قبولًا لدى شرائح واسعة داخل المجتمع، مما دفعه لتأسيس حزبٍ حمل اسم "خمس نجوم". وفاز بمنصب رئيس بلدية روما، ودخل البرلمان، وغير مصير الاستفتاء الأخير. رغم تشتت هذه الحركة إلا أن أعداد المؤيدين لها بازدياد مستمر، بسبب الخطابات والمواقف المتشددة، واللغة العدوانية التي تتبناها. فضلًا عن أن كتاب "كفاحي" لأدولف هتلر، يعتبر الكتاب المفضل للطلاب في إيطاليا. في بريطانيا، يواصل الساسة الذين يتبنون خطابات تحتوي على ألفاظ بذيئة وعنصرية ومعادية للأجانب والمسلمين بكسب الأصوات الانتخابية. بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، لوحظ ارتفاع كبير في العنف والتحرش المسجل ضد الأجانب. أما النمسا، فهي تراقب بذهول صعود حركة سياسية أصعب من النازيين، وأكثر عنصرية وعدوانية. زعيم حزب الحرية "هولفر"، بات قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى السلطة هذا العام. المسلمون والأجانب الذين يعيشون في النمسا، باتوا يخشون على مستقبلهم. أوروبا مليئة بهذه الأمثلة. فضلًا عن أن رئيس الفلبين يعرب عن شعوره بالفخر لأنه يلقي البشر من الطائرات المروحية. لذلك، نحن نتحدث هنا عن جهل وعنف يمتد من أوروبا إلى آسيا. لماذا يتصاعد العنف والجهل؟ لأن الضحالة حلت مكان المعلومات والعبادة مكان العقل والسخافة مكان العمق والطاعة مكان التساؤل والخرافة مكان الحكمة والوقاحة مكان اللطافة والمصالح مكان الفضيلة. لماذا يحدث هذا؟ أعتقد أننا لم نجد بعد إجابات مؤكدة ودقيقة. إلا أننا واثقون من أن أسباب الصعود السفلي في تركيا والعالم الإسلامي والعالم عميقة جدًا. لكني واثق من شيء واحد فقط: سوف ينقضي كل هذا الجهل والعنف والبذاءة والوضاعة. سوف تطوى صفحة جميع هذه الترهات. أنا واثق من هذا.
3172
| 11 يناير 2017
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لن يكون أي شيء كما كان من قبل في بلد أريقت بها الدماء. قتل 600 ألف شخص، وعدد الجرحى بالملايين، فيما أصبح 7 ملايين سوري في عداد اللاجئين، ومثلهم من المشردين والعاطلين عن العمل. لنترك كل هذا الألم جانبًا، لم يعد من الممكن إدارة سوريا بنفس النموذج السابق. يجب إقامة نظام يجمع الشيعة والسنة والتركمان والأكراد والعرب تحت سقف واحد ويضمن عيشًا مشتركًا لهم. اليوم يهيمن على سوريا حكم دكتاتوري عسكري. هناك طلب من أجل سوريا ديمقراطية، لكن هل سيطبق هذا على أرض الواقع. هذا ليسَ واضحًا. هيكل اتحادي، أو نظام ولايات، أو سوريا مقسَّمة... لا شيء مؤكّدا، كل ذلك احتمالات. *. هل سيبقى الأسد في السلطة؟ إنه من أكثر القضايا الشائكة، سيما وأن بشار الأسد هو المسؤول الأول عن مقتل 600 ألف شخص، وهو الذي استخدم أسلحة كيميائية، وقتل عشرات الآلاف من الأشخاص تحت التعذيب في السجون، وارتكب جرائم حرب ضد الإنسانية. بعض الأدلة على جرائم الحرب تم نشرها من قبل وسائل إعلام دولية بما في ذلك وكالة الأناضول للأنباء. تلك الأدلة موجودة الآن بمكتب محاماة في بريطانيا يتقاضى أجوره من قطر. سيتم استخدام تلك الأدلة في أول فرصة لمحاكمة الأسد. على الرغم من كل شيء، الأسد لا يزال في السلطة، لكن كيف سيحكم الأطفال الذين قتل آباؤهم وأمهاتهم؟ تقول تركيا أن هذا مستحيل. إيران تدعم وستدعم بقاء الأسد حتى الرمق الأخير. روسيا كما ترون. الولايات المتحدة خارج اللعبة. * ماذا سيحدث للنازحين في سوريا؟ هناك نحو 7 ملايين سوري، أصبحوا لاجئين في بلدان أخرى، ولكن البعض منهم أصبح نازحًا أو مهجرًا داخل البلاد. هناك نحو مليوني نازح على الحدود السورية مع تركيا، في أطمة واعزاز وإدلب. إنهم يقتاتون على المساعدات الغذائية التي تصلهم من تركيا، ويعيشون في خيام من النايلون، أو قماش، وفي ملاجئ مصنوعة من الصفيح. بينهم أسر مقاتلين في المعارضة. وضع هؤلاء الناس يلفه الغموض. *. هل سيعود اللاجئون المنتشرون في أصقاع الأرض؟ هناك 2.7 مليون لاجئ في تركيا، و مليونان في لبنان، ومليون في الأردن. مجموع اللاجئين مع المنتشرين في أوروبا ودولٍ أخرى نحو 7 ملايين. ماذا سيحدث إذا أراد هؤلاء العودة إلى البلاد؟. أين سيعيشون وكيف؟ ما هو مصير المنازل المدمرة، والممتلكات المنهوبة؟. هؤلاء السكان كانوا يشكلون تأثيرًا مهمًا على الخريطة السكانية والدينية في هذا البلد. الأسد لن يريد عودتهم مجددًا إلى سوريا. *. هل سيرحل المقاتلون الأجانب إلى خارج البلاد؟ في سوريا مقاتلون من بلاد مثل إيران، والعراق، ولبنان، وأفغانستان، وطاجيكستان، واليمن، وباكستان. انضموا إلى الصفوف الأمامية للمعارك لدعم النظام السوري. أما في صفوف المعارضة، فهناك مقاتلون من العراق واليمن والشيشان والأردن وبعض الدول الأوروبية. تركيا تنظر بإيجابية إلى خروج المقاتلين الأجانب من كلا المجموعتين إلى خارج البلاد. لكن الأسد الذي فقد قواته العسكرية بات بحماية جيش عماده الميليشيات الأجنبية. لا يمكن أن نتوقع من طهران ودمشق أن ينظرا بإيجابية إلى تحرك كهذا. إذن ما الذي سيحدث؟. *. وحدة الأراضي السورية وكانتونات منظمة "بي كا كا" توافقت روسيا وإيران وتركيا على وحدة التراب الوطني السوري. وهذه الخطوة تسببت بانهيار المشروع الأميركي الهادف لإقامة كانتونات لمنظمة "بي كا كا" شمالي سوريا. تم الحيلولة دون اندماج تلك الكانتونات بعد إطلاق عملية "درع الفرات" وتحرير مدينة جرابلس. لكن مناطق مثل عين العرب (كوباني)، ومنبج، والحسكة، وعفرين لا تزال تحت سيطرة مسلحي منظمة "بي كا كا". تم ترحيل العرب والتركمان والأكراد (المختلفين عن "بي كا كا" أيديولوجيًا) من تلك المناطق، وتغيرت التركيبة السكانية هناك. الولايات المتحدة تسعى لإقامة قواعد لها في المنطقة. ما الذي سيحدث لتلك الكانتونات ومسلحي "بي كا كا" فيها؟ خطر اندلاع نزاع جديد يلوح في أفق تلك المنطقة. *. ماذا سيحل بداعش؟ كيف ستتم مكافحة تنظيم داعش الإرهابي الذي يسيطر على منطقتي الباب والرقة؟ داعش الذي لم يدخل حتى الآن في مواجهات واسعة النطاق مع قوات إيران والأسد، ما فتئ يهاجم قوات المعارضة، وتركيا. تركيا بدورها تُرِكت وحدها في هذا الصراع من قبل الجميع. الولايات المتحدة أتت لقتال داعش إلا أنها نسيت الموضوع فيما بعد، واهتمت فقط ببناء الكانتونات. ماذا سوف تكون الخطوة التالية؟ هل ستتحالف إيران، ودمشق، مع روسيا والولايات المتحدة لانتزاع الرقة من داعش ؟. ... / ... حتى تركيا، لا تملك تصورًا واضحًا حول مستقبل سوريا في الوقت الراهن. ركَّز الجميع على حلب. أي أحد لم يقم بإعداد أي مشروع حول ما سيحدث. الأنظار توجهت الآن نحو الأستانة التي من المقرر أن تستضيف قمة روسية، تركية، إيرانية. الولايات المتحدة تعيش ألم البقاء خارج اللعبة. ما الذي سيفعله ترامب بعد تقلده السلطة، ليس واضحًا بعد. احتمالات نشوب صراعات شديدة مع الفاعلين الجدد باتت مرتفعة جدًا في هذه المرحلة.
3576
| 04 يناير 2017
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); استعادة نظام الأسد السيطرة على مدينة حلب، بدعم من روسيا وإيران، كان أكبر حدث وقع منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا. سقوط حلب، يعني انتهاء الحرب بين المعارضة ونظام الأسد. المعارضة خسرت هذه الحرب. علينا رؤية هذه الحقيقة المرّة.تركيا، التي هي البلد الأكثر تضررًا منذ بداية الحرب في سوريا، بدأت بانتهاج سياسة جديدة في سوريا خلال الحرب الأهلية. عقد قمة ثلاثية مع روسيا وإيران. ضمنت تلك القمة الثلاثية، تسليم حلب للأسد، وخروج المعارضة من المدينة، وضمان حماية وحدة الأراضي السورية. وتخلت تركيا بذلك عن بعض أطروحاتها التي استمرت خلال الحرب الأهلية في سوريا.لماذا وقعت تركيا هذا القرار؟في الواقع، تركيا لم تستطع وحدها تحويل الوضع في سوريا. الولايات المتحدة الأمريكية، ترأس الإطاحة بالأسد، لكنها تركت تركيا في منتصف الطريق. ومما زاد الطين بلة، سعت واشنطن لدعم إقامة دولة لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية المعادية لتركيا شمالي سوريا، وقدمت لتلك المنظمة الدعم بالسلاح والدعم اللوجستي. رأت تركيا في ذلك خيانة ترتكب من "حليف".حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، سحب أنظمة الدفاعات الجوية من تركيا، في الوقت الذي كانت تلقي فيه صواريخ بشكل مستمر نحو هذا البلد انطلاقًا من الأراضي السورية. الأمر الذي ترك تركيا هائمة على وجهها في هذه المرحلة الحرجة. في الوقت الذي كانت فيه تركيا تخوض مخاضًا عسيرًا بسبب الأزمة السورية، صعّد الاتحاد الأوروبي من دعمه المكثف لمنظمة "بي كا كا " الإرهابية، واتخذ خطوات فعلية تسببت في تشويه صورة تركيا لدى الرأي العام الأوروبي وتدهور الاقتصاد. كما شكلت مأوى لأعضاء منظمتي "فتح الله كولن" و"بي كا كا" الإرهابيتين، اللتين نفذتا عمليات إرهابية داخل تركيا. الدول الإسلامية، لم تتبع سياسة موحدة. كل بلد دعم فصيلا مختلفًا داخل المعارضة. تلك الفصائل والجماعات اشتبكت فيما بعد مع بعضها البعض. وهكذا، لم تتوحد أو تتجمع المعارضة تحت سقف واحد، وبالتالي ضعفت قوتها. تركيا بدورها لم تتمكن من توحيد الفصائل المعارضة التي تقاتل ضد الأسد، كما لم تتمكن من السيطرة عليهم. من ناحية أخرى، قامت روسيا التي عملت جاهدة من أجل تحسين علاقاتها مع تركيا، بقصف حلب واستباحتها. قصفت المدارس والمستشفيات والمخابز والمناطق السكنية، قصفًا لا رحمة فيه ولا هوادة، دافعين المعارضين لتسليم حلب. في نهاية المطاف، تم تسليم حلب بعد عدد لا يحصى من الضربات الجوية الروسية، والهجمات البرية التي شنتها الميليشيات الشيعية الإيرانية. لقد انتهت الحرب فعليًا. خسرت القوى المناهضة لإيران في العالم الإسلامي كله، والولايات المتحدة وأوروبا، أمام حلف دمشق وإيران وروسيا والصين، وسَلَّمت سوريا لهم.الحرب وضعت أوزارها لكن ما مصير المشاكل التي خلفتها؟ورغم انتهاء الحرب بنسبة كبيرة، هناك العديد من المسائل العالقة، فما مصير قوات المعارضة والشعب السنّي في سوريا؟هؤلاء الآن محصورون في مناطق أطمة وأعزاز وشمالي محافظة إدلب، ومن المتوقع أنّ عددهم يقارب المليونين. لم يتضح وضع ومصير هؤلاء حتّى الآن، علاوة على وجود بعض مناطقهم تحت سيطرة منظمة "بي كا كا" الإرهابية.أوشكت المنظمة الإرهابية المذكورة أن تعلن عن دولتها في مناطق واقعة بشمال سوريا مثل عين العرب (كوباني) ومنبج وعفرين والحسكة، غير أنّ هذا المشروع باء بالفشل نتيجة الحملة العسكرية التركية على مدينة جرابلس.منظمة "بي كا كا" الإرهابية عملت على تهجير كافة الشرائح الكردية والعربية والتركمانية التي تعارض أهدافها وتمتنع عن دعمها من المناطق الخاضعة لسيطرتها، وأُرغم سكان هذه المناطق على الرحيل إلى إقليم شمال العراق، فيما فضّل آخرون اللجوء إلى تركيا.مصير هذه المناطق والذين هجّروا منها عنوةً ليس معروفاً إلى الآن، إضافة إلى أنّ وجود "بي كا كا" التي سيطرت على الأراضي أيضاً غير معروف، ومن المسائل المجهولة أيضاً، هي مصير تنظيم داعش الإرهابي في كل من محافظة الرقة ومدينة الباب بريف حلب الشرقي.تركيا عرضت على الولايات المتحدة الأمريكية إجراء حملة عسكرية مشتركة على هاتين المدينتين، إلّا أنّ واشنطن رفضت ذلك، الأمر الذي دفع بأنقرة إلى القيام بحملة عسكرية على الباب بمفردها.فالدول الـ 35 التي ادعت أنها أتت إلى الشرق الأوسط من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا لمحاربة تنظيم داعش، امتنعت عن تقديم الدعم لتركيا في محاربة داعش، لكن الجميع يتوقع بأنّ داعش والنظام السوري وإيران سيقعون في مواجهة حقيقة، وأعتقد أنّهم ينتظرون الآن ويقولون "لندع تركيا تتصارع مع داعش وتفقد قوتها".
1193
| 28 ديسمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من أبرز القضايا التي يجري نقاشها اليوم في تركيا هي: هل تندلع حرب أهلية في البلاد؟ استشهد نحو 60 رجل أمن في حادثتي تفجير سيارة مفخخة في منطقة "بشيكطاش" باسطنبول، والاعتداء الذي استهدف حافلة مدنية تقل عسكريين ومدنيين في مدينة قيصري. إضافة إلى إصابة نحو مائة آخرين بجروح. تسببت هذه الهجمات بسخط جماهيري كبير في تركيا. وبعد تبني منظمة "بي كا كا" الإرهابية لتلك الهجمات زاد غضب الشارع التركي أكثر تم التعبير عنها على شكل احتجاجات عنيفة. تخلل تلك الاحتجاجات إحراق مبنيين تابعين لحزب الشعوب الديمقراطي ذي الغالبية الكردية، وارتفعت حدة خطاب العنف ضد الأكراد، مما جعل الذعر يدب في نفوسنا. التحريض العرقي والطائفيجرت أحداث مماثلة نتيجة سقوط مدينة حلب شمالي سوريا. حيث تسببت المجازر التي ارتكبتها الميليشيات الشيعية في حلب ضد المدنيين، إلى ارتفاع حالة العداء ضد الشيعة في تركيا إلى درجات خطيرة جدًا. ارتفعت مشاعر العداء في تركيا ضد أتباع المذهب الشيعي وتصاعد الاحتقان الطائفي، على خلفية السياسات التوسعية والاحتلالية التي تنتهجها إيران. حدثت حملة طائفية خطيرة على وسائل الإعلام الاجتماعي، وظهرت خطابات تهديد ضد أبناء الطائفتين العلوية والنصيرية التي تعيش في البلاد.يجري في هذه الآونة تحريض يستهدف خطوط الصدع الأساسية في تركيا، وهما القضية الكردية والمشكلة العلوية. في الأيام الأخيرة وخاصة بعد الحادثين الارهابيين في اسطنبول وقيصري، تزايدت أعداد الحسابات مجهولة الهوية في وسائل التواصل الاجتماعي، التي تقوم بالتحريض ضد الشيعية، وحسابات أخرى تحرض ضد السنة. وبعد الهجمات الإرهابية أيضًا يجري التحريض بين الأكراد والأتراك، تسعى لدفع المواطنين نحو العنف والتمييز. حملة ضد التحريض على حرب أهليةبعد كلتا الحالتين، بدأت حملة ضخمة في الرأي العام. أدانت الحملة حرق مبنيين لحزب الشعب الجمهوري، وأولئك الساعين للتحريض والعنف الطائفي. فيما فتحت الحكومة تحقيقًا في هذا الصدد. كما أشار السياسيون والصحفيون والعلماء والمواطنون إلى خطورة التحريض، وأكدوا عدم السماح بوقوع أي حرب أهلية في تركيا.هل تنشب حرب أهلية في تركيا؟اندلاع حرب أهلية في تركيا يكاد يكون من المستحيل. ذلك أن بنية الدولة القوية والتضامن الشعبي الموجود منع حتى الآن من اندلاع حرب داخلية. ومع ذلك، فمن الممكن خلق أجواء متوترة غير مستقرة من خلال منظمات إرهابية كمنظمة "بي كا كا" و"داعش" و"فتح الله غولن". إلا أن تلك الأجواء أيضًا ستكون مؤقتة. ولعل روح التضامن التي سادت الشعب التركي ليلة المحاولة الانقلابية الفاشلة منتصف يوليو الماضي، بين جميع فئات الشعب، بتركه وكرده وعربه وسنته وعلوييه، يعد أكبر مؤشر على قوة الشعب ومناعته. أردوغان وباهجه ليمن ناحية أخرى، ينبغي علينا ذكر هذين الاسمين. الرئيس أردوغان كأكبر مصدر للأمن في البلاد. حيث ارتفعت ثقة المواطن التركي بأردوغان إلى 60٪. حيث يعتقد الشارع التركي أن تركيا تحت قيادته لن تتعرض للانقسام والاضطرابات. كذلك زعيم حزب الحركة القومية التركية دولت باهجه لي، يعتبر أيضًا من الشخصيات المهمة في السياسة. حيث يمنع باهجه لي الشباب القومي باستمرار من النزول إلى الشارع. أو تنظيم مظاهرات قد يتضمنها أعمال عنف، ملتزمًا بالمصالح العليا للدولة. ومع ذلك، ينبغي أن نقول بوضوح، إن الهجمات الإرهابية التي استهدفت منطقة بشيكطاش باسطنبول وولاية قيصري كانت احترافية لدرجة عالية. الهجوم الذي استهدف بشيكطاش جرى بواسطة متفجرات من نوع تستخدمه إحدى الدول الأجنبية. أما بالنسبة للحسابات التي تعمل على تحريض المواطنين في وسائل التواصل الاجتماعي، فقد لوحظ أن 80٪ منها تنشط انطلاقًا من ألمانيا. حقًا هناك من يعمل من أجل نشوب حرب أهلية في تركيا.لكنهم سرعان ما سيدركون أن ذلك مستحيل. فالشعب يملك وعيًا سياسيًا رفيع المستوى. ويعرف كيف يتضامن رغم كل المصاعب. فضلًا عن أن الدولة لن تتسامح مع الإرهاب بأي شكل من الأشكال، وستتخذ موقفا أكثر تشددًا ضده.
671
| 21 ديسمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); لسنوات، شهدت المفاهيم التي تنظم عمل السياسة، والعلاقات الدولية، والدول، والتفاهمات، تبدلًا وتطورًا، أو تم إفراغها من محتواها. لذلك، فإننا نعيش مشاكل في تعريف ذاتنا، والتطورات حول العالم، والتغييرات الحاصلة على الصعيدين السياسي والاجتماعي.سأسعى لتوضيح بعض منها.التحالفات الدوليةلعل غياب تأثير التحالفات التقليدية منذ فترة، وتغيير شكلها ونوعها، يعتبر أحد القضايا المفاجئة لمتابعي شؤون العلاقات الدولية. لم تعد هناك اتفاقات وتحالفات شاملة أحادية الاتجاه. ولعل التحالفات التي نشهدها في الشرق الأوسط خير دليل على ذلك. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن تركيا تعتبر حليفًا لروسيا في المنطقة الواقعة شرقي نهر الفرات، ومعارضة لسياساتها المتبعة غرب الفرات ولاسيَّما مدينة حلب (شمالي سوريا)، حيث تتحالف مع الولايات المتحدة في هذه المنطقة، ما عدا منطقة جرابلس.البعض، يصدر الأحداث الجارية في حلب، والقصف الروسي المستمر على المدينة من أجل إلقاء اللائمة على تركيا، منتقدين ما يسمونه "نوع من التناقض" في السياسة التركية، فاتحين المجال أمام كثير من اللغط. إن هذا النوع من التحليل يستند إلى المفهوم القديم لـ "التحالف". إن التحالفات الجديدة بين الدول، باتت تأخذ الآن شكلًا دوريًا، أو إقليميًا، أو حتى محليًا. إن هذا الشكل من التحالفات بات شكلًا معتمدًا في السياسة الخارجية لجميع البلدان. ارجعوا إلى مثلث التحالفات الذي يضم الولايات المتحدة وروسيا وإيران. إن خارطة التحالفات الخاصة بهذه الدول ترسم وفق المدينة بل وحتى ضمن الأحياء المختلفة من المدينة نفسها.ولذلك، فقد تغيرت نماذج التحالفات التقليدية، وهناك تحالفات جديدة قد تعقد في أي لحظة، وفقًا للظروف التي يفرضها الزمان والمكان. يمين السياسة في أوروبا ويسارهاتغيرت خلال السنوات الأخيرة مفاهيم وقواعد السياسة في أوروبا. لم يعد الآن اليسار التقليدي، واليمين، والليبرالية، يمثلون التيارات الاجتماعية القديمة.ومن الحالات الأكثر إثارة للاهتمام، ظهور تيار جديد في إيطاليا حمل اسم "حركة الخمس نجوم". هذا التيار ليبرالي لكنه معادٍ للأجانب، اشتراكي ديمقراطي لكنه معارض للاتحاد الأوروبي، يميني لكنه يسعى لتحقيق انكماش الدولة... أمر غريب للغاية ومعقد، ولكنه يمثل بالضبط علم الاجتماع الجديد. هذه الحركة تحولت الآن إلى حزب. قائدة الحزب ممثل كوميدي سابق. فاز فوزًا ساحقًا في استفتاء أجري الأسبوع الماضي. ومن المتوقع أن يصل هذا الحزب إلى السلطة عام 2017. والأغرب من ذلك، هو امتداد تأثير "حركة الخمس نجوم" على أوروبا برمتها.تشهد السياسة في الولايات المتحدة وأوروبا ارتفاعًا للتيارات القومية، في وجه تيارات العولمة. ليس هناك فرقٌ اليوم بين الأحزاب اليمينية، واليسارية، والليبرالية، والديمقراطية، الجميع انخرطوا في تيارٍ قومي يذوّب جميع مفاهيم السياسة.تغيّر نبرة الخطاب السياسيإنّ السياسيين الغربيين من أمثال ترامب في الولايات المتحدة الأمريكية ونايغل فاريج في المملكة المتحدة، ومارين لوبان في فرنسا وبيبي غريللو في إيطاليا ضربوا بعرض الحائط الخطاب السياسي التقليدي في القارة الأوروبية. ليصبح في مستوى هابط وأكثر حدة وقساوة، تفوح منها رائحة العنصرية والكراهية، إلا أنَّ المدهش في الأمر هو حصولهم على مزيد من الأصوات.الناخبون باتوا يحيدون عن السياسي اللبق والملتزم بالأعراف الدبلوماسية وآدابها، فهم يرون في شخصه الفشل والسلبية، فالناخبون يريدون أن يروا في خطاب السياسي ما يعبر عن الكراهية والغضب الذي تختلج به صدورهم.إنّ من يعتقد أن مستوى الخطاب السياسي تغير فقط في تركيا وأصبح أكثر حدة، فهو مخدوع، فكافة الدول الغربية تشهد تغييرا غريبا في هذه النبرة، وتنتشر مع مرور الزمن.
627
| 14 ديسمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); بعد أحداث الإرهاب التي جرت خلال السنوات الأخيرة، ومحاولة الانقلاب الفاشلة، يجري الحديث في تركيا خلال هذه الآونة عن حرب اقتصادية تستهدف البلاد. تقول الحكومة ورئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان، إن الإرادة السياسية التي سعوا لتركيعها من خلال إرهاب منظمة "بي كا كا"، وداعش، والمحاولة الانقلابية بواسطة القضاء في 17/25 ديسمبر 2013، والمحاولة الانقلابية في 15 يوليو ، يعملون الآن على تركيعها عبر التسبب بأزمة اقتصادية.هل هناك انكماش في الاقتصاد؟اجتماع خلال الأسبوع الماضي مع عدد من رجال الأعمال الذين يعملون في مجال الأسواق المحلية والخارجية. واطلعت على آرائهم ووجهات نظرهم حيال موضوع وجود أزمة اقتصادية. في الواقع، هناك حالة من الركود الشديد والانكماش في الاقتصاد المعني. عالم الأعمال يقول إن حالة الركود والانكماش زادت خاصة بعد ارتفاع الدولار الأمريكي مقابل الليرة التركية. جميع خبراء الاقتصاد الذين تحدثت إليهم، يؤكدون وجود أزمة اقتصادية خطيرة في السوق العالمية، وأن هذه الأزمة تؤثر أيضًا على تركيا. إلا أنهم يتحدثون أيضًا عن وجود تأثيرات كبيرة على الاقتصاد التركي، جراء الأحداث الداخلية التي شهدتها. تأثير ذلك على الاقتصاد من المناسبات الاجتماعيةيجري تقييم أحداث "كزي بارك" (تقسيم) في إسطنبول التي بدأت عام 2013 على أنها أول تدخل مبطن يستهدف الإرادة السياسية في تركيا والاقتصاد. في ذلك الوقت، خسرت الشركة في تركيا 30 بالمائة من قيمة أسهمها، وارتفعت قيمة التضخم من 6 إلى 8 بالمائة، وخرجت من البلاد نحو 8 مليارات دولار من رأس المال الأجنبي، وارتفعت أسعار الفائدة، وارتفعت قيمة الدولار الأمريكي مقابل الليرة التركية من 1.8 إلى 1.91. ومنذ ذلك اليوم، واصلت الاضطرابات الداخلية والعمليات الإرهابية والأزمات الدولية التأثير على تركيا، حيث احتلت منظمة "بي كا كا" الإرهابية بعض الشوارع في بعض المدن، ونفذت عمليات انتحارية، فيما ارتكب تنظيم "داعش" الإرهابي مجازر دموية. وأخيرًا، كان التدخل الأكبر من خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو 2016. في جميع تلك العمليات وصلت أعداد الأشخاص الذين فقدوا أرواحهم ما يقرب من ألف شخص.خلقت تلك الأحداث وأحداث أخرى مثل أزمة إسقاط الطائرة الروسية، وأزمة العضوية في الاتحاد الأوروبي، والأزمة السورية، والأزمة مع الولايات المتحدة، آثارًا خطيرة ألقت بظلالها على تركيا. ورغم جميع هذه الأحداث والأزمات، صمد الرئيس أردوغان، وحكومة حزب العدالة والتنمية، ولم تتمكن تلك الأزمات من والإطاحة بهم. النضال الوطني ضد الأزمة الاقتصاديةالأوساط السياسية في تركيا، تتحدث الآن عن محاولة انقلابية جديدة تستهدف الحكومة التي لم تتمكن الأزمات الماضية من إسقاطها، وذلك عن طريق سعر صرف العملة الأجنبية، والمستثمرين الأجانب، ووكالات التصنيف الائتماني. بالنظر إلى ارتفاع قيمة الدولار أمام الليرة التركية، نرى أن الوضع وصل بالفعل إلى مستويات خطيرة. عندما بدأت الأحداث عام 2013 كانت قيمة الليرة التركية مقابل الدولار 1.80. أمّا اليوم، فقيمة الليرة أمام الدولار 3.50 ليرة تركية. لذا فإن المقترضين بالدولار، والمورّدين والعاملين في مجال التجارة، يخوضون محنة كبيرة.لذلك، طالب الرئيس أردوغان الشعب بصرف ما يملكونه من الدولار إلى الليرة التركية أو الذهب، وقد تحولت هذه الدعوة في الوقت الحاضر، إلى حملة وطنية. الجميع يشجع المواطنين إلى تبديل ما يملكونه من دولار بالليرة التركية، ويقدم بعض التجار عروضًا مثل "من يصرف مبلغ 500 دولار أمريكي إلى الليرة التركية يحصل على وجبة مجانية أو تذاكر سفر مجانية". إن رئيس الجمهورية عازمٌ على خوض حملة وطنية من أجل تنظيم الاقتصاد، إلا أن توجه الشعب إلى مكاتب الصرافة لتبديل ما بحوزتهم من دولارات لا يكفي لإصلاح الاقتصاد. لذلك، عقدت الحكومة العديد من الاجتماعات الطارئة واتخذت العديد من القرارات ذات الصلة. وهكذا، فإن الاتفاقيات الخاصة بالاستثمارات التي تطلقها الدولة ستبرم من الآن فصاعدًا بالليرة التركية. كما عرضت الحكومة على أهم الشركاء التجاريين روسيا والصين، إجراء التعاملات التجارية الثنائية بالعملة الوطنية. إضافة إلى جملة مشاريع تهدف لتشجيع المستثمرين الأجانب، وتبحث عن أسواق جديدة.وبطبيعة الحال، فقد رفعت أسعار مجموعة متنوعة من المنتجات، ولسوء الحظ، فإن الشعب بات مضطرًا لدفع المزيد من المال لقاء قضاء احتياجاته.أردوغان: الأزمة لم تؤثر عليناالذين يقولون إن الأزمة الاقتصادية مصطنعة ويتم تضخيمها بتدخلّ خارجي، يشددون على قوة الاقتصاد والبنية التحتية وقدرة الشعب على المقاومة، وقدرة البلاد على تجاوز الأزمة.وكان الرئيس أردوغان قال عام 2007 إن الأزمة الاقتصادية العالمية لم تلقي بظلالها على تركيا، وإن البلاد لن تتأثر بها. في ذلك الوقت لم يكن أحد يصدق ذلك لكن صدق أردوغان في النهاية. أردوغان جدد ذلك التصريح خلال الأسبوع الماضي، وقال: إن الأزمة الاقتصادية لن تلقي بظلالها على بلادنا. جميع المتضررين اقتصاديًا في تركيا، يركزون اليوم على حيثيات هذه الحرب. وبطبيعة الحال الجميع يريد أن يكون أردوغان في هذه المرة على حق. الحكومة تعلم أن الأزمة الاقتصادية التي تؤثر على الشعب، قد تتسبب بأزمة سياسية كبيرة، لأن الانتخابات الماضية أظهرت أن الشعب يعاقب الحزب الحاكم بشدة إذا ما تعرض لأزمة اقتصادية.
1557
| 07 ديسمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الكثير من زملائي يتساءلون: "ما يحدث بين أوروبا وتركيا؟ التوتر يتصاعد تدريجيًا، والعلاقات تسودها المواقف المتصلبة. وسائل الإعلام الأوروبية القوية تربط سبب الإشكالية في العلاقة بالتطبيقات في تركيا. أحيانًا تقوم بعض وسائل الإعلام العربية بنقل تلك الأخبار حرفيًا، وتبث تصريحات وتقارير متأثرة بوسائل الإعلام الغربية. وقد شهدت العلاقات التركية الأوروبية الأسبوع الماضي توترًا على خلفية إقرار البرلمان الأوربي الخميس الماضي (24 نوفمبر الجاري)، مشروع قرار غير ملزم، يوصي بتجميد مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. ما هو الوضع حقًا؟ هذا هو السبب في تأزّم العلاقة؟1. تزايد كراهية الأجانب في أوروبا، وتأثير العنصرية والإسلاموفوبيافي الواقع، أوروبا تعاني من أزمة داخلية خطيرة. هناك تصدعات خطيرة تحدث في القيم الأوروبية وعلى رأسها الديمقراطية والليبرالية والعولمة، والتعددية الثقافية. قررت بريطانيا مغادرة الاتحاد الأوروبي، على خلفية تزايد الكراهية ضد الأجانب والفقر والبطالة والإسلاموفوبيا. تسارعت وتيرة التصدعات في أوروبا بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة. إن ما سبق يؤدي إلى زيادة الكراهية ضد الأجانب جميعهم وليس تركيا فقط.2. أوروبا تتجه نحو الانتخابات وتجمع الأصوات عن طريق الشعبويةتستعد دولٌ في الاتحاد الأوروبي مثل النمسا (4 ديسمبر المقبل)، وألمانيا وفرنسا (2017 القادم) لإجراء انتخابات. خسرت ميركل نسبة من أصواتها الانتخابية نتيجة تصريح قالت فيه: "نحن بحاجة إلى تركيا من أجل حل أزمة اللاجئين". وبنفس الطريقة، يحظى السياسيون الذين يظهرون ردود أفعال ضد الأجانب في فرنسا والنمسا بتقدير الناخبين. وفي بريطانيا، فالسياسي العنصري فاراج، كان أول القادة السياسيين الذين اتصلوا لتهنئة ترامب.المجتمع الغربي يصدر ردود أفعال معادية ضد جميع الأجانب وعلى رأسهم اللاجئون. والسياسيون يتلاءمون مع هذا الوضع، ويزيدون من حدّة الخطاب العنصري للحصول على المزيد من الأصوات، وتركيا بالنسبة لهم أول دولة مرشحة لتوجه الانتقادات إليها، وذلك لأسباب تاريخية. فالأوروبيون ما زالوا يعتقدون في ذاكرتهم الجماعية أن "الأتراك قادمون يومًا لاحتلال أوروبا". لقد تم استخدم هذا الشعار بالفعل في الاستفتاء الذي جرى بالمملكة المتحدة.3. تركيا محبطةتركيا تشعر أنها تعرضت للخداع من قبل أوروبا، كما تشعر بخيبة أمل نتيجة ثلاث نقاط.1. منظمة "بي كا كا" الإرهابية تسببت بمقتل أكثر من 900 إنسان في تركيا. أوروبا يحتضن العديد من مقاتلي "بي كا كا" في بلدانها، ولا تتقيد بتنفيذ الاتفاق بشأن التسليم المتبادل للمجرمين.2. لم تلتزم بأي وعد قطعته حول اللاجئين وسوريا.3. رغم مقتل 250 شخصًا في المحاولة الانقلابية التي وقعت في تركيا يوم 15 يوليو الماضي، إلا أن أوروبا لم تدعم الحكومة التركية بشكل كافٍ. بل على العكس تمامًا قدمت حماية لعناصر المنظمة الانقلابية (منظمة فتح الله جولن الإرهابية) ومؤسساتها، وأعطت البعض منهم جنسيات أوروبية.4. تركيا سئمت من مواقف الاتحاد الأوروبي ولم تحصل على ما تتوقعه من حلف شمال الأطلسيتركيا تنتظر الدخول إلى الاتحاد الأرووبي منذ 53 عامًا. ورغم وفائها بجميع المعايير، واجهت في فترة لاحقة مطالب سياسية من قبيل الاعتراف بالجزء اليوناني والتخلي عن قبرص. وفي النهاية، وصلت تركيا لمرحلة لم تعد فيها ترى الانضمام إلى منظومة الاتحاد الأوروبي المتهاوية على أنها "قضية مهمة". كما أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) لم يقدم لتركيا الدعم العسكري الكافي إزاء الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها انطلاقًا من سوريا، على يد تنظيمات إرهابية من قبيل "داعش" و"بي كا كا". بل بالعكس قام الناتو بسحب أنظمة الدفاع الجوي. وهو ما خلق خيبة أمل كبيرة.5. تركيا تمر بأوقاتٍ عصيبة، وأوروبا لا تمد يد المساعدةتعرضت تركيا مؤخرًا لمحاولة انقلاب عسكري، كما أنها تخوض عمليات عسكرية عبر الحدود في سوريا والعراق لمكافحة المنظمات الإرهابية، التي شنت عمليات داخل تركيا أدت لمقتل الكثير من المواطنين. لكن أوروبا لا تريد فهم ذلك. تصر على ضرورة إلغاء حالة الطوارئ والإفراج عن السجناء الذين أعلنوا في أكثر من مناسبة دعمهم للإرهاب. علمًا أن حالة الطوارئ نفسها قد تم تمديدها مؤخرًا أيضًا في فرنسا وبلجيكا. وهو ما أثار ردود أفعال غاضبة في تركيا. لكل هذه الأسباب تتصاعد حدّة التوتر بين الجانبين. تركيا قالت من جهتها، أن استمرار الوضع بهذا الشكل، سيدفع بها للانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون الذي تقوده روسيا والصين، وفتح حدودها أمام اللاجئين للعبور إلى أوروبا، وإلغاء اتفاقية "إعادة القبول" بالنسبة للاجئين.تركيا جادّة جدًا في هذا الموضوع. لأنها تخوض معركة وجود كبيرة والرأي العام بشكل عام يقدم دعمه للرئيس أردوغان.
597
| 30 نوفمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يقرءون الأزمة التي نعيشها مع أوروبا انطلاقًا من المكان الخطأ. المسألة ليس كما نعتقد بأنها ذات صلة بداعش والإرهاب، أو أنها ردود فعل على المهاجرين. في الواقع إن أوروبا تشهد هزة عنيفة وعميقة، كما أن التوتر الناتج عن تلك الهزة ينعكس على علاقاتها مع دول العالم الإسلامي، بما في ذلك تركيا. الوضع معقد لكنّي متأكد من أنكم ستفهمون ما أقصد. هل القضية هي تركيا أم ثمّة شيء آخر؟في الواقع، إن الأزمة التي يعيشون في خضمها، هي انعكاس لسخط ضد الغرب تراكم على مر السنين. إن السخط كان على الخطوط الرئيسية للحضارة الغربية: مثل العولمة والرأسمالية، الحداثة، واستعمار ما بعد الحداثة، والتعددية الثقافية، وتقاسم الإيرادات والتمويل والتجارة العالمية... إن الغرب يتصارع في الواقع مع مشاكل كبرى.في البداية، تذرعوا خلال مرحلة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت) بأن "الأتراك سيدخلون الاتحاد، وأن العمال البولنديين سوف يسلبون الإنجليز عملهم، وأن اللاجئين سيحتلون كل ركن في البلاد، وأن ذلك سيصاحبه انتشار داعش". اعتقد الجميع وقتها بأن الرهاب الإسلامي (الإسلاموفوبيا) والعنصرية وكراهية الأجانب بدأت بالتزايد لذلك السبب. ومع ذلك، فإن ذلك ليس صحيحًا. فردود الفعل تلك ظهرت في الولايات المتحدة خلال الانتخابات الرئاسية بشكل أكثر حدّة من بريطانيا، وأثيرت خلال الانتخابات وبعدها قضايا مثل المهاجرين، والإسلاموفوبيا، وكراهية الأجانب. لكن كل ما جرى كان عبارة عن نتائج. أما الأسباب فهي عميقة وباتت معروفة. هناك هزّة تضرب جذور الحضارة الغربيةالعولمة الغربية بدأت تتقوقع حول نفسها نتيجة السخط العميق الذي تواجهه. فالعالم مؤمن أن القضايا التي يكابد بسببها مثل البطالة، والفقر، والإرهاب، والفوضى، هي بسبب العولمة والرأسمالية الجائرة. وأن سبب تدفق اللاجئين من أفريقيا والشرق الأوسط، أمريكا اللاتينية، يعود لاستغلال الغرب أساسًا دول تلك المناطق، واستعمارها، ونهب خيراتها. الغرب اليوم بدأ يشهد جملة تيارات فكرية، بدأت تتساءل عن سبب وجود بلدانهم في الشرق الأوسط، وآسيا وأمريكا اللاتينية، والأموال التي تدفع لصالح إبقاء ذلك الوجود. تقول تلك الاعتراضات، إن تكاليف ونفقات حاملة طائرات أمريكية موجودة في آسيا، قادرة على إنقاذ شرائح "متخلف" داخل المجتمع الأبيض من الفقر وانتشالهم من البطالة. لم يعد من الممكن الاستمرار بالنموذج التقليدي لسلوك الحضارة الغربية، المرتكز على "كسب المزيد دائمًا، والسيطرة على كل شيء"، فالنظام بالمحصلة يدفع التكلفة بشكل أو بآخر. طمع الغرب يطلق النار على نفسهإن الاستعمار والاستغلال الذي وقع في الجزائر، وسريلانكا، ورواندا، أظهر تأثيره في لندن وباريس ونيويورك. إن ما حدث يتوافق مع منظومة النظام البيئي. إن هذا التأثير يتجلى على شكل هجمات إرهابية في باريس بعض الأحيان، وأحيانًا على شكل بريكسيت في بريطانيا، وأحيانًا بانتخاب ترامب في أمريكا. لكن السبب هو نفسه: العولمة التي تخلط كل الأوراق، والرأسمالية المتوحشة، والإفراط في الإنتاج وما ينتج عنه من أزمات اقتصادية، والتفاوت في توزيع الدخل، والبنية الاجتماعية المتشظية...لم تجرَ أبحاث علمية دقيقة حول الأسباب العميقة لهذه التفاعلات، لكن هناك أبحاثا لتحديد مركز الهزة التي أفرزت ترامب وبريكسيت، سيما أن الكل مدركٌ حقيقة أن مركز الهزة أعمق بكثير من قضية اللاجئين.كيف تؤثر الموجة الجديدة الناشئة في أوروبا على العالم الإسلامي؟بسبب ما سبق، يسعى الساسة الأوروبيون لكسب شعبية من خلال ضرب الأجانب، واللاجئين، والإسلام. وهو ما ينجحون فيه حاليًا. إلا أن البعض في تركيا يكوِّنون قراءة خاطئة عمّا يحدث في أوروبا. يعتبرون ما يجري أنه مشاكل داخلية فحسب، ويلقون باللائمة كالعادة على تركيا. إن أولئك الذين يعتقدون أن القضية هي عبارة عن صحيفة "جمهوريت" وحزب "الشعب الجمهوري" مخطئون تمامًا. نعم، بالطبع لدينا مشاكل. نعم، لدينا نواقص. ومع ذلك، فإن ذلك لا يبرر المواقف الأوروبية المتزمتة والبعيدة عن الموضوعية تجاه تركيا. لو حاول الجيش في فرنسا القيام بانقلاب عسكري، هل سيكون تعامل بريطانيا وألمانيا مع فرنسا كتعاملهما مع تركيا بعد الانقلاب؟.
722
| 23 نوفمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); العالم يشهد تغييرات اجتماعية جذرية، بما في ذلك أوروبا وأمريكا. إن فهم هذا التغيير وتحليله وإعطائه معنى مسألة ليست بهذه السهولة كما قد يتصور البعض، سيما وأننا ما زلنا في منتصف التغيير الذي لا يزال متحركًا ولم يكتمل بعد. لذلك، فمن المهم توخي الحذر عند أي تحليل لتلك التغيرات أو تناولها. بما في ذلك هذه المقالة أيضًا. لقد شكّل "بريكسيت" (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، مفاجأة أذهلت الاتحاد الأوروبي والعالم، وإشارة خطيرة لهذا التغيير. الجميع يعتقد أن هذا الحدث قد يفرط عقد الاتحاد الأوروبي ويؤدي لانهياره. وهم على حق. هناك هزة عميقة تخلق صدمة في أوروبا، ولكن ما هي؟حسنًا، ما مدى صحة فرضية أن قرار مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي جرت تحت تأثير الخطابات اليمينية والعنصرية في المجتمع؟ نعم، يبدو هكذا، لكن هل يتخذ البريطانيون قرارًا جذريًا من هذا القبيل بسبب العمال البولنديين؟. أعتقد أن هذه المسألة قابلة للنقاش. في العمق هناك موجة أقوى، كما أعتقد أن التغييرات الجذرية في المجتمع تتكون من خلال الضغوط القادمة من العمق. ولكن من المستحيل في هذه الفترة وصف أو وضع تعريف لما يحدث بالضبط. من المؤكّد أن ظواهر مثل كراهية الأجانب والرهاب الإسلامي (الإسلاموفوبيا)، المنتشرة في كل أوروبا، ولا سيما بريطانيا وألمانيا وفرنسا (الدول الرائدة في الاتحاد الأوروبي)، تهز العديد من البلدان الأوروبية بشكل خطير. إن هذه الهزّة، بدأت من اليونان، وتمتد على شكل موجات متلاحقة إلى دول شمال أوروبا. إن حقائق مثل المهاجرين، والهجمات الإرهابية المرتبطة بتنظيم داعش (يتم تعميمه على المسلمين)، وتدهور الاقتصاد، تعد من أبرز الأسباب التي تقف وراء تلك الموجة. وبالنظر إلى أن تلك الحقائق لم يكن لها وجود قبل 6 سنوات فقط، فالقول إن هذا التغيير الاجتماعي الذي جرى في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن، قد امتلك قدرة التأثير على مثل هذا التغيير الجذري يثير الريبة في النفس والعقل. وهكذا، أعتقد بضرورة إجراء تحاليل تتناول أيضًا العوامل المؤثرة بشكل أكثر عمقًا وتفصيلًا. علينا أن لا نغض النظر عن عدم إمكانية إجراء تحاليل صحية ومعمقة، في بيئة معقدة من الناحية السياسية وناحية التطورات والأحداث والآثار الناجمة عن الحرب والإرهاب في ظل انتشارها بتأثير سريعٍ وغير متوقع. ولهذا السبب، فإننا نربط الهزّة المشار إليها، بموجة المهاجرين إلى أوروبا. لأنها العامل الذي يمكن رؤيته بالعين المجردة. هل الموجة التي تضرب الولايات المتحدة هي نفسها التي تضرب أوروبا؟في الوقت الذي يجري فيه مناقشة التغيير الجذري في المجتمع الأوروبي، كان لانتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة وقع خاص، حيث جردت تلك النتيجة جميع الحجج من معانيها مرة أخرى، أو على الأقل جعلتها قابلة للنقاش. فالولايات المتحدة لم تشهد موجات من المهاجرين كما هو الحال في أوروبا. نعم، استغل ترامب ورقة المهاجرين من سوريا والمكسيك في حملاته الانتخابية، وأجج ضدهم خطاب الكراهية. لكن هذا لوحده لا يفسر أسباب التغيير. كيف تمكن هذا المجتمع الذي انتخب قبل ثماني سنوات فقط، رجلًا أسود لرئاسة أميركا، أن ينتخب نقيضه تمامًا بعد 8 سنوات فقط، وبأغلبية ساحقة؟. ورغمًا عن وسائل الإعلام، والسلطة، ورأس المال. الوضع لا يكون بسيطًا كما نتوقع. وانطلاقًا مما سبق، نستطيع القول إن متوسط طول الموجة التي ضربت أوروبا كانت عميقة وكبيرة بما يكفي للتأثير على الولايات المتحدة. إذن ينبغي علينا البحث في عوامل أخرى غير الهجرة، والإرهاب، والتدهور الاقتصادي.
9597
| 16 نوفمبر 2016
googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يتلاشى. موروثنا الحضاري يتلاشى. إن الحروب التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والعالم الإسلامي، تدفع جميع الموارد التي في أيدينا نحو التلاشي ببطء. باستثناء منطقة آسيا، جميع البلدان الإسلامية من باكستان وحتى المغرب، تعاني من أحداثِ فوضى أو إرهاب أو حرب، أو من تبعات الهجرة الناتجة عمّا سبق. لا يوجد بلد واحد لم يهدر طاقته، ولم يبدأ الصرف من رأسماله، ولم يخسر أرواح مواطنين فيه، ولم يشعر بأن الضعف بدأ يدخل جسده. الاقتصادات انكمشت، وانخفض الدخل العام، وتراجعت القوة الشرائية للمواطنين. بالمحصلة أصبحنا أكثرَ فقرًا. في عام 2010 كان الدولار الواحد يعادل 1.4 ليرة تركية، أما اليوم فهو يعادل 3.1 ليرة تركية. تخيلوا إن هذا يحدث في تركيا، البلد صاحب المرتبة 17 ضمن البلدان صاحبة الاقتصادات الأكبر في العالم وأقوى بلد في البلدان الإسلامية. وهنا أود أن أترك لكم تقدير الوضع في بلدان أخرى.وبنظرة إلى الخلف، نرى أن الخسائر التي أصبنا بها خلال السنوات الخمس الأخيرة كانت هائلة. إن مرحلة الشتاء التي بدأت بعد الربيع العربي جمّدت بيتنا بل حتى موقدنا بشكل تام. في الوقت الذي كان فيه العالم الإسلامي يتجه نحو قواسم مشتركة قادرة على تقريبه، أصبح اليوم يرزح تحت العداوات. لعل هذه المرحلة ولّدت خصوماتٍ وعداواتٍ تستمر لسنوات عديدة. حيث سفكت الدماء، وتجذرت العداوات، وجوهر بالدعوة للانتقام.عفت رياح الحرب الطائفية في المنطقة حتى وصلت إلى أبوابنا. نصحنا كثيرًا بعدم الانخراط في هذه الحرب لكن أحدًا لم يصغِ لنا. فسفك دم الأشقاء، ونهبت أموالهم، ارتفعت صرخات الاستغاثة لتصل العرش. القاتل والمقتول كانا مسلمين.إن جميع الإمكانات التي من شأنها التأثير على مستقبلنا، أصبحت هباءً منثورًا في هذه الحرب، وذاب في المعارك. برأيكم أي دولة إسلامية ستكون في المستقبل بديلًا للنظام العالمي الظالم، أو تتمكن من الوقوف بوجه اللا عدالة الدولية؟ أي دولة بإمكانها أن تدعو إلى تغيير هذا النظام الظالم؟ أعتقد أن الجميع يرى تلك القدرة في تركيا. لكن انظروا إلى الأزمات التي تكابدها تركيا. فالجروح التي نشأت بفعل المحاولة الانقلابية الفاشلة لا تزال تنزف. تركيا دخلت الحرب بشكل فعلي في سوريا. وغدًا، أو بعد أيام سنصبح داخل الصراع في العراق. سنخسر الكثير من الدم، وسنشعر أيضًا بالألم.لكن ليس لدينا خيار آخر. في هذه المنطقة، إذا تهربتم أحيانًا من مواجهة الألم تجبرون على الدخول في مأساة أكبر. إن لم ندخل سوريا والعراق، سنضطر لمواجهة المزيد من الصعوبات في السنوات اللاحقة. انتقلت تركيا من مرحلة الانفتاح على العالم، وإيجاد أسواق وعقد تحالفات جديدة، إلى مرحلة الدفاع عن النفس. لذا أقول إذا كان حال تركيا على هذا النحو فما هو حال بقية بلدان العالم الإسلامي. للأسف لم تبق لدينا دولة تملك القدرة على مواجهة النظام العالمي والاعتراض على جوانب الظلم فيه. لا تنحصر المسألة في وجود دولة إسلامية تعترض على جوانب الظلم في النظام العالمي، بل إن الدول والأنظمة في العالم الإسلامي ستصبح جزءًا من هذا النظام الظالم. ستصبح عبارة عن أجرام يدور بعضها في فلك روسيا، والآخر في فلك أمريكا، آخرون في فلك أوروبا. وستصبح تلك الأجرام عبارة عن مخافر متقدمة تستخدم لحماية تلك البلدان. قد يصل عدد المسلمين الذين قتلوا في المنطقة خلال السنوات الخمس الماضية إلى المليون إنسان! أتساءل كم من الناس أصبحوا بلا مأوى؟ الأرقام في أحسن الحالات تشير إلى نحو 8 ملايين. أي أكثر من عدد سكان بعض البلدان في أوروبا. كمسلمين، علينا ألا نقنط من رحمة الله، وألا نفقد الأمل. ومع ذلك، فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. الهجمات الخارجية لا تقلقني كثيرًا، فالمنطقة شهدت العديد من الحروب والهجمات وتمكّنت من التعامل معها. ما يقلقني جدًا، هو تلك الصراعات الداخلية بين الأشقاء، هذه الصراعات تضعفنا جميعًا كما يؤكّد القرآن الكريم.
553
| 09 نوفمبر 2016
مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...
17373
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل...
9450
| 10 نوفمبر 2025
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال...
9444
| 13 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...
8115
| 11 نوفمبر 2025
على مدى أكثر من ستة عقود، تستثمر الدولة...
3969
| 11 نوفمبر 2025
تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...
3558
| 11 نوفمبر 2025
تشهد الصالات الرياضية إقبالا متزايدا من الجمهور نظرا...
2130
| 10 نوفمبر 2025
تحليل نفسي لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن...
1659
| 11 نوفمبر 2025
عندما صنّف المفكر خالد محمد خالد كتابه المثير...
1191
| 09 نوفمبر 2025
يبدو أن البحر المتوسط على موعد جديد مع...
1119
| 12 نوفمبر 2025
شكّلت استضافة دولة قطر المؤتمر العالمي الثاني للتنمية...
1050
| 09 نوفمبر 2025
يحتلّ برّ الوالدين مكانة سامقة في منظومة القيم...
1038
| 14 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية