لم تثر مطربة جدلاً كما حدث مع المطربة شيرين، استطاعت أن تكون بموهبتها من الصف الأول في الغناء، صوتاً متميزاً. وسبق أن حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات خلال مسيرتها الفنية سواء من الموريكس دور كأفضل مطربة عربية لأعوام عدة وحصلت على 3 جوائز من الميما ميوزيك أورد كأفضل فنانة عربية. وهنا لابد من القول إن الثلاثي شيرين، وأنغام، وآمال ماهر من أفضل الأصوات الطربية في عالمنا العربي، ورغم ذلك تبقى شيرين عن زميلتيها أكثر من تواجه الصعوبات وتثير الانتباه بسبب شخصها، وليس طربها، فشخصها يوقعها في العديد من الأخطاء التي تتسبب لها في ردود فعل سلبية. ومؤخراً تم اختيارها لتكون نجمة الختام لمهرجان موازين، وهو أحد أشهر المهرجانات عربياً وعالمياً، وكان الجمهور المغربي والعربي ينتظرها مثلما كان هناك في نفس المهرجان من ينتظر. ويل سميث اذ جاء ليغني، والحق قد نفدت تذاكر شيرين وعايشت هذا بنفسي من كثرة الإقبال على حفلها، والجمهور الكبير الذي كان ينتظر غنائها ووقوقها على المسرح لتشدوا بصوتها، بعد غياب سنوات عن المشاركة في المهرجان. وجاء وقت الحفل وطلت شيرين وعزفت الموسيقى وسط تصفيق كبير، وشيئا فشيئا يكتشف الجمهور، أنها تغني بلاي باك! انزعج البعض وأعلن البعض الآخر رفضه لذلك وخرج من الحفل، وتأثرت شيرين بذلك، فغنت بعض أغانيها لايف. وكان هذا الموقف قد ترك أثراً كبيرا لدى البعض من الجمهور وفي اليوم التالي أصدرت إدارة المهرجان بيانا ذكرت فيه أن شيرين حققت نجاحا في حفلها، وأنه كان متميزا وبعد ذلك رأينا طبيبها يصدر بيانا بأنها كانت مريضة، ومحاميها يعلن أن وراء ذلك مؤامرة من زميلة لها وانه لن يصمت عن ذلك. والسؤال الذي أطرحه على شيرين إذا كنتِ فعلا تعانين من أزمة صحية مررت بها، فما الذي كان يمنع أن تخاطبي جمهورك، بأنك ستغني بعض الأغاني بلاي باك؟ مشكلة شيرين رغم جمال صوتها، أنها لم تحاول أن تسير على خطى من سبقوها وتتعلم منهم كما تعلم محمد عبدالوهاب من أمير الشعراء احمد شوقي. وكما تعلم عبدالحليم حافظ من أستاذه عبدالوهاب وهكذا، إنما شيرين اُغرقت عبر حياتها الخاصة في مشكلات لا أول لها ولا آخر حتى أن من شروطها عند تعاقدها مع إدارة مهرجان موازين، ألا تكون هناك ندوة صحفية، ولن تقابل الصحفيين خشية إحراجها وطرح أسئلة تمس حياتها الشخصية!

من يتتبع الأعمال الروائية ويتعمق أحداثها ويغوص في شخصياتها وسردها فلابد أنه سيكتشف أن هناك علاقة متشابكة بل وقد تكون جدلية بين الإنسان والمكان في الرواية التي أمامه فما أكثر. ما كان المكان بطلاً للرواية بقدر بطولة شخصياتها التي يؤثر المكان فيها بقدر ما يؤثر أبطالها فيها. وهكذا وجدنا تأثر المكان في أعمال روائيينا من نجيب محفوظ ويحيى حقي ويوسف السباعي والطيب صالح وإبراهيم عبد المجيد ومحمد جبريل وغيرهم. ولا يتوقف ذلك عند أدبائنا العرب، بل في العالم كله. فالأدب هو الأدب، أينما تمت كتابته كما هو الفن تماما، فهو حالة إنسانية يتم التعبير عنها. ومؤخرًا صدر للروائي عبدالعزيز الشيخ «رمال العديد « التي تناول فيها قصة حقيقية وقعت في أواخر الثلاثينيات قصها عليه أحد أحفاد محمود بطل القصة التي يشاركه فيها جابر البطل الآخر ويسرد فيها القاص حكايات عن حقبة تاريخية من خلال مكانين شاهدين على التاريخ هما الجسرة والكرعانة وكيف كانت الرمال مجلسا لبعض أبطال الرواية تأخذهم لأحلام المستقبل متشاركة مع البحر وصوت الأمواج والصيد والمغامرات والجبال والكثبان الرملية وأحلام المستقبل وغيرها. ويروي لنا الكاتب عن لغة الصمت والأزمنة الغابرة والخيام وشجاعة الرجال وملامح الأرض والنباتات في سردية تعود بخيالنا لماض ترك في نفوسنا أبعاداً جميلة كثيراً ما تهفو في نفوسنا ونجتر ذكرياتنا. ويبدو حقا أن الكاتب عبدالعزيز الشيخ قد حدد اتجاهه الأدبي وحصره في الكتابة عن المكان وتأثيره على الإنسان فمعظم إصداراته تناولت العلاقة المتشابكة والجدلية بين الإنسان والمكان وعودوا إلى الهوى شرقي «عن المرقاب» «وسجين وادي السيل» وغيرها.

ما أحوجنا أن نناقش مشاكلنا ونطرحها بصراحة وخاصة في أيامنا هذه التي تداهمنا فيها العديد من الأمور والمتغيرات والتي قد لا يكون لنا ذنب فيها. او يكون..! ولعلنا لو ابصرنا واقعنا جيدا لشاهدنا ما يحدث من مشاكل في الاسرة والمجتمع. ليس هذا فقط بل ان هناك ايضا تغييرات مناخية وديموغرافية لها التأثير الكبير في حياتنا. ومن واجب علمائنا ومفكرينا ومؤثري وصانعي القرار ان يكون لهم دور في ذلك لذا كان من الاهمية بمكان ان يُعقد منتدى السياسات الإقليمي العربي الأول حول إعلان الدوحة: «الأسرة والتغيرات الكبرى المعاصرة». والذي كان لي شرف حضوره وقد انطلقت، أعماله صباح الأربعاء، الفائت وعلى مدى يومين في القاهرة، وتضمنت الجلسة الافتتاحية لأعمال المنتدى مناقشة العديد من تلك القضايا ولابد من الشكر بداية لكل الذين ساهموا فيه وأثروا جلساته. فـها هي الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي تلقي كلمة الافتتاح مشيرة الى ان المرأة العربية أثبتت أنها قادرة على مواجهة التحديات والحروب والأزمات على مر التاريخ، متابعةً أن إعلان الدوحة وضع الأسرة في الأجندة الدولية بأكثر من 30 توصية. ‎وأردفت، أنه في الوقت الحالي تشهد المنطقة العربية تغيرات اقتصادية وتكنولوجية كبرى ومتنوعة مما يغير في تشكيل الأسرة العربية ويعيد تحويلها، متابعةً أن المرأة العربية وقفت كالجدار الصلب أمام تلك التغيرات واستطاعت حماية أسرتها من التصدع. ‎وأشارت، إلى أن المرأة العربية تقدمت الصفوف في كافة المجالات لتوفير حياة ومستقبل أفضل لأسرتها، موضحةً أن المرأة العربية أثبتت أنها قادرة على قيادة التغيير. ‎ونوهت، إلى أن المنطقة العربية يعيش فيها أكثر من 66 مليون لاجئ ونازح منهم نساء وأطفال تعرضوا لأبشع المواقف، وذلك وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ‎بينما قال سعادة السفير طارق الأنصاري، سفير دولة قطر بالقاهرة إن هذا المنتدى يشكل امتدادًا لجهود قطر في دعم قضايا الأسرة إقليميًا ودوليًا، وكان آخرها مؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة الذي عُقد في الدوحة في أكتوبر 2023، بمناسبة مرور ثلاثة عقود على إعلان الأمم المتحدة لعام 1994. ‎وأضاف خلال كلمته، أن المؤتمر ناقش تحديات معاصرة مثل التغيرات الديموغرافية والتكنولوجية والهجرة والتغير المناخي، وأصدر «إعلان الدوحة» متضمنًا أكثر من 30 توصية لدعم الأسر وتعزيز السياسات الاجتماعية، مشيرا إلى أن هذا الإعلان يعد مكمّلًا لنداء الدوحة لعام 2014 الذي دعا لتمكين الأسر وتحقيق التوازن بين العمل والحياة والتنمية الشاملة. ‎وكما أوضح السفير الأنصاري فإن إعلان الدوحة منصة حوارية رفيعة تُعزز التكامل بين صناع السياسات والباحثين والممارسين، وتهيئ الأرضية اللازمة لبناء سياسات أسرية مدروسة، تستند إلى المعرفة الدقيقة، والتجارب الميدانية الناجحة، والتعاون المؤسسي الفعال. ‎ونوه بحرص قطر على أن تكون في طليعة الدول التي تبادر بفهم هذه التحولات والتعامل معها بمنظور شامل، يوازن بين الحفاظ على القيم الأسرية والانفتاح على مقتضيات العصر، ‎ثم تحدثت الشيخة حصة بنت حمد آل ثاني، نائب رئيس مجلس إدارة المجلس الأعلى لشئون الأسرة، وأفاضت بشرحها الأثير وحضورها الذكي أن المنتدى يهدف إلى تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الأسرة العربية اليوم، في ظل المتغيرات المتسارعة، من رقمنة الحياة اليومية إلى التحولات في القيم والأدوار الاجتماعية، واستكشاف السياسات الداعمة لتعزيز تماسك الأسرة ودورها في بناء المجتمعات. وتحدثت الدكتورة شريفة العمادي، المدير التنفيذي، بمعهد الدوحة الدولي للأسرة عن التغييرات التي طرأت على الاسرة العربية. وكيفية التعامل معها. كذلك تحدث الدكتور خالد النعمة مدير ادارة المناصرة والدعم بمعهد الدوحة الدولي للأسرة - عن ما يسعى اليه المنتدى مقدما ضيوفه ومتحدثيه بابحاثهم العلمية .

حقاً كما قلت من قبل وهي معلومة عاشها جيلنا ويعلمها جيداً أن فندق شيراتون الدوحة كان وما زال مسرحاً للعديد من الفعاليات والأحداث. نعم وحدث هذه المرة يعود بالضبط لعام 2004 وكنت مدعواً للمشاركة في مهرجان الدوحة الثقافي مع عدد كبير من الفنانين ونجومه وكان من أبرزهم عادل إمام وكان عادل من الفنانين الذين احبهم حقا وكنت دائم التواصل معه منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي ودائم الذهاب اليه في مسرح ليسيه الحرية وهو المسرح الذي يقع خلف الجامعة الأمريكية بميدان التحرير وكان يستأجره المنتج سمير خفاجي ومخصص لفرقة الفنانين المتحدين التي قدمت عدة مسرحيات اكتسبت شهرة كبيرة كـ مدرسة المشاغبين وشاهد ما شفش حاجة والواد سيد الشغال وغيرها من الأعمال الناجحة التي انطلق منها عادل إمام وسعيد صالح وزملاء جيله. المهم ان حظي الحلو أن إقامتي بفندق الشيراتون كانت في الطابق الثامن وبجوار إقامة الزعيم وما اكثر ما نلتقي أيامها أثناء الفعاليات الثقافية والفنية لـ ليالي وأيام المهرجان الثقافي وخلال جلساتنا وضحكنا قلت لعادل إمام إن فيلمه التجربة الدنماركية كان يذاع بالأمس على إحدى القنوات وكان يحمل أكثر من معنى فسألته عن نيكول سابا التي لعبت البطولة أمامه وكيف تحولت من مغنية لممثلة امام الزعيم..؟ رد علي قائلاً بطريقته المعهودة شوف أنا كنت مرة بتفرج على فرقة الفور كاتس اللبنانية بالصدفة وعجبتني تعبيرات نيكول سابا ومكنتش اعرفها وكان عندي مشروع فيلم التجربة الدنماركية فأول حاجة قلت أجيبها بطلة لفيلمي الجديد واحدة أوروبية والدور ح يركب عليها حلو قوي. ورحت مكلم محسن جابر «منتج الأغاني المعروف «. وقلت له عايز تليفون نيكول سابا اللي بتغني في الفور كاتس واخذت منه رقمها في بيروت واتصلت بها وقلت لها ازيك. أنا عادل امام بقولك عايزك تجي مصر فإذا بها «تغلق السكة في وشي «! مرة ثانية. اتصلت بقولك إيه أنا عادل امام وللمرة الثانية تغلق السكة بعد كلمتها بطلوا بقى معاكسات ربنا يأخدهم..! ثم كانت المرة الثالثة والاخيرة بعدها _وقلت في نفسي لها عذرها من اللي بيحصل لها من معاكسات تليفونية _ الو.. يا نيكول أنا والله والله عادل امام.. وعايزك تيجي مصر تمثلي بطولة فيلم معايا ورقمي ح أبعته لك. وأنت حرة بقى ويستطرد عادل في كلامه معي بقوله ساعتها ومكنتش مصدقة. اغُمي عليها وبعدها اتصلت وجاءت مصر. ولعبت البطولة ومن يومها انطلقت نيكول كممثلة. وكنت السبب في اكتشافها وبقى أن نعرف أن أحداث الفيلم تحكي قصة فتاة دنماركية جميلة جدًا ومتحررة تنزل ضيفة على قدري وزير الشباب والرياضة «عادل إمام « وأولاده الشباب الأربعة ويتنافس كل واحد منهم على نيل إعجاب الضيفة، من خلال العديد من المواقف. إلا أن قدري يكسب ودها وتتبدل حياة العائلة.

خلال عملي الصحفي سعدت بمقابلات صحفية كثيرة، من بينها ما كان مؤتمرات صحفية أو مقابلات منفردة ومن الذين التقيتهم ذات يوم وسعدت بحضوري ودعوتي لمؤتمرهم الصحفي بنظير بوتو رئيسة وزراء باكستان حينما كانت في زيارة رسمية للدوحة وكان اللقاء معها في قصر المرمر بمنطقة الرميلة وقبل موعد اللقاء بيوم أخذت أسأل عنها من خلال بعض الأصدقاء في وزارة الخارجية، وحين بدأ المؤتمر الذي جمعني وبعض الزملاء الصحفيين جذبتني شخصيتها وردودها على الأسئلة التي وُجهت إليها وقد بُهرت بشخصيّتها وكذلك كاريزمتها وجمالها فسألتها كيف تحاربين الإرهاب كـ رئيسة وزراء «خلقها الله جميلة «وأنت أيضاً ابنة ذو الفقار علي بوتو الذي تم الانقلاب عليه؟ ردت السيدة بنظير بوتو بأنها تحارب الإرهاب وستظل تحاربه بكافة أشكاله وأنواعه وأنها إنسانة تعشق الحرية والديموقراطية. وكانت سعيدة بحصولها على جائزة الليبرالية الدولية، خاصة وان هذه الجائزة تُمنح لأي فرد أو مؤسسة بذلت جهودًا لتعزيز الحرية والديمقراطية. ولهذا زادت الأحزاب الراديكالية أثناء فترة حكمها. لماذا اكتب عن بنظير بوتو؟، لأنها سبحان الله ورغم أنها تولت رئاسة الحكومة مرتين. وكانت تحارب الإرهاب بكافة أشكاله إلا انه في يوم 27 ديسمبر 2007 وبعد خروجها من مؤتمر انتخابي لمناصريها وقفت في فتحة سقف سيارتها لتقوم بتحية الجماهير المحتشدة وفجأة أُطلق عليها النار وقتلت «برصاص في العنق والصدر» تبعها عملية تفجير قام بها انتحاري يبعد عنها 25 مترا. وقد هزّ الانفجار المنطقة التي كان يمرّ بها موكبها في مدينة روالبندي. وقيل وقتها إنّها غادرت الموكب، ثم أعلن زوجها لمحطات محلية «أنّها أصيبت بجروح بالغة»، ثم أضافت مصادر من حزبها أنها «تخضع لعملية جراحية عاجلة»، ليعاد بعد عشرين دقيقة إعلان وفاتها. حيث روت التقارير الأولية «إصابتها برصاصة برأسها وأخرى بعنقها».

لشارع الشانزليزيه قصص وحكايات ومواقف في حياتي فقد زرت باريس وذهبت اليه مراراً وتكراراً وكم قصدته وجلست في مقاهيه الشهيرة منذ ان كانت رحلتي إلى باريس لأول مرة عام 1987 وكنت فيها ذاهباً لاعداد حلقات لبرنامج مسافر زاده الخيال الذي كنت اعده للقناة الثالثة بالتلفزيون المصري وكانت للرحلة قصة طويلة وطريفة اذ إن زيارتي الاولى لها لم تكن عادية بل كانت رائعة اذ كانت بدعوة مع أصدقاء بطائرة خاصة حتى انها هبطت بنا في مطار لوبورجيه وهو المطار المخصص لهبوط طائرات المهام الخاصة والوزراء وكبار المسؤولين وكبار رجال الأعمال حتى اننا حصلنا على تأشيرات الدخول هناك بمجرد ان حطت الطائرة المطار.. وفي اليوم التالي وبعد إقامتنا الفندقية ذهبت مع الصديق مرافقي لشارع الشانزليزيه وترجلنا فيه. وكانت تلك بداية معرفتي لهذا الشارع التاريخي الذي نجد فيه صنوف العالم من كل الجنسيات يزورون قوس النصر او الأوبرا او المتحف او المسلة المصرية أو غير ذلك من المعالم. وتتعدد الزيارات منذ تلك السنوات. والتقي في هذا الشانزليزيه العديد من الشخصيات ونجوم المجتمع المصري والعربي. وهنا سأتوقف عند لقاء رتبه القدر كنت قد انتهيت من جلسة مع المطرب محمد فتحي وكان محببا يطلق على نفسه عندليب لندن وكان في زيارة لباريس وجلسنا في مقهى دروج ستور حيث تواعدنا وبعدها ترجلت في الشانزليزيه وفي منتصفه شاهدت واحدا من أبرز الشخصيات الرياضية القطرية جالسا في مقهى الـ فوكيت وهو المقهى المحبب له ولي ايضا فـ انطلقت نحوه مقترباً منه وصافحته وعرفته عن نفسي قلت له أنا عاطف سليمان الصحفي طال عمرك فاذا به يقول حياك الله يا عاطف وجلست بجواره ودعاني على قهوة وسألني: وينك الحين قلت له عدت لاخبار اليوم في مصر بعدما توقفت جريدة العرب طال عمرك بعد وفاة عميد الصحافة عبدالله حسين نعمة. وإذا به يقول لي أنت مكسب لنا وفي لحظة قام بالاتصال بأحد رؤساء التحرير الأعزاء وبلغه انني معه حاليا في باريس وطلب منه ان أتعاون معه كمراسل له من مصر وطبعا كنت في غاية السعادة لان يتصل من اجلي ويوصي بي وهو ما تم لفترة طويلة ان أكون مراسلاً من القاهرة بفضل هذا الاتصال.. وتمر الأيام لألتقي بصديق من الأصدقاء ورفاق الدرب الصحفي في ذات المكان وتكون مناسبة عزيزة لحدث عزيز . ألم أقل لكم ان لي في شارع الشانزليزيه قصصا وحكايات. ومواقف وطرائف حتى انني كتبت قصة فيلم. بعنوان «شارع الشانزليزيه «ستخرج للنور قريبا.

لم أبالغ في مقال سابق في مثل هذه الأيام الكريمة العام الفائت حينما كتبت عنواناً لمقالي «حينما تلتقي الدبلوماسية مع فائق الإنسانية». وكنت أقصد فيه الكتابة عن حدث رمضاني وإنساني من خلال سفارة دولة قطر في القاهرة وسفيرها سعادة السيد طارق علي فرج الأنصاري الذي عُرف في أوساط الدبلوماسيين والصحفيين والإعلاميين بحبه للتواصل وإقامة فعاليات الخير خاصة في الشهر الفضيل شهر رمضان. نعم فخلال أسبوع واحد قام بزيارة لمعهد سرطان الأطفال تصحبه كتيبة من أعضاء السفارة وإعلاميين وصحفيين وغيرهم وقدم هدايا للأطفال. وكنا بصحبته ودعاهم لحفل الفطور وذويهم وقبلها كان قد مرَّ عليهم ورسم البسمة على شفاههم. وكان حقاً حدثاً إنسانيا جميلا.. ولم يمر الأسبوع حتى كان قد رتب حفلا آخر في فندق الريتز كارلتون على نيل القاهرة للاحتفال بيوم اليتيم ودعوة وزراء وسفراء وكتاب وإعلاميين وفنانين أيضاً لحضور الاحتفالية وكم كانت فرحة الحضور واليتامى بمثل هذا الحدث الإنساني والذي شاركت فيه أكثر من جهة منها جمعية قطر الخيرية والخطوط الجوية القطرية. وقام السفير بتوزيع الهدايا على الأطفال ثم قدم تحية للحضور بكل فئاتهم وهي لفتة هامة حينما تجد الداعي يشكر المدعوين بصفاتهم ولا تغيب عنه هذه اللفتة في معظم احتفالاته ودعواته التي أسعد بحضوري فيها. وعقب تناول الفطور ألقى السفير طارق الأنصاري كلمة رحب فيها بالضيوف.. وأشار فيها إلى قوة التعاون المصري- القطري على الصعيد الإنساني. وأكد الأنصاري أن كلا البلدين يجمعهما العديد من الثقافات والعادات المشتركة ومن بينها الاحتفاء بيوم اليتيم سنويًا لتقديم الاهتمام لهؤلاء الأطفال كونهم يمثلون مستقبل الدول. وأضاف أن الهدف من الاحتفالية إشعار الأطفال بالحضور المجتمعي حولهم، وإرسال رسالة بأننا نهتم بهم خاصة في شهر رمضان الكريم، قائلا: رمضان في مصر حاجة تانية.. وفي قطر رمضان حاجة تانية فكلا البلدين يتمتعان بالكثير من العادات المشتركة في رمضان.. وأبرزها الحرص على الإفطار سويًا للمزيد من الحب والمودة.. نعم فكما هو معروف فـ إن الله سبحانه وتعالى قد أمر بالإحسان إلى اليتيم في أكثر من آية من كتابه الكريم فقال الله عز وجل (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ) وقوله تعالى «وأما اليتيم فلا تقهر» صدق الله العظيم نعم فقد جعل الله تعالى الإحسان إلى اليتامى قربة من أقرب القربات ونوعا عظيما من البر وقد رأينا الحبيب المصطفى يقول (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة) كما بشر الرسول كافل اليتيم بالنجاة من النار يوم القيامة، اليتيم هو الذي فقد العاطفة، والرحمة، واللباس الجيد. والطعام الجيد والشراب الجيد، والتعليم الجيد، ومعروف أن في مصر ما يزيد على 2 مليون طفل يتيم ومعظمهم من الفقراء يحتاجون إلى مد يد العون إليهم. ولا يبقى إلا تقديم الشكر لدولة قطر ومن شارك وساهم في تلك الاحتفالية الرمضانية ولسعادة السفير الذي تميز بـ إقامة الكثير من حفلات الإفطار في شهر رمضان المبارك.. ورمضان كريم

كان ذاك في شهر رمضان المبارك وكنا نقدم صفحة يومية في جريدة العرب عن الشهر الفضيل تتضمن مقابلات صحفية مع شخصيات ذات علاقة أو شرح أحاديث أو غير ذلك مما له علاقة بالشهر الكريم.. وكان قبل أن يبدأ هذا الشهر تقوم دولة قطر باستضافة بعض علماء الدين والقراء ويتم وضع جدول لهم لإلقاء محاضرات أو أمسيات دينية وكان مكان إقامتهم المعروف فندق الواحة وكنا نذهب إليهم كصحفيين نحاورهم ونجري مقابلات صحفية معهم. كنت أريد أن ألتقي بفضيلة الشيخ محمد الغزالي خاصة أنه شخصية محبوبة ومعروف عنه حسن تعامله بآرائه الوسطية والمعتدلة لذا كان محبوبا ممن يعرفه وممن لا يعرفه.. ذهبت إليه في فندق الواحة واستقبلني بابتسامة وقال لي اسأل كما تشاء وبالفعل طرحت عليه أسئلتي عن العديد من الأمور الدينية منها ما هو بشكل عام ومنها ما يخص شهر رمضان الكريم والحق طلب لي فضيلته مشروبا ثم أمسكت المسجل الخاص بي وبدأت أسجل المقابلة بالأسئلة والأجوبة ولم أحس لحظة أن فضيلته قد تململ من أي سؤال طرحته عليه. وبعد أن فرغت من طرح الأسئلة الخاصة بصفحة رمضان كريم سألته وقلت له لديَّ سؤال وحاسس إني محرج أسأله لفضيلتك.. هنا أحس فضيلته أني فعلا محرج. فقال لي لا تُحرج. سل ما عندك ولا تخجل.. قلت له المسألة ليست خجلا أو تحسساً فقط أريد رأي فضيلتكم. أنا أساسا خريج صحافة ومعهد السينما وأحب الفن منذ صغري بل وعملت به وأعلم أن لفضيلتكم رأياً في الفن وأريد أن أستفيد وأستزيد من رأيكم.. هنا ابتسم فضيلته وقال لا تتحرج مرة أخرى لهذا السؤال أو غيره وأنا عايز أقول لك أنا شخصيا أستمع لأم كلثوم وأغاني عبد الوهاب وأزيدك أيضا، أنا أعزف على البيانو ثم أضاف قائلا لي إن الأصل في الأشياء الإباحة، وأنه لم يرد حديث صحيح في تحريم الغناء على الإطلاق، مؤكداً أن الغناء ما هو إلا كلام فحسنه حسن وقبيحه قبيح، وقال عن الموسيقى: والموسيقى كالغناء، وقد رأيت في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم مدح صوت أبي موسى الأشعري - وكان حلواً- وقد سمعه يتغنى بالقرآن فقال له: لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود. ولو كان المزمار آلة رديئة ما قال له ذلك. وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الدف والمزمار دون تحرج، ولا أدري من أين حرم البعض الموسيقى ونفر في سماعها؟. وحقاً كانت مقابلتي مع فضيلته من أهم حواراتي ومقابلاتي الصحفية وكانت تلك من أجمل ما صادفته في فندق الواحة ومدينة الدوحة.

كان فندق شيراتون الدوحة في تلك السنوات واحدا من أهم الاماكن التي تصنع فيها الاحداث الكبرى سواء سياسية او فعاليات وغيرها، وكان اشهر مكان يقيم فيه الزعماء والرؤساء والأمراء والمشاهير، وكم من مؤتمرات القمة عُقدت فيه، وكم من زعيم ووزير التقينا به في ذات الفندق، فلم يكن هناك من الفنادق في تلك الايام. إلا الشيراتون وكان اشهرها وفندق الواحة والذي لم يكن يُقارن به. وذات يوم وكان ذلك بعد تحرير الكويت علمت ان قائد القوات المشتركة الفريق الركن الأمير خالد بن سلطان، قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات، في الأراضـي السـعودية، وهو نجل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع والطيران السعودي، والذي شغل لعدة سنوات منصب قائد قوات الدفاع الجوي السعودي سيزور الدوحة، وفي ذاك الوقت كان المستشار الثقافي بالسفارة السعودية من أقرب أصدقائي وطلبت منه ان يسهل لي اجراء مقابلة مع الأمير خالد بن سلطان فإذا به يخبرني انه من الصعوبة عمل مقابلة صحفية معه لأن وقته ضيق جدا. وبعد أن سمعت منه هذا لم أيأس فطلبت السكرتير الأول بالسفارة فإذا به يعتذر ايضاً لضيق الوقت وهو نفس السبب، فطلبت منه ان امكن ان أتواصل مع العقيد عبدالحميد الشيخ، وكان سكرتير الامير العسكري فاذا به يعتذر ايضاً بحجة انه مشغول وليس لديه وقت لمقابلات صحفية. ولم يهدأ عقلي، وصممت على المقابلة واحاول وأفكر، وبعد بوصوله بسلامة الله للفندق بساعة راقت لي فكرة، ولم تكن هناك بالطبع تليفونات جوالة ومحمولة فاتصلت بصديق لي كان يعمل في المكاتب الأمامية بالفندق وقلت له أريد خدمة منك وأراها ضرورية وموقف نبيل لن أنساه لك وهي ان توصلني بجناح سمو الأمير خالد بن سلطان أريد ان أقابله ضروري. المهم استجاب صديقي موظف الشيراتون وبالفعل حولني لسمو الأمير ورد شخصياً علي وعرفته بنفسي وأنه من الأهمية بمكان أن اجري معه حوارا لـ جريدة العرب عن بطولات ما قامت به القوات المشتركة من عاصفة الصحراء وغيرها وكيف استطاع شخصيا تحقيق النجاحات العسكرية خاصة انه يتولى مسؤولية قيادة القوات المشتركة وكيف كانت تلك المهمة الصعبة للغاية، خاصة ان الأطراف الداخلة في النزاع متعددة وكثيرة، فالقوات يزيد عددها على نصف مليون جندي من 25 دولة عربية وأفريقية وغربية، وكيف هيأ مسرح العمليات لاستقبال هذه الألوف المؤلفة من الجيوش، المهم قال لي سعادته تعال لي الفندق بعد 3 ساعات اذ كان لديه موعد مع الزعيم العطية ويكون قد انتهى من موعده المسبق. وشكرت بالطبع سمو الأمير لاستجابته وموافقته، وما مرت 10 دقائق إلا وتلقيت 3 اتصالات متوالية من كل من طلبت منهم موعدا واعتذروا، وفجأة تحول الموقف وتكون كلماتهم سمو الأمير منتظرك في جناحه بعد صلاة العصر. وسبحان الله كل من كان يقول صعب جدا مقابلته واعتذر عاد ليؤكد ان سموه منتظرني والحمد لله تمت المقابلة ونُشر الحوار الصحفي في اليوم التالي مباشرة.

يوم الأحد الماضي وأنا جالس بمكتبي بـ «أخبار اليوم» تلقيت دعوة من سعادة السيد طارق علي فرج الأنصاري سفير دولة قطر بالقاهرة يدعوني لحضور ندوة عن «دور الإعلام في الأمن والسلام» ونظرت لموعدها فإذا بها ستقام بعد 3 ساعات من تلقي الدعوة. أنهيت عملي بالأخبار وتوجهت لمؤسسة الأهرام جارتنا الصحيفة العزيزة وذهبت لقاعة محمد حسنين هيكل فإذا أنا في مواجهة نخبة من أهل السياسة والإعلام والصحافة والفن وكان حقاً استقبالا حافلا من الدكتور محمد فايز فرحات رئيس مجلس مؤسسة الأهرام والقائمين على الندوة. استهل السفير طارق الأنصاري البداية متحدثاً عن دور الإعلام والمعاهدات الدولية تجاه ذلك، ثم أفاض في الحديث عن العلاقات المصرية القطرية، مشيداً بعمقها وتواصلها وتناميها وكيف أن سمو الأمير يؤكد في المحافل الدولية على الدور الذي يلعبه المقيمون جنباً إلى جنب مع المواطنين في قطر. ليس هذا فقط بل إن السفير المثقف والمفوه عرج على الشخصية المصرية مشيراً إلى أن الإلهام المصري ليس وليد اليوم بل انه ضارب بجذوره في أعماق التاريخ وانه إلهام مستمر لا ينضب وان شخصية المصري دائما ملهمة ويُضرب بها المثل. وتحدث الكاتب المعروف جاسم فخرو عن العلاقات القطرية المصرية وعشقه المصري الذي لا ينضب وتذكر كيف جاء للقاهرة وعمره 9 سنوات. ثم ألقى قصيدة كتبها بعنوان: لبيك مصر لبيك فالفؤاد يهفو إليك أنت الهوى وأنت النوى وكلنا منك واليك ولم يتوقف الحوار والمداخلات عند حد معين بل تحدث السفير الأنصاري عن أهمية وتنامي الاستثمارات القطرية في مصر. ثم تعمق في حديثه عن الدور الكبير الذي لعبته الدولتان مصر وقطر في قضية فلسطين وهدنة غزة. وأشار محمد العرابي وزير الخارجية المصري الأسبق الى الدور الكبير الذي يلعبه الإعلام في حياتنا، وكيف أصبح له مع الدبلوماسية من دور خطير في حياتنا وأهمية الإعلام في بث السلام ليس هذا فقط، بل أشار لدور الإعلام في الأزمات، وكيف يمكن له في تقريب وجهات النظر والتعاون بدلا من الصراعات، وكيف انه علينا ان نحارب الإعلام الذي يحرض على الحروب والعنف. كما تحدث الدكتور محمد فايز فرحات عن كيف ان الإعلام سلاح ذو حدين فهو صانع للسلام، وتم استخدامه لنشر التسامح والتعايش والمساواة بين الناس، مؤكدا أن علينا أن ننتبه للإعلام الهدام والذي لا يحقق السلام في مجتمعاتنا وأن علينا أن نعطي مساحات أكبر للإعلام الذي يدعو للسلام. ثم تحدث كاتب هذه السطور عن ان الإعلام قد اصبح الآن فضاء مفتوحا. ولم تعد هناك حواجز وان علينا ان ننتبه لدعاة التخريب فالسلام في الإعلام يأتي من انفسنا بأن نحذو نحوه وأن نبتعد عن الهدم والتخريب ولابد للإعلام من أن يكون ايجابياً بل ويلعب دوراً كبيراً في دعم السلام، ثم تطرق للحديث عن العلاقات المصرية القطرية والجالية المصرية في قطر، مشيرا أنه عمل بجريدة العرب في النصف الثاني من الثمانينيات من القرن الماضي، وقال إنه حينما حدث في مصر الزلزال الشهير ذهب وفد مصري ثقافي وفني إلى قطر وكانت وقفة مميزة منها بجانب شقيقتها مصر. وتحدث الفنان محمد ثروت عن زيارته لقطر والأسبوع الثقافي حيث كان سعيدا بزيارته لها وحبه لما رآه هناك. وتحدثت الكاتبة الصحفية سوسن عز العرب عن التعاون الصحفي بين البلدين خاصة بعد زيارتها لقطر، والنهضة العمرانية التي شاهدتها هناك ثم تحدث ضيوف آخرون عن العلاقات القطرية المصرية وأهمية التعاون بينهما. وكانت حقا ندوة استحقت ان تضاف لرصيد السفير طارق الأنصاري الذي لا يتوانى عن كل جديد يراه لخدمة البلدين مصر وقطر.

عبر السنوات الماضية اختلفت بل وتغيرت مهام السفير الذي يتولى منصبه خارج بلاده ويكون ممثلاً لبلاده في بلد آخر اصبح توثيق العلاقات وتناميها وتطويرها من أهم المهام. فـإلى جانب السياسة اصبحت اقتصادية وثقافية وفنية وكذلك رياضية وغيرها كما هو أصبح معتادا هذه الايام ومن خلال دبلوماسية السفير الذي يشغل منصبه يظهر جيداً مدى قوة هذه العلاقات وتناميها ومنذ عام ونصف تقريباً أرسلت قطر لمصر السفير طارق علي فرج الأنصاري بعدما شغل ذاك المنصب في جنوب أفريقيا ومن خلال متابعتي له كتبت عنه مقالا بـ جريدة الاخبار والتي أعمل بها نائباً لرئيس تحريرها واصفاً إياه بأنه السفير القطري المصري ومنذ يومين دعاني سعادته للمشاركة في الاحتفال. باليوم الرياضي لدولة قطر والذي أقيم بالنادي الأهلي، وكم كان هذا اليوم الذي اعتبرته قطر. يوماً رسمياً يهدف إلى تدعيم أهمية الرياضة وإنشاء مجتمع صحي وخلق وعي عن أهميتها، وقد كان هذا من خلال مبادرة مبتكرة تبناها أمير البلاد المفدى، لتبني نمط حياة صحي يعيشها المجتمع.. والحق كان يوما جميلاً رسم البهجة على الحضور المشاركين فيه، ووجدت سفراء وإعلاميين وفنانين وغيرهم من المدعوين بزيهم الرياضي يلعبون ويبتسمون. ويفوزون وهناك مشاهدون تميزت الصالة المغطاة بالنادي الاهلي بصوت الفائزين وضحكات المتابعين وتصميم المنافسين وتصفيق المتفرجين وهم يرون أعضاء البعثة الدبلوماسية وعلى رأسها السفير يلعب هنا وهناك مع المدعوين كل يمارس ما يحبه، فـها هو مرة نراه يلعب البنج بونج ومرة يشارك في كرة القدم ومرة ثالثة يمارس رياضة الضغط. ‎ونرى نائبته وزميلاتها يشددن الحبل ثم يركضن، ومساعداه الكواري والحنزاب يفضلان لف التراك، وهكذا يمر يوم سعيد مبهج قدمته دولة قطر لمحبيها وضيوفها وشاركتهم يوماً رياضياً حافلا استمتع فيه القائمون عليه وضيوفهم بسعادة بالغة بعيدين عن الروتين الدبلوماسي اليومي المعتاد.. فـشكرا جزيلاً لصاحب تلك المبادرة والأيام الرياضية الرائعة التي تجعلنا ننتهج صحة أفضل.

إبان أزمة الكويت والغزو العراقي والتي بدأت في 2 اغسطس 1990 وما حدث بعد ذلك تم تكليفي بإجراء حوارات ومقابلات مع الإخوة الكويتيين الذين أقاموا حينذاك في الدوحة وبالفعل اجريت حوارات عدة نشرت تباعاً بجريدة العرب ونالت استحسانا كبيرا خاصة انني كنت ابحث عن كل أخ كويتي ليحدثني عما رآه وكيف جاء هو وأسرته وظروفه مع عمله وغير ذلك وكانوا بالطبع يشيدون بما وجدوه من رحابة صدر واستضافتهم وتوفير كل شيء لهم حتى انني كنت يومياً اذهب اليهم في عمارة الكويتيين بمنطقة النجمة وأماكن اخرى يقيمون فيها وهكذا استمر الحال إلى ان جاء يوم 26 فبراير 1991 ليتم الاعلان عن تحرير الكويت بعد حرب الخليج الثانية. وكانت فرحة ما بعدها فرحة وفي نفس اليوم طلبني الزميل خالد نعمه رئيس التحرير وكان زميلاً لنا بكلية الإعلام جامعة القاهرة ،واجتمع معي وطلب مني ان أقوم بتغطية الاحتفال بتحرير الكويت وسيكون معي ومعنا زميل مصور. وطلب ضرورة ان احضر جواز السفر للحصول على تأشيرة مرور من سفارة المملكة العربية السعودية وهو ما تم بشكل عاجل وفي اليوم التالي ذهبنا مع رئيس التحرير. وانا والزميل المصور سيد رضوان رحمه الله بسيارة مررنا بمدن السعودية وصولا للخفجي. وهناك توقفنا لشراء بعض الأطعمة من أجبان وخبز وغير ذلك. وبالطبع مررنا على أكثر من نقطة تفتيش إلى ان وصلنا للكويت ليلاً وذهبنا إلى فندق الشيراتون حيث تم الإقامة به وكانت أولى المفاجآت انه لا توجد غرف ومن يريد ان يستريح او ينام فاللوبي موجود فما كان منا إلا ان ننام على كراسي متوفرة. وهناك من احب ان ينام على «الزولية» ومن عناء مشوار السفر بالبر. والإرهاق وساعات السفر الطويلة نمنا. ولم نستيقظ إلا فجراً لنكتشف ان أكلنا تم أكله من بعض القطط التي كانت تحوم داخل الفندق يا حسرتاه. نحن جوعى وما ان اشرقت الشمس حتى جاء إلى الفندق بدر جاسم اليعقوب وكان حينذاك وزيراً للإعلام، التقى بنا وشد من أزرنا ووجهنا لعمل لقاءات وتحقيقات لأماكن تم نهبها وتدميرها وخرابها. وبعد مقابلة طيبة ومفيدة معه كان لابد من البحث عن اي لقمة عيش. وسألنا وعلمنا بأن هناك مخبز عيش بلدي وبالفعل توجهنا اليه ووجدنا هناك عمالا مصريين يعملون بالفرن فأعطونا خبزا ساخنا كثيرا بالمجان والحمد لله أكلنا الخبز. مع كوب شاي وذهبنا لعمل بعض اللقاءات وتصوير أماكن. وقصور وبيوت وغير ذلك مما خلفه الغزو. وما ان جاء العصر حتى عدنا لمكاننا في اللوبي ومن يلحق كرسي يلحق من زحام المراسلين والصحفيين والإعلاميين، المهم جلسنا نستريح واعلن الجوع عن تأثيره علينا ففكرت وقلت للأستاذ خالد وزميلي سيد اتركوني وقتا قليلا ادبر شيئا نأكله وهنا كنت قد علمت من زميل صحفي ان بعثة اشهر قناة اخبارية في ذاك الوقت الـ cnn تقبع في ميزانين الفندق. اي اعلانا بدور واحد فقط تعمدت بـجرأة وبلطف شديد ان أتحدث اليهم بكلمات بسيطة تدل على مهنيتهم العالية في التناول. ووجدت معهم ووسط الكاميرات والميكروفونات واجهزة البث وعالم آخر مختلف عنا تماما وجدت معهم ما لذ وطاب وتفاح امريكاني قلت لهم نحن زملاء لكم. وبصراحة نحتاج منكم بعض ما يمكن ان نأكله خاصة أنكم تعلمون الظروف ولا توجد مطاعم بالخارج والبلد كلها مدمرة كما تعلمون. بصراحة انتبهوا لما قلته لهم وعدت لـخالد نعمه وسيد رضوان بـأجبان. وتفاح امريكاني اخضر وأحمر. وسعدنا جدا. وفرحنا وأكلنا وبعدها اجريت حوارا مع وزير الإعلام ومسئولة بالخارجية وغيرهما. ويأتي اليوم التالي وذهبنا لإحدى الفيلات الموصوفة لنا وما إن ولجت الفيلا أنا والمصور. ونبهته كي يصور حجم الدمار الواضح في بعض الأمكنة. والتلفيات الكثيرة وبعد دقائق إذا بـشاب يرتدي بدلة عسكرية وبيده بندقية مشيراً لي ولزميلي «وجف عندك» مهدداً لنا ومصوباً بندقيته إليّ. فإذا بي أقف قائلا له «هو احنا جايين هنا نكتب ونصور. وإلا جايين تقتلونا». هنا توقف الشاب ويبدو انه علم بلهجتي المصرية فقال أنت مصري؟ قلت نعم مصري وصحفي ومعي تصريح. فتلطف في الحديث معنا. وهكذا مرت لحظة لا تنسى في حياتي. المهم ان هذا الشاب اصبح صديقا لي وكنا نلتقي كلما جاء الى الدوحة انه الشيخ طلال خالد الصباح.