رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
في حضن الأرض التي لا تسألنا من أين جئنا، بل تحتفي بما نحمله من إنسانية، تنبت جذور الانتماء من رحم الاحترام، وتزهر مشاعر الولاء في ظل الكرامة. قطر، يا أرض الطمأنينة، يا وطن الأمن والسلام، يا حضن الحلم الذي صار واقعًا، ويا دفء القلب الذي وجد نبضه فيك. هنا، لا يُقاس الإنسان بجنسيته، بل بما يقدمه من خير، ولا يُوزن بالعِرق، بل بالعلم والعمل. في قطر، كل خطوة على ترابها تُشعرنا أننا في بيتنا، وكل نسمة من هوائها تُنادي فينا: «أنت منّا، وإن لم تولد هنا». يا قطر، يا أرض الخير، يا وطن الأمان، يا نبض الإنسانية، يا من فتحتِ لنا أبواب الحياة بكرامة، واحتضنتِ أحلامنا دون شروط، ورفعتِ راية الاحترام فوق كل اختلاف. حكومتك الرشيدة، وشعبك الكريم، هم مرآة النبل، وعنوان السخاء، ومصدر الطمأنينة. فيك تُبنى الأسر، وتُحترم الشهادات، وتُقدّر الجهود، وتُصان الكرامة. فيك نزرع الأمل، ونحصد السلام، ونكتب قصة انتماء لا تُنسى. قطر، أنتِ الوطن الذي لا يُشترط فيه الأصل، بل يُصنع فيه المستقبل، وتُولد فيه الإنسانية من جديد. بين الأرض التي وُلد فيها الإنسان، والأرض التي احتضنت إنسانيته، يبقى سؤال الانتماء حاضرًا في وجدان كل من عاش تجربة الاغتراب: أيهما أولى بالولاء؟ هل الوطن هو حيث الجذور والذكريات، أم حيث الكرامة والاحترام؟ ليس من السهل أن يفصل الإنسان بين حنينه لأرض نشأ فيها، وبين امتنانه لأرض منحته ما كان يحلم به من فرص وعدالة وطمأنينة. فالوطن، في جوهره، ليس مجرد مكان وُلدنا فيه، بل هو حيث نشعر بأننا مرئيون، مسموعون، ومُقدّرون. من منظور علم النفس والفلسفة، الانتماء ليس فقط ارتباطًا جغرافيًا، بل هو علاقة وجدانية وعقلانية مع بيئة تُنصف الإنسان وتُقدّر جهده. ومع ذلك، فإن الأرض التي وُلدنا فيها تبقى جزءًا لا يتجزأ من هويتنا، نحملها في قلوبنا، ونحترم تاريخها، ونعتز بجذورنا فيها، حتى وإن حالت الظروف دون أن نعيش فيها كما نأمل. الولاء لا يعني الإنكار، والانتماء لا يعني النسيان. بل هو توازن بين الوفاء للأصل، والامتنان لمن فتح لنا أبواب الأمل. فالأرض التي منحتنا فرصة جديدة للحياة بكرامة، لا تلغي حبنا للأرض التي وُلدنا فيها، بل تُكمله وتُثريه. وفي هذا السياق، لا يسعنا إلا أن نُعبر عن خالص الشكر والامتنان لدولة قطر، قيادةً وحكومةً وشعبًا، التي أثبتت أن الوطن الحقيقي هو حيث يُحترم الإنسان. فبقيادة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبحكمة حكومة دولة قطر الرشيدة، وبطيبة شعبها الكريم، أصبحت قطر نموذجًا للأمان والكرامة الإنسانية. قطر لم تطلب منّا أن نكون منها، بل أن نكون إنسانًا فقط. هنا تُحترم الشهادة، ويُقدّر الجهد، وتُصان الكرامة، وتُبنى الأسر، وتُزرع الأحلام، وتُحصد الطمأنينة. هنا لا يُسأل الإنسان عن أصله، بل يُحتفى بما يقدمه. قطر هي الوطن الذي يُصنع فيه الانتماء. وهي الأرض التي تستحق أن نُخلص لها، ونحميها كما حمتنا، ونبني فيها مستقبلًا يليق بإنسانيتنا، دون أن ننسى جذورنا، أو نجحد أرضًا وُلدنا فيها، بل نُكرمها بالوفاء، ونُكرم قطر بالانتماء.
441
| 19 سبتمبر 2025
في الفضاء الواسع، لا يسكنُ الناسُ وحدهم، بل يسكنُ معهم وجعٌ لا يُقال، وحنينٌ لا يُحتمل. ذكرياتٌ مثقلةٌ، وأرواحٌ ترتجفُ خلفَ جدرانٍ لا تنطق، وصمتٌ يعلو فوقَ كلِّ صوتٍ، كأنّهُ شاهدٌ على ما لا يُروى. هنا، ينامُ الطفلُ على وسادةٍ من خوفٍ، وتختبئُ المرأةُ خلفَ ستارِ الحذرِ، ويحملُ الشيخُ أنفاسَهُ على كفٍّ من رجاء، لأنّ الحلمَ بمأوى آمنٍ باتَ بعيدًا، كالغيمِ في صيفٍ حارق. البيوتُ لم تعدْ مأوى، بل جدرانٌ متلاصقةٌ، تتشابكُ فيها الأنفاسُ، وتتصادمُ فيها الأحلامُ، وتتسللُ الأمراضُ من زاويةٍ إلى أخرى، كأنّ الحريقَ في بيتٍ واحدٍ لا يكفي، بل يمتدُّ ليحرقَ الجميع. غيابُ السلامةِ من الحريقِ ليسَ خطأً فرديًا، بل جرحٌ جماعيٌّ، يتركُ أثرًا في كلِّ ركنٍ، والنظافةُ التي غابتْ عن الساحةِ المشتركةِ، حوّلتها إلى ملعبٍ للأوبئة، وبيئةٍ خصبةٍ للداء. هنا، لا فرقَ بين كبيرٍ وصغيرٍ، فالمرضُ لا يختارُ ضحيةً، بل يطرقُ كلَّ بابٍ، والساحةُ التي تجمعُنا، أصبحتْ منفىً للوعي، كأنّها ليستْ مسؤوليتَنا، وكأنّنا لا نسكنُ فيها جميعًا. ويشتدُّ الصراعُ بين العازبِ والعائلةِ، فالعازبُ يطلبُ حريةً لا تُقيَّد، والعائلةُ تبحثُ عن سكينةٍ لا تُنتهك، وفي هذا التداخلِ، تُقيَّدُ الحرياتُ، وتُكسرُ المشاعرُ. لكنّ الحلَّ لا يحتاجُ معجزةً، بل صوتَ مراهقٍ ناضجٍ خرجَ من بينِ الجدرانِ، ينادي بحلٍّ يحفظُ الكرامةَ، ويصونُ الحقوقَ، مدنٌ للعزابِ، فيها كلُّ ما يُغنيهم عن الاختلاطِ بالعائلات. خدماتٌ، صحةٌ، تسوّقٌ، رياضةٌ، ترفيهٌ، تمنحُ العازبَ حريتَهُ، وتحفظُ للعائلةِ دفءَ بيتِها، وتُراقبُ الساحاتِ، وتُفتّشُ على ضوابطِ السلامةِ والنظافةِ، كي لا يُحرقَ بيتٌ، ولا يُمرضَ جسدٌ، ولا تُهدَرَ روحٌ. نداءٌ يخرجُ من قلوبٍ منهكةٍ، توسُّلٌ من أصواتٍ جفّتْ في الحناجرِ، صرخةٌ من شوارعِ الخورِ، من أزقّتِها، من أسوارِها المشتركة، تسافرُ إلى الشمالِ ومدنِه، ثم تعودُ إلى قلبِ الدوحةِ، تطلبُ الرحمةَ، تطلبُ الحلَّ، تطلبُ المساعدة. المسؤوليةُ ليستْ شعارًا، بل حياةٌ تُبنى، والرحمةُ ليستْ عاطفةً، بل يدٌ تُمدُّ حينَ يُستغاثُ بها، والعدلُ ليسَ ترفًا، بل أساسٌ لا يُستغنى، فهل من قلبٍ يسمعُ؟ هل من عينٍ ترى؟ هل من يدٍ تُعانقُ النداء؟ فيا من تسكنون خلف الجدران، اسمعوا نداءً خرج من حناجر جفّت، ومن قلوبٍ أنهكها الانتظار. صرخةٌ لا تحمل كلماتٍ فقط، بل تحمل أرواحًا تبحث عن دفء، عن مأوى، عن حياةٍ لا تُحرق ولا تُهدر. الحريقُ لا يعرفُ بيتًا واحدًا، بل يزحفُ كوحشٍ أعمى، يلتهمُ كلَّ ما حوله، والنظافةُ ليست رفاهية، بل درعٌ يحمي من أمراضٍ لا تُحصى، بعضها نعرفه، وبعضها لم يُكتشف بعد. في الساحاتِ المشتركة، حيثُ تلتقي الأنفاسُ، تُزرعُ بذورُ الوباء، ويُصابُ الشيخُ والطفلُ والمرأةُ والرجلُ، دونَ تمييز، دونَ رحمة، كأنّ المكانَ لا يعنيهم، كأنّ المرضَ لا يطرقُ أبوابَهم جميعًا. وحين تتداخلُ حياةُ العازبِ والعائلةِ، تُقيَّدُ الحرياتُ، وتُكسرُ المشاعرُ، ويولدُ صراعٌ لا يُرى، لكنه يُشعر. ومن بين هذه الجدران، يخرجُ صوتُ الحكمةِ من مراهقٍ ناضجٍ، يقترحُ فصلًا لا يُقصي، بل يُنقذ، مدنًا للعزابِ تحفظُ كرامتهم، وتُعيدُ للعائلةِ سكينتها، وللجميعِ حق في حياةٍ آمنةٍ، نظيفةٍ، راقيةٍ، فهل من قلبٍ يسمع؟ هل من يدٍ تمتد؟ هل من ضميرٍ يستيقظ؟
270
| 05 سبتمبر 2025
في ظهيرة صيفية، جلستُ على شرفة تطلّ على البحر، أراقب الشمس وهي تلامس وجهي كأنها تهمس لي: «أنا الحياة، وأنا الخطر». لم تكن تلك اللحظة مجرد استراحة، بل بداية رحلة تأملية في العلاقة المعقدة بين الإنسان والشمس، بين الصحة والضوء، بين الجسد والروح. ومنذ تلك اللحظة، تذكرت الدور الحيوي الذي تقوم به مؤسسة الرعاية الصحية الأولية في قطر، التي تسعى من خلال مراكزها المنتشرة في البلاد إلى تعزيز هذا الوعي الصحي، وتوجيه الناس نحو التوازن بين الاستفادة من الشمس والوقاية من أضرارها. علميًا، الشمس هي المصدر الأول لإنتاج فيتامين D، الذي يشبه الهرمون أكثر من كونه فيتامينًا، ويؤثر في امتصاص الكالسيوم، تقوية العظام، وتنظيم المناعة. لكنها أيضًا تحمل خطرًا خفيًا: الأشعة فوق البنفسجية (UV)، التي تخترق الجلد وتعبث بالحمض النووي، مسببةً أمراضًا جلدية وسرطانات. وهنا يأتي دور الفحوصات الدورية، والتوعية المجتمعية، وتوزيع النشرات الإرشادية في المراكز الصحية، لحماية الأفراد من هذه المخاطر. لكن، هل الشمس مجرد تفاعل كيميائي؟ أم أنها شيء أعمق؟ لماذا نشعر بالسعادة حين تشرق؟ ولماذا ينهار مزاجنا في الشتاء؟ هنا تتدخل الفلسفة النفسية، لتخبرنا أن الضوء ليس فقط فيزيائيًا، بل هو رمزٌ للمعنى، وأداةٌ للشفاء النفسي. فالتعرض للضوء الطبيعي يزيد من إنتاج السيروتونين، الذي يرتبط بالهدوء والتركيز، وينظم الإيقاع اليومي للجسم. وتدعم المؤسسة هذا الجانب من خلال برامج الصحة النفسية التي تُنفذ في مراكزها، وتُعزز من خلالها أهمية التوازن النفسي المرتبط بالعوامل البيئية. في العلاج النفسي، يُستخدم الضوء لإعادة التوازن الداخلي. وكما يقول الفيلسوف النفسي دان بيتس، فإن الحكمة تُولد من الألم وتُصقل بالتأمل. فحين نُصاب بحروق الشمس أو نُعاني من الاكتئاب الموسمي، لا نحتاج فقط إلى كريم واقٍ، بل إلى سردية شخصية تعيد تشكيل علاقتنا مع الضوء، ومع أنفسنا. وتُسهم المؤسسة في هذا الجانب عبر جلسات التوعية الجماعية، والاستشارات النفسية المتاحة في مراكزها. لكن الشمس ليست عادلة في عطائها. فالحوامل أكثر عرضة لـ الكلف، وقد يؤدي التعرض المفرط إلى تحلل حمض الفوليك الضروري لنمو الجنين. أما الرُضع، فبشرتهم لا تحتوي على ما يكفي من الميلانين، ويُمنع تعريضهم المباشر للشمس قبل عمر 6 أشهر. وكبار السن معرضون لـ التقرن الشعاعي، ونقص التعرق لديهم يزيد من خطر ضربة الشمس. وتحرص المؤسسة على تقديم إرشادات خاصة لكل فئة عمرية، من خلال فرق التثقيف الصحي، والعيادات المتخصصة في كل مركز. نصائح طبية للجميع: . استخدم واقيًا شمسيًا واسع الطيف (SPF 30+). . تجنب الشمس بين 10 صباحًا و4 مساءً. . ارتدِ ملابس واقية وقبعة واسعة. . اشرب الماء بانتظام. . راقب علامات الإنهاك الحراري. . استشر الطبيب قبل تناول مكملات فيتامين D. وفي الختام، تلعب مؤسسة الرعاية الصحية الأولية دورًا محوريًا في حماية صحة الجمهور، من خلال أكثر من 30 مركزًا صحيًا موزعًا في أنحاء البلاد، تقدم خدمات وقائية وتوعوية، وتُعزز أنماط الحياة الصحية، وتوفر رعاية متمحورة حول الإنسان، تضع سلامة الفرد والأسرة في قلب الاهتمام. الشمس ليست عدوًا، لكنها ليست صديقة عمياء. إنها معلمة قاسية، تُكافئ من يفهمها، وتعاقب من يستهين بها. وبين دفئها واحتراقها، نتعلم أن الصحة ليست فقط وقاية من المرض، بل وعيٌ بالعلاقة بين أجسادنا والعالم من حولنا، بدعم مؤسسات وطنية رائدة كالرعاية الصحية الأولية.
129
| 15 أغسطس 2025
في زوايا بعيدة لا تراها العيون، تنبض حياة لا تُحكى، ولا تُكتب. هناك، حيث لا تصل الكاميرات ولا تمر الكلمات، حيث الجدران صامتة، والهواء محمّل بهموم لا تُقال. رجال، غرباء عن أوطانهم، يتوسدون الغربة ويأكلون التعب، لا يعرفون من الراحة إلا ظلها، ومن السلام إلا طيفه. يمر النهار طويلاً، متوهجًا، وكأن الشمس قد نذرت ألا ترحم أحدًا. في صيف لا يُحتمل، تقسو الأرض وتشتد السماء، وتتحوّل الأجساد إلى ظلال تلهث، تحمل أثقال الحياة بصمت، دون أن تشتكي. أرواح ترتجف تحت وطأة القيظ، وعيون تترقب ساعة الغروب وكأنها خلاص. لكن ما إن يحلّ المساء، حتى يُسدل الليل ستاره على عالم آخر... عالم ليس فيه راحة ولا دفء، بل زوايا ضيقة، وأصوات متداخلة، ولغات لا تلتقي، وقلوب تبحث عن مأمن بين جدران هشة. هناك، حيث يتقاسم العشرات غرفة صغيرة، لا متّسع فيها لحلم، ولا مساحة لأمل. كل شيء مزدحم: الأنفاس، الأنين، الصمت... حتى الأمل بات يختنق. لا خصوصية، لا خصوصية حتى للألم. تُغلق الأبواب على حكايات لم تُروَ، ودموع لم تجد كتفًا تستند إليه. تشبه تلك الأماكن شيئًا آخر، شيئًا لا يُقال... عنابر، صناديق، وربما أقفاص، لا فرق. في لحظة، تنقطع الكهرباء، وتختنق الأنفاس. وفي لحظة أخرى، تشتعل النيران دون إنذار، لتأخذ معها أحلامًا لم تولد بعد. أما المياه، فعذبة فقط في الذكريات، ومياه الصرف تختلط أحيانًا بالقدر، وتفوح روائح لا تليق ببشر. الأمراض تمر بين الأجساد كما تمر الريح في الأزقة، لا تستأذن، لا تفرّق. وهناك في الزاوية الأخرى، لا تُروى كل القصص. هناك أحداث لا تُكتب في الصحف، وأصوات تُخنق قبل أن تصل. حكايات تنتهي قبل أن تبدأ، وضياع يُنسب إلى القدر، رغم أن الجميع يعرف الحقيقة، لكن لا أحد يقولها. في هذا المكان، لا يُسأل عن الاسم، بل عن الأصل. ولا يُحكم بالعقل، بل بالعدد. قوانين لا تُكتب، وعدالة لا تُرى. حيث يسود من لا يرحم، ويتوارى من يبحث عن أمان. ربما لن تُذاع هذه القصص، وربما سيُقال إن كل شيء بخير. لكن الأرواح التي تسكن هناك تعرف، تعرف جيدًا أن هناك من يتألم، من يحترق دون نار، من ينام دون راحة، من يعيش دون حياة. ويكفي أن تنظر في عيونهم، لتدرك أن كل ما يُقال غير كافٍ. أليس من الرحمة أن نرى؟ أليس من العدل أن نشعر؟ أم أن الصمت أصبح عادة، والاعتياد على الألم فضيلة؟ هناك حيث يموت الإنسان في داخل الإنسان، يبقى الأمل في أن تشرق شمس أُخرى... لا تحرق.
150
| 11 يوليو 2025
في أماكن لا تزورها الكاميرات، ولا تمر بها الكلمات، تنبض حياة لا تُروى. هناك، في الزوايا المنسية، حيث تختنق الأرواح بالصمت، يعيش رجال غرباء عن كل شيء: عن أوطانهم، عن أحلامهم، وعن أنفسهم. أجساد تتوسد الغربة، وتلتحف التعب، وتنتظر ما لا يأتي في غرف صغيرة لا تسع حتى أنفاسهم، يتقاسم العشرات، بل المئات، مساحات خانقة لا تليق بظل إنسان. كل شيء مشترك: النوم، الحزن، الهواء الملوث، حتى الحلم. لا خصوصية، لا كرامة، لا دفء. كل زاوية شاهدة على وجع صامت. مطبخ صغير مشترك، أدوات طعام متسخة، حمام بلا أبواب، لا نظافة، لا أمان، ولا حياة. الأماكن مشبعة برائحة الإنهاك، والخوف، واللامبالاة. الكهرباء تنقطع، والحرارة لا ترحم، فتتحوّل غرفهم إلى أفران مغلقة. تنفجر الأسلاك فجأة، تشتعل نيران الطبخ، ولا إنذار ولا مخرج. أجسادهم تسكن بين الغاز واللهب، في أماكن لا يزورها رجال السلامة ولا تصلها قوانين الرحمة. أياديهم تقاوم الحريق بالصبر، وتقاوم العيش بلا حماية كما لو كانوا بلا حق، بلا صوت، بلا وجود. وحين يحلّ الليل، لا يسكن الضجيج، بل يتكاثر. أصوات متداخلة، لغات مختلفة، أنين لا يُفهم، وأمل يتلاشى مع كل زفير. تتقافز الأمراض بينهم، كما تتقافز الذبابات فوق طعامهم المكشوف. لا ماء نظيف، لا وقاية، لا رعاية. والروائح تُخبرك أن الإنسان هنا... يُهمل. من يمرض، يظل مكانه. من يتألم، لا يُسأل عنه. من يُهينونه، يصمت. وإن اشتكى، انتهى. هنا لا تُذكر الأسماء، بل تُعدّ الرؤوس. لا يسألهم أحد عن حالهم، فقط عن إنتاجهم. كأنّهم آلات. أو أقل. يتعامل بعض المشغلين معهم كعبء، لا ككائنات بشرية. يُلقى بهم في غرف ضيقة، يُجبرون على العمل ساعات طويلة، بلا حماية، بلا تأمين، بلا صوت. من يراهم؟ من يسمعهم؟ أين أصحاب القلوب؟ أين من يخاف الله؟ ورغم كل هذا، يقال: «كل شيء بخير». لكن العيون لا تكذب. من ينظر إلى أعينهم يرى الحقيقة: تعب، وحزن، بشرٌ يعيشون وكأنهم لا يُرَون، كأنهم مجرد ظل. أليس من الرحمة أن نراهم؟ أليس من العدل أن نحميهم؟ أليس من الإيمان أن نشعر بهم؟ أم أصبح اعتياد القسوة فضيلة، والصمت حكمة، واللامبالاة نظامًا؟ في عالم يموت فيه الإنسان داخل جسده كل يوم، تبقى الشمس بعيدة... لا تضيء، بل تحرق. ويبقى الأمل، ضعيفًا، في أن هناك من سيكتب، ومن سيصرخ، ومن سيبكي... لأجل من لا يُبكون.
480
| 27 يونيو 2025
تُطلُّ الأعياد كأغنيةٍ من السماء، تتهادى على قلوبٍ متعبة علّها تبتسم، تُقرع طبول الفرح في الأزقة، وتُشعل الأضواء في الطرقات، لكن…من قال إن كل القلوب ترى الضوء؟ من قال إن كل طفل ينتظر العيد بحلوى وثوبٍ جديد؟ كم من عيدٍ مرّ، وكم من قلبٍ انكسر تحت وطأة الألم وهو يسمع ضحكاتٍ لا يملك منها سوى الصدى. في العيد وجوهٌ تضحك، وأخرى تبكي بصمت، بعضها يخفي ألم الجوع تحت سُترَةٍ بالية، وبعضها يخبئ الشبع خلف موائد تزخر بما لذ وطاب. في العيد تُذبح الأضاحي، ويأكل الناس لحماً وشحماً، وفي ذات اللحظة… هناك من لم يأكل منذ أيام، ليس له من العيد إلا رائحة الطعام تتسلل من النوافذ، توقظه من حلمٍ جائع، فتتآكل أضلاعه ويأبى جلده أن يستر عظمه الهزيل. أيمكن للعيد أن يكون قاتلاً ؟ لا بحدِّ سيفٍ، بل بحدّ التجاهل؟ أيمكن لضحكة طفلٍ أن تكون خنجرًا في صدر طفلٍ آخر؟ أيمكن للثوب الجديد أن يكون صفعة لوجهٍ بات ينتظر المستعمل؟ أيمكن لأعينٍ تمتلئ بالفرح أن تفقأ عيونًا لا ترى سوى الظلمة؟ ليس كل من يلبس الجديد سعيدا، وليس كل من يضحك مرتاحا، ولكن بين الجوع والضياع، هناك وجوهٌ لا تعرف للأمان طعماً، ولا للعيد رائحة. هناك من ينامون بلا سقف، بلا أم، بلا وطن. هناك من يركضون من القنابل بدلًا من الألعاب، ومن يقتسمون الرغيف بدلًا من الحلوى. رسائل كثيرة يحملها العيد، لكنّ أكثرها صدقًا تلك التي تُكتب على جبين طفلٍ جائع، وعين أمٍ مكسورة، وصوت أبٍ عاجز عن الشراء. قد لا تُقال الكلمات، لكنها تُكتب في العيون، تُقال بين السطور، حين ترى طفلاً يمر على متجر الحلوى دون أن يفتح فمه، كأنه اعتاد أن يشاهد فقط. أو حين تمرّ امرأة بثوبٍ أسود باهت، تتمنى لو أن العيد لا يأتي، حتى لا يُحرجها أطفالها. ليتنا نفهم… ليتنا نشعر… ليتنا نعي أن المقاطعة ليست فقط في الأسواق، بل في التبذير حين نعلم أن هناك من لا يجد قوت يومه. ليتنا نُدرك أن المساعدة ليست صدقة، بل إنقاذ لكرامةٍ كادت أن تُذبح على باب عيدٍ لا يرحم. ليتنا نُحادث ضمائرنا التي ماتت، نُربّت على إنسانيتنا التي غفت في سرير الرفاهية. العيد فرحة، نعم، لكنه ليس للجميع، ولن يكون كذلك حتى نصنع نحن الفرق. فكم من عيدٍ كان يمكن أن يُصبح أجمل لو فكرنا بغيرنا؟ كم من بسمة كان يمكن أن تُرسم لو أن يدًا امتدت بهدوء، لا منّة، لا تباهٍ، فقط إنسانية؟ في العيد… وجوهٌ تضحك، وقلوبٌ تبكي، ولكن أشدّ البكاء هو ذاك الذي لا يُسمع، البكاء الصامت خلف الجدران، في العيون التي لا تجرؤ على التحديق في فرحٍ لا يشملها. وبين الأمل والألم، يبقى العيد ناقصًا… حتى نكمله نحن.
240
| 06 يونيو 2025
في ليلةٍ مظلمة، وقف العيدُ على أبواب غزةَ حائراً، يتساءل: "هل أتيتُ بالفرحِ أم بالحديدِ والنار؟" تقدم بخطى ثقيلة بين الدروبِ الخاوية، يبحثُ عن ضحكةِ طفلٍ فلا يسمعُ سوى أنينِ الثكالى تحتَ الأنقاض. في زاويةٍ مظلمة، طفلٌ يحتضنُ دميته المحطمة، ينظرُ إلى العيدِ بعيونٍ متحجرةٍ من الألم، وكأنما يسأله: "هل أنتَ نورٌ أم وجهُ الموت؟" في الأسواقِ، لا حياةَ ولا أمل، فقط رائحةُ البارودِ وأسماءُ الشهداءِ على الجدرانِ المتشظية. العيدُ هنا ليس زينةً ولا ألواناً، بل كفنٌ أبيضُ يُلفُّ طفلاً لم يعرفْ من الدنيا سوى القصفِ والجوع. وقفَ على أطلالِ بيتٍ كان يضجُّ بالحياة، فسمعَ الحجارةَ تنوح، والنوافذَ المحطمةَ تصرخ: "أينَ البشرُ؟ أينَ الضميرُ؟" تسألُ المدينةُ بصوتٍ مبحوح: "أينَ الذينَ ادعوا النصرةَ ثم خانوا؟" نظر العيدُ إلى البعيد، إلى قصورِ الطغاةِ حيثُ يتلذذُ الخونةُ بموائدِ الذل، بينما في غزةَ، الأطفالُ تموتُ تحتَ الركامِ، والأمهاتُ تقبِّلُ جثثَ أبنائها في الظلام. أيُّ عيدٍ هذا الذي يصبحُ القبرُ مهداً للصغار؟ أيُّ عيدٍ حينَ تصمتُ الأفراحُ وترتفعُ أصواتُ الرصاص؟ جلست أرملةٌ عند قبرِ زوجها، تهمسُ بالفاتحةِ وكأنها تبحثُ عن إجابةٍ في السطور: "هل يسمعُ الأمواتُ صراخَنا؟" لكنَّ الريحَ فقط تحملُ عويلَها إلى سماءٍ صمّاء. انحنى العيدُ خجلاً وغادرَ باكياً، يرددُ في قلبه: "لا عيدَ في مدينةٍ تختنقُ بالدمِ والدخان." وبينما يغيبُ في الأفق، يكتبُ التاريخُ بحروفٍ من نار: هنا صمدتْ غزةُ، وهناكَ سقطَ العالمُ في وحلِ العارِ والخذلان.
207
| 28 مارس 2025
في الآونة الأخيرة ومع انتشار الدراما في الأفلام والمسلسلات في الفضائيات العربية والأجنبية، وسهولة طرق الاحتكاك بين الطرفين، أصبحت ظاهرة العلاقات غير الشرعية منتشرة بقوة إلى درجة أن البعض يعتبرها ضرورة حتمية. ولا يختلف عاقلان أن هذه العلاقات ناجمة عن الانحلال الخلقي الذي ينخر المجتمع الإسلامي اليوم، كما أن الظاهرة غير مقبولة اجتماعياً ولا دينياً، فالعلاقة غير الشرعية هي علاقة شخصية بين شخصين غير متزوجين أو لا يمكن لهما الزواج. وقد ترجع أسباب عدم القدرة على الزواج لعوامل متعددة مثل الاختلاف في الوضع الاجتماعي، والتكاليف الخيالية، وعند تقدم الشاب للخطوة الجادة ينصدم بجدار فولاذي منيع يحول بينه وبين من اختارها نصفه الاخر وهي اختارته، فالجلسة الأولى بين العائلتين تبدأ بالافتخار بالنسب والسلطة وارصدة البنوك فيجد الشاب نفسه امام طلبات يعجز عنها من قال عنه الرسول( صلى الله عليه و سلم ) اذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض، فقد تم تحريف الحديث إلى من خطب اليكم من ترضون ماله وجاهه وسلطانه فزوجوه دون النظر لأخلاقه ودينه فأصبحت البنت كالسلعة تباع بأغلى الاثمان لمن يدفع اكثر فإما هي تبيع نفسها سواء قبل الاهل ام رفضوا أو يبيعها من وكل أمرها لمن يدفع الثمن الأعلى فيجد الشاب ميسور الحال أمام علاقة وحيدة وسهلة المنال هي العلاقة غير الشرعية فكأنما المجتمع والمظاهر الكاذبة والخادعة تدعوه لها فأصبحت من تبيع الهوى ميسورة الحال متوفرة للجميع دون طلبات المجتمع الزائفة التي ان توفرت في الشباب وهم قلة قد تؤدي لذل المرأة فهي في نظر المجتمع اميرة تحترم لمنصب ومال زوجها وقصره في الخارج ولكنها داخل قصرها ذليلة المال جارية من جواري السلطان بالحلال متى يمل منها طلقها واشترى جارية جديدة بالحلال فالمال يشتري في نظر بعض العائلات كل شيء حتى البشر اما ميسور الحال فما له غير العلاقات غير الشرعية فهي من تشعر به وتعطيه ما يفتقده في الزواج الشرعي لأن الحاجة لتبادل العاطفة والحب والمودة هي من الحاجات الأساسية للذكر والأنثى، ولا تستقيم الحالة النفسية للإنسان إلا لما تلبى كل حاجاته الأساسية وعلى رأسها الحاجة العاطفية، لأن السكن والمودة والرحمة فيما بين الزوجين هي الأعمدة والأركان الأساسية للحياة الزوجية العاطفية الناجحة، ولا تتحقق مع بعضها مجتمعةً إلا تحت ظلال شريعة الخالق جل وعلا وهدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. والرغبة الجنسية بالمقابل هي أيضاً كالطعام والشراب لابد من إشباعها بالوسائل المشروعة حتى تتحقق حالة التوازن النفسي عند الإنسان. أما العلاقات العاطفية غير الشرعية التي لا تسير وفق منهج الشارع في ضبط التواصل ما بين الذكر والأنثى، وتُنسج حبائلها في الظلام بعيداً عن العرف وتحدياً لكل قوانين المجتمع مع أن المجتمع واقنعته الزائفة لم تعط للشاب سبيلا سوى هذه الطريق والفتاة طريق العنوسة فأصبح سوق بائعات الهوى رائجا حتى لو كان سرا وفتياتنا العفيفات المصونات اصبحن حبيسات الجدران وعادات وتقاليد المجتمع التي ليس لها أساس من الصحة في الدين فقد تلجأ الفتاة العفيفة المصونة اما للزواج من ميسور الحال خارج اسوار مجتمعها وأفكاره وقيوده أو تبيع نفسها سرا أو تباركا من مجتمعها وعائلتها . في الختام الحل فرض مهر موحد للبنت البكر والمطلقة او الارملة مهرها يختلف وتيسير تكاليف الزواج بحيث تكون في متناول الجميع.
396
| 31 يناير 2025
يقاس كل إنسان بما يقدّمه في هذه الحياة فالإنسان العامل المعطاء يزهر في هذه الأرض كالشجرة العظيمة. فالعمل هو أحد ضروريات الحياة لأنّه مصدر رزق، ويضمن استمراريّة الحياة، والإنسان الذي يكدّ ويتعب من أجل الحصول على لقمه العيش، يحظى بقيمة أكبر في المجتمع من الإنسان الخامل الذي يعتمد على التسّول، فقد قال النبيّ عليه الصلاة والسلام في ذلك: (اليدُ العُليا خَيْرُ مِنَ اليَدِ السُّفْلى) وبالعمل تعمر الأرض، ويتقرّب العبد إلى الله، كون الإسلام اعتبر العمل عبادةً، وفريضة تأكيداً على أهميته، حيث يعد المعلم والطبيب والمهندس والحداد والفلاح وغيرهم من العاملين والذين يعملون بالاجتهاد وهم أساس حضارة المجتمع ومجده، كما أن جميع المهن مهمة وتكمل بعضها ولا يمكن الاستغناء عنها. *ومن هنا برزت فئة ضالة مضلة مستغلة تأكل قوة الضعفاء تستغل المحتاج فتبيع لهم الأوهام والاحلام فتسرق جهودهم وتعبهم بالحيلة والذكاء فهم عصابة يقيمون شركة وهمية ذات طابع قانوني في الظاهر ويبيع الاحلام للبسطاء ومن يبحثون عن الاستقرار والدخل والعمل لبناء حياة كريمة لأسرهم فيدفع ما ادخر لمستقبل عائلته وعند وصوله لأرض الاحلام يجد نفسه تائها يهيم على وجهه في الطرقات فينصدم بالحقيقة المرة فلا يجد شركة او مؤسسة توفر له العمل والحياة التي بيعت له في بلاده ولا يجد مسكنا وما ينفق بها على نفسه بل يجمعون في غرفة صغيرة مشتركة دورة المياه مشتركة والمطبخ عليهم تنظيم انفسهم في المأكل والمشرب وقضاء الحاجة. * وما يحزن القلب ويبكي العين ان من يكفلهم ومن باع لهم الأوهام يجتمعون بهم وبكل وقاحة وجرأة يطلبون منهم مبالغ مالية لبقائهم في البلاد والمسكن الذي يقيمون فيه ولضمان عمل اقامته قانونية في البلاد ومن يعصي الأوامر او يرفض مصيره بلاغ كيدي بالهروب والعودة لبلاده صفر اليدين فمنهم من يخرج من الصباح الباكر يفترش الأرصفة واطراف الطرقات ومنهم من يجتهد قليلا ويعمل على غسل المركبات في المجمعات التجارية والسكنية وأمام المؤسسات ومنهم من يلجأ للتسول وبتنا نلاحظهم كثر. أما من لم يحالفه الحظ وكانت الرياح ضده ولم يجد ما يعمل به ويسد ثمن المسكن والإقامة فإنه يهرب من القانون حاله حال كثيرين مثله فيجدون المزارع البعيدة شمال البلاد وجنوبها ووسطها ملاذا آمنا من القانون ومن تجار البشر، فما أكثر هذه الحالات وكل زائر لمزارع هذه الأماكن يسمع من القصص العجب العجاب ومن هنا لنضرب بيد من حديد ونقطع الطريق على أصحاب النفوس المريضة بقوانين صارمة وعقوبات تبدأ من داخل البلاد فمن يبيع الأوهام والاحلام وشريكه من يمده بالأوهام والاحلام عليهم الاثم نفسه والعقاب نفسه ومن هنا ظهرت ظاهرة العمالة السائبة لنقضي على أسبابها وخيوطها فهم احد أسباب الجرائم ولو كانت قليلة في البلاد وهم سبب اختفاء الايدي الماهرة فتجد الواحد منهم يقوم بعمل الكهربائي والسباك وعامل البناء ومن يصبغ الجدران والنجار والحداد ومصلح الأجهزة الكهربائية، وعندما يخرج العامل من البيت تبدأ مواسير المياه بالانفجار والكهرباء بالانقطاع وقد يحدث ما لا تحمد عواقبه فيندلع حريق في البيت أو المبنى فيخسر صاحب البيت او المبنى اضعاف ما قد وفره. * لنكن يدا واحدة ضد الاستغلال فلنقدمهم للقانون حتى يكون عبرة لأمثاله ومحاولة للقضاء على العمالة السائبة.
546
| 24 يناير 2025
الحرية، ليست مجرد كلمة عابرة في القاموس، بل هي فعلٌ ثم قول، فكم من الحروب، والشجارات، والنزاعات التي قامت لأجلها؟ وكم من الثورات والثائرين الذين ضحوا بأرواحهم للمطالبة بحريتهم وحرية بلادهم وشعوبهم؟ الحرية من ضرورات الكرامة الإنسانية، وهي جزءٌ أساسيٌ من الحياة السعيدة، والكاملة، ليس للإنسان فقط، بل لجميع المخلوقات، لأن الجميع يسعى للحرية، ويحارب لأجلها، ويكافح بكل ما أوتي من قوةٍ وحزمٍ للوصول لها، لأن القيود رديفةٌ للعبودية، والتي هي عكس الحرية. ولقد خلق الله الإنسان بمزايا خاصّة يتفرّد بها عن سائر الكائنات الحيّة، فقد منحه الله نعمة العقل التي يستطيع من خلالها أن يفكّر في الأمر، ويختار كلّ ما يتعلّق في حياته، لذا ينبغي أن يفسح المجال أمام الإنسان للاختيار في شتّى مناحي الحياة بنفسه ودون أي تدخّل خارجي. ومن هنا خرج لنا مصطلح «سترونج إندبندنت وومن» (Strong independent woman) بدلاً من «امرأة قوية مستقلة» لأني أشعر أن الأول لسبب ما أكثر تداولاً في العالم العربي، كما أعتقد أنه محمل بمعاني تختلف عن تلك التي يقتضيها السياق الغربي، ففي السياق الغربي هذا المصطلح له دلالة إيجابية من إشادة بالجهد الذي بذلته المرأة في أنها “اشتغلت على نفسها” وطورت من ظروف حياتها، بينما في العالم العربي له دلالة – في الغالب – سلبية، مصحوبة بنَفَس تهكمي أو استنكاري، ومقرونة بعبارات مثل “هؤلاء النسويات”! “شردت العرسان لذلك هي لم تتزوج، وإن كانت متزوجة فهي بالضرورة ستخسر زوجها وتشرده هو الآخر”، أو تصورات مثل أن هذه المرأة شخص أناني لا يفكر إلا في طموحه المهني، أو كائن غاضب وصدامي، أو حتى كائن تعيس لا يستدعي الشفقة. عادية كحياة أي فتاة أخرى، الفارق الوحيد أنها تتحمل كل مسؤولياتها كأي شخص ناضج آخر، تهتم بمنزلها ونفسها وتعمل بجد، وتدفع فواتيرها وإيجارها وتؤثث بيتها، وتساند عائلتها ماديًّا، بجانب الادخار لأجل السفر ثم سنوات التقاعد. باختصار: هو كل ما تفعله أنت في حياتك اليومية دون أن يصدر عليك الآخرون أحكامًا ويسيئون الظن بلا مبرر. هذه الرسالة التي ترغب ( المرأة القوية المستقلة ) ارسالها للمجتمع بأن حالها حال الرجل دون تفرقة وحدود فلبست ثوبا ليس لها تم تفصيله في ورشة القانون و سلاحها القانون الذي خدعته أنها الضعيفة مكسورة الجناح فبهذه السفينة الهشة الرقيقة استقلتها لتخوض غمار بحر هائج متلاطم الأمواج فمن كان يحرضها على الاستقلال والحرية تركها تصارع الأمواج بلا طوق نجاة ولا ارشاد فباتت تصارع الحياة بمشاكلها ومصاعبها فمرة تصرع مصاعب الحياة ظنا منها وتفاخرا بقوتها ومرات كثر تصرعها الحياة فما إن تقف على قدميها من صفعات الحياة لها حتى تأخذ الصفعة الأخرى فهي من أرادت ذلك ووقفت مدافعة مستميته عن الباطل الذي تزين بغلاف الحق فتخلع ثوب الدين والعادات والتقاليد والعائلة لتلحق بسفينة الحرية والاستقلالية لها فتجد نفسها غريقة بحر الظلمات فموجة تلقي بها على صخور الشاطئ وتسلمها لموجة أخرى تضربها بعنف بصخور احد من نصل السيوف فتمزق جسدها العاري من المبادئ والقيم والدين والاخلاق وتطلب الرفق ممن تخلت عنهم ولكن لا صوت يسمع ومجيب يساعد فكم من أطواق نجاة قدمت لها بصدق ولكن بكل الغرور والجهل والكبرياء ترفض ولا تسمع سوى نداء الاستقلالية والحرية والقوة لها فالمرأة لها حدود ولحريتها حدود في بيتها مع اسرتها او زوجها وأولادها كما ان لها حدودا في مجتمعها وعاداتها وتقاليدها .
369
| 10 يناير 2025
للخيانة طعم لا يتذوّقه إلا الخائنون، و لها رائحة لا يشمها إلّا المخلصون. عندما تخون إنسانا خانك، فأنت إنسان خائن، وعندما تخون إنسانا أخلص لك فأنتَ إنسان قاتل. كلّ خائن يختلق لنفسه ألف عذر وعذر، ليُقنع نفسه بأنه فعل الصواب فالغدر والخيانة كلمات عميقة جداً، بعمق الجرح التي تسببه لمن تعرض لهم، فهما تسببان الألم الكبير، وبالذات الألم غير المتوقع، مثل الخيانة، لأنّها قد تكون من أقرب الأشخاص للقلب، فهو يعدم الثقة في الناس، ويقسي القلب، ويسبب المتاعب. كما أن الخذلان! أقسى أنواع الألم الذي قد يصادفنا يوماً في مسيرتنا الدنيوية. كلمة مقيتة مميتة قتلت كثيرين وهم لا يزالون على قيد الحياة، أنهت علاقات كانت مترابطة متينة لتجعلها منكسرة مهشّمة بعد أن اندسّت بين أضلاعها، لم يسلم منها إنس وإن لم تختبرها! فقد تكون كائنا أسطوريا على ما أظن. فلو سألت أي إنسان على البسيطة عن أسوأ ما مرّ به لقال لك ببساطة « لقد خُذلت، ومِن أقرب الناس إليّ. و الغدر هو أحقر الجرائم الإنسانية، وأكثرها خسة، لأنّ الإنسان يستطيع دائماً أن يفعل ما يريد في مواجهة الآخرين، وليس من خلفهم. و يمثل عليهم دور الضحية ويصدقوه فالغدر قد يكون من الصديق او الجار أو زميل العمل أو الأخ أو الأخت من الام و الاب او من الأقارب و لكن أصعب أنواع الغدر و الخيانة النكران وغدر الزوجة لزوجها الوفي لما لرجل البيت دور أساسي لا يختلف عليه أحد فهو المسؤول عن توفير سبل الراحة لبيته وأسرته وتقديم يد العون في المواقف الطارئة، ولا مانع أن يشارك الزوج زوجته في تربية الأبناء وغرس القيم السليمة بداخلهم مثل تعليمهم كيفية الصلاة والصيام واحترام الكبير والعطف على الصغير أو مساعدتهم في الدراسة، لأن من المتعارف عليه أن الأبناء يخافون أباهم بشكل أكبر من والدتهم،، ومن هنا تحمل أفعى البيت الملونة عصى القانون السحرية لتلوح بها في وجه الزوج المتفاهم و المتعاون معها لأبعد الحدود فتحمله من الديون والقروض ما تقسم به ظهره وتنجب له الأطفال لتنهك قواه المادية والنفسية ومع هذا كله ومع تماسك الزوج للحفاظ على البيت واركانه من الانهيار تكمل الافعى بث سمها في جسد الزوج المسكين بعد أن جعلته مفلسا ماديا ومعنويا تأتي منها الضربة القاضية بعصى القانون وتطلب الطلاق وتسلب منه كل ما يملك وتغدره وتخذله وهي التي قبل الزواج كانت ترتدي ثوب العفة والصلاح فكانت الصائمة القائمة المنقبة حافظة القرآن كارهة للغناء لا تسمع في بيتها سوى صوت القرآن والاذان ولا تردد على لسانها المسموم سوى الاذكار و تعده بحياة أفضل وأنها معه في السراء والضراء والمرض والشفاء وتبقى معه بهذا الثوب حتى تجرده من كل شيء فلا يبقى من أمره شيء ولا يستطيع أن يفعل شيئل في الحاضر والمستقبل وما أكثر هذه الافاعي في بيوتنا فهن يتقوين بسمهم القاتل وصولجان القانون دون رقيب ولا عتيد في السر والخفاء وفي العلن تمثل دور الضحية البريئة وهي من تعرض للغدر والخيانة كالذئب يرتدي ثوب الحمل الوديع ومن هنا غابت الثقة بكل فتاة شريفة عفيفة مصونة تحمل القرآن عنوانا لها والإخلاص صفة لها وهن قلة قليلة لا تكاد تراها بالعين المجردة لتجدها تحتاج مكبر رؤية أو مجهرا دقيقا كالإبرة في كومة من القش ولطالما كان الغدر من الصِّفات الملعونة في النّاس ولطالما شكَّلت الخيانة النهاية لعلاقة قائمة كانت تبدو ناجحة لولا أنَّ الأنثى الافعى قرَّرت التخلي عن العهود والوعود والاستكانة للغدر، ونبذل في بعض الأحيان مجهوداً جباراً لكي نعاني من الخيانة، ونتمكّن من ذلك في آخر المطاف. كما يستطيع الكذب أن يدور حول الأرض في انتظار أن تلبس الحقيقة حذاءها وبين الانتظار ولبس الحذاء ضحايا كثر وقتلى كثر وإلى أن تجهز الحقيقة وترتدي حذاءها وتأخذ من القوة ما تتغلب به على الغدر والخذلان والخيانة فأعداد الضحايا يزداد فلا سبيل للحقيقة ولا قوة لها سوى قانون السماء وقانون الأرض وتدمير صولجان القانون معا للقضاء على الافعى وسمها وحتى يظهر الصادق بصدقه والخائن بخيانته والغدر بغدره فما ظهرت انثى الافعى الا وكان الغدر والخيانة والخذلان والدمار أثرا لها ودليلا لها ورائحة لها فسمها وصولجانها اخطر من أسلحة الحروب كلها مجتمعة.
861
| 26 يوليو 2024
مساحة إعلانية
ليس الفراغ في الأماكن، بل في الأشخاص الذين...
4797
| 20 أكتوبر 2025
لم تكنِ المأساةُ في غزّةَ بعددِ القتلى، بل...
3513
| 21 أكتوبر 2025
المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....
2871
| 16 أكتوبر 2025
في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...
2670
| 16 أكتوبر 2025
يمثل صدور القانون رقم (24) لسنة 2025 في...
2595
| 21 أكتوبر 2025
واكبت التعديلات على مجموعة من أحكام قانون الموارد...
1443
| 21 أكتوبر 2025
في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...
1407
| 16 أكتوبر 2025
لم تعد مراكز الحمية، أو ما يعرف بالـ«دايت...
1041
| 20 أكتوبر 2025
1. الوجه الإيجابي • يعكس النضج وعمق التفكير...
963
| 21 أكتوبر 2025
القيمة المضافة المحلية (ICV) أداة إستراتيجية لتطوير وتمكين...
837
| 20 أكتوبر 2025
في قلب كل معلم مبدع، شعلة لا تهدأ،...
807
| 17 أكتوبر 2025
في ليلة كروية خالدة، صنع المنتخب القطري "العنابي"...
765
| 17 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية