رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مع أنه لم يعد البتة مقبولاً أن يبقى رئيساً لسورية الأبية بعد أن أجرى دماء الشعب أنهاراً بقلب قاس لا يعرف الرحمة أبدا وصار بإمضاء الغضب الأهوج عليهم كالسباع الضارية والوحوش المستنفرة معتبراً أن هذا هو الشجاعة جاهلاً أن السلطان إذا عدل لم يحتج إلى أي شجاعة كما قال أرسطو، متصرفا بعقل من لا عقل له بسوء التدبير والتكبر والغطرسة على الرعية متوهماً أنه إذا لم يسفك الدماء بغير حق ضد المدنيين والمتظاهرين السلميين بل ومن يدافع عن أرضه وعرضه ونفسه ودينه لم تصلح أيامه ويدوم حكمه فهو جد مخطئ بهذه السياسة ذات الحسم الأمني الوهمي الذي لم يزد الثورة إلا اشتعالاً حتى ربت نقاط انتشارها في البلاد عن ثمانمائة نقطة مؤخراً هذا من جهة، وأما من جهة أخرى فقد نقل الإمام المناوي في الجواهر المضية للآداب السلطانية ص 34 أن مثل هؤلاء ينفي الله الإيمان الكامل عنهم لأنهم لم يتصفوا بالانقياد والإذعان له سبحانه (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك) النساء: 65، ومع كل ما أصبح مكشوفا من عوار هذه العصابة المتسلطة على سورية لجميع خلق الله في زمان الإعلام المفتوح الذي منع دخوله نظام الاستبداد إلا أن النصر الإعلامي للثوار والشعب مؤخراً بات مسيطراً وأخذت القنوات تفضح أكاذيب وألاعيب هرم السلطة وأبواقها الإعلامية على حد سواء، ومع محاولة من بشار لإنتاج نفسه من جديد أخذ يضحك الآن على الساسة والشعب وهو يعرف تماما أنه مخدوع عن عقله كما وصف علي رضي الله عنه، وذلك عندما أجرت معه المقابلة الأخيرة قناة 24 الروسية حيث أفاد بأنه هو المنتصر على من سماهم زورا وبهتانا الإرهابيين لأن انتخابات مجلس الشعب قد أجريت وانتهت بسلام، أي الانتخابات الصورية والإجبارية التي قوطعت من قبل المحافظات بشكل منقطع النظير ولكنهم كما عودوا الشعب على التزوير وتنخيب حتى الموتى والمحاولات الرخيصة تارة بالترهيب وأخرى بالترغيب حصدوا هذه النتيجة التي جاءت بأعداد فاسدة معظمها من الشبيحة الانتهازيين والمحرضين على قتل الشعب، بالإضافة إلى البعثيين والطائفيين ولا ننسى أنها طعمت ببعض من يحسبون على الوطن والإسلام وهم لا يصبون في النهاية إلا في خانة العصابة الظالمة المتآمرة على الوطن المتفاهمة مع الصهاينة الدائرة ظهورها لهم المتقدمة بوجوهها الكالحة بالنار والدمار على الشعب المظلوم الذي ما هب فعلا إلا طلبا للحرية والكرامة وإنهاء حكم الفرد المطلق وإن تسأل عن جدوى مثل هذا المجلس غير المعترف به شرعا وقانونا في هذه الظروف الاستثنائية فلتعلم أنه لن يكون اقل سوءا من مجلس التهريج السابق ولن يؤدي أي ثمرة جوهرية، وسيكون تابعا خاضعا كالجبهة الوطنية التقدمية التي أتى بها على منصة المسرحية لتبادل الأدوار في التمثيل والانحياز للقاتل الذي تشرعن له الجرائم باسم الوطن والوطن منه برىء، ثم ماذا ثنى بشار في المقابلة، إنه طلب من الرئيس الفرنسي الجديد أولاند ألا يسلك مسلك سلفه في الموقف من الحكومة السورية، مستعرضاً ومستدلاً أنه ذهب جراء الأحداث في ليبيا مئات الآلاف من الضحايا دون فائدة والذي نعرفه أن الضحايا من الطرفين في ليبيا لم يزيدوا على خمسين ألفا وهذا رقم موثق في طرابلس فما ندري من أين أتى بمئات الآلاف! ولا ريب أنه ينسى أو يتناسى عشرات آلاف الشهداء الذين سقطوا بسبب إجرامه وإجرام أبيه ولذا رد الساسة ومن ناشدهم مساعدته بأن ما تفوه به في منتهى السخافة إنه يخدع ويريد أن يخدع بهذا المجلس المريض كما حدث قبل ذلك بانتخابات الإدارات المحلية، فما فائدة هذه البهلوانيات المسرحية والدم قد طما حتى غاصت الركب، ثم إنه يريد أن يسمي ما يقوم به إصلاحات وهو بلا ريب كمن قال عنهم ربنا تعالى (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) البقرة: 12، وهكذا يظن أنه ألغى قانون الطوارئ فأصلح مع أنه استبدل بذلك ما يسمى بمكافحة الإرهاب، فأوقع المجازر التي لا مثيل لها بعد هذا الإلغاء وهكذا فهم الإصلاح عند الطغاة وربنا قد كشفهم بقوله (إن الله لا يصلح عمل المفسدين) يونس: 81، والحقيقة أنه كما تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا لم تستح فاصنع ما شئت" لا دين يردع ولا ضمير يؤنب فكيف يكون مثل هؤلاء القتلة حكاما لبلاد الشام وهم يشنقون الناس وهم أحرى بأن يشنقوا أمام العالم أجمع وألف مرحى للثوار وكل من يقارع هؤلاء المجرمين الكبار والساسة الصغار واللصوص المحترفين ومن يؤازرهم من سادات المافيا السياسية والاقتصادية بل والايديولوجية، وتبا لمن لا يزالون يبيعون الشعب المذبوح كلاما في كلام من قادات المجتمع الدولي ومراكزه ومجالسه على حساب دمنا الطاهر الزكي وإرضاء لإسرائيل التي نعمت بنظام الأسد وهي تخشى من البديل أما أبواق الاعلام الفاسد فلم يعد خافيا كذبهم وتدليسهم على أحد واليوم قد جاؤونا بشبيح جديد هو معد محمد الذي كان المشاكس على الاتجاه المعاكس الثلاثاء الماضي والذي ساق الأكاذيب وسبح بحمد أسياده الزعماء القتلة وزور ودلس وتناول شخصيات قطر الوطنية بالتجريح ظنا منه أن هذه شجاعة فهل يسمح إعلامه في دمشق أن يمس زعيمه بأي كلمة إنها الحماقة والحقد ولا شيء سواه. لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها لاشك أن الحياة مع هذه العصابة الحاكمة في سورية باتت مستحيلة ولابد بأي حل سلمي أو حربي أن يتم التخلص من هؤلاء الخائنين أو يحاسبون بالعدل.. أخلق بمن رضي الخيانة شيمة أن لا يرى إلا صريع حوادث وإن غداً لناظره قريب.
352
| 20 مايو 2012
رغم المآسي والآلام الجسام التي تمزق قلوب السوريين الأحرار، إلا أن منزلة التحدي العنيد ضد المستبد المغرور والمستعبد المستعبَد لمزاجه المضطرب وحلفائه اللئام مازالت تتسامى كما ونوعا في جميع أرجاء سورية وإن ظنها الخونة صغيرة لن تؤثر في جبروته، كما وصف التهامي: إن الكواكب في علو محلها لترى صغارا وهي غير صغار وتأتي مهمة المراقبين الدوليين بخطة كوفي عنان التي وافق عليها نظام الغدر لأنها تصب في مصلحته منذ أن وافق الروس والإيرانيون والصينيون عليها مع مختلف دول مجلس الأمن التي تدرك أن هذه المبادرة لن تطبق في أي من بنودها الستة على واقع الأرض ولكنها تعطيهم المهلة لترتيب أوراقهم لحل ترقيعي للأزمة من جهة أو حل يضمن بقاء النظام الفاسد ويضمن أمن إسرائيل ويسكت دول الجوار والدول المتنازعة على مصالحها في هذا الوطن السوري الاستراتيجي العظيم طبعا دون أي مبالاة بالشعب البطل المجاهد الصامد الذي قدم ويقدم نفسه قرباناً على مذبح الحرية وهو في هذا المشهد التمثيلي المضحك المبكي لا يكترث بما هو واقع من غرز السهام والرماح والسيوف وإضرام النار في جسده ومأواه بقدر ما يهتم برفض هذه الإهانة المزرية التي يلحقها به هذا المجتمع الدولي المتآمر الذي لا يعرف للإخلاص قيمة ومكانة، وكيف لا وفاقد الشيء لا يعطيه، إن هذه الإهانة وتلك السخرية بالعماليق الأسود حقا لتخترق الروح على قول المتنبي: جراحات السنان لها التئام ولا يلتام ما جرح اللسان وإن هذا التواطؤ المكشوف رغم التصريحات الرنانة التي هي مجرد كلام لا غير وخصوصا من أمريكا لتدل أيضا على مدى قلة الأدب والحياء والخجل عند طاغية دمشق وشبيحته وعند هؤلاء الممثلين على المنصة فلا هم يعقلون كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه غاية الأدب أن يستحي الإنسان من نفسه أو قول الشاعر: إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ولا خير في وجه إذا قل ماؤه ولا هم يدركون مغبة هذا السلوك السقيم على الأمة وللوطن على حد قول القائل: إذا ذهب الحياء حل البلاء! بل إن الواقع ليبرهن للجميع أنهم بوقاحتهم وسوء سياستهم وحقدهم وطائفيتهم إنما يريدون ذلك وما ادعاءاتهم وأبواقهم المنافقة للإصلاح واختلاق البهلوانيات المضحكة من إدارات محلية وانتخابات لمجلس الشعب المسبقة النتيجة رغم تعاظم المقاطعة لها أو عموم الإضرابات والتظاهرات في البلاد احتجاجاً عليها إلا لأنهم مفلسون حقيقيون وعارفون حق المعرفة أنه لو حكمت النزاهة وروقبت هذه المهازل حياديا لم يكن لهم فيها إلا نقر العصفور أو بعرة البعير ثم أنى للسفاح أن ينجح أو يحقق الإصلاح: إن الأساس لكل بان مصلح هدم الفساد ودق رأس المفسد ومع كل هذه المساخر والمتاجرات الرخيصة بالدم السوري الذي لا يباع ولا يشرى فإن مثل هؤلاء هو ما عبر عنه الحكماء أن الذي يشتريه الشيطان يبيعه الشيطان، أو أن الكثير من الناس يعتزون بنقائصهم على حد ما وصف المفكر هوراس، أو ينتقصون كمالات من خالفهم من المعارضة وإن كان رأيه حصيفا مفيداً للوطن فلا غرو: وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل كما قال المتنبي! لا مجال اليوم أبدا لأن يمشي مكر هؤلاء وكيدهم على شعبنا الذبيح الجريح مهما كرروا النعيق بالدعوة إلى طاولة الحوار اللامجد أصلا إذ كيف يقبل هذا الأسلوب المراوغ الذي يسوي بين الذابح والمذبوح والذي يلعب لعبته الماكرة لإطالة أمد هذه العصابة القاتلة بعد أن رفضها الوطن الحر والمواطنون الشرفاء، إنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يتم ذلك مهما غلت التضحيات فإن كلفة إنهاء النظام المجرم أقل بكثير من كلفة إبقائه، ويكفي أن القاصي والداني قد عرفا أنه لم ينفذ حتى البند الأول من خطة عنان بإيقاف العنف وسحب أسلحته من المدن ومساكن الناس إلى الثكنات وهل يفي الذئب يوما مع الغنم؟ ولو أن أمر التصالح كان يجري بوطنية صادقة ومرونة مقبولة لما وصل الخطب إلى أن بلغ السيل الزبى، ولم يعد منفذ للقاء بعد كل التنافر والكراهية كما يصف المعري: إن القلوب إذا تنافر ودها مثل الزجاجة كسرها لا يجبر زد إلى ذلك مصيبة التفجيرات الأخيرة في دمشق بأثرها الضخم المدوي التي ذكرتنا بمقتل الشهيد رفيق الحريري وحادثة التفجير الهائلة في لبنان التي هي مدانة إنسانيا بلا ريب، ولكننا نسأل بقوة أين التنديد العربي والإسلامي والعالمي بجرائم النظام قديما وحديثا وعلى مدى عام ونصف العام من التنكيل الوبيل الوحشي الذي أصبح هولاكو ونيرون وهتلر أمامه حملا وديعا، أرأيتم للرذيلة وهي تحارب الفضيلة، إننا في سورية لا يمكن أن نقتل الأبرياء كما يفعل النظام وليس ذلك من مبادئ الجيش الحر ولا أي طيف من المعارضة وإن كانت القاعدة كما يروجون ليخوفوا الغرب فإننا نقول: إن النظام الذي درب القاعدة المزعومة ووجهها إلى العراق حرقا وتدميرا هو نفسه الذي يفعل هذه الجرائم في سورية وباسم هذه القاعدة التي رسمها هو في مخيلته، وجعلها ومازال فزاعة ولكن العالم بدأ يكشف هذه الأحابيل ولم تعد تنطلي عليه وإذا كان حسن نصر الله في خطابه قبل أيام يهدد السوريين بقوله: إما الإصلاح وإما الحرب مرددا لغة العصابة نفسها، إما الأسد أو نحرق البلد فإن المقاومة الشعبية في الشام بصبرها واعدادها نفسها ماديا ومعنويا ستقول كلمة الفصل عاجلا أو آجلا وتعلم الطائفيين أن الوطنية تعمل ولا تتكلم بخلاف من وصفهم الكاظمي: ومن لم يكن من دون أوطانه حمى فذاك جبان بل أخس وأحقر
592
| 13 مايو 2012
كم هي الأسئلة الواضحة في هذا العصر الذي نزعم أنه عصر الرقي الحضاري والتقدم الفكري والارتقاء الأخلاقي وعصر السلام وصيانة حقوق الإنسان، حيث يتبين لنا الفرق الشاسع بين القول والفعل وبين الحقيقة والدعوى دون بينات على حد قول الشاعر: والدعاوى ما لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء ولعل المشهد السوري بكل تناقضاته خير دليل على ما نقول اليوم، فعلى الصعيد المحلي الوطني الحكومي كم نسمع كلاما دون أي تحقيق لمقتضاه كمن يسمع جعجعة ولا يرى طحنا وما من خطاب تفوه به بشار الأسد رغم طول الحديث الممل ونفذ منه شيئاً يمكن أن يخفف من التوتر الذي خلقه هو ونظامه بل كان العكس بأن يتفاقم الاحتجاج كثيراً بعده وقس على ذلك كل قول أو تحرك تقوم به حكومة الأسد لأنها نسخة من طبعته المزورة. وعلى الصعيد العربي والإقليمي فإننا لم نلمس أي جدية تذكر في التعاطي مع هذا النظام الإجرامي الحاقد الطائفي المراوغ بل إن كل التحركات التي نشأت ومازال بعضها يقوم على استحياء لم يوقف بوجه عملي مأساة القتل والمجزرة المستمرة التي فاقت كل تصور بشناعتها وبشاعتها وفظاعتها، إضافة إلى السجن والاختطاف والاعتداء على الشيوخ والأطفال والنساء والتهجير القسري للسكان داخل البلاد وخارجها بعدد زاد على المليونين، إضافة إلى منع صوت الحرية ورش المتظاهرين بالأسلحة الخفيفة والثقيلة وهكذا ذهبت وتذهب أقوال وقرارات الجامعة العربية هباء، حيث تفرغ من مضمونها ولا يبقى إلا بعض الدول التي مازالت تدأب بإخلاص للوصول بالشعب السوري إلى بعض أهدافه دعما ومساندة كالسعودية وقطر والكويت ومع ذلك فتحركاتها لم تصل إلى الخطوات الكافية، فالكارثة جسيمة ولابد من الاستدراك وإدراك ضرورة الاستعجال بإغاثة الثوار الذين يدافعون عن العروبة والإسلام والحق المنشود من أي طيف ويقفون جسورا أمام المد الشعوبي المعادي لتراثنا العظيم وحضارتنا المتألقة. أما على الصعيد الدولي فمنذ الفيتو المزدوج من روسيا والصين وتداخل التناقضات وسباق المصالح واستعمال النفاق السياسي في مجلس الأمن ناهيك عما يتم من صفقات سرية بين تلك الدول تظهر بالعلامات والقرائن والحقائق أن الغرب والشرق متفقان على إطالة الأزمة السورية وأنه لا قيمة للدماء الطاهرة أمام ما يجري بين تلك الدول في سوق المنافع وأن التصريحات التي كررها أوباما أو ساركوزي أو وزراء خارجية الدول الأوروبية لصالح الشعب السوري وإجراء العقوبات ضد النظام، بل واجتماع أصدقاء سورية بهذه الكثافة من الدول لم تجد نفعا للضحية الذي مازال عداد الموت شغالا ضده من قبل الجلاد الظالم، ونكرر بكل سخرية إن هذا ما يحدث في زمن الادعاء بالحفاظ على حقوق الإنسان وزمن الديمقراطية، وعند البحث عن الحقيقة ومرمى ومغزى التحرك يظهر التسيب في الموقف والكل ينسى ما قاله في الليل، حيث يمحوه النهار، ولكن لإحكام الحيلة والضحك علينا نحن العرب والمسلمين جاؤونا بخطة مبادرة عنان التي وقفت خطأ منذ بداياتها عندما صرح عنان بأن النظام مخطئ وكذا المعارضة لأن كليهما قد استخدم العنف حيث لم يفرق بين المجرم والمدافع عن حقه ضد الجلاد وحلفائه كروسيا والصين وإيران وحزب الله وعراق المالكي الذين يزودون هذا المجرم بالأسلحة الفتاكة فأين وجه المقارنة؟ ولذا نقول إن عنان سيعود خائبا وقد أخفقت خطته حيث لم ينفذ من نقاطها الست شيء فأين إيقاف العنف وأين سحب الأسلحة الثقيلة من المدن والأحياء وأين حق التظاهر السلمي وأين الإفراج عن المعتقلين وأين حرية الإعلام وأين السماح بالمعونات الإنسانية وإدخالها إلى سورية وأين وأين، وهكذا تورد الإبل يا عنان بل يا أيها المجتمع الدولي الغربي الذي كلف عنان بذلك تغطية على فشله أن يعمل شيئاً حقيقياً للشعب السوري أو عمل هذا بخطة المؤامرة لإضعاف سورية كاملا والانقضاض عليها بعد ذلك لتقاسم ما يمكن من أي حصة معنوية بسبب الموقع والمميزات أو مادية تخص أي دولة، ثم إن هذا كله في جانب وأما في الجانب الآخر فالتوافق الدولي العلني والسري وقد دلت عليه عشرات الدلائل لإرضاء إسرائيل بإبقاء النظام السوري وبشار وعصابته فهم خير حافظ لأمنها من أي بديل يأتي بعد ذلك سواء كان إسلاميا أو علمانيا، وهكذا فالمحصلة نفاق دولي وتآمر بات مكشوفا وذلك باعطاء الفرصة تلو الفرصة لهذا النظام الخائب كي يستمر لأنهم لن يروا أكثر منه وفاء لهم من حيث الحقيقة والنتيجة أما الشعارات والمظاهر فدعك منها فقد كشفت جميع الأقنعة وذاب الثلج وبان المرج، ولا شك أبدا أن ما يقدمه النظام السوري والعصابة المتآمرة على الوطن قد بات هو المرجح والرابح في الحلبة وأن الدم السوري الثائر إنما أريد ويراد له أن يبقى أكثر رخصا من الماء لأنه ليس الدم المتآمر من جهة وليس دم بني صهيون ومن يدعمهم شرقا وغربا. ولذا فإن كوفي عنان هو الناطق الرسمي باسم المتآمرين من حيث النهاية وهل ننسى صمته المطبق إزاء ادعاءات التحالف الأمريكي البريطاني بوجود أسلحة دمار شامل في العراق وهو يعلم خلاف ذلك مما جعل العراق لقمة سائغة للغزاة ثم عمله لإقرار اتفاق عام 1996 بين العراق والأمم المتحدة لتنفيذ عملية النفط مقابل الغذاء، فالتهمت الشركات الكبرى نفط العراق.. ولا ننسى عمله مبعوثا خاصا لدى منظمة حلف شمال الأطلسي عقب توقيع اتفاق دايتون للسلام في البوسنة والهرسك عام 1995 حين بدا لدول الغرب تفوق كفة المسلمين في الحرب. ولا شك أن مبادرة عنان اليوم وقد باركتها روسيا والصين وإيران هي داخلة بشكل أو بآخر في التسويفات وكسب الوقت لمزيد من قتل أهل السنة في سورية خصوصا ومع ذلك فقد أحسنا الظن سياسة وقلنا ربما نقبل بخطبته ولكننا اليوم في مقام التقويم وإذ نسمع المتحدث باسم عنان أن الخطة قائمة على المسار نقول: لا فقد ساوت بين الضحية والجلاد وتعاظم العنف والتفجير والقلق والهدم والحرق والاعتداء براً وجواً على الناس العزل بشهادة الأقمار الصناعية والمخلصين من المراقبين وهل يعقل أنه منذ أكثر من شهر لم يصل منهم إلا خمسون والبقية للثلاثمائة بعد أكثر من شهر ونصف الشهر في حين أرسل آلاف المراقبين في نزاع كوسوفا مع صربيا. وهكذا فعلى الصعيد الدولي قول بلا فعل وتزوير والتفاف وعمل بالدم قراطية وليس بالديمقراطية كما يدعون، ولعل ما يوضح ذلك ما صرح به مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق ديفيد ماك السبت الماضي في حلقة للجزيرة بعد العاشرة ليلا مع المذيعة ليلى الشيخلي حيث ذكر ماك أن على المعارضة كذلك أن تعطي ضمانات للحفاظ على الأقلية العلوية والدرزية والمسيحيين جاهلا أو متجاهلا أن سورية في جميع عهودها لم يؤذ السنة فيها أياً من الأقليات وأن رئيس وزرائها كان الدكتور فارس الخوري وهو مسيحي وقد أسلم قبل موته وأن الجميع كانوا ومازالوا يتعايشون بسلام إلا هذا الحكم الطائفي البغيض منذ حافظ الأسد الذي ولغ في السنة ظلما أقول له هذا ما يتوافق مع تصريح لافروف وزير الخارجية الروسي حين تخوف من صعود الإسلاميين في سورية المستقبل ثم صرح بخوفه من صعود السنة مع أنهم هم الأكثرية التي مازالت تذوق أصناف العذاب وهذا ما يتطلب مقالا خاصا لنقد هذه الديمقراطية التي يدعونها زورا وبهتانا دون خجل.
409
| 06 مايو 2012
في كلمة جامعة مفيدة وخطاب سياسي إنساني متميز تحدث الرئيس التونسي المنصف المرزوقي عن الثورة التونسية التي بدأت بهبة التغيير وافتتاح الربيع العربي بكل تضحية وإصرار حتى اضطرت الديكتاتور ابن علي أن يهرب في جنح الظلام خوفاً من بطش شعبه الذي أراد الحياة حرة أبية بعد عهد الاستبداد والاستعباد، ومع الانفتاح بكل شفافية على الحضور الغفير الذي غصت به القاعة في الدوحة وضجت جنباتها بالهتاف الحار كلما وقف المرزوقي عند فكرة أو عالج تحديا مما يعترض الثورة في تونس من الكيد تارة والتآمر أخرى لإجهاضها بدا الرجل مطمئناً غاية الاطمئنان عليها، منوهاً بإيجابياتها محاولا النقد البناء لأي سلبية بعدها داعياً إلى مؤتمر وطني يشترك فيه كل من له رأي معارض مباشرة مرحبا بجهد الجميع لبناء وطن الحرية والقانون دون التشنج أو الإقصاء أو العودة إلى تصفية حسابات قديمة لا تؤدي إلا إلى خلخلة اللبنات وتهديم البناء الشامخ المنشود، لقد أعجبني في الرجل إقناعه بالمقال والمثال ثم كان منه تصريح مهم بعد يومين حين أعلن أنه لا خلاص للمأساة في سورية إلا بإعطاء بشار الأسد صلاحياته إلى نائبه تمهيداً لنقل سلس للسلطة وحقنا للدماء إذ لم يعد الشعب السوري يتصور أن يبقى الأسد له رئيسا أقول: لقد صدق المرزوقي في مشاعره حيال الشعب البطل ولكن الحقائق والقرائن المعروفة في الماضي والحاضر تدل دلالة قاطعة على أنه من المستحيل أن يفعل بشار ذلك كما فعله الرئيس اليمني علي عبدالله صالح لاعتبارات خاصة وعامة بات يعرفها الجميع وإن أهل سورية هم أدرى بمن في ديارهم، كما أن أهل مكة هم أدرى بشعابها وبمن فيها كما يقولون. وإننا نذهب إلى أن التحليل النفسي لشخصية زيد من الناس هو الذي يضعنا على سكة معرفته وليس التحليل السياسي فقط ولا ريب أن هذا من مسلمات علم الإدارة في النفس والمجتمع وهنا يجب ألا ننسى أن بشار الحاكم الفردي الذي ثبت لدى من عرفه جيداً أنه لا يقبل النصيحة وأنه يقول ويفعل خلاف ما يقول وأن الالتزام بالطاعة ولو لمصلحة الوطن شاق عليه جداً، ولذلك فإننا نرى أنه لابد من سبر عقلية بشار وممارسات أعماله وسلوكه على الواقع وكذلك العقليات الأمنية في هذا النظام المتخلف المتوحش الذي لا يعرف للإنسانية أي معنى، فالأخ المرزوقي عرف شيئا وغابت عنه أشياء، فالتحليل النفسي السيكولوجي الذي نقف عنده يعلمنا مثلاً أن طبيعة الكبرياء والغطرسة والفوقية التي كان حافظ الأسد والده يتحلى بها هي نفسها التي انتقلت إلى الابن الذي صرح إبان الاحتجاجات أنها إذا قامت وتفاقمت فسوف ينجز ما أنجزه أبوه في مدينة حماه عام 1982 بقتل عشرات الآلاف وتخريب ثلثي المدينة وتهجير أكثر ساكنيها، وقد فعل ذلك وما يزال، فالهجمة التي تمت بالقصف العنيف بالمدافع والصواريخ والضحايا الهائلة أكبر دليل على ذلك اليوم. وإحراق الأطفال وما فعله صاروخ كراد من دمار كبير وقتلى وجرحى وهكذا فالابن لا يخفي أخطاء أبيه بل يفعل مثلها وكأن هذا ما يتربى عليه من يؤيده ممن كتبوا على صفحات التواصل منذ بداية الأحداث أننا إذا قمنا بثورة ضد بشار ونظامه فسيفعلون حماه ثانية كما فعلوا بها المرة الأولى، وإن ننسى فإننا لن ننسى دفن الفتى وهو حي، حيث ضرب وطعن وأجبر كي يقول لا إله إلا بشار فرفض ورفض فتم دفنه حيا، وهنا تذكرت أن هذه الجريمة تحدث مع وجود المراقبين الدوليين الذين هم بحاجة إلى مراقبين وأنهم لإطلاق النار لا لإيقاف إطلاقه بل لما قال الناشط صالح الحموي من الثورة لأحدهم لماذا قتل المتظاهرين وبوجودكم! أجابه: أوقفوا التظاهر لا يقتلونكم! بل لما استفحل الأمر في حماه جراء هذه المذبحة المروعة لم تعلق هيلاري كلينتون إلا بقولها: إنها قلقة لما يحدث وهكذا فإن معظم المجتمع الدولي يمنح هذه العصابة الفرصة تلو الفرصة لمزيد من القتل فتباً لهم من مروجين لحقوق الإنسان وهم الذين يقتلونه بشكل أو بآخر حفظا على مصالحهم وأمن إسرائيل التي ما زالت تراهن على بقاء نظام يحرسها ويقتل شعبه. ولذلك فيجب ألا نغفل أبداً في التحليل النفسي كل عادة ونمط يكتسب من الأب للابن حتى لو كان هذا الابن متعلما وطبيبا، فالطبيب من يطبب نفسه أولا وإن أبا واحدا جديرا خير من عشرة معلمين كما يقول جان جاك روسو أو كما يقول المثل الفيتنامي إن الأب الحنون يكون مشعلا للأجيال، فالحاكم والملك والرئيس إذا لم يكن بهذه المثابة فإنه يضر نفسه وشعبه كما قال سهل بن هارون إذا أنت عشت دون أن تكون أبا فإنك ستقضي دون أن تكون رجلا، وهكذا فالطبع غلاب، وكيف يطمئن الشعب السوري لبشار ومن معه بعد أن سقطوا في الاختبار ولم يفهموا إلا الانتقام الذي هو عدالة الهمجيين، كما يقول فرانسيس بايكون ونحن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينتقم إلا عند انتهاك حرمات الله، فأين الإنسانية وأين العدالة، ولذا أفلح من قال: حاكم بلا عدل نهر بلا ماء أو كما قال باسكال القوة بلا عدل هي الطغيان بعينه. إننا نقول لأخينا الرئيس التونسي ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: لزوال الدنيا جميعها أهون عند الله من دم سفك بغير حق، بل إن الإسلام قد حرم حتى مجرد الإشارة بالسلاح وبين علي رضي الله عنه أن آلة السياسة سعة الصدر وأن الحرب ورطة المتهور وإذا كان سليمان الذي ورث الحكم عن داود عليهما السلام قد اهتم ألا يطأ جيشه نملة فما بال بشار الوريث يقتل ويذبح ويمثل ويعتقل ويهدم ويحرق حتى المقدسات ويعتدي على الأطفال والشيوخ والنساء ويسرق جنوده ممتلكات الناس بشكل فظيع، هل يكون هذا المراهق أهلا لحكم شعبه، وقد وأدهم في حريتهم وكرامتهم فلا غرابة أن يدعى مجرما، فالمجرم كما وصفه سعد الله الجابري هو من يعتدي على سلامة الناس وحرياتهم، ولكن كما قال رولان أيتها الحرية كم جريمة ترتكب باسمك! ومع هذا الليل الحالك فإن شعبنا البطل قرر أن يصدح دوما كالبلبل الذي هو بطل الحرية، فالحرية هي الشمس التي يجب أن تشرق في كل نفس كما قال المنفلوطي فيا أخانا المرزوقي لتعلم أن ثبات شعبنا وصموده هو الحل الوحيد وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم ومن له الإرادة له القوة وهو وحده صاحب الضمير الحي أمام عصابة لا ضمير لها.
352
| 30 أبريل 2012
وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع على إيفاد المراقبين الأمميين إلى سورية للاطلاع الميداني على مجريات الأحداث والذين سيصلون بعددهم الثلاثمائة تباعا خلال الأيام القليلة، كما وصل قبل أشهر نظراؤهم المراقبون العرب.. وقد حالفهم الفشل الذريع لأن خطة إرسالهم كانت مسيّسة بامتياز ولأن بعضهم قد مارس كل الأعمال التي لا تمت إلى الأخلاق بصلة والتي تساوي بين الضحية والجلاد ولم يأسف كل حر على إخفاق هذه المبادرة التي لم تقدر من البداية أن طرف الحكومة الطاغية المستبدة الديكتاتورية لن يتعامل معها بوفاء رغم الوعود والبرق الخلب، فماذا عسى لمبادرة كوفي أنان أن تحقق من بنودها الستة التي سيعمل المراقبون على متابعتها وخصوصا نقطة الوقف الفوري لإطلاق النار الهش أصلاً، ومع أن الذي يبدو للعالم أجمع أن نظام الممانعة الأسدي ضد الشعب، لم يلتزم ونجزم أنه لن يلتزم بهذا فإن الجيش الحر ومن يؤيده قد كان منهم وما يزال كل التزام، وهذه هي أخلاق الأحرار برغم الظلم والقهر والفواجع الهائلة، وعلى كل فكل إناء بالذي فيه ينضح والطبع يغلب التطبع كما يقولون، وفي قناعتنا أن هذه الآلية التي تتمثل بحضور المراقبين ومتابعتهم ورؤيتهم وسماعهم من السلطة من جهة ومن الثوار من جهة أخرى ستكون جزءاً من العلاج المرحلي للمأساة السورية إن استجيب للقائمين بها سيما أنهم غير عسكريين ولكنهم سيتحققون ميدانيا بأنفسهم وسيكتشفون طغيان هذا النظام الفاسد لا قوته كما يدعي هو وحلفاؤه كما سيقفون على القوة الحقيقية للشعب السوري الثائر المصابر والمصمم على خوض غمار الصراع في الحلبة حتى النصر بإذن الله وهزيمة الأسد كما أعلن الثوار في جمعتهم الماضية.. وهنا نود أن نفند ادعاء النظام وكل من يسبح بحمده أنه قوي ومتماسك وأن المناوئين له هم الضعاف وما هذا الشعب إلا عصابات مسلحة تقوم بمؤامرة خارجية عليه ممامله الجميع ومجوه ولا بأس أن نذكر أن ثمة فرقا كبيرا بين الطغيان وبين القوة فالنظام السوري في حقبة الحكم الأسدي ما كان ولم يكن قويا بل طاغيا جبارا مغتصبا إرادته هي القانون والدستور ولا يعرف المحاسبة والمساءلة ويقترب فيه الطاغية الحاكم من التأليه، أما سمعتم بـ لا إله إلا بشار الأسد ورأيتم السجود على صورة الأسد وليس لله إجبار للمخالفين، أما عرفتم قصة الشاب الذي أجبر على السجود لصورته فمزقها وقال ربي الله كيف فجروا يده وهو الذي شكا معاناته بعظمة لسانه وكم وكم في السجن فعلوا ذلك مع الشباب الطاهر وقد قتل بعضهم لرفضهم وأخذ البعض الآخر بالرخصة وفي هذا فيلم موثق بالصوت والصورة وهكذا فإننا نفهم أن الطاغية إنما ينتسب إلى عائلة الطغيان وأننا عندما نذكر فرعون فإنما يذكر الطغيان معه، لأنه تجاوز للحد وتماد في الباطل غرورا واستكبارا وانخداعا بالملك والسلطة والمال من كل طاغية يرى أنه يستغني عن الأشياء ويحقد على غيره ويحسده ومع غياب الوعي عن الجماهير وغفلتهم يزداد طغيانا لأنه لا أحد ينهاه عن هذا المنكر ويجفف منابع طغيانه ويقطع عنه روافده أو حتى يقوم بواجب النصح والموعظة الحسنة، وقد يتعلل الكثيرون بأنه يخنقهم ويكبل تطلعاتهم وهذا ما يفسر لجوء البعض إلى النكتة السياسية تنفيسا عما في صدورهم ولذا فقد نبه القرآن الكريم في آياته إلى خطورة الطغيان، مبينا على سبيل المثال أن فرعون لم يكن قويا بل كان طاغية وهذا كما في قوله تعالى (اذهب إلى فرعون إنه طغى) ولكن عندما قص علينا قصة موسى بين أنه هو القوي وإن كان في الظاهر ضعيفا أمام فرعون هو وأصحابه، وهكذا كل طاغية يقول العلماء لا يمكن أن تسميه قويا بل طاغية بطاشا ومآله إلى الهلاك كفرعون وكل فرعون في كل عصر ومصر وفي قوله تعالى (وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد)، "الفجر: 149"، إذ ليس وراء الطغيان إلا الفساد والطاغية أسير هواه لا يفئ إلى ميزان ثابت ويجعل الجماهير أرقاء أذلاء ويحطم القيم والتصورات المستقيمة أو يزيفها على مزاجه ويفبرك الأحداث ويقلب الحق باطلا ويكثر الفساد فيكون العلاج من الله وجنوده هو تطهير الأرض من فساده فيرصد الله عمله ويسجله إن ربك لبالمرصاد. وهذه هي سنة الله في الأشرار مهما ادعوا الإصلاح (إن الله لا يصلح عمل المفسدين)، "يونس: 81"، واقرأ إن شئت عن هذا: في ظلال القرآن 6 سورة البروج، ولما أراد الفيلسوف أرسطو أن يتحدث عن مفهوم الاستبداد قابله مع مصطلح الطغيان وقال: إنهما وسيلتان لحكم الرعايا كالعبيد واغتصاب السلطة، ولكن الذين يحكمون اليوم في سورية لم يجعلوا لهم مثلا إلا (مونتسكيو) الذي يعتبر سكان الشرق عبيدا بالسليقة ويجب أن يعاملوا كالحيوانات وقد رد عليه كثير من المفكرين والفلاسفة، ثم انتقل معنا إلى عائلة الديكتاتورية المصطلح الروماني الذي يستفيد بموجبه الطغاة بعضهم من بعض ولقد كانت في زمانهم لا تتجاوز الستة أشهر فقارنها مليا عندنا الأسد إلى الأبد، الأسد أو لا أحد، الأسد أو نحرق البلد، ثم انتقل إلى عائلة الشمولية التي تستفتي على زعيم واحد ليخرج من قبعته أرنباً اسمه الديمقراطية على قطيع لا حيلة لهم وهذه قريبة من عائلة السلطة المطلقة. وهكذا وهكذا يكون الطاغية الذي يقتل شعبه صباح مساء بل حتى لم يجد هذا الشعب المسكين وقتا لدفن شهدائه لتواصل النيران، ولذا فقد ذهبت القوانين اليونانية منذ القدم إلى منح جائزة أولمبية لمن يقتل الطاغية فقتله قد كان واجبا عندهم في حين يرى البعض وجوب نبذه لأن الطغيان مسألة يستنكر حسمها بالسيف.. إن نظام الأسد الأب والابن لم يكن قويا ولن يكون ولكنه دام هذه العقود الأربعة بالطغيان والبطش والفاشستية والسجن والتعذيب والاختطاف والتشريد والاعتداء على الشيوخ والأطفال والنساء وهدم وحرق الممتلكات والشجر والحجر حتى الدواب، فأرهب الناس وهذا ضعف لا قوة وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الشديد لا يكون بالصرعة وإنما الذي يملك نفسه عند الغضب، وأن هذا النظام إنما يقوم على قانون القوة التي هي بمعنى الطغيان هنا لا على قوة القانون ونحن نقول له ما قاله بدر الدين الحامد: إذا كنت يا هذا قويا فلا تكن غريرا فكم خيل بفرسانها تكبو ونقول له: لا قوة إلا قوة الضمير كما قال ارسكين وكما قال غاندي ليست القوة هي الحق وإنما الحق هو القوة ولذا فإنه نظام ضعيف وغير متماسك إلا بما ذكرت وبحبل من الناس كإيران وروسيا وحزب الله وعراق المالكي ومن أشبههم. ولأنه يظن أن الشعب ضعيف ومعارضيه ليسوا بشيء فإننا نقول له إن الذي صبر عاما وشهرين أمام كل هذا القمع وبصدر عار وتحمل نزف الدم والقتل والجرح والسجن والتهجير القسري ورأى قصف المساجد بل والكنائس مثل كنيسة السريان الكاثوليك في حي الحميدية بحمص مؤخراً سوف يستمر في ثورته ومعنوياته في الريح بل تسابقها وهو يقول لكل ظالم وطاغية: لا تحتقر كيد الضعيف فربما تموت الأفاعي من سموم العقارب كما قال عمارة اليمني أو كما قال جورج بومبيدو: آفة القوة استضعاف الخصم وهكذا فالشعب السوري بجميع أطيافه الدينية والسياسية هو القوي حقيقة لا شكلا وكما يقول ناصر الإسلام والعربية مصطفى صادق الرافعي: الحق أقوى من القوة أي الطغيان والشعب أقوى من الحكومة وإن النصر لمن يحتمل الضربات لا من يضربها.
763
| 23 أبريل 2012
يقول المثل العربي المعروف: من جرب المجرب كان عقله مخربا، فهل يصح ذلك على النظام السوري في تعاطيه الدموي مع الشعب ونكوصه عن أي تعهد قام به لإيقاف العنف الوحشي منذ تفجر الثورة المجيدة ضده أم لا؟ إن الوساطة التركية والوساطة القطرية بداية ثم الجامعة العربية بجهودها المتواصلة مؤخراً لم تفلح في لجم القتلة أبدا واستمرت المماطلة والمراوغة كي تخدع بعض العالم بالكذب وتزييف الحقائق رغم وجود المراقبين وقتها ولكن هل يمكن لتلبيس إبليس أن يضحك على عقول الناس جميعاً في هذا العالم، وخصوصا بعد افتضاح خبث النظام وخوضه في الجرائم ضد الإنسانية على امتداد التراب الوطني سيما في حمص والمناطق الأكثر سخونة في الصراع، لقد جاءت مبادرة عنان بنقاطها الست التي أسهمت بمهلتها لسفك دماء زكية زادت على المائة شهيد يومياً إلى أن تبنى مجلس الأمن مشروع القرار الأمريكي بالإجماع لإرسال مراقبين دوليين إلى سورية للعمل على إيقاف العنف أولا وتطبيق بقية بنود عنان الستة ومع ترحيب المعارضة، بهذا القرار والموافقة على تنفيذه أكد المندوب السوري أن سورية ملتزمة بتنفيذ خطة عنان وإن كانت لا تقتنع بأن القرار جاء متوازنا، ولذلك ولأن كل امرئ راجع يوما لشيمته وإن تخلّق أخلاقا إلى حين فإن ديدن العقرب أن يؤذي دوما وبدأ سقوط الشهداء بالقنص والقصف حتى إطلاق النار على مشيعي الجنازات كما حدث في حلب حيث قتل عشرة منهم السبت الماضي ولذا شككت مندوبة أمريكا في المجلس بنية نظام الأسد وقالت: رغم تراجع سورية عن سياستها القاتلة ظاهريا إلا أن العنف مستمر وهو ما أوضحته المعارضة وأن سحب الأسلحة الثقيلة لم يتم ولم يسمح بالتظاهر السلمي بل قوبل بقتل المتظاهرين، إذاً نكرر السؤال هل سيكتب النجاح لمهمة عنان مستقبلاً أم أن حليمة تعود دوما إلى عاداتها القديمة وتضحك ساخرة من الأسرة الدولية برمتها وإلى متى سيبقى المجتمع الدولي على صبر أمرّ من الصبر وحمام الدم ما يزال جاريا طبعا هذا إذا أحسنا الظن، وإلا فقد نذهب إلى ما يذهب إليه كثيرون من المراقبين والمحللين أن الحراك الدولي قائم على التآمر المؤكد ضد الثورة غالبا وأن مصالح الكبار هي الحاكم الحقيقي في الأزمة السورية وليس المبادئ والشعارات المرفوعة لنشر الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان وكل يتدخل بطريقته الناعمة أو الخشنة، ولكن المهم هو تحقيق الهدف لانتصاف المظلوم من الظالم، ونذهب بيقين إلى أن المجتمع الدولي متهاون بشكل أو بآخر في هذا الشأن، والشعب السوري الثائر بكل تضحية لا نود أن يبقى مصطفاً كالأيتام على موائد اللئام ولا نود أن يسرع العالم لإنقاذه ببطء كبطء السلحفاة وهكذا لا نرضى أن نلدغ من جحر مرتين، والمجتمع الدولي أمام محك الإخلاص إزاء المشهد السوري فإذا لم ينجح في الاختبار فإنه يكون قد اقترف حماقات لا تقل إن لم تزد على حماقات النظام القاتل وأولاها التناقض بين القول والفعل وعدم الارتقاء في المعالجة إلى سقف التضحيات العالي في الداخل السوري ولذلك فيجب ألا نعول كثيراً على مبادرة عنان التي سيدركها الإخفاق في بصيرة كل من يعرف تركيبة النظام البنيوية وتأسيسه الطائفي البغيض وهو ما سينقلنا إلى المرحلة الأخيرة التي تؤكد اعتمادنا على أنفسنا ما استطعنا وإن اضطررنا إلى مساندة من الغير دون احتلال أو شروط تبلع السيادة وقد أفلح الطغرائي حيث يقول: وإنما رجل الدنيا وواحدها من لا يعوّل في الدنيا على أحد وأن المخرج الطارئ إنما هو بواقع الضرورة التي تبيح المحظورة على قاعدة القرآن: (إلا ما اضطررتم إليه)، "الأنعام: 119"، ومن هنا فإننا يجب أن نسمع ونطيع من يحذرنا من الانزلاق على حد تعبير علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من حذرك كمن بشرك، أي: لتعرف كيف ومتى تسير مستقيما ولتكشف حركة الحية تحت التبن! كما هو مسلك النظام السوري وأيضا للتنبه بعدم الهروب من المطر بل بحمل المظلات والمماطر لتجنبه كما قال أناتول فرانس، وعندنا نحن العرب: إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب وكقول الشاعر: توق الأذى من كل نذل وساقط فكم قد تأذى بالأرازل سيد ولماذا يا ترى أليس لأن الذوق السيئ يقود إلى الجريمة كما قال دوماريست، وهو ما نراه في سوء المزاج عند شخصيات النظام وخصوصا الطائفيين والأبواق التي تتحدث باسمهم، ولذلك لابد من تعرية هؤلاء وفضحهم بسوء أعمالهم داخليا وخارجيا، ولابد من تبيين خطتهم لتقسيم سورية بعد أن تفشل قبضتهم ببسط السيطرة عليها فيقومون بإعلان الدولة العلوية في الساحل ليقلبوا الطاولة على الجميع وقد نقل وزير الخارجية البريطاني هذه الخطة لأوباما الشهر الماضي وأطلع بعض البلاد الأوروبية عليها، وكتب في الشهرين الأخيرين مقالات عديدة في هذا المضمار، ولذلك لا تستغربوا أن بشار يقول: لا سبيل إلى التنحي ويقتل ويقتل ويقتل ليأخذ ثأره ثم ينفصل ولا أحد يستطيع محاسبته كما يزعم وهو المربع نفسه الذي صب فيه نوري المالكي حيث أكد أن نظام الأسد لم يسقط ولن يسقط ولماذا يسقط؟ وكذلك تصريحات حسن نصر الله وتصريحات لافروف وزير الخارجية الروسي بالخوف من تسلم السنة مقاليد الحكم في سوريا ولا ريب أن إسرائيل هي أول مبارك لهذه الخطة بل عرضت عدة مرات ومازالت لجوء العلويين إليها للحماية! وبالمقابل فلابد أن نعتبر أن موافقة المجلس الوطني السوري على قرار المراقبين وإيقاف العنف التزام لا وجهان له وأن الجيش الحر لن يخرق أي اتفاق ما لم تخرقه السلطة فيضطر للدفاع عن المدنيين وممتلكاتهم ونحن مع نصيحتنا لهذا المجلس أن يوسع مشاركات المعارضة المخلصة ويصلح من أخطائه إلا أننا في مقابل بربرية النظام لابد لنا من دعمه ونصحه وتقويمه وتسديده بعد الاعتراف به ممثلاً شرعياً رئيساً للمعارضة، إلا أن ما يأخذ قمة الأولويات في المشهد هو الشعب البطل الثائر فلابد من دعمه وتثبيته لاستمرار حراك المظاهرات وتطوير آلياتها والتركيز على تعاونه مع بعضه فهو واحد أمام الانتهازيين وهو الذي يسعى إلى الحرية والكرامة الحقيقية لبناء دولة المواطنة والتعددية والقانون.. إذا كان أصلي من تراب فكلها بلادي وكل العالمين أقاربي وكما يقول زينون: نحن جميعا نجذّف في القارب نفسه. والتعاون قانون الله والطبيعة وكما يقال: فاليد تغسل الأخرى والاثنتان تغسلان الوجه وعندما يعمل الناس معا تتحول الجبال إلى ذهب، فباجتماع السواعد يبنى الوطن وباجتماع القلوب تخف المحن وبتوزيع الأدوار يسهل الحمل وتتحقق الغاية. إذا العبء الثقيل توزعته أكف القوم خفّ على الرقاب وكل هذا بعد التوكل على الحق المبين والوثوق به. واشدد يديك بحبل الله معتصما فإنه الركن إن فاتتك أركان وكما يقول هوراسي: إن الواثق بنفسه يقود الآخرين، وهو بذلك يقضي على الاحتيال الذي يقوم به النظام وعلى الاحتلال الذي جعل سورية مزرعة لعائلة وعصابة سلطوية لا تعرف الدولة ولا الدين. وغاية ما تتهم به خصومها هي المؤامرة مع أنهم أول المتآمرين على الشعب ونحن لا يضرنا أي فصيل منه مهما كان دينه وكان محترما له وقد قال ارنولد توينبي: إن ظاهرة التدين هي أعظم ظاهرة بشرية في الوجود وأعمقها تأملا في الكيان الإنساني، فلا علينا معشر الأحبة إلا أن نصبر ونصابر ونصطبر كما قال جاسم بن عوف: لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى فما انقادت الآمال إلا لصابر ولنكن طموحين فإن الطموح لا يشيخ مع متابعة أن يكون الضمير راضيا، فالضمير الحي هو عين الله اليقظة على الأرض، كما قال شكسبير وبعد ذلك لن يكترث شعبنا نجحت مبادرة عنان أم استمر فشلها ولفظت أنفاسها وإن العامل الوحيد عنده هو تصعيد الثورة والضغط الأكثر على المجتمع الدولي كي يعيد حساباته. [email protected]
649
| 16 أبريل 2012
أخذت الأسئلة تترى من كل مكان في العالم تقريباً حول الحملة العالمية لنصرة وإغاثة الشعب السوري البطل، حيث انطلقت منذ الخميس الماضي 5 أبريل وتستمر إلى 14 أبريل وهي تهدف أساساً إلى تعميق الوعي لدى أنصار الثورة السورية التي باتت الأبرز في الأخبار العالمية، وكذلك إزالة أي لبس لدى من لا يعرفون حقيقة ما يجري في المشهد السوري خصوصا بعد الكذب الصراح والتضليل الإعلامي الذي يسوقه النظام عبر أبواقه المنافقة والمصطفة مع القاتل ضد المقتول، ولنعم ما تقوم به هذه الحملة فيما يتعلق بضرورة الإغاثة العاجلة الضرورية لهذا الشعب المصابر المتوكل على الله أمام آلة الظلم الوحشية من العصابة المارقة عن كل القيم من دين وأخلاق وقيم ومبادئ واحتكام للضمير فأهلنا في داخل الشام والمهاجرون وراء الحدود قد طما بهم الخطب وطفح الكيل وبلغ السيل الزبى، حتى قتل الآلاف وجرح عشرات الآلاف واعتقل مئات الآلاف وهجر مئات الآلاف أيضا إلى درجة أصبح الوضع لا يطاق معه العيش وبات لزاما على العرب والمسلمين والمجتمع الدولي الذي تعتبر سورية جزءا مهما منه أن يقوموا بواجب النصرة برابطة الدين والعروبة والإنسانية على مستوى الحكومات والشعوب وإلا فإن هذا المجتمع العالمي يكون قد أضاف عيبا أقسى وأشنع من عيب الفضيحة العالمية التي مني ويمنى بها هذا المجتمع الذي يبني لنا أشكالاً وأجساماً يسميها مجالس ومراكز وهيئات كمجلس الأمن ومراكز حقوق الإنسان وهيئة الأمم المتحدة وهي فارغة من أي مضمون حقيقي يوقف الظالم وينتصف للمظلوم في عصر الزيوف والمكايد. وهكذا تهب الحملة العالمية التي أقيمت برامجها وتقام في دولة قطر والكويت والسعودية والأردن ومصر وتركيا والبحرين والسودان وفرنسا وبريطانيا وبلجيكا واندونيسيا وماليزيا وباكستان.. لتشرح للأمم المسلمة والعربية وغيرها أن سفينة سورية يتجاذبها متصارعان رئيسان الأول يجاهد بما يملك كي ينقذها من الغرق وهذا هو الربان الرباني والملاح السبَّاح والآخر يبذل كل ما في وسعه لأن يجعلها غارقة تحت الأرض مغيبة معها تاريخها المجيد الذي يمتد آلاف السنين ولا غرابة في هذا، فالأول غيري والغيري يذوق طعم السعادة وينقلها للناس نفعا ومتعة والآخر أناني لا تهمه إلا مصلحته وفئته فيسخر المال والسلطة والشهوة لنيلها متبعا ميكيافيلي صاحب السياسة العارية من الأخلاق متتلمذا عليه بنصيحته: من الأفضل أن يخافك الناس على أن يحبوك، وعلى الحاكم الذكي ألا يحافظ على وعوده عندما يرى أنها تضر بمصلحته وليس له رقابة على نفسه أفضل من النفاق! فهو مع الأنانية مثل الطحان الذي يتصور أن القمح إنما ينمو لتشغيل طاحونته فقط كما قال غوته أو دمار العالم ولا خدش إصبعي حسب ديفيد هيوم وكل هذا يخالف ما يأمر به الإسلام السياسي الأخلاقي وكذلك ما كان أكده الفيلسوف أرسطو عندما رأى أن الحكومة الصالحة هي التي يقصد دستورها المنفعة العامة وسيادة القانون وهو ما قاله سقراط، لكن سفاح الشام لم ينس أيضا مسلك الشيوعية الروسية ومذهب الماركسية الذي يفصل بين الأخلاق والسياسة وهو ما تشبثت به روسيا والصين من حق استعمال الفيتو الظالم الذي يضيع الحقوق ويعقد المشكلات ويقف أصحابه ومؤيدوهم كالرياح الهوج بالعواصف العاتية ضد الملاح الماهر جهارا نهارا يريدون إغراق السفينة في الدماء لا في الماء ويصر ملاحنا الماهر بثورته وصراعه وهو ومن معه يهتفون: مالنا غيرك ياالله، عجل فرجك يا الله، مؤكدين أنهم لن يرعبهم الخوف في مملكة الموت والوحشية وأن ذبح الثورة والثائرين والمتظاهرين والمدنيين والاعتقالات الجهنمية بالتعذيب السادي الذي يصرع فيه الكثيرون لا يزيد الحراك إلا اشتعالا والدليل أنه كلما تفاقم القمع ازداد نطاق التظاهرات في كل شبر من الوطن واتسع حتى وصل في الجمعة السابقة جمعة "من جهز غازيا فقد غزا" إلى أكثر من سبعمائة نقطة في ربوع سورية الأبية وإن كل متظاهر غالبا ما يتوضأ أو يغتسل ويتطيب ويواجه اللئام بالصدر العاري مستهزئاً بالموت طالبا الشهادة وشعاره حديثه صلى الله عليه وسلم الذي في المستدرك 3/215: (سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فنصحه ونهاه فقتله) طوبى لهم وحسن مآب وكذلك شعار عمر المختار رحمه الله: نحن قوم لا نستسلم؛ ننتصر أو نموت. إذ ليس ثمة من يشيع جنازة مجده بيده إلا العاجزون والملاح الماهر مثل الوطني المخلص الذي يفكر بالحاضر والمستقبل وليس كالسياسي السفاح الذي لا يفكر إلا بالانتخابات وخداع الجماهير بتزويرها دون النظر إلى أي شيء آخر، وعليه فعصابات الأسد المستبدة تبقى على حيل المراوغة وستفشل مهمة الأمين العام السابق أنان كما أفشلت المبادرة العربية من قبل فأسلوب الرقص على الحبال هو ديدنها ولم يوافق فعلها قولها ولو مرة واحدة سيما أنها تجد المجتمع الدولي مازال بقصد أو غير قصد لم يستوعب أبجديات الرحمة ليغلبها على المصالح بل شأنه الواقعي مازال يدل على ذلك ولو ذهب الشعب السوري المكلوم إلى الجحيم، ولو يشاء أصحاب القرار الدولي لأوقفوا العنف فوراً وتدخلوا دون أي تفويض من الأمم المتحدة ومجلس الأمن على غرار ما تعاملوا مع العراق وغيره كما هو معروف، وكذلك فإن اللوبي الصهيوني هو الأول الأول الذي مازال يطالب الدول أن تكف حملاتها ضد النظام السوري ومازال نتنياهو يصر على عدم خلع الأسد الذي لو رفع عنه الغطاء الإسرائيلي لسقط لتوه، ولقد بات الجميع وهم يراقبون المشهد السوري مقتنعين أن على الشعب مؤامرة كونية لا على النظام والواقع سيد الأدلة في هذا الصدد، ولهذا فإننا لا نستغرب التصعيد الخطير الذي قام به المجرمون يوم السبت الماضي، حيث المجازر البشعة بحق المدنيين إذ سقط مائة وتسعة وخمسون شهيدا منهم سبعون في بلدة اللطامنة بريف حماة مع تخريب شبه كامل للمباني والممتلكات فيا لها من شجاعة وطنية فريدة لسحق الشعب عوضا عن محاسبة ومعاقبة الجناة على الجرائم الفاقعة ضد الإنسانية وأصبح الصبر والإباء خلق الملاح المجاهد ولسان حاله يقول ما وصفه به بدوي الجبل: ونفسي لو أن الجمر مس إباءها على بشرها الريان لاحترق الجمر أو ما وصفه فوزي معلوف: لكن أنفت بأن أعيش بموطني عبدا وكنت به من الأسياد وبقدر الهموم تكون الهمم فيجب أن نثب بأسرع من الصاروخ لا أن نمشي ببطء السلحفاة لندرك آمالنا العظام في الحرية والتحرير ونتخذ المجلس الوطني السوري ممثلا رئيسا في الحراك رغم أخطائه وبما أن المعارضة بكاملها متفقة على إسقاط النظام المستبد فلا عبرة بالآليات ولا حجة لما يتذرع به البعض من رهن التحرك العاجل للإنقاذ بوحدة المعارضة خصوصا حديث هيلاري كلينتون مؤخراً، فنحن مع الله وثوار الداخل والجيش الحر سوف نحقق الهدف من الحملة العالمية لنصرة الشعب السوري ونقمع عدو الحق والحرية. [email protected]
452
| 09 أبريل 2012
لماذا تكاثرت الأصوات السورية وغير السورية في العالم تنادي بضرورة تسليح الشعب ليدافع عن نفسه، والجيش الحر ليحمي المتظاهرين السلميين حقا في وجه عصابة عديمة الرحمة وحشية المنشأ تحارب الله والإسلام المتحرك وتهين المقدسات وتدمر المساجد وتسجن وتجرح وتقتل وتسحل وتمثل بل تقتل الجرحى والأطباء وتعتدي على الشيوخ والنساء وتهجر الناس دون أي رادع من دين أو ضمير أو أي قيمة إنسانية ودون أن تجد في وجهها رادعاً مكافئاً يوقفها عند حدها بالقوة فإنه لا يفل الحديد إلا الحديد، وإذ تستمر دوامة الموت بحصاد الأرواح بالمئات في الشام المباركة يوميا دون توقف، وإذ يصل الجميع إلى قناعة أن هذه العصابة المجرمة لا يمكن بحال أن تأخذ إجازة تتوقف فيها عن أي إبادة سواء كانت الثورة سلمية أم مسلحة، فالمهم المعوّل عليه عندها هو ما نعقوا به وكتبوه. إما الأسد وإما نحرق البلد والأسد إلى الأبد! وكما يقولون في المثل الشامي: "عديم ووقع في سلة التين" حيث لم يسبق لهؤلاء تبوؤ أي منصب رئاسي في سورية على مدار التاريخ ونجحت خطتهم الماكرة في الوصول بالقوة إلى سدة الحكم فكيف يتركونها لا الأب ولا الابن وريثه ولا العائلة التي أفادت المليارات ومازالت وهي تمارس السلطة، ثم أعانت وعملت على تثبيت المحور الإيراني وذراعه حزب الله في المنطقة وطمأنت إسرائيل بوجه لا يدع مجالا للريب أنهما حارستان بعضهما بعضا، فأنى لهذه العصابة أن يتنحى رئيسها وزمرته لتعود سورية إلى حريتها وكرامتها وتاريخها؟ زد إلى ذلك حلفاء المصالح كروسيا خصوصا والصين ومن لف لفهما عموما وهنا بات السوريون رغم كل عصف ذهني يعيشون في حيرة وتردد وهم يخوضون غمار ثورتهم المجيدة، لقد استفحل القتل بدم بارد وتحت التعذيب في السجون ولم يعد في طاقتهم أن يحتملوا ذلك رغم استمرارهم في الثورة سلميا دون أي عنف، والعصابة وشبيحتها يتسلون باصطيادهم كالعصافير، ويقول بعضهم ليثبتهم على الكفاح اللاعنفي إن أكثر من 24 دولة تم تحريرها بالنضال السلمي اللاعنيف حديثاً منذ عام 1980 مثل ألمانيا الشرقية وسلوفينيا وليتوانيا وبوليفيا والفلبين ومدغشقر ومالي وزائير وكوريا الجنوبية وبولندا والأرجنتين والبرازيل و... بالتحدي السياسي لا العسكري المسلح، وأن ذلك قد جرى دون عواقب وخيمة وغيَّر موازين القوى، وهو أيضا استمرار لظاهرة قديمة بالمقاومة اللاعنيفة التي ترجع إلى عام 494 قبل الميلاد عندما حجب العامة التعاون عن أسيادهم النبلاء الرومان، واستخدمت الشعوب هذا الحراك في أزمنة مختلفة في آسيا وإفريقيا والأمريكتين وآسيا الاسترالية وجزر المحيط الهادئ وأوروبا فإن الحملات يومها نجحت رغم تعقيدات المقاومة اللاعنيفة ولكنها أسلم وأحكم وأقل خسائر ومعاناة لدى الشعب الثائر، ويزيد بعض آخر: إن الله حضنا على السلم في مقارعة الأعداء وأمرنا بالدخول فيه وامتدح الموقف الذي حرس أرواح المؤمنين فقال تعالى: (وكفى الله المؤمنين القتال...)، "الأحزاب: 25"، وزادوا في أدلتهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصى بأن يصبر المظلوم وإن قتل وأن يكون في آخر الزمان عبدالله المقتول ولا يكون القاتل ويستأنسون بموقف عثمان بن عفان رضي الله عنه ورضّاه بأن يقتل دون أن يقبل بدفاع المدافعين عنه.. إلى آخر ما فيه جعبة من يسوق ذلك حفاظاً على توفير القدر الأكبر من الأرواح والممتلكات.. ونقول: إن الكثرة الكاثرة من السوريين بعمومهم وخصوصهم ربما كانوا يقبلون الثورة باللسان لو كانت العصابات الأسدية ومن يقف معها يملكون ولو أدنى بقية من إنسانية وشفقة وخلق ومبدأ، وأدنى مستوى من العدل والإخاء والوطنية الحقيقية أما وقد اعتبر هؤلاء أن سورية ملك لهم وأن الناس جميعا ما هم إلا عبيد يقادون بالحديد والنار و"البصطار" والعصا وقمع الدين والحرمات بأبشع الفظائع والفجائع، وأن الضرورة تقدر بقدرها وهي تبيح كل محظورة فإن من حقهم أن يسيروا على الأدلة الأقوى التي عرفت وجاهتها في الشرع والقانون الإنساني والإسلامي أن الدفاع عن النفس والعرض والمال وضروريات الإنسان شيء طبيعي لا غبار عليه بل هو واجب الأداء والتعاطي ردا للظلم وإزهاقاً للباطل وإعلاء للحق وهو المبدأ العام على الدوام في شرع الإسلام (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز)، "الحج: 39-40"، (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)، "البقرة: 194"، وهكذا فإن قانون التدافع في الحياة يقر أنه لابد من استخدام القوة بقدر الاستطاعة للردع والدفع، وهو ما فسره الشاعر أبو القاسم الشابي: لا عقل إلا أن تصادمت القوى وتعادل الإرهاب بالإرهاب وهنا نجد الفرق شاسعاً بين عدة وعتاد طغاة السلطة وبين ما في حوزة الشعب والجيش الحر من امكانات متواضعة جدا لفعل شيء من الدفاع عن الوطن والمواطنين العزل، وإذ نعود بشريط الذكرى إلى أول بداية الانتفاضة وتصريح بشار الأسد بأنه إذا تفاقم الحراك والثورة ضده فإنه سينجز ما أنجزه أبوه في حماة عام 1982 أي من مذابح حصدت أكثر من 50 ألف مواطن فضلا عن تهديم ثلثي المدينة فإننا لا ننسى أيضا أن التاريخ يذكرنا أن تشرشل بريطانيا التي كانت لا تغيب عنها الشمس لما أخذ هتلر يدكها بالمدفعية والدبابات ويسرع تشرشل في الاتصال بروزفلت رئيس أمريكا حينها ليمده بالسلاح النوعي الكافي لمواجهة ألمانيا وهو يتردد ويتردد إلى أن أكد عليه بقوله: أعطنا الأدوات ننجز المهمة، فكان ذلك أخيرا وهزم هتلر وانتصر تشرشل وبريطانيا ولذا فالمسيحيون هؤلاء يعرفون ذلك تماما وأن المسيح عليه السلام الذي بشر بالسلام وقال: (طوبى لصانعيه لأنهم أبناء الله يدعون) كما في انجيل متى الإصحاح الخامس هو نفسه الذي دعا إلى الحرب على كل من يمنع الجماهير حريتها وأمنها ولذلك فإنه عرف أن ثمة نفوسا لا تهنأ بالسلام بل تعيش على الظلم والعدوان، فأعلن حربا لا هوادة فيها عليهم حين قال: (لا تظنوا أني جئت لألقي سلاما على الأرض ما جئت لألقي سلاما بل سيفا وجئت لألقي نارا ومن كان له كيس فليأخذه ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفا) كما في إنجيل متى 10/34 ولوقا 13/49 وكذلك 22/36 على ما نقله الدكتور مصطفى السباعي في كتابه نظام السلم والحرب في الإسلام ص 11-12. ولذلك فإننا ضد توجه وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي هرعت في مؤتمر منتدى أمريكا والخليج في الرياض لتقنع السعوديين بالحل السلمي وعدم استخدام السلاح وهي نفسها قبل أشهر قد نصحت الذين يحملون أي سلاح من الثوار ألا يسلموه إلى السلطة عندما وعدت بما سمي وقتها العفو العام. إن الموقف الأمريكي المتراجع إرضاء لإسرائيل التي هي حليفة سورية حقا.. ودعك من الشعارات هو موقف متخاذل ويصب في النهاية في مصلحة النظام وليس الشعب ويعطيه فرصا أكبر حتى لخطة عنان غير المحددة ليتفاقم القتل أكثر وأكبر، ولذا فالشعب السوري مضطر إلى الخيار المسلح فالحلول الدبلوماسية قد فشلت ولا منطقة عازلة ولا حظر جوي ولذا فهنيئاً له الثورة بهتاف: عش عزيزاً أو مت وأنت كريم بين طعن القنا وخفق البنود وبجهاد مستبصر غير فوضوي، إذ لابد من الضبط والربط كيلا يعود بالخطر. [email protected]
535
| 02 أبريل 2012
لقد بات كل امرئ في هذا العالم في حيرة وغموض شديدين إزاء ما يجري في المشهد السوري الدموي اليوم عموما، مع أن الأمر فيما نعتقد – إذا أعملنا النظر والتأمل – ليس بحاجة إلى هذا الشرود وذاك الضياع، إذ من المتعارف عليه بين البشر أن الإنسان عدو ما يجهل ولذلك فإنه يحار في التعامل مع كل ما لم يفهم أو يطلع عليه، أما السوريون المتابعون وأصحاب الضمائر الحية النظيفة منهم ومن غيرهم فبأدنى منظار يوجه نحو ما يحدث فإنهم يدركون تماماً أن نظاما فاسدا دام أكثر من أربعة عقود من الزمن لا يحكم البلاد والعباد إلا بالحديد والنار وبث الفرقة بين الجماهير ونشر الذعر الأمني والتجسس المتعمد عبر الاستخبارات التي تتابع حتى فنجان القهوة الذي يحتسيه السوري منذ الصباح ويوقن هؤلاء وأمثالهم أنه منذ انطلقت الثورة المباركة قبل عام والسفاهة لا الرشاد هي سيد الموقف في التعاطي مع شداة الحرية والكرامة والعدل بكل كبر وغطرسة وغرور وباسم الوطنية التي لم يذوقوها أبدا بل حكموا التمييز والطائفية المقتصرة على العائلة الحاكمة ومن يدور في فلكها أي أن الظلم قد غطى حتى على من هم من طائفتهم العلوية نفسها والدليل أن كل من يعارض فيهم ليس له مأوى إلا القتل أو السجن أو النفي والأمثلة في هذا كثيرة، فما بالك بعد ذلك بالطوائف الأخرى وخصوصا السنة الذين يشكلون الأغلبية. إننا نقول ذلك بعد أن صرح وزير الخارجية الروسي لافروف بتخوفه من أن يحكم السنة سورية إذا سقط نظام الأسد العلوي، ويالله من سخافة هذا الميكيافيلي الحاقد على جماهيرنا البطلة مع زمرته التي لا تؤمن إلا بالكذب والسفاهة والعداء للمظلومين، إن الثورة السورية ذات توجهات معروفة للداني والقاصي وتصر على السلمية ودولة المواطنة والقانون والتداول السلمي للسلطة والبعد عن أي انتقام بعد السقوط اللهم إلا محاسبة المجرمين الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء المدنيين وتم انتهاك حقوقهم المقدسة العامة أو الخاصة، وماذا ينفع لافروف ترديد رواية النظام الممجوجة كالببغاء دون أن يحركه ضمير إنساني هو وأبواق الإعلام لديه حيال هذه الفجائع والفظائع التي فاقت كل تصور من القتل والجرح والتمثيل والخطف والاعتداء على النساء والأطفال والشيوخ وحرق المنازل بمن فيها والذبح بالسكاكين بكل طائفية حاقدة، إن كل أعمى البصر والبصيرة من أمثال هؤلاء لن يزيد النار إلا اشتعالاً ومن كان عديم الرحمة وتاريخه القديم والحديث يشهد بذلك ماذا يمكن أن نتوقع منه، إن أسلوب اللف والدوران لإخفاء حقيقة المصالح لروسيا في سورية لن يفيد فإن شعبنا البطل قرر الزحف، ومواصلة النضال، ولابد بإذن الله أن يكون سيد الحلبة عاجلا أو آجلا ونذكر لافروف وعصابته بهزيمتهم خائبين في مستنقع الأفغان فإذا فاضت أفواه الجهال بالسفه فلا غرابة في ذلك وهو إذ يصطف مع معسكر القتلة السفاحين ظانين أن السفيه قادر على ارتكاب كل شيء كما يقول فولتير فإن سنة الحياة وتجارب الشعوب تدل تماما على أن الحق والحرية في الميزان أثقل وزنا من سفاهة السفهاء وأن السلاح الظالم عدو صاحبه وأنه إذا كان سلاح الضعفاء – كما يقولون – الشكاية وهو ما جهر به الأحرار في بداية الاحتجاجات فإن إصرار النظام على العنف هو الذي يعطينا الجواب أنه لا يولد إلا مثله ولكن شتان بين من يقتل عامدا وبين من يحمي نفسه من العدوان، وشتان بين الجيش النظامي الذي يحمي الأسد بدل أن يحمي شعبه وبين الجيش الحر المبارك الذي يدافع عن المتظاهرين السلميين ويحمي بيضة الوطن والمواطن من المحتلين الخونة ولكن كما قال جميل صدقي الزهاوي: وكل حكومة بالسيف تقضي فإن أمامها يوما عصيبا نقول ذلك رغم التآمر أو التهاون الدولي بل والعربي والإسلامي المعلن بصمت أهل القبور أمام قذائف الموت والتصفية الجماعية للبشر السوريين الذين هم إخوان في الإنسانية أو الدين والعروبة للجميع اللهم إلا من وقف معنا من الشرفاء، ونحن على يقين راسخ أيضاً أن الصهاينة واللوبي المتحرك باسمهم في أمريكا والغرب وروسيا هو الحجرة العثرة أيضا في المحافظة على إبقاء النظام السوري المهادن له منذ أربعة عقود وفي دفع العنف ليدمر البلاد والعباد وينهك الشعب ليتنازل ويقبل بالمساومات السياسية إلا أنه يعلن أن الأبطال لا يموتون إلا وهم واقفون ولابد من التضحيات لتحرير فلسطين وسورية المحتلتين من أعداء لا يرقبون في حر إلا ولا ذمة، وماذا عسانا أن نعبر ونحن نرى اليوم كوفي أنان متحركا بين دمشق وأمريكا والغرب وروسيا لحل الأزمة مع وحوش طائفية غادرة بلغت كل فنون الجنون في إفناء البشر والشجر والحجر والحيوان بأطواق عسكرية جبانة وبقصف عشوائي لئيم على درعا وحماة حتى تهدم جزء كبير من قلعة المضيق الأثرية فيها وعلى ادلب وسراقب التي دمرت فيها المشافي الميدانية، وعلى حمص الشهيدة وخاصة القسم القديم منها، حيث يجول الموت في كل شبر، وفي العاصمة دمشق الصامدة وحلب وريفها وخصوصا أعزاز البطلة وخلاصة الكلام أن الشعب السوري البطل سيواصل ثورته مهما بلغت التضحيات وأن الخوف من المجهول لن يرعبه فإن يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم، كما قال علي رضي الله عنه. [email protected]
454
| 26 مارس 2012
منذ عام كامل والدم السوري الطاهر ينزف ويجري على أرض الشام أنهاراً ولا بارقة أمل لإيقافه طالما أن الراعي هو العدو الأول للغنم وأن الذئب هو الحر الطليق حيالها ولا ينتظر منه إلا الخيانة والغدر وهو كلما كان قادراً لابد أن يظل واثباً، ولكن مما يبعث على المرارة والحسرة أن الخيانة التي تنجح هنا لأسباب معروفة فإن بعضاً لا يجرؤ على تسميتها خيانة، كما قال "هارنغتون" بل قد يسمى صاحبها وطنياً وهو بدل أن يُشنق فإنه يَشنق الآخرين كما قال "غاستون أندربولي" بأن مثل هؤلاء الحكام اللا إنسانيين كبشار الأسد الجزار وأبيه من قبله وطغمتهما المستبدة المستعبدة الفاسدة التي لا تملك إلا الانتقام الذي هو عدالة الهمجيين وكذلك الاحتقار للشعب الذي هو الشكل الأذكى للانتقام لا يمكن بحال من الأحوال أن يسرحوا ويمرحوا في الحياة دون عقاب وحساب وتلك سنة قانون التدافع في الأرض، ومن القديم كان الفيلسوف أرسطو يقول: إن المذنب المتعمد يجب أن ينال من الأذى أكثر مما تسبب به ولكن أين حرية القضاء وحكمه في بلد منذ خمسين عاماً، خاصة في عهد الجزار بشار اليوم لا يمكن أن ترى له أثراً، لأن هذا الحاكم المجرم ما أسس حكمه إلا على الجريمة والظلم أما العدل فليس له في قاموسه أي مكان، أضف إلى ذلك ما فعله ويفعله الحقد الطائفي الذي يسلط على بقية المواطنين السوريين وخصوصا من قبل هذه العائلة الأسدية وعصاباتها المنتفعة المنافقة، حيث يغلي مرجل هذا الحقد ويصب جام غضبه على الثوار والأحرار والأبرياء المدنيين من الأطفال والشيوخ والنساء بالاعتداء عليهم صباح مساء وقتلهم والتمثيل بهم أو ذبحهم بالسكاكين وقصف وإحراق منازلهم بمشاهد مروعة حقا من المجازر والانتهاكات الفظيعة التي أقنعت العالم أجمع بأن هذا الوحش الكاسر لا يمكن أن يكون إنسانا سيما أنه لم يتوقف عن هذا القمع والتنكيل ساعة واحدة على مدى عام تام من عمر الثورة السورية المباركة، لا في شهر رمضان ولا في الأعياد حتى لم يسمح لتدخل إنساني في بابا عمرو بحمص لإنقاذ الجرحى أو تخليص المحاصرين الجائعين من الموت المحقق بمدهم بأي شيء من الغذاء والماء والدواء وارتد الصليب الأحمر خائبا عن إعانة الأسر المستغيثة التي ملأت الكون صراخا ونحيبا ونحن في هذه العجالة لا نستطيع إلا أن نذكر أن شعب سورية البطل صبر وصابر واصطبر وما يزال يتجرع علقم الألم العظيم لأنه بات على يقين أنه لا شيء يصيره عظيما مثل الألم العظيم كما قال الأديب أحمد أمين ولأن الألم يولد العبقرية ويوقظ الضمير ويحلق الإنسان به في سماء الإنسانية ولا يمكن للمرج أن يضحك إلا إذا بكى السحاب ولا ينال الطفل لبن الأم إلا بالبكاء كما أفادنا جلال الدين الرومي، وماذا عسى لهذه الجماهير الشامية أن تحتمل أكثر من إطلاق الرصاص الحي الكثيف والوطء فوق جثث الأحرار وربطهم وركلهم وإهانة دينهم وأنفسهم بالشتم والتحقير، وقطع وقود التدفئة عنهم في هذا البرد القارس وقطع الاتصالات وتكديس الجثث الحية والميتة كأنها أكياس قمامة ألا ساء ما يفعلون ولكن الأنكى والأشد هو الاعتقالات الرهيبة لعشرات الآلاف للشباب والشابات بل والشيوخ والعجائز حيث التعذيب الممنهج الذي مات تحته المئات وانتهكت فيه المقدسات والحرمات وما تزال، فيالله للأسرى والأسيرات..يهون علينا أن تصاب جسومناوتسلم أعراض لنا وعقولإن هؤلاء القوم لا يعرفون أي قيمة للعرض بل غدوا يعتدون على النساء جهارا نهارا، فيا ربنا كن لهؤلاء معينا ومغيثا وكن للنازحين عن سورية، بهجرة حرة وقد بلغوا حوالي مائتي ألف راحما وحافظا وهي الفرج القريب ورد اللاجئين أمس واليوم إلى ديارهم سالمين غانمين إنك رؤوف رحيم بالمؤمنين المظلومين، يا ربنا يا منتقم يا جبار إن الجميع يهتفون الله أكبر ومالنا غيرك يا الله فمنّ عليهم بالعطف وأزل الكرب وأكرمهم بالنصر وأشدد وطأتك على بشار وماهر ومن مالأهم في سورية أو إيران أو حزب الله أو روسيا والصين، فإن هؤلاء لا يقلون في الجريمة عنهم وأنت يا مولانا تملي للظالم حتى إذا أخذته لم تفلته، ولا ريب أن ظلمه سوف يصرعه ومن استبد هلك ثم (أشد الناس عذابا يوم القيامة من أشركه الله في سلطانه فجار في حكمه)..وما من يد إلا يد الله فوقهاوما ظالم إلا سيبلى بأظلموالبادئ هو الأظلم فمنذ 15 مارس 2011م، قام المتظاهرون في سوق الحميدية بالعاصمة دمشق يطالبون بالحرية، ثم انطلقت شرارة الثورة في درعا بحوران بعد قلع أظافر الأطفال وتهديد آبائهم وكيل الشتائم لهم وقول عاطف نجيب مسؤول الأمن السياسي وابن خالة بشار: انسوا أطفالكم ونحن سنأتي نساءكم ونعوضكم أطفالا آخرين عوضنا عنهم!! هكذا بكل غطرسة وعجرفة واستكبار ثم الطعن بأعراضهم، وامتدت هذه الثورة والحمد لله إلى جميع أرجاء سورية وكان الهتاف الموحد: الله سورية حرية وبس، واحد واحد واحد، الشعب السوري واحد، الموت ولا المذلة، سلمية سلمية وكان الشعار هكذا..إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفاأن نبتدي بالأذى من كان يؤذينافهل كان رد العصابة الأسدية والشبيحة إلا إطلاق الرصاص ورش المتظاهرين السلميين بالنار وكم سقط من الشهداء قبل أن تنتقل الثورة إلى مرحلتها الثانية التي تدور بين السلمية والمسلحة إذ بات ضروريا استعمال السلاح للدفاع عن النفس والعرض من قبل المدنيين المظلومين أو من قبل الجيش الحر من الضباط والجنود الذين انشقوا وانحازوا إلى صف المتظاهرين والشعب دفاعا عنهم من بطش الطغاة والكل غير مبال بالتضحيات أمام هؤلاء القتلة ونشيدهم:لا يسلم الشرف الرفيع من الأذىحتى يراق على جوانبه الدمولذا كان من أمثلة العرب: النار ولا العار، وإننا لنجزم أن الثورة السورية وقد اجتازت سنتها الأولى بكل ما فيها من مرارات وجراح واستشهاد فنجحت في الامتحان وحازت ما فوق درجة الدكتوراه في الدرجات، هي الآن أصلب عودا وشكيمة إذ بلغت نقاط مظاهراتها أكثر من سبعمائة وتسع عشرة نقطة في طول سورية وعرضها، وتجذرت في القلوب والألسن والوجدانيات في جميع أنحاء العالم وأخذ الأحرار يتغنون بها ويعيشون فيها وتعيش فيهم وهكذا فإن فجر ليلها سيولد من رحم أحزانها، وهي ما تزال تشمخ في زمن الانكسار العالمي إذ سجل العالم فضيحته على نفسه حين لم يستطع أن يلملم جراحها وينقذها وقد كانت الصهيونية العالمية هي مربط الفرس في ذلك للحفاظ على نظام الفساد والاستبداد والاستعباد الوحشي في دمشق وقد هب أحرار من العلويين والدروز مؤخرا ليسهموا في الحراك الثوري مع الأطياف الأخرى المستقيمة التي هبت تدافع عن القرى ومنازل المدنيين وممتلكاتهم بعد أرواحهم لتواسي الشام التي غدت منكوبة بطغيان السفاحين المجرمين، وإن أهل الحق والحرية والكرامة منطلقون هاتفين:إنما تدرك غايات المنىبمسير أو طعان وجلادوقد اقتربت إن شاء الله ساعة الرحيل لبشار الجزار وفضحه الله كذلك من خلال موقعه الإلكتروني أمام الأشهاد وتلك سنة الله في الظالمين وهكذا تدور ثورتنا المجيدة بين الألم والأمل ولا ريب أن في كل شتاء ربيع يزهر ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله[email protected]
750
| 19 مارس 2012
في هذا العالم الذي نعيش فيه يريد كل إنسان أن يعرف الحقيقة التي تريح ضميره وتشرح صدره وتنقي تفكيره من التشويش والغبش اللذين قد يؤثران على مرآة عقله وقلبه فيصبح أعمى البصر والبصيرة، حتى يمكن للخديعة أن تحتل مكان الحقيقة بالزيف عند هذا المرض وهنا الهلاك إذ يغدو هذا الإنسان بعيداً عن هدى الشرع الذي هو عصمة للعقل وبعيداً عن نبراس العقل الذي هو نور للشرع بل أصل له كما يقول ابن الجوزي في صيد الخاطر ص 108، ولكن الخطورة تزداد في هذا الشأن عندما تبتلى الجماهير بحاكم بعيد عن الحق والحقيقة معاً فهو بالنسبة للحق مثلا يعتبر الظلم عدلا والاستقامة اعوجاجا فلا يتصف إلا بما يمليه عليه هواه، وهو على ذلك في باب الحقيقة ينكرها أو يتجاهلها حتى لو كانت من أوضح الثوابت ماديا أو معنويا كما قال الشاعر البوصيري: قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم أو ينكر هذا المغرور المتغطرس الذي يهرب من الحقيقة مثلا أن يصف بلده بالتخلف وإن كان ذلك حقيقة فيخدع نفسه ويشوش من يتبعه ليعلن أن بلده متقدم أو مزدهر جدا بل قد يصل إلى الادعاء أنه متفوق على الكثير من الدول والبلدان وفي معظم المجالات وهنا يغالط الواقع ويخون أمانة الحق والحقيقة ليخدع الناس ويضمن زعامته وخصوصا إذا كان يستعمل مع ذلك الإرهاب العملي، إن مثل هذا الأسلوب الخسيس في التعامل مع الجماهير والأحداث، إنما هو أسلوب خطير يضر بهذا الحاكم المدلس الغشاش قبل أن يضر بالآخرين ولابد أن تكشف الحقيقة لأن الشمس لا يستطيع أي غربال أن يغطيها وفي التاريخ أمثلة لا تحصى على ذلك وفي أيامنا هذه رأينا كيف سقط مثل هؤلاء الحكام الخادعين الحمقى والمجانين عندما أصروا على اتباع مثل هذه الأساليب مستهجنين شعوبهم لعقود طويلة وما مثل مبارك وابن علي والقذافي وعلي صالح عنا ببعيد، وها هو المثل الشائن في سورية بجميع أبعاد الكذب والافتراء والتلبيس على الشعب وإنكار كل حق وحقيقة سائر على دربهم ولابد أن يقهره الله وأبطال الشام مهما ظن وتوهم أنه أخطبوط يمكن أن يتمدد في كل صعيد ليقنع السوريين وغيرهم بما لا يمت إلى الحق والحقيقة بأي صلة، إن بشار الجزار وزمرته الأسدية والمنافقة التابعة له ترغيبا أو ترهيبا قد يستمرون ظلما وقهرا جزءا من الزمن المتبقي ولكن سنة الله الذي يصهر النفوس في معركة الحق والباطل لا تتخلف والمؤمنون الذين يثورون على الظلم وينتصرون لانتهاك الحرمات لابد بإذن الله أن يغلبوا ويتفوقوا (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين)، "الأنفال: 62" وعندما يرى العالم كذب عصابة الغدر والإجرام في زعمهم أن ما دار ويدور في سورية منذ عام في حلبة الصراع بين الحق الرباني والباطل الشيطاني إنما هو تآمر خارجي أو تصرف عصابات إرهابية مسلحة أو سلفيون متشددون متطرفون يريدون أن يقضوا مضاجع الوطن ليصرفوا الناس عن حقيقة الاحتلال والاغتصاب الأسدي له منذ أربعة عقود ظلما وقهرا واستبدادا واستعبادا مما جعل الناس وقد شرختهم بخناجرها تلك المآثم والجرائم – في أشد مرارة للنفوس وهيجتهم للهبة في الربيع العربي فثاروا ولن يعودوا بإذن الله إلا بعد أن ينتصر الحق على الباطل والحقيقة على الخديعة ولابد في هذه العجالة أن نؤكد أن ما يجري على الحاكم في هذا الشأن هو نفسه ما يجري على من استطاع أن يكشف خدع هؤلاء بأي وجه لكنه عجز أو تعاجز أو جبن عن مقارعة الحكومة الظالمة ولو أن الرأي العام أعلن رسالته وعمل بها منذ عهد حافظ الأسد الديكتاتور الظالم وعالج الواقع بمثل ما تعالج به الثورة اليوم طغيان ابنه الجزار على كل صعيد لما رأينا رجع الصدى الحاقد حتى قتل هذا الابن الأبناء كما قتل أبوه الآباء في سورية الجريحة وكم نحن بأمس الحاجة لأن ننهض بأقوالنا وأفعالنا وأحوالنا وبإرادة فولاذية لا تعرف المستحيل حتى تطوى هذه الرواية الكاذبة بكل شخوصها ومواضيعها وحبكاتها المزورة ولابد لضوء المستقبل أن يظهر بعد الدخول في الأنفاق المظلمة مهما طغى الطائفيون الحقدة في حمص وادلب وحماه ودمشق وحلب ودرعا وغيرها وإن تاريخنا المعمد بالدم اليوم هو الذي يتكلم ويدعو للتحدي سيما أن ما بدا ويبدو من غلبة للثوار والجيش الحر وإسقاطهم طائرات واستيلائهم على دبابات وانشقاق الضباط المتزايد سيجعل الحق عاليا والحقيقة مشرقة والأهداف الكبرى محققة بإذن الله: سلاحي من عدوي والذخيرة وأهدافي وإن صغرت كبيرة ولعل في إيراد هذه الحكاية الصينية في أسطورة سيد القرود ما يفيدنا هنا إذ كان رجل عجوز في ولاية "تشوء الإقطاعية قد احتفظ بقرود لخدمته وكان أهالي تشو يسمونه: جوغونغ أي سيد القرود فكان يأمر أكبرها أن يقودها إلى الجبال لجمع الفاكهة من الاشجار ويفرض على كل قرد أن يقدم له عشر ما يجمع، ويعاقب كل متخلف بجلده دون رحمة فكانت معاناة القرود جسيمة لكنها لم تجرؤ على الشكوى، وذات يوم سأل قرد صغير الجميع هل زرع الرجل العجوز جميع اشجار الفاكهة قالوا: لا إنها تنمو وحدها فأجاب: ألا نستطيع أن نأخذها دون إذنه؟ قالوا: نعم فقال فلماذا نعتمد عليه ونخدمه، ففهمت القرود كلامه، فقامت بتمزيق أقفاصها واستولت على الفاكهة ولم تعد إلى الرجل أبدا وهنا مات هذا العجوز جوعا، يقول يولي زي: إن بعض الحكام يحكمون شعوبهم بالخدع لا المبادئ الأخلاقية وهم بهذا يشبهون سيد القرود ولا يعون أنه حين يدرك الناس أمرهم ينتهي مفعول أمرهم! كذا في كتاب المقاومة اللاعنفية للكاتب جين شارب ص 30 فمتى نصير أسوداً في وجه حكام قرود؟ د. خالد حسن هنداوي [email protected]
1995
| 12 مارس 2012
بعدما أولغ الأسد وعصابته ولم يستجب لنداء الحكمة والعقل من أي طرف يريد وضع حد فاصل لحفلات الإبادة الجماعية ومسلسلها المتواصل في جميع المدن والأرياف والمواقع في سورية وخاصة حمص وبالأخص حي بابا عمرو حيث يسقط الشهداء على محراب الحرية، لم يعد من المقبول في قانون الشرع أو الوضع أن يبقى نهر الدم جاريا وألا يكون حل أمام اللاحل وألا يكون منطق في مجابهة اللامنطق وألا يقف الشعب السوري البطل المصطبر حيال آلات القمع الوحشية التي مازالت تسحق العباد والبلاد دون معالجة عملية تخفف من آلام هذا الوباء إن لم تستطع استئصاله، أو تقضي عليه بالتداوي الفعال الذي يعيد الجسم السوري إلى المعافاة ولو كان المشوار طويلا ولابد أن للحرية ثمنا باهظا، ولذا فإن الدعوات التي انطلقت – ومازالت لتسليح الجيش الحر الذي انتفض ضد الجلادين العسكريين والمدنيين من مجرمي هذه العصابة الباغية منذ أشهر وقدم تضحيات جساما لنصرة الثورة المباركة هي دعوات ونداءات محقة بلا أدنى ريب وذلك لأن الحراك السلمي الذي استمر معظم هذه السنة بالجهاد اللاعنفي لم يجد المتظاهرين والشعب فتيلاً بالمعنى العملي لتحقيق أهداف الثورة والانتقال بالبلاد من نفق الاستبداد والاستعباد إلى ضوء الحرية والعدالة والكرامة بل أخذت هذه العصابة المجرمة تتسلى باصطياد المدنيين والأبرياء وأفرطت في العنف ضد الأطفال والشيوخ والنساء ولم تذر شيئاً من ممتلكات الناشطين والمؤيدين بل والصامتين القاعدين إلا واعتدت عليه هدما وحرقا ونهبا واحتلالا، والأمثلة الموثقة أكثر من أن تحصر والواقع لكل مشاهد وسامع أكبر دليل ويالها من جرائم ضد الإنسانية مهما عارض الموالون لهذه العصابة واسترخصوا دم أهل الشام كروسيا والصين وإيران وحزب الله ومالكي العراق ومن يدور في فلكهم، ولا شك أنهم مشتركون فعليا في هذه الجرائم فهم يعينون هذا القاتل بالسلاح والمال بل والرجال ويتدخلون في شؤون وطننا الغالي مباشرة ثم يرفعون عقيرتهم لرفض أي تدخل خارجي لحماية الشعب وكأن ما يفعلونه هو الحلال وما قد يدعو إليه الآخرون من العرب والغربيين هو الحرام، نحن نعرف أن المصالح السياسية والعسكرية والاقتصادية والطائفية هي المحرك الأول والأخير لمن يعادي خيار الشعب، ونعرف أن الذين يصطفون إلى جانبه بين مخلص وبين منتفع ولكن الشرع الحنيف دعانا إلى اختيار أخف الضررين وأهون الشرين سيما أنه ليس هناك أدنى شك أن أعظم الشر هو ما يأتي من الطرف المناجز للجماهير الحرة سيما أن القائد الموجه لحراك هؤلاء هو إسرائيل التي ما فتئت تحافظ على ما يسمى نظام الأسد الذي تباركه كما أشرنا إلى تصريحات ساستها وعسكرييها في مقالات سابقة وما جرى التصريح به على لسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنه يعارض خلع الأسد كما نقلت هآرتس 16/2/2012م، مع وزير دفاعه ايهود باراك بعد أن صرح قبل شهرين أن عائلة الأسد ستزول خلال أسابيع ومتى صدق اليهود في التاريخ، ثم جاءت يديعوت أحرونوت في 20/2/2012م، لتؤكد أن سورية الجديدة بعد الثورة سوف تعادي إسرائيل وأن السلطة بيد العلويين أفضل لهم منها بيد السنة والإخوان المسلمين الذين سيعادون الديمقراطية وإسرائيل، بل إنهم تحركوا أمس بطائرات تجسس فوق المدن السورية لمراقبة ناشطي الثورة كما أكد عدد من المراسلين منهم مراسل الجزيرة أحمد موفق زيدان، وفي ذلك شريط فيديو موثق، ولذا فقد بات محسوماً لدى الجيش الحر والمعارضة بشتى أطيافها وجماهير غفيرة من الشعب السوري أنه لابد من تفعيل المقاومة الشعبية بالسلاح المتاح لحماية الثوار والمدنيين كضرورة ملحة الآن:إذا لم يكن إلا الأسنة مركبفما حيلة المضطر إلا ركوبهاحقاً إنها ضرورة ويجب أن تبيح المحظور وتقدر بقدرها بناء على قول العزيز الحكيم سبحانه "وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه..." الأنعام 119، ومن يدري إذا كان الجهاد والمواجهة المسلحة بقصد الدفع وحماية الأعراض والممتلكات هو الحل المجدي كلياً أو جزئياً للإنقاذ بعد ان سدت السلطة الغاشمة كل حل للأزمة والمعضلة المستمرة وطنياً وإقليمياً ودولياً ونحن كمسلمين كثرة نعيش في هذا الوطن يسعنا أن نتبع توجيه ربنا تعالى في هذا الصدد بقوله: "كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" البقرة 216.قال المفسر ابن كثير 1/336: هذا إيجاب منه تعالى للجهاد على المسلمين ونقل عن الزهري أنه واجب على كل أحد غزا أو قعد فالقاعد عليه إذا استعين أن يعين وإذا استغيث أن يغيث وإذا استنفر أن ينفر ولهذا ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم "من مات ولم يفز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق" ومع أن النفس تكره القتال لشدته ومشقته إذ فيه القتل والجرح ومجالدة الأعداء إلا أنه يعقبه نصر وفيه دفع المذلة كما يقول ثوار سوريا اليوم: الموت ولا المذلة لأنها تؤدي إلى غلبة الرجال واستضفافهم.كما يقول المفسر الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير 2/335 ويقول سيد قطب في الظلال 1/203: لا تجزع عند الصدمة الأولى فقد تكره النفس القاصرة أمراً ويكون كل الخير فيه، بل إن القتال ضد الظلم المبين هو دخول في السلم من بابه الواسع أي من حيث النتيجة وذلك لمن يدوسون المقدسات ويقتلون الناس ويخرجونهم من ديارهم لأنهم عادون باغون أشرار ولابد للحق أن يقلم أظفار الباطل ولو ادعى أهله أنهم يتترسون بالحرمات أي باسم الوطن والسيادة مثلاً مع أنهم يضربون هذه الحرمات، فعلى المسلمين ألا يستسلموا بل يصبروا على الحرب قدر الاستطاعة وأن يشحذوا كل أداة جهادية عامة وخاصة أمام الأعداء، أقول: وفي ذلك تحقيق مبدأ قانون التدافع في الأرض، فالحياة ليست كلها سلم وسلام ظاهر بل كما قال تعالى مؤكدا أنه هو الأعلم بالعواقب والمصالح ويجب أن ننقاد له دنيا وأخرى ولا ريب أن هذه العصابة الباغية الوحشية التي فاقت بقمعها كل التوقعات يجب أن تلجم عن عدوانها بتعاون المسلمين وغيرهم لتسود الطمأنينة وينتشر الأمان وقد ذكر العلامة ابن عابدين في حاشيته رد المختار 3/252 أنه إذا قامت جماعة ضد إمام ظالم لا شبهة في ظلمه وجب على جميع الناس معاونتهم.. فعلى الجيش الحر والمعارضة والوطنيين في سورية وخارجها من الشعوب العربية وغيرها أن تعين ما استطاعت لتحقيق هذا الهدف ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر مع أهمية الملاحظة الشرعية والوضعية التي لا محيد عنها وهي أن كل شيء خاضع للدراسة حسب الظروف فإذا ما سلحت المعارضة والجيش الحر، فيجب أن يحكم هذا الشأن التنظيم الدقيق والبعد عن أي فوضى تأتي ببعض الأضرار على الثورة وكذلك أن تقوم في مقام الدفاع غالبا إلا عند الضرورات القصوى وأن تعمل جنبا إلى جنب مع المظاهرات السلمية اللاعنفية وتحافظ على حمايتها وأن تقمع الجواسيس المنافقين وهكذا وبالشروط المعتبرة فإنه لا مهرب عن تسليح الثورة ليس فقط للقضاء على النظام بل وللحفاظ على حياة الناس[email protected]
358
| 05 مارس 2012
مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي...
1077
| 18 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد...
942
| 16 ديسمبر 2025
يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها...
696
| 15 ديسمبر 2025
هنا.. يرفرف العلم «الأدعم» خفاقاً، فوق سطور مقالي،...
642
| 18 ديسمبر 2025
إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل...
639
| 18 ديسمبر 2025
يُعد استشعار التقصير نقطة التحول الكبرى في حياة...
636
| 19 ديسمبر 2025
يأتي الاحتفال باليوم الوطني هذا العام مختلفاً عن...
549
| 16 ديسمبر 2025
«فنّ التّأريخ فنّ عزيز المذهب جمّ الفوائد شريف...
543
| 21 ديسمبر 2025
لقد من الله على بلادنا العزيزة بقيادات حكيمة...
504
| 18 ديسمبر 2025
هنالك قادة ورموز عاشوا على الأرض لا يُمكن...
483
| 19 ديسمبر 2025
يُعَدّ علم الاجتماع، بوصفه علمًا معنيًا بدراسة الحياة...
444
| 15 ديسمبر 2025
في اليوم الوطني، كثيرًا ما نتوقف عند ما...
429
| 18 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية