رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

أين المؤتمرات الإنسانية الفعالة لإنقاذ السوريين؟

في زحام الكلام وكثرة الآراء وتحليل الأخبار حول ما يجري في سوريا من أحداث جسام تشيب لهولها الولدان وفي غمار المتابعات الساخنة والباردة لهذا المشهد الملتهب على الدوام دون أي توقف ولو فيما سمي بهدنة عيد الأضحى التي طرحها الإبراهيمي وأفشلها اللانظام السوري، لأن فيها وفي مثلها تشييع جنازته إلى الأبد، ولذلك فإن الجزار بشار تجاوز جميع الخطوط الحمراء محليا وإقليميا وعالميا مستأسدا بإيران وروسيا خصوصا، ذاهبا من أسوأ إلى الأسوأ بجنون هستيري فوق الوحشي محاولا تبديد أوهام فنائه ومع تحدثه لقناة روسيا اليوم عن نهايته في سوريا حيا أو ميتا ومع تعدد المؤتمرات المختلفة الداعية إلى إسقاط نظام براميل البارود والتي كان آخرها مؤتمر الدوحة في قطر بالمبادرة الوطنية التشاورية بين أطياف المعارضة حيث انتهى الأمر إلى تشكيل ائتلاف وطني لقوى الثورة والمعارضة يكون المجلس الوطني السوري فيه ركنا أساسيا باثنين وعشرين مقعدا من أصل ستين للكيانات الثورية والسياسية الأخرى للوصول إلى حكومة مؤقتة يعترف بها وقيام القيادة المشتركة العسكرية في الداخل بدورها وإنشاء صندوق دعم الشعب السوري وتنصيب لجنة قضائية للضبط والربط، ومع تحليلات مراقبين منحازين أو محايدين بين معتبر أن هذا الاتفاق إنما نهض على ساقيه بسبب ضغوط غربية وعربية، وبين ناف لذلك بسبب توجه معظم المعارضة إلى حل شبه شامل يخفف معاناة السوريين ويحمي المدنيين ويعزز قوة الجيش الحر على الأرض ليسقط النظام بيد الشعب نفسه دون تدخل خارجي ومع أي قراءات لاتجاه بوصلة الصراع سوريا وعالميا اليوم، خصوصا بعد انتخاب أوباما للولاية الثانية وماذا عسى أن يبرز فيها من جديد أو لا يبرز بحيث تبقى أمريكا في دور المراوح لا المتحرك الفعال حماية لإسرائيل وتحقيقا للتوازنات الدولية وليس جريا مع المبادئ الأخلاقية وصيانة لحقوق الإنسان... مع كل هذا الزخم المتعاظم ظاهريا والمتكتك حقيقيا يغفل الأكثرون الجانب الإنساني السيئ جدا والمتفاقم كل يوم في المشهد السوري لأوضاع الناس الهاربين والهائمين على وجوههم في الداخل تحت ظروف مأساوية لا قبل لأحد بها أو الفارين بثيابهم إلى الاحتماء تحت الأشجار والمخيمات التي لا تليق من حيث المأوى بالبشر هيكلا وخدمة وتنظيما مع الاكتظاظ المخيف سواء كانت داخل الأراضي السورية المحاذية لدول الجوار أو كانت مما قامت به الدول الملاصقة داخل أراضيها مثل تركيا والأردن، إن ثمة غرقا في التقصير الذريع حيال الوضع الإنساني لأكثر من أربعة ملايين ممن نزحوا عن مواقعهم جراء جنون القاذف الأسدي "أبو البراميل" قاصف الشعب وممتلكاته برا وجوا وبحرا حتى إن الصليب الأحمر الدولي صرح قبل ثلاثة أيام أنه أصبح عاجزا عن إيصال المساعدات التي قد تنقذ السوريين من الهلاك المحقق بسبب ضخامة المأساة في هذه الحرب الناشبة بإرهاب حكومي ممنهج وبسبب عدم السماح لها بالتحرك داخل المدن والبلدات ونهب ما لديها من مواد إغاثية عامة وخدمات بسيطة إسعافية للجرحى المدنيين.. لقد ساقتنا الأقدار إلى بعض المخيمات وأماكن من المشافي العادية في الداخل فرأينا وأحسسنا كم هو الإهمال بمشيئة أو لا مشيئة تجاه هؤلاء المعذبين البؤساء من شيوخ ونساء وأطفال وعجزة ومعوقين وجرحى وكم هو القصور الخطير في هذا الجانب الأهم في المشهد السوري. إن خدمة هؤلاء المساكين المغلوبين على أمرهم فرض عين على كل إنسان سواء كان مسلما أو غير مسلم ولكن نحن العرب والمسلمين من يقع على كاهلنا الجانب الأكبر في أداء هذا الواجب الإغاثي والتعاون الوثيق لإنجازه حماية للأنفس والأعراض، وإن كلا منا آثم بتقاعسه عن الإسراع في ذلك خصوصا الحكام الذين أصبحنا نسمع من أكثرهم جعجعة ولا نرى طحنا، بل إن جمع بعضهم باسم الشعب معونات مالية فإنه لا يؤدي منها إلا أقل القليل على حجة أنه يشتري بالمال مواد  عينية فقط لإغاثة المحتاجين والمهجرين، علما بأنهم بأمس الحاجة إلى بعض المال لتغطية ضروريات أسرهم، لقد زرنا أحد المخيمات مثلا وكان يضم سبعمائة خيمة تحوي أربعة آلاف من بني آدم الذين كرمهم الله تعالى، فرأينا وضعا مزريا للغاية، الأكثرون بلا فرش وبطانيات والأطفال بلا حليب ولا فوط والماء شحيح جدا للشرب أو الوضوء والنظافة، حتى أنه مر يومان على القوم كانوا يتيممون للصلاة ومع حاجتهم إلى خمسة عشر صهريجا من الماء لم يستطيعوا شراء غير اثنين مع أنها كلها لا تكلف ماليا في اليوم إلا ألفا ومائة ريال قطري ما يساوي ثلاثمائة دولار يوميا، أما الخبز فحدث ولا حرج عن قلته، وقد اتفقنا مع قرية مجاورة لبناء فرن سينتهي بعد أسبوعين إن شاء الله، وحين ذكرنا لجمعية قطر الخيرية ذلك وهم مع بقية المؤسسات الخيرية في قطر يعملون بحماسة قدر الإمكان ولكن المصاب أفدح وأكبر، وقد قامت الجمعية بالاتفاق مع متبرع محسن جزاه الله خيرا لتحويل ألفين وخمسمائة طن من التمور إلى أهلنا في المخيمات، وقلنا إنه إذا وجد الماء والخبز والتمر والغطاء والكساء والدواء فإننا قد نحفظهم من الموت والمرض خصوصا الأطفال لاسيما وأن فصل الشتاء ببرده وصعوبته قد بدأ، فأين أهل الدين والعروبة والنخوة والإنسانية والشفقة والرحمة والرأفة والرقة والشعور الأخوي في العالم، إننا كما نستنكر موقف إيران التي تقتل أبناءنا بفتاواها دعما لنظام الطاغية فإننا آسفون أن نستنكر على العرب والمسلمين قتلنا المستمر بإهمالهم، نحن - والحمد لله- مليار ونصف المليار مسلم في المعمورة، لو نظمنا خطتنا وأدى كل واحد منا ريالا واحدا في الشهر لاستطعنا أن نجمع مليارا ونصف المليار شهريا، وعندها لن نحتاج إلى الإعانة والخدمة من صليب أحمر دولي ولا من حكام عرب ومسلمين لم يستطيعوا إلى هذه اللحظة أن يغطوا حتى مع التجار والمحسنين أكثر من خمسة بالمائة من المطلوب، هل يمكن أن يصدق أحد أن هذا المخيم كمثال ليس فيه إلا دورتين للمياه كحمامات لقضاء الحاجة! أما من لم يسعفه الحظ وهرب بأسرته من القصف فمأواه كما رأينا تحت شجر الزيتون وغيره، ووالله لقد أبكانا مشهدهم من القلوب قبل العيون لقد التف حولي قرابة مائة من معرة النعمان واقفين يطلبون بإلحاح وبصوت عال طعاما وخيما تؤويهم وازدحموا علي وأخذ ولد صغير مميز بيدي اليمنى متعلقا فأمرته أن يجلس ولكنه أبى وقال: يا عم لا لا، أريد أن آكل، أنا جوعان كثيرا فكواني الألم وجلست وجلسوا ووفقني الله بما أحمل من معونة مالية أن تغطي حاجتهم مدة يومين من المياه والخبز والخيم والضروريات حتى سكنوا ولكن المأساة والمعاناة مستمرة وفي كل يوم يتعاون معنا بعض المحسنين فرديا مع أن الشأن يحتاج إلى دول ومنظمات ضخمة لسد أهم الضروريات لديهم، لقد زرنا أكثر من ثمانية مخيمات ولكنني ضربت مثالا بسيطا لواحد منها والبعض أقل سوءا والآخر أشد. أما عن وضع الجرحى المأساوي وضعف الخدمة في هذا الجانب فحدث ولا حرج مما يحتاج إلى تفصيل كبير في وقت آخر. والذي أريد أن أختم به مقالي هو التأكيد على أن إنقاذ النفس البشرية فرض عين وهو من أولى الأولويات لمن يظن أن عقد المؤتمرات أولى منها، وإنني أؤكد أنه بتكاليف مؤتمر واحد منها يمكن أن نغطي الكثير الكثير إنسانيا، ولن يرحم الله ولا التاريخ كل من يلعب بنا في هذا الجانب ليرغمنا على القبول بالوضع الراهن وأن يتاجر باسمنا، فالذي رأى المجاهدين في الداخل والشعب الملتف حولهم والجيش الحر يدرك أن هؤلاء لن يهزموا أبداً وأن العار والشنار هو ما سيلاحق أولئك المجرمين الكبار الذين يدمرون العباد والبلاد هم وشركاؤهم الأباليس من الغرب والشرق إلى أن يرميهم في مزبلة التاريخ. فيا أيها الشرفاء أهل النخوة، إن فشل العالم سياسيا في نصرة إخوانكم في سوريا فانجحوا في دعمهم الإنساني في كل مجال وأنتم الرابحون دنيا وآخرة، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.

296

| 12 نوفمبر 2012

هل هي حرب أهلية..أم إبادة شعب ووطن؟

رغم أن مصطلح الحرب الأهلية فضفاض عند عدة من الباحثين بحيث غدا يضم مختلف النزاعات التي تتم بين حكومة ذات سيادة وأطراف أخرى داخلية أو بين مجموعة من الأفراد والدولة عندما يحدث تمرد مسلح للتغلب على وسط سياسي أو تشكيل دولة انفصالية ورغم أن الكاتب البريطاني جون كيغان المتخصص في تاريخ الحروب قد ضرب خمسة أمثلة تنطبق على الحرب الأهلية بدأها بالحرب الإنجليزية في القرن السابع عشر وأنهاها بالحرب اللبنانية في القرن العشرين وذكر أن ضابطها وجود جماعات متصارعة يعلن زعماؤها لماذا يقاتلون للوصول إلى تسلم السلطة الوطنية في البلاد، رغم فحوى ما سقناه عن مفهوم الحرب الأهلية إلا أن القانون الدولي في الوقت الحاضر يحددها بأن يكون القتال فيها بين المدنيين حيث يكون في كل طرف منهم فئة تسيطر على بقعة من الأرض ويكون لها إدارة علنية منظمة كما كان الحال في الحرب الإسبانية واللبنانية وفي السودان والصومال، وفي ضوء هذه المقولات فإن ما ذكره الأخضر الإبراهيمي من توصيف الوضع في سورية بأنه حرب أهلية مجانب للصواب ولا يتفق بحال مع حقيقة ما يجري منذ اندلاع الثورة قبل ثمانية عشر شهرا، وإننا لنعجب من رجل دبلوماسي مخضرم وله تاريخ في هذا الحقل الحساس أن يقع في هذا الخطأ الصارخ وهو إما لأنه لم يقرأ ويسبر غور المشهد السوري بكل حيثياته ومجرياته أو لأنه يريد أن يطمس الحقيقة التي لا تخفى على كل ذي بصر وبصيرة ما دام منصفا متجردا في الحكم والتقويم، نقول ذلك لأنه لم يعد ثمة مكان كبير للتعتيم الإعلامي في سورية وإن كان لا يزال موجودا بسبب كذب النظام الأسدي وتزييفه، أو نقول لعل الإبراهيمي لم يعد لديه متنفس بعد فشل خطته بهدنة عيد الأضحى التي أوحاها إليه الذين يدعون صناعة القرار في المجتمع الدولي كي يخفوا عوراتهم أو يختبئوا وراء هذا الإبداع فكان الإيحاء الآخر المبتكر إنما هو بضرورة وصف ما يجري أنه حرب أهلية وعلى لسان المبعوث الأممي العربي نفسه إلى سورية ليكون ذلك مدخلا قانونيا لدى المجتمع الدولي بالتمهيد إلى تدخل ما في هذه المعضلة ولذلك سارعت السلطة الماكرة في سورية فرفضت توصيفه هذا درءا لإقرارها بالسماح لأي تدخل خارجي يدينها ويتعاون معها على هذا الأساس فركزت على الهروب ولكننا في الجانب الآخر من الرد على الإبراهيمي حيث الشعب والثورة والمعارضة فقد جاء رفض توصيفه فورا وتبيين أن ما يشهده العالم بأسره اليوم بالنسبة إلى سورية إنما هو إبادة شعب ووطن ينتميان إلى الأسرة الدولية بشكل ممنهج وبصورة فظيعة لكل من يعارض موقف النظام القمعي الذي فرض منذ أكثر من أربعين سنة ومازال إلى حد ما يفرض سياسة تناول طبخته الوحيدة المشوبة بالخلطة المزيفة وإلا فإنه لابد أن يقتل ويسجن ويرمي ببراميل البارود ويقصف ويحرق بالطائرات والدبابات ولذلك فقد انبرى وزير خارجية قطر ورئيس وزرائها الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني مستهجنا توصيف الإبراهيمي مبينا أن ما يحدث هو نكبة عظمى وإبادة لشعب خرج مطالبا بالحرية موضحا أن أحداثا عديدة متأزمة وقعت في بلدان أخرى وتدخل المجتمع الدولي لحلها سياسيا وعسكريا دون الرجوع إلى مجلس الأمن وارتهان معيب إلى الفيتو المزدوج من روسيا والصين ومن ورائهما إيران والعراق وأتباعهما ولقد كان موقف وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو مشابها له، ومع ذلك فقد خرج لافروف وزير الخارجية الروسي ليقول إن حمام الدم في سورية سوف يستمر ما لم يتغير الموقف من بشار الأسد، وما ندري عن ماذا يتمخض لقاؤه والإبراهيمي مع الأمين العام للجامعة العربية في القاهرة وماذا سيكون الموقف أمام فرعنة الطغاة في سورية المتباهين بالقنابل العنقودية والفراغية المحرمة دوليا وماذا عن الحراك العالمي الفعال؟يا إبراهيمي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا، فكيف بمن يرى هذا الهولوكست فيهم ويذهب ليقول إنها حرب أهلية، قبل أسبوعين كنت في اسطنبول وقلت غير هذا الكلام وأكدت أن الحق مع الشعب وحده، يا إبراهيمي إن الحرب الأهلية التي تكون بين الأفراد والجماعات المتلاصقة في الأمكنة الواحدة مع اختلافها في المذهب حيث يقتل كل منهم الآخر فأين تجد هذا في سورية إلا في مناطق لا تزيد في أكثر تقدير على 5% أما الباقي فليس فيها أي تلاق حتى بالموقع، حبذا يا إبراهيمي أن تحمل مصباح الاختبار وتتعظ بغيرك وإذا كان العقل كالسيف فإن التجربة كالمسن، واعلم أن الذوق السيئ الذي يتصف به الجزار بشار ما هو إلا ترجمة لما عليه مجتمع النفاق المتآمر وهو الذي يقود إلى الجريمة ولا تظنن أن الشعب رغم قلة العتاد وتحركه البطيء مقارنة بالسلطة الغاشمة يُضحك عليه فرب سلحفاة صغيرة كانت أكثر خبرة بطريقها من الأرنب واعلم أن قليل الحق يدمغ كثير الباطل وردد مع عمر أبو ريشة قوله:لا يموت الحق مهما لطمت  عارضيه قبضة المغتصب

332

| 05 نوفمبر 2012

هل الهدنة أكبر من الإبراهيمي.. وهل يفي الكذوب؟

يشكل هذا اليوم الإثنين نهاية الهدنة التي اصطنعها المجتمع الدولي ووكل بها الأخضر الإبراهيمي المبعوث الأممي لمعالجة المعضلة السورية، وكأنه أصبح أمة وحدة في رؤية الحل حيث يفضل أن يسير ببطء السلحفاة على وجه الحقيقة، ولكنه يطير بين البلدان المؤثرة في المشهد السوري بسرعة الصاروخ ثم يبدو له أن يصرح لعدة مرات بأفكار ومقترحات لا تتناسب إطلاقا مع ما نراه من التحرك الحثيث له ظاهريا، ولذلك قلنا إنه يمشي ببطء السلحفاة دون تحقيق شيء يذكر في الحل، ويكفي ألا ننسى أنه في هذه الفترة الصغيرة للإبراهيمي قتل من الشعب السوري البريء أكثر من عشرة آلاف، وإذا كانت العبرة بالمآلات قولا وفعلا وحالا فإن ما أنجزه الأخضر هو أحمر بامتياز، ويدل دلالة قاطعة أن الرجل ليس بيده شيء وإنما هو أداة ولو بحسن نية للعمل على إدامة الصراع وطمأنة المجتمع الدولي بل وطاغية دمشق أن إخماد الثورة مطروح بقوة من خلال إطالة المهل وكثرة التنقلات دون جدوى، فعسى ولعل الجزار بشار يستطيع ذلك، ولذا فإننا نلاحظ أن فكرة تنحي هذا القاتل لم تعد تذكر، بل يجري الترويض والتطبيع للإقناع بها، ولو بعد جريان أنهر الدماء المسفوكة ظلما، ولا ضير، فالمجتمع الدولي يسير على وجه الحقيقة في هذا الاتجاه المعاكس لثورة السوريين الذين خرجوا ينشدون الحرية ويمهرونها أنفسهم وشبابهم وكل ما يملكون، لا ريب أن هدنة عيد الأضحى لأيام أربعة ولدت ميتة وفشلت كما فشلت قبلها جميع المبادرات العربية والدولية، لأن هذه الهدنة أو قل الدهنة الترقيعية ما هي إلا لذر الرماد في العيون ليقال إن المجتمع الدولي يستطيع أن يقوم بشيء مهما كان صغيرا، واليوم على يد الأخضر الذي كان يبادل طاغية دمشق الضحكات لدى لقائه به الأسبوع الماضي في منظر اعتبر قميئا جدا على الشاشة عند الشعب الذي يذبح كل لحظة، ولا غرو في ذلك، فالأخضر كما قلت يحاكي الموقف الدولي الذي طلع علينا بهذا الاقتراح البائس الذي وافقت عليه روسيا والصين وإيران كحجة أن اللانظام السوري مستعد لإيقاف النار ولو لأيام كي يوقف الجيش الحر والثورة النار ضده، ونظراً لأن اللانظام وشركاءه يدركون تماما قبل غيرهم أن الهدنة ليس في صالحهم لأنه في هذه الحال سينتفض الشعب بمظاهراته الكبرى من جديد وهو ما حدث فعلا، حيث سجلت في الجمعة الماضية نحو خمسمائة نقطة تظاهر ضد المجرمين، فقد أوعز شركاء الإجرام لخادم مصالحهم أن يقبل هذه الهدنة الصغرى مبدئياً، ولكن بشرط مشروط على الشعب والجيش الحر الا يخرقوها لكأن المظلوم هو الأظلم ليفتح الباب من جديد لاستئناف قتل الشعب وعدم إتاحة أي فرصة حتى لالتقاط الأنفاس في العيد ولو قليلا باستراحة المحارب، وللأطفال كي يتعرفوا على شيء من معنى العيد وفرحته ولكنه أمعن في خرق الهدنة وسجلت عليه مائتان وعشرون حالة اختراق بدأها صباح اليوم الأول الذي سقط فيه مائة قتيل، كما استمر القتل بعد ذلك، ألا ليت الأخضر يدرك أنه لا وفاء لكذوب وأن الجيش الحر عندما رد على خروقات النظام الأسدي كان يدرك ما رمى إليه الشاعر أبو الاصبع موسى بن محمد بقوله:لا تركنن إلى من ولا وفاء لهفالذئب من طبعه إن يقتدرْ يثبِإن هذا المجتمع الدولي المتآمر على الثورة السورية بامتياز لم يقم بأي آلية فعلية لسير الهدنة ولم يعطها صفة الإلزام أو يطرح المسألة على خرقها لأنه حقا غير معني بسورية الشعب الذي هو جزء من الأسرة الدولية وله حقه المشروع في الحماية ومن جهة أخرى لأن ثمة جرائم تصبح محترمة بقوة الاستمرار شأن اللانظام السوري، فقد رأت سفيرة إسرائيل لدى روسيا دوريت جولنبر أن روسيا كأي دولة لها مصالحها القومية في توريد السلاح إلى سوريا، وإسرائيل تتفهم ذلك أي أن حماية نظام الأسد هو حماية لإسرائيل وتحقيق لمصالحها لا ريب، إن هدنة الأضحى ما هي إلا هدية العيد الدموية وهي الكذبة الكبرى التي حولت هذا العيد من جديد إلى هولوكوست يقتل الأمل، ولكن هل أدرك الجميع أن الوطن يحيا بالدماء.

374

| 29 أكتوبر 2012

سورية.. بين لعبة أمريكا والهدنة واغتيال الحسن!

هل جاء شعار الثوار والشعب السوري في الجمعة الماضية: أمريكا ألم يشبع حقدك من دمائنا؟ متأخراً أم أنه في وقته المطلوب نظراً لتفاقم وتيرة الوحشية الأسدية إلى مستوى لا يطاق؟ إن المتأمل المتعمق في مسار الثورة بجانبيها السلمي والمسلح يدرك – إن كان منصفاً – أنها لم تقم إلاّ نتيجة الاستبداد والاستعباد والقهر الموجه ضد الشعب في عهد حافظ الأسد و بشار بوجه خاص، وأن الجميع كان مهيأ لها وجاءت أسبابها ومبرراتها مرة ثانية فهبت بكل وطنية صادقة ولا يزال يشترك فيها كل طيف ديني وسياسي كي يقوم بواجب النهضة والنصرة وكان التصور العام الذي يخالط العقول والقلوب منذ البداية أن أمريكا بما عرفت به من الحقائق و الوثائق و القرائن المرة التي جرعتها للشعوب المهيضة الجناح لا يمكن أن تصطف إلى جانب ثورة الحق و العدل التي تريد القضاء على الاستبداد الذي أسسته أمريكا في الشام بمباركتها لحكامه بدءاً من حسني الزعيم بعد الاستقلال واستمراراً بحافظ ثم بشار الذي توجهت إليه مالدين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد كلينتون بالعزاء مباشرة كابن مدلل متجاوزة العرف الدبلوماسي بتقديم العزاء لعبد الحليم خدام الذي شغل إثر وفاة حافظ منصب رئيس الجمهورية مؤقتاً معربة عن امتنانها بتسلم السلطة إلى بشار بقولها: لقد انتقلت السلطة من الأب إلى الابن انتقالاً سلساً وهو التصريح نفسه الذي أدلى به "بل كلينتون" آنذاك ولعل هذا الأمر لا يستغرب لأن الولد سيلعب دور أبيه في حماية إسرائيل وعدم التعرض لها بأي أذى بل تركها هادئة الأعصاب فيما تتوسع به من مستوطنات حول هضبة الجولان المحتلة، وقد فهم بشار الرسالة امتداداً لأبيه وأمر كما أمر والده بالعمل على إحكام استقراره الخارجي كما نصحوه وأعانوه ليتفرغ فقط للداخل ويضبط كل شيء فيه حفاظاً على مصالح الغرب والشرق والآمرة الناهية إسرائيل لأنها وبلا ريب هي مربط الفرس في معادلة المشهد السوري في عهد الأب ولابد أن تكون كذلك في عهد الابن وإن البقاء في الكرسي مرهون بالبقاء على ميثاق الشرف الأسدي الإسرائيلي كما دلت وتدل الحقائق والوقائع فضلاً عن القرائن، ولأن الغايات والمقاصد عند أمريكا لا تنحرف عن بوصلة المصالح حسب ما يقتضيه الزمان فقد غادر السفير الأمريكي روبرت فورد دمشق إلى مدينة حماة ليشارك المتظاهرين الذين ناف عددهم عن ستمائة ألف يومها انتفاضتهم ولم يكن وارداً عند هؤلاء أن يطردوه ورفعوا أغصان الزيتون للجميع رغم أن اللانظام الأسدي كان دوماً يمطرهم وابل الرصاص دون تمييز وبعد مرور أشهر تشهد جلسات عدة تصريحات للسفير نفسه بأن أمريكا لا تستطيع أن تقدم للثورة شيئاً وأن تحركها مواجه بالفيتو الروسي الصيني وأن سوريا موقع نفوذ للروس وليس للأمريكان تهرباً من أي تأييد لفظي سابق وكذلك قوله الشهر الماضي: إننا لا نستطيع أن نزود المعارضة بأسلحة نوعية ضد النظام، وكذلك ما أكده في رسالة من سفارته تعليقاً على شعار الجمعة السابقة و رداً على وعي العقل السوري الأصيل موضحاً أن الولايات المتحدة تدعم سورية حرة موحدة وأن دكتاتورية الأسد ستبلغ نهايتها – طبعاً بتقاعسهم حيث يدعون حماية الأسرة الدولية – وبعد ذلك على الشعب السوري أن يتحمل المشاق لإعادة بناء الدولة والبلد مدعياً أن بلاده قدمت للثورة والشعب خلال تسعة عشر شهراً مضت مبلغ 130 مليون دولار من المساعدات الإنسانية للداخل والمهجر وطبعاً نحن والمسؤولون في سورية وخارجها ليس لدينا أي دليل على ذلك، وأضاف أن أمريكا خصصت أيضاً خمسة وأربعين مليوناً للدعم اللوجستي، وكذلك فإن حكومته قامت بفرض عقوبات صارمة اقتصادية على النظام وبعض رموزه بمن فيهم بشار الأسد وأكد أن حكومته ستعمل على محاسبة عصابات الأسد أمام العدالة وأنها أعانت المعارضة ولا تزال لإنشاء دولة ذات سيادة وديموقراطية تشمل جميع المكونات وختم قوله: إننا ندعم جميع السوريين ضد استبداد نظام الأسد، فهل نسي هذا السفير كيف مدت حكومة روزفلت الرئيس الأمريكي القديم حكومة بريطانيا بزعامة تشرشل بالأسلحة النوعية ليخرج هتلر من إنجلترا بعد أن دخلها محتلاً ولماذا كانت استجابة روزفلت لنداءات تشرشل: أعطني الأدوات أنجز المهمة حلاً قلب الميزان حتى خرج هتلر من بريطانيا وبقي أوباما بركوده وجموده غير متحمس لحماية البشر في سورية المتاخمة لإسرائيل، أليس دفاعاً عنها وتدبيراً لتمركز السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ولو على حساب دماء الأبرياء. يشعر السوريون اليوم أكثر من أي وقت مضى وكان عليهم أن يقفوا الموقف نفسه بهذه الشعارات أنه لابد من ثورة ثانية هي اليوم على أمريكا كما هي على روسيا وإيران والصين وأتباعها، لأن الكل يريد احتواء سياسة الشرق الأوسط لصالحه ويخاف من البديل عن الأسد إذ لم يجدوا حتى الآن أشد إخلاصاً لهم منه كأداة لقمع الأحرار وتنفيذ مخططاتهم وخدمة الصهيونية العالمية وهم يحذرون من الإسلاميين والعلمانيين بل والمستقلين فلا شيء يعادل أمن إسرائيل، وأما الدماء المسفوكة بالمئات يومياً فلا تدعو للتدخل أبدا كأن هؤلاء ليسوا ببشر يا للخزي والعار من الموقف الأمريكي والغربي ومن يدعون أنهم أصدقاء الشعب السوري ولو من العرب إلاّ من رحم ربي، وأمريكا تعود لتؤكد أن النظام السوري سيسقط عبر التصدع والتشقق ولأن الشعب السوري لن يعود عن الثورة فإنهم يراهنون على تضحياتنا ثم يقطفون الثمار لهم ولمن يشاؤون، وهكذا فهم الوحوش والتماسيح أمام الضحايا ومن هنا قد نرى أن أمريكا هي رأس مهم من رؤوس المتآمرين على الثورة إلا أن تثبت العكس.أليس كلنا يعرف أنها انتظرت ستة أشهر من المذابح ليقول أوباما إن الأسد فقد شرعيته، وتلته هيلاري كلينتون: إذا كان الأسد يتصور أن الاستغناء عنه صعب فهو مخطئ وكذلك قول مساعد الخارجية الأمريكية فلتمان إن التغيير في سوريا طويل وشاق ليهيئ الرأي العام لمزيد من المجازر التي حققتها المهل العربية والدولية، ثم ركزت على الحدود التركية ستة جنرالات أمريكان ليصطادوا من يعينهم من الجيش الحر وليخضعوا إن استطاعوا المشهد لمصلحتهم، إن أمريكا لم تساعد في السلاح النوعي ولا في الحظر الجوي والمناطق الآمنة لحماية المدنيين وأوباما ورومني المرشح الجديد على حال سواء إنه الاتفاق الصهيوأمريكي، هذا الثنائي الذي لا نستغرب مع دعمه القديم والحديث لإبقاء النظام السوري ليخمد الثورة ويبقى بشار حاكماً أو إن لم يستطع – ولن يستطيع – فله كل الملاذ الآمن وما الاغتيال المستنكر للشهيد العميد وسام الحسن إلا داخلاً ضمن هذا الإطار نظراً لكشفه للجواسيس والاختراقات الاسرائيلية في لبنان ولكشفه خطة التفجير التي تولى كبرها الوزير السابق ميشيل سماحة بالتعاون مع مستشارة بشار الأسد بثينة شعبان ورئيس الاستخبارات علي مملوك فكان نصيبه القتل حفظاً على مصالح إسرائيل وسورية وأمريكا في المنطقة والكل يعمل على إنقاذ النظام السوري المنهار كما أننا نجتهد أن الهدنة التي اقترحها الأخضر الإبراهيمي ما هي إلا حلقة من حلقات التكليف الدولي المتآمر على الثورة والشعب لمنح فرصة أكبر للنظام الأسدي كي يسترجع مبادرته ويفك حصار جنوده وشبيحته في كثير من المواقع المحررة ثم ينقض على الشعب فما عرف عنه إلا ما عرف عن الذئب والثعلب والذي يجرب المجرب عقله مخرب ولكن شعبنا البطل بوعيه السياسي والميداني الواسع النطاق سيهزم قوى الاستبداد المحلي والعالمي ويومها يكون العيد حقيقياً ولو بعد حين.

415

| 22 أكتوبر 2012

الأخضر الإبراهيمي .. اللعبة الدولية.. أم العقل والضمير؟!

في كل أسبوع بل في كل يوم يحفل المشهد السوري بآلامه وآماله بأحداث جسام وعظام من حيث الواقع المؤلم الحزين الذي جعل البلاد الفردوسية سعيرا لا يطاق لظاها ولا يمكن للإنسان الحر صاحب الضمير إلا أن يصرخ عاليا من هول المصيبة التي ابتلي بها شعب الشام بهذه العصابة الأسدية ومن يساندها من أكابر مجرمي هذا العصر بمن فيهم الذين لا يوقفون هؤلاء عند حدهم ويدعون صداقتنا، وكذلك المجالس والهيئات الدولية المستقطبة حتما للشرق والغرب ويمثلها وسواها مجلس الأمن والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان ومحاكم العدل الدولية.. كلها اثبتت اخفاقها وعجزها عن حل الأزمة لسبب واضح في نظرنا وهو أنها لا تريد الحل ولا تقبل بإدارته بصدق صونا لمدللتهم اسرائيل وحفاظا على مصالحهم الكبرى الظاهرة منها والخفية، ولذا فإني اعذر كل شاك بل باك حال أهلنا في الشام، أو ليس هذا انسانا له قلب وشعور كما يجب ان يكون للبشر جميعا..شكوت وما الشكوى لمثلي عادةولكن تفيض العين عند امتلائهاأو كقول جحظة البرمكي وكأنه معنا ينصحنا:لا تعدن للزمان صديقاوأعد الزمان للأصدقاءاما من حيث ما نحسه ونشاهده من آمال عظام تتمثل في انتصار الثوار ومسانديهم في مظاهر عديدة مختلفة على طول سورية وعرضها من دمشق ودرعا  وريفها إلى حلب وريفها إلى ادلب واللاذقية وحمص وحماة والريف وغيرها وخصوصا أمس حيث اعلن الاحرار عن تحرير مدينة معرة النعمان مسقط رأس أبي العلاء المعري بعد معارك شرسة انتهت بتدمير الحواجز العسكرية للظالمين ودحرهم.. إن هذه التحولات كلها وما سبقها وما يعد اليوم وفي المستقبل الواعد لتدل دلالة واحدة أن رأس الطغيان لابد أن يتحطم قصر الزمن أو طال فالعبرة بالخواتيم والمآلات ولن يكون بمقدرة الجبابرة، ان يصمدوا طويلا أما ضربات الحق المدوية رغم الفرق الكبير في العدة والعتاد وهذا ما أصله لنا القرآن الكريم والسنة وذكر به أمير الشعراء شوقي:قوة الله إن تولت ضعيفاتعبت في حراسة الأقوياءأي الطغاة الفراعنة الذين هم مع ادعائهم بأن من يعارضهم قليل إلا انهم يخافون من صولاتهم كقول فرعون وملئه عن موسى عليه السلام ومن معه (وإنا لجميع حاذرون) بعد قوله عنهم (إن هؤلاء لشرذمة قليلون، وإنا لهم لغائظون) الشعراء 54-56 وبعد اتهامهم بأن خروجهم ضده مؤامرة كما هي اليوم المؤامرة المزعومة على سورية الاسد المقاوم الممانع زورا وبهتانا.ومع هذا الوضع المشكل بآلامه وآماله اليوم فإن كل الحكماء والعقلاء من مخضرمي السياسة بمفهومها الحقيقي الذي يعني حسن التدبير يجب أن يحكموا الشرع والقانون والعقل الذي هو أصل فيهما ويفيدوا من عبر التاريخ فإنه الكاشف الحقيقي والمشخص النطاسي الذي لا ينطلق من العنجهية والفئوية ويغلب خطاب العقل على خطاب الحماقة والسعي للغلبة ولو على حساب تدمير سورية وأهلها دون رادع من انسانية أو ضمير فإن الله لا يصلح عمل المفسدين وهنا قد يكون من المناسب ان نذكر ان العلامة ابن الجوزي قال: إن العقل اصل الشرع أي انهما لا يتعارضان ولكن الغاية بينهما كما حرر العلماء أن العقل نبراس للشرع، وأن الشرع عصمة للعقل، وإن كان المعري يعتبر مبالغا في الاعتماد على العقل ربما وحده كما يرى البعض في قوله:كذب الظن لا إمام سوى العقلمشيرا في صبحه والمساءوإن كان في البيت نفسه ما يدل على ان اعتباره المؤكد للعقل إنما جاء في مقابل ذم الظن وهكذا فالعقل مرشد حكيم في لجة الشبه البهيمة والخطوب الجسيمة فهل سيستطيع الأخضر الإبراهيمي المبعوث الدولي والعربي لحلحلة الأزمة أن يتعامل مع العقل الواعي بعد اعتماده على القانون الذي لن يحل هذه العقدة ربما إلا بعد ان يهلك الحرث والنسل، وهل يستطيع ان يثبت على الطلب والمتابعة للمجتمع الدولي ان يكون قراره ملزما لحكومة دمشق أم أن قواعد اللعبة إقليميا ودوليا ستضع له دوما العصي في العجلات، أم انهم ربما تشكل لهم بعض الجد في التعامل مع المشهد اليوم بعد أن أدركوا أن الثورة في كل يوم تقتلع القلاع المزعومة عند اللانظام برا وجوا وانها تفرض واقعا حقيقيا على الارض فلابد للمجتمع الدولي أن يقترح شيئا لذر الرماد في العيون وهو ربما يكون المعروض الذي يقترحه الإبراهيمي بإيفاد ثلاثة آلاف جندي لقوة حفظ السلام لوقف العنف في سورية يشترك فيه المجتمع العربي والدولي، تمهيدا لحل ترقيعي ربما ترضى به بعض الأطراف وإن كان لا يلبي طموحات الشعب الأبي وذلك غرارا على ما حدث في البوسنة والهرسك، حيث إنه لما وجد المجتمع الدولي تفوق القوات البوسنية امام الصرب والكروات اسرعوا الى اتفاقية دايتون التي سبقت بتمهيدات ربما بعضها ما قد سيجري في سوريا، ولكننا نقول أولا واخيرا ان هذه العصابة التي لم توفر طيفا ولونا وطائفة من الشعب السوري إلا قتلته وعذبته وسجنته واعتدت على حرماته وهنا يجب ألا ننسى ما حدث ويحدث في منطقة القرداحة مسقط آل الأسد من معارضات ومظاهرات واشتباكات وضحايا وما تزال الأمور تنذر بالتوسع إن هؤلاء المجرمين يجب ألا يستمروا في حكم سورية أبدا لأن هذا المجتمع الدولي الذي يدعو إلى استقرار البلاد وعدم تهديدها للسلم الأهلي المحلي والاقليمي والدولي إن كان صادقا فلا عليه الا ان يحزم امره كما حزمه في العديد من الاحداث المشابهة والا فإن التآمر لن يقتصر على عصابة الاسد وإنما على هذا المجتمع نفسه بوجه أو بآخر وان بعض ما يقدمه لوجستيا باسم الثورة داعم لتقويضها بل تقويتها بإزاء الترسانة الهائلة لحكومة الباطل وما يضاف إليها من اسنادات حاقدة، ان صوت العقل قد غاب كثيرا وان الرحمة قد عدمت فمتى يتم اصلاح الخلل مع ان الكل اصبح يشاهد ان الاسد الذي يخيف بالزئير انتقل إلى النباح والهرير ومازال على اشد حمقه فكيف الدواء يا سيد إبراهيمي أما قرأت قول صالح عبدالقدوس..وبعض الداء ملتمس شفاهوداء الحمق ليس له دواءيا إبراهيمي في اللغة السريانية ابراهيم يعني الاب الرحيم فكن مثله رحيما حليما وإلا فاعتذر كي يرحمك التاريخ ولا تقف محايدا امام هذه المجازر والفظائع استجب لنداء الله والوطن ولا تكن مع البعض مثل حاطب ليل، أو مخلب للذئاب.

402

| 14 أكتوبر 2012

تركيا .. هل ستخوض حرباً لإنقاذ السوريين؟!

هل يمكن أن يؤدي سقوط القذيفة السورية على بلدة "أكشاكالا" التركية التي أكد وزير الخارجية أحمد أوغلو أنها نار سورية وأن هذا النوع لا يستعمله اليوم في النزاع الداخلي إلا الجيش السوري وكذلك توالي سقوط تلك القذائف داخل الأراضي التركية ومقتل الأسرة التركية بأشخاصها الخمسة وكذلك مقتل عدد من الجنود السوريين بالرد التركي على مواقع سورية، إلى نشوب حرب فعلية بين الدولتين وهل تركيا القوية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً بوارد التورط في هذه الحرب التي تؤثر على شيء ما في معدل ثقلها الكبير، وكذلك السلطة السورية الضعيفة اليوم بسبب ما تستنزفها الثورة ويوقع بها الجيش الحر خسائر فادحة في الأرواح والتجهيزات وتحرير المواقع المدنية والعسكرية رغم كل الوحشية التي يجرم بها من فاقوا هولاكو ونيرون، وفي النهاية ما الدور المطلوب فعله من الدولة التركية التي لا شك أنها ترى من مصلحتها سقوط النظام الأسدي وقيام نظام ديمقراطي يحقق مطالب الشعب ويضمن الاستقرار بين الجارتين، ويمنع تقسيم سورية إلى دويلة علوية أو كردية سيما أن حكومة أردوغان قررت بعد استنفاد طاقتها في محاولة الإصلاح مع الأسد أن تنحاز إلى لشعب وتكون أول داعم للثورة إنسانياً ولوجستياً كما هو معروف مما جعل النظام الأسدي يحنق غيظاً بذلك ويحاول ألاّ ينقطع بقذائفه ضمن الأرض التركية خلف الحدود مما أثار حفيظة المجتمع الدولي الأسبوع الماضي و نددوا بهذه الاعتداءات ربما ترضية للجانب التركي أو لحضه على الرد وخلق قابلية حارة تجعله ينجر إلى خوض الحرب حفاظاً على هيبته بعد تكرار الاعتداءات أكثر من ثماني مرات كما صرح أردوغان، وعندها تختلط الأوراق وينجح مكر الأسد الصغير في إيقاع خصمه في الحفرة والفخ والمصيدة التي سيدفع ثمن تغافله لو حدث كبيراً. لكن الباحث المتابع والمتأمل شخصية أردوغان وتياره الناهض طيلة سنوات حكمه يدرك أنه وساسته كسبوا إلى حد كبير مهارة المناورة مع الاقتدار على استحواذ معظم الجماهير المؤيدة لهم من جهة و عرفوا أنهم يقظون بعدم السقوط في بؤر لا يستطيعون الخروج منها أو ما يجعلهم في مواقف مضطربة تسيء إلى مواقعهم السياسية و الشعبوية. إن المعركة التي دارت وتدور بين النظام الطاغي في دمشق و بين الثوار الأحرار من الشعب و الجيش الحر معركة مصيرية معركة بقاء أو فناء لأي من الطرفين، ولكن سنن الله في الخلق والتدافع وتجارب الحياة تثبت بلا ريب في معظم الأحيان أن الغلبة للحق وأهله الصامدين المخلصين لهذا الوطن مهما تكالب عليهم العدو المبطل و من معه من محاور الشر و الحقد و الطائفية وهم هنا كما لا يخفى روسيا و الصين وإيران ومن نعق معها من المنتفعين وفاقدي الرحمة والإنسانية، وفي هذا السياق فإننا نجد أن الموقف التركي حيال الثورة السورية المباركة موقف مقبول بالنظر إلى ما قدمه ويبذله من رعاية تحسنت مؤخراً لمخيمات المهجرين الذين وصل عددهم إلى مائة ألف وإن كنا نهيب بإخوتنا الأتراك أن يرفعوا نسبة العناية والخدمة وخاصة لآلاف العالقين على الحدود السورية باتجاه الداخل التركي نظرا لوضعهم المأساوي من جراء ملاحقة الجيش الغادر و شبيحته لهم هذا من وجه، ومن وجه آخر فإن المشهد التركي بالتركيبة المعروفة للمجتمع ديموغرافياً و جغرافياً في الداخل و العوامل المؤثرة عليه من الخارج موقف حساس ومعقد يحمل في تضاعيفه العديد من المشكلات فالحكومة داخلياً تعاني من العلويين واليسار في تركيا حيث يوجد عدة ملايين من الطائفة العلوية المتعاطفة مع النظام الأسدي بل الفاعلة بالمظاهرات المؤيدة له وبالطلب الملح من الدولة أن تمنع المهاجرين السوريين من السكنى في بيوت أنطاكية والاكتفاء باللجوء إلى المخيمات إلى درجة أحرجت الحكومة حتى طلبت من المهاجرين ذلك، وكذلك فإننا نرى أنها في أزمة تعامل مع العلويين عامة الذين هم من الذين اعتذر لهم أردوغان عن أحداث وقعت ضدهم عام 1925 مع أن ذلك من مسؤولية جمهورية مصطفى كمال أتاتورك فأردوغان يريد تخفيف أي احتقان لديهم وهم لا يميلون مع الثورة السورية، فقد انحازوا إلى تيار اليسار وفي حزب الشعب الجمهوري اليساري الذي يتزعمه الكردي العلوي من ديرسم كمال كلجدار أوغلو فإننا نجد نقداً واضحاً لحكومة أردوغان المنحازة لثورة الشعب على اعتبار أن هذا تدخلاً في الشؤون الداخلية السورية المجاورة ومن وجه آخر كان التيار الماركسي متناغماً مع رؤية النظام السوري الذي يدعي الممانعة والمقاومة ضد إسرائيل في حين يعتبر الثورة السورية مؤامرة امبريالية تهدف إلى تقسيم سورية وربما يمتد أثرها إلى تركيا ويضيف إلى ذلك تيارات إسلامية صغيرة كحزب السعادة وصوت الشعب وإن كان حزب السعادة قد عدل رأيه لصالح الثورة، لكن التيار القومي المتشدد هو أيضاً لمعاداته للإسلاميين يقف مع عقدة المؤامرة ولا يؤيد زعزعة النظام السوري وأما خارجياً فكم يقلق تركيا حزب العمال الكردستاني سيما أن الفرع الإيراني له المسمى "جاك" أعلن تجميد عملياته ضد القوات الإيرانية الحليفة والمشاركة للأسد في جرائمه وهذه هي ورقة ضغط على تركيا للحد من مناهضتها لنظام دمشق ومن جهة أخرى فقد عاد إلى سورية قائد الفرع السوري لحزب الاتحاد الديمقراطي للعمال الكردستاني "صالح مسلم" حيث قدمت له دمشق كافة التسهيلات وهو يعمل على إبعاد أكراد سورية عن الإسهام في الفعاليات الثورية الهادفة إلى إسقاط النظام، أضف إلى ذلك استحواذ الأكراد على منطقة القامشلي وتنازل النظام لهم لصالح زعزعة الموقف التركي وخلق مشكلات فعلية أمامه تكلفه الكثير مستقبلاً. وهنا يجب ألاّ ننسى الموقف المبدئي الإيديولوجي الطائفي لدولة إيران المؤيد لنظام الطغاة والمشارك فعلياً بقمع الثورة السورية بالرجال و المال والسلاح وذلك بتصريحات قادتهم على أعلى المستويات وبالواقع الفعلي على الأرض ويؤيدون ذلك بأن موسى الصدر اعتبر العلويين جزءاً من الشيعة الاثني عشرية، وهو ما أكده المالكي بأنه يدافع عن النظام لذلك وهو ما يترجمه حزب الله اللبناني على الأرض كذلك. والأتراك قارئون لتاريخهم وربما لا يخفى عليهم الصراع العثماني الصفوي وانتصارهم عليهم في معركة جالديران بعد مناشدة أهل الشام لهم أن ينقذوهم من ظلم المماليك تاريخياً بعد تخاذلهم بالدفاع عن المقدسات ضد تهديدات البرتغاليين ومحاولتهم نبش قبر النبي محمد صلى الله عليه و سلم وفي معركة فاصلة هزم المماليك شر هزيمة، وإذا جاز في زماننا هذا للتاريخ أن يعيد نفسه ونحن نعلم حساسية الوضع التركي فإننا مع ذلك نطلب مساعدات حقيقية على الطريق إن لم يشاركوا معنا في القتال ولذلك كان شعار الجمعة الماضية أعطونا سلاحاً لا تصريحات، وبهذه المناسبة فإننا نرجو أن لا يصرح السيد أردوغان تصريحات نارية تهديداً للنظام الأسدي ثم لا يمكن أن ينفذها فيصيب شعبنا بالإحباط بل يقدم ما يستطيع ويزيد قدر الإمكان بدعم الثوار وهم معتمدون أولاً وآخراً على الله وعلى أنفسهم والحمدلله يحققون انتصارات باهرة أمام هذا السفاح الفتاك وسيكون الخلاص المنجي بإذن الله على أيديهم المتوضئة وقلوبهم المخلصة وصمودهم الأسطوري الفريد.

506

| 08 أكتوبر 2012

إلى متى يشارك حكام إيران في هولوكوست الأسد

إن جميع من سمع وقرأ التصريحات الأخيرة لحكام إيران حول القضية السورية يدرك مدى الخطورة التي لا تعير الإنسانية اهتماماً فضلاً عن التمسح باسم الإسلام لصون حقوق الإنسان والحفاظ على سلامة الشعب السوري الذي يذبح كل يوم، وبدلاً من أن يقفوا مع المظلوم ضد الظالم فإنهم لا ينظرون وللأسف الشديد إلاّ بعين السخط وطبعاً فإن عين السخط هي التي تبدي المساوئ ولذلك يصبون اليوم - إذ وجدوا طاغية الشام يفقد السيطرة على البلاد شيئاً فشيئاً – كل جهودهم لإيجاد مخرج يبقيه في الحكم وينقذه حتى لو كان ذلك بخوض حرب فعلية ضد الشعب والثوار ليبقى على سدة الحكم وهم يعتبرون في هذا السياق أن دعم النظام على جميع المستويات يجعلهم لا يخسرون نفوذهم في سوريا وأن تكلفة الدفاع عن الطاغية تبقى على فداحتها أقل من ثمن ضياع الحلقة السورية في عقدها الذي أسس وكلف المليارات من طريق إيران حتى العراق، سوريا، لبنان كما هو معروف، ولعل من الواضح أن من يدير الأمور حقيقة في سوريا إنما هي إيران ولذلك رأينا أن الأخضر الإبراهيمي المندوب الأممي للمسألة السورية بعد كوفي عنان حين ذهب إلى دمشق لمقابلة بشار بدأ اللقاء بالسفير الإيراني قبل أن يلقاه، إذ أدرك كمن قبله أن إيران وسوريا متفقتان لحمة وسدى كحليفين بل كشريكين بسبب البعد الطائفي أولاً وبعد المصالح الأخرى ثانياً. وغالباً ما يكون اللصوص شركاء ونحن إذا أعدنا شريط المشهد في الموقف الإيراني فإننا لا ننسى أنه كان في البداية يريد رأب الصدع بين الحكومة والشعب دون إراقة الدماء، ولعل ذلك يظهر في مقابلة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد مع تلفزيون المنار التابع لحزب الله اللبناني بتاريخ 24/8/2011 حيث قال: على الشعب السوري والحكومة أن يجلسا معاً للتفاهم بعيداً عن العنف وإنه لايحق لأحدهما قتل الآخر، لقد جاء هذا التصريح بعد خمسة أشهر من بداية الثورة وكانت أثناءها في حيز السلمية الكاملة ولن يستطيع أحد أن يثبت أن متظاهراً واحداً حمل سلاحاً بل عصى اللهم إلاّ بعد أن استفحل الخطب وأصبح الشيوخ والأطفال والنساء يقتلون ويعتدى على الممتلكات فبدأت عسكرة الثورة بالدفاع عن النفس المشروع في قوانين السماء والأرض ضد الظالمين وفي هذا الغضون كان وزير الخارجية الإيراني قد اتفق مع تصريح نجاد بعد مقابلة تلفزيون المنار واصفاً مطالب المتظاهرين السوريين بالمحقة المشروعة مطالباً الأسد بالاستجابة لها وتلبيتها على وجه السرعة ولكن لأن الأمر أكبر من صالحي وأترابه ولأن الغرب وعلى رأسه أميركا يسعى لحل الأزمة بتعقيدها فإنه أدرك أنه لابد من إدخال إيران في المعالجة لإنقاذ النظام من جهة إن استطاعت ولطمأنة إسرائيل البنت المدللة إذ إن ثمة توافقاً ضمنياً بين إيران وإسرائيل على إبقاء النظام الأسدي وإن لدوافع متضاربة ولذلك رأينا نتنياهو مؤخراً ينهى حكومته عن التصريح في الشأن السوري وهو الذي أكد من قبل أن المحافظة على بشار مصلحة إسرائيلية، فالتقاطع الإيراني الإسرائيلي كما يذهب المحللون واقع وبأعذار وحجج كثيرة، ولذا فإننا رأينا أن صالحي لما عاد إلى دمشق من لقاء الرباعية في القاهرة أعطى الأسد دفعة قوة جديدة ليعلن أن مايجري في سورية يستهدف دول المقاومة جميعاً، وهو في الحقيقة إنما أخذ الضوء الأخضر لأن يتحرك حكام إيران بحرية لإخماد الثورة السورية، وأن العالم اليوم لن يسمح – ما أمكن – بسقوط الأسد لأن ذلك سيمثل كارثة على كل دولة فضحتها الثورة السورية ومن هنا أكد صالحي أننا لن نأذن بكسر ضلع المقاومة ناسياً ما قاله عبد الرحمن الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد أنه لايمكن للمقاوم أن يكون مستبداً ولايمكن للمستبد أن يكون مقاوماً، فهل تغير الموقف في هذا الوقت بالذات أم أنها تكتكة وتقية مع القريب والبعيد، الأرجح أن حكام إيران كانوا يظنون أنه سيقضى على الثورة خلال أسابيع كما وعدهم الأسد، ولكن لما أحسوا أن الأمر طال وسيطول رجعوا إلى ما يكنون من الحيلولة دون سقوط الأسد وكانوا قد ألمحوا بذلك قبل أشهر قليلة من أعلى رتبة فيهم وهو مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي الذي صرح بأن المتظاهرين في سورية أدوات تحركهم أميركا وإسرائيل معتبراً أن الثورة السورية مؤامرة على الأسد لأنه ضمن محور الممانعة، منبهاً أن دمشق بحاجة إلى إيران وحزب الله الذي يؤيد خامنئي في كل ما يذهب إليه خضوعاً لولاية الفقيه التي أسسها الخميني بل صرح نوري المالكي رئيس وزراء العراق أن العلويين جزء من الشيعة ولن يسقط نظام الأسد ولماذا يسقط ولسنا مضطرين لسوق الأدلة طبعا عن عمالة المالكي لأميركا وإيران معاً، ومن هنا نرى كيف يكون الكيل بمكيالين في الموقف الإيراني الذي أيّد ثورات الربيع العربي إلاّ الثورة السورية مدعياً تبعيتها لأميركا وإسرائيل، وهذا يدل على أن إيران لا تريد أن تكون جزءاً من الحل كما تدعي بل جزءاً كبيراً من المشكلة، ولقد كان الأجدر بها لما تحمل من ثقل إقليمي أن تنحاز إلى الضحية لا إلى الجلاد وهو ما يجب أن ينسجم مع ادعائها نصرة المظلومين، والله لا ندري هل أصبحت قلوب هؤلاء أقسى من الحجارة بل اليهود الذين وصفهم الله بهذه الصفة لم يصلوا إلى هذا الإجرام ضد الشعب وحكام إيران يفتخرون أنهم يدعمون نظام القتل والإبادة ولن يسمحوا بسقوطه، فهل نستطيع أن نفرق بين اللانظام الأسدي وموقفهم أو نقول كمن ذم شارون: لا تلوم الجزار يقتل شعباً من حباه السكين أفظع قتلا وهل قصروا بمده بالسلاح والرجال والمال والخبرات والمواقف السياسية أما صرح صالحي أننا لن نقف عن الدعم اللامحدود لنظام الأسد إننا نحسب أن كل منصف حتى لو كان حدثاً أصبح مدركاً أن الموقف الإيراني موقف منحاز للباطل والشر والأليق أن يراجع نفسه فالتاريخ لن يرحم ثم لابد أن نسوق التصريحات الأخيرة للمسؤولين الإيرانيين الكبار المعبرين عن موقفهم غير المسؤول. فها هو لاريجاني رئيس البرلمان يقول لصحيفة الفاينشال تايمز البريطانية: إن الأميركان يسعون إلى فرض الإصلاح في سورية بقذائف الآربي جي مقارناً لماذا لا تعتبر أميركا عدم السماح للمرأة في السعودية بقيادة السيارة مشكلة يجب أن تأمر السعوديين بإصلاحها، ما هذه السذاجة وهذا القياس ممن يدعي أنه سياسي فاهم عاقل، داعياً إلى أن يكون التغيير عبر التصويت الشعبي والانتخاب لا عبر السلاح الفتاك الذي تمارسه المعارضة السورية المسلحة، وأظنه يعرف تماماً أن العكس هو الصحيح ولكن كما قال القرآن عن قوم فرعون (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوّا..) [النمل: 14 ] هل السلاح الفتاك والنوعي وطائرات الميغ وبراميل البارود التي ترمى على الشعب بيد الثوار أم بيد الحكومة ولكنه الحقد الطائفي ليس إلا وهو يأمر دول الخليج ألاّ تساند المعارضة السورية وأن تقف عن دعمها أما قائد الحرس الثوري اللواء محمد علي الجعفري فقد صرّح بعظمة لسانه كما هو معروف أن عدداً من قوات فيلق القدس موجود في سوريا ولبنان لتنفيذ عمليات نشاط خارجية لدعم النظام بالخبرة والاستشارة وأنه في حالة تعرض سوريا لهجوم عسكري فإن إيران ستقوم بدورها العسكري كذلك فبالله على من يضحك نحن نعرف أنه بدأت بذلك منذ أشهر ولكنها ستزيد لتنقذ مركب الأسد من الغرق ومعروف أن الرئيس اللبناني ميشيل سليمان حين استدعى السفير الإيراني يستوضح ذلك نفى! ثم جاءت التصريحات من جديد تؤيد موقف القائد الأعلى للحرس الثوري بل النووي ويبدو أن ثمة تضارباً داخلياً في بعض المواقف لديهم إلا أن الأمر حسم بعد اتخاذ المرشد الأعلى خامنئي قراره بإخماد الثورة السورية سيما أنه الحاكم الفعلي لإيران متأسيا بموافقته على قمع المعارضة الإيرانية وبأقسى العنف والقتل في المظاهرات المؤيدة لمير حسين موسوي الذي كان ينافس أحمدي نجاد على الرئاسة ونعود لنقول ليت فيلق القدس يتوجه إليها لا إلى دمشق فبئس الإيرانيون يقاتلون على الأرض السورية، زد إلى ذلك تصريح رئيس الأركان العامة اللواء حسن فيروز آبادي أن الحرب على سوريا هي الحرب على إيران مستلهماً ذلك من توجيهات المرشد الأعلى الذي دعا إلى تركيز نشاطات فيلق القدس على دول الجوار الإيراني وسحبها اليوم من العالم... إلى تصريحات مسؤولين كبار آخرين نضرب عن ذكرهم ولكننا مع من يقول ألا رئيس أركان عربي أو مسلم واحد يقول إن دماء السوريين هي دماؤنا ولا وألف لا للطائفية ونعم وألف نعم لتوجه الحق والعدل ونصرة المظلوم الذي أبدته المراجع الشيعية العاقلة مثل هاني فحص ومحمد الأمين وآية الله محمد علي دستغيب والويل كل الويل لمن يدعم النظام الأسدي بكل ما يملك سياسياً ومالياً وعسكرياً بل يتباهى في ذلك مشتركاً مع الهولوكوست الأسدي الفظيع.

475

| 24 سبتمبر 2012

الفيلم المسيء.. وحرية التعبير بين العقلاء والسفهاء

لعل العقلاء في كل زمان و مكان هم الذين يتمتعون بالحرية المسؤولة أمام الإنسانية والدين والتاريخ ولذلك فإنهم يبغضون أعمال السفهاء الذين يجب أن يحجر عليهم في كل زمان ومكان لما يحدثونه من الأذى والضرر والإفساد في الأرض ونهش أعراض إخوانهم في الإنسانية بغير وجه حق، سواء كانوا أحياء أو أمواتا، و إذا كان هذا مما يجب ألا يقع في الناس العاديين فكيف بالأنبياء وعلى رأسهم الرسول محمد عليهم السلام جميعا، أو بالمقدسات الدينية التي تعتبر من الثوابت الممنوع التهكم بها والإساءة إليها في الشرائع والأديان، نعم يمكن مناقشة مضامينها على وجه الفكر والدراسة والتعرف سواء كان ذلك بالرضا أو عدمه، أو بالتقويم الذي قد يحدد صاحبه ما يرتاح إليه ويقتنع به مما لا يميل إليه و لكن بشرط النزاهة الأدبية والشفافية الإنسانية والمروءة والاحترام المتبادل، ولذا فإن الفيلم المسيء لرسول الإسلام والإسلام نفسه الذي نشرت منه مقاطع على اليوتيوب وفيها التنقص الفاحش والتصوير المشين لحياة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في الحادي عشر من سبتمبر الحالي و ذكر بعض المطلعين في أمريكا وليبيا أنه قد أعد هذا الفيلم منذ نصف عام ليبث في هذا الوقت وبذكرى أحداث 11 سبتمبر التي عصفت بالولايات المتحدة فغيرت مجرى علاقاتها مع العالم أجمع بعد ذلك على جميع الصعد والمستويات، إن مثل هذا العمل المنحط أخلاقيا  والمخالف للشرائع والقوانين والأدبيات العالمية ما هو - كما يبدو- إلا ضمن مسلسل الهجوم على الإسلام ورسوله الذي تصاعد الجهد عليه في العقدين الماضيين تحديدا  ولذا فإنه لا يعلق عليه بمعزل عن أهم ما جرى في هذا المضمار الخبيث ولأجندة باتت مفضوحة على الملأ، إذ لا يمكن أن ننسى الإساءة التي قامت بها صحيفة اليمين الدنماركية يولاندبوست وبعض الصحف النرويجية والأوروبية الأخرى في الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لرسول الإسلام، وما أحدثته من ضجة ضخمة في العالمين العربي والإسلامي خصوصا والدولي عموما بين إنكار مبرر لضرورة صيانة الرموز الدينية من التناول السفيه وبين سكوت أو تأييد لهذه الأفعال باسم حرية التعبير والتفكير التي باتت مكفولة في القوانين الغربية لكل إنسان على ما يدعي القائمون بهذه الأفعال وعلى ما تصرح به الحكومات أيضا دفاعا عن حرية التعبير وهو ما فعلته وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إذ رغم اعترافها أن الفيلم الحالي المسيء قبيح المضمون ويدعو إلى التقزز والاشمئزاز وأنها تستنكر فعله بشدة إلا أنها صرحت بوضوح أن الحكومة الأمريكية التي لا دخل لها به أبدا لا تستطيع أن تفعل شيئا مع منتجيه وممثليه بسبب ما يكفله لهم الدستور الأمريكي من حرية التعبير مع أنها تعرف أن نصوص القانون وميثاق حقوق الإنسان قيدا الأمر بعدم الإضرار بالآخرين! ولكننا نقول: إن الغرب بين الفينة والأخرى يطلع علينا بهذه الشناعات لمآرب وسياسات يريد أن ينشرها تحقق له مصالح أو تدفع عنه مفاسد كما يظن، إنه جزء كبير من النفاق المنتشر في أوربا وأمريكا وحيث لا ننسى أن العديد من الصحف الأوربية وقفت تدافع عن الصحيفة الدنماركية في الرسوم المسيئة عن الرسول صلى الله عليه وسلم حتى إن الأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود روبيرمنيار صرح وهو يدافع عن الرسوم أن الأنظمة لا تفهم أنه يمكن الفصل التام بين ما تكتبه الصحيفة وبين الحكومة الدنماركية وأن لنا القيام بأي شيء ولو كان جارحاً للناس، فإنه في عام 2006 تم منع الفيلم التركي (العراق وادي الذئاب) في أمريكا لأنه يصور جرائمها في العراق وفي العام نفسه منعت مدينة نيويورك عرض مسرحية (ريتشل كوري) وهي ناشطة أمريكية سحقتها جرافة إسرائيلية عام 2003 عندما كانت تتصدى لها قبل أن تجرف منازل الفلسطينيين في غزة! أي حرية للتعبير يدعون وهم أمهر الممثلين في ازدواجية النظر والكيل بمكيالين خصوصا ضد العرب والمسلمين والأخص بسيل من المنتجات المروجة لثقافة الكراهية المعادية التي تستغل هجمات 11 سبتمبر، ليعرف العالم أن الخلاف بين الشرق والغرب هو سياسي لا ديني وإنه يعمل على صراع المصالح وهو في جوهره انحياز الغرب وعلى رأسه أمريكا لإسرائيل وإذا ثبت أن منتج فيلم (براءة المسلمين) هو الصهيوني اليهودي سام باسيلي الذي يقطن في أمريكا والذي قال: إن الإسلام مثل السرطان بحسب تعبيره وأن الفيلم سياسي وليس دينيا وأنه غير نادم على ما فعل كون العمل يندرج تحت حرية التعبير فإن هذا يؤيد ما نؤكده من أهداف لصالح إسرائيل واليهود الحاقدين على الإسلام ورسوله والمسلمين، وإذا أردنا أن نوضح أكثر فإن ذلك يقودنا إلى خفايا السر الرهيب الذي تلح الصهيونية العالمية أن تجعل اليهود في تذكر دائم له وقد خصصت يوم حداد في 27 إبريل من كل عام لأجله وهو اتخاذهم قضية الهولوكوست اليهودي المعبر عنه بالمحرقة التي أقامها النازيون لليهود وراح ضحيتها منهم ستة أو سبعة ملايين حيث إن الضرب على هذا الوتر إنما هو استغلال لتبرير السياسات الإجرامية الإسرائيلية وتبرير دعم هذه السياسات من قبل أمريكا نصرة لضحايا الهولوكوست المحرومين والمعروف أن النخب اليهودية الأمريكية لم تتذكر الهولوكوست قبل يونيو 1967 واستفادت منه لتدفع عن كيانها بل أصبح شعارا لها بعد حرب 1967 مع العرب ولنا أن نتساءل أولا هل اليهود وحدهم الذين كانوا ضحايا الهولوكوست رغم أن نصف مليون غجري قضوا نحبهم أيضا في المحارق النازية، فلماذا تعزف أوربا وأمريكا عن ذكرها وذكر عشرات الهولوكستات في فلسطين و العالم ولماذا قد سن في عدد كبير من أوربا قانون السجن لكل كاتب أو مفكر يشكك في المحرقة وبالمقابل يتم تجاهل الإساءة إلى نبي الإسلام الذي يتبعه أكثر من مليار ونصف المليار مسلم في العالم؟ والذي يدل على ذلك أنه عندما جاء المفكر الفرنسي روجيه جارودي وشكك في رقم الملايين الستة الذين قتلوا في المحرقة أحيل إلى المحاكمة ولم يجد من يدافع عنه باسم حرية الرأي إلا الأديب بيير الذي كان أكثر شعبية في فرنسا. أحلال على بلابله الدوح    حرام للطير من كل جنس وثانيا: ألا يمكن وقد اعتبروا الكلام عن المحرقة خطاً أحمر وكذلك عرض الفيلم التركي عن العراق والفيلم عن الناشطة الأمريكية خطا  أحمر أن يعتبروا التعامل مع الملف السوري الذي طال أمد حله خطا أحمر لأنه يصب في النهاية في مصلحة إسرائيل التي هي اللاعب الأكبر في المشهد السوري مع أنها تخفي نفسها والتي أصبحت أمريكا ألعوبة وأضحوكة بيدها، وما جرى من نشر للفيلم بل والدفاع عن منتجيه أي عدم محاسبتهم ولا مجرد حجب الفيلم إنما هو صرف للأنظار عما يجري في سورية من مآس تشيب لهولها الولدان سيما أن أمريكا والغرب في مأزق حقيقي حيال العجز المخزي للتعامل الحقيقي مع الأزمة السورية وإنقاذ ملايين المدنيين من هذا الهولوكوست الفظيع، هل ثمة فرق بينه وبين هولوكوست اليهود إن لم يكن هذا أشنع منه، إنه لا يستبعد ذلك في دهاليز المؤامرات والدعم و التقاعس عن توجيه الضربة القاسية من المجتمع الدولي الذي يعتبر الشعب السوري جزءا منه طبق المواثيق الدولية، وكل ذلك بحجة الانتخابات الأمريكية وحجة عدم توحيد المعارضة، كيف يجوز للجزار بشار الأسد وأزلامه أن ينكلوا كل هذا التنكيل يوميا ولا يوجد من يردعهم إن لم تكن مؤامرة حقيقية لإرضاء إسرائيل. أما ما ذكر عن أن بعض الأقباط في المهجر هم الذين أنتجوا هذا الفيلم فليس بمستبعد فمن قبل أنتج القس مرقص عزيز ومعه بعض القساوسة فيلم كلاب الرسول، وأنا شخصيا رأيت بعيني في مدينة (ملبورن) بأستراليا منذ عشرين سنة فيلما قبطيا يهزأ بالإسلام ويركز على ظلم المصريين المسلمين للأقباط في مصر وقد قيل لنا وقتها إن هذه الأفلام تنشر للإساءة في الخارج ولم تكن الفضائيات وتقنياتها بالمستوى المعروف اليوم، ونحن لا ندري لماذا كل هذا العداء مع أن الأنبياء تزوجوا من القبط كإبراهيم بهاجر أم إسماعيل ويوسف بتزوجه بنت صاحب عين شمس التي ذكرها الله بقوله: (وغلقت الأبواب..) يوسف 23، وكذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي يسيئون له تزوج بمارية القبطية وقال: استوصوا بأهل مصر خيرا فإن لهم ذمة ورحما. وعلى كل فإننا نؤكد على وجوب الرد الحضاري على هذا الفيلم دون عنف بلا مبرر وأن تكون هذه فرصة لشرح سيرة سيدنا محمد للعالمين مطالبين بمحاكمة منتجيه حسب المواثيق الدولية وحقوق الإنسان التي ذكرت في مادتها أن الحرية تعني أي عمل لا يجرح الآخرين ولا يظلمهم وكذلك ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فقد صرح بأن الحرية واجبات ومسؤوليات وتخضع لشروط وعقوبات حسبما تقتضيه المصلحة والأمن وحماية الآداب وهو ما أقرته الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان عام 1969، فكيف تفهم كلينتون ومن لف لفها حرية التعبير؟ وأخيرا فإننا نقول إن الشريعة الإسلامية تحرم قتل السفراء والرسل المسالمين أما الفاعلون المستهزئون فلا بد من حسابهم إذا أرادت أمريكا أن يهدأ الغضب العارم في المسلمين وأن تكون صادقة في تطبيق قوانينها على الجميع.

790

| 17 سبتمبر 2012

العصابة الأسدية والمجتمع الدولي.. أيهما المجنون؟

لا ريب أن المجتمع الدولي برمته وخصوصا الدول العربية والإسلامية أمام مسؤولية ضخمة وهائلة لتأكيد الالتزامات والمواثيق التي سطرت في القوانين العالمية لتعزيز الشرعية الدولية واستخدامها بحزم وصرامة إزاء عصابة القتل والإرهاب الحكومي التي وصلت اليوم بعد أكثر من عام ونصف العام إلى درجة من القمع الوحشي والسادية التي أخذت تتسلى بالإبادات الجماعية وتدمر الأخضر واليابس بما لا مثيل له في تاريخ البشرية وحيث إن هذا المجتمع الدولي لم يتخذ حتى الآن أي قرار يكون ملزما لرئيس هذه العصابة والضغط عليه كي يبلغ سن الرشد السياسي والإنساني بعد كل هذه الجرائم البشعة فإن يمكننا أن نعتبر أي تحرك شكلاني لهذا المجتمع بجميع مراكزه وهيئاته وأهمها الأمم المتحدة ومجلس الأمن هو نوع من العبث المضحك رغم الوضع المأساوي المبكي من جهة وهو نوع حقيقي من المشاركة التي لم تعد تحتمل التأويل في إخماد ثورة الشعب السوري البطل بشكل أو بآخر، حيث إن مئات القتلى ومثلهم من الجرحى والمعتقلين يوميا يعانون أشد التعذيب بما لا قبل لأحد به، وقد بات واضحا للجميع أن كل أصحاب القرارات الدولية لا يعملون إلا لخدمة مصالحهم وتعزيز نفوذهم الاقتصادي والسياسي بل والأيديولوجي وهم يلعبون لعبة ماكرة علنية وخفية لذلك دون أي اكتراث عملي بسيول الدماء الطاهرة التي تنزف في جميع ربوع البلاد ولا مانع أن تداس حقوق الإنسان في سبيل الحفاظ على تلك المنافع والمصالح، وهؤلاء وعلى رأسهم أمريكا وروسيا على قناعة كاملة أنه إذا استطاع هذا المجرم المجنون الأحمق الجزار بشار أن يسحق ثورة الشعب فإن ذلك سيسعدهم وسيبقى على عرش الحكم ليزداد استعبادا واستبدادا وحماية حقيقية لإسرائيل التي يحرسها وتحرسه بلا أدنى ريب رغم ادعاءاته وشركائه من إيران وحزب الله ومالكي العراق لأي نوع من أنواع المقاومة والممانعة الكاذبة التي استخدمت وما زالت ورقة تغطية على جرائمه الوحشية فاليوم بات كل شيء مكشوفا وذاب الثلج وبان المرج لكل ذي عينين وأما في حالة عدم قدرة هذه العصابة أن تخمد الثورة فالكل مجمعون - وللأسى والحسرة - على تأمين خروج آمن لزعيم عصابة اللصوص وشلته مما يؤكد عمق المؤامرة العالمية خدمة لللانظام السوري وتبكيتا لحركة الشعب المطالب بالحرية، ولنأخذ مثالا واضحا أمامنا كيف أن الرئيس الأمريكي أوباما أبهرنا بتصريحاته الفارغة حول عدم شرعية الأسد والمطالبة الامتصاصية بتنحيته فورا منذ قرابة عام وقبل شهر تقريبا وكذلك كلينتون وزيرة الخارجية وكذلك غيرهما من قادة ووزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ولكن الحق الأحق أن هؤلاء وكل من يسمون أنفسهم أصدقاء سورية أي الشعب السوري لم يفعلوا أي شيء عملي ذي وجاهة يحسب لهم ضد الظلم واستباحة حقوق الإنسان وإنقاذ الشعب الذبيح من هذا الجزار الذي يراد له دوليا أن يبقى لأن في ذلك مصلحة إسرائيلية لابد من الحفاظ عليها، وأما المرشح الجمهوري المنافس لأوباما في الرئاسة الأمريكية فقد صرح بأنه يشعر بالإحباط الشديد لتسلم الإسلاميين السلطة في المغرب وتونس ومصر أي هكذا ما يمكن أن يحدث في سورية وخصوصا أنها دولة مواجهة ومجابهة مع إسرائيل، إن ما يجري من تناقضات ظاهرية دوليا حيال المشهد السوري ليس كذلك وإنما هو اتفاق بين أسماك القرش الكبيرة لابتلاع الأسماك الصغيرة، ولا يسع الدول التابعة إلا أن تكون كذلك، وإذا كان هذا الوضع لا يحتاج إلى كثير من البحث إلا أن الذي يدهش الأبصار والبصائر هذا الموقف الجنوني الذي يعتبر أداة تنفيذ حقيقية لمصالح الغرب والشرق إنما يأتي من النظرة الاستعمارية الحديثة لمسائل النفوذ والسيطرة من قلب الجنون وليس العقل والحق والإنسانية ولعل الأمثلة أكثر من أن تحصى في هذا الغضون أفتشذ الحالة السورية عن غيرها، لا أظن ذلك لأن جميع الشعارات التي رفعها الشعب السوري كل جمعة لم تحقق لهم فيها النخوة العربية والإسلامية فضلا عن الأجنبية ما ينسجم مع طموحاتهم وخصوصا حماية المدنيين الذين لا علاقة لهم بشيء من هذا الصراع في هذه الحلبة وخاصة الأطفال والنساء، ومن هنا فإننا نسلم أن هذا التعاطي من قبل المجتمع الدولي هو تعاطي المجانين لا العقلاء منذ البداية وإن تفننوا في طرائق هذا الجنون فالجنون فنون كما يقولون، غير أنه قد يشذ الحال في مجنون واحد مثلا على حد قولهم: قد تأتيك النصيحة النافعة على لسان مجنون ولكننا في هذا الوقت لم نظفر بهذا المجنون العاقل لنأخذ بعض الحكمة التي توصلنا إلى الصواب والحرية والكرامة، ولكن الذي يجري على المجتمع الدولي على وجه الحقيقة لا الظاهر وعلى العصابة الأسدية المجنونة أن المجنون لا يمكن إقناعه والعجيب أن هؤلاء المجانين يتحدثون باسم الديمقراطية والحرية بل والإنسانية ويصفون أنفسهم بالعباقرة والساسة الكبار وينسون ما قاله الأديب جبران خليل جبران أن بين الجنون والعبقرية خيطاً أرفع من نسيج العنكبوت والعبقرية الحقة هي التي تحمل العهد والميثاق الصادق في التعامل وهو ما يقوم به شعب الثورة المباركة أمام كل هذا التحدي المحلي والإقليمي والدولي معتمدا على الله أولا وعلى نفسه ثانيا ضاربا بقدمه كل عنتريات العصابات التي لم تعد تأبه بتدمير المساجد بل الكنائس بعد الأنفس والممتلكات وتواصل الحرائق والمجازر التي كان آخرها ما حدث أمس حول روضة مساكن هنانو في حلب حيث قصفت البنايات بالطائرات فخرت بأهلها وفجر أنبوب المياه حولها فكان القتلى والجرحى بأعداد كبيرة جدا ، إنه الجنون الجهنمي حين يحمل المدافع عن الوطن بزعمه براميل المتفجرات في الطائرة الحربية ليؤكل المساكن لهيبا ونارا جنونا وحقدا بعد أن سيطر الجيش الحر على ثكنة هنانو قبل يومين إثر معارك ضارية مع جيش الباطل وحرر 350 سجينا سياسيا واعتقل الظالمين من الجيش والشبيحة ورد كيد القاتلين إلى نحورهم ولذا فإن المقاومة في حلب ودمشق وريفهما وبقية المدن السورية وأريافها تقول له بلسان الحال والمقال نحن صامدون صامدون صامدون وإنه كما قال كلوديانوس: إن الجنون المتهوس لا ينقلب إلا على نفسه، فصبرا أيها الثوار صبرا فإن الباطل إلى زوال وتلك سنة الله في الأفراد والدول والأمم ولن تجد لسنة الله تبديلا.

627

| 09 سبتمبر 2012

خطاب الرئيس المصري في مواجهة التقية.. أم التضليل الإعلامي؟!

ما حدث من تحريف وتبديل وتزوير واضح مبين في كلام الرئيس المصري السيد مرسي عن الملف السوري في مؤتمر حركة عدم الانحياز المنعقد في طهران بإيران يوم الخميس الماضي بتاريخ 30/8/2012 حيث غير المترجم الإيراني المكلف عبارات الرئيس من قوله النضال الفلسطيني والسوري إلى النضال الفلسطيني والبحريني وكرر هذا التبديل ثلاث مرات عبر الخطاب فيما يخص الوضع السوري ونقله إلى البحريني بدل السوري، وكذلك عبائر حرفت عن لفظها واستعاض عنها كلاما عاما عن كفاح الشعوب ضد الظلم دون أن يذكر أن هذا منصب حسب كلام السيد مرسي على المشهد السوري ليس إلا، وقد كشف هذا التزوير والتحوير والكذب الصراح الذي لا يحتمل أي تأويل، فاستغرب الكثيرون هذا التصرف المشين من المترجم المكلف والذي لا يستطيع أن يحيد قيد شعرة عن الأوامر لأنه لو فعل حوسب وعوقب ولكن النخب الذين يعرفون خزعبلات التضليل الإعلامي والفكري في إيران عبر التاريخ لا يجدون أي عجب في ذلك لأنه إذا عرف السبب بطل العجب، وقديما  استخدم التضليل نفسه فرعون ضد موسى وتستخدمه فئة المنافقين كقوة معارضة خفية ماكرة للتأثير على العوام والغوغاء لأن مثل هذه الفئة إنما تعيش على حساب من يصغي إليها فكيف إذا كانت شريكا حقيقيا في قتل وظلم الشعب السوري مع طغاة دمشق من منطلقات أيديولوجية ومصلحية لا من تأييد سياسي وجيه فحسب، وهكذا فلا غرابة في ذلك، لقد هال هؤلاء ومترجمهم أن يصرح الرئيس المصري بكل صدق ناعتا  النظام السوري بالظالم والقاتل لشعبه، داعيا ً إلى حقن دماء السوريين بفاعلية لا بكلام أجوف، ولكن حكام إيران لن يعجبهم ذلك فهم مع عصابة القتل والإجرام مهما فعلوا ويبررون فظائعهم بكل بجاحة ودون أي رحمة بشعبنا الذي يقاسي أعظم الويلات، لأن الجامع الوحيد لهم أن الضحايا إنما هم من السنة، ومهما زوقوا وتظاهروا بالحل المناسب كما يزعمون فإنما يصبّون في النهاية قولا  وعملا  وحالا  وتصرفا  في خانة اللانظام الطائفي الحاقد لأنه القوة الممانعة والضلع الأقوى ضد إسرائيل في زعمهم وهم يعرفون قبل غيرهم حقيقة حراسته لها وحراستها له وكذب هذا الادعاء المفضوح ولأن وقائع المستبدين متطابقة فقد غادر الوفد السوري قاعة المؤتمر وعلى رأسهم وزير الخارجية وليد المعلم على اعتبار أن كلام السيد مرسي خارج عن اللياقة السياسية، ويعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية السورية بل يحرض على سفك الدم السوري على حد تعبيره، وهكذا فإنه في زمان المصائب يصبح المعروف منكرا  والمنكر معروفا، أولئك هم شياطين الإنس الذين هم أخطر من شياطين الجن، قال مولانا عز وجل (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ، تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) (الشعراء: 221-222)، وهؤلاء من شرار الخلق كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه) وفي الحديث (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان). لا يكذب المرء إلا من مهانته أو عادة السوء أو من قلة الأدب.  والأدهى من ذلك أن يجيب بعض الإعلاميين في إيران بقولهم: إن ذكر البحرين بدل سورية من قبيل السهو أو تداعي الأفكار حيث إن المترجم يدور بباله وهو يترجم ما يحدث في البحرين للشيعة من مظالم كما يرونها ولكن يتناسون أنه لم يبدل كلمة فلسطين مثلا  بالبحرين وإنما سورية فقط! وهكذا يصعب عليهم الاعتذار حتى من رئيس أكبر دولة عربية لذا نهيب بالرئيس مرسي أن يطالبهم بالاعتذار، بل يهدد أنه لن يتحدث لإيران بعد ذلك، صحيح أن موقفه رائع في الذود عن الشعب السوري وثورته المباركة ولكن في لجمهم عن التزوير دفاع عن الحق كل الحق أيضا، ولقد أفلح عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما ذكرنا: لست بالخب ولا الخب يخدعني، وأفلح علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين قال: إياك ومصادقة الكذاب فإنه كالسراب يقرب إليك البعيد ويبعد عنك القريب. إن مشكلتنا في موقف إيران المذهبي لا السياسي خطيرة جدا، إذ إن حكامها ومرشديها مثل جنتي الذي قد دعا في إحدى خطب الجمعة إلى الجهاد المقدس ضد شعبنا السوري مدعياً أنه يكره آل البيت! مع أننا محبون لهم أكثر منه بكثير. إن دولة دموية تدعم أخرى دموية معها يجب أن يحجّم أمرهما من قبل المجتمع الدولي لأن في هذا خطرا على السلم والأمن الدوليين طالما أن القوم يتصرفون بالكذب والخداع والمكر مع أنهم يزعمون الوقوف إلى جانب المظلومين لا الظالمين كما هو مذهبهم على ما صرح به آية الله محمد السيد الأمين وهاني فحص للإعلام في لبنان والعالم ولكنه إذا بقيت التقيّة التي تعني كتمان الحق أمام المخالف لهم تمثل أهم أركان الدين عندهم، بل تسعة أعشاره، وهم يتواصون أن يخالطوا غير الشيعة ظاهرا ويخالفونهم باطنا إلى أن يظهر الإمام المنتظر فإننا أمام غش وتدليس يخدعنا ويضيع وقتنا معهم بلا فائدة تذكر، بل بضرر قد يصيبنا لسذاجة أو ضعف دراية وعندها يكون المطلوب إما الموقف الحازم بمقاطعتهم أو بكشف زورهم أنّى صدر، وإنه كما قال بزرجمهر: إذا لم يوثق بكلام الكذاب فقد بطلت حياته، أو كما قال التهامي: ثوب الرياء يشف عما تحته فإذا التحفت به فإنك عارِ.

487

| 02 سبتمبر 2012

سورية تحترق .. بين الأعداء و الأصدقاء !

تتسارع الأسئلة في المشهد السوري اليوم وتتلهف لإجابات صادقة شافية وتلح على القلوب والخواطر في كل مكان يضم مخلصين أحراراً مسلمين أو غير مسلمين حرصا ً وإشفاقا ً، أما ارتوى طغاة الشام من دماء شبابه وشيوخه ونسائه وأطفاله؟ أما كفاهم اعتقالا ً وتعذيبا ً لحماة الوطن الحقيقيين سواء الذين ضحوا بأنفسهم واستشهدوا من أجله في غياهب السجون أو الذين ما زالوا يصرون وهم في القيود أن يظلوا أحياء بقلوبهم ومشاعرهم ليحيا الوطن بهم من جديد فصناعة الحياة الوطنية الحرة مبتغاهم قبل صناعة وإتقان فن الشهادة وهكذا حالهم وهم يقرعون أبواب الحرية بإحدى الحسنيين وينازلون الهولوكوست الطائفي لعصابة الغدر التي لم تعرف سوى عدالة الهمجيين ضد الشعب المظلوم، أما آن لهؤلاء الذين فاقوا اليهود بآلاف المرات في قسوتهم وهم يقصفون الأبرياء فيهرب آلاف المهاجرين نجاة بأنفسهم دون أي مقوم من مقومات الحياة ليذوقوا آلام التشرد ويعانوا عند المعابر الحدودية باتجاه تركيا والعراق والأردن ولبنان ما لا يخطر على بال بشر، أما آن لهم أن يرقوا لبلوى هؤلاء أم أن قلوبهم كما وصفها الشاعر أحمد شوقي أشد قساوة من الحجارة أو كما شبهها بدوي الجبل: رق الحديد وما رقوا لبلوانا، إن هؤلاء الذين يتساءلون بإلحاح هذه الأيام عن العنف غير المسبوق ضد الشعب المصابر وآثاره النفسية والعسكرية، بعضهم يعرف طبيعة هؤلاء الحاقدين والآخرون يتعجبون إذ لم يخطر ببالهم البتة أن يصل التوحش إلى هذه الدرجة البربرية ضد شعوبهم في حين أنهم أشد جبنا ً وهربا ً من الأرانب حيال العدو الصهيوني الذي يدعون كذبا ً وزورا ً أنهم يقاومونه ويحمون الوطن منه، هذا من جانب هؤلاء الأعداء المحليين، أما من جانب الذين ما زالوا أعداء لشعبنا البطل رغم كل ما فاق التصور في القمع والوحشية فإنهم وبلا ريب أعداء الإنسانية جمعاء حيث لم يتحرك لهم قلب ولا لسان ولا جفن أمام كل هذه المعاناة في النفوس والممتلكات وكأن أهل سورية ليسوا من مكونات هذا العالم الراقي اليوم بكل معنى الكلمة، ولا ريب أن حكام إيران والمتطرفين من حكام لبنان والعراق الطائفيين وحكام موسكو وبكين ومن يدور في فلكهم قد أثبتوا حقا ً أنهم شركاء لمافيا الإجرام واللصوصية في دمشق حيث لم يستشعروا أي معنى للإنسانية ولم يخجلوا مرة واحدة من استمرار وقاحتهم وقبحهم إذ يقفون في صف الجلادين القتلة من أكابر مجرمي الطغاة ضد الضحايا المدنيين، وأما من زعموا أنهم أصدقاء الشعب السوري ويريدون أن يكفكفوا دمعه ويضمدوا جراحه ويمنعوا ويخففوا مجازره، وخصوصا مجزرة داريا الرهيبة بريف دمشق حيث ارتفع إلى الله أكثر من 400 شهيد أول أمس، فالذي ظهر واقعيا ً ويظهر مستمرا ً أن الكثرة الكاثرة منهم لا تعير القضية السورية اهتماما ً ذا بال وأن مواقفهم ما هي إلا مجرد كلام في كلام يجرح أهلنا ويقتلهم نفسيا ً وفعليا ً حيث لا مشاركة ولا عوناً حقيقيا ً بأسلحة نوعية للثوار والجيش الحر ولا حماية للمدنيين في الداخل، بل ولا تدخل إنساني سريع للتخفيف عن معاناة المشردين على أبواب المعابر أو في إنشاء مخيمات جديدة فيها أدنى اعتبار للبشر خصوصا النساء والأطفال إن في تركيا أو الأردن أو لبنان أو العراق، وما ندري ما هذه التصريحات الباهتة المكررة من أوباما وكلينتون وأردوغان وداوود أوغلو وغيرهم عن اقتراب سقوط النظام دون أن يشعر الشعب في الداخل والمهجرون بأي دلائل حقيقية على ذلك، بالله عليكم أنتم ومن لف لفكم من البارعين في التخدير حتى لو حسنت نياتكم بيعونا صمتكم أو فكونوا كالذين يشاركون الجزار بشار في العون على الباطل بكل فاعلية فنحن سنبقى أبطالا ً صامدين ولن يركع أحد منا اليوم لهذا الجزار وشركائه وسنواصل المعركة في دمشق وحلب وكل سورية وسنفرض واقعنا على الأرض أمام هذا الصمت المخزي للمجتمع الدولي وضميره الميت ولن يخدعنا من يحب التسكين بالصبر الذميم والتخدير الكبير أو الصغير، وسيسقط اللاعبون في الحلبة مهما بلغوا إن شاء الله عاجلا ً أو آجلا ً أمام جبال التحدي التي تهزأ بالمستحيل حتى ترى وطنها كما تحبه وتهواه إما في نصر رائع أو شهادة رائعة لتعود بدمها وعرقها دولة القانون لا دولة الأشخاص وإن أصحاب الواجب مهما بذلوا في سبيل الله والوطن فلن يضيعوا أبداً  بإذن الله.

349

| 27 أغسطس 2012

هل سيخلص الأخضر الإبراهيمي .. ويعينه الكبار؟

هل إذا رحبت دول العالم ذات الصلة بالقضية السورية اليوم بما فيها سورية بتعيين بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي مبعوثا دوليا خلفا لكوفي عنان المستقيل يعد كافيا للسير باطمئنان لحل لغز المأساة الملهاة التي ما زال الشعب السوري المصابر يتعرض لها بكل مرارة ودون أن يستيقظ الضمير العالمي على حال يمكن أن يعتبر فيها مسؤولا حقا عن صيانة حقوق الإنسان في سورية فيتدخل عمليا وبكل شفافية لحماية بلد عضو في المجموعة والأسرة الدولية دون التمترس خلف المصالح والمنافع التي باتت مكشوفة النوايا على حساب الدماء الزكية التي تجري دون انقطاع في أي لحظة ولا حتى في الأوقات المقدسة دينيا وعرفيا كرمضان بل ليلة القدر وأيام العيد، ويكفي أنه استشهد في رمضان أكثر من 5000 آلاف شخص وفي أول يوم العيد أسرع الناس لشراء الأكفان بدل الثياب الجديدة لأطفالهم وبدل أخذ الحلوى أخذوا يبحثون عن أكياس الدم حيث استشهد أكثر من 140 شهيداً! هكذا وكأن العالم كله لا يدرك مدى قدسية هذا الزمن ويسمح بشكل أو بآخر للانظام السوري أن يستمر في قتل شعبه ودون مراعاة حتى الوصول إلى هدنة مؤقتة ليلتقط هذا الشعب شيئا من أنفاسه أو ليرتب بعض أوجاعه الإنسانية أو ليستغلها حتى للهروب إلى البلاد المجاورة خوفا من المجازر التي زرعت الخوف والهلع عند الجميع، إن هذا المجتمع الدولي يعرف تماما أنه لو توصل مع حكام دمشق الطغاة إلى مثل هذه الهدنة المؤقتة وتوقف العنف والقتل فإن هؤلاء سيزولون بأقصى سرعة لأن ملايين السوريين سيخرجون لو توقف القتل بمظاهرات ضد هذه العصابة المجرمة حتى تسقطها تماما، ولكن لأن خيوط المؤامرة لابد أن تحبك تماما للحفاظ على أمن إسرائيل وحكومة دمشق ما هي إلا أداة لذلك فإنها لن تفعل شيئا ذا بال لإيقاف هذا القمع الوحشي ضد الشعب، وكأنها تعلن: ليذهب الشعب السوري إلى الجحيم، والذي يدل على ذلك أن القتل قد تفاقم والمجازر قد استفحلت حتى بوجود كوفي عنان الموفد الدولي السابق ومراقبيه الدوليين إلى أن استقال مصرحا بأن المجتمع الدولي لم يقف معه بقوة ولم تمارس الضغوط وسحب الأسلحة الثقيلة وضمان التظاهر السلمي إلى غير ذلك من البنود الستة التي اعتمدت في خطة عنان ولكنها بقيت طول مدة متابعته حبرا على ورق. ولعل الطفل الصغير بات يدرك أنه ما لم يتمتع المجتمع الدولي ومجلس الأمن فيه بإرادة حقيقية لحل القضية فإنها ستبقى مراوحة مكانها وسيظل الشعب وحده هو الضحية التي لا مدافع عنها وهنا يحق لنا أن نتساءل ما الذي سيحقق الأخضر الإبراهيمي كموفد جديد لمعالجة الأزمة إذا لم يمنح الصلاحيات المؤثرة على وضع النقاط على الحروف وتسمية الأشياء بمسمياتها دون مراوغة ولا مخاتلة ولا لعب على الحبال، بل بدبلوماسية تظهر الموقف الجريء التاريخي حيال الجلاد والضحية لينسجم العمل بين هذا الموفد والأطراف الدولية التي رحبت بقبوله مبعوثا متحركا متحرقا لحلحلة وتفكيك طلاسم هذه المعضلة المعقدة بما يتمتع به من حنكة وتجارب سابقة في أوضاع مماثلة في العالم كما يقولون لقد أكد بان كي مون أنه لابد للمجتمع الدولي أن يقدم الدعم القوي الواضح والموحد للإبراهيمي تسهيلا ً لمهمته وإنجاحها، ولكن أليس كي مون قد تحدث مثل ذلك كثيرا قبل وأثناء تسلم كوفي عنان للمهمة نفسها ثم ماذا كانت النتيجة، إن الإرادة والإدارة للحل مفقودتان لدى أصحاب القرار إما لأن نفوذهم سوف يتأثر سلبيا أو لأن البديل غير مناسب لهم كما صرحت روسيا وإيران وكما يبدو من مواقف الغرب وعلى رأسه أمريكا التي باتت كما كانت ألعوبة وأضحوكة بيد إسرائيل تفعل بها ما تشاء وما قول هيلاري كلينتون موجهة كلامها مؤخرا ً للسوريين: لستم وحدكم إلا ذراً للرماد في العيون فلا هي ولا أصدقاء سورية كلهم يفعلون شيئا مهما لإنقاذ الشعب الذبيح ولم يعينوا حتى الآن في ترتيب مناطق عازلة لحماية المدنيين ولا بالتحرك لمباشرة حظر جوي صونا للناس وممتلكاتهم من القتل والدمار علما بأن مسلسل الإجرام يجري عداده بكل قوة من قبل العصابة في دمشق وتعززه إيران وروسيا والصين والعراق بسائر التدخلات المباشرة ماديا وتقنيا دون أن يوقف أحد هؤلاء عند حدودهم حتى أصبحت سورية محمية من محمياتهم بوجه ظاهر مبين ولذلك فإنه لن يجدي أن يقبل الإبراهيمي هذا التكليف وهو ما زال غير واثق ومتشككا حيال وضع حد وحيازة فرصة لإنهاء النزاع ولا يمكن لغير الواثق أن يقود الآخرين ويلهمهم الثقة كما يقول هوراس أي سيصب على الشعب السوري داء القلق ويشعره أن القتل فيه سيزداد، ولا يكفي أن يصرح الإبراهيمي إثر إسناد المهمة إليه أنه لا أزمة بلا أمل لأن التفاؤل أمام وضع ميؤوس منه سيكون في غير محله، طبعا نحن لا ندعو إلى التشاؤم ولكننا نريد من الإبراهيمي أن يدرك حقيقة الصراع في سورية وأنه طائفي بامتياز من قبل العصابة الأسدية التي تأسست على هذا المحور في حكمها منذ أكثر من أربعين سنة، بحيث إنه بات مسلّماً لدى الشعب أنه لن تتحرك الأزمة قيد شعرة للحل دون تنحي بشار الطائفي، ولعل الإبراهيمي يكون حكيما فيدرك أن من أهم المهمات تنحي الأسد وأركانه عن القيادة والانتقال المدروس للسلطة ليذهب الاحتقان من الشعب، وإلا فإنه سيعيد سيرة عنان ولن تحل الأزمة أبداً تحقيقا لرغبة الشعب الثائر في سورية، إننا لا نريد لبننة المشهد السوري، ومن المعروف كيف تدخل الإبراهيمي للتسوية الفاشلة في لبنان أواخر الثمانينيات لإنهاء الحرب الأهلية باتفاق الطائف كما أننا لا نريد عرقنة المشهد السوري ولا أفغنته ولا صوملته بل إيقاف الإبادة الجماعية ومحاكمة المجرمين ونرى أن يكون الإبراهيمي في المشهد اليوم عارفا بأن بشار الجزار مفلس حقيقي وهذا شأن من يعمل على إذكاء الحريق لا إطفائه وخصوصا بعد ما جنّ إذ انفلتت منه كثير من مقاليد حكم البلاد كما يشتهي كما أن الإبراهيمي الذي كانت بيده مهمة إنهاء النزاع في هايتي وجنوب إفريقيا وصولا إلى أفغانستان والعراق يجب أن يكون رجلا جريئا في تعاطيه مع أصحاب القرار منذ البداية وإلا فليحاول قليلا فإذا ساءت البداية ساءت النهاية وليستقل كما استقال عنان أشرف له من محاكمة التاريخ والضمير. ولئن كان الإبراهيمي متمرسا بعلاقاته الوطيدة ومناصبه في الأمم المتحدة من جهة وكذلك في الجامعة العربية على مدى سنين فليستغلها لصالح الشعب المظلوم لا لتمكين الحاكم الظالم وإلا فوجوده كعدمه بل سيجر علينا مصائب عظيمة في إضاعة الوقت وإعمال المذابح دون جدوى وإن الإبراهيمي الذي هو عضو في لجنة الحكماء التي تعتبر مجموعة مستقلة من زعماء العالم تأسست منذ عام 2007 لصيانة حقوق الإنسان وقد كان زار سورية وغزة ومصر والأردن عام 2010 في مهمة من لجنة الحكماء للنهوض بالسلام في الشرق الأوسط عليه اليوم وهو منذ اندلاع الثورة في سورية لم نسمع منه كلمة حكيمة في المشهد أن يقولها صريحة بأنني موفد دبلوماسي وحكيم لا يمكن أن أضع يدي في يد القاتل وأكون ضد المقتول إننا نعتقد أنه لو تحرك في هذا الإطار فإنه سينجح ويرضي ضميره وإلا فإن الشعب السوري وأحرار العالم لن يغفروا له أي جنوح عن الحق باسم الدبلوماسية الذكية.

436

| 20 أغسطس 2012

alsharq
السفر في منتصف العام الدراسي... قرار عائلي أم مخاطرة تعليمية

في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة...

1926

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
الانتماء والولاء للوطن

في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن...

1131

| 22 ديسمبر 2025

alsharq
الملاعب تشتعل عربياً

تستضيف المملكة المغربية نهائيات كأس الأمم الإفريقية في...

1056

| 26 ديسمبر 2025

alsharq
بكم تحلو.. وبتوجهاتكم تزدهر.. وبتوجيهاتكم تنتصر

-قطر نظمت فأبدعت.. واستضافت فأبهرت - «كأس العرب»...

813

| 25 ديسمبر 2025

alsharq
محكمة الاستثمار تنتصر للعدالة بمواجهة الشروط الجاهزة

أرست محكمة الاستثمار والتجارة مبدأ جديدا بشأن العدالة...

798

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
التاريخ منطلقٌ وليس مهجعًا

«فنّ التّأريخ فنّ عزيز المذهب جمّ الفوائد شريف...

717

| 21 ديسمبر 2025

alsharq
لماذا قطر؟

لماذا تقاعست دول عربية وإسلامية عن إنجاز مثل...

663

| 24 ديسمبر 2025

alsharq
مشــروع أمـــة تنهــض بــه دولــة

-قطر تضيء شعلة اللغة العربيةلتنير مستقبل الأجيال -معجم...

624

| 23 ديسمبر 2025

alsharq
قمة جماهيرية منتظرة

حين تُذكر قمم الكرة القطرية، يتقدّم اسم العربي...

552

| 28 ديسمبر 2025

alsharq
احتفالات باليوم الوطني القطري

انتهت الاحتفالات الرسمية باليوم الوطني بحفل عسكري رمزي...

549

| 23 ديسمبر 2025

alsharq
معجم الدوحة التاريخي للغة العربية… مشروع لغوي قطري يضيء دروب اللغة والهوية

منذ القدم، شكّلت اللغة العربية روح الحضارة العربية...

522

| 26 ديسمبر 2025

alsharq
التحول الرقمي عامل رئيسي للتنمية والازدهار

في عالم اليوم، يعد التحول الرقمي أحد المحاور...

498

| 23 ديسمبر 2025

أخبار محلية