رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كم هي الأسئلة الواضحة في هذا العصر الذي نزعم أنه عصر الرقي الحضاري والتقدم الفكري والارتقاء الأخلاقي وعصر السلام وصيانة حقوق الإنسان، حيث يتبين لنا الفرق الشاسع بين القول والفعل وبين الحقيقة والدعوى دون بينات على حد قول الشاعر:
والدعاوى ما لم تقيموا عليها
بينات أبناؤها أدعياء
ولعل المشهد السوري بكل تناقضاته خير دليل على ما نقول اليوم، فعلى الصعيد المحلي الوطني الحكومي كم نسمع كلاما دون أي تحقيق لمقتضاه كمن يسمع جعجعة ولا يرى طحنا وما من خطاب تفوه به بشار الأسد رغم طول الحديث الممل ونفذ منه شيئاً يمكن أن يخفف من التوتر الذي خلقه هو ونظامه بل كان العكس بأن يتفاقم الاحتجاج كثيراً بعده وقس على ذلك كل قول أو تحرك تقوم به حكومة الأسد لأنها نسخة من طبعته المزورة. وعلى الصعيد العربي والإقليمي فإننا لم نلمس أي جدية تذكر في التعاطي مع هذا النظام الإجرامي الحاقد الطائفي المراوغ بل إن كل التحركات التي نشأت ومازال بعضها يقوم على استحياء لم يوقف بوجه عملي مأساة القتل والمجزرة المستمرة التي فاقت كل تصور بشناعتها وبشاعتها وفظاعتها، إضافة إلى السجن والاختطاف والاعتداء على الشيوخ والأطفال والنساء والتهجير القسري للسكان داخل البلاد وخارجها بعدد زاد على المليونين، إضافة إلى منع صوت الحرية ورش المتظاهرين بالأسلحة الخفيفة والثقيلة وهكذا ذهبت وتذهب أقوال وقرارات الجامعة العربية هباء، حيث تفرغ من مضمونها ولا يبقى إلا بعض الدول التي مازالت تدأب بإخلاص للوصول بالشعب السوري إلى بعض أهدافه دعما ومساندة كالسعودية وقطر والكويت ومع ذلك فتحركاتها لم تصل إلى الخطوات الكافية، فالكارثة جسيمة ولابد من الاستدراك وإدراك ضرورة الاستعجال بإغاثة الثوار الذين يدافعون عن العروبة والإسلام والحق المنشود من أي طيف ويقفون جسورا أمام المد الشعوبي المعادي لتراثنا العظيم وحضارتنا المتألقة.
أما على الصعيد الدولي فمنذ الفيتو المزدوج من روسيا والصين وتداخل التناقضات وسباق المصالح واستعمال النفاق السياسي في مجلس الأمن ناهيك عما يتم من صفقات سرية بين تلك الدول تظهر بالعلامات والقرائن والحقائق أن الغرب والشرق متفقان على إطالة الأزمة السورية وأنه لا قيمة للدماء الطاهرة أمام ما يجري بين تلك الدول في سوق المنافع وأن التصريحات التي كررها أوباما أو ساركوزي أو وزراء خارجية الدول الأوروبية لصالح الشعب السوري وإجراء العقوبات ضد النظام، بل واجتماع أصدقاء سورية بهذه الكثافة من الدول لم تجد نفعا للضحية الذي مازال عداد الموت شغالا ضده من قبل الجلاد الظالم، ونكرر بكل سخرية إن هذا ما يحدث في زمن الادعاء بالحفاظ على حقوق الإنسان وزمن الديمقراطية، وعند البحث عن الحقيقة ومرمى ومغزى التحرك يظهر التسيب في الموقف والكل ينسى ما قاله في الليل، حيث يمحوه النهار، ولكن لإحكام الحيلة والضحك علينا نحن العرب والمسلمين جاؤونا بخطة مبادرة عنان التي وقفت خطأ منذ بداياتها عندما صرح عنان بأن النظام مخطئ وكذا المعارضة لأن كليهما قد استخدم العنف حيث لم يفرق بين المجرم والمدافع عن حقه ضد الجلاد وحلفائه كروسيا والصين وإيران وحزب الله وعراق المالكي الذين يزودون هذا المجرم بالأسلحة الفتاكة فأين وجه المقارنة؟
ولذا نقول إن عنان سيعود خائبا وقد أخفقت خطته حيث لم ينفذ من نقاطها الست شيء فأين إيقاف العنف وأين سحب الأسلحة الثقيلة من المدن والأحياء وأين حق التظاهر السلمي وأين الإفراج عن المعتقلين وأين حرية الإعلام وأين السماح بالمعونات الإنسانية وإدخالها إلى سورية وأين وأين، وهكذا تورد الإبل يا عنان بل يا أيها المجتمع الدولي الغربي الذي كلف عنان بذلك تغطية على فشله أن يعمل شيئاً حقيقياً للشعب السوري أو عمل هذا بخطة المؤامرة لإضعاف سورية كاملا والانقضاض عليها بعد ذلك لتقاسم ما يمكن من أي حصة معنوية بسبب الموقع والمميزات أو مادية تخص أي دولة، ثم إن هذا كله في جانب وأما في الجانب الآخر فالتوافق الدولي العلني والسري وقد دلت عليه عشرات الدلائل لإرضاء إسرائيل بإبقاء النظام السوري وبشار وعصابته فهم خير حافظ لأمنها من أي بديل يأتي بعد ذلك سواء كان إسلاميا أو علمانيا، وهكذا فالمحصلة نفاق دولي وتآمر بات مكشوفا وذلك باعطاء الفرصة تلو الفرصة لهذا النظام الخائب كي يستمر لأنهم لن يروا أكثر منه وفاء لهم من حيث الحقيقة والنتيجة أما الشعارات والمظاهر فدعك منها فقد كشفت جميع الأقنعة وذاب الثلج وبان المرج، ولا شك أبدا أن ما يقدمه النظام السوري والعصابة المتآمرة على الوطن قد بات هو المرجح والرابح في الحلبة وأن الدم السوري الثائر إنما أريد ويراد له أن يبقى أكثر رخصا من الماء لأنه ليس الدم المتآمر من جهة وليس دم بني صهيون ومن يدعمهم شرقا وغربا.
ولذا فإن كوفي عنان هو الناطق الرسمي باسم المتآمرين من حيث النهاية وهل ننسى صمته المطبق إزاء ادعاءات التحالف الأمريكي البريطاني بوجود أسلحة دمار شامل في العراق وهو يعلم خلاف ذلك مما جعل العراق لقمة سائغة للغزاة ثم عمله لإقرار اتفاق عام 1996 بين العراق والأمم المتحدة لتنفيذ عملية النفط مقابل الغذاء، فالتهمت الشركات الكبرى نفط العراق.. ولا ننسى عمله مبعوثا خاصا لدى منظمة حلف شمال الأطلسي عقب توقيع اتفاق دايتون للسلام في البوسنة والهرسك عام 1995 حين بدا لدول الغرب تفوق كفة المسلمين في الحرب.
ولا شك أن مبادرة عنان اليوم وقد باركتها روسيا والصين وإيران هي داخلة بشكل أو بآخر في التسويفات وكسب الوقت لمزيد من قتل أهل السنة في سورية خصوصا ومع ذلك فقد أحسنا الظن سياسة وقلنا ربما نقبل بخطبته ولكننا اليوم في مقام التقويم وإذ نسمع المتحدث باسم عنان أن الخطة قائمة على المسار نقول: لا فقد ساوت بين الضحية والجلاد وتعاظم العنف والتفجير والقلق والهدم والحرق والاعتداء براً وجواً على الناس العزل بشهادة الأقمار الصناعية والمخلصين من المراقبين وهل يعقل أنه منذ أكثر من شهر لم يصل منهم إلا خمسون والبقية للثلاثمائة بعد أكثر من شهر ونصف الشهر في حين أرسل آلاف المراقبين في نزاع كوسوفا مع صربيا.
وهكذا فعلى الصعيد الدولي قول بلا فعل وتزوير والتفاف وعمل بالدم قراطية وليس بالديمقراطية كما يدعون، ولعل ما يوضح ذلك ما صرح به مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق ديفيد ماك السبت الماضي في حلقة للجزيرة بعد العاشرة ليلا مع المذيعة ليلى الشيخلي حيث ذكر ماك أن على المعارضة كذلك أن تعطي ضمانات للحفاظ على الأقلية العلوية والدرزية والمسيحيين جاهلا أو متجاهلا أن سورية في جميع عهودها لم يؤذ السنة فيها أياً من الأقليات وأن رئيس وزرائها كان الدكتور فارس الخوري وهو مسيحي وقد أسلم قبل موته وأن الجميع كانوا ومازالوا يتعايشون بسلام إلا هذا الحكم الطائفي البغيض منذ حافظ الأسد الذي ولغ في السنة ظلما أقول له هذا ما يتوافق مع تصريح لافروف وزير الخارجية الروسي حين تخوف من صعود الإسلاميين في سورية المستقبل ثم صرح بخوفه من صعود السنة مع أنهم هم الأكثرية التي مازالت تذوق أصناف العذاب وهذا ما يتطلب مقالا خاصا لنقد هذه الديمقراطية التي يدعونها زورا وبهتانا دون خجل.
معجم الدوحة للغة العربية وسام على صدر قطر
جميع العرب يعرفون مدى اهتمام دولة قطر منذ عقود بكل ما يعزز ثقافتها العربية الإسلامية وهي الدولة الفتية... اقرأ المزيد
66
| 26 ديسمبر 2025
سنة جديدة بقلب قديم!
لسنا بحاجة إلى سنة جديدة بقدر حاجتنا إلى سنة «مستعملة»، سنة من ذاك الزمن الجميل، حين كانت القيم... اقرأ المزيد
39
| 26 ديسمبر 2025
قطرنا الغالية قلب وروح العرب
قطرنا الحبيبة الغالية بلد الأمن والأمان لؤلؤة العرب وكعبة المضيوم كل عام وقطرنا الحبيبة فى أمان ومن عز... اقرأ المزيد
36
| 26 ديسمبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في منتصف العام الدراسي، تأتي الإجازات القصيرة كاستراحة ضرورية للطلبة والأسر، لكنها في الوقت ذاته تُعد محطة حساسة تتطلب قدراً عالياً من الوعي في كيفية التعامل معها. فهذه الإجازات، على قِصر مدتها، قد تكون عاملاً مساعداً على تجديد النشاط الذهني والنفسي، وقد تتحول إن أُسيء استغلالها إلى سبب مباشر في تراجع التحصيل الدراسي وصعوبة العودة إلى النسق التعليمي المعتاد. من الطبيعي أن يشعر الأبناء برغبة في كسر الروتين المدرسي، وأن يطالبوا بالسفر والتغيير، غير أن الانصياع التام لهذه الرغبات دون النظر إلى طبيعة المرحلة الدراسية وتوقيتها يحمل في طياته مخاطر تربوية لا يمكن تجاهلها. فالسفر إلى دول تختلف بيئتها ومناخها وثقافتها عن بيئتنا، وفي وقت قصير ومزدحم دراسياً، يؤدي غالباً إلى انفصال ذهني كامل عن أجواء الدراسة، ويضع الطالب في حالة من التشتت يصعب تجاوزها سريعاً عند العودة. توقيت الإجازة وأثره المباشر على المسار الدراسي التجربة التربوية تؤكد أن الطالب بعد الإجازات القصيرة التي تتخلل العام الدراسي يحتاج إلى قدر من الاستقرار والروتين، لا إلى مزيد من التنقل والإرهاق الجسدي والذهني. فالسفر، مهما بدا ممتعاً، يفرض تغييرات في مواعيد النوم والاستيقاظ، ويُربك النظام الغذائي، ويُضعف الالتزام بالواجبات والمتابعة الدراسية، وهو ما ينعكس لاحقاً على مستوى التركيز داخل الصف، ويجعل العودة إلى الإيقاع المدرسي عملية بطيئة ومجهدة. وتكمن الخطورة الحقيقية في أن هذه الإجازات لا تمنح الطالب الوقت الكافي للتكيّف مرتين: مرة مع السفر، ومرة أخرى مع العودة إلى المدرسة. فيضيع جزء غير يسير من زمن الفصل الدراسي في محاولة استعادة النشاط الذهني والانخراط مجدداً في الدروس، وهو زمن ثمين كان الأولى الحفاظ عليه، خصوصاً في المراحل التي تكثر فيها الاختبارات والتقييمات. قطر وجهة سياحية غنية تناسب الإجازات القصيرة في المقابل، تمتلك دولة قطر بيئة مثالية لاستثمار هذه الإجازات القصيرة بشكل متوازن وذكي، فالأجواء الجميلة خلال معظم فترات العام، وتنوع الوجهات السياحية والترفيهية، من حدائق ومتنزهات وشواطئ ومراكز ثقافية وتراثية، تمنح الأسر خيارات واسعة لقضاء أوقات ممتعة دون الحاجة إلى مغادرة البلاد. وهي خيارات تحقق الترفيه المطلوب، وتُشعر الأبناء بالتجديد، دون أن تخلّ باستقرارهم النفسي والتعليمي. كما أن قضاء الإجازة داخل الوطن يتيح للأسرة المحافظة على جزء من الروتين اليومي، ويمنح الأبناء فرصة للعودة السلسة إلى مدارسهم دون صدمة التغيير المفاجئ. ويمكن للأسر أن توظف هذه الفترة في أنشطة خفيفة تعزز مهارات الأبناء، مثل القراءة، والرياضة، والأنشطة الثقافية، وزيارات الأماكن التعليمية والتراثية، بما يحقق فائدة مزدوجة: متعة الإجازة واستمرارية التحصيل. ترشيد الإنفاق خلال العام الدراسي ومن زاوية أخرى، فإن ترشيد الإنفاق خلال هذه الإجازات القصيرة يمثل بُعداً مهماً لا يقل أهمية عن البعد التربوي. فالسفر المتكرر خلال العام الدراسي يستهلك جزءاً كبيراً من ميزانية الأسرة، بينما يمكن ادخار هذه المبالغ وتوجيهها إلى إجازة صيفية طويلة، حيث يكون الطالب قد أنهى عامه الدراسي، وتصبح متطلبات الاسترخاء والسفر مبررة ومفيدة نفسياً وتعليمياً. الإجازة الصيفية، بطولها واتساع وقتها، هي الفرصة الأنسب للسفر البعيد، والتعرف على ثقافات جديدة، وخوض تجارب مختلفة دون ضغط دراسي أو التزامات تعليمية. حينها يستطيع الأبناء الاستمتاع بالسفر بكامل طاقتهم، وتعود الأسرة بذكريات جميلة دون القلق من تأثير ذلك على الأداء المدرسي. دور الأسرة في تحقيق التوازن بين الراحة والانضباط في المحصلة، ليست المشكلة في الإجازة ذاتها، بل في كيفية إدارتها، فالإجازات التي تقع في منتصف العام الدراسي ينبغي أن تُفهم على أنها استراحة قصيرة لإعادة الشحن، لا قطيعة مع المسار التعليمي. ودور الأسرة هنا محوري في تحقيق هذا التوازن، من خلال توجيه الأبناء، وضبط رغباتهم، واتخاذ قرارات واعية تضع مصلحة الطالب التعليمية في المقام الأول، دون حرمانه من حقه في الترفيه والاستمتاع. كسرة أخيرة إن حسن استثمار هذه الإجازات يعكس نضجاً تربوياً، ووعياً بأن النجاح الدراسي لا يُبنى فقط داخل الصفوف، بل يبدأ من البيت، ومن قرارات تبدو بسيطة، لكنها تصنع فارقاً كبيراً في مستقبل الأبناء.
1632
| 24 ديسمبر 2025
في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن عشر من ديسمبر، تتجدد في القلوب مشاعر الفخر والولاء والانتماء لدولة قطر، ونستحضر مسيرة وطنٍ بُني على القيم، والعدل، والإنسان، وكان ولا يزال نموذجًا في احتضان أبنائه جميعًا دون استثناء. فالولاء للوطن ليس شعارًا يُرفع، بل ممارسة يومية ومسؤولية نغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر، ليكبروا وهم يشعرون بأن هذا الوطن لهم، وهم له. ويأتي الحديث عن أبنائنا من ذوي الإعاقة تأكيدًا على أنهم جزء أصيل من نسيج المجتمع القطري، لهم الحق الكامل في أن يعيشوا الهوية الوطنية ويفتخروا بانتمائهم، ويشاركوا في بناء وطنهم، كلٌ حسب قدراته وإمكاناته. فالوطن القوي هو الذي يؤمن بأن الاختلاف قوة، وأن التنوع ثراء، وأن الكرامة الإنسانية حق للجميع. إن تنمية الهوية الوطنية لدى الأبناء من ذوي الإعاقة تبدأ من الأسرة، حين نحدثهم عن الوطن بلغة بسيطة قريبة من قلوبهم، نعرّفهم بتاريخ قطر، برموزها، بقيمها، بعَلَمها، وبإنجازاتها، ونُشعرهم بأنهم شركاء في هذا المجد، لا متلقّين للرعاية فقط. فالكلمة الصادقة، والقدوة الحسنة، والاحتفال معهم بالمناسبات الوطنية، كلها أدوات تصنع الانتماء. كما تلعب المؤسسات التعليمية والمراكز المتخصصة دورًا محوريًا في تعزيز هذا الانتماء، من خلال أنشطة وطنية دامجة، ومناهج تراعي الفروق الفردية، وبرامج تُشعر الطفل من ذوي الإعاقة أنه حاضر، ومسموع، ومقدَّر. فالدمج الحقيقي لا يقتصر على الصفوف الدراسية، بل يمتد ليشمل الهوية، والمشاركة، والاحتفال بالوطن. ونحن في مركز الدوحة العالمي لذوي الإعاقة نحرص على تعزيز الهوية الوطنية لدى أبنائنا من ذوي الإعاقة من خلال احتفال وطني كبير نجسّد فيه معاني الانتماء والولاء بصورة عملية وقريبة من قلوبهم. حيث نُشرك أبناءنا في أجواء اليوم الوطني عبر ارتداء الزي القطري التقليدي، وتزيين المكان بأعلام دولة قطر، وتوزيع الأعلام والهدايا التذكارية، بما يعزز شعور الفخر والاعتزاز بالوطن. كما نُحيي رقصة العرضة القطرية (الرزيف) بطريقة تتناسب مع قدرات الأطفال، ونُعرّفهم بالموروث الشعبي من خلال تقديم المأكولات الشعبية القطرية، إلى جانب تنظيم مسابقات وأنشطة وطنية تفاعلية تشجّع المشاركة، وتنمّي روح الانتماء بأسلوب مرح وبسيط. ومن خلال هذه الفعاليات، نؤكد لأبنائنا أن الوطن يعيش في تفاصيلهم اليومية، وأن الاحتفال به ليس مجرد مناسبة، بل شعور يُزرع في القلب ويترجم إلى سلوك وهوية راسخة. ولا يمكن إغفال دور المجتمع والإعلام في تقديم صورة إيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، وإبراز نماذج ناجحة ومُلهمة منهم، مما يعزز شعورهم بالفخر بذواتهم وبوطنهم، ويكسر الصور النمطية، ويؤكد أن كل مواطن قادر على العطاء حين تتوفر له الفرصة. وفي اليوم الوطني المجيد، نؤكد أن الولاء للوطن مسؤولية مشتركة، وأن غرس الهوية الوطنية في نفوس أبنائنا من ذوي الإعاقة هو استثمار في مستقبل أكثر شمولًا وإنسانية. فهؤلاء الأبناء ليسوا على هامش الوطن، بل في قلبه، يحملون الحب ذاته، ويستحقون الفرص ذاتها، ويشاركون في مسيرته كلٌ بطريقته. حفظ الله قطر، قيادةً وشعبًا، وجعلها دائمًا وطنًا يحتضن جميع أبنائه… لكل القدرات، ولكل القلوب التي تنبض بحب الوطن كل عام وقطر بخير دام عزّها، ودام مجدها، ودام قائدها وشعبها فخرًا للأمة.
1113
| 22 ديسمبر 2025
«فنّ التّأريخ فنّ عزيز المذهب جمّ الفوائد شريف الغاية، إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم، والأنبياء في سيرهم، والملوك في دولهم وسياستهم، حتّى تتمّ فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدّين والدّنيا». يؤصل ابن خلدون في تاريخه بهذه العبارة، قاعدة بالغة الأهمية في دراسة التاريخ، مفادها أن استدعاء صفحات الماضي والنظر في التاريخ، لا يكون بغرض التسلية بحكايات الغابرين، ولا للانحباس في حالة انبهار بصفحات مجد تليد، إنما هو أداة لتغيير الحاضر والتهيئة لتحديات المستقبل. لكن أمتنا قد دبّ فيها داء الهروب إلى التاريخ، نعم نحن نهرب من مواجهة واقعنا باستدعاء التاريخ وأمجاده والاكتفاء بذلك، فهي حيلة نفسية نواري بها عجزنا عن مسايرة الغرب الذي أخذ بأسباب القوة والتقدم بينما توقفنا نحن عند حدود الماضي، وأسعد بلادنا حظًا من قطعت بضع خطوات في مجالات محددة، دون أن تكون هناك نهضة شاملة تجعلها على قدم المساواة مع وحوش العالم. نحن نعاني فوضى التفاخر بالماضي، أصبح المجد السابق هو بضاعتنا في التعريف بأنفسنا، مع أن التفاخر بالتاريخ لن يدفع عجلة الاقتصاد، ولن يحل المشكلات والأزمات الاجتماعية، ولن يسهم في التطور التقني والتكنولوجي، ولن يجعل القوى العسكرية في مصاف القوى الكبرى. ما فائدة أن يتراشق أهل كل بلد من بلدان الأمة بسالف أمرها، هذا يتفاخر على هذا بأن له حضارة عمرها كذا ألف سنة، وهذا يتفاخر على ذاك بأن أجداده هم من اخترعوا كذا، وأصبحت كلمة «كنا، وكنا» ديباجة في خطاب الشعوب. أجدادكم فعلوا، فماذا فعلتم أنتم؟ كان هذا ماضيكم فأين حاضركم؟ ليست المشكلة في أن تعتزّ الأمم بتاريخها، فالتاريخ هو الذاكرة الجماعية والرصيد الرمزي الذي يمنح الشعوب هويتها ومعناها، لكن المعضلة الكبرى التي تعانيها أمتنا تكمن في أنّها حبست نفسها داخل الماضي، واكتفت بالنظر إلى تاريخها المجيد نظرة تمجيد وتقديس، دون أن تحوّل هذا التاريخ إلى مصدر للعبرة، أو إلى جسر يعينها على فهم واقعها ومواجهة تحديات عصرها والعبور بثقة نحو المستقبل. لقد علّمنا التاريخ ذاته أن الحضارة لا تُورّث، وأن المجد لا يُستعاد بالتغنّي به، بل بالعمل وفق السنن التي أقامته أول مرة: العلم، والعمل، والهوية، فأسلافنا لم يتقدموا لأنهم عاشوا على أمجاد من سبقهم، بل لأنهم واجهوا واقعهم بشجاعة، وأبدعوا حلولًا تناسب زمانهم، واستثمروا معارف الأمم الأخرى. إنّ أخطر ما تواجهه أمتنا اليوم هو تحويل الماضي إلى بديل عن الحاضر، وإلى مبرر للعجز بدل أن يكون دافعًا للنهوض. فالعالم من حولنا يتغيّر بسرعة هائلة، تُقاس فيها قوة الأمم بقدرتها على الابتكار، وعلى استيعاب التحولات العلمية والتكنولوجية، بينما لا تزال كثير من مجتمعاتنا أسيرة النظر المجرد إلى الماضي انبهارًا واكتفاءً. التذكير بالماضي والأجداد العظام يفلح فحسب مع من يعتبر بذلك الماضي ويتخذ منه نبراسًا ويقتبس منه ما يضيء به الطريق نحو المستقبل المزهر، وهذا هو منهج القرآن الكريم، فهو يذكر بتاريخ الأمم السابقة التي هلكت رغم إغراقها في النعم وأوجه التقدم بسبب حيدتها عن طريق الله، يذكر بذلك من أجل الاتعاظ والاعتبار بأن القوة لابد وأن تُساس بالمنهج الإلهي. يذكرنا القرآن الكريم بالتاريخ المشرق والأجداد العظام حتى نسير سيرهم ونحذو حذوهم لا لنقف عند قول الشاعر: أولئك آبائي فجئني بمثلهم، إذا جمعتنا يا جرير المجامعُ. فالله تعالى يقول في سورة الإسراء: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}، وحولها يقول الإمام ابن كثير في تفسيره: «تقديره: يا ذرية من حملنا مع نوح. فيه تهييج وتنبيه على المنة، أي: يا سلالة من نجينا فحملنا مع نوح في السفينة، تشبهوا بأبيكم، {إنه كان عبدا شكورا}. فالقرآن هنا لم يذكر سلالة نوح بأبيهم ليتفاخروا به ويقفوا عند هذا التفاخر، بل من أجل التشبه به في خصاله وأفعاله وقيامه بشكر المُنعم على ما أنعم به من النعم. النظر إلى التاريخ لا يصلح أن يكون مهجعًا للاستغراق في النوم، وإنما هو منطلق لأن نستلهم من الماضي لإصلاح الحاضر والعبور المتزن الآمن إلى مستقبل مزهر.
690
| 21 ديسمبر 2025