رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

محمد يوسف صالح حسان

[email protected]

مساحة إعلانية

مقالات

348

محمد يوسف صالح حسان

سنة جديدة بقلب قديم!

26 ديسمبر 2025 , 12:40ص

لسنا بحاجة إلى سنة جديدة بقدر حاجتنا إلى سنة «مستعملة»، سنة من ذاك الزمن الجميل، حين كانت القيم أوضح، والنيات أنقى، والعلاقات أكثر صدقا. أيام كان الخير فطرة، والنصح مسؤولية، والكلمة ميزانا للأخلاق. حين كان آباؤنا وأمهاتنا يقولون: «هذا عيب، وهذا لا يصح»، لم يكن ذلك قسوة منهم، بل حرصا على السيرة والسمعة والخلق المستقيم.

نحن نشتاق إلى زمن كانت فيه الكلمة عهدا، والنية الطيبة جواز مرور بين القلوب، ولم تكن العقول فيه مثقلة بهواجس القلق. زمن البساطة، حيث الكلمة الطيبة عادة يومية، والجيرة سياج للأمان، والبيوت مفتوحة، والقلوب أرحب، والمائدة تجمع الناس على مودة وحديث هادئ.

وقد تجسدت بركة ذلك الشمل في هدي النبي ﷺ، فعن وحشي بن حرب، عن أبيه، عن جده: أن أصحاب النبي ﷺ قالوا: يا رسول الله، إنا نأكل ولا نشبع! قال: (فلعلكم تأكلون متفرقين؟) قالوا: نعم. قال: (فاجتمعوا على طعامكم، واذكروا اسم الله عليه، يبارك لكم فيه). (رواه أبو داود).

اليوم، ركضنا خلف الشكليات فابتعدنا عن جوهر الحياة. تواصلنا عبر الشاشات، وافتقرت أرواحنا إلى الدفء الإنساني. صارت منصات التواصل بديلا عن الحضور الحقيقي، وبحثنا عن السعادة في بريق المظاهر، بينما كانت تكمن دوما في التفاصيل الصغيرة. في لمة الأسرة، وفي الصحبة الصادقة، وفي العطاء الذي لا ينتظر مقابلا.

لسنا ضد الحداثة، لكننا نتوق إلى استعادة الروح. نحتاج إلى قلوب رحيمة، وضمائر يقظة، ووعود لا تخلف. نحتاج إلى «زمن جديد بقيم قديمة»، يجعل من الأخلاق هدفا، ومن العلاقات مسؤولية، ومن الإنسان قيمة لا مجرد رقم. وحين نتمنى «سنة جديدة»، فلنقصد سنة بقلب قديم، قلب يعرف قيمة الصمت، ويصون العهد، ويفرح بالبذل. فليست السنون هي التي تصنعنا، بل نحن من نصنعها بما نحمله من قيم، وما نغرسه من أثر، وما نتركه من سيرة طيبة. وبينما نقف على أعتاب عامنا الجديد 2026، يبدو الواقع أكثر قسوة وبرودة. لقد كان صيف العام الماضي حارا، لا بحرارة شمسه فحسب، بل بجفاف المشاعر أيضا، وكأن تلك الحرارة بخرت ما تبقى من صبر في النفوس، فضاقت الصدور، وانشغل كل بنفسه في سباق محموم نحو سراب «الأفضل» و«الأسرع».

إننا لا نحتاج إلى تقويم جديد يعلق على الجدران، بل إلى «ترميم» داخلي يعيد للبيت هيبته، وللجار مكانته، وللصداقة قدسيتها. ترميم يبدأ بكلمة حانية تقال وجها لوجه، وبيد تمتد لتمسح وجعا دون انتظار شكر. فليكن عامنا القادم محاولة جادة للعودة إلى الفطرة، إلى الخلق العظيم، حيث كان الرضا كنزا لا يفنى، وكانت مروءة المرء مقياس قيمته، لا رصيد حسابه. إنها دعوة لنحيا بعقول تدرك مقتضيات الحداثة، لكن بقلوب تنبض بوقار الآباء والأجداد.

أدركت الآن يا أخي لماذا ننشد سنة «مستعملة» برائحة الماضي؟ لأننا ببساطة تُهنا في زحام المظاهر، وكما قال الشاعر:

أسفي على زمن نزلت بأهله

فإذا هم نبت بلا أرواح

ما كل ما يلمع الذهب المراد به

فالنفس تشتاق للصدق الوضاح

نحن نشتاق لتلك الأيام لأنها كانت تعرف كيف تلم الشمل في طبق واحد، وكيف تجعل من الضحكة الصافية سكينة لكل عناء. نريدها لأن «العيب» فيها كان دستورا أخلاقيا، ولأن «الستر» كان ثقافة، و»الجيرة» كانت صلة رحم لا تنقطع.

اقرأ المزيد

alsharq هل تجرأت وقلت «الله»!

هل تجرأت وقلت «الله».. والإيمان! بهذا التساؤل التهكُمي يختم الإعلامي والناقد الأمريكي الساخر جيم بروير فيديو ينتقد فيه... اقرأ المزيد

42

| 31 ديسمبر 2025

alsharq وإنه لنصر لأبي عبيدة أو استشهاد

«مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا... اقرأ المزيد

51

| 31 ديسمبر 2025

alsharq على عتبة عام جديد.. أمل يتجدد

يفصلنا يوم واحد عن نهاية عام وبداية عام جديد، يوم في الوعي الإنساني كلحظة فاصلة، تشبه الوقوف عند... اقرأ المزيد

36

| 31 ديسمبر 2025

مساحة إعلانية