في وطني هناك كيانات إبداعية تلعب دورًا مؤثرًا في حياتنا، وهناك كيانات وإن وجدت وسجلت ذات يوم دورها في إطار الثقافة والإبداع تحولت إلى مجرد ذكرى. بمقدور مَنْ ألا يتحدث عن الدور البارز للمركز القطري للصحافة أو ما يشكل بحق رافدًا من روافد الحراك الإبداعي في وطننا الغالي. إن نادي الصحافة وعبر المواضيع والمضامين التي تلامس واقعنا المعاش تحرك عبر زملاء يعون ويدركون دورهم وعبر قيادة سعادة الأخ بو محمد يقود سفينة المركز من نجاح إلى نجاح حتى تحول الأمر إلى ملتقى أصحاب الفكر والفن والثقافة والإبداع. بل إن دور المركز لم يقتصر على تلك الأماسي بل إن الإسهام وبشكل أكثر من رائع في دعم الكتاب وهذا ولاشك قد ساهم في جذب المتلقي أسبوعيًا إلى المركز القطري للصحافة، بينما انطفأت جذوة الكيانات الأخرى والتي ساهمت ذات يوم في الحراك الإبداعي وكأنما تحولت إلى تلك المقولة الأزلية «حضارات سادت ثم بادت» ولكن السؤال لماذا؟ وكيف؟ هنا لابد وأن يعي ويدرك الآخر أين الخطأ؟! ويبحث عن الإجابة حول سقوط الكيان في هوة التلاشي.. إذًا كلمة أين كنا وأين أصبحنا ليست لغزًا محيرًا لأن أي إشكالية لابد من وجود الأسباب والمسببات، وأعتقد أن المثل المعروف «علتنا فينا» ينطبق على واقع الحال في ذلك الكيان. تحية لكل القائمين على المركز القطري للصحافة بقعة النور في حراكنا الثقافي والفني والرياضي.. نقطة التقاء أصحاب الإبداع من أبناء الوطن والمقيمين على ثراها. شكرًا للأخوة فردًا فردًا في نادي الصحافة على دورهم القيادي في خلق هذا الكيان عبر إيمانهم بدور وأهمية العمل بإخلاص وتفان دون الالتفات إلى المكتسبات الآنية والخاصة أو العمل من أجل إبراز الذات. تحية لمن يعمل من أجل وطني وإبراز ما يلامس دورها الفكري والفني عبر مضامين تحرك المياه الراكدة، ويحزّ في النفس لماذا تلاشى دور بعض الكيانات والمؤسف غياب السؤال.. لماذا؟ فالحياة في ديمومتها لم ترتبط بفرد وما أروع وأجمل الإيمان بالآخرين.. أهنئ الأعزاء في نادي الصحافة وهذا التنوع في تكليف أصحاب الشأن في إدارة الندوات وإعطاء كل ذي موهبة حقه الأدبي والفكري ونقول للكيان الذي ضاع في مهب الريح.. للفقيد الرحمة فقد كان.. وكان فعل ماضٍ ناقص. وسلامتكم..

أبو يوسف: أنت تحفظ الكثير من القصائد يا أبو محمد أما الأمثال فهي ملعبك الأميز ولا شك أنك تحفظ المواويل والزهيريات. أبو محمد: كثير من شعراء قطر والخليج ترنموا بالموال، خذ عندك شاعر قطر محمد بن عبد الوهاب الفيحاني مع أن قصائده في الحب يحفظها كل عاشق، لماذا؟ لأنه حب وتغربل وهذا الشيء، مع أنه كان شاعرا عفيف اللسان وإنسانا تقيا ورعا وشاعرا حكيما لكن الحب قدر الإنسان مثل قيس ولبنى وعباس ابن الأحنف وفوز ومجنون ليلى وروميو وجوليت. أبو يوسف: هذا الشيء نعرفه لكن أنت تحفظ له شيئا لأن فواز وعلي كلهم آذان صاغية أبو محمد: مات الوفا يا علي وين صحبته خلفوا سلهم على ملته من بالوفاء خلفوا ألفيت انا خلتي بعهودهم، خلفوا تمسكوا بالخيانة والغدر خلتهم ولا رع واحد راعيهم ولا خلهم شو شوري عليك انقبلت نصيحتي خلهم مات الوفا يا علي وال عصبته خلفوا فواز: الله عليك أبو محمد: استمع ما يستريح المولع من صروف النوى ولا يطيق التسلي لو بغاه نوى عند رب رشدة مقيسة ضيعه ساعة كو منتبه يا المسودن قامت الساعة لا تحسب أن الملأ عنك اعقلوا ساعة إن كان تاكل ترى غيرك يحسب النوى أبو يوسف: عندي سؤال: كيف قدرت أن تحفظ الشعر والنثر وحتى القصص السؤال كيف ذلك معنى ذلك أنك ما مارست أي هواية. أبو محمد: من قال لك أنا عندي هوايات، خذ عندك يا أبا يوسف مثلا السفر أنا أعشق السفر درته آسيا وأفريقيا وأوروبا ولكن لم أزر أمريكا الجنوبية مثلا. فواز: وهل حصلت لك حكايات؟ أبو محمد: أوه كثير وسأكتب هذه الحكايات واخترت لها عنوانا جذابا وهذا العنوان سر. فواز: أفا لا أصدق نحن أولادك احكي يا شهريار لأن كل حكاية منها العبر ودروس من صاحب تجربة لأن جيلنا مع الأسف لا يعرف كوعه من بوعه. أبو محمد في الحياة، لا بد أن يستفيد الإنسان من كل وقته بين العمل والسفر، وبين الأسرة والقرابة والقراءة. أبو يوسف: لكن نسيت الحب أبو محمد: أنا! أفا والله، من زود حبك حبيبي شوف حالي نحل ومن المفارق، وبعدك عهد صبري نحل ويا زين من وصلك إللي لو عطيتوا نحل وهم الذي في ضميري من غرامك ورا واصير الأول عقب ماني بعاجز ورا يا متلفي مير في، هذا الهوى ما ورا لا، والذي نزل الفرقان، ويا النحل أبو يوسف: صدقت يا أبو محمد زمانكم غير زماننا، نحن لا نعرف كوعنا من بوعنا، مهما حاولنا لأن مشاغلنا سرقتنا من الأدب والفن والفكر. أبو محمد: إيه، وهذا عذر الضعيف والعاجز يا ولدي الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.

منذ أيام احتفلت الإذاعات عبر العالم بيوم الإذاعة العالمي. ولم يكن الابن الغالي عبدالعزيز الجاسم المهندس الإذاعي من حفزني لاسترجاع ذكرياتي في الإذاعة ولكن من فعل ذلك كان الصديق حسن حاموش. وإذاعة قطر جزء هام من ذاكرتي حتى لو سقط اسمي من ذاكرة البعض. فما زلت أتذكر رحلة الحياة.. نعم، إن إذاعة قطر جزء من كينونتي وكينونة أصدقاء العمر. العزيز بوبدر محمد المعضادي ورفيق الحياة والدرب بو ناظم. وفيها تلقينا جميعا دروسا عبر الرعيل الأول في خلق صداقة مع الميكروفون والمستمع الكريم. إذاعة قطر ذاكرتنا الجمعية وتلك الصحبة الجميلة الرائعة، رفقاء مدّونا بالمعرفة. من ينسى عددا ممن رحلوا وساهموا في خلق وشائج مع المتلقي. كان للراحلين دور مميز: صلاح حنين، إحسان رمزي، سعاد حسن، عائشة حسن، ماهر الريس، ورفقاء من أبناء الوطن: حسن الماس، حسين جعفر، أمينة محمد ومن ثم جيل آخر خلقوا وشائج مع الأذن العربية: محمد إبراهيم السادة، عبدالعزيز محمد، محمد زينل، الدكتورة المبدعة إلهام بدر وعشرات الأسماء. ولابد أن أذكر عشاق الإذاعة الذين ارتبطوا بالإذاعة حتى خارج الدوام الرسمي: المرحوم عبدالرحمن المعضادي، فواز العجمي، علي بحر، فتحي ذيب، محي الحوت، منير يوسف. جيل يسلم القيادة لمن يأتي بعده. أعود إلى دور إذاعة قطر التي ساهمت في تقديم العديد من الإخوة عبر احتضانها لهم من أمثال: د. أحمد عبدالملك، د. عبدالله فرج، الإخوة صالح غريب، عبدالسلام جاد الله، د. مرزوق بشير، المرحوم أحمد أنور، عدنان الشريف، ليلى الأطرش، وغيرهم. ساهمت إذاعتنا في تقديم العديد من الأصوات منذ انطلاقها في 25/‏6/‏1968 وفي خلق نواة للأغنية القطرية. فدعمت مسيرة الملحن الكبير المرحوم عبدالعزيز ثامر، وحسن علي درويش ونجوم الغناء بدءًا بالقدامى مثل سالم فرج والريس خيري وجيل الشباب: إبراهيم علي، علي عبدالستار، فرج عبدالكريم، أماني العبدالله، فاطمة شداد، صقر صالح، ناصر صالح. والعديد العديد من المبدعين في كل نواحي الإبداع. إذاعة قطر جزء من ذاكرتي حتى وإن كان التكريم قد مرّ ولم يتوقف أمام اسمي. فإن هذه الإذاعة ذاكرتي والجزء الأكبر من كياني وكيان بو بدر وبوناظم وكيان المرحوم محمود الشاهد وهدى جاد، وفايز صياغ، وناريمان شوربجي، وعبدالرحمن محسن، ونزار عابدين، إسماعيل حرب.. و.. و..و..و.. كل عام وإذاعتنا في تقدم وألق.. وجذب للأذن العربية عبر مصداقية الطرح والتناول في كل الأمور.

ثارت ثائرته أبو محمد، لا شك ولأول مرة أراه محتدًّا، وهو يرد على نواف قائلا: «إن أضعف الكائنات هو الإنسان، هل شاهدت أسدا يصرخ من ألم في أنيابه؟ هل سمعت شكوى من شجرة في غابات الأمازون من الرعود أو البروق أو حتى الحرائق؟ هل سمعت شكوى سمكة الهامور من عنف السماك أو من الميدار؟! هل اشتكى خروف من سكين القصاب؟ ولكن أضعف الكائنات الكائن البشري؟ نعم تطلع إليَّ قائلا: «وأنت، ما رأيك؟». بلا شك إن النقاش جميل ومثمر مع أبو محمد أو كما يصفه صاحب المجلس أبو علي: إنه كنز معرفي وطاقة للعلم والمعرفة خاصة عند مناقشة أبو محمد مع حمد ذلك أن الثاني مقارنة بالأول لا يعرف كوعه من بوعه وانطلاقا من حماسه للفقرة مثار الجدل، قلت: «نعم، أضعف الكائنات الإنسان، فمنذ عشرة أيام أو أكثر، كان صديق عمري ورفيق دربي وأخي أبو ناظم طريح الفراش في أحد مستشفياتنا وهو في حالة، كما قيل في المثل: الصبر قد مل من الصبر، آلام يمر بها، وما زال وفي انتظار الفرج من رب العباد، أعتقد أن إيمان أخي بالله وبدور الأطباء هو ما جعله يحتمل المعاناة والألم ولذا، فهو يؤمن أن هذا قدرنا أن نصبر ونحتمل، وليس أمام الإنسان سوى الصبر والمؤمن مصاب. هنا تطلع أبو محمد إلى الجميع وقال: «ذات مرة، جرحت اصبعي وأنا أقطع اللحم، لأن أبو علي لا يأكل الكباب إلا من يدي، ولأنني متخصص في هذا وهذا عائد إلى تجاربي وسنوات خبرتي، وهذا الجرح آلمني كثيرا، ولكن صبرت على المعاناة وعندما علم محمد أبو علي بما جرى لإصبعي قال: جرحت يدي وسموني جريح الأيدي قلت: جرح اليد سهل ويسير، ولكن جرح القلوب والنفوس أمره خطير، وهكذا يا إخواني، أرى أن أضعف الكائنات هو الإنسان». رد نواف قائلا: «هو ذات الإنسان الذي يقتل أخاه بدم بارد ويبيد الإنسان والعمران ويشعل فتيل الحروب والدمار أليس كذلك؟!».

تشكل حركة النقد في قطر جزءًا من الحركة النقدية في منطقة الخليج العربي عمومًا، وسنلحظ أزمة حقيقية في النقد الأدبي في دولة قطر، فالباحث في الميدان النقدي سيجد فجوة قائمة بين الإبداع الأدبي والحركة النقدية، ولعل هذه الأزمة هي امتداد لأزمة أكبر تشهدها المنطقة العربية عمومًا، هي أزمة النقل والترجمة من الحقل النقدي الغربي. وتؤكد الناقدة نورة آل سعد في دراستها للشعر الحديث في قطر أن أغلب الدراسات والبحوث التي سعت لرصد الأعمال الأدبية ومقاربتها وتحليلها كانت تقوم «باجتزاء الشكل عن المضمون، وتحليله باستخدام مقاييس تقليدية تتقصى الاتجاهات الفنية، وترصد الأغراض الشعرية، وقلّ أن توفرت لناقد رؤية منهجية حفرية في ملامح الإنتاج الشعري، وقلّ أن توفر إنتاج شعري إبداعي متفرّد في تجربته»، فتجد قلة في الدراسات النقدية الجادة التي تحاول قراءة الأعمال الإبداعية وتفكيكها ومقاربتها بدقة وموضوعية، من خلال استخدام أدوات ومعايير نقدية من شأنها أن تساعد على استنطاق النصوص الإبداعية، فتلاحظ أن أغلب النقد كان نقدًا انطباعيًا بعيدًا عن الموضوعية والحيادية، حيث نلاحظ أن «الشعر يختلط حابله بنابله، ويمتدح المرء شاعرًا وناظمًا، بقدر ما له من علاقات موصولة بأهل الصفحات الثقافية والأدبية، لاسيما إن كان الدافع نبيلاً وهو الدعم والتشجيع»، كما أن أغلب الجهود الأكاديمية تبنت المناهج التقليدية في دراسة الأدب؛ حيث سعت لمحاولة التأصيل والتأريخ، والاهتمام بالاتجاهات الفنية، وتحديد الأغراض الشعرية، مثل دراسات الدكتور محمد كافود،. قد يكون نتيجة قلة الأعمال الأدبية في دولة قطر الصالحة للدراسة الأكاديمية. أما أبرز محطات المشهد النقدي الشعري في دولة قطر، فتذكر أبرز الباحثين القطريين في الشعر القطري، وهم: الدكتور محمد عبد الرحيم كافود: الذي يُعد رائد الدراسات النقدية الأدبية في قطر. والقصة القصيرة والرواية. بجانب الأديبة نورة آل سعد.

كالعادة في اجتماعنا الأسبوعي في مجلس أبو علي كان الموضوع المثار مباريات كأس الخليج ودور المنتخب القطري، وكالعادة أبدى أبو محمد رأيه في أن مأساة المنتخب هو المدرب، وانبرى نواف معقبا: وهل نحضر إفرست ومن القبر؟ صمت أبو محمد ثم قال خطة المدرب عقيمة قلت معقبا يا أبو محمد أعتقد أن عدد المتخصصين في كل الألعاب الرياضية في أي قرية عربية أكثر بكثير من كل مدربي العالم فالكل يعرف وضع الخطط وهذا سبب نكسة العربية في كل الألعاب وخاصة كرة القدم تعالى نزور أي مقهى أثناء أي مباراة وفي أي قرية عربية من المغرب إلى المشرق مع فناجين القهوة وأقداح الشاي والشيشة يفتي الجميع وفي أي مباراة حماسية يشنف البعض آذان الأمة بأقذع الألفاظ هذا الأمر قد يحدث في بعض العواصم الأوروبية وهم في حالة عدم الوعي ولكن مع الأسف ما يحدث عندنا أمر في غاية العجب. على سبيل المثال منتخبنا هذا قدره وهذه إمكانياته والسؤال لماذا هل هو معاق أو تشبع من الكرة لأن عددا منهم مع الأسف كانوا وكان فعل ماض ناقص من فرسان الملاعب مع أن الدولة وفرت كل شيء مقارنة بالمنتخب البحريني أو العماني وكانوا عالة على كرة القدم الآخر يدافع بشراسة عن شعار الوطن ونحن مع الأسف بخلاف بعض النجوم كانوا نموذجا بلا روح أو ملامح وكأنهم يؤدون واجبا من خلال المشاركة في كأس الخليج. أبو محمد لم يسكت كعادته تنهد وقال من يتذكر كأس العالم للشباب في أستراليا وصرخات المعلقين وأسماء رحلت، تاريخ الكرة عندنا محمد الدهام، علي زيد، إبراهيم خلفان، بدر بلال، خالد سلمان وغيرهم. أرى أن الحل بسيط وسهل ويسير، تشكيل لجنة من أبرز النجوم كنواة لانتشال مصير منتخبنا نعم يجب الاستفادة بخبرات القدامى وعلى رأسهم: سعادة/ أحمد علي الأنصاري، ويوسف الساعي، وطالب بلان، ومحمد غانم الرميحي، ويونس أحمد، وماجد الصايغ، وغيرهم، وأن يكون هناك حساب وعقاب لمن يتهاون في أداء دوره. كان رأي نواف مغايرا لكل الأطروحات إحياء ملاعب الفرجان كما كان قديما فقد خرج من تلك الأحياء خالد بلان وعيسى محمود الكعبي والمرحوم عبد الأمير زينل ومحمد عبد الغني ومبارك فرج ومنصور جوهر ومنصور مفتاح وكل الأجيال القديمة. هنا صرخ أبو محمد ما معنى الفريج؟.

كنا مجموعة من الأصدقاء في إحدى الندوات وأثار الصديق/ أبو أحمد، صالح غريب، موضوعا هاما قال الآن العديد من الروايات القطرية لماذا لا نرى الدراما القطرية التي تعتمد على الناتج المحلي هناك روايات تشكل نقلة حقيقية في مسارنا الروائي مثل رواية الفنان محمد علي فرج ورواية الدكتورة هدى النعيمي زعفرانة وهناك العديد من المبدعين والمبدعات قدموا العديد من الأعمال مثل الكاتبة نورة آل سعد والدكتور أحمد عبد الملك ولا ننسى نورة فرج ومن أصحاب القصص القصيرة مثل الفائز ودلال خليفة وناصر الهلابي ومحسن الهاجري وغيرهم بجانب أعمال لعدد من الكتاب والمبدعين. وتعددت الآراء أن هذه الأعمال وغيرها في مسيس الحاجة إلى كاتب محترف لصياغة الحوار أولا هل تقدم بالفصحى أو بالعامية القطرية وهل هناك كاتب بمقدوره أن يكتب حوارا باللهجة المحلية هنا كان الرد من قبل أحدهم لدينا الكاتب والمعد طالب الدوس وهو صاحب تجربة ثرية تمتد لأكثر من ثلاثة عقود بجانب كونه ممثلا ومخرجا وأكثر المعدين ممارسة في إطار الدراما التلفزيونية وكاتب لعديد من المسلسلات وأعتقد أنه الأقدر. ثم طرح أحد الزملاء أن الرواية ينوي كاتبها أن تكون نواة لفيلم قطري خاصة وأن الأجواء حول عالم البحر والتجارة قديما وأن الموضوع قد اقترحه أحد الأقلام الصحفية من الأشقاء العرب لكتابة الحوار ورسم سيناريو العمل هنا بادر أحد الزملاء قائلا كيف إنه لم يعش التجربة وعندما نقول التجربة لا نعني تجربة الشخصية ولكن لكل بيئة خصوصية فزراعة النخيل تختلف عن زراعة الزيتون وواقع البحر في الخليج يختلف عن واقع البحر في المغرب والسودان هل بمقدوري أن أتناول حياة الفلاح المصري ونحن لسنا أبناء بيئة زراعية؟ إنها حفلة بلا مضمون وسيكون الأمر «سمك لبن تمر هندي» وقد عاش فترة قصيرة في قطر وقديما قيل أعطي الخباز خبزك ولو باقي نصه ولا تسلم رأسك لمن يدعي أنه العليم بكل شيء واقعنا بإحداث يختلف عن واقع الآخرين وحتى يظهر كاتب سيناريو وحوار قطري بخلاف طالب الدوس هناك بعض الكتاب من أبناء الخليج الأكثر قدرة على تناول الأمر وسلامتكم.

وزارة الصحة من أكثر الوزارات التي تتعرض للانتقاد والقيل والقال، بعضها جزء من الواقع المعاش مثل المواعيد ولكن بالمقابل هناك الكثير من الإنجازات، البعض يتخيل قطر ومستشفى الرميلة وعددنا محدود الآن الأعداد بالملايين ومع وجود العديد من المستشفيات إلا أن أرقام البشر في ازدياد، فيما مضى ذهبت إلى موعدي في مستشفى القلب، من وجهة نظري أنها مفخرة من إنجازات وطننا المعطاء ولا يقتصر الأمر على المبنى ولكن في وجود كوكبة من أبرز الأطباء تساهم عبر اللقاء الجميل في علاج أصحاب القلوب المصابة بالعطب من جراء عدم الاهتمام بالصحة والتدخين وغيرها هناك تجد عددا من الأطباء من أبناء هذا الوطن نماذج نفتخر بهم أليس هذا جزءا هاما ومؤثرا من إنجازات الوزارة بمقدور من أن ينكر دور كل من: 1) النطاسي عبد العزيز الخليفي والذي يعتبر واحدا من أشهر أطباء القلب ليس على النطاق المحلي أو العربي بل يشكل حلقة من حلقات التميز في هذا المجال عربيا وعالميا. 2) وبمقدور من أن يتحدث عن القلب أو أطباء القلب بمعزل عن ذكر النطاسي الإنساني النزعة جاسم محمد السويدي هذا النطاسي الذي يشعرك بالشفاء عبر ابتسامته وتواضعه الجم والعمل على رفع معاناة من يشكو من قلبه، هنا يزداد اهتمامه كإنسان أولا وطبيب ثانيا. الحديث عن النماذج القطرية في هذا المجال يتسع ولا يمكن أن ننسى النطاسي عبد الواحد الملا أو أن يمر مرور الكرام على عدد آخر من أطبائنا أو من أبناء الوطن العربي أو من العاملين في مستشفى القلب أليس من حقهم في هذا الصرح العلاجي أن نقول لهم جميعا شكرا؟ نعم وأن نردد ونقول ليحفظ الباري وطننا الغالي وقيادتنا ورموزنا، فقد تعرضت لوعكة صحية في إحدى الدول واكتشفت كم هي قطر المجد عظيمة وهي تقدم للإنسان دون النظر إلى جنسيته أو لونه أو عقيدته العلاج والدواء. أخيرا أكرر شكري للجميع وأخص بالذكر الطاس ماهر جاسم محمد السويدي وعبد العزيز الخليفي وأدعو أن يحفظهم ويسعدهم كما يسعدون الآلاف عبر ما يطيب قلوبهم فشكرا لقلوبهم المملوءة بالخير، كيف لا وهم إفراز حقيقي لأبناء الوطن الأوفياء.

كان الهدوء يغلف المجلس.. الكل مرتبط مع هاتفه النقال وهذه عادة حديثة سواء كنت في الأعراس أو المآتم.. وكعادته في كل لقاء أسبوعي يثير «نواف» «محمد» تحدث في خفية همسًا مع شقيقه علي ثم وجَّه رصاصاته نحو «بومحمد» قائلاً له: يا بو محمد مع ثقافتك الموسوعية.. هل كتبت الشعر؟.. انفرجت أسارير «بو محمد» قائلاً: في شبابي البكر وكنت متأثرًا بعدد من الشعراء منهم المتنبي أبو تمام، البحتري.. وصولاً إلى جرير.. سأله نواف هذا سمك لبن تمر هندي.. ولكن ماذا جرير؟ قال بو محمد.. أعرف ماذا تقصد.. هو شاعر هجاء مع رفقاء دربته.. الأخطل والفرزدق.. ولكن في الغزل له باع طويل.. وكيف كسب جائزة السيدة سكينة بنت الحسين.. وهو نموذج لواقعه المعاش.. وحكايته مع الخليفة الأموي تروى في كتب الأدب.. شاعر وإن كان أقرب إلى زملاء رحلته ولكن سجل في تاريخ الشعر العربي اسمه بأحرف من نور.. أليس القائل في حضرة عبد الملك بن مروان: أتصحو بل فؤادك غير صاحعشيه هم صحبك بأرواح ويقال إن عبد الملك غضب من هذا المطلع.. لكن شوف وتأمل وهو يلقي القصيدة حتى وصل: ألستم خير من ركب المطايا.. هنا قال عبد الملك: من مدحنا منكم فليمدحنا بمثل هذا أو يسكت.. ولما مدح يزيد بن عبد الملك وقال: أرق العيون فنور من غرار.. إذ لا يساند في هؤلاء مزار وفي الغزل عنده: إن العيون التي في طرفها حور.. وجرير شاعر متمكن سواء في الغزل أو الهجاء.. إلخ هنا قال له نواف.. وأنت ماذا قلت؟ تبسم «بو محمد» وقال: تركت الشعر يا بني.. ولكن أقول «حبيبي هجرك زاد.. فرد عليه أحدهم قائلاً: أنا آكل كنار!! هب بو محمد واقفًا.. وقال في لحظة غضب.. أيها الجاهل تسخر مني.. اندفع بو علي قائلاً: حاشا وكلا.. إنه يمزح معك.. هدأ بو محمد قليلاً وأكمل: حبيبي هجرك زاد.. وأنا قاعد على نار ليش الهجر يا عمري.. وتخليني محتار ثم أردف قائلاً: ولدي قصيدة أخرى أقول فيها: أيش تبغي يا قلبي.. خلها تروح وقولي.. المشكلة أنني لا أحتفظ بما أكتب.. سأله نواف: متى تكتب؟ سؤال هام.. أكتب في أي وقت وفي أي مكان ولكن أحسن قصائدي كتبتها في لحظات السرور والفرح.. مثلاً هذه الترنيمة الرائعة كتبتها عن حفيدي عبد الله: يا حليله.ز يا حليله.. لين قعد على حيله.. عبودي صار يمشي.. وكان يجلس على حيله.. وأمسك بو علي العصا من المنتصف وسأله: ألاحظ أن أشعارك ذات جرس موسيقي وين قدمت إبداعاتك للمطربين؟ أنا.. هكذا رد بو محمد قائلاً.. لا وألف لا.. هل تعرف لماذا؟ هل أبيع فكري لمثل هؤلاء.. أبيع تاريخي.. هؤلاء مع الأسف لا يعرفون كوعهم من بوعهم.. أليس الأمر كذلك يا نواف.. تطلع نواف يمينًا ويسارًا.. يريد من ينقذه من هذه الورطة.. ثم قال: صدقت يا بو محمد.. هؤلاء لا يعرفون كوعهم من بوعهم.. مع الأسف.

في المجلس وجدت ابننا فواز لا يستقر على حال سألته ما بك؟ قال: هل يحضر بو محمد أم لا؟ قلت: ما أدراني ولماذا تسأل؟ قال لا شيء.. ولكن عندي سؤال فقد ذكر قصيدة.. «يا ليل الصب متى غده» وأنا سمعت أن الشاعر عندما ترنم برائعته قال: يا ليل.. الصب متى غده.. وكنت أريد أن أعرف قائل هذه الأبيات لأني سمعت هذه القصيدة بأصوات عدد من مؤدي الأغاني في الشرق والغرب.. من المطربين العرب.. فجأة دخل المجلس بو محمد فهلل الجميع بمقدمه.. فقال بو محمد: ما بكم «في حيص بيص» ومن عادة هذا المثقف الكبير أن الأمثال والحكم والشعر العربي وتاريخ الأدب والقصائد جزء من مخزونه الحياتي.. وكان أكثرنا سرورًا «فواز» الذي اقترب منه وقال: أنا كنت أنتظرك حتى أسألك حول القصيدة الرائعة.. هزَّ بو محمد رأسه وقال: أي قصيدة ولمن؟ قال فواز «الصب» ضحك بو محمد.. وقال: تقصد يا ليل.. يا ليل الصب متى غدهأقيام الساعة موعده رقد السمار فأرتهاسف لملبين يردده يا من هجرت عيناه دمي وعلى خديه تورده خداك قد اعترفا بديفعلام جفونك تحجره ما ضرك لو داويت جفنيحب يدنيك وتبعدهتهللت أسارير «فواز» واسترسل بو محمد في سرد حياة الشاعر وهو يكمل لنا رائعة الشاعر.. ولكن هل يترك فواز مثل هذه المناسبة.. فقال من هو الشاعر؟ قال بومحمد.. البعض يعتقد أن هذه القصيدة من شاعرة الأعمى قصيدة حب وغزل وعشق، لكن الأمر بخلاف هذا الاعتقاد.. إن هذه القصيدة قصيدة اعتذار.. نعم ورسالة تظلم بعد أن تعرض للوشاية والتلفيقات والأحزان والنكبات.. وهو أبو الحسن علي الحصري والمعروف باسم الحصري القيرواني.. يعني أصلاً من تونس عاش معنا 15 ليتم بعد وفاة أمه وهو طفل.. طبعًا تحدى الإعاقة مثل أبو العلاء المعري وطه حسين وغيرهم.. وبعدين رحل إلى المغرب في مدينة سبته.. ولبى فيما بعد دعوة المعتمد بن عباد.. وراح أشبيلية في الأندلس وهذه القصيدة مثل ما قلت قصيدة اعتذار في الأمير أبي عبد الرحمن محمد بن طاهر. أما قصيدة الحصري القيرواني.. فطويلة حوالي تسعة وتسعين بيتًا ولحنها لفيروز الملحن توفيق الباشا سنة 1965م.. سكت بو محمد وقال: أنتم جيل الكمبيوتر لا تعرفون الكوع من البوع مع الأسف..!! لاحظت يا بو محمد.. أنك تردد دائمًا بعض المقاطع من الغناء القديم أو مقاطع من بعض الأصوات لمحمد بن فارس وضاحي أو تغني وتدندن بالأغاني العراقية لحضيري أبو عزيز وسليمة مراد وزهو حسين.. ليش كل ها الولع بالقديم وعندنا الجديد.. سكت بو محمد طويلاً ثم قال: أسمع يا ولدي نواف.. الفن ذوق والغناء أروع الفنون.. تغريد البلابل جمال.. هسهسة موج البحر وهي تداعب رمل السيف لوحات من إبداع الخالق.. غروب الشمس وانت واقف على سيف البحر في زكريت أجمل من كل اللوحات.. فرحة الأطفال بالعيد وهم يرددون يا العايدوه لوحة ولا أروع علشان جذي أنا يا ولدي نواف أطرب للغناء القديم.. أولاً المعنى الجميل للكلمات واللحن والصوت.. الحين حتى أسماء المطربين ينفر الواحد.. حموشكه.. فطوته.. جدوم، هل شفت مطرب اسمه عبد الباسط.. لو كنت أملك القدار كان ألزمته يغير اسمه.. وين ذلك المقرئ العظيم.. ووين ها النكرة.. لا شكل ولا مضمون.. ولكن العديد من القنوات يرحبون به.. أسمع كلمات صالح جودت اللي ترنم به سنة 1945م وأنشدها عبد الوهاب في الملك الراحل فاروق.. يقول صالح جودت ومعه العبقري عبد الوهاب يقرأ: الدنيا ليل والنجوم طالعه تنورها نجوم تغري النجوم من حسن منظرها يا اللي بدعتوا الفنون وفي أيديكو أسرارها دنيا الفنون دي جميلة وأنتوا أزهارها والفن لحن القلوب يلعب بأوتارها والفن دنيا جميلة وأنتوا أنوارها ها ولدي «نواف» هل الكلمات اللي غناها عبد الوهاب ولا أغاني ها الأيام.. رد قيايل نواف: ها الحكم جائر.. هناك شعراء وملحنين ومطربين وبخاصة عندنا.. هل تنكر مثلاً إبداعات محمد عبده، عبد الله الرويشد، عبد المجيد عبد الله، فهد الكبيسي، لطفي بوشناق. وعشرات الأسماء.. لكن الزمن قد تغير والأذواق.. هنا تدخل «حمد» وقال: بما إني موسيقي فاسمحوا لي أن أتدخل بالعلم والمعرفة.. ها الكلام منكم الاثنين صحيح.. كان.. ايدن باف، توم جونز، انجلبرت، ألفس برسلي.. «ظهر بعدهم البيتلز.. ومايكل جونسون.. والبرنس.. وعشرات الفرق مثل «أبا» بجانب الموسيقى الكلاسيكي والأوبرا في إيطاليا.. لكل نوع جمهوره.. لما ظهر عبد الحليم حافظ الناس ما تقبلوه.. الآن هو جزء من تاريخ الغناء وأن بليغ حمدي المجدد مثل سيد درويش وعبد الوهاب والرحابنة على سبيل المثال في كل زمان يظهر واحد مجدد.. عبد العزيز ناصر وحسن علي درويش الله يرحمهم.. وباجر يطلع عندنا من يحمل دواء التجديد.. لا تقولون متى.. الله العالم..

معظم حضور المجلس يسعدهم حضور بومحمد.. والأكثر سعادة نواف.. ذلك أن لأحاديث بومحمد.. سحرا في النفوس.. في كل مرة يدخل المجلس يطلق عقيرته ببيت من الشعر كأن يقول: لأن كنت لا أشكو هواك لأنني... أخو حسرات والفؤاد كئيب. هنا طرح عليه نواف سؤالاً محددًا.. قال له: ماذا تحفظ من أشعار تخص الوطن؟ قال: بلاد الفنا ها على كل حالة ... وقد يؤلف الشيء الذي ليس بالحسن ونستعذب الأرض التي لا هوا بها... ولا ماؤها عذب ولكنها الوطن «وطن» وقيل لأعرابي ما الغبطة؟ قال: الكفاية مع لزوم الأوطان.. وكثير من الشعراء ترنموا بالشعر.. أحمد شوقي قال: وطَني لَو شغِلتُ بِالخلدِ عَنهُ... نازَعَتني إِلَيهِ في الخلدِ نَفسي والشاعر الأموي ابن الرمينه يوم حنّ إلى وطنه نجد قال رائعته التي غناها عدد من المطربين سواء في إطار فن الصوت مثل ضاحي بن وليد أو عبر صوت صباح فخري الشامي.. ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد... لقد زادني مسراك وجدًا على وجد أإن هتفت ورقاء في رونق الضحا... على فنن غصن البنات في الرقد بكيت كما يبكي الوليد ولم تكن ... وأبديت الذي لم تكن تبدي وقد زعموا أن المحب إذا دنا يمل ... وإن النأي يشفي من الوجد بكل تداوينا فلم يشف ما بنا ... على أن قرب الدار خير من البعد فعلاً يا بومحمد.. حب الوطن أمرٌ طبيعي، ودائمًا الإنسان يحن ويشتاق إلى ثرى وطنه لأن الوطن هو أنا وأنت.. والأصل والتراب، وكل الشعراء ترنموا بحب وعشق الوطن، والاشتياق إلى الصحبة وإلى الذكريات. يقول الشاعر قيس ابن الملوح: أمر على الديار ديار ليلى ... أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وأصدق من قال ابن الرومي: ولي وطن آبيت ألا أبيعه ... وألا أرى غير له الدهر مالكا عهدت به شرخ الشباب ونعمةً ... كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا فقد ألفته النفس حتى كأنه ...لها جسدٌ إن بان غودرت هالكا وحبب أوطان الرجال إليهم ... مآرب قضاها الشباب هنالكا إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم ... عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا فعلاً يا بو محمد.. أنت كنز معرفي.. تشجينا في كل جلسة.. وتمسك بزمام المبادرة في الشعر والتاريخ وحكايات الأولين، والأهم الأمثال.. أنت غواص ماهر.. اسمع يا فواز.. أنا أسير الكتاب.. أقرأ.. وأحفظ.. والإنسان لابد وأن يكون أسير الكتاب والعلم والمعرفة.. المشكلة يا ولدي هذا الجيل لا يقرأ.. كل همه في الآلة سواء التليفون أو الآلات المسخرة للمعرفة وهو يسخرها للعب طول الوقت وهيله مع الأسف ما يعرف كوعه من بوعه.. وأقول الله يحفظ وطنا وشبابنا يا رب العالمين.

في تلك الآونة غلف المجلس سكون وهدوء.. تطلع نواف ناحية بو محمد.. ثم باغته كالعادة بسؤال استفزازي.. لماذا لا تحب السفر.. نظر إليه بو محمد وقال: الظاهر إنك لا تعرف كوعك من بوعك.. أنا زرت نصف العالم.. ثم ما دخلك أنت.. أنا في كل مكان لدي ذكرى.. فقط لم أزر أمريكا الجنوبية.. ثم لا تنسى أنني أزور العالم من خلال مكتبتي العامرة بأمهات الكتب.. سأله نواف: مثل ماذا يا بو محمد؟ الشعر والدواوين والسير وكل فنون المعرفة.. سأله مرة أخرى وهل تجد الوقت؟ رد محتدًّا نعم.. وأحفظ الشعر كما أخبرتك.. سواء في الغزل أو الحكمة.. خذ عندك هذه الأبيات للإمام الشافعي.. محمد بن إدريس حيث يقول: ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت رجائي دون عفوك سلما تعاظمني ذنبي فلما قرنته بعفوك ربي كان عفوك أعظما فمازلت ذا عفو عن الذنب لم تزل تجود وتعفو منه وتكرماوالإنسان لابد وأن يوزع وقته بين الحياة العملية والتثقيف الذاتي.. أنا مثلاً وأعوذ بالله من قول أنا.. أغوص في دهاليز الأدب أقرأ الرواية وأستمتع بالمسرحيات وخاصة التاريخية.. قرأت مثلاً كل مسرحيات شكسبير وسعد الله ونوس وكل المؤلفين الخليجيين ومن العرب عشقت رائعة عبد الرحمن الشرقاوي.. وخاصة في مسرحيته الحسين ثائرًا وشهيدًا.. اسمع مني هذا المقطع يا النواف.. وشف اشلون هذا الشاعر كتب عن قيمة الكلمة.. يقول يا نواف عبد الرحمن الشرقاوي: أتعرف معنى الكلمة؟ دخول النار على كلمة.. وقضاء الله هو الكلمة.. الكلمة لا تعرف حرمة.. زاد مذخور.. الكلمة نور.. وبعض الكلمات قبور.. بعض الكلمات قلاع شامخة يقتحم بها النبل البشري.. الكلمة فرقان بين نبي وبغي.. بالكلمة تنكشف الغمة.. الكلمة نور.. ودليل تتبعه الأمة.. عيسى ما كان سوى كلمة.. أضاء الدنيا بالكلمات.. وعلمها للصيادين.. فساروا يهدون العالم». طبعًا هذا العمل الرائع وهذه الكلمات على لسان سيدنا الحسين.. يوم قالوا له قول فقط كلمة واحدة.. أنا أبايع يزيد ابن معاوية على الخلافة.. فكان هذا رده.. بس أنا عندي سؤال يا بو محمد.. أنت معجم وقاموس للمعرفة.. هل كتبت الشعر؟ طبعًا وأنا بو محمد.. لكن ها.. أيام زمان.. أيام الشقاوة والحب.. وين أيامنا أحلى أيام.. لكن الحين نسيت كل شيء.. تدري مشاغل الدنيا والأسرة.. وإلا زمان.. كنت فارس من فرسان الشعر.. أما شعراء ها الزمن.. فأكثرهم مع الأسف ما يعرفون كوعهم من بوعهم.. اسمع ها الأبيات: يا قلب ليش الحزن.. وليفك راح يرجع.. محد ترى ينفعك.. لو صرت طير يسجع..» وعندي دفتر كاتب فيها أشعاري والقصص القصيرة.. بس ما كنت أنشر.. لأن كل واحد يعتقد إنه نجيب محفوظ..!! والله يا بو محمد.. أنت بحر.. لا.. أنت محيط ما لك قرار.. والأهم أنك تؤنسنا وتعلمنا أشياء تفيدنا.. مهب بعض الناس.. ما يعرف كوعه من بوعه!!