رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

شهادات بالمراسلة

في الوقت الذي تناقش فيه فعالياتٌ على مستوى عالٍ في دولة الكويت موضوع الشهادات المزوَرة، وتكليف مجلس الأمة الكويتي لجنةً للتحقيق في الشهادات المزوَرة وغيرِ المُعترف بها ، تنتشر هذه الأيام – عبر وسائل التواصل الاجتماعي – إعلاناتٌ حول منح شهادات علمية، وفي تخصصات عديدة، عن طريق المراسلة أو الإنترنت.  وللأسف، تربط هذه الإعلانات مشاريعها التجارية بأسماء السفارة في بعض الدول الأوروبية، بل وتضع اسم دولة قطر على تلك الإعلانات. وهذا أسلوب غير دقيق للعملية التعليمية، ونحن بعد خبرة تزيد على الثلاثين عاماً في مجال التدريس الجامعي، ندرك الصعوبات التي تواجه الطلبة والطالبات في المرحلة الجامعية، مع كل الإرشادات والتكليفات والامتحانات، ناهيك عن أن بعض التخصصات التي تطرحها تلك الإعلانات – مثل الهندسة - تحتاج إلى تطبيقات عملية لا تتوافر عبر المراسلة، أي Field work. كما أننا ندرك بعض الوسائل المخالفة للقوانين الأكاديمية التي يقوم بها بعض الطلبة والطالبات، وهم تحت الرقابة الصارمة في الامتحانات، فكيف سيكون عليه الأمر عند الإجابة على الأسئلة في حال الدراسة عبر المراسلة أو الإنترنت؟!  ونحن أيضا نعاني من عدم قدرة العديد من الطلبة على كتابة البحوث التي لا تزيد على 5 آلاف كلمة، وتتم الاستعانة ببعض المكتبات التي توفر تلك الأوراق لقاء مبالغ محددة. وعندما يطلب المدرس من الطالب شرحَ ورقته، لا يستطيع هذا الأخير تفسير سطر من سطور البحث - الذي قد تصل صفحاته إلى عشرين صفحة - وبذلك نكتشف أن الطالب لم يكن هو مَن قام بعمل البحث! والغريب أن بعض تلك الإعلانات تزجُّ اسم السفارة في تلك الإعلانات، ولا نعلم كيف يمكن أن تزجَّ تلك الإعلانات اسم السفارة في إعلاناتها، ونحن ندرك أن وزارة التعليم هي التي تقرر لوائح الجامعات والمعاهد المعترف بها للابتعاث. إن القضية بالغة الأهمية، ويستوجب الأمر إجراءان: الأول – بيان من وزارة التعليم والتعليم العالي، نظرا لوجود اسم دولة قطر في تلك الإعلانات. الثاني – موقف إدارة الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية من نشر مثل تلك الإعلانات في وسائل التواصل وعليها اسم دولة قطر! أعتقد أن المُتاجرة بالعلم والضمير تجارة غير رابحة ولا تتماشى مع سعي الدول نحو التعليم الراقي، وبناء الإنسان القادر على التعامل مع مخرجات العصر، كما أن التعليم عن بُعد أو عبر الإنترنت لا تتوافر فيه الأمانة ، وفيه محاذير عدة، لعل أهمها: 1-    عدم إحاطة الطالب بالبيئة الأكاديمية، وعدم تعَرّفه على الضوابط الأكاديمية والشروط العلمية، التي تضمن حصوله على المعلومات في تخصصه. 2-    غياب الحوار المباشر بين الطالب وأستاذه وبينه وبين الطلبة، ما يمكن أن يُشكل زاداً مهماً في تنمية قدرات الطالب، وتوسيع مداركه، ليس في المادة فحسب، بل في أمور الحياة كلها. 3-    في أجوبة الامتحانات أو التطبيقات، كيف يضمن المعهد أن تلك الأجوبة أو التطبيقات من عمل الطالب نفسه؟ ألا يُمكن للطالب أن يستعين بآخرين يقومون بالإجابة نيابة عنه؟ 4-    إن شخصية المدرس أو المدرسين لها دور كبير في نمو وتطور شخصية الطالب، والدراسة عن بُعد أو عبر الإنترنت، لا يحدث فيها ذاك التفاعل مع المدرسين، وليس فيها الإثراء الذي يُغذَى به الطالب يومياً.  وبالتالي، فإن كان هدف تلك الإعلانات تقديم شهادات لقاء المال، ولقاء عدم تعب الطالب وتحمله مشاق الدراسة، فإنها لا تؤسس لجيل عربي قادر على استيعاب مخرجات العصر، وهي من أدوات تخريب الشخصية العربية، ودعم استهلاكيتها، وقد لا نستغرب بعد خمس سنوات، أن نجد جلّ شبابنا يهجر الجامعات والمعاهد، وينكبّ على الشاشة كي يحصل على الشهادة – مهما كان نوعها – ثم يُعيّن في وظيفة لن يكون مؤهلاً لها، وبذلك يُصبح عبئاً على عملية التنمية في البلاد. وهذا أمر خطير لا بد وأن تقول وزارة التعليم والتعليم العالي كلمتها فيه. نحن ندرك أن مفهوم (الغاية تبرر الوسيلة ) معمول به في مجالات عدة، ولكن أن يصل ذاك المفهوم إلى التعليم، فهو أمر غير مُستوعَب، ويجب أن تتصدى له الجهات المعنية بالتعليم، حفاظاً على أجيال الشباب في المنطقة العربية، والخليجية على الخصوص، لأن هذه الأجيال قادرة على دفع رسوم تلك المغامرات التعليمية المشبوهة. تتجه معظم الأدبيات في العلوم المختلفة إلى التدريبات والتطبيقات العملية، حيث تؤسس الطالب على المُشاركة في عملية التعَلُم، وهذا لا يتأتى عبر التعليم عن بُعد، أو عبر المراسلة. تحضرني حادثة حدثت قبل سنوات قام بها زميل في العمل، حيث وزّع علينا استبياناً، باللغة العربية، لبحثِ تَخرّجٍ من جامعة أوروبية. وكان الاستبيان ضعيفا وغير مُنضبط من الناحية العلمية، ولقد رفض زملاء أكاديميون ملءَ الاستبيان، وبعد شهرين رأينا الزميل يضع لافتة أمام مكتبة تقول : الدكتور ......!؟ أنا أتساءل: هل هذا الشخص يخدعنا أم يخدع نفسه؟ وكيف حصل على الدكتوراة وهو لم يغادر مكتبه، وخلال ثلاثة شهور؟ ونحن الذين قضينا ثلاث سنوات في الغربة، بكل معاناتها وظروفها المناخية والاجتماعية، من أجل كتابة البحث، ثم كيف يتكون فِكر الدكتور إن لم يقضِ يومياً أكثر من 8 ساعات في المكتبة؟  ثم كيف تكون الشهادة إن لم يعترف بها الملحق الثقافي في سفارة البلد، ويوعز للوزارة بالاعتراف بها، بعد أن يتحقق من الاجراءات الأكاديمية، ويسأل عن الطالب بكل دقة. ثم ما قيمة الشهادة إن لم يبذل الطالب فيها الجهد المطلوب، وما هو الجديد الذي يحققه الطالب في مجال بحثه؟ أملي كبير أن تقول وزارة التعليم والتعليم العالي كلمتها في ما يتعلق بتلك الإعلانات التي تَزجّ اسمَ قطر فيما تنشره، لأن عواقب تلك الدراسة السهلة حتما ستكون وخيمة إن انخرط شبابنا فيها، كما أن تعويد النشء على مثل تلك الدراسة السهلة أمر يخالف توجهات التعليم في الدولة وقيامها بإنشاء واستضافة الجامعات العريقة من كافة أنحاء العالم.

1345

| 15 أغسطس 2018

أزمة التعليم 2

تناولنا في الجزء الأول من هذا المقال قضية تحوّل الطلبة من المدراس الخاصة إلى المدارس الحكومية، خلال العام الدراسي 2017-2018، وعرضنا بعض المحطات التي يجب التوقف عندها لتجاوز أزمة التعليم، واليوم نكمل شرح بقية المحطات. 1- كفاءة المدرس: وهو أسٌ هام من أسس العملية التربوية والتعليمية! أخبرني صديق – من المدرسين العرب في إحدى المدارس – أنه تم توظيف ميكانيكي في وظيفة مدرس لمادة الحساب! طبعًا نتحدث هنا عن (الواسطة) التي قد تدخل في عملية اختيار المدرسين في بعض المدارس الخاصة، ونظرًا لتعدد المدارس وازدياد أعداد الطلبة والطالبات، فإن هذا التوسع يحتاج إلى أعداد كبيرة من المدرسين، وقد يكون عامل الوقت له دور في "تغلغل" بعض المدرسين والمدرسات من غير الأكْفاء مع تواضع مؤهلاتهم. إضافة لذلك، فإن كان لدى المدرس مشاكل في السكن، وفي أخذ أولاده إلى المدارس، وأخذ زوجته إلى مقر عملها، ولربما لديه مشاكل مع أهله في بلده، فإنه لن يستطيع الوفاء بالعملية التربوية والتعليمية، مقارنة بالمدرس الذي يُسخّر جلّ وقته لمهمته وليس لديه ما يُشغله عنها. ناهيك إن كان الأول يقضي المساء كله في الدروس الخصوصية!؟ فالمنهج الجيد، يحتاج إلى مدرس جيد، صحي البدن، متوقد التفكير. كما أن المنهج الجيد يحتاج إلى مدرس مُبدع، لأن عملية التعليم هي خلقٌ وإبداع في المقام الأول. كما أن توصيل المنهج بالطرق التقليدية لا يُحقق الأهداف التي تسعى لها المؤسسات التعليمية، ذلك أن المدرس هو (القائد) في الفصل، ويجب أن يكون قدوة للطلبة، ويشمل ذلك: إلمامه بقواعد اللباقة واللياقة، مع احتفاظه بكاريزما القيادة، وسرعة بديهته عند حدوث مشكلة، وعدالته وتأنيه في الحكم على الأمور، وسعتة اطلاعه، وثراء معلوماته العامة ، وقدرته على السيطرة على الفصل، دونما حاجة للوعيد والتهديد، وأن يعامل الطلبة مثل أبنائه أو اخوته، وأن يمارس الحزم عبر الرأي السديد، كما أن لمظهر المدرس العام دورا مهما في اكتمال شخصيته. وضمن موضوع الكفاءة، تدخل أمورٌ ونشاطاتٌ تحبب الطالب في المادة، مثل: الزيارات الميدانية خارج أسوار المدرسة، الرحلات، البحث في الإنترنت.. إلخ. ويتعلق موضوع كفاءة المدرس بمدى تخصصه في المادة التي يُدرسّها – دون أن تمارس عليه الإدراة ضغوطًا لتدريس مادة يعرفها – وبمتابعته للجديد الذي يحصل في العالم من تطور على المادة. إن مدرسًا قضى ثلاثين عامًا يُدرس مادة دون أن يتابع ما يجري من تطور عليها، خصوصًا في المصادر الأجنبية، لا يكون جديرًا بتوصيل المادة توصيلًا أكاديميًا جيدًا. 2- نأتي إلى الجدول اليومي: فلقد ظهرت دراسات عن تراكم الحصص وإنهاك الطالب بتتابع الحصص، وذلك يؤثر تأثيرًا سلبيًا على تحصيل الطالب. وهنالك من الدول مَن قلّص عدد ساعات الدراسة، في المراحل الأولى (روضة، ابتدائي، إعدادي، ثانوي)، كي يحقق الطالب ميزة الاعتماد على الذات باكتشاف العالم من حوله. إن زيارة طلبتي – بكلية المجتمع – إلى مقر (سهيل سات) بالدوحة، كانت نتائجها مُبهرة ومفيدة، حيث خرج الطلبة من بين الجدران الأربعة، وناقشوا متخصصين غيري، وشاهدوا الخرائط والمُرسلات على طبيعتها. وهذا يؤكد أهمية إشراك الطالب في العملية التعليمية، والتقليل من التعليم (الرأسي)، وما يستتبعه من "حشو" قد لا يكون مفيدًا للطالب. لذا، فإن إعادة النظر في جدول توزيع الحصص من الأمور الهامة التي تساعد في إنجاح العملية التعليمية. 3- تحبيب الطالب في القراءة: من المعروف لدينا أن غالبية طلبة وطالبات هذه الأيام، لا يقرَؤون! وهذا يؤثر على حجم وطبيعة معارفهم وتجاربهم، مع التقدير لما يأخذونه من الإنترنت، والذي لدينا عليه ملاحظات عديدة! وأعتقد أن مشاهدة طالب لسيارة تنقلب، أو يقودها شاب على عجلتين، أو ببغاء تتكلم، أو قرد يدخن سيجارة، أو (نكته)، أو "هلا بالخميس"،..إلخ ، كل هذه المعلومات لا تُثري عقل الطالب، وإن أضحكته لثوان، إلا أنها تساهم في تسطيح معلوماته. وما يجب اتباعه هنا، أن يُكلف المدرسُ طلبته بقراءة كتاب، وتلخيصه، وشرحه أمام الطلبة (لقاء درجة في مجموع الدرجات)، حتى لا يُهمل الطالب هذا التكليف! وعلى المدرس أن يُدرك أنه من خلال تدريسه، يمكن أن يخرج شعراء وكتُاب قصة، وفنانون تشكيليون، ومخرجون، ومسرحيون... لذلك، فإن القراءة خارج المنهج ضروية جدًا لإثراء معارف الطالب. 4- ويتعلق الأمر الأمر أيضًا بمدى معرفة الطالب اللغة العربية! فبسلامة اللغة يسلم التعليم. ونحن اليوم تواجهنا مشكلة عدم إجادة اللغة العربية في المراحل الجامعية، لأن بعض الطلبة والطالبات نتاج المدارس الأجنبية، ونظرًا لعدم وجود التوجيه المُمنهج من قبل الأسرة، نجد هذا الطالب أو تلك الطالبة يدخلان في تخصصات عربية! وهذا يوقعهما في مشاكل عدة لمواجهة متطلبات المساق! وأرى أن حُسن إيصال مادة اللغة العربية – خصوصًا النحو والصرف – وبطريقة مُبسّطة من الأمور الأساسية في تعويد الطلبة على الاستخدام السليم للغة العربية، خصوصًا في ظل الاستخدام غير السليم لهذه اللغة، عبر أدوات التواصل الاجتماعي. ولا بد للمدرس أن يقارن بين تدريس اللغة – في الماضي – وبين تدريسها في الوقت الراهن، خصوصًا في ظل وجود تكنولوجيا التعليم، والتي تساعد على سرعة إيصال المعلومة وإبهارها للطالب، عوضًا عن الطبشور والسبورة. ويتصل الأمر بترديد آيات الذكر الحكيم في الفصل كشواهد لمنهج اللغة العربية. كما أن إدخال الشعر والأغنية (باللغة الفصحى) من الوسائل التي تُعين الطالب على حفظ النحو والصرف. وأخيرًا، فإن تريبة وتعليم هذا الجيل أمانة في رقابنا جميعًا، ولا بد من أن تتظافر الجهود، خصوصًا جهود الأسرة، في دعم المبادرات الإيجابية نحو خلق مواطنين قادرين على التعامل مع معطيات العصر، في الوقت الذي لا يفرطون فيه بقيمهم وتقاليدهم الإيجابية، وأن يضعوا نُصب أعينهم خدمة مجتمعهم ووطنهم بطريقة ناجحة، في الوقت الذي يُنشؤون فيه بيوتًا ناجحة ويحسنون إدارتها.

1691

| 18 يوليو 2018

قمة التوجس والحذر

بعد تاريخ حافل بالعداء بين (واشنطن ) و (بيونغ يانغ) امتد لأكثر من سبعين عامُا، عقد الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) والرئيس الكوري الشمالي ( كيم جونغ أون) قمة تاريخية بين البلدين في سنغافورة يوم 12/6/2018. ولقد تبلورت عدة أفكار ومخاوف من أن حربًا كونية كادت أن تنطلق من كوريا الشمالية، التي طالما استعرض رئيسها ( أون) القوة في إطلاق الصواريخ العابرة للقارات ، ما شكّل تهديدًا مباشرًا للأمن والسلم الدوليين، ووَتّر العلاقات مع جيران كوريا الشمالية. وكان صقور البيت الأبيض قد ردَّدوا أن كوريا الشمالية يجب أن تسقط – كما هو سقوط النظام في ليبيا- بشرط أن يتم القضاء على كل السلاح النووي، إلا أن نتائج مباحثات (ترامب) و(أون) أبعَدَ هذه الرؤية ، حيث أعلن (ترامب) إثر توقيعه وثيقة مشتركة مع (أون) ، أنه " بنى علاقات خاصة جدُا مع (أون) ، وذهب إلى أبعد من ذلك عندما أعلن " ما حصل كان أمرًا خياليًا، ونحن فخورون بما تحقق ، وعلاقتنا مع كل شبه الجزيرة الكورية ستتغيير جذريًا" ، كما اعتبر لقاءهُ مع (أون) بأنه " فاقَ الآمال والتوقعات".  ولقد رأى الرئيس الكوري الشمالي (أون) أن " عهدًا جديدًا يبدأ بعد الاجتماع التاريخي ، والعالم سيشهد تغييرًا كبيرًا. محللون ربطوا بين نص الاتفاق الذي تم التوصل إليه ، خصوصًا الفقرة المتعلقة بـ "نزع السلاح النووي بالكامل من شبه الجزيرة الكورية "، استنادًا لإعلان (بانمونجوم) الذي صدر في 27/4/2018، والذي يقضي بأن تلتزم كوريا الشمالية بالعمل من أجل نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، وبين " تجاهل" الرئيس الكوري الشمالي الإجابة عن سؤال لمراسلي البيت الأبيضن عندما سُئِلَ ثلاث مرات فيما إذا كانت كوريا الشمالية على استعداد للتخلي عن الصواريخ النووية!؟ كما لاحظ مراقبون أن الوثيقة المشتركة لم تنص على أهمية وجود عمليات تفتيش عن السلاح النووي في كوريا الشمالية؛ رغم إشارة الرئيس الأمريكي (ترامب) إلى أن (أون) " تعهّد بالعمل على التخلص من الأسلحة النووية في القريب العاجل". كما يرى مراقبون أن تأكيد (ترامب) استمرار فرض العقوبات على كوريا الشمالية، يبعث على القلق ، ولربما " يُجهض" الخطوات التي اعتُبرت " تاريخية" بين البلدين، بعد قطيعة دامت أكثر من سبعين عامًا. وكانت القمة الأمريكية الكورية الشمالية قد تعرّضت لهزات مخيفة بعد إعلان (ترامب) إلغاء تلك القمة – في مايو الماضي – على خلفية ما اعتبره الغضب الهائل والعدائية الصريحة التي ظهرت في تصريحات الرئيس الكوري الشمالية، في الوقت الذي حذّر (ترامب) كوريا الشمالية من أية خطوة " طائشة" أو "متهورة" ، مُلوّحًا بأن الجيش الأمريكي على أتم الاستعداد ، إذا ما أقدمَ زعيم كوريا الشمالية على أي تصرّف "أحمق". كما قام الرئيس الأمريكي (ترامب) بالزجّ باسم اليابان كإحدى الدول المتحفّزة لوقف برنامج كوريا الشمالية النووي، وذلك عندما أعلنَ أن كوريا الجنوبية واليابان على استعداد للردّ إلى جانب الولايات المتحدة، على أية خطوة "طائشة" أو "متهورة" من جانب كوريا الشمالية. حالات المدّ والجزر في علاقات البلدين (الولايات المتحدة) و(كوريا الشمالية) ظهرت في أكثر من مناسبة، حيث برز "امتعاض" كوري شمالي من علاقات كوريا الجنوبية مع الولايات المتحدة . ولقد حاول الرئيس (ترامب) " إغراء" كوريا الشمالية بالمشاريع الاستثمارية ، وذلك عندما طرح تسجيلًا مصوّرًا لمبانِ شاهقة، وقطارات ، وأضواء مبهرة ، مشيرًا إلى أن ذلك ما ستكون عليه كوريا الشمالية .  لكن محللين يرون أن ذلك يأتي ضمن سياسية (العصا والجزرة) التي ينظر إليها الرئيس الكوري الشمالي بحذر شديد، خصوصًا وأن تاريخ هذا البلد غير مشجّع للاستثمارات الأجنبية، نظرًا لعدم رسوخ القوانين المنظمة للاستثمار، وذلك وجود حالات فساد تعشش في دوائر القرار، وعدم تسديد الحكومة لفواتير المستثمرين في أوقاتها. كما أن القبضة الحديدية للرئيس (أون) تجعل مستقبل المستثمرين في خطر من إمكانية مصادرة ممتلكاتهم بجرّة قلم. وهذا ما يؤكده حظر مجلس الأمن المشاريع المشتركة ، وصعوبة التعامل المالي مع (بيونغ يأنغ)، إضافة لذلك فإن ضعف البنى التحتية في هذا البلد يجعل مناخ الاستثمار فيه على محكٍ مؤلم. وكبادرة رآها البعض – مجسَّ اختبار – أعلن الرئيس الأمريكي وقف التدريبات العسكرية الأمريكية مع كوريا الجنوبية، لتشجيع الشطر الشمالي الالتزام بنزع سلاحه النووي. السؤال الأهم هنا : هل سيفي الرئيس الكوري الشمالي بتعهُده بنزع أسلحته النووية؟ وهل يعني التوصل إلى اتفاق مشترك مع الولايات المتحدة، دخولَ كوريا الشمالية (نادي الحضارة)، وأن هنالك اجراءات قادمة تُخرج هذا البلد من غياهب الديكتاتورية والتخلف الاقتصادي والاجتماعي ، "نهم" عبادة السلاح النووي؟ ومن المقرر أن يتابع الطرفان مفاوضات مباشرة  تجمع وزير الخارجية الأمريكي (مايك بومبيو) مع مسؤول كوري شمالي رفيع المستوى.ن وكان وزير الخارجية الأمريكي قد أعلن في بيان له أن " المحادثات بين الطرفين قد تحرّكت بسرعة أكثر مما كان مُتوقعًا".. في حين كانت ردود الأفعال والتعليقات الكورية الشمالية مقتضبة وشحيحة. التعليق الأبرز الذي ظهر عشية توقيع الاتفاق بين الرئيس الأمريكي والرئيس الكوري الشمالي جاء من روسيا! فقد أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ( سيرغي ريابوكوف) أن " الشيطان يكمن في التفاصيل"، في تعليقه على التوصل للاتفاق المذكور، ما أعتبره العديد من المحللين " تشكيكًا" فيما تم التوصل إليه. في حين رحبّت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في سنغافورة، وقال المدير العام للوكالة     ( يوكيا أمانو) "إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية على استعداد للقيام بأية أنشطة تحقق - في كوريا - الديموقراطية ، بناءً على إذن من مجلس محافظي الوكالة".   في حين بدت إيرانُ أكثر تشاؤمًا من التوصل إلى الاتفاق المذكور، عندما أعلن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية ( محمد باقر نوباخت) أن " على الزعيم الكوري الشمالي ( كيم جونغ أون) أن يضع في اعتباره أن (ترامب) قد يسحب توقيعه من الصفقات التي يبرمها".. مضيفًا " نحن نواجهُ رَجلًا يلغي توقيعه في الخارج"، وتلك إشارة إلى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، الذي تم توقيعه عام 2015، وأعادَ فرض العقوبات الاقتصادية على "طهران". يرى المتفائلون من الاتفاق أن تحريك المياه الراكدة، والتي استمرت لأكثر من سبعين عامًا ، والنص – في الاتفاق – على نزع السلاح النووي بالكامل من شبه الجزيرة الكورية، من شأنه المساهمة في " تليين" التعنت الكوري الشمالي، ولربما تخفيف حدة التوتر بين ( بيونغ يانغ) وجيرانها، خصوصًا كوريا الجنوبية ، والتي جمعت قمةٌ سابقة – في أبريل الماضي – رئيسي البلدين في قربة ( بان مون جوم) على الحدود بين البلدين.  وكذلك لا تُخفي اليابان امتعاضها من نشاطات كوريا الشمالية النووية، وتعتبرها تعرّض الأمن والسلم الدوليين للخطر. ولقد رحبّت دولة قطر باللقاء الذي جمع رئيس الولايات المتحدة والرئيس الكوري الشمالي، معتبرة أن اللقاء " سابقة تاريخية مُبشرة بإمكانية املضي قُدمًا في التخفيف من حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية" وجاء في بيان لوزارة الخارجية " أن الوصول إلى حل شامل ومرضٍ لجميع الأطراف، ومن خلال الحوار والطرق السلمية، سيُنهي عقودًا من الصراع الذي دفع ثمنه مواطنو الكوريتين"؟. الأيام مازالت حبلى بالمفاجآت، وقد لا نستغرب أية تطورات تخالف الاتفاق المذكور.

694

| 27 يونيو 2018

التعليم والهُويَّة

ضمن نشاطات مركز أصدقاء البيئة / الخيمة الخضراء، خلال شهر رمضان المبارك، تم تنظيم لقاءٍ علمي حول (المناهج التعليمية ودورها في تعزيز الهُويَّة). ولقد تحدّث متخصصون، من الأكاديميين والمعلمين، حول دور التعليم في تعزيز الهُوية، وملابسات الهُوية ذاتها. وأثرى اللقاءَ وجودُ معلمين لهم دور كبير في تعليم النشءِ في دولة قطر، وكانوا محل حفاوة وتكريم من الحضور. وبرأينا أن التعليم  - في دولة قطر – قد مرّ بمراحلَ ومحطاتٍ متعددة، لكل منها جوانبُ إيجابية وأخرى سلبية، ولكلٍ من (مُريدي) المحطات رؤى ووجهات نظر تدعم إيجابية المحطة التي دافع عنها، وترفض دعم المحطة التي لا يدافع عنها. ولئن كان الرأيُ الغالب في اللقاء أن مناهج التعليم وطرق التدريس والمناخ العام للتعليم في الماضي، كانت أكثرة قوة وجدّية وتأثيراً، عما درج عليه الحال خلال العشرين أو الثلاثين عاماً الماضية. وقد يكون مرد ذلك، أن غالبية الحضور والمشاركين في اللقاء هم من عاصروا وتتلمذوا على يد أساتذة المحطات القديمة، بكل ما فيها من جدّية وصرامة واحترام كامل للمدرس؛ بعكس الحال في الظروف التي أعقبت تلك المرحلة، حيث ما تم وصفه بـ (التعليم الحديث)، وضرورة مراعاة شعور الطالب، وعدم "تعقيده" بالدروس الطويلة والواجبات الشاقة، بل ودعوته لمواجهة الأستاذ، بل ووصل الأمر إلى التسامح مع الطالب الذي يعتدي على الأستاذ أو يخرّب سيارته، بحكم أن الطالب تجتاحهُ ظروف نفسية لابد من مراعاتها، وهذا موضوع طويل لا نود الاسترسال فيه. ماذا حصل بعد ثلاثين عاماً من المدارس المستقلة أو الخاصة، وتواري التعليم الخاص؟ من الشواهد الواضحة اليوم، والتي نواجهها في مستوى الجامعة أو الكليات، ما يلي: 1- ضعف الثقافة العامة، وضعف الإلمام بالتاريخ العربي والإسلامي ورموزه، تماماً كما هو الحال مع الضعف في مستوى الآداب والفنون بصورة عامة. 2- ضعف اللغة العربية – وبدرجة واضحة – ودخول لغة الإنترنت المُختصرة والضعيفة في حل الواجبات أو وضع أوراق العمل البحثية! كون تلك المدارس لم تحفل كثيرًا بالتأسيس الجيد في اللغة العربية، وكثيرًا ما واجهنا طلبة وطالبات يطلبون منا عدم وضع أسئلة مقالية في الامتحانات والاكتفاء بأسئلة  ( صح/ خطأ، أو الاختيارات الثلاثة (Multiple Choices). كما أن إعداد أوراق البحث، قضية أخرى، والأستاذة الكرام يدركون كيفية إعداد وتقديم مثل تلك الأوراق. وبعد تجربتي التي امتدت لأكثر من 35 عامًا في التدريس الجامعي، أرى عدم نجاعة تضمين الدرجات لأوراق عمل تُعمل خارج الفصل، لأنها مضيعة للوقت ولا يستفيد منها إلا قلة قليلة من الطلبة، كون الغالبية من الطلبة تلجأ إلى وسائل غير إيجابية في هذا الخصوص. 3- وإذا تتبعنا خط عمر الطفل، وحتى يتخرج من الثانوية، نجده كالتالي: أ – في مرحلة الروضة، يقضي الطفل ثلاث سنوات – ولربما أكثر- في بيئة مختلفة عن البيئة المحلية، سواء كانت عربية أم أجنبية، ومعظم الأُسر تُريدها أن تكون أجنبية، حتى يتعلم الطفل اللغة الإنجليزية! وهذا اتجاه أثبت عدم نجاعته، لأنه حتى لو ضمن الطالب وظيفة بحكم إجادته اللغة الإنجليزية، إلا أن في حقيقة الأمر،" يتغَرّب" عن واقعه ووطنه ومجتمعه – نحن هنا نتحدث عن تكوّن الهُوية – لأنه لم يُلم بتاريخه المحلي والإقليمي والعربي والإسلامي، ولا يعرف علماء الأمة ولا أدباءها ولا فنانيها، كما أنه لا يتذوق النتاج الإبداعي لرموز الأمة، بل وقد يكون منفصلا عن هموم الأمة، حتى في النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.  ب – في المنزل، لا يقضي الطفل مع والديه نصف الوقت الذي يقضيه مع (المُساعدة) في المنزل! والتي لها ثقافتها الخاصة، ولغتها، وأساليبها في التعامل. وإذا ما افترضنا أن الوالدين يعملان منذ الثامنة وحتى الرابعة عصرا، (8 ساعات يوميا) ، ويكون الطفل خلالها في الروضة، أو المدرسة الخاصة (من الساعة 8- 3 عصراً) ، يتحدث الإنجليزية مع المدرسة ومع زملائه، ويخوضون في أحاديث بعيدة كل البُعد عن هموم المجتمع وتاريخه وتراثه، ثمن يأتي إلى المنزل وتتلقفه (المُساعدة) بلغتها الإنجليزية أوالآسيوية، وتُلقّنه عاداتها وتقاليدها، ولا تمر عليه لحظة يقرأ القرآن، أو يتعرف على سلوكيات ومبادئ الإسلام أو العادات العربية الأصيلة، وتأتي الأم مُنهكة من العمل كي تنام، بعد أن أكلت وجبتها في الكافتيريا، وأكل الأطفال مع مربيتهم، في الوقت الذي يلتصق الطفل بشاشة التلفزيون أو (الآيباد)، يشاهد أفلامًا وبرامج أجنبية، وخوارق، ويتعرض لثقافات ومفاهيم أجنبية – غير موجودة في واقعه – فإن ذلك يُحدث (الاغتراب) الذي نُحذّر منه. وتصل الساعة إلى السابعة مساءً، حيث يأوي هذا الطفل إلى فراشه استعداداً ليوم دراسي في الغد! بالله عليكم، كم من الوقت قضاهُ هذا الطفل مع أسرته؟ وكم من المعلومات كسبها منهما؟ في مقابل الكم الهائل الذي اكتسبهُ من الروضة أو المدرسة، ومن المُساعدة ، ومن الأجهزة الإلكترونية !؟ هذا، إذا ما أضفنا لذلك أن الأم، عندما تنهض من قيلولتها  تُناظر المرآة ، وتتعدّل كي تخرج، دون أولادها أو طفلها – الذي يجب أن ينام عند السابعة استعداداً للمدرسة! فكم من الوقت قضاهُ هذا الطفل مع والدته؟ أو مع أبيه، الذي قد يكون مشغولا في المجلس مع أصدقائه، أو يكون خارج المنزل!. - في المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية، إذا ما أُدخل الشاب مدرسة خاصة، فما هي المناهج التي يتعلمها هذا الشاب، بعد أن درس المناهج الإنجليزية – لثلاث أو أربع سنوات – وهي مناهج مبُسّطة وسطحية في الأغلب، ولا تتلمس احتياجات الطالب وخصوصية مجتمعه، مقارنة بمرحلة الستينيات والسبعينيات؟ ألا يُحدث هذا التضاد نكسة في عقل الطالب، ونفوراً من المدرسة؟ - في المرحلة الجامعية، يأتي الشاب أو الشابة بعد أن درَسا المناهج بالإنجليزية في الأغلب، ويواجه الطالب صعوبة في استيعاب شرح المدرس – باللغة العربية – كونه يدرس في مجال الإنسانيات، مثلاً ! فهو لا يستطيع كتابة خمسة سطور دونما أخطاء إملائية أو نحوية! أي أن المستوى الذي وصل به إلى الجامعة لم يكن يؤهله لدخول الجامعة أو الكلية! كما أن هذا الطالب لا يشارك في الفصل، خوفاً من أن يُخطئ، ولا يستطيع التعبير عن آرائه، كونه اعتمد الإنجليزية، أو لغة الإنترنت الخاطئة. وإذا ما أضفنا لذلك، عدم قدرة الطالب على تحديد ماذا يريد، ولا يدرك اتجاهاته أو ميوله، كي يدخل أحد التخصصات، نجده " يتوهُ" من كلية إلى أخرى، ومن تخصص لآخر، فكيف نطالب هذا الطالب بحفظ الهُوية؟ نحن نعتقد أن الهُويَّة هي اندماج بين الإنسان والأرض، وتعتمد في الأساس على الدين والمُعتقد، وما يستتبعهما من مبادئ وسلوكيات، ثم تأتي العلائق الأخرى التي تنتجها الأرض، من حب الوطن، والدفاع عنه، اللغة ومحوريتها في الانتماء للأرض، التراث والإنتاج الأدبي – الشفاهي والمكتوب – والنماذج المعروفة للإنتاج الثقافي المادي، ورموز الثقافة التي تصبّ في معين الهوية، العَلّم، النشيد الوطني وغيرها. وتندمج هنا الهُويَّة بالوطنية، والتي تختلف بالطبع عن المواطنة، وهذا مبحث آخر. والهُويَّة اصطلاحًا هي (مجموعة المُميزات التي يمتلكها الأفراد، وتساهم في جعلهم يُحققون صفة التفرد عن غيرهم، وقد تكون هذه المُميزات مشتركة بين جماعة من الناس، سواء ضمن المجتمع، أو الدولة. ومن التعريفات الأخرى لمصطلح الهُوية: أنها كل شيء مشترك بين أفراد مجموعة محددة، أو شريحة اجتماعية تساهم في بناء محيط عام، وتنقسم الهُوية إلى ثلاثة أقسام: الهُويَّة الوطنية، الهُويَّة الثقافية، الهُويَّة العُمْرية. (www.mawdoo3.com). السؤال الآن: هل تساهم مناهج ووسائل التعليم في تعزيز الهُويَّة؟ إن المعطيات التي وردت أعلاه تُجيب بالنفي! كما يلعب الإعلام دوراً مؤثراً في تعزيز أو تشويه الهُوَّية، وإذا ما علِمنا أن واقع التلقي في العالم  – هذه الأيام – يتمثل في الآتي: 1- 65 % من برامج الإذاعة باللغة الإنجليزية 2- 70 % من الأفلام ناطقة باللغة الإنجليزية 3- 90 % من الوثائق المُخزنة في الإنترنت باللغة الإنجليزية 4- 85 % من المكالمات الهاتفية باللغة الإنجليزية (د. نبيل علي، اللغة العربية وعصر المعلومات.. التحديات والفرص) ورقة قدمت إلى ندوة ( اللغة والهُوية.. دول الخليج العربي أنموذجاً) ، وزارة الثقافة والفنون والتراث، الدوحة، 2009). فإننا حتمًا أمام مسؤولية كبيرة لم تفد معها كل تلك المؤتمرات والندوات التي عُقدت منذ الثمانينيات لتطوير التعليم! وإذا ما أضفنا لذلك، المدة التي يقضيها الشاب أو الشابة على الإنترنت، يستخدمان اللغة الإنجليزية، أو يتراسلان باللغة الإنجليزية، دون أن يفتح احدهما كتابًا باللغة العربية، أو يتصفح جريدة عربية، فإننا أمام تحدٍ واضح يُضيف إلى "تهديد" الهُوية العربية، بل ويساهم في تلاشيها.  هامش: في استبيان أجريته على طلبة وطالبات كلية المجتمع، تبيّن ان المبحوثين (حوالي 50 فرداً) لا يشاهدون التلفزيون المحلي ولا يقرّأون الصحف المحلية!

2124

| 13 يونيو 2018

التاريخ والتأريخ (2-2)

6 - لقد شاهدنا خلال شهر رمضان الحالي ، للأسف، برامجَ تفتقد إلى العُمق واحترام عقلية المشاهد، صحيح ان الترفيه مطلوب، بعد الإفطار، ولكن حتى الترفيه له قواعدُ ومُحددات لا يمكن الخروج عنها، كما أن النواحي الفنية يجب أن تُراعى في إنتاج بعض هذه البرامج! إذ لا يجوز أن تكون هنالك لقطة كبيرة ( Long Shot) لمشهد فيه ثلاثة ممثلين، وتستمر اللقطة لأكثر من خمس دقائق!؟ لأن المشاهد لا يعرف من هو المتحدث!؟ والذين يعرفون أُسسَ الإخراج يدركون هذا!؟ أما الذين يحاولون توفير ميزانية (الإنتاج) فلا يدركون ذلك حتمًا؟! كما أن سرعة إنتاج بعض الأعمال الدرامية والترفيهية، وعدم وجود لجنة مشاهدة مؤهلة، جعلت بعضَ المشاهد تخرج على الشاشة وهي تشوه العمل بصورة واضحة! وشاهدنا في بعض الأعمال تناقضات لدى بعض الممثلين، مثلاً – دور الممثل الحقيقي، والمطلوب فيه أن يكون متألمًا، نجده في اللقطة وهو يضحك!؟ وهذا أولًا ضعف في الإخراج والأداء وأيضًا ضعف في المونتاج!. ناهيك عن بعض الألفاظ التي لا يليقُ توجيهُها للأطفال، مثل: (جب ولا كلمة ، انت ما تستحي، انت جليل حيا، قم وثول..)، أنا أعتقد أن هذه الكلمات غير لائقة لأن تظهر على الشاشة! لذلك، فإن التأني، والمُراقبة، وحُسن استغلال الوقت لتنفيذ الأعمال الدرامية والترفيهية أمرٌ مهم لضمان جودة هذه الأعمال. 7 - وفي ظل موجة التسرّع، وعدمِ الالتفات نحو المهنية، في العديد من المجالات الإبداعية، وعدمِ القراءة المتعمقة للاتجاهات الفنية والأدبية ، تحدثُ ظواهرُ سلبية لا نتمناها في الأداء الثقافي والفني. وفي ظل "تباهي" البعض بالتواجد، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يغلب على كثيرين من مُريديها، عدم القراءة المتعمقة للحدث أو الموضوع، وفي ظل بروز لغة (الإنترنت) الضعيفة والمليئة بالأخطاء الإملائية والنحوية، يبرز - هذا البعض – الذي يُسابق الزمن، ولا يهتم كونهُ خالفَ الأعراف الأدبية أو الفنية، المهم أن تكون صورته حاضرة في هذه الوسائل، وأحيانًا لمقاربات " يفرضها" هذا الأحد على المحرر. بصراحة ، نحن بحاجة إلى وقفة مع العقل، وأنا هنا، لا أختلف مع الدكتور حسن رشيد - في حديثه عن عدم المتاجرة بتاريخ الموسيقار الراحل عبدالعزيز ناصر- بألَا تُستغل رموزُنا، سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية أم تربوية أم إعلامية أم أدبية أم فنية ، في أعمال مشوهة، وفي قَفزٍ غيرِ حميد على وقائع التاريخ، وفي مخالفة واضحة لأسسِ التأريخ. وعلى يد شباب صغار لم تصقلهم التجربة، وفجأة وجدوا أنفسَهم في فضائيات أو على منصات التواصل، وسِنهُم لا يؤهلهم للخوص في تلك التجارب!. ولا بد من أن تكون هنالك جهة تضع الأمور في نصابها ، لأن " الموجة" شديدة ومتوالدة ، وهذا يضّر بالثوابت، ويقوِّض ما تسعى إليه بلادنا من تأسيس قويم للثقافة والفنون ومجالات الإبداع عامة.

712

| 13 يونيو 2018

التاريخ والتأريخ (1-2)

في عدد الشرق ليوم 27/5/2018 كتب  الدكتور حسن رشيد مقالًا بعنوان (المتاجرة بإبداعات عبدالعزيز ناصر.. تشويه لتاريخ قطر). وتطرَّقَ الكاتب إلى خبرٍ ورد في الصحف المحلية حول إنتاج فيلم تلفزيوني يحمل اسم الراحل عبدالعزيز ناصر، ونبّه الكاتبُ إلى ضرورة الاهتمام بالجانب التوثيقي، وكذلك الجوانب الفنية المتعلقة بأصول كتابة السيناريو والإخراج، وأيضًا المصادر، وهي مسألة حيوية في التوثيق. كما تطرق الكاتب إلى رفقاء درب الفقيد عبدالعزيز ناصر، وذكَر بعض الأسماء ، وفاتته أسماءٌ أخرى عاصَرت الفقيد في فترة مهمة من تاريخ تأسيس فرقة الأضواء الموسيقية عام 1966، ودعا الكاتب في نهاية مقاله إلى عدم المتاجرة بالمبدعين، مشيرًا إلى عدم جواز تشويه تاريخ الإبداع القطري. بداية ، لا بد من الترحيب بحُسن توجّه الدكتور حسن رشيد، وضرورة أن تكون هنالك أمانة تاريخية وأدبية لدى من يتصدى للتأريخ في دولة قطر، وفي كافة الميادين! وقد نُضيف مجموعة من الأفكار التي لا بد من تناولها ومناقشتها عندما يتعلق الأمرُ بالتاريخ والتأريخ للظواهر الأدبية والفنية في دولة قطر. 1 -  إن كتابة التاريخ والتأريخ يتطلب خبرةً وسِنًّا معينًا يؤهلُ الكاتب لرصد ومتابعة وقراءة الموضوع الذي يتصدى له، مع توفر عنصر الأمانة والنزاهة، والبُعد عن " الأنا " التي نراها واضحة في العديد من الكتابات الحديثة. 2 - الكتابة عن الرموز الأدبية والفنية، أيضًا، يتطلب مُعاصرة، ذلك أن الكاتب لا يمكن أن يُحيط بعوالم الموضوع أو الشخص الذي يكتب عنه، دون أن يكون قد عاصرَه، خصوصاً في ظل قُرب حقبةِ وجود الفنان الراحل عبدالعزيز ناصر! وأنا لا أتصور – كما ألمح د. حسن رشيد – أن شخصًا قابلَ الفقيد مرة أو مرتين بعد أن وصل إلى سن ما بعد الخمسين، ويستطيع الكتابة عنه بشكل وافٍ ومستفيض!؟ ويستتبع موضوع المُعاصرة، الرجوع إلى الأشخاص الذين عاصروا الفقيد، وهم مازالوا على قيد الحياة، وحتى هؤلاء سوف نجد لديهم مناطقَ اختلافٍ حول قضايا مُحددة متعلقة بحياة الفقيد. 3 - هنالك من ينسى بعضَ الوجوه والحوادث التي صاحبت المرحلة التي يتصدى لها كاتبُ التاريخ، وهنا لا بد من سؤال أكثر من مَرجع، بل والرجوع إلى الوثائق والمستندات والصور، إذ كان هنالك من عاصروا الفقيد في فرقة الأضواء الموسيقية اعتباراً من عام 1966، ومنهم مَن لم نرهُ في مقر فرقة الأضواء – وهي مرحلة ناضجة وثرية في حياة الفقيد – بل عاصروا الفقيد في دراسته بالقاهرة، والبعض الآخر لم يقابل الفقيد إلّا بعد أن تخرّج وترأَس مراقبة الموسيقى والغناء في الإذاعة! وبعضهم لا يسمح سنُّهم بالكتابة عن الفقيد!؟ وعليه، فإن الرجوع إلى أكثر من مصدر يُعين المُتصدي للكتابة عن الفقيد، ولا يترك ثغرة قد تكون مفيدة للتوثيق. ولقد ظهرت كتبٌ عن الفقيد، لم يُعاصر بعضُ مَن وضعوها الفقيد إلّا في آخر خمس أو ست سنوات من عمره!؟ وهذا تسرّع وتشويه لما يُمكن أن يُكتب عن الفقيد. 4 - أعترف ، هنالك من الساعين نحو الشهرة السريعة، وقد يتعرضون لقضايا متعلقة بالتأريخ في بلادنا، ولكن الأمر يستوجب كبحَ جماحِ هذا النزوع والتسرع، لأن الإعلام – بشتى فروعه – قد لا يحفل، أو يذكِّر المتلقين، بالحدث أو الشخصية، وهنالك من المُعدين أو المحررين الذين لم يعاصروا الحدث أو الشخصية، وقد " يجرّهم هؤلاء المتعطشون للشهرة، دونما تفكير لما يُمكن أن يؤول إليه هذا الأمر، من تشويه للذاكرة الجماعية، أو الإخفاق في ذِكر الحقيقة التي يجب أن يعلمَها الجمهور. 5 - وفي زحمة " التكالب" ، والخروج على المهنية، نسمع يوميًا عن كُتّاب للسيناريو، لم يدرسوا فنَّ كتابة السيناريو، بل ولم نقرأ لهم مقالًا عن السينما أو فن كتابة السيناريو للتلفزيون، ! نراهم – ضمن " شهوة " الشهرة – تتم استضافتهم في الوسائل الإعلامية المختلفة، ويتحدثون عن " خبراتهم " في كتابة السيناريو، الذي هو فنٌ يُدَرَّس في الجامعات، وله أسسٌ وقوانينُ ، لا يُمكن أن يُحيط بها بعضُ " الهواة" الذين يُقدّمهم "صغارُ" الصحافيين على أنهم "كُتّاب سيناريو"! وهذه دعوة للسادة رؤساء التحرير لدينا، وبعض مديري القنوات التلفزيونية والإذاعية، بأن يُحسن محرروهم ومعدوهم اختيار المتحدثين، في التاريخ والتأريخ، وأن لا تكون نيّة تشجيعِ الشباب على حسابِ الأمانة والمهنية والإبداع.

869

| 12 يونيو 2018

الشورى..والمُحالون إلى التقاعد

ناقشَ مجلسُ الشورى الموقر في جلسته صباح الإثنين 14/5/2018، مقترحاً برغبة مقدَّماً من سعادة السيد أحمد بن عبدالله بن زيد آل محمود رئيس المجلس، حول أوضاع الموظفين المتقاعدين، بالإضافة إلى مدى استيعاب الراغبين منهم في العودة للعمل في أجهزة الدولة، للاستفادة من خبراتهم ومؤهلاتهم في خدمة الوطن. ولقد رحبّ أعضاء المجلس الموقر بالمقترح، لما يُمكن أن يترتب على تنفيذه من تأثيرات اجتماعية إيجابية ومن فوائد عديدة في بيئة العمل بأجهزة الدولة. ولقد أشار بعضُ أعضاء مجلس الشورى إلى أن العديد من الكفاءات التي ما زالت في قمة العطاء، والتي تمت إحالتها إلى التقاعد لأسبابٍ تتعلق بتغيّرات في الوزارات وغيرها من المبررات. ويرون أن بعضها كانت تعسفية. كما يرى هؤلاء أن بعض هذه الكفاءات ما زالت في قمة العطاء، لذلك لابد من دراسة هذه القضية بعمق، وبحث كافة الجوانب التي تتعلق بالمتقاعد.( الشرق، 15/5/2018). بدايةً، نشكر سعادةَ رئيس مجلس الشورى على مبادرته الطيبة، ونشكرُ أعضاءَ مجلس الشورى على ثنائهم على طرح هذا المقترح، لأن هنالك شريحةً ليست بالبسيطة من الموظفين القطريين المؤهلين، والذين صرفت على تعليمهم الدولةُ الملايين، وقد اكتسبوا خبراتٍ طويلة — ما يؤهلهم ليكونوا مستشارين لصفِّ الشباب الذين هُم لهم الحق في تقلّد الوظائف، وفي كافة التخصصات — قد أودِعوا التقاعد بلا سند قانوني، ولا تُهَمٍ تتعلق بالأمانة والشرف، ولا بالتهاون في أداء مهام وظائفهم، الأمر الذي يحتاج إلى سعة الصدر، لمناقشة هذه القضية. وكما أشار بعضُ أعضاء مجلس الشورى — في التقرير السابق —الى أن التغيّر في هياكل الوزارات، أو تغيّر المديرين أو الوكلاء أو الوزراء، كانت من الأسباب التي أدّت إلى إحالة العديد من الموظفين القطريين إلى التقاعد، وبدون أسباب أو سند قانوني. وعلى العكس من ذلك، توجد حالات لموظفين تم تسريحُهم من العمل لكنهم ما زالوا يحتفظون بكامل رواتبهم ومخصصاتهم وكأنهم على رأس عملهم، وبعد أن تمت ترقيتهم — قبل ذلك — إلى الدرجة الأعلى!؟ كما أن بعض من أُحيلوا إلى التقاعد عُرفوا بالأمانة، وكانت تقاريرُهم ممتازة، ويتمتعون بثقة وزرائهم أو وكلائهم السابقين! إلّا أنهم فوجئوا بإحالتهم إلى التقاعد، وبشكل مُهين، تمثّلَ في خطاب عبر ساعي البريد، دون أن يتجرأ المسؤول، لمقابلتهم، وشُكرِهم على ما قدّموه لبلدهم، بل ودون إعطائهم فرصة للدفاع عن أنفسهم، حيث طُلبَ من بعضهم مغادرة المكتب يوم استلام خطاب الإحالة إلى البند المركزي، وأعتقد أن هؤلاء يحتاجون إلى اعتذار مِمن قام بفصلهم مثل هذا الفصل التعسفي، الذي خالفَ قانونَ الخدمة المدنية، وخالف أعراف قيادة الشعب القطري، والتي دوماً مع إنصاف المواطن وعزّته وكرامته. كما أن بعضَ مَن أُحيلوا إلى التقاعد يمتلكون مواهبَ وقدراتٍ، لا تتأتى في يوم وليلة، وهم يشكّلون مرجعيةً خبراتية وثقافية تحتاجها المؤسسات، مهما تغيّر الوزير أو الوكيل، أو حتى المدير. وهذا يضّر بمستوى الأداء ويُخفّض الإنتاجية، خصوصاً مع الإتيان بموظفين أو رؤساء أقسام لا يمتلكون خبرة، وللتوِّ تخرّجوا من الجامعة. بل وُجدت حالات — تم التيَّقن منها — في بعض المجالات المتخصصة جداً، تراجَعَ فيها الأداءُ بصورة واضحة، خصوصاً ما تعلّق بالخبرات التراكمية والتمكّن من التخصص، حيث يُدير هذه الأمور بعضُ الموظفين الذين لا خبرة لهم في هذا المجال، ويتجلى ذلك بوضوح في المجال الثقافي، حيث تم ظهور إنتاج ثقافي " مشوّه" نتيجة قلة الخبرة، والاعتماد على موظفين استطاعوا " خطفَ" بعض الإنتاج الثقافي و"غرّبوه" عما يجب أن يكون عليه!، ونستطيع إثبات ذلك عن طريق (تحليل المضمون)!. كما أن هنالك وظائفُ تعتمد على سِنِّ الموظف، خصوصاً في الوظائف ذات الصفة التراكمية، إذ كلما زاد عُمر الموظف، زادت خبرته وبالتالي أصبح أكثرَ إنتاجية! على الرغم من أن بعض من حَزّ سيفُ التقاعد رقابَهم، لم يتجاوزوا الخمسين أو الثالثة والخمسين من العمر! وهذا بحدّ ذاته مخالفة لقانون الخدمة المدنية، وتوجد حالات لموظفين وافدين اقتربوا من الثمانين وما زالوا على رأس عملهم!؟ تصوّروا معي، إحالة موظف إلى التقاعد، وهو مسؤول عن 12 إنسانا في منزله، ويهوي راتبهُ إلى الثُلث!؟ كيف يتصرف هذا الموظف، وهو قضى خمسة وعشرين أو ثلاثين عاماً في خدمة الوطن، ولم يتفرغ كي يبنى بُرجاً أو بناية، أو حتى يفتح محلَ خياطة، يدعم به دخلهُ الشهري!!؟ كيف سيواجه هذا الموظف الحياة، مع متطلبات 12 إنسانا؟ ناهيك عن الآثار النفسية التي سيُفرزها التقاعد، وأيضاً الآثار الصحية، إذ أصاب بعضَهم مرضُ (السُكريّ) و(الضغط)، فجأة، عندما تسلّموا خطاب الإحالة إلى التقاعد. والغريب في الأمر، أن غير القطريين يبقون في وظائفهم حتى لو تجاوزوا سنَّ التقاعد الذي ينصّ عليه قانون الخدمة الوطنية، وقد يظلون حتى وفاتهم وهم مُسجّلون على رأس عملهم!؟ كما حصل أنَّ بعضَ من أُنهيت خدماتُهم — في وزارات الدولة — بعد وصولهم سنَّ التقاعد، تغلغلوا في وزارات وهيئات أخرى وبرواتب وبدلاتٍ أكثر!؟ بل وإن بعضهم قد عمل — بالقطعة — في مقر عمله الذي أُنهيت خدماته فيه!؟ أليس من الإنصاف أن يُعامل الموظفُ القطري ذاتَ المعاملة!؟ وهذا سؤال نتركه لمداولات مجلس الشورى الموقر. إن قطر العز والخير، لا يُمكن أن تسمح لأيِّ مواطن أن يتألم أو يشكو العوز!؟ فنحن في خير وديرة العزِّ في خير. وإذا كان هنالك من تضرَّروا من إجراء تعسُّفي من شخص معين، فلا بد من بحثِ حالاتِهم وتعويضِهم عما لحقَ بهم من أضرار. ولا بد من أن تقوم لجنة متخصصة ببحث الحالات التي تضرَّرت جرّاء الإحالة إلى التقاعد دون مبررٍ ودون سندٍ قانوني، ولربما عبرَ مزاج مُنزلق أو موقفٍ شخصي لم يُدوّن في سجلات رسمية. هنالك مِمَن أُحيلوا إلى التقاعد، وهم فرحون بذلك، ولديهم مشاريعُ تجارية، وقبلوا الأمر عن طيب خاطر، ونحن لا نتحدث عن هذه الفئة، بل حديثنا هنا عن الفئة التي: أولاً: لم تكن إحالتها إلى التقاعد قانونية، وثانياً: انها في قمة عطائها واتزانها العقلي والفيزيائي، وثالثاً: أنها تمتلك خبرات ومؤهلات ما يجعلها مُنتجة ومُساعِدة للشباب في الاستشارة والتوجيه. إن إهدارَ الطاقات الخلاّقة والموهوبة بإحالتها إلى التقاعد لا يُمكن أن يخدم البلاد ولا المجتمع، بل يصبحُ هذا المُحالُ إلى التقاعد " عالةً " على أهله، وقد تساورهُ عدةُ هموم تتحولُ إلى أمراض عضوية هو في غنى عنها. كما أن السأم والمللَ الذي ينتجُ عن تلك الإحالة، يجعل الإنسان كارهاً لنفسه وواقعه، غير متفاعل مع هموم مجتمعه وأسرته، وهذا ما نسمية (الاغتراب)! نحن نأمل أن تُشكل لجنةٌ متخصصة تدرسُ أحوالَ المُحالين إلى التقاعد دون رغبتِهم، وأن تضع هذه اللجنة الحلولَ المناسبة لهؤلاء؛ بعد أن تدرسَ حالاتهم! فأنا أتعجَّب كيف يُمكن أن يُحال دكتور جامعي قطري إلى التقاعد إن لم تكن به علّة أو مرض؟ أو إن لم يكن مخالفاً لقوانين الجامعة أو الكلية؟ أو أن يُحال موظف مشهود له بالكفاءة والموهبة والإنتاجية وهو في وظيفة تحتاج إلى تراكم الخبرات، التي قد يحصل عليها الموظف الجديد بعد خمسة وعشرين عاماً؟! لماذا لا يكون الأولُ مستشاراً في هذه الوزارة؟ مرة أخرى نشكر مجلس الشورى على مبادرته الخيّرة، لأن المتقاعدين يحتاجون إلى تلك المساندة، ولأنهم صامتون، كان لابد لجهة من أن تتحدثَ باسمِهم، ونقل معاناتهم إلى المسؤولين.

1386

| 30 مايو 2018

لا بأسَ من سماع الآخر

دعا الكاتب والروائي الروسي (سيرغي بليخانوف) إلى أهمية الإطلاع على الأرشيف الروسي المختص بمنطقة الخليج العربي ودولة قطر. وقال في محاضرة له بمركز حسن بن محمد للدراسات التاريخية بالتنسيق مع الملتقى القطري للمؤلفين، الأسبوع الماضي، "إن المستكشف الروسي (أفاناي بيكتين) زار منطقة الخليج العربي عام 1470 قبل 30 عاماً من وصول المستكشف البرتغالي (فاسكو دي جاما) إلى مناطق غربي الهند وشرق إفريقيا، سالكاً بذلك طريق سلفه (بارثولومبو دياز) الذي اكتشف رأس الرجاء الصالح ، منهياً بذلك (طريق الحرير) الذي يربط الهند بأوروبا.   وأضاف المُحاضر أن الروسي ( فأناي بيكتين) دخل (هرمز) عام 1470 ومرّ بعدة مدن على شاطئ الخليج الشمالي والجنوبي، كما مرّ بالهند وبعض المدن الفارسية والبصرة. ولقد دوّن المُستكشف الروسي ملاحظاته في كتاب، وهو أول روسي كتب عن منطقة الخليج العربي.  وقال المحاضر (بليخانوف) إنه من الضروري أن يطلع العرب على الأرشيف الروسي، حتى تتكون لديهم رؤية أوسع لأن العرب اعتمدوا فقط على الأرشيف البريطاني والعثماني، مشيراً إلى أن الاطلاع على الأرشيف الروسي يثري المعارف، لأن الإمبراطورية الروسية كانت من أهم اللاعبين في المنطقة إلى جانب بريطانيا وتركيا. كما أشار المحاضر إلى أن القنصل الروسي (ألكسندر آلاموج) كتب وصفاً منطقياً وموضوعياً عن دولة قطر، ووصف فيه السكان وكيفية معاشهم ، وذلك عام 1912، كما أشار إلى كتاب (جودارسيكي) الموسوم ( السياسة البريطانية والعلاقات الدولية في الخليج العربي) ، داعياً الباحثين والمؤرخين في قطر إلى الإطلاع على هذا الكتاب وما جاوره من وثائق ومراجع، ودعا إلى تشكيل لجنة قطرية روسية ، للبحث في تلك الوثائق التي تأتي بوجهة نظر مختلفة عما تم الاعتماد عليه في السابق. هذه دعوة لسماع الآخر، وهي جديرة بأن تؤخذ في الاعتبار، لأن التاريخ العربي قد أخذ اتجاهاً أحادياً، وكما نعرف فإن التاريخ يكتبه - فقط - المنتصرون، ونادراً ما تسمح الدول بنشر الحقائق إن كانت تعارض مع سياساتها ، أو تطول أحد رموزها المخالفين لقيم العدالة والديمقراطية! و لقد حمل لنا التاريخ العديد من المشاهد التي بقيت لأكثر من ثلاثين عاماً التوتاليتارية والسلطوية في مناطق عدة من الوطن العربي، ولم يُسمح لأي مواطن أن يفتح فمه بكلمة تتعارض مع تلك النظم ، إلا وغُييب في السجون دون أن يعلم بمصيره أحد!. نحن نعتقد أنه من الضروري أن ينفتح العرب على الآخرين ، ويسمعوا كلمة الآخر، فالاطلاع لا يضر قدر ما ينفع!؟ ثم إن كان التاريخ قد سجّل مشاهد سلبية عن مجتمع من المجتمعات، وهي حقيقة، فلماذا يُخفيها المؤرخون أو القائمون على البحث التاريخي؟! لقد كانت مصالح بعض الدول العربية متوافقة مع مصالح الدولة العثمانية أو الإمبراطورية البريطانية، وهذا ما حتّم أن يعتمد المؤرخون العرب على الأرشيف البريطاني أو الأرشيف العثماني ، دون غيرهما. الدعوة لسماع الآخر مهمة - ليست فقط في الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي – ولكن أيضاً في الجانب التأريخي والتوثيقي، لأن عيون المستكشفين تختلف حسب بيئاتهم وثقافتهم ومصالحهم ! كما أن كلام المؤرخين ليس مُنزهَا عن التحريف أو الممالئة!  لذلك، فإنه من المفيد أن تتبنّى جهة ما هذا المشروع المطروح، وتتم ترجمة ما يخص منطقة الخليج العربي من ذاك الأرشيف ، خصوصاً في (معهد الاستشراق للدراسات الشرقية) الذي يضم أكثر من 100 ألف وثيقة ، جزء كبير منها لم يطّلع عليه أحد، وهي مكتوبة باللغة الفرنسية التي كانت اللغة الدبلوماسية العالمية حتى عام 1845 ، كما قال المُحاضر. أعتقد أنه من الضروري أن نحاول إعادة قراءة تاريخ المنطقة ، لأن التحولات السياسية والتجاذبات والمصالح بين الدول والشخصيات المؤثرة في الأحداث ، قد أخفت بعض ملامح الحياة وحقائق التاريخ. ولا بد أن تعرف الأجيال القادمة تلك الحقائق كما حصلت، وإن كان بعضها مُرّاً ، أو قد يُثير البعض. إن كتابة التاريخ أمانة، ولقد تم الاعتراف عن تلك الأمانة لحتميات سياسية واقتصادية ومصالحية ، ولارتباط الشخصيات أو العائلات ببعض القوى الأجنبية! فلقد ذكرَ المُحاضر أن هنالك جماعات معينة كانت تمتهن الإغارة على الآخرين وتنهبهم أموالهم وحلالهم ، وتلك الجماعات عُرفت بالقسوة والعنف ، لكن التاريخ لم يُظهر لنا تلك الحقائق، بل تم التستر على تلك الأعمال المُخالفة للمنطق ولإنسانية البشر!؟ بل صارت مناقشة تلك الحقائق تهمة قد تودي بصاحبها إلى السجن أو القتل! ناهيك عن الأطر السياسية التي أدارت الحياة الاجتماعية والاقتصادية في العصر العثماني وما بعده من تطورات وتحالفات مع الإمبراطورية البريطانية. لا بد من تحرير العقل العربي من ربقة الانحياز و"تأليهِ" النظرة الأُحادية للأمور، ولا بد من تعويد الأجيال القادمة على الانفتاح وقراءة الحقائق كما حدثت، لا كما أراد كُتاب التاريخ المؤدلجون أو "القابضون" روايتها ، بل وتزييفها. ونأمل أن يتحقق مشروع الترجمة الروسية إلى العربية فيما يخص منطقة الخليج العربي من الأرشيف الروسي.

2018

| 02 مايو 2018

مكتبة قطر الوطنية

في جو احتفالي ثقافي وحضاري، تم افتتاح مكتبة قطر الوطنية يوم 16 أبريل الجاري، بحضور حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد أل ثاني أمير البلاد المفدى، وصاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الأمير الوالد، وصاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة التعليم فوق الجميع، وجمع غفير من كبار ممثلي الدول الشقيقة والصديقة، والوزراء والمسؤولين. وتأتي هذه المكتبة العصرية صرحًا تنويريًا جامعًا لصنوف المعرفة والآداب والفنون، حيث اكتمل عدد كتبها رقم المليون، بوضع سمو الأمير كتاب (الجامع الصحيح من السنن) للبخاري، الذي وُضعه محمد بن إسماعيل البخاري عام 870 ميلادية. ورغم جمال المبنى الذي جاء تحفة فنية، واتساع البهو العام، والصالات الأخرى، فإن توظيف التكنولوجيا أضاف كثيرًا إلى الخدمات التي يمكن أن تقدمها المكتبة لروادها، ناهيك عن تخصيص أماكن للأطفال ولذوي الاحتياجات الخاصة. ولا شك أن هنالك جهودًا بُذلت كي تكون هذه المكتبة على المستوى الدولي، وبما يليق بسمعة قطر في المجالات الأخرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إن طفرة التكنولوجيا، وعدم اهتمام النشء بقيمة الوقت، وكيفية إدارته، وعدم وجود مكتبة حديثة، إلى جانب دار الكتب التي كانت المورد الوحيد لطالبي العلم والثقافة، منذ إنشائها عام 1962؛ جعل الحاجة ملحة لوجود مكتبة وطنية، تحتضن التراث القطري والإبداعي، في صنوف المعرفة كلها، وتقوم بتعريف القارئ الآخر، المرتبط إلكترونياً بالمكتبة، بما يعتمر في وجدان وعقول المبدعين القطريين من أفكار واتجاهات فكرية وثقافية وفنية. ورغم ما برز خلال الأيام الماضية من ملاحظات على حفل افتتاح المكتبة، وبعضها جدير بالمناقشة، ويستحق التوقف، إلا أننا، ومن باب الحرص على نجاح جهود المكتبة وإدارتها، نرى الآتي: 1- ضرورة إيصال فكرة المكتبة إلى الأُسر، كي تتفهم دور المكتبة في تعليم الأبناء وتثقيفهم، وكيفية استخدام مرافق المكتبة في مراحل أعمارهم. 2- أهمية دمقرطة الفاعليات التي تقوم بها المكتبة، كونها تقع في قطر، مع الإقرار بعالمية الكتاب، وعدم حصر الثقافة في جنسية أصحابها، ولكن ما نعنيه هنا، أن تلعب المكتبة دورًا في التعريف بالكتاب القطري، وبالمبدع القطري، إلى جانب تلك الفاعليات الأخرى، وأن يكون للمبدع القطري دور في تلك الفاعليات. 3- ولأن المؤلف القطري يواجه تحديًا واضحًا، وهو محدودية ما يُطبع له، لدى الجهات المعنية، أو اقتناء مؤلفاته، فإن دور مكتبة قطر الوطنية هنا يكون إيجابيًا فيما لو خصصت جزءًا من جهودها في احتضان المواهب القطرية، وطبع ما يصلح من إنتاجها، والقيام بترجمة الأعمال الناضجة للكتاب القطريين، وهذا سوف يساهم في نشر الكتاب القطري للمقيمين في قطر، وللمتصلين بالمكتبة إلكترونيًا. ولا بأس من تشكيل لجنة من المبدعين القطريين تكون مهمتها مساعدة إداريّي المكتبة في وضع الفاعليات. 4- إن قيمة المكتبة ليست في حفل الافتتاح أو جمال المبنى، بل في مدى الاستفادة من وجود المكتبة، حتى لا تكون في المستقبل، كأي مشروع لفَّهُ النسيان، وهذا يتطلب مزيدًا من المواكبة والتفاعل مع الجمهور، وتحليل آراء الكُتاب القطريين والمقيمين أو المغردين، الذين علّقوا على افتتاح المكتبة. 5- وإذا كانت دار الكتب قد حفظت الإبداع القطري، وإن كان بصورة تقليدية منذ إنشائها، إلا أنه لا بد من وجود خطوط تلاقٍ بينها وبين مكتبة قطر الوطنية، وقد يكون هذا موجودًا الآن، لأن كل المخطوطات والوثائق وما يخص تاريخ دولة قطر موجود في الدار، إضافة إلى إنتاج المبدعين القطريين، الذين أودعوا نسخًا من كتبهم فيها. وهنا لا بد من الإشارة إلى أهمية أن تقوم مكتبة قطر الوطنية بالتواصل مع المؤلفين القطريين – وهم محصورون في كتاب (دليل المؤلفين القطريين) الذي أصدرته وزارة الثقافة والفنون والتراث عام 2012، ولربما جرت عليه بعض التحديثات. وذلك حقٌّ للكُتاب والمبدعين أن يُحفظ إنتاجُهم للأجيال القادمة. 6- ومن الخطط الإيجابية لتفعيل دور مكتبة قطر الوطنية، أن يُصار إلى تفاهم بين المكتبة والمؤسسات التعليمية والشبابية القطرية، وذلك عبر تنظيم زيارات لطلاب المدارس والكليات والجامعات إلى مبنى المكتبة، كي يتعرفوا على المكتبة عن كثب، ويدركوا أهمية ما يمكن أن تقدمه المكتبة لهم. أتصور مكتبة قطر الوطنية بعد 500 عام! قد يكون هذا ضربٌ من الخيال!؟ ولكن كثيرًا من الإبداعات والأفكار العلمية بدأت بفكرة خيالية! فالذي أنشأ مكتبة الإسكندرية منذ أكثر من ألفي عام ووضع فيها أكثر من 700 ألف مجلّد، لم يدر بخلده أنها ستبقى إلى هذا اليوم، إذ لو كان (بطليموس) حاضراً لشاهد كمَّ التطور حصل لتلك الجدران المهترئة من الصخور! تمامًا كما حدث لمكتبة بيرغامس في الأناضول (197-159 قبل الميلاد) في عهد الإمبراطورية الرومانية القديمة، ومكتبة آشور بانيبال ( 627-668 قبل الميلاد)، حيث سُميّت باسم آخر ملوك آشور (آشور بانيبال) وحوت (ملحمة جلجامش) الشهيرة. وهنالك مكتبة سيلسوس، في الأناضول، وتأسست عام 135 وحوت 12 ألف مخطوطة، بل إن مؤسسها، وهو عضو مجلس الشيوخ (ت، يوليوس سيلسوس) قد دفن فيها. وهنالك مكتبات شهيرة عدة في جامعة دبلن (كلية ترينيتي) عام 800 والمكتبة الوطنية النمساوية عم 1723. (knowlegeOworld.blogpost.comm) وبعد، فإن أي صرح حضاري يُقام على أرض قطر، هو خدمة لمن يعيش على هذه الأرض، وزرعٌ سيؤتي أُكلهُ ليس اليوم، ولكن لأجيال قادمة!

5577

| 25 أبريل 2018

اليوم العالمي للمرأة

يحتفل العالم يوم الثامن من مارس من كل عام باليوم العالمي للمرأة، من أجل التأكيد على حقوق المرأة وصيانة كرامتها وحفظها من الإجراءات المُحطَّةِ بهذه الكرامة، سواء كانت اجتماعية أم اقتصادية أم فيزيائية أم نفسية. وحسب تقارير الأمم المتحدة ، فإن التحرُّش الجنسي والعنف والتمييز ضد النساء قد تصدرت المشاكل التي تعاني منها المرأة، ولعل مبادرة (أعدّوها) Step it up Initiative  من العناوين الرئيسية للتعجيل بجدول أعمال مؤتمر 2030 لتحقيق المساواة بين الجنسين وضمان التعليم الجيد والشامل للجميع. أما الأهداف الرئيسية لجدول أعمال 2030، فقد تناول قضية عدالة التعليم للجنسين والقضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة، والقضاء على الممارسات الضارة، مثل زواج الأطفال، والزواج المبكر، والزواج القسري وتشويه الأعضاء التناسلية للمرأة. ولم تكن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة باسم ( سيداو) Convention on the elimination of all form of discrimination against women، إلا إحدى المحاولات التي رعتها الأمم المتحدة، ولكن الاهتمام بفكرة حقوق المرأة قد برزت عام 1909 بإضراب عاملات صناعة الملابس في نيويورك، تنديداً بظروف العمل الصعبة. وفي عام 1910 قرر الاجتماع الاشتراكي في (كوبنهاجن) بالدنمارك اعتماد يوم المرأة يوماً دولياً هدفه تكريم الحركة الداعية إلى توفير الحقوق الإنسانية للنساء. وخلال عامي 1913-1914 برزت المرأة داعيةً للسلام بعد الحرب العالمية الأولى، تعبيراً عن التضامن مع الناشطين ضد الحرب. وفي عام 1917 خرجت النساء الروسيات في تظاهرات (من أجل الخير والسلام). حتى جاء عام 2014، حيث الاجتماع السنوي للدول (CSW 58) والدورة 58 للجنة وضع المرأة. في تقرير صدر عام 2017 عن (الأسكوا) – لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا- بعنوان (وضع المرأة العربية عام 2017)- العنف ضد المرأة، أشار إلى أن المرأة تتعرض للعنف في جميع مناطق العالم، بغض النظر عن لونها، عرقها، دخلها ، سنها، تعليمها. وقال التقرير: "إن واحدة من أصل ثلاث نساء – على مستوى العالم – تعرضت للعنف الفيزيائي والجنسي في مرحلة من مراحل حياتها". وحسب (منظمة الصحة العالمية) ( World Health Organization ) فإن العنف الفيزيائي والجنسي حتى بين الأزواج وصل إلى 30% في حدوده العليا، ووصل في إفريقيا وشرق المتوسط وجنوب شرق آسيا إلى 37%، مقارنة بـ 25% في أوروبا وغرب المحيط الهادي. وحسب التقرير المذكور، فإن المنطقة العربية، والتي يذكر التقرير أن المعلومات شحيحة فيها، شهدَ الأردن حقيقةَ أنه يوجد ثلث المتزوجات (في عمر 15-49) تعرَّضن لعنف فيزيائي (الضرب، الرفس، الصفع). وفي دراسة أجريت في مصر، ذكر التقرير، أن النساء تعرضن للإيذاء الجنسي واللمس غير المرغوب فيه. وفي صنعاء، ذكر التقرير أن 90% من النساء – اللاتي تمت مقابلتهن – ذكرن أنهن تعرَّضن للإيداء الجنسي في العلن. وفي تونس ذكرت دراسة شملت ثلاثة آلاف امرأة (من 18-64) أن حوالي نصف المبحوثات تعرضن للإيذاء النفسي والفيزيائي في الأماكن العامة. كما ذكر التقرير أن حوالي 35% من المتزوجات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعرَّضن للعنف الفيزيائي والجنسي من شركائهن. وانتقد التقرير المذكور عدم قيام الدول، خصوصاً في المنطقة العربية، بتعديل قوانينها باتجاه مساواة المرأة، وتمتعها بحقها في مقاضاة الرجل الذي تتعرض للإيذاء علي يده. في حقيقة الأمر، فإن الخوف الاجتماعي، وتردُّد المرأة عن تسجيل حالات الاعتداء عليها من الأسباب التي تزيد في بقاء المشكلة وتفاقمها مع الزمن. نحن ننظر نظرة احترام وتقدير للمرأة، ولا بد من تعميم الدراسات والتقارير الأممية على المراكز والجهات المختصة، ليس فقط لسنِّ القوانين والتشريعات، بل لتنفيذ تلك القوانين – دون انتقاء – من قبل الجهات التنفيذية. كما أن الإعلام يلعب دوراً مؤثراً في قضية التقويم والتعريف بالحقوق الأساسية للمرأة، وأهمية حفظ كرامتها وصيانة حقوقها، إن العديد من الأفلام العربية والمسرحيات أظهرت المرأة بهيئة ضعيفة ومُذلة، فهي تتعرض للضرب، وهي تُهان لفظياً، وهي يخونها زوجها، وهي راقصة، وهي عاملة في الحانات، وغيرها من المشاهد المُحطة بالمرأة.  إن معظم الدساتير في العالم لا تفرق بين الجنسين في الحقوق والواجبات، ولقد جاء في الدستور القطري (المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات) الباب الثالث – مادة 34. وجاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً، وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء). – المادة الأولى. وهذا تأكيد واضح على أحقية المرأة في نيل حقوقها كاملة وعلى كافة الصُعد. لقد احتفل العالم هذا العام باليوم العالمي للمرأة، في وقت ترزحُ فيه المرأة السورية تحت وطأة التشرد واللجوء القسري خارج بلدها، بعد أن ساءت الحياة في هذا البلد، ويتعرض أطفالها في المخيمات إلى ضياع فرص التعليم ولربما انتشار الجريمة أو الاعتداء الفيزيائي. كما تتعرض المرأة اليمنية إلى ذات الضيم بعد أن خرّبت الحربُ الدائرة في بلادها ما بقي من بنىً تحتية ومدراس ومستشفيات، إضافة لانتشار الأمراض، وصعوبة إيصال الأدوية لمحتاجيها، ناهيك عن التغيرات الديموغرافية التي سببتها السياسية في ذاك البلد.   كما تتعرض المرأة العراقية إلى ذات المشكلة مُذ أن تم احتلال العراق وتقويض الإدارة فيه منذ عام 2003! وكما ذكر التقرير، فإن المعلومات المتعلقة بهذا الموضوع شحيحة، والدول لا تتجرأ أن تجاهر بحقيقة أوضاع المرأة فيها. وهنالك بلدان عربية أخرى لا تحصل المرأة فيها على حقوقها، كما لا توجد جمعيات تتبني الدفاع عن المرأة حال تعرُّضها للاعتداء أو الحياة القسرية. إن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة يجعلنا نُعيد النظر في أمور كثيرة، لعل أهمها، وقف الحروب والقضاء على مسبباتها، ووقف دعوات الكراهية والاستفزاز السياسي، وأجواء المشاحنات التي تقع المرأة ضحية لها، سواء على المستوى الاجتماعي أم الاقتصادي أم النفسي أم الصحي. بل ويُحفّزنا هذا الاحتفال لأن نعيد التوازن في علاقاتنا الأسرية، فكم من "عادة اجتماعية" ظلمت المرأة وحقّرتها وأمعنت في إهانتها.

6493

| 19 مارس 2018

الكويت تضمّد جراح العراق

حوالي 335 مليون دولار هي حصيلة التعهدات التي خرجت بها جلسة يوم الإثنين الماضي من مؤتمر المنظمات غير الحكومية لدعم الوضع الإنساني في العراق، وذلك لتنفيذ برامج إنسانية وتنموية في العراق، خصوصاً في المناطق التي ألحق بها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أضراراً جسيمة ودمّر البنى التحتية بأسرها، (تعهدت مؤسسة التعليم فوق الجميع القطرية بتقدم 13.430 مليون دولار، ومؤسسة قطر الخيرية بتقديم 3 ملايين ريال)، فيما يبدو أنه توجّهٌ كويتي لدعم العراق، ولتضميد جراحه، بعد أن تمزّق هذا البلد على أسس عرقية ومذهبية بعد زوال نظام صدام حسين. ثم حلّ به تنظيم (داعش) وزادهُ غصةً على غصاته، وأوصى المشاركون في ختام المؤتمر بتنفيذ برامج في مجالات الصحة والإيواء والتعليم والتأهيل، وغيرها من البرامج الإنسانية التي يحتاجها العراق، كما شدد المشاركون على وضع آلية لمتابعة تنفيذ نتائج المؤتمر،  وكان رئيس الهيئة الإسلامية الخيرية العالمية والمستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة د. عبدالله المعتوق قد أكد وجود آلية واضحة تضمن وصول التبرعات لمستحقيها في العراق، ولفت النظر إلى أن المؤتمر سيتّبع نفس آلية الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، تجنباً لأية شبهات في إيصال التبرعات لمستحقيها.  وكان هذا الموضوع مثار نقاش كبير في بعض (الديوانيات) الكويتية التي حضرتها، حيث أكد بعض روادها على ألا تكون التبرعات في شكل أموال نقدية يتسلمها طرف حكومي في العراق، وهو أمر مشروع في هذه المرحلة.  وتساءل بعضهم: ماهي الشركات التي سوف تتولى عمليات الإعمار ومن يمتلكها؟ وكان مسؤول عراقي (المدير العام في وزارة التخطيط العراقية (قصي عبدالفتاح) قد قدّر تكاليف إعادة إعمار العراق وتحقيق الانتعاش فيه بحوالي 88 مليار دولار، وهو رقم مازال بعيداً عن الرقم الذي تحقق في جلسة منظمات المجتمع المدني، والأمل أن يتم رفع هذا الرقم في الجلسات المقبلة التي ستُعقد يوم الثلاثاء (أمس)، لأن تبرعات الدول بلاشك ستكون أعلى من تبرعات منظمات المجتمع المدني. وكان سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح قد أكد "ضرورة تفويت الفرصة على مثيري الفتن والتصدي لها بجميع الوسائل" وتمنى أن يعم الأمن والسلام والاستقرار على العراق الشقيق وعلى المنطقة، وذلك خلال استقباله لوفد الصحفيين العراقيين يوم الإثنين الماضي.  ولقد أشاد مسؤولون عراقيون ودوليون بدور دولة الكويت في دعم إعمار العراق، معتبرين أن دولة الكويت أصبحت منصة لدعم العمل الإنساني. وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشراكة مع الشرق الأوسط ووسط آسيا (رشيد خاليكوف): إن عقد هذا المؤتمر دليل على القيادة الإنسانية لسمو أمير دولة الكويت، ويعكس دور الكويت البارز في توفير المساعدات الإنسانية، انطلاقًا من مبادئ الإسلام النبيلة. وكان متحدث باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي (حيدر العبادي) قد اعتبر مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق فرصة لتأكيد التزام المجتمع الدولي تجاه دعم العراق، وأن هذا المؤتمر فرصة أساسية لهذا الالتزام، بعد أن تحقق النصر على الإرهاب، ولتفعيل الشراكة الدولية مع العراق. وكانت الجلسة الثانية والثالثة من أعمال مؤتمر منظمات المجتمع المدني قد شهدتا عرض أفلام وتعليقات لحالات الدمار الفيزيائي والدمار النفسي الذي لحق بفئات كبيرة من الشعب العراقي ممن وقعت مناطقهم في يد (داعش)، الأمر الذي يستلزم جهوداً جبارةً لإعادة تأهيل الحجر والبشر. ولقد رُويت حالات لمشاهد عنف وقتل وإهانة للإنسانية لحقت بالأطفال والنساء، بل إن أحدهم روى أن الأطفال العراقيين يحتاجون لتأهيل نفسي متخصص، بعد أن شوهد حالة إعدام عراقي وهو ممسك بيد طفله الصغير! ناهيك عن حالات اغتصاب النساء أو بيعهن في الأسواق ( كما تم ذلك مع الطائفة الإيزيدية العراقية). واعتبر خبراء أوروبيون أن دعم العمل الإنساني لن يقتصر على إعادة البناء وإعمار المناطق المتضررة من الحرب على الإرهاب، وإنما يمتد لمساعدة النازحين الذين يُقدر عددهم بحوالي أربعة ملايين نازح، وتوفير الملجأ والتعليم والتطبيب لهم. وكانت قد انطلقت مساء أمس (الثلاثاء) جلسات الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد تنظيم (داعش) بحضور 74 عضواً من الدول والمنظمات الدولية في إطار مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق، ويشارك في هذا المؤتمر وزير الخارجية الأمريكي (ريكس تيلرسون)؛ الذي سوف يعقد مؤتمراً صحفياً بعد الجلسة الأولى للمؤتمر. وكانت المُمثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي (فيديريكا موغريني) قد أكدت وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب دولة الكويت لإنجاح المؤتمر، مشيدة بدور أمير دولة الكويت ورئاسته للمؤتمر. وأكدت وقوف الاتحاد الأوروبي مع دولة الكويت لدعم العراق، كما أشارت إلى أن هزيمة ( داعش) تعتبر نقطة تحوّل في تاريخ العراق، ويمكن أن تُعطي الأمل للمنطقة بأكملها، واعتبرت أن دولة الكويت تمثل "قوة الحوار والاعتدال في المنطقة". وكان معالي الشيخ صباح الخالد الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي قد أكد لدى افتتاحه المركز الإعلامي المصاحب للمؤتمر أن مؤتمري الأمس يمثلان رسالة بشأن التزام المجتمع الدولي باستقرار العراق، ومواصلة الجهود الدولية للحفاظ على أمن المنطقة من خلال مواجهة تنظيم (داعش)، وأن المؤتمرَين جاءا ترجمة لتوجيهات سمو أمير دولة الكويت بالعمل على دعم العراق. كما أثنى (الخالد) على جهود الحكومة العراقية بانتصاراتها على (داعش) الإرهابي وتحرير أراضي العراق منه. ولاحظ مراقبون ممن حضروا المؤتمر الصحفي لـ (الخالد) أن الخطاب الكويتي تجاه العراق يتّسم بالدفء والمودة، كما أن المسؤولين والإعلاميين العراقيين أبدوا – خلال كلماتهم – ودّاً واضحاً وكبيراً تجاه إخوانهم الكويتيين، وقد خص أمير دولة الكويت الصحفيين العراقيين – دون غيرهم – بلقاء خاص. وبانتظار عقد جلسات اليوم، والبيان الختامي المرتقب، فإن أسئلة مشروعة تدور في أذهان العديد من المراقبين، فهل خرج العراق من أزمته "الدهرية" المتمثلة في الانشطار العرقي والمذهبي؟ وهل يوجد ضمانٌ بعد ظهور تيارات ومنظمات إرهابية مثل (داعش)؟ بل ومن أظهر (داعش) للوجود بعد القضاء على (القاعدة)؟ وهل سيتم إعمار كل مناطق العراق، بغض النظر عن غالبية سكان مناطقه؟ حيث أشارت صحفية كردية – خلال المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية الكويتي – إلى أن الاهتمام بالمناطق الكردية ضعيف ومعدوم مقارنة بالمناطق الأخرى، وأن المناطق الكردية هي الأكثر تضرراً من (داعش)، مثل نينوى، جلولاء، تلعفر، ودهوك.. وغيرها، التي جرت فيها عمليات تعذيب واغتصاب رهيبة، وأن أهلها يحتاجون لتأهيل سريع. ناهيك عن أن الآلة الإعلامية لـ (داعش) قد مسحت عقول الأطفال وغيّرت المناهج كي تتواءم مع الأفكار الداعشة، وأبرز مثال أورده أحد المتحدثين، أنه حتى في العمليات الحسابية يتم استخدام فكرة العنف مثل (رصاصة + رصاصة = ؟؟) ناهيك عن وعود الشباب الغضّ بحوريات الجنة، وأن هذه الحياة لا تستحق العيش.. إلخ. الأمل معقود على الآلية التي سيتم تطبيقها في توزيع المساعدات ومشاريع الإعمار، وبما يضمن إخراج العراق من أزمته.

1259

| 14 فبراير 2018

ملتقى المرأة في الإعلام والدراما

حالت ظروف دون تلبية الدعوة الكريمة التي تلقيتها من مركز الحماية والتأهيل الاجتماعي (أمان) لحضور ملتقى المرأة في الإعلام والدراما، لكنني تابعت جلسات الملتقى عبر الصحافة. وسعدتُ بتبني الملتقى فكرة عمل مشترك بين المركز ومؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لدول الخليج العربية حول موضوع العنف ضد المرأة في الدراما والإعلام، وكذلك اعتماد عقد هذا الملتقى بصورة دورية. وإذا كان للمرء أن يقترح حول الإطار العام للملتقى فإن وضع كلمة (الإعلام) قد تُشكل على المتلقي، لأن الإعلام هو الوعاء الذي تصب فيه المادة الإعلامية، ولأن العنف ضد المرأة يبرز كظاهرة واضحة في الأعمال الدرامية في المقام الأول، ولأن بقية مناشط الإعلام لا تظهر في مشاهد عنف ضد المرأة، ونعني بذلك برامج الإذاعة والتلفزيون أو الصحافة أو وسائل التواصل الاجتماعي، إلا إذا اعتبرنا فرص التوظيف في المؤسسات الإعلامية على أنها تنحاز للرجل، أو نظرة المجتمع لعمل المرأة في الإعلام، فإن التسمية الفضلى للملتقى تكون (العنف ضد المرأة في الدراما العربية)! وكنت قد أعددت مداخلة قصيرة بعد أن تلقيت الدعوة، ويسرني أن أشارك القارئ الكريم فيها، وكانت كالتالي: كل الشرائع والمواثيق الدولية تُدلل على سواسية البشر، أي المرأة والرجل. ولقد ذكر القرآن الكريم هذا الأمر، في قوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم) الحجرات 13 وكلمة (الناس) في الآية تعني الرجل والمرأة. ولقد ورد ذلك في أكثر من موضع في القرآن الكريم والسُنّة النبوية، بضرورة الاهتمام بالمرأة وعدم تعريضها للأذى. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي مادته الأولى، ينص على: (يولد جميع الناس أحرارًا متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وُهبوا عقلًا وضميرًا، وعليهم أن يُعامل بعضهم بعضًا بروح الإخاء) والناس هنا تعني الرجل والمرأة. اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميّز ضد المرأة Cedaw(Convention on the Elimination of all forms of Discrimination Against Women)، التي تم اعتمادها في 18/12/1979 من قبل الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ودخلت حيّز التنفيذ في 3/9/1981 تعتبر التميّز ضد المرأة كالتالي: (أية تفرقة أو استعباد أو تقييد يتم على أساس الجنس، ويكون من آثاره أو أغراضه توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية، وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل). إذن، فإن للمرأة حق المساواة مع الرجل، وبالتالي يتوجب احترامها ومعاملتها بالحسنى حسب الأصول الإنسانية. ولأن الدراما التلفزيونية هي الوعاء الذي تظهر فيه أشكال العنف ضد المرأة، فلسوف أركز هنا على هذه الدراما. - نحن ندرك أن المشاهد التلفزيونية تدعم (Reinforces) الدوافع والاستعدادات لدى الإنسان، دون أن تغيّر سلوكه، كما يعتقد كثيرون. وبالتالي فإن الإنسان الذي يحمل دوافع واستعدادات عدوانية سوف يتأثر عندما يشاهد مشاهد عدوانية والعكس بالعكس. - أثبتت دراسات علمية أن الأفلام الأجنبية تشكل خطرًا على الصغار والكبار، وأن الذكور أكثر ميلًا للعنف عن الإناث، ودعت إحدى الدراسات إلى ضرورة تقديم أبطال الأفلام المحبوبين أو المشهورين في مظهر القدوة الطيبة والحسنة. (الأهرام 16/3/213) - ودعت دراسة أخرى إلى ضرورة تقديم المرأة على الخارطة الدرامية بشكل إيجابي، وتعرض نماذج طيبة للنساء في أدوار سياسية واجتماعية وثقافية، وأكدت الدراسة أن 75% من إجمالي القضايا التي تناقشها المسلسلات الدرامية العربية تتناول قضية العنف ضد المرأة، تليها قضيتا قدرة المرأة على الإبداع وتجاوز الصعاب، وقضية التحرش وبنسبة 7ر41% لكل منهما. وكشفت الدراسة أن ما نسبته 82ر52% من الإنتاج الدرامي أظهر المرأة في أدوار إنجابية بحتة، مقابل 40% ظهرت فيها المرأة في أدوار إنتاجية اجتماعية. (الوسط، 30/9/2013) نخلص من هذا إلى أن ظهور المرأة في الدراما العربية لم يكن بالمستوى المأمول، وأنه تم إظهارها بصورة مسيئة لها ولكيانها إلا ما ندر. ومن ملاحظاتنا على وجود المرأة في الأعمال الدرامية الآتي: 1- تركيز بعض المسلسلات على نماذج المرأة في أوضاع غير إيجابية مثل: النرفزة، الصراخ، عدم احترام الوالدين، الضرب، الخيانة، المرض النفسي، الانعزالية، السطحية، عدم الواقعية..إلخ. 2- خلو المسلسلات من قيمة الخيال الواسع، مما يمكن أن يفتح الآفاق نحو حسن إظهار المرأة، في مقابل الاحتفاء الكثير بالملابس والماكياج والديكورات. 3- إقحام عبارات حادة وخارجة على الذوق تؤدي إلى الانفعال والاعتداء على المرأة، وهذا (عنف لفظي وفيزيائي)، مما يجعل المشاهد يُركز على مشهد العنف ويهمل هدف المشهد. 4- إظهار المرأة في أدوار غير إنتاجية، فقليلًا ما نشاهد المرأة طبيبة أو محامية أو رئيس مجلس إدارة، في الوقت الذي يتكرر ظهورها كمطلقة، أو جَدّة مُسنّة تستدر العطف، أو زوجة ثانية، أو مراهقة عابثة مع الهاتف.. إلخ. 5- التركيز على قانون (العيب) الاجتماعي، إذ أن كثيرًا من المسلسلات تنقل المفاهيم الاجتماعية وإن كانت خاطئة، ويتم التركيز على سيادة الثقافة الذكورية، الأمر الذي يضع المرأة في درجة أدنى من الرجل. 6- سوء تفسير القيم الدينية في الدراما التلفزيونية، وإظهار المرأة طبقًا لذلك في شكل سلبي، استنادًا لمفاهيم وتفسيرات غير دقيقة لبعض المواقف الدينية، مثل: المرأة ناقصة عقل ودين! 7- المبالغة في تمجيد خصائص الذكورة، والحط من قدر المرأة، والتي تُحصر في رعاية المنزل والإنجاب. دون تقدير عقلها وقدرتها على الإنتاجية. 8- ندرة كاتبات الدراما من النساء مقارنة بالرجال، وهذا يؤدي إلى "انحياز" بعض الكتاب للذكورية، بحكم سيطرة قوة النوع في الكتابة. أعتقد نحن بحاجة إلى خارطة طريق جديدة للتأليف الدرامي، وهنالك الكثير من الروايات العربية الجيدة التي نحتاج لتحويلها إلى مسلسلات درامية، حتى نبتعد بالإنتاج الدرامي عن نمطية نقل الواقع التي أصَّلت مفاهيم العنف ضد المرأة، وتصويرها بأنها على درجة أدنى من الرجل. نحتاج إلى مسلسلات تبث الأمل، والرومانسية النبيلة، واحترام الآخر، بعيدًا عن الصراخ والمشاحنات والاعتداء الفيزيائي الذي يقع على المرأة، وهذا يعتمد على حُسن استخدام فضاءات الخيال والإبداع، حتى نضع المرأة في المكان الذي تستحقه في ذاك الإنتاج، وبما يمكن التأثير به على جنوح بعض الرجال في استخدام العنف ضد المرأة في واقع الحياة.

1981

| 01 يناير 2018

alsharq
شاطئ الوكرة

في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول...

4293

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
«أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي»

-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو...

2043

| 07 ديسمبر 2025

alsharq
في رحيل الشيخ محمد بن علي العقلا

فجعت محافل العلم والتعليم في بلاد الحرمين الشريفين...

1788

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
الفدائي يشعل البطولة

لم يدخل المنتخب الفلسطيني الميدان كفريق عابر، بل...

1452

| 06 ديسمبر 2025

alsharq
مباراة لا تقبل القسمة على اثنين

تتجه أنظار الجماهير القطرية والعربية إلى استاد خليفة...

1173

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
ثلاث مواجهات من العيار الثقيل

مواجهات مثيرة تنطلق اليوم ضمن منافسات كأس العرب،...

1149

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
خيبة تتجاوز الحدود

لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب...

1113

| 10 ديسمبر 2025

alsharq
الدوحة.. عاصمة الرياضة العربية تكتب تاريخاً جديداً

لم تعد الدوحة مجرد مدينة عربية عادية، بل...

909

| 03 ديسمبر 2025

alsharq
القيادة الشابة VS أصحاب الخبرة والكفاءة

عندما يصل شاب إلى منصب قيادي مبكرًا، فهذا...

873

| 09 ديسمبر 2025

alsharq
درس صغير جعلني أفضل

أحياناً نمر بأسابيع تبدو عادية جداً، نكرر فيها...

669

| 05 ديسمبر 2025

alsharq
خطابات التغيّر المناخي واستهداف الثروات

تشهد الساحة الدولية اليوم تصاعدًا لافتًا في الخطابات...

645

| 04 ديسمبر 2025

alsharq
أنصاف مثقفين!

حسناً.. الجاهل لا يخدع، ولا يلبس أثواب الحكمة،...

612

| 08 ديسمبر 2025

أخبار محلية