رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تناولنا في الجزء الأول من هذا المقال قضية تحوّل الطلبة من المدراس الخاصة إلى المدارس الحكومية، خلال العام الدراسي 2017-2018، وعرضنا بعض المحطات التي يجب التوقف عندها لتجاوز أزمة التعليم، واليوم نكمل شرح بقية المحطات.
1- كفاءة المدرس: وهو أسٌ هام من أسس العملية التربوية والتعليمية! أخبرني صديق – من المدرسين العرب في إحدى المدارس – أنه تم توظيف ميكانيكي في وظيفة مدرس لمادة الحساب! طبعًا نتحدث هنا عن (الواسطة) التي قد تدخل في عملية اختيار المدرسين في بعض المدارس الخاصة، ونظرًا لتعدد المدارس وازدياد أعداد الطلبة والطالبات، فإن هذا التوسع يحتاج إلى أعداد كبيرة من المدرسين، وقد يكون عامل الوقت له دور في "تغلغل" بعض المدرسين والمدرسات من غير الأكْفاء مع تواضع مؤهلاتهم. إضافة لذلك، فإن كان لدى المدرس مشاكل في السكن، وفي أخذ أولاده إلى المدارس، وأخذ زوجته إلى مقر عملها، ولربما لديه مشاكل مع أهله في بلده، فإنه لن يستطيع الوفاء بالعملية التربوية والتعليمية، مقارنة بالمدرس الذي يُسخّر جلّ وقته لمهمته وليس لديه ما يُشغله عنها. ناهيك إن كان الأول يقضي المساء كله في الدروس الخصوصية!؟ فالمنهج الجيد، يحتاج إلى مدرس جيد، صحي البدن، متوقد التفكير. كما أن المنهج الجيد يحتاج إلى مدرس مُبدع، لأن عملية التعليم هي خلقٌ وإبداع في المقام الأول. كما أن توصيل المنهج بالطرق التقليدية لا يُحقق الأهداف التي تسعى لها المؤسسات التعليمية، ذلك أن المدرس هو (القائد) في الفصل، ويجب أن يكون قدوة للطلبة، ويشمل ذلك: إلمامه بقواعد اللباقة واللياقة، مع احتفاظه بكاريزما القيادة، وسرعة بديهته عند حدوث مشكلة، وعدالته وتأنيه في الحكم على الأمور، وسعتة اطلاعه، وثراء معلوماته العامة ، وقدرته على السيطرة على الفصل، دونما حاجة للوعيد والتهديد، وأن يعامل الطلبة مثل أبنائه أو اخوته، وأن يمارس الحزم عبر الرأي السديد، كما أن لمظهر المدرس العام دورا مهما في اكتمال شخصيته. وضمن موضوع الكفاءة، تدخل أمورٌ ونشاطاتٌ تحبب الطالب في المادة، مثل: الزيارات الميدانية خارج أسوار المدرسة، الرحلات، البحث في الإنترنت.. إلخ. ويتعلق موضوع كفاءة المدرس بمدى تخصصه في المادة التي يُدرسّها – دون أن تمارس عليه الإدراة ضغوطًا لتدريس مادة يعرفها – وبمتابعته للجديد الذي يحصل في العالم من تطور على المادة. إن مدرسًا قضى ثلاثين عامًا يُدرس مادة دون أن يتابع ما يجري من تطور عليها، خصوصًا في المصادر الأجنبية، لا يكون جديرًا بتوصيل المادة توصيلًا أكاديميًا جيدًا.
2- نأتي إلى الجدول اليومي: فلقد ظهرت دراسات عن تراكم الحصص وإنهاك الطالب بتتابع الحصص، وذلك يؤثر تأثيرًا سلبيًا على تحصيل الطالب. وهنالك من الدول مَن قلّص عدد ساعات الدراسة، في المراحل الأولى (روضة، ابتدائي، إعدادي، ثانوي)، كي يحقق الطالب ميزة الاعتماد على الذات باكتشاف العالم من حوله. إن زيارة طلبتي – بكلية المجتمع – إلى مقر (سهيل سات) بالدوحة، كانت نتائجها مُبهرة ومفيدة، حيث خرج الطلبة من بين الجدران الأربعة، وناقشوا متخصصين غيري، وشاهدوا الخرائط والمُرسلات على طبيعتها. وهذا يؤكد أهمية إشراك الطالب في العملية التعليمية، والتقليل من التعليم (الرأسي)، وما يستتبعه من "حشو" قد لا يكون مفيدًا للطالب. لذا، فإن إعادة النظر في جدول توزيع الحصص من الأمور الهامة التي تساعد في إنجاح العملية التعليمية.
3- تحبيب الطالب في القراءة: من المعروف لدينا أن غالبية طلبة وطالبات هذه الأيام، لا يقرَؤون! وهذا يؤثر على حجم وطبيعة معارفهم وتجاربهم، مع التقدير لما يأخذونه من الإنترنت، والذي لدينا عليه ملاحظات عديدة! وأعتقد أن مشاهدة طالب لسيارة تنقلب، أو يقودها شاب على عجلتين، أو ببغاء تتكلم، أو قرد يدخن سيجارة، أو (نكته)، أو "هلا بالخميس"،..إلخ ، كل هذه المعلومات لا تُثري عقل الطالب، وإن أضحكته لثوان، إلا أنها تساهم في تسطيح معلوماته. وما يجب اتباعه هنا، أن يُكلف المدرسُ طلبته بقراءة كتاب، وتلخيصه، وشرحه أمام الطلبة (لقاء درجة في مجموع الدرجات)، حتى لا يُهمل الطالب هذا التكليف! وعلى المدرس أن يُدرك أنه من خلال تدريسه، يمكن أن يخرج شعراء وكتُاب قصة، وفنانون تشكيليون، ومخرجون، ومسرحيون... لذلك، فإن القراءة خارج المنهج ضروية جدًا لإثراء معارف الطالب.
4- ويتعلق الأمر الأمر أيضًا بمدى معرفة الطالب اللغة العربية! فبسلامة اللغة يسلم التعليم. ونحن اليوم تواجهنا مشكلة عدم إجادة اللغة العربية في المراحل الجامعية، لأن بعض الطلبة والطالبات نتاج المدارس الأجنبية، ونظرًا لعدم وجود التوجيه المُمنهج من قبل الأسرة، نجد هذا الطالب أو تلك الطالبة يدخلان في تخصصات عربية! وهذا يوقعهما في مشاكل عدة لمواجهة متطلبات المساق! وأرى أن حُسن إيصال مادة اللغة العربية – خصوصًا النحو والصرف – وبطريقة مُبسّطة من الأمور الأساسية في تعويد الطلبة على الاستخدام السليم للغة العربية، خصوصًا في ظل الاستخدام غير السليم لهذه اللغة، عبر أدوات التواصل الاجتماعي. ولا بد للمدرس أن يقارن بين تدريس اللغة – في الماضي – وبين تدريسها في الوقت الراهن، خصوصًا في ظل وجود تكنولوجيا التعليم، والتي تساعد على سرعة إيصال المعلومة وإبهارها للطالب، عوضًا عن الطبشور والسبورة. ويتصل الأمر بترديد آيات الذكر الحكيم في الفصل كشواهد لمنهج اللغة العربية. كما أن إدخال الشعر والأغنية (باللغة الفصحى) من الوسائل التي تُعين الطالب على حفظ النحو والصرف.
وأخيرًا، فإن تريبة وتعليم هذا الجيل أمانة في رقابنا جميعًا، ولا بد من أن تتظافر الجهود، خصوصًا جهود الأسرة، في دعم المبادرات الإيجابية نحو خلق مواطنين قادرين على التعامل مع معطيات العصر، في الوقت الذي لا يفرطون فيه بقيمهم وتقاليدهم الإيجابية، وأن يضعوا نُصب أعينهم خدمة مجتمعهم ووطنهم بطريقة ناجحة، في الوقت الذي يُنشؤون فيه بيوتًا ناجحة ويحسنون إدارتها.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي يجمع المنتخبين الأردني والمغربي على استاد لوسيل، في مواجهة تحمل كل مقومات المباراة الكبيرة، فنيًا وبدنيًا وذهنيًا. المنتخب الأردني تأهل إلى النهائي بعد مشوار اتسم بالانضباط والروح الجماعية العالية. كما بدا تأثره بفكر مدربه جمال السلامي، الذي نجح في بناء منظومة متماسكة تعرف متى تضغط ومتى تُغلق المساحات. الأردن لم يعتمد على الحلول الفردية بقدر ما راهن على الالتزام، واللعب كوحدة واحدة، إلى جانب الشراسة في الالتحامات والقتالية في كل كرة. في المقابل، يدخل المنتخب المغربي النهائي بثقة كبيرة، بعد أداء تصاعدي خلال البطولة. المغرب يمتلك تنوعًا في الخيارات الهجومية، وسرعة في التحولات، وقدرة واضحة على فرض الإيقاع المناسب للمباراة. الفريق يجمع بين الانضباط التكتيكي والقوة البدنية، مع حضور هجومي فعّال يجعله من أخطر منتخبات البطولة أمام المرمى. النهائي يُنتظر أن يكون مواجهة توازنات دقيقة. الأردن سيحاول كسر الإيقاع العام للمباراة والاعتماد على التنظيم والضغط المدروس، بينما يسعى المغرب إلى فرض أسلوبه والاستفادة من الاستحواذ والسرعة في الأطراف. الصراع في وسط الملعب سيكون مفتاح المباراة، حيث تُحسم السيطرة وتُصنع الفوارق. بعيدًا عن الأسماء، ما يجمع الفريقين هو الروح القتالية والرغبة الواضحة في التتويج. المباراة لن تكون سهلة على الطرفين، والأخطاء ستكون مكلفة في لقاء لا يقبل التعويض. كلمة أخيرة: على استاد لوسيل، وفي أجواء جماهيرية منتظرة، يقف الأردن والمغرب أمام فرصة تاريخية لرفع كأس العرب. نهائي لا يُحسم بالتوقعات، بل بالتفاصيل، والتركيز، والقدرة على الصمود حتى اللحظة الأخيرة.
1038
| 18 ديسمبر 2025
لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد تحديثٍ تقني أو خطوةٍ إدارية عابرة، بل كان دون مبالغة لحظةً كاشفة. فحين سمحت منصة (إكس) بقرارٍ مباشر من مالكها إيلون ماسك، بظهور بيانات الهوية الجغرافية للحسابات، لم تنكشف حسابات أفرادٍ فحسب، بل انكشفت منظوماتٌ كاملة، دولٌ وغرف عمليات، وشبكات منظمة وحسابات تتحدث بلسان العرب والمسلمين، بينما تُدار من خارجهم. تلك اللحظة أزاحت الستار عن مسرحٍ رقميٍّ ظلّ لسنوات يُدار في الخفاء، تُخاض فيه معارك وهمية، وتُشعل فيه نيران الفتنة بأيدٍ لا نراها، وبأصواتٍ لا تنتمي لما تدّعيه. وحين كُشفت هويات المستخدمين، وظهرت بلدان تشغيل الحسابات ومواقعها الفعلية، تبيّن بوضوحٍ لا يحتمل التأويل أن جزءًا كبيرًا من الهجوم المتبادل بين العرب والمسلمين لم يكن عفويًا ولا شعبيًا، بل كان مفتعلًا ومُدارًا ومموّلًا. حساباتٌ تتكلم بلهجة هذه الدولة، وتنتحل هوية تلك الطائفة، وتدّعي الغيرة على هذا الدين أو ذاك الوطن، بينما تُدار فعليًا من غرفٍ بعيدة، خارج الجغرافيا. والحقيقة أن المعركة لم تكن يومًا بين الشعوب، بل كانت ولا تزال حربًا على وعي الشعوب. لقد انكشفت حقيقة مؤلمة، لكنها ضرورية: أن كثيرًا مما نظنه خلافًا شعبيًا لم يكن إلا وقودًا رقميًا لسياسات خارجية، وأجندات ترى في وحدة المسلمين خطرًا، وفي تماسكهم تهديدًا، وفي اختلافهم فرصةً لا تُفوّت. فتُضخ التغريدات، وتُدار الهاشتاقات، ويُصنع الغضب، ويُعاد تدوير الكراهية، حتى تبدو وكأنها رأي عام، بينما هي في حقيقتها رأيٌ مُصنَّع. وما إن سقط القناع، حتى ظهر التناقض الصارخ بين الواقع الرقمي والواقع الإنساني الحقيقي. وهنا تتجلى حقيقة أعترف أنني لم أكن أؤمن بها من قبل، حقيقة غيّرت فكري ونظرتي للأحداث الرياضية، بعد ابتعادي عنها وعدم حماسي للمشاركة فيها، لكن ما حدث في قطر، خلال كأس العرب، غيّر رأيي كليًا. هنا رأيت الحقيقة كما هي: رأيت الشعوب العربية تتعانق لا تتصارع، وتهتف لبعضها لا ضد بعضها. رأيت الحب، والفرح، والاحترام، والاعتزاز المشترك، بلا هاشتاقات ولا رتويت، بلا حسابات وهمية، ولا جيوش إلكترونية. هناك في المدرجات، انهارت رواية الكراهية، وسقط وهم أن الشعوب تكره بعضها، وتأكد أن ما يُضخ في الفضاء الرقمي لا يمثل الشعوب، بل يمثل من يريد تفريق الأمة وتمزيق لُحمتها. فالدوحة لم تكن بطولة كرة قدم فحسب، بل كانت استفتاءً شعبيًا صامتًا، قال فيه الناس بوضوح: بلادُ العُرب أوطاني، وكلُّ العُربِ إخواني. وما حدث على منصة (إكس) لا يجب أن يمرّ مرور الكرام، لأنه يضع أمامنا سؤالًا مصيريًا: هل سنظل نُستدرج إلى معارك لا نعرف من أشعلها، ومن المستفيد منها؟ لقد ثبت أن الكلمة قد تكون سلاحًا، وأن الحساب الوهمي قد يكون أخطر من طائرةٍ مُسيّرة، وأن الفتنة حين تُدار باحتراف قد تُسقط ما لا تُسقطه الحروب. وإذا كانت بعض المنصات قد كشفت شيئًا من الحقيقة، فإن المسؤولية اليوم تقع علينا نحن، أن نُحسن الشك قبل أن نُسيء الظن، وأن نسأل: من المستفيد؟ قبل أن نكتب أو نشارك أو نرد، وأن نُدرك أن وحدة المسلمين ليست شعارًا عاطفيًا، بل مشروع حياة، يحتاج وعيًا، وحماية، ودراسة. لقد انفضحت الأدوات، وبقي الامتحان. إما أن نكون وقود الفتنة أو حُرّاس الوعي ولا خيار ثالث لمن فهم الدرس والتاريخ.. لا يرحم الغافلين
933
| 16 ديسمبر 2025
يوماً بعد يوم تكبر قطر في عيون ناظريها من كأس العالم الذي أبهر وأدهش وأتقن، الى احتضان فعاليات كأس العرب. نعم نجحت قطر في جمع العرب في ملتقى استثنائي، بدأ بافتتاح مهيب وأسطوري اجتمعت فيه حضارة العرب وعاداتهم وأحلامهم ونجحت في تقديم فلسفة الاستاد خلال الأيام الماضية على أنه البيت العربي الكبير الذي يجمع العرب متجاوزين الحدود والفوارق. لقد تبيّن لنا أن هناك الكثير مما يجمع العرب، وليس حرف الضاد وحده، فها هي كرة قدم أظهرت أنهم يقفون ويستطيعون البناء وتقديم الأفضل، وأن هناك جيلا متفائلا يؤمن بالمستقبل وبأنه قادر على أن ينهض من تحت الركام، جيل جديد يتنفس عطاءً ويضع لبنات البناء الذي يعيد المجد لهذه الأمة. أما فلسطين فكانت حاضرة في هذا المهرجان الكروي، في تضامن ليس جديدا أو غريبا على قطر وشعبها، ولعل الأوبريت المؤثر حين جمع قصص الاناشيد الوطنية للدول العربية عبّر لكل الحاضرين والمشاهدين أن تحريرها ممكن وان وحدتنا ممكنة. قطر ومن جديد تجمع العرب في كأس العرب للمرة الثانية من المحيط الى الخليج في هذه الاحتفالية الكروية التي تعد الأكبر في العالم العربي، والسؤال الذي يطرح نفسه عن سرّ نجاح قطر مرة تلو الأخرى؟ لقد وضعت قطر بصمتها على خريطة العرب والعالم فأصبح يشار إليها بالبنان لما تمتلكه من قدرات استثنائية على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى وتمثل كأس العرب فصلاً جديداً في هذا الإرث الرياضي الغني والمتنوع. قطر وخلال أعوام مضت وضعت رؤيتها، وحددت هدفها وسخرت امكاناتها، وبذلت كل ما تستطيع لتحقيق ما رأيناه من ترتيبات لإقامة كأس العالم على أرض صغيرة حجما، كبيرة بالفعل فكان لها ما أرادت واستقر الهدف وجاءت في هذه البطولة لتبني على ما تم انجازه وتعطي أكثر وأكثر. تمتلئ ملاعب قطر بالجماهير التي تحول ملاعب المونديال الأيقونية إلى مسرح جديد للإثارة الكروية العربية يستفيد فيها المشاركون والجماهير من منظومة متكاملة، أسست على أرقى المعايير البيئية العالمية، فهي لم تعتمد بناء ملاعب يطلق عليها مصطلح الأفيال البيضاء ببناء أبنية ضخمة لا داعي لها بل شيدت على مبدأ الاستدامة واستخدام أدوات صديقة للبيئة بحيث يمكن تفكيك وإعادة استخدام الملاعب وفق خطة مدروسة بمجرد الانتهاء منها سواء بإعادة تدويرها في مشروعات داخلية أو بالتبرّع بها وإهدائها إلى دول أخرى لرفع كفاءة منشآتها الرياضية إضافة الا أنها ملاعب بلا تدخين وملاعب يصدح فيها صوت الأذان انجاز مختلف ومقدر. يضاف إلى هذه الملاعب المونديالية، أنها استفادت من البنية التحتية الرياضية الواسعة التي أولت قطر اهتماما كبيرا بها بما في ذلك مرافق التدريب الحديثة، ومناطق المشجعين التي توفر تجربة ترفيهية متكاملة وفي نقطة تحسب لهذه الجهود تتضمن الملاعب خيارات أماكن مخصصة للمشجعين من ذوي الإعاقة. وهنا لا بد من ذكر تسهيلات حركة المشجعين من خلال شبكة منظمة من المواصلات فنجاحها يعد حجر الزاوية في انجاح البطولة فهي توفر شبكة نقل حديثة ومتكاملة تتمتع بسلاستها وفعاليتها مع وجود مترو الدوحة العمود الفقري للدوحة الذي يربط غالبية الملاعب والمناطق الحيوية في قطر خلال دقائق معدودة، بجانب منظومة نقل عام فعالة سلسة الحركة خلال الفعاليات الكبرى، فضلا عن طرق حديثة تساهم بصورة كبيرة في تقليل الازدحام وتعزيز انسيابية حركة الجماهير. وإلى جانب ذلك، يتوفر أسطول حديث من الحافلات الكهربائية الصديقة للبيئة لتقليل الانبعاثات الكربونية، وكذلك خدمة نقل عام مستدامة وفعالة تشمل "مترولينك"، والتي تتمثل في شبكة حافلات فرعية مجانية تربط بين محطات المترو والأماكن المحيطة. لقد ركزت قطر على الاستدامة عبر استخدام حافلات كهربائية وتقليل الاعتماد على السيارات الخاصة، وتوفير تجربة سلسة في نقل المشجعين مع الأخذ في الاعتبار احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة عند تصميم وسائل النقل والمحطات، وهو الأمر الذي يساعد على ترك إرث مستدام لقطر يعزز من مكانتها كمركز للفعاليات العالمية. وبينما تدار المباريات من جهة تقام مجموعة من الفعاليات الثقافية والترفيهية لتعزيز تجربة المشجعين وخلق أجواء إيجابية وبناء جسور بينهم حيث ترحب قطر بهم بطريقتها وبحسن وكرم الاخلاق والضيافة. أي انجاز هذا، خطوة ٌتحسب وتقدر ونقطةٌ بألف هدف، فقطر تربط استثمارها بالرياضة بتحقيق نمو اقتصادي وسياحي وفي نفس الوقت وفي هذا المحفل العربي الاخوي تزيل اسباب الفرقة وتقرب المسافات في تجمع لم نكن نراه او يشهد له في من سبقها من فعاليات لكأس العرب. أي انجازٍ هذا في أكبر تجمع عربي، إذا هي الارادة الجادة والحقيقية المنتمية، تغلفها الشجاعة والاقتدار الساعية لبث الخير. قطر لا تمتلك المال فقط، إنما هي تتبع قواعد النجاح وتركز على الإنسان وفكره وتطويره، لا تترك جهدا ً في الاستفادة من خبرات الآخرين والتعلم منها والبناء عليها، وتعطي الفرص وتمنح المساحات للعطاء لمن يريد من القطريين أو غيرهم ممن يعيشون على أرضها. من استاد ملعب البيت كان الافتتاح، ولن تكون النهاية، لقد أصبحت قطر على الدوام البيت الذي يجمع ولا يفرق يلم الجراح ويبث الطمأنينة. الأمل يحدونا لأن نزيد ما تم بناؤه فكريا وروحيا ومعنويا في قطر، وفي غيرها من شقيقاتها من الدول العربية والإسلامية، حتى نغدو منارة يهتدى بنا.
696
| 15 ديسمبر 2025