رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
حوالي 335 مليون دولار هي حصيلة التعهدات التي خرجت بها جلسة يوم الإثنين الماضي من مؤتمر المنظمات غير الحكومية لدعم الوضع الإنساني في العراق، وذلك لتنفيذ برامج إنسانية وتنموية في العراق، خصوصاً في المناطق التي ألحق بها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أضراراً جسيمة ودمّر البنى التحتية بأسرها، (تعهدت مؤسسة التعليم فوق الجميع القطرية بتقدم 13.430 مليون دولار، ومؤسسة قطر الخيرية بتقديم 3 ملايين ريال)، فيما يبدو أنه توجّهٌ كويتي لدعم العراق، ولتضميد جراحه، بعد أن تمزّق هذا البلد على أسس عرقية ومذهبية بعد زوال نظام صدام حسين. ثم حلّ به تنظيم (داعش) وزادهُ غصةً على غصاته، وأوصى المشاركون في ختام المؤتمر بتنفيذ برامج في مجالات الصحة والإيواء والتعليم والتأهيل، وغيرها من البرامج الإنسانية التي يحتاجها العراق، كما شدد المشاركون على وضع آلية لمتابعة تنفيذ نتائج المؤتمر، وكان رئيس الهيئة الإسلامية الخيرية العالمية والمستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة د. عبدالله المعتوق قد أكد وجود آلية واضحة تضمن وصول التبرعات لمستحقيها في العراق، ولفت النظر إلى أن المؤتمر سيتّبع نفس آلية الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، تجنباً لأية شبهات في إيصال التبرعات لمستحقيها.
وكان هذا الموضوع مثار نقاش كبير في بعض (الديوانيات) الكويتية التي حضرتها، حيث أكد بعض روادها على ألا تكون التبرعات في شكل أموال نقدية يتسلمها طرف حكومي في العراق، وهو أمر مشروع في هذه المرحلة. وتساءل بعضهم: ماهي الشركات التي سوف تتولى عمليات الإعمار ومن يمتلكها؟ وكان مسؤول عراقي (المدير العام في وزارة التخطيط العراقية (قصي عبدالفتاح) قد قدّر تكاليف إعادة إعمار العراق وتحقيق الانتعاش فيه بحوالي 88 مليار دولار، وهو رقم مازال بعيداً عن الرقم الذي تحقق في جلسة منظمات المجتمع المدني، والأمل أن يتم رفع هذا الرقم في الجلسات المقبلة التي ستُعقد يوم الثلاثاء (أمس)، لأن تبرعات الدول بلاشك ستكون أعلى من تبرعات منظمات المجتمع المدني.
وكان سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح قد أكد "ضرورة تفويت الفرصة على مثيري الفتن والتصدي لها بجميع الوسائل" وتمنى أن يعم الأمن والسلام والاستقرار على العراق الشقيق وعلى المنطقة، وذلك خلال استقباله لوفد الصحفيين العراقيين يوم الإثنين الماضي.
ولقد أشاد مسؤولون عراقيون ودوليون بدور دولة الكويت في دعم إعمار العراق، معتبرين أن دولة الكويت أصبحت منصة لدعم العمل الإنساني. وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشراكة مع الشرق الأوسط ووسط آسيا (رشيد خاليكوف): إن عقد هذا المؤتمر دليل على القيادة الإنسانية لسمو أمير دولة الكويت، ويعكس دور الكويت البارز في توفير المساعدات الإنسانية، انطلاقًا من مبادئ الإسلام النبيلة.
وكان متحدث باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي (حيدر العبادي) قد اعتبر مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق فرصة لتأكيد التزام المجتمع الدولي تجاه دعم العراق، وأن هذا المؤتمر فرصة أساسية لهذا الالتزام، بعد أن تحقق النصر على الإرهاب، ولتفعيل الشراكة الدولية مع العراق.
وكانت الجلسة الثانية والثالثة من أعمال مؤتمر منظمات المجتمع المدني قد شهدتا عرض أفلام وتعليقات لحالات الدمار الفيزيائي والدمار النفسي الذي لحق بفئات كبيرة من الشعب العراقي ممن وقعت مناطقهم في يد (داعش)، الأمر الذي يستلزم جهوداً جبارةً لإعادة تأهيل الحجر والبشر. ولقد رُويت حالات لمشاهد عنف وقتل وإهانة للإنسانية لحقت بالأطفال والنساء، بل إن أحدهم روى أن الأطفال العراقيين يحتاجون لتأهيل نفسي متخصص، بعد أن شوهد حالة إعدام عراقي وهو ممسك بيد طفله الصغير! ناهيك عن حالات اغتصاب النساء أو بيعهن في الأسواق ( كما تم ذلك مع الطائفة الإيزيدية العراقية).
واعتبر خبراء أوروبيون أن دعم العمل الإنساني لن يقتصر على إعادة البناء وإعمار المناطق المتضررة من الحرب على الإرهاب، وإنما يمتد لمساعدة النازحين الذين يُقدر عددهم بحوالي أربعة ملايين نازح، وتوفير الملجأ والتعليم والتطبيب لهم.
وكانت قد انطلقت مساء أمس (الثلاثاء) جلسات الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد تنظيم (داعش) بحضور 74 عضواً من الدول والمنظمات الدولية في إطار مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق، ويشارك في هذا المؤتمر وزير الخارجية الأمريكي (ريكس تيلرسون)؛ الذي سوف يعقد مؤتمراً صحفياً بعد الجلسة الأولى للمؤتمر.
وكانت المُمثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي (فيديريكا موغريني) قد أكدت وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب دولة الكويت لإنجاح المؤتمر، مشيدة بدور أمير دولة الكويت ورئاسته للمؤتمر. وأكدت وقوف الاتحاد الأوروبي مع دولة الكويت لدعم العراق، كما أشارت إلى أن هزيمة ( داعش) تعتبر نقطة تحوّل في تاريخ العراق، ويمكن أن تُعطي الأمل للمنطقة بأكملها، واعتبرت أن دولة الكويت تمثل "قوة الحوار والاعتدال في المنطقة".
وكان معالي الشيخ صباح الخالد الصباح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي قد أكد لدى افتتاحه المركز الإعلامي المصاحب للمؤتمر أن مؤتمري الأمس يمثلان رسالة بشأن التزام المجتمع الدولي باستقرار العراق، ومواصلة الجهود الدولية للحفاظ على أمن المنطقة من خلال مواجهة تنظيم (داعش)، وأن المؤتمرَين جاءا ترجمة لتوجيهات سمو أمير دولة الكويت بالعمل على دعم العراق. كما أثنى (الخالد) على جهود الحكومة العراقية بانتصاراتها على (داعش) الإرهابي وتحرير أراضي العراق منه.
ولاحظ مراقبون ممن حضروا المؤتمر الصحفي لـ (الخالد) أن الخطاب الكويتي تجاه العراق يتّسم بالدفء والمودة، كما أن المسؤولين والإعلاميين العراقيين أبدوا – خلال كلماتهم – ودّاً واضحاً وكبيراً تجاه إخوانهم الكويتيين، وقد خص أمير دولة الكويت الصحفيين العراقيين – دون غيرهم – بلقاء خاص.
وبانتظار عقد جلسات اليوم، والبيان الختامي المرتقب، فإن أسئلة مشروعة تدور في أذهان العديد من المراقبين، فهل خرج العراق من أزمته "الدهرية" المتمثلة في الانشطار العرقي والمذهبي؟ وهل يوجد ضمانٌ بعد ظهور تيارات ومنظمات إرهابية مثل (داعش)؟ بل ومن أظهر (داعش) للوجود بعد القضاء على (القاعدة)؟ وهل سيتم إعمار كل مناطق العراق، بغض النظر عن غالبية سكان مناطقه؟ حيث أشارت صحفية كردية – خلال المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية الكويتي – إلى أن الاهتمام بالمناطق الكردية ضعيف ومعدوم مقارنة بالمناطق الأخرى، وأن المناطق الكردية هي الأكثر تضرراً من (داعش)، مثل نينوى، جلولاء، تلعفر، ودهوك.. وغيرها، التي جرت فيها عمليات تعذيب واغتصاب رهيبة، وأن أهلها يحتاجون لتأهيل سريع. ناهيك عن أن الآلة الإعلامية لـ (داعش) قد مسحت عقول الأطفال وغيّرت المناهج كي تتواءم مع الأفكار الداعشة، وأبرز مثال أورده أحد المتحدثين، أنه حتى في العمليات الحسابية يتم استخدام فكرة العنف مثل (رصاصة + رصاصة = ؟؟) ناهيك عن وعود الشباب الغضّ بحوريات الجنة، وأن هذه الحياة لا تستحق العيش.. إلخ.
الأمل معقود على الآلية التي سيتم تطبيقها في توزيع المساعدات ومشاريع الإعمار، وبما يضمن إخراج العراق من أزمته.
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية




مساحة إعلانية
في الساعات المبكرة من صباح السبت، ومع أول شعاع يلامس مياه الخليج الهادئة، من المعتاد أن أقصد شاطئ الوكرة لأجد فيه ملاذا هادئا بعد صلاة الفجر. لكن ما شهده الشاطئ اليوم لم يكن منظرا مألوفا للجمال، بل كان صدمة بصرية مؤسفة، مخلفات ممتدة على طول الرمال النظيفة، تحكي قصة إهمال وتعدٍ على البيئة والمكان العام. شعرت بالإحباط الشديد عند رؤية هذا المنظر المؤسف على شاطئ الوكرة في هذا الصباح. إنه لأمر محزن حقا أن تتحول مساحة طبيعية جميلة ومكان للسكينة إلى مشهد مليء بالمخلفات. الذي يصفه الزوار بأنه «غير لائق» بكل المقاييس، يثير موجة من التساؤلات التي تتردد على ألسنة كل من يرى المشهد. أين الرقابة؟ وأين المحاسبة؟ والأهم من ذلك كله ما ذنب عامل النظافة المسكين؟ لماذا يتحمل عناء هذا المشهد المؤسف؟ صحيح أن تنظيف الشاطئ هو من عمله الرسمي، ولكن ليس هو المسؤول. والمسؤول الحقيقي هو الزائر أولا وأخيرا، ومخالفة هؤلاء هي ما تصنع هذا الواقع المؤلم. بالعكس، فقد شاهدت بنفسي جهود الجهات المختصة في المتابعة والتنظيم، كما لمست جدية وجهد عمال النظافة دون أي تقصير منهم. ولكن للأسف، بعض رواد هذا المكان هم المقصرون، وبعضهم هو من يترك خلفه هذا الكم من الإهمال. شواطئنا هي وجهتنا وواجهتنا الحضارية. إنها المتنفس الأول للعائلات، ومساحة الاستمتاع بالبيئة البحرية التي هي جزء أصيل من هويتنا. أن نرى هذه المساحات تتحول إلى مكب للنفايات بفعل فاعل، سواء كان مستخدما غير واعٍ هو أمر غير مقبول. أين الوعي البيئي لدى بعض رواد الشاطئ الذين يتجردون من أدنى حس للمسؤولية ويتركون وراءهم مخلفاتهم؟ يجب أن يكون هناك تشديد وتطبيق صارم للغرامات والعقوبات على كل من يرمي النفايات في الأماكن غير المخصصة لها، لجعل السلوك الخاطئ مكلفا ورادعا.
4344
| 05 ديسمبر 2025
-«المتنبي» حاضراً في افتتاح «كأس العرب» - «أبو الطيب» يتألق في نَظْم الشعر.. وفي تنظيم البطولات تتفوق قطر - «بطولة العرب» تجدد شراكة الجذور.. ووحدة الشعور - قطر بسواعد أبنائها وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر باستضافتها الناجحة للبطولات - قطر تراهن على الرياضة كقطاع تنموي مجزٍ ومجال حيوي محفز - الحدث العربي ليس مجرد بطولة رياضية بل يشكل حدثاً قومياً جامعاً -دمج الأناشيد الوطنية العربية في نشيد واحد يعبر عن شراكة الجذور ووحدة الشعور لم يكن «جحا»، صاحب النوادر، هو الوحيد الحاضر، حفل افتتاح بطولة «كأس العرب»، قادماً من كتب التراث العربي، وأزقة الحضارات، وأروقة التاريخ، بصفته تعويذة البطولة، وأيقونتها النادرة. كان هناك حاضر آخر، أكثر حضوراً في مجال الإبداع، وأبرز تأثيراً في مسارات الحكمة، وأشد أثرا في مجالات الفلسفة، وأوضح تأثيرا في ملفات الثقافة العربية، ودواوين الشعر والقصائد. هناك في «استاد البيت»، كان من بين الحضور، نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، مهندس الأبيات الشعرية، والقصائد الإبداعية، المبدع المتحضر، الشاعر المتفاخر، بأن «الأعمى نظر إلى أدبه، وأسمعت كلماته من به صمم»! وكيف لا يأتي، ذلك العربي الفخور بنفسه، إلى قطر العروبة، ويحضر افتتاح «كأس العرب» وهو المتباهي بعروبته، المتمكن في لغة الضاد، العارف بقواعدها، الخبير بأحكامها، المتدفق بحكمها، الضليع بأوزان الشعر، وهندسة القوافي؟ كيف لا يأتي إلى قطر، ويشارك جماهير العرب، أفراحهم ويحضر احتفالاتهم، وهو منذ أكثر من ألف عام ولا يزال، يلهم الأجيال بقصائده ويحفزهم بأشعاره؟ كيف لا يأتي وهو الذي يثير الإعجاب، باعتباره صاحب الآلة اللغوية الإبداعية، التي تفتّقت عنها ومنها، عبقريته الشعرية الفريدة؟ كيف لا يحضر فعاليات «بطولة العرب»، ذلك العربي الفصيح، الشاعر الصريح، الذي يعد أكثر العرب موهبة شعرية، وأكثرهم حنكة عربية، وأبرزهم حكمة إنسانية؟ كيف لا يحضر افتتاح «كأس العرب»، وهو الشخصية الأسطورية العربية، التي سجلت اسمها في قائمة أساطير الشعر العربي، باعتباره أكثر شعراء العرب شهرة، إن لم يكن أشهرهم على الإطلاق في مجال التباهي بنفسه، والتفاخر بذاته، وهو الفخر الممتد إلى جميع الأجيال، والمتواصل في نفوس الرجال؟ هناك في الاستاد «المونديالي»، جاء «المتنبي» من الماضي البعيد، قادماً من «الكوفة»، من مسافة أكثر من ألف سنة، وتحديداً من العصر العباسي لحضور افتتاح كأس العرب! ولا عجب، أن يأتي «أبو الطيب»، على ظهر حصانه، قادماً من القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، لمشاركة العرب، في تجمعهم الرياضي، الذي تحتضنه قطر. وما من شك، في أن حرصي على استحضار شخصية «المتنبي» في مقالي، وسط أجواء «كأس العرب»، يستهدف التأكيد المؤكد، بأن هذا الحدث العربي، ليس مجرد بطولة رياضية.. بل هو يشكل، في أهدافه ويختصر في مضامينه، حدثاً قومياً جامعاً، يحتفل بالهوية العربية المشتركة، ويحتفي بالجذور القومية الجامعة لكل العرب. وكان ذلك واضحاً، وظاهراً، في حرص قطر، على دمج الأناشيد الوطنية للدول العربية، خلال حفل الافتتاح، ومزجها في قالب واحد، وصهرها في نشيد واحد، يعبر عن شراكة الجذور، ووحدة الشعور، مما أضاف بعداً قومياً قوياً، على أجواء البطولة. ووسط هذه الأجواء الحماسية، والمشاعر القومية، أعاد «المتنبي» خلال حضوره الافتراضي، حفل افتتاح كأس العرب، إنشاد مطلع قصيدته الشهيرة التي يقول فيها: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم» «وتأتي على قدر الكرام المكارم» والمعنى المقصود، أن الإنجازات العظيمة، لا تتحقق إلا بسواعد أصحاب العزيمة الصلبة، والإرادة القوية، والإدارة الناجحة. معبراً عن إعجابه بروعة حفل الافتتاح، وانبهاره، بما شاهده في عاصمة الرياضة. مشيداً بروعة ودقة التنظيم القطري، مشيراً إلى أن هذا النجاح الإداري، يجعل كل بطولة تستضيفها قطر، تشكل إنجازاً حضارياً، وتبرز نجاحاً تنظيمياً، يصعب تكراره في دولة أخرى. وهكذا هي قطر، بسواعد أبنائها، وعزيمة رجالها، وحنكة قادتها تحقق الإنجاز تلو الآخر، خلال استضافتها الناجحة للبطولات الرياضية، وتنظيمها المبهر للفعاليات التنافسية، والأحداث العالمية. وخلال السنوات الماضية، تبلورت في قطر، مرتكزات استراتيجية ثابتة، وتشكلت قناعات راسخة، وهي الرهان على الرياضة، كقطاع تنموي منتج ومجزٍ، ومجال حيوي محفز، قادر على تفعيل وجرّ القطاعات الأخرى، للحاق بركبه، والسير على منواله. وتشغيل المجالات الأخرى، وتحريك التخصصات الأخرى، مثل السياحة، والاقتصاد، والإعلام والدعاية، والترويج للبلاد، على المستوى العالمي، بأرقى حسابات المعيار العالمي. ويكفي تدشينها «استاد البيت»، ليحتضن افتتاح «كأس العرب»، الذي سبق له احتضان «كأس العالم»، وهو ليس مجرد ملعب، بل رمز تراثي، يجسد في تفاصيله الهندسية، معنى أعمق، ورمزا أعرق، حيث يحمل في مدرجاته عبق التراث القطري، وعمل الإرث العربي. وفي سياق كل هذا، تنساب في داخلك، عندما تكون حاضراً في ملاعب «كأس العرب»، نفحات من الروح العربية، التي نعيشها هذه الأيام، ونشهدها في هذه الساعات، ونشاهدها خلال هذه اللحظات وهي تغطي المشهد القطري، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. وما من شك، في أن تكرار نجاحات قطر، في احتضان البطولات الرياضية الكبرى، ومن بينها بطولة «كأس العرب»، بهذا التميز التنظيمي، وهذا الامتياز الإداري، يشكل علامة فارقة في التنظيم الرياضي. .. ويؤكد نجاح قطر، في ترسيخ مكانتها على الساحة الرياضية، بصفتها عاصمة الرياضة العربية، والقارية، والعالمية. ويعكس قدرتها على تحقيق التقارب، بين الجماهير العربية، وتوثيق الروابط الأخوية بين المشجعين، وتوطيد العلاقات الإنسانية، في أوساط المتابعين! ولعل ما يميز قطر، في مجال التنظيم الرياضي، حرصها على إضافة البعد الثقافي والحضاري، والتاريخي والتراثي والإنساني، في البطولات التي تستضيفها، لتؤكد بذلك أن الرياضة، في المنظور القطري، لا تقتصر على الفوز والخسارة، وإنما تحمل بطولاتها، مجموعة من القيم الجميلة، وحزمة من الأهداف الجليلة. ولهذا، فإن البطولات التي تستضيفها قطر، لها تأثير جماهيري، يشبه السحر، وهذا هو السر، الذي يجعلها الأفضل والأرقى والأبدع، والأروع، وليس في روعتها أحد. ومثلما في الشعر، يتصدر «المتنبي» ولا يضاهيه في الفخر شاعر، فإن في تنظيم البطولات تأتي قطر، ولا تضاهيها دولة أخرى، في حسن التنظيم، وروعة الاستضافة. ولا أكتب هذا مديحاً، ولكن أدوّنه صريحاً، وأقوله فصيحاً. وليس من قبيل المبالغة، ولكن في صميم البلاغة، القول إنه مثلما يشكل الإبداع الشعري في قصائد «المتنبي» لوحات إبداعية، تشكل قطر، في البطولات الرياضية التي تستضيفها، إبداعات حضارية. ولكل هذا الإبداع في التنظيم، والروعة في الاستضافة، والحفاوة في استقبال ضيوف «كأس العرب».. يحق لدولتنا قطر، أن تنشد، على طريقة «المتنبي»: «أنا الذي حضر العربي إلى ملعبي» «وأسعدت بطولاتي من يشجع كرة القدمِ» وقبل أن أرسم نقطة الختام، أستطيع القول ـ بثقة ـ إن هناك ثلاثة، لا ينتهي الحديث عنهم في مختلف الأوساط، في كل الأزمنة وجميع الأمكنة. أولهم قصائد «أبو الطيب»، والثاني كرة القدم باعتبارها اللعبة الشعبية العالمية الأولى، أمــــا ثالثهم فهي التجمعات الحاشدة، والبطولات الناجحة، التي تستضيفها - بكل فخر- «بلدي» قطر.
2253
| 07 ديسمبر 2025
لم يكن خروج العنابي من بطولة كأس العرب مجرد خيبة رياضية عابرة، بل كانت صدمة حقيقية لجماهير كانت تنتظر ظهوراً مشرفاً يليق ببطل آسيا وبمنتخب يلعب على أرضه وبين جماهيره. ولكن ما حدث في دور المجموعات كان مؤشراً واضحاً على أزمة فنية حقيقية، أزمة بدأت مع اختيارات المدرب لوبيتيغي قبل أن تبدأ البطولة أصلاً، وتفاقمت مع كل دقيقة لعبها المنتخب بلا هوية وبلا روح وبلا حلول! من غير المفهوم إطلاقاً كيف يتجاهل مدرب العنابي أسماء خبرة صنعت حضور المنتخب في أكبر المناسبات! أين خوخي بوعلام و بيدرو؟ أين كريم بوضياف وحسن الهيدوس؟ أين بسام الراوي وأحمد سهيل؟ كيف يمكن الاستغناء عن أكثر اللاعبين قدرة على ضبط إيقاع الفريق وقراءة المباريات؟ هل يعقل أن تُستبعد هذه الركائز دفعة واحدة دون أي تفسير منطقي؟! الأغرب أن المنتخب لعب البطولة وكأنه فريق يُجرَّب لأول مرة، لا يعرف كيف يبني الهجمة، ولا يعرف كيف يدافع، ولا يعرف كيف يخرج بالكرة من مناطقه. ثلاث مباريات فقط كانت كفيلة بكشف حجم الفوضى: خمسة أهداف استقبلتها الشباك مقابل هدف يتيم سجله العنابي! هل هذا أداء منتخب يلعب على أرضه في بطولة يُفترض أن تكون مناسبة لتعزيز الثقة وإعادة بناء الهيبة؟! المؤلم أن المشكلة لم تكن في اللاعبين الشباب أنفسهم، بل في كيفية إدارتهم داخل الملعب. لوبيتيغي ظهر وكأنه غير قادر على استثمار طاقات عناصره، ولا يعرف متى يغيّر، وكيف يقرأ المباراة، ومتى يضغط، ومتى يدافع. أين أفكاره؟ أين أسلوبه؟ أين بصمته التي قيل إنها ستقود المنتخب إلى مرحلة جديدة؟! لم نرَ سوى ارتباك مستمر، وخيارات غريبة، وتبديلات بلا معنى، وخطوط مفككة لا يجمعها أي رابط فني. المنتخب بدا بلا تنظيم دفاعي على الإطلاق. تمريرات سهلة تخترق العمق، وأطراف تُترك بلا رقابة، وتمركز غائب عند كل هجمة. أما الهجوم، فقد كان حاضراً بالاسم فقط؛ لا حلول، لا جرأة، لا انتقال سريع، ولا لاعب قادر على صناعة الفارق. كيف يمكن لفريق بهذا الأداء أن ينافس؟ وكيف يمكن لجماهيره أن تثق بأنه يسير في الطريق الصحيح؟! الخروج من دور المجموعات ليس مجرد نتيجة سيئة، بل مؤشر مخيف! فهل يدرك الجهاز الفني حجم ما حدث؟ هل يستوعب لوبيتيغي أنه أضاع هوية منتخب بطل آسيا؟ وهل يتعلم من أخطاء اختياراته وإدارته؟ أم أننا سننتظر صدمة جديدة في استحقاقات أكبر؟! كلمة أخيرة: الأسئلة كثيرة، والإجابات حتى الآن غائبة، لكن من المؤكّد أن العنابي بحاجة إلى مراجعة عاجلة وحقيقية قبل أن تتكرر الخيبة مرة أخرى.
2241
| 10 ديسمبر 2025