رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

الإنترنت العربي.. فقير!

أنا مثل غيري الكثير من الناس.. أقضي وقتاً كبيراً على الإنترنت كل يوم، ولا أقصد هنا مواقع التواصل الاجتماعي وحسب، بل أقصد المواقع الأخرى أيضاً مثل مواقع الصحف والمجلات وويكيبيديا وأمازون.. وخاصة جوجل. أرتاد جوجل على الأقل مرة واحدة في اليوم. مرة أسأله عن سؤال خطر في بالي فجأة مثل كم تبعد تبليسي عن الدوحة.. أو أن أسأل عن معلومة أريد أن أتأكد من مصداقيتها.. أو أن أبحث عن موضوع أريد أن أكتب عنه، كما فعلت مع موضوع اليوم رغم أن موضوع اليوم لا يحتاج إلى بحث ليؤكد المعلومات التي نعرفها جميعنا.. وهي أن المحتوى العربي على الانترنت فقير جداً، وبعيد كل البعد عن بقية اللغات! يمثل المحتوى العربي اليوم ما يشكل ٣٪ تقريباً من الانترنت، على الرغم من أن الناطقين باللغة العربية يشكلون ٧٪ من العالم! وفي المقابل نجد بأن اللغة الإنجليزية مثلاً تمثل ٥٥.٥٪ من محتوى الانترنت على الرغم أن ٢٠٪ حول العالم يتحدثون الإنجليزية، و٥٪ منهم فقط، لغتهم الإنجليزية هي لغتهم الأم! هذه الاحصائيات هي للمستندات المكتوبة المنشورة، ولكني سأتناول في حديثي هذا جميع أنواع المحتوى العربي على الانترنت، سواء أكان على شكل مقالة أو فيديو أو مقطع صوتي أو حتى تغريدة! الواقع بأن المحتوى العربي (المفيد) على الانترنت، يبقى قليل ومختصر و"قص ولصق" وأغلبه بلا مراجع! نظرة بسيطة على ويكيبيديا مثلاً، والقيام بالبحث نفسه باللغة العربية ولغة أخرى، سيُوضح ما أقصده! نتيجة البحث في ويكيبيديا بالعربي سيكون بسيطا وبلا مراجع على الأغلب، أما باللغة الأخرى سيكون مفُصلا ومُدعما بالمراجع المثبتة لصحة المعلومات. أنا شخصياً عندما أقوم ببحث على الانترنت لا أكتفي بالبحث باللغة العربية، بل أبحث بالإنجليزية أيضاً. في مرات أجد المعلومة ناقصة عند بحث باللغة العربية، أو قد أجد المعلومة نفسها متكررة أكثر من مرة على شكل قص ولصق في جميع المواقع، أما باللغة الإنجليزية فأجد تنوعا للمعلومات على مواقع عديدة! إذاً ما الحل؟ خاصة للأشخاص الذين لا يمتلكون سوى لغتهم العربية؟ حل هذه المشكلة هي الإضافة إلى المحتوى العربي على الانترنت. الكثير من الجامعات والمؤسسات الحكومية العربية وحتى الخاصة، تحاول فعل هذا الشيء، وهذا رائع، ولكنه غير كافٍ. يجب على بقية أفراد المجتمع العربي-مثلي ومثلك-الإضافة إلى الانترنت، كلٌ وفق اختصاصه ومجال علمه أو عمله، لإثراء المحتوى العربي على الانترنت وإفادة أكبر قدر من الناس. أفيدوا غيركم على الانترنت، كما استفدتم مراراً وتكراراً منه. انشروا معلومة ما.. عبر مقال.. تغريدة.. فيديو.. مقطع صوتي، أو حتى تعليق في موقع ما! دونوا ما تتعلمونه.. على الإنترنت، أو رتبوه بشكل أفضل.. المهم أن تعطوا كما أخذتم.. وكلمة فوق كلمة، ستثري الإنترنت والعالم العربي!

1959

| 13 سبتمبر 2022

لا تفعل شيئا!

نحن الأجيال التي تربت على الشعارات التالية: «من طلب العلا سهر الليالي»، «من جدّ، وجد، ومن زرع حصد ومن سار على الدرب وصل»، «اطلب العلم ولو في الصين». منذ صغرنا ونحن نُلَقَّن أهمية الكد في العمل وطلب العلم حتى كبرنا وصرنا نلهث وراء العمل والعلم، لأسباب تختلف بيننا قد تكون المال أو الصيت أو النفع العام أو غيره. وخلال هذه الرحلة، أصبح البعض منا مدمناً للعمل، كي يصل بسرعة إلى مبتغاه. ومن ثم كانت الضربة لنا جميعاً، متمثلة في جائحة كورونا قبل سنتين تقريباً، وكأنها رسالة لنا جميعاً بوجوب التروي والتمهل في العمل وأخذ نظرة عميقة في حياتنا وأهدافنا. ورغم ذلك الكثير منا لم يتمهل ولم يبطأ. الكثير منا استغل الوقت الكبير الذي أُتيح له ليملأه بشتى أنواع الأمور والمهمات والأنشطة، وكأننا لو جلسنا بلا شيء نفعله سيحدث لنا أمر سيئ أو سنموت!. فعل لا شيء.. هو ما يتكلم عنه كتاب مارتجي ويلمز ولورا فرومن (نيكسن: الفن الهولندي الضائع المتمثل في عدم فعل أي شيء). ويتناول هذا الكتاب فوائد عدم فعل أي شيء. ولا يقصد به الكسل. بل عدم أي فعل شيء للترويح عن النفس والاسترخاء قليلاً، كأن ترجع إلى منزلك بعد العمل، وبدل أن تنام أو أن تشاهد التلفاز. تجلس أو تستلقي - وفق ما تحب - ولا تفعل أي شيء آخر لبضع دقائق! وفوائد عدم فعل أي شيء كثيرة. منها الاسترخاء وأخذ العقل لفسحة قصيرة، يهيم بها على راحته. تتضح أهم فوائد (نيكسن) أي عدم فعل أي شيء عند الحديث عن الإبداع، الكثير من المبدعين سواء أكانوا كُتَّابا أو فنانين أو علماء عصفت بهم أفكارهم المبدعة ليس وهم في العمل أو وقت العمل، بل وهم خارج العمل وفي الكثير من الأحيان لم يكونوا يفعلون شيئا! بل خطرت على بالهم الفكرة فجأة! وسبب ذلك - بنظري - راجع إلى أن الأفكار تأتينا في حالة الاسترخاء. ولذلك تأتينا الكثير من الأفكار المهمة وقت المشي والاستحمام مثلاً. عدم فعل أي شيء يومياً ولو لخمس دقائق سوف يفتح أبواب الإبداع، فالقليل من الملل لا يضر. هل تذكرون الطفولة؟ هل تذكرون ماذا فعلنا عندما جلسنا متململين لأن آباءنا وأمهاتنا طلبوا منا عدم فعل أي شيء؟ جلسنا قليلاً ثم قمنا باختراع جميع أنواع الألعاب التي نستطيع اختراعها. بعضها لم نستعمل فيها أدوات مادية حتى!. نعم، الانسان يستطيع أن يعمل تحت ضغط الأوامر والوقت، ولكن انتاجه سيكون أفضل وقت الراحة أو بعد الراحة! وعلى الأقل سيكون إنتاجا مستمرا، أما الإنتاج تحت الضغط فيقع تحت طائلة الاحتراق (burnout) وعدم الاستمرار!. افعلوا لا شيء بين الفينة والفينة! أريحوا أنفسكم وأعطوا عقلكم المبدع بعض الفسحة!.

1433

| 06 سبتمبر 2022

الحرب.. مع نفسك

كتب ستيفن بريسفيلد العديد من الأفلام والروايات والكتب الأخرى. بعضها معروف وأكثرها غير معروف، ولكنه لم يتوقف أبداً عن الكتابة. ومن أشهر أعماله، كتاب بعنوان حرب الفن أو حرب الإبداع (THE WAR OF ART). ويقصد الكاتب بحرب الإبداع، الحرب التي يواجهها المبدع مع نفسه. الحرب التي تمنع المبدع أن يقوم بعمله الإبداعي أو توقفه عن عمله أو تجعله يؤجل عمله. ويسمي بريسفيلد هذا "الشيء" الذي يعرقل المبدع "المقاومة". المقاومة هي ما تفعل كل ذلك. المقاومة هي التي تجعل الانسان المبدع يقاوم عمله الإبداعي، فيلتفت عنه ولا يعطيه حقه. وأشكال المقاومة كثيرة، لا تندرج فقط تحت كون العمل الإبداعي صعب، كأن يقول الكاتب، فكرة هذه الرواية معقدة. لن أكتبها، أو أن يقول المخرج، هذا السيناريو جميل ولكنه صعب التصوير. فلنبحث عن نص آخر! مقاومة العمل الإبداعي، تكون في تأجيل العمل أيضاً للخروج مع الأصدقاء مثلاً أو في تأجيل الرسام انهاء لوحته ليقضي بعض المهام المنزلية القابلة للانتظار مثل تنظيف الغرفة!. فتنظيف الغرفة ليس أمراً عاجلاً بل يمكن للرسام القيام به حال انتهائه من عمله!. المقاومة تتجلى أيضاً عندما يشك المبدع في نفسه، فلا يشرع صاحب مشروع تقني مثلاً بالبدء بمشروعه لأنه سيظن بأنه سيفشل أو عندما يضع ملحن ما اللحن الذي ألفه في درج النسيان لأنه متأكد بأنه لن يجد إذناً تستمتع بهذا العمل الذي أنهاه!. المقاومة تكون أيضاً، عندما يخلق المبدع أو يجذب إلى حياته جميع أنواع المشاكل لينشغل بحلها، بدل أن يملأ وقته بعمله الإبداعي. وهذه النقطة قد تكون منطقية بشكل واضح لأن الانسان المنتج بشكل عام، تجد حياته سعيدة ومرتبة وبعيدة عن "الدراما". ولذلك فلا غرابة عندما نرى أن أغلب الناجحين والمبدعين في حياتهم يقضون حياة عائلية هادئة، على الأقل في الوقت الذي ينتجون فيه، مثل الكاتب ستيفن كنج الذي يقول بأن من أسباب انتاجه الغزير في الكتابة هو زواجه واستقراره في هذا الزواج، كما قال من قبله ومن بعده الكثير من الكتاب ومنهم الكاتب المصري إبراهيم عبدالمجيد. مقاومة الانسان تأتي من داخله، ولذلك لا أؤمن شخصياً بحاجز الكاتب (WRITER’S BLOCK). أؤمن بأنه عندما يجلس الكاتب يومياً على كرسيه ساعة ليكتب، فإنه سيكتب في النهاية! كل ما يلزمه هو أن يعمل على أن يحارب أو يتجاهل ما يسميه بريسفيلد "بالمقاومة". على المبدع أن يقاوم نفسه عندما تبدأ شكوكه بإحاطة عمله الإبداعي. على المبدع أن يقاوم نفسه الآمرة بالسوء عندما تقول له شاهد فيلماً بدل تنقيح الصور التي عملت عليها. على المبدع أن يقاوم رغبته في الخروج مع الأصدقاء بدل عمله على كتابه. على المبدع أن يقاوم نفسه عندما يعجز عن إكمال روايته و يقرر أن يبدأ في كتابة رواية جديدة! على المبدع أن يقاوم المقاومة في داخله. هذه هي حرب المبدع الحقيقية في حياته!.

869

| 30 أغسطس 2022

الحياة الآخرة

في الحياة الأخيرة، طريقان، إما نعيم دائم أو جحيم مقيم، والخيار للإنسان، وفي حياة النعيم، حياة لم نحلم بها من قبل ولا تستطيع عقولنا أن تتصور جمالها، سيكون فيها كل ما نتمناه وأردناه في الحياة الدنيا من ماديات ومعنويات. بل أكثر من ذلك وأكبر وأجمل وأفضل. الحياة الآخرة، لا مرض فيها ولا نعاس ولا حسد ولا كره ولا غرور ولا كبر ولا غضب ولا تعب ولا اجهاد ولا عتب ولا نسيان ولا هم ولا حزن ولا قلب مفطور ولا طرف مبتور، ولا عائلة جاحدة ولا صداقة بائدة. في الحياة الأخيرة، راحة لا يسبقها ولا يليها ألم، عافية بلا مرض، سعادة غير شرطية. جميع أحبابك حولك. وكلكم سعداء وفي أجمل وأبهى حلة بلا مشاكل ولا منغصات ولا عواقب ولا اختبارات صداقة وقرابة. كلكم أنتم وعلى طبيعتكم ولكن أحسن وأفضل حالاً! الحياة الفعلية التي أردنا أن نعيشها في الدنيا سنعيشها في الحياة الآخرة، وأغلبنا لم يكن يعرف بأن هذه هي الحياة التي يريد أن يعيشها. فهناك من فكر بأنواع الأموال التي ستكون تحت يده في الحياة الآخرة. وهناك من فكر بألذ الثمار التي سيأكلها والأنهار التي سيشرب منها. وهناك من فكر باللقاء الذي سيجمعه مع والده الذي توفي صغيراً، أو حبيبه الذي فارقه غصباً عنه في الدنيا. ولكن هل فكرنا ملياً، باللقاء الأهم على الإطلاق؟ لقائنا بربنا الذي أحبنا من قبل أن نولد بأزمان طويلة حباً أعمق من حب والدتنا لنا؟! هل فكرنا بالمشاعر الجميلة التي ستجتاحنا؟ هل فكرنا بالسعادة التي ستعترينا والراحة التي ستغمرنا؟ هل فكرنا كيف أن هذا اللقاء سيهون علينا كل ما مضى؟ هل فكرنا كيف أنها ستكون بداية طريق الراحة الأبدية؟ وأن هذا اللقاء سيكون تأكيداً على وعد الله الذي قال في سورة البقرة من كتابه الكريم: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)(62). ينتهي الخوف والحزن في الحياة الآخرة عند من آمن بالله واليوم الآخر، وعمل صالحاً في الحياة الدنيا. تنتهي جميع المشاعر والأحاسيس السلبية، ويثمر صبر الانسان في الدنيا على الآلام والتعب والمشقة، ويكافئه الله على جهده واجتهاده في الحياة الآخرة. فاللهم اجعلنا في الحياة الآخرة من أهل الجنة الذي قلت عنهم في سورة يس: (إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) (٥٥-٥٨). وقد قال السعدي في تفسير هذه الآية في كتابه (تفسير السعدي): "وإذا سلم عليهم الرب الرحيم، حصلت لهم السلامة التامة من جميع الوجوه، وحصلت لهم التحية، التي لا تحية أعلى منها، ولا نعيم مثلها، فما ظنك بتحية ملك الملوك، الرب العظيم، الرؤوف الرحيم، لأهل دار كرامته، الذي أحل عليهم رضوانه، فلا يسخط عليهم أبداً، فلولا أن اللّه تعالى قدر ألا يموتوا، أو تزول قلوبهم عن أماكنها من الفرح والبهجة والسرور، لحصل ذلك. فنرجو ربنا ألا يحرمنا ذلك النعيم، وأن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم".

7095

| 23 أغسطس 2022

ونبلوكم

معظم الناس في هذه الحياة، تعشش في رؤوسهم أفكار الاستحقاق والرغبة، "نحن نستحق كذا ونرغب في كذا".. "نحن أولى الناس بالشهرة و الثراء".. "نحن موهوبون أكثر من غيرنا.. فلماذا يُفضل الناس الغير، علينا!"، وغيرها من الأفكار المشابهة، ينسى هؤلاء أن الدنيا اختبار، وكل ما يمر به الإنسان، هو اختبار مُصغر (QUIZ) سواء أكان جيداً أم سيئا، يقول الله تعالى في سورة الأنبياء: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (الأنبياء آية ٣٥)، في هذه الآية، حقيقة الدنيا التي نعيشها، نحن نحيا لنموت، وما بينهما يختبرنا الله بالمصاعب كالمرض أو موت الأقارب أو خسارة الأموال أو غيرها من الشدة، ليرى الله طريقة تعاملنا مع هذه الشدة.. هل سنصبر؟ هل سنتقرب له أكثر؟ هل سنفعل الخير أم سنقابل الشدة بالسخط والتحدي وفعل السيئات؟. اختبار الله لا يتوقف عند الابتلاءات، بل يستمر حتى مع الأحداث والمواقف الجيدة، الله يختبر الإنسان وقت الرخاء والسعادة والرزق الوفير أيضاً، ليرى ماذا سيفعل عبده مع كل ما أُعطي، هل سيشكر الله ويحمده؟، هل سيذكر الله أصلاً؟ هل سيعطي غيره جزءاً مما أعطاه الله؟، هل سيستمر في فعل الخيرات أم سيتوقف؟ وبعد هذه الاختبارات كلها، نموت كي نعرف نتيجة الاختبار الكبير، هل نجحنا فيه أم رسبنا؟ هل مكاننا الجنة أم النار؟. ابتلاء الله لنا بالشر أو فتنتنا بالخير، لا يُشترط منا أن نعرف أسبابه أو الحكمة الإلهية منه.. قد لا نعرف وقت الشدة بأنها خير لنا على المدى القريب (في الدنيا) أو البعيد (في الآخرة)، والأكيد أن لكل أجره وحسابه عند الله، أهل السفينة التي خرقها سيدنا الخضر في قصته مع نبي الله موسى، لم يعرفوا بأن هذه خيرة لهم، بدل أن يأخذها منهم الملك الظالم، بل إن حتى سيدنا موسى لم يعرف بأن هذا خير لهم! وأهل الغلام الذي قتله الخضر لم يعرفوا بأن موته أفضل لهم وله، فمصيره الجنة بعد أن مات بلا ذنب، وقدرهم أن يرزقهم الله ابناً صالحاً آخر لا يرهقهم طغياناً وكفراً. وأنا أستذكر اختبارات الدنيا، أفكر بكلام عالم دين يهودي، قال ما معناه، إن الله يختبر صدق معدن الإنسان الخير عبر تأخيره أو عدم مكافأة أعماله الجيدة، بمعنى أن اختبارات الله لنا، تُبين الشخص الجيد من السيئ، فلو أن كل عمل جيد نكافأ عليه فوراً من الله، فلا يصيبنا إلا ما هو خير، لأصبح كل الناس أخيارا، وانقرض الأشرار، فالجميع يطمح للخيرات والسعادة، ولكن لأن الله يرغب في التمييز بين عباده، قد يؤخر مكافأة الإنسان الخير، بل وقد يصل الخير إلى الإنسان السيئ ما إن يعمل عمله السيئ. وفي كل عمل منه سبحانه، اختبار، فاختبار الإنسان الخير الصبر على ما يصيبه، وقد يكون اختبار الإنسان السيئ النظر في مكافأة الله له.. هل ستصيبه بالغرور أم سترجعه إلى طريق الحق؟. وهكذا هي اختبارات الدنيا، لا نعرف متى تبدأ ولا نهاياتها أو أسبابها أو الهدف منها، المطلوب منا أن نصبر وأن نُسلم أمرنا لله وأن نستسلم له، فهذا يرفع درجات الإنسان عند الله، ويجعل حياته أسهل ومحتملة أكثر، عندما يعرف بأن هنالك سببا وراء كل شيء، وأن "الله يعمل بطرق غامضة" كما يقول الإنجليز.

715

| 16 أغسطس 2022

طبقة طبقة!

بدأت الدكتورة النفسية نيكول ليبيرا حسابها في الإنستجرام عبر تسمية نفسها (الدكتورة النفسية الشمولية)، في رغبة منها للفت انتباه الناس، إلى أن تحسين جودة الحياة أو معالجة النفس، لا يكون فقط عبر الذهاب إلى طبيب نفسي أو معالجة الجروح النفسية، ولكن أيضاً عبر تحسين الإنسان لكل جانب من جوانب حياته، وهذا ما تطرقت إليه في جزء من كتابها الرائع (HOW TO DO THE WORK). ما تتكلم عنه الدكتورة ليبيرا، تناوله الكثير من الدكاترة النفسيين قبلها وبعدها.. العلاج النفسي للإنسان كي يصبح أسعد وأفضل حالاً، مهم، ولكنه في الكثير من الأحوال غير كافٍ لوحده. كي يتحسن الإنسان، ويُحسن من جودة حياته، ويصبح أسعد، يجب أن يهتم بجوانب أخرى في حياته، لا تقف عند العلاج النفسي، حيث إن كل شيء في جسد الإنسان وحياته مترابط. ومن هذه الجوانب التي يجب على الإنسان أن يعمل عليها.. أولاً، ممارسة الرياضة، فالرياضة تهذب الإنسان، وتعدل مزاجه، وتجعله يتخلص من توتر وقلق اليوم بطريقة صحية. ثانياً، تناول الطعام الصحي، حيث إن معدة الإنسان وعقله متصلان ببعضهما البعض، وعند تناول الإنسان لطعام غير صحي، يؤثر ذلك سلباً على مزاج وطبع الإنسان، ويحدث العكس عندما يتناول الإنسان لطعام صحي لا يرهق المعدة ولا العقل! ثالثاً، المحافظة على علاقات اجتماعية قوية وإيجابية. بمعنى أنه يجب على الإنسان أن يكون في حياته دائرة دعم اجتماعية، قد لا تحتوي هذه الدائرة على أشخاص كثر، ولكنها يجب على الأقل أن تحوي شخصاً واحداً، يقوم هذا الشخص بانتشال الإنسان عند وقوعه في مأزق، ومساعدته حال تعثره، وتشجيعه عند فوزه، والاستماع لتذمره وقت ملله. هذه الدائرة القوية هي ما تدفع الإنسان إلى الأمام، في الأيام العاصفة، وهي ما تمسك يده في الأيام الصافية. أخيراً وليس آخراً، من أهم جوانب تحسين حياة الإنسان، العبادة الدينية. لا يوجد ما يجعل الإنسان أسعد في حياته وأفضل حالاً أكثر من تقرب الإنسان إلى الله. لن يشعر الإنسان بأنه أسعد إلا بعد إيمانه بالله وبأن هنالك سببا كبيرا وراء (خلقنا في كبد). هذا الإيمان وهذه الصلة هي ما ستريح القلب وتجعله مطمئنا ومستسلما أكثر لما يحدث لنا وحولنا. كي نكون أسعد يجب أن نحسن كل جانب من جوانب حياتنا. لا يلزمنا أن نفعل ذلك دفعة واحدة، فالتحسين مثل حبة البصل، فيه مجموعة طبقات.. العلاج النفسي وممارسة الرياضة والتقرب من الله وتناول الطعام الصحي والمحافظة على علاقات اجتماعية قوية، يُفضل بنا أن نتناولها طبقة.. طبقة.. بل إن محاولة التهامها كلها مرة واحدة، ستُدمع أعيننا، وستجعلنا نمتنع عن المحاولة مرة أخرى!

1089

| 09 أغسطس 2022

كيف نحب الله

كتبت سابقاً عن طريقة عبادة الله.. وعن مكمن وسر العبادة الكاملة في الصلاة.. ففي الأول والأخير.. خلقنا الله لنعبده، كما في الآية: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)(٥٦:سورة الذاريات). ولكن ماذا عن حب الله؟ هل هو لازم كما العبادة؟ و هل هو مرتبط بها أم منفصل عنها؟ يتضح من القرآن الكريم والسنة النبوية بأن حب الله لازم وواجب على كل مؤمن، حيث إنه جزء لا يتجزأ من العبادة، ومرتبط بها. وقد قال الله تعالى في سورة المائدة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ)(٥٤). فمن يؤمن، يحب الله ولا توجد محبة أعلى وأسمى من محبة الله، كما قال الله تعالى في سورة البقرة: ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله)(١٦٥). والله يبادلنا هذا الحب، كما في سورة آل عمران: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(31). بل وأكثر من ذلك، فحب الله للمؤمن أعظم وأكبر من أي محبة قد يختبرها الانسان في الحياة الدنيا، وهي أكبر من محبة العاشق لمعشوقه وأعظم حتى من حب الأم لولدها كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام. الحديث عن محبة الله مهمة.. لأنها حديث عن العبادة أيضاً. فمحبة المؤمن لربه، تبدأ عن طريق ممارسته للعبادات، أي أركان الإسلام، من الشهادة وحتى حج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً.. وهو حب كباقي أنواع الحب.. يبدأ ولا ينتهي، ولكن يصغر أو يكبر بالأفعال. ومحبة الله تكبر وتتوسع بممارسة العبادات والنوافل وفعل الخيرات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «لا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه». ولذلك نحب الله.. لأنه جزء من عبادتنا له سبحانه وتعالى.. ونحن نحب الله عز وجل أكثر عبر التأمل في خلقه وعن طريق كثر ذكره، وقراءة القرآن وتدبره والعمل على فهمه، ومحاولة فعل الخير كي يرضى علينا. بالإضافة إلى الدعاء له في كل حين، والخشوع في الصلاة، وكثرة فعل الأعمال المستحبة، والابتعاد عن الأعمال المكروهة. كما أن محبة نبي الله عليه الصلاة والسلام طريق أيضاً لمحبة الله عز وجل. عندما نحب الله.. يحبنا الله.. ويبسط علينا رحمته و غفرانه.. ويسهل لنا أمورنا و شؤونا، وتصبح حياتنا أسهل وأجمل، فنكسب الدنيا والآخرة. ومن غير الله يستحق جُل الحب وأعظمه؟ لا أحد. و في هذا قال الغزالي: "كل ذي بصيرة يعلم أنه لا محبةً حقيقيةً إلا لله، ولا أحد يستحق المحبة إلا هو".

4713

| 02 أغسطس 2022

كيف نعبد الله؟

يقول الله تعالى في سورة الذاريات: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (٥٦). الآية واضحة وصريحة. خُلق الانسان ليعبد الله سبحانه وتعالى. ويبين القرآن والسنة النبوية طريقة العبادة، وما مراتب الدين الإسلامي وأساس هذه العبادة. ففي المرتبة الأولى أركان الإسلام، وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والصلاة والزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً. والمرتبة الثانية هي أركان الإيمان، وهي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. أما المرتبة الثالثة فهي الإحسان، والإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك. ونجد أن الصلاة هي أعظم عبادة بل وأن فيها مكامن وخُلاصة العبادة الكاملة، التي يكون للعبد، عندما يكرس قلبه وعقله للخشوع فيها، أن يصل إلى أعلى مراتب العبادة والسمو الروحي والجسدي. فالصلاة لا يسبقها في أركان الإسلام سوى الشهادة، وهذا لازم أن يستقر في القلب أولاً، فقد قال الله تعالى في سورة النساء: (إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِۦ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ )(١١٦). نبدأ الصلاة بالبسملة والوضوء، فكأننا ننظف أنفسنا من ذنوبنا وسيئاتنا قبل ملاقاتنا الله. ومن ثم نكبر في الصلاة. فلا يوجد ما هو أكبر من الله، ولا يجب أن ننسى ذلك، ولذلك نكبر عدة مرات في كل صلاة. ومن ثم نقرأ سورة الفاتحة الجامعة المانعة. ففيها الحمد لله على جميع النعم التي يغدقها علينا، وفيها تذكير بلقائنا به وحسابنا يوم القيامة، وفيها نتذلل إلى الله، فهو من نعبد وهو من نستعين عندما تضيق الدنيا في وجوهنا. وبعد ذلك نقرأ سورة أخرى من اختيارنا من سور القرآن. وفي كل مرة تكون لدينا فرصة التفكر والتدبر في الآيات التي سنقرأها، فإما نستفيد منها أو نقرأها بشكل آلي وفي سرحان. وفي الصلاة نسبح لله العلي العظيم، وفي كل تسبيحة، تأمل في خلق الله ومخلوقاته، وكل شيء يسير كما هو مخطط له بانتظام واطراد. فالأرض تدور حول الشمس بأمر منه. والشمس لا تقترب من الأرض بأمر منه. والانسان لم يدخل في حرب نووية بعد، بأمر منه. وفي الصلاة أيضاً، نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وندعو لأنفسنا ولوالدينا بالمغفرة، ومن ثم ننهي الصلاة عبر إلقاء سلام الله ورحمته وبركاته على الملائكة وعلى أنفسنا وعلى أرواحنا وعلى كل شيء. هكذا نختم أعظم عبادة بالطريقة التي يُفترض فيها للإنسان أن يعيش حياته. بالسلام وعبر السلام. ولهذا أقول لمن يتساءل. كيف عسانا أن نعبد الله؟ انظروا في صلاتكم.. حسّنوها.. و من ثم طبقوا كل جزء منها في حياتكم.. نظفوا أنفسكم من الداخل والخارج، وكبروا واحمدوا الله وسبحوه وادعوه واستغفروه، وأكثروا من الشهادتين وتدبروا في القرآن ومن ثم افعلوا الخيرات في كل مكان وزمان!.

10160

| 26 يوليو 2022

أنت لست محور الكون

أنت لست محور الكون، قد يحتوي جسدك على أجزاء مماثلة لتلك التي تشكل الكون من حولنا، ولكنك بالتأكيد لست محور الكون، كيف يكون لك أن تكون محور الكون، والأرض التي تعيش عليها ليست محور الكون؟ بل إن الشمس التي يدور حولها كوكب الأرض ليست محور الكون!. أسلوب التفكير هذا، ومعرفة الانسان وفهمه بأنه ليس محور الكون، وأن العالم لا يدور حوله هو أسرع طريق لعيش حياة مريحة وسعيدة. تسألني.. كيف ستعيش حياة خفيفة إن اعترفت بأنك لست محور الكون؟ سأقول لك.. لن تلتفت لسماع القيل والقال في مكان عملك لأنك تعرف بأنهم على الأغلب لم يتحدثوا عنك بل عن شخص آخر. عندما يحدث موقف محرج لك في الشارع أمام الناس، لن تفكر في الموقف وأنت جالس في بيتك، ستعرف بأن من رآك مضى بحياته، واعتبرك ذكرى عابرة ضحك عليها في وقتها ومن ثم نسيها لأن هناك عشرات الأمور التي تشغل باله وأنت لست واحداً منها. عندما يأتي المقربون لك للفضفضة أو أخذ النصيحة، لن تجعل الأمر متعلقاً بك، لن تعطي نصائحك بناء على الصورة التي تريد أن تظهر أمامهم فيها. ستكون بجانبهم وتواسيهم بما تشعر به وما تراه دون أن تضع نفسك أولاً، فهذا الموقف ليس حولك، بل حولهم وحول ما يحتاجونه في تلك اللحظة. لن تفكر بالأمور الخارجة عن سيطرتك طوال الوقت، لا فائدة من ذلك، لأنك كما قلنا لست محور الكون، ولن تستطيع حلها بتضييع وقتك والتفكير بها. لن تجلس في عقر دارك، وأنت تفكر: "ماذا دار في ذهن صديقي بعدما قلت كذا أو فعلت كذا؟". بل ستمضي في يومك دون أن تدور هذه الأفكار في رأسك لأنك تعرف أنك لست محور الكون. لن تفكر في رأي وأفكار الناس فيك، لأنك لم تخطر على بال أحد على الأغلب. وإن خطرت في بال أحد، فالأكيد أنها ليست الأفكار التي في بالك! إذا فهمت واعترفت بأنك لست محور الكون سترتاح كثيراً. لن تحمل هم تغيير العالم لوحدك، وتبديل أفكار الناس حولك ستكون أخف وأسعد، لأنك ستكون قد عرفت بأنك لست الوحيد في العالم ويوجد غيرك ملايين ممن يستطيعون عمل الشيء نفسه الذي تعمله، وأنك لست محور الكون ولن تكون أبداً محوره!.

8511

| 19 يوليو 2022

عادات الناجحين

الجميع يريد أن يعرف عادات الأشخاص الناجحين.. ماذا يفعلون في يومهم، كي يصبحوا محبوبين وأفضل وأغنى وأشهر منا نحن بقية الناس! ولهذا تُباع كتب "عادات الأشخاص الناجحين"، ولهذا تنجح الأفلام الوثائقية و"الواقعية" التي تصور حياتهم يوماً بيوم.. لأن الجميع يريد أن يعرف العادات والخطوات التي يخطوها هؤلاء الناجحون، والتي جعلتهم من هم عليه اليوم. القارئ للسير الذاتية للأشخاص الناجحين، سيعرف أنهم ليسوا أناسا خارقين للطبيعة، قد تكون هناك عوامل ساعدتهم على النجاح مثل الجينات وثروة العائلة وغيرها.. ولكنهم على الأغلب أناس عاديون ولم يعتمدوا على هذه العوامل للنجاح بل اعتمدوا على أنفسهم.. عملوا وثابروا حتى وصلوا إلى مكانهم اليوم. والعامل الرئيس في نجاحهم وفي محافظتهم على النجاح هو عملهم وعاداتهم المستمرة في حياتهم. الأمر الذي يشترك فيه الأشخاص الناجحون هو محافظتهم على العادات الجيدة في حياتهم اليومية والتي تصبح بعد ذلك جزءا من شخصهم وهويتهم. صوفيا وجوديث وسوزان بولغار، هن أكبر مثال على ذلك. فقد تربين في منزل يُقدس لعبة الشطرنج، فكن يتدربن على الشطرنج يومياً حتى أصبح من عاداتهن اليومية ومن ثم جزءا من هويتهن عندما تمكن في سن صغيرة من هزيمة لاعبين بالغين. ومرت الأيام لتصبح صوفيا "أستاذا كبيرا" وأختها الصغرى جوديث أفضل لاعبة شطرنج أنثى في التاريخ! كلمة العادة تأتي من الاستمرارية، وكلنا نريد أن نعتاد العادة الجيدة ونفعلها حتى تصبح جزءا منا، ولكن الجزء الصعب يأتي من الاستمرار فيها. الكاتب الذي يريد أن يكتب كتاباً، يريد أن يكتب يومياً حتى يستطيع إنهاء الكتاب.. ولكن هل سيستمر في الكتابة اليومية؟ الإنسان الذي يريد أن يكون شخصاً رياضياً، يريد أن يذهب إلى النادي الرياضي أربع مرات في الأسبوع، وقد يذهب لبضع مرات بعد أن يعقد رأيه، ولكن هل سيستمر بعد ذلك؟ في كتابه (العادات الذرية)، يشرح جيمس كلير، أربعة قوانين لتبني والمحافظة على العادات الجيدة، وهي أن تكون العادة واضحة، وسهلة وجذابة ومشبعة. تكون العادة واضحة، عندما تكون أمام الشخص. فمثلاً لو أراد الشخص أن يقرأ كل ليلة قبل النوم، فعليه أن يضع كتاباً على سريره ليتذكر قراءة صفحة كل ليلة. وتكون العادة سهلة، عندما تعملها بالتدريج.. إذا أردت أن تتعلم لغة جديدة، لا تبدأ بجبر نفسك على التعلم لمدة ساعة يومياً، بل ابدأ بخمس دقائق في اليوم حتى تعتاد الأمر ويصبح جزءا منك ومن ثم زدها بعشر دقائق وهكذا. ولكي تكون العادة جذابة يجب عليك ألا تكون قادراً على مقاومتها. فمثلاً لو أردت تبني الرياضة يومياً بعد عملك، رغم تعب العمل، يمكنك أن تربط التمرين بمشاهدة حلقة من مسلسلك المفضل، فلا يكون لك أن تشاهد هذه الحلقة إلا وأنت تتمرن، وبهذا تجعل عادة التمرين جذابة. ولكي تكون العادة مشبعة يجب أن يكون هناك شعور بالمكافأة. وفي الأغلب الشعور بمكافأة العادات هو شعور مؤجل، فعندما تبدأ بتناول طعام صحي، لن تشعر بالفرق فوراً، بل قد يأخذ الأمر أسابيع حتى يتغير مقاسك وتشعر بتطور صحتك للأفضل. وفي هذه يجب أن تطول بالك. أخيراً، لكي تنجح في حياتك، يجب أن تختار عاداتك جيداً، ومن ثم تجعلها جزءا من هويتك. ولكي تعرف عاداتك، يجب أن تعرف ماذا تريد.. ومن تريد أن تكون، أولاً.

1437

| 12 يوليو 2022

كلها أمور صغيرة

لتحيا حياة سعيدة وخفيفة - وأظن أن هذا ما يرغب فيه الجميع - يجب عليك ألا تتعلق بكل شيء تمر عليه في حياتك، وألا تولي اهتماماً لكل حدث أو فعل أو قول يُقال في حضرتك أو غيابك، ماذا ستستفيد لو جلست تفكر عزيزي القارئ، بكلمة قالها لك مديرك بعد أن رجعت إلى بيتك، وأنت جالس في حضن عائلتك؟، ما النفع الذي سيعود عليك وأنت مستمر في غضبك على شخص التف عليك بسيارته قبل خمس ساعات؟!، هذا ما تطرق إليه ريتشارد كارلسون في كتابه (DON’T SWEAT THE SMALL STUFF.. AND IT’S ALL SMALL STUFF!) كان كارلسون ليقدر على اختيار عنوان أقصر من هذا، ولكنه لم يكن ليجد عنواناً معبراً أكثر، ومعناه: (لا تفكر بالأمور الصغيرة.. وكلها أمور صغيرة!). في كتابه يلقي كارلسون نصائح مهمة على القراء، وسأذكر منها ثلاثاً. أولاً: ثق بحدسك. وحدسك قد يعني الشعور اللاإرادي المزعج الذي ينمو في أحشائك عندما ترى شخصاً جديداً لأول مرة ثم تكتشف بأنه محتال.. وقد يعني أيضاً تعليمك أو تدريبك الذي مارسته طوال حياتك حتى صار جزءاً منك، يدلك على الطريق الصحيح بدون أن تشعر، مثل القصة التي ذكرها جيمس كلير في كتابه (العادات الذرية). وتقول القصة: التقى رجل بزوجة ابنه (الممرضة) في تجمع عائلي، فقالت له الممرضة فوراً: "لا يعجبني شكلك"، رد عليها الرجل ممازحاً: "وأنا لا يعجبني شكلك أيضاً!"، فقالت له: "كلا، أنت بحاجة إلى الذهاب إلى المستشفى الآن!"، أصرت المرأة حتى ذهب الرجل إلى المستشفى، واكتشف أنه يعاني انسداداً في شريان رئيس، فخضع لجراحة مستعجلة، الجراحة وحدس المرأة أنقذا حياة الرجل. النصيحة الثانية، اسأل نفسك دائماً، ما الأمور المهمة بالنسبة لي؟ هل هي كثرة المال؟، هل هي امتلاك جسم صحي وجميل؟، هل هي محبة الناس وفعل الخير؟، هل هي وجود علاقات قوية بيني وبين عائلتي وأصدقائي؟، هل هي العمل ليل نهار كي أصل إلى منصب معين؟، وعندما تعرف جواب هذا السؤال.. ابدأ في وضع قائمة أولوياتك في الحياة. أخيراً.. "لو رمى أحد الكرة عليك.. لا يلزمك أن تمسكها". لا تقل نعم، دائماً للآخرين، ليست من وظيفتك رفع التعب والحمل دائماً عن الناس، أنت مسؤول عن نفسك طوال الوقت.. ولكنك لست مسؤولاً عن الآخرين طوال الوقت، لست مجبراً على الرد على كل اتصال وكل طلب وكل حاجة وتلبية الناس في طلباتهم طيلة الوقت. يجدر التنويه، إلى أن هذه ليست دعوة إلى تجاهل مساعدة الناس والحس بالمسؤولية تجاه المجتمع، ولكنها دعوة إلى عدم تحميل النفس فوق قدرتها وطاقتها.. بحيث يصل الإنسان إلى الانهيار، وعندها لن يقدر على مساعدة لا نفسه ولا غيره. الحياة أكبر وأهم من أن نولي الأمور الصغيرة جل اهتمامنا.. فعندما نفعل ذلك.. لا نترك مكاناً كافياً للأمور الكبيرة والأمور التي تهمنا فعلاً، وبدلاً من ذلك نعبئ حياتنا بالقلق والأرق، وهذا في النهاية خيارك عزيزي القارئ.. هل تريد أن تملأ وقتك بالتفكير بقيل وقال، قيل من ورائك.. أم هل تريد أن تملأ وقتك بالتفكير في أحلامك وخططك؟. لا تنس أن كل شيء من حولك صغير وتافه معظم الوقت.. وأنت ما تجعله كبيراً وعملاقاً في رأسك.

781

| 05 يوليو 2022

يا قريب كن فهيم!

"بالأمس كان الجو حارا جدا في قطر، الحرارة التي لا يكون بمقدورك التقاط أنفاسك بسببها. ذهبت في هذا الجو إلى مركز خدمات لأخلص معاملاتي، وانتظرت هناك لمدة ساعة، ليأتي دوري ويخبرني الموظف بأن أخلصها عند موظف آخر لأنها ليست من اختصاصه! راجعت بعد ذلك الموظف الآخر الذي دلني عليه الموظف الأول، ليخبرني بأن الموضوع ليس من اختصاصه كذلك، ولا يعرف اختصاص من! سألته: إذاً، من أراجع؟! فرد علي: اسأل الاستقبال!". سأتوقف عن سرد هذه القصة التي قد تكون واقعية جداً لدى الكثير، وسأسأل: ماذا لو تم ارسال هذا الموقف كمقطع صوتي في مجموعة العائلة على الواتساب؟ على الأرجح أن البعض لن يعيره أي اهتمام أو أنهم سيتفهمون الموقف لأنهم قد مروا به من قبل. ولكن ماذا لو تلفظ رجل أعمال أجنبي (غير قطري) بهذا الموقف في حسابه على سناب شات؟ الأكيد أن البعض سيركز على كل حرف وكلمة تم البوح بها لأنها انتقاد خرج من فم أجنبي لا قطري!. هذه الموجة من عدم التسامح مع أي شيء يقوله أو يفعله الأجنبي، لا ترتفع اليوم في الخليج وحسب، بل في كل مكان حول العالم، وهي اليوم ترتفع أمتاراً طويلة مقارنة بالوضع قبل عشرين سنة مثلاً. وأسباب عدم التسامح تتعدد ولكن السبب الرئيس والأهم هو وجود الاختلافات بين المواطن والأجنبي، سواء أكان هذا الاختلاف في الجنسية أو اللون أو العرق أو المستوى المعيشي أو المعرفي أو العملي أو غيره. المهم هو أن السبب هو الاختلاف. الانسان لا يتعارض مع انسان يشبهه في الأمور الأساسية بالنسبة إليه، ولكنه قد يتعارض مع انسان يختلف معه في هذه الأمور. والتعارض والاختلاف وحتى الخلاف وارد الحدوث بين الناس، فمن في هذا اليوم مثلاً بالتحديد لم يختلف مع شخص آخر في رأي واحد على الأقل؟! الحل لا يكون أبداً في الهجوم الشخصي ودعوات الطرد من البلد!. الأجدى هو معرفة أن السبب الحقيقي وراء كل هذه العصبية هو الاختلاف، وأن العقلية المنتشرة هذه الأيام والمتمثلة في "نحن" و"هم" هي ما تجعل هذا "الاختلاف" شيئا لا يطاق. وهو في الواقع اختلاف كأي اختلاف آخر. بل إن الأمور المتشابهة بين الناس هي أكثر من الأمور المختلف فيها. كما قال الله تعالى في سورة البقرة: (كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ بِٱلْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا ٱخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ البَيِّناتُ بَغْيًا بَيْنَهم). (٢١٣). ما دام "الغريب أديب"، في تعبيره عن مشاعره وأفكاره ونقده وبعيداً عن الرغبة في الإضرار بالوطن. لا يبقى إلا قبول اختلافه والابتعاد عن الحساسيات التي تهدم الأمم والأوطان.. ويا قريب كن فهيم!

926

| 28 يونيو 2022

alsharq
في وداع لطيفة

هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...

4569

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
الكلمات قد تخدع.. لكن الجسد يفضح

في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...

3396

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
ماذا يعني سقوط الفاشر السودانية بيد قوات الدعم السريع؟

بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...

1356

| 28 سبتمبر 2025

alsharq
فلسطين والكيان والأمم المتحدة

أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...

1197

| 28 سبتمبر 2025

alsharq
استيراد المعرفة المعلبة... ضبط البوصلة المحلية على عاتق من؟

في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...

1104

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
حين يُستَبدل ميزان الحق بمقام الأشخاص

‏من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...

1059

| 29 سبتمبر 2025

alsharq
إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق

منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...

885

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
النسيان نعمة أم نقمة؟

في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...

852

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
الوضع ما يطمن

لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...

765

| 03 أكتوبر 2025

alsharq
تعلّم كيف تقول لا دون أن تفقد نفسك

كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...

705

| 02 أكتوبر 2025

alsharq
كورنيش الدوحة بين ريجيم “راشد” وعيون “مايكل جون” الزرقاء

في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...

633

| 30 سبتمبر 2025

alsharq
النعمة في السر والستر

كيف نحمي فرحنا من الحسد كثيرًا ما نسمع...

624

| 30 سبتمبر 2025

أخبار محلية