رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

جواهر آل ثاني

مساحة إعلانية

مقالات

2343

جواهر آل ثاني

أزمة "حكم" الرضاعة

11 أكتوبر 2022 , 01:00ص

في الأسابيع الماضية، انتفض الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ضد المحامية نهاد أبوالقمصان عضو المجلس القومي لحقوق الانسان في مصر، بعد نشر فيديو لها على الفيسبوك، تقول فيه ان الإسلام لم يُجبر المرأة على إرضاع أولادها. واستدلت المحامية بقوله تعالى في سورة البقرة: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ( ٢٣٣). وقوله تعالى في سورة الطلاق: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ) (٦). وهذا الحكم عام في حق الزوجة والمطلقة، وهو مذهب الشافعية والحنابلة، وهو الراجح لعموم الآية.

الحلال بين والحرام بين، والأوضح منه بياناً، هو الجواز والوجوب في العبادات والمعاملات، ففي هذه لدينا القرآن الكريم والسنة النبوية، للاستيضاح والتأكد. وموضوع الرضاعة وأجر الرضاعة ظاهر حكمه في القرآن الكريم، ومنذ أيام الرسول عليه الصلاة والسلام وحتى وقت قريب، كان بعض النساء لا يرضعن أولادهن لأسباب صحية أو نفسية أو طلاق أو غيره من الأسباب، فكان الأطفال يرضعون من امرأة أخرى بأجر أو بدون أجر على حسب الاتفاق! ولم يكن ذلك مستنكرا أبداً. أما اليوم، فالعرف الاجتماعي يقضي في الكثير من البلدان، قيام المرأة بإرضاع ولدها بنفسها وبدون أجر.. فلمَ نستنكر إن لم تقدر المرأة على الرضاعة أو أرادت أجراً على ذلك مستدلة بحكم سنده القرآن الكريم؟!

العرف الاجتماعي فقط، هو ما جعل تصريحات نهاد أبو القمصان مضحكة للبعض، جاهلين بأن هذا هو الشرع، وأنهم بعيدون كل البعد عن الحقيقة وانهم يختارون فقط من الشرع ما يعجبهم ويريدونه!.

يجوز للأعراف الاجتماعية أن تحكم في حال كانت المعاملة جوازية بين الأفراد، ما دام تم الاتفاق على حكم العرف بدلاً عن الشرع. كما هو الحال في تأثيث بيت الزوجية أو إقامة حفل العرس أو الصرف على الأولاد، ففي الشرع، يكون كل ذلك على عاتق الزوج لا الزوجة، ولكن جرى العرف الاجتماعي على إمكانية الاتفاق بين الزوجين على هذه الأمور، فقد تقوم الزوجة بالمساعدة في تأثيث المنزل أو الصرف على الأولاد أو إقامة حفل العرس وهكذا.. هذا جوازي لأن الشرع أجازه، ولكن إن أرادت الزوجة التمسك بحقوقها الشرعية فيجوز لها ذلك أيضاً، مهما استنكر من استنكر في برامج التواصل الاجتماعي!

يقول الله تعالى في سورة البقرة: ( أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ) (٨٥).

يجب أن يضع الجميع هذه الآية نصب أعينهم، عند الحديث عن أحكام القرآن الكريم، وعدم أخذ جزء منه وترك جزء آخر لمصلحة شخصية أو لمصلحة الغير. باختصار، لا يجب على أحد أن يأخذ الأمور بشخصية عند الحديث عن أحكام القرآن الكريم أو السنة النبوية، وعدم إنكار الحلال والجائز لتبرير مآرب شخصية وخاصة، وكل من يفعل ذلك، يجب أن يأخذ نظرة طويلة في نفسه، ويسأل نفسه: ما سبب هذه العصبية في طرح الرأي وفي الحديث عن الشرع والحرام والحلال؟ هل هي من الشرع أم من نفسي؟

 

مساحة إعلانية