رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
بما ان انماط التربية هي بنية نفسية تمثل الاستراتيجيات القياسية التي يستخدمها الاباء في تربية أطفالهم، فهنالك طرق شتی في هذا الموضوع و من بين اهم الطرق هو التربية بالقدوة والاسوة الحسنة كما قال الله تعالی في حق نبيه {لقد کان لكم في رسول الله اسوة حسنة}. يود المرء دائما ان يری ابناءه في القمة بل احسن منه، لكن غالبا ما يواجهه الصعوبات في الوصول الی مبتغاه، وهنا قد يتساءل المرء نفسه: أيهم اجدر بالاتباع هل الاسلوب السلطوي أحسن من الاسلوب المتساهل أو المتسامح ام يتفضل التربية المؤيدة والتربية غير المبالية، أم ان هنالك امورا اخری لا دخل له بهذا التصنيف؟ تعتبر وجود القدوة الحسنة للطفل من بين انجع الطرق للتربية والتي تهدف الی تهذيب سلوك الفرد والمساهمة في التربية السليمة بشكل طبيعي ودون الاحتياج الی التحدث والنقاش احيانا. نعم هنالك من قالوا بأن التربية الحديثة تعتمد علی التوجيه التربوي والامتناع عن العنف وتجنب الشتائم وتطبيق مبادئ المساواة بين الاولاد، وفي النتيجة قد تتعارض تطبيق هذه المبادئ مع من يخالف قوله فعله؛ فعلی سبيل المثال اذا نربي فلذات اكبادنا علی الصدق فعلينا الابتعاد عن قول الزور في صغائر الامور وكبائرها لمصلحة أو لغير مصلحة، والا سيتعارض ما علمناه ابناءنا مع افعالنا اذ يتعلم الاطفال عادة من خلال مشاهدة الاباء والامهات وهي طريقة مباشرة و سريعة للتربية. واذا ذهبنا ابعد الی خارج الدائرة العائلية ودخلنا في علاقاتنا الاجتماعية والوظيفية والعامة سنجد في نفس المبدأ الذي ذكرناه آنفا ضالتنا، اذ ان طيبة التعامل تأسر القلوب وتمحو الضغينة، بما ان الانسان يعتبر کائنا اجتماعيا يعيش علی مبدأ الاخذ والعطاء،. ان أساس النجاح في الحياة يتبلور في اتباع منهاج الحياة التي وضعه خالق الاكوان لعباده وهو القرآن الحفيظ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، يرشدنا الی اقوم وأحسن الاسلوب ونحن بأمس الحاجة اليه لنقوي به أنفسنا ونؤثر به علی غيرنا ايجابا ونحسن خاتمتنا. وقديما قال أبو العتاهية: ترجو النجاة ولم تسلك مسالکها... إن السفينة لا تجري علی اليبس
387
| 21 مارس 2025
عرفنا الحسد عرفا بأنه داء اجتماعي عضال، يرجع سببه إلی التخلف وهو موجود في النفس البشرية قدم الإنسان کصفة من صفات نفسية سلبية أو أعمال قلبية سيئة، لا يضر إلا صاحبه، وهو باعث للكراهية وقطع للأرحام والإضرار بالآخرين، ولا يجني الحاسد من ورائه شيئا نافعا لنفسه وللآخرين. وقيل عن الحسد بأنه شعور عاطفي بتمني زوال قوة أو إنجاز أو ملك أو ميزة من شخص آخر والحصول عليها أو يكتفي الحاسد في الرغبة في زوالها من الآخرين، وهو بخلاف الغبطة فإنها تمني مثلها من غير حب زوالها من المغبوط. جدير بالذكر أن أول معصية وقعت من الخلق الحسد لما حسد إبليس آدم، ثم حسد قابيل هابيل. وقد ذكر في القرآن الكريم أنواع من الحسد بعضه نابع من الشعور بالغيرة والقلة والضعف كما حصل مع إخوان يوسف عليه السلام، أو أحيانا يصيب الحسد الجماعات والدول بسب وقد قيل عن الحسد بأنه وجع عاطفي وكثيرا ما يتحول إلی ألم بدني يقض مضجع الحاسد. ومن بين تلك الأسباب المؤدية إلی نبت هذه البذرة القبيحة في الأنفس: العداوة، التعزز، الكبر والعجب، الخوف من فوت المقاصد المحبوبة، حب الرياسة، خبث النفس وبخلها، الحرمان من بعض النعم، الجهل...
216
| 31 يناير 2025
بما ان انماط التربية هي بنية نفسية تمثل الاستراتيجيات القياسية التي يستخدمها الاباء في تربية أطفالهم، فهنالك طرق شتی في هذا الموضوع ومن بين اهم الطرق هو التربية بالقدوة والاسوة الحسنة كما قال الله تعالی في حق نبيه {لقد کان لكم في رسول الله أسوة حسنة}. يود المرء دائما ان يری ابناءه في القمة بل احسن منه، لكن غالبا ما يواجه الصعوبات في الوصول الی مبتغاه، وهنا قد يتساءل المرء نفسه: أيهم اجدر بالاتباع هل الاسلوب السلطوي أحسن من الاسلوب المتساهل أو المتسامح ام يتفضل التربية المؤيدة والتربية غير المبالية، أم ان هنالك امورا اخری لا دخل له بهذا التصنيف؟ يعتبر وجود القدوة الحسنة للطفل من بين انجع الطرق للتربية والتي تهدف الی تهذيب سلوك الفرد والمساهمة في التربية السليمة بشكل طبيعي ودون الاحتياج الی التحدث والنقاش احيانا. نعم هنالك من قالوا بأن التربية الحديثة تعتمد علی التوجيه التربوي والامتناع عن العنف وتجنب الشتائم وتطبيق مبادئ المساواة بين الاولاد، وفي النتيجة قد تتعارض تطبيق هذه المبادئ مع من يخالف قوله فعله؛ فعلی سبيل المثال اذا نربي فلذات اكبادنا علی الصدق فعلينا الابتعاد عن قول الزور في صغائر الامور و كبائرها لمصلحة أو لغير مصلحة، والا سيتعارض ما علمناه ابناءنا مع افعالنا اذ يتعلم الاطفال عادة من خلال مشاهدة الاباء والامهات وهي طريقة مباشرة وسريعة للتربية. واذا ذهبنا ابعد الی خارج الدائرة العائلية ودخلنا في علاقاتنا الاجتماعية والوظيفية والعامة سنجد في نفس المبدأ الذي ذكرناه آنفا ضالتنا، اذ ان طيبة التعامل تأسر القلوب وتمحو الضغينة، بما ان الانسان يعتبر کائنا اجتماعيا يعيش علی مبدأ الاخذ والعطاء، وهكذا سيكون بمقدورنا تربية غيرنا بتعاملنا الحسن وصدق المعاشرة وكثيرا ما يستمع الناس ولكنهم يتبعون أحسنه، وهذا هو مبدأ من مبادئ التعليم الاسلامي عن طريق العظة من الاخرين. نعم ان الصدق في المعاملات هو اساس النجاح كما انه ينفع صاحبه في الدنيا والاخرة وهو رباطة جأش المؤمن مع ربه وعباد الله علی حد سواء، وقديما قالوا ان الكلمة التي تخرج من القلب تدخل وتستقر في القلب والكلمة التي تخرج من اللسان لا تتجاوز الآذان. كما قال الشافعي رحمه الله: تعصي الاله وانت تظهر حبه... هذا محال في القياس بديع لو کان حبك صادقا لأطعته... ان المحب لمن يحب مطيع وقد ذكر بعض السلف: اني لأعصي الله فأری ذلك في خلق دابتي وامرأتي. ومنها تعسير أموره عليه، فلا يتوجه لأمر الا يجده مغلقا دونه أو متعسرا عليه، وهذا كما ان من أتقی الله جعل له من امره يسرا، فمن عطل التقوی جعل من أمره عسرا. وهكذا نتعلم معنی الحكمة التي تقول: كيف يستقيم الظل والعود أعوج. وما أروع ان تخرج کلمة (أحبك) من القلب لتستقر في قلوب المحبين وما أقبحها عندما تخرج من اطراف السنة غيرهم لتلامس أسماع المخدوعين. لا ضير؛ ان أساس النجاح في الحياة تتبلور في اتباع منهاج الحياة التي وضعه خالق الاكوان لعباده وهو القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، يرشدنا الی اقوم وأحسن الاسلوب والاسس كي نبني عليه تصرفاتنا وعلاقاتنا، ونحن بأمس الحاجة اليه لنقوي به أنفسنا ونؤثر به علی غيرنا ايجابا ونحسن خاتمتنا. وقديما قال ابو العتاهية: ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها... ان السفينة لا تجري علی اليبس
807
| 10 يناير 2025
توقفني مقال منشور في جريدة الشرق القديرة بعنوان (مكالمة من نصابة) وجعلني أفكر بكيفية انتشار هذه الظاهرة السلبية في معظم الميادين بأنحاء المعمورة وان كثرة الدجل ما هي الا علامة علی اقتراب مجيء الدجال. قد عرف النصب والاحتيال بكل عملية تهدف الی تضليل انسان آخر عمدا للحصول علی منفعة ما. ومع تطور تقنية المعلومات والاتصالات والتسويق عبر الانترنت والحسابات البنكية قد يختبئ النصاب ويتجنب اللقاء وجها لوجه مع الشخص المستهدف والمنصوب عليه. هذه العملية تبدو کشيء حقيقي وغالبا تأتي علی حين غفلة، يمكن أن تكون عرضا مغريا أو اتصالا هاتفيا أو حتی دعوة لتكون صديقا لشخص ما علی الانترنت، حتی ان النصابين لربما كثير من الاحيان ينتحلون صفة موظفين حكوميين ويطلقون ادعاءات كاذبة وفوائد مالية بحجة الاستثمار. ولقد علمتنا كاتبة المقال من خلال مقالتها مشكورة الطريقة الصحيحة لمواجهة النصابين وكيف ان النصابة التي ارادت ان تحتال عليها اغلقت الخط بوجهها ولاذت بالفرار مفلسة. علی ضوء هذا المقال ومن خلال تجارب الاخرين هناك طرق عدة لتجنب الوقوع في النصب والاحتيال منها: *كن مستيقظا عندما تتعامل مع جميع انواع اتصالات غير معروفين. *تأكد من هوية المتصل. *احتفظ بتفاصيلك الشخصية وبيانات حساباتك المصرفية. *الحذر أثناء التسوق علی الانترنت. *أثناء استخدام الانترنت لا تفتح نوافذ مشبوهة... الخ كما ينصح بنك اسلامي للاستثمار زبائنه ان يأخذوا الحيطة والحذر كي لا يقعوا في عمليات النصب والاحتيال، احيانا تعرف باسم عمليات الاحتيال القائمة علی دفع رسوم مسبقة، لا ترسلوا معلوماتكم وأموالكم الی شخص لا تعرفونه حتی لو قالوا لكم بأنكم ربحتم جائزة مالية. ولو نظرنا الی هذا السلوك المشين من الجانب السيكولوجي لنری ان النصابين يعانون من ثغرات داخلية وسوابق نفسية أو الفشل في العلاقات وعدم الشعور بالامان ولأن المال مدخل للسلطة لذا تراهم يلهثون وراء اشباع احتياجاتهم النفسية العميقة وهي بالاساس احتياجات غير مشبعة لدی المتطفلين بشغف المال وبأي طريقة كانت الوصول اليه. بما ان الكذب والمراوغة والخداع والشعور بالنقص والسادية وعدم الشعور بالذنب تشكل شخصية النصاب لذا تراهم بعيدين كل البعد عن العدول وتهذيب النفس. كم هو جميل وقويم النظام الاقتصادي الاسلامي المستوحى من آيات ربانية تحث علی كسب الحلال و تربطه بسعادة الفرد والمجتمعات في الدنيا والاخرة. (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا) البقرة/168. وجاء في الحديث الشريف: (ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده) البخاري. وفي الختام ان الكسب الطيب والحلال هو سنة الانبياء عليهم الصلاة، ينير القلوب ويشرح الصدور ويورث الطمأنينة والسكينة والخشية من الله عز وجل ويعين الجوارح علی العبادة والطاعة، وهو من اسباب قبول الطاعة والأعمال وإجابة الدعاء.
447
| 03 يناير 2025
إن منزلة المحبة تأتي تباعا بعد مقامي الاستغفار والحمد، وهي أجل مقامات السالكين وليست مجرد مقولة تنال بالادعاء وهي امتثال لا احتفال، هي قوت القلوب فمن لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام، وهي روح الايمان والعمل والمقامات والاحوال، هي ايثار محبة الله علی ما سواه. الله الخالق البارئ، العدل اللطيف الودود.. الا يستحق كمال المحبة وقد خلقنا ولم نكن شيئا، هو الذي أنشأ الحب في نفوس المخلوقات قاطبة، فكيف لا تحبه القلوب؟ وكل احسان واصل الی خلقه، انما هو غيض من فيض رحمته وقطرة من وابل جوده (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله) البقرة/ ١٥٦. قال الحسن: قال قوم علی عهد النبي صلی الله عليه وسلم: انا نحب ربنا فأنزل الله هذه الاية: (قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) ٠آل عمران ٣١ فمن أحب الله سيحب تلقائيا كل ما يوصله الی محبة خالقه ورازقه الذي هو أقرب الينا من حبل الوريد، فمحبة الرسول مقترنة بمحبة الله، كما يوالي العبد المحب لله المؤمنين، هكذا يجد حلاوة الايمان من کان الله ورسوله أحب اليه ممن سواهما ومن أحب عبدا لا يحبه الا لله (صحيح البخاري). ان ثمار محبة الله عظيمة وعديدة فمن بينها معية الله للعبد وحفظه له من كل الشرور، فعن ابي هريرة: «من عادی لي وليا فقد آذنته بالحرب». البخاري، وما المحن والابتلاءات والهام الصبر والرضا الا علامة من علامات محبة الله للعبد المؤمن كما جاء في الترمذي «ان عظم الجزاء مع عظم البلاء، ان الله اذا احب قوما ابتلاهم». وفي الصحيحين: «اذا احب الله تعالی العبد نادی جبريل ان الله تعالی يحب فلانا فأحببه فيحبه جبريل، فينادي في أهل السماء ان الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الارض». ان الله علم نبينا محمدا بأن يقول في دعائه: « اللهم اني أسألك حبك وحب من يحبك والعمل الذي يبلغني حبك». الترمذي. والسالك الی الله بمحبته سيكون في ظل الله يوم القيامة كما جاء في صحيح مسلم: (ان الله يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل الا ظلي) كما قال في حديث قدسي قال الله عز وجل: (وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في، والمتزاورين في، والمتباذلين في). الامام أحمد. وهناك شرائح وطوائف عدة قد ضمنوا محبة الله بمجاهدتهم وظفرهم علی أنفسهم، من بين هؤلاء:» التوابون، المتقون، المحسنون، الصادقون، الصابرون، المتصدقون، المتطهرون، الاوابون، الشاکرون....» ومن أحب لله وأعطی لله ومنع لله فقد استكمل الايمان. رواه أبوداود. قال الشافعي: تعصي الاله وأنت تظهر حبه هذا محال في القياس بديــع لو کان حبك صادقا لأطعته ان المحب لمن يحب مطيع فمحبة الله جل جلاله تستوجب اطاعة أوامره واجتناب نواهيه، وحب من يحبه الله وكره من يكرهه الله، وهكذا سينال العبد الرباني رضا الله والطمأنينة القلبية والسعادة الروحية في الدنيا، اذ انه يعيش هذه الحياة القصيرة العابرة بمرأی من الله وتحت كلاءته، وهذه هي المحبة الحقيقية التي تروي ظمأ الروح ولا تنتهي بموت أحد، بل هي باقية في صدور الأوابين المتطهرين في الدنيا والاخرة. يستمد العبد المؤمن منها طاقته وحيويته وشوقه الی لقاء حبيبه.
534
| 20 ديسمبر 2024
هلا جلست يوما تتأمل بهدوء في الايام الخوالي واسترداد الذاكرة من المنعطفات والقمم التي مررت بها في مسيرة حياتك من الطفولة ثم المراهقة والشباب وسن الرشد ثم الشيخوخة لمن بلغها، وكيف ان النسيان أصبح سيفا ذا حدين؛ الرحمة: بعدم العيش في ذاكرة المحن والنقمة: لمن نسی مشواره الحقيقي ومصيره الحتمي بانتهاء أغلی ثروة يمتلكها، أو كما قيل: ما نقص ساعة من دهرك الا بقطعة من عمرك. اذ ان العاقل يتعظ بغيره فما بالك بتجارب نفسه وما مرت عليه من ساعات وأيام وسنين في تلك التجربة التي لا تتكرر بعد فواتها؟ وهل حددت معنی وتعريفا صحيحا لهذه الحياة التي تمر كالبرق وتقضي ساعاتها من عمرنا بشكل خاطف ودون استطاعة تصحيح ما أخطأنا فيها، وهي ماضية ولا أحد منا بمقدوره وقفها، هكذا ولأهميته أقسم الله سبحانه بالعصر لما فيه من العبر. لعلنا لا نعرف التعريف الدقيق للزمن ومكوناته، لكننا نعيش فيه بالاجمع والتساوي ونتلمسه من خلال هذه الحياة التي تتجسد هندسة أطرها في الزمن والمكان (الزمكان)، ثم لنا ان نسأل أنفسنا ما علاقة الوقت بمراحل حياة الانسان؟ وهل ان الجاذبية وقياس سرعة الضوء تتأثر علی مدی فترة الوقت الذي نقضيه ونعيش فيه؟ كما جاء في النظرية النسبية لألبرت أنيشتاين الخاصة: (الطاقة= الكتلةX مربع سرعة الضوء) أو العامة: اذ تنص علی ان الاجسام ذات الكتلة الضخمة والصغيرة علی حد سواء، تشوه النسيج الكوني الرباعي الابعاد من حولها الذي يسمی الزمكان... هناك عشرات الاسئلة حول هذا الجانب الخفي من حياة الانسان وبقيت دون الاجابة الی يومنا هذا. وبما ان الحلم هو نوع من حياة الروح وجزء من تجربة الموت وحياة البرزخ كما قال خالق الوری (الله يتوفی الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) الزمر/٤٢ أو كما أثبتت التجارب العلمية المختبرية بأن أطول حلم لا يتجاوز ٦-٢٠ ثانية ولو ان الحالم قد يعتقد أطول من ذلك بكثير. كلها دليل علی ان قصر و طول الوقت قد يتأثر ويتغير بعوامل شتی، ولم لا؟ هل تتذكر ما قاله الله سبحانه عن مقارنة يوم الآخرة بالدنيا (وان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون) الحج/٤٧. جدير بالذكر ان قياس الزمكان هو من أسرار وبدائع الله سبحانه وتعالی لتهيئة المناخ المناسب لتجربة ارادة بني البشر علی كوكب الارض في مجموعتنا الشمسية وبمجرد مغادرة الروح لهيكل الجسم ستتغير تلك المقايس، حينئذ يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة، وان الوقت الدنيوي يقاس بيوم وهو مكون من ٢٤ ساعة وقد أعطيت للجميع بالتساوي، لكن طريقة استعمالها تجعلنا متفاوتين، والعبرة في استعمال الوقت بالشكل الصحيح و ليس مجرد قتله كما قال المفكر ستيفن آر كوفي: «العبرة في استثمار الوقت وليس مجرد انفاقه» وبما ان البعض يقتل الوقت لكنه في النهاية هو يقتل الجميع ببطء. ان في انقضاء الساعات والأيام خير دليل علی نهاية حياة الانسان وانها ليست نهاية المطاف فان الانسان خلق للخلود، وكما ان عطشه دليل علی وجود الماء منطقيا، فان شوقه للخلود برهان علی وجود عالم الخلود وقد خلقت الروح له ومع ذلك لا يعرف الانسان کنه الروح. نعم ان قدرة استيعاب عقولنا محدودة كما مدی رؤيتنا وسعة سمعنا؛ هنا يستدرك الانسان فراغا ما في حياته الا وهو الربط ودرجة العلاقة بمصدرنا وخالقنا ومغيثنا، الذي يكور الليل علی النهار ويرزق كل دابة ويخرج الخبء في السماوات والارض، الذي أعطی كل شيء خلقه ثم هدی وأحاط بكل شيء علما ووضع القوانين الدقيقة في الكون للأجرام السماوية والمخلوقات برمتها. حقا ان الانسان تائه في صحراء الوجود دون مد يد الهداية له، دون التفكير والتأمل والامعان في أسرار الحياة ومفردات الكون وخباياها، ومعرفة دوره الرئيسي في هذا الوجود، اذ قال عز من قائل: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون- الذاريات/٥٦.
957
| 22 نوفمبر 2024
قد قيل في صفات الموظف الناجح: ان الصدق تعد كلمة تصدر منك هي الرباط اللازم في عالم الأعمال، وهي المعيار الذي يحدد به قدر ثقة الآخرين بك وهي أحد أهم العناصر التي تبنى عليها العلاقات طويلة الأمد في مكان العمل، وهي شعبة من الأمانة، أما القوة فهي الاستطاعة والقدرة علی فعل شيء وقد تشمل كل أنواع القوی البدنية والعقلية والعلمية والمادية والخ. كما ذكرت صفات الموظف المثالي في كتب الإدارة والأعمال بمجموعة من الصفات بحيث تصنف كلها تحت طائلة الصفتين الرئيسيتين الآنف ذكرهما (القوة والامانة) ومن بين هذه الصفات الفرعية: الثقة بالنفس، الخبرة، القيادة، الوعي الذاتي، مهارات اتصالات جيدة، التفكير النقدي، النزاهة والأمانة، السعي للتطور والنمو، العمل الجماعي، حل المشكلات، الالتزام، التعاون، المهنية العالية، تحمل المسؤولية. إن لغة القرآن تعتبر إعجازا بما فيها من البلاغة والبيان وهو جامع الكلم، لذا من المستحسن أن ندرس هاتين الصفتين من منظور قرآني كما جاءتا ضمن قصة موسی (عليه السلام) مع صاحب مدين (شعيب) علی لسان إحدی ابنتيه: (يا أبت استأجره، ان خير من استأجرت القوي الأمين) قصص/٢٦ وهذا التنصيص علی هاتين الوصفين هو من وقور عقل هذه المرأة، كما جاء في تفسير الطبري: إن خير من تستأجره للرعي القوي: علی حفظ ماشيتك والقيام عليها في إصلاحها وصلاحها، الأمين: الذي لا تخاف خيانته، فيما تأمنه عليه. وجاء ذكر هاتين الخصلتين في ما وصف الله (عز وجل) به – جبريل- عليه السلام مبلغ الوحي إلی الأنبياء والرسل في سورة التكوير: (انه لقول رسول كريم، ذي قوة عند ذي العرش مکين، مطاع ثم أمين) ١٩-٢١. كما ورد ذکرها علی لسان عفريت عند إحضار عرش بلقيس لسليمان حيث قال: (انا آتيك به قبل ان تقوم من مقامك واني عليه لقوي أمين) النمل/ ٣٩. بما ان اجتماع هاتين الصفتين في الناس نادر الحدوث، إلا انهما من القواعد القرآنية في التعامل والعلاقات والمعاملات بين الناس، فلا واحدة دون الاخری وإلا سيكون صاحبها كطير مهيض الجناح، وهكذا ينبغي أن نعرف ونضع الأصلح في المناصب المناسبة حسب المؤهلات وعلی ضوء وجود هاتين الخصلتين ولا أي معيار آخر غير مربوط بحقل العمل، كما قيل إن الولاية لها ركنان وهما القوة والأمانة. وقد انكر النبي (صلی الله عليه وسلم) إعطاء أي منصب أو مسؤولية لغير أهلها ولو أن الشخص حريص علی أخذها كما جاء في الصحيحين عن ابي موسی قال دخلت علی النبي أنا ورجلان من قومي، فقال أحد الرجلين: أمرنا يا رسول الله، وقال الآخر مثله، فقال: إنا لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه. بالمقابل أمرنا الرسول (صلی الله عليه وسلم) بإطاعة من ولي أمرا من أمور المسلمين من أهل الصلاح والعرفان والأمانة حتی ولو انه ليس من بني عشيرتنا وهذه هي منتهی الموضوعية والحنكة والحكمة؛ عن انس (رضي الله عنه) قال، قال: رسول الله (صلی الله عليه وسلم) اسمعوا واطيعوا وان استعمل عليكم عبد حبشي، کان رأسه زبيبة. رواه البخاري. في الختام أود أن أقول إن إدارات عصرنا أحوج ما تكون إلى هاتين الخصلتين، إذ إن الفساد المستشري في مفاصل المؤسسات والمجاميع والدول قد يؤدي بها في النتيجة الی خسائر فادحة وانهيار مأساوي وضياع حقوق المنتسبين والرعية، فأجدر بنا أن نتعظ بغيرنا وقد ذكر الله هذه الأمة بخير أمة وأرشدنا إلی التمسك بصفات القوة والأمانة في إدارة أمورنا الحياتية من صغيرها إلی كبيرها. فلنكن كذلك بمشيئة الله تعالی.
636
| 08 نوفمبر 2024
لا شك أن الغذاء له ارتباط وثيق بصحة الإنسان، وما كثرة الأمراض هذه الأيام إلا بسبب خلل ما في نظام الأكل الصحي، سواء أكان بسبب الدهون الضارة أو كثرة السكريات أو الأملاح الزائدة وغير ذلك. ونمط الحياة المعاصر يفرض علينا عدم أو قلة الحركة فهذا لا يساعد علي تخفيف الوزن وحرق الدهون. هنا سنلقي بعض الأضواء علی جانب من الطب النبوي بعيدا عن العيادات والمستشفيات كما يمكن أن تساعد هذه الإرشادات الحقل الصحي لتقليل أعداد المرضی وتوعية الناس بالوقاية قبل الإصابة بالأمراض والوقوع في وحل الادوية مدی الحياة، فهو صلی الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوی. قيل عن الطب النبوي بأنه هو مصطلح يطلق علی مجموعة النصائح المنقولة عن النبي محمد صلی الله عليه وسلم تتعلق بأمور طبية الذي تطبب بها هو ووصفها لغيره، ووصلت علی شكل أحاديث نبوية بعضها علاجي وبعضها وقائي. واليك بعض هذه النصائح المفيدة لعلها تكون سببا لعلاج حالات مرضية وتوعية الأصحاء من الوقاية منها. ١- يروى عن النبي انه قال (نحن قوم لا نأكل حتی نجوع وإذا أكلنا لا نشبع) هنا يتبين بأن روتين الوجبات يمكن تعديلها خاصة إذا لم يشعر الشخص بالجوع، وجدير بالذكر بأن هناك بلدانا تقلص الناس فيها الوجبات الق وجبتين في اليوم، وهم أقل عرضة للأمراض کالنوبات القلبية وتصلب الشرايين والسكري والخ، أخف حركة وأقل سمنة. ٢- عند الترمذي وهو حديث حسن صحيح (بحسب ابن آدم - يكفي ابن آدم- لقيمات وفي لفظ أكلات – يقمن صلبه، فان كان لا محال فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) يعني إذا رتب ونظم أكله فليأكل ولا يشبع ويشرب ولا يروي كثيرا ويبقي شيئا للتنفس والراحة، فهذا احسن له لأنه إذا أكل في الثلث وشرب في الثلث بقي ثلث للتنفس والراحة. ٣- وفي الصحيحين عن النبي وهو ينصح احد الصحابة (فصم يوما وافطر يوما فذلك صيام داود عليه السلام وهو اعدل الصيام)، كما ينصح بعض الأطباء مرضی الكوليسترول والسكري بهذه الطريقة للابتعاد عن عادة الأكل السيئة، حينئذ سيشعرون بالتحسن ويرجع اليهم روتين نشاطاتهم اليومية الی حالتها الطبيعية. أود الاشارة هنا الی ان هناك عادة سيئة في مجتمعاتنا لو صححناها لربما نستطيع السيطرة علی تطبيق المنهج الغذائي الصحي وسيكون أسهل لنا ان نجعلها نمطا صحيا في حياتنا قبل ان يظهر علينا علامات الأمراض المزمنة أو الطويلة الامد؛ الا وهي الاكل بغرض الاستفادة وليس الطعم والتذوق، فان أكثر الاكلات التي تتواجد فيها الدهون والسكريات والاملاح حلوة المذاق لكنها مضرة والعكس صحيح. وقد قيل بان المعدة بيت كل داء، والحمية رأس كل دواء، فأعط نفسك ما عودتها. كما نصحنا النبي عليه الصلاة والسلام بأكل الهريسة فانها تنشط للعبادة، وكان هدي النبي في طعامه أقوم الهدي وأفضله حيث كان يقتصد في طعامه ويتنوع فيه تنوعا لا اسراف فيه ولا توسع بل كان دعاؤه ان يقول (اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا) وكان يفضل أكل العسل، التمر، الخل، زيت الزيتون، خبز الشعير.... وفي رواية البخاري قالت عائشة رضي الله عنها (ما أكل آل محمد صلی الله عليه وسلم أكلتين في يوم إلا إحداهما تمر) يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: فيه إشارة الی انهم ربما لم يجدوا في اليوم إلا أكلة واحدة، فان وجدوا أكلتين فإحداهما التمر. وكان سهلا لهم الحصول علی الأكل لو أرادوا أو رأوا فيها منفعة صحية، لكنهم اكتفوا بما سد رمقهم وقد كفاهم الله ذلك.
1095
| 25 أكتوبر 2024
لاشك بأن الإنسان يبحث دوما عن قدوة وأسوة في حياته کي يحتذی به، نعم بالنسبة للانسان المسلم لنا في رسول الله أسوة حسنة، لكن السؤال الجوهري وبعد اربعة عشر قرنا من البعثة النبوية هو: هل لنا قدوة عملية في زماننا هذا نلتمس فيه الاصالة والغلبة والقوة بجميع معانيها؟ أو بالاحری هل اطمأنت قلوبنا بها واسكنت اليها أرواحنا؟ كي تكون لنا مثلا وملاذا من بين كل تلك المزاعم والشخبطات في عالمنا المعقد والحبلی بالتقنيات التکنلوجية والانحرافات المفزعة! أستطيع الجزم بأن هذه هي المعضلة الرئيسية للانسان المعاصر في منطقتنا والشرق الاوسط بل الدول النامية برمتها، ولهذا السبب نری كثيرا من الناس يسبحون في محيط التيه والغربة، وان لهذه المشكلة جذورا تأريخية واسبابا ذاتية وموضوعية، لكن الاهم من كل هذا؛ هو ظهور البديل الحقيقي لحلول الشرق والغرب، الا وهي ظهور دول اسلامية معاصرة بقوتها المادية والمعنوية واستباقها حضاريا كل من يزعم الرقی والحضارة في زمن العصرنة، كما ان هذه الدول الناشئة قد تروي ظمأ المثقفين والمفكرين والفلاسفة والمخلصين وكل من يبحث و يناضل من اجل وجود الانسان والحفاظ علی كرامته، وهكذا لا يبقی الملاحدة في القمة زاعما بأن الدين خارج عن تفاصيل حياة المجتمعات الحديثة. صحيح ان البقاء هو للأصلح أو للأقوی ومن بين اهم هذه القوی هي القوة الروحية ثم تأتي القوة المادية تساندها؛ والحكمة هي ضالة المؤمن، التمسك بالادارة المثالية والنزاهة والعدالـة الاجتماعية تعتبر من تلك المؤشرات التي ترمز الی رقي الشعوب والتحام المجتمع وصهره في بوتقة الحكم الصحيح والناجح في ركب الحضارة العالمية المعاصرة. ان النهضة العلمية والتقنية والادارة الناجحة والناجعة لدولة قطر هي بمثابة تثليج لصدور القريب والبعيد من المثقفين الواعين والمخلصين الجادين في دول المنطقة حيث تعلمنا دروسا عدة من بينها ان العبرة بالجوهر والاصالة وليس في الشكل والحجم، وبالمقابل سيتبلور دور الانسان الصادق في دعم هذه التجربة الجميلة والرائدة والاصيلة والالتفاف حولها والابتعاد عن النقد السلبي ومصالح ضيقة الابعاد اذ علمنا الرسول الكريم بأن مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم وتعاطفهم مثل جسد واحد. ان النظام الصحيح سيولد الامة والمجتمع المتكافئ، كما يدل علی واقعية ديننا الحنيف و صلاحه لكل زمان ومكان؛ وهذا هو ايجاد المقياس الصحيح في الامور كلها اذ وصفه خالق الوری بالوسطية وقال في محكم کتابه: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علی الناس). فإيجاد هذا المدار الفعال ليس بشيء هين بل وراءه سهر الليالي والتخطيط والدراسات والاجتهاد والتضحيات والحكمة والاخلاص وجهاد اهل الحل والعقد وتعاون الاخيار، هذا ما نراه في المشهد العام وعلی ساحة العمل الدولي ودون النظرة المثالية اليها ولا نزكي علی الله أحدا، لكن هذه التجربة الناجحة والتي نفتخر بها كلنا وكل مسلم غيور، تحتوي علی عوائق جمة وجهود مظنية نتضرع الی الله و ندعو لها بالنجاح والاستدامة والتألق محليا واقليميا ودوليا كما هي في الركب. انه نعم المولی ونعم النصير.
663
| 11 أكتوبر 2024
علی أغصان سدر الطرقات الساجدة علی شعب مرجانية مزركشة بأجمل حلي أبدعها أيد باريها.. سلام علی حبات رمل صنعت منها طوابيق بنيت بها صروح الأمجاد.. * أيتها القلعة أم صلال لك تحية من قلب قلعة أربيل العتيقة تحملها زاجل تطير آلاف الأميال يستلمها طائر هابط علی منارة جامع كتارا. أرسم بريشة أشتريها من سوق واقف صورة الغيوم تمطر البركة والعرفان، حيث تعانق قمم زاکروس شواطئ كورنيش وخور العديد وأضواء أرجوانية للمسجد الكبير وثرياته المعلقة تزينه تهاليل وتسابيح العابدين. * سلامي علی ذرات تراب بنت عليها حضارة انسان رقعة صغيرة، کبيرة المعان جميل بأهل کريم الخصال تظهر علی ضفافها حورية تتوضأ خمس مرات من بحر الحلم حيث تشرق منها شمس الآمال تضيء غياهب الوجدان. خلف جدران قلاعها بصمات، واكبت ركب الزمان وطلائع ولدوا فيها كتبوا للتاريخ صفحات صخب الندوب يسكن ايقاع ليل (زكريت) متناغما واحتساء فنجان قهوة أصلية في بيوت طينية باردة تحت سماء صافية تتلألأ فيها نجوم عدل نام أصحابها قرائر العيون وهكذا..... كل شبر فيها للحق حصون.
687
| 27 سبتمبر 2024
لا ينكر العاقلون بألا تتکرر حرب جديدة علی غزة أشد ضراوة وفتكا من التي حدثت بعد السابع من تشرين الاول ٢٠٢٣ والتي قضت علی الاخضر واليابس، الاحياء والاموات، الاطفال والشيوخ، وقد دمرت آلة الحرب الصهاينة كل مرفق حياتي حي وطمسوا مظاهر المدن والحضر، دون مراعاة أي قانون وأعراف دولية للحروب، اذ نراهم وأمام أعين العالم وبأسلحة من دول عظمی يدمرون المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس والطرقات والمرافيء والبيوت علی رؤوس ساكنيها الآمنين ونظام الصرف الصحي وغير ذلك، وقد يری الكثيرون بأن مثل هذه الفاجعة والمأساة الانسانية لم تشهدها الحروب العالمية السابقة علی الاطلاق. فما هو الدافع الحقيقي وراء هذه العنجهية للصهاينة ومشروعهم الباهت؟ بعد ايام من اعلان اسرائيل الحرب علی غزة خرج نتنياهو في خطاب شديد اللهجة أمام جمهوره واستحضر نصا دينيا وقال (عليكم ان تتذكروا ما فعله العماليق بكـم نحن نتذكر ونقاتل). متشدقا بنص سفر صموئيل الاول ١ صم ٣/١٥ والتي جاءت فيها (الان اذهب واضرب عماليق وحرموا کل ما له ولا تعفوا عنهم بل اقتل رجلا وامرأة، طفلا ورضيعا وبقرا وغنما جملا وحمارا). ليس مقام هذا المقال مناقشة انحرافات النصوص الدينية كما ذكره الله سبحانه وتعالی بأن منهم من يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون هو من عند الله بهتانا واثما عظيما، ثم هل يقبل عقل الانسان بأن يأمر رب رحيم خالق الكائنات ورازقهم أن يقتل الرضيع والبريء والنساء الحوامل أو حتی الحيوان غير العاقل؟ وبالمقابل جاء في سورة الاسراء عن تمادي اليهود في الارض والتي يمثله الكيان الصهيوني في وقتنا الحالي: ( لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ) الاية /٤... أو ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) الاسراء. فقد رأی علماء اجلاء معاصرون من أمثال الشيخ الشعراوي والدكتور القرضاوي - رحمهما الله - وغيرهما بأن ما كان يحدث قبل عشرات السنين للأقصی وأهلها من التنكيل والتهجير والظلم هو وعد الاخرة للافساد تفسيرا للآية رقم (٧) من سورة الاسراء بأن بني اسرائيل يفسدون في الارض مرتين ولكن في النتيجة سينقلب السحر علی الساحر. فما بالك لو كانوا علی قيد الحياة في وقتنا الحالي ورأوا ما يحصل الان لغزة وأهلها ماذا يقولون؟ فطوبی لمن يكون مع المظلوم صاحب الحق اذ ان العاقبة ستكون للمتقين وما يعلم جنود ربك الا هو. فالمعايير الانسانية تختلف كليا عن معايير الله ومشيئته، فعسی ان نكره شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا والعكس صحيح ان نحب اشياء تكون عاقبتها شرا. فأي فساد أكبر من الذي حصل وقد يحصل علی أرض غزة؟ فاذا وصف الله شيئا بالفساد يجب أن يلازمه حقيقة هذه الكلمة علی أرض الواقع، فليشهد هذا الفساد القاصي والداني ويظهر حقيقة زيف المغرضين والحاقدين علی بني البشر، وهذه هي سنة الله عبر القرون بأن مصير الجبابرة والطغاة والطغيان لا يكون أحسن من قارون وفرعون وهامان.
639
| 12 سبتمبر 2024
نعم، أن تكون جنديا مجهولا له مدلول عميق ومغزی عظيم، إذ إنك تبتغي مرضاة الله تعالی ونيل درجات علا في الآخرة، عليك أن تتحمل المتاعب وعوائق الطريق؛ من بينها اجتثاث حظ الدنيا في ثنايا النفس وأثناء أداء النية قبل أن تقوم بالأعمال الصالحات، بعكس الذين يودون حب الظهور وشكرهم علی إنجازات الآخرين، زاعمين أنهم أصحابها. لكن ليس معنی هذا المفهوم أن تحرم نفسك من معاشك ومستحقات عملك، بل الفرق بينك وبين الآخرين أنك إذا عملت عملا تتقنه وتوقن بأن الله رقيب عليك في السر والعلانية، وهكذا دواليك بحيث تخفي أعمالك الصالحات الأخروية لوجه الله كالذي ينفق بيمينه ما لا تعلم شماله، وتجعل من هذه المقولة شعارا: (اعمل بصمت ودع عملك يتكلم). كي نكون جنديا مجهولا علينا العمل للدنيا كأننا لا نموت أبدا ونعمل للآخرة كأننا نموت غدا، أي أن الموازنة بين التخفي والإظهار تقرره نوعية العمل والدور المنوط بنا، فلا داع أن تتجنب أن تصبح طبيبا ممارسا ناجحا تعالج المرضی والفقراء بصدق وإخلاص، أو محاميا صدوقا أو معلما مربيا ينالون رضا الله ورضا الناس، لكن علی الذين في المراتب العليا الحذر مرتين من الوقوع والإصابة بأمراض القلوب المهلكة كالغرور والطمع وحب الجاه والشهرة ...والخ. إن مقام الجندي المجهول رفيع بحيث تكون واحدا من بين أولئك الذين ينجون من كل غبراء مظلمة، أي الأبرار الأتقياء الأخفياء أصحاب (قلوب المصابيح) كما جاء عند ابن ماجة: روي عن النبي (صلی الله عليه وسلم) انه قال: (إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأبرار الأخفياء، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا حضروا لم يدعوا ولم يعرفوا، قلوبهم مصابيح الهدی، يخرجون من كل غبراء مظلمة). يكفينا كمسلمين أن نجعل هذه الآية الكريمة ضوءا ساطعا علی دروب الحياة المظلمة حيث يرشدنا الله عزوجل في الآية ٢٨ من سورة الكهف بأن نصبر ونتعامل مع ذاكري الله الذين يريدون وجهه كي نكون بخير وعلی ما يرام دوما: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا، ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا). وفي الختام أود أن اختم المقال بهذه القصة اللطيفة والطريفة من حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لابو نعيم الأصبهاني والتي تحمل بين طياتها كثيرا من الدروس والمواعظ: «کان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين معاشهم؟ فلما توفی علي بن حسين (رضي الله عنهما) فقدوا ما كانوا يؤتون به في الليل، فلما غسلوه جعلوا ينظرون إلی آثار سواد بظهره، لأنه كان يحمل جرب الدقيق ليلا ليعطيه للفقراء».
612
| 30 أغسطس 2024
مساحة إعلانية
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4596
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
3399
| 29 سبتمبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...
1371
| 05 أكتوبر 2025
بعض الجراح تُنسي غيرها، ليس بالضرورة أن تكون...
1368
| 28 سبتمبر 2025
أُنّشِئت الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥م بعد الحرب...
1197
| 28 سبتمبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...
1119
| 02 أكتوبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1059
| 29 سبتمبر 2025
منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...
885
| 30 سبتمبر 2025
في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...
852
| 30 سبتمبر 2025
لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...
768
| 03 أكتوبر 2025
كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...
750
| 02 أكتوبر 2025
في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...
633
| 30 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية