رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

المرأة المسلمة.. قوّةٌ وتألّق

تكاد تكون المرأة هي المُكون الأساس في تحقيق الاستقرار للعائلة والمجتمع ونعني هنا بالاستقرار أي: التزام نهجٍ واضح في الحياة والثبات عليه ؛ حياة فيها انسجام بين طريقة المعيشة وحاجات النفس الإنسانية؛ انسجام بين التربية الإيمانية والتربية الفكرية؛ وإنشاء جيل لديه العقل الناقد لمُدخلات العصر الذي يعيشُ فيه ؛ جيل لا يقبلُ كل ما يُعرض عليه بل لديه الوعي الكافي لاستظهار الحقيقة وإرجاع الحكم في الأمور إلى الوحي الثابت دون لبسٍ أو حرج أو شعور بالتناقض، قال تعالى: (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ) الأعراف 2. ولإنشاء جيل يتمتع بعقلٍ ناقد وحسّ واعٍ واتزان نفسي لابدّ أن تكون الأم أو «المرأة بشكل عام» التي تقوم بهذا الدور العظيم وهو بناء الإنسان لابد أن تتمتع بحسّ عالٍ من المسؤولية الذاتية، وبتقدير شرف المهمة التي أوكلت إليها.. وهي مهمة شاقة إذا اعتمدت فيها على نفسها وتغدوا مهمة العمر إن اعتمدت فيها على ربها عزّ وجل وجعلت هدف الإصلاح هو امتداد لحياتها بعد الموت ؛ مستندةً في ذلك كله على الوحي الإلهي من القرآن والسنّة.. إذا لم يكن من الله عونٌ للفتى فأولُ ما يقضي عليه اجتهادُه وبات اليوم مما لا يخفى على أحد حجم الخلل في إدراك المرأة المسلمة لدورها الحقيقي، فبزيارة واحدة لمجمّعٍ تجاري أو دخول سريع لأحد تطببقات «السوشيال ميديا» تكتشف هول الجهد المبذول ليل نهار لصرف المرأة عن لزوم طريق الجدّية والالتزام، والاهتمام بالتحسين الظاهري على التمسك بمعالي الأمور. إن الانسحاب من ميدان المظاهر وشهرة الماديات يلزمه تقدير لعِظم منحة العمر وكم هي غالية قبل العودة لزمن الصمت وانتهاء الأجل ؛ هذا الميدان الذي لا يليقُ بالمرأة المسلمة أن تصرف عمرها فيه كطواحين هواءٍ تهدرُ دون حَبّ. إن المرأة الواعية الاستثنائية التي تُعطي عطاء (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ) الليل 5/ تعلم أن إحداث الفرق في الأمّة لا يلزم أن يُخلدها التاريخ بل (إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَىٰ) الليل 20/ وهي عاكفة على اقتلاع الشوك من خفايا النفوس وإنتاج أفراد أسوياء نفسيًا وعقديّا وفكريا بمجموعهم يشكلون أمة عصيّة على الهزائم. ختامًا: لدينا في تاريخنا الإسلاميّ ما يكفي من القدوات اللواتي أضأن طريق السعادة والهداية بسيرتهنّ النيّرة من زمزم هاجر إلى قوافل خديجة.

297

| 04 يوليو 2025

الوجهُ الجميلُ للحياة

قيل: (وأما الصداقة فهي شيء منسوخ عزيز؛ وأمّا أكثر الناس معارف).. يلتقي الناس على التاريخ والأدب والرياضة وكتب العلوم والتربية، ويلتقون في الندوات والاجتماعات واللقاءات الاجتماعية وغير ذلك، فتنشأ بينهم الروابط إما لاشتراكهم في ذات المصلحة أو لمدة تنتهي بانتهاء السبب، ومنها ما يستمر لوقت يطول بحسب الظروف.. فهؤلاء كلهم معارف.. وهناك لقاءات على غير ذلك كله، لقاء النصيحة والصلاح والإصلاح وعلى تذاكر كتاب الله تعالى دون مصالح أو نوايا مسبقة سوى نية التواصي بالحق والصبر، فتنشأ علاقات على رابط طرفه بيد الله سبحانه وطرفه الآخر بأيدينا، قال عليه السلام: (إن هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تهلكوا ولن تضلوا بعده أبدًا). وقد تحول المسافات والظروف بينك وبين أُناس عرفتهم في مختلف مراحل حياتك لكن ما أن تُذكر الصحبة حتى تجدهم حاضرين متوهجين في ذاكرتك كأنهم لم يغيبوا يومًا، وتتلاشى صور لآخرين يعيشون في محيطك اليومي وتنسى أسماء قائمة المتصلين الطويلة في الهاتف.. فهذه الصحبة كالأهل الذين لا تربطكَ بهم روابط بيولوجية وتشعر بمودتهم تسري في العروق؛ وهم مرآتك التي ترى فيها الحقيقة دون تزييف كلما وقفت مقابلها، وتزيل عن خُلُقكَ ما يشوبهُ من عيوب دون تجريح ؛ هم الصّحبُ الذين إذا فقدتهم فقدت أجمل شيء.. هم الذاكرة البريئة الغضّة التي لا يمكن فقدُها. يأخذون بأيدي بعضهم البعض لحرث مروج من العلم النافع وبذر المعارف الطيبة التي تُسقى من ينابيع الشريعة الإلهية الصافية التي لا تنضب، يتواصون في كل ذلك بالصبر حتى يوم الحصاد، حتى إلى ربك المنتهى. صُحبة يمتدّ أثرها واضحًا في علاقة العبد بربه وعلاقته بمن حوله وحتى مستقبله.. فتنتظمُ علاقة الإنسان بمجتمعه، قال عليه السلام: ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) وقال: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته).. إنها ثقةٌ وتعاطفٌ ودعم؛ وهو متعبّد في ذلك كله لله تعالى راجيًا رضاه وتوفيقه لمزيد عبادات؛ ومتناصحين مُتصبرين فيما بينهم راجين أن يشملهم حديث رسول الله في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة، قال: (ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه). فاللهم إنا نسألك صحبةً صالحةً. وأختم بمقولة ابن الجوزي رحمه الله ذاتها التي بدأت بها (وأما الصداقة فهي شيء منسوخ عزيز، وأما أكثر الناس معارف).

339

| 03 يونيو 2025

كيف نتصرف في حياتنا ؟

‫ ‏إذا أردنا التعرف على حقبة زمنية ما والنظام الشامل لحياة الأفراد في تلك الحقبة فإننا نلجأ لدراسة الحالة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية التي نشأ فيها ذلك النظام في تلك الحقبة والبحث في سيرة مؤسسيها.. ‏وهذا تماما ما يجب على المسلم معرفته معرفة توضح في ذهنه الصورة العامة للحالة التي نشأ فيها الإسلام كعقيدة ونظام حياة شامل وهذا لن يتحقق إلا بالقراءة في عصر السيرة النبوية والنظر إلى أحوال العالم قبل وبعد بعثة أعظم رجل خلقه الله تعالى، محمد صلى الله عليه وسلم ؛ لاستشعار أنوار الهدي الرباني وكيف أنار ظلام الكون قبله. ‏وهنا إجابة وجيزة لسؤال لماذا ندرس السيرة النبوية؟ ‏لأن السنة هي أهم طريقة لفهم القرآن الكريم، وفي معرفة السيرة معرفة للحق والباطل والحلال والحرام فهي مصدر التشريع الثاني بعد القرآن الكريم، وفي التأمل في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم سلوى لنفس المؤمن في أحداث الحياة وهمومها وهو أكرم الخلق على الله تعالى وقد أصابه من البلاءات الكثير. ‏وفي دراستها كذلك تحقيق لمحبة النبي عليه السلام بمعرفته ودراسة سيرته، فيلزم الحب معرفة المحبوب.. وفي الختام نقول: كأن في دراسة عصر السيرة النبوية إجابة على سؤال كيف نتصرف في حياتنا؟.

186

| 12 أبريل 2025

يفنى الزّمان ونورها وهّاج

شعورٌ بالبهجة يتلبّسني كلما تخيلتُ كيف أن جبريل عليه السلام وصّل لرسول الله ﷺ كلام الله تعالى باللغة العربية، وأن هذا الذكر الإلهي جُمع وحُفظ باللغة العربية: (قرآنًا عربيا) ؛ (حكما عربيا)؛ (لسانًا عربيا).. إنه كتاب عزيز في معانيه عزيزة لغته: (وإنه لكتاب عزيز) ؛ لذا لا أجد ارتياحًا حين أقرأ تلك النصوص الإنشائية الجافة التي تكتب عن اللغة العربية كأنها لغة معرضة للانقراض.. ألا يكفي ضمانا على بقائها أنها باقية ما بقي القرآن العظيم، ألا يكفينا زهوًا أن لافتة إلى القيامة مكتوبة بالعربية وأننا في الجنة نتحدث العربية. ‏هي لغة الاتصال برب العزة في الصلاة من التكبير إلى التسليم، وهي اللغة التي خطّ لنا بها القرآن طريق العودة للجنة بعد أن محى الشيطان آثار أبينا آدم في رحلة الهبوط. ‏كانت العربية غيمة الخير التي سقت بذور العلماء فنبتت مروج علوم مختلف ألوانها وخط بحبرها مخطوطات ما زلنا ليومنا هذا نستخرج منها مجلدات علوم في شتى المجالات العلوم _الطب _العمارة_ الصيدلة وعلم الاجتماع….الخ يوم كان المسلمون يمنحون العالم عدلا وأمنا للجميع، فلا يمكن الحديث عن اللغة العربية بمنأى عن الإسلام فقد نزل القرآن بلغة القوم الذين استقبلوه ابتداءً فكان تحديا لهم، ثم لما آمنوا به ولم يكن العرب وقتئذ أهل ثقافة ولا معارف تحدوا به حضارات الشرق والغرب (فارس وروما) لما فيه من تنبؤات كونية قبل حدوثها، ومضت قرونا من أراد فيها أن يستظل تحت مظلة المجتمع العلمي والإنساني لابد له أن يتعلم العربية أو يكتب بالحرف العربي ويسجل علمه بها وإن لم يكن مسلما عربيا.. سلام هي حضارتنا.. سلام نحن للبشرية جمعاء. ‏ختاما نقاط في أهمية تعلم العربية: ومنها التمكن من تعلم العلم الشرعي الواجب فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وقراءة التاريخ الإسلامي لبث روح الاعتزاز بالهوية والشخصية الإسلامية في الشباب بدلا من تعلم تاريخ أوروبا في المدارس الأجنبية، والحد من شعور الغربة في التواصل التي يعيشها العربي في بلده، وفوق هذا كله القدرة على تدبر مراد الله في الآية القرآنية وما لذلك من أثر في تحسين حياة الإنسان عموما وصحته النفسية.

378

| 14 مارس 2025

العالم الذي لا يُقهر

بعد هجرة النبي ﷺ قويت شوكة المسلمين وأصبح لهم دولة وجيش ففتح النبي ﷺ باب التفاوض مع المشركين على العديد من المطالب دون المساس بالعقيدة ؛ على عكس مافعله عليه السلام حين كان في مكة فقد أغلق باب التفاوض رغم حالة الاستضعاف إذ لم يكونوا يملكون سوى العقيدة.. ليُعلمنا درسًا بالغ الأهمية أنه لا تفاوض على العقيدة فإنها قوة عظمى لا يعادلها قوة مادية ولا بشرية إن ترسخت في مجتمع جعلت منه عالمًا لا يُقهر. إنها عقيدة تتجاوز بالإنسان حدود النهي عن عبادة الأوثان إلى المعنى المجازي للوثن الذي يُعبد من دون الله تعالى كالانغماس في عالم المادة فتحافظ على كل ماهو نبيل وعظيم في الإنسان، وتحافظ عليه أن يحيد عن جادة الصواب. إن مصدر تماسك أي مجتمع هو ثقافته التي تحوي هويته المميزة له عن باقي المجتمعات، فكيف إن كانت هذه الثقافة تستمد منظومتها الأخلاقية والسلوكية من وحي إلٰهي ثابت.. لذا فإن أخطر مراحل الاستعمار للبلاد هي تحطيم البُنية الثقافية وبذلك تتحول هذه البلد المُستَعمَرة إلى ما يُشبه « السوق الحرّة « يدخلها المارقون كيف شاءوا. ولنا في غزّة مثالًا على أثر الثبات على الهويّة الإسلامية، فقد حاول المجتمع الدولي لسنوات بكل ما أوتي من وسائل لتغيير الخريطة الإدراكية للعالم بأنّ فلسطين أرض بلا شعب أو شعب يمكن تهجيره أو ترحيله وحصاره فاندلعت الانتفاضة تلو الأخرى لتُثبت أن فلسطين أرض عليها شعب عريق له ثقافة مُركبة لا يمكن تحطيمها، وأن الحروب المتتالية على قطاع غزة دليل على محاولة إذلال وقهر شعب لمحوِ رابطته الإيمانية وذاكرته التاريخية. عندما أُعلن ميثاق حقوق الإنسان كان المرجع النموذجي هو « الإنسان المفرد « وليس المجتمع أو الإنسان ضمن مجتمعه أو الأسرة على أحسن تقدير، فلاقى القانون رفضًا فهو يُعتبر من الدعائم الأقوى للعلمانية التي سعت لتفتيت الأسرة التي هي النواة الصلبة الأصيلة في مجتمعات العالم الإسلامي ؛ إن نشأة الفرد داخل عائلة من أب وأم بشكلها الطبيعي الفطري تجعل منه عضوًا نافعًا وعضُدًا تقوم بها الأمّة، لذا فإن الحفاظ على قيمة الأسرة في العالم الإسلامي جعلت منه عالما لا يُقهر، وإنّ الإخفاقات الأخلاقية للمجتمعات الغربية المُدّعية لحقوق الإنسان «كظاهرة الأطفال غير الشرعيين» أخطر بكثير على البشرية من الإخفاقات التكنولوجية كسقوط طائرة أو تحطم قطار. ختامًا: أشرنا هنا إلى أهمية الثقافة والعقيدة وكذلك الأسرة كمقومات جعلت من العالم الإسلامي عالمًا لا يُقهر، فعلى الأفراد زيادة وعيهم وإدراكهم لتبعات الإنجذاب اللاواعي للنماذج المستوردة.

381

| 14 فبراير 2025

جواهرٌ في التاريخ

هنّ لم يكنّ نساءً فحسب، فقد جادَ عليهنّ الزمان بأجمل الأقدار، لقد وُلدنَ مرتين، الثانية حين التقينَ بسيّد ذلك الزمان وكلّ زمان محمد ﷺ ورأينه رأيَ العين وسمعن صوتهُ فمًا لأذُن ؛ فقرّت أعيُنهنّ بالله ومن قرّت عينه بالله قرّت به كلّ عين.هنّ قدواتنا اللواتي صنعنَ جزءًا من التاريخ فنزلت فيهنّ آيات ورَوينَ الأحاديث، رفعتُهنّ ليست لنسب أو مال إنّما لشرف انتسابهنّ لدين الله تعالى ولقاء نبيه، تُظلّهنّ سماءٌ كان فيها من نسائم جبريل عليه السلام. فهذه «مُعاذة الجارية» الشريفة التي أنزل الله فيها قرآنًا يُتلى للأبد.. عصمتْ نفسها ألّا تزلّ في الهوّة السحيقة التي كان يدفعها إليها مولاها عبدالله بن أبي سلول وقد كانت سنّة جارية في الجاهلية أن يُكره السيدُ جاريته على الفاحشة، وبطشَ بها أيّما بطش، فانطلقت إلى النّبي ﷺ تشكو إليه فنزلت آية أصبحت دستورًا للحياة الفاضلة ( وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ). وخرجت المؤمنة مُعاذة من رقّ سيدها الجشع واستنقذت بنات جنسها ليوم الدين. وهذه الدرّةُ الأنصارية، التي جعلت مهرها إسلام زوجها «أبو طلحة «، كانت صادقة الإيمان جبّارة العزيمة، كانت محلّ ثقة النبيّ ﷺ سمعت منه الأحاديث وأكثرت عنه الرواية، لم تغِب عن جهاد خرج فيه الرسول ﷺ.. تحمل معها خنجرًا ماضيًا لمّا سُئلت عنه قالت: ( إن دنا مني أحد من المشركين بَعجتُ به بطنه ).. وهي التي لمّا مات صغيرها وتأجّجت النار في قلبها فتجلّدت وقالت لزوجها:( أرأيتَ إن قومًا أعاروا قومًا عاريةً لهم ثمّ سألوهم إياها، أكان لهم أن يمنعوهم إياها ؟! ) فلم يقلْ إلا إنّا لله وإنا إليه راجعون؛ وبذلك برهنت أنّ الإيمان جُنّة وقت الشدائد، إنها أم أنس بن مالك وأكرم به من ابن، إنها الصحابية الجليلة «أم سُليم بنت ملحان».وحفصة بنت عمر الابنة البارّة، التي نزل من أجلها جبريل للنبيّ ﷺ وقال له عنها: ( إنها صوّامة قوّامة وإنها زوجتك في الجنّة ).. والصحابيّة المُبايعةُ المهاجرة ابنة شيبة ابن ربيعة أشدّ الكارهين للإسلام، مؤمنة آثرت الإسلام على أهلها وصبرت حتى شهدت دخول مكة في الإسلام، إنها زوج عثمان بن عفان رملة بنت شيبة رضي الله عنها. وهذا غيض من فيض جواهر التاريخ.. رحم الله أمهاتنا وقدواتنا وحبيباتنا ورفيقات الجنة بإذن الله تعالى.

183

| 29 نوفمبر 2024

أعظمُ هديّة

بدايةً: إنّ من جاءته الفتنُ بلا علمٍ تحيّر وتذبذب. قال حذيفة رضي اللهُ عنه:( لا تضرّك الفتنة ماعرفتَ دينك) صحيح أنّ المعرفة لاعمر لها لكن هنا سأتحدثُ عن أهمية النّشأة الدينية المبكرة وعلاقتها بالصحة النفسية للإنسان وطريقة تفاعله مع مستجدات الحياة؛ وكذلك ضرورة سماع المصطلحات الشرعية والتعوّد عليها وطرح الاستفسارات الفقهية في الأسرة المسلمة لينشأ الطفل منسجما مع فكرة الحلال والحرام على ضوء شريعة الخالق عزّ وجل. وقبل أن نتلمّس السمات التي تطفيها النشأة الدينية المبكرة على الإنسان أهمسُ لكِ أيتها الكريمة بنصيحة: «تولّي أنتِ مهمة تربية أبنائك « ؛ ولا يكون اعتمادك في ذلك على المناهج التعليمية البائسة في معظم بلداننا بل خذي بزمام التربية الإيمانية وأنت بذلك تطوّرين من نفسك معهم.. إنّ سلاح الإيمان هو أقوى سلاح في ترسانة الأسلحة ؛ إنّ طفلًا تُجرى له عملية جراحية دون تخدير وهو يتلو آيات من القرآن كان قد حفظها في المسجد لتُصبرهُ على الوجع الهائل الذي يحطّ على جسمه الصغير لهو أبلغ برهان على قوّة المناعة الإيمانية ؛ فهو لم يتذكر اللغة الأجنبية التي تستميتُ بعض الأمّهات في تعليمها لأبنائهن ولا بدورات التنمية البشرية التي شوهت القيم. إنّ أعظم هدية تُقدميها لأبنائك هي « التربية الإيمانية « تأمّلي كيف لركعات أو آيات في ظلمة ليل أطفأ فيه الضيقُ والإضطراب مشعل الروح فلا يلبثُ القلب بعدها أن يسكنَ فيه طائر القلق. إنّ التنشئة الإيمانية تُفرز للمجتمعات إنسانًا لا يدور حول محور الأنا وحكم الماديات، إنسان بنفسية عالية منسجم مع المستجدات معتزّ بهويته لا يُداهن ولا ينافق ؛ لا يتعامل مع الشريعة كخيار إضافي يمكن الاستغناء عنه والعودة إليه إذا لم تُجدي القوانين الأرضية نفعًا، بل ينظر للشريعة أنها محرك الحياة ومعنى الوجود وملجأ الضالين وسند المكلومين وبركة العمر حتى القيامة.. إنسان يتقلب بين الإعلام المرئي والمسموع والمقروء فلا يشككه في دينه وثوابته ولا صياغة فكره ؛ قائم على الإصلاح ؛ يفهم سنن الله في البلايا العظيمة. وهو سريع العودة للحق لين الطبع أما من عرف الصواب متأخرًا فإن تحوله للحق صعب فقد تطبّع وقسى قلبه لطول أمد المكوث على الباطل:( وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) الحديد 16. ينظر لأبدية الآخرة فتلتهبُ همته وقد جعل من فعل الخيرات وقودًا لقدميه فلا يأتي مشلولًا يوم القيامة وقد عاش رحلةً طيبةً فوصل لمستقرّه سالمًا.

327

| 01 نوفمبر 2024

الجهلُ المقدّس

أصبحت الحسابات الإلكترونية مصدرًا للعلم، وتكوين التوجهات لكثير من الناس ومن جميع الفئات، واستغل هذه الظاهرة المحسوبون على المثقفين والمفكرين فبعضهم يكتب لمجرّد أن يكتب فلا ينساه المتابعون، والبعض يدسّ السّم في العسل، والبعض الآخر يكتب انتصارًا لنفسه ليس رغبة في إحقاق حق أو دفع باطل.. والمُتابعُ بين هؤلاء يقرأ ويسمع ويتفاعل ويُعلّق ويُقلب المنشورات بالمئات كل ساعة ظنًّا منه أنه يستطيع التمييز دائما بين الصواب والخطأ، غافلًا عن حقيقة نفسية وعلميّة «أنّ كثرة سماع الباطل ومتابعته تؤثر على القناعة بالحق مهما كان مُتيقظًا».. فإذا كان النّبي ﷺ قد حذّره الله تعالى من الافتتان بالباطل وأهله وإطالة الاستماع لهم بقوله تعالى: (وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) المائدة/49.. فكيف بنا هل نأمن على أنفسنا؟! إنّ توجهات الإنسان ومبادئه تتغير بالتدريج ليس دفعةً واحدةً فأنت تنحرف في طريق السفر الطويل ظانًّا أنك تسير في طريق مستقيم. والمسلم العاقل إن لم يستهدِ بالوحي الرباني في حكمه على الأمور حتمًا سيتيهُ به عقلُه في ظلمات الفكر منحرفًا به عن الصواب، فالواجب أولًا تحصيل العلم من مصادره ومعرفة مدلولات الوحي وغاية الخلق وسنن الله الكونيّة والشرعيّة ثم يكون سلوكًا ومنهجا في التفكير وهو في كل ذلك راجيًا السّداد منه سبحانه خالقُ هذا العقل، وليس صوابًا أن ينفتح المرء على كل الآراء والمِلل دون رسوخ علمٍ من الوحي وفقهٍ لسيرة النبي المعطّرة؛ فيميل مع كل رأي ويُبرّر لكل مُدّعٍ للتجديد وجهة نظره حتى يُدافع عنها ثمّ يُصدقها دون شعور. نُصبحُ ونمسي وأصابعنا تقودنا بسوط الإدمان، ورياحُ الفكر التنويري والمحتقنين على الإسلام قد شرّقت بنا وغرّبت، ونجد أنفسنا مهزومين من خلف الشاشات دون حرب فقد أخذنا العدوّ بالهُوَينا متسلحًا بالقوى النّاعمة كما يُقال. أصبح التعاطي مع «السوشيال ميديا» وتغيّراتها بسرعة يعجز الحاذق عن اللحاق بها كأنه دين أو طقسٌ مقدّس؛ أو حلبة مصارعة يُظهر فيها أي أحد أي شيء في أي وقت وهو بكامل قناعته بأنه يُقدم للبشرية الكلمة الفصل.. إنّ الموفّق لحفظ دينه يرى المشهد بعين حديث الرسول صلى اللهُ عليه وسلم: (إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ المِائَةِ، لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً).. إنّ خطورة فضاءات التواصل لا تكمُن في قوتها بل في ضعف العلم عند جمهورها، والجهل بأولويات العقيدة وانعدام البحث الذاتي في مصادر العلوم الشرعية وتطبيقات الشريعة وقراءة كتب المتقدمين بقلب مُنشرح للعلم وبنيّة طلب الحق لا بنيّة صدّ ونقدٍ استباقية، ناهيك عن تضاؤل دور المناهج والمعلمين والأسرة… فهل سنكتب أعذارنا في صحائفنا بأقلام التواصل الاجتماعي؟!

435

| 18 أكتوبر 2024

عفواً أيها القانون

يَحكي التاريخ: أن الشرق المسلم كان رحمةً وسلامًا للبشريّة. وأنّ المسلمين كانوا كالنّجوم لقوافل التائهين في الأرض، يهدونَ إلى الحقّ، وأنهم كانوا لافتةً للعابرينَ على الطريق تدلُّ إلى الله.. وتُرشدُ المهاجرين إلى منازل التوحيد والعلم والعدل والقوّة وإلى أبديّة الآخرة وتأقيت الدنيا فتهدأ القلوب وتستنيرُ الأذهان. ويحكي التاريخ: كيف أشرقت الشمسُ من جديدٍ بالنور الإلهي وتنفسَ الصّبح بالقرآن حين نزل النعيمُ على الكونِ على هيئة جبريل عليه السلام حاملًا معه شريعةً يصلُ سندها إلى من على العرشِ استوى، فأيقظتِ العرب من نومهم على قارعة عكاظ وذي المَجاز بنداء « أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تُفلحوا « ؛ بصوت عبدٍ شريفٍ سقى أرض الجزيرة بدماءٍ طاهرةٍ سالت من عرقوبيه فأزهرت النفوس وأنبتتْ مروجَ علومٍ مُختلف ألوانها امتدّت قرونًا طوالًا. ويحكي التاريخ: بأنّ المسلم لا يكبر ويبقى فتيًّا لا يعرفُ اليبَس حتى تقع من يديه أدواتُ الغرس والحرث وأمّا حصاده فهو مُمتدّ من الدنيا إلى الخلود. وبقي المسلمون هكذا يروي عنهم التاريخُ عجبًا، حتى استيقظوا ليجدوا أنفسهم قد ماتوا مُبكّرين وملأت الصحارى صرخاتُ الموؤدات من جديد، وجفّت ينابيع العلوم وخَفَتَ صهيلُ العاديات بعد ترجّل الفرسان ؛ واستبدل اللاحقون حبرَ الوحي الإلهي بمَحبرةِ فرعونَ وأبو جهل ليُسطّروا قانونًا جديدًا..ما أشدّ جبروت الإنسان!! عفوًا أيها القانون.. إن دينًا يقول لأتباعه: اطلب العلم ولو في الصين اقرأ ولآخر يوم في حياتك اغرس غرسة لو قامت الساعة أحيي أرضًا بوارًا حيثما حللت إماطة الأذى عن طريق الناس سبب للمغفرة في كل كبد رطبة أجر إن كان الكذب ينجي فالصدق أنجى لا تجرح قلب والديك ولو بـ «أفّ» سلّم على من عرفت ومن لم تعرف قول معروف خير من صدقة حتى ابتسامتك صدقة إحسانكَ لجاركَ من الإيمان النساء شقائق الرجال أحسن الوقف هو للأيتام وطلاب العلم ومُعلّمي الناس الخير إن كان أخوك ظمآنا فسقيته ستُسقى انصر المظلومَ ولو كان كافرًا احفظ العهد، سامح، استر، تجاوز هل هذا دين يُستبدل ؟! ونرتضي لأنفسنا غيره !! عفوًا أيها القانون.

507

| 04 أكتوبر 2024

نفوس على درب السعادة

‫ إذا كان الخوف من المستقبل هو أحد أسباب تراجع الصحة النفسية لدى الإنسان المسلم فإن اليقين الذي مُحصّله القرآن هو الدافع للشكوك والخوف من المستقبل والجالب للاستقرار النفسي ؛ فلا طريق لتحصيل الصحة النفسية أفضل من دراسة المفاهيم النفسية على ضوء القرآن كلام خالق هذه النفس (ونَفس ٍ وما سَوّاها) ودَحر الشيطان الجالب للوساوس التي تلفت اهتمام المسلم من العلو إلى الدنو؛ ومن السير على طريق الآخرة إلى التمركز حول الشغف الفردي والطموح الشخصي.‬‬‬‬ وقد نهى تعالى في كثير من الآيات عن الحزن وتعاطيه والاستسلام له، قال تعالى: (ولَا تَهِنُوا ولا تَحزنُوا) قيلت هذه الآية في معركة أُحد التاريخية وفيها نهي عن سبب الفشل وهو الحزن الذي يؤدي لوهن الجسم وخوار العزيمة وانقلاب الشجاعة ضعفًا. وفي زمن الشكوى الدائمة وإطلاق البصر في متاع الآخرين وزمن الحديث عن الاكتئاب والطب النفسي «واللايف كوتش» كأنهم من متطلبات الحياة، وزمن أصبح فقدُ شيء من رفاهيات الحياة يكاد يفتك بالقلوب ألمًا ( كأنهم يُساقونَ إلى الموتِ وهم يَنظرون)؛ وابتعاد الناس والشباب خصوصًا عن اعتناق القضايا الكبرى للأمة الإسلامية وغياب الآمال والطموحات الشاملة ومعاني الدعوة إلى الله والنضال العادل، فأدى غياب كل تلك المعاني إلى إنتاج جيل بمشاعر مُدللة ونفسية أكثر قابلية للكسر. إن تعظيم المشاعر وجعلها حكمًا على الأشياء من أوضح تجليات الحالة النفسية المُفتتة في مجتمعاتنا بعد ما كانت الهشاشة النفسية مصطلحًا معروفًا عند الغرب لتصوير الخوف من المجهول والأحداث. ولعبَ تعظيم الأنا لدى الفرد من خلال الإعلام الممنهج دورًا كبيرًا في إضعاف النفس البشرية. فالقدرة على فهم طبيعة الحياة هي الصحة النفسية وهي ضد الهشاشة. ختامًا.. إن مما يُستعان به على القوة النفسية: توطين النفس على أن الحياة بُلغة منغصة، وكثرة الصلاة، ومتابعة المفاهيم القرآنية وإنزالها على النفس البشرية.

429

| 20 سبتمبر 2024

شرف العامل على قدر شرف العمل

روي أن سفيان الثوري قالت له أمه: ( يا بُني اطلب العلم وأنا أكفيكَ من مِغزلي، يا بني: إذا كتبتَ عشرة أحاديث فانظر هل ترى في نفسكَ زيادةً في مشيكَ وحِلمكَ ووقاركَ ! فإن لم ترَ ذلك، فاعلم أنّه يضرُّك ولا ينفعُك). إنّ العبودية لله تعالى والتي هي الغاية الساميةُ من الخلق تحتاجُ نفوسًا عزيزةً شريفةً فتشريفُ الإنسانِ بسجود الملائكة له كان تعبيرًا عن الحفاوة به. وإنّ تزكية الإنسان وبناءه وظيفةُ الأنبياء ؛ فشرفُ العاملِ على قدر شرفِ العمل. ما أريدُ قوله هنا للأمّهاتُ الكريمات، إنّ من يُدركُ عظمَ الغاية، ويعيش لتحقيقها سيشعر بجمال العبودية لله تعالى في كل أمور حياته، وأهمها تربية الأبناء. ويُنمّي عظمَ الغاية شعور الوالدين الفطريُّ بسعادتهما بأبنائهم..( ربنَا هبْ لنا من أزواجنا وذُرّياتِنا قرّةَ أعينٍ واجعلنا للمُتقينَ إمامًا) /الفرقان: 74 /. ونسيانُ الغايةِ يقلِبُ قرّة العين إلى همومٍ في الدنيا وعذابٍ في الآخرة … فمن غيرُكِ أنتِ المُؤهلةُ لرعاية تلك القلوبِ الصغيرة.. أنتِ لاشيء يُعوّضُ مكانكِ.. فليست النائحةُ الثكلى كالمُستأجرة. إنّ التربية والتّعلُّم والتّعليمَ مشوارُ حياةٍ، فبناءُ إنسانٍ على قيم المروءة والحياء والعزّة، وتمييز الحق عن الباطل والنّفع للمجتمع وحبّ العلم ومَلَكة النقد والفهم والسير على منهح الوحي الثابتِ وحمايته من الهشاشة النفسية، وتوقّع الألم في الحياة هذا كله هو عين التربية.. وتعلُّمكِ لهذه المفاهيم هي أساسُ وحجر الزاويةِ لحياة أفضل لأولادك وللمجتمع، وتعليمك لأبنائك هو صُلبُ مشروعكِ الذي لا مجال للخسارة فيه على الإطلاق. ولو لم يقم الأب بواجبه بإحاطةِ رعيّته ونُصحهم فهل ستتركينَ التجديفَ في بحر الحياة أنتِ أيضًا؟!. فلا تتخذي من هذا مُبرّرًا لكِ لترك مهمّتك الأسمى، وأنتِ بذلك تُبرّئين ذمّتكِ أمام الله عز وجل. فإن كان مجهودك لتنشئة إنسانٍ ليستحقّ الخلود في الجنة هو خالصٌ لله وحده، فلن تقلقي مهما كانت النتائج !! ولا تترددي ؛ فإنّ الله الودود أحفظُ للوُدّ من أن يُنكّسَ قلباً صادقًا مخلصًا.. بدمعة صادقة منكِ كدمعةِ أمّ موسى يُعيدُ الله لك ترتيبَ قصتكِ فتُعوّضي ما فاتك، فلا تحزني في هذا المشوار الطويل، انسجمي مع نفسك، كوني متوازنة، لا رحيمة مؤذية ولا عقلانية قاسية. ما يلبثُ مولود اليوم يولد على الفطرة حتى تبدأ آليات الاحتلال الفكريّ تُغرّبُه وتُشرّقه، وتُشوه قيَمهُ بسيلٍ من الشبهات والفتن. وأنت أيتها الأم المكلفة والمؤهلة بجمع شتات الفكر وإعادة الأمر إلى نصابه. فمناقشة الأبناء فيما يشاهدون في الإعلام ( والسوشيال ميديا ) يُنمي لديهم مَلَكة ملاحظة المُدخلات وحِيَل الإعلام في صياغة شكل للحياة جديد. فاليوم أنت تُغالبين نفسك بالخضوعِ لشرع ربّكِ بتركِ بعض محبوباتكِ لتربية ابنٍ يُحقق العبودية لله، وغدًا سيُغالبُ هذا الابن نفسه في ترك بعض محبوباته ليقوم بواجبِ برّكِ ويُحقّق عزّه بالذّل لكِ (واخْفِضْ لهُما جَناحَ الذُّلِّ من الرحمة وقُلْ ربِّ ارحمهُما كما رَبيَاني صغِيرًا)/الإسراء24 /.. وابنتك إن أحسنتِ تربيتها كانت وقايةً لكِ من النار، وأبناؤكِ امتدادٌ لعملكِ بعد مماتكِ.. فلْنُسدِّد ونُقارب واللهُ يجبر نقصنا وتقصيرنا.

534

| 06 سبتمبر 2024

السلسلة الذهبية

«إنّ كلماتنا ستبقى ميّتة لا حراكَ فيها، هامدةً كعرائس من الشمع، فإذا متنا من أجلها انتفضت وعاشت بين الأحياء ؛ إنّ كل كلمةٍ قد عاشت كانت قد اقتاتتْ من قلب انسانٍ حيّ»..كم هي جميلة مُعبرة تلك الكلمات التي قالها سيد قطب رحمه الله لأبدأ بها موضوعي عن أهمية الكلمة. فالكلمة هي السلسلةُ الذهبيّة المُمتدة حتى بعد مُفترق الصمت والموت، تبقى الكلمة المتصلةُ بربّكَ الأكرم صوتها يُسمعُ حتى بعد سكون القبر، ستبقى حيًّا في صميم الكون بكلماتكَ ( وإنّ لكَ لأجرًا غير ممنون ).. ممنون: مقطوع. لم يكُن عبثًا أن جمع اللهُ بين حياتين ؛ الأولى حياة من عَلَق (خَلق الإنسانَ من علَق ) والثانية حياة من كلمات (اقرأْ) (الذي علّم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم). إنّ ولادتكَ البيولوجيّة لا يدَ لك فيها لكن كلماتكَ التي تكتبها وعلمك الذي تقرأ هو تاريخُ ميلادك الذي تُؤرخُ به حياتك، كما أرّخ التقاءُ النور الإلهي بذلك الكوكب المُنزَوي في ركنٍ من الكون لولادة البشريّة من رحم ( اقرأْ). إنّ التاريخ المشرّف للكلمة بدأ برسول الله بدأ بكلمة «لا إلٰه « التي كنَست كل الأصنام التي غيّبت الكعبة وكلمة «إلا الله « التي أعطت للشعر والعلوم قيمة الخلود.. أليس النبي ﷺ وهو خير الناطقين بالضّاد سيّدُ الإحساس المُؤيد بالقرآن قال لكعب بن مالك لمّا أنشدَ «حلفتْ سخينةُ أن ستغلبُ ربَّها.. وليُغلَبن مُغالبُ الغلّاب» فقال ﷺ (لم ينسَ ربك بيتًا من الشعر قلته وما كان ربك نسيّا).. إنّه يا سادة تأثير الكلمة النظيفة ؛ إن كل فعل أصيل مُنجَز على الواقع قبل أن يكون كان كلمة حرّة. «اقرأ» إنها الركنُ المُستأمنُ على مستودع القوّة، «اقرأ « وانتقِ الكلمة فهناك من يعلم أنه إذا امتلكنا المعرفة سنمتلكُ ذروةَ السّؤدُد.. حينها لن تتوجه إلى أرفُف الأكثر مبيعًا بل إلى حيثُ ( كلمةً طَيبةً كشجرةٍ طيّبةٍ ) إلى حيثُ الأكثر نفعًا. فالحمدُ لله على اقرأْ والحمدلله على القلم والحمدلله على ماعلِمنا وما لم نعلم والحمدلله على الكلمة العربيّة والحرف العربيّ والحمدُلله الذي أعلانا من هجيرِ الجهلِ في صحراء مكّة إلى مُتابعةِ خُطى جبريل في السّماء.

372

| 23 أغسطس 2024

alsharq
لمن ستكون الغلبة اليوم؟

يترقّب الشارع الرياضي العربي نهائي كأس العرب، الذي...

1131

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
إليون ماسك.. بلا ماسك

لم يكن ما فعلته منصة (إكس) مؤخرًا مجرّد...

945

| 16 ديسمبر 2025

alsharq
إنجازات على الدرب تستحق الاحتفال باليوم الوطني

إنه احتفال الثامن عشر من ديسمبر من كل...

678

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
الانتماء والولاء للوطن

في هذا اليوم المجيد من أيام الوطن، الثامن...

672

| 22 ديسمبر 2025

alsharq
غفلة مؤلمة.. حين يرى الإنسان تقصيره ولا يتحرك قلبه

يُعد استشعار التقصير نقطة التحول الكبرى في حياة...

654

| 19 ديسمبر 2025

alsharq
«يومنا الوطني».. احتفال قومي لكل العرب

هنا.. يرفرف العلم «الأدعم» خفاقاً، فوق سطور مقالي،...

645

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
التاريخ منطلقٌ وليس مهجعًا

«فنّ التّأريخ فنّ عزيز المذهب جمّ الفوائد شريف...

624

| 21 ديسمبر 2025

alsharq
قبور مرعبة وخطيرة!

هنالك قادة ورموز عاشوا على الأرض لا يُمكن...

588

| 19 ديسمبر 2025

alsharq
عمق الروابط

يأتي الاحتفال باليوم الوطني هذا العام مختلفاً عن...

558

| 16 ديسمبر 2025

alsharq
قطر رفعت شعار العلم فبلغت به مصاف الدول المتقدمة

‎لقد من الله على بلادنا العزيزة بقيادات حكيمة...

522

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
بِر الوطن

في اليوم الوطني، كثيرًا ما نتوقف عند ما...

438

| 18 ديسمبر 2025

alsharq
من أسر الفكر إلى براح التفكُّر

من الجميل أن يُدرك المرء أنه يمكن أن...

426

| 16 ديسمبر 2025

أخبار محلية