رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

رؤية على المشهد السياسي السوداني (8)

إذا نظرنا الآن لهذا النزاع المستجد والذي بدأت تداعياته في شهر أبريل من هذه السنة 2023 م، فإن هذا التطور ليس كمثيله من النزاعات التي حدثت في تاريخ السودان الحديث كدارفور أو الجنوب أو المشاكل الحدودية من بعض الدول الأفريقية هذا النزاع يمثل منعطفاً تاريخياً ومصيرياً خطيراً تداعياته سوف تلامس المنطقة العربية والأفريقية برمتها وقد تشعل المنطقة وتمتد الصراعات إلى العمق الأفريقي والعربي، وعندما نقول إن هذه الأزمة مختلفة عن باقي أزمات السودان لعدة أسباب سياسية من بينها تدخلات منظمات دولية ودول عظمى وعلى ما يبدو هناك لعب أدوار لبعض الأطراف الخارجية في دعم طرفي النزاع أو حلفائهم والذي يؤدي لاستمرار المعارك وتطورها وامتدادها وإشعال المنطقة والقرن الأفريقي برمته وبالتالي تفاقم الأوضاع الإنسانية بجانب موجات النزوح الكبيرة وأعداد القتلى المستمر والمرتفع بين المدنيين الأبرياء من أبناء الشعب السوداني مع وجود تعتيم على أعداد القتلى والجرحى عن وسائل الإعلام والمنظمات الدولية والجمعيات الحقوقية. هناك أيادٍ خبيثة خفية داخلية وخارجية تريد أن تعصف بالسودان وتدمر مقدراته وتعيده إلى الصفر وتستولي على ثرواته ومكتسباته بجانب أدوار رئيسية وثانوية وشراكات يلعبها البعض بمساعدة أيدٍ سودانية لذلك عندما نرى أن موضوع النزاع الحالي وحسب المشهد السياسي أصبح مختلفاً عن باقي النزاعات خاصة أن لدى طرفي النزاع الآن أهمية بأن يصبح كل منهم صاحب غطاء وشرعية دولية وهذا يعطي موضوع النزاع لدينا بعدا إستراتيجيا ودوليا آخر. السيناريو المقبل موجات نزوح بشرية كبيرة للداخل والخارج وازدياد للخسائر البشرية وارتفاع القتلى المدنيين ثم تدمير للمؤسسات الوطنية ثم تدمير للبنى التحتية وكافة القطاعات الخاصة ثم تفاقم مشكلة الإيواء ونقص الطعام والمياه والعلاج ثم تفاقم للأزمات السودانية ثم تفكيك السودان وإشعال حرب داخلية ثم تدخلات خارجية مباشرة وعلى العلن ثم نهب ثروات السودان ثم حكومات مناصفة برعاية خارجية ثم مجالس انتقالية ثم عاصمة مؤقتة ثم معارضة ثم ميلشيات ثم على السودان السلام. إذاً الوضع العام في السودان ليس كما يحاول البعض وصفه ببعد أحادي بقصد التهرب من المسؤولية أو لعب أدوار سياسية أو المراوغة وإخفاء الحقائق من أجل بعض المكاسب. استغلال وتهافت الأطماع على السودان لا شك أنه شيء متوقع خاصة أن الواقع السياسي السوداني لديه معضلة مستدامة في أسلوب الحكم وإدارة الأحزاب والمؤسسات جعلت من السودان دولة فقيرة تحوي ثروات هائلة تقارب في مشاكلها كما لليمن مع اختلاف المشهد والتداعيات السياسية لبعض الدول العربية مثل ليبيا وتونس والعراق وسوريا التي ما زالت تعاني من آثارها على كافة المستويات. بجانب آخر لا شك أن السودان فشل في كل أشكال النمو والتطور ومواكبة الدول المتطورة حول العالم حيث مزقتها الصراعات الداخلية من أجل القيادة والشعارات والسيطرة بجانب غياب الإرادة السياسية السابقة من الالتزام بأي اتفاق سياسي كان ممكن أن ينظم العلاقة بين السودان وغيره من دول الجوار وبين أقاليم السودان المختلفة بصورة أفضل بالمشاركة الفعالة والتخطيط الذي يصنع القرار السليم. النزاع الماثل أمامنا الآن في السودان هو إحدى نتائج اختلال موازين الحكم والسلطة وغياب أسس العدالة والديمقراطية وسيادة القانون لكافة مكونات هذا الشعب وحضارته والتي ولدت مع السنوات المظالم والفقر والفشل في النمو وعدم الثقة من قيادات توالت على السودان ورسخت لدى الشعب شعوراً يائساً بأن بناء الدولة والإنسان ما هو إلا حلم زرعته الآلة العسكرية ومنها المدنية والتي فشلت فشلاً متوقعاً في إدارة الدولة في ظل سياسات معتمة تخبطية داخلية وخارجية أفقدت السلطة ومؤسساتها الرؤية الواضحة للحكم الرشيد فكان هناك هدف واحد وهو احتكار الثروة والسلطة مع ممارسة السياسة الإقصائية من أجل استدامة السيطرة مما دفع ذلك بمزيد من البؤس والاستياء لدى أبناء الشعب والذي بدأ يبحث عن مستقبله وبناءه في المهجر نتيجة الأوضاع المعيشية المزرية التي آلت إليه الأوضاع في السودان الشقيق. الآن الطبخة أصبحت جاهزة واتسع الصراع بالصورة المطلوبة وبشكل أوسع ويهدد البلاد بالانزلاق في حرب أهلية كما خُطط له كما تلك الحرب التي حدثت بالجنوب وأودت بحياة الملايين من الانفصاليين والجيش الموالي لحكومة السودان وبما أن الصراع الحالي مختلف عن سابقه خاصة أن أحد أطراف الصراع هو محمد دقلو القائد السابق لما يسمى بالجنجويد بجانب أن هناك الآن تظليلا إعلاميا وتدخلا من الأمم المتحدة لوقف القتال حتى لو كانت مؤقتة لفتح ممرات آمنة للحالات الإنسانية وكالعادة في السودان استمرت المعارك والانفجارات وإطلاق النار وتوالت الهدن تباعاً الثانية والثالثة والرابعة وإذا استمر الوضع يمكن أن نصل إلى ألف هدنة.

642

| 30 أغسطس 2023

رؤية على المشهد السياسي السوداني ( 7 )

الذي يحدث الآن في السودان الشقيق ويتابع أحداثه العالم هو سيناريو ليس بغريب او جديد. ملخص السيناريو حركات مسلحة كانت بالامس صديقة وحليفة تتنازع على السلطة وهم قادة عسكريون معينون بالاسم استلمت السلطة منذ فترة بسيطة بطريق الانقلاب العسكري نتيجة اوضاع سياسية واقتصادية مزرية لسلطة أخرى سابقة اخرت جميع اشكال العجلات والتطور والتنمية في السودان فجاءت سلطة غيرها هيمنت على المؤسسة العسكرية والاعلامية والاقتصادية والسياسية بتأييد رسمي وغير رسمي ومعلن وغير معلن متحفظ وغير متحفظ حذر وليس بحذر من قبل مجموعة دول القارات. اعتقد الآن.. وليس الآن فقط ربما يكون في كل زمان ان عنصر الزمن والتأييد والمرجعية هو المرجح لدى هكذا تغيير وربما كانت هي ايضاً تطلعات الشعب السوداني الا ان تثبت المؤسسة العسكرية كالعادة انها حكومة ادارية عسكرية ليس لها شأن في الادارة السياسية والاقتصادية والتنموية، فقط تحسم امور البلاد والعباد بطريق وفي اطار الواجب العسكري مع تأييد بعض الاحزاب ذات الطابع الديني والتي لا تعدو اكثر من شعارات حتى غابت العدالة والعيش بكرامة ورغد عن تطلعات هذا الشعب المغلوب على امره، الذي لم تتضح له بعد لا الفترة الانتقالية ولا نوعية الاصلاحات المطلوبة في مختلف مرافق الدولة والانسان ولا حتى حلول جذرية للمشكلات الاقتصادية والمعيشية ولا وضوح في الرؤية المستقبلية للاجيال القادمة والحالية لا سياسياً ولا اقتصادياً او حتى تعاطٍ مقبول للتعامل مع المشكلات الجوهرية وهذه ما عمق الخوف والهواجس لدى المواطن السوداني تجاه مستقبل بلاده الديمقراطي والسياسي والاقتصادي. اصعب شيء قد يمر به مواطن اي دولة شيئان: 1 ) ان تكون بلاده محتلة ولكن احتلال داخلي ومن قبل اقرب الناس فتصبح جميع حقوقه الوطنية والانسانية والعيش في كرامة في بلده في مهب الريح يعيش فيها كالغريب تماماً. 2 ) رسم المواطن اكبر علامات الاستفهام تجاه سلطة بلاده. لذلك في كل دولة ذات سيادة خاصة في دول العالم الثالث المتخلف كل ما يطلبه المواطن هو الديمقراطية والسيادة للشعب وحكم ونفاذ القانون وحماية حقوق الانسان وتحقيق العدالة في كل شيء والحرية والمساواة والمحافظة على عادات وتقاليد البلاد العربية الاسلامية الاصيلة (المطلب الاخير لدى بعض الشعوب). عندما ترى القضايا الكثيرة التي شكلت لوحة السودان السياسية في كل زمان ومكان ومن اهمها الازمات السياسية والاقتصادية والحالة المعيشية المتردية للشعب السوداني فإن تلك المشاكل هي التي تعتبر من القضايا الجوهرية المهمة للمواطن السوداني والتي تتفرع منها مشكلات عديدة يصعب حصرها تتعلق بالمستوى المعيشي والتنمية واستدامة الثروات والاقتصاد واخرى اقليمية ودولية ولكن كعادة السودان الصراع على الحكم والفوضى العسكرية السياسية وبقاء الشعارات الرنانة بالدفاع عن الشعب والوطن هي السمة الدارجة على هذا الشعب المكلوم. ودائماً وما يزيد الطين بلة هي الاحزاب وتنظيماتها وبرامجها الحزبية وافكارها وتوجهاتها والقياديون فيها حتى اصبحت مجموعة حكام ومجموعة قادة ومجموعة دول داخل دولة واحدة وهذا ما يصعب معه على وجه المستحيل استقرار اي دولة من دول العالم الثالث على وجه التحديد، حيث تفتقد كثيرا من المعايير الدستورية والقانونية والحقوقية والدولية، والدليل فشل معظم الاحزاب في السودان دائماً في انجاز مهام المرحلة المخطط لها وعدم النجاح في لملمة الشعب الواحد كما ان بعض الاحزاب قد تبتعد ابتعادا شديدا عن دائرة الضوء السياسي او تبالغ في القرب من السلطة، كما ان عوامل الفتنة والبلبلة والاراء المتناقضة والافكار المتأخرة والمتناقضة لدى مواقف بعض الاحزاب هي المسيطرة على الميدان والمشهد السياسي في السودان في معارك فكرية دينية سياسية اجتماعية عرقية عسكرية نطلق عليه نحن في دول الخليج (بالنشايب العطايب) حيث ان النشايب عادة لا حلول لها وهي تدار بين معسكرين قد يكون قوى تقليدية عسكرية او قبلية او طائفية وقوى ومطلب حديث ارتبط بالمؤسسة الديمقراطية الاقتصادية الاجتماعية والادارية والتعليمية التي تتطلع لبناء الدولة والانسان كبقية دول العالم.

822

| 19 يوليو 2023

رؤية على المشهد السياسي السوداني (6)

ربما يعتبر السودان من أكثر الدول في العالم الذي يفتقد للاستقرار السياسي والرؤية الناجحة التي ينشدها الشعب السوداني، انما هو استقرار اجتماعي، تنمية واستقرار اقتصادي، واستقرار أمني مبني على نظام قانوني والعدالة وحقوق الانسان، واستقرار سياسي داخلي وخارجي، وهذه الاربع ركائز هي ما يفتقدها المواطن السوداني عبر كل زمان ومكان لدرجة ولوج السودان باحداث تاريخية سياسية وعسكرية قد يصعب تكييفها هل هي انتفاضة أم أنها ترتقي الى مفهوم التغيير أو الثورة الشعبية أو انقلاب المؤسسة العسكرية وقد يلاحظ القارئ من سياسيين ومتابعين للشأن السوداني ان أي رئيس عسكري يتسلم السلطة لابد ما يبدأ حديثه عن المكاسب الديمقراطية التي تحققت وان السودان لا يستطيع ان يتحمل تجارب اخرى مؤلمة وعلى الاخوة السودانيين ان يدركوا ان هذه التجربة ( أي وصوله لسدة الحكم ) يجب ان تكون الأخيرة ومن أجل مصلحة السودان وشعبه.. انتهى. ( طبعاً دون التطرق للمكاسب الاقتصادية والامنية والاجتماعية ) لان بديهياً هذه المطالب الشعبية ليست موجودة ولا هي على اجندة عمل المؤسسة العسكرية ومن يتولى زمام حكم السودان حين وثق ابناء الشعب السوداني كثيراً بالعسكر وانظمته وشعارات الاحزاب المختلفة الرنانة ومن يقبع وراء هذه الشعارات تارة باسم الدين والدين منهم براء حيث لا يتم العمل بمضمونه والشعب بين مهاجر ومشرد وفي الداخل يقبع تحت الحاجة والبطالة والعوز والفقر، وتارة باسم الوحدة والديمقراطية، وتارة بشعار العدالة والانظمة القانونية والدستورية والرقابة الشرعية على السلطة، وكل تلك الشعارات لم تجلب استقرارا ولا امنا ولم تجلب وظيفة ولا طعاما ولا سكنا ولا مكاسب للأجيال القادمة. يدرك الشعب السوداني المثقف والواعي مدى التغيرات السياسية والاقتصادية والمدنية والتطورات حول العالم وان شعب كل دولة هو من يكتب تاريخه بنفسه وليس اشخاصا واحزابا تتصارع على النفوذ والسلطة بشعارات براقة دون تحقيق اي مطالب ولا انجازات تُكتب بعيداً عن التسويات الحزبية العرقية والعسكرية التي ابتلى بها الشعب السوداني منذ 70 عاماً الى هذه اللحظة حتى اصبحت السمة الدارجة على المشهد السياسي والجغرافي للسودان هو عدم الاستقرار والصراعات المستمرة ذات الطابع العسكري وتوترات سياسية وحزبية لا متناهية فقدت معها الشرعية السياسية في السودان ثقة الشعب السوداني بالنظم القانونية والديمقراطية ومصلحة السودان والشعب العليا حتى اصبحت من اكثر المناطق غير المستقرة سياسياً وامنياً في القارة الافريقية. وقد يتبادر الى اذهاننا هذا السؤال الاكثر أهمية: ما هو مقاييس الحريات المتحققة اليوم في السودان ؟ وماهو مؤشر مدى التزام السلطة في السودان بحقوق الانسان ؟ ما هي المؤسسات التي تراقب انتهاكات حقوق الانسان في السودان وما هو دورها ومسئولياتها القانونية والدولية فيما يتعلق على سبيل المثال لا الحصر حقوق الافراد والعمال وتشغيل الاطفال والعقاب البدني ومراقبة السجون والاعتقالات خارج نطاق القانون والرشاوى والاختلاسات وهدر المال العام والفساد الاداري والاقتصادي وعدم المساواة والعدالة الاجتماعية والاقتصادية والقانونية للاقليات العرقية وللمرأة.. وغيرها قد يبدو للمتابعين للشأن السوداني ان هناك حالات انتعاش او انعاش بسيطة احسن حالاً من سابقاتها بالنسبة للاوضاع المعيشية والسياسية في السودان طبعاً دون غيره.. لان في غيره لا تعتبر انتعاشا، وقد كانت بعض الاوضاع الديمقراطية التعددية شبه الكاملة في السودان في الفترة من 1985 م الى 1989 م فترة لو قارنتها ببعض الدول الافريقية وغيرها إما ان يحكمها نظام عسكري يتحول كمؤسسة سياسية ذات تابع عسكري واما ان تكون هناك وللعلن حركات شعبية هي من تتحكم في زمام الامور بواسطة تشكيلات مسلحة او احد الانظمة الحزبية التي يصعب حصرها وعدها هي من تمتلك السيطرة وعادة هذه الاحزاب والتنظيمات لم تأت بخير لا على السودان ولا على شعب السودان ولا على الامة العربية ولا الاسلامية ولا لمصلحة البلاد ولا العباد.

3033

| 12 يوليو 2023

رؤية على المشهد السياسي السوداني (5)

عندما نشأت الحركة الاسلامية في السودان جذب توازنها وايضاً عقلانيتها كما تلك الفترة في اربعينيات القرن الماضي كثيراً من شرائح المجتمع السوداني المتنوع بكافة اطيافه داخل النسيج السوداني وفي اعماقه وتحت مساحة الاراضي السودانية الشاسعة بالاضافة للتنوع القبلي والحركات السياسية والثقافية المختلفة وتركيبها وتعقيداتها الصعبة حتى وصلت للسلطة في اواخر الثمانينيات وذلك باسم حركة التحرير الاسلامي، والتي تحولت فيما بعد الى الاخوان المسلمين مما أدخل السودان في احد الفصول التاريخية والسياسية الجديدة وهذا بالضبط كما حدث عندما اتجه مئات الآلاف للادلاء بأصواتهم في اختيار نواب الشعب عندما اعلنت السودان بذلك حسب وصفها فصلا جديدا من الديمقراطية التي نستطيع ان نطلق عليها الديمقراطية الشعبية او الحزبية معلنة بذلك ايضاً البدء في فصل جديد من التصارع والتنافس بحكم ان فصول تلك النقلة الديمقراطية لها عدة وجوه تتعدد بين ما هو عسكري ومن ثم انتقالي رغم تفاؤل البعض بهذه التجربة الديمقراطية في السودان إلا ان كثيرا من العقلاء يرى تلك التجربة أنها لا تعدو ان تكون سلسلة من حلقات العبث بأمن السودان ومحاولة ضرب النسيج الاجتماعي والسياسي في السودان بعضه ببعض في حين ان البعض كان يعطي هذه الحلقة من التجربة الديمقراطية الأمل ويشبهها بالإنعاش كالصادق المهدي باعتبار ان تلك التجربة ما هي الا نقله حضارية ونتاج حرية المواطن السوداني وسط الاراء المختلفة والتي سيطرت على كل الحريات كالسلطة والاحزاب المختلفة. نستطيع القول ان السودانيين لن ينسوا سقوط حكم العسكر عام 1964م عندما جاءت الجبهة الاسلامية بشعار الدستور الاسلامي باعتباره منهج حياة ولكن دون العمل بهذا المنهج الاسلامي كأساس للحكم مع اقتصار الحركة في تلك الفترة على تقديم نفسها كإطار اسلامي جديد للامة وان الاسلام هو نهجها في التطبيق والحكم ومبادئ العدالة حتى مع جنوب السودان. مع ملاحظة انه كانت هناك بعض النجاحات والتي قد لا تعود لأي استثمارات سياسية للحركة سوى انها تعاونت في بعض القضايا بشكل إيجابي مع تحالفات مؤقتة مع الاحزاب التقليدية ومنها أيضاً وقف عمل الحزب الشيوعي والنجاح في ابعاده من البرلمان وانشاء علاقات مع دول من خارج السودان ومنها فتح باب الهجرة والتعاون في مجال التدريب مع بعض الدول الافريقية بجانب ابتعاث طلابها للدراسة في دول الغرب وفي كافة التخصصات العلمية والفنية والصناعية وفي اعتقادي ان تلك التجربة كانت افضل من التجربة الثالثة في اواخر الثمانينات خاصة ان الحركة الاسلامية في تلك الحقبة في اواخر الستينيات وبداية السبعينيات انخرطت في تحالف مع حكم النميري رغم اختلاف التوجهات الفكرية والسياسية وايضاً الدينية لكلا الفريقين. ربما يستحق تسليط الضوء على اللقاء التاريخي ما بين الصادق المهدي والرئيس النميري في عام 1977م وذلك بعد الانقلاب الفاشل ضد النميري وبعد العصيان المسلح وبعد اعتقال الكثير من الحركة الاسلامية وكوادرها القيادية وزجهم في المعتقلات وذلك بعد جملة من الاعتقالات والتي قد يكون اهمها نتيجة عملية الانقلاب الفاشلة. لذلك وتحت هذه الظروف الطارئة وغير المتوقعة عملت الحركة الاسلامية على التصالح مع النميري رغم الخسائر التي تكبدتها من قتلى وجرحى وخسائر مادية ومعنوية ولكن مع هذا سعت بالحوار والتواصل الداخلي والخارجي لدرجة ان قام مجلس الشورى في تلك الفترة بتشجيع وتأييد التصالح ما بين الحركة الاسلامية والنميري. وما لبث حتى استقرت الأمور فانطلق الكثير إلى قواعد الجهاد وانتهت بذلك المعارضة وانقسم بذلك جميع من في هذه الحركة الاسلامية وتوزعوا ما بين ثلاثة اقسام؛ فقسم وهم القلة من التحق بالركب، وقسم ظل كالمتفرج المنتظر الى أين سوف تؤول الأمور، وقسم فضل الهجرة والابتعاد عن كل تلك السيناريوهات مع خروج البعض من الحركة لدرجة ان البعض اصبح شديد العداء لها ويحاربها بكل ما يستطيع سواء بالكلمة او المنتدى او الصحافة. من جملة الحركات التي سبقت حركة اواخر الثمانينات التي نحن بصدد التحدث عنها هو انشاء الجبهة الاسلامية القومية والتي كانت لها تجارب سابقة في المشاركة في حكم نميري، لذلك استغلت تجاربها السابقة وخبرتها في ان تتجاوز العزلة التي عمل البعض من أجل بقائها فيها لأهداف سياسية سوف نتناول جانبا منها في مقالات قادمة، لذلك خاضت الجبهة الاسلامية القومية تجربتها البرلمانية فأصبحت أكثر عدداً وعدة في البرلمان واستطاعت بذلك ان تظهر قوتها على الساحة السياسية وسط ضعف الاحزاب التقليدية في تلك الفترة وايضاً تدني المستوى المعيشي للمواطنين السودانيين. لذا.. كانت هناك احزاب او نستطيع ان نسميها قوى داخلية كانت على أهبة الاستعداد لتولي السلطة في السودان في اي فرصة تسنح لها فلن تتوانى في الهجوم مباشرة لتولي زمام الأمور كعادة المشهد السياسي المتكرر في هذه الدولة المتلاطمة الحركات والتوجهات والثقافات والاحزاب والتيارات والقوميات المتعددة المختلفة.

798

| 05 يوليو 2023

رؤية على المشهد السياسي السوداني (4)

عندما جاءت الفكرة المخطط لها بفصل السودان وقيام دولتين في شمال السودان وجنوبه بمباركة الانظمة الدولية والقانونية وايضاً من باب ( قصر الشر ) ومكافحة الارهاب من قبل اساتذة الارهاب حتى تستطيع المنظمات الحقوقية والجمعيات الخيرية والطواقم الصليبية الطبية بمساعدة الجائعين من السكان ووقف اطلاق النار ترى ان كثيراً من ابناء الشعب الواحد سقطوا وراء هذه الدعوة خاصة اولئك الذين فقدوا الامل واصابهم اليأس والقنوط في حياة كريمة كبقية شعوب الارض وايضاً ما عانى منه الجنوبيون انفسهم نتيجة التدخلات والتي اسفرت عن جملة من المظالم والمجاعة والبؤس ولجوء عشرات الالاف من الجنوبيين للخارج حيث الاضرار التي لحقت بهم من انتهاكات وجوع وفقدان الكرامة وابسط حقوق الانسان مما صعب بعد ذلك من لم شمل الشعب السوداني كاملاً من شماله الى جنوبه خاصة ان الجنوبيين في تلك الحقبة كانوا كالذي ينتظر من ينتشله من الغرف ويحميه سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وانسانياً. فطالما حاول ابناء الجنوب اثبات انفسهم بانهم ليسوا ضد التطور والتنمية وان من وصفهم بأنهم رجعيين وعالة هو نفسه من يريد الهيمنة على مقدرات السودان والغاء وجودهم. وامام هذا الظرف القاهر زادت المساعدات الغربية للجنوب وبرزت الاغاثات الصليبية مما ينذر بتعصب عرقي وديني من قبل الجنوبيين للمسلمين، وحيث انه سيطر النظام الاسلامي في الشمال والعاصمة الخرطوم وكان هناك حكم اقليمي اشبه بالعلماني من حيث التطبيق في جنوب السودان بالإضافة لحكومة متذبذبة بلا توجه واضح ولا اهداف سياسية مدروسة ولا هم إلى هؤلاء ولا هؤلاء حيث المعارضة السودانية في ذلك الوقت لم تكن ببعيدة عن فقدان الهوية ما بين التحفظات تارة والاستنكار تارة والترحيب تارة اخرى ولم تغن الاتفاقيات والاجتماعات بين الرئيس البشير وقادة الجنوب من اندلاع المعارك التي خلفت مئات القتلى وآلاف الجرحى من القوات الحكومية والحركة الشعبية مما يثبت صحة المقولة من انه لا جدوى في السودان من اي التزامات جدية او اتفاقيات من اجل احلال السلام او من يسمي نفسه في ذلك الوقت بنظام الانقاذ وهو في واقع الامر من يحتاج الى انقاذ وانعاش وتحديد توجهاته من اجل بناء دولة ديمقراطية حديثة تصول وتجوب العالم لما تحويه من شعب مميز في كافة امور الحياة من رياضة وطب ودين وعلم وقانون وعلماء واساتذة حتى اصبح النظام بلا ثوابت ولا اهداف فمن يصف اعداءه بالخوارج والكفرة ويريد في نفس الوقت ان يفصل الدين عن الدولة لكي يرتب اموره وكأن الدين عالة على النظام القانوني والسياسي والواقع ان الدين هو القانون والسياسة والتشريع والحياة وليس هو سبب سلبياتك. الحقيقة ان مثل هؤلاء هم عادة سبب المآسي السياسية والوطنية عبر التاريخ والتي لحقت بالسودان فهم في الواقع لم يحرصوا يوماً على السودان ولا على مصالح السودانيين ولا على المصلحة العليا ووحدة الشعب والقيادة من جانب اخر المؤامرات الخارجية كانت تستهدف امن هذا البلد المبارك نتيجة الارادات السياسية المتخبطة حيث كانت بين الحين والاخر تشعل فتيل المواجهات وسط البحث عن انتصار عسكري على الارض والوصول الى مائدة المفاوضات كطرف قوي يستطيع ان يحسن اوضاعه التفاوضية من اجل مصلحته لا مصلحة شعبه وايضاً السعي لادارة الصراع في حال وجود مرحلة انتقالية مع ان الولايات المتحدة هي في الواقع من تمتلك اليد العليا في الادارة والحسم السياسي والعسكري. اذا الخيارات محدودة امام اطراف الاقتتال فقط مجرد اقتتال لذلك جاء الحل والبديل وهو فصل الدين عن الدولة بنظام سياسي اسلامي في ظاهره في الشمال وفي مقر العاصمة السودانية ونظام منفصل قد يكون علمانيا في الجنوب تحتويه جوبا. والغريب العجيب ان هذين النظامين بدستور ونظام قانوني على قرار الفيدرالي ولكن بلا توجه سياسي واضح المعالم، والواقع يقول هل تضمن بقاء جنوب السودان تحت هذا النظام وتبعيته وهو بلا هوية تنظم فيه السلطات وتجمع فيه الشتات ؟ فكرة المشروع الامريكي الخاص بالسودان في ذلك الوقت هو قيام نظام فيدرالي بسلطة واحدة مع ان هناك امورا كان يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار والاهمية من قبل الحكومة وهي اخراج ابناء الجنوب من آثار الحرب الطاحنة وكيفية اقناعهم بالانسجام والتعايش السلمي مع اقرانهم ابناء الشمال تحت نظام سياسي موحد يعطي كل ذي حق حقه. وسط مجموعة من المبادرات العربية الامريكية منها ما كان يسعى الى الاجماع السياسي حول مائدة المفاوضات ومنها من كان يريد حلا شاملا واقناع الجنوبيين بالوحدة بنظام ديمقراطي وتعدد سياسي وثقافي وعرقي ومنها من كان يريد حث ابناء الجنوب على الانفصال وضمان اعادة تقسيم الثروة البترولية في الجنوب مما يجعل عيون الغرب تتجه نحو الاحتياطات الضخمة في الجنوب وضرورة فصل الجنوب والانفراد لشركات كان لها نفوذ سابقاً وذلك للهيمنة على هذه الثروة.

1857

| 28 يونيو 2023

رؤية على المشهد السياسي السوداني ( 3 )

هو يوم مشهود، اندلعت فيه الانتفاضة الشعبية في السودان 1985 م في العاصمة الخرطوم وامتدت أيضاً لبعض المدن السودانية ولم تكن تلك الانتفاضة بدعوة أو تخطيط مسبق أو ايعاز من الداخل أو الخارج ولكن سوء الاوضاع الاقتصادية المتردية التي عانى معها الشعب السوداني وما تخلله من غلاء الحياة بشكل عام وصعوبة المعيشة والاهم من ذلك محاولة اثبات المواطن السوداني لهويته وإرادته التي سلبت منه مراراً وتكراراً في وضح النهار وهي ضمن احدى حلقات نضال شعب مما حدا ذلك الضغط في ذلك الوقت في استجابة المؤسسة العسكرية كالعادة لهذه الانتفاضة وبالتالي قيام ثورة شعبية بتحالف من الأحزاب فحدث إضراب شامل شل البلاد والعباد وجاء من كافة أطياف المجتمع،من أطباء ومهندسين وقضاة وعمال السكة الحديد والبنوك بجانب مظاهرات طلاب المدارس والجامعات فتعطلت الحياة ومن هنا خرج معه ميثاق التجمع الوطني وكالعادة دائماً برعاية من قادة الأحزاب وقادة الحركات ومطالبة لرئيس الجمهورية بالتنحي عن السلطة وهذا ما حصل من توقيع حزب الأمة على الميثاق والحزب الاتحادي الديمقراطي والحزب الشيوعي السوداني ومجموعة من النقابات المهنية التي ضمت أطباء ومهندسين ومحامين وهيئات نقابية ومجموعة من اساتذة الجامعات وانضم اليهم ايضاً مجموع الاحزاب والنقابات لذلك كان لزاماً ان يصبح التجمع الوطني ذات شقين منه ما يحوي التجمع النقابي وله أمانة خاصة به ومتحدث رسمي ومن هنا خرجت جميع هذه الاحزاب من مخبئها في العمل السياسي السري خلال سنوات طويلة من الكفاح والمعتقلات والسجون إلى الكيان السياسي الشعبي الذي اصبح باسم التجمع الوطني فيما بعد وذلك بعد سنوات من مراجعات الشيوعيين وما يسمى بغزو المرتزقة أو كما يطلق عليها بعض السياسيين حركة يوليو التي قامت باعمال عسكرية مسلحة تم دعم كثير من جبهاتها من قبل الجيش والجبهة الوطنية مع الاتفاق على ابعاد جعفر نميري عن السلطة في ذلك الوقت وايضاً أجهزة جعفر نميري السرية والسياسية حتى تم طمأنة الشعب السوداني والتف الجميع حول قيادته من سياسيين ومهندسين ونقابات واساتذة ورجوع للمغتربين السودانيين في المنفى من سياسيين مبعدين ومسئولين واعضاء في الاحزاب وقد قام بعض من هؤلاء بالخروج للساحة السياسية والحزبية مثل حركة اللجان الثورية السودانية التي كانت تتخذ من ليبيا ملجأ لها وبروز رجال من الحزب الشيوعي واعادة تشكيل حزب البعث الجناح السوداني وبناء الجبهة الاسلامية السودانية من قبل الدكتور حسن الترابي الذي ما بات ان خرج من الاعتقال والسجن وتم اعادة تأسيس اتحاد نساء السودان وحزب اتحاد جبال النوبة ايضاً بعد خروج قادته من السجن. وهكذا تحولت السودان الى معارض للوحات الاحزاب المختلفة لدرجة ان ملاعب كرة القدم تحولت لساحات تعج بالمؤتمرات الحزبية والسياسية بحضور الآلاف من شباب التجمع وكل هذه الاحزاب كانت عبارة عن مجموعات من المغتربين العائدين للسودان بعد هجرتهم الطويلة. عندما نشطت المعارضه في الخارج بعد ان تم تكميم افواهها عبر جملة من الافكار السياسية والتجمعات من الجيل الحديث الذي لم يعايش تجربة الاحزاب السودانية الماضية مثل حزب المؤتمر وحكم نميري واحزاب اخرى عرقية وذات خصوصية وثقافة سودانية قومية مثل جبهة اتحاد جبال النوبة وحزب الزنج والحزب القومي ناهيك عن خروج احزاب اخرى قومية في المضمون مثل الحزب العربي الاشتراكي الناصري وحزب البعث العربي الاشتراكي وهم ايضاً امتداد سابق للحركة السياسية في السودان. نظرة على الأحزاب السودانية القديمة من الملاحظ للباحثين السياسيين وامام هذا الكم الهائل من التزاحمات والتجمعات الحزبية والسياسية في السودان ان هناك احزابا قديمة تعتبر من اقدم الاحزاب السياسية ومنها ما كانت في الاربعينيات ظلت نابضة بالحياة لوقت وسنوات متأخرة مثل حزب الأمة والحزب الديمقراطي والحزب الوطني وايضاً الحزب الشيوعي والاخوان المسلمين باستثناء حزب حسن الترابي الذي رفض الدعوة لكل تلك الاحزاب المتزاحمة حيث كان يدعو الى اقامة جبهة اسلامية. وبهذا افرزت كل تلك الاحزاب عدة جوانب سلبية وانقسامات وبرز حزب الامة بقيادة الصادق المهدي على الساحة السياسية وقد دعا القوات المسلحة بالتدخل ومن ثم انخراط المهدي بالعمل السياسي والشعبي واقامة المؤتمرات الشعبية وتأسيسه ايضاً لمنشور حزب الأمة ثم ما لبث وان ظهرت الفتنة داخل حزب الامة نفسه بواسطة احد اقرباء الصادق المهدي الا وهو عمه حيث اعلن انشاء حزب الأمة والانصار وذلك باعتبار انه كان عضوا سابقا للقيادة المركزية في الاتحاد الاشتراكي وقد تم رفضه كعضو حيث دافع وبرر عم الصادق المهدي عن نفسه بانه كان يكره النظام السابق وان كل ما في الامر انه كان يجامله او بالاحرى ينافقه دون ان يكون هناك اي تعاون معه على الارض. بهذا نضع القارئ امام هذه الشبكة العنكبوتية من الاحزاب والحركات السياسية منها المنقسم والمختلف والمؤتلف ومنها القومي والعرقي والاشتراكي والديمقراطي والاسلامي والاتحادي والوطني وغيرها وبذلك تضع جمهورية السودان نفسها على الخريطة السياسية كأكثر دولة في العالم تعج بالاحزاب والحركات والمتغيرات السياسية والحركات الحزبية والتجمعات والتحالفات والاتحادات منها ما هو تأسيسي ومندمج ومتغيّر.

534

| 21 يونيو 2023

رؤية على المشهد السياسي السوداني ( 2 )

مساع متكررة من بعض الغيورين على مصلحة ومستقبل السودان لمحاوله اخراجه من عزلته الدولية والسياسية والاقتصادية وما عانى من سلبيات وتداعيات انظمته السياسية التي تعاقبت على سد الفراغ في المشهد السياسي ومنه ما يتعلق بقضايا الوطن الام السودان وتحقيق آمال هذا الشعب المكلوب دوماً وحيث انه وكما قيل ان جزءًا من المسئولية الوطنية تقع على عاتق المتعلمين والمثقفين الذي رأى البعض وقوفهم كطائعين وجلين متفرجين، اكتفى بعضهم بالهتاف في المنازل والصياح في المهجر او الدوس بالاقدام على صور المتآمرين على مصالح السودان العليا من احزاب متنفذة ومتمردين باسم السلطة أو معارضين للاحزاب وللسلطة معاً، لا مع هؤلاء ولا هؤلاء ولا مع انفسهم احياناً. - طريق السلطة في السودان بالفعل هو طريق وعر وخطر لمن اراد مصلحة السودان وشعب السودان وقد تشوبه المخاطر وله طقوس سياسية وعسكرية خاصة لا مثيل لها في الأنظمة السائدة، وقد يكون ايضاً مزيجا مختلطا يجمع التعاون والصراع والمنافسة ما بين الخلايا السرية مجهولة المصادر والاهداف، وقد تكون تارة اخرى خلايا طائعة وتارة متمردة وهي دائماً ما تسعى للتسليم والتسلم سواء كان المقابل مع القيادة السياسية اياً كانت حزبية او طائفية او تقليدية وبين القوات المسلحة والتي دائماً ما تكون على أهبة الاستعداد للولوج في طريق السلطة واحتراف السياسة واللعبة السياسية ومن ثم وضع الحياة والنظام السياسي والقانوني والديمقراطي على المحك، او جعله منهكا على قارعة الطريق. من هنا كان على المواطن السوداني دوماً ان يهيأ نفسه لاستقبال أي انقلاب عسكري جديد نابع من حزب معين او على هيئة ثورة يحدد فيها اسم الثورة بتاريخ مدوّن وقت وقوعها او كحكومة انقاذ وطني، او استجابة من المؤسسة العسكرية لتطلعات الشعب والذي يُنفذ شيئا من تطلعاته وطموحاته، لذلك من البديهي ان جميع هذه الانقلابات التي ضربت الرقم القياسي العالمي دائما ما تنتهي بفشل الديمقراطية وتلد صراعا اخر متجددا يزيد الاوضاع السياسية والاقتصادية سوءًا وتدهورا، وبالتالي يترتب على هذه الاوضاع نتائج وخيمة تطحن اليابس والاخضر في السودان ولا سبيل امام ذلك الوضع المعتاد سوى انقاذ، والانقاذ يكون بتسليم الجيش مرة اخرى للسلطة أو انتزاع السلطة بالقوة من قبل القادة والجنرالات ومتعهدي الاحزاب المختلفة، حتى تورطت المؤسسة العسكرية في دخولها المعترك السياسي وتحملها لكل الآثار والنتائج لحكم السودان وهو ما اثمر تعدد الخلايا العسكرية داخل المؤسسة العسكرية نفسها ومن ثم برزت نتائج الفشل والضياع في ارساء مبادئ وأسس وقواعد الحكم الديمقراطي والدستوري السليم وفتحت الابواب على مصراعيها لمن يمتلك المال والقوة والنفوذ والشعبية والحزب القوي والدعم الداخلي والخارجي من القيام بانقلاب عسكري جديد في السودان وربما كان هذا الانقلاب بحجة وقاية البلاد والعباد من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن أو ارساء قواعد الممارسة الديمقراطية السليمة من قبل الشعب. والحقيقة مختلفة دوماً حيث ان ذلك الصراط غير المستقيم أدى للخلاف بين ابناء الشعب الواحد والاختلاف بين القيادات والاحزاب التي لا حصر لها وبين المواطنين انفسهم الذين يبحثون عن لقمة العيش والسكن والحياة الكريمة لهم ولأبنائهم وقد اثمرت عن ذلك كله الضرر والاضرار بالمصالح العليا والسفلى للوطن والمواطن من حكومات متعددة قومية وائتلافية ومؤسسة عسكرية وحزبية واتحادية وطائفية وعرقية واشتراكية واسلامية ووطنية وتناقضات بعضها فوق بعض. دائماً ما كان هذا الشعب العظيم بصبره وجلادته وايمانه ما يستبشر خيراً ويأمل يوماً بأن يصبح كبقية شعوب الارض وينتقل الى مرحلة تاريخية جديدة يسعد من خلالها الشعب بدستور شامل ونظام قانوني واضح وسلطة ثابتة وقوية ترى مصلحة السودان والمواطن فوق كل اعتبار، تكون فيها دولة مؤسسات يمارس فيه المواطن حقوقه الديمقراطية وارساء مبادئ الديمقراطية سلوكاً ومنهجاً للحكم الرشيد ولكن الامر مجرد حلم ونقيض ذلك فلم تتعظ الاحزاب السياسية ولم تتعلم الدروس ولم تأخذ العبر ولم تستطع ان تحافظ على وحدة وتماسك البلاد والعباد. في السابق عندما كانت الاحزاب التقليدية تطعن بالنهج الديمقراطي في السودان وفي تعارضه مع مبادئ الديمقراطية ما لبثت أن فشلت تلك الاحزاب مرة اخرى في ارساء القواعد المناسبة لتطوير برامجها السياسية بشكل محدد الاهداف في الوضوح والرؤى وذلك من اجل ان يقف الشعب السوداني صفاً واحداً ويصطف حول قيادته ولكن كعادة تلك الاحزاب وامام تواصل مسيرة العجز والاحباط الذي اصاب الانسان السوداني وعدم ثقة المواطن في قيادته لجأت على اثرها تلك الاحزاب ورمت نفسها في احضان الطائفية وذلك بديلاً عن احضان الشعب مما اسفر عن استحواذ فلول من المقربين الطائفيين سواء للسلطة او قريباً من السلطة.

1434

| 14 يونيو 2023

رؤية على المشهد السياسي السوداني (1)

إبان انتصار الثورة الشعبية في السودان في عام 1964 م، ومرور أكثر من سبعين عاماً من عمر استقلال السودان وما زلنا بين الحين والآخر نتكهن بما يمكن ان تؤول إليه الامور السياسية والنظامية على كافة أقاليم السودان والتي الى هذه اللحظة لم يكيّف المواطن السوداني نفسه أو يصل الى قناعة تحدد نظرته المستقبلية لاوضاع بلاده أو رؤية متفائلة واضحة للأمن السياسي والاجتماعي والانساني على ضوء تداعيات كل تلك السنوات الطويلة عبر الأجيال المتلاحقة للاحتقان والقلق السياسي اللامتناهي وصراعات القوى السياسية والتيارات المختلفة في السودان. خاصة إذا نظرنا إلى أن السودان وعبر هذه السنوات الطويلة من الحقب السياسية المتتالية منذ استقلال السودان في عام 1956 م وهذه التيارات والصراعات تعج بالاحداث السياسية والمتغيرات والمتناقضات على كافة الاصعدة مروراً بالانقاذ الوطني والذي تبنى مشروع الاسلام الحضاري وجاء على إثرها تأجج الصراعات السياسية وعلى رأسهم السلطة مقابل المعارضة والشمال والجنوب الى ان حمل الفرقاء السلاح لحسم الصراع فغاب الهدف القومي المنشود الذي تغنى به البعض ومن ثم غابت شمس الديمقراطية عن هذا البلد وانفردت السلطة بالثروة وما تليها من مكتسبات فتدنى الوضع المعيشي وتلاشى كالعادة الاستقرار وانزوت الوحدة الوطنية في ركن ضيق وعلى إثر كل تلك التطورات والصراعات وتداعياتها عانى هذا الشعب مرارة الفرقة والاختلاف والذي انعكس على معيشته وأمنه واستقراره وكيان بلاده ناهيك عن توتر العلاقات وعلى اكثر من صعيد بين النظام في السودان وبعض من دول الجوار مرة بدواعٍ سياسية وجغرافية ومرة بدواعي تصدير الارهاب وربما اثير مرات عديدة في تلك الحقبة تصدير المشروع الاسلامي مما اغلق الغرب وفتح عيون الاطماع للتدخلات في شؤون السودان خاصة ان هناك البعض من دول الجوار كانت قد اعدت العدة ورسمت الخطة وتجهزت بسيناريوهات وخيارات متعددة لردع نظام الجبهة الاسلامية في ذلك الوقت وذلك للحفاط على امن واستقرار دولها حسب وصفها. إن تأجج الخلافات السياسية والتي احدثت شرخاً في العلاقات والامن بين السودان وبعض الدول حيث ترى تلك الدول ان لب الصراع واساسه هو موقف النظام في السودان وتبنيه للاسلام الحضاري مما حدا بتلك الدول الى نفي وجهة النظر تلك وان الخطر الحقيقي يكمن في تهديدات واطماع النظام في السودان وممارساتها الخطيرة عبر إيواء جماعات أصولية ارهابية وتدريب المعارضين وتسليحهم وذلك بهدف زعزعة امن تلك الدول واستقرارها حسب وصفها مما يعطل عجلة التنمية الاقتصادية لدى تلك الدول. لذلك تجد ان كثيرا من دول الجوار وان كانت مستاءة من مواقف بعض فصائل المعارضة السودانية خاصة السياسية منها وما يتعلق بجنوب السودان ناهيك عن توجه النظام في رفض اي مشاركة من فصائل الحركة الوطنية وذلك مشاركة في صنع القرار او ادارة السلطة بما فيها رفض النظام لأي وساطات دولية أو افريقية لحل مشكلة الجنوب في ذلك الوقت وتلك الحقبه تداركاً للحلول العسكرية وبالتالي معظم هذه الوساطات كانت تسعى وتراعي العدالة في تقسيم ثروات السودان واحلال التنمية الشاملة من مواردها وخيراتها واستثماراتها لمختلف مناطق السودان دون استحواذ فئة قليلة بدواعي هوية سكان تلك المناطق أو عرقهم أو دينهم أو توجهاتهم لذلك نستطيع ان نستنتج ان المعارضة استغلت تلك الظروف السياسية والامنية والمواجهات المتعددة للتيارات المتناحرة الى السعي لدى الدول الافريقية وذلك لعرض بعض الملفات المتعلقة بالنظام والامن القومي على منظمة الوحدة الافريقية من أجل اتخاذ موقف سياسي من هذه التدخلات المتكررة من قبل النظام في السودان كما تسعى المعارضه في ذلك. ومن ثم وكنتيجة حتمية لتلك التخبطات السياسية والامنية وعدم الاستقرار جاء ادراج السودان ضمن قائمة الدول التي ترعى الارهاب الدولي. وأيضاً إدانته بانتهاك حقوق الإنسان والكثير من التجاوزات التي عرضت على مجلس الأمن وذلك بهدف إدراج تلك العقوبات على السودان ومن ثم الحصار الاقتصادي بما يتناسب مع المصالح والاهداف السياسية والاستراتيجية لدول الغرب في منطقة القرن الأفريقي.

804

| 07 يونيو 2023

هيكل النظام الدولي والعلاقات الدولية (2)

إن الاتجاهات الحديثة في العلاقات الدولية لها أساسياتها فيما يتعلق بالسياسة الدولية من خلال ثلاثة أركان رئيسية، وهي الفاعلون الدوليون، وأولويات ونطاق الموضوعات المدرجة، والعمليات الدولية، لذلك.. ترى أن المنظور الجديد في هذه العلاقات يقوم على ضرورة الاعتراف بازدياد تعقيد هيكل النظام الدولي بسبب تنّوع وكثرة الفاعلين وتشعبهم، وبناء عليه.. فمن المفترض ان العلاقات الدولية يجب ان تشمل على مستويات اخرى غير هذا المستوى من التفاعلات الحكومية، ويجب ايضاً ان يشارك فيه فاعلون متجددون، يتم التركيز عليهم ليس فقط نظراً الى حداثتهم، ولكن نظراً الى تزايد عددهم عن مستويات قومية أو أكثر من قومية. لذا.. ونظراً الى ظهور قضايا جديدة ومشكلات متعددة ومتجددة، فإن هناك نوافذ فتحت امامها الفرصة للتأثير على الساحة الدولية. - ولوجود القضايا الأمنية والعسكرية بشكل دائم فإن بالتأكيد الرؤية سوف تكون غير واضحة وغير ثابتة فيما يتعلق بنطاق أولوية الموضوعات في العلاقات الدولية، أما النظام الدولي الحالي فإن ما يميزه في وقتنا الحالي ان الاعتماد المتبادل في العمليات الدولية اصبح اكثر بروزاً وشيوعاً، وهذه نتيجة طبيعية لعالم القرية الواحدة المترابطة بين الجماعات في جميع الدول، سواء كانت حكومات فيما بينها أو أوضاعاً داخلية وخارجية وبين موضوعات سياسية واقتصادية جديدة لم تكن موجودة على الساحة سابقاً، وربما يكون أحد أسباب ذلك التطور الكبير الحاصل في الاتصالات والتطور التكنولوجي وتقارب وجهات النقل والنمو المطرد وتيارات تبادل السلع والتجارة والوضع العالمي الحديث، كل ذلك ادى الى رؤى جديدة واساليب متنوعة في طريقة التفكير في كثير من تلك المفاهيم التي لم تكن لتحلل التفاعلات المتعددة المستويات. في السابق وعندما بدأ العالم في اقامة تنظيماته الدولية في جميع الميادين الاقتصادية والسياسية والثقافية والتجارية وغيرها، وايضاً عندما كانت العلاقات الدولية في اطار التاريخ الدبلوماسي للدول الاوروبية فقط، شهدت هنا انتقال العلاقات الدولية من تلك الانظمة التقليدية الى نظم اكثر تطوراً وفعالية، ولذلك جاءت هذه التحولات الثقافية والفكرية والسياسية المهمة والتي حافظت من خلالها الدول على وحدة اقاليمها وسيادتها وسياستها وتدعيم نظرية الأمن السلمي وقبول الحوار والتفاوض في حال الاختلاف في وجهات النظر وأسس حقوقية عامة تقوم على الاعترافات المتبادلة، واصبح ذلك الان محتوما في المجتمع الدولي الحديث ولا غنى عنه لأي دولة للاحتفاظ بكيانها وتعزيز مركزها في هذا المجتمع. - لذلك.. تجد الان الدول ذات السيادة ازداد عددها، ومن ثم وجدت بعض من هذه الدول نفسها أن أي اختلاف في وجهات النظر او الاهداف أمر طبيعي ومسلّم له مقارنة بالصعوبات والمحن التي كانت تمر بها تلك الدول، والمشكلات الداخلية والخارجية التي عانت منها عشرات وربما مئات السنوات، لذلك فإن فك عقد المشكلات الداخلية والخارجية بالدبلوماسية والمفاوضات هو السبيل للرقي العلمي والتكنولوجي للعالم وذلك للوصول الى حلول لم تكن في المتناول في عالم الأمس فأصبحت الان هذه الحلول آمنة للجميع، لذلك قلنا سابقاً ان الدولة الحديثة المتطورة المحترمة لا يمكن أن تحتل مكاناً لائقاً بسمعتها وهيبتها الدولية من دون ان تضع لنفسها خططاً بعيدة وقريبة المدى تتناول فيه جميع جوانب حياتها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية بما يتفق مع مصالحها وتراثها القومي والفكري والحضاري ووضع هذه الخطط موضع التنفيذ. مستشار وخبير قانوني [email protected]

3722

| 13 ديسمبر 2021

هيكل النظام الدولي والعلاقات الدولية (1)

"لو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، وإذا أرخوها شددتها، وإن شدوها أرخيتها" في هذا التعبير المجازي عن تصريف الشؤون العامة للدولة وسياسة الحكم في اتصالها بالأفراد والقبائل والأمصار في الداخل أو بتنفيذ ذلك في علاقاتها الدولية في الخارج، هنا قدم لنا معاوية بن أبي سفيان تعريفاً لما اشتهر به من مرونة ومهارة دبلوماسية في لقاء الخصم وكسب أعوان هذا الخصم، وتنفيذ سياسته على ذلك في الداخل والخارج، كما تم تعريفها اجتماعياً بأنها "الأسلوب الشائع اليوم للاتصال بين الحكومات"، وعرفتها أيضاً الموسوعة البريطانية بأنها "فن إدارة المفاوضات الدولية". وكما يتم في السابق من تداول ذلك على ألسنة الناس وحتى يومنا هذا للحفاظ على القربى والمودة والصداقة والأخوة وتجنب العداوة والمشاحنة و"الزعل" بقول العامة "واحد يشد وواحد يرخي"، هكذا هي مباشرة العلاقات بين الدول وبفن إدارة المفاوضات يأتي مضمون هذه العلاقات الأساسي، أما من يريد غير ذلك من الأوصاف فلا مانع حسب شخصية الدبلوماسي وحسن تصرفه في الإطار الذي أعدته له دولته وألزمته به، لذلك كان أسلوب العمل وحق اختيار أنسب الوسائل لإدارة العلاقات بطرق فنية للوصول للأهداف والحلول لأصعب المسائل الشائكة أو حتى المعلقة بما تمليه السياسة الوطنية للدولة ولا ننسى رفض الرئيس (ويدر ويلسون) وإدانته لأي دبلوماسية تتم من تحت الطاولات أو بالخفاء وهو الذي دعا للعمل الدبلوماسي الواضح المكشوف بعيداً عن الظلام، لذلك عزز (ليستر بيرسون) الدبلوماسية السياسية وتنفيذ ذلك بشكل شخصي بواسطة وزارة الخارجية وأيضاً رؤساء الدول أو من يمثلهم لذلك وعلى سبيل المثال تجد في المفاوضات تتم بشكل علني ومكشوف للصحافة ولوسائل الإعلام المختلفة وحتى مؤتمر فيينا التزمت أيضاً الدبلوماسية الأوروبية بقواعد غير مقننة، لذا تجد أن بعد هذه المرحلة تم تقنين الدبلوماسية وعُقدت المؤتمرات والاتفاقيات التي تعزز ذلك. ما زالت الدبلوماسية تعنى ببيان إدارة الشؤون الدولية، وكما اعتبرنا أنها فرع من فروع القانون العام فإن تنظيم الاتصال الخارجي بين الدول ووسائل تمثيل كل منها وكيفية التشاور والتفاوض فإن ذلك يستمد أغلبه من العرف أساساً ولكن أيضاً من حسناته أنه عرف غير جامد كبعض الدساتير الوطنية أي أنه قابل للتطور حسب الظروف التي تستجد في العلاقات الدولية. إن القانون الدولي والدبلوماسي تتداخل اختصاصاتهما في كثير من المواضيع لأن الأحكام العادية ذات الصفة القانونية مستمدة جميعها تقريباً من هذا القانون الدولي لذلك تجد أن الأحكام المتعلقة بحق التمثيل الخارجي وإبرام المعاهدات وحضور المؤتمرات كل ذلك وغيره يقرره القانون الدولي وينظمه وتمتد بالقانون الدولي أن يحدد ما يتمتع به ممثلو الدول من امتيازات ليكون قانونا ملزما للمجتمع الدولي، ولا ننكر هنا أن كل دولة تستمد أحكامها من تشريعاتها الوطنية وقوانينها وتقاليدها الراسخة وهذا هو الاختلاف بين دولة وأخرى مرجعه ما يقرره القانون الوطني لكل دولة، والأهم هو تصريف شؤون العلاقات الدولية عن طريق المفاوضات وهذا الأسلوب الذي تتبعه غالبية الدول لتنظيم ورعاية مصالحها وتعتبر أيضاً من الحرف والفنون لرجل السياسة مهما اختلف الشكل الذي تجري عليه لذلك تشغل المفاوضات في مجال النشاط الدبلوماسي مكانة كبيرة لدرجة أنه كثيراً ما يعرف النشاط الدبلوماسي بالمعنى الضيق بأنه فن إدارة المفاوضات وعقد المعاهدات بين الدول لذلك هي تتناول العلاقات الدولية والخارجية وتدل على السياسة الخارجية أو على الآلية التي تقوم بإنجاز هذه العمليات وذلك كما عبر عنها (هارولد نيكلسون) وأدعو المهتمين لقراءة كتاباته. ولا ننسى البريطاني السياسي (أرنست ساتو) الذي يرى أن استعمال الذكاء والكياسة في إدارة العلاقات الرسمية بين حكومات الدول المختلفة المستقلة، وهو تقريباً نفس رأي (شارل دي مارتنس) باستثناء أنه أضاف بعض الأفكار في المفاوضات. وعندما نقول العلاقات الدولية إنها تفاعلات بين السلوك في الوحدات الدولية فإن ذلك لا يعني اقتصار الفاعلين الدوليين على الدول فحسب، فهناك نوعان أيضاً من الأطراف الدولية التي تتعامل وتتفاعل في محيط العلاقات الدولية وهي الأطراف التي تعمل دون مستوى الدولة مثل بعض الجماعات التي قد يكون لها سمات قبلية أو سياسية أو مكانة عرقية أو مجتمعية وقد تخرج عن إطار الدولة وتقيم علاقات مع كيانات دولية خارجية بغض النظر عن موافقة أو عدم موافقة الدولة، وهناك أيضاً الفاعلون كالتنظيمات التي تخطت إطار الدول لتضم إليها دولا أخرى سواء كانت منظمات إقليمية أو دولية أو سياسية أو عسكرية أو ثقافية أو اقتصادية أو اجتماعية أو دينية، لذلك شبه البعض العلاقات الدولية بنمطين (نمط تعاوني، ونمط صراعي) وفي الغالب النمط الصراعي هو الذي يغلب على التفاعلات الدولية، أما النمط التعاوني فهو تقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية وغيرها، ونحن نرى أن العلاقات الدولية هي فرع من فروع العلوم السياسية، بسبب أنها تهتم بدراسة الظواهر التي تتجاوز الحدود الدولية ولا تقتصر على تحليل الأبعاد السياسية فقط في العلاقات بين الدول، إنما تتعدى ذلك إلى مختلف الأبعاد الثقافية والاقتصادية والدينية والاجتماعية، إذا هناك مجموعة أشكال تنظيمية للعلاقات الدولية سواء كانت شخصية قانونية دولية أو غير ذلك، وبالنسبة للربط بين العلاقات الدبلوماسية والعلاقات الدولية فيمكن القول بأن الدبلوماسية جزء من العلاقات الدولية وأن القانون الدولي يسعى لتحقيق أهداف مختلفة تماماً عن أهداف العلاقات الدولية. لذلك فإن (Nicolas) يرى أن العلاقات الدولية هي علاقات بين أفراد ينتمون إلى دول مختلفة وما السلوك الدولي إلا سلوك اجتماعي لمجموعات تتأثر بسلوك أفراد ينتمون إلى دول أخرى، والاقتصاد اليوم يلعب دوراً كبيراً في وضع أسس تطور المجتمع الدولي والعلاقات الدولية في حياتنا المعاصرة. وسوف نكمل في المقالة القادمة المنظور السياسي الجديد على وجوب الاعتراف بازدياد تعقيد هيكل النظام الدولي في العلاقات الدولية. مستشار وخبير قانوني [email protected]

2807

| 06 ديسمبر 2021

الامتيازات الدبلوماسية وأمن الدولة القومي

نصت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والتي تسري موادها على جميع الدول في العصر الحاضر على أن (تقام العلاقات الدبلوماسية وتنشأ البعثات الدبلوماسية الدائمة بالرضا والتبادل) والبعثات الدبلوماسية حالياً جهاز من أجهزة إحدى شخصيات القانون الدولي العام معتمدة بصورة دائمة لدى شخصية أخرى من أشخاص القانون الدولي من أجل إقامة العلاقات الدبلوماسية. لذا.. فإن الدولة كالفرد، شخص قانوني يتمتع باختصاصات معينة، والفرق بين الدولة والفرد أن الفرد يستطيع بنفسه مباشرة اختصاصاته والقيام بالتصرفات المادية والقانونية التي تُجيزها هذه الاختصاصات، في حين ان الدولة لا يمكنها مباشرة اختصاصاتها إلا بواسطة اشخاص طبيعيين يعبّرون عن إرادة الدولة ويشكلون أجهزة تحددها سياستهم وتشريعاتهم الداخلية، والدولة عادة تكون في الخارج بمؤسسات دبلوماسية وقنصلية تشكل سلكا واحدا وهو السلك الدبلوماسي، وللدبلوماسية كعلم انساني قواعد وأصول لذلك تجد ان هناك قانونا دبلوماسيا لا يختلف كثيراً بحكم اختصاصه وأهدافه عن القانون الدولي العام والذي يهتم بتنسيق العلاقات الخارجية، واستمرار الروابط الفعّالة بين الدول المختلفة. هناك قواعد تقليدية للحصانات الدبلوماسية، وهناك من الدول التي تقصد من ورائها إحكام الرقابة على مواطنيها الذين يعملون في سفارات أجنبية على اقليمها وخشية ان يقوم هؤلاء بدور الجاسوسية وما الى ذلك من تصرفات غير قانونية تحرمها القوانين الداخلية للدولة، وطبقاً لنظرية السيادة المسلم بها، فإن للدولة الحق في ان تمارس اختصاصاتها على كافة الاشخاص الذين يقيمون فوق اراضيها وكافة التصرفات التي تتم على اقليمها، لذلك.. وكما قلنا في مقالات سابقة فإن الحصانات والامتيازات الدبلوماسية ليست في حقيقتها سوى استثناء يرد على اختصاص الدولة. وعند التمعن والبحث في فكرة الحصانات الدبلوماسية فإنك سوف تجد ان هذه الفكرة وجدت حتى في عصر ما قبل التاريخ حيث بررت في بداية الأمر على أساس ديني ثم ما لبثت ان انتقلت من نطاق الاحكام الدينية الى نطاق الاحكام العامة الى ان اخذت طريقها في اتفاقيات وقواعد تحكم هذه الامتيازات منها اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام ١٩٦١ م، مع ان هناك تغيرات شهدتها الدبلوماسية من تراخٍ في عدة نواحٍ جنائية وأمنية وغيرها خاصة في حقب ما بعد تأسيس الدول في الشرق الاوسط وقيام حكومات جديدة وكيانات مستقلة، ولا ننكر ان هناك بعض الدول تشعر بعدم الراحة والضيق عندما ترى بعضاً من الدبلوماسيين يخرجون عن القانون باسم القانون واختصاصها القضائي، ويظلون محميين عن أن تنالهم يد السلطات العامة، خاصة اولئك الذين يقومون بتصرفات تمس أمن الدولة المضيفة. لذلك.. خرجت بعض الدول على التضييق من حصانات وامتيازات بعض من هؤلاء المثيرين للشبهة ومدى الحصانة الممنوحة لهم. لذلك تم التفرقة العملية بين ما يتمتع به بعض هؤلاء من حصانة تستمد أساسها المباشر من القانون الدولي والامتيازات التي ترجع اساساً الى المجاملة وبالتالي فهي ليست ملزمة للدولة المضيفة من الناحية القانونية، لأن الدولة المعتمد لديها هذا الدبلوماسي هي التي تقرر هذه الامتيازات بإرادتها المنفردة، وايضاً اعتبر البعض ان هذه معادلة تفرقة ليست مقبولة لدى البعض وقد نادى البعض بعدم الأخذ بها بحجة ارتباطها بالقانون الدولي، ولكن ايضاً عند قيامك بمراجعة مشروع لجنة القانون الدولي واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية تجد انهما أبقيا على التفرقة بين الحصانات والامتيازات لذلك تجد ان التيارات السياسية المعاصرة تلعب دوراً بارزاً في رسم صورة الحصانات والامتيازات الدبلوماسية، مما حدا بكثير من الدول اتخاذ مبدأ الامن القومي للدولة وسيلة للتعديل في قواعد تعتبر قواعد مستقرة في موضوع الحصانات والامتيازات الدبلوماسية. الى ان وصل الأمر لدى بعض الدول ان تجاهلت هذه الحصانات والامتيازات من الناحية العملية والتطبيقية الفعلية، مما افقدها ما كان لها من صفة قانونية مستقرة وثابته، خاصة عندما يمثل سلوك هذا الدبلوماسي تهديداً لأمن الدولة. خاصة ان هناك من الدبلوماسيين من يتقن اسلوب التزييف والمغالطة والخداع في الوصول الى اهداف وغايات، مطبقاً القول في ان الغاية تبرر الوسيلة، وهو الاسلوب المعروف لدى السياسيين والدبلوماسيين (بالميكافيلية). كل دولة تستمد احكام القانون من تشريعاتها الوطنية وايضاً نظمها وتقاليدها، اما تفصيلات ذلك فتختلف من دولة إلى اخرى، فبيان الاشخاص الذين لهم صفة تمثيل الدولة على نطاق دولي وحدود هذه الوكالة عن الدولة والتصرفات التي يحق لهم القيام بها وذلك باسم دولتهم ترجع كلها الى ما يقرره قانون وسياسة كل دولة في هذا الشأن، لذلك على الحكومات ان تدرك ان العلاقات القانونية والسياسية القائمة بين مختلف الدول اساسها المصالح الخاصة لكل دولة واهمية امنها القومي وخاصية إدارة شؤونها الداخلية والخارجية بما تراه مناسبا لها. لذا.. فالسياسة الخارجية للدولة ماهي الا تدبير لنشاط الدولة في علاقاتها مع الدول الاخرى او المنهج الذي تسير عليه من الناحية السياسية والتجارية والاقتصادية والمالية مع الدول الاخرى، ووزارة الخارجية الحكيمة لأي دولة هي من تستطيع في تدبيرها لهذا النشاط ان توازن بين الالتزام الخارجي للدولة والقوة اللازمة لتنفيذ هذا الالتزام بينما يضع الدبلوماسي هذه الموارنة نصب عينيه كلما أقدم على ابرام التزام خارجي تكون مهمة الدبلوماسي ان يقدم له من المعلومات عن الدولة المعتمد فيها ما يسهل له الطريق حتى يتمكن من تطبيق هذه الموازنة عن صحة واقتدار. ان تنفيذ المنهج الذي تخططه الدولة لتيسر في علاقاتها مع الدول حسب ما خُطط له من تحصيل نتائج في العلاقات الدولية هي مهمة الدبلوماسي الناجح ورجل السياسة الذي يحيط بمصالح البلاد العليا وتنفيذ سياستها الخارجية بعيداً عن الصراع السياسي او اثارة الفتن مما يسميه بعض الدبلوماسيين بالنشاط (الماكيافيلي) الخفي مثل افساد علاقات دولة ما بدول اخرى، لذلك ترى الان وحتى في عصر الدبلوماسية المفتوحة في المؤتمرات والمنظمات الدولية مازالت السرية لدى البعض هي طابع المفاوضات الدبلوماسية مستبعده العلانية في وسائل الاعلام أو إلقاء الندوات الدولية الرنانة في الاروقة الدبلوماسية والمفاوضات العلنية او الدعايات او التأثير في الرأي العام فاحتفظ البعض بسمة المفاوضات السرية للوصول الى الهدف المنشود، في ظل النظام العالمي الجديد والقانون الدولي والمجتمع الدولي وما ترسمه كل دولة من دور على المسرح السياسي العالمي. خبير ومستشار قانوني [email protected]

4756

| 02 ديسمبر 2021

ماهية الدبلوماسية والعهد السياسي الجديد

عندما نقول إن ماهية الدبلوماسية العلم والفن معاً، أي علم يجب تعلمه وتعلم قواعده، وفن يتطلب من الدبلوماسي والسياسي ورجال الدولة والحكومة الوقوف على خفاياه واسراره، ويجب أن يعلم لمن هذا مجاله ان دخل فيها ويتعمق في بحورها وأسرارها وماهيتها ان يكون ذا المام وحنكه بكافة المسائل التي تتصل بوصفها. إذا كنت ترغب في ممارسة الدبلوماسية أو شغلها أو الانخراط فيها يجب ان تعرف الأصول السليمة لممارسة الدبلوماسية، ويجب أن تعرف الصفات التي يجب ان تتوفر في الدبلوماسي المثالي الناجح، وأيضاً قواعد السلوك التي يجب أن يراعيها الدبلوماسي في قيامه بمهمته الدبلوماسية أو شغلها لكي يحقق الغرض على اكمل وجه بصفته دبلوماسي. إن رجال المهنة الدبلوماسية المحنكين ممن صقلتهم الدبلوماسية السنين الطوال وكرسوا لها كل وقتهم وحياتهم وجهدهم، فتغلغلوا في أعماقها وعرفوا كل ظروفها وملابساتها واسرارها وخفاياها، ندعو من يرغب بالإلمام بأصول الدبلوماسية وتقاليدها وقواعدها أن يرجع إلى ما كتبه هولاء الاساتذه الفقهاء العلماء الثقاة من اصحاب الرموز والاسماء المعروفة في دهاليز السياسة والدبلوماسية بالفن والحنكة والكياسة والفطنة والسمعة الطيبة الحسنة، فهم بلا شك الأجدر والأقدر والأفضل على ارشادك لهذا الطريق الوعرة. - نستطيع أن نصف أن للدبلوماسية نفسين: نفس تاريخي، ونفس تنظيمي، ولابد لكل مشتغل بالشأن الدبلوماسي ان يتنفس كلا الشقين، وان يكون ملما إلماماً كاملاً بمضمون الطريقتين، بالإضافة إلى إلمامه بالقواعد القانونية الدولية بشكل عام ولأحكام المعاهدات المنظمة للعلاقات بين مختلف الدول، ويجب على المشتغل بالدبلوماسية الالمام بالجغرافية السياسية، والعلوم الاجتماعية، والعلوم التاريخية، والشئون الدولية، والاقتصادية، والعسكرية، هذه هي دروب الدبلوماسية ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ومراحل حياتها المختلفة التي مرت بها وسوف تمر بها، وهذه هي المراحل التي خاضتها في مجال العلاقات البشرية ومصائر الأمم والشعوب، فعن طريق ما ذكرناه يمكنك معرفة مجريات السياسة الدولية في الماضي والحاضر واتجهاتها المستقبلية. ثم إنني أدعو اخواني الدبلوماسيين والسياسيين ممن اتقن مجريات السياسة الدولية والمشتغلين بالدبلوماسية أن ينصروا الدين ويعلوا كلمته، وتعاليمه ونظمه الخاصة به، والمسلمون سواء كانوا دبلوماسيين أو مهندسين أو أطباء أوعلماء أو غير ذلك هم أصحاب حصافة في الرأي وبلاغة في القول ورجاحة في العقل وسرعة البديهة واحتيال الحيل وتقليب الأمور مما يؤهلهم أن يكونوا أهل السياسة وأهل البلاغة وأهل المفاوضات إن هي احسنت حكوماتهم سياستها، وأحسنت حكوماتهم تغليب سيادتها، وأحسنت حكوماتهم حسن الظن بقدراتهم وامكانياتهم ورجاحتهم والأخذ برأيهم، خاصة بعد ان كانت الدبلوماسية تتصف بالسرية وما برحت ان انتقلت الى فكرة المصالح المشتركة بين الدول عندما برزت دبلوماسية المؤتمرات والمنظمات الدولية الى ان تشعب العمل الدبلوماسي وظهرت فصيلة الدبلوماسيين الجدد المتخصصين في المجال الدولي وبظهورهم تنوعت اهداف الدبلوماسية لتشمل كافة القضايا الاقتصادية والثقافية والعسكرية والعلمية والتكنولوجية إلى أن امتد للتنظيم الدولي الاقليمي، فلم تعد العلاقات الدبلوماسية علاقات عرفية كما كانت في الدبلوماسية التقليدية، مناخ التوازن الدولي في تغيّر مستمر، والمساهمون في التناقس الدولي هم من فرض السيطرة والنفوذ، فلم تُعد مهمة الممثل الدبلوماسي قاصرة على إعلان وجهة نظر بلاده، او اقناع الغير ببعض وجهات النظر، والاهتمام بالمراسم واجراءات الضيافة وحسن الاستقبال، أو البحث عن فتات من المصالح، هناك عهد جديد من تاريخ تطور الحضارة الانسانية، وهناك تحولات فكرية واقتصادية وسياسية وعسكرية، يجب أن نتقن آلياتها وطريقة الحوار والتعامل والتعايش معها، لابد من وضع افكار ونقاط واولويات ومراحل ومجالات واهداف وخطط وحماية وأساليب وفنون ثم نعززها بالعلاقات والتنوع والمصالح وبناء القواعد وتوسيع الدبلوماسية ومنها قوى التحالف والتنافس بين الشرق والغرب، لكي ننهي كل مرحلة من عملنا الدبلوماسي بالأهداف التي بنيناها من أجله، ثم نكون لاعبا أساسيا مع الكبار في المنظومة الدولية وليس احتياطياً أو متفرجاً فنكون شركاء في تحديد وتحقيق النتائج بما يناسب مصالحنا وأهدافنا الاستراتيجية والبعيدة المدى. خبير ومستشار قانوني [email protected]

4076

| 29 نوفمبر 2021

alsharq
مؤتمر صحفي.. بلا صحافة ومسرح بلا جمهور!

المشهد الغريب.. مؤتمر بلا صوت! هل تخيّلتم مؤتمرًا...

7890

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
من فاز؟ ومن انتصر؟

انتهت الحرب في غزة، أو هكذا ظنّوا. توقفت...

6636

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
مكافأة السنوات الزائدة.. مطلب للإنصاف

منذ صدور قانون التقاعد الجديد لسنة 2023، استبشر...

3447

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
معرفة عرجاء

المعرفة التي لا تدعم بالتدريب العملي تصبح عرجاء....

2835

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
تعديلات قانون الموارد البشرية.. الأسرة المحور الرئيسي

في خطوة متقدمة تعكس رؤية قطر نحو التحديث...

2796

| 12 أكتوبر 2025

alsharq
العنابي يصنع التاريخ

في ليلةٍ انحنت فيها الأضواء احترامًا لعزيمة الرجال،...

1899

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
قادة العالم يثمّنون جهود «أمير السلام»

قمة شرم الشيختطوي صفحة حرب الإبادة في غزة.....

1545

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
ملف إنساني على مكتب وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة

في زحمة الحياة وتضخم الأسعار وضيق الموارد، تبقى...

1239

| 16 أكتوبر 2025

alsharq
مواجهة العزيمة واستعادة الكبرياء

الوقت الآن ليس للكلام ولا للأعذار، بل للفعل...

1197

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
العطر الإلكتروني في المساجد.. بين حسن النية وخطر الصحة

لا يخفى على أحد الجهود الكبيرة التي تبذلها...

1065

| 14 أكتوبر 2025

alsharq
قطر تودّع أبناءها الشجعان

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وبمشاعر يعتصرها الحزن...

759

| 13 أكتوبر 2025

alsharq
هل نحن مستعدون للتقدّم في العمر؟

مع أننا نتقدّم في العمر كل يوم قليلاً،...

756

| 13 أكتوبر 2025

أخبار محلية