رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
أحيانا تمر الأيام على الكاتب ولا يجد ما يكتبه لقرائه في مقاله الأسبوعي، وأحيانا أخرى تتكاثف الأفكار في ذهن الكاتب في لحظة واحدة ويصبح حائرا من كثرة الأفكار التي تتطلب البحث والتدقيق والتحليل.. وخلال الأيام الماضية كنت من أصحاب المجموعة الثانية، فالأفكار والأحداث غزيرة بلا شك، مذابح في سوريا وتعامي المجتمع الدولي عما يجري هناك وبشار الأسد يستأسد على شعبه المسكين، وتطورات لبنان لم تكن بأقل سخونة من سوريا، والعراق لم يكن بعيدا عن المشهد المأساوي بقتلاه وأشلائهم في مقر الوقف الشيعي والخلافات المستمرة بين أقطاب الحكم الذين لا هم لهم سوى بيع العراق لجيرانه وليس مهما مصلحة الشعب ومستقبله، أما مصر فلم تكن بأقل سخونة بعد إصدار الحكم على الرئيس السابق حسني مبارك والذي جاء على غير هوى البعض لنرى من جديد المليونيات في القاهرة وكأن هذا المشهد لا يستطيع أن يختفي من مصر ما بعد الثورة. أعتقد أن كل هذه العناوين رغم أهميتها لم تستوقفني كثيرا ومررت عليها بسرعة، بعدما وجدت بالصدفة وأنا أبحث في العالم الافتراضي – الإنترنت – عن أخبار إيران وأحداثها. والصدفة وحدها هي التي قادتني إلى ما سأتحدث عنه، ويتعلق بأكاذيب وأوهام صرح بها مسؤولون إيرانيون لوفد من صحفيي مصر كان يزور إيران خلال الفترة الماضية. وقد اهتمت كل الصحف والمواقع المصرية بنقل تلك التصريحات تقريبا، خاصة وأن صحفيي الوفد قابلوا أكثر من مسؤول إيراني ما بين ديني وسياسي، ويبدو جليا أن طهران استفادت جيدا من المهمة الصحفية وملأت أدمغة الصحفيين بما تريده من معلومات، وتحدث مسؤولوها معهم وكأن إيران دولة محايدة ولا تتدخل في شؤون الدول المجاورة وغير المجاورة. فالمسؤولون الإيرانيون تمادوا في رسم صورة وهمية وكاذبة عن بلادهم أمام الوفد المصري، وكان الغرب حاضرا بالطبع في ذهن الإيرانيين وهم يتحدثون للصحفيين المصريين، فهو يسعى دائما للتفريق بين العرب وإيران، ويبث التفرقة والفتنة بين الطرفين لتبدأ الصراعات ثم يعلن عن استعداده للتدخل تحت مظلة عملية التسوية وحل المشكلة في حين أن غرضه هو تقسيم دولها والسيطرة على شعوبها. هذا ما قاله الإيرانيون، ولكنهم ربما نسوا أن الجانب العربي أو الخليجي لم يخلق المشاكل، وإنما إيران هي المحرضة دوما على الكراهية، فهي التي تستغل قدراتها للنيل من وحدة منطقة الخليج وتهديدها دائما بإحراقها مع إشعال مضيق هرمز لوقف صادرات النفط الخليجية إلى الخارج. ربما التزم الإعلاميون المصريون بنقل أحاديث المسؤولين الإيرانيين بحذافيرها التزاما منهم بالمعايير الصحفية وعدم التدخل في التصريحات بالتحليل، وإنما من واجبنا نحن أصحاب منطقة الخليج تحليل تلك التصريحات الفارغة من منطلق أننا سكان تلك المنطقة التي تريد إيران إشعالها وبث الفرقة بين مواطنيها. فمثلا عندما يدعي الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أن الشعب الإيراني لا يريد أن يفرض نفسه على أحد وأن بلاده لا تتدخل في شؤون أية دولة بالمنطقة، فهنا يجب أن نتوقف لحظة ونقول له أو نسأله بمعنى أدق:" من المسؤول عن مشكلات الخليج، في البحرين والسعودية والكويت.. وأخيرا ما يجري في اليمن؟".. ألم تكن إيران هي صاحبة الأيدي الخفية في القلاقل التي نشهدها هنا وهناك، أم أن أياد أخرى تلعب في الخفاء؟ ولذلك لن نصدق ادعاءات نجاد الذي يكذب ويقول إن دول المنطقة تتصارع فيما بينها على واحد من ألف من تعاليم الدين الإسلامي وأوامر الرسول عليه الصلاة والسلام، وبالتالي لابد من أن نقف متحدين! أي اتحاد يتحدث عنه نجاد والإيرانيون، وهم يسعون إلى احتلال مناطق الغير ويدعون زورا وبهتانا بأن منطقة الخليج هي ملك لهم وأن التاريخ والخرائط يؤكدان هذا. ثم أي اتحاد يتحدث عن المدعو نجاد وبلاده لا تتركنا في حالنا، ثم يدعي أن بين إيران والعرب صداقة تجمع دول المنطقة وأن إيران تمد يدها لكافة الإخوة وعلى أتم الاستعداد لإجراء حوار مع أي دولة إذا طلب منها ذلك. ربما كنا صدقنا نجاد إذا تحدث عن كيفية الاستفادة من ثروات وخيرات المنطقة ووضع إستراتيجية محددة لخدمة أهداف ومستقبل شعوبها، ولكنه لم ولن يفعل، لأن فاقد الشيء لا يعطيه كما يقول المثل الشائع. ونترك نجاد إلى أكاذيب من نوع آخر صاحبها هذه المرة هو المدعو علي أكبر ولاياتي وزير خارجية إيران الأسبق، فهو يكرر نفس ادعاءات رئيسه مع إضافة الحبكة الدرامية عليها، معتبرا الشعوب الخليجية لا تقرأ ولا ترى، فهو عندما يتحدث ببراءة عن إمكانية إزالة أسباب التوتر بين إيران والأقطار العربية، يعتقد أن هناك من سيصدق كلامه. وعندما يدعي أيضاً أن بلاده ترتبط بعلاقات حميمة مع بعض الدول العربية وأن طهران غير مسؤولة عن إثارة التوتر أو النزاعات أو الخلافات فيما بين الدول العربية أو داخل حدود الدولة الواحدة، يعتقد أيضاً أننا سنصدقه. ثم يعود إلى النغمة المستفزة عندما يتهم الغرب بالسعي دائما إلى بث الفتنة والفرقة بين إيران والعرب!! وإذا ما حللنا أكاذيب إيران بشأن الثورات العربية والتي تعتبرها ربيعا بحق، فأي حق اعتبرته حقا فيما يجري في سوريا بأنه مجرد مؤامرة ضد طفلها بشار الأسد الذي دخل مرحلة حرق سوريا من أجل مصلحته فقط. المثير للدهشة أن الإيرانيين يدعون وقوفهم مع الشعوب العربية، ثم فجأة ينسون هذا الكلام إذا جاء الحديث عن سوريا، فتنقلب تصريحاتهم فجأة، ويعتبرون ما يجري هناك بأن مجرد أقلية تحاول الجور على حقوق الأغلبية. وأنا وغيري من الغيورين نوجه سؤالاً للنظام الإيراني الذي لا يكف عن ترديد الأكاذيب: " كيف تدعون وقوفكم مع رغبة الشعوب لتحقيق الحرية والعدالة، وبعد ذلك تتجاوزون عما يجري في سوريا عندما يريد الشعب نيل الحرية والعدالة؟".. مجرد تساؤل لن يجيب عنه النظام الإيراني المراوغ، فالإيرانيون منشغلون فقط بتحقيق مصالحه أولا وأخيرا فيما بينهم وإصلاح نظامهم المتهاوي من الداخل وحل الصراعات والفساد داخل إيران.. وسؤال ربما يكون قبل الأخير:" لماذا يرفض الإيرانيون التحكيم الدولي للفصل في ملكية الجزر الإماراتية المحتلة؟".. ونصل إلى السؤال الأهم:" لماذا يواصل الإيرانيون بث الفتن والتحريض داخل البحرين للتفريق بين شعبها الذي لا يريد سوى سلام واستقرار؟". أعتقد أن الإيرانيين أمامهم ردح من الزمن لكي يردوا على هذه الأسئلة.
408
| 07 يونيو 2012
من الواضح أن المصريين لن يتنفسوا الصعداء قريبا حتى ما بعد انتهاء الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة بين محمد مرسي ممثلا لحزب العدالة والحرية والإخوان ، وبين أحمد شفيق الذي يلقى معارضة شديدة من قبل الثوريين والإسلاميين بكافة توجهاتهم ومشاربهم الذين يرفضونه بصفته من فلول النظام المصري السابق. فنتيجة الجولة الأولى لم ترض عدوا ولا حبيبا كما يقولون، فثلاثة أرباع الناخبين الذين شاركوا بأصواتهم رفضوا مرسي الإخواني، وكذلك رفض ثلاثة أرباع الناخبين شفيق، لتقف المنافسة مناصفة بينهما في الجولة الحاسمة المقبلة. والمصريون أصبحوا في موقف صعب، فكلا المتنافسين مرفوض من الأغلبية، ولكن يجب اختيار أحدهما، أي أن الفائز سيكون مثل الدواء المر الذي لا يأخذه المريض إلا مضطرا أو أشرف على الموت وجرعة هذا الدواء هي السبيل الوحيد لإنقاذه. وحيرة المصريين لها أسبابها المنطقية، فهم يرفضون الدولة الدينية في صورة مرسي، وكذلك عودة نظام الرئيس السابق في صورة شفيق. والأمر الجيد أو المبشر أن المصريين لم يسكتوا أو يجلسوا مكتوفي الأيدي، فانطلقت المبادرات والمقترحات بهدف الحصول على تأكيدات وضمانات من المرشحين لتبديد مخاوف المصريين من سيطرة الدولة الدينية وعودة نظام مبارك السابق.. وكلاهما مر كما أسلفنا لأن الفائز سيكون واحدا من كابوسين خطرين ، الأول الاستبداد الديني، والثاني إعادة تدوير نظام مبارك . وحاول مرسي استباق ثورة المصريين ضده في الجولة الثانية وحتى لا يخرج صفر الأيدي بعد الأمل الذي داعبه وحزبه والإخوان، ليتعهد بأن تضم مؤسسة الرئاسة ـ في حالة فوزه ـ عددا من مرشحي الرئاسة السابقين، وألا يختار نوابه من الإخوان أو حزب الحرية والعدالة، وأن تضم مؤسسة الرئاسة أطياف الشعب كافة من مرأة وأقباط وشباب ومستقلين وغيرهم.. ثم يقذف بحجر في بحر الإخوان ليعلن تراجعهم عن تشدد قديم بأن يكون رئيس الحكومة من بينهم " إنه ليس شرطا أن يكون رئيس الحكومة من الإخوان، فقد يكون من المستقلين أو التكنوقراط من أصحاب الكفاءة". ولا أعرف سببا لماذا يحاول المرشح الإخواني تحمل مسؤولية كل أخطاء الجماعة على مدى الفترة الزمنية الماضية، ليعترف بالخطأ في تشكيل الجمعية التأسيسية. أما المرشح المنافس، فقد فاجأه معارضوه بحرب بجانبهم ، أي من طرف واحد،ولكن قد تقترب ضد رغباتهم وتزيد تمسك الذين انتخبوه الجولة الأولى به ليقفوا معه في الإعادة. مشكلة المصريين في الوقت الراهن هو ضيق الوقت وتلاشي الفرص ، بيد أن للخروج من المأزق الراهن هناك حلا يتضمن ضرورة التوافق على حكومة إنقاذ وطني ولجنة تأسيسية لوضع دستور ديمقراطي. وربما يكون هناك حل آخر وفقا لما تراه القوى السياسية المصرية وهو ما تم تسريبه في إطار وثيقة مبادئ يلتزم المرشح الفائر بتطبيقها لضمان تبديد مخاوف المصريين من الكابوسين المشار إليهما. فإذا فاز المرشح الإخواني، عليه إن يتعهد بالاستقالة من رئاسة حزب الحرية والعدالة ليكون رئيسا لكل المصريين وألا يكون لجماعة الإخوان أو مرشدها أي تأثير عليه كرئيس، والانتهاء من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور. وفيما يتعلق بالمرشح الآخر أحمد شفيق، فطالبته الوثيقة المقترحة بعدم التدخل في أحكام القضاء، وعدم إصدار عفو عن الجرائم، التي ارتكبت في حق الشعب أو الثورة، أو إحياء الحزب الوطني المنحل، أو الاستعانة بأي من رموز النظام السابق، وإلا يقوم بعسكرة الدولة، حتى لا يشعر المصريون بأن ثورتهم سرقت أو اختطفت منهم، وكأنهم ما فعلوا شيئا سوى قطع رأس النظام والمجيء بآخر أشد قسوة أو تشددا دينيا. بقدر ما استرعت الانتخابات الرئاسة المصرية اهتمام العالم أجمع ، فإنها أعطت مؤشرا على معادلة التوازنات الحزبية والتوجهات السياسية للرأي العام، حيث إن الاختيار فشل في إحداث الانتقال السلس والسلمي للسلطة، بل على العكس، أثارت من الإشكالات أكثر مما حلت من مشاكل. فعدم القدرة على معرفة الرئيس القادم أربك حسابات المصريين الذين اعتادوا معرفة الفائز قبل موعد إجراء الانتخابات، ويضاف إلى هذه الإشكالية ، قضية خلافية مهمة وتتمثل في وضع الدستور رغم عدم التوافق على ثوابت ومرجعيات الدولة والأمة والنظام السياسي، مما يزيد من متاعب المصريين السياسية وهم على أعتاب تجاوز أهم استحقاق لهم بعد الثورة ، الأمر الذي سيلقي على الرئيس الجديد مهام ضخمة، لعل يكون أولها بالنسبة للمواطن المصري إعادة الأمن والاستقرار وتدوير عجلة الاقتصاد وعودة السياحة. وإذا كنا أسهبنا في المخاوف، فربما نشارك بلون أبيض في رسم الصورة القاتمة لما يجري الآن في مصر، وهو ما أكدته صحيفة دايلي تليجراف البريطانية التي قالت إنه بعد خمسة آلاف عام أصبحت مصر للمرة الأولى بدون فراعنة، ورغم أنه ليس من بين المرشحين من كانوا يصبون إليه كرئيس للبلاد بعد الثورة، إلا أن هذا لا يعني أن صورة الرئيس قد اختلفت لأنه أصبح مثل رجل الشارع العادي، حتى وإن كان مبتغاهم الحقيقي هو البحث عن سوبرمان بدرجة رئيس. وهذا بالتأكيد أمر صعب في المرحلة الراهنة وفي التجربة الانتخابية الحقيقية الأولى، وربما يتحقق لهم مرادهم في الانتخابات المقبلة ليجدوا وقتها زعيمهم الجديد الذي يحلمون به، أي رئيسا يتمتع بالذكاء وعزة النفس وأخلاق الفرسان وذا قلب طيب ومتدينا. وختاما.. فإن المعارك الديمقراطية القادمة كثيرة، وتبدأ بالدفاع عن حقوق المواطن الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية وحريته الشخصية، وهذا يستلزم في تقديرنا المتواضع أن يضع المصريون مسودة عمل أو مدونة سلوك قبل اختيار رئيسهم المقبل، على أن ترسم هذه المسودة ملامح هذا الرئيس. ومن تلك الملامح المهمة أن يكون قويا قادرا على قيادة مصر بكل مكوناتها السياسية وثرواتها البشرية والمادية باتجاه قيادة الأمة من جديد . وأن يعي خطورة اللحظة التاريخية للأمة وتمكن من السيطرة على زمام الأمور ليأخذ بعقال الأمة نحو عزتها من جديد. والأهم أن يكون رئيسا قادرا على استنفار القدرات الكثيرة الكامنة في الشعب المصري للنهوض به ليتبوأ موقعه بين الأمم.
395
| 01 يونيو 2012
لم يكن الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي مضطرا لإعلان رفض السعودية للتهديد الإيراني الذي اعتبر إنجاز الاتحاد بين السعودية والبحرين بمثابة "إعلان حرب"، فهذا التهديد كما يراه المسؤول السعودي المخضرم "غير مقبول ومرفوض لأنه ليس لإيران أي دخل بما يجري بين البلدين من إجراءات حتى وإن قررا الوحدة". الرد السعودي هو رد خليجي عام، وحتى تلميحات الفيصل بأن السعودية وكل دول مجلس التعاون الخليجي لن تعيق قيام اتحاد إيران مع من تشاء من الدول، لأنه من حقها تشكيل اتحاد مع من تشاء. ولكن حتى لا يؤخذ الكلام على عواهنه، فهناك تحذير خليجي شامل هنا وهو ألا تضر إيران بمبادئ الجوار وأن عليها أن تبادلنا حسن الجوار. يبدو أن فكرة قيام اتحاد سواء بين السعودية والبحرين أو اتحاد اشمل يضم كل دول مجلس التعاون قد أزعجت جيراننا في المنطقة، حتى وإن كان هذا الاتحاد في مراحل الدراسة والتقييم الآن كما أعلنت القمة التشاورية الخليجية الأخيرة في الرياض. ولكن الإيرانيين وكما هي عادتهم يستبقون الأحداث ليرهبونا باعتراضاتهم في الوقت الذي خرجت فيه القمة بضرورة تحقيق الاتحاد الإقليمي بكافة أضلعه الخارجية والسياسية والاقتصادية والدفاعية المشتركة. ومهما كانت الاعتراضات الإيرانية، فلدى مجتمعنا الخليجي الأسباب الكافية لتأسيس هذا الاتحاد المرتقب من أجل الإسراع بتطبيق العملة الموحدة وتذليل كافة العقبات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والأمنية. وإذا كان من الأفضل الارتكان إلى دراسات موثقة لتبيان أهمية هذا الاتحاد على كافة دول المجلس الخليجي، فقد نستعرض معا مضمون دراسة متخصصة للمعهد السعودي للدراسات الدبلوماسية، أكدت أن التحول إلى "الاتحاد" بديلا عن "التعاون" ليس مجرد خيار مطروح، بل مسألة مصير ووجود، في ظل تحولات إقليمية ودولية غير مسبوقة. وتتحدث الدراسة عن التكامل الدفاعي الذي يمثل الضمانة الرئيسية لأمن دول الخليج بوصفه بديلا عن التحالفات الإقليمية والدولية التي تحقق توازنا ليست له صفة الديمومة. وتستند الدراسة إلى تقديرات أشارت إلى أن مجموع الجيوش الخليجية إذا اكتمل الاتحاد سيبلغ ما يقارب 360 ألف جندي. ولبلوغ هذه القوة،، يتطلب من الدول الخليجية التكامل الدفاعي وإعادة هيكلة ودمج المؤسسات الأمنية الخليجية، في سبيل تحقيق صيغة للأمن بالخليج العربي، انطلاقا من مبدأ "توازن القوى" الذي يعد ضمانة رئيسية لتوازن المصالح، وبما يعطي زخما أكبر للتعاون بينها ويمنحها القدرة على التحرك المشترك السريع لمساعدة دولة خليجية أخرى في المستقبل، قد تطلب مساندة تلك القوات. وننتقل إلى النقطة الأخرى الأهم وهي التكامل الجغرافي، لأن حجم مساحة الاتحاد الجديد سيقارب 2.8 مليون كم مربع مما يجعله قادرا على التحكم في ممرات وفضاءات إقليمية إستراتيجية، ومنح دول المجلس الخليجي القدرة على التأثير على الصعيدين العربي والدولي. وهذا ينقلنا إلى الدوافع الإقليمية للاتحاد الخليجي، وتتعلق بتنامي القوة الإيرانية، الأمر الذي يعكس خللا في توازن القوى في العلاقات الخليجية – الإيرانية. وإذا أردنا التوضيح أكثر، فإن قوام قوات الجيش الإيراني العاملة تصل لنحو 545 ألفا، مقابل عدد قوات جيوش دول الخليج العربية العاملة مجتمعة الذي يقارب 360 ألف جندي، بالإضافة إلى سعي إيران لزيادة عتادها العسكري، وتطوير منظومتها الصاروخية، وسعيها لامتلاك السلاح النووي. ويضاف إلى هذا العنصر غير المتوازن، الأطماع الإيرانية الإقليمية التي تدفع طهران إلى تعزيز سيطرة إيران وهيمنتها المطلقة على منطقة الخليج العربي بتصدير الثورة الذي لم يتوقف. ويدخل العراق بقوة إلى دائرة المخاطر الإقليمية على أمن دول مجلس التعاون الخليجي وضع العراق خاصة ما بعد الانسحاب الأمريكي، وذلك بسبب بتنامي الخلافات السياسية التي أعقبت عملية الانسحاب الأمريكي في ديسمبر 2011. أما اليمن فهو ليس بعيدا عن دائرة المخاطر التي تهدد بقوة أمن الخليج وذلك حسب دراسة المعهد السعودي للدراسات الدبلوماسية، في ظل عدم وجود توافق سياسي بين الأطراف الرئيسية في اليمن، ليظل سيناريو الحرب الأهلية قائما انطلاقا من وجود مؤشراتها بالفعل.. والاضطرابات وعمليات القتال مستمرة بين الأطراف المختلفة، فضلا عن المواجهات بين الحوثيين وقوى المعارضة، وسيطرة تنظيم القاعدة على عدد من المدن اليمنية، وبالتالي تتصاعد وتيرة المخاوف من حقيقة بقاء اليمن دولة موحدة، وترشيح احتمالات التقسيم، الذي يعد الخيار الأسوأ بالنسبة للأمن الإقليمي الخليجي، خاصة إذا علمنا أن اليمن يمثل الامتداد الجيوإستراتيجي لأمن دول المجلس. وبعد كل هذا، لم تقف إيران على مسافة واحدة من دول المنطقة، فما أن أفصح الخليجيون عن نيتهم بالانتقال إلى الاتحاد بعد اكتمال الدراسات اللازمة، حتى كشر الإيرانيون عن أنيابهم وشنوا هجوما غير مقبول بالمرة على مشروع الاتحاد ووصفوه بأنه " مشروع فوضوي"، ثم يخرج علينا المعتوه علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني ليسمعنا كلاما لا قيمة له مثل " البحرين ليست لقمة سائغة يمكن ابتلاعها بسهولة " فهو وأسياده هنا يسترجعون اللهجة العنصرية الاستعلائية للشاه، ثم نراه مع نوابه يجاهرون بكلام متعجرف بضم البحرين إلى إيران. ثم من منح لاريجاني ونوابه التدخل في شؤوننا الداخلية، أليس هناك مواثيق وأعراف وقوانين دولية تمنع الدول من اقتحام سيادة الدول الأخرى، ألم يتعلم هؤلاء القانون الدولي وحق الدولة العضو في الأمم المتحدة، أم أن الإيرانيين يستقوون على الخليج بمشروعهم النووي وقدراتهم العسكرية والصاروخية والبحرية. والأهم لم يكن أمام النائب الذي طلب من بلاده اتخاذ إجراء جاد لمواجهة ما أسماه بخطة السعودية لضم البحرين لصرف الأنظار عن مشاكل أخرى داخلية في بلاده مثل أزمة الوقود وشح المواد التموينية وفتح وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت حقا من حقوق الإنسان في العالم المتحضر. حقا لقد قرأنا كلاما لا أستطيع وصفه مثل أن البحرين من حق إيران وليس السعودية، ولكن لا يهم هذا الكلام فهو يخرج من حاقد وربما من شخص أبله يعيش خارج حدود العقل، ولكن أن تصل الأمور أن يخرج البعض في بلادنا للتظاهر ضد فكرة الاتحاد، فهذا أمر غير معقول بالمرة. ونحن لا نصدق من يقول إن حراك المعارضة هو أمر محلي بحت وليس له صلة بأي دولة في حين أن كل الدلائل تشير إلى أن هؤلاء يتلقون تعليماتهم من أسيادهم في إيران متناسين أن الاتحاد سيضيف إلى قوة البحرين مكونات اقتصادية وسياسية وعسكرية ودفاعية. والتساؤل.. ألم يع هؤلاء البحرينيون ما يتردد عن دعوات أطلقها مسؤولون بارزين في النظام الإيراني بشأن حتمية إقامة اتحاد بين إيران والعراق، لتأتي منسجمة مع تصريح أطلقه مقتدى الصدر رجل الدين الشيعي العراقي، شبه فيه العراق والجمهورية الإسلامية بأنهما "روح في جسدين"، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في الأوساط العراقية عن مغزاه وتوقيته. ثم لم يقرأ هؤلاء اتهام أبو بكر القربي وزير الخارجية اليمني لإيران بالتدخل في الشأن الداخلي اليمني ومطالبتها بالكف عن التدخلات وعدم إثارة الفتن أو الصراعات الطائفية لأن ذلك لا يهدد دولة بعينها وإنما المنطقة برمتها. إلى من يسمون أنفسهم معارضة سؤال...... معارضة ماذا؟! وضد ماذا؟ معارضة من أجل الوطن معارضة؟ تودي بهذا الوطن إلى الضياع؟ ألم يروا وهم الأعلم بالأوضاع بإيران من خلال زياراتهم المتكررة سواء للزيارات الدينية أو لأي سبب آخر، ألم يروا بأعينهم ويسمعوا بأذانهم ما يتعرض إليه الشعب الإيراني من ضيم العيش يا...... من تسمون أنفسكم معارضة اتعظوا.. اتعظوا.. واعلموا أن الاتحاد قادم شاء من شاء وأبى من أبى.
423
| 26 مايو 2012
تعرضت فكرة إقامة اتحاد خليجي يضم كافة دولة مجلس التعاون لانتقادات شديدة من جانب دعاة الانفصال أو ما يطلق عليهم "الانفصاليين"، هذا جانب.. أما الجانب الآخر، فقد تعرضت وبصورة أعنف فكرة إقامة اتحاد يضم السعودية والبحرين تحديدا ليكون هذا الاتحاد نواة للاتحاد الخليجي الأكبر والأوسع من نوعه. وسمعنا كثيرا من الافتراءات على نظامي البلدين اللذين يسعيان إلى مصلحة بلديهما، وما قاله المعارضون في العلن لم يكن سوى نذر قليل مما لوكت به الألسنة في الخفاء. في حين لم نسمع معارضا عربيا أو خليجيا يرد على افتراءات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد عندما وصف بعض حكام المنطقة بإطالة اللسان على جماهير الشعب الإيراني الذي يسعى فقط للدفاع عن حقه وإحقاق العدالة والمصداقية.. فنجاد عندما استنكر أفعال وأقوال بعض الحكام ولم يتوقف عن إطلاق النيران في كل الاتجاهات وخاصة بشأن حكام دول مجلس التعاون، لم نسمع لهؤلاء صوتا.. في حين وصل التطاول الإيراني مداه عندما وصفنا بأننا نعمل ضد المبادئ الإسلامية وأننا شعوب عديمة الثقافة ومعادية للإسلام بل وللإنسانية نفسها، وأن بعض حكامنا يسارعون في شراء أسلحة بعشرات المليارات من الدولارات ممن وصفهم نجاد بـ "أسياد إسرائيل" في إشارة صريحة للولايات المتحدة الأمريكية. وبينما يلصق نجاد بنا كل هذه الافتراءات، نرى السلطات الإيرانية التي تتشدق بحرية العقيدة والإبداع تصادر 250 كتابا واعتبرتها كتبا ضالة، بعد أن جمعتها من معرض طهران للكتاب، بحجة أن بعض تلك الكتب تنشر الوهابية وأخرى تزور الحقائق حول الخليج "الفارسي" حسب تسمية السلطات الإيرانية وكتبا أخرى تروج لأفكار غير أخلاقية. ومن المؤسف أيضاً أننا لم نسمع أبواق المعارضة توجه ألسنتها إلى الجارة إيران وتتهمها بكبت الحريات الثقافية والدينية، في حين أن السلطات الإيرانية منعت مباشرة مشاركة دور النشر لأهل السنة، وقام الأمن الإيراني بجمع أعداد كبيرة من الكتب في المعرض خاصة الكتب التي تتعلق بالقوميات غير الفارسية وبتاريخ الخليج العربي والكتب الإسلامية. نعود إلى موضوع الاتحاد الخليجي من منظوره الأوسع والاتحاد السعودي – البحريني من منظوره الثنائي وإن لم يخرج أيضاً عن فكرة الوحدة.. ولتوضيح الصورة أكثر فأكثر، ربما نرجع إلى ما كتبه المفكر الكويتي المرموق محمد الرميحي عندما اقترب من المشكلة وبلغها بصورة لا لبس فيها وقال إن المعركة القادمة في الشرق الأوسط ستكون مركزة على دول الخليج، لأنها ولأسباب كثيرة هي الخاصرة اللينة في وضعها الحالي، والممكن التأثير فيها لقلب أوراق اللعبة في المنطقة. ومن أجل التغلب على هذه الإشكالية وتقوية كيان المنطقة، ليس أمامها سوى طرح إستراتيجية مختلفة لمواجهة كل تلك التحديات غير المسبوقة. هذه الإستراتيجية تتلخص في تدشين كيان سياسي موحد ليكون قادرا على مواجهة التحديات، هو " اتحاد دول الخليج" على أن يكون بديلا لمجلس التعاون. ولم يناور المفكر الكويتي في وصف أهم التحديات، فهي تكمن أساسا في التطلع الإيراني لتحقيق الحلم القومي القديم والمتجدد، وهو نشر النفوذ الإيراني على المنطقة، وإدخال الجميع تحت مظلة إيران السياسية والعسكرية، وهو طموح يستكمل من الوجهة الإيرانية في الفترة التاريخية الحالية ما بدأ فيه بالفعل، حيث تحقق النفوذ الإيراني في كل من سوريا والعراق وجزء واسع من لبنان، مع توسع في أماكن أخرى ربما بعضها قريب من بعض عواصم الربيع. ويحذر محمد الرميحي في رؤيته المهمة من إغفال الرغبة الإيرانية في توسيع نفوذها وإمكاناتها في المنطقة " فإن الجميع قد يكون مصابا بتعتيم سياسي تغلب عليه التمنيات ويُخدر بالوعود وتسري في عروقه فكرة خاطئة، بأن ما صح في الماضي قد يصح في اللاحق، وكل ذلك يمثل نظرة قاصرة استراتيجيا تفرط في مصالح الشعوب التي قد تجد نفسها مغلوبة أو مضطرة لمسايرة القوة الصاعدة من طهران". ومن التحليل إلى الواقع.. فإننا نرى أن كلام الرميحي لم يكن بعيدا عن أجواء وأروقة القمة الخليجية التشاورية التي استضافتها الرياض الأسبوع الماضي، حتى وإن فرح المعارضون وصفقوا بعدها لعدم إعلانها فكرة الاتحاد المرتقب، فهم لم يقرأوا جيدا بين السطور ما جاء في البيان الختامي للقمة، حتى إنهم لم يحاولوا قراءته القراءة الصحيحة بتأن، فقط استعجلوا في الحكم ليأتوا بنتيجة تقترب من أهوائهم وميولهم وأفكارهم الضيقة.. وهي بالقطع أفكار تمليها عليهم انتماءاتهم لأسيادهم قي قم وطهران. فلو كان هؤلاء على أقل قدر من علم التحليل السياسي لاكتشفوا على الفور أن فكرة تدشين الاتحاد الخليجي لم تفشل أو تهملها قمة الرياض، وإنما وضعت في مكانها الصحيح "أوصى قادة دول مجلس التعاون الخليجي في ختام قمتهم التشاورية في الرياض باستكمال دراسة مقترحات الاتحاد الخليجي لمناقشتها في قمة استثنائية تعقد في العاصمة السعودية في وقت لم يتم تحديده إلا أنه سيكون قبل قمة البحرين التي لا يفصلها عنها سوى ستة شهور". ولهؤلاء الذين لا يقرأون ومن ثم لا يستوعبون، استكمل وزير الخارجية السعودي الأمير الفيصل خلال مؤتمر صحفي الرؤية تصريحا ليصحح مفاهيم البعض الخاطئة "انطلاقا من الأهمية الكبيرة للموضوع والحرص على استكمال كافة جوانبه بشكل متأن.. يقوم المجلس الوزاري باستكمال دراسة تقرير الهيئة المتخصصة ورفع التوصيات إلى قمة تعقد في الرياض" في إشارة إلى الاتحاد الخليجي وهو أبرز ملفات قمة الرياض في ظل التهديدات التي تواجهها المنطقة. فكرة الاتحاد ستبقي، وسيبقى معها الأمل.. وللموضوع بقية.
470
| 18 مايو 2012
لم يمر يوم منذ بداية انتفاضة الشعب السوري وإلا سمعنا وقرأنا وشاهدنا مسؤولين عربا ودوليين يطالبون بشار الأسد بضرورة وقف قتل مواطنيه، واخر هؤلاء هو كوفي أنان المبعوث العربي – الدولي للازمة السورية التي يبدو أنها لن تنتهي في القريب العاجل.. واشد ما نخشاه أن يأتي الحل مع آخر رأس لمواطن سوري، وبالتالي لن يجد بشار من يحكمهم سوى عائلته وأنصاره وقادة جيشه. ولكن أن تأتي دعوات من أشخاص يقولون أن مرحلة التدخل العسكري وإسقاط النظام السوري قد انتهت وان الحل لن يكون سوى بالإصلاح والحوار بين السلطة والمعارضة، فهذا كلام اقل ما يوصف بأنه " فارغ".. ولم لا، فالذي تفوه به هو المدعو حسن نصر الله الذي رفض في السابق التحاور مع الحكومة اللبنانية لأنه كان يشعر بأنه أقوى منها بسلاحه الإيراني – السوري.. أما الآن فلم تكن هناك مناسبة معينة ليلقي على مسامعنا وآذاننا هذا الكلام غير العقلاني، ولكنه هنا مجرد بوق لسوريا ولديه رسالة من أسياده في دمشق يريد إبلاغنا إياها مفادها أن حديث التدخل العسكري في سوريا هو احتمال انتهى، ويبرر نصر الله وجهة نظره أو بالأحرى وجهة نظر دمشق التي أبلغته بإرسالها للآخرين.. فالأمريكيون أعجز من أن يحاولوا تسليح المعارضة، وان حكاية إرسال قوات عربية إلى سوريا انتهت، ورأى نصرالله أن إسقاط النظام بالخيار العسكري (من الداخل) أيضا انتهى، والمطلوب حل سياسي. وطبيعي أن ينتشي نصر الله وهو يبلغنا هذا الرأي. كلام نصر الله لم ينته ، لأنه أصبح الناطق باسم الأسد أو بوقه بمعنى اصح، فهو يريد إبلاغنا بان العالم وصل إلى أن المطلوب في سوريا حل سياسي وان على الذين تمنوا سقوط الرئيس بشار الأسد أن يتمنوا شيئا آخر الآن. وتبرير نصر الله لوجهة نظره أن الوضع الإقليمي والدولي تجاوز فكرة الإطاحة بالأسد منذ لحظة وصول كوفي أنان إلى سوريا من دون أن يستند إلى مبادرة الجامعة العربية. هذا يعني أن الأمر انتهى وتجاوز كل الحدود، والمطلوب اليوم لحل الأزمة السورية هو الحوار بين النظام والمعارضة وليس أي خيار آخر. ثم يتحدث نصر الله عن خيار آخر وهو إجراء إصلاحات جدية. وطبعا بإمكاننا معرفة لماذا يدافع نصر الله عن بشار، فهو يرد الدين لمعلمه الأسد الأب في صورة دعم ومساندة الابن. ونترك نصر الله إلى رئيسه السياسي ونقصد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الذي لا يزال يرى أنه سعيد جدا لان المسئولين السوريين يتعاملون مع الوضع " بشكل جيد.. وأمل أن تتحسن الظروف في سوريا يوما بعد يوم". ولعلي أتساءل ومعي الآخرون :" أي وضع جيد يراه نجاد في سوريا والدولة على وشك الانهيار والشعب يقترب من لحظة الفناء على أيدي ترسانة الجيش السوري؟".. ثم يعلن نجاد ووزراؤه أن إيران على استعداد لتقديم المساعدة لسوريا حكومة وشعبا بهدف تجاوز الظروف الصعبة خاصة من أجل عملية إعمار المناطق المتضررة. ومن الواضح أن نجاد وأعوانه لا يرون أو أصبحوا عميانا، فأي عملية إعادة إعمار يتحدثون عنها وسوريا كلها أصابها الدمار والخراب اللهم سوى بعض القصور الرئاسية وأعوان بشار الأسد. وبمناسبة الترسانة العسكرية السورية التي تستهدف فقط المدنيين من الشعب المسكين وليس العدو الإسرائيلي الذي يحتل الجولان منذ 45 عاما تقريبا. فتقارير المنظمات الدولية تشير إلى أن سوريا أنفقت 167 مليون دولار لشراء أسلحة خفيفة وذخائر من أجل استخدامها في قمع المتظاهرين، وأنها استطاعت خرق الحظر الدولي المفروض عليها، وأنها ما زالت تستورد السلاح بشكل رئيسي من روسيا،. وأكدت منظمة أوكسفام أن قسما من هذه الأسلحة كان له دور مركزي في قمع الحكومة السورية المتظاهرين الذين يطالبون منذ أكثر من عام بتنحي الرئيس بشار الأسد. هذا رغم أن سوريا على المستوى الرسمي تعاني اقتصاديا بسبب استمرار الانتفاضة والعقوبات المفروضة على دمشق، فالعنف والنزاع أثرا في النشاط الاقتصادي خصوصاً النشاط التجاري وتدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة. بالإضافة إلى الحظر الأوروبي على واردات النفط الخام السوري، وهو إجراء ذو تأثير كبير في دمشق، التي كانت تذهب 95 % من صادراتها النفطية إلى دول الاتحاد الأوروبي، فيما كانت هذه الصادرات تدر على دمشق نحو ثلث عائداتها النقدية. اللافت للدهشة أن النظام السوري أجرى الانتخابات البرلمانية الأسبوع الماضي قبل إجراء الإصلاحات المطلوبة وكأنه يخرج لسانه للمعارضة وخطة السلام العربية، لأن كل الصلاحيات ستظل في يد رئيس الجمهورية في حالة إجراء الانتخابات في هذا التوقيت، وسيكون مجلس الشعب مثل الشاهد الذي لم ير شيئا، خاصة وانه سيحول الرئيس السوري إلى دكتاتور قانوني تصعب محاكمته أكثر من قبل، ويتحول المجلس إلى مجلس للدمى والتطبيل أكثر فأكثر. فالمعارضة ترى الانتخابات مهزلة وأن المشاركة فيها اقتصرت على مؤيدي النظام، ولذا بدت حملات أغلب مرشحي الانتخابات منفصلة عن الواقع الذي تعيشه سوريا، كما أن المرشحين للانتخابات ليسوا معروفين لدى السوريين، وأغلبهم لم يروهم من قبل، وهذا الكلام ليس من عندنا بل ما نشرته بيانات المعارضة السورية في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي. ثم يتساءل السوريون أنفسهم :" كيف يجري النظام هذه الانتخابات في هذه الأوقات العنيفة والدموية وقد ضحى النظام بأكثر من 11 ألف شخص قتيل غالبيتهم من المدنيين؟". تساؤل آخر يضاف للذي سبقه :" ماذا قدم المجلس القديم للشعب الذي يمثله؟.. وماذا سيقدم المجلس الجديد للشعب الذي يموت؟". إجمالا.. ليس أمامنا سوى الأمل في أن يسقط بشار الأسد، لأنه كلما سقط بسرعة، بات ممكنا لسوريا أن تنجو من حرب مذهبية وحرب أهلية، وكلما استمر النظام معتمدا على الحل الأمني ازداد الدمار في سوريا.
418
| 11 مايو 2012
رغم كل الأحداث التي تمر بها مصر منذ ثورة 25 يناير، لم يكن المرء ليتخيل ولو لثوان معدودة أن تمر العلاقات المصرية – السعودية بمثل هذه الأزمة التي تسبب فيها مواطن لا نقول عليه " نكرة " ولكنه قد يكون ألعوبة في يد الآخرين، وهم الذين يحركونه يمنة ويسارا مثلما حركوا دولا من قبله. وأنا هنا أشير إلى إيران مباشرة في هذه الواقعة التي تألم لها كل عربي أصيل، وبالمناسبة فإن إيران استضافت مؤخرا مجموعة من الصحفيين والإعلاميين المصريين لتجمل صورتها أمام المصريين خاصة بعد الأزمة الخليجية – الإيرانية بعدما زار الرئيس الإيراني أحمدي نجاة جزيرة أبو موسى الإماراتية بالمخالفة إلى الأعراف المرعية في هذا الصدد.. وحاول الإيرانيون الذين التقوا بالوفد الإعلامي المصري تصوير الموقف على أنه مجرد زيارة رئيس لمدينة إيرانية وليست مدينة إماراتية محتلة. أقول إيران وقلبي مطمئن تماما، فإيران خربت لبنان بدعمها حزب الله، ودمرت اقتصاد اليمن بدعمها العسكري والمادي والمعنوي للحوثيين الذين حاولوا أيضاً تخريب العلاقات بين اليمن والسعودية وتدمير مناطق الحدود والهجوم على منشآت سعودية. وقد جاء الدور على مصر الآن، لأن الإيرانيين يخططون للسيطرة على شعبها خاصة في مرحلة الاهتزاز التي يمرون بها، ومن هنا جاءت حملة تحريض خفية لبعض المصريين من أجل بث الفتنة والوقيعة بين مصر والسعودية، على اعتبار أن الدولتين تمثلان قوة عربية ترهب الإيرانيين وغيرهم، والقضاء على تلك العلاقات التاريخية ستمس بالتأكيد هذه القوة، بما يمثل لإيران منفذا مهما وضروريا للسيطرة على المصريين عبر الإيحاء لهم بأنها ستدعم اقتصادهم وستكون لهم عوضا عن السعودية والخليج. ولا يجب أن ننسى الدور الإيراني المحرض في العراق وكيف وقع العراقيون فريسة لمخططاتها وأمامنا أزمة الحكم هناك بين نوري المالكي رئيس الحكومة وبقية الفرقاء ومعهم الأكراد الذين باتوا يمقتون تصرفاته وتشبثه بالسلطة مدعوما بإيران. حتى سوريا صديقة إيران وحليفتها العربية الإستراتيجية لم تسلم من أطماع الفرس، فبات الشعب السوري فريسة سهلة للقيادة الإيرانية التي تحالفت مع الحكم ضد الشعب. وطبعا هذا الدور الإيراني الشيطاني ضد الشعب السوري يتناقض في مجمله مع مطلب السعودية بعدم السماح للنظام السوري بالمماطلة والتسويف في تطبيق القرارات الدولية لحقن الدماء ووقف المجازر اليومية بحق شعب أعزل كل همه هو أن يعيش في سلام وطمأنينة. وإذا كنا نتحدث عن سوريا، فلا يخفى على أحد الدور السعودي العظيم لإنهاء مأساة الشعب السوري وإنقاذه من براثن حرب يؤججها الجيش السوري بسلاحه وذخيرته وترسانته العسكرية الضخمة بما يوقع العشرات والمئات بصورة يومية: فالسعودية تحيطها الأزمات الإقليمية، فالقاعدة تنتشر في جبال أبين في اليمن، وكما أسلفنا فالحوثيون أيضاً يتحرشون بالأمن السعودي بغية إبعاده عن دوره الوطني وتوريطه في أزمات جانبية، ومنطقة الخليج التي على رأسها السعودية دخلت في معترك سياسي ودبلوماسي مع إيران بعد تصاعد أزمة الجزر الإماراتية المحتلة، وكذلك محاولات إيران التي لا تنتهي بإثارة النعرات الطائفية في عدد من دول الخليج. لقد أعجبني تعليق أحد الشباب السعودي على الأزمة العابرة بين مصر والسعودية بقوله إن السعوديين والمصريين شعب واحد يعيش في قطرين، وستستمر العلاقات المتميزة بمتانتها المعهودة عبر الزمان، ولن يوقفها حقد الحاقدين. إن العلاقات السعودية - المصرية علاقات وطيدة وتاريخية قوية لا يمكن أن تتأثر بأي شائبة أو قضية من القضايا، ونحسب لقادة البلدين العزيزين على القلب الإسراع لوأد المناخات التأجيجية المحرضة على إثارة الأزمات بين بلدين تربطهما علاقات تربط بين شعبين قبل البدلين، وأن ما يجري في الوقت الحاضر من شحن لا يمثل الواقع الحقيقي للمحبة السائدة بين شعبي المملكة ومصر. وإذا كنا أسرفنا في الحديث السياسي، فلدينا تعليق مهم للعالم السعودي الشيخ عائض القرني عندما أكد أن ما بين السعودية أرض الحرمين ومهبط الوحي وبين مصر أم الأبطال لا يتأثر بموقف عابر. وإذا كانت الأزمة سياسية أو هكذا تبدو على السطح، فكان من المهم إلى حكمة داعية بحجم الشيخ عائض القرني خاصة عندما يدعو كلا الطرفين إلى التخلي عن التعصب والاختلاف في الرؤى الذي يؤدي إلى الفرقة التي لا يريدها الشعبان. وعلينا أن نحتكم إلى العقل كما قال في رسالته التي وجهها إلى المصريين: "أبعث برسالة من أرض الحرمين ومهبط الوحي إلى مصر أم العظماء والمبدعين والعباقرة والأبطال.. سلام عليكم عدد القطر وتحية عدد الرمل لكل مصري ومصرية، أيها السعوديون والمصريون لا للفرقة أو التعصب أو الاختلاف، فالذي بيننا أكبر وأعظم من أن يتأثر بموقف عابر". وأعتقد أن مملكة البحرين ليست بعيدة عما يجري في عموم منطقتنا، ولعل كلمات صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء تفسر ما تمر به المملكة من مخاطر، فعندما يتهم سموه في مقابلة صحفية حصرية لمجلة دير شبيجل الألمانية أطراف المعارضة بالسعي لتحويل البحرين إلى إيران ثانية، فهو هنا يقول الصدق وينقل ما نشعر به نحن أبناء هذا الوطن. لأن ما يسميه الغرب حراكا سياسيا تقوم به المعارضة ما هو سوى "حراك إرهابي " مدعوم من إيران وحزب الله، وأن ما تتعرض له البحرين هو يماثل تماما ما تواجهه أمريكا مع الإرهابيين، وذلك حسب أقوال سمو الشيخ خليفة. فمن يدعو للعنف والدمار من حرق إطارات السيارات وإلقاء الزجاجات الحارقة على رجال الأمن من أجل ترويع البلد، هو إرهابي بالتأكيد.. ومن يرفض الدعوة للحوار إلا بعد استشارة منظريهم من آيات الله في " قم"، فهو إرهابي.. وحسنا فعل سمو الأمير خليفة عندما توجه بنفسه بسؤال إلى محاوره الصحفي الألماني قائلا: " ماذا سيكون رأي الولايات المتحدة الأمريكية لو طلبت منها الدخول في حوار مع المنظمات الإرهابية كالقاعدة مثلا؟!".. بالقطع، سترفض واشنطن الدخول في مثل هذا الحوار العبثي، ولكننا تجاوزنا تلك العبثية ووافقت الحكومة على إجراء الحوار الذي يرفضه الآخرون أيضاً في البحرين من أجل فرض رؤيتهم ولتغيير مسار المملكة من مجتمع متعدد الثقافات والأعراق إلى مجتمع انغلاقي ظلامي يدين بالولاء فقط إلى إيران التي تشعل النار ووقود الفتنة في كل البلاد العربية تقريبا. فسمو الأمير خليفة تمسك بوضع القرائن أمام محاوره، ليؤكد له زيف ما تدعيه المعارضة من انتهاك حقوق الإنسان في البحرين والتعامل بعنف ضد المحتجين.. وبالتالي عاد سموه إلى أسلوب التساؤل ليرد على محاوره سؤالا بسؤال: " كيف يمكن للشرطة الغربية التعامل مع احتجاجات عنيفة غير شرعية؟! هل يتركون المحتجين لرمي الحجارة وقنابل المولوتوف؟! هل فكر الأمريكيون وحلفاؤهم بحقوق الإنسان عندما خرج المتظاهرون في العراق وأفغانستان؟!". وكما فعلت قلة من المصريين لتخريب العلاقات بين بلادهم والسعودية، لم تتوان قلة هنا بالقيام بنفس المحاولة ولتحقيق نفس الهدف وهو بث الفتنة والوقيعة بين الشعبين.
542
| 02 مايو 2012
مساحة إعلانية
ليش ما يمديك؟! بينما ممداني زهران، الشاب ذو...
17169
| 11 نوفمبر 2025
العلاقة العضوية بين الحلم الإسرائيلي والحلم الأمريكي تجعل...
8613
| 10 نوفمبر 2025
ماذا يعني أن يُفاجأ أولياء أمور بقرار مدارس...
8034
| 11 نوفمبر 2025
في عالم تتسابق فيه الدول لجذب رؤوس الأموال...
7791
| 13 نوفمبر 2025
تستضيف ملاعب أكاديمية أسباير بطولة كأس العالم تحت...
3555
| 11 نوفمبر 2025
على مدى أكثر من ستة عقود، تستثمر الدولة...
2994
| 11 نوفمبر 2025
تشهد الصالات الرياضية إقبالا متزايدا من الجمهور نظرا...
2094
| 10 نوفمبر 2025
تحليل نفسي لخطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن...
1623
| 11 نوفمبر 2025
عندما صنّف المفكر خالد محمد خالد كتابه المثير...
1158
| 09 نوفمبر 2025
يبدو أن البحر المتوسط على موعد جديد مع...
1086
| 12 نوفمبر 2025
شكّلت استضافة دولة قطر المؤتمر العالمي الثاني للتنمية...
1035
| 09 نوفمبر 2025
يشهد العالم اليوم تحولاً جذريًا في أساليب الحوكمة...
894
| 10 نوفمبر 2025
مساحة إعلانية