تشرق شمس يوم جديد، وتغيب شمس الإنسانية، تأخذ معها عتمة وداعِ، سبحان من يدوم مُلكه ولا تفنى عزته وجبروته، سبحانك تفردت بالبقاء، وكتبت الموت على كل حي، رحل الطيبون، رحل الأحبة، ومازال الموت يكشف لي عن قواه وعن حضوره، وعرفتُ أنني سائرُ حيث ساروا، وفاة الملك عبدالله رحمه الله أثر على قلوبنا أجمعين، ستبكيه الأرامل واليتامى، وشعبُ فيه كم غنى وهاما، سلاماً كنت يا أبانا، ويوم الموت نقرؤك السلاما.من أقوال الملك (يعلم الله أنكم في قلبي أحملكم، وأستمد قوتي من الله ثم منكم، فلا تنسوني من دعواتكم) طلبها حياً، فلا تنسوها له ميتاً.رحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز تاركاً خلفه الكثير من الأعمال الطيبة في فترة حكمه ويكفينا فخر أعماله على الصعيد الديني حيث رفع راية الإسلام، وقام بوضع حجر الأساس لتوسعة الحرم النبوي الشريف في تاريخه، وأمر بتوسعة المسجد النبوي ليكفي استيعابه لأكثر من 1.6 مليون مصل، وكذلك أصدر أمرا بتوسعة المطاف بالحرم المكي ليصل استيعابه من 50 ألف طائف إلى 130 ألف طائف في الساعة بتكلفه لا تقل عن 80 مليار تقريباً.. كما نجح في إنشاء مشاريع لتسهيل الحج مثل جسر الجمرات الجديد، وقطار الحرمين السريع للربط بين المدينة المنورة ومكة، وقطار المشاعر المقدسة للربط بين مكة ومنى وجبل عرفة ومزدلفة، إلى هُنا ألا نفتخر بمن رفع راية الإسلام وسهل علينا أموراً بعد الله تعالى..؟ لحظة: بكتك عيون شعبك والمصاب أكبر من التعبير، ونعتك أرض الوطن والحزن يسري في مناكبها، وإنا لله وإنا إليه راجعون.بصمة: اللهم أجر أهلنا في المملكة في مصابهم، ووحد كلمتهم، وأجمع شملهم، واحفظهم من شتات الأمر واحرسهم من نوائب الدهر..

عرسال.. حيث الموت ورائحته، هُناك نجد ابشع القصص اليومية، قصصا من الواقع، نسمع عن أعدادٍ كبيرة ممن لعبت بهم موجة البرد القاسية، ومع الثلوج ماتت طفولة.صور حية تتدوالها الصحف المحلية عن كارثة وظروف مأساوية تمر بها سوريا، في ظل العاصفة الثلجية التي لا تعرف معنى الرحمة، مخيمات عرسال تحكي عن من يسكن فيها، مخيمات لا تُسمن ولا تغني من جوع، مخيمات تفتقر الحماية ولا تستطيع مواجهة العوامل المناخية القاسية فقط تسترهم ولكن لا تُدفئهم، ينتظر سُكان عرسال خيوط الشمس لاستنشاق الهواء النقي، ومنهم من ينتظر كي يجمع من الثلوج ما يفيده للاغتسال بعد قضاء الحاجة، بمعنى واضح ان الماء يكاد ان يكون معدوماً، نسأل الله الرحمة.بينما اتصفح تلك الصحف التي باتت مُملة لي، لما تحمل من أخبار يكاد المرء ان يستفرغ منها، فالقلوب رغم كل شيء لا تستطيع رؤية احوال المسلمين وهي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، ونحن في سُبات نومنا نكاد ان نتذكرهم بدعوة، هناك تجد معنى التضحية، ترى الأب يُعطي إبنه من دفء قلبه كي لا يموت امام عينه كما ماتت الإنسانية من قبل، وأُم تنتظر قطعة خُبزٍ كي تسد جوعها وجوع وليدها، اصبحوا بلا مأوى ولا زاد، إنها كارثة ومأساة يمر بها الشعب الحبيب السوري في ظل عاصفة ثلجية جمدت ارجاء عرسال كما جمدت قلوبنا.. نسألك اللهم الرحمة.تجمد حبر مدادي، ولا اعلم من خلال هذه الاسطر كيف انادي، ضاقت على رحبٍ بهم عرسالِ، والدار خاف خيامهم اطلال، الثلج يثقل خطواتهم فكأنهم اسرى تنقض عيشهم اغلالِ..اخيراً: اللهم كما اكرمت حُذيفة بن اليمان يوم الاحزابِ بالدفء، ادفئهم برحمتك يا ودود يا رحمن.دعوة: اضعف الايمان ان تتبرعوا بقليل من كثير، لأجل عرسال.

حملت جميع أشيائها، نظرت إلينا نظرة احتقار، ذهبت أدراجها ولحقت أخواتها اللائي سبقنها من قبل، وكأنها تقول لا تفرحن فأنتن لا تعلمن ما الذي تحمله أختي من مفآجات، تلك هي كلمات ولحظات سنة 2014.طُويت سنه من أعمارنا، وذهبت أدراجها، أخذت من أفراحنا حتى شبعت، وأعطتنا من الهموم ما (كفت ووفت)، انتهت أعمار وحل السواد على أيامنا، هُناك من اختاره الموت وأبعده عنا، وهناك من تركنا بحجة الظروف ونسانا، ولا زالت بين الحنايا دعوات صادقة (إن يرحم الله من رحل إلى الدار الآخرة، ويُسعد من تحت وطأة الظروف تركنا).ها هي السنة الجديده بُحلتها جاءت، ورحب بها الغرب بطريقتهم الخاصة، أما نحن نسأل الله أن يجعلها سنة خير على الجميع، وأن يحل السلام على الدول التي لم تذق سوى الحرمان، ولكن ماذا أعددت لهذه السنة؟ أهداف السنة التي مضت هل حققتها أم تعطلت عجلة سيرها وانتقلت العدوى إلى هذه السنة، وتزيد عليها حِمل تلك السنة؟ جميلٌ أن تستقبل هذه السنة وترسم هدفا معينا، بشرط أن تسعى لتحقيقه، فصناعة الهدف هو بيدك بشرط اتباع خطوات إيجابية سليمة لتحقيقه، اجعله نُصب عينيك وارفع معنوياتك وحتماً ستنجح. جميلٌ أن نبدأ بأنفسنا ونجدد التوبة ونبتعد عن الذنوب التي لطالما مشينا في طريقها، ونرسم خطة جديدة لهذا العام، ونُرضي جميع من سخط علينا، ونكسب رضا والدينا، كما يجب ألا نهدر ثانية من أعمارنا، بل نغتنمها لتطوير ذواتنا.وأخيراً: جميلٌ أن يكون كل شيء جديد في رحاب هذه السنة، وتفاءلوا خيراً عل الله أن يحقق لنا جميع الآمال التي توقفت مع غياب 2014.بداية جديدة لسنة جديدة نسأل الله أن يجعلها سنة خير علينا وعلى الأمة الإسلامية.

هو شعارنا لليوم الوطني، والكثير لا يعرف معنى الشعار، واليكم..يُذكر سبب هذه القصيدة أن الشيخ قاسم آل ثانى ارتحل من مدينة الوكرة او الدوحة بقطر، وسكن بقرية اسمها (الظعاين) لأمر رأه من المصلحة للوطن والرعايا، وأحدثت عزلته فتناً فى البر والبحر من الأعراب، وأراد الله أن ينهب البعض مال أحد تجار البحرين فى البحر، وكان مال الشيخ قاسم فى بلاد البحرين من قديم الزمان، فأخذوا منه مقابل ما نهب البدو أو زيادة، فقال هذه القصيدة.وفيها يتحدث الشيخ قاسم عن تغيّر الدار بعد رحيله، وعزلته الناشئة من جنوحه للسلم لا غير، ومجيء الخبر له بمصادرة بعض أمواله فى البحرين، وهو مال من كسب حلال تخرج زكاته، ويستغرب ذلك، وينهى قصيدته بالفخر، والدعوة للتمسك بأهداب الدين الفضيل، وعدم موالاة الكافرين.بدأت الاستعدادات للاحتفال باليوم الوطنى وهو اليوم الذى تأسست فيه قطر على يد المؤسس الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني، رجلٌ عظيم لم نعاصره ولكن يشهد التاريخ بمواقفه المليئة بالعزة والمكارم، وتأبى السطور وتخوننى العبارات فى وصف مناقبه، فللأخلاق دورٌ بارز فى سيرة الشيخ قاسم، وكم لنا الفخر باللجنة المنظمة للاحتفالات اختيارها الجميل لهذا الشعار، كان رحمه الله اميراً جليلاً تقياً ورعاً وزاهداً، كان اسطورة فى ذلك الزمان، رحم الله الشيخ قاسم وطيب ثراه.عروس الخليج تستعد اجمل استعداد وتلبس الحُلة الجديدة لتبهر الأنظار، احتفالنا بهذا اليوم هو احياء ذكرى استقلال دولتنا الفتية، وهو اليوم الذى نؤكد فيه على هوية الدولة وتاريخها، فى هذا اليوم يتم التعبير عن مشاعر الوفاء والحب والامتنان للشعب الكريم الذى اقسم على الولاء والطاعة لأميرها القائد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.بصمة: الهدف من الاحتفالات هو التعريف بتراث قطر، وتعزيز الفخر، وهى فرصة للتعرف على مؤسسى دولة قطر، فقد تحملوا المشاق والصعاب لتحقيق وحدة قطر، وأبسط ما نقدمه لتلك الجهود هى الذكرى والسير على نهجهم بكل فخر.أخيراً: كل عام وأنتِ مجد العرب يا قطر...

الصداقة هي من أسمى العلاقات الاجتماعية ، أساسها الصدق والمودة ، تجعلنا نشعر باحتواء أشخاص اختارهم لنا الزمان دون تخطيط وسابق إنتظار بشرط ان تكون صداقة خارج نطاق المصلحة.الصداقة هي ليست مجرد كلمة بل علاقة تربط القلوب والوجدان ، هي فوق جميع المعاني ، تسرح في الأفق ، فنتوق لتحقيق السعادة بيننا وبين من اخترناهم ليكملوا معنا حياتنا ويبصموا في الوجود بصمة حب ، هي تلك العلاقة التي لا تغيب مع غروب الشمس ، ولا تتغير مع تغير الفصول ، تبقى شامخة وقوية كقوة الجبال ، باختصار هي لا توزن بميزان ولا تُقدر بأثمان ، كلمة صغيرة في حجمها ومضمونها ، لكنها قوية قي معانيها ، علاقة انسانية راقية ، هي روعة الترابط الحسي والنفسي ، هي إحدى الصفقات التجارية التي تتم بين الأطراف بشرط وجود التفاهم وتبادل الإخلاص والثقة المطلقة.اعلم ان الصديق الذي ينصحك ويأخذ بيدك نحو الخير (لا يُعوض ابداً) فلا تخسره مهما طال الزمان او قصر ، فصديقك من نصحك ، إعلم ان الذي يسعى ليأخذ نصيب من همك ، ويخفف حزنك (لا يعوض ابداً) ، وتأكد ان الذي يعيش بلا اصدقاء حياته لا معنى لها ، فهي العملة النادرة فقط عند من يعلم كيفية الإحتقاظ بها ، فالحياة مع الاصدقاء حياة عظيمة.بصمة:صديقي وجهك ذلك الوجه الذي لا يصدأ ، وروحك تلك الروح التي لا تفنى ، فكن كما عاهدتك ، صداقتك تعني اساس كمال الحياة، صحبتك كالطيب المُعطر يفوح عبقاً في أرجاء المكان ، معك يتبدد الظلام ، وانسى الهم والاحزان ..

لقد أمرنا الله تعالى في كتابه الكريم بفعل الخيرات وأنها من صفة الأنبياء، إذ قال (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين) وفي آية اخرى (يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين ) صدق الله العظيم.إن عمل الخير له أبواب كثيرة وطرق جليلة، ومنافع عديدة تجد ثمارها في الدنيا قبل الآخرة، وهو سبب لتفريج الكربات، وإن وقعت في ضيق وهم فاسأل الله وادعوه بها، تجد الفرج قريبا منك، فلا تشغلك الدنيا عن هذه الأعمال..من الأعمال المألوفة التي تحبها النفس ويرضى بها الرب (الصدقة) فهي تطفئ غضب الرحمن، كم هو جميل أن تتصدق يومياً بما يوفقك الله اليه، وسترجع اثار الصدقة بالفائدة عليك:1 — تكسب رضا الله 2 — يطرح الله البركة على مالك ويزيدك. ولا تنسى ما نقص مال عبد من صدقة، إذن انت في أمان وفي زيادة مال بفضل تلك الصدقة التي اخرجتها لوجه الله، وبلا شك تكون صلتك بالله دائمة لا تنقطع، ويبارك الله لك في حياتك وقد تكون من نصيبك (حسن الخاتمة) وهو ما نطمع له ونسأل الله القبول..وهناك فائدة عامة على كل فعل خير تقوم به كما قال اشرف خلق الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم "إذا مرض العبد أو سافر كُتب له مثلما كان يعمل مقيماً صحيحا"، إذن لعذرٍ طارئ مر على حياتك ولم تستطع القيام بما كنت تعمله لوجه الله فإنه يُكتب لك مثل ذلك العمل وتُثاب عليه كما لو كنت تفعله، فاغتنم أيامك وشبابك وافعل من الخير ما يفيدك في البرزخ..وكما قيل خير الكلام مما قل ودل:لا تنس ان تحمل معك بعض الخير، تنثره اينما حللت، ولا تلفت له فعبق عبيره سيتبعك اينما ذهبت.اسأل الله ان يوفقنا لفعل الخير، وأن يتقبل منا.

الإهمال وعدم الانتباه، الاستهتار وعدم المبالاة، السرعه الزائدة إلخ... كلها من اسباب فقداننا لشباب اليوم تحت اسم (الحوادث)، كل يوم نسمع بحوادث الأبناء وهم في ريعان شبابهم، ولم تبصر أعينهم جمال الدنيا بعد، فاحتضنهم الموت ويا لخسارة العمر الذي ضاع بسبب السرعة والتهور..لا بأس ان تكون هذه قضية نُسخر لها جهودنا ونبحث عن حلول لها في متابعات ومؤتمرات، فابناؤنا هم فلذات أكبادنا ولابد من وجود حل جذري للتخفيف من الحوادث.. ويجب المبادرة بتنظيم فعاليات ودورات تدريبية لتوعية الشباب بمخاطر السرعة وذلك للحد من حوادث السيارات، وما هذا إلا واجب وطني لأنهم مستقبل الوطن..ازدادت السرعة في الآوان الاخيرة، بسبب (هوس وطيش) واستهتار شباب مراهقين، الاستعراض لعب بعقولهم الصغيرة، ومنهم من يتفنن في انواع الحركات المميتة وتقع الكارثة، منهم من تحيطه رحمة الله ويبدأ حياته من جديد تحت ذكريات مؤلمة، ومنهم من يعيش وقد شُلت بعض اركانه، واخر تبتر من اعضائه ما قد تبتر، اهذه الحياة التي تبحث عنها وكنت مستعجلاً للحاق بها؟ ام كنت جاهلاً عن مصيرك وما قد سيحل بك؟في الناحية الأخرى نرى ابناء قد تيتموا بسبب طيشك، ووردة حياة الزوجة قد ذبلت وها هي ارملة، وام قد انكسر غصن حياتها، ووالد يعاني من شدة هول المواقف، ولسان حاله يقول (ماعاد يرجع ماضي العمر لا طاف) وانت السبب في موت احلامهم، فكر اخي يا من تتهور وتسرع، وتتحدى الزمان والمكان، ان كانت روحك لا تعني لك شيئاً فهي تعني لاسرتك، فرفقاً بهم...نرجو المبادرة بتوعية شبابنا، فهم بالرغم من كبر اعمارهم لا زالت عقولهم صغيره إلا من رحم الله.

إن شهر الله المحرّم شهر عظيم مبارك وهو أول شهور السنّة الهجرية وأحد الأشهر الحُرُم التي قال الله فيها: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }التوبة36وعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : .. "السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ "ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ" ....وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ . " ، وفي هذا الشهر يُستحب صيام (تاسوعاء وعاشوراء ) ، قال النبي عليه الصلاة والسلام ( صيام يوم عاشوراء احتسب على الله ان يكفر السنة التي قبله ) ، وهناك حديث اخر ان النبي عليه السلام رأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال : ماهذا؟ قالوا يوم صالحُ هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم ، فصامه موسى .. قال فأنا احق بموسى منكم (فصامه وأمر بصيامه).في قوله تعالى {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ } جعل ارتكاب الذنب فيهن عظيماً والعمل الصالح له أجرأعظم ، فالله تعالى يعظُم من امره ما يشاء (عظم ليلة القدر على الليالي فجعلها خير من ألف شهر ، كما عظم شهر رمضان وخصه بالصيام حيث نزل القرآن في هذا الشهر ، واصطفى من الكلام ذكره ومن الايام يوم الجمعة ... فعظموا ما عظًم الله تعالى). اصطفى الله من الزمان والمكان ما شاء:قال العز بن عبدالسلام رحمه الله : وتفضيل الأماكن والأزمان ضربان : أحدهما دنيوي ، والضرب الثاني : تفضيل ديني راجع الى أن الله تعالى يجود على عباده فيها بتفضيل أجر العاملين ، كتفضيل صوم رمضان على صوم سائر الشهور ، وكذلك يوم عاشوراء ، ففضلها راجع الى جود الله وإحسانه إلى عباده فيها ) انتهى.وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " صيام يوم عاشوراء ، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله . " رواه مسلم 1976 ، وهذا من فضل الله علينا أن أعطانا بصيام يوم واحد تكفير ذنوب سنة كاملة والله ذو الفضل العظيم.

طويت سنة من أعمارنا بما فيها من هموم وافراح، كانت كالرواية، فيها فقدنا من فقدنا، وتناقضت ايامنا (فرحنا ثم بكينا)، تلك السنة دفنت ذكريات قد لا ننساها ولكن يجب (تناسيها)، وبنسمات باردة وطيور مهاجرة اعلنت الايام دخول (1436)، وعلينا ان نستقبلها بالتفاؤل والمحبة.. وما ان دخلت هذه السنة الجديدة استيقظ في كياني ذكرى الامس حاملاً معه ذكريات من كانوا بجوارنا، ملأوا ارجاء بيتنا بضحكاتهم وكلماتهم، اخذوا زاوية من قلوبنا، وسطروا في اعماقنا ملامحهم، هم تلاشوا من الأرض وفنوا، ولكن بقيت ايامهم ولم ننسها... كانوا كالشمعة يضيئون ايامنا، وكالشمس زينوا سماءنا، اليوم اجدهم تمطوا صهوة السنوات في غيابهم، ليت الزمان يعود للوراء كي نقبلهم قبل ان يغادروا هذه الارض، اللهم لا اعتراض على قضائك تحن لهم القلوب وتدمع من أجلهم الاعين، وليس بيدنا (غير الصبر)، فهو ملاذنا... مع بداية هذه السنة المح طيفهم واسمع خطاهم واصواتهم في ارجاء بيتي، واتذكر كل لحظة قضيتها معهم، تنطلق صدى اصواتهم من الجدران، لتغرز قلبي الذي لا يقوى على فراقهم، وكأن بالأمس كانوا قريبين من ناظري... هكذا هي الحياة، لا احد بيننا يدوم، نسأل الله ان ينقضي هذا العام ونحن نتقلب بين السعادة والنعيم، وبين طاعته ونيل مرضاته، ولا نعلم هل نُكتب ممن يصوم رمضان هذه السنة يحج ويعتمر، ام اننا ننتقل لتلك الدار التي ما زلنا نبحث لنا عن زاد ينقلنا لجنة الرحمن ويبعدنا عن سخطه والنار، هي الحياة انتهز فيها ما يزيد كفة اعمالك الصالحة. بصمة: سنة جديدة (هلت) لنغير فيها نفوسنا، ونعتبر من تجارب سنة (رحلت).

منذ ايام زفت لنا مكه حجاج بيت الله الحرام، استقبلتهم وهم على ذنوبهم وهاهي تودعهم وقد غفر الله لهم تلك الذنوب، كم هي رائعة نعمة الاسلام، لكل من حج بيت الله الحرام اهنئكم بأن الله قد اختاركم من ضمن الملايين لتحلوا ضيوفاً عليه، فكم انتم محظوظون، اذن لكم بزيارة بيته ولم يأذن لغيركم، اليست هذه نعمة عظيمة تستحق الشكر والثناء على الله؟ تخيلوا كم من مريض لم يستطع الذهاب لاداء ركن الاسلام الخامس، وكم من إمرأة لا تجد محرماً، وهناك فقير لا يجد نفقة الحج وتجد قلبه متفطرا بالشوق لتلك الزيارة، افلا شكرتم الله تعالى لاختياره لكم وقد سهل عليكم كل السبل وصعبت على غيركم؟.اخي الحاج: أعشت ايام الحج كما يريد المولى تعالى، ام كنت مجرد جسد يطوف ويؤدي الشعائر ولا يستشعر؟ ففرق بين الاثنين، هل استشعرت دفء كل بقعة من بقاع مكة وتذكرت ان ابراهيم عليه الصلاة والسلام كان هنا منذ قرون ودعا لنا بالخير؟ أتذوقت طعم الصبر الذي قال عنه اسماعيل عليه السلام (ستجدني ان شاء الله من الصابرين)، ارأيت ان الصبر على اداء هذه المناسك يحمل الخير؟ انزلت دموع الحسرة والندم وغسلت قلبك على ما قد ضاع من شبابك وانت لاهٍ بين مغريات الدنيا؟ أعزمت الا ترجع لكل ذنب يغضب الله تعالى؟ هل اخذك الحنين لأن تقابل الله تعالى وانت بين اداء المناسك ورضا الرحمن تتسابق؟ كل تلك المعاني اتعني لك شيئاً؟هل الححت على الله واعترفت بتقصيرك وزلاتك؟ هل اردت الصفح منه جل جلاله على ماضي ايامك، ام بعد العودة سترجع كما كنت؟. اجعل هذه الحجة عنواناً لتغيير حياتك، تقرب الى الله بالطاعات ولا تجعله موسماً وانتهى، بل اجعل همك الآخرة.وقفة:استشعر معي حين طوافك بالبيت المعظم، اجعل في حياتك طوافاً حول كل امر تافه وله لا تبالي، وتذكر حين كنت تشرب من ماء زمزم ان بعد كل عسر يسرا، هكذا كانت هاجر رضي الله عنها في شدتها وتعبها تسعى بين الصفا والمروة الى ان اذن الله لماء زمزم ان يتفجر وتروي به ظمأها وابنها، وبقي الماء الى يومنا هذا، من هنا تعلم (إن بعد العسر يسرا)، والليل يغيب ولابد للشمس ان تشرق ولو بعد حين.كانت ايامك العشرة مليئة بالروحانيات والقرب من الله، وهنيئاً لمن مات ملبياً، اسأل الله تعالى ان يكتب لي حجاً لبيته العتيق انه على ذلك قدير وللدعوة مجيب.ها قد عدت ايها الحاج كيوم ولدتك امك، ابتعد عن كل ما يُغضب ربك، فالنعمة تحتاج للشكر لا الجحود والنكران، وتخيل انه لو ساعدك احدهم يوماً ولبى لك مطلبك، اتفكر كيف تغضبه ام ستعيش مدى الدهر تشكره، فالله اولى.لا تطمع أن تقص على اهلك وابنائك هذه الرحلة التاريخية العظيمة، اجعلهم يعيشون روحانياتك وذكرياتك في تلك البقاع، وبين لهم ان الشوق مازال في قلبك وحبذا لو يعود الوقت للوراء وتعيش هناك بتلك المشاعر، لعل بشوقك يعزم احدهم وينوي على اداء الفريضه وتأخذ بذلك الأجر.لحظة:الدنيا قافلة فيها المتعجل والمتأخر، فمن تعجل (فلا إثم عليه)، ومن تأخر (فلا إثم)، والعبرة (لمن اتقى)، فانتهاء رحلة الحج كانتهاء رحلة الحياة..بصمة:أسمى آيات التهاني والتبريكات اقدمها لكل الحجاج وأسال الله ان يتقبل منهم حجهم، ويغفر لهم ذنوبهم، فحج مبرور وذنب مغفور، وكل عام وانتم بخير.

عشر ذي الحجة فيها تجتمع أمهات العبادات كلها، صوم، صلاة، صدقة، حج، تكبير واستغفار، هي الليال العشر التي أقسم الله فيها في سورة الفجر ( والفجر وليال عشر )، (واخجلاه لو ننام بملء أجفاننا عن أيام أقسم الله بها )، فقد أقسم- جل جلاله - بها تنويهاً بشرفها وعظيم شأنها، فهذه أفضل الليالي التي تمر على المسلمين لما فيها من الفضل الكبير، بادر أيها المسلم إلى عمل الصالحات فالأجور تتضاعف، لا تكن من الغافلين والغارقين في المعاصي، عش اللحظات الدافئه في ظل الطاعات والعبادات، استشعر قربك من الله، ومناجاتك له، لا تترد في تجديد توبتك والعزم على ترك ما لا يرضي الله، واعمل كما قيل صالحاً لنفسك فلا يزال في الأيام فرصة لمن تحركت فيه همم الشوق إلى الجنان .هناك فضائل لهذه العشر ومنها 1- أن الله- تعالى- أقسم بها ولم يقسم بغيرها من الليالي(والفجر وليالٍ عشر ) .2- أمر الله بالتكبير فيها والتسبيح والتحميد، وهذا حديث النبي -عليه السلام- خير دليل (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد). 3- فيها يوم عرفة فقد سن صيامه لغير الحاج، لما فيه من الاجر العظيم لقوله -عليه الصلاة والسلام- (صوم يوم عرفة يكفر سنتين، ماضية ومستقبلة) .4- ومن فضائلها أنها أفضل من الجهاد لقوله -عليه الصلاة والسلام- ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب الى الله -عز وجل -من هذه الأيام، يعني العشر، قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله، قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ) .أيام ذي الحجة (أفضل ما قيل فيها وعنها ) استغل مواسم الطاعة وحط بها ركابك ! تزود وخذ من التقوى ما يكيفيك لأن تصل للجنة، املأ ثوانيها ذكراً واغمرها عطراً تكن لك عشر جنات وارفات، اغتن ثم اغتنم وأكثر من الدعاء (اللهم اجعل الآخرة همي ) .ارسم خطتك واعمل الصالحات واسال الله بقلبٍ مخلص القبول، هذه الأيام النهار فيها قصير، والجو جميل ولا يشعر الإنسان فيها ربما لا بجوعٍ ولا عطش فما رأيك أن تصوم التسع كلها، إلى الذين فاتتهم الأرباح في رمضان، فدب في نفسوهم اليأس من رضا الرحمن، وخمدت في قلوبهم جذوة الإيمان أبشروا، ها هي العشر المباركات (فشمروا) .أنت تعيش هذه العشر من ذي الحجة إذاً احمد الله -تعالى- عليها، لأنك أدركت مواسم الطاعات والأجور المضاعفة، حين يجهز الحجاج حقائب سفرهم لمكة، فجهز أنت قلبك للسفر إلى الله -تعالى- .بصمة هذه العشر قد تكون ميلاداً لقلبك، وبصائر تهدي أيام عمرك كله فلا تضيعها .

وما فقد الماضون مثل محمدٍ...ولا مثله حتى القيامة يفقد...(اعظم بيت ٍ في الرثاء — لحسان بن ثابت )، محمد بن عبدالله، أعظم من خلق الله وكيف لا وقد اصطفاه الله تعالى على بني آدم، وجعله خاتم النبيين، أخرج الله به الناس من الظلمات الى النور، وهداهم الى صراطٍ مستقيم، بحق محمدٍ أهناك رجل أعظم منه، لا (بالله وتالله) لا يوجد أعظم من هذا النبي الذي قضى عمره في خدمة الدين والبشرية، رجل لم تنجب مثله رحم امرأه، ويكفي أن الله تعالى مدحه وقال (وإنك لعلى خلق عظيم)، واليوم كم منا يفتقد للخلق العظيم، قال النبي عليه السلام عن نفسه (أدبني ربي فأحسن تأديبي )، ولا ننسى قول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها حين سئلت: كيف كان خلق رسول الله؟ قالت (كان خلقه القرآن)، أي كانت كل خصلة خير في القرآن هي في رسول الله صلى الله عليه وسلم.كان النبي عليه الصلاة والسلام نعمة لنا أجمعين، ألا يحق لك أن تصلي وتسلم عليه في اليوم مائة مرة، ام انه تعب ومشقة عليك؟ كم منا ينسى الصلاة على خير الأنام؟ أنسيتم أن صلاتكم عليه هي محور شفاعة لكم يوم الدين، أنسيتم انه بالصلاة عليه يخفف الله جل جلاله همومكم ويستجيب دعاءكم، وقد ربط الله تعالى قبول الدعاء وجعل من أولوياته البدء (بالصلاة على نبيه)، وقبل أن تختم دعاءك تصلي عليه، وما جعل ذلك إلا لعظمة النبي عليه الصلاة والسلام...عُرف عنه صلى الله عليه وسلم (الجود والكرم والسخاء)، وتراودني قصة رجل أتى النبي عليه السلام فسأله (أي طلب منه) فأمر له بغنم بين جبلين، فأتى قومه فقال: أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة)، فلماذا لا ننفق مثله أم اننا فعلاً نخشى الفاقة؟تعلمنا من سيرته صلى الله عليه وسلم الشيء الكثير، ولكننا حتى القليل لا نفعله ولا نقتدي به، كم يؤسفني أن أرى بعضا من المصلين يصلون الفرض ويتركون السنة، أوليست هي سنة الحبيب فلماذا تتركها؟ يؤسفني ايضاً أن أرى من يجلس امام اجهزة التكنولوجيا 24 ساعة ولا يفكر بأن يجعل له نصيباً من الصلاة على حبيبه المصطفى، وما يؤسفني اكثر اننا نقول (بأبي أنت وأمي يا رسول الله)، ونسينا كل ما كان يأمرنا به، إلى الله نرفع شكوانا فهو حسبنا ووكيلنا..أتعلم عن علو منزلة محمد عليه السلام ورفعة مكانته وذكره، أتعلم معنى الآية الكريمة: (ورفعنا لك ذكرك)، قيل إنه إذا ذُكر الله تعالى ذكر معه محمد صلى الله عليه وسلم (كما في الاذن — لا إله الا الله، محمد رسول الله)، وهذا تقرير من الله إذ قرن اسمه بنبيه عليه السلام، لعظيم مكانته وشريف منزلته وكرامته عليه..اتخذه الله خليلاً اي حبيباً، فهو حبيب الله تعالى، وكما جاء في حديث ابي هريرة رضي الله عنه، من قول الله تعالى لنبيه عليه السلام: اني اتخذتك خليلاً، فهو مكتوب في التوراة، انت حبيب الرحمن، والحبيب بشره الله (يوم لا يُخزي الله النبي) فابتدأ بالبشارة قبل السؤال.لن تكفي بضعة سطورٍ للكتابة عن سيد الأنام، ولكن اذكركم ونفسي ان لم نستطع التحلي بأخلاقه فلا يجب ان ننساه بالذكر والصلاة عليه، ففي هذه الصلاة فائدة لنا، اقرأ كتباً في فوائد الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم، وتعلم أن فيها لكل داءٍ دواء..