رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
نظرا لما تعانيه لغة الضاد من ظلم وتهميش في الفضاء العربي، ولمواجهة غربة أجيالنا عن لغتهم الأم، ينبغي التحرك في كافة الاتجاهات ضمن منظومة شاملة على مستويات التعليم والإعلام والعلاقات الأسرية والاجتماعية لتبصير الناشئة والشباب بقيمتها، باعتبارها هوية الأمة، وحاضنة تراثها وثقافتها، ولتمكينهم من مهاراتها المختلفة: قراءة نصوصها والكتابة بحروفها، وفهم ما يسمعونه منها، والحديث بلسانها الفصيح، لتنشأ لديهم السليقة منذ نعومة أظفارهم، وصولا بهم إلى تذوق جمالياتها، إضافة إلى تقديم معالجات لبعض الظواهر التي طبعت كثيرا من الممارسات في تعاملهم اليومي مع محيطهم بالتوازي مع تطور تقنيات الاتصال.ولعل من أهم الإشكالات التي ترتبط بهذا الواقع المرير التي جعلت لغتنا العربية الشريفة غريبة في أوطانها وبين أهليها تتمثل في:ـ إعلاء شأن بعض اللغات الأجنبية كالإنجليزية والفرنسية على حسابها، حتى صار الكثير من أبنائنا أكثر إجادة لها، وتمكنا منها، واستقر في عقولهم أنها لغة العصر والتقدم والتحضر، وما ذلك إلا بسبب جعل هذه اللغات الإفرنجية لغة التعليم في المدارس والمعاهد والجامعات، وأداة التواصل والتخاطب الشفهي والكتابي في الدوائر والأعمال الوظيفية في القطاعين العام والخاص. ـ إشكالية الازدواجية بين الفصحى واللغات المحكية المختلفة، وتنتصب هذه المشكلة أمام تلاميذنا العرب الذين يدرسون بالعربية عند دخولهم المدرسة ،لأنهم يكتشفون بأنهم يتعلّمون المعرفةَ بلغة ( فصحى) لم يُتقنوها ولا يُمارسونها إلا في أثناء القراءة والكتابة، ففي بيئاتهم الأسرية لا يتكلمون إلا العامية ، والأعجب منها أن تكون لغة الخطاب السائدة في مدارسنا هي العامية حتى من قبل المدرسين، ولغة الكتاب والدراسة هي الفصحى.ـ الهجائن اللغوية التي تجمع بين العربية والإنجليزية أو بين العربية والفرنسية أو بين العربية واللغات الآسيوية على مستوى التخاطب، أو بين كتابة الكلمات والمعاني العربية بالحروف اللاتينية على مستوى التواصل الإملائي خصوصا عبر وسائط الاتصال الحديثة كالهاتف الجوال وشبكات الحاسوب والإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي وما يلوذ بها. ـ طرائق تدريس اللغة العربية ومناهجها والتي تحتاج لإعادة نظر ، وإلى مزيد من التطوير والجاذبية في المضمون والإخراج ، بدءا من رياض الأطفال وحتى الجامعة، والتي لا تصل بواقعها الحالي لتقويم لسان الطالب رغم ما يدرسه من نحو وصرف، ولا إلى إتقان الكتابة رغم دراسته للإملاء ، ولا إلى حسن التعبير والصياغة بالشكل الجيد رغم كتابة مواضيع التعبير والإنشاء، ولا إلى تذوق النصوص شعرا ونثرا ،رغم ما يدرسه من أدب وبلاغة . وإزاء هذا الواقع المعقد، وبحثا عن مقاربات علاجية شاملة له، أكدتُ في مقالات سابقة لي ـ وما زلت ـ على ضرورة تنظيم حملات وطنية على مستوى الأقطار العربية تشترك فيها الأسرة والجهات التربوية والإعلامية والدينية والشبابية معا في إطار تكاملي لإحياء العربية الفصحى في واقع الأطفال والناشئة والشباب ، ونظرا لتعذر ذلك ـ حتى الآن على الأقل ـ بسبب عدم تبنيه من قبل الجهات الحكومية العربية فعليا فإن أي مبادرة تصب في هذا الاتجاه ستكون ذات نفع كبير، وهي تستحق كل التقدير، مع التأكيد على أمرين مهمين: البدء بذلك من نعومة الأظفار واعتماد أساليب المرح واللعب في هذا الجانب ، واستثمار التقنيات والتطبيقات الإلكترونية وشبكات الاتصال الحديثة نظرا لأنها صارت جزءا من حياة الناس.
1338
| 18 يناير 2017
اعتاد الناس أن يحسبوا أعمارهم، وخبراتهم بعدد السنين، وشتان بين حساب الأعمار والخبرات بعدد السنوات وبين حسابها بحجم الإنجازات.حتى وإن افترضنا أنه لا مناص من حساب كميّ تعارف عليه الناس، لضبط أعمالهم وتوقيت حركتهم، فإنّ الحساب النوعي سيكون هو الأهم لأنه سيكون الأكثر تأثيرا في حياة الناس أفرادا وجماعات ومجتمعات، نظرا للفرق الذي تحدثه الإنجازات المهمة.ولا يُخلَّد الناس، ويرتفع ذكرهم بين الخلائق بطول أعمارهم، وإنما بأعمالهم الجليلة، وخدماتهم النافعة، وأدوارهم المؤثرة، وآثارهم المفيدة، فهذا أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قاد جيش المسلمين وعمره 16 عامًا، وفي الجيش أبو بكر وعمر وكبار الصحابة، وذهب لمحاربة أعظم إمبراطورية في ذلك الزمان (الروم). وأبوالقاسم الشابي الذي عرف بشاعر الخضراء (تونس) وبقصيدته المشهورة: "إذا الشعب يوما أراد الحياة". مات عن عمر يناهز 25 عاما فقط، ومحمد بن القاسم الثقفي فتح الهند والسند وعمره 17 عامًا، وخاض 12 معركة في سنة واحدة، وانتصر فيها كلها، ومصطفى كامل قاوم الإنجليز وهزّ إنجلترا، ومات وعمره 33 عاما، وزيد بن ثابت أسلم وعمره عشرة أعوام، وعلّمه النبي القرآن وعمره 12 عامًا، ثم تعلّم العبرية وعمره 14 عامًا، وأصبح مترجم النبي وعمره 16 عامًا، ثم أصبح ممن يكتبون الوحي بين يدي النبي وعمره 17 عامًا، ثم أصبح مسؤولًا عن المواريث وعمره 19 عامًا، وجمع القرآن وعمره 21 عامًا. ومعلوم أنه لا يتحقق هذا الأمر إلا بالهمة العالية والطموح الكبير، واهتبال الوقت والحرص عليه، وكما جاء في كتاب "قيمة الزمن عند العلماء" أنه: "بالحفاظ على الوقت تزخر الآثار، وتطول الأعمار، ويبارك الله تعالى في الأزمان الوجيزة والأعمار القصيرة، والله يؤتي فضله من يشاء، وهو ذو الفضل العظيم".حديثنا عند تصرّم عام ودخولنا لعام جديد/ 2017 ينبغي أن يتناول هذه المعاني، وألا يقتصر على احتفاء بليلة كليلة رأس السنة أو تبادل التهاني في اليوم الأول للعام، وإنما ينبغي أن يركّز تكريم المنجزين من حولنا على مستوى الأسر والوظائف وعلى مستوى الدولة والمجتمع والأمة، في حياتهم ـ وهو الأولى ـ أو بعد مماتهم، وتخصيص جوائز مجزية باسم شخصية العام، والعزم على اللحاق بهذا الركب، ولن يعدم الإنسان أبوابا ومجالات يمكنه أن يتميز بها، فيما لو جدّ واجتهد. ويزداد هذا الأمر أهمية في ظل الكوارث والأزمات والظروف الطارئة كما الحال في أكثر من بلد عربي لاسيَّما سوريا، فالمطلوب من النازحين واللاجئين التحدي والتميز لمواجهة الصعاب وتحقيق الذات، وقد قرأت عن أطفال وشباب سوريين لاجئين تفوقوا على أقرانهم من أهل البلاد التي لجأوا إليها، وتميّزوا في المجالات التعليمية والمهنية، والمطلوب التميز كذلك في خدمة هذه الشرائح وابتكار طرق تطوعية إبداعية لتقديم المعونات والمناصرة والدعم لهم ولأطفالهم، وإيجاد حلول للمشاكل التي تواجههم، نظرا لأهمية ذلك تنمويا وإنسانيا. وليكن شعارنا أننا نكبر بتميّزنا ونجاحنا وخدمة مجتمعاتنا وأمتنا، وبعلمنا وخبرتنا وقدراتنا ومواهبنا، ولنفتح أبوابا للنور الأمل والعمل المثمر والبناء ولنأخذ بروح المبادرة، ونتفاءل بالخير، وألا ننكفئ على أنفسنا مهما كانت الأحداث جساما والمصائب جمة والمعاناة كبيرة، حتى لا نصاب بالإحباط أو القنوط أو الهزيمة ونجمد مكاننا، وكلما غيّرنا من أنفسنا تغيرت الظروف من حولنا نحو الأفضل، فتلك سنة من سنن الله سبحانه: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، والأمور لا تبقى على حالها بحسب سنة التدافع: {وتلك الأيام نداولها بين الناس}. الحياة لا تستقرّ على حال، بل هي في حركة دائمة وعلينا اغتنام دورانها لصالحنا، وتسخير كل من حولنا لصالح الإنسان الذي كرمه الله ليعمر الكون، بما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
19588
| 04 يناير 2017
ما زال الحديث عن ثقافة العمل التطوعي، وإصدار الأدبيات العربية الخاصة بالعمل الإنساني والخيري، والتوعية بشأنها والترويج لها محدودا ونادرا رغم أهمية هذه الجوانب، ولا تزال الفجوة المعرفية المرتبطة بذلك كبيرة تحتاج لملئها من قبل الباحثين والمهتمين والجهات الشبابية والمؤسسات ذات العلاقة، خصوصا أن العمل التطوعي يعدّ علامة على رقيّ المجتمعات وازدهارها ، ورافدا من روافد تنمية المجتمعات ودعم عجلة النهضة فيها.وعطفا على ما سبق؛ يحسب لمؤسسة إنسانية قطرية هي "قطر الخيرية" أنها أخذت زمام المبادرة في هذا الشأن على مستوى دولة قطر بإصدارها ثلاثة كتب دفعة واحدة، بالتزامن مع معرض الدوحة الدولي للكتاب 2016، فضلا عن اشتراكها في تنظيم ندوة تناولت المفاهيم النظرية والعملية في جانب ثقافة العمل التطوعي. الكتاب الأول عنوانه : " تجارب شبابية في العمل التطوعي" ويحسب لهذا الكتاب مايلي: ـ العمل على توثيق تجارب خمسة ناشطين في العمل التطوعي من الشباب القطري الذين لهم حضور مميّز في تأسيس وإدارة المبادرات والمشاريع التطوعية الشبابية والإنسانية.ـ تقديم التجارب بشكل جذاب ، فقد تم تدوينها في قالب يجمع بين فن السِيَر الأدبي و "البورتريه" الصحفي، ويمزج في المضمون بين حديث الذكريات بما فيه من مشاعر وجدانية من جهة، والمعلومات والحقائق والآراء إزاء بعض المواقف المرتبطة بنشاطاتهم من جهة أخرى، وتم إخراجه بطريقة إبداعية أنيقة . ـ التوعية بدور العمل التطوعي ودوره التنموي كهدف، وتقديم نماذج للأجيال الناشئة كحافز لهم على التطوع لخدمة مجتمعاتهم وقضايا أمتهم، ووضعه بين يد المستجدين في هذا المجال ليبدؤوا من حيث انتهى غيرهم، ويستفيدوا من خلاصة تجارب وعصارة آراء من سبقهم في هذا الدرب المبارك.ـ التنويه لعمل أجزاء تالية مستقبلا لتوثيق مزيد من التجارب الشبابية وتجارب الشخصيات المخضرمة في دولة قطر ، لتمتد لاحقا إلى دول الخليج وغيرها من الدول العربية. الكتاب الثاني بعنوان " شهد النجاح" ويضم باقة من قصص النجاح المؤثرة في العمل الإنساني Success Stories ، وأهميتها أنها تُبرز الأثر التنموي للأعمال الخيرية والتطوعية ، والفرق الذي تحدثه في حياة الأفراد والمجتمعات، وتشعر الداعم ( المنفق) والمتطوّع بلذة وسعادة العمل الإنساني وتدفعهما لبذل المزيد، وتشكل مصدر إلهام للآخرين من أجل الانخراط في أنشطة مماثلة. ـ صيغت القصص بطريقة تجمع بين فن القصة الأدبية والقصة الخبرية مما يجعل فرصة الإقبال على قراءتها أكبر ، كما جاء الإخراج المميز للكتاب ليزيد من فرص انتشاره ووصوله لأكبر عدد من الجمهور والمهتمين . كما سيتم قريبا إصدار نسخة منه باللغة الإنجليزية لتتسع دائرة ترويج هذه القصص . ـ مرة أخرى التوثيق لهذه القصص ميدانيا مايزال قليلا على مستوى العالم العربي رغم جاذبيتها وتأثيرها الكبيرين، والأصل في تجارب الناشطين من المتطوعين وفي هذه القصص عدم الاقتصار في التوثيق والنشر على المادة المطبوعة والمقروءة بل العمل على التوثيق والنشر بطرق مسموعة ومرئية وتقديمها بطرق متنوعة، ليتكامل العمل من جوانبه المختلفة. ولم تقتصر دائرة المستفيدين من هذه الإصدارات على شريحتي الشباب والكبار، بل خصصت قطر الخيرية الكتاب الثالث للأطفال ( 10 ـ 13 عاما ) وهو عبارة عن مجموعة قصصية بعنوان "الأبطال الثلاثة" ، وأهميته تكمن في الاهتمام بغرس قيم العمل الإنساني منذ نعومة الأظفار، بأسلوب غير مباشر يميل إليه الأطفال ، وقد قدمت القصص نماذج لثلاثة أطفال أسهموا بأعمال نافعة لخدمة مجتمعاتهم وأمتهم بطريقة مبدعة بسيطة تناسب سنهم، لتحفّز المستهدفين على التأسي بهم. نتطلع إلى أن يتواصل هذا العطاء من قبل المؤسسات الخيرية والإنسانية والشبابية وأن يثروا الجانب التطوعي بمزيد من الأعمال التي تسهم بنشر ثقافته، والتوعية بأهميته والترويج له والتحبيب به خصوصا في أوساط الناشئة والشباب.
484
| 14 ديسمبر 2016
في إطار عمل إعلامي توثيقي لتجارب شبابية في العمل التطوعي يجري إعداده حاليا في منطقة الخليج استرعى انتباهي أن الشخصية المُلهِمة لأربعة ناشطين في هذا المجال من أصل خمسة كانت هي الدكتور الطبيب عبد الرحمن السميط ( الكويت) رحمه الله ، والذي قضى أغلب عمره في خدمة الفقراء وأصحاب الحاجة في إفريقيا وترك بصمة واضحة في مجال العمل الخيري العربي.والحقيقة الأولى التي يمكن استخلاصها من هذا العمل والمخرجات المتوقعة منه هي أهمية التنبه إلى أن العمر ينقضي ويبقى الأثر والذكر الحسن ، وأن عمل الإنسان يتوقف بموته إلا الصدقة الجارية فإنها تبقى من بعده، فيتواصل أجر الإنسان وذكره الطيب والدعاء له والترحم عليه بسببها ، مصداق قول رسولنا الكريم : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).ينشغل أغلب الناس بتلبية مطالب الدنيا الفانية ، ولا يستثمرون جهودهم أو أموالهم أو أوقاتهم إلا فيها ، فينتهي الانتفاع والاستمتاع بكل هذه الأشياء بموتهم ، والقلة هي التي تستثمر هذه الجوانب في أمور خيرية وتطوعية وإنسانية تكون بركة في حياتها، وتبقى لها بعد الموت، أجرا ومثوبة وجزاء في الحياة الباقية، وإعلاء لمنازلها عند الله سبحانه وتعالى، وكسب محبته ومحبة الناس ( أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس). والحقيقة الثانية أن الإنسان يبحث في العادة عن النماذج المتميزة في المجالات التي تهمه، ويسعى للتأسي بها، واتخاذها مثلا أعلى له ، ويفتش عن التجارب الناجحة التي تركت أثرا في واقع الناس ، لأنها تشكل مصدر إلهام له ، فيستفيد من خبراتها المتراكمة ونقاط قوتها. وحتى تكون هذه النماذج والتجارب متاحة ومحفزة للآخرين، لابد من تدوينها وتوثيقها بصورة مكتوبة أو مسموعة أو مرئية، سواء من قبل أصحابها أو من قبل الآخرين، على أن تقدم بطريقة ممتعة وجذابة، وبأسلوب مبدع ومشوق ، وهو جهد مهم ينبغي أن يتصدى له الكتّاب والباحثون ووسائل الإعلام والجهات ذات العلاقة كالمؤسسات الخيرية والإنسانية. لكن علينا أن نعترف أن تدوين وتوثيق هذه السير لأصحاب الخبرات المتميزة والتجارب الناجحة خصوصا في مجالات العمل الإنساني والخيري والتطوعي منعدم أو شبه منعدم ، لأسباب كثيرة تتصل بزهد أصحابها ببضاعتهم، أو خشيتهم من الرياء والعُجب، أو لتقصير أصحاب العلاقة كالمؤسسات الخيرية ووسائل الإعلام والكتّاب والباحثين بواجبهم المفترض إزاءها، لذا تبقى الكثير من هذه التجارب بكل دروسها وعِبَرها طيّ الكتمان وحبيسة صدور أصحابها ، وقد تندثر صفحاتها بموتهم. الأمل يحدونا بأن يتم التركيز بصورة أكبر من قبل الكتاب والجهات ذات العلاقة على تقديم السير والتجارب الناجحة من خلال فن الِسير أو فن "البورتريه" الإعلامي لتكون حافزا للأجيال على التطوع لخدمة مجتمعاتهم وقضايا أمتهم ، ووضعها بين يد المستجدين في هذا المجال ليبدؤوا من حيث انتهى غيرهم، ويستفيدوا من خلاصة تجارب وعصارة آراء من سبقهم على هذا الدرب المبارك، ولتسد بشكل غير مباشر الفراغ الكبير في نشر ثقافة العمل التطوعي والخيري بمنطقتنا العربية والإسلامية .
1742
| 30 نوفمبر 2016
بقدر فرحتي وسعادتي بالجهود الجبارة التي يواصل صديقي الدكتور عارف صديّق من الباكستان بذلها بدأب وإخلاص في خدمة العربية فإنني أتوارى خجلا وأحس بفداحة الذنب لتقصيري وتقصير أبناء العربية عن العناية بلغتهم ونشرها، لا أقول بين الأعاجم، ولكن بين من تعتبر بالنسبة لهم اللغة الأم، والمقصود تحبيب أبنائها بها، وتنشئتهم منذ الصغر على تذوق جمالياتها، فمن تذوق لغة أحبها وتعلّق بها، وعشق الحديث والقراءة والكتابة بها، وأعلى مقامها في نفسه، فكيف بلغة كالعربية التي لها قداستها الخاصة حتى لدى غير الناطقين بها من المسلمين. في نهاية الشهر الماضي وصلتني رسالة من صديقي الدكتور عارف يخبرني فيها بأنه يخوض غمار تجربته الشخصية الثانية في تعليم العربية الفصيحة لابن أخيه محمد بن راشد منذ نعومة الأظفار(أتم الثالثة من عمره) بعد نجاح تجربته الأولى في تعليم على ابنتي آسية عارف (11 عاما) العربية الفصحى والتي بدأها عندما أتمت عامها الأول، بالاعتماد على نظرية الدكتور عبدالله الدنان (تعليم اللغة العربية بالفطرة والممارسة).وبجهود ذاتية من والدها أتقنت آسية العربية في السنوات الأولى من عمرها، وتجاوزت ذلك لتسجيل أرقام قياسية في هذا المجال منذ أن كان عمرها سبع سنوات وحتى الآن، فهي تُعدّ أصغر طالبة جامعية في مجال اللغة العربية (نالت دورة جامعية ودبلومة عليا في المحادثة العربية إلى جانب طلبة كبار في السنّ)، وهي أصغر مؤلِّفة تصدر كتبا بغير لغتها الأم (ألفت كتابين للأطفال من غير الناطقين بها)، وأصغر معلِّمة للعربيّة على مستوى العالم أقامت دورات لتعليم العربية لعدة فتيات باكستانيات.وعودة إلى التجربة الجديدة فقد أعلمني صديقي د. عارف أن ابن أخيه محمد بن راشد قد بدأ لسانه ينطلق وهو يتحدث بالعربية الفصحى في مخاطباته اليومية، ويتفاعل معه بها بسهولة جدا، بعد مرور سنة على البدء بتعليمه، حيث بلغ عدد الكلمات التي تعلّمها 600 كلمة، فيما تم تسجيل خمسين مقطع فيديو له حتى الآن. ولعل من أهم الأمور التي يعتمدها في تجاربه كما أخبرني: خلق بيئة الفصحى للطفل، مع البدء بتعليمه الأشياء الملموسة المحيطة به، والتركيز على تكرار الكلمات الجديدة بأشكال مختلفة، دون تحفيظها له، وإدخالها بطريقة فطرية في ذهنه بتكرارها، وعدم تكلمه أمامه بأي لغة أخرى غير العربية الفصيحة، وعدم استخدام طريقة الترجمة كأن يقال له باللغة الأردية أولا ثم يقال له إن هذا الشيء يسمى بالعربية كذا، وإنما اعتماد طريقة مباشرة باستخدام أسماء الإِشارة، كأن يقال له: هذه دراجة، التركيز على إسماعه أكبر قدر من الكلمات، لأن السماع هو أول خطوة في تعلم اللغة، وأخبرني أن من عوامل نجاحه جعل محمد صديقا له، ولا يمكن أن يتم ذلك إلا إذا أصبح طفلا صغيرا مثله، واعتماد التعليم من خلال اللعب، واستثمار حكايات ما قبل النوم، وإسماعه الأناشيد العربية.نجاح الدكتور صديق في تجربته الأولى، ونجاحه المنتظر في الثانية ناتج عن أمور كثيرة، أهمها إيمانه بما يقوم به، وجهوده الدؤوبة، واعتماده على نظرية مجرّبة نظريا وعمليا، وإخلاصه في تطبيقها وصبره على ذلك.صديقي الدكتور عارف طلب مني ومن غيري من المهتمين كتابة كلمه تشجيعية لمحمد بن راشد بمناسبة يوم ميلاده الرابع، وتقييم ما أنجزه محمد. وأنا أقول له: بورك بمحمد، وبورك جهدك المخلص..نحن من نحتاج أن نتأسى بك في الاهتمام بالعربية الفصحى، وتحبيب الأطفال بها منذ الصغر، وأن نتعلم ونستلهم خلاصة تجاربك أولا، والصبر حتى بلوغ النجاح ثانيا.. كل الود لك.
917
| 16 نوفمبر 2016
كتب لابنه في مستهل انخراطه بحياته العمليّة: أي بنيّ.. هاأنت اليوم تستشرف مرحلة جديدة من عمرك ..تدخل فيها معترك الحياة العملية بعد أن يسّر الله لك إبرام عقد عمل مؤخرا. استحضر فضل الله عليك ومعيته لك . واسأله دوما العون والتيسير ، واشكره على عطائه وتوفيقه ، وضع معرفتك ومواهبك في خدمة قضايا أمتك، فإنسان بلا رسالة كالجسد بلا روح .اجعل جزءا من مال الله الذي سيهبك إياه في عمل الخير فهو ما سيبقى لك، وخصوصا وأن جراح كثير من الدول العربية اليوم راعفة .عوّد نفسك على اقتطاع جزء من دخلك الشهري لهذه الغايات النبيلة، وتذكر أن القليل الدائم خير من الكثير المنقطع، وأن في هذا السلوك بركة في الدنيا ونعيما وأجورا في الآخرة. خصص جزءا من وقتك وخبرتك وشبابك للعمل التطوعي، فأنت في أحسن حالات وفرة الوقت، وأنسب فترات العمر حماسا وهمة وعطاء ، فاغتنم في شبابك قبل هرمك وفراغك قبل شغلك. المرء مهما كبر يبقى في رحلة تعلم وتطوير متواصلة فلا تقصّر في نهل معين العلم، وارتقِ في معارجه ما استطعت لذلك سبيلا، ولا تتوقف وتتقوقع فتجمد أو تتكلس فيتجاوزك الزمن.التعلّم والمعرفة لا يتأتيان فقط عبر الدراسة الأكاديمية كالدراسات العليا، وإنما لهما قنوات كثيرة ومتعددة، كالمطالعة والاطلاع على كل ما هو طازج من كتب وأبحاث ودراسات وتجارب ، والتدريب والدورات والزيارات، وتتبع جديد الآخرين وحضور المؤتمرات العلمية ، والإفادة من كل ذلك . لا تبخل بمعلوماتك أو خبراتك وتمنعها عن الآخرين تحت أي مبرر، فهذا أمر لا يصح شرعا، كيلا تندرج في خانة من يكتمون العلم، فضلا عن أن التعليم صدقة جارية " أو علم ينتفع به " ، وأصحاب هذا السلوك محبوبون بين الناس وذوو ذكر حسن بين أقرانهم . جدد حيويتك في عملك ، ويكون ذلك بالتنقل بين الأقسام الممكنة، واكتساب الخبرات منها ، كما يكون بعدم الثبات في مؤسسة واحدة لأكثر من 6 ـ 7 سنوات ، وتتجدد الحيوية بالفصل بين العمل والبيت، والحرص على الترويح عن النفس خلال فترة الدوام ، والسفر والاستمتاع في الإجازات، مع الأسرة والأقارب والزملاء والأصحاب. ولأن المرء قد يقضي في عمله وقتا أطول من بيته خصوصا إذا استبعدنا فترات النوم، فلا بد أن يحرص أن تكون بيئة العمل ( المكتب) مريحة له، أنيقة مرتبة في شكلها، وأن يعيد ترتيبها وتنظيمها كلما شعر بالرتابة ،وأن تكون له فواصل للراحة مع زملاء عمله يتم فيها رواية الفكاهات وتبادل الأحاديث الوديّة .احرص أن يكون لك عملك الخاص ،وخطط لذلك حتى لا تبق رهين إسار الوظيفة طوال عمرك، فللعمل الخاص آفاقه الرحيبة، واجتهد أن يكون شروعك بعملك الخاص في مرحلة لا تتجاوز بدايات الأربعينات من عمرك، وأن يكون هذا " البزنس" في نفس مجال تخصصك وخبراتك والأشياء التي تحب العمل والإبداع فيها. خطط لحياتك .. وأنفق دون إسراف أو تقتير . ووفر وادخر لتقلبات الدهر، أو لضمان حياة أفضل وأكرم، ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً) ـ الفرقان ـ آية 67 ـ وفقك الله وسدد خطاك، وحقّق كل أمانيك الطيبة.
689
| 02 نوفمبر 2016
بسبب الكوراث والأزمات والحروب التي يتضرر منها ملايين البشر ، وبخاصة في السنوات الأخيرة ، فإن أنشطة الإغاثة تطغى على عمل الجمعيات الخيرية والإنسانية في العالمين العربي والإسلامي فعليا ، وهو ما يتطلب النظر بجدية أكبر إلى موضوعي الإغاثة والعمل الإغاثي، وإعطائهما الأولوية والأهمية الكافيتين، ومعالجة كل ما يتصل بشأنهما من إشكاليات ومصاعب، والقيام بكل ما يتعلق بتطوير أدائهما ليصلا إلى أعلى درجات الفاعلية، وتحقيق الأثر المطلوب وفق أرقى المعايير المهنية الدولية. ورغم هذه الحال المؤلمة فإن واقع الإغاثة والعمل الإغاثي للمؤسسات الخيرية الإسلامية في الأغلب يعاني من جوانب قصور واضحة ، وإشكالات متعددة تحتاج إلى نقاش واجتراح الحلول، لعل من أهمها:ـ عدم وجود مؤسسات متخصصة في العمل الإغاثي حصرا ، إلا ما ندر ، وأغلب المؤسسات الخيرية الإسلامية تعمل في الإغاثة والرعاية والتنمية ، بينما يكون عمل الإغاثة ملازما للكوارث الطبيعية والحروب والطوارئ، وحسب تعريف الأمم المتحدة فإن تعريف الإغاثة الإنسانية هو : "المساعدات التي تسعى إلى إنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة عن السكان المتضررين من أزمة ".ـ عدم وجود صناديق للإغاثة والطوارئ ، يكون بإمكانها على الفور تقديم الدعم اللازم للإغاثة التي لا تحتمل التأخير، وهو ما يجعل أغلب الجمعيات تخصص مبالغ محدودة في البداية لعمليات الاغاثة ، ثم تضطر لإقامة حملات تسويقية لجمع التبرعات من أجل تقديم مزيد من المعونات والمشاريع الإغاثية .ـ ضعف التدريب على أعمال الإغاثة بصورة محترفة ، وقلة الخبرة في العمل وفق القانون الإنساني. ـ عدم وجود مخزون استراتيجي لهذه المنظمات والذي يحوي مواد إنسانية غير غذائية كالبطانيات والفرش والخيام وغيرها لتكون جاهزة وقت الطلب .ـ ضعف التنسيق بين المؤسسات الخيرية على مستوى تقديم الإغاثات في الميدان (مواقع الكوارث والنكبات والحروب)، وحتى على مستوى تنظيم حملات التبرعات. ـ ندرة وجود مظلات لتنسيق عمل الهيئات الإغاثية كما هو الحال في " أوتشا " وهي مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، حيث لا يوجد على مستوى العالم الإسلامي سوى " أمانة الشؤون الإنسانية " بمنظمة التعاون الإسلامي ، والتي لها محاولات خجولة لضم المنظمات الأهلية تحت مظلتها ، لكن هذه المحاولات قليلة ومحدودة . ـ عدم وجود فرق مدربة بدرجة عالية ولديها الجاهزية للتدخل الفوري عند وقوع الكوارث وكيفية التعامل مع متعلقات الكوارث الطبيعية والحروب، والوصول للنازحين واللاجئين. ـ ضعف الحملات التي تقوم بها هذه المنظمات للتوعية بكارثة وشيكة، والتحذير من مخاطرها الإنسانية، وطلب الدعم المسبق والتهيئة لمواجهتها ، على طريقة " الوقاية خير من العلاج" ، ودائما فإن تكلفة تدابير مواجهة الكارثة قبل وقوعها، أقل بكثير من الاستجابة للطوارئ والعمليات الخاصة بها ( على سبيل المثال قامت جمعية قطر الخيرية برحلتين لقمة كليمنجارو بإفريقيا للتوعية بالمجاعة ونقص الغذاء في 2013 و 2016). نأمل أن يكون هذا الأمر موضع اهتمام وبحث ومراجعة من الجمعيات الخيرية الخليجية والعربية للوصول إلى درجات معقولة من الحرفية والمهنية،ولإحداث أكبر فرق في حياة اللاجئين والنازحين والمتضررين من الكوارث والأزمات والحروب.
3278
| 26 أكتوبر 2016
لماذا لا يزال هناك بون شاسع بين ناشئتنا وشبابنا والعمل التطوعي والخيري، وما أفضل السبل لتجسير الهوة بين الطرفين، وهل قامت الجهات ذات العلاقة بما ينبغي عليها في إطار غرس القيم ونشر الثقافة المرتبطة بهذا الجانب أو أن للمشكلة زوايا أخرى لا بد من التوقف عندها، أسئلة لابد أن تشغل كل المعنيين بالعمل الإنساني وخدمة المجتمع. أطراف العلاقة الرئيسون هم: الأسرة والمؤسسات التربوية والتعليمية ووسائل الإعلام والمؤسسات الإنسانية والخيرية والنوادي الشبابية، وكل منهم على ثغرة مهمة ، ويكمل كل طرف منهم الآخرفي إنجاح هذا المشروع الحيوي لأمتنا ومجتمعاتنا العربية والإسلامية .والإلحاح على تقصي أسباب الخلل والدفع باتجاه المعالجات والحلول يقف وراءهما حجم الفوائد التي ستجنيها مجتمعاتنا في حال انخراط الناشئة والشباب في العمل التطوعي على عدة مستويات ، وحجم المنافع التي ستعود على الشرائح الفتية في نفس الوقت .فالتطوع ركيزة أساسية في بناء المجتمعات ونشر التماسك الاجتماعي بين المواطنين، وهو أيضا ممارسة إنسانية ارتبطت ارتباطا وثيقاً بكل معاني الخير والعمل الصالح في شريعتنا الاسلامية وكل الشرائع، إضافة إلى كونه يمثل خيارا استراتيجيا للتنمية ، ورافدا أساسيا للجهود الحكومية ومقدما لكثير من الخدمات، فضلا عن عائده ، حيث يعتبره الكثير من الباحثين والمختصين استثمارا اقتصاديا وداعما للاقتصاد الوطني للدول.نقرأ ونسمع عن محاولات لغرس القيم ـ وضمنها قيم الإيثار والتعاون والبذل .. وعن تشجيع العمل التطوعي لدى المدارس والخدمة المجتمعية، أو عن برامج في وسائل الإعلام التي تعالج جوانب في التطوع، أو أنشطة وفعاليات تحثّ على الانخراط في هذه الميادين، ومنها المسابقات والأيام الخاصة ، وعن أقسام للتطوع في بعض المؤسسات الخيرية، ولكن بالرغم من ذلك ما يزال التعريف بالعمل التطوعي ودوره وأهميته للأفراد والمجتمعات نادرا، ومازال الإقبال عليه محدودا، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هناك الكثير من المحفزات التي ينبغي أن تشجع على ذلك بقوة بدءا بالدافع الديني ، ومرورا بموروثنا التراثي وعاداتنا العربية الأصيلة، وانتهاء بتوفر مجالات كثيرة يمكن من خلالها المساهمة في أعمال تطوعية تنفيذية وميدانية ، أو تلقي التدريب وتطوير القدرات.أما انعكاسه على أفراد المجتمع وخاصة الشباب فإنه يعد خير طريقة لتنمية قدراتهم في مواجهة التحديات وإكسابهم مهارات وخبرات تتيح لهم فرصا أفضل في التوظيف وخصوصا في القطاع الخاص الذي يشكو من قلة التدريب والخبرة لدى شباب ينقصه الحماس والحيوية، كما أنهم يحققون من خلاله ذواتهم ويكسبهم الثقة بأنفسهم، ويشعرون من خلاله بالراحة والسكينة والطمـأنينة والسعادة.ما نحتاجه ليعود الاعتبار للعمل التطوعي في أوساطنا بالصورة المشرقة التي عرفتها حضارتنا الإسلامية في عدد من العصور هو خطة وطنية متكاملة وشاملة ، لا يعمل فيها كل طرف من أطراف العلاقة منفردا ـ مع افتراض أن كل طرف يقوم بدوره المناط به أصلا ـ ، بل يكون الجميع يدا واحدة، من تنشئة الأبناء تنشئة سليمة، على القيم وروح العمل الجماعي منذ مراحل الطفولة المبكرة، وأن تضم البرامج الدراسية للمؤسسات التعليمية المختلفة بعض المقررات الدراسية التي تركز على مفاهيم العمل الاجتماعي التطوعي وأهميته ودوره التنموي ويقترن ذلك ببعض البرامج التطبيقية، مما يثبت القيم في نفوس الشباب، ومطالبة وسائل الإعلام المختلفة بدور أكثر تأثيرا في تعريف أفراد المجتمع بماهية العمل التطوعي ومدى حاجة المجتمع إليه وتبصيرهم بأهميته ودوره في عملية التنمية، وكذلك إبراز دور العاملين في هذا المجال بطريقة تكسبهم الاحترام الذاتي واحترام الآخرين، وإقامة دورات تدريبية للمتطوعين والعاملين في الهيئات والمؤسسات التطوعية مما يؤدي إلى إكسابهم الخبرات والمهارات المناسبة، ويساعد على زيادة كفاءتهم في هذا النوع من العمل، واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتنسيق العمل التطوعي بين الجهات الحكومية والأهلية.
4066
| 19 أكتوبر 2016
في خضم جحيم الأزمات والحروب والكوارث، وتلاحق الأخبار المتسارعة التي تغطي تفاصيلها اليومية.. ينصب تركيز عموم الناس وحتى الجهات الإنسانية بشكل رئيس وواضح على الضحايا وحاجة الناس لمتطلبات الإغاثة العاجلة كالعلاج والدواء وتوفير النقص في الطعام والماء الصالح للشرب والمأوى لمن تشرّد.. أي ينصرف للأمور ذات النبض السريع، وهي بلا شك مهمة وضرورية، ولكنهم يغفلون أو يقصّرون في الاهتمام بالآثار الخطيرة الناجمة عن هذه الحروب على المدى المتوسط والطويل، وتأثيراتها على بنية ومكوّنات المجتمع وحاضر الأمة ومستقبلها، أو لا يعطونها الاهتمام الكافي، خصوصا ما يتصل بالحرمان من التعليم، وما يلحقه من تأثير على الأطفال والأجيال المتعاقبة وعقولهم، أو ما يتعلق بتهديد النسيج المجتمعي بسبب نعرات الطائفية والمناطقية..، أو تقسيم الأوطان وتجزئتها.سنتوقف عند تأثير الأزمات على التعليم لنشير إلى إحصاءات خطيرة أوردتها ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻟﻠﻄﻔﻮﻟﺔ " اليونسيف" تشير إلى أن ملايين الأطفال حاليا بحكم المحرومين من دراستهم في التعليم الأساسي والثانوي في سوريا واليمن بسبب الأزمات والحروب، ويصل هذا الرقم إلى حوالي خمسة ملايين طفل (بين سن 6 و17 عاما).خطورة هذا الأمر على المدى الطويل أنه يؤدي إلى ضياع جيل من الأطفال، مما يعني المزيد من انعدام الأمن، بجانب الفقر، وعلى المدى القصير هناك مخاطر مباشرة، لأسباب متعددة. بعض الأطفال لا يتمكّنون من التعليم بسبب انعدام الأمن أو خروج بعض المدارس عن الخدمة، وبعضهم بسبب التسرب الناتج سوء الوضع المعيشي والاضطرار لمساعدة أسرهم.الخطورة على المدى القصير حرمانهم من الحق الطبيعي في التعليم والتعرض للاستغلال بسبب العمالة المبكّرة أو للانحراف، وترك التعليم بصورة نهائية إذ تشير التقارير إلى أن من يترك التعليم لمدة شهر أو سنة قد يتركه نهائيا، فضلا عن تجنيدهم مع الكتائب المسلحة، والقتال معها في سن صغيرة، والحرمان من التمتع بالطفولة والنمو الطبيعي.الأرقام مرشّحة للازدياد على ضوء الأوضاع التي تمر بها منطقتنا العربية والإسلامية، وتفاقم الأوضاع في الدول التي تعاني من نزيف الأزمات، ورغم تحذيرات المنظمات الإنسانية الدولية المعنية، ودعوتها للتنبه لمخاطر حرمان الأطفال من التعليم أو التسرب منه، وضرورة إطلاق مبادرات كبيرة لتدارك الوضع، سواء من جهة الدول أو المنظمات الأهلية، إلا أن الاستجابة محدودة والمبادرات قليلة ونادرة، وهنا لا بد من التنويه والإشادة بمبادرة دولة قطر لتعليم وتدريب اللاجئين السوريين QUEST التي أطلقها صندوق قطر للتنمية مؤخرا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأخيرة (الحادية والسبعين)، وينتظر أن يستفيد منها 400 ألف لاجئ في خمس سنوات. قد يكون جوع البطون كافرا وموجعا وخطرا، ولكن جوع العقول أكثر إيلاما وتأثيرا، وعادة ما يتم الالتفات لجوع البطون بشكل أكبر بحكم الاحتياج البيولوجي للجسم، فيما تكون هناك غفلة عن جوع العقول والتفكير لأنّ تأثيره قد لا يظهر بشكل آني رغم آثاره السلبية العميقة، لذا فإننا نتمنى ألا تستنزف المؤسسات الخيرية والإنسانية بأعمال الإغاثة العاجلة على حساب سدّ ثغرة الاحتياجات الإستراتيجية الأخرى للشعوب المنكوبة خصوصا التعليم. هناك الكثير من الاحتياجات التي يمكن أن تشتغل عليها منظمات المجتمع المدني في هذا الجانب لعل من أهمها تقليص عدد المحرومين من التعليم من خلال ترميم المدارس وتوفير متطلبات تشغيلها من كوادر ومناهج وغيرها، والاهتمام بالتعليم المهني والتدريب، وتوفير المنح والكفالات للطلبة خصوصا المتميزين ودعم المبادرات المحلية. التعليم هو أساس التنمية، والأطفال هم عماد الأمة يشكلون نصف حاضرها وكل مستقبلها، فلا ينبغي أن نسلمهم للتيه أو الضياع عبر دهاليز الجهل والانحراف، أو نتركهم ليكونوا هم وأوطانهم في مهبّ الريح.
1112
| 12 أكتوبر 2016
من المؤكد حقيقة ـ لا وهما ـ وجود جهات كـ"تنظيم الدولة" وقبلها "تنظيم القاعدة" التي تصنّف ضمن خانة التطرف والإرهاب تبعا لكثير أو قليل من أفعالها وسلوكياتها، تماما مثلما توجد حركات متطرفة أخرى كحزب الله اللبناني وتنظيمات طائفية أخرى تصنف ضمن نفس الخانة بسبب ما تقترفه يداها ضد أبناء الشعب السوري وغيرهم، أو مثلما هي حال تنظيمات عنصرية وعنيفة في أوروبا وآسيا موجودة حتى الآن أو بائدة مثل "إيتا" و"نمور التاميل".لكن من المؤكد أيضا أن دولا وجهات تستغل ما يسمى الإرهاب المتصل بـ"تنظيم الدولة" وقبله "تنظيم القاعدة"، أو تضخّم من حجمه وقوته ودوره، أو تدفع باتجاه بقاء تشكيلاته ولو إلى حين، لأغراض مختلفة كتشويه الصورة الذهنية للأديان والمعتقدات مثل الدين الإسلامي، أو شنّ حروب تحت هذه اللافتة لتحقيق أطماع توسعية أو مشاريع وطموحات خاصة وضيقة، وكلنا يذكر كيف أخضعت الولايات المتحدة العراق لحملة تفتيش دولية بسبب ما يسمى أسلحة الدمار الشامل، ثم خاضت حربا ضدها عام 2003 بحجة وجود هذه الأسلحة لدى نظامها الحاكم، ليتبين لاحقا زيف هذا الادعاءات باعترافات وزير الخارجية الأمريكي آنذاك كولن باول، وهي على الأقل بتصرفاتها الظالمة تدفع الناس إلى أحضان هذه الجماعات، وتفكيرها ومنهجيتها. واليوم أكثر من أي وقت مضى يلتقي الأمريكان والروس وقوى إقليمية أخرى على استخدام مكافحة الإرهاب كشمّاعة قذرة للتغطية على حروبهم واجتياح أو احتلال أجزاء من منطقتنا كالعراق وسوريا والحصول على مناطق نفوذ فيها، إلى أن وصلوا حد المزايدة على بعضهم البعض، وتخوين كل منهم للآخر باسمها، ليفتضح أمر النوايا التي تختبئ خلفها. وعلى هذه الخلفية شنت مؤخرا ملاسنات بالتصريحات بين الخارجيتين الأمريكية والروسية تكشف عن سوء هذه النوايا فهذا وزير الخارجية الروسي لافروف يعلن عن توصل حكومته إلى استنتاج مؤداه أن هدف الولايات المتحدة منذ البداية كان حماية "جبهة النصرة"، ويشير في موقع آخر إلى تراكم الأدلة التي تحمل روسيا على الاعتقاد بتخطيط واشنطن منذ البداية لتحييد تنظيم "النصرة" عن الضربات الجوية، واستخدامه في إسقاط حكومة بشار الأسد. ثم يلبث الناطق باسم الخارجية الأمريكية بأن يرد بقوله: إن تكثيف العمليات العسكرية الروسية في سوريا، من شأنه أن يجبر مقاتلي "المعارضة المعتدلة" على الالتحاق بصفوف الجماعات المتطرفة، ليضع يده بذلك على نتيجة مؤداها أن سلوكيات الروس والأمريكان في سوريا والعراق، كما هي حال ممارسات أنظمة ديكتاتورية كالنظام السوري من شأنها أن تدفع الناس باتجاه التطرف والانحياز لجماعات العنف. التراشق الإعلامي الروسي الأمريكي يأتي تأكيدا لما قلناه من استخدام هذه الجماعات التي كورقة في يدي هذه القوى، ومشاريعها، حتى وإن نعتوها بأقسى وأقذر الألفاظ، وكانت هناك تحليلات ترى أن هناك تساهلا أمريكيا مع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، في مرحلة ما أو غضًا للطرف عنه حتى يتعملق بعض الشيء، فتكون هناك حاجة للقوى التي تحكم العراق لطلب التدخل الأمريكي في مكافحته، وذلك من أجل أن يعود الأمريكان من النافذة بعد انسحابهم من الباب بعد احتلالهم للعراق. وللتذكير فإن هذه القوى الدولية دعمت أو سكتت عن انقلابات ضد أنظمة منتخبة إبان ربيع الثورات العربي كما حصل في مصر، أو تغاضت عن تصرفات أنظمة ديكتاتورية بما في ذلك استخدامها لأسلحة محرمة وقبلها العنف المفرط ضد المحتجين السلميين كما في سوريا، وتواطأت على استمرار بقائها رغم قمع هذه الأنظمة لاحتجاجات كانت سلمية في بداياتها، والاستخدام المفرط للقصف والتدمير "سياسة الأرض المحروقة" كما تفعل روسيا طيلة عام كامل في سوريا منذ تدخلها، وهو ما يعزز ما يتهم الأمريكان به الروس حاليا من أن تصرفاتهم تدعم تحول المعتدلين في صفوف المعارضة إلى صفوف الجماعات المتطرفة. خلاصة الأمر إن حديث القوى الدولية عن جماعات التطرف والإرهاب في منطقتنا وتحديدا "تنظيم الدولة الإسلامية و"القاعدة" و"جبهة النصرة" حديث وراءه الكثير من الشبهات وحوله الكثير من التساؤلات الملغومة، حتى قبل أن يزايدوا على بعضهم في هذا المجال، أو يتبادلوا الاتهامات حول علاقتهم بهذه التنظيمات واستخدامهم بشكل مباشر أو غير مباشر في سياساتهم العدوانية والتوسعية والعنصرية.
332
| 05 أكتوبر 2016
هذا النداء ليس نداء إنسانيا ـ كما قد يظن الكثيرـ من أجل توفير متطلبات الإغاثة العاجلة والاحتياجات الضرورية لمدينة تنزف دما، وتحترق بفعل قصف هجمي لا يتوقف لقوى الشر والعدوان، التي اجتمعت من كل حدب وصوب إلى جانب نظام ديكتاتوري مجرم، بل هو نداء من نوع آخر، نداء ربما يكون الأخير، لأنه ينعي حال الأمة، ويرثي عجزها وهوانها، ولامبالاتها تجاه قضية مصيرية، لا تهم سكان حلب لوحدهم، بل تهم شعوب الأمة كلها، شرفهم وعزتهم، وأرضهم وعرضهم، حاضرهم ومستقبلهم، وأمنهم القومي وسلامة أوطانهم.من الواضح أن موسكو تتجه لجعل مآل حلب كمصير جروزني وبنفس أسلوب "الأرض المحروقة" للروس، ثم تترك للحقد الطائفي ليعيث بها فسادا ويتشفى بمن فيها، بعيدا عن دوافعها سواء أكانت بحثا عن أمجاد إمبراطورية سابقة، أو استعادة لنفوذ الاتحاد السوفيتي سابقا، أو للضغط على الأمريكان للموافقة على توسيع نفوذها في أوكرانيا، والاتفاق معهم على اقتسام مناطق النفوذ في منطقتنا.. منذ أربع سنوات تُرِكت حلب وحيدة، كما تركت أكثر من منطقة بسوريا فتساقطت أو استسلمت تحت ضغط القصف والتدمير والحصار والتجويع، وهو ما يجعلها الآن في وضع حرج، مع الفارق بأن سقوط حلب - لا قدر الله - يعني سقوط آخر قلاع الثورة السورية، وانتهاء صمودها وحراكها بحكم أهمية المدينة ومركزيتها وثقلها البشري والاقتصادي، وفتح المجال لتقسيم البلاد، أو تقاسم النفوذ والمصالح فيما بين القوى الكبرى، واستباحتها من قبلهم.تعامل العرب ـ جهلا أو تجاهلا أو ضعفا أو تخاذلا ـ مع مسألة الثورة السورية وما جرى بعدها خلال الأعوام الخمسة كشأن داخلي، ولم يتعاملوا معها ومع ما جرى في العراق قبلها كشأن يهم الأمة جمعاء، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار المشروع الصفوي الإيراني، وتمدده الناعم والخشن في المنطقة، وحركة أذرعه وخلاياه السرطانية في المنطقة، ودوره الإقليمي المتعاظم في السنوات العشر الأخيرة، ولم يدركوا أن سوريا بهذا المعنى هي خط الدفاع الأمامي عنهم وعن الأمة في مواجهة هذه المخططات، ومطامع الدول الكبيرة، وأن تركها لتسقط، يعني أنهم لن يكونوا بمنأى عن الخطر، على مذهب "أكلت يوم أكل الثور الأبيض"، لأن مطامع الروس والنظام الإيراني لن تتوقف عند إخضاع الشعب السوري، خصوصا لو استطاعوا إحراز نجاح في هذا المجال لا سمح الله.نداء حلب للعرب، للأمة جمعاء، للمخلصين والغيورين فيها وعليها وعلى حماها وشرفها وحاضرها ومستقبلها بأن ينتبهوا كي يوقفوا تداعي حصون الأمة الواحد تلو الآخر، وألا يستمروا في غفلتهم وتخاذلهم، وألا يتركوا أعداءهم ليستفردوا فيهم منطقة تلو أخرى، وبلدا إثر بلد، كما قال الشاعر لقيط بن يعمر الإيادي: ماذا يردّ عليكم عز أولكم.. إن ضاع آخره أو ذل واتضعا؟قوموا قيامًا على أمشاط أرجلكم.. ثم افزعوا قد ينال الأمن من فزعا حلب اليوم التي تتعرض منذ أسبوع على التوالي لأعتى حملة إحراق بالنابالم والصواريخ الارتجاجية والقنابل العنقودية والأسلحة المدمرة الروسية الأخرى تريد أن تقول لكم في ندائها الذي ربما يكون الأخير، إن ما يقع حاليا لم يكن ليحصل لو أدرك النظامين الروسي والإيراني أن حلب ـ ومثلها مدن سورية قبلها ومعها وربما بعدها ـ لا بواكي لها، ولو كانت هناك أمة حية يؤلمها حقها ما يحدث لأهل حلب وسوريا لما تجرأ الروس ومن معهم على هذا الإجرام الذي تجاوز الحدود. وهذا النداء بصيغة أو أخرى يتضمن أن من يتصرف بهذه الشاكلة قد لا يجد من يقف معه في ساعة اليسر ولحظات الكرب والشدة، لأنّ "الجزاء من جنس العمل".ترى هل وصل نداء حلب لأمتها التي ترثيها وتبكيها بدلا من أن تبكيها الأمة وتحاول إنقاذ ما بقي منها ومن كرامتها وكرامة أهلها؟!
606
| 28 سبتمبر 2016
قرأتُ قبل مدة وجيزة قصة نجاح لطفل فلسطيني مقيم في كندا عمره تسع سنوات استطاع كفالة أسرة سورية لاجئة، بعد أن قام بإحضارها لكندا، واتخذ من ابنها أخا له، رغم أن لديه من أسرته أخوان أصلا.بدأت القصة بتأثر الطفل الفلسطيني بما يعرض عبر وسائل الإعلام من معاناة أقرانه من الأطفال السوريين الذين يتعرّضون للقصف والنزوح والتشرد، وفقدان أبسط مقومات الحياة والحقوق كحقهم في الأمن والأمان والتعليم وغيرها، وعزمه على فعل شيء يسهم في تخفيف معاناتهم. العملية استغرقت عدة شهور وربما سنة أو أكثر، واحتاجت إلى جهد ودأب شخصيين، ومساعدة من أسرته، وتواصل مع المحيط وتسويق اجتماعي لهذا العمل الإنساني، فقد بدأ الطفل بادخار شيء من مصروفه، ثم وضع حصالات نقود في عدد من المحلات والمتاجر بمدينته، ثم عمد في الأيام الأولى لشرح المهمة التي ينوي القيام بها للجمهور، واستغرق ذلك منه عدة ساعات، ثم تواصل مع بنوك ورجال أعمال حتى نجح في نهاية المطاف بإنجاز المهمة. القصة تكشف أن بالإمكان إشراك الأطفال منذ نعومة الأظفار في أعمال وأنشطة خيرية وإنسانية، وأنهم قادرون على الإبداع في هذا المجال من خلال مبادرات فردية أو جماعية، واستثمار مهاراتهم المختلفة (التواصل، التسويق، التمويل، اللوجستيك..) فضلا عن التطوع بالوقت والجهد والمال والقدرات، للوصول للهدف. ليست هذه القصة الأولى، ولن تكون الأخيرة في مساهمة الأطفال في العمل الإنساني عبر العالم، فقد عرفت عن قرب تجارب أخرى شارك فيها أطفال عرب بأعمال إغاثية ميدانية في المخيمات، أو إنجاز مشاريع تنموية كبناء مدارس وحفر آبار مياه وغيرها.ما يهم خصوصا ونحن مع بداية عام دراسي ألا تبقى مثل هذه الأعمال مجرد جهود فردية، أو أنشطة نادرة الحدوث، بل ينبغي أن تتحول إلى مبادرات ومشاريع مستدامة في برامج المؤسسات التربوية والهيئات الإنسانية على حد سواء، من خلال جهود تعاونية مشتركة، وأن يعاد النظر في تصميم البرامج والمشاريع في المنظمات الخيرية والتطوعية ليكون الأطفال والناشئة جزءا أصيلا فيها، بمساعدة ومشاركة الأسر.على سبيل المثال لم لا يعاد النظر في برامج كفالة ورعاية الأيتام في المؤسسات الخيرية، كي يشارك أسر وأطفال الكافلين فيها بشكل عملي، بدلا من اقتصار المهمة على دفع القيمة المالية للكفالة من قبل الكبار فقط، وليتضمّن الأمر تواصل زوجات الكافلين مع أمهات الأيتام من خلال وسائل التواصل الأخرى، وتبادل التهاني معهم في المناسبات والأعياد، وليشعر الأطفال بروح الأخوة عمليا، وأن لهم إخوة لم تلدهم أمهاتهم؟ ولماذا لا تكون هناك زيارات سنوية تنظمها الأسر الكافلة لرؤية المكفولين في بلادهم خلال الإجازات والعطلات بتنسيق مع المؤسسات الخيرية المشرفة عليهم، ليعيشوا معهم أياما قليلة كجزء من التربية القيمية لأبناء الكافلين، ولإدخال السرور على قلوب الأيتام المكفولين؟ ولم لا تفكر الجمعيات الخيرية بتنظيم مثل الرحلات بالتنسيق مع الأسر أيضا، ولماذا لا تطرح المدارس خصوصا في الدول الميسورة مبادرات سنوية تنافسية لكفالة الأيتام من قبل الطلاب، تتضمن التواصل معهم وتنظيم رحلات لهم بإشراف الإدارات.وعلى مستوى التعليم وهو الجو القريب لعالم الطلاب، لم لا تتبنى إدارات المدارس ووزارات التربية والتعليم مبادرات يتم من خلالها كفالة أقرانهم من الطلبة الفقراء داخل بلادهم وخارجها، أو ترميم المدارس القديمة أو تقديم بعض الأجهزة الضرورية لمدارس ذوي الاحتياجات الخاصة..، على أن يقوم الطلبة المتطوعون بزيارات ميدانية إلى الدول المحتاجة لرؤية ثمرة عملهم الإنساني أو تقييم الاحتياجات أو المشاركة بصفة تطوعية بإنجاز بعض الأعمال الخيرية بأنفسهم، كتوزيع المعونات العينية مثل الحقيبة المدرسية؟ ولم لا تتوسع الجمعيات الخيرية في ترويج مشاريعها التي تخدم الأطفال والطفولة في أوساط الناشئة واليافعين لتكون لهم مشاركات مالية وتطوعية، تسهم في غرس قيم العمل الإنساني والخيرية في نفوسهم، والتنشئة عليها منذ الصغر، وتضيف للجمعيات رافدا تسويقيا إضافيا؟ ومما يزيد الحاجة للالتفات إلى هذا الجانب هو الأزمات والحروب التي تعاني منها عدة دول عربية في السنوات الأخيرة، حيث يعتبر الأطفال أكثر المتضررين منها، ويكفي أن أدلل على ذلك بإحصائية جديدة لمنظمة إنسانية دولية تشير إلى أن 750 ألفا من أبناء اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان وتركيا خارج التمدرس.
462
| 22 سبتمبر 2016
مساحة إعلانية
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4602
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
3402
| 29 سبتمبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...
1440
| 05 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...
1119
| 02 أكتوبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1059
| 29 سبتمبر 2025
منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...
885
| 30 سبتمبر 2025
في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...
852
| 30 سبتمبر 2025
لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...
768
| 03 أكتوبر 2025
كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...
750
| 02 أكتوبر 2025
في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...
633
| 30 سبتمبر 2025
في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...
627
| 05 أكتوبر 2025
كيف نحمي فرحنا من الحسد كثيرًا ما نسمع...
624
| 30 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية