رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

Al-sharq

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

الشرق

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

من التلقين إلى التفكير.. المنهج التربوي في ظل الثورة المعرفية القطرية

في عالم تتسارع فيه وتيرة المعرفة، وتتشابك فيه مصادر المعلومات، وتتقارب فيه الثقافات عبر فضاء رقمي مفتوح، لم يعد أسلوب التعليم القائم على التلقين والحفظ وحده قادراً على إعداد أجيال مواكبة لعصرها. وإن هذا الواقع يفرض على المؤسسات والمراكز التعليمية والتربوية إعادة النظر في فلسفتها وأدواتها، لتنتقل من مجرد نقل المعلومات إلى تنمية القدرة على التفكير النقدي، والتحليل، والإبداع. وفي دولة قَطر، التي اختارت منذ سنوات أن تجعل التعليم قاطرة التنمية، جاءت الثورة المعرفية لتشكل فرصة تاريخية لتجديد المناهج، وتطوير أساليب التدريس، وبناء منظومة تعليمية تواكب المستقبل، وتستجيب لرؤية وطنية طموحة تستهدف الاستثمار الأمثل في رأس المال البشري. - الانتقال من التلقين إلى الفهم العميق لوقتٍ طويل، ظل التلقين هو النمط السائد في كثير من الأنظمة التعليمية العربية، حيث يتلقى الطالب المعلومة جاهزة، ويحفظها ليعيد إنتاجها في ورقة الامتحان، ثم ينساها بعد ذلك بوقت قصير. ولكن هذه التجربة القطرية في العقد الأخير كسرت هذا القيد، متجهة نحو التعليم التفاعلي الذي يضع الطالب في قلب العملية التعليمية. ففي العديد من المدارس القطرية، أصبح الطالب يشارك في أنشطة عملية تحاكي الواقع، مثل تصميم مشاريع بحثية صغيرة أو إعداد عروض تقديمية جماعية أو خوض تجارب علمية داخل المختبر. على سبيل المثال، في درس عن الطاقة المتجددة، يُطلب من الطلاب إعداد نموذج مصغر لتوربين رياح أو لوحة شمسية باستخدام أدوات بسيطة، مما يجعلهم يدركون المفاهيم العلمية من خلال الممارسة لا الحفظ فقط. هذا النهج يعزز الفهم العميق، ويرسخ المعرفة في الذاكرة طويلة المدى، ويشجع على الابتكار. - المناهج القطرية في ظل الثورة المعرفية الثورة المعرفية التي تشهدها قطر ليست مجرد شعارات أو تحديث للمباني المدرسية، بل هي عملية شاملة تمس جوهر التعليم. فقد تم دمج مهارات القرن الحادي والعشرين في المناهج، مثل التفكير النقدي، وحل المشكلات، والتواصل الفعّال، والعمل الجماعي، والقدرة على التعلم الذاتي. كما تم إدخال موضوعات حديثة، مثل الاقتصاد الرقمي، وأساسيات الذكاء الاصطناعي، ومفاهيم الاستدامة البيئية، في المراحل المبكرة من التعليم. على أرض الواقع، نشهد اليوم مدارس قطرية تشارك فرقها الطلابية في مسابقات عالمية للروبوتات والبرمجة، وتحقق مراكز متقدمة، مما يعكس نجاح الدمج بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي. كما أن الأنشطة اللامنهجية لم تعد مجرد ترف، بل أضحت جزءًا أساسيًا من المنظومة، حيث يتعلم الطالب من خلالها مهارات القيادة، والابتكار، والعمل التطوعي، وهي جميعًا قيم تدعم بناء شخصية متوازنة وقادرة على مواجهة تحديات المستقبل. - المعلم محور التغيير المعلم هو قلب العملية التعليمية، وأيّ إصلاح للمناهج لن يحقق أهدافه إذا لم يمتلك المعلم الأدوات اللازمة لتطبيقه. ولهذا، أولت دولة قطر اهتمامًا خاصًا بتأهيل الكوادر التعليمية، من خلال برامج تدريبية متقدمة، وشراكات مع جامعات ومؤسسات تربوية عالمية. تتضمن هذه البرامج ورش عمل مكثفة حول أساليب التعليم النشط، وتوظيف التكنولوجيا في الصف، وإدارة بيئات التعلم التفاعلية. على سبيل المثال، تم تدريب المعلمين على استخدام المنصات التعليمية الرقمية التي تتيح متابعة تقدم كل طالب بشكل فردي، وتخصيص الأنشطة بما يتناسب مع مستوى فهمه. وبهذا تحوّل دور المعلم من ناقل للمعلومة إلى ميسر للتعلم، وموجه يحفز طلابه على البحث والاستكشاف. وهكذا، فإن التحول الذي تشهده المناهج القَطرية من التلقين إلى التفكير الإبداعي والنقدي هو جزء من رؤية أوسع تستهدف جعل قطر مركزًا إقليميًا للمعرفة والابتكار. وبالتالي، فإن هذا النهج لا يكتفي بإعداد طلاب قادرين على النجاح في اختباراتهم المدرسية، بل يهيئهم ليكونوا رواد أعمال، وباحثين، ومفكرين يسهمون في تقدم وطنهم. ففي عالم اليوم، لم يعد السؤال الأهم هو «ماذا تعرف؟»، بل «كيف تستخدم ما تعرفه؟»؛ والمناهج القطرية الجديدة تسعى للإجابة على هذا السؤال عبر ممارسات تعليمية متطورة، ومعلمين مؤهلين، وبيئة تعليمية ثرية بالفرص. ومع استمرار الاستثمار في التعليم كأولوية وطنية، فإن قطر تمضي بثبات نحو بناء جيل يصنع المعرفة، ويبتكر الحلول، ويحمل راية النهضة في القرن الحادي والعشرين.

186

| 04 سبتمبر 2025

كيف تستعد مدارسنا القطرية لعصر التعليم الذكي؟

في ظل تسارع التحولات التقنية التي يشهدها العالم، لم يعد الذكاء الاصطناعي ترفًا تكنولوجيًا أو موضوعًا نظريًا يقتصر على المختبرات والأبحاث، بل أصبح عنصرًا حيويًا يتغلغل في مختلف مناحي الحياة اليومية، وعلى رأسها التعليم. وفي سياق رؤية قطر الوطنية 2030، التي تضع الإنسان وتنمية قدراته في قلب المشروع التنموي، تبرز الحاجة الملحة إلى دمج الذكاء الاصطناعي ضمن المنظومة التعليمية، بما يعزز من كفاءتها وجودتها. وسأحاول تسليط الضوء على ثلاث ركائز أساسية تمثل مفاتيح التحول نحو تعليم ذكي في قطر: البنية التحتية الرقمية، وتأهيل الكوادر التربوية، وتطوير المناهج بما يلائم معطيات العصر الرقمي. البنية التحتية الرقمية حجر الأساس للتعليم الذكي في قطر لا يمكن الحديث عن «التعليم الذكي» بمعزل عن البنية التحتية الرقمية التي تمكّنه وتدعمه. وقد أحرزت دولة قطر تقدمًا ملحوظًا في هذا المجال، من خلال إدخال الإنترنت عالي السرعة إلى غالبية المدارس، وتوفير الأجهزة التقنية الحديثة كالحواسيب والألواح الذكية وتفرض هذه النقلة الرقمية تحديات على صعيد حماية البيانات الشخصية في المدارس والمراكز الأكاديمية والتعليمية القطرية، ما يوجب استثمارات جدية في الأمن السيبراني لضمان الخصوصية وسلامة المعلومات، لا سيما أن الذكاء الاصطناعي يعتمد بشكل أساسي على تحليل كمّ هائل من البيانات الحساسة. وقد شرعت وزارة التربية والتعليم العالي في دولة قطر فعليًا في اتخاذ خطوات ملموسة نحو هذا التحول، إلا أن التحدي الحقيقي يكمن في تعميم التجربة على جميع المدارس، الحكومية والخاصة، بشكل متوازن يضمن تكافؤ الفرص وجودة التعليم للجميع. المعلم في عصر الذكاء الاصطناعي من ناقل للمعرفة إلى موجه ومصمم للتعلم أحد أبرز التحولات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على التعليم هو إعادة تعريف دور المعلم. ولم يعد المعلم مصدر المعرفة الوحيد، بل أصبح دوره يتمحور حول الإرشاد، وإدارة العمليات التعليمية، وتحفيز الطلاب على التفكير النقدي. ولذلك، فإن تأهيل المعلمين في قطر لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي يمثل أولوية استراتيجية. ويشمل هذا التأهيل تدريب المعلمين على أدوات الذكاء الاصطناعي التربوية، مثل النظم التفاعلية، والمساعدات الذكية، والتقييمات التكيفية. وتحويل المعلم إلى «مصمم تعلم»، يعرف كيف يدمج المحتوى مع التكنولوجيا، ويكيف طرق التدريس حسب أنماط التعلم المختلفة للطلاب. وإعداد برامج تدريب مستمر تواكب التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المعرفة الأساسية بالخوارزميات وأخلاقيات الاستخدام. وقد بدأت جامعة قطر ومؤسسات مثل معهد الدوحة للدراسات العليا في تقديم دورات حول التعليم الرقمي، لكن الحاجة الآن هي إلى خطة وطنية موسعة لتأهيل المعلمين على نطاق واسع وبشكل متدرج ومنهجي. نحو محتوى قابل للتخصيص والتكيف الذكي إن الذكاء الاصطناعي لا يفرض فقط أدوات جديدة، بل يعيد تشكيل جوهر العملية التعليمية، أي المحتوى والمناهج. وفي السياق القطري، تحتاج المناهج الوطنية إلى مراجعة شاملة تتيح إدراج مفاهيم الذكاء الاصطناعي والبرمجة من المراحل الدراسية الأولى، لتأهيل الجيل الجديد لفهم التكنولوجيا التي سيتعامل معها، وإعادة تصميم المحتوى ليكون تفاعليًا، متنوع المصادر، وقابلًا للتخصيص عبر المنصات الذكية. وكذلك تضمين المهارات المستقبلية مثل التفكير النقدي، الإبداع، التعاون، وحل المشكلات، باعتبارها الأساس الذي يمكن أن يرافق الطالب طوال مسيرته في ظل عالم متغير. وقد أطلقت مؤسسة قطر، من خلال «واحة العلوم والتكنولوجيا»، مبادرات رائدة في هذا المجال، من بينها مسابقات الذكاء الاصطناعي، وبرامج تدريبية للطلاب في تحليل البيانات وتطوير الروبوتات. أظهر الذكاء الاصطناعي أنه ليس ترفًا تكنولوجيًا، بل شرطًا أساسيًا لبقاء نظم التعليم مواكبة للعصر. ودولة قطر، بما تمتلكه من بنية تحتية حديثة، ورؤية واضحة للتنمية البشرية، قادرة على أن تصبح نموذجًا إقليميًا في «التعليم الذكي» إذا ما تكاملت الجهود بين الدولة، والمدارس، والمجتمع الأكاديمي، ومؤسسات القطاع الخاص. وإن الانتقال إلى التعليم المعتمد على الذكاء الاصطناعي ليس فقط استثماراً في التكنولوجيا، بل هو استثمار في الإنسان القطري، وتأهيل لجيل قادر على التفكير المستقل، والتعلم مدى الحياة، وصناعة المستقبل.

792

| 22 مايو 2025

الأمن السيبراني لأطفال قَطر

تشهد دولة قطر تناميًا ملحوظًا في اعتماد الأطفال على التقنيات الرقمية منذ سن مبكرة، ما يجعل الأمن السيبراني للأطفال ضرورة تربوية ملحّة. لقد وضعت قطر مسألة حماية الأطفال رقميًا ضمن أولويات استراتيجياتها الوطنية. فقد أُنشئت الوكالة الوطنية للأمن السيبراني لوضع سياسات ومبادرات شاملة لتعزيز الوعي بالأمن الرقمي لدى كافة فئات المجتمع، وعلى رأسها الطلاب. وفي عام 2023، أدرجت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع الوكالة مناهج للأمن السيبراني في جميع المدارس الحكومية، كخطوة سبّاقة إقليميًا لتعليم مفاهيم السلامة الرقمية ومهارات المواطنة الرقمية منذ الصف الأول الابتدائي. وفي مطلع 2024، توسع تطبيق المناهج ليشمل 170 مدرسة خاصة في المرحلة الأولى مع إضافة 100 مدرسة لاحقًا، بما يضمن تعميم الثقافة الأمنية الرقمية على طلاب المدارس الخاصة أيضًا. ويصف مسؤولون هذا المشروع بأنه خطوة هامة لتعزيز وعي الطلبة وركيزة لإدخال محور التأهيل الرقمي في المحتوى التعليمي. كذلك أطلقت الوكالة الوطنية للأمن السيبراني مشروع الزيارات الميدانية «سايبر إيكو» للمدارس بهدف تدريب الطلاب عمليًا على السلامة الرقمية، وقد شمل 80 مدرسة حكومية في مرحلته الأولى، ويتوسع ليغطي 70 مدرسة خاصة إضافية. وهذه الجهود الحكومية تعكس رؤية قطر بأن تعزيز المناهج بالمعارف السيبرانية نهج وقائي فعال لحماية الأطفال، وتترجم المسؤولية الوطنية إلى سياسات واضحة تحمي الأجيال القادمة في الفضاء الإلكتروني. دور المدارس على أرض الواقع، تتجسد هذه السياسات في ممارسات المدارس اليومية، فالمدارس الحكومية تبنّت مقررات التوعية الرقمية ضمن المناهج الدراسية، حيث يتعرف الطلاب على أسس أمن المعلومات وأخلاقيات استخدام الإنترنت كجزء من نشاطاتهم الصفية. كما يجري تدريب المعلمين على إرشاد الطلبة حول السلوك الآمن عبر الإنترنت، وضبط إعدادات الخصوصية، وكيفية التعاطي مع حوادث مثل البريد التصيدي أو التنمر الإلكتروني. وفي المقابل، تعمل المدارس الخاصة والدولية في قطر على دمج مفاهيم السلامة السيبرانية ضمن مناهجها العالمية. فعلى سبيل المثال، تعتمد بعض المدارس الدولية منهج المواطنة الرقمية كجزء من برنامج تكنولوجيا المعلومات، حيث يتعلم الطلبة الاستخدام الآمن والمسؤول للتقنية جنبًا إلى جنب مع مهارات. ويتم إشراك الخبراء وأولياء الأمور في ورش عمل تتناول أساليب حماية الأطفال على الإنترنت، مثل إدارة إعدادات الخصوصية ومواجهة التنمر الرقمي، مما يعزز الثقافة المشتركة بين المدرسة والمنزل في تأمين البيئة الإلكترونية للطفل. منصات وشراكات لم تكن هذه النجاحات ممكنة دون شراكات محلية ودولية دعمت الجهود التربوية. فالمدارس القطرية تستفيد من منصات تقنية آمنة مصممة للبيئة التعليمية؛ على سبيل المثال، يوفر برنامج «سديم» منصة رقمية متكاملة للطلاب تتيح متابعة الدروس والواجبات إلكترونيًا ضمن بيئة مراقبة وآمنة. وتمكن هذه المنصة الطالب من الوصول إلى الدروس والامتحانات والمحاضرات التفاعلية مع توفير مكتبة إلكترونية غنية، كما تسمح للوالدين بمتابعة أداء أبنائهم عبر إشعارات فورية وتقارير حضور وتقييم. وكذلك ظهر نظام «رتاج» كإحدى المنصات التعليمية التي تسعى لتأمين التواصل الإلكتروني بين الطالب والمدرسة عبر بوابة إلكترونية موثوقة، مما يعكس حرص المؤسسات التعليمية على تبنّي أدوات تقنية تراعي معايير السلامة والخصوصية. وإلى جانب ذلك، برز تعاون وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مع تلفزيون قطر في إطلاق مبادرة «فضاء آمن» التي تتضمن محتوى ترفيهيًا تعليميًا للأطفال حول السلامة الرقمية. ففي مارس 2025، عُرض مسلسل رسوم متحركة بعنوان «عالم سيف» تناول موضوعات مثل التنمر السيبراني وحماية الخصوصية والاستخدام الآمن لوسائل التواصل الاجتماعي. ويستهدف هذا العمل توعية الأطفال بأسلوب مشوّق وجذاب، وهذه الشراكات المتنوعة – سواء عبر منصات تعليمية آمنة أو محتوى إعلامي هادف أو مبادرات شركات واتصالات – تكمل دور المدرسة وتوفر مظلة دعم مجتمعية واسعة لتعزيز المناعة الرقمية لدى النشء. نحو جيل واعٍ ومسؤول رقميًا تدل كل تلك الجهود المتضافرة على إدراك عميق في دولة قطر لأهمية تعزيز الوعي الرقمي كجزء من المسؤولية التربوية للمدارس. فلم يعد دور المدرسة مقتصرًا على التعليم الأكاديمي التقليدي، بل أصبح ترسيخ ثقافة الاستخدام الآمن للتكنولوجيا حجر زاوية في تنشئة المواطن الصغير. ومع استمرار التطور التقني، ستظل المدارس خط الدفاع الأول لحماية الأطفال من المخاطر السيبرانية، عبر إعداد جيل قطر الرقمي ليكون واعيًا ومحصنًا ضد التهديدات الإلكترونية وقادرًا على الاستفادة من فرص العالم الرقمي بثقة وأمان.

765

| 06 مايو 2025

جائزة "روضة" رؤية أميرية لترسيخ ثقافة العطاء

خطوة مباركة تعكس عمق التوجّه الإنساني والاجتماعي لقيادة دولة قطر، أصدر حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، القرار الأميري رقم (16) لسنة 2025، والقاضي بإنشاء «جائزة روضة للتميّز في العمل الاجتماعي»، وهي جائزة نوعية تحمل دلالات رمزية ووطنية في آنٍ واحد، وتجسّد حرص الدولة على تكريم روّاد العمل الاجتماعي، وتشجيع المبادرات الرائدة في هذا القطاع الحيوي. القرار إشارة واضحة إلى جدية الدولة في دعم المبادرة وجعلها جزءًا من البنية المؤسسية الوطنية الداعمة للتنمية المجتمعية. ترسيخ للهوية الوطنية عبر العمل المجتمعي جائزة «روضة» خطوة نوعية نحو ترسيخ الهوية الوطنية القائمة على قيم التعاون والتكافل والمسؤولية. فهي لا تقتصر على تكريم الجهود الفردية والمؤسسية، بل تُسهم أيضًا في صياغة وعي مجتمعي جديد يُعلي من قيمة العمل من أجل الآخرين، ويربط بين الانتماء للوطن والمبادرة لخدمة المجتمع. كما أن هذه الجائزة تفتح المجال أمام الشباب القطري ليكونوا فاعلين في مشروعات اجتماعية وإنسانية تُعزز من تماسك النسيج الاجتماعي، وتدعم التوازن بين التنمية المادية والروحية في مسار بناء قطر الحديثة. رؤية إنسانية باسمٍ رمزي يحمل اسم الجائزة «روضة» بُعدًا رمزيًا لافتًا، فـ «الروضة» في الوجدان العربي والإسلامي هي موطن الخير، والسكينة، والرحمة، وهي مفردة ترتبط في سياقها الروحي بقيم العطاء والبرّ والخير. ومن هنا، فإن اختيار هذا الاسم لا يبدو عابرًا، بل يحمل رسالة بأن هذه الجائزة ستكون «روضة» حقيقية تحتضن جهود الفاعلين في ميدان العمل الاجتماعي، وتشجعهم على مواصلة عطائهم لخدمة الإنسان، بصرف النظر عن خلفيته أو ظرفه. ويمكن النظر إلى الجائزة أيضًا كامتداد للتقاليد القطرية الأصيلة في الإحسان والتكافل، ومأسسة هذه القيم في أطر تنظيمية، بما يعزز من حضورها في السياسات الاجتماعية العامة، ويسهم في بناء مجتمع أكثر تماسكًا وعدالة. تشجيع للابتكار الاجتماعي وتعزيز للشراكة المجتمعية جاءت الجائزة في وقت يشهد فيه العمل الاجتماعي في قطر تطورًا لافتًا على مستوى الأفكار والبرامج والمبادرات، سواء من قبل المؤسسات الرسمية أو الجمعيات الأهلية. وبالتالي، فإن «جائزة روضة» تمثّل أداة تحفيزية حقيقية لتشجيع الابتكار الاجتماعي، وخلق نماذج جديدة لحل المشكلات المجتمعية، سواء في مجالات التعليم، الصحة، البيئة، أو تمكين الفئات المهمشة. كذلك، من المتوقع أن تُسهم الجائزة في تعزيز الشراكة بين القطاع العام والمجتمع المدني، وفتح آفاق أوسع للعمل التشاركي، بما يتماشى مع رؤية قطر الوطنية 2030 التي تؤكد على التنمية البشرية والمجتمعية كأولوية وطنية. نقلة نوعية في التكريم الوطني للعمل الإنساني ما يميز «جائزة روضة» هو أنها ترفع من قيمة العمل الاجتماعي إلى مصاف الأعمال الوطنية الكبرى، وتُشعر كل من يعمل بإخلاص في خدمة مجتمعه بأنه جزء من المشروع الوطني الجامع لبناء الدولة وتعزيز تماسكها الاجتماعي. وستكون الجائزة - بلا شك - دافعًا قويًا للأفراد والمؤسسات لتقديم الأفضل، وابتكار الحلول الاجتماعية الأكثر فاعلية واستدامة. في زمن تتعاظم فيه التحديات والرهانات على مستقبل وطننا الغالي، يصبح العمل الاجتماعي والإنساني ركيزة أساسية في أي مسار تنموي. وجائزة «روضة»، بتوجيه من سمو الأمير المفدى، تُعد نقلة نوعية في مسيرة العمل المجتمعي في قطر، ورسالة قوية بأن التميّز في خدمة الناس ليس فقط محل تقدير، بل موضع احتفاء رسمي وأخلاقي.

414

| 17 أبريل 2025

التعليم المهني.. جسر نحو سوق العمل أم تحديات تحتاج لحلول؟

شهدت دولة قطر في السنوات الأخيرة تطورًا سريعًا في جميع مجالات الحياة، وخاصة في مجال التعليم. وعلى الرغم من أن التعليم الجامعي كان قديمًا هو الهدف الأساسي للأفراد في مختلف المجالات، إلا أن التعليم المهني بدأ يكتسب أهمية متزايدة في ظل التوجهات الاقتصادية الجديدة، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد القطري وتخريج كوادر قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل المتنامي. ولكن، على الرغم من هذا الاهتمام الكبير بالتعليم المهني، إلا أن هناك العديد من التحديات التي لا تزال تواجهه، مما يثير التساؤل: هل يمكن أن يكون التعليم المهني في قطر جسرًا حقيقيًا نحو سوق العمل أم أنه بحاجة إلى حلول مبتكرة لمواجهة هذه التحديات؟ أهمية التعليم المهني في قطر دولة قطر تعتبر من الدول التي تشهد نموًا اقتصاديًا سريعًا، مدفوعةً بمشاريع ضخمة مثل كأس العالم 2022، ورؤية قطر الوطنية 2030 التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط والغاز وتعزيز الاقتصاد المتنوع. وفي هذا السياق، يبرز التعليم المهني كأداة حيوية لتحقيق هذه الرؤية، حيث يساهم في تزويد السوق بكفاءات في العديد من القطاعات المهنية والصناعية التي لا يتطلب العمل فيها بالضرورة الحصول على شهادة جامعية. وعلى سبيل المثال، الصناعات الإنشائية، والسياحة، والرعاية الصحية، وصناعة التكنولوجيا، وهذه بحاجة ماسة إلى عمال مهرة ومؤهلين. إلى جانب ذلك، يعزز التعليم المهني فرص الشباب القطري في الاندماج المباشر في سوق العمل. ففي بيئة مهنية معقدة ومتنوعة، يحتاج الموظفون إلى مجموعة من المهارات العملية التي لا يمكن اكتسابها بشكل كامل من خلال التعليم الجامعي التقليدي، مما يجعل التعليم المهني الخيار المثالي لتأهيل الشباب للعمل في هذه القطاعات. واقع التعليم المهني في دولة قطر رغم الفوائد العديدة للتعليم المهني في قطر، فإنه لا يخلو من التحديات. وإن أول هذه التحديات هو نقص الوعي المجتمعي حول أهميته. وفي العديد من المجتمعات العربية، بما في ذلك قطر، لا يزال التعليم الجامعي هو الخيار المفضل للأسرة والشباب على حد سواء، بينما يُنظر إلى التعليم المهني أحيانًا على أنه خيار ثانوي أو غير مناسب. ومن ناحية ثانية، تعاني بعض مؤسسات التعليم المهني في قطر من نقص في جودة البرامج التدريبية. وبالرغم من وجود بعض المؤسسات الأكاديمية التي تقدم برامج مهنية متخصصة، إلا أن بعض هذه البرامج لا تلبي احتياجات سوق العمل بالقدر الكافي. كما أن بعض البرامج تفتقر إلى التدريب العملي الكافي، وهو ما يشكل عائقًا أمام الطلاب للحصول على المهارات المطلوبة. كما تواجَهُ برامج التعليم المهني في قطر بتحديات تتعلق بنقص التعاون بين المؤسسات التعليمية وسوق العمل. وفي العديد من الحالات، لا يتم تزويد الطلاب بالتدريب المناسب أو المعلومات المطلوبة حول احتياجات السوق. ولتجاوز هذه التحديات وتحقيق أقصى استفادة من التعليم المهني، يكون هناك تفاعل بين الحكومة والمؤسسات التعليمية والقطاع الخاص. وزيادة الوعي بأهمية التعليم المهني بين الأفراد والأسر، وإظهار الفوائد العملية التي يمكن أن يحققها الخريجون في سوق العمل، بالإضافة إلى تشجيع الشركات والمؤسسات الكبيرة على دعم برامج التعليم المهني. ويتعين على المؤسسات التعليمية تطوير برامج مهنية متخصصة تلبي احتياجات السوق، بالتعاون مع الشركات المحلية والدولية. ومن خلال إشراك أصحاب الأعمال في تطوير المناهج الدراسية والتأكد من أن التدريب العملي يتم على أرض الواقع، يمكن زيادة فاعلية التعليم المهني في تأهيل الطلاب وتزويدهم بالمهارات التي يحتاجونها. ومع استمرار تطور الاقتصاد القطري، سيكون من الضروري أن يتم تعزيز التعليم المهني ليكون جسرًا حقيقيًا نحو سوق العمل. ومن خلال تطوير المناهج الدراسية، وتوسيع نطاق برامج التدريب، وتبني تقنيات التعليم الحديثة، يمكن لدولة قطر أن تحقق هذا الهدف. وبهذا، يصبح التعليم المهني جسرًا حقيقيًا نحو سوق العمل ويحقق طموحات قطر في خلق اقتصاد متنوع ومستدام.

924

| 10 مارس 2025

الضيافة القطرية.. سر جذب السياح

الضيافة القطرية واحدة من العوامل الرئيسية التي جعلت قطر وجهة سياحية عالمية بامتياز، حيث تمتزج الأصالة بالتقاليد العريقة مع الخدمات الفاخرة التي تنافس أفضل الوجهات العالمية. فمنذ لحظة وصول الزائر والسائح إلى مطار حمد الدولي، يشعر بكرم الضيافة المتجذر في الثقافة القطرية، مما يخلق تجربة فريدة لا تُنسى. ويرى المعالم التي تعبر عن روح المجتمع وثقافته وأصالته. يعتبر الكرم جزءًا لا يتجزأ من الهوية القطرية، حيث تعود جذوره إلى العادات البدوية التي كانت تقوم على استقبال الضيف وإكرامه بغض النظر عن هويته أو جنسيته. وهذا الإرث الثقافي لا يزال قائماً حتى اليوم، حيث يستقبل القطريون زوارهم بترحيب دافئ وكرم أصيل، يتجلى في تقديم القهوة العربية والتمر، وهو تقليد يعكس عمق الضيافة القطرية. ولا يقتصر الأمر على المنازل فقط، بل يظهر هذا الكرم في الفنادق الفاخرة والمطاعم والأسواق التقليدية، حيث يسعى مقدمو الخدمات إلى جعل كل زائر يشعر وكأنه في بيته. كما أن الابتسامة الدائمة وحسن الاستقبال في الأماكن العامة تعكس الثقافة القطرية القائمة على الاحترام والتقدير للضيوف. فنادق فاخرة وتجربة إقامة مميزة ساهمت الاستثمارات الكبيرة في قطاع السياحة والضيافة في تعزيز مكانة قطر كوجهة سياحية عالمية، حيث تضم الدولة مجموعة من أفخم الفنادق والمنتجعات التي تقدم تجربة إقامة استثنائية. ومن أبرز هذه الفنادق «منتجع جزيرة البنانا» الذي يوفر إقامة فاخرة وسط أجواء بحرية ساحرة، وفندق «مارسيا» الذي يمزج بين الطابع التراثي والحداثة العصرية. وتتميز هذه الفنادق بمستوى عالٍ من الخدمات التي تلبي توقعات الزوار من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك تجارب الطهي الفريدة، والمنتجعات الصحية، والخدمات الشخصية التي تجعل الضيف يشعر بالراحة والاهتمام بأدق تفاصيل إقامته. المهرجانات والتجارب الثقافية: نافذة على التراث القطري تقدم قطر للسياح فرصة استكشاف ثقافتها الغنية من خلال المهرجانات والفعاليات التي تُنظم على مدار العام. ومن أبرز هذه الفعاليات مهرجان «كتارا للمحامل التقليدية»، الذي يحتفي بالإرث البحري القطري ويعرض الفنون البحرية التقليدية. كما يشهد مهرجان «الخور الثقافي» حضورًا لافتًا بفضل العروض الموسيقية والمسرحية التي تعكس التراث المحلي. ويُعدّ سوق واقف من أبرز الوجهات السياحية التي تمنح الزوار تجربة أصيلة، حيث يمكنهم التجول بين المحلات التقليدية، وشراء المشغولات اليدوية، وتذوق المأكولات القطرية، مما يعزز من تجربة السياح في فهم الهوية القطرية عن قرب. - المطبخ القطري: رحلة مذاقية لا تُنسى تعدّ تجربة الطعام من أهم عناصر الضيافة القطرية، حيث يوفر المطبخ القطري مزيجًا من النكهات التقليدية والمعاصرة. وتشمل قائمة الأطباق الشهيرة «المجبوس» الذي يُعدّ من الأكلات الوطنية الأساسية، و”الثريد” الذي يُعتبر وجبة تراثية تحمل بعدًا ثقافيًا وتاريخيًا. كما توفر قطر مجموعة من المطاعم الفاخرة التي تقدم أشهى الأطباق العربية والعالمية، مما يجعل تجربة الطعام جزءًا لا يتجزأ من رحلة السائح إلى البلاد. - التطور السياحي وخدمات عالمية المستوى لم تقتصر جهود قطر على تعزيز الضيافة من خلال العادات والتقاليد، بل عملت أيضًا على تطوير بنية تحتية سياحية متقدمة تشمل مطارًا دوليًا من بين الأفضل في العالم، ونظام نقل متكامل، ومرافق سياحية متطورة، مثل «متاحف مشيرب» و»متحف قطر الوطني»، التي تسلط الضوء على تاريخ البلاد وثقافتها الفريدة. كما ساهمت استضافة كأس العالم 2022 في تعزيز مكانة قطر السياحية، حيث اكتسبت الدولة شهرة عالمية بفضل قدرتها على تنظيم فعاليات كبرى مع توفير تجربة ضيافة استثنائية لآلاف الزوار. وهكذا غدت دولة قطر وجهة سياحية بارزة بفضل ضيافتها الفريدة التي تجمع بين التقاليد الأصيلة والخدمات الفاخرة. فمن الترحيب الحار في الشوارع والأسواق إلى الفخامة في الفنادق والمطاعم، تشكل الضيافة القطرية عاملاً رئيسيًا في جذب السياح من مختلف أنحاء العالم، مما يجعل زيارتها تجربة لا تُنسى.

582

| 27 فبراير 2025

النقل العام في قطر .. قفزة نحو مستقبل أكثر استدامة

شهدت دولة قَطر تحولات جذرية في قطاع النقل، حيث عملت الحكومة بكل طاقاتها على تطوير مشاريع ضخمة في البنى التحتية للنقل البري والبحري والجوي؛ بهدف تحسين جودة الحياة وتسهيل التنقل. ومن بين أبرز هذه المشاريع شبكة مترو الدوحة، التي تُعد واحدة من الأكثر تطورًا في العالم، حيث توفر وسيلة نقل حديثة وسريعة تقلل من الازدحام المروري وتعزز الاستدامة. وإلى جانب ذلك، استثمرت الدولة في تحسين البنية التحتية البرية، عبر توسعة الطرق السريعة وإنشاء الجسور والأنفاق الذكية التي تضمن تدفقًا مروريًا سلسًا، وتقلل من وقت التنقل بين المناطق. وعلى صعيد النقل البحري، يُعد ميناء حمد أحد أكبر الموانئ في المنطقة، حيث يسهم بشكل كبير في تعزيز التجارة الدولية ويُسهل عمليات الشحن والتفريغ باستخدام تقنيات حديثة مثل الأتمتة والذكاء الاصطناعي، ما يرفع من كفاءة العمليات اللوجستية ويعزز مكانة قطر كمركز تجاري إقليمي. وأما في مجال النقل الجوي، فقد شهد مطار حمد الدولي توسعات ضخمة، وتحول إلى تحفة معمارية وأيقونة في الانتظام والزخم الخدمي والإداري واللوجستي، مع إضافة مرافق حديثة تهدف إلى تحسين تجربة المسافرين وزيادة القدرة الاستيعابية، مما يجعله واحدًا من أكثر المطارات تطورًا في العالم، وقادرًا على استيعاب ملايين المسافرين سنويًا. تأثير النقل على جودة الحياة في دولة قطر لم تقتصر جهود تطوير البنية التحتية للنقل في قطر على توفير وسائل مواصلات حديثة فحسب، بل انعكست بشكل مباشر على جودة الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين. فقد ساهمت شبكة الحافلات الكهربائية، على سبيل المثال، في تقليل التلوث البيئي، مما أثر إيجابيًا على الصحة العامة. وتشير الدراسات إلى انخفاض مستويات الانبعاثات الكربونية في المناطق الحضرية التي تعتمد على هذه الحافلات، الأمر الذي يسهم في تحسين نوعية الهواء والحد من الأمراض المرتبطة بالتلوث. بالإضافة إلى ذلك، فإن التحسينات في شبكة الطرق والجسور، مثل مشروع طريق الخور السريع الذي يربط الدوحة بمدينة الخور، ساعدت في تقليص مدة التنقل بين المدن وتقليل الاختناقات المرورية، ما يوفر وقتًا ثمينًا للسكان ويزيد من كفاءة الأعمال. كما أن هذه الاستثمارات عززت من جاذبية قطر كمركز للأعمال والاستثمارات، حيث بات بإمكان الشركات التنقل بسهولة بين المناطق الاقتصادية والموانئ والمطار، مما يعزز النشاط التجاري ويخلق المزيد من فرص العمل. النقل القطري ... نحو مستقبل أكثر استدامة تسير قطر بخطى ثابتة نحو تعزيز الاستدامة في قطاع النقل، عبر اعتماد حلول صديقة للبيئة مثل التاكسي الكهربائي، ودمج أنظمة النقل الذكية التي تعتمد على البيانات الضخمة لتحسين كفاءة الحركة المرورية. هذه الاستثمارات ليست مجرد تحسينات تقنية، بل تمثل تحوّلًا استراتيجيًا نحو اقتصاد أكثر استدامة يعتمد على الطاقة النظيفة والتقنيات المتطورة. ومن بين المبادرات المستقبلية الواعدة، مشروع مترو أنفاق الدوحة بدون سائق، الذي يعتمد على الطاقة المتجددة ويقلل الاعتماد على المركبات الخاصة، بالإضافة إلى توسيع ممرات المشاة ومسارات الدراجات الهوائية لتعزيز التنقل المستدام. كما يتم تطوير أنظمة شحن المركبات الكهربائية في المواقف العامة، مما يشجع السكان على استخدام وسائل النقل الصديقة للبيئة. وبفضل هذه الجهود، أصبح النقل العام في قطر نموذجًا عالميًا للتطوير الذكي، حيث يحقق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، ويوفر للسكان والزوار تجربة تنقل سلسة وفعالة. ومن خلال استمرار هذه الاستثمارات، تضع قطر نفسها في طليعة الدول التي تسعى لبناء مدن المستقبل، حيث يكون التنقل مريحًا، آمنًا، ومستدامًا.

546

| 19 فبراير 2025

رؤية قَطر وطنية للصحة 2030 .. إنجازات مشرقة

في سباق الزمن نحو مستقبل أكثر صحة ورفاهية، تخطو دولة قَطر خطوات ثابتة في تطوير قطاعها الصحي، مستندةً إلى رؤية وطنية وإستراتيجية طموحة تسعى إلى بناء نظام صحي راقٍ وعالمي المستوى. فقد تحولت البلاد خلال السنوات الأخيرة إلى نموذج يُحتذى به في تقديم الرعاية الصحية، بفضل استثمارات ضخمة، وتخطيط إستراتيجي دقيق. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تفرض نفسها على الطريق، مما يستدعي مزيدًا من الجهود لضمان مستقبل صحي مستدام. قفزات نوعية في القطاع الصحي لم تكن الإنجازات الصحية التي حققتها دولة قَطر وليدة الصدفة، بل جاءت نتيجة رؤية واضحة، وإصرار على التميز. فمع توسع شبكة المستشفيات والمراكز الطبية، بات الوصول إلى الرعاية الصحية أسهل وأسرع، ما انعكس بشكل مباشر على جودة الخدمات المقدمة. ومن بين الصروح الطبية الرائدة التي شهدت النور في السنوات الأخيرة، يأتي "مركز سدرة للطب"، الذي تحول إلى وجهة طبية محورية في رعاية المرأة والطفل، إلى جانب توسعة "مستشفى حمد العام"، الذي عزز قدرته الاستيعابية ليواكب الطلب المتزايد على مستوى الدولة. ولكن التطوير لم يقتصر على البنية التحتية، بل شمل أيضًا تحديث الأنظمة الصحية، وتبني أحدث التقنيات الطبية. فالذكاء الاصطناعي بات اليوم جزءًا لا يتجزأ من عملية التشخيص، والتحليل، والمقاربة الطبية، والعلاج، مما رفع كفاءة الأداء الطبي إلى مستوى عالٍ، وقلل من معدلات الأخطاء، وأتاح للمرضى خدمات أسرع، وأكثر دقة. نجاحات في مكافحة الأمراض وتعزيز الوقاية الوقاية خير من العلاج، وهذا ما أدركته قطر مبكرًا، حيث أطلقت حملات توعوية واسعة لتعزيز أنماط الحياة الصحية بين المواطنين؛ فحملة "قطر نشطة"، على سبيل المثال، نجحت في نشر ثقافة ممارسة الرياضة، والتغذية المتوازنة، فيما ساهمت السياسات الصارمة ضد التدخين في تقليل أعداد المدخنين، مما انعكس إيجابًا على الصحة العامة، وهذه المبادرات آخذة في التوسع على المستوى الوطني. وفي مواجهة الأوبئة، أثبتت قطر جاهزيتها وقدرتها العالية خلال جائحة كوفيد - 19، حيث اعتمدت إستراتيجيات فعالة مكّنتها من اِحتواء الأزمة بسرعة، بدءًا من فرض الإجراءات الوقائية الصارمة، ومرورًا بتوفير اللقاحات على نطاق واسع، وحتى وصولًا إلى تقديم رعاية طبية متقدمة لمرضى الفيروس. ونتيجة لهذه الجهود، حققت البلاد واحدًا من أدنى معدلات الوفيات عالميًا خلال الجائحة. التحديات لا زالت تفرض نفسها رغم هذا التقدم الطبي الوطني المبهر وفق رؤية التنمية لعام 2030م، إلا أن التحديات لا تزال قائمة. فالنمو السكاني المتسارع يشكل ضغطًا متزايدًا على الخدمات الصحية، مما يستدعي توسيع القدرات الطبية بوتيرة أسرع. كما أن اِنتشار الأمراض المزمنة، مثل السكري والسُّمنة، لا يزال مصدر قلق، حيث تتطلب مكافحتها جهودًا مضاعفة من خلال برامج التوعية، وتحفيز الأفراد على تبني أسلوب حياة صحي. أما على مستوى الكوادر الطبية، فلا تزال قطر تعتمد إلى حد كبير على الكفاءات الأجنبية، مما يجعل تطوير وتأهيل الكوادر الوطنية ضرورة ملحة. ورغم الجهود المبذولة في هذا المجال، إلا أن سدّ هذه الفجوة يتطلب مزيدًا من الاستثمارات في التعليم والتدريب الطبي. ونحو مستقبل طبي أكثر إشراقاً، ومع اقتراب عام 2030، تواصل دولة قَطر تعزيز منظومتها الصحية من خلال الاستثمار في التكنولوجيا والبحث العلمي وإرسال البعثات واستقدام الخبرات العالمية، حيث تسعى إلى تحقيق الاستدامة في المجال الصحي، وضمان تقديم خدمات طبية بمستوى عالمي للجميع. وإن ما تحقق حتى اليوم هو قصة نجاح تستحق الإشادة، ولكن الطريق نحو مستقبل أكثر صحةً لا يزال مليئًا بالتحديات. وبينما تستعد دولة قطر لمواجهة هذه العقبات، يبقى الهدف الأسمى هو تمكين مجتمع يتمتع بالصحة والراحة والرفاهية، في ظل نظامٍ صحيٍ متطورٍ يواكب متطلبات واحتياجات العصر.

561

| 10 فبراير 2025

المجتمع القطري بين الحداثة والتقاليد

وسط عالم متغير ومتسارع، يتجه المجتمع القطري بخطوات واثقة نحو المستقبل، حيث يحقق التوازن بين أصالته العريقة وحداثته المتجددة. حيث يجمع هذا المجتمع بين القيم العربية والإسلامية الراسخة التي ورثها عن الآباء والأجداد، ورؤية عصرية تنموية طموحة تسعى إلى تحقيق تطلعاته المستقبلية، في إطار رؤية قطر الوطنية 2030م. الحفاظ على الهوية والتراث في وجه الحداثة الحفاظ على الهوية الوطنية والتراث الثقافي هو أحد أكثر التحديات التي تواجه المجتمعات الخليجية، ومنها المجتمع القطري، في ظل الانفتاح الاقتصادي والثقافي. ومع تسارع التحولات التكنولوجية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، واحتضانها لمشاريع وفعاليات كبرى مثل استضافة كأس العالم FIFA 2022، ظهرت الحاجة الماسّة إلى إحياء الإرث الحضاري والثقافي، وربط المجتمع بالجذور الثقافية، مع تعزيز الانفتاح المدروس والأخلاقي على العالم. ولقد نجح المجتمع القطري إلى حد كبير في الحفاظ على إرثه الثقافي والتقاليد القطرية الأصيلة، حيث تظل المجالس القطرية رمزًا للموروث الشعبي والتواصل الاجتماعي. وتعتبر المجالس ملتقى للأجيال يتم فيها تبادل القصص الشعبية والحِكم والموروثات القطرية، مما يضمن استمرارية نقل القيم من جيل إلى آخر. وتبرز كذلك الرياضات التراثية مثل سباقات الهجن والصيد بالصقور، التي تُشكِّل جزءًا مهمًا من الهوية القطرية، وتُقام لها مهرجانات سنوية تحظى بمشاركة محلية ودولية واسعة. وفي المجال الثقافي، يلعب «سوق واقف» دورًا بارزًا في عرض التراث القَطري، حيث يُعدّ نافذة للسكان والزوار على العادات والتقاليد القطرية من خلال الفنون الشعبية والحرف اليدوية والمأكولات التقليدية. كما تحتضن متاحف دولة قطر مجموعات فريدة من القطع الأثرية والمخطوطات التاريخية التي تُبرز مراحل تطور الثقافة القطرية، ودورها في الإسهام الحضاري. ومع تسارع وتيرة الحياة، تسعى الحكومة القطرية إلى تعزيز الهوية الوطنية من خلال مبادرات متنوعة، منها إدخال التراث في المناهج التعليمية، وتطوير برامج مجتمعية تُشجّع الشباب على التفاعل مع ماضيهم الثقافي. وفي الوقت ذاته، يبرز الدور المحوري للأزياء القطرية التقليدية، مثل «الثوب» و»البشت»، التي لا تزال تُرتدى في المناسبات الرسمية لتعكس الهوية الثقافية، وروح الأصالة لدى مجتمع ينبض بتلك الحياة الجميلة. التحديث في ظل الخصوصية الثقافية دولة قطر تمثل نموذجًا متميزًا في المزج والمواءمة بين التقاليد والحداثة، حيث استطاعت أن تبني اقتصادًا حديثًا ومتطورًا دون المساس بهويتها وقيمها الثقافية. ومن خلال الاستثمارات الضخمة في مجالات التكنولوجيا والرقمنة العصرية، ومؤسسات الذكاء الصناعي، والأمن السيبراني، والتطور الشبكي، والطاقة المتجددة، وتعزيز دور المرأة في التنمية، عملت دولة قطر على تحقيق نقلة نوعية في جودة الحياة، مع الحفاظ على الأعراف والقيم المجتمعية الأصيلة. على سبيل المثال، أفسحت الدولة المجال أمام المرأة القطرية للمشاركة بفاعلية في الحياة العامة، مع التأكيد على أهمية دورها في الأسرة والحفاظ على الروابط الاجتماعية. كما أن الشباب القطري بات يُشارك بفعالية في رسم ملامح المستقبل، من خلال مبادرات مبتكرة في مجال ريادة الأعمال والتكنولوجيا، مما يؤكد على قدرة المجتمع القَطري على التكيف مع متطلبات العصر مع الحفاظ على قيمه وأصالته وروحه الثقافية. علاوة على ذلك، تشهد قطر تنوعًا سكانيًا فريدًا، حيث يعيش على أرضها مواطنون ومقيمون من مختلف الجنسيات. وقد ساهم هذا التنوع في إثراء النسيج المجتمعي القطري، مع تعزيز قيم التسامح والتعايش الإنساني المبهر. لا شك أن المجتمع القطري يعد مثالًا حيًا على إمكانية تحقيق التوازن بين الحداثة والتقاليد، في ظل التحولات العالمية السريعة. ومع التمسك بالقيم الثقافية والعمل على تحديث البنى التحتية وتعزيز الانفتاح، تبدو بلادنا في طريقها لتحقيق نموذج تنموي مستدام يحفظ الإرث الثقافي والحضاري، ويلبي طموحات الحاضر.

1359

| 29 يناير 2025

الشباب القَطري: عماد التنمية ورهان المستقبل

ما انفكت دولة قَطر تؤمن بالدور الحيوي للشباب في بناء المجتمعات وتحقيق التنمية الشاملة، إدراكًا منها أن الشباب هم الركيزة الأساسية لأي نهضة وطنية. ولطالما سعت القيادة الحكيمة إلى تمكين هذه الفئة على مختلف الأصعدة، إيمانًا بقدراتهم التي تجلت في تحقيقهم قفزات نوعية على الساحة المحلية والدولية، كان أبرزها التقدم الملحوظ على مؤشر تنمية الشباب العالمي 2020م، حيث احتلت قطر المرتبة الثانية عربيًا والـ32 عالميًا من بين 181 دولة، وهو تقدم يعكس إرادة القيادة الحكيمة، وجهود الشباب القطري المتواصلة. إستراتيجية تمكين الشّباب في دولة قَطر يُعد تمكين الشباب محورًا أساسيًا في رؤية قطر 2030م، التي تستهدف بناء مجتمع متماسك ومزدهر يعتمد على مشاركة جميع أفراده، وخاصة أفراده الشباب. وقد وضعت قطر إستراتيجيات متكاملة لتحقيق هذا الهدف، من بينها تأسيس اللجنة الشبابية الاستشارية لوزير الثقافة والرياضة، التي أُنشئت لتعزيز صوت الشباب في اقتراح السياسات والمبادرات الوطنية. هذه اللجنة، التي انتخب أعضاؤها من خلال عملية ديمقراطية شارك فيها أكثر من ألفي شاب وشابة، تعتبر خطوة نوعية في دمج الشباب في عملية صنع القرار، وتعزيز شعورهم بالمسؤولية تجاه مجتمعهم. إضافة إلى ذلك، حرصت الدولة على تعديل الأنظمة الأساسية للمراكز الشبابية لتمنح الجمعيات العمومية صلاحيات أوسع، مثل انتخاب رؤساء ونواب رؤساء المراكز بدلاً من تعيينهم. وقد أسهم قانون الرياضة رقم 1/2016 بشكل كبير في تمكين الشباب داخل الأندية الرياضية، وجعلهم شركاء في قيادة العمل الشبابي والمجتمعي. هذه الإصلاحات التشريعية لم تقتصر على تعزيز الدور القيادي للشباب فقط، بل ساعدتهم أيضًا على تحقيق إنجازات بارزة على المؤشرات الفرعية مثل الصحة والرفاه، والتوظيف، والسلام والأمن، حيث احتلت قطر مراتب متقدمة عالميًا. دور الشباب في تعزيز الهوية الوطنية إلى جانب التمكين القيادي، ركزت دولة قطر على تعزيز الهوية الوطنية لدى الشباب من خلال فعاليات ومبادرات متنوعة. يأتي في مقدمتها الملتقى القطري للشباب، الذي تنظمه وزارة الثقافة والرياضة، ومؤتمر «إمباور»، الذي يسعى لتأهيل الشباب وتنمية مهاراتهم القيادية. كما أسست قطر مجلس الشباب القطري، الذي يعمل على ترسيخ قيم الانتماء والمواطنة، ويتيح للشباب المساهمة في صياغة استراتيجيات التنمية الوطنية. وتعكس هذه البرامج والمبادرات حرص الدولة على بناء جيل واعٍ ومبدع يعتز بتراثه الثقافي ويطمح لبناء مستقبل مشرق. وعلى المستوى الدولي، عززت قطر دورها الريادي في دعم الشباب من خلال مؤسسة «صلتك»، التي أسستها صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر. تسعى المؤسسة إلى تمكين الشباب اقتصاديًا واجتماعيًا عبر وصلهم بفرص العمل وتوفير الموارد اللازمة لتنمية مشاريعهم. هذه الجهود جعلت قطر نموذجًا عالميًا يُحتذى به في مجال تمكين الشباب. تثبت إنجازات الشباب القَطري أن الاستثمار في هذه الفئة هو استثمار في مستقبل الدولة بأكملها. كما أكد ذلك سابقاً سعادة وزير الثقافة والرياضة صلاح بن غانم العلي في 27 يونيو 2020، فإن «الأمم تُبنى بسواعد وعقول شبابها»، وهو ما تجلى في القفزة النوعية التي حققتها دولة قَطر على مؤشر تنمية الشباب العالمي. ويعكس هذا الإنجاز الشراكة المثالية بين القيادة الحكيمة برؤيتها الثاقبة، والشباب الطموح بجهوده الكبيرة، ويؤكد أن دولة قَطر تمضي بخطى ثابتة نحو مستقبل أكثر إشراقًا، حيث يظل الشباب هم المحرك الأساسي للتنمية والنهضة الوطنية، وعماد التنمية والرهان المستقبلي لوطننا العزيز.

1188

| 22 يناير 2025

رؤية قطر الوطنية 2030: إستراتيجيات مدروسة لأجل مستقبل مستدام

رؤية دولة قطر الوطنية 2030 انعكاس لطموحات دولة قطر في بناء مجتمع متقدم ومتوازن يجمع بين الاستدامة والتطور. إذ جاءت الرؤية كخطة إستراتيجية تسعى لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة، توازن بين النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي وحماية البيئة. ومن خلال هذه الرؤية، وضعت دولة قطر نفسها في مصاف الدول التي تلتزم بمبادئ التنمية المستدامة مع الحفاظ على هويتها الوطنية وتراثها الثقافي. ورؤية قطر الوطنية 2030 ليست مجرد وثيقة، بل هي مؤشر تصاعدي تنموي، وخريطة طريق تعكس إرادة قيادة وشعب في بناء دولة حديثة تستشرف المستقبل، دون أن تغفل عن قيمها وثقافتها. وإنها رؤية تمضي بثبات لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تشمل مختلف جوانب الحياة. وإنه منذ اللحظة الأولى لإطلاق الرؤية، كان الاقتصاد في صميمها، حيث أدركت قطر أن النفط والغاز، رغم أهميتهما، ليسا ضمانة دائمة للازدهار. فكان التنويع الاقتصادي هو العنوان الأبرز للمرحلة؛ فمشاريع كبرى مثل ميناء حمد ومطار حمد الدولي أسهمت في تحويل قطر إلى مركز عالمي للتجارة والخدمات اللوجستية. وأما الاستثمار في السياحة والطاقة المتجددة، فقد جاء ليعزز مكانة الدولة كواحدة من أكثر الاقتصادات تنوعًا واستدامة في المنطقة. ولكن الاقتصاد لم يكن المحور الوحيد للرؤية، فالتنمية الاجتماعية حظيت باهتمام بالغ. التعليم والصحة، ركيزتا التنمية البشرية، شهدا قفزات نوعية خلال العقد الماضي. فالتعليم لم يعد مجرد وسيلة لتخريج الطلاب، بل أصبح أداة لتشكيل أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل. وأما القطاع الصحي، فقد تحول إلى نموذج يحتذى به بفضل المستشفيات الحديثة والخدمات المتطورة التي تضع صحة الإنسان في المقدمة. ومن الاقتصاد والمجتمع إلى البيئة، تبرز رؤية قطر 2030 كرؤية ثاقبة في التنمية المستدامة، فقد أدركت الدولة مبكرًا أن حماية البيئة ليست رفاهية، بل ضرورة لتحقيق توازن طويل الأمد. ومن خلال مبادرات مثل استخدام الطاقة المتجددة وتقليل الانبعاثات الكربونية، أرسلت قطر رسالة واضحة: التنمية السريعة لا تعني الإضرار بالبيئة، كما أطلقت الدولة حملات توعية لتعزيز ثقافة الاستدامة لدى الأفراد والمؤسسات. إن الاستثمار في الإنسان هو قلب رؤية قطر 2030، فطرحت برامج التدريب والتطوير المهني، إلى جانب التعليم عالي الجودة، وضعت المواطن القطري في مقدمة مشهد التنمية. الشباب، بصفة خاصة، حظوا بفرص استثنائية للمساهمة في صنع القرار والمشاركة في بناء الوطن. وبالتالي، فإن هذا التركيز على التنمية البشرية جعل قطر واحدة من أكثر الدول تقدمًا في مؤشرات التنمية البشرية على مستوى العالم. ولأن الرؤية لا تُقاس بالكلمات بل بالأفعال، فإن الإنجازات التي تحققت تتحدث عن نفسها، واستضافة كأس العالم 2022 لم تكن مجرد حدث رياضي، بل كانت إعلانًا للعالم عن قدرات قطر التنظيمية والبنية التحتية الفريدة التي جعلت الحلم حقيقة. كما برزت الدولة كمركز ثقافي ودبلوماسي عالمي، تعكس قيمها وتراثها في كل خطوة تخطوها على المسرح الدولي. وفي نهاية المطاف، تشكل رؤية قطر الإستراتيجية التنموية 2030، قصة نجاح كتبت فصولها بجهود قيادة حكيمة وشعب طموح، وعزيمة لا تكل ولا تمل. وإنها قصة دولة لم تكتفِ بالعيش في الحاضر، بل صنعت مستقبلها بيديها. وبينما يقترب عام 2030، تظل قطر نموذجًا ملهمًا لدول العالم في كيفية تحقيق التنمية المستدامة، مع الحفاظ على التوازن بين الأصالة والحداثة، وبين التراث والعصرنة.

690

| 16 يناير 2025

طفل قوي وطن قوي

إن بناء طفل قوي ليس مجرد استثمار في الأفراد، بل هو تأسيس لجيل يشكل العمود الفقري لمستقبل الوطن. رؤية قطر الوطنية 2030 تدرك هذه الحقيقة بعمق، وتضع تنمية الإنسان في قلب استراتيجيتها. فالأطفال والشباب هم الركيزة الأساسية لتحقيق رؤية تسعى إلى تنمية مستدامة، واقتصاد قوي، ومجتمع مزدهر. الطفل القوي يبدأ بالتعليم، وهو ما تعكسه الركيزة الأولى للرؤية، التي تركز على التنمية البشرية. ولا يمكن بناء طفل قوي دون نظام تعليمي يعتمد على تعزيز التفكير النقدي والإبداعي. فكما اكتشف العالم إسحاق نيوتن قانون الجاذبية عبر التأمل والتفكير، يجب أن يتمتع أطفالنا بمهارات تحليلية وقدرة على التفكير خارج الصندوق. التعليم الذي يشجع على البحث والتساؤل، بدلاً من الحفظ والتلقين، يبني جيلاً قادراً على مواجهة التحديات والمساهمة في بناء الوطن. لكن التعليم وحده لا يكفي، فبناء طفل قوي يشمل أيضاً تعزيز الوعي بالقيم المجتمعية والوطنية. فالأطفال الذين يدركون أهمية العمل الجماعي والتعاون هم الذين سيشكلون مجتمعاً متماسكاً. وإن رؤية قطر 2030 تؤكد على ضرورة إعداد جيل واعٍ بالتحولات التي يمر بها الوطن، من توسع اقتصادي إلى التحديات البيئية، ليكونوا مستعدين لتحمل المسؤولية وبناء المستقبل. كما أن تقليل الاعتماد على الموارد الهيدروكربونية، وتحقيق التنويع الاقتصادي يتطلب جيلاً مجهزاً علمياً وعملياً. الطفل القوي اليوم هو القائد الذي سيحقق هذه الطموحات غداً. ومن هنا، تأتي أهمية توعية الأطفال والشباب بأهداف الرؤية الوطنية، وجعلهم شركاء فعليين في تحقيقها. فهم يمتلكون الطاقة والحماس اللازمين لدفع عجلة التنمية، وبوعيهم وإبداعهم، يستطيعون تحويل التحديات إلى فرص. ولا شك أن الأطفال القادرين على تحمل المسؤولية، والإسهام في التنمية ليسوا مجرد أفراد ناجحين، بل هم اللبنات التي يبنى عليها الوطن القوي. وبناء طفل قوي يبدأ بالبيت والمدرسة والمجتمع، ويمتد ليشمل السياسات الوطنية التي تدعم التعليم، الصحة، والبيئة الملائمة للنمو. وفي النهاية، فإن رؤية قطر الوطنية 2030 ليست مجرد وثيقة تطمح لتحقيق تقدم اقتصادي وتنموي، بل هي التزام ببناء الإنسان كأهم مورد وطني. وكل طفل قوي، مدرك لقيمه وإمكاناته، يمثل خطوة إضافية نحو وطن قوي يقف شامخاً في مواجهة التحديات العالمية. وإن بناء طفل قوي يعني بناء وطن قوي، وهذه ليست مجرد رؤية، بل حقيقة نعيشها مع كل خطوة نحو المستقبل.

789

| 09 يناير 2025

alsharq
غياب المعرفة المالية عن الطلاب جريمة اقتصادية بحق الأجيال

في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست...

1674

| 22 سبتمبر 2025

alsharq
في خاصرتي خنجر.. الأمة التي تقرأ جراحها لا تهزم

خنجر في الخاصرة قد لا يبقيك مستقيما لكنه...

1467

| 15 سبتمبر 2025

alsharq
انصر أخاك

ها هي القمة العربية الإسلامية تعقد في مدينة...

669

| 15 سبتمبر 2025

alsharq
آن للمنظومة الدراسية أن تتغير

منظومة دراسية منذ القرن الثامن عشر وما زالت...

645

| 18 سبتمبر 2025

alsharq
المسرح السياسي وديكور التعليم

من يراقب المشهد السياسي اليوم يظن أنه أمام...

642

| 18 سبتمبر 2025

alsharq
أهمية وعي المُستثمر بالتشريعات الناظمة للتداول

يُعدّ وعي المُستثمر بالقواعد والأحكام المنصوص عليها في...

615

| 21 سبتمبر 2025

alsharq
الحاجة إلى نظام أمني جديد في الشرق الأوسط

لم يعرف الشرق الأوسط الاستقرار منذ مائة عام،...

609

| 15 سبتمبر 2025

alsharq
منصات وزارة العمل.. من الفكرة إلى الأثر

منذ تولي سعادة الدكتور علي بن سعيد بن...

597

| 18 سبتمبر 2025

alsharq
عمري قطر

في أغلب الأحيان تكون المصائب والنوائب لها نتائج...

582

| 15 سبتمبر 2025

alsharq
لأجل عينج يا قطر

الأحداث التي فُرضت علينا وإن رفضناها بعد الاعتداء...

531

| 16 سبتمبر 2025

alsharq
قمة تاريخية في الدوحة.. والآمال معلقة على سلاح الموقف

ليس جديداً على الدوحة أن تستضيف قمة عربية...

501

| 15 سبتمبر 2025

alsharq
عيسى الفخرو.. خطاط الإجازة

يؤكد اهتمام جيل الشباب القطري بالخط العربي؛ تزايد...

480

| 21 سبتمبر 2025

أخبار محلية