رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
كلّما تبدّلت الوجوه وتسارعت الخطى، شعرتُ بأن العالم يُعاد ترتيبه بلا توقف، كأنّنا نعيش داخل لوحة لا تجفّ ألوانها. في قلب هذا الحراك المستمر، ثمّة ما لا يتزحزح، ما يبقى واقفًا كالنخيل في العاصفة، هي الثوابت التي لا تصرخ، لكنها تمنحنا سكينة الداخل وسط ضجيج الخارج، وتُذكّرنا بأن العمق لا يُقاس بالحركة، بل بالثبات المليء بالمعنى. نشأتُ على تلك القناعات كما ينشأ الطير في عشه الأول. كانت والدتي تحفظ من الشعر ما يفوق دروس المدرسة، وكان والدي لا يمرّ على جملة عربية دون أن يتوقف عند إيقاعها ودلالتها. لم نكن نردد الكلمات، بل نحملها. ولم نكن نعيش في قطر كمكان فقط، بل كامتداد لهُوية أكبر من الجغرافيا: هوية عربية وإسلامية وجمالية في آنٍ واحد. ومع تزايد الإيقاع العالمي، وتسلل التغيرات إلى منازلنا عبر الشاشات واللغات واللهجات، أدركتُ أن الثوابت ليست ما يقيّدنا، بل ما يُبقينا نحن. هي ليست جدرانًا نغلق بها النوافذ، بل جذورًا نمتدّ بها في الأرض حتى حين نحلّق. الأصالة لا تعني رفض الحداثة، بل الانطلاق منها بثقة من يعرف تاريخه. الثوابت الثقافية والاجتماعية ليست فقط طقوسًا أو رموزًا جامدة، بل منظومة قيمية متجددة، تُزرع في القلب وتُروى بالفكر والوعي. هي التي تُلهم الفن حين يفقد اتجاهه، وتوجّه الكلمة حين تتعدد المنابر. قد يبدو الحديث عن «الثوابت» في عالم سريع وكأنّه تغنٍّ بالقديم، لكن الحقيقة أنّه نداءٌ للحفاظ على ما يجعلنا بشرًا لا نسخًا. أن نكون جزءًا من التطور لا يعني أن نذوب فيه، بل أن نضيف عليه بصمتنا، بلغتنا، بوجه جداتنا، وبأملنا الذي لا ينكسر. ولهذا أكتب، لا لأعيد تعريف الهوية، بل لأحتفي بما لم يتغير فيها، ولأقول للأجيال القادمة: لا تخجلوا من الجذور، فالشجرة لا تقوى إن أنكرت أصلها.
369
| 23 سبتمبر 2025
في السياسة، لا تكفي النيات الطيبة، ولا حتى الاعترافات المتأخرة، حين لا تُترجم إلى التزام ميداني أو محاسبة جادة للمعتدي. إن إعلان رئيس الوزراء البريطاني عن عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين خطوة إيجابية في الشكل، لكنها تبقى حبيسة الخطاب ما لم تُفتح لها أبواب الفعل.وهنا، علينا كقطريين أن ننتقل من منطق الترحيب الدبلوماسي، إلى بلورة رؤية أكثر جرأة واشتباكًا مع سؤال: ما الذي نريده من هذه الاعترافات؟ وما الذي ينتظره الفلسطيني من العالم بعد أكثر من سبعة عقود من التهجير والخذلان؟ قطر، الدولة الصغيرة بحجمها، الكبيرة بمواقفها، لطالما كانت في الصفوف الأولى دعمًا لحق الفلسطيني في أرضه وهويته وكرامته. لكن المرحلة اليوم لا تحتمل التكرار. المطلوب من العالم ــ لا سيما من الدول الغربية التي دعمت الاحتلال صراحة أو بالصمت ــ أن تنتقل من الاعتراف إلى الإدانة، ومن الإدانة إلى العقوبة، ومن العقوبة إلى الإنصاف.إن الاعتراف، مهما علا شأنه، لا يوقف جرّافات الاحتلال، ولا يطفئ نار العدوان، ولا يعيد الطفل الغائب لأحضان أمه في غزة. الاعتراف يجب أن يقترن بتجميد العلاقات، بإجراءات مقاطعة، بوقف صفقات السلاح، بإدخال الاحتلال إلى قفص الشرعية الدولية.في المشهد العربي، تبدو قطر الأصدق قولًا والأثبت موقفًا. لكن المستقبل يتطلب تحركًا جماعيًا يعيد لفلسطين مركزيتها في الوجدان العربي والسياسي. علينا ألا نُخدَع بالرمزية وحدها. الاعتراف بلا أدوات حماية يشبه رسالة حب تُلقى في صندوق بريد مغلق.«وفي وقت تنزلق فيه بعض الدول إلى تسويق التطبيع كحل، يبقى على الموقف القطري ألا يكتفي بالدعم، بل أن يتقدّم بقيادة مشروع أخلاقي جديد: فلا سلام يُبنى بلا عدالة، ولا عدالة تُقام في ظل احتلال، ولا نهاية للاحتلال دون فعل عربي جاد، ينهض على اعتراف دولي صادق لا انتقائي». هل نرحب فقط أم نحشد؟ هل نصفّق أم نتحرك؟ الجواب في ضمير أمة، وفي إرادة لا يجب أن تهتز.
237
| 15 سبتمبر 2025
في روايته «تلك العتمة الباهرة»، يقدم الكاتب المغربي الطاهر بن جلون تجربة أدبية نادرة، تستند إلى شهادة حقيقية لكنها تتجاوز حدود التوثيق لتلامس جوهر الإنسان حين يُسلَب منه كل شيء. الرواية ليست فقط عن السجن، بل عما يحدث للروح حين يُطفأ النور ويُلغى الزمن. الرواية مبنية على شهادة عزيز بنبين، أحد السجناء السياسيين الناجين من معتقل «تازمامارت»، أحد أبشع السجون السرية. ولكن الطاهر لا يروي الحكاية كصحفي أو مؤرخ، بل كأديب يُصغي للداخل، يلتقط الهواجس والخوف والتأمل، ويعيد صياغة التجربة بعمقٍ إنساني مؤلم. في عتمة كاملة لا يُعرف فيها الليل من النهار، حيث الرطوبة والعفن، والجوع والقمل، تنبعث أسئلة الوجود الكبرى: من أنا؟ لماذا أنا هنا؟ وهل لا يزال للحياة معنى؟ تصبح الذاكرة مقاومة، وتتحول الصلاة والذكر والتأمل أدوات للبقاء، بل شرايين تمدّ الروح بما يكفي من أملٍ للصمود. اللغة في الرواية شاعرية لكن مقتضبة، مشبعة بالحزن من دون أن تنزلق إلى الخطابة. الجمل قصيرة، كأنها أنفاس مقطوعة، كأنها تحاكي السجين وهو يحاول الإمساك بخيط الحياة. كل وصف في الرواية يحمل رمزية، وكل صمت فيها يضجّ بالكلمات. «تلك العتمة الباهرة» تضع القارئ وجهًا لوجه مع وحشية السلطة حين تُمارَس في الظلام، ومع قدرة الإنسان على التشبث بما تبقى له من كرامة وإيمان، في أقسى ظروف السحق والعزلة. وكرواية عربية، تحمل أبعادًا سياسية وأخلاقية، لكنها لا تكتفي بذلك، بل تطرح سؤالًا وجوديًا: ماذا يبقى من الإنسان حين يُجرد من كل شيء، ولا يُترك له سوى نفسه؟ هذه ليست فقط حكاية سجين، بل صرخة مكتومة باسم كل أولئك الذين طُمست أسماؤهم، ودُفنوا أحياء في دهاليز السياسة القمعية. «وسط زيف الحكايات وبهرجة السرد المعاصر، تشرق تلك العتمة الباهرة كنصٍ نادر، لا يُقرأ فقط، بل يُحَسّ بكل كيانه؛ رواية تُضيء الوجدان بما انطفأ فيه، وتؤكد أن الأدب العظيم لا يُولد من الضوء، بل من الصمت الذي يكاد يُفجِّر القلب.»
354
| 30 يوليو 2025
لسنا أحرارًا لأننا نتكلم. نصبح أحرارًا حين تبدأ كلماتنا في تشكيل العالم من حولنا. حين قرأت لأول مرة كتاب «تعليم المقهورين» للمفكر البرازيلي باولو فريري، لم أقرأه ككتاب تربوي تقليدي، بل كخريطة لتحول داخلي. نداء لأن نتوقف عن التعامل مع الناس كأوعية فارغة، وأن نبدأ في رؤيتهم كفلاسفة، ومبدعين، وساردين لواقعهم. يرى فريري أن القهر ليس فقط سياسيًا، بل تربوي أيضًا. فعندما لا يُعلَّم الناس كيف يسألون، يتعلمون فقط كيف يُطيعون. وحين يُقدَّم لهم العلم كحقيقة جامدة، يُغلق الباب أمام الحلم، والاختلاف، والنمو. كامرأة قطرية تؤمن بقوة الكلمة، والتعبير الإبداعي، والاستقلال المعرفي، وجدت أن هذا الكتاب يُخاطب قلب رسالتي الثقافية. ففي كل مشروع أقوده سواءً فنيًا أو اجتماعيًا أو تنمويًا أنا لا «أعلّم» بالمعنى التقليدي، بل أدعو إلى التفكر، واستعادة الذاكرة، واسترجاع الصوت. يؤكد فريري أن على المقهور أن يُشارك في «تسمية واقعه» قبل أن يستطيع تغييره. نحن لا نُمكّن الناس حين نتحدث نيابة عنهم، بل نُمكّنهم حين نُنصت إليهم وهم يروون واقعهم بأصواتهم. في منطقتنا، حيث تختبئ السلطة أحيانًا خلف المجاملة، ويُخلَط الصمت بالاحترام، يذكّرنا فريري أن الكرامة الحقيقية ليست في الخضوع الهادئ، بل في الوعي المعبر عنه بصدق. لهذا، حين أُعلّم، لا أفعل ذلك من موقع السلطة، بل من موقع الدهشة والسؤال. وحين أُبدع، لا أهدف لنقل معلومة، بل إلى إشعال شرارة. لأن كل امرأة، وكل طفل، وكل صوت نُسي في زوايا الهامش، لا يستحق فقط أن يقرأ العالم، بل أن يعيد كتابته.
228
| 20 يوليو 2025
الآية الكريمة ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ (فاطر: 28) من أكثر النصوص القرآنية التي تعكس العلاقة العميقة بين العلم والخشية، بين المعرفة الحقة والإدراك العميق لعظمة الخالق. هذه الآية تفتح بابًا واسعًا للتأمل الفلسفي حول دور العلم في تشكيل الوعي الإنساني، ومدى ارتباطه بالإيمان الحق، إذ لا يقتصر العلم على تراكم المعلومات، بل يتجاوز ذلك ليكون رؤيةً كونيةً تفضي إلى الخشوع والخضوع أمام الحقيقة المطلقة. وليس كل من يحمل لقب «عالم» يخشى الله، بل المقصود هنا العلماء الذين لا تتوقف معارفهم عند حدود الإدراك العقلي، بل تتجاوزها إلى إدراك القلب والروح. فالعالم الحق ليس من يجمع المعلومات ويكتنز المعارف، بل من يصل بهذه المعرفة إلى درجة الفهم العميق لقوانين الكون وسننه، فيدرك بذلك عظمة الخالق. * هذا الفهم ليس مجرد معرفة جافة، بل هو وعيٌ يجعل صاحبه يقف بخشوع أمام هذا الاتساق العجيب في الكون، ويزداد يقينه بأن وراء هذا النظام حكمةً مطلقةً وإرادةً عليا. من المثير للتأمل أن العلم في كثير من الأحيان قد يقود الإنسان إلى الغرور، حين يتوهم أنه قادر على تفسير كل شيء، فيغرق في وهم السيطرة على الطبيعة والمستقبل. لكن العالم الحقيقي يدرك أن كل اكتشاف علمي جديد ليس إلا نافذةً على مجهول أكبر، وأن كل معرفة يصل إليها العقل البشري تقوده إلى أسئلة أعمق عن جوهر الوجود. هذا الإدراك العميق يولّد الخشية، لا بمعنى الخوف السلبي، بل بمعنى التواضع أمام عظمة الخالق. فالعالم الحق كلما ازداد علمه، ازداد خضوعه لله، لأنه يرى في كل قانون كوني بصمة إلهية تدل على الحكمة المطلقة. * بالتأمل في التاريخ نجده مليئا بأمثلة لعلماء قادتهم أبحاثهم إلى الإلحاد والغرور، وأيضًا بعلماء آخرين جعلهم علمهم أكثر إيمانًا ويقينًا بالله. الفرق بين هؤلاء وأولئك هو في الرؤية الفلسفية للعلم: هل هو وسيلة لفهم الكون والخضوع لخالقه، أم مجرد أداة للهيمنة والسيطرة؟ من هنا نفهم أن الخشية ليست مجرد شعور عابر، بل هي موقف فكري وروحي ناتج عن إدراك حدود الإنسان أمام عظمة الله. الخشية التي يولّدها العلم ليست مجرد انفعال داخلي، بل هي مسؤولية أخلاقية وعملية. فالعلماء الحقيقيون يدركون أنهم يحملون أمانة عظيمة، وأن معرفتهم تضعهم أمام واجب نشر الخير، وحماية الحياة، والتصرف بحكمة فيما تعلموه. لذلك، فإن أعظم العلماء هم أولئك الذين لا يرون العلم مجرد وسيلة للسلطة أو التفاخر، بل كأمانة يجب أن تُستثمر في خدمة الإنسانية. العلم لا يتعارض مع الإيمان، بل يقود إليه حين يكون بحثًا صادقًا عن الحقيقة. والخشية التي تتولد عن العلم ليست خوفًا مُحبطًا، بل هي تواضعٌ أمام عظمة الوجود وإقرارٌ بحدود الإدراك البشري. وكما قال الإمام الغزالي: «غاية العلم الخشية»، فإن كل معرفة لا تقود إلى هذه الخشية هي مجرد معرفة ناقصة، تظل تدور في فلك الماديات دون أن تلامس جوهر الحقيقة.
423
| 29 مارس 2025
في مشهد صغير لكنه يحمل الكثير من المعاني، وقف الناطق باسم حركة حماس أمام الصحفيين، وبابتسامة خفيفة، أجاب على مقترح أمريكي بتهجير الفلسطينيين. لم يكن الموقف مجرد تصريح سياسي، بل كان انعكاسًا لحالة تاريخية تعيشها الشعوب التي فُرض عليها التهجير القسري عبر العصور. كيف يمكن لشخص أن يبتسم في وجه اقتراحٍ كهذا؟ هل كانت ابتسامة ثقة أم سخرية من واقع يعيد نفسه؟ *ليس التهجير القسري حديثَ عهد، بل هو قصة تتكرر منذ قرون، بأوجه مختلفة وأساليب متعددة. حينما سقطت غرناطة، كانت الأسر الأندلسية تجوب شواطئ المتوسط بحثًا عن أرض جديدة تؤويها. وعندما استيقظت نساء البوسنة على أصوات الحرب، أدركن أن ما يحدث هو اقتلاع من الجذور. أما فلسطين، فقد عرفت التهجير منذ وعد بلفور، حين بدأ السكان يتركون قراهم قسرًا، إما خوفًا من المذابح أو تحت تهديد السلاح. ففي كل مرة، يكون للتهجير نفس الأثر: طفل يحمل مفتاح بيتٍ قد لا يعود إليه أبدًا، امرأة تخبئ حفنة تراب في ثوبها، ورجل ينقش على ذاكرته آخر صورة لمنزله وهو يبتعد عنه. *التهجير ليس مجرد مغادرة مكان، بل هو فقدان للهوية والمستقبل. في شوارع بيروت، تسمع اللهجة الفلسطينية ممزوجة بصوت المآذن، وفي مخيمات الأردن، تجد الأسماء تحمل أثر المدن التي غادرتها الأجيال الأولى. حتى في أوروبا، حيث اللاجئون الفلسطينيون بنوا حيواتهم الجديدة، بقيت صورة المسجد الأقصى معلقةً في بيوتهم، وكأنها نافذة تطل على الماضي. لكن هل تساءلنا عن ماذا يحدث عندما يُطلب من شخص أن يغادر أرضه دون عودة؟ ماذا يعني أن تتحول الهوية إلى ذكرى؟ إن اقتراح التهجير، مهما غُلِّفَ بالوعود السياسية، لا يعني إلا اقتلاع شعبٍ بأكمله، وإلقائه في المجهول. *لم تكن تلك الابتسامة التي ظهرت في الفيديو ابتسامة استخفاف، بل كانت تحديًا لفكرة التهجير ذاتها. أن تبتسم في وجه من يريد اقتلاعك، يعني أنك مدرك لعمق جذورك في الأرض، وأنك تعرف أن الوطن ليس مجرد بقعة جغرافية، بل هو إحساس يعيش في القلب ولا يمكن لأحد أن يسرقه منك. فالفلسطيني الذي هُجِّرَ من يافا في 1948، أنجب جيلًا لا يزال يتذكر أسماء الشوارع وأماكن النوافذ في البيوت القديمة. والشاب الذي وُلد في المنفى لا يزال يحتفظ بمفتاح منزل جدّه، رغم أنه لم يره من قبل. هذه ليست مجرد رموز، بل هي دليل على أن الوطن لا يُمحى بالتهجير، بل يزداد حضورًا في الذاكرة والوجدان. *عزيزنا القارئ المثقف، ليس التهجير مجرد حدث...بل هو امتحان قاسٍ للذاكرة والهوية. كل محاولة لاقتلاع شعبٍ من أرضه تخلق موجة جديدة من الصمود والتحدي. فالتاريخ يُثبت أن الشعوب التي تُهجر، تعود بطريقة أو بأخرى، حتى لو استغرق الأمر عقودًا. وحينما يُطرح التهجير كحل، يكون الرد بسيطًا: الأرض ليست للبيع، والهوية لا تُمحى، والمفتاح الذي يحمله الفلسطيني في جيبه ليس مجرد قطعة معدنية، بل هو وعدٌ صامتٌ بأن العودة ليست مجرد حلم، بل حقيقة تنتظر التحقق.
459
| 20 مارس 2025
في عالم يتسم بالتحولات السريعة والعولمة المتزايدة، أصبح الاستثمار في الثقافة أداة فعّالة لتعزيز التفاهم بين الشعوب وبناء جسور عالمية تربط بين المجتمعات المختلفة. قطر أدركت منذ وقت مبكر أهمية هذا النوع من الاستثمار كجزء من استراتيجيتها لتعزيز مكانتها الدولية، ودورها كمنارة للثقافة والفنون في المنطقة والعالم. قطر استثمرت بشكل كبير في الثقافة من خلال مشاريع ضخمة تعكس التزامها بتعزيز الحوار الثقافي، مثل متحف الفن الإسلامي، ومتحف قطر الوطني، وكتارا. هذه المؤسسات لا تُعد مجرد فضاءات لعرض الأعمال الفنية، بل هي منصات تعليمية وثقافية تهدف إلى تعريف العالم بتاريخ المنطقة وإرثها الحضاري، مع التركيز على القيم الإنسانية المشتركة. على سبيل المثال، متحف الفن الإسلامي ليس مجرد مبنى يعرض تحفًا نادرة، بل هو رمز لالتقاء الحضارات. من خلال تسليط الضوء على تاريخ الفنون الإسلامية وتقديمها ضمن سياق عالمي، يُظهر المتحف كيف يمكن للثقافة أن تكون أداة للتفاهم والتعايش. إلى جانب ذلك، تُعتبر مهرجانات قطر الثقافية، مثل مهرجان «كتارا الثقافي»، مساحة للتفاعل بين الثقافات المختلفة، حيث يتم استضافة فنانين ومبدعين من جميع أنحاء العالم. هذه الفعاليات تُظهر كيف يمكن للثقافة أن تكون وسيلة للتواصل بين الشعوب، بعيدًا عن الخلافات السياسية والجغرافية. الاستثمار في الثقافة في قطر لم يقتصر على الداخل، بل امتد ليشمل دعم المشاريع الثقافية والفنية عالميًا. من خلال شراكات مع مؤسسات ثقافية دولية وتنظيم معارض متنقلة، تسعى قطر إلى تقديم نفسها كدولة تؤمن بأهمية الفن والثقافة كقوة ناعمة لتعزيز السلام والتفاهم العالمي. علاوة على ذلك، ركزت قطر على دعم الإبداع المحلي. مبادرات مثل «مؤسسة الدوحة للأفلام» تسلط الضوء على المواهب القطرية وتوفر لهم منصة للتعبير عن أنفسهم ومشاركة قصصهم مع العالم. هذا الدعم يعزز من الهوية الوطنية ويدمجها في المشهد الثقافي العالمي. الثقافة ليست مجرد وسيلة للترفيه أو الإلهام، بل هي أداة لتشكيل المستقبل وتعزيز العلاقات بين الدول. قطر من خلال استثماراتها الثقافية تُظهر أن الثقافة يمكن أن تكون جسرًا للتفاهم وحلاً للتحديات العالمية. رؤية قطر الثقافية تُثبت أن الاستثمار في الفنون والتراث لا يبني فقط مجتمعات أقوى، بل يفتح آفاقًا واسعة لعالم أكثر ارتباطًا وتفاهمًا.
630
| 17 فبراير 2025
في عالم يشهد تحولات جيوسياسية واقتصادية متسارعة، تزداد أهمية العلاقات الخليجية- الآسيوية كجزء من إعادة تشكيل النظام العالمي متعدد الأقطاب. تُعد هذه الشراكة إحدى الركائز الأساسية لتعزيز المصالح المشتركة بين دول الخليج وآسيا، حيث يسعى كل من الجانبين إلى تحقيق أهداف تنموية وإستراتيجية تخدم اقتصاداتها وتعزز استقرارها. تُمثل آسيا اليوم واحدة من أهم الوجهات لصادرات دول الخليج، خاصةً في مجال الطاقة. دول مثل الصين، الهند، وكوريا الجنوبية تعتمد بشكل كبير على النفط والغاز الخليجي لتلبية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة. في المقابل، تُوفر هذه الشراكات لدول الخليج فرصة لتأمين أسواق مستقرة وموثوقة، مما يُساهم في تنويع مصادر دخلها بعيدًا عن الاعتماد على الأسواق التقليدية في أوروبا وأمريكا الشمالية. إضافةً إلى قطاع الطاقة، شهدت العلاقات الخليجية - الآسيوية توسعًا كبيرًا في مجالات أخرى مثل البنية التحتية، التكنولوجيا، والتعليم. استثمارات الخليج في مشاريع البنية التحتية الآسيوية، مثل مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، تُظهر التزام دول الخليج بلعب دور فاعل في دعم التنمية الإقليمية في آسيا. في المقابل، تسعى دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية إلى تعزيز التعاون التكنولوجي مع دول الخليج، مما يُوفر فرصًا كبيرة لتطوير الاقتصاد الرقمي في المنطقة. التعاون الثقافي أيضًا يمثل جزءًا مهمًا من هذه العلاقات. مع تزايد أعداد العمالة الآسيوية في الخليج، أصبح هناك تبادل ثقافي واسع النطاق بين الجانبين. كما أن استثمارات الخليج في الجامعات والمؤسسات الثقافية في آسيا تُظهر حرصها على تعزيز الحوار الثقافي وبناء جسور بين الشعوب. ومع ذلك، لا تخلو هذه العلاقات من التحديات. تحتاج دول الخليج إلى تنويع شراكاتها مع آسيا لتشمل قطاعات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي، الطاقة المتجددة، والرعاية الصحية، بما يتماشى مع رؤية التنمية المستدامة. من ناحية أخرى، تحتاج الدول الآسيوية إلى التفاعل بفعالية مع التغيرات التي تشهدها منطقة الخليج لضمان تحقيق توازن في العلاقات. تُظهر العلاقات الخليجية- الآسيوية أن التعاون الدولي ليس فقط مسألة اقتصادية، بل هو جزء من بناء شراكات إستراتيجية تُساهم في تعزيز الأمن والاستقرار العالميين. ومع استمرار هذه الديناميكيات، تظل دول الخليج وآسيا على طريق مشترك نحو تحقيق تنمية شاملة ومزدهرة.
504
| 07 فبراير 2025
في عالم تتزايد فيه التحديات الاجتماعية والاقتصادية، أصبحت الرياضة أكثر من مجرد نشاط ترفيهي؛ فهي أداة قوية لتعزيز الاندماج الاجتماعي وبناء مجتمعات أكثر شمولية وتماسكًا. قطر، بدورها، أدركت منذ وقت مبكر أهمية الرياضة كوسيلة للتقارب بين الشعوب وتعزيز الحوار بين الثقافات، مما جعلها نموذجًا عالميًا يُحتذى به في استخدام الرياضة لتحقيق أهداف اجتماعية وإنسانية. استضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022 كانت فرصة فريدة لتسليط الضوء على كيفية استخدام الرياضة لتعزيز الاندماج الاجتماعي. البطولة لم تكن مجرد حدث رياضي، بل منصة عالمية جمعت ملايين الناس من مختلف الجنسيات والثقافات تحت مظلة واحدة، حيث شعر الجميع بروح الوحدة والاحترام المتبادل. تنظيم فعاليات مثل برنامج «الجميع في الملعب»، الذي يركز على إشراك الفئات الأقل حظًا في الأنشطة الرياضية، أبرز التزام قطر بجعل الرياضة متاحة للجميع، بغض النظر عن خلفياتهم الاجتماعية أو الاقتصادية. الرياضة في قطر تُستخدم أيضًا كوسيلة لتعزيز التماسك الاجتماعي داخل الدولة نفسها. مع وجود مجتمع متنوع يضم أكثر من 100 جنسية، تُعد الرياضة أداة فعّالة لتقوية الروابط بين مختلف الثقافات. فعاليات مثل «اليوم الرياضي»، الذي يُنظم سنويًا، تشجع على مشاركة جميع أفراد المجتمع في أنشطة رياضية تعزز من روح التعاون والصداقة. على الصعيد الإقليمي والدولي، تبنت قطر العديد من المبادرات التي تسعى إلى استخدام الرياضة لتحقيق السلام والتنمية. مؤسسة «جيل المستقبل»، على سبيل المثال، تعمل على دعم الأطفال والشباب في المناطق المتأثرة بالنزاعات من خلال توفير فرص رياضية تُساعدهم على التعافي النفسي وبناء مهارات حياتية. هذا النهج يبرز الدور الإنساني للرياضة وقدرتها على أن تكون قوة موحدة في أوقات الأزمات. إلى جانب ذلك، تستثمر قطر في تعزيز دور المرأة في الرياضة، مما يُظهر التزامها بالمساواة بين الجنسين وتعزيز تمثيل النساء في مختلف المجالات. دعم الرياضة النسائية يُبرز كيف يمكن للرياضة أن تكون وسيلة لتحقيق تغيير اجتماعي شامل ومؤثر. إن رؤية قطر للرياضة تتجاوز الأهداف التنافسية؛ فهي رؤية تستخدم الرياضة كأداة للتغيير الإيجابي، وبناء مجتمع عالمي يتسم بالانسجام والتفاهم. من خلال إستراتيجياتها المتكاملة، تُظهر قطر أن الرياضة ليست مجرد نشاط، بل هي لغة عالمية قادرة على جمع الناس وتجاوز الحواجز الثقافية والاجتماعية.
444
| 03 فبراير 2025
الثقافة هي الرابط الأقوى بين الشعوب، حيث تجمع بين الماضي والحاضر، وتفتح الآفاق نحو المستقبل. وفي هذا السياق، تشهد العلاقات الثقافية بين دولة قطر وجمهورية مصر العربية تطورًا ملحوظًا يُجسده معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، بمشاركة قطرية مميزة، بالإضافة إلى احتفالية الأسبوع الثقافي المصري التي تُقام في قطر، مما يُبرز قوة التبادل الثقافي بين البلدين الشقيقين. تُشارك دولة قطر في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025 بجناح مميز يُسلط الضوء على الإرث الثقافي والفكري القطري. ويُمثل الجناح منصة فريدة تعكس الثقافة القطرية عبر مجموعة متنوعة من الفعاليات والإصدارات، منها: • إصدارات أدبية وفكرية: تُبرز الهوية القطرية من خلال أعمال أدبية تعكس التراث والحداثة. • ورش عمل تفاعلية: تُحفز الحوار الثقافي وتفتح المجال أمام التفاعل بين المثقفين من البلدين. • معروضات فنية وتراثية: تُظهر جمال الفن القطري التقليدي والمعاصر، مما يُعزز الفهم المتبادل بين الثقافات. إن وجود الجناح القطري في معرض الكتاب يُعد تجسيدًا حيًا للعلاقة الثقافية الوثيقة بين قطر ومصر، ويُبرز أهمية تعزيز الحوار الثقافي في منطقة الشرق الأوسط. وفي المقابل، تحتفل قطر بـالأسبوع الثقافي المصري خلال الفترة من 28 إلى 31 يناير 2025، في مقر درب الساعي. هذه الفعالية تأتي تحت شعار “تعزيزًا للتبادل الثقافي”، وتُقدم للجمهور القطري تجربة غنية لاستكشاف الثقافة المصرية. يتضمن الأسبوع الثقافي المصري: • عروضا فنية وموسيقية: تعكس التنوع الثقافي لمصر من الفلكلور الشعبي إلى الموسيقى الكلاسيكية. • ورش عمل وحلقات نقاشية: تُبرز التراث المصري في مجالات الأدب، الفنون، والحرف اليدوية. • معارض ثقافية: تعرض الكتب والمخطوطات والصناعات التقليدية التي تعكس عبق الحضارة المصرية. تُعد هذه الفعالية فرصة لتعريف الجمهور القطري بمكونات الهوية الثقافية المصرية، وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعبين. إن مشاركة قطر في معرض القاهرة الدولي للكتاب واحتفالية الأسبوع الثقافي المصري في قطر تُبرز دور الثقافة في بناء جسور من التفاهم والتقارب بين البلدين. فالثقافة تُعد أداة فعّالة لتعزيز الحوار والتواصل بين الشعوب، حيث تعكس التنوع الغني لكل بلد وتفتح الأبواب أمام فهم أعمق للقيم والتقاليد المشتركة. من الجدير بالذكر أن الشعار الذي يحمله معرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام، «اقرأ: في البدء كان الكلمة»، يتناغم مع الهدف الأسمى للثقافة، وهو بناء جسور من المعرفة والتفاهم. فكما أن الكلمة كانت البداية، فإنها اليوم الأداة التي تُثري العقول وتُقرب القلوب. كما أن الاحتفاء بالثقافة بين قطر ومصر يُثبت أن الفن والأدب والمعرفة هي أدوات للتواصل الإنساني تتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية. من خلال هذه المبادرات، يُصبح من الواضح أن التبادل الثقافي ليس مجرد حدث، بل هو رسالة سلام تُعزز الروابط الأخوية وتُسهم في بناء مستقبل مشترك يقوم على الاحترام المتبادل والتفاهم الثقافي. ويجسد التعاون الثقافي بين قطر ومصر نموذجًا يُحتذى به للعلاقات الثقافية بين الدول، حيث تُصبح الكلمة والجمال والإبداع لغة موحدة تُخاطب الشعوب، وتُؤكد على أن الثقافة هي الجسر الأجمل الذي يُمكن أن يجمع بين القلوب.
927
| 30 يناير 2025
عندما ننظر إلى غزة، لا نرى مجرد قطعة أرض محاصرة تعاني ويلات الصراع، بل نجد مرآة تعكس ازدواجية ضمير العالم. في كل مرة تُغلق فيها أبواب الحلول السياسية، تفتح غزة نافذة على فشلنا الجماعي في تحقيق العدالة والكرامة الإنسانية. غزة ليست مجرد أزمة إنسانية تُقاس بعدد المنازل المهدمة أو الأرواح المفقودة؛ بل هي اختبار مستمر لقدرة المجتمع الدولي على التمسك بالمبادئ الإنسانية الأساسية في مواجهة المصالح الجيوسياسية والضغوط الإقليمية. إن ما تقوم به قطر اليوم من دعوات لحشد الدعم العالمي لغزة ليس مجرد جهد دبلوماسي أو تعبير عن التعاطف، بل هو محاولة جادة لتذكير العالم بأن الأزمة في غزة ليست حالة منعزلة، بل جزء من منظومة فشل عالمي أوسع. صمت العالم أمام مأساة غزة لا يعزز الاستقرار، بل يُغذي رواية الغضب واليأس التي تهدد كل مشروع سلام مستقبلي. إن ترك غزة تواجه الحصار والمآسي دون تدخل فعال هو أشبه بإعلان عالمي أن مبادئ العدالة والإنسانية يمكن أن تُساوم عند أول اختبار حقيقي. * وعليه، فالدعم الدولي لغزة يجب أن يتجاوز حدود الإغاثة الإنسانية، ليصل إلى مستوى العمل السياسي الجاد الذي يعالج جذور المشكلة. إن إعادة بناء غزة ليست فقط إعادة إعمار المباني، بل إعادة إعمار الأمل. وهذه المهمة لا تقع على عاتق غزة وحدها أو حتى الدول الداعمة، بل هي مسؤولية عالمية. في هذا السياق، تبرز قطر كصوت فاعل ومؤثر في إعادة وضع غزة على الأجندة الدولية، في وقت يبدو فيه العالم مرهقًا بالصراعات المتعددة. قطر تسعى لإعادة صياغة السؤال الأخلاقي للعالم: هل ستظل غزة رمزًا لفشل المجتمع الدولي، أم نقطة انطلاق جديدة لتأكيد أن الإنسانية لا تزال قادرة على اجتياز اختبار الضمير؟ الجواب عن هذا السؤال لن يأتي من المؤتمرات وحدها، بل من القدرة على تحويل التعاطف إلى أفعال ملموسة، تُترجم إلى فتح ممرات إنسانية، وتعزيز مشاريع البنية التحتية، وخلق إرادة سياسية دولية لإنهاء الحصار. غزة ليست فقط مسؤولية الفلسطينيين، بل مسؤولية الإنسانية بأسرها. فهل نحن مستعدون لتحمل هذه المسؤولية؟ ** غزة ستظل التحدي الأكبر أمام العالم. ليس فقط لأنها تعاني، بل لأنها تسألنا جميعًا: هل لا يزال لدينا ضمير جماعي يستحق أن يُسمى إنسانية؟
663
| 20 يناير 2025
مع بداية العام الجديد، تأتي فرصة فريدة للتجديد وإعادة التصور. ليست بداية العام مجرد تاريخ، بل هي دعوة للتأمل وإعادة التوازن وإعادة تخيل الحياة التي نطمح إليها. إنها فرصة لخلق رؤى جديدة للمستقبل، والتخلي عن أثقال الماضي، والتمسك بالواقع الذي نعيشه الآن. هذه اللحظة المحورية تتيح لنا فن فتح صفحة جديدة في حياتنا الشخصية والتركيز على ما هو مهم حقًا. المستقبل هو لوحة فارغة تنتظر منا أن نرسمها بخطوط جريئة ومشرقة من الطموح والأمل. في بداية العام الجديد، لدينا فرصة للتفكير بشكل إبداعي حول ما ينتظرنا. تطوير أفكار جديدة للمستقبل يبدأ بطرح أسئلة تلهم النمو: ماذا أريد حقًا أن أحقق؟ ما الإرث الذي أرغب في تركه؟ كيف يمكنني مواءمة أفعالي مع قيمي؟ عبر تصور أهدافنا وتجزئتها إلى خطوات قابلة للتنفيذ، نرسم طريقًا واضحًا إلى الأمام. عملية خلق رؤية للمستقبل تتطلب شجاعة وخيالًا. الأمر يتعلق بالجرأة على الحلم، سواء كان الحلم بدء مهنة جديدة، بناء علاقات أقوى، أو المساهمة في قضية أكبر. بداية العام هي الوقت المثالي للسماح لهذه الطموحات بالتشكل وتوجيه قراراتنا. إذ أنه لا يمكن تحقيق رؤية المستقبل بشكل كامل دون معالجة ظلال الماضي أولاً. الماضي يحمل دروسًا، لكنه قد يعيقنا إذا سمحنا له بتحديد هويتنا. للدخول إلى المستقبل بثقة، يجب أن نتخلى عن الندم والضغائن والإخفاقات التي تثقل كاهلنا. التسامح مع أنفسنا والآخرين هو عمل قوي للتحرر، يحرر عقولنا للتركيز على الحاضر. وتجاوز الماضي لا يعني نسيانه؛ بل يعني التعلم منه. كل خطأ، وكل خسارة، وكل خيبة أمل تحمل درسًا يشكل من نحن. من خلال رؤية الماضي كمعلم وليس كعائق، يمكننا استخراج الحكمة من تجاربنا والمضي قدمًا بوضوح متجدد. بالنسبة للعيش في الحاضر فهو إحدى أهم المهارات التي يمكننا تطويرها. يذكرنا العام الجديد بأهمية التركيز على ما يحدث هنا والآن، بدلاً من الانشغال بما مضى أو القلق بشأن ما قد يأتي. التركيز على الحاضر يسمح لنا بالانخراط الكامل في حياتنا، سواء كان ذلك عبر قضاء وقت ممتع مع أحبائنا، أو تكريس أنفسنا لعمل هادف، أو ببساطة الاستمتاع بالأفراح الصغيرة في الحياة اليومية. الحاضر هو المكان الذي تكمن فيه قوتنا. إنه اللحظة الوحيدة التي يمكننا فيها التصرف والتغيير والنمو. عبر الانتباه إلى أفكارنا وأفعالنا، يمكننا مواءمة عاداتنا اليومية مع أهدافنا طويلة المدى. هذا التوازن يخلق شعورًا بالرضا والإشباع الضروري للنمو الشخصي. ومع دخولنا العام الجديد، نحصل على هدية البداية الجديدة. فتح صفحة جديدة يعني التخلي عما لم يعد يخدمنا والتركيز على الإنجازات والفرص القادمة. إنها قرار واعٍ لترك المشتتات والسلبية والخوف خلفنا، وبدلاً من ذلك، احتضان التفاؤل والمرونة والإصرار. ولذلك فإنه للاستفادة القصوى من هذه البداية، ابدأ بالاحتفال بإنجازاتك، مهما كانت تبدو صغيرة. الاعتراف بما حققته يعزز إيمانك بقدرتك على النجاح. من هناك، حدد ما يعيقك واتخذ خطوة متعمدة للتعامل معه، سواء كانت عادات غير صحية، أو علاقات سامة، أو شكوكًا في النفس. كل خطوة صغيرة نحو التغيير تساهم في تحول أكبر. بداية العام الجديد تذكرنا بأن الحياة رحلة، ونحن كتابها. عبر إعادة تصور المستقبل، تجاوز الماضي، والتركيز على الحاضر، يمكننا خلق رواية مليئة بالهدف والنمو والفرح. هذا العام، دعنا نحتضن فرصة فتح صفحة جديدة في حياتنا، مع التركيز على إنجازاتنا وترك ما يُعيقنا. بينما نمضي قدمًا، تذكر أن كل لحظة تحمل إمكانية التغيير. العام الجديد ليس مجرد قرارات؛ إنه ثورة في التفكير واحتضان أفضل نسخة من أنفسنا. دع هذا العام يكون العام الذي تخطو فيه بجرأة نحو المستقبل، وتعيش فيه الحاضر بكل كيانك، وتترك الماضي حيث ينتمي—خلفك.
270
| 07 يناير 2025
مساحة إعلانية
يطلّ عليك فجأة، لا يستأذن ولا يعلن عن...
2370
| 26 سبتمبر 2025
في عالم اليوم المتسارع، أصبحت المعرفة المالية ليست...
2289
| 22 سبتمبر 2025
في قاعة الأمم المتحدة كان خطاب صاحب السمو...
2262
| 25 سبتمبر 2025
يزورون بلادنا ويخططون لقصفها، يفاوضون وفودا ويخططون لاغتيال...
1011
| 24 سبتمبر 2025
في قلب الدمار، حيث تختلط أصوات الأطفال بصفير...
888
| 23 سبتمبر 2025
صاحب السمو أمام الأمم المتحدةخطـــــاب الثبـــــات علــى الحــــــق.....
816
| 24 سبتمبر 2025
تعكس الأجندة الحافلة بالنشاط المكثف لوفد دولة قطر...
762
| 25 سبتمبر 2025
بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى،...
747
| 22 سبتمبر 2025
يُعدّ وعي المُستثمر بالقواعد والأحكام المنصوص عليها في...
729
| 21 سبتمبر 2025
• كلنا، مواطنين ومقيمين، والعالم يدرك مكانة قطر...
672
| 25 سبتمبر 2025
تواجه المجتمعات الخارجة من النزاعات المسلحة تحديات متعددة،...
546
| 26 سبتمبر 2025
يؤكد اهتمام جيل الشباب القطري بالخط العربي؛ تزايد...
501
| 21 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية