رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني

رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
لاشك في ان عام 2011 كان استثنائيا، فقد كان اليوم الأول فيه: 1 /1/ 11، فتحرك العرب من نقطة الصفر إلى الخانة الأولى، صحيح أن الكثير من الدم سال وما زال يسيل، ولكن كل عمليات الولادة يسيل فيها بعض الدم، فما بالك إذا كانت الولادة قيصرية كما هو الحال في ليبيا وسوريا واليمن!! والتاريخ يقول إن الشعوب هي التي تدفع مهر الدم، وتتعرض للتقتيل إما على أيدي حكامها أو أعدائها، ولكن وفي جميع الأحوال، ما من حاكم دموي إلا وانتهى نهاية دموية. ومطالب الناس في العالم العربي بسيطة، ولخصها الكثير من المتظاهرين في عبارة "الشعب يريد تغيير النظام"، وفي تجاويف هذا الشعار مطالب أخرى، فالشعب يريد توفير الطعام، وحرية الكلام، ودفاتر وأقلام، والأمن والسلام، وكل شاب يريد وظيفة و"مدام"، وكل شابة تريد الكرامة والاحترام، والجميع يريد الفطام، من وصاية المتخمين بالمال الحرام، يريد لقمة نظيفة وليس الفتات الذي يسقط من موائد اللئام. أكثر من 60% من العرب دون الثلاثين، يعني بحساب السنين فإن العرب المعاصرين أمة شابة، والشباب طموحه بسيط: خبز/ رغيفة ولقمة شريفة، وبالتالي لابد من وظيفة، ويريدون الصحة وحق التداوي من كل الأمراض، من السرطان إلى الكحة، ويريدون ماءً نظيفا يشربونه، وبخاخات للتخلص من القمل. فهل هذه مطالب تعجيزية؟ كلا، ولكن الكليبتوكراسي وهي حكم اللصوص، يقوم على القمع وإسكات كل محتج على الظلم او الجوع او المرض. ورغم ان الزعيم الآسيوي الأفريقي والأمريكي اللاتيني معمر الجزافي عوّدنا على الخطرفة على مدى 4 عقود، إلا أنه نطق حكمة في خطبة "زنقة زنقة" الشهيرة (بعض الملاعين قام بتركيب تلك الخطبة على أغنية شاكيرا بمناسبة افتتاح بطولة كأس العالم قبل الأخيرة في جنوب أفريقيا فابحث عنها في قوقل مستخدما عبارة Shakira Gaddafi mix).. المهم أنه قال أول وآخر جملة مفيدة في حياته: كل ليبي يأخذ نصيبه من النفط ويتصرف فيه، ولو وضع هو وبقية الحكام مثل هذا القرار موضع التنفيذ ولو بنسبة 15%، لما كانت هناك حاجة إلى ثورات او مخابرات: يتم توزيع الدخل القومي توزيعا عادلا وينال كل مواطن حصة من ثروة بلاده تكفل له الحد الأدنى من العيش الكريم، وأقول للحرامية في الحكم: لا تسرقوا الجمل بما حمل، بل أقلبوا المعادلة وبدلا من ان تسرقوا 90% من المال العام، اسرقوا فقط 10% منه واتركوا الـ 90% للشعب علما بأنه وفي معظم الدول العربية يتمتع 5% من السكان بنحو 95% من الثروة.. يعني اسرقوا على خفيف، ولو طنطن الشعب طنشوا، وبلاش رصاص. خاصة في موسم الزلازل الارتدادية الحالي. وكلمة أخيرة: ظللت على مدى سنوات أقول إنه لو كانت لجيل الشباب عيوب، فهي موروثة منا نحن جيل الآباء، فنحن جيل الخيبات الكبرى. جيل الحلاقيم التي يزيد قطرها على قطر أنبوب المجاري المركزي، جيل الجعجعة، فكل الباطشين الغاشمين المفترسين وصلوا إلى الحكم وجيل الآباء الحالي "شباب"، ولخص حالتنا، ذلك التونسي الذي ظهر عشرات المرات على شاشة قناة الجزيرة وهو يصرخ بصوت دامع: لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة!! ومن صنع هذه اللحظة هو جيل ما دون الثلاثين. جيل الفيسبوك والبلاك بيري والآيبود والبلاي ستيشن والإكس بوكس، نعم كان من بين هذا الجيل تامر حسني وعمرو دياب وروبي والعجرمية، ولكن من شطبوا ويحاولون شطب الصفحات السود من تاريخنا، شباب مغمورون لم تنتبه لهم وسائل الإعلام ولا هم يريدون لها ان تنتبه لهم.
846
| 18 يوليو 2018
نعرف أن الأعمار بيد الله، وأنه لكل اجل كتاب، ولكن الله سخر لنا الأسباب لنعيش أصحاء ونبقى أحياء، ومن البديهيات، ان من يهمل أمر العناية بصحته يكون قصير العمر، وهذه سنة الحياة، وأثبتت الدراسات في الشرق والغرب، أن النساء أطول أعمارا من الرجال ليس لأنهن يسببن لهم انفجار الأوعية الدموية والمرارة والكبد والسكتات القلبية، بالنقنقة، ثم يلبسن السواد عليهم، ولكن لأنهن أكثر اهتماما بصحتهن وصحتنا نحن الرجال، بينما الرجال يستهترون بصحتهم، ويستثقلون استشارة الأطباء. مايكل ماموت أستاذ علم الأوبئة في كلية لندن الجامعية نشر كتابا عنوانه "ستاتس سيندروم status syndrome" أي "متلازمة الوضع الاجتماعي" ويقول فيه ان النجاح في الحياة يطيل العمر، وتوصل إلى هذا الاستنتاج بعد دراسة شملت عشرات الآلاف من الأشخاص على مدى ربع قرن، وبهذا يقول إنه اكتشف ان المدير يعيش أطول من الموظف السنكوح، والمليونير يعيش – بصفة عامة – أطول من سائق سيارته، بل وان مجرد نيل ترقية يتسبب في تحسين الصحة وتقوية جهاز المناعة، وان الحاصل على ماجستير يكون في صحة أفضل من الحاصل على بكالريوس، لأن الماجستير يفتح فرص الترقي السريع وتبعا لذلك فإن حامل درجة الدكتوراه يحظى بشروط خدمة أفضل من حامل الماجستير، "ذلك أنه كلما علا شأنك الوظيفي والاجتماعي والمالي كلما كنت أكثر قدرة على التحكم في مجريات حياتك: تنام دون ان تفكر في الفواتير وأجرة البيت، واقساط السيارة ومصاريف العلاج ودراسة العيال والقرض المصرفي الذي فشلت في سداد آخر قسطين منه" ويخيل إلي ان البرفسور ماموت هذا (واسمه فيه شيء من الموت) يقصدني ويستهدفني شخصيا ببحثه، ويريد ان يقول لي ان عمري قصير، لأن كل المواصفات أعلاه التي وضعها لطول العمر لا تنطبق علي، بل يستفزني أكثر بالزعم بأن الحالة الصحية لشخص يملك بيتا به ست غرف نوم أفضل من حالة شخص عنده ثلاث غرف نوم فقط!! وقد قضيت طفولتي وصباي في بيت كانت فيه ست غرف، ولكن لم تكن ولا واحدة منها تحمل اسم "غرفة النوم"، فقد نشأت وأنا لا أعرف ان هناك غرفة للنوم وأخرى للوقوف وثالثة للعب ورابعة للوقوف، ثم نلت الشهادة الجامعية، وتوظفت وصار لي راتب لم أكن أحلم به، ولكن اكبر بيت عشت فيه لا يعادل في المساحة نصف البيت الذي نشأت فيه في شمال السودان، ولم تكن بي حاجة إلى بيت فيه ست غرف! على كل حال فإن ماموت هذا خواجة، ودراسته تثير ضجة كبرى في بريطانيا وأوروبا وامريكا، خاصة وأنها معززة بالأمثلة والأرقام، فكاثرين هيبيرن الممثلة التي نالت عدة جوائز اوسكار مثلا عاشت 96 سنة، وقرير قارسون نال الاوسكار عام 1942 ومات عن 92 سنة!! أوكي يا مستر ماموت، ولكن ما العمل كي يسعى الواحد منا لنيل طول العمر؟ عندي الحل: في كثير من البلدان يصل ضباط الجيش رتبا معينة ويحسون بأنهم يستحقون أوضاعا أفضل، فيقومون بانقلابات عسكرية فيصبح العريف عميدا ويصبح النقيب مشيرا ويصبح رئيس قسم خدمات الطعام رئيسا لهيئة الأركان، وبإمكان المدنيين فعل الشيء نفسه بالاستيلاء على السلطة في الادارات والشركات التي يعملون بها، فيطيحون بالمدراء ورؤساء الاقسام ويتقاسمون المناصب العليا، بل ويلغون المناصب التعبانة البائسة فيصبح لكل إدارة او شركة نحو 100 مدير و213 نائب مدير ويصبح بقية الموظفين رؤساء أقسام، ثم نتوجه بالآلاف إلى البنوك ونقترض منها بالهبل مبالغ ضخمة ثم نرفض سدادها!! اين سيجدون السجون التي تكفي لاستضافة مئات الآلاف؟ ثم هل عمرك سمعت ب"مدير"، دخل السجن؟ رجاء لا تقل لي ان هذه ستؤدي إلى فوضى! هذه مسألة حياة أو موت، والحكاية أصلا بايظة، بايظة.
1375
| 05 يوليو 2018
ترأس البروفيسور مالكوم هوبر من جامعة سندرلاند البريطانية، فريق بحث لتقصي تسري المواد الكيميائية الضارة إلى البشر، وكان من بين مجموعة المتطوعين للدراسة الذين تم اختيارهم من 17 بلدا أوروبيا، تسعة وثلاثون من أعضاء البرلمان الأوروبي، وأثبت الفريق أن نحو 85% من المتطوعين يحملون في دمائهم كيماويات ضارة بالصحة، رغم أنهم يعملون في ظاهر الأمور في بيئات خالية من تلك الكيماويات، ولكن الباحثين اثبتوا ان معظم الناس الذين يمتلكون ما يسمى مستلزمات العصر من أجهزة كهربائية وأثاث وثير، معرضون للتلوث بمواد مسرطنة او مسببة لأمراض شديدة الخطورة، فالمرتبة (الحشية) التي تنام عليها، والكنبة التي تجلس عليها، والتلفزيون الذي تشاهد برامجه، والكمبيوتر الذي تستخدمه وأنت تحس بأنك عنتر زمانك، جميعها تشحن جسمك بكيماويات "تجيب خبرك"، أي تقضي عليك وكما قلت قبل قليل، فان التلفزيون مصدر لمواد ضارة بصحة الإنسان لأنها تتغلغل في الدم، وتخيل حالنا ونحن نجلس أمام شاشات تنفث فينا السموم العضوية، ثم، وكأننا "ناقصون"، تطل علينا سموم هيفاء ورزان ونانسي عجرم (بالمناسبة فإنك لو بحثت في الإنترنت عن صور لعجرم هذه، فقد تصبح من الذين يعتقدون بصحة نظرية داروين حول النشوء والارتقاء، ففي بعض الصور التي التقطت لها قبل ان تصبح مغنواتية كانت في وسامة ترامب، ثم حدثت انتفاضة في عظام وجهها وفكها فتحركت الى مواقع إستراتيجية، حتى صارت تشبه شعبولا، وانتقلت من تلك المرحلة إلى أن اصبحت تشبه عدة نساء مختلفات، ومن ذلك الكوكتيل تحولت الى تلك الفتاة البلاستيك الحلوة التي تصفعنا بها بعض الفضائيات ليل نهار، وبالمقابل فإن مايكل جاكسون يؤكد خطأ نظرية داروين، ولو رأيت صوره عبر مراحل عمره المختلفة، فستدرك معنى قوله تعالى "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين). أما الكمبيوترات والسيارات فتحتوي على مادة ديكا بي دي إي مانعة الاشتعال، التي قد تؤدي الى تلف الأعصاب والدماغ، ونحن مهووسون بالسيارات وأعصابنا أصلا تالفة وفالتة، يعني مصيبتنا مزدوجة. واكتشف فريق البحث ايضا ان معظم المبيدات الحشرية، خاصة تلك المستخدمة في مكافحة البعوض تحتوي على مادة دي. دي. تي. التي تم حظرها في السبعينيات، بعد ثبوت أنها مسببة للسرطان، ولكنها ما زالت متداولة مخلوطة بمواد أخرى، وهناك الفثاليتات التي توجد في البلاستيك بما في ذلك لعب الاطفال ومواد تغليف الأطعمة الجاهزة (وتذكروا أن أفضل الطعام هو الذي يتم إعداده في البيت!) وسأقول كلاما سيجعل الكثيرين من قراء هذه الزاوية يحذرون تلك المواد الكيماوية: كثير منها يسبب فقدان الخصوبة عند الرجال، والبرهان القاطع على صحة استنتاجات فريق جامعة سندرلاند هو ان مجتمعاتنا ما كانت تعرف الكثير من السرطانات وأمراض القلب والكبد والرئة والعقم قبل أن "نتمدن"، ونتكالب على اقتناء ما يسمى بمنتجات العصر، ويعرف ذواقة الطعام – مثلا – ان الأكل المطبوخ على الفحم العادي ألذ طعما ومذاقا من ذاك المطبوخ بالكهرباء او الغاز!! ومن يفقد خصوبته سيضطر الى الاستعانة بخدمات "كاقويا"، وهو الفأر الذي استنسخه علماء يابانيون وكوريون، من بويضات انثوية بحتة أي دون الاستعانة بذكر، وهي خطوة تمهد لإلغاء دور الذكر (الرجل) في عملية الحمل والانجاب. يعني العلم الحديث يريد ان يجعل منا نحن الرجال مجرد كومبارس يقوم بالأعمال الشاقة، ولا دور لنا في تخصيب البويضات الأنثوية!! والنتيجة: ظهور جيل من المواليد يعانون من خلل جيني مريع، لأن بعض الجينات لا تنشط إلا إذا كان مصدرها الأب (والعكس صحيح)، وبدون توازن جيني سينتج العلم الحديث بشرا ناقصي التكوين، مما يؤكد ان ما يحسبه البعض تمام العلم هو في الواقع نقصان عقل!.
659
| 13 يونيو 2018
فور دخولي مجال العمل التلفزيوني، ارتفعت روحي المعنوية، وأدركت أنني كنت أحسب سين أجمل نساء السودان، وصاد ملكة الجمال من الصومال إلى الشيشان، وزيد ملك الحسن والوسامة، ثم تعمقت صلتي بالوسط الإعلامي، وحللت ضيفا على عدة قنوات، ورأيت العديد من المذيعات اللواتي يحسبهن الآخرون عسلا مصفى، وكن يشبهن شمع العسل. يعني وجوههن مليئة بالكلاكيع والأخاديد والأودية المتصدعة، وزاملت مذيعين (رجال) ترى الواحد منهم على الشاشة فتحسبه "مهند" زمانه: شعر حرير وخدود ملساء ورموش مثل المراوح اليدوية اليابانية، وجالستهم واكتشفت انني ومقارنة بهم ترافولتا ومهند وتوم كروز زماني. "رغم" أن كل شيء في شكلي طبيعي، ولا استخدم مثلهم الموكيت لسد الثغرات في فروة رأسي، ولا أطلى وجهي بأي نوع من الدهان، ومن ثم فإن شكلي في الصباح مثل شكلي بالليل، وشكلي في يناير مثل شكلي في أغسطس، وشعري طبيعي. صحيح أن الشيب مارس معي السياسة الخارجية الأمريكية، وغزا كل شبر في رأسي بحجة البحث عن أسلحة الغبار الشامل، ولكنه يبقى شعري "حلالي" ولم أستعِره من رأس ميت أو فقير باعه ليأكل، وخدودي لا تخلو من أخاديد بسبب القنابل العنقودية التي قصفني بها الدهر، ولكنها ليست بحاجة حتى إلى نيفيا وأخواتها (ثقافتي في مجال الكريمات توقفت عند نيفيا وقد شاهدت في بيتي وبيوت أخرى كريمات ذات بهاء ولكنني لا أعرف لها أسماء). ولوني أسمر "يجنن"، والسمرة مكياج طبيعي وهبة ربانية، يسعى ذوو البشرة الفاتحة لاكتسابها بالأصباغ المسرطنة، ليصبحوا ما يسمونه برونزاج (بالمناسبة فإن أصحاب البشرة السمراء، أقل عرضة لسرطانات الجلد الناجمة عن التعرض لأشعة الشمس) ولكن ملامحي وتقاطيعي الوسيمة والجميلة تلك (وموتوا بغيظكم يا جماعة الباروكات والدهانات والجل)، "فشّلتني" على ذمة باحثين من هونغ كونغ، أكدت دراسة سخيفة أجروها، وشملت نحو 3000 شخص، أنني لست "وِش" نعمة، لأنها توصلت إلى ان الرجال الذين يعانون من الصلع هم الأكثر ثراء (ربما كان الاستثناء هنا هو صديقي وزميلي جميل عازر المذيع في قناة الجزيرة)، فقد اتضح ان نحو 95% من المصابين بالصلع تبلغ مداخيلهم الشهرية نحو ستة آلاف دولار أو أكثر (الدراسة عن هونغ كونغ)، وكلما ازداد المرء ثروة (مالية)، كلما نقصت ثروته وفروته من الشعر، فارفع يا صديقي يديك بالدعاء: اللهم إن كان شعري سبب فقري فخلصني منه. ولكن لعلمك فإن قص الشعر بالكامل على الزيرو عند الحلاق، لا يجعل منك أصلعا، وعليك بالتالي أن تتفادى الأطعمة التي تغذي الشعر، وأن تستخدم نوع الكريمات التي تعصف بالشعر وتجعل الرأس قاعا صفصفا! ولكن ما يحيرني هو ان أغنى رجل في العالم الذي هو بيل غيتس لديه شعر مثل عرف الحصان، فهل ينطبق قانون الصلع والثروة فقط على أهل هونج كونج؟ يخيل إليّ انني أعرف الإجابة: طبعا حتى شخص في ذكاء فيفي عبده يعرف ان الصلع ليس مفتاح الثراء، وأن الثراء هو الذي يسبب الصلع، لأن ما يحدث هو ان الإنسان، وبمجرد ان يصبح لديه مال يفوق حاجاته العادية، يصاب بحالة من اللهفة والقلق والحساب، ويصبح اكثر حرصا وميلا إلى جمع المال، ومضاعفة مدخراته وودائعه، وكلما كثر المال كلما ازداد الإنسان قلقا وهلعا، والقلق والهلع من مسببات الصلع. وبالمقابل فإن شخصا مثلي ينام قرير العين حتى بعد ان يسمع ان بورصة كذا وكذا خسرت كذا مليار دولار في يوم واحد، وان أسهم الشركة الفلانية سقطت سقوط سلمان رشدي صاحب "الآيات الشيطانية"، الذي شجع زوجته لاكشمي على نشر صور لها وهي عارية، وشارك مؤخرا في إصدار كتاب يمجد الإباحية والعري، ثم طلق لاكشمي ليزيد من ثروته "الفراشية" بعد أن عثر على حسناء أخرى.
1730
| 07 مايو 2018
أبلغتني الخادمة، بأن غسالة الملابس ممتنعة عن تصريف المياه المتسخة، فتوجهت نحو الغسالة، ومعي تشكيلة من المفاتيح والمفكات، ثم اكتشفت أنني لا أعرف حتى طريقة تشغيل الغسالة، وظللت انظر إلى الخادمة في توسل، وكأنها سترأف بحالي، وتنطق لتخبرني ما بها من علل!! بعد قليل استخدمت "عقلي": طالما أن الأمر يتعلق بعدم تصريف ماء الغسيل، فمعنى هذا ان الخرطوم المكلف بتلك المهمة القذرة مسدود، وشرعت في وضع خطة استراتيجية للوصول إلى النقطة التي يلتصق فيها الخرطوم بجسم الغسالة، ثم فصلت التيار الكهربائي وشرعت في فتح الغطاء الخلفي للغسالة. لابد من وقفة هنا: أنا من النوع الذي يعتقد ان على الإنسان ان يعطي العيش لخبازه، بشرط ان لا يأكل منه فتفوتة، ولكنني اعتقد ان هناك مجموعة من الصنايعية، أي الحرفيين المستهبلين، الذين يستغلون جهلنا الميكانيكي والكهربائي والمواسيري، ليأخذوا منا مبالغ طائلة نظير أعمال في منتهى البساطة، وأعتقد ان على كل إنسان قادر ان يتسلح بمهارات أساسية، في مجال إصلاح وصيانة الأدوات المنزلية والسيارة، ومن ثم فإنك تلقي نظرة على صندوق الأدوات في بيتي، فتحسبني مهندسا في وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، وبالتحديد قائد فريق العمل في مشروع المكوكات الفضائية: أشياء للحفر والخلع والبتر والنشر والربط والتفكيك، وكل بضعة أشهر أشتري أداة أو جهازا جديدا أضمه إلى تلك المجموعة الفريدة، ولكنني أعترف بأن كل تلك الأشياء مثل الأسلحة الحديثة عند الجيوش العربية، بمعنى أنها غير صالحة للاستخدام، لأن الشخص المكلف باستخدامها لا يعرف "كيف". ولكن الفرق بيني وبين تلك الجيوش، هو أنني على الأقل "أحاول"، واعترف بأنني "عاجز" ولا أضع نياشين فالصو على صدري. وهكذا كنت منهمكا في محاولة فتح غطاء الغسالة الخلفي عندما دخلت عليّ زوجتي وحدجتني ب"تلك النظرة" التي تجعلني أحس بالضآلة، فرسمت على فمي ابتسامة بلاستيكية بلهاء، وواصلت عملي، ولكنها صرخت: يا راجل ما تعقل. عايز تجيب خبر غسالة ثمنها الشيء الفلاني؟ ورغم أنني لا أعرف كم يساوي ذلك الشيء الفلاني، فقد قدّرت أنها تقصد بضعة آلاف، وبصراحة فإنني صاحب سوابق في تفكيك أجهزة بسيطة والعجز عن إعادة تركيبها! قلت لها إن المسألة بسيطة، وأنني أستطيع معالجتها، ولكنها قالت بحزم: روح جيب سباك. وبصراحة أكثر فإنني لا أثق في السباك وميكانيكي السيارات والجامعة العربية واتفاقية أوسلو وفاروق الفيشاوي، ولكن حالتي النفسية لم تسمح لي بالدخول في ملاسنة خاسرة، لأنني كنت مدركا قصور ثقافتي الميكانيكية والكهربائية، وهكذا ألقيت بأدواتي تلك أرضا وتركت الغسالة في حالة "هيفاوية"، يعني: نصفها عارٍ، والنصف الآخر خير منه العري، وجئت بالسباك الذي ألقى نظرة على الغسالة ثم بدأ الحلقة الأولى من الدراما: هادا واجد مشكلة. لازم أنا ياخد مشين (ماكينة، يعني الغسالة) ويركشوب (ورشة)، منشان سوي تصليح حق درام، ولازم سوي تبديل حق بونكوريتور (هذه من تأليفه، فلا يوجد في أي جهاز شيء بذلك الاسم). قلت له في برود وحزم: رفيق. فك هوز (الخرطوم) وسوي نظافة! وفعل ما قلته له، واستردت الغسالة عافيتها وقلت له: فلوس كم يريد؟ فقال: 100 ريال، فأعطيته 15 ريالا وفوقها 10 ريالات نظير أجرة التاكسي وقلت له: رفيق .. بره جلدي (بسرعة). تعرضت وسأتعرض لمثل ذلك الموقف، لأنني مثل الملايين لم أخرج للحياة بأي مهارات يدوية لأن التعليم عندنا يقوم على الورق والقلم فقط، وعزائي هو أنني أفضل حالا من غيري من المتعلمين لأنني على الأقل أعرف استخدام الورق والقلم - أو هكذا أظن.
1980
| 04 مايو 2018
أذكر جيدا كيف تبارت الصحف لنشر خبر زواج رجل من جنوب أفريقيا بأربع نساء دفعة واحدة في ليلة واحدة، ومن خلال حفل واحد، وهناك من الرجال من قرأ الخبر وهتف: هكذا يكون احترام الديمقراطية، وحقوق الانسان. بختك يا عم.. مين زيك؟ وهناك من قال: نفسي في زوجة ثانية وليس ثالثة او رابعة. بس ربنا على المفترية! حكى لي صديق "زول" كيف أنه عاد من العمل مجهدا ذات يوم، ورفض تناول الغداء واستلقى نائما، ثم فوجئ بعد قليل بزوجته ترجه رجّا وتوقظه. فحسب أن أمرا جللا قد حدث وسألها منزعجا: في شنو؟ خير إن شاء الله؟ فسألته بدورها: ما سر هذه الابتسامة؟ ابتسامة ماذا يا بنت الماذا؟ قالت له: ارتسمت في وجهك خلال نومك ابتسامة عريضة. من هي هذه المفعوصة التي تنازلت عن الغداء لتبتسم في وجهها؟ صاح فيها: سيبيني في حالي يا مجنونة واتركيني أواصل النوم، ولكنها قالت متوسلة: لن أزعل بس قل لي لمن كنت تبتسم، فالابتسامة كانت مريبة ولا تكتسي وجه شخص مرهق. هنا أدرك صاحبي أن مدام كوري جادة في سؤالها عن سبب ابتسامته وهو نائم، فقال لها: حلمت بأنني كنت أمشي على شاطئ النيل ممسكا بيدك، وأنت ترتدين فستانا أبيض ذا أجنحة، يهفهف مع النسيم (هنا علت الابتسامة وجه الزوجة) وفجأة جاءت جرادة وحطت فوق أنفك فصرختِ، ووقعت في الطين، مما جعلني أضحك وابتسم. وبدورها صرخت الزوجة: واصل نومتك، إن شاء الله ما تنفعك! حتى في الحلم ما عندك "مروءة"، ولك أن تتخيل حال صديقي هذا الذي تحاسبه زوجته على ابتسامة في المنام، لو فكر في الزواج بأخرى. كان ميلتون مبيهيلي رئيس المجلس المحلي في إنداكا بجنوب أفريقيا، محل حسد الكثير من الرجال، بسبب زواجه الجماعي، خاصة وأن جميع صحف العالم تقريبا نشرت خبر زواجه وصوره وهو يقف أمام الكاميرات، متوسطا أربع زوجات جديدات "من الوكالة"، ويدلي بتصريحات عن أن قراره بالزواج بأربع في نفس اليوم والساعة والدقيقة، ناجم عن رغبته في تحصين نفسه ضد الفتنة والغواية، بمعنى أنه يريد منع عينه من الزوغان، بالزواج بسرب من الحسان. وعلماً بأن تلك الزيجات كلفته مهورا تعادل 27000 دولار أمريكي وفوقها 32 بقرة حية هدية بواقع 8 لأهل كل عروس، كما أنه ذبح ثمانية ثيران لإطعام ضيوفه (طبعا هذا غير تكاليف البصل والطماطم والرز والخبز والمشروبات التي تجعلك تحسب الحصان ديكا). وبعدها بأسبوع بحثت الصحف عن الفحل ميلتون، ولكنه "فص ملح وداب"، أي لم يجدوا له أثرا، فسألوا الزوجات (العروسات) الأربع عنه، فقالت الواحدة تلو الأخرى إنها لم تره منذ أيام. لا تتعجل وتحسب ان الرجل اكتشف ان الزواج ب 4 في ليلة واحدة ورطة لا طاقة له بها، وتشكك من ثم في فحولته. فكل ما هنالك أن صاحبنا دخل المعمعة مع الشرطة والقضاء بعد ان اكتشف مسؤولو المنطقة أنه خصص نحو 83 ألف دولار لمراسيم جنازة المحافظ الراحل بهوملاني مبونقوز، وهو مبلغ كان يكفي لنقل قلبين وثلاث "كلاوي" ورئتين وكبدين ومصارين طولها كيلومتر مربع، للمحافظ الراحل خلال فترة مرضه. وقام ميلتون بتحويل مأتم المحافظ الى "فرح" شخصي. يعني قول صرف على الجنازة والهيلمان نحو خمسة آلاف دولار، واستخدم باقي المبلغ المخصص لتشييع جثمان الراحل العزيز، لممارسة الزواج بالجملة، ليسبب عقدة للرجال الذين يرغبون في "التعدد" ويعجزون عن ذلك بسبب العجز المالي او العجز في الشجاعة. بس ما زلت عند رأيي بأنه لا يتزوج ب4 نساء إلا رجل شجاع وأعصابه من فولاذ: أربع زوجات = يعني أربع حموات!!.
2702
| 23 مارس 2018
على الرغم من أننا لا نكف عن سب الغرب وتحميله مسؤولية كل المصائب والكوارث التي نعاني منها، ولنا بعض – وليس كل الحق- في ذلك، إلا أن معظمنا يكنُّ إعجاباً شديداً لكل ما هو غربي، ولا غرابة في ذلك لأن واقع الحال يقول إنه لولا الأشياء التي نأتي بها من الغرب، لما تسنى لنا الانتقال إلى العصر الحجري الثالث الذي نعيش فيه الآن، ولعل أبلغ مثال على مدى إعجابنا بالغرب، هو أننا نصف الشخص المنضبط الذي يحترم المواعيد بأنه "خواجة"، والكلمة تعني في القاموس العامي "أوربي/ أمريكي"، فقد تقول لصديقك أو قريبك إنك ستلتقيه في السابعة مساء مثلاً في مقهى "النهضة"، فيسألك: مواعيد عرب أم مواعيد خواجات؟ فتؤكد له بالطبع أنها "مواعيد خواجات"، لأنك لو قلت إن مواعيدك عربية فلن ترى وجه صاحبك إلا في نحو العاشرة مساء، بعد أن يكون رواد مقهى النهضة قد نهضوا لمواصلة النهضة في بيت أحد الأصدقاء، حتى يصيح الديك، (بالمناسبة حتى الديوك في العالم العربي كثيرا ما تصيح صباحا في غير موعد صلاة الفجر، ومع هذا نقول إن الديك "يؤذِّن") وتلتقي بصديق طفولة بعد انقطاع دام عشر سنوات، فيلقاك بالأحضان والبوسات، ويدعوك إلى الطعام في بيته في الثامنة مساء، ويقدم لك في منتصف الليل الكبسة والحمص والمرق والثريد المشبع بالبهارات والثوم حتى يصبح جهازك الهضمي مصنعاً للمواد الضارة بالأوزون ( في مذكرات طريفة لباحث اجتماعي زار منطقة في جنوب شرق آسيا، قال إن ريفيين وضعوا أمامه طعاماً هلامي التكوين، لا سبيل لمعرفة مكوناته وكيفية إعداده، وقال الباحث معلقاً، إنه أحس بأن ذلك الطعام مرّ على الأقل بدورة/ لفّة واحدة داخل جهاز هضمي)، ثم يدعوك نفس الصديق إلى طعام في الثالثة عصرا على شرف خواجة التقى به لأول مرة في حياته، فيضع على المائدة في الثالثة عصرا بالثانية والدقيقة، أكلاً "طيبا" معقما يمكنك الإحساس بالشبع بمجرد النظر إليه! وولع بعضنا بالنساء الخواجيات (البيضاوات عن جدارة، وليس بياض البشرة الذي يتوهمه العرب بينما هم في قاموس ألوان البشرة ذوي سمرة فاتحة) المهم أن الولع بذوات اللحم الأبيض فوق المتوسط، لا يعرف حدودا، حتى لو كانت الواحدة منهن حيزبوناً دردبيسا أكل الدهر عليها، ولم يجد ما يشرب، وجعلها هردبيسا، ويتباهى صاحبك بالخواجية التي تصادقه، وتقابلها فتحسب أنها نتاج كوكتيل من جينات الضفدع كامل عضو برنامج "أفتح يا سمسم" ودونالد ترامب، الذي تزيِّن مقدمة رأسه شعيرات ذرة صفراء، فتقول له إنك تستطيع أن تجد له عروسا عربية يفوق اصغر إصبع في قدمها وجه تلك الخواجية جمالاً، ولكن كلامك سيقع على أذن صماء لأن صاحبك يعتقد أن "الرّك" على الجينات واللون. وبما أن هناك الكثيرين من العرب الذين يحبون الجنس الأوروبي ويحترمونه بلا حدود، وبما أن العربي يعتقد أن إنجاب الذكور دليل فحولة ونبل، فإنني أقدم لتلك الفئة عائلة إينزلي في مدينة **** بإنجلترا، ليتسابقوا على تزويج أبنائهم من الآنسة "جيد إينزلي"، أو على الأقل "حجزها" – لأنها تبلغ من العمر 35 يوماً فقط، وما يغري بمصاهرة هذه العائلة هو أن الصغيرة جيد هذه هي أول بنت تحمل اسم العائلة منذ 200 سنة، ظل خلالها جميع من يحملون اسم إينزلي من الرجال لا يلدون إلا ذكورا، على الرغم من تزاوجهم مع عائلات من الشرق والغرب إلى أن جاءت جيد إينزلي، التي يرجح الأطباء أن تكون احتمالات إنجابها لبنات ضئيلة جداً، جداً! ومن ثم أعلنت عائلتها منذ لحظة مولدها أنها تفضل تزويجها لاحقا بشخص من خارج النطاق الأوربي وهل يقاوم عربي إغراء الزواج ببيضاء لا تنجب سوى الذكور؟
1461
| 06 فبراير 2018
إليكم سيناريو حسن السبك والحبك عن كيفية إشعال ثورة شعبية، تسميها الحكومات المستهدفة "شغبية": يخرج بضعة مئات في مظاهرات، فتنهال عليهم قنابل الغاز والهراوات، فيرتفع عدد المحتجين إلى آلاف قليلة، وبالتالي قليلة الحيلة، فينهال عليهم الرصاص، وتتوعدهم الحكومة بالمزيد من القصاص، وتزداد المظاهرات عنفوانا، وتزداد عصابات الأمن هيجانا، وتتبرأ الحكومة بكل قوة عين، من أي عمل دموي أو مشين، وتنسب العنف إلى المخربين والمندسين، وبعد أن يتجاوز عدد القتلى كذا مائة، تشعر الحكومة باختناق في الرئة، فيخرج صاحب الفخامة الرئيس، ويلقي خطابه التعيس: الوطن يتعرض لمؤامرة كبرى، وينبغي للمواطن أن "منها يتبرأ"، والأعداء يتربصون بنا، ويحسدونكم على ما أنتم فيه من نغنغة و"هَنَا"، طلباتكم على العين والراس، وقررنا منح كل مريض قرص فاليوم، ولكل طالب كراس، وسنخفض سعر الملح والشاي، ونعطي كل مواطن جيتارا و"ناي"، ونقيم لكل شهيد منكم ضريحا، وأوامري في هذا الصدد واضحة صريحة فهيصوا وانبسطوا فالقادم أحلى (يعني "أحلك"). والشعب يعرف أن ذلك في "المشمش"، ويخرج للساحات بثبات ليطيح بالجالس على العرش، وتختفي الشعارات المنادية بالإصلاح، ويرتفع نداء حي على الكفاح، فتمتلئ الشوارع بالمصفحات والمدرعات، التي ظلت مركونة تشرب الشيشة وتخزن القات، أسلحة دفعت فيها الشعوب الشيء الفلاني، وقيل إنها لمحاربة الصهاينة والإمبريالي الأمريكاني، جيوش حالها ليس أفضل من فرق الكشافة، تمارس التقتيل العشوائي بلا رحمة أو رأفة، وصدور مزخرفة بالنياشين، وكل نيشان جاء نظير دماء العشرات من المواطنين، لم ينل ضابط رتبة أعلى من محاربة عدو، بل بالتنكيل بمواطنيه بالضرب والسحل وأحيانا "تفووو"، وعندها يدرك الرئيس المزمن، أنه استهلك مخصصاته من "الزمن"، ويقف أمام الميكرفون، كما شخصية في فيلم كرتون، ويعلن أنه زهج وقرف من الحكم، وحينها يدرك الشعب بدوره أن مرسي ابن المعلم الزناتي أنهزم. أما عندما تنظم الحكومة مظاهرات تأييد "عفوية"، فتأكد أن حالتها صارت "عفنية"، وأنها تطبخ للمواطن لحما دون تنظيف الكرش والمصارين، يسبب تعاطيها حساسية لا يجدي معها الـ"أنتي هستامين"، وعندما تصل الأمور إلى طرد مراسلي بي بي سي والجزيرة وربما سي ان ان، تسقط الحكومة قبل ان تنجح في العد من "ون" إلى "تن"، ومن بلد إلى آخر يشهد السيناريو تغييرات طفيفة، تتفاوت بين العنف الأهوج والوعود السخيفة، فقعيد ليبيا الجزافي مثلا، ازداد جنونا وخبلا، ولأول مرة في التاريخ، نسمع بقمع مظاهرات بالراجمات والصواريخ، وفي اليمن قالوا لعلي صالح ارحل، فلجأ إلى تجربة جماعة نحسي مبارك في غزوة الجمل، ولكن وبعد إعلان العصيان المدني، صار محتارا بين جنيف وسيدني، ثم استأسد بالحوثي وتجبّر، فقاده حلفاؤه هؤلاء إلى القبر، وفي سوريا يقتل في يوم واحد أكثر من مائة شخص، لأنهم ناكرو الجميل.. إخص، عاشوا في نعيم قانون الطوارئ لنصف قرن، ولكن اتضح أنهم في غباء وحيد القرن، يخرجون مندفعين إلى الشوارع، رافضين فعل الماضي ومطالبين بالمضارع، أي راهن الحال والمستقبل، وهو ما لا يطالب به إلا عبيط وأهبل، كيف يتمرد عاقل على حكم بني أمية، ما لم يكن مستحقا لمحو الأمية؟ عام 2011 كان بداية ربيع العرب، فقد بدأوا التداوي من العجز والجرب، وهناك رؤوس كثيرة جاهزة للحلاقة، مهما حسبت أن أجهزتها الأمنية كاملة اللياقة، لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية، فخلصونا من عصبة العرْبجية، فكراسي الحكم أصيبت بالبواسير، ولا ترضوا لأنفسكم ب"المواسير"*، عالجوا تلك الكراسي، لتلقى سفن الثورات الظافرة المراسي، فيجلس عليها من قلوبهم على الوطن، وليس من ينتزعون اللقمة من أفواهكم ويخزنوها في فريزرات سويسرا ولندن. *الماسورة في العامية السودانية تُطلق على الشخص الأجوف الذي يخيب ظن الناس.
749
| 29 يناير 2018
يدين معظم زعمائنا بالفضل، لوجودهم المزمن على الكراسي، حتى أصابوها بالبواسير وتخلخل المفاصل، لإسرائيل، ومواجهة وتدمير إسرائيل "أولوية"، وضرورة لعسكرة اقتصاد البلاد، وتقنين اغتصاب حقوق العباد، "ولا تتعجلوا التنمية والرفاه لأن العجلة من الشيطان" واسترزقت الصحافة العربية من وجود إسرائيل، إما بتبرير تلكؤ الحكام في لجم إسرائيل وتركيعها، لنصلي العصر في القدس، أو بالنواح لأنهم يستيقظون كل صباح ويكتشفون أن إسرائيل تتمدد بالحرارة، ولا "تتبربر" بالبرودة، حتى صار عندنا نحو 6532 صحفيا متخصصين في سب إسرائيل، واقتراح الحلول لهزيمتها لإقامة دولة فلسطين على أنقاضها، أو جزء كبير منها وفي السنوات الأخيرة ظهر آلاف الكتاب المتخصصين في الشؤون العراقية، ثم صاروا متخصصين في الشؤون السورية، وشيئا فشيئا اكتشفوا ان سوق داعش يجلب لهم المزيد من الزبائن، فدخلوا ذلك السوق، ونسي معظمهم الأسواق المصرية والليبية واليمنية (رغم أن سوق الصومال كانت ولا تزال، أكثر امتلاء من أسواق كل البلاد العربية تلك، بالسلع التي تروق لتجار الكلام – وأنا منهم – وتصلح لتسويد الصفحات، وتوفير ذخائر للحناجر، إلا أن الصحفيين والزعماء العرب، ليسوا ميالين لتناول شؤون البلدان المستعربة، مثل السودان والصومال وجزر القمر). ثم جاء ترامب، وعزفت الأقلام ألحان الطرب، ورقص العامة والخاصة الهولاهوب، وهي رقصة تتطلب الدوران والانثناء السريع والعنيف، كما الدراويش في حلقات الذكر، فالرجل سخي بالتصريحات والتغريدات والقرارات، التي توفر المادة الخام الضرورية للأقلام، لمجاراة ترامب في لغو الكلام. ترامب أمين مع نفسه ومتصالح معها، (في عاصمة عربية، تناقلت الصحف نبأ انتحار الشاب ع. غرقا بعد أن قفز من جسر إلى الماء، لأن أهل حبيبته رفضوا تزويجها له، وبعدها بأيام، قفز شاب من نفس الموقع وارتطم جسمه بالماء، ولحسن – او سوء – حظه، هرع قارب صيد وأنقذه من الغرق، وعند التحقيق معه، قال إنه يريد أن يكون مشهورا مثل ع. الذي انتحر، وحظي باهتمام الصحف، حتى صار اسمه على كثير من الألسنة، وهو بالتالي هوائي مثل ترامب الذي تطربه الشتائم، لأنها تعطيه الإحساس بأنه "في البال") ناشدت كل من يتواصلون معي عبر واتساب وفايبر وآيمو ان يرحموني، ولا يرسلوا لي أي شيء "صادق" أو مفبرك عن ترامب (لدي إلمام بأشيائه غير المفبركة بحكم طبيعة عملي. ومش ناقص)، إلا أنهم يتجاهلون توسلاتي، حتى صار ترامب كالموت يدركني أينما كنت وفي الدول الغربية صارت هناك ممارسة اسمها جلد ترامب Trump-bashing ولكنهم وبعكسنا يتبعون الفعل القول، ففي بريطانيا جمعوا أكثر من مليون ونصف المليون توقيع، لجعل البرلمان يناقش أمر منع ترامب من زيارة البلاد، ثم أعلن رئيس البرلمان البريطاني أنه إذا زار ترامب بريطانيا – لا قدر الله – فإنه يعارض السماح له بمخاطبة البرلمان، وفي كل المدن الأوروبية الكبرى تشكل رأي عام ذو ثقل لمناهضة سياسات ترامب الداخلية والخارجية وبالمقابل فكل ما يستطيع ان يفعله ما يسمى بالشارع العربي، إزاء ازدراء ترامب بالعرب والمسلمين، هو تأليف وتداول النكات عنه، فسياسات الحكم العربية لا تسمح لـ "الرأي العام" بالتعبير بالأنف (إفففف) أو الأذن، أو الحنجرة، (الهتاف الذي هو أضعف الإيمان ومع هذا فهو من الكبائر). في لقاء تلفزيوني، سألوا الرئيس السوداني عمر البشير عن نكتة أعجبته تنتقد حكومته، فقال إن إمام مسجد كان يدعو في خطبة صلاة الجمعة: اللهم لا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا. فقاطعه أحد المصلين: هو سلَّط وخلص. أساله "يرفع"، ونسأل الله أن يرفع ترامب عنا قريبا، إنه سميع مجيب.
1077
| 23 يناير 2018
أصدر الشيخ أبوحامد الغزالي، كتابه "تهافت الفلاسفة"، متهما قدماء الفلاسفة بـ"تهافت عقيدتهم، وتناقض كلمتهم، فيما يتعلق بالإلهيات... وإدراك شيء غير قابل للإدراك بحواس الإنسان ينافي مفهوم الفلسفة من الأساس". ورد عليه لاحقا ابن رشد في كتابه "تهافت التهافت"، بأن "دين الفلاسفة"، يقوم أصلًا على الإيمان بوجود الله وعبادته، وأن مذهب السببية هو الذي يوصل إلى معرفة الله، ومعرفة خلقه معرفة واقعية.. ولو وجدت فسحة من الوقت لأصدرت عدة مجلدات عن "تهافت التوافه"، يحوي الشواهد القاطعة والمحكمة والموثقة، بأن ما نشهده من تهافت مخزٍ ومخجل وشائن على الولايات المتحدة، ينم عن غياب تام للعقل وفقدانٍ للقدرة على قراءة التاريخ القريب والمعاش.. هذه الولايات المتحدة التي صار معظم القادة العرب يحسبون رضاءها عنهم فوق رضا الوالدين، ولدت سفاحا نتيجة اغتصاب أوروبيين لأرض لا تخصهم، بعد إبادة سكانها الأصليين، وكان البحار والرحالة الإيطالي كريستوفر كولمبس، مكلفا من قبل البرتغال باكتشاف طريق قصير إلى الهند، فوصل – لا بارك الله فيه – إلى شواطئ أمريكا الشمالية في عام 1498، ولمداراة فشله في المهمة الأصلية، أطلق على سكان أمريكا الشمالية الأصليين اسم الهنود الحمر (مقابل الهنود الأصليين، السمر).. وعلمنا التاريخ أن من يتعرضون للقتل حد الإبادة، يصبحون عندما يتمكَّنون، ويستردون أنفاسهم تلاميذ لجلاديهم، (مؤسسو إسرائيل الذين نجوا من المجازر النازية نموذجا) وطلائع الأوروبيين في الأراضي الأمريكية كانوا من البروتستانت، الذين ظلوا منذ تمردهم على بابوية الفاتيكان، وتسلط أمراء أوروبا المحتمين بالكنائس، يتعرضون للاضطهاد والتصفيات الدموية، بل إن البابا بول الثالث أنشأ كتيبة لتقتيلهم، باعتبارهم مهرطقين. توافد البروتستانت على القارة الجديدة طلبا للأمان والسلامة، ثم سرعان أن انقلبوا بعضهم على بعض يتقاتلون، من أجل الذهب والأراضي الخصبة، وإذا اعتبر التاريخ الإسلامي الحجاج بن يوسف رجلا باطشا ودمويا، رغم أنه لم يمارس الإبادة الجماعية، فإنه يبدو تلميذا خائبا لدهاقنة القتل والتعذيب في أوروبا: هتلر في ألمانيا، وموسوليني في إيطاليا، وسالزار في البرتغال، وستالين في روسيا وفرانكو في إسبانيا (دعك من الأباطرة الرومان الذين قتلوا من المسيحيين مئات الآلاف).. أصدر الكاتب الأمريكي ستيفن مانسفيلد، مؤلفه "ذا فيث أوف جورج دبليو بوش" ويعني "عقيدة جورج بوش"، وأورد فيها أدلة "بالكوم" حول اقتناع كبار معاوني بوش، بأنهم أصحاب رسالة سماوية، وأنهم مسنودون بالإنجيل والتوراة، ويعود بنا مانسفيلد إلى الوراء سنوات، عندما وقف بوش أمام أحد القساوسة وقال له: "إن الله يريد لي أن أكون رئيسا للبلاد، وقد تلقيت النداء بأن بلادنا ستكون بحاجة إلى أنا".. ومن قبل قال الجنرال وليام بويكن عندما كان مسؤول المخابرات في وزارة الدفاع الأمريكية، "إن إله المسيحيين أقوى من إله الصوماليين (المسلمين)، لأن الرب عند المسيحيين حقيقي، بينما إله المسلمين مجرد صنم"، وهل يفيد أن نقول – فقط، للجنرال هذا، إن الصنم شيء محسوس وملموس ويرى بالعين المجردة؟ المناضل الجنوب إفريقي المسيحي برتبة أسقف، ديزموند توتو، قال عن الأوروبيين، إنهم "أتوا إلينا حاملين الإنجيل وتركوه لنا لنحمله نحن، وحملوا هم ثرواتنا".. الولايات المتحدة التي صارت محجا لكل زعيم (خصوصا فئة: زعم يزعم، فهو زعيم)، ولدت بعد اكتشاف كولومبس لها بثلاثمائة سنة، وكتب قادتها دستورها كدولة مستقلة عن الإمبراطورية البريطانية، في عام 1787، ولكنها لم تصبح دولة موحدة إلا عام 1863، بعد حرب ضروس بين البيض أنفسهم، لأن الولايات الجنوبية رفضت تحرير "العبيد"، الذين هم من نفس الأجناس الذين غزا جنود أوروبيون رسميون بلادهم، "لانتشالهم من التخلف والبربرية"، وهلك في الحرب الأهلية الأمريكية سبعمائة وخمسون ألف أمريكي فقط لا غير، ولم تكن حربا من أجل مبادئ بل صراعا على السلطة بين الشمال والجنوب. هذه هي الولايات المتحدة التي يتهافت عليها قادتنا المزمنون طلبا للنصح والإرشاد حول كيفية محاربة التطرف وتحقيق السلام، وهذا كأن تطلب النساء من راقصة مواعظ حول مقتضيات الاحتشام.
1158
| 01 يناير 2018
شهد الأسبوع الأخير من نوفمبر المنصرم، معرضا لـ«النوم والأحلام» في شمال لندن، ولم أقم بزيارة المعرض بل قرأت عنه، فلست مجنونا بدرجة أن أزور لندن في مثل هذا الوقت من السنة. كانت الغاية من المعرض محاولة حل لغز النوم، الذي لا يزال يحير العلم والعلماء.. وبالمناسبة فإن أشهر مراكز أبحاث النوم موجودة في أسكتلندا، وهي البلد الذي ينتج أفخر – وفي رواية أخرى أفجر – أنواع الويسكي، وكبرى مدنه – جلاسجو، هي الأكثر استهلاكا للمخدرات في بريطانيا.. هل فهمت قصدي من الإتيان على ذكر الخمر والمخدرات في سياق الحديث عن النوم والأبحاث المتعلقة به؟ عنك ما فهمت! عيب، أعتذر وأسحب الجملة الأخيرة، فما أريد قوله هو إن تبرير بعض الشريبين والشفاطين، بأن ذلك يساعدهم على النوم، لا يقوم على أساس علمي، بدليل أن الأسكتلنديين يشربون ويشمشمون، ومع هذا يعانون من اضطرابات النوم، ولهذا قام في بلدهم أكبر مركز لأبحاث النوم في العالم، ويتم تدريس "النوم" في كلية الطب في جامعة أدنبرا الأسكتلندية. تزامن معرض "النوم والأحلام" مع ذكرى تجربة فريدة من نوعها خاضها راندي قاردنر في عام 1964، عندما بقي مستيقظا 11 يوما وليلة (264 ساعة)، وكان كلما داهمه النعاس مارس لعبة كرة السلة لبضع دقائق، وبنهاية التجربة شكر من كانوا حوله وسقط مغشيا عليه. لم يصب بمكروه صحي. فقط صرعه سلطان النوم، وظل بعدها لعدة أيام «لا يجمِّع» أي خارج الشبكة، أي؛ فاقدا القدرة على التركيز. ما يحملني على الخوض في هذا الموضوع، هو أن هناك ولعا شديدا بين جيل الشباب للسهر، بل هناك من يتباهى بأنه ظل مستيقظا حتى موعد الدراسة أو العمل في اليوم التالي، وبالمقابل هناك من يتباهى بأنه ينام 12 أو 14 ساعة في اليوم، وبـ«العقل» والتجربة فإننا نعرف أن الإفراط في السهر يدمر الصحة، وأن الإفراط في النوم لا يزيدك نشاطا، بل بالعكس، فكلما أطلت في النوم استيقظت وأنت تحس بالتعب. وكثيرون يتفادون نوم القيلولة لأنهم يستيقظون منه مرهقين... يقول البروفسور جيم هورن من جامعة لاوبره البريطانية، إن النوم يمثل الفرصة الوحيدة للمخ كي يرتاح ويسترد نشاطه، فبالنوم العميق تنسى لبعض الوقت أقساط السيارة وخسائر البورصة، ودارفور وغزة وترامب وسائر المنغصات. وابن آدم ينام أحيانا حتى وهو يعرف أن في ذلك هلاكه (البحارة في السفن الغارقة وقباطنة الطائرات وسائقو السيارات في رحلات طويلة المسافة والأمد، مثلا).. وبالتجربة والبرهان العلمي فإن النوم لأقل من خمس ساعات، أو لأكثر من تسع يوميا ضار بالصحة، والاستثناء هو أن هناك بعض الناس برمجهم رب العالمين بحيث لا يستطيعون النوم لأكثر من – مثلا – 4 ساعات في الليلة الواحدة (رئيسا وزراء بريطانيا السابقان تشيرتشل ومارجريت تاتشر، مثالًا). في عالم اليوم الذي صار فيه الإنسان نفسه سلعة، هناك معامل أبحاث دوائية تسعى لتطوير عقار يجعلك تستغني عن النوم. ليس من شاكلة الكافيين والأمفيتامينات التي تعطيك دفعة مؤقتة (وزائفة) من النشاط، بل عقار يعطل منظومة الأنسجة والخلايا والأعصاب التي تحملك على النوم، ولكن دون أن يترتب على ذلك – أي الحرمان من النوم– مشكلات من قبيل فقدان القدرة على التركيز أو التحكم في الأشياء (السيارة والأجهزة الكهربائية مثلا). ألن يكون ذلك العقار مثل السعي للإنجاب بتكليف أشخاص آخرين بتلك المهمة، أو باللجوء إلى البنوك التي تبيع ماء الرجال وبيض الأرحام؟ أين عنصر المتعة في «الرفقة والألفة» وفترات الترقب والانتظار؟ ولماذا أبقى يقظانا بعقاقير لشهر كامل؟ حتى يكون بمقدور المدير تكليفي بمهام من الرابعة فجرا إلى الرابعة عصرا؟ يا شباب ناموا مبكرين فأمامكم مراحل ستصيحون فيها: نفسي أنام في السابعة مساء يا عيال... اهمدوا الله...... يسامحكم.
1227
| 18 ديسمبر 2017
لي نظرية واضحة البنود في تربية العيال، أعني عيالي بالتحديد، وجوهر هذه النظرية هو تجاهل كل النظريات المتعلقة بتربية وتنشئة الصغار، بمعنى أنني لا أثق في تربوي، أمريكياً كان أو سويدياً أو لبنانياً مرموقا، وله كتب متداولة على نطاق واسع في مجال التربية، لأنه بالتأكيد لا يعرف عن عيالي أكثر مما أعرف، والأهم من كل ذلك هو أنني لا أومن بأن هناك كتالوج للزواج الناجح أو التنشئة السليمة، فالعيال ينشأون متشبعين بالقيم السائدة في البيت، ولا أؤمن بالكلام الفارغ بأن من يتزوج كمن يشتري بطيخة: أنت وبختك، يمكن تطلع حمراء وحلوة، ويمكن تطلع بيضاء وماسخة فتقرر التخلص منها، فمن يختار شريكة الحياة بنظام شراء البطيخة "المقفولة"، أهبل وقِفْل، فحتى مشتري البطيخ "الواعي"، يشترط أن يقوم البائع بقطعها ليتأكد من انها حمراء وحلوة، أو لديه المهارة لمعرفة جودتها بالطرق عليها، واختيار الزوجة ليس "لوتري": أنت وبختك، بل ينبغي ان يكون عملية دقيقة لأن الزوجة ستصبح أيضا، أما وتؤثر في تنشئة العيال. في الغرب يعلمون صغارهم أن يتجنبوا الغرباء إلى درجة عدم الرد على تحاياهم، بينما نحن نربي عيالنا على احترام كل من يطرق أبوابنا حتى لو لم يكونوا يعرفونه واستقباله بعبارات الترحاب، وإذا أدركوا أنه ضيف على العائلة، يتولون تقديم الشاي والعصير له. ولكنني وعلى المستوى الشخصي - وكانت أمي رحمها الله، تعتقد وأعتقد بدوري أنها ربتني على منظومة من الفضائل والقيم والمثل ومكارم الأخلاق - لم ألتزم بتوجيهاتها وأساليبها حرفيا فيما يتعلق بتربية عيالي. أحياناً ومن باب البكش – خاصة عند تقديم طلب قد يتعرض للرفض – يناديني أحد عيالي: أبو الجعافر. ممكن كذا وكذا! كانت أمي تسمع هذا الكلام وتنفر عروق رقبتها من الغضب، لأنها تعتبر مناداتي بأبي الجعافر (قلة أدب) وأحاول تهدئتها بتوجيه الهجوم إليها بأنها لم تمنحني (اسم دلع) فاضطررت إلى اختراع اسم دلع لنفسي هو أبو الجعافر، ولا غضاضة في أن يستخدمه عيالي. ذات يوم كنا جميعاً نجلس في غرفة واحدة وكانت أمي وقتها تزورنا، وجلستُ على كرسي ممسكاً بمجلة أقلب صفحاتها، وفجأة تقدم أصغر عيالي وانتزع المجلة من يدي وقال ما معناه: ليس من الذوق أن تجلس بيننا ومعنا أمك ثم تتصرف وكأننا لسنا هنا، وتندمج في القراءة، ابتسمت وقلت له "معك حق"، ولكن أمي تحولت إلى بركان: كيف تسمح لهذا المعفوص أن ينتزع مجلة من يدك ثم يوجه النصائح إليك! هي طبعاً لديها فهمها لأصول التعامل بين الأب والأبن والبنت، وتعتبر رفع التكليف بين الطرفين سوء أدب، بينما أحرص من جانبي على أن تتخذ علاقتي بعيالي طابع الصداقة، طالما أنني واثق من أنهم يحترمونني كثيراً ويحبونني كثيرا. يحكي أكبر عيالي أنه عندما كان يدرس في جامعة في نيوزيلندا، طلب من أحد أصدقائه من الطلاب العرب بعد أن سمعه يضحك وهو يتصفح الإنترنت، أن يطلعه على الطرف التي جعلته يضحك، ووصلته عبر البريد الالكتروني، وصعق صاحبنا عندما علم أن من أرسل تلك الطرف هو "أنا" أبو صديقه وقال له: أبوك يرسل لك نكاتاً وصوراً طريفة؟ سبحان الله! الصورة النمطية للأب عند صديق ولدي هي لرجل حازم، كلامه كله نصائح وأوامر أو تبليغ لأنباء رسمية: أختك خطبوها. وأمك ركبت طقم أسنان كلفنا الشيء الفلاني فاقتصد في الإنفاق. وقد لا يتفق كثيرون مع طريقتي في تربية العيال، وقد يتبعون طريقة أخرى تجعل من عيالهم ذرية صالحة تتحلى بالأدب ومكارم الأخلاق. المهم هو أنه ليست هناك نظرية مكتوبة تصلح لكل العائلات، بل هناك "منظومة تربوية متعارف عليها" ينبغي عدم الحياد عنها لضمان تنشئة جيل معافى نفسياً وجسدياً.
2406
| 07 ديسمبر 2017
مساحة إعلانية
كان المدرج في زمنٍ مضى يشبه قلبًا يخفق...
2550
| 30 أكتوبر 2025
حينَ شقَّ الاستعمار جسدَ الأمة بخطوطٍ من حديد...
2220
| 04 نوفمبر 2025
اطلعت على الكثير من التعليقات حول موضوع المقال...
2061
| 03 نوفمبر 2025
نعم… طال ليلك ونهارك أيها الحاسد. وطالت أوقاتك...
1506
| 30 أكتوبر 2025
8 آلاف مشارك بينهم رؤساء دولوحكومات وقادة منظمات...
1140
| 04 نوفمبر 2025
في زحمة الحياة اليومية، ونحن نركض خلف لقمة...
1113
| 29 أكتوبر 2025
من الطرائف العجيبة أن تجد اسمك يتصدر أجندة...
1056
| 04 نوفمبر 2025
تُعدّ الكفالات البنكية بمختلف أنواعها مثل ضمان العطاء...
852
| 04 نوفمبر 2025
تسعى قطر جاهدة لتثبيت وقف اطلاق النار في...
828
| 03 نوفمبر 2025
ما من ريبٍ أن الحلم الصهيوني لم يكن...
759
| 02 نوفمبر 2025
أحيانًا أسمع أولياء أمور أطفال ذوي الإعاقة يتحدثون...
747
| 30 أكتوبر 2025
ليست كل النهايات نهاية، فبعضها بداية في ثوب...
690
| 29 أكتوبر 2025
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تابع الأخبار المحلية والعالمية من خلال تطبيقات الجوال المتاحة على متجر جوجل ومتجر آبل