رئيس مجلس الإدارة : د. خالد بن ثاني آل ثاني
رئيس التحرير: جابر سالم الحرمي
مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
هل يعاني المثقف من عقد عند مقارنته بالسياسي الذي يعمل من أجل المصلحة، وبين أفق المثقف الحالم؟ سؤال قد ينتصفه الفراغ والفجوة التي تعلق الإجابة لفترة، ولكن تظل الأسئلة الفرعية من هذا السؤال تعتمد على إجابتك بواقعية وبحسب ما شهدته من تغييرات عبر التاريخ بشكل عام. كما أود التنويه إلى ان الإجابة عن هذا السؤال يجب أن تسبقها الإجابة عن سؤال أهم: أين مكانة المثقف بين المجتمع، حجماً، ووزناً، اثراء وفاعلية؟!. يصعب على الكثير أن يصنف المثقف من ضمن الفاعلية وتقديم الجودة، وقد لا تكون بالضرورة جودة على قدر كونها أثراً يقدمه المثقف من خلال انعكاساته وهواجسه للوصول إلى رؤيته الثقافية المطلقة!. وهنا إشكالية يقع فيها المثقف بشكل مستمر، إذ نظل نشاهد ونترقب ما سيحصل لتصور المثقف ومدى فاعليته في تحقيق أحلامه، مقارنة بالسياسي الذي يحمل بشكل أكثر نظامية وبإشهار إعلامي يتمكن من خلاله التأثير واضفاء القرارات التي يسعى إلى أن يحققها على صعيد المجتمع. وفي كل الأحوال هل يلتقي السياسي والمثقف في نقطة تحقق وحدة نسيج وطنية كهدف رئيسي للسياسي، وبالحلم والإصلاح للمثقف؟! هل يتطلب هذا الالتقاء الوطني منصة تدعم الصورة والاشهار الإعلاني، لفهم علاقة المثقف بالجمهور، هذه العلاقة التي من الصعب تفسيرها من حيث الرؤية، إنما لا تزال تفسر على انها كسب ثقة مجتمع لمن لديه نفس نظرة زرقاء اليمامة من المثقفين، أي انهم محصورون في البعد الفكري ومحدودون في آلية الانخراط في البعد الإصلاحي مع السياسي. هناك عدة وقفات لم ننظر إليها بعد لفهم احتياجات المجتمع للمثقف، كما نلاحظ الحاجة للسياسي ومدى فاعليته، من حيث تطبيق وتنفيذ عدة قرارات تساهم في طياتها التغييرات التي تتماشى مع رؤية نظام، فإذا عدنا إلى منصة الاشهار، ففكرة الإعلان والصورة بالتأكيد لن تكون جزءا شاذاً عن المثقف، ولكن أيضاً هناك جهد أكبر على المثقف أن يسيطر على التشعبية الحاصلة في مسألة الشهرة الواسعة دون اختصاص معين وارتباط مباشر في إصلاحات محددة يعمل من أجلها وبإخلاص. هنا يكمن دوره في ابراز ثقافته فيما يقدم، إذ يظل المثقف محركاً اجتماعياً وقادراً على أن يساهم في تغيير نمطية الصورة بما يعكسه من محتوى ابداعي عميق، قد يكون خيالياً أو واقعياً، ولكنه منفتح على التعمق الفكري، ومتطلع على الشخصنة الخيالية التي تعكس واقعاً بشكله التجريدي، فهل تظل المسألة معقدة على الثقافة، أم انه لا تزال هناك عقد تعرقل المثقف وتعرقل الوصول إلى حلمه حتى ولو كان بيد السياسي الفاعل! وكلاهما في هذه الحال يخدم نفس فئة المجتمع التي تنظر للمستقبل بعين المثقف، وتترقب التغييرات التي تصدر من السياسي!. على ان للمثقف دورا ساميا وإيمانا بأنه يحمل مسؤولية الإصلاح والسعي وراء العدل والتطلع إلى وطن ديمقراطي، يظل محبوساً بين هواجسه عندما يتجرد من الواقعية وينغلق على أحلامه البعيدة التي لم تتحقق على مر التاريخ إلا بتدخلات سياسية وثورات عسكرية وشعبية قامت بالدور الانتقالي المتوقع وغير المتوقع. بالتالي، يظل المثقف في هذه الحال مستمراً في الانغماس في أحلامه التي تبدو معقدة وغير واضحة على منصة الاشهار والصورة، بينما يعمل السياسي على مواكبة التغييرات والانتقال إلى مراحل مختلفة باسم الوطن. [email protected]
2245
| 04 مايو 2021
يقول خالد الكركي في كتابه: قراءات في الثقافة والسلطة والإعلام، إن المثقف العربي يظل في برجه الآخر، بينما يظل آخر في رومانسية العربي، ويقف آخر عند التراث جامداً، هكذا صنف المثقفين بحسب انتماءاتهم وارتباطهم في عقائدهم التي قد تبرر حراكهم الثقافي، فمن تلك التصنيفات بإمكاننا أن نفهم مدى انغلاق المثقف أكثر من انفتاحه، وقياس قدرته على التأقلم والتراخي، أكثر من تضييقه لمفاهيمه، فليس بغريب أن ينادي المثقف بالحرية، بينما يعيش واقعاً لم يتغير عليه سنوات سابقة إلى اليوم. فالسلطة نفسها تعتبر نظاماً يحد من حركة المثقف، فالجدل بين الحاكم والفيلسوف ليس بالتجربة المعاصرة التي تقدم حلولاً جذرية ضد النظام، إذ إن حتمية هذا الصراع تعتبر قائمة ومستمرة باختلاف التشكيلات النظامية التي تكونت وبرزت على مر التاريخ، سواء أكانت من حاكم، سلطان، خليفة، أمير، ورئيس، فالاختلاف في المسميات لا يغير من نمطية الصراعات الفكرية وعدم استقرار علاقة المثقف بالسلطة، والعكس صحيح. فلو نظرنا في التاريخ، من الصعب إيجاد أي علاقة مستقرة ما بين السلطة والمثقف من هو صاحب قضيته التي تعكس معاناة أمة وتعبر عن رسائل سامية، إلا في حالة الخضوع للسلطة، واتباع النظام وتنازله عن استقلاله وحريته، التي هي مقيدة فعلياً قبل شعوره بأنه تنازل عنها من البداية، وهذا الأمر يطرح سؤالاً مهماً حول علاقة المثقف بالناس، تلك العلاقة التي يعتمد عليها الناس للتنوير، وقدرتها على التمييز بين الأنظمة الظالمة والأخرى العادلة، ومن الشيق أن نعتاد في المصادر على قياس حرية المثقف باضطهاد السلطة، ونادراً ما تقرأ عن حرية المثقف تماشياً مع السلطة. كما أجد من الشيق طرح السؤال المفقود عن مدى علاقة المثقف بالشعب، خاصة عندما يكون متوجهاً في آرائه، دون وضوح رسائله الخاصة، بل تتحول إلى رؤى تتماشى مع رؤية توجهية كبرى وتطلعات مستقبلية نهضوية تحت شعار المصلحة العامة، فأي حرية تلك التي يعمل عليها المثقف كمشروع إنساني عندما لا يستطيع أن يحقق ذلك المشروع الخيالي على شعب يترقب من المثقف التنوير باعتباره أسمى غاية قد تصل إلى جمهور. حرية المثقف هي حرية مثالية ليس لها أثر في الواقع، إنما هي حلم مراد الوصول له، أكثر من كونها واقعاً عاشه المثقفون من دون ضغوطات خارجية أثرت على حراكهم الحر واللامحدود منذ الأزل، ولكن لا يزال النداء مطلوباً لوساطة المثقف للشعب وصولا للسلطة، كما لا تزال الرغبة قائمة في التمهيد لأجيال جديدة من المثقفين لا تهاب من السلطة على قدر تقديم إمكانياتها للسلطة بما تحمل من قواعد فلسفية، فكرية، فنية، وإبداعية قادرة أن تكون واجهة يقظة ومحركة للمجتمع الذي يتأمل الكثير من حيوية مثقف وتعاطفه مع التغييرات التي تطرأ على المجتمع. فبدلاً من أن ترى علاقة السلطة بالمثقف بالمنظور المضطهد والاستبدادي، لما لا ينظر إلى تلك العلاقة اليوم أنها استكمال لنظام ذات رؤية مستدامة، قادرة أن تتقدم وأن تنهض بنهوض الشعب بالتعاون وبواسطة المثقف، فإن ظل المثقف العربي بحسب وصف خالد الكركي، الجامد، والمتكابر والخيالي، فلن يكون إلا نخبة صامتة، متذمرة ومنادية لخيالها في الوصول إلى الحرية المطلقة، بالمقابل ستكون عاجزة عن تحقيق أبسط التغييرات الواقعية في المجتمع ومن أجل نهضة المجتمع. فلا تعلق آمالك على حرية مثقف عندما تكون مبالغات على أرض الواقع. [email protected]
2289
| 20 أبريل 2021
الوقوف عند الماضي والتغني على حقبة سابقة، أجدها من السرديات التي لا تساهم في عملية الإصلاح الثقافي المتجدد. أجد الاختصار في جملة واضحة ومباشرة، أفضل بكثير من اللف والدوران خلال الجلسات النقاشية البناءة على استرجاع ذكريات سابقة من الصعب إعادتها بنفس الإطار الزمني والإنساني الذي بنى من خلاله الانسان مسيرته الاجتماعية وعكس على نفسه هوية وثقافة ما. لذلك، عندما نتحدث عن المشهد الثقافي في دولة قطر، من المفترض أن لا تكون المشاعر متجمدة في ترانيم "الله يا عمري قطر" فقط ( على سبيل المثال) والتي تحد من تقبل أي عمل آخر بطابعه الحديث للتعبير عن الوطنية. بلا شك، بأن ابداع الموسيقار عبدالعزيز ناصر رحمه الله ساهم في إثراء المشاعر الوطنية المخلصة عند جيل بالكامل وأجيال تبعتها بالتأكيد، حيث عكس الجانب الثقافي والحس الوطني بحسب الزمان والمكان والنطاق المعيشي المعتمد بين المجتمع. الأمر الطبيعي أننا نربط الانتماء من خلال عملية استرجاع التاريخ والذكريات، وارتباطنا بالتاريخ بطريقة يصعب علينا أحيانا الخروج منه إلى حقبة معاصرة أكثر. أما ما هو غير طبيعي، التغني على الماضي وكأن الماضي الممثل الزمني والإطار المفاهيمي المعتمد للثقافة لأجيال مستقبلية يفصلها عند الحقب السابقة كم من المخزون الثقافي عبر المسيرة الاجتماعية. وهنا يكمن الخلل فعلياً، الربط بالماضي وعدم القدرة على التوسع في المفهوم نحو المستقبل وما تقتضيه الحاجة الوطنية الجديدة لاكتساب مفهوم متجدد قادر أن يعكس الإمكانيات والفرص المتاحة لمواطن اليوم للتعبير، كما كان يعبر الجيل السابق بتلك الأغاني التي ترمز للوطن وبتلك الشخصيات التي ترمز للثقافة. لم يعاصر الجيل الحالي الحقبة السابقة، ولا الحقبة السابقة عاصرت وتقبلت الجيل الحالي. وذلك لا يعني في واقع الأمر بأن عدم التقبل هذا يحتم علينا التقيد بالمفهوم الثقافي وتضييق تعريفه على زمن معين وبين شخصيات وأغانٍ معينة. فأنا لست انعكاساً كاملاً لما كان عليه المواطن في السابق، مواطن اليوم يعاصر الحداثة والفرص المتاحة باختلاف منافذها. أما مواطن الأمس فاختلفت لديه تلك الفرص وعاصر الحداثة بحسب تلك الحقبة وما أتيحت له من إمكانيات. أليس الأمر بطبيعي؟ ألا يكون للمفهوم الثقافي حدود ولا يلتزم بالتعايش مع جيل عن آخر! لذلك، علينا أن نتقدم حتى عندما نتحاور ونتناقش في المواضيع التي تحدنا على الرجوع للوراء. إذ علينا قياس مدى فائدة الوراء وانعكاسه على مصلحة اليوم. هل أستطيع أن أسترجع الماضي الثقافي، بطابع وطني بسيط في زمن اليوم بأساليبه المتقدمة وبمشروع الانسان المتجدد!. الثقافة ليست حكراً على أحد، كما هي ليست حكراً على زمن معين. فلو كان العصر الذهبي ذهبيا بالفعل لتمكن أن يكون تأثيره مباشرا حتى على زمن اليوم باختلاف وسائطه الثقافية. إنما ينبغي أن نرى الأريحية في المفهوم الثقافي الذي يتيح لنا أن نحدد نوعية الزمان الذي نمر فيه وبحسب إمكانياته الثقافية التي تقدم لمواطن اليوم من أدوات التعبير وفرص الابداع وتعكس اهتماماته واكتشاف إمكانياته. من هنا، نستطيع أن نعتبر الثقافة ككائن الأميبا المتأقلم، الخلية التي بإمكانها أن تتعايش في البيئة الملائمة لها. الملائمة في هذا الحال لا تقف في عصر واحد وعند انتماء لوسائط فنية معينة. فالمشهد الثقافي اليوم قادر أن يكتسب الصدى الواسع ليس فقط على الصعيد المؤسسي لعملية الإنتاج والابداع الثقافي والفني. إنما هو قادر أن يكون جزءاً من إمكانيات أفراد وقطاع خاص يعملون سوياً في تعزيز إمكانيات الانسان المبدع من حيث تمكين الأدوات التي تساهم في مسألة الانتماء والتعبير لمشهد ثقافي معاصر متأقلم بشكل كبير مع ظروف وبيئة الإنسان المحيطة. [email protected]
4939
| 06 أبريل 2021
الهجمات الفكرية متعددة، وخاصة ما يمس التطلعات التنموية، ولكن الأصح أن ننظر لتلك الهجمات من منظور أكثر عمقاً فيمن يوجه ولمن يعبر عن تلك الهجمات الفكرية للمجتمع، والأهم مداها في مسألة التأثير والفاعلية. فمن الطبيعي أن تتداول الغالبية الانتقادات باختلاف قوة تأثيرها بحسب مرحلتها في التأثير، فإما أن تكون مجرد نقد لا أثر له أو ان تكون بإجماع شريحة مجتمعية معينة تؤثر بشكل مباشر. وهنا أود أن أركز على من وصل إلى مرحلة النقد وشن الهجوم ضد الحراك الاجتماعي المعاصر والتطلعات المؤسسية. الضغوطات الاجتماعية تحد المؤسسة من التقدم، وخاصة عندما يتم التطرق للوطنية بمنظوره المجتمعي السائد المرتبط بالعادات والتقاليد والدين، وبمعايير الكراهية للغرباء أو بأي شيء ليس من داخل الوطن! وتتفاوت مسائل الاستجابة خاصة ولو كانت في الدائرة المجتمعية. وهناك من الانتقادات التي يتلقاها المستقبل بمحدودية ضيقة لغرض الانتقاد من دون غاية إصلاحية واضحة وتفادي التطلع نحو الأمام بشكل معاصر (المعاصرة ليست بالضرورة مخالفة لمعايير الوطنية). فدائماً نلاحظ الأسباب ما وراء الصراعات الفكرية، والتي تبنى على الخوف من المستقبل وما سيحمله للأجيال القادمة ولدور المثقف المعاصر وتبنيه لقضيته الخاصة للوطنية ودفاعه عنها. فنجد ان المسألة تحكمها أداة الخوف إلى حد معين، وما الوطن بالتحديد للمثقف المعاصر وكيف يساهم في تنميتها تماشياً مع رؤية مستقبلية وليس رؤية رجعية؟!. وهنا أعتقد المكان الذي نتجمد فيه، في الواقعية، انعكاس النقد على الواقع وخشية المثقف المعاصر على محيطه خوفاً مما هو خارج إطاره الخاص، فنلاحظ على سبيل المثال الحملات الهجومية على الحراك المؤسسي والخاص بما فيه من مشاريع ثقافية، انخراط مجتمعي أكثر انسجاماً، وامكانيات إبداعية غير محدودة في التعبير، فالدين والعادات والتقاليد على سبيل المثال جزء من الوطنية بالتأكيد، إلا ان الوطنية في واقعيتها ليست متساوية في هذه الحال من حيث درجة التشدد والانتماء، فلا يزال الدين على سبيل المثال متفاوتا عند الأجيال التي يخشى عليها الناقد من التأثير! وهنا تكمن عدة نقاط يجب مراعاتها. أولاً: هل نترقب من مثقف معاصر تحديد توجهاته النقدية وتعميمها على مجتمع لا يتفق فعلياً معه في مستويات الوطنية؟. ثانياً: إن كان المثقف المعاصر يركز على شن الحملات الهجومية التي تؤثر على التنمية السياسية فهو بطبيعة الحال يساهم في اضعاف سياسة بلده بسبب الادعاءات والانتقادات التي يوجهها بشكل مباشر على سياسة دولة أكثر من اتهامه للمجتمع نفسه!. أجد الفجوة العميقة في مسألة توجهات السياسة التنموية والمواجهات الاجتماعية التي تتصادم فيها. "المجتمع لا يرحم" جملة أسمعها مراراً دون أن يوضع لها معيار معين لمسألة عدم الرحمة تلك، والتي تعمل ضد حركة سياسية واجتماعية تتطلع للتنمية ولا تطمح للرجوع للوراء. ولكن ما هو العائق في هذه الجملة، بأن التنمية السياسية تعمل بوتيرة مجتمع لا يرحم، فبالتالي نجد التعطيل في خطوات اجتماعية معاصرة لا يمكنها مواكبة التنمية بسبب انتقاد من يعمل باستمرار على اضعاف سياسة نظام ينتمي إليه! وهذا الأمر بحد ذاته أكثر خطورة على الوطنية عندما تكون اشكاليتها نابعة من الداخل، فالنقد لا يعكس الوطنية بالضرورة، خاصة وان تجردت من المواكبة المستقبلية وتمسكت بأدوات الخوف. فالسؤال الأهم، هل تقبل التحدي بمواجهة هذه الجملة حتى تتمكن من قياس ودراسة معايير عدم الرحمة تلك، فلربما نكتشف بأنها جملة تتطاير في الجو لضمان وجودها دون معيار يتفق عليه الجميع على الصعيد المحلي ولا يعكس واقعية متفق عليها على الصعيد الخارجي! فلا إقرار معينا من جملة "مجتمع لا يرحم" ما عدا الخوف كأداة ترهيب واستسلام، إذ حرص الخوف أن يكون حارس جملة من دون معيار ولا تأثير يذكر!. [email protected]
2770
| 30 مارس 2021
أجد من الظلم حصر الثقافة، حتى ولو كان لبعض من تصنيفاتها أعداء يترصدون الخطأ لإقصائه، أو حتى لمجرد كونه خطأ يدرج تحت كل حجة ظلت حبيسة عصرها، وسجينة عقلياتها المحدودة. فمن الظلم فرض التجرد على مفهوم واسع دون منحه صفة التعبير التجريدي والحسي والأدائي الذي يهيم تحت مظلة الثقافة، كما أجد أن من الظلم أيضاً تحديد الأولويات لتصنيفات ثقافية على أخرى، فمن الصعب أن تبقى التصنيفات فردية أو حتى منتقاة، إنما تتسم الصفات الثقافية على قدرتها التجانسية والإمكانيات الإبداعية للتركيب وإنتاج ثقافة جوهرية حسية متكاملة. وتظل الحجج والمفاهيم للثقافة مستمرة، لن تقف في زمن محدود ولن تكون ثابتة بين أجيال سابقة ولاحقة، إنما هذه هي التوقعات الفعلية لمفهوم قادر على أن يتجدد ويتبنى الأدوات التي تعزز باستمرار الحراك الثقافي المبدع. نحن من المفترض أن نشكل الثقافة بناء على تكوين مجتمعي، وهذا فعلياً ما يكون به التكوين الاجتماعي تاريخياً، إنما ينقص ذلك التكوين الإمكانيات على تقبل الصفات الثقافية كاملة، عوضاً عن حصرها ووضعها في إطار محدود، فلا تتوجه الثقافة على سبيل المثال للأدب وتحكر فيه، ولا تتنفس بين بيوت شعر وتهتم بأوزانه، إنما يظل التكوين الاجتماعي انعكاساً لكل قيمة استطاع الإنسان أن يخصصها لمحيطه، وكل تعبير تمكن الإنسان من أن يكون له تمثيلا لماهيته. بالتالي، لم تقف الثقافة حكراً على خصخصة الصفات الثقافية المتبعة، ناهيك عن عدم قدرة محدودية تلك الصفات أن تمثل شريحة مجتمعية – متنوعة بأكملها، إذ إن الثقافة هي القصة، الكلمة، الكتاب، الشعر، الشعائر، المأكل والمشرب والموسيقى والأداء، وفنون أخرى لا نهائية تدخل في سياق التركيب والتجانس المتجدد. وهنا نثبت بأن الثقافة بها من العلو والرفعة التي تعطي القدر الكافي والقيمة الحقة للإنسان في بيئته وظروفه المحلية والتي تعكس انطباعاته وإبداعه الخاص، وهذا على صعيد الثقافة المجتمعية، وإمكانية الإنسان في تعريف ماهيته وأدواته الثقافية بين أفراد مجتمعه، فالمسألة بها صعوبة نوعية من ناحية صراع المجتمع بين بعضه البعض، ما بين التخلي عن القديم ومعاصرة الحديث، وتقبل التجديد بشرط التمسك بالقديم، وقد تكون بها من الصعوبة من حيث التعبير على الصعيد المؤسسي، إذا شعر الإنسان ببروز صفات ثقافية على أخرى تباعاً لإطار مؤسسي حصر التنوع بين صفات ثقافية محدودية وعممها على المشاريع التي تؤثر بشكل مباشر على الثقافة المجتمعية التي تتكئ على النظام المؤسسي في مسألة التعبير وانعكاس انطباعاته المحلية والخاصة بحسب توجهات إطار العمل المؤسسي. هنا نقف وقفة جادة، محاولين أن نفهم مكانة التجانس وأريحية التركيب الثقافي وإمكانية التعبير المجتمعي بشكل مبدع مواكبة مع إطار عمل مؤسسي يعكس ثقافة ما، ولكن لا يعكس بالضرورة ثقافة مجتمع بصورته العامة. كي تتمكن المؤسسة من تفعيل الحراك الثقافي في المجتمع، عليها أولاً أن تبدأ بإطار عمل يعرف الثقافة دون حكر ولا تخصيص لصفاتها، ومن ثم تبني عليها مقاييس التنوع في أدوات التعبير المتنوعة التي تتيح للمجتمع الانخراط والتمكين في الرؤية المؤسسية بشكل أكثر إبداعا وأقل محدودية، فالمؤسسة يجب أن تعكس المجتمع، أما العكس فهو غير وارد، وقد يصعب أن يعكس المجتمع المؤسسة بحسب الأنظمة المتبعة. [email protected]
1973
| 23 مارس 2021
عزيزتي! تفادي الغضب والزئير عندما تطالبين بحقوقك، ألم تستيقني بعد! فمنذ أرسطو لم يكن لك مكانة إلا الدونية والتمييز الذي أعطي للرجل كونه الكمال المطلق، والذي لن تصل إليه المرأة إلا إذا كانت رجلاً، فالمرأة ستكون دائماً مرأة بحسب نظرته الدونية لها. فهو لم يرفع من شأنك منذ بداية الحقبة التي جعلت من الانسان مركزاً للفلسفة، والتي لم تكن منصفة من الأساس للمرأة، وأسوأ من هذا أن أرسطو حدد دورك الذي ينقصه العقل والمنطق، وأعطاك نوعاً من المهام المعنية في التكاثر وحماية النسل، وجعلك في أدنى الطبقات، بل وأكثرها دناءة في الأخلاق والفساد، حتى جاء تلميذه أفلاطون محاولاً أن يعطيك قدراً من الامتياز بتضارب في الانصاف، إذ حارب فكر الاختلاف بين الرجل والمرأة من حيث القدرة على التفكير، ولكن ظل موالياً لمكانة الرجل المطلقة، والتي تميز الرجل بالروح أكثر من الجسد كحال المرأة غير الكاملة، ناقصة الروح ومتعددة الأمراض!. ولست هنا كي أحاول أن أثبط عزيمتك ومكانتك، ولكن على ما يبدو أني بدأت بذلك فعلاً! ولكن وددت أن أثبت لك النظرة الفلسفية الأولوية لمكانة المرأة، أي منذ ما يقارب 399 سنة قبل الميلاد، وما زال!. ولكن من الجانب الإيجابي، انظري لمسألة التثبيط هذه على انها صراع أزلي وحراك لم يتوقف في حقبة معينة، بل بالعكس، فإنني أبين لك أن كفاحك ضد الرجل ليس إلا محاولة هز كيانهم، والذي لطالما كانوا يخشون عليه من فئة النساء، وكأنها فيروس قادر على أن يقضي على مكانة الرجال بسهولة بإمكانيات امرأة قوية، مناضلة ولا تخشى مواجهة الرجل، خاصة في المكانة الدونية التي وضعها فيها!. فهذه هي قصة اليوم العالمي للمرأة، باختصار، فلا نحتفل بالإنجاز على قدر احتفالنا بالمناضلة بدون تاريخ انتهاء!. ظللت على موقفي طوال السنوات السابقة وحتى اليوم، بأن الاحتفال بيوم المرأة من المفترض ألا يعني لنا شيئاً، وخاصة بما نلاحظه من مصادر أولوية لم تعزز من مكانتها، فنحن النصف المكمل للطبيعة البشرية والتي لا تكتمل إلا بها، شاء الرجل صاحب الكمال المطلق (كما ادعى لنفسه) أم لم يشأ، فالمرأة هي النصف والرجل هو النصف الآخر، فطبيعي أن التكامل هذا لا يأتي بحساب نصف على آخر. ولكن، يبقى السؤال الأهم في مسألة رفع الشعارات والمظاهرات للمطالبات بحقوق المرأة، كيف نرى أنفسنا في ظل الأزمة التي نجد أنها جزء مهم لإصلاحه؟ كيف يمكننا أن نتخطى الظلم حتى ولو ظل في يد رجل؟ كيف نستطيع أن نستمر من دون توقف أو تفادي النظر للوراء من دون حسرة أو ندم. وما علي فعله في تنشئة أجيال قادمة متمكنة في تغيير النمطية السائدة حول دونية المرأة، فالمسألة قد لا ينقصها إلا وعي من انسان متمكن، تنموي قادر على استيعاب مسألة الروح والجسد بأنهما غير منفصلين، فلا توجد أحقية الروح للرجل وتخصيص الجسد للمرأة، فالعقل لا جنس له والتي لا تفصل بين الجنسين فكرياً، فيتقبل الانسان الواعي الامكانيات التي تتساوى وتصعد بها المرأة للأعلى منافسة مع الرجل. فلا تنس السوط إلا لمن يخشى من التغيير! نيتشه أساء لمكانة المرأة بأسلوبه العدائي وتهديده لها بالسوط، وأرسطو صنفها فلسفياً بمكانتها المحدودة، فدعنا لا نستخدم السوط إلا لمن يميز جنساً على آخر، فكرياً وفلسفياً ووظيفياً! كل عام وأنتن محطمات للسوط!. [email protected]
7468
| 09 مارس 2021
خلال فترة وجيزة من الوقت وعلى صدى برنامج صوتي جديد اكتسح الساحة الافتراضية بشكل سريع. تعددت الأسباب لاشتهار تلك المنصة الصوتية، إذ يترصد أول سبب يتعلق بالتعبير الصوتي، والتطرق لسقف حرية التعبير والذي بات أن يكون مقيداً في عدة محافل لا تتيح للأصوات العالية إلا بقيود وضوابط، ولا تدعم بالضرورة الانفتاح الفكري واللافكري حتى! إلا أن ما شوقني أكثر عبر هذه المنصة الصوتية هي مسألة التناقضات والاخلال في الشخصية عندما ينتقل المشترك من حساب إلى آخر، ما بين المواجهة الفكرية الكتابية والمواجهة الفكرية الصوتية. إذ اكتشفنا بأن هناك إمكانيات على الصعيد الفكري استطاعت أن تترك أثراً على المجتمع أو على الأقل على شريحة فاعلة من المجتمع من خلال التغريدات الكتابية وقوتها من حيث المنطقية والمصداقية في التعبير، خاصة وان كان هذا التعبير يوجه الإساءة إلى شخص ما أو خدمات معينة، إدانتها واتهامها في مسألة ما. ونفس المنظور وارد على فاعلية الآراء حتى ولو كانت غير منطقية! أما في الجانب الصوتي الجديد، فنكتشف الركود اللفظي، من حيث المناظرات الاجتماعية من الناحية التنظيمية للنقاش، واحترام الحوار بشكل حضاري حتى ولو كان الشخص مثيراً للجدل من حيث سلوكياته وسقطاته الفكرية في المنصات الأخرى! بل وتتصاعد نوعية المواضيع من كونها مكررة إلى مكررة جداً! فالقصد من وراء المنصة الصوتية تكمن في مسألة التعبير على نطاق أوسع يخترق قيود الأنظمة ويتيح فرصة التعبير حتى لبسطاء الرأي مع المخضرمين والمفكرين أو يتيح فرصة التعبير بشكل عام دون الحاجة إلى المخضرمين حتى، فلا توجد قيود تعبيرية تحدد من يتحاور مع من، وهذه إشكالية بحد ذاتها نواكبها من خلال هذه المنصة بتفاوت الفئات العمرية والتطرق لمواضيع شتى، فأي حرية تعبير تسعى إليها المنصة ان كانت لا تراعي ما يطرح ولمن يطرح ومن سيتداول الطرح؟! فكما هو واضح، فإني لا أجد إلى الآن الجوانب الإيجابية إلى حد ما، فزيادة أعداد المستمعين في غرفة سياسية على سبيل المثال، وأنا أتحدث هنا على الصعيد المحلي قد لا يعني بالضرورة شيئاً، خاصة وان كانت أغلب أفواه الحضور صامتة وفي مواضيع باتت متكررة من حيث العنوان وحتى من حيث وجهات النظر. ومن هنا ألاحظ حصر الاهتمام الصوتي على المتعلم والمفكر، ومن يقرأ بكثرة ومن يتفلسف بثقة. ويقابل تلك الفئة الموهوب، وهو أساساً غائب من تلك المنصة، ممن لم يتلق التعليم الكافي لربما، ولكنه قادر على توظيف إمكانياته بشكل تشغيلي وتمكين كينونته القوية في العمل بدلاً من الانشغال في الاستماع وحصر أفواههم على الصمت. فكما يقول عبدالله القصيمي رحمه الله " إن العربي ليرفض الصعود إلى الشمس ممتلكاً لها إن كان ذلك بصمت ليختار التحدث بصراخ ومباهاة وعن صعوده إلى القمر وامتلاكه له أي بلا صعود ولا امتلاك". وعلى الرغم من اختلافي لوجهات النظر للقصيمي، فهو لم يعمل إلا على التنفيس عن العرب بشكل غاضب جداً ومقلل من شأنه في كل النواحي، وكأن العربي ولد بالخطأ في هذا العالم الذي لا يستطيع أن يتأقلم معه!! ولكن يفتح لي هذا الاقتباس سؤال تفكري، فهل نحن نتباهى بالحديث والصراخ في منصة جديدة، أو في منصات مستقبلية – تعبيرية جديدة، في حين ظلت المواهب صامتة وغائبة عن تلك المنصات؟ فهل نزعم أحقية وأولوية في استخدام المنصات للتعبير والتفكر من دون أي فئات أخرى؟! وما جدوى الأفواه العالية إن كنا لا نستطيع أن نتحدث عمن لا صوت لهم؟! وفي نهاية هذا التفكر، سأظل أختلف مع عبدالله القصيمي رحمه الله عندما رفع عنوان كتابه بأن "العرب ظاهرة صوتية". إذ أجد أن العولمة على نطاق أوسع تحولت إلى ظاهرة صوتية. ففلسفة القصيمي بالمطرقة اقتصرت على العربي، ولم يدرك بأن العالم أجمع أصبح ظاهرة صوتية اليوم مع كل الأحداث العالمية التي مرت عليه!. [email protected]
2108
| 02 مارس 2021
تتكرر مسألة المطالبات بالاحتشام في المجتمع المحلي، ما بين المحاولات المستمرة عبر المبادرات والحملات التوعوية، بما فيها تحديداً مسألة الاحتشام في المجمعات التجارية. وإن دل هذا التكرار المستمر على شيء، فهو يدل على إشكالية يلتمسها المجتمع ويتنبأ لخطورتها للمستقبل لما يمس بالكيان الاجتماعي المحلي من خلال مواجهة غير مقبولة للعالم، حيث تتفاوت فيه مقاييس العري بشكل متفاوت! ولست هنا كي أحدد عن مدى رضا المجتمع حول إعادة تكرار هذه الحملات الترويجية مؤخراً للالتزام بالزي المحتشم في المجمعات التجارية، ولكنني وددت أن أعقب على الموضوع على أساس العرف الاجتماعي وارتباطه بالهوية الوطنية، ومدى ردعه لتقبل الأعراف الأخرى، ولا سيما بأن مسألة الاحتشام باتت متكررة على مسامع الكثيرين باعتبارها قضية أخلاقية على الصعيد المحلي لم يتطرق لها بعد بشكل تشريعي، حيث يكون لها قانون يدعم فاعليتها وتطبيق عقوباتها على المخالفين. وهذه مسألة تندرج تحت الحرية الشخصية والهوية الشخصية قبل أن تكون قضية تضع لها السلطة التشريعية معايير واضحة، إذ أن مسألة الاحتشام ليست إلا أخلاقيات توارثت عبر التاريخ وبمناظير الديانات المتعددة، كما كان لها الأثر في وضع حلول لإشكاليات سلوكية من خلال فرض توحيد الزي المدرسي على سبيل المثال في الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأسبق بيل كلينتون، كي تساهم في الحد من عمليات التخريب والعنف لدى جيل الشباب. بالتالي، تتفاوت مسألة الاحتشام في غاياتها، وتتباين القضايا من حيث الاعتماد على لبس معتمد وغير خادش للحياء في الأماكن العامة. ومن الصعب في الحقيقة أن أقوم بربط مسألة الاحتشام بالهوية الوطنية. لأن باختصار الهوية تتمثل بشكل أساسي في مسألة تأصيل الموروث والحفاظ على الثقافة الشعبية، متمثلة في اللبس المحلي الذي يعكس الزي التقليدي للمنطقة، ولا يعكس بالضرورة الزي باعتباره محتشماً، وإلا كيف سنفسر هوية جزيرة غينيا الجديدة أو حتى مقاطعة بالي الإندونيسية في الملابس التقليدية من حيث عمومية الأجساد العارية كونها جزءا من ثقافة المجتمع. إذ تختلف معايير الاحتشام التي تعكس مفهوم الهوية. فنحن في هذه الحال لن نربط مسألة الاحتشام بأنها جزء من هوية وطنية وذلك بحكم عدم فرض عرفنا في اللبس التقليدي على السياح وزوار الدولة من الخارج. إنما يجيز أن نقول إن مثل هذه الحملات التي تتكرر بين الحين والآخر وفي أماكن محدودة ومغلقة، تعني بأن المسألة لا ترتبط بقانون نافذ يلزم الجميع على الاحتشام أو يتحمل من يخالف ذلك العقوبات، إنما تعكس المسألة احترام الأماكن العامة بما يليق لها، ومقدار التعرض المقبول لظهور الجسم، وهذا ما لاحظناه أيضاً في الحملة الأخيرة من حيث تحديد القياسات التي يسمح بها داخل المجمع التجاري. الخلاصة: على قدر ما ان الهوية ثرية من ناحية الارتباط الوطني بما فيه من تفاصيل تلامس انتماء الفرد. إلا أن الموضوع لا يزال حملا ثقيلا على المفهوم نفسه، فلا نستطيع أن نضع الحشمة على شماعة الهوية، خاصة ونحن لا ندرك بان لكل فرد مساحة حرية خاصة والتي تعكس التعبير عن الشخصية من حيث المظهر، الملبس والتي لا تنعكس بالضرورة على هوية وطنية، خاصة وان كانت من وفود غربية وعمالة خارجية. ولكن يسعنا القول بأن هذا التكرار لمسألة الاحتشام ينبه على توقعات مستقبلية وغير مستبعدة أن تتكرر لمثل هذه الحملات مرة أخرى، فكيف يتقبل المجتمع الحرية الشخصية في المساحات المفتوحة خارج حدود المجمعات التجارية؟! فما بين الحشمة والهوية.. عرف من دون المسطرة! [email protected]
1931
| 23 فبراير 2021
حتى أتكلم بأسلوب ديمقراطي على الصعيد المحلي ينعكس ببعض من معاييره الدستورية على النظام، ولا ينعكس بعد على طبيعة نظام برلماني فاعل، يتعين علي أولاً البحث عن تجربة ديمقراطية ناجحة في الوسط العربي والمحيط الخليجي بالأخص، كي أكون على قدر من المصداقية وقادرة على قياس تجربة واقعية قريبة من حيث القياس للأنظمة الخليجية المتشابهة. وأعتقد أن مسألة النجاح لا تقاس بمدى فاعلية الديمقراطية كنظام في الخليج العربي، على قدر آليات تطبيق الديمقراطية وأسس الاستقرار التي تمنحه الديمقراطية سواء كان على الصعيد السياسي والاجتماعي المحلي، وعدة جوانب أخرى تكون محط تركيز كقضايا محلية تستدعي وضع الحلول المناسبة، مسألة توزيع المقاعد الانتخابية وغيرها من الأبعاد التي تعتبر جزءاً من سياق الحديث، ولكن قد يكون من الصعب أن نضع معيار النجاح على التجربة الديمقراطية في الخليج العربي بشكل كامل، وذلك لارتباط الديمقراطية بالأنظمة، التي تخضع من خلاله إلى مركزية للسلطة التنفيذية، إذ تختلف المعايير في مسألة التشريع والقضاء بحكم طبيعة الأنظمة. وفي الحديث عن مسألة التشريع، التي تزامنت مع ندوة كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية – جامعة حمد بن خليفة والتي طرحت موضوع "هل تصلح المرأة لانتخابات مجلس الشورى القادمة؟"، لا يسعني في الحقيقة أن أتجاوز هذا السؤال حالي كحال الضيوف المتحدثين من خلال الندوة، ولهم مني كل التحية والتقدير، أو كحال ردود الأفعال الاجتماعية التي طرأت حول العنوان، دون أن أعبر عن غرابة التساؤل والتشكيك في إمكانيات المرأة وحصرها في مصطلح "الصلاح" الذي وقف عنده الكثيرون وعبروا عنه بنبرة غضب واستنكار، إذ تثبت صلاحية المرأة القطرية في عدة محافل وبروزها في تغيير مجريات الحركات الثقافية والتعليمية في دولة قطر، فبلا شك تصلح وبلا شك تثبت الحقائق فاعلية المرأة القطرية وكفاءتها القيادية والإدارية، دون الحاجة إلى طرح سؤال يهز كيان المرأة في حين أن الإجابة للجواب لا تتطلب الوقت للتفكير. وبعد الإجابة على السؤال، يمكنني أن أتجاوزه بوضع عدة توقعات ليس فقط لمكانة المرأة في مجلس الشورى المترقب في دولة قطر، إنما الحديث بشكل عام عما يتم تداوله في الوسط المجتمعي حول توقعات محتملة لمجلس شورى قادم وما تتضمن تلك التوقعات من تمثيل ومطالبات لمساواة في البيئة الانتخابية. من الطبيعي ألا أحدد طبيعة أو معيار نجاح للنماذج الخليجية البرلمانية، إذ أجد التفاوت في النزاعات الطائفية والقبلية وتحديات المرأة والإرهاب وغيرها من المسائل السياسية التي واجهت النماذج البرلمانية الخليجية، ولكن على الصعيد القطري، أجد أن المسألة لا تزال جديدة من ناحية التنفيذ الفاعل لعضوية المجلس. بالتالي، ما تم تداوله في ندوة جامعة حمد بن خليفة يعتبر تساؤلات اجتماعية لم يتم الإجابة عليها بعد بشكل واضح لملامح الانتخاب ومتطلباته من حيث التهيئة والتمكين للبرنامج الانتخابي، مكانة المرأة في المجلس، كما تصدرت مسألة التخصصية القبلية الحديث من خلال الندوة، مساواة الترشيح اتباعاً لنفس الإجراءات الانتخابية، العدالة في تخصيص المقاعد، والاستعدادات لطبيعة الانتخاب. فمع ترقب مجلس شورى فاعل، لا يسعنا إلا التركيز على رؤية سمو الأمير حفظه الله في النهضة ودعم عجلة التنمية في الدولة، والتي اعتمدت في تطورها على دولة المؤسسات، بالتالي نجد أن المسألة تنموية، مدنية معاصرة، فتزامن مجلس الشورى الفاعل مع رؤية نهضوية يعني التوقعات الإيجابية في التخصيص العادل لجميع فئات المجتمع، متضمنة مكانة المرأة وطرح قضايا الوطن المحلية وما تتطلبه من حلول سياسية فاعلة. أخيراً، يدرك المجتمع المحلي أن مسألة الانتخاب لمجلس الشورى أمر جديد يتطلب التهيئة والتوعية الصحيحة في طرح القضايا العميقة التي تتوجب النظر في تشريعاتها وسياساتها المحلية لصالح المجتمع المدني بشكل عام، بعيداً عن العنصرية وبعيداً عن تمكين فئة على أخرى، أما فيما يتعلق بالتوقعات الاجتماعية، فهي مرحلة تتطلب الحوار العميق والاستمرارية في تفعيل المداخلات الفكرية التي من شأنها أن تساهم في غرس الوعي عن مدى أهمية تفاعل المجتمع في مجلس شورى منتخب في المستقبل القريب في دولة قطر. [email protected]
1718
| 16 فبراير 2021
إن أكثر ما يشغل بال المجتمع المحلي الغيور هذه الفترة ينحصر في ثلاثية أساسية، والتي تتضمن الاستهلاك، وثقافة الصورة، والأسرة مواجهةً للثقافة المتحولة. لا أعتقد بأننا نخرج من سياق هذه الثلاثية عندما نواجه التسطيح الفكري متناقلاً في وسائط الإعلام بأشكالها السلبية والتي غيرت من مفهوم الثقافة العميق إلى ما وصفها «حسن مدن» في كتابه (الثقافة في الخليج) بـ» تشيؤ الثقافة»، أي تحويلها إلى شيء من الأشياء، والتي تخلو من الحس الروحي، العمق الفكري بما فيها من دلالات أخلاقية. فبالتالي تتحول الثقافة إلى شيء ما، حس سلوكي على سبيل المثال، أو خطاب سطحي دون أي مدارك واسعة وتخصصية، أي تنعكس على هوية خاصة، ولربما تمثيل الثقافة كما يقره العقل الجمعي، والذي تحدثنا عنه في مقالنا السابق. فإذا بدأنا في الاستهلاك فلا شك بأن المسألة الاستهلاكية في طور الاكتساح، وبناءً على واقع يعكس بأن الوازع الاستهلاكي إذا ما قل في جانب فهو يتثاقل في جوانب أخرى، زيادة واضحة في نمط مجتمعات القهوة، وغيرها من السلوكيات الاجتماعية القائمة على أسلوب الترويج، والتي تعتبر تبعات للاستهلاك المتزايد وما يعكسه على ثقافة الفرد اليومي من عدم انضباط في مستوى الاستهلاك. وإذا ما أتينا إلى ثقافة الصورة، فهي تلعب الدور إن لم يكن الأساسي حتى في عملية الترويج وتعزيز الحركة الاستهلاكية بشكل أكثر انتشاراً. ولا تقف ثقافة الصورة عند هذا الحد، فكما عبر ريجيس دوبريه عندما قال بأن «سيد الصورة هو سيد البلاد»، إذ أن هذه المقولة تعكس في الحقيقة إمكانيات الصورة عندما تكون الواجهة الرئيسية للتأثير السريع، على أني أختلف في حصر السيادة على الصورة، فغياب المثقف في الواجهة لا يعني بالضرورة عدم فاعليته. ولكن بالنسبة للحال الخليجي، عبر حسن مدن عن أن العزلة الطويلة التي واجهتها منطقة الخليج وانتقالها بشكل مفاجئ إلى التدفق المادي، أدى إلى انتقال الثقافة الشفوية إلى ثقافة شفوية أخرى أكثر من انتقال العلم والمعرفة بطرقها الكمية والنقدية والتشغيلية، التي تلعب الدور في عملية التمكين البشري في العملية التنموية، إنما باتت المسألة رهينة الصورة والخطاب الشعبوي الذي يتناقل بسطحية الخطاب دون التعمق فيه، مما يؤدي إلى التأثير السلبي على أفراد المجتمع والناشئين منهم من ناحية التأثير السلبي على توجهاتهم الاستهلاكية ونمط تفكيرهم الذي يعتبر حبيس الصورة، باعتبارها أسرع أداة في الوسط الإعلامي والترويجي بشكل خاص. المشكلة ما يترتب عليه من تبعات تؤثر على الثلاثية الثقافية، وما يتم ترويجه وإجازته من محتوى سطحي، ولا يعمل على بناء صورة حضارية للفرد، إنما صورة شعبوية لنمط عيش استهلاكي وبشراهة! وهذا ما يدعمه الوسيط الإعلامي وتأثيره من خلال الوسطاء السطحيين كمؤثري تواصل اجتماعي (دون تعميم). فالمسألة لا تعتمد على التوعية ولا على نقل الرسائل العميقة، إنما تعكس الجوانب السلبية الاستهلاكية بشكلها يومي، بالإضافة إلى انعكاس وجهات نظر قد تكون محط أنظار وهجوما من أفراد المجتمع الذي يخشى على انتشار وباء الاستهلاكية والسطحية عند الأجيال القادمة وبشكل جداً سريع، يسهل عليهم الانخراط في نفس النمط الاستهلاكي والسطحي المتفق عليه العقل الجمعي، وتقليل الاهتمام في العملية التعليمية التنموية للفرد بأشكالها المختلفة، التي لربما أصبحت ثانوية لما تروج له ثقافة الصورة من أسلوب حياة شبابي رائج ومتفق عليه الأغلبية السطحية انعكاساً لـ «تشيؤ الثقافة» بلا ملامح واضحة فيه ! ليست سيئة ثقافة الصورة، إن كانت محايدة، إنما يسيء لها من لا صورة واضحة له ! [email protected]
1818
| 09 فبراير 2021
هناك عدة مواقف تضعنا بين قرارات مصيرية وبعضها قد تكون مجرد قرارات تتطلب أن تتخذ بسرعة، أو قد لا يوجد استدعاء للسرعة على قدر اتخاذ قرار ما. وعدة أمور من الملاحظ أن يتم القرار فيها بناء على العقل الجمعي وليس على العقل الفردي. وهنا وجب التنويه في الفرق ما بين العقلين؛ إذ أن العقل الأول يؤدي إلى سلوك جماعي ليس بالضرورة إيجابي، وإنما قد يكون تأثيره مؤدياً إلى ما يطلق عليه بسلوك القطيع، بمعنى آخر، اتباع نفس السلوكيات الجماعية ظناً بأنها صحيحة أو الانحياز إلى الآراء الجماعية بغض النظر عن مدى صحتها. أما بالنسبة للعقل الآخر، فهو الفردي، الذي يتمرد على الجماعة بآرائه الشخصية بحسب مقاييسه ومعاييره للموقف، ولا يخشى الصمود أمام الآخرين لآرائه وقراراته التي يتحملها بنفسه وتصد عنها الجماعة التي تسطو بأثرها على الفرد. ومن هذا التحليل البسيط، نسقط تأثير العقل الجمعي على شتى المواقف المحلية، والتي لا تتطلب فقط اتخاذ القرار، إنما تشمل أيضاً الرضوخ للقرارات أو اتباع الجماعة بحسب اتجاهاتها في الآراء التي تعتبر متقبلة عند العامة ومتواردة. نلاحظ انسياق المجتمع أحياناً نحو الترويج والتسويق بالوسائل الخاطئة وغير المناسبة في بعض المحافل الثقافية على سبيل المثال. إذ يعني أن الجماعة رضخت التسويق والترويج كي يكون اعتماداً أساسياً على أدوات النجومية والشهرة للمحافل الثقافية والتي لا تتطلب إلى النجومية ولا الشريحة الاجتماعية التي تتبع تلك النجومية بالضرورة. المكتبة على سبيل المثال لا تحتاج إلى شهرة ونجومية ترويجية لتعزز من أهمية الكتاب وتنوعه وإثرائه المجتمعي الذي ينعكس على نمو الفرد الفكري وصقل قدراته التحليلية والفضولية منها، إذ في هذه الحال نحلل الموقف بأنه انحياز لعقل جمعي للحاجة الترويجية والتي لا تلزم في الضرورة مكانة أو مضمون الكيان الثقافي والذي لا ينعكس بالضرورة على أصحاب الشهرة. أنا أحزن بشدة على الحال الذي وصلنا إليه اتباعاً للعقل الجمعي والذي يعتمد على النجومية في الترويج والتسويق بما يتناسب ولا يتناسب مع غرض الترويج. ولا أجد في الحقيقة الفائدة من إبراز النجومية على حساب كيانات ثقافية، على قدر حاجة النجومية أن ترتقي من الكيان الثقافي، وهذا الأهم، بل وهذا الأكثر استدامة والأكثر مصداقية. لا يهم من يصور ويروج لنفسه وهو حاملٌ لكتاب، بل ما يهم من يتحدث ويعكس شخصيته ورزانته من عدة كتب. فلا نجعل العقل الجمعي الترويجي والتسويقي يسيطر على الكيانات الثقافية، بل يجب أن يستمر العقل الفردي في صموده كحارس للكيان الثقافي، الذي بنى من خلاله إمكانياته الفكرية والذي لايزال يحفظ مكانته اليوم وسط غريزة القطيع التي تتبع السلوكيات الترويجية الخاطئة وتظن بأنها صحيحة من حيث تطبيقها على كل المحافل دون وضع معايير ملائمة لكل محفل! [email protected]
3346
| 26 يناير 2021
أحياناً نتغافل عن الصورة الداخلية، ونركز في غالبية الوقت على ما هو خارجي ولربما نعيش مع الصورة الخارجية لوقت طويل لدرجة تناسينا التركيز على تلك الصورة وما بداخلها من تفاصيل قد تساهم في تغيير مجرى ما أصبح معتاداً عليه. ومن هنا نظرت في صورة الطبقة الوسطى السائدة، فهي الطبقة التي ضمت الشريحة الكبيرة لأفراد المجتمع بما فيها من مهنيين، تجار، وحتى عساكر. إذ تعتبر هذه الطبقة الأكبر حجماً والأسرع نمواً، فالغالب متشابه هنا، إما بالمهن أو بالفرص المتاحة وحتى في الخدمات المقدمة، إلا أنه لا تزال هذه الطبقة لا تعي بنفسها بحسب وصف جورج جورفيتش، حيث ينقصها للوعي الطبقي وذلك لعدم إدراكها لمصالحها وقيمها. وهنا أطرح عدة تساؤلات قبل الحديث بإيجاز ما إن كان هناك وجود أو غياب للوعي الطبقي. هل هناك حاجة للطبقة الوسطى أن تعي بنفسها؟ وما غرض هذا الوعي الطبقي؟ وللبدء في الإجابة على هذين السؤالين، من المهم أن ننظر إلى المعيار المساهم والذي يقوم عليه التمييز الطبقي، والذي عبر عنه موريس هالفاكس من خلال التمييز في قوة الذاكرة الجماعية التي تنتقل عبر الأجيال المتعاقبة، بعكس ضعف انتقال الذاكرة الجماعية بين الطبقة البرجوازية كما شرحت كلثم الغانم في كتابها " المجتمع القطري: من الغوص إلى التحضر"، التي عملت على إبقاء حدود وفواصل بينها وبين غيرها من الجماعات، إذ حلت مكان الذاكرة الجماعية الأخلاقيات التي تتبع المضمار التجاري التقليدي، بالتالي أصبحت الطبقة البرجوازية محدودة الانتقال الطبقي. ولكن إن نظرنا في الطبقة الوسطى، فعلى الرغم من شريحتها الاجتماعية الكبيرة، إلا أنها تتسم بضعف رغبتها في تطوير سياسة طبقية بالنسبة لها، إذ لديها الذاكرة الجماعية المتواردة مع الأجيال، ولكنها ضعيفة وغير فعالة، فلا تجد أي إشكالية بتطوير ميولهم السياسية والوعي حول ضعف فرصهم في الارتقاء الطبقي. وكما هو واضح بأن الطبقة الوسطى لديها الوعي في التمييز الطبقي وذلك عبر معرفة الوسائل المعنية للصعود الطبقي والتي تتضمن النفوذ الاقتصادي، السياسي والقبلي. نستنتج بإيجاز بأن الطبقة الوسطى ينقصها الوعي الطبقي ولكنها تعي بإمكانياتها المحدودة والتي تنحصر في نفوذ سياستها في قطاع العمل، فلا تعتبر هذه الشريحة الكبيرة كمصدر تهديد للطبقات الأخرى. إذ من الصعب أن تعي الطبقة الوسطى بنفوذها طالما لا تتوفر فيها وسائل الصعود الاجتماعي والتمكين التي من شأنها قد تكون مصدر قوة للارتقاء الطبقي. ومن هنا استطعنا أن نتعمق في تفاصيل الصورة، لربما كانت سببا في خلق ذاكرة جماعية جديدة لشريحة اجتماعية محلية سريعة النمو والتطوير!. [email protected]
2440
| 19 يناير 2021
مساحة إعلانية
هناك لحظات تفاجئ المرء في منتصف الطريق، لحظات...
4602
| 29 سبتمبر 2025
في ظهوره الأخير على منصة الأمم المتحدة، ملامحه،...
3402
| 29 سبتمبر 2025
تجاذبت أطراف الحديث مؤخرًا مع أحد المستثمرين في...
1467
| 05 أكتوبر 2025
في الآونة الأخيرة برزت ظاهرة يمكن وصفها بـ...
1119
| 02 أكتوبر 2025
من أخطر ما يُبتلى به التفكير البشري أن...
1059
| 29 سبتمبر 2025
منذ أكثر من مائة عام ارتُكبت واحدة من...
885
| 30 سبتمبر 2025
في لحظة صفاء مع النفس، يطلّ النسيان عليَّ...
852
| 30 سبتمبر 2025
لسنا متشائمين ولا سلبيين في أفكارنا وتوقعاتنا ولكن...
768
| 03 أكتوبر 2025
كم مرة قلت «نعم» في العمل بينما في...
750
| 02 أكتوبر 2025
في الوقت الذي كان العالم يترقب رد حركة...
639
| 05 أكتوبر 2025
في فجرٍ قطريّ عليل، كان البحر يلمع بألوان...
633
| 30 سبتمبر 2025
كيف نحمي فرحنا من الحسد كثيرًا ما نسمع...
624
| 30 سبتمبر 2025
مساحة إعلانية